|
ملتقى التنمية البشرية وعلم النفس ملتقى يختص بالتنمية البشرية والمهارات العقلية وإدارة الأعمال وتطوير الذات |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
المترجم وتدريس اللغة
المترجم وتدريس اللغة أسامة طبش سأناقش اليوم موضوعًا يتعلَّق بأهلية أن يكون المترجِم مدرِّسًا للغة، ففي غالب الأحيان نجد هذه الفئة التي تخرَّجتْ في الجامعات، تتجه إلى التدريس، سواء كان ذلك عن رضًا منها أو مكرَهة على هذا الخيار. نعلم أنه في مَيدانِ الترجمة، يجب أن يكون المترجِم مُتقنًا للغتينِ على الأقل، وهذا ما يمنحُه أفقًا أرحبَ في تدريس إحدى اللغتين، انطلاقًا من تمكُّنه من اللغة ومعرفتِه بالثقافة التي أتَتْ منها. هناك ما يُسمَّى في الترجمة: بالتداخل الثقافي Interférence culturelle. والتداخل اللُّغوي Interférence linguistique. وحتى أُفصِّل - ليفهمَني القارئ الكريم - هذينِ العاملين، فقد يطرحان إشكالًا للمترجِم عندما يترجم نصَّه، بمعنى أنني أترجم نصًّا إلى اللغة الإنجليزية، فتتداخل لغتي الأم - أي: العربية - من حيث الأسلوب، أو طبيعة الأفكار، أو الثقافة، وهذا ما يُعَد نقيصة بالنسبة للمترجِم؛ لأن القارئ بهذه اللغة سيستشف اختلافًا في ترجمة النص، ولا يهضمه ولا يستسيغه، ويكون بذلك المترجِم قد أخَلَّ بأهم عامل في الترجمة: الأمانة La fidélité. وإذا عُدنا إلى مجال التدريس، فقد يكون وقعُ هذا التداخل اللُّغوي والثقافي أعظمَ وأثرُه أعمقَ؛ للطبيعة الذهنية التي يتمتع بها المترجِم، فقد تَعوَّد على الترجمة تلقائيًّا إلى اللغة الأم، في حين إنه من النصائح الدقيقة الموجَّهة إلى مدرس اللغة الأجنبية ألَّا يَنبِسَ بكلمة واحدة خارج هذه اللغة؛ ليبقى المتعلِّم في جوِّ هذه اللغة ويفهمها وحدَه، ويتعوَّد عليها، وما على المترجم إلا التوضيحُ بتبسيط الكلمات بالإشارات، أو الرسوم، أو الأشرطة المسموعة والمصورة. أحيانًا يضطرُّ المدرِّس إلى ترجمة كلمة واحدة إلى لغته الأم، في حالات الضرورة القُصوى، بمعنى أنه استخدم جميع الوسائل الأخرى ولم يُفلح في تفسير الكلمة، وكان مستوى طلبته متدنيًا جدًّا، في هذه الحالة يُطلَب من المدرس أن يكون ذا درايةٍ طيبة بلغته الأم، فيُمكِّن طلبتَه من معرفة المرادف بالضبط، فيسهل عليهم الفهم كثيرًا وهضم معنى الكلمة. التحليل السابق لا يحكمُ على عدم صلاحية المترجم لأن يكون مدرسًا مطلقًا؛ إنما يجب عليه العمل على تغيير ذهنيَّته من الترجمة إلى التدريس؛ كيلا يخلطَ الأمور على طلبتِه، ويكون موافقًا للأساليب الحديثة في التدريس، والتي تطلب من المتعلم عدمَ استعمال لغتِه الأم أثناء تعلم اللغة الأجنبية؛ حتى تنشأ لغته رصينة لا اعوجاجَ فيها. هذا رأي قد يوافقني فيه البعض أو يخالفني؛ حيث إنه في فرنسا، وفيما يتعلَّق بتدريس اللغة الإنجليزية، تم استحداثُ مادَّةِ الترجمة بالجامعة، ربما يُمثِّل هذا عودةً إليها والاستعانة بها، خاصة بما توفره الترجمة من تقابلات بين اللغة الأجنبية واللغة الأم، فيفهم الدارس اللغة في عمقها اللساني. الاستعانة بالترجمة يجب أن يكون في الحالات الضرورية جدًّا، وفي نطاق ضيِّق لا يتجاوز الكلمة أو الكلمتين أثناء الحصة، وإجبار الدارس على النطق باللغة الأجنبية وتعويده عليها، وعلى المترجِم أن يَنْساق وراء تيار التدريس، إن صح التعبير، ويترك الكثير من الخصائص التي كانت تميز دراسته وعمله كمترجم، فهناك فرق جليٌّ بين مَن يتعامل مع لغةٍ واحدة ويكون متمكنًا منها، ومَن يتعامل مع لغتين، ما يجعله متذبذبًا، ويسبب ذلك خللًا في تدريس طلبته.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |