|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() مسألة: هل النص يشمل الأحداث في كليتها، في كل عصر، أم النصوص منتهية والحوادث غير منتهية؟ أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب الحمد لله، قال الشافعي رحمه الله في الرسالة في الفقرة 48: "فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليلُ على سبيل الهدى فيها". قال الشيخ الدكتور أحمد عبدالرحمن النقيب حفظه الله في تعليقه على هذه الفقرة بتصريف يسير: مسألة "شمول النص للأحداث في كليتها في كل عصر" تُثير جدلًا حول مدى كفاية النصوص الشرعية لمواجهة الوقائع المستجدة عبر الزمن. فمن المعروف أن نصوص الأحكام في القرآن الكريم محدودة، حيث إن آيات الأحكام لا تتجاوز بضع مئات، وقد قدرها بعض العلماء بنحو خمسمائة آية. وهذه النصوص جاءت بأصول وقواعد كلية، في حين أن الوقائع والأحداث تتجدد بشكل مستمر ولا حدود لها. وهنا يظهر السؤال: هل النصوص الشرعية منتهية بينما الوقائع غير منتهية؟ أم أن في النصوص من الإرشاد والهداية ما يكفي لمواجهة كل نازلة؟ الإمام الشافعي يرى أن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة يحتويان على إرشاد كافٍ لكل حادثة تنزل بالبشرية، إما بنص صريح أو باستنباط الأحكام من الأصول العامة. وهذا الرأي يُعد وجيهًا، حيث يرى الشافعي أن النصوص، وإن كانت منتهية في عددها، فإنها تستوعب جميع الوقائع المحتملة من خلال الاجتهاد والاستنباط. ومن الأمثلة على القضايا المستجدة التي لم تكن موجودة في العصور السابقة قضية "تأجير الأرحام"، وهي ظاهرة حديثة برزت في بعض المجتمعات. تتضمن هذه المسألة قيام امرأة بحمل جنين تم تخصيبه خارجيًّا، بحيث تستأجر رحمها لمدة معينة مقابل مبلغ مالي. وقد ثار الجدل حول هذه المسألة؛ حيث إن بعض علماء الأزهر أفتوا بجوازها بدعوى عدم وجود مانع شرعي صريح، بينما عارضها آخرون من الفقهاء بسبب ما ينطوي عليها من مفاسد اجتماعية وأخلاقية كبيرة، مثل احتمالية اختلاط الأنساب والإخلال بالأحكام الشرعية المتعلقة بالعلاقات الأسرية. ويرى الفقهاء المعارضون أن في هذا التصرف ما يُشبه ملكية بعض أجزاء الجسد، الأمر الذي يُعد مخالفًا لمبادئ الشريعة؛ ولذلك اتجه الفقه الإسلامي إلى تحريم هذه المسألة استنادًا إلى الأصول العامة في الشريعة التي تهدف إلى الحفاظ على الأنساب وصيانة كرامة الإنسان. في النهاية، يُعد رأي الإمام الشافعي حول كفاية النصوص الشريفة لإرشاد الإنسان في كل نازلة رأيًا قويًّا يعتمد على أن النصوص الشرعية جاءت لتحقيق مقاصد عامة تحفظ مصالح الناس وتراعي تغيراتهم الزمانية والمكانية، وأن الاجتهاد المستمر هو الطريق لتطبيق هذه النصوص على المستجدَّات، بما يضمن التزام الأحكام الشرعية إلى يوم يُقضى فيه أمر الله في الكون.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |