عبد الرحمن السميط رجل بأمة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ما هو طول الجهاز الهضمي ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          آداب استخدام الإنترنت،الآلة الجبارة المملوءة بالخير والشر معا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 31 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 3239 )           »          الخيارات العربية أمام التطلعات الشعبوية لترامب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الشحناء تمنع المغفرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          فأين تذهبون | دورة الإستعداد لرمضان 1446هـ | الشيخ محمد حسين يعقوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 1997 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 154 - عددالزوار : 42815 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 254 - عددالزوار : 88725 )           »          3 أنواع شوربة مثالية تمنح الدفء وتساعد على التغلب على البرد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          5 أخطاء يومية تجعل شفتيك جافة ومتشققة.. منها استخدام مرطب معطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-01-2025, 10:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 147,132
الدولة : Egypt
افتراضي عبد الرحمن السميط رجل بأمة

عبد الرحمن السميط رجل بأمة

د. أمير بن محمد المدري

الحمد لله فاطرِ الأرض والسماء، كاشفِ الضُّرِّ ورافعِ البلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قضى ألا يقوم هذا الدين إلا بدماء الشهداء، وتضحياتِ الدعاةِ والعلماء، وأشهد أن نبينا محمدًا عبد الله ورسوله، أعظم الداعين إلى الله بالحكمة والموعظة، وأشدُّهم جهادًا وتضحيةً وفداء، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد:
عباد الله: اتقوا الله وراقبوه، فهو القائل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102].


﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].
عباد الله:
ليست الرزية والمصيبة في فقد المال، والمقدرات والسيارات، إنما الرزية والكارثة هي في فقد النفس البشرية التي هي عند الله عظيمة جد عظيمة.

وحين تكون هذه النفس من العلماء والعُبّاد والمفكرين والصالحين وصانعي المعروف وكافلي الأيتام تكون المصيبة عظيمة، والوقع كبيرا، فالناس درجات، يصطفي الله –عز وجل- منهم أناسا ليكونوا رقما في واحد.

الناس ألفٌ منهم كواحدٍ ‍
وواحد كالألف إن أمر



﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾ [النحل: 120].

اسمع أخي الحبيب إلى من موتهم علينا مصيبة ونقص في الدين هل أنت منهم قال الشاعر:
إذا ما مات ذو علمٍ وتقوى ‍
فقد ثُلمت من الإسلام ثلمه
وموت الحاكم العدل المولّى ‍
بحكم الشرع منقصة ونقمه
وموت العابد القوّام ليلًا ‍
يناجي ربة في كل ظلمه
وموت فتىً كثير الجود محل ‍
فإنّ بقاءه خيرٌ ونعمه
وموت الفارس الضرغام هدمٌ ‍
فكم من شهدت له بالصبر عزمه

وباقي الناس هم همجٌ رعاعٌ ‍
وفي إيجادهم لله حكمه


واليوم سنقف وإياكم مع أحد هؤلاء الرجال العظماء صانعي المعروف ليس من الصحابة ولا من التابعين ولا تابعي التابعين بل في هذا العصر الذي امتلأ بالمغريات والملهيات.

إنه رجل بأُمة. إنه رائد الإغاثة في قارة أفريقيا الداعية الدكتور عبد الرحمن السميط،

لعمرك ما الرزيّةُ فقد مالٍ ‍
ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد حُرٍّ ‍
يموت بموته خلق كثير


سَنَقِفُ مع سيرته، وهمَّته وجُهوده، لعلّ ذلك يبعث في نفوسنا حبَّ الدعوةِ إلى الله -تعالى-، والتضحيةَ والْمُصابرةَ في سبيله. وفعل الخير الذي هو مفتاح الفلاح قال تعالى وافعلوا الخير...

لمن لم يعرف "عبد الرحمن السميط" إنه مؤسس جمعية العون المباشر، وواضع أساس، واللبنات الأولى للجنة مسلمي أفريقيا.

"عبد الرحمن السميط" هذا الرجل كان يستطيع أن يعيش عيشة السلام، عِيشة الأغنياء.

كان يستطيع أن تكون حياته أهنأ حياة بردًا وسلامًا.

سمع -رحمه الله- قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لئن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خيرٌ لك من حُمر النعم» فأسلم على يديه أكثر من سبعة ملايين نفس، كلهم يسألون الله أن يكونوا في موازين أعماله.

الله اكبر همّة تنطح الثريا.

هذا الرجل استلهم ما حسّنه الألباني أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «أفضل الصدقة سقي الماء» [أخرجه أحمد (5/284، رقم 22512)، وأبو داود (2/129، رقم 1679)، وغيرهم ]فحفر أكثرَ من عشرة آلاف بئر، وحاله:

أسقِّيهم بماء كوثري ‍
لعلي في ظما العرصات أُسقى



هذا الرجل سمع قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة»[ رواه البخاري في صحيحه (6005) كتاب الأدب].

فرعى وشارك في كفالة أكثر من خمسة عشر ألف يتيم، وأيتامه ساعون في الأرض دعوةً، وهم شهداء الجود يوم التغابن، هنيئا جوار المصطفى واقترابه، وأفراحه يوم الرضا والمحاسن.

لقي طبيب في أوروبا من أفريقيا في مؤتمر فسأله أتعرفني؟ فقال: لا. فقال: أنا أحد أيتامك المكفولين في أفريقيا.

ما كان يبتغي إلا تحقيق قول الله: ﴿ ) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ﴾ [الإنسان: 8، 9] هذا الرجل استلهم قوله عليه الصلاة والسلام: «من بنى لله مسجدًا، بنى الله له بيتا في الجنة» [صحيح، أخرجه أحمد (1/241)، وابن ماجه: كتاب المساجد والجماعات - باب من بنى لله مسجدًا حديث (738)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب (269، 271، 272)].

فساهم في بناء أكثرَ من ستة آلاف مسجد، قرة عينيه يوم تأتي شاهدة له يوم العرض الأكبر.

في زمن الرصاص فتح هذا الرجل قارة أفريقيا بلا رصاصة واحدة، في زمن الدماء واللعب بالأشلاء، يفتح هذا الرجل بإذن الله وفضله نفوسًا عُميًا وقلوبًا غُلفًا وآذانًا صُما، بالموعظة الحسنة، في زمن الهرج والمرج والموت، يصنع هذا الرجل الحياة.

ووزّع أكثر من سبعة ملايين مُصحفًا باللغة العربية، واللغات الإفريقية.

لماذا هذا الرجل؟


نُعزي أنفسنا بأعماله وآثاره، نُعزي أنفسنا به وبجهاده، وآثاره.

لماذا هذا الرجل؟ لأنه من الرجال الذين لا يموتون؛ بل تبقى آثارهم بعد وفاتهم.

لماذا هذا الرجل الإمام؟

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12-01-2025, 10:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 147,132
الدولة : Egypt
افتراضي رد: عبد الرحمن السميط رجل بأمة



لنفاخر بها أجيالنا، يوم أن فقدت القدوةَ إلا قليلا ممن رحم الله.

الناس صنفان موتى في حياتهم ‍
وآخرون ببطن الأرض أحياء



لماذا هذا الرجل؟

لأنه يعلمنا أن العمل لله ولدينه هو سبيل المخلَصين الفالحين، وأن حياة بلا عيش مع الله هي موت مع الشيطان.

لماذا هذا الرجل؟ لأنه يعلمنا كيف العملُ بصمت، وكيف تصنع من نفسك آثارًا تَفيض عليك بعد مماتك.

كان طبيبًا مُتخصصًا في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي، شدِّ الرحال إلى القارَّةِ السوداء: أفريقيا.

نعم، إلى أفريقيا، قارةُ الفقر والجوع والحرب، قارة الأمراض والأوبئة وشدَّة العيش.

فلماذا يذهب إليها، ويترك وظيفته المرموقة، وراتبه الكبير، ويذهبُ إلى القارة التي هذه حالها وصفتُها.

نعم، هاجر إلى أفريقيا، حينما شعر بخطر المجاعة التي تُهدد المسلمين فيها، وأدرك خطورة حملات التنصير، التي تجتاح صفوف فقرائهم، فترك عمله الطبيَّ طواعية، ليجسد مشروعًا خيريًّا رائدًا، في مواجهة الفقر وخطر التنصير.

ولمعلوماتكم عدد المنصرين العاملين الآن في هيئات ولجان تنصيرية يزيدون على أكثر من 51 مليون منصر، ويبلغ عدد الطوائف النصرانية في العالم اليوم 35 ألف طائفة، ويملك العاملون في هذا المجال 365 ألف جهاز كمبيوتر لمتابعة الأعمال التي تقدمها الهيئات التنصيرية ولجانها العاملة، ويملكون أسطولا جويا لا يقل عن 360 طائرة تحمل المعونات والمواد التي يوزعونها والكتب التي تطير إلى مختلف أرجاء المعمورة بمعدل طائرة كل أربع دقائق على مدار الساعة، ويبلغ عدد الإذاعات التي يملكونها وتبث برامجها يوميا أكثر من 4050 إذاعة وتليفزيون، وأن حجم الأموال التي جمعت العام الماضي لأغراض الكنيسة تزيد على 300 مليار دولار، وحظ أفريقيا من النشاط التنصيري هو الأوفر...

في إفريقيا كم داوى فيها من مريض؟ وكم عالج فيها من جريح؟ كم وقف بنفسه مع المنكوبين؟ وكم واسى الفقراء والمحتاجين، وأطعم الجائعين، وأغاث الملهوفين؟ كم مسح على رأس اليتامى؟ وكم سدَّ حاجات الأيامى؟ كم صبر وصابر في سبيل خدمة هذا الدين، والوقوفِ مع حاجات المسلمين؟ كم تعرض لمحاولات قتلٍ في أفريقيا، مِن قِبل المجرمين وأعداء الدين؟ كم حاصرته أفاعٍ سامَّةٍ ومُوحشة، صبر على لسعات البعوض الْمُؤذية، في تلك القرى والأدغال البعيدة، صبر على شحِّ الماء وانقطاع الكهرباء؟

تسلّق الجبالَ الشاهقة، وقطع القفار الواسعة، في سبيل الدعوة وتبليغ الرسالة. قضى تسعًا وعشرين سنةً في أفريقيا، وكان لا يأتي لوطنه إلا للزيارة أو العلاج. وكان في صُحبته زوجتُه الْمُوفقة، التي هجرتْ مع زوجها حياة الراحة والدَّعة، فأقاما في بيتٍ متواضعٍ في قرية هناك، يُمَارسان الدعوة للإسلام بنفسيهما، ويعيشان بين الناس في القرى والغابات، ويقدمان لهمُ الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية.

لقد تبرعتْ هذه الزوجةُ الصالحة، بجميع إرثها لصالح العمل الخيري، وأسَّستِ الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية، وهي بدعمها ومؤازرتها لزوجها: من أعظم أسباب نجاحه وثباته.

فيا ليت نساءنا يقتدين بهذه المرأة الصالحة، فكلُّ ما عمله وأنتجه زوجُها هو في ميزان حسناتها.

كان يقودُ السيارة أحيانًا، لمدةٍ تزيدُ على العشرين ساعة، حتى يصل إلى الأماكن البعيدة، ورُبَّمَا سار في بعض الأيام على أقدامه، في الوحل والمستنقعات.

كان أشدَّ ما يُؤلمه ويُؤَثِّر عليه، حينما يذهب إلى منطقةٍ أو قبيلة، ويدخل بعض أبنائها في الإسلام، ثم يصرخون ويبكون على آبائهم وأمهاتهم، الذين ماتوا على غير الإسلام، فيُعاتبونه قائلين: أين أنتم كلَّ هذه السنين؟ الآن بعد أنْ مات آباؤنا على الكفر جئتم إلينا؟

فكانت هذه الكلمات تجعله يبكي بحُرقة، ويشعر بعِظَم المسئولية، تجاه هؤلاء الذين ماتوا على الكفر.

فقطع على نفسه العهد مع الله -تعالى-، أن يمضيَ بقية عمره في الدعوة إلى الله هناك.

نال السميط عددًا من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية، مكافأة له على جهوده في الأعمال الخيرية، ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، والتي تبرع بمكافأتها (750 ألف ريال سعودي) لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء أفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة.

وكان إذا أرخى الليل سدوله، لا ينام حتى يقف على الحلقات المستديرة، التي يجتمع فيها أبناء الأيتام، يقرؤون ويتدارسون القرآن، وهو ينتقل من حلقةٍ إلى أخرى، ليطمئن على حفظهم، ويبتسم في وجوهم.

كان مصابًا بداء السُّكريِّ، والكولسْترولِ، ونزيفٍ في العين، وأصيب بالملاريا مرتين، ويُعاني من آلامٍ في قدمه وظهره، ويتناول أكثرَ من عشرةِ أنواعٍ من الأدوية يومًا.

ومع ذلك، لم تُثْنِه هذه الصُّعوباتُ عن السفر والبذل، في عمله ومشروعه الدعوي والإغاثي، ونشرِ دين الإسلام، وإقامةِ المشاريع التنموية والتعليمية، لأناسٍ نسيهم العالم خلف الأدغال.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.
أما بعد:
أخي الحبيب: من السهل أن تكون مشهورا لكن من الصعب أن تكون عظيما.

إن جهودَه ومُثابرتَه -رحمه الله-: آتت أُكُلَها، وأنتجت ثمارَها، فقد أسلم على يديه وعلى أيدي أتباعه وتلاميذه: ما لا يقل عن عشرةِ ملايينِ إنسان، وعشرات الألوف من القبائل بأكملها، الذين أسلموا فتحوَّلوا إلى دعـاةٍ للإسلام، أنقذهـم وساهم في مدِّ يد العون لهم، من خلال توفير المسكن والعمل، والمستشفيات والمدارس وغيرها من الاحتياجات.

وأصبحت جمعية العَون المباشر، التي أسسها هناك، أكبرَ منظمةٍ عالميةٍ في أفريقيا كلِّها، يدرس تحت مظلَّتها أكثرُ من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات، وعددًا كبيرًا من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثرَ من ثمانمائة بئر، وإعدادِ وتدريبِ أكثرَ مِنْ أربعة آلاف داعيةٍ ومعلمٍ ومفكر.

إنَّ هذه الإنجازات الضخمة، لم تكن إلا بتوفيقِ الله وحده، ثم برفقه في الدعوة إلى الله، ولينِه ورحمتِه وحكمتِه، وعدمِ الصدام والمواجهةِ دائمًا مع الآخرين، فقارنوا ما أنْجَزَتْهُ أفعالُه وأخلاقُه، مع مَن رفع شعار العنفِ والشدَّة، وقابَل مُخالفيه بالسِّباب والغلظة، حيث ظنَّ أنَّ أعداءَ الإسلام لا يُواجَهون إلا بالسلاح والقوة، لا بالدعوةِ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة.

أيها المسلمون:لقد كانت همَّةُ هذا الداعيةُ الكبير لا مُنتهى لها، وهَمُّه لأمَّته لا نظير لها، فقد طَلَبَ منه كثيرٌ من الناس أنْ يرجع إلى وطنه، وخاصةً بعد كِبره وكثرةِ أمراضه، فكان يُجيبهم قائلًا: «سأُلقي عصا الترحال يوم أنْ تضمنَ الجنة لي، وما دمتُ دون ذلك فلا مفرَّ من العمل، حتى يأتيَ اليقين، من ينقذني من الحساب، يوم يشكوني الناس في أفريقيا، بأنني لم أسع إلى هدايتهم».

لهُ هممٌ لا مُنتَهَى لِكِبارِها ‍
وهمَّتُهُ الصُّغرى أجلُّ منَ الدَّهْرِ
لهُ راحةٌ لو أنَّ مِعشارَ جودِها
على البَرِّ صارَ البرُّ أنْدى من البحرِ




لم يفرِّق يومًا في إغاثته بين مسلمٍ وكافر، لم يطعمْ ويُكرمِ المسلم، ويحرمِ الكافرَ والمشرك الذي بجانبه، بل جعلهم سواءً في دعوته وإغاثته، فلذلك دخل هؤلاء الكفَّارُ الفقراءُ والمرضى، في دين الله أفواجًا.

أسلمتْ هذه الأعداد الغفيرة؛ حينما رأوا من أخلاقه وسماحته، في الوقت الذي كانت فيه بعض الجمعيات النصرانيَّة، لا تعطي الطعام ولا تعالج الفقراء، إلا بشرطِ أنْ يتنصَّروا.

رحم الله الدكتور عبد الرحمن السميط، وغفر له وهيأ للأمة رجالا أمثاله.

اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا أخرتنا التي إليها معادنا. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا. واختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، وتوفنا وأنت راضٍ عنا. اللهم انصر المجاهدين المسلمين الموحدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. واحشرنا يوم القيامة في زمرة نبينا ولواء حبيبنا، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئةً مرئيةً لا نظمأ بعدها أبدًا. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وانصرنا على من عادانا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا. آمين.


ألا وصلوا على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما أمركم ربكم سبحانه وتعالى حيث قال:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56] اللهم صلّ وسلم وبارك على رسولك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 69.64 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 67.55 كيلو بايت... تم توفير 2.09 كيلو بايت...بمعدل (3.00%)]