|
|
ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
وهو حينما يستشهد بالتاريخ على أفعال اليهود، يستشهد به كذلك حينما يتذكَّر التاريخ المشرق في كل مكان من أرض الإسلام؛ سواء داخل فلسطين، أو خارجها؛ لعله يستنهض الهِمم ويحرِّك النفوس: ويا ذات السلاسل نبِّئينا لعلك توقظين بنا النياما أما كانت خيول الله برقًا و"سيف الله" قائدها الهُماما يشد على الأكاسر أي شد ويَبري في ظهورهم السهاما يمزِّق مَن بغَوا شرًّا ويَطوي لواءَهم ويتركهم رُكاما[7] وإذا كانت قضية فلسطين تعاني هذه الغربة، فإن الشاعر يؤكد أن حركة المقاومة الفلسطينية التي تؤصل البعد الإسلامي للقضية، هي التي سيعود على يدها هذا الفَهم، ومن ثَمَّ الجهاد من أجل التحرير: ارفق بنفسك فالرصاص وفيرُ والأرض ما زالت هناك تدورُ ما زال في أرض الكرامة خالدٌ وأبو عبيدة ما يزال يغيرُ لا تُسقطنْ علَم الجهاد فإننا شعبٌ على غمراته مفطورُ ما زال في تلك الأكُف حجارة والله رب العالمين نصيرُ [8] وهو حين يستوحي ذلك التاريخ المشرق، يؤكد اتصاله واستمراره في أولئك الرجال الأفذاذ، كما لا ينسى أن يلتفت إلى الواقع الذي تحياه القضية؛ حيث تتجلى غربة القضية الفلسطينية حين أهملت السيوف حتى صَدِئت، وازداد غدر اليهود يومًا بعد يوم: صَدِئت تواريخ السيوف بأرضنا من أربعين وسيفنا مهجورُ تبكي سماء المسلمين نُسورها هل في سماء المسلمين نسورُ ولقد بلونا من يهود غدْرهم وخداعهم بكتابنا مسطورُ[9] يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
إنه يعود بنا إلى منبع الفَهم الصحيح الذي تزول به غربة قضية فلسطين وتصحِّح به رؤانا لها، وهو كما يستشهد بالتاريخ يستشهد بالواقع، ويستدل بآيات الكتاب المبين، يعود فيتساءل: كيف إذًا وقع المسلمون والعرب والفلسطينيون تحت هذا الفَهم المغلوط لطبيعة الصراع ولحقيقة القضية، وكيف استحالوا هم؛ ليكونوا أحد أدوات التكريس لهذا الوضع الغريب: من قال: إن الكلب غيَّر طبعه منذ انبلاج النور وهو عقورُ أو تأَمَنون لهم وهذا شعبنا شعبُ البطولة تحتهم مقهورُ ضاقت صدور الغاصبين ولم تضِق بالغاصبين المجرمين صدورُ درنُ الشعوب فهل نرجي سلمهم أنمدّ كفًّا والوباء خطير من أربعين ونحن في مأساتنا والركب يخطو والطريق هجيرُ من أربعين ولم يغرِّد طيرنا وكهوفنا بين القبور قبور[10] ويكون بزوغ الطفل الفلسطيني البطل عودةً للوعي والفعل الواعي في نفس الوقت، ويكون الجهاد بمعناه الشامل والشهادة على طريقه هو الطريق إلى النصر: النصر في ثغر الشهيد قصيدة في لحنها قد أورَق التحريرُ إن العرائس ما تزال مشوِّقةً وعلى الرجال المخلصين مهورُ[11] يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية (1) أ. طاهر العتباني وفي انتظار هذه اللحظة وذلك الوعد، يلفتنا الشاعر إلى صورة من صور الواقع حول القضية: القدس ما زالت تؤرِّق ليلنا ومؤذِّن الأقصى الأسير أسيرُ والمُومسات تضجُّ في ساحاته لو كان في هذا الغثاء شعورُ هم أحرقوه ونحن في حاناتنا مترنِّحون وخمرنا موفورُ وإذاعة التهريج تُلقي ثقلها في الحرب حتى مجَّها التعبير[12] إن حالة فِقدان الوعي والانغماس في الملذات والإثم، كل هذه عوائق تقف في وجه السعي نحو التحرير، ولكن كل ذلك الظلام لا يعني فقدان الضوء تمامًا، بل إن الأشبال القادمين يملكون تبديل هذه الأوضاع كلها، وإن عَظُمت التضحية وعزَّ الفداء: عامان والأشبال فوق وجوههم ماء الوضوء اللؤلؤ المنثور عامان والأحجار تَنطق عزَّةً والشمس تَغلي والصدور تفورُ والصامدون هناك خلف جراحهم من قال ليس لنا هناك جذور؟[13] المحور الثاني: غربة الفلسطيني الذي أُقصي عن داره وأُبعد عن وطنه: ثاني محاور الغربة في هذا الديوان، هي غربة الفلسطيني الذي أُقصي عن داره، وأُبعد عن وطنه، وحاوَل الأعداء طمْس هُويته؛ إن هذا الفلسطيني المسلم الذي وجد نفسه فجأةً يُقصى عن داره وأرضه؛ ليقاسي غربةً من أشد أنواع الغربة، كما يعاني محاولة طمْس الهوية - يجعل له الديوان جزءًا كبيرًا من اهتمامه، ولا غرو؛ فالشاعر نفسه - وهو الفلسطيني المسلم - واحد من أولئك، فهو لا يعبر عنها تعبير المصور لها، بل يعبر عنها تعبير المعايش لها، الذي يقاسي حرَّ جمرها. ومن القصيدة الأولى في الديوان: "يا قدس"، ومن أول أبياتها يقول: من أين أجترح الأمواج والسفنَا وقد عييتُ فما أبصرتُ لي وطنا كل الطيور إلى أعشاشها هرعت إلا طيوري لا عشَّ ولا كفَنا يا أيها الوطن المصفود معذرة إنا نخوض إليك الليل والمِحَنا[14] وهو رغم مُضي ما مضى من السنوات، لا يفتأ يأسى لشجو المآذن في وطنه يتردَّد صداها في أضالعه: وكلما لمحت عيناي بارقةً صرَخت إن قطاف الجائعين دنا وللمآذن شجو في أضالعنا لو صادَفت من بني أعمامنا أُذنا[15] يتبع
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
وهو في ذلك الأسى لا ينسى ذكرياته في وطنه، تلك الذكريات التي صارت كالغُصص تؤرِّقه وتَعصف به عصفًا: لي ذكريات بها ترتاح قافلتي ولي سفوح إليها كم هفوت أنا ولي بدايات عُمر كم أحنُّ لها ألا يحنُّ هَزار ضيَّع الغُصنا[16] وهذه الغربة التي يعانيها مَن أُخرجوا من ديارهم و أموالهم، يعاني منها كذلك مَن يقيم على أرض فلسطين: نعم ترنَّحت الأجساد يا وطني نعم، ركِبنا إليك المركب الخَشِنا نعم تساقَطت الأحلام مُجهدةً وقد عَرِينا وذقنا الويل والحزنا نعم ذُبحنا وكان الذبح متصلاً وما رأينا على جزَّارنا وهَنَا[17] ورغم ذلك الذبح، وذلك التشريد، يظل متمسكًا بعزَّته التي لا يَطمسها تشرد ولا غربة، ولا شهداء ذُبحوا، إنه لا ينسى أن أمل الغريب المهاجر المبعد يظل دائمًا هو الحلم بالعودة، وتظل فلسطين بسوسناتها وأزهارها، وطيورها وأشجار ليمونها - ماثلةً في العين والقلب: لكننا ما خفَضنا قط جبْهتنا ولا نكَّسنا سيوفًا حرةً وقنا ولا نسينا ورب البيت سوسنةً ولا جناح هَزار رفَّ أو سَكنا ولا شجيرة ليمون على كتفي ما زلت أحملها جلدًا هنا وهنا ولا نسينا بدرب القدس سنبلةً ولا رغيفًا بماء القلب قد عُجنا ولا تعبنا من التجديف في لججِ كانت تهزُّ صوارينا لتُغرقنا[18] إن الخاطر الذي يكاد يلح على أكثر قصائد الشاعر، هو غربة الفلسطيني عن أرضه ودياره، هذه الغربة القاسية، التي تَطفح بها قصائد الديوان، وفي قصيدة "أنا وأنت" يخاطب الغريب مثله، الضائع المشرد عن أهله ووطنه: أنا وأنت وهذا الصمت والقلق متى سيَبزغ فجرانا فنَنطلقُ أنا وأنت، وما بالغت في كلمي كأننا في جحيم العُمر نحترقُ يتبع
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
مضيِّعون فلا أهلَ ولا وطن مقيَّدون فلا كف ولا عُنقُ[19] إنه يشعر بما يشعر به الغريب ويتعذَّب لمأساته، وكيف لا؟ وهما في الهم والغربة سواء، إنه لا يحس مثله للماء بنكهة، ويتذكر أيامه الخوالي على أرض وطنه، ويستغرق في هذه الذكريات حتى يبدَّد الواقع المرير حلاوة تلك الذكريات: مرَّت على كبدينا ألف أُغنية فما تضوَّع ريحان ولا حَبَقُ ونشرب الماء لا ندري بنَكهته وما شربناه إلا غالَنا شرقُ ونحن كنا شبابًا زانه أدبٌ وللطموح على هاماتهم ألقُ ونحن كنا وأرض الغار مَنبتنا وليس إلا سيوف الحق نَمتشقُ[20] ثم يدلف في هذا الحلم الجميل الذي يعاود الغريب بين لحظة وأخرى، مفجِّرًا في نهايته قنبلةً من الحزن: فكم جَرَينا وللساحات جَلجلة وكم سرَينا ونجم الظلمة الحدقُ تشدُّنا طرق عزَّت مسالكها وتَستبينا إلى تلك الذرى طرقُ فكم شدَونا فصار الحرف ملحمةً وكم ضربنا فكاد الصخر يَنفلقُ وكم رتَقنا فتوقًا في فعالهم وغيرنا ما رأوا فتقًا ولا رتَقوا وكم حملنا سحابًا والثرى لهبُ وكم سقيناه أشواقًا وهم حرَقوا[21] يتبع
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
يتبع
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
إنها أُمنيات تُشبه الذكريات، وفي غمرة الإحساس بهذه الذكريات (البيت القديم - المنحدر - الصور التي في البيت - الزنابق - الزهر - الريح - المطر)، يصبح الصباح والمساء والغدير والضياء، دجاجات أمه، والديك الذي تملؤه الكبرياء، وكف أمه الحنون ووجهها المتبتل بالدعاء، والكوخ الذي كان يسكنه مع إخوته، وإطلال الربيع وأشجار الزيتون فيه - يصبح هذا كله مفردات في ذلك العالم الجميل الذي يتمنَّى لقاءَه على أرض وطنه، وإن بينه وبين كل هذه المفردات وشائج وصلات حميمة: إذا قدر الله لي أن أعود وألقى الصباح وألقى المساء وأغمر وجهي بماء الغدير وأُبصر فيه ارتعاش الضياء وأرشق بالماء وجه الحبيب ويرشقني.. يا لدلِّ الظباء وألقى دجاجات أمي هناك وديكًا تضج به الكبرياء وكفًّا يسافر فيها الحنان ووجهًا يسافر فيه الدعاء وكوخًا تلمَّست فيه الحياة وفيه تنسَّمت عطر الإخاء وشبابةً في اخضرار الربيع وزيتونةً لا تمل العطاء فإني سألغي فصول الرحيل فلا في الخريف ولا في الشتاء[25] وهو في حديثه مع أمه التي ودعته آسفةً يوم هجرته وغربته، يؤكد أنه عائد لا محالة، ويظل متشبثًا بهذا الأمل الذي يحدوه، وهذه الأمنية تظل عقيدةً لديه حية نابضةً، وهي أن أبناء فلسطين الأم سوف يعودون إليها: أُمَّاه بعض الوقت ثمَّ أعود أمطاراً ونخلا كلا وحقك لن يطو ل بي الرحيل المر كلا سأعود أحمل في يدي ي الشمس والآمال حملا سأعود ألمع بعد طو ل العمر يا أماه نصلا يتبع
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
ألقي عصا الترحال أن صبُ خيمتي وأشد حبلا يشتاقني الحقل الحبي ب فكيف لا آتيه وبلا سأعود مثل الطير حي ن تعود للأعشاش عجلى مثل الغيوم الراكضا ت إلى السفوح الخضر جذلى[26] إن الغريب بين همه وحزنه يرى الطير عادت إلى أعشاشها إلاَّه: كل الطيور إلى أعشاشها هرعت إلا طيوري لا عُشَّ ولا كفَنا[27] وبين أمل وحلم بالعودة كما تعود الطير لأعشاشها عجلى: سأعود مثل الطير حي ن تعود للأعشاش عَجْلى [28] بين هاتين الحالين يتمزَّق الغريب كلَّ يوم مئات المرات، وتلحُّ على قلبه وخاطره الهموم والأماني المتصارعة، فتترك القلب في هذا الصراع اللاهث، تعصف به آلام الغربة، خصوصًا يوم العيد الذي هو رمز للفرحة واللقاء والسعادة، والسرور والاجتماع بالأهل والأقارب والأنس بهم، إلا الغريب، فلا أنيس له في العيد، ولا لقاء له مع أهله وأحبائه. يقول في قصيدة "الأقربون" بمناسبة حلول عيد الأضحى مخاطبًا العيد: ها أنت جئت ولم يُعرف لنا بلدُ ولا تلاقَى بوجه الوالد الولدُ ولا تأَرَّجَ ليمون على شفتي ولا أطلَّت على عشاقها صفدُ ولا تناهت إلى غاياتنا طرقُ ولا هداني إليها طائر غردُ ها أنت عدت وفي أكبادنا ألَمٌ فكيف تَهرب من آلامها الكبدُ؟ مشتَّتون وأرض الله واسعة لا يستقرُّ لنا في رملها وتدُ[29] (له تتمة). [1] ديوان: نقوش إسلامية على الحجر الفلسطيني؛ محمود مفلح ص( 53). [2] "الديوان" ص ( 52). [3] "الديوان" ص ( 52). [4] "الديوان" ص ( 51). [5] "الديوان" ص (51). [6] "الديوان" ص ( 52). [7] "الديوان" ص ( 66). [8] "الديوان" ص ( 12). [9] "الديوان" ص ( 13). [10] "الديوان" ص ( 13 - 14). [11] "الديوان" ص ( 14). [12] "الديوان" ص ( 15). [13] "الديوان" ص ( 15). [14] "الديوان" ص ( 9). [15] "الديوان" ص ( 9). [16] "الديوان" ص (10). [17] "الديوان" ص (10). [18] "الديوان" ص ( 11). [19] "الديوان" ص (40). [20] "الديوان" ص (40). [21] "الديوان" ص (41). [22] "الديوان" ص (42). [23] "الديوان" ص (42). [24] "الديوان" ص ( 46). [25] "الديوان" ص ( 46). [26] "الديوان" ص (121 - 122). [27] "الديوان" ص (11). [28] "الديوان" ص (122). [29] "الديوان" ص ( 123).
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
رد: محاور الغربة والاغتراب في ديوان نقوش إسلامية
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |