|
|
ملتقى اللغة العربية و آدابها ملتقى يختص باللغة العربية الفصحى والعلوم النحوية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
إرشادات للباحث والمؤلف المبتدئ
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: إرشادات للباحث والمؤلف المبتدئ
إرشادات للباحث والمؤلف المبتدئ أحمد محمد عبد الرؤوف المنيفي عدم التوسع في العلوم التي هي آلة لغيرها: العلوم التي هي آلة لغيرها هي علوم ثانوية تساعد الباحث على التمكن من العلم الذي هو محل بحثه وإتقانه، مثل علم اللغة العربية والنحو بالنسبة للفقه، وعلم المنطق بالنسبة لعلوم الفلسفة، وحاليا علم الكمبيوتر بالنسبة لمن يدرس قوانين المعلومات. وهذه العلوم هي وسيلة الباحث لتحصيل الفهم والتمكن من الموضوع الذي هو محل بحثه، وليست غاية بذاتها، ولذلك فإن على الباحث أن لا يتعمق في هذه العلوم ويستغرق فيها على حساب الموضوع الذي يبحث فيه، بل يأخذ منها فقط الجزء الذي يساعده على تفهم العلم الأصلي الذي هو موضوع بحثه. يقول الإمام ابن خلدون: ( فأما العلوم التي هي مقاصد، فلا حرج في توسعة الكلام فيها، وتفريع المسائل واستكشاف الأدلة والأنظار، فإن ذلك يزيد طالبها تمكنا في ملكته وإيضاحا لمعانيها المقصودة. وأما العلوم التي هي آلة لغيرها، مثل العربية والمنطق وأمثالها، فلا ينبغي أن ينظر فيها إلا من حيث هي آلة لذلك الغير فقط، لا يوسع فيها الكلام ولا تفرع المسائل، لأن ذلك يخرج بها المقصود، إذ المقصود منها ما هي آلة له لا غير، فكلما خرجت عن ذلك خرجت عن المقصود وصار الاشتغال بها لغوا، مع ما فيه من صعوبة الحصول على ملكتها بطولها وكثرة فروعها، وربما يكون ذلك عائقا عن تحصيل العلوم المقصودة بالذات لطول وسائلها، مع أن شأنها أهم، والعمر يقصر عن تحصيل الجميع على هذه الصورة، فيكون الاشتغال بهذه العلوم الآلية تضييعا للعمر وشغلا بما لا يغني)[4]. 2- اكتساب ملكة الكتابة تحصل ملكة الكتابة للباحث بحفظ كلام العرب القديم المنثور والمنظوم مثل الخطب والأشعار ونحو ذلك. وعلى قدر المحفوظ من هذا الكلام، تكون جودة الصياغة والتعبير. يقول الإمام ابن خلدون في المقدمة: (ووجه التعليم لمن يبتغي هذه الملكة _ أي ملكة الكتابة _ أن يأخذ نفسه بحفظ كلامهم القديم الجاري على أساليبهم من القرآن والحديث، وكلام السلف، ومخاطبات فحول العرب في أسجاعهم وأشعارهم، وكلمات المولدين أيضا في سائر فنونهم... فتحصل له هذه الملكة بهذا الحفظ والاستعمال، ويزداد بكثرتها رسوخا وقوة )[5]. ويقول ابن الأثير في كتاب الجامع: ( وأما الرابع _ أي من آلات الكتابة _: الاطلاع على تأليفات من تقدمه من أرباب هذه الصناعة، المنظوم منها والمنثور، والتحفظ الكثير من ذلك )[6]. ويوجد كلام العرب المنثور في كتب الأدب المشهورة مثل البيان والتبيين للجاحظ، والكامل للمبرد، والأمالي لأبي علي القالي، والعقد الفريد لابن عبدربه، وكتاب الأغاني للأصفهاني. هذه الكتب كلها تدخل فيما يسمى بعلم الأدب، وهو العلم الذي يختص بتكوين ملكة الكتابة لدى الشخص[7]. فعلى الباحث أن يأخذ نفسه بحفظ أنواع من النثر العربي القديم الموجود في هذه الكتب المشهورة لكي تنشأ لديه ملكة الكتابة والقدرة على صياغة الكلام والتعبير عن الأفكار. ويوجد في الجزء الثاني من كتاب البيان والتبيين للجاحظ أنواع من النثر العربي القديم مثل الخطب والحكم ومقاطع من الكلام العربي القصير يجب حفظها كبداية لمن أراد أن يكتسب هذه الملكة. وأما الكلام العربي المنظوم، فالمقصود به الشعر، وهو يوجد في دواوين الشعراء كما هو معروف، وكذلك توجد مختارات من الشعر العربي القديم في كتب الأدب المشهورة. ولكن على الباحث أن يختار الجيد العالي الطبقة من الشعر، وأن يبتعد عن الشعر الركيك. والجيد من الشعر هو شعر الفحول من الشعراء مثل ابن ابي ربيعة، وذي الرمة، وجرير، والفرزدق، وأبو تمام، والبحتري ونحوهم. ويمكن للباحث أن يحفظ الشعر الموجود في كتاب الأغاني لأن هذا الكتاب جمع مختارات من أشعار الشعراء من مختلف الطبقات[8]. ومن أحسن ما يأخذ به الباحث نفسه أن يحفظ سور من القرآن الكريم، وأنواع من الحديث النبوي الشريف، لأنها سوف ترتقي بملكة الكتابة لديه وتورثه من سحر البيان وجمال التعبير ما لا يحصل له لو اقتصر فقط على حفظ النثر والشعر العربي القديم. وعلى الباحث أن يتدارس بعض مسائل النحو والبلاغة لكي يكتسب مهارة في تركيب الكلام والغوص على المعاني التي فيه. فأما النحو فالمختار أن يرجع الى كتب ابن هشام لأن فيها حظ صالح من الشعر والنثر التي تتقوىبحفظها ملكة الكتابة لدى المؤلف. وأما البلاغة فإن الباحث يتعلم منها الغوص على معاني الكلام واستخراج درره. ومن أحسن الكتب التي تعلم هذه الملكة كتاب أسرار البلاغة لعبد القاهر الجرجاني. فيمكن للمؤلف أن يتدارسه عدة مرات حتى يكتسب منه هذه الملكة. والملكات تنشأ كما يقول ابن خلدون من كثرة الممارسة، فعلى المؤلف أن يأخذ نفسه بكثرة الحفظ لكلام العرب المنثور، وأن يمارس كتابة المواضيع الصغيرة والكبيرة الى حين تحصل له ملكة الكتابة على أحسن وجه. 3- الإبداع الإبداع هو التجديد، أي ابتكار حل جديد لمشكلة. وقد كان يظن إلى عهد قريب أن الإبداع يرتبط بمستوى الذكاء وأن الشخص مرتفع الذكاء هو المبدع والموهوب، إلا أنه اتضح من الدراسات الحديثة أن الارتباط بين الذكاء والقدرات الإبداعية ارتباط ضعيف، وأن الذكي يحتمل احتمالاً ضعيفاً أن يكون مبدعاً، وأن الإبداع يرتبط ويعتمد بالدرجة الأولى على الجهد والمثابرة، وعلى بعض القدرات العقلية المستقلة عن الذكاء مثل قدرة الشخص على التجديد وإعراضه عن المطروق والمبتذل، وقدرته على التأليف بين أجزاء ومعان وصور ذهنية مختلفة.. إلخ[9]. ولذلك فإن الباحث لا يحتاج أن يكون مرتفع الذكاء لكي يكون مبدعاً، بل يحتاج إلى الجهد والمثابرة في البحث، وإلى القدرة على تلمس الجديد المفيد من الموضوعات، وتجنب المطروق والمبتذل الذي قد قتل بحثاً. والحمدلله رب العالمين [1] مقدمة ابن خلدون، مؤسسة الرسالة، ط1، 2005، ص 449. [2] مقدمة ابن خلدون، ص597، 598. [3] مقدمة ابن خلدون ص 597. [4] مقدمة ابن خلدون، ص 601. [5] المرجع السابق، ص 627. [6] الجامع في المنظوم والمنثور، ابن الأثير الجزري، مطبوعات المجمع العلمي العراقي، 1956م، ص 7. [7] مقدمة ابن خلدون، ص 620، 621. [8] المرجع السابق، ص 642. [9] راجع في تفاصيل هذا الموضوع: أصول علم النفس، د أحمد عزت راجح، دار الفكر، 2009، ص292 وما بعدها.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |