هل أعجل زواجي؟ أو أنتظر إنهاء دراستي؟!

[ابوالوليد المسلم]

هل أعجل زواجي؟ أو أنتظر إنهاء دراستي؟!


أ. مروة يوسف عاشور


السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرًا على ما تُقدِّمونه من حلول لمشكلاتنا، وقد راسلتكم من قبلُ واستعنتُ بكم وبنصائحكم.

أما مشكلتي هذه المرة، فهي أنني لم أبلغ السن القانوني للزواج، وتم عقدُ زواجي على شابٍّ متدينٍ، يشيد له الجميع بحُسن خلقه، والحمد لله، ونحن على اتفاق.
خطيبي يريد الزواج في أقرب وقت؛ وذلك لأنَّه قد كبر سنُّه، وهناك مؤثِّرات كثيرة تحيط به، فزميلاتُه في مكان عمله يتعلَّقْنَ به، وهو لا يريد أن يُفْتَنَ، ويريد أن يحصنَ نفسه اقتداءً بكلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن استطاع منكم الباءة فليتزوَّج)).
كنَّا قد اتَّفقنا أثناء التقدُّم للخطبة على مدَّة محدَّدة، وهذه المدَّة لم تأتِ بعدُ، وهو قد جهَّز نفسه مِن حيثُ الشقةُ وأثاث البيت، ونحن نرفض لأسباب منها: أني لن أكون أتممت السن القانوني، وكذلك لن أكون أتممتُ دراستي! كذلك إذا تزوَّجنا في الموعد الذي يُريده، فسيكون هناك ثقلٌ علينا في سَداد الديون التي يَتَحَمَّلها خاصَّة في السنة الأولى، مع أن المتبَقِّي من الاحتياجات ليس بكثير ليجبره على الاستدانة.

أرجو إفادتي في أقرب وقتٍ؛ فأنا في حيرةٍ شديدةٍ، وجزاكم الله خير الجزاء.


الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
حياكِ الله مجددًا، وبارك الله لكِ، وبارك عليكِ، وجمع بينكما في خير أيتها العروس.

إن كان قد تَمَّ الاتفاق بينكما سلفًا على تحديد موعد الزفاف وقبِل زوجكِ، أو لم يعترض على الموعد، فليس له أن يلزمكم فيما بعدُ بتغيير ما تَمَّ الاتفاق عليه, والمسلمون عند شُرُوطهم.
وأمَّا عن الفتن وتهافُت النساء والفتيات عليه، فلن يتمكن من مساعدته أحدٌ، ولن يقدرَ على حلِّ تلك المشكلةِ غيره؛ فزميلاتُ العمل أو الدراسة لا يوقفهن عن التقرُّب لزميل أو التملق لرجل سوى سلوكه معهن، وقبوله ما يُعرض عليه مِن فتنٍ أو رفضه لها.
لا أظن أنه سيردُّ على إحدى الزميلات مثلًا بجفاء، أو يُظهر الرفض لتلك الأساليب التي يراها غير شرعية، ثم تُكرِّر الزميلةُ التحدُّث إليه، وتتعمد أن تحاوره في أمورها وقت فراغه أو فراغها؛ فالمرأةُ سواء كانتْ على دينٍ، أم غير ذلك، تستطيع أن تُميِّز بين سُلُوك مرفوضٍ وآخر مقبول, أم إنَّه من النَّوع الذي يستحيي أن يظهرَ ذلك للأجنبيَّات، ويقع في فخِّ التعامل الرقيق معهن، فلا يُفرِّق بين حُسن الخلق والمداراة في حق أو باطل؟
بعضُ الرِّجال من أهل الدين والصلاح لا يقدر على صدِّ ذلك النوع من النساء، ويخشى أن يُتَّهم بما لا يرضاه مِن سوء خُلق أو غلظة أو غيرها؛ فيُحسن إليهن، ويتقبل منهن بعض التجاوُزات، فيسيء إلى أهل الدين؛ من حيث يعتقد أنه يُحسن, ومن تتعدى حدودها، وتتجرأ على هذا النحو السيئ، فلا تستحق من حُسن المعاملة وطيب المجاملة شيئًا, وقد وضعت نفسها في هذا الموقف بنفسها.
فحاوري زوجكِ؛ سواء تمَّ التعجيل بالزواج أم لا، وبيِّني له خطورة التعامل معهنَّ، وحرمة الاختلاط والتحدث في غير حاجة، وهذا حقه عليكِ، وواجب شرعي - بصرف النظر عن حالته أو عمره.

أنت الآن لديك سببان لتأخير الزواج:
السبب الأول: قانون بلدكِ الذي يفرض على الفتاة أن تبلغ الثامنة عشرة مِن عمرها، وهذا قانون جائر، لا يعتمد على مصدرٍ شرعي, وإنما تقليد أعمى للغرب، ولا حيلة لي فيه, لكن هذا القانون خاص بالعقد، ولا علاقة له بموعد الزفاف، وقد تَمَّ عقد زواجك بالفعل, فلستُ أدري كيف تَمَّ التغلب على هذه النقطة وكيف تواجهين مشكلة في البناء الآن؟!
ورد ضمن الشروط القانونية لتوثيق عقد الزواج في بلدك:
الشرط الثاني: ألا تقلَّ سنُّ الزوجة عن ثماني عشرة سنة، وألا يقل سن الزوج عن ثماني عشرة سنة وقت التعاقُد.
فإن كان قد تم العقد دون أن يوثَّق, فلا مشكلة شرعية في ذلك, وإنما تبقى الفتاةُ في نظر القانون غير متزوِّجة، ولا حقَّ لها من حقوق الزوجة.
السبب الثاني: إتمام الدراسة, ولن أخدعك بقولي: حاولي أن تنظِّمي وقتكِ بين الدراسة ومتطلبات البيت والزوج؛ فأعباءُ الزواج كثيرة، ولن تتمكَّن فتاةٌ في عمركِ مِن تخطِّي هذا الأمر بسهولة، ولن يُقدِّر الزوجُ - في الغالب - ولو قبل وأبدى تفهمه للوضع, فإما أن تضعي في الحسبان أمر تأجيل الدراسة، أو أن تتمسَّكي برغبتكِ في إكمال العام الأخير، وإقناع الزوج بذلك.
وفي جميع الأحوال قد يتمسك زوجُكِ أو خاطبكِ برأيه، ويُصر على التعجيل بالزواج, وأنصحكِ هنا بمُحاولة التفاهم معه، ودراسة الفكرة بتأنٍّ، والاستخارة قبل الإقدام على ذلك.
أمَّا الديون، فقد أخبرتِ - بارككِ الله - أن المتبَقِّي من الاحتياجات ليس بكثير ليجبره على الاستدانة؛ مما يعني أن الديون قد تكون قليلةً هيِّنة، ويسهل تسديدها قبل مجيء الأولاد - بإذن الله، وثقي أن صلاح النيَّة سيصلح لكِ كل شؤونكِ، وسلي الله السداد والتوفيق.