تفسير أيسر التفاسير**** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري ) - الصفحة 33 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         معنى قوله تعالى: {ليبلوكم أيُّكم أحسنُ عملاً} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          تخصيص رمضان بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          ذكر الله دواء لضيق الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          بيان فضل صيام الست من شوال وصحة الحديث بذلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          صيام الست من شوال قبل صيام الواجب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          صلاة الوتر بالمسجد جماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          قراءة القرآن بغير حفظ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الإلحاح في الدعاء وعدم اليأس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          الفهم الخطأ للدعوة يحولها من دعوة علمية تربوية ربانية إلى دعوة انفعالية صدامية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          معالجة الآثار السلبية لمشاهد الحروب والقتل لدى الأطفال التربية النفسية للأولاد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #321  
قديم 18-11-2020, 02:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

الدور اليهودي
أما اليهود فكانوا يحلمون من سنين .. من قرون، ويتطلعون إلى آخر النبوات، وفي التوراة والإنجيل بيان ذلك، وكانوا ينتظرون خروج رسول من جبال فاران -جبال مكة-، فإذا خرج آمنوا به وانطووا تحت لوائه ورايته، وقادهم لإعادة مجد بني إسرائيل، وعاشوا في المدينة يتطلعون يوماً بعد يوم، وإلا ما جاء بهم من القدس في الشام إلى مدينة سبخة وحرة وحفنة التمر؟ جاءوا لتطلعهم إلى النبوة الخاتمة للنبوات.وما إن لاحت أنوار النبوة في مكة وأخذوا يتجمعون ويتطلعون، وعندما جاء وفد قريش يسألهم عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم أهل علم، والعرب جهال، قالوا لهم: سلوه عن ثلاثة أسئلة إن أجاب عنها كلها فما هو بنبي، وإن لم يجب عنها فليس بنبي، وإن أجاب عن بعضها وسكت عن البعض فهو نبي.وكان الوفد برئاسة أبي سفيان فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أسئلة عن أصحاب الكهف، وعن ذي القرنين، وعن الروح، فلما سألوه قال صلى الله عليه وسلم: ( غداً أجبيكم عن أسئلتكم )، انتظاراً للوحي، فعاتبه ربه من أجل أنه ما قال: إن شاء الله، فانقطع الوحي خمسة عشر يوماً، وزغردت نساء قريش، وقالوا: انفضح الرجل، وتركه ربه وقلاه، فهو ليس بنبي وقد عجز. ومسح الله دموع حبيبه ببشرى عظيمة: بسم الله الرحمن الرحيم: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى [الضحى:1-2]، فالحالف هو الله. والمحلوف عليه: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3]، أي: ما تركك ولا أبغضك؛ لأن أم جميل كانت تغني بالشوارع وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى * أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى [الضحى:4-6]، وقد مات أبوه في السنة التي ولد فيها، وماتت أمه بعد ذلك وعمره أربع سنين وَوَجَدَكَ ضَالًّا لا تعرف شيئاً فَهَدَى * وَوَجَدَكَ عَائِلًا [الضحى:7-8]، فترك له والده جارية وناقة أو خمسة من النوق فأغناه، فكانت هذه السورة بشرى عظيمة لرسول صلى الله عليه وسلم، فانشرح صدره وطابت نفسه.ونزلت سورة الكهف تحمل قصتين: قصة أصحاب الكهف، وقصة ذي القرنين، وفيها قول الله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الكهف:23-24] أي: حتى تقول: إن شاء الله.وهنا نذكر قصة سليمان بن داود والتي قصها علينا رسول الله في هذا الباب: ( قال سليمان: لأطأن الليلة أو لأطوفن بمائة جارية، فتلد كل جارية ولداً يقاتل في سبيل الله، ولم يقل: إن شاء الله، فلم تلد واحدة من المائة جارية، إلا واحدة ولدت ولداً مشلولاً نصف ولد )، ووضعوه على كرسيه ليشاهده، لأنه ما تأدب مع الله، وما قال: إن شاء الله.ونحن لما هبطنا بلغنا أن بعض الدوائر الحكومية في العالم الإسلامي إذا قال أحدهم: إن شاء الله، يقول الآخر: لا تقل: إن شاء الله، فلا يقبلون منه أن يقول هذا. فلا يحل لمؤمن أن يذكر الله ويذكره، ويقول: أفعل أو لا أفعل.ونسي هؤلاء أن هذا الإنسان لا يتحرك إلا بالله، ولا يسكن إلا بإرادة الله، فلهذا إذا لم يقل: إن شاء الله وحنث تلطخت روحه بالنتن والعفونة، ولا تغسل لا بماء ولا صابون ولا بعملية جراحية، ولا بصيام ولا .. ولا، لا تغسل إلا بالمادة التي وضعها الله لذلك، وهي كسوة عشرة مساكين عمامة وثوباً، أو إطعامهم، أو عتق رقبة، وفي الأخير صيام ثلاثة أيام إن لم يستطع.وهذه هي المواد التي تزيل ذلك الأثر الناتج عن كونه يقول: أفعل، ولم يقل: إن شاء الله، فنسب القدرة إليه.والصواب يا عبد الله! أنك إذا قلت: أسافر غداً، فقل: إن شاء الله، وإذا قلت: سنلتقي غداً عند فلان فقل: إن شاء الله، وإذا قلت: أقوم وأتوضأ، فقل: إن شاء الله، والذي مضى من الأفعال لا تقل فيه: إن شاء الله، فإن الله شاءه، فإن سئلت: هل صليتم المغرب؟ فلا تقل: إن شاء الله، فقد شاء الله وصلينا، لكن قل: سنصلي العشاء إن شاء الله، ولو لم يشأ والله ما صلينا، فيخسف بنا الأرض، ففي الكلام الماضي لا معنى لكلمة: (إن شاء الله)، فقد شاء ووقع، لكن للمستقبل احفظ هذه الكلمة: (إن شاء الله)، ومن قال لك: لا تقل: إن شاء الله، فقل: إن شاء الله رغم أنفك.إذاً: اليهود ما إن طلعت الشمس وانتشر نورها، وهزم المشركون في بدر في السنة الثانية حتى كشروا عن أنيابهم، وعرفوا أن الريح ليست لهم، وأن هذه النبوة لا تخدمهم، فإن هم دخلوا في الإسلام ذابوا، وانتهى وجودهم كيهود وبني إسرائيل، وأصبحوا من عامة البشر، فقالوا: إذاً لن نسلم ولن ندخل في هذا الدين.وبحثوا عمن يتعاون معهم على ضرب الإسلام ومحوه فوجدوا المجوس والحزب الوطني اللذين يعملان في الخفاء فتعانقوا، وإلى الآن هم متعاونون، وعملوا ما عملوا في المدينة ثم أجلوا منها.

الدور النصراني
لما انتشر نور الإسلام في شمال إفريقيا، ودخل من الغرب إلى أوروبا ومن الشرق، صاحت النصارى وقالوا: يا ويلنا! هذا النور سيغمرنا. فبحثوا مع من يتعاونون، فوجدوا اليهود والمجوس فتعانقوا، وكونوا الثالوث الأسود، وإلى الآن متعاونون.

شاه إيران يحتفل بذكرى قيام الدولة الساسانية
لطيفة سياسية: كان شاه إيران يحكم البلاد وقد قرأت بلساني ونظرت بعيني مجلة في الدار البيضاء فيها: أن الشاه يقيم ذكرى للدولة الساسانية التي مضى عليها ألفان وخمسمائة عام.وفكروا يا عقلاء: حاكم مسلم يحكم مملكة إسلامية يحتفل بذكرى دولة مجوسية مضى عليها ألفان وخمسمائة عام! فماذا تقولون؟قولوا: لا نعرف.لو أن العرب احتفلوا بموت أبي جهل أو عقبة بن أبي معيط أو بقتلى بدر من المشركين هل يقال فيهم: مسلمون؟! مستحيل!فهؤلاء يحيون ذكرى الجاهلية. وأولئك يحيون ذكرى المجوسية فماذا تقولون فيهم؟ وهل تشكون أن هذا كفر؟!ووراء ذلك لابد من إعادة مجد الساسانيين وعرش كسرى.

دور الثالوث الأسود في انتزاع القرآن الكريم من صدور المسلمين وإخراجه من حياتهم
الآن أصبح الثالوث متكوناً من: المجوس .. اليهود .. النصارى، وإلى اليوم التعاون مستمر.وأخذوا يعملون متعاونين في الظلام، فخاضوا حروباً مع الإسلام وأهله، واندحروا وانهزموا في مواطن كثيرة، وكادوا ييأسوا، فاجتمعوا وبحثوا عن سر هذه القوة التي لا تقهر، وهذا السلطان الذي لا يسقط، فعثروا على الحقيقة، وقالوا: سر هذا هو القرآن الكريم والسنة، فإذا استطعتم أن تذهبوا من بين أيديهم القرآن وتلهوهم عن سنة الرسول وبيان القرآن أمكنكم أن تضربوهم ثم تسودوهم وتتحكموا فيهم، فقالوا: هيا نعمل، وحاولوا أن يسقطوا حرفين فقط كلمة (قل)، وانعقدت محافل بحثوا فيها كيف يسقطون من القرآن كلمة (قل)، فوالله ما استطاعوا. فالقرآن يحفظه النساء والرجال والحضر والبدو، ولم يستطيعوا أبداً أن يذهبوا بذلك النور.إذاً: ماذا صنعوا؟قالوا: اصرفوهم عن دراسته وفهمه.لكن كيف صنعوا؟قالوا: اجعلوا القرآن يقرأ على الموتى، ومن ذاك التاريخ إلى اليوم يقرأ القرآن على الموتى فقط، فيحفظه الأبناء، ويحفظه الرجال لا لشيء، إلا ليقرأ على الموتى، حتى علمنا أن في بلاد سوريا مكتباً خاصاً بهذه القضية، فمن مات له أب أو أم يتصل بالهاتف على المكتب ويقول: نحتاج عشرة من الطلبة يقرءون القرآن! أو خمسة على قدر الحال! فيقال له: من فئة مائة ليرة أو خمسين ليرة؟ فإذا كان الميت غنياً من فئة مائة ليرة، وإذا فقيراً خمسين ليرة.وأصبح القرآن من إندونيسيا إلى موريتانيا لا يقرأ إلا على الموتى! فأكثر من ألف سنة تقريباً لا يقرأ إلا على الموتى.أما لِم لا يفسر ويبين مراد الله منه لعباده ليعملوا، فقالوا: إن هناك قاعدة ومن أراد أن يقف عليها فعليه بحاشية الحطاب على مختصر خليل، وفيها قالوا: تفسير القرآن صوابه خطأ، فإذا فسرت وأصبت فأنت مخطئ، وخطؤه كفر، وإذا فسرت وأصبت فأنت آثم. فكمموا أفواه المؤمنين وألجموهم، وما بقي من يقول: قال الله أبداً، فالقرآن يقرأ على الموتى.أدلل لكم بما أنتم عليه، من منكم أيها الزوار يقف ويقول: نحن إذا كنا جالسين تحت ظل شجرة أو جدار في الصيف، أو كنا في مجلس نقول لأحدنا: أسمعنا شيئاً من كلام الله، أو تجلس بجوار سارية المسجد ويمر بك من يحفظ القرآن فتقول: يا شيخ! يا سيدي! من فضلك اقرأ عليّ شيئاً من القرآن، وما حصل هذا أبداً.إذاً: فارقنا القرآن، وفارقتنا الروح فمتنا، ومن قال: كيف تقول: متنا؟أقول: أما سادتكم بريطانيا وحكمتكم فرنسا وإيطاليا وهولندا، فمائة مليون مسلم كانوا تحت أقدام ثلاثة عشرة مليون، أما ذللنا وهِنا وهبطنا؟ وسبب ذلك أننا متنا، قالروح علت وارتفعت، وعشنا بدون روح، وهذا شأن من لا روح له.والرسول صلى الله عليه وسلم كان جالساً وجلس إليه عبد الله بن مسعود فيقول: ( يا ابن أم عبد ! اقرأ عليّ شيئاً من القرآن، فيعجب عبد الله ويقول: أعليك أنزل وعليك أقرأ؟ فيقول صلى الله عليه وسلم: إني أحب أن أسمعه من غيري، فيقرأ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ [النساء:1] ثلاثين آية، وإذا برسول الله يبكي والدموع تسيل من عينيه، وهو يقول: حسبك حسبك، فلما انتهى إلى قوله الله تعالى: فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيدًا [النساء:41] بكى رسول الله ).إذاً: عرفتم الثالوث ماذا فعل بنا؟لا تقولوا: استعمرونا وأذلونا هذا كله ماض، لقد أماتونا وأخذوا الروح وسلبوها، وكتب الفقه التي تدرسونها في الشتاء والربيع ما فيها قال رسول الله أبداً، بل قال سيدي فلان .. قال فلان .. قال فلان.فأبعدونا عن الروح والنور، فهلكنا وضللنا.قلنا: هيا نعود.قالوا: لا نستطيع يا شيخ، ولا نقدر.قلنا: نحن لم نقل لكم: اخرجوا من أموالكم ودياركم، لا، فقط: هيا بنا نؤمن إيماناً حقاً وصدقاً، فيعود كل شيء.
مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة آل عمران


نداء الله لأهل الإيمان
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:100] إذا سمعت الله يقول: (يا أيها الذين آمنوا) فقل: لبيك اللهم لبيك، وقد كان عبد الله بن مسعود يقول: إذا سمعت القارئ يقرأ: (يا أيها الذين آمنوا) فأعرها سمعك، وأعطها أذنك فإنك منادى، ألست مؤمناً؟فقوله: (يا أيها الذين آمنوا) يعني: أن مولاك يناديك، فاسمع.وقد عرفنا نحن أهل الدرس بالاستقراء والتتبع، أن الله ما نادانا إلا لواحدة من أربع، إما ليأمرنا لما فيه كمالنا وسعادتنا، أو لينهانا عما فيه شقاؤنا وخسراننا، أو ليبشرنا ليزداد إيماننا وصالح أعمالنا، أو ليحذرنا من المفاسد لننجو ونسلم من المهالك والمعاطب، أو ليعلمنا ما نحن في حاجة إليه.وقد جمعت نداءاته تعالى تسعون نداءً، وهي عند المؤمنين، فما اجتمعوا عليها ولا قرءوها ولا درسوها، وما زلنا هابطين.ومن يقول: نحن في القرية الفلانية نجتمع كل ليلة على نداء نحفظه ونفهم مراد الله منه، ونعزم على العمل وعلى الترك؟ ولا أحد. عشرات الآلاف وزعت، لِم ما دقت ساعة الحياة وما زلنا هابطين.

التحذير من طاعة الكافرين
قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسمعوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، هذا خبر الله، وهو صحيح إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا أي: فريقاً خاصاً من المستشارين والساسة والمدرسين والمعلمين؛ تطيعوهم: يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100].والهبوط الذي أصاب أمتنا سببه أن جل الوزراء والمسئولين والحاكمين تخرجوا من مدارس اليهود والنصارى، وكل الشهادات السياسية من عندهم، فجلسوا بين يدي أساتذتهم يعلمونهم فأطاعوهم.ثم قال: إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ ما الذي يحصل؟ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، عرفتم العلة أو لا؟ والعالم الإسلامي قد مد عنقه للخبراء والمستشارين و.. و.. من العالم الشرقي والغربي حتى من روسيا.إذاً: كيف تريدونهم أن يقيموا دولة الإسلام، وقد ختم على قلوبهم، وصرفت نفوسهم؟!والله يخبر بالواقع: إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100]، هذه الأولى.

التمسك بالكتاب والسنة حصانة للمسلمين
والثانية: يقول الله تعالى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101]، فالحصانة والمناعة هي أن نعيش على روح الله ونوره؛ الكتاب والسنة.واسمع الله يقول: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ فمن أين يأتي الكفر والحال أنكم: تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101].وهنا ذكرنا مئات المرات، وقلنا للمسئولين من العالم الإسلامي: إذا اضطروا إلى أن يبعثوا أولادهم ليتعلموا في الشرق والغرب في ديار اليهود والنصارى؛ فعليهم أن يبعثوا معهم علماء، وأن يعدوا لهم مساكن خاصة بهم ينزلون بها، فيصلون الصلاة في الجماعة ويتلون كتاب الله، ويتلقون الكتاب والحكمة من ذلك العالم المنتدب لهذه المهمة، فيطلبون العلم المادي ويعودون سالمين آمنين، فلا يصل إلى قلوبهم زيغ ولا كفر ولا.. ولا؛ لأن الكتاب يتلى عليهم كل ليلة، وسنة الرسول بين أيديهم.وقوله: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101]، أي: مستحيل أن يأتي الكفر لقلب أشبع بمعرفة الله وحب الله، وهو يسمع كل يوم كلام الله وكلام رسول الله، لكن مع الأسف بعثوا أبناءهم فعادوا شبه مسلمين فقط، يسخرون من الإسلام.وهنا: عرفتم أن المناعة والحصانة توجد في الكتاب والسنة، وهذا هو الحل، وهذا هو الطريق، والله إن أردنا أن نعود إلى الطريق السوي المنجي المسعد؛ فعلينا أن نعود إلى الروح فنحيا وإلى النور فنهتدي بالكتاب والسنة.كيف الطريق؟ كيف الوصول إلى ذلك؟تقرر مئات المرات: أهل كل قرية من قرى العالم الإسلامي، عرباً أو عجماً عليهم أن يوجدوا عالماً بالكتاب والسنة، وأن يلتزموا في صدق؛ فإذا دقت الساعة السادسة مساءً وقف دولاب العمل، فلا مصنع يشتغل، ولا متجر، ولا مزرعة، ولا .. ولا، ويأتي أهل القرية بنسائهم وأطفالهم يصلون المغرب كما صلينا، ويجلسون كما جلسنا، وآية من كتاب الله يتغنون بها حتى يحفظوها، ثم تشرح لهم وتفسر، ويبين لهم مراد الله منها، فإن كانت عقيدة عقدوها في قلوبهم، ولن تنحل إلى يوم القيامة، وإذا كانت أدباً تأدبوا بها من تلك اللحظة، وإذا كانت خلقاً تخلقوا، وإذا كانت واجباً عزموا على القيام به، وإذا كانت ممنوعاً محرماً عزموا على تركه، وغداً حديثاً من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فيحفظونه ويفسر لهم، وتوضع أيديهم على المطلوب، وكلهم عزم؛ نساء، رجالاً، أطفالاً، أغنياء، فقراء، أشرافاً .. باعة .. كلهم جماعة واحدة في قريتهم، فليلة آية وليلة حديثاً، ومع هذا العلم وهذا التصميم والله ما تمضي سنة فقط إلا وتلك القرية كأنهم ملائكة، فلا غش ولا كذب، ولا خداع، ولا زنا، ولا ربا، ولا فجور، ولا ظلم، ولا يجوع بينهم جائع ولا يعرى عارٍ، ولا يظلم مؤمن؛ لأنهم أسرة واحدة.يتحقق هذا أو لا؟والله ليتحققن هذا حسب سنة الله عز وجل، أليس الطعام يشبع والنار تحرق، وكذلك الكتاب والحكمة يرفعان الإنسان إلى منارات الكمال.ومن شك قلنا لهم: يا أهل القرية! من أتقاكم من أحسنكم؟أعلم أهل البلد هو أتقاهم لله، وأفجرهم أجهلهم بالله، وهذه سنة الله، فوالله لا سبيل إلى نجاة العالم الإسلامي لأي بلد إلا هذا.فنرجع إلى الله في صدق.فإذا دقت الساعة السادسة مساءً ذهب اليهود والنصارى إلى المقاهي والمقاصف والملاهي، وذهب المسلمون إلى بيوت ربهم بأطفالهم ونسائهم يتعلمون الكتاب والحكمة، وخلال سنة واحدة والله ليصبح إنتاجهم المادي أضعاف ما كانوا، ووالله لتتوفر أموالهم وتزيد؛ لأن السرف والترف قد انتهى، والتكالب على الشهوات انتهى، فهذا هو الطريق، ولا نحتاج إلى فلوس ولا إلى رشاش، فيصبحون كالملائكة، والحكام يجلسون معهم فيتبركون بهم!!وهل هناك طريق سوى هذا؟والله لا وجود له، ولو يخرج عمر والله ما استطاع إلا على هذا المنهج.وهذه الآية بين أيدينا ونواصل دراستها غداً إن شاء الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:100-101]، فليلة الكتاب وليلة السنة هو الكتاب والنبي، وبدون هذا لن نسمو ولن نرتفع ولن نسود، بل ولن ننجو إلا من شاء الله من خزي الدنيا وعذاب الآخرة.هل فهم السامعون هذا؟ وهل تتحدثون به في القرية أو لا؟بلغونا أن قريتكم شبعت، فتدرس الكتاب والحكمة، وإذا قالوا: ما عندنا عالم نبعث لهم عالماً، فيجلس بين أيديهم سنة واحدة وراجعوا الحياة كيف تبدلت وتغيرت، أما بدون هذا فإن كثر المال عم السرف والبذخ والإسراف، وإن قل المال صار الشح والسرقة والتلصص، وهكذا لا ينجو إلا من أنجاه الله، واذكروا هذا وانووا النية الصادقة على أن تعملوا به وتبلغوه، وأجري وأجركم على الله. والسلام عليكم ورحمة الله.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #322  
قديم 18-11-2020, 02:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (33)
الحلقة (174)

تفسير سورة آل عمران (39)

إن القرآن الكريم ما ترك شيئاً تتوقف عليه سعادة العالمين في الحياتين الأولى والآخرة إلا بيّنه، وجاءت السنة النبوية مفصلة لما أجمل، وما من شيء ينفع العباد ويهمهم في أمر معاشهم ومعادهم إلا بيّنه لهم عليه الصلاة والسلام، فاجتمع للناس النبراسان الأكملان، باتباعهما والأخذ بهما ينال العباد السعادة والغفران، وبالإعراض عنهما وتنكب طريقهما يتحقق للناس الشقاوة والخسران.

تابع تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب ...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات، إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل.وبالأمس كنا مع هذا النداء الإلهي الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران:100-101].

عظمة تأثير القرآن والسنة في أتباعهما
ما زلنا مع هذا النداء معاشر الإخوان والأبناء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فالمنادي هو الله، وسبحان الله! هل الله هو الذي نادانا؟ إيه وعزته وجلاله.كيف بلغنا هذا النداء؟الجواب: بلغنا من طريق وحيه إلى رسوله، فقد نبه رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بغراء حراء، ثم أرسله رسولاً للعالمين، بعد أن بلغ من العمر أربعين من السنين، وأنزل عليه كتابه القرآن العظيم، وهذا الكتاب ما قدرته البشرية حق قدره.وهذا الكتاب الحاوي لمائة وأربعة عشر سورة، وهذا القرآن العظيم ما ترك شيئاً تتوقف عليه سعادة العالمين في الحياتين الأولى هذه والآخرة الآتية إلا بينه، واقرءوا: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ [النحل:89]، وهذا أبو هريرة صاحب الرسول صلى الله عليه وسلم يقول اسمعوا: ( علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء )، أي: ما ترك شيئاً يكفل شهادتنا ويبعدنا عن شقائنا وخسراننا إلا علمه، ( حتى علمنا الخراءة ) أي: علمنا كيف نخرأ.والبشرية اليوم تعيش بعيدة كل البعد عن هذه التعاليم الإلهية، ففقدوا هذا النور وعاشوا في الظلام.نعم ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك شيئاً تحتاج إليه أمته المؤمنة به إلا بينه، حتى كيف تجلس لقضاء حاجتك بينه والله العظيم، فكيف إذن بالسياسة في الداخل والخارج، وكيف بالاقتصاد.وكلمة واحدة ما أخذ بها عبد وافتقر قط، وقد تكلم صلى الله عليه وسلم بمئات الآلاف، وكلامه صلى الله عليه وسلم من يوم أن أوحي إليه كل كلامه حكم وعلوم ومعارف.وائتني بكلمة من كلامه لا تحمل هدى أو حكماً؛ ومن ذلك قوله: ( ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، ولا عال من اقتصد )، فالذي يقتصد في طعامه وشرابه وكسائه ومركوبه ومسكنه لا يفتقر أبداً، والفقر يصيب الذين لا يقتصدون، والشاهد عندنا في كلمة واحدة من ملايين الكلام: ( ما عال من اقتصد ).وقد جربت هذا، وهدانا الله إليه، والآن نيفنا على ثلاث وسبعين سنة وما سألت أحداً ديناراً ولا درهماً قط، ولا مددت يدي لأتناول ما لا يحل لي، وسر هذا الاقتصاد، فإن رزقت ريالاً أنفق بحسب الريال، وإن رزقت عشرة أنفق بحسب العشرة، والشاهد عندنا فقط في كلمة واحدة لم يستطع أحد أن يلفظها غير رسول الله: ( ما عال من اقتصد ).إذاً: هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اختاره الله .. اصطفاه .. اجتباه .. انتقاه من أصلاب الآباء والأمهات؛ من إسماعيل بن إبراهيم إلى جده عبد المطلب إلى والده عبد الله ، فما اختلط بشيء اسمه زنا، فنطفة حفظها الله عدة قرون؛ هذا الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم.هذا الذي قال واصفه: إنه لأشد حياء من البكر في خدرها، فالبكر غير الثيب تكون في خدرها مخدرة فيه محجوبة تستحي أن تقول كلمة أو يسمع صوتها رجل، وقد كان الرسول أشد حياء من البكر في خدرها، وما واجه أحداً من أصحابه وقال: لم قلت أو لم فعلت؟ وما لطم امرأته بيده.وهذا تلميذه أنس بن مالك الأنصاري لما نزل النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة جاءت به أمه وقالت: هذا ابني يخدمك يا رسول الله في البيت، وقد كان ابن سبع سنين أو ثمان، فخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنوات، يقول رضي الله عنه: ( خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين، والله ما قال لي يوماً في شيء فعلته: لم فعلت هذا؟ أو في شيء تركته: لم تركت هذا أبداً ).وأنتم ماذا تفعلون بنسائكم وأولادكم؟للأسف يوجد الضرب والشتم والطلاق!كيف هذا؟! ولا يحل لمؤمن أن يروع مؤمنة، ولا يحل لمؤمن أن ينظر نظرة شزراً إلى مؤمن؟!أين نحن؟الحمد لله نتبجح، لعلكم تقتدون: لقد أقمت مع أم أولادي تغمدها الله برحمته ستين سنة تقريباً، والله ما لطمتها بيدي، ولا قلت لها يوماً: أنت طالق أو إن فعلت كذا فأنت طالق، ولا قلت لها كلمة تغضبها أبداً.وتبلغنا الأخبار عنكم معاشر المستمعين! السب والشتم والطلاق.. فلا إله إلا الله، أين يذهب بنا؟إلى مسارح الباطل والظلام، والعلة الجهل، فما ربينا في حجور الصالحين، فكيف إذاً نستقيم؟! كيف نهتدي؟! كيف نتهيأ لرضا الله تعالى وحبه؟!

الطريق القويم هو طريق تلقي الكتاب والحكمة
الطريق كما ذكرنا في قوله تعالى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ [آل عمران:101] أي: من أين يأتيكم الكفر وكيف يصل إلى قلوبكم والمناعة كاملة والحصانة تامة، وهما أنكم تتلقون الكتاب والحكمة كل يوم وليلة، وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101]؟فمن هنا لا حل لمشكلتنا ولا مخرج لنا من ظلمتنا، ولا طمع في أن نسود ونقود كما ساد أسلافنا وقادوا البشرية إلا إذا عدنا لتلقي الكتاب والحكمة فقط، فلا مذهبية ولا طائفية ولا وطنية ولا حزبية ولا جمعية، مسلمون فقط.وهل كان على عهد رسول الله مذهب حنفي .. مالكي .. أباضي .. زيدي .. إمامي .. شافعي ..؟لا والله لا يوجد إلا أمة الإسلام.وهل كان على عهد أصحاب رسول الله مذهب وطائفة؟والله لا يوجد.وهل كان على عهد أحفاد رسول الله وأبناء أصحابه طائفية؟الجواب: لا، مسلمون فقط.فعرف هذا العدو كما علمتم وأبعدنا عن الكتاب والحكمة، وأبعدنا عن القرآن والسنة بمكر من أشد أنواع المكر، حيث حول القرآن إلى الموتى والمقابر، وهجروا السنة.وأعطيكم مثالاً في الديار الجزائرية فأيام كنا بها كان بعض الجزائريين يجلسون في محراب الجامع الكبير، ويقرءون صحيح البخاري للبركة لا ليتعلموا حكماً شرعياً أبداً، فقط يقرءون صحيح البخاري للبركة، وجئنا المدينة مهاجرين، فوجدناهم في تلك الروضة كل رمضان كان أعيان البلاد ورجالات المدينة يجتمعون حلقة عظيمة ليقرءوا صحيح البخاري للبركة إلى هذا العام، وليس فيهم من يرد يقول: لا.فهل السنة والحكمة النبوية تقرأ للبركة؟ أيعقل هذا الكلام؟ إيه لقد عقلوه، يقرءون حدثنا .. حدثنا .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يسأل عن حكم لا في الآداب والأخلاق ولا السياسة المالية، ولا الاقتصاد والحرب ولا السلم.. أبداً.إذاً: ذبحنا رسول الله وأقبرنا القرآن.وهذا مكر الثالوث الأسود: المجوس واليهود والنصارى، ومازال هذا العدو متعاوناً مع بعضه بعضاً، لا يريدون أن تلوح أنوار الإسلام كما لاح الصليب، وعرفوا كيف يتحكمون بنا تحكماً كاملاً.فإن قلنا: هيا نعصهم.قالوا: لا نستطيع يا شيخ.قلنا: لم؟ هل وضعوا الرشاشات على أبوابنا؟ لا لا، كيف لا نستطيع؟ أنعجز أن نبرهن وندلل على أننا مسلمون، ثم في حينا نحن آل المدينة من مدننا الإسلامية يتصل بعضنا ببعض، نقول: هيا نعود.اسمعوا يا أبنائي ويا إخوتي! من غدٍ لا يتخلف رجل ولا امرأة، والكل إذا دقت الساعة السادسة مساء يتطهر ويتوضأ ويحمل امرأته وأولاده إلى بيت ربه .. إلى المسجد الجامع، فإذا أتيت متأخراً تمر بالحي لا تجد دكاناً مفتوحاً، لا حلاقاً ولا تاجراً، ولا مطعماً ولا مقهى أبداً، فإذا سألت: أين أهل المدينة؟ يقولون لك: في بيت الرب، سبحان الله! في بيت الرب؟ إي والله، وهذه الكلمة ترعب الشياطين، وتصيبهم بالخذلان: أهل القرية كلهم في بيت الرب!ويصلون المغرب كما صلينا، ويجلسون جلوسنا هذا، إلا أن النساء وراء الستار محتجبات، والأولاد الصغار صفوف بيننا وبين أمهاتهم كالملائكة لا يلتفتون، ونتلقى الكتاب والحكمة، والكتابُ موجود محفوظ بحفظ الله: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]، ألف وأربعمائة سنة وخمسة عشر عاماً، ولم يستطع العدو مهما تلون أن يحذف حرفاً واحداً فضلاً عن كلمة أو جملة من كلام الله، والله لولا الله ما بقي إلى اليوم.أين التوراة؟ (75%) كذب.أين الإنجيل؟ الإنجيل الواحد حولوه إلى خمسة أناجيل، فبعد أن فضحوا اجتمعوا في روما وجعلوا الأناجيل خمسة وثلاثين إنجيلاً، ثم لما تفطن لهم الأذكياء وعابوهم وعيروهم اجتمعوا اجتماعاً آخر وجمعوها في خمسة أناجيل، بمعنى: أن كلمة الله خمسة من أربعة، والأربعة كذب وتضليل، فلهذا ضل النصارى ضلالاً بعيداً.والمسلمون على ما أصابهم وحل بهم كتاب الله بين أيديهم ما نقص منه حرف واحد ولا تغير له معنى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قيض لها أيضاً رجالاً؛ فحموها وحفظوها وصانوها، وما يمر بهم حديث إلا وعرفوه هل هذا من النبوة المحمدية أو من كذب الكاذبين.إذاً: أهل القرية في مسجدهم الجامع أو أهل الحي في حي مدينتهم، إذا اجتمعوا على الكتاب ليلة والسنة أخرى، لا يكفرون أو يرتدون أو يفسقون أو يفجرون؛ لأن الله خالق القلوب ومصرفها قال: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101]، فمن أين يأتي الكفر، ونقول: من أين يأتي الفجور والفسق والظلم والشر والخبث والفساد؟! ويصبح أهل القرية كأسرة واحدة، لا فرق بين أبيض وأسود ولا أحمر وأصفر، ولا عربي ولا عجمي، ولا صغير ولا كبير ولا غني ولا فقير، يتلقون الكتاب والحكمة.سلوني: كيف تصبح تلك القرية؟قلنا مرات: لو ظهرت في الآفاق لحججناها وزرناها كما تزار مكة؛ لنشاهد آثار الكتاب والحكمة كيف حولت الإنسان إلى شبه ملك، ونعم إي والله، لا يقوى على أن يقول كذبة، بل يجوع ثلاثة أيام ولا يمد يده لمال غيره.فالكتاب والحكمة هو الطريق، وأهل القرية عندما اجتمعوا سنة وهم يدرسون قال الله وقال رسوله، هل بقي فيهم من يقول: أنا مذهبي كذا؟ هل بقي فيهم من يقول: أنا حزبي كذا؟ هل بقي فيهم من يقول: أنا من جماعة كذا؟ هل بقي فيهم من يقول: أنا من وطن كذا؟ والله لم يبق لهذا وجود، وعدنا كما بدأنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو الطريق.والبلاد التي فيها فتن دائرة اليوم بسبب الجهل وسوء التصرف والتدبير، فنقول لهم: اصبروا عاماً .. عامين حتى تنطفئ نار فتنتكم، وعودوا إلى بيوت الله عز وجل بنسائكم وأطفالكم ورجالكم، أغنيائكم وفقرائكم، علمائكم وجهالكم، أمة واحدة لا مذهبية ولا طائفية ولا حزبية.والبلاد التي هي الآن آمنة ولا تمنع من دخول المسجد ولا الاجتماع فيه، ولا تعلم الكتاب والحكمة في بيوت الله لم ما تأخذ هذا الطريق وما المانع؟الجواب: لا مانع إلا الأهواء والشهوات والأغراض، وقدر الله نافذ.وهذا الحديث يا معاشر المؤمنين والمؤمنات هو معنى قوله تعالى: وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:101]، فنقول: كيف تفسقون أو تفجرون أو تظلمون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله؟ والرسول وإن مات فسنته .. تعاليمه .. هدايته .. هداه موجود مع القرآن، وما من آية إلا ويفسرها لك حديث من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #323  
قديم 18-11-2020, 02:10 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

سر مناداة الله لأهل الإيمان
هكذا نادنا مولانا جل جلاله وعظم سلطانه بعنوان الإيمان: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:102]، وهنا سر يخفى على الكثيرين: لماذا ما قال: (يا أيها الناس)، ولم ما قال: أيها المسلمون، إنما قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا [آل عمران:102]، أي: يا من آمنت بالله رباً وإلهاً وبالقرآن هداية ونوراً وبمحمدٍ نبياً ورسولاً، وبالإسلام ديناً؟السر هو أن المؤمنين أحياء، والكافرين أموات.اسمعوا معاشر الحجاج والزوار، وإن شئتم حلفت لكم بالله: المؤمن بحق يسمع إذا ناديته .. يعقل إذا خاطبته .. يعطي إذا طلبته .. يمنع إذا نهيته؛ لكمال حياته، والكافر ميت.تريدون دليلاً أو لا؟أيام كنا سائدين وحاكمين، وتحتنا أهل الكتاب من يهود ونصارى أو من يسمون بالذميين، هل كنا نأمر الذمي بأن يصلي؟ والله ما نأمره، هل كنا نأمر الذمي بأن لا يشرب خمراً؟ لا لا. هل كنا نأمر الذمي بأن يصوم؟ هل كنا نقول له: اخرج وجاهد معنا؟ والله ما كان، لماذا؟ لأنهم أموات وليسوا بأحياء، وإن قلت: يأكلون ويشربون وينكحون فالحمير والخيول والبغال والدجاج كذلك، فالحياة التي صاحبها إذا ناديته سمع النداء .. إذا علمته علم .. إذا قلت: افعل، فعل، وإذا قلت: اترك ترك، هذا هو الحي، فهذه حقيقة تأملوها وعودوا بها إلى دياركم، فالإيمان هو الحياة، وإن ضعف ضعفت الطاقات البشرية، وبقدر ما يضعف إيمانك يا عبد الله تضعف طاعتك لله ورسوله، وبقدر ما يزيد إيمانك ويرتفع منسوبه بقدر ما تقوى وتقدر على الطاعة، وإن كانت الطاعة تدعوك إلى الخروج من مالك كله، أو تقديم نفسك فداءً لله، ولهذا يجب أن نحقق إيماناً وأن نرعاه رعاية كاملة حتى لا ينقص ولا يضعف أبداً، ويزيد الإيمان ويقوى على الطاعة.سبحان الله، طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ينتجها الإيمان، وتلك الطاعة تزيد في طاقة الإيمان والله العظيم، وقم في ليلتك وتوضأ وصل ركعتين وابك يرتفع منسوب إيمانك إلى ما فوق المائة وتسعين، يزيد على طول، ولولا إيمانك ما قمت في آخر الليل ولا صليت، فالإيمان يأخذ ويعطي، لا إله إلا الله!وهذا هو السر في نداء الله لنا بعنوان الإيمان؛ نادانا تسعة وثمانين نداء: (يا أيها الذين آمنوا).ولِمَ ينادينا؟ينادينا ليأمرنا بفعل أو اعتقاد أو قول، وما من شأنه يزيد في طاقة إيماننا، ويؤهلنا لكرامة الدنيا وسعادة الآخرة، أو ينادينا لينهانا عما من شأنه أن يثبطنا أو يقعد بنا عن الكمال، أو يحرمنا السعادة في الدنيا والآخرة، أو ينادينا ليبشرنا فتنطلق أعضاؤنا تعمل بسرعة وتتزود من صالح الأعمال، أو ليحذرنا من عواقب سوء حتى نتجنب تلك العواقب ونبتعد عنها؛ لأننا أولياؤه، والله لا يرضى أن يؤذى وليه أو يخسر أو يتحطم أو يشقى، وحاشى لله، أو ينادينا ليعلمنا علوماً ومعارف من شأنها تزيد في طاقات إيماننا، وتزيد في أعمالنا وتزيد في سعادتنا.إذاً الله عز وجل ينادينا ليأمرنا وينهانا ويبشرنا وينذرنا ويعلمنا؛ لأننا أولياؤه، واسمعوا أبو هريرة في صحيح البخاري يروي لنا عن أبي القاسم فداه أبي وأمي صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل، يقول: ( قال الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، أي: أعلنت الحرب عليه، فيا ويلك يا عبد الله، ويا ويلكِ يا أمة الله أن تؤذي ولياً من أولياء الله، فمن آذى ولياً في عرضه .. في دمه .. في ماله، فقد تعرض لأن يعلن الله الحرب عليه، ومن يعلن الله الحرب عليه مستحيل أن يحارب الله وينتصر.

دور الثالوث الأسود في تغيير مفهوم الولاية لله
عرفتم الثالوث الأسود: اليهود والنصارى والمجوس، فلما عرفوا ما عرف المؤمنون: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) فأصبح أهل القرية أو أهل المدينة أو المسافرون في سفرهم لا يؤذي أحدهم أخاه، ولو بكلمة نابية، فلم يبق ظلم ولا زنا ولا فجور ولا خيانة، ولا ولا، لأنهم أولياء الله، فكيف إذاً: يؤذي ولي الله ولي الله؟ مستحيل، فقالوا: نستطيع أن نقلب حالهم فيصبح بعضهم يأكل بعضاً ويذبح بعضهم بعضاً، ويزني رجالهم بنسائهم، كيف؟قالوا: نحصر الولاية في الموتى! فلا ولي بيننا، لكن الولي من مات وبنينا على قبره قبة خضراء أو بيضاء، ووضعنا على قبره تابوتاً من أغلى أنواع الخشب، ووضعنا على الخشب أزر من الحرير، فهذا ولي الله .. هذا الذي يحلف به .. هذا الذي ينذر له النذور .. هذا الذي ترتعد فرائصنا إذا تعرضنا لأذاه، أما الأحياء فاسرقهم واكذب عليهم، وسبهم، واشتمهم، وازن بنسائهم، ولا شيء عليك.وأقول: هذه الكلمات تقال في هذا المسجد من أربعين سنة، ولو تدخل إلى القاهرة ذات الملايين من العلماء والمؤمنين، وتدخل وتقول لأول من تلقاه في الطريق من المطار أو من القطار: يا سيد! أنا جئت من بلاد أريد أن أزور ولياً، فوالله ما يأخذ بيدك إلا إلى قبر، ولا يفهم أن هناك الملايين في القاهرة من الأولياء الأحياء.وما نقوله في القاهرة نقوله في إسطنبول .. في كراتشي .. في مراكش .. في تونس .. في الجزائر .. في العراق .. في اليمن .. في المملكة قبل عبد العزيز فقط. وقبل عبد العزيز وأولاده، والله ما يفهم أن ولياً في السوق بين الناس، إلا من مات وضربت عليه القبة وعُبد من دون الله.من خط هذه الخطة؟ من وضع هذا المنهج؟إنه الثالوث، فقد شاهدونا إخوة لا يسرق مؤمن مؤمناً، ولا يكذب مؤمن على مؤمن، ولا يفجر مؤمن بنساء مؤمن، سبحان الله!فقالوا: كيف نفعل معهم؟قالوا: نحول الولاية منهم إلى موتاهم، وبعيني وأذني وأنا طفل حدث مثل هذا في القرية، كان هناك مشايخ يتحدثون قالوا: فلان كان إذا زنا لا يمر بضريح سيدي فلان! وإذا زنا في قرية لا يستطيع أن يمر على شارع أو زقاق فيه قبر سيدي فلان، فانظر، يحارب الله والمؤمنين ويفجر بنساء المؤمنين ولا يخاف الله ولا يبكي ولا ترتعد فرائصه، ويخاف من الولي الميت، فما يمر بالشارع الذي فيه قبره!!والقضاة عندنا كان إذا رفعت إلى القاضي قضية يقول: ( والبينة على المدعي واليمين على من أنكر )، هذه الكلمة وضعها أبو القاسم، وقضاة العالم كلهم لا يستطيعون أن يخطئوا هذه: ( البينة على المدعي واليمين على من أنكر )، فبكلمة واحدة قام القضاء عليها؛ لتعرفوا من هو رسول الله، فيجيء الرجل إلى القاضي يقول: فلان سرقني، يقول: هات البينة، يقول: ما عندي، لكن أنا أعرف أنه سرق شاتي وذبحها، ما هناك بينة احلف، أنت تعترف أو لا؟ قال: أنا ما سرقت، احلف، قال: أنا أحلف، قال: احلف بالله، والله .. والله .. سبعين مرة ما سرقت، يقول الخصم: يا سيادة القاضي! هذا يحلف بالله مرة، لكن قل له يحلف بسيدي عبد الرحمن، أو بمولاي فلان، فلما يقال له: اسكت لا تحلف بالله فأنت متعود على الكذب، لكن احلف بسيدي فلان! فيخاف ولا يستطيع! قلنا للقضاة: لم؟ قالوا: ماذا نصنع؟ نحن نحافظ على أموال الناس وحقوقهم.قلنا لهم: لم تقبلون اليمين بغير الله، قالوا: اليمين بالله يحلفونها لأنهم جهال؛ لكن إذا قلت له: احلف بسيدي عبد القادر يقول: لا، ما يستطيع.فانظر إلى أين وصلنا، فأصبحنا نعبد الأولياء عبادة كعبادة الله.كذلك أمي رحمة الله عليها، وأنا كهذا الغلام قبل أن أعرف التوحيد، كان عندها خصومة أخوها مع امرأته؛ فمرت بقبة على جبل قالت: يا سيدي فلان! إذا كان انتصر أخي في الخصومة على زوجته أفعل لك كذا وكذا!وهذا الأمر من وجود النذور للأولياء عام من إندونيسيا إلى موريتانيا، فيأتي بالكبش ويقدمه لسيدي فلان، ومعنى هذا أننا عدنا إلى الجاهلية والشرك الأول، إي والله، وسبب هذا أنهم أبعدونا عن الكتاب والسنة، فغشانا الجهل وغطانا، ووضعوا لنا هذه المحنة فحولنا إلى عبدة الأوثان.ومن قال: هذا ليس بصحيح، نقول له: استعمر العالم الإسلامي وحكمته بريطانيا وإيطاليا وأسبانيا وفرنسا وبلجيكا، فكيف الموحدون المسلمون يحكمهم الكافرون، وماذا تصنع بقول الله: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا [النساء:141]، أيكذب الله؟ أبعد هذا تقول: أعطني دليلاً على هذا، فأصبحنا وثنيين، وحسبك أنه يحلف بالله سبعين مرة كاذباً ولا يحلف بسيدي عبد القادر صادقاً أو كاذباً.

مفهوم الولاية الحقيقية لله
نعود إلى أولياء الله، تعرفون عنهم شيئاً؟جاء من سورة يونس عليه السلام ما بين هود والتوبة، جاء قول الله عز وجل: أَلا [يونس:62] أداة استفتاح للحديث وتنبيه للمحدث، بمعنى: أنت واعٍ تسمع؟ فهذه تركناها مع القرآن، فلا نفهم له معنى، إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، لا خوف عليهم لا في الدنيا، ولا في القبر ولا يوم القيامة، ولا حزن ينتابهم لا في دنياهم ولا في أخراهم.ولا تظن أن هذا الكلام ليس بصحيح، فقد رأينا ولي الله يدفن أولاده وهو يبتسم ولا يعرف الحزن، ويفقد كل شيء من جيبه ولا يحزن.يقول: لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62] هؤلاء أولياء الله، من هم أولياء الله؟ سيدي عبد القادر .. إدريس .. العيدروس .. البدوي ، وقد علمنا هذا الخبراء الفنيون أهل الكتاب الثالوث الأسود: اليهود والنصارى والمجوس.ما السر؟أبعدونا عن الكتاب والحكمة، فقالوا: نجهلهم أيضاً في قضية الولاية حتى يصبح المسلمون يشيع بينهم الزنا .. اللواط .. السرقة .. الكذب .. الغش .. الخداع .. الربا، والباطل بطريقة واحدة، ما هي هذه الطريقة؟قالوا: نعلمهم أنهم ليسوا أولياء الله، فأعداء الله يأكل بعضهم بعضاً، أما أولياء الله من يستطيع أن يسب واحداً منهم أو يشتمه أو يتعرض له، كيف لا وهم يتقربون إليهم في مدينة من مدننا العربية: سيدي فلان! إذا جاء الزوار كما بلغني لا يأتون إلى الضريح يمشون؛ إنما يأتونه حبواً، وقد بينت لكم أن الواحد منهم أمام القاضي يحلف بالله سبعين مرة ولا يبالي ولا يحلف بالولي.إذاً: سلبونا ولاية الله وأضفوا علينا ثوب أعداء الله، إذاً: فليأكل بعضنا بعضاً من خلال السرقة .. الخيانة .. الغش .. الكذب، حتى الرجل يضرب امرأته، ويضرب ولده، والله يقول: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ).معشر المستمعين والمستمعات! هل يجوز الآن يا من علمت أن تنظر إلى مؤمن وتقول له: اسكت يا كلب .. امش يا خنزير كما كنت تقول؟ والله لا تستطيع.هل تستطيع أن تمر بامرأة مؤمن وتأخذ تنظر في امرأته من رجليها إلى رأسها؟ والله لا تستطيع أن تؤذي هذا المؤمن.ولو سقط من جيبه دينار أو مليار هل تستطيع أن تأخذه وتسكت؟ والله ما كان.والسر أنهم أبعدونا عن الله، فأصبحوا أولياء للشياطين، وتركنا ولاية الرحمن جل جلاله وعظم سلطانه.وإليكم بيان هذه الولاية، يا من يرغب في ولاية الله يرفع يده، الليلة تضفى عليك وتصبح من أولياء الله.قالوا: لا نستطيع يا شيخ، تريد أن تقول لنا: لا تكذبوا، لا تسرقوا.. لا.. لا، لا نستطيع.إذاً: ترضون بأنكم أعداء الله؟اسمع بيان الله للولاية والأولياء، لما أعلن ذلك الإعلان: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، كأن سائلاً يقول: من هم أولياؤك يا رب؟ فهذه الجملة مستأنفة استئنافاً بياناً واقعة في جواب سؤال، فلما أعلن هذا الإعلان العظيم: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [يونس:62]، تتطلع النفوس: من هم أولياؤك يا رب؟ فأجاب تعالى بقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:63]، فقط لا عربي ولا عجمي ولا شريف ولا وضيع، ولا في الأولين ولا في الآخرين، فقط آمن واتقى وواصل التقوى المتجددة.فهؤلاء آمنوا حق الإيمان، وكانوا طول حياتهم يتقون سخط الله وغضب الله، بحيث لا يتركون واجباً أوجبه، ولا يفعلون حراماً حرمه قط، فهؤلاء هم أولياء الله، ومن منكم يرغب أن يكون منهم؟ قولوا: كلنا، إننا والله لمنهم.فهؤلاء آمنوا الإيمان الحق، وعاشوا طوال حياتهم يتقون الله، فلا يقولون كلمة كفر، ولا ينظرون نظرة تسخطه، ولا يأخذون ريال لا يرضاه يعيشون على التقوى.وكيف تعرف نفسك أنك ولي الله؟قال تعالى: لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ [يونس:64]، وإياك أن تشك: لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ [يونس:64]، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم البشرى بقوله: ( الرؤيا الصالحة يراها أو ترى له )، فالبشرى في الحياة الدنيا رؤيا منامية صالحة يراها هو أو يراها عبد صالح ويبلغه ما رأى، أما عند سياق الموت فسوف يشاهد مواكب الملائكة تزف إليه البشرى ذاتها، واقرءوا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا [فصلت:30] آمنوا واستقاموا: تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ [فصلت:30] هذا تنزل الأفواج فوج بعد فوج، ماذا تقول لهم: أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ [فصلت:30]، أما في عرصات القيامة وساحة فصل القضاء: وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ [الأنبياء:103]، سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73].إذاً: يا أولياء الله! إياكم أن تنقضوا هذه الولاية؛ بأن تشتم امرأتك الليلة أو تسبها، أو تنظر إلى مؤمنة مارة في الشاعر وتحملق بعينيك فيها، أو تقضي الساعات بعد الآن مع التلفاز وأنت تشاهد عواهر يغنين ويرقصن أعوذ بالله! أو تسمع صوت كافر في بيتك وهو يتكلم وأنت تنظر إليه، فهذه تتنافى مع ولاية الله أبداً، ولن تكون ولي الله، وإذا لم تتق ما يغضب الله فكيف تحقق الولاية، أليست إيمان وتقوى؟يا ابننا الحلاق كيف تحلق في وجوه الرجال أعوذ بالله، هذا ولي الله؟يحلق في وجوه المؤمنين من أجل خمسة ريالات وعشرة؟!اكتب على الصالون هذا محل تحسين الحلاقة وليس حلق الوجوه، لتكون ولي الله.يا من يبيع في دكانه التبغ والسجائر وأنواع الدخان، لمن تبيع هذه؟ لأولياء الله؟ كيف يصح هذا؟من الآن بع الحلويات والبطاطس، وأما الدخان فلا تبع.. وهكذا تترقى يا عبد الله حتى تصبح حقاً ولي الله.اللهم اجعلنا من أوليائك.. اللهم اجعلنا من أوليائك.. اللهم اجعلنا من أوليائك.. واضفِ علينا آلائك ونعمائك، إنك ولينا وولي المؤمنين.وصل اللهم على محمد.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #324  
قديم 18-11-2020, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (34)
الحلقة (175)

تفسير سورة آل عمران (4)

توعد الله الكافرين يوم القيامة بأن يكونوا وقوداً للنار، ولن تغني عنهم أموالهم التي جمعوها، ولا أولادهم وإن كثر عددهم، وذلك لأنهم اتبعوا سنة من قبلهم من آل فرعون وغيرهم في تكذيبهم بالرسل وإنكارهم للرسالة، وقد أمر الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم بأن يبشر كل من أنكر رسالته وعانده ورفع راية العداء له أنهم سيغلبون في الدنيا ثم سيحشرون يوم القيامة إلى النار التي أعدت لهم.

مراجعة لما سبق تفسيره من آيات سورة آل عمران
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات!إننا على سالف عهدنا في مثل هذا اليوم ندرس كتاب الله عز وجل، رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال صلى الله عليه وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده ).وبشرى ثانية قال فيها صلى الله عليه وسلم: ( من أتى هذا المسجد لا يأتيه إلا لخير يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ).وثالثة: ( ما من مؤمن يصلي الفريضة -كما صليتم العصر- ويبقى في المسجد ينتظر الصلاة الآتية حتى يصليها إلا كانت الملائكة تصلي عليه، تقول: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، حتى يصلي أو ينصرف ).تعجبون من هذا؟ من نحن؟! وما نحن حتى تصلي علينا الملائكة الأنوار؟!لو أردنا أن نفرض على أحدهم أن يصلينا علينا مرة واحدة هل نملك ذلك؟ هل نقدر عليه؟ هل نستطيعه؟ الجواب: لا. ولكنه فضل الله علينا ورحمته! الملائكة تصلي علينا بقولها: اللهم اغفر لهم! اللهم ارحمهم! حتى نصلي المغرب أو العشاء وننصرف، ومع هذا نسبة الذين يحضرون بيوت الله ويطلبون فيها الذكر والعلم واحد إلى ألف، وتسعمائة وتسعة وتسعون في غفلتهم نائمون! أليس كذلك؟ بلى. ولا عجب إذ يقول الله عز وجل لآدم عليه السلام في عرصات القيامة: ( يا آدم خذ بعث النار، فيقول: يا رب وما بعث النار؟ فيقول: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين )، إلى جهنم وواحد إلى الجنة، فلا عجب إذاً ولا غرابة في كفر الكافرين وضلال الضالين وإجرام المجرمين.ولقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآيات النورانية وهي أربع آيات، تلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ * كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ * قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ * قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ [آل عمران:10-13]. هذه الآيات من سورة آل عمران عليهم السلام. ‏

معنى المحكم والمتشابه
أذكركم! بالأمس علمنا أن القرآن الكريم فيه المحكم، فما موقفكم أيها المؤمنون من ذلك؟ قولوا: نؤمن بمحكمه ومتشابهه، كل من عند الله.والمحكم ما معناه؟ المحكم ظاهر بيّن واضح نعمل به ونعيش عليه ونطبقه. والمتشابه: ما خفي معناه وستره الله عنا؛ لعجزنا وليبتلينا فنؤمن بالمحكم ونفوض أمر المتشابه إليه سبحانه.

تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من الذين يتبعون ما تشابه من آيات الكتاب
أيضاً: سبق أن عرفنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذين يبتغون المتشابه: ( احذروهم ) ، فلهذا واجبنا تجاه أهل الزيغ الذين يتبعون ما تشابه: هجرانهم والإعراض عنهم؛ لأنهم مبتدعة من أهل الأهواء، فلا نجادلهم ولا نتكلم معهم؛ لأنهم مرضى بأهوائهم وقلوبهم يريدون إفساد ديننا علينا، فواجبنا الإعراض عنهم وعدم الالتفات إليهم، وهجرانهم الكامل، إذ قال الرسول: ( احذروهم ) هكذا!

استحباب الدعاء وطلب النجاة عند ظهور الزيغ ورؤية الفتن
عرفنا أيضاً: استحباب الدعاء بطلب النجاة عند ظهور الزيغ ورؤية الفتن والضلال، كما فعل أبو بكر رضي الله أيام حروب الردة، فقد كان إذا صلى المغرب وصار إلى الركعة الثانية قرأ فيها بقول الله تعالى: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8].أيضاً: تذكرون ما قالت الصدّيقة عائشة وقد رأت وسمعت الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول: ( لا إله إلا أنت سبحانك أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك، اللهم زدني علماًً ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني، وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ) ، هذا عزمنا على حفظه وعلى أن نقوله كلما استيقظنا.

صفات الراسخين في العلم
قال تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7]. ذكرنا الراسخين في العلم، فمن هم هؤلاء هل يعني ابن عباس وحده أم من؟ الجواب: الراسخ في العلم من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه، ذلكم الراسخ في العلم. من هم الراسخون في العلم؟ بشرنا رسول الله وقال: ( من برت يمينه )، ما معنى برت يمينه؟ أي: لا يحلف إلا على حق، ( وصدق لسانه ) فلا ينطق بكلمة كذب قط، فما يقوله دائماً الصدق والحق، ( واستقام قلبه ) فلم يزغ يميناً ولا شمالاً، هؤلاء هم الراسخون في العلم.
طلب الهداية والرحمة من الله

قال الله: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، علمنا الله هذا الدعاء لما لا ندعوه به؟ رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8] .

جمع الله الناس ليوم لا ريب فيه
قال الله: رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ [آل عمران:9] يجمعنا ليوم لا شك فيه، وهو يوم القيامة، اليوم الآخر، يوم البعث والنشور، يوم الحساب والجزاء بعد نهاية هذه الدورة التي طالت بنا. إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ [آل عمران:9]، الوعد والميعاد لا يخلفهم الله عز وجل، فلا بد وأن يجمعنا مع الأولين والآخرين في صعيد واحد، ونتلقى الجزاء حسب عدل الله عز وجل ورحمته.

تفسير قوله تعالى: (إن الذين كفروا لن تغني عنهم أموالهم...)
أما آياتنا الأربع في هذه الأمسية المباركة، فنبدؤها بقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [آل عمران:10]. هذا خبر أم لا؟الجواب: الصيغة صيغة خبر، يقول الله: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ [آل عمران:10] .النار في الدنيا توقد بالفحم وبالحطب وبالغاز، ويوم القيامة مادة اتقادها: لحوم البشر وعظامهم، والله العظيم تتقد النار يوم القيامة بلحوم الكافرين والمشركين، قال تعالى: وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [البقرة:24]، أي: من الحجارة والأصنام التي كانوا يعبدونها.هذا الخبر يشمل: أولاً: وفد نجران الذي جاء يتبجح ويجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم ويريد أن يقنع رسول الله بأن عيسى عليه السلام ابن الله! أعوذ بالله! الأعمى لا يقول هذا، والجن تعجبت كيف يكون له ولد ولم تكن له زوجة؟! مجانين هؤلاء؟ أيوجد ولد بدون زوجة؟ مستحيل، كيف يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟! ثم هذا الولد أيها النصارى كبرتموه وعظمتموه وعبدتموه وجعلتموه إلهاً يعبد مع الله، وعلقتم الصلبان في أعناقكم وحتى على سيارتكم، فأنتم تعتقدون أن اليهود قتلوه وصلبوه! وقبل أن يسحرهم اليهود كان الصليبي لا يفتح عينيه في يهودي من بغضه له، فهو لا يريد أن ينظر إليه؛ لأنه قاتل إلهه، فكيف ينظر إلى من قتل ربه؟! فهل الإله الذي يعطي ويمنع ويبسط ويقبض ويحيي ويميت يقتل ويصلّب؟! كيف يعقل هذا الكلام؟!ملايين النصارى من أمريكا إلى اليابان يعتقدون هذا الباطل وهذه الخرافة والضلالة ويموتون عليها!قبل أن يوجد عيسى من كان يدير الكون؟ وأمه العذراء من أوجدها؟ من نفخ فيها من روحه حتى كان عيسى؟! لا توجد خرافة أعظم من خرافة النصارى في تأليه عيسى، والآن لما ارتقوا بعض الشيء في الماديات قالوا: نحن ما عبدنا عيسى لذاته؛ بل عبدناه من أجل الله؛ لأن الله يحبه، وهذا كذب.إذاً: نقول لهم: اسألوا عن الله وتعالوا نعرفكم به! ما دمتم تؤمنون بأن عيسى ابن الله فتعالوا نتعرف إلى الله! هل الذي كان ولم يكن شيء قبله يكون له ولد يا خرافيين؟!هل الذي يقول للشيء كن فيكون يحتاج إلى ولد؟تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً!ثانياً: يدخل في حبر الوعيد: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ [آل عمران:10] المشركون عامة، ويدخل رأساً اليهود المتبجحون في المدينة، فهذه الآية اشتملت على وعيد الله للنصارى واليهود والكافرين. ‏

سبب ذكر الله للأموال والأولاد في هذه الآية
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [آل عمران:10].لماذا ذكر الله الأموال والأولاد؟ لأنهم ما أصروا على الكفر وثبتوا عليه ونفوا التوحيد وهربوا منه إلا من أجل أموالهم وأولادهم، والحفاظ على المركز والوظيفة! إذاً: ذكر تعالى المال والولد هنا؛ لأن سبب بقاءهم على الكفر والإصرار عليه بعدما لاحت شموس الهداية ونزل القرآن وبعث الله الرسول هو الحفاظ على أموالهم وأولادهم ومراكزهم. والآن اليهود كالنصارى لم يدخلوا في الإسلام بعد علمهم به -بالنسبة إلى كثير منهم- إلا للحفاظ على حياتهم المادية، وصدق الله العظيم إذ قال: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا [آل عمران:10]، أي: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ [البقرة:161] لا بد من هذا القيد، فهو لازم وضروري. ما معنى كفروا؟ أي: سبوا الله، سبوا رسوله، وصفوا الله بما لم يصف به نفسه، نسبوا إليه العجز والنسيان والغلط والخطأ كاليهود، جعلوا له آلهة تشفع لهم عنده خرافة وضلالة! كفروا: جحدوا رسوله وخاتم أنبيائه محمداً صلى الله عليه وسلم! جحدوا القرآن وأنكروه وقالوا: ليس بكلام الله، وهكذا.. لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا [آل عمران:10]، لن تغني عنهم أدنى غنى أبداً.

الذين كفروا هم وقود النار يوم القيامة
قال الله: وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ [آل عمران:10] أولئك البعداء -واللام في أولئك للبعد في هذا المقام- أولئك البعداء عن ساحة الخير والصلاح والطهر والصفاء هم لا غيرهم، هم وحدهم وَقُودُ النَّارِ [آل عمران:10]، وحطبها الذي تلتهب به. الخبر هذا عظيم! ولهذا والله لو تأتي بمؤمن صادق الإيمان فتصلبه وتقطعه على أن يكفر بالله ما كفر بالله! إليكم موقف غريب وما هو بغريب إلا أننا تركنا سيرة رسولنا صلى الله عليه وسلم! أتعرفون خبيباً ؟ من هو خبيب هذا؟ هذا ولي الله في مكة، عذبه أهل الشرك بمكة؛ لأنه قال: (لا إله إلا الله، محمد رسول الله)، سجنوه في بيت، فكانت امرأة الرجل تأتيه بالطعام -ليس كطعامنا ولكن كسرة من خبز- فتجد عنده العنب يأكله، فتسأله: من أين لك هذا يا خبيب ؟ فيقول: من الله. كان هذا في بني إسرائيل ، وكان أيضاً في المسلمين. وأما في بني إسرائيل فـمريم البتول العذراء نذرتها أمها لله، لا لإبراهيم ولا إسحاق ولا يعقوب نذرت لله ما في بطنها -ونساءنا ينذرن لسيدي عبد القادر - فقالت: رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا أي: خالصاً، فلما ولدته وجدته بنتاً فقالت: إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ . فخرج بها من خرج بين علماء بني إسرائيل وصلحائهم يقول: من يكفل هذه النذيرة؟ فالكل رغب أن يكون هو الكافل والكفيل فاضطروا إلى القرعة واقترعوا وفاز بها زكريا؛ لأن امرأته أخت حنا ، وكان زكريا وضعها في غرفة مرافقة للمسجد كالمقصورة؛ لتعبد الله، إذ ما خلقت إلا لذلك، وما أرادت أمها إلا أن تعبد الله، فكان إذا دخل عليها يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في الصيف فيعجب ويقول: أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ [آل عمران:37]. استفاد زكريا من هذا أم لا؟ الجوب: ما إن رأى هذا المنظر وهذه المرأة العجب حتى قال: لم لا أدعو الله أن يرزقني ولداً، رغم كوني كبير السن وامرأتي عاقراً، فالله يفعل ما يشاء، قال تعالى: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ [آل عمران:38]. لما شاهد العبرة وهو من أهل العبرة اجتاز عليها بعبارة إلى أن يسأل الله الولد وهو في شوق وحاجة إليه، وكان يمنعه من الدعاء كونه كبير السن ولم تجر العادة بابن الثمانين والتسعين والمرأة العاقر العقيم، لكن لما رأى آيات الله وعجائبه في الخلق قال: هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا [آل عمران:38].واستجاب الله لدعائه: فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ [آل عمران:39].

تفسير قوله تعالى: (كدأب آل فرعون والذين من قبلهم...)
قال تعالى: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ [آل عمران:11]. يعني: حال المشركين واليهود ونصارى نجران حالهم كحال فرعون وقومه ومن قبلهم عاد وثمود ذاقوا العذاب.فرعون تبجح تبجحاً ما تبجحته أحد، قال: أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى [النازعات:24]، وقال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي [القصص:38]، وقال لرجاله: اصنعوا لنا آلات نطلع إلى السماء نبحث عن إله موسى هذا وإني لأظنه من الكاذبين! وقال: مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى [القصص:38]. قال العلماء: والله ما قال هذا إلا ليخادع البلهاء والبسطاء وإلا فهو موقن أنه ليس بإله ولا بالله ولا يستطيع أن يصل إلى السماء، لكنه استغفل قومه! وظهرت آيات الله في أخذه وعقابه فألقاه في أعماق البحر هو ورجاله!أين عاد ذات العماد الشداد، الذين قالوا: من أشد منا قوة، سلط الله عليهم ريحاً لسبع ليالي وثمانية أيام فقط فما أبقت منهم أحداً، أصبحوا كالنخيل المحطمة الهابطة في الأرض.وأين ثمود؟ وأين.. وأين؟ أهلكهم الله!إذاً: حال هؤلاء النصارى واليهود والمشركين كحال الأولين: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ . ‏

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #325  
قديم 18-11-2020, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

تكذيب الكافرين بآيات الله
قال: كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا هذه العلة كذبوا ، جحدوا وأنكروا وكفروا بآياتنا. ما هي آيات الله؟ هي العلامات التي أعطاها لرسله؛ ليبينوا بها للناس من هو خالقهم، من الرحيم بهم، من مولاهم وسيدهم سواء كانت التوراة أو الإنجيل، أو كانت المعجزات على أيدي الرسل. أما كذب فرعون وقومه بالآيات؟ بلى تسع آيات عجب، أولها العصا وآخرها انفلاق البحر وما آمنوا، العصا تتحول إلى جان تهتز! وأعظم من هذا: أنهم أقاموا مهرجاناً حضره أهل البلاد من شرقها إلى غربها وهي مباراة وجاء السحرة بحبالهم ونفخوا فيها بالسحر فأصبحت كلها حيات وثعابين، فخاف موسى: فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:67-69]، فألقها وقال بسم الله ففتحت فاها فدخل ذلك الباطل كله في جوف تلك الحية، إذا بتلك الثعابين المرهوبة كلها تدخل في جوف عصا موسى، وما إن رأى السحرة تلك الحال حتى خروا ساجدين على الأرض، آمنا برب موسى وهارون، ما وسعهم إلا أن يقعوا على الأرض يرتعدون! وهددهم فرعون وأراد وقتلهم وصلّبهم فلم يردهم ذلك عن دينهم! كنا نقول: خبيب العبرة لما صدر حكم أبي سفيان عليه السلام رضي الله عنه في إعدام خبيب أيام كان رئيس الدولة الكافرة، أخرجوه من الحرم؛ لأنه لا يجوز القتل في الحرم -كفار ويؤمنون بهذه النعم- خرجوا به إلى الحل إلى التنعيم، وجاءت الأمة وراءه تتفرج، وخبيب على أعواد المشنقة، فبعثوا خبيراً سياسياً يساومه، فقال له: هل ترضى أن محمداً في مكانك هذا وأنت تطلق الآن وتعود إلى أهلك؟ مساومة، لو قال: نعم أرضى لأطلقوه. ولكنه قال لهم: اسمعوا، والله لا أرضى أن يشاك بشوكة وهو في مكانه الذي هو فيه وأن أعود أنا إلى أهلي، فصلبوه! لكن قبل أن يصدر حكم التنفيذ، قال: اسمحوا لي أن أصلي ركعتين، فسمحوا له بذلك! والآن في سجونكم أيها العرب لو يطلب هذا والله ما يعطوه، لم؟ لأن أولئك كانوا من قديم وبقايا الفطرة السليمة موجودة فيهم، الصدق والوفاء والرحمة والولاء موجود فيهم، تناقلوه، ونحن شاخت الدنيا بنا نحن في آخر عمرنا! فلا تعجب.قال :اتركوني أصلي ركعتين، فتركوه يصلي فقام فتوضأ وصلى وخفف وما أبطأ؛ خاف أن يقولوا: انظروا الخوف من الموت كيف يفعل به! طول الصلاة خوفاً من ساعة الموت! قال: لولا أني خشيت أن تقولوا خاف من الموت فأخذ يطيل الصلاة لأطلتها كما كنت أطيلها وأصلي، لكن دفعاً لهذا الخاطر الباطل استعجلت. فرضي الله عن خبيب وأرضاه! ما سر هذا الصبر والشجاعة؟ يا معشر العقلاء إنه اليقين، ارتفع إيمانه إلى مستوى اليقين.وعندنا مظاهر أخرى: أصحاب الأخدود في نجران، تسرب إليهم الإيمان فآمنوا، وكان الحاكم يهودياً، فحكم عليهم بإحراقهم في النار، واقرءوا: وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ * قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ [البروج:1-7]، فكان يؤتى بالرجل فيقال له: تعود إلى دينك وإلا تلقى في النار؟ فيقول: لا إله إلا الله، فيدفعونه إلى النار، ويؤتى بالمرأة فتسأل: تعودين إلى دين آبائك وأجدادك؟ فتقول: لا، آمنت بالله، فيدفعونها إلى النار! وجاء دور امرأة وفي يديها رضيعها ضمته إلى صدرها وفاه معلق بثديها، فلما وقفت ورأت النار ملتهبة خافت، كيف يحترق هذا الطفل؟ فتأخرت وأحجمت فأنطق الله الطفل الرضيع، وقال: أماه أدخلي من النار إلى الجنة دار السلام.

حلقات الذكر وتدارس كتاب الله هي طريق التغيير
آه متى نؤمن؟ متى نحصل على هذا الإيمان؟ ما الطريق يا أبناء الإسلام؟تعرفون الطريق أم لا؟ الطريق ما قررناه من سنتين أو ثلاث سنين! الطريق هو -اسمعوا! بلغوا! علموا- أن أهل القرية من قرى المسلمين سواء كانت في بلاد العجم أو العرب، القرية ذات العدد المحدود كذا مائة أو ألف نسمة يتعاهدون على أن لا يؤذن المغرب وفي القرية رجل أو امرأة خارج المسجد بأطفالهم ونسائهم! يشتغلون في الفلاحة.. في التجارة إلى الساعة السادسة مساءً، فإذا دقت الساعة السادسة أوقف العمل، وتوضأ، حمل زوجه وأطفاله ونسائه إلى بيت ربه العظيم الجليل، إلى بيت الرب، فيصلون المغرب وكأنهم نسمة واحدة، ولما يفرغون من صلاة المغرب وأداء السنة النافلة ركعتين يجتمعون حول مربٍ عليم يعلمهم الكتاب والحكمة من صلاة المغرب إلى العشاء وهم ساكنون سكوننا هذا يتعلمون الكتاب والحكمة، ويوماً بعد يوم والعام كله وأهل القرية بنسائهم ورجالهم لا يتأخر منهم أحد إلا مريض أو ممرض! أسألكم بالله كيف سيصبح إيمانهم؟ كل يوم يسقونه بماء النور الإلهي فينمو ويزيد فيبلغ درجة اليقين!وفي نفس الوقت لا يبقي كذب ولا خيانة ولا غش ولا خداع ولا سرقة ولا حسد ولا كبر ولا باطل ولا ترف ولا سرف ولا شره ولا طمع أبداً، تنمحي بهذا النور الإلهي وتصبح قرية كأنها كوكب في السماء تنير هذه الأرض! والقرية الأخرى والمدينة، أحياؤها الخمسة أو العشرة أهل كل حي يتعهدون ألا يتخلف رجلاً ولا امرأة من السادسة حتى يصلوا العشاء، ويحضرون كلهم وتغلق أبواب الدكاكين والمقاهي والمعامل، وترمى المساحي وآلات الحرافة، ويجتمعون كلهم في بيت ربهم، فيتعلمون ليلة آية وليلة حديثاً، يتعلمون الكتاب والحكمة، وتزكو أنفسهم وتطيب وتطهر فتتجلى حقائق الإيمان، وتظهر آيات اليقين فينتهي الباطل ويختفي الشر والخبث والظلم والفساد، ويصبحون أولياء الله لو رفعوا أكفهم إلى الله على أن يزيل الجبال والله لأزلاها، ولن يستطيع من على الأرض أن يكيدهم أو يمكر بهم وينجو؛ لأنهم في حماية الله؛ ولأنهم أولياء الله.هل هناك طريق غير هذا؟ والله لا وجود له أبداً، جربوا ما جربتم! الاشتراكية! الديمقراطية! الرأسمالية! العربية! الوطنية! جربوا الخرافات كلها.. المنظمات.. الأحزاب.. الجمعيات.. الطعن.. السب.. الشتم، وبعد دلونا على خير نراه! وسؤالي الآن: هل هذا أمر صعب مستحيل؟ هل هذا أمر تمنعه الحكومات الموجودة الآن في العالم الإسلامي؟ والله ما تمنعه، أقسم بالله، والله سيأتون ويجلسون معكم، ما إن تتجلى تلك الأنوار والحقائق وإذا بهم معنا، فينتهي الظلم، حتى الشرطة تنتهي، ما بقي لها مجال، فكلهم في المسجد! فهيا نطبق هذا؟ ستقولون: لا نستطيع. إذاً: لماذا تتعنترون وتكفرون الحكام وتخرجون عليهم وتقاتلونهم؟ من أجل ماذا؟ من أجل إيجاد الدولة الإسلامية؟ كم سنة وأنتم تقاتلون؟ أين هي؟ لن تكون هذه الدولة إلا إذا كان أفرادها من المؤمنين والمؤمنات.إياكم أن يقول لكم أبو مرة: اسمعوا هذا العميل هذا الذنب ماذا يقول ، والله ليسمعونها ويقولونها، وقالوها وهم أغبياء جهلة لا بصيرة لهم ولا نور ولا هداية.عرفنا أن اليقين هو السبب، أما إيماننا هذا فلا، ما يستطيع أن يترك معصية ألفها، تورط في ربا فلا يستطيع أن يتخلص منه، تورط في حشيشه ما يستطيع أن يتركها، تورط في عقوق أبويه وسبهما فيألف ذلك، ما استفاد، ليس هناك إيمان حقيقي ولا طاقة دافعة.

معنى قوله تعالى: (فأخذهم الله بذنوبهم)
يقول الله: كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بماذا؟ بِذُنُوبِهِمْ . الذنوب بريد العذاب! الذنوب هي التي تصل بالمذنب إلى عذاب الله في الدنيا والآخرة، هي التي تصل بالعذاب إلى أصحابه! هل تعرفون معنى الذنوب؟نحن مع إخواننا وأبنائنا العوام طول العام نقرب لهم المعاني ويفهمونه وتستنير قلوبهم، لما يجري أمامك حيوان هارب من أين تمسكه؟ من ذنبه. فلا تأتي من أمامه وتأخذه من رأسه، بل تمسكه من موخره، فالله عز وجل يؤاخذ عباده بذنوبهم! ولكن هل يكون هذا قبل أن يذنبوا؟ لا لا، لما يذنبوا يأخذهم بذنوبهم، قال تعالى: فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ . والذنوب جمع ذنب وهي المعصية، وترك الطاعة لله عز وجل.وقد يسأل سائل: ما معنى المعصية وترك الطاعة يا شيخ؟ إذا قال لك الله: قف ووقفت أطعت، وإذا قال: اجلس وجلست أطعت، وإذا قال: لا تأكل البرتقال وأكلت عصيت، ما أكلت أطعت، فطاعة الله هي فعل المأمور به، وترك المنهي عنه. لم يؤاخذنا على هذا؟ لأن فعل المأمور يزكي أنفسنا ويطهرها ويسمو بها إلى السماء ودخول الجنة، ومعصيته بترك ما أمر بفعله أو اجتناب ما نهى عنه يخبث نفوسنا ويلطخها فتهبط إلى الدركات السفلى في عالم الشقاء، فهو يأمرنا وينهانا لصالحنا، فوالله ما أمر ولا نهى إلا من أجلنا! وهذا الأب يأمر ولده وينهاه لصالحه أم أنه يريد أن يعذبه؟ لصالحه! إذا نهاه عن مجالسة الضائعين وعن استعمال الدخان أليس من صالحه؟بلى. والله أرحم من الأب بابنه فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ ، وإن شئت فقل بسبب ذنوبهم

معنى قوله تعالى: (والله شديد العقاب)
قال الله: وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ [آل عمران:11]، شديد المعاقبة قويها، يستطيع أن يقلب البلاد ظهراً على باطن، يصيب بالوباء فلا ينجو أحداً، يصيب بالزلازل فيفنون عن آخرهم، يصيب بدولة كافرة يسلطها على تلك الأمة فتذلها وتهينها شديد العقاب أي: عقابه قوي وقاس؛ لأنه الجبار العظيم.

تفسير قوله تعالى: (قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون...)
قال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:12] ، فوجه الله تعالى الخطاب لمصطفاه ولرسوله صلى الله عليه وسلم فقال: قل يا رسولنا أيها المبلغ عنا، قل لمن؟ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:12]، الله أكبر! قم أنت الآن وبلغ أمريكا والهند والصين والعالم الكفري، قل لهم: والله لتغلبن ولتدخلن جهنم، وتمضي سنة الله فيكم، بلغ عن رسول الله.قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ، بماذا كفروا؟ بالإسلام وأبو أن يعترفوا به دين الله، وما كفروا إلا للحفاظ على أموالهم وأولادهم ومناصبهم، وما كفروا إلا أنه يكلفهم بأن يصلوا ويصوموا ويتصدقوا! أذكركم! لما شاعت وراجت البلشفية الحمراء الشيوعية ووضعوا ذلك المبدأ العجيب الغريب، والذي استساغه البشر من غير أهل القرآن والسنة وهو: (لا إله والحياة مادة). من وضع هذا المبدأ؟ وضعه بنو عمنا اليهود، لا عامة اليهود والدراويش والبهاليل، بل رؤساء ورجالات المأسونية التي تدير دفة العالم في هذه الأيام! قالوا: كيف نهبط بالبشرية وخاصة الصليبين -أعداء اليهودية- والمسلمين؟ قالوا: نوجد لهم مبدأ ننسيهم الله، بالأدلة والبراهين (لا إله والحياة مادة فقط)، وراجت الفكرة ودرست حتى في مدارس بعض العرب، وأظن في الثانوية درسوا نظرية داروين ، وهي تقول: أن الإنسان أصله قرد! أعوذ بالله، أولاد حواء يتناسلون جيلاً بعد جيل خلال هذه القرون، يعرفون أمهم وأباهم فيأتي هذا بخرافة ويقول: أصلك قرد، ويصفق له الهابطون!!لا إله إلا الله! ما انقطعت البشرية قروناً وجاءت من جديد، والله ما انقطعت، من حواء إلى اليوم والبشر يلد بعضهم بعضاً، فكيف يسوغ بيننا أن أصل الإنسان قرد؟! ودفنوا القرد في الأرض وأخرجوا رأسه قالوا هو هذا!! فحاصرهم علماء أوروبا الصليبيون وأخذوا في جلسات خاصة يضغطون عليهم وقالوا وأخيراً: لو نقول: الله لقلتم صلوا، فلهذا لا نقول الله أبداً، فضاغطوهم وحاصروهم: من خلق الكوكب؟ الماء؟ من أنزل كذا؟ أين.. أين.. فشلوا. قالوا: تريدون أن نقول الله، إذا قلنا الله تقولون صلوا، ولذا لا نقول الله، فانكشفت سوءتهم وظهرت عورتهم، وإلى الآن في كل مكان لا ينكر الإسلام إلا المصر على الفسق والباطل والفجور ولا يريد أن يستقيم ولا يطهر، أما منطقياً وعقلياً فلا وجود لمانع أبداً يمنع الإنسان من أن يعترف بأنه مخلوق وأن له خالق وأنه أنزل كتبه وبعث رسله ليتربى ويكمل ويسمو! قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا قل يا رسولنا للذين كفروا سَتُغْلَبُونَ إي والله العظيم وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:12]، وهذا تناول أولاً اليهود من بني النضير فقد انهزموا وتحطموا، وكذا من بني قينقاع وقريظة دفنوا هنا، وآخر المسجد كانت مقبرة لهم، سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [آل عمران:12]، بئس المهاد مهدوه لأنفسهم، مهدوا وأوجدوا لهم عذاباً في عالم الشقاء.

تفسير قوله تعالى: (قد كان لكم آية في فئتين التقتا...)
قال تعالى: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ [آل عمران:13] . قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ ، أي: علامة كالشمس في رابعة النهار فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا ، الفئة: الجماعة يفيء بعضها إلى بعض التقتا تلاقيا في ساحة المعركة. أين كان هذا اللقاء؟ والله في بدر. أي بدر؟ هذا ماء في طريق مكة، بئر الذي حفره يقال له: بدر، فسميت القرية به في بدر، فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وهي فئة محمد صلى الله عليه وسلم ورجاله أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وَأُخْرَى فئة ثانية كَافِرَةٌ جاحدة منكرة للخير والكمالات البشرية يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ من تدبير الله عز وجل لما بدأ السيف والرمح في بدر أن المشركين لما نظروا إلى أصحاب الرسول وهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فقط نظروا إليهم وأنهم أضعاف منهم ، وقللهم في أعين المؤمنين، فالمؤمنون لما شاهدوهم وهم قرابة الألف قللهم الله فنظروا إليهم فكأنهم أقل منهم، حتى تحتدم المعركة وتسيل الدماء!إذاً: قد كان لكم آية على صدق دعوة محمد صلى الله عليه وسلم، على صدق هذا الكتاب ورسوله من أن المشركين الكافرين سينهزمون وسيتحطمون وسيئول أمرهم إلى جهنم وبئس المهاد، ها هي آية انظروا إليها يا معشر اليهود في المدينة! لما انهزم المشركون في بدر، بنو قينقاع بدءوا يتبجحون وقالوا: اسمع يا محمد! لا تظن أننا كمن لقيتهم لا يعلمون ولا يعرفون القتال، لو قاتلتنا لعرفت من نحن، تبجحوا، فقال تعالى لهم: قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ [آل عمران:13] .‏

تأييد الله لعباده المؤمنين بالنصر على الأعداء
قال الله: وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ [آل عمران:13] منهم الذين يشاء الله تأييدهم؟ بيض أم حمر؟ أغنياء أم فقراء؟ دائماً أنبه السامعين والسامعات إلى أن مشيئة الله قائمة على الحكمة، من يشاء نصرهم؟ أولئك الذين قدموا لله قلوبهم ووجوههم وانتهت آمالهم في دنياهم وأصبحوا لا هم لهم إلا رضا ربهم، هؤلاء الذين أقبلوا على الله هم الذين ينصرهم ويؤيدهم، أما الذين قلوبهم ممزقة هذا ينظر للمرأة وهذا للمال وهذا للوظيفة وهذا للحياة وهذا كذا فهذا التشتت وأهله لا ينصرون، وليسوا أهلاً لنصرة الله. إذاً: تأييد الله يكون للمؤمنين الصادقين الذين أسلموا قلوبهم لله ووجوههم لله. كيف أسلم قلبي لله؟ أنزعه وأعطيه لله؟ ما معنى أسلموا قلوبهم لله؟ قال تعالى: وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى [لقمان:22]، وإسلام القلب لله: أن لا يتقلب قلبك طول العام ولا يدور إلا في طلب رضا الله، حركة القلب ودورانها من أجل الله، لا هم لي إلا أن يرضى الله عني، فهذا هو إسلام القلب لله، وإسلام الوجه فلا تبقى له وجهة يتجه إليها إلا رضا الله وطلب طاعته، فهؤلاء يهديهم الله وينصرهم.

الاعتبار بنصر الله وتأييده لعباده المؤمنين
قال تعالى: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُوْلِي الأَبْصَارِ [آل عمران:13]، إن في ذلك النصر لأولياء الله والهزيمة لأعدائه عبرة!في هذه الأحداث الجليلة عبرة لأولي الأبصار والبصائر، فمن الآن عرفوا أن لا نصر إلا من الله، فلا يطلبون النصر من الشرق والغرب ولكن يطلبونه من الله، برفع أكفهم إليه بعد استقامت القلوب والوجوه، وبانطراحهم بين يديه، لا هم لهم إلا أن يرضى عنهم، ثم يتحقق النصر! ومن أراد أن يمتحننا يقول لنا: هيا نعود إلى بيت الله من جديد حتى ننمو ونسمو ونكمل أربع سنين فقط إذا دقت الساعة السادسة مساءً لا يبقى رجل ولا امرأة خارج المسجد، الكل يتعلمون الكتاب والحكمة أربع سنين والأمة كلها أولياء لله عز وجل، ومن ثم لو رفعنا أكفنا إلى الله ما ردها صفراً ولا خائبة.

لا حياة ولا هداية بدون القرآن
معشر المستمعين! عرفتم هذا الكلام كلام الله، هذا الذي كنا نقرأه على الموتى قروناً ولا يجتمع عليه ولا يدرس أبداً، ومن فعله كفروه، ووضعوا قاعدة مُرة: (تفسير القرآن صوابه خطأ) أي: إن فسرت وأصبت مراد الله فأنت مخطئ مذنب، (وخطأه كفر)، فكممونا وألجمونا قروناً!قتلونا؛ لأن القرآن هو الروح ولا حياة بدون الروح، القرآن هو النور ولا هداية بدون نور.وسرني أمس أن خطاباً وردني من بهلولة من الصالحات في ديارنا افتتحت الخطاب وتقول: الحمد لله الذي جعل القرآن روحاً لا حياة بدونه، وجعله نوراً لا هداية بدونه! فقلت: كيف وصل هذا الخبر واجتاز عشرات الآلاف؟ آمنا بالله، فحمدنا الله أن هذا الدرس مبارك، ونفع الله به في الشرق والغرب؛ لأنه كلام الله.نعم. لا حياة بدون القرآن ولا هداية بدونه، واقرءوا لذلك قوله تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا [الشورى:52]، فهل تطلب أمة حياة بدون القرآن؟ هل تحيا؟ تحيا كالقردة والخنازير ينزل بعضها على بعض، أما حياة الطهر والصفاء والمودة والإخاء والحب والتلاقي والتعاون فوالله لن تتم إلا على القرآن إيماناً به وحفظاً له ودراسة وتعلماً، وتطبيقاً وتنفيذاً لأحكامه! هل تريد أن تهتدي بأمتك أو بشعبك أو بإخوانك أو ببيتك إلى حب الله ورضوانه بدون القرآن؟ والله ما وصلته ولا ظفرت به، فالقرآن هو النور: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8]، سماه الله نوراً؛ فإن انعدم النور تتخبط في الظلام! والبرهنة على ذلك قاطعة! كيف سلط الله علينا بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وأسبانيا وهولندا؟ أين ممالك الهند الإسلامية التي حكمت المجموعات من التجار البريطانيين؛ لأنهم هبطوا؟ كيف يسلط الله على أوليائه أعداءه؟ هذا من شأن الله العزيز الحكيم! متنا سلبونا الروح وأبعدونا عن النور فهبطنا فركبوا على أجسادنا وإلى الآن نساق هذا المساق وننتظر يوماً لا تنزل فيه الكوارث والمصائب والويلات، ولا يكون إلا إذا استيقظنا وعدنا إلى الله! وقد يقول قائل: يا شيخ! كيف نعود؟ أمر صعب، مستحيل هذا؟ فأقول له: والله ما هو بصعب والله هو بمستحيل أبداً، فقط ساعتين من كل أربع وعشرين ساعة نبكي بين يدي الرب في بيته، نبكي يوماً بعد يوم فيرفع الله شأننا ويعلي قدرنا ويذهب آلامنا وأحزاننا.وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #326  
قديم 27-11-2020, 05:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (35)
الحلقة (176)

تفسير سورة آل عمران (38)


لقد أنعم الله عز وجل على أمة الإسلام بأن عصمها بالكتاب والسنة، فمتى ما تمسكت هذه الأمة بكتاب ربها وسنة نبيها حازت الفلاح في الدنيا، والفوز بالجنات في الآخرة، ومتى ما أطاعت أعداء الله الحريصين على إفسادها، فتنكبت طريق الهدايتين، وأعرضت عن سبيل النبراسين أصابتها سنة الله التي لا تتخلف فتاهت في سبل الضلال، وحارت في دياجير العماية والظلام.

التمسك بالقرآن الكريم هو سبب سمو أمة الإسلام وعلوها
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً. أما بعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. ثم أما بعد:أيها الأبناء والإخوة المستمعون، ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل.وقد عرفتم معشر المستمعين والمستمعات أن القرآن الكريم روح، وأنه لا حياة بدون روح، والقرآن الكريم نور، ولا هداية بدون نور، والماشي في الظلام لا يصل إلى غرضه ولا ينتهي إلى أمله، ولهذا كان الكتاب الكريم والحكمة المحمدية -أي: السنة النبوية-؛ كانا سلم رقي هذه الأمة، وكانا معراج رسولها إلى غاية كمالها. ‏

كيد أعداء الأمة وتآمرهم على القرآن والسنة
لعلكم تذكرون أن عدو هذه الأمة المسلمة تكون من اليهود والمجوس والنصارى، فلما انهزموا في المعارك؛ معارك السيف والسنان، عرفوا سبب سمو هذه الأمة وعلوها؛ وعرفوا سبب رقيها وسيادتها بعد طهرها وصفائها. فقالوا: إنه القرآن والسنة، فاحتالوا ونجحوا، فحولوا القرآن إلى المقابر والأموات، ومن إندونيسيا شرقاً إلى موريتانيا غرباً ومن عدة قرون لا يقرأ القرآن إلا على الموتى، وطلبة القرآن يحفظونه لهذا الغرض؛ ليقرءوه على الموتى.أما السنة فقد أبعدوها، وإن كانوا يقرءونها فللبركة.وقد قلت لكم: إنه كان في هذه الروضة النبوية الشريفة يجتمع أهل الغفلة ويقرءون صحيح البخاري بركة، لا لتعلم الحكمة، ولا لمعرفة الحلال والحرام، ولا الواجب والمندوب، ولكن للبركة، فقطعونا عن سلسلة وحبل وصولنا إلى السماء، وما زالت أمة الإسلام في غفلتها إلى اليوم.

استجابة الله لدعوة إبراهيم وإسماعيل في تعليم أمة الإسلام
القرآن الكريم هو كتاب الهداية، والسنة النبوية بيان لذلك الكتاب، وشرح هدايته وتفصيلها. وأذكركم بما قاله إبراهيم الخليل وولده إسماعيل وهما يبنيان هذه الكعبة، وإذا بهما يتقاولان الكلمات الآتية: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [البقرة:129]، وهذه دعوة إبراهيم وولده إسماعيل، وقوله: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ ، أي: في ذرية إسماعيل قبل أن يوجدوا، ابعث فيهم ماذا؟ رَسُولًا مِنْهُمْ ومهمته ما هي؟ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .وتمضي القرون وتتوالى السنون، ويصبح لإسماعيل مئات الآلاف بل ملايين الذرية، واحتاجوا إلى رسول يعلمهم الكتاب والحكمة، فاستجاب الله لإبراهيم وإسماعيل، وبعث في ذريتهما محمداً صلى الله عليه وسلم، وكان يجلس لأولاد إسماعيل يعلمهم الكتاب والحكمة ويهذبهم ويزكي أرواحهم.وامتن الله علينا بهذه النعمة في آيتين؛ في آل عمران وفي الجمعة، إذ قال تعالى: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الجمعة:2]، ومن سورة آل عمران: لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ [آل عمران:164].وسمت أمة الإسلام وعلت وارتفعت، وبلغت مستوى لم تحلم به الدنيا، ولم تعرف البشرية أمة أرقى ولا أسمى ولا أطهر ولا أصفى، ولا أعز ولا أكرم، ولا أعلم ولا أعرف من تلك الأمة، استجابة الله لدعوة إبراهيم وإسماعيل.
من مظاهر كيد الثالوث الأسود بالمسلمين


تحويل قراءة القرآن إلى الموتى دون الأحياء
عرف العدو المكون من المجوس الذين سقط عرش كسراهم، وأطفئت نار عبادتهم وتأليههم؛ ومن اليهود الذين خابوا وخسروا؛ وذهب أملهم في إعادة مملكتهم؛ ومن النصارى الذين خافوا أن يغمر هذا النور ديارهم؛ فتذهب تلك السيادة والكرامة لقسسهم ورهبانهم، فتضامنوا على إطفاء هذا النور.لكن كيف وصلوا إلى إطفائه؟ بالسحر؟ لا، بالسيف والرمح؟ لا، فما يستطيعون.قالوا: نميتهم، لكن كيف؟قالوا: إن روحهم التي سموا بها وارتفعوا بها وسادوا هي القرآن والحكمة المحمدية المبينة المفصلة الشارحة لكلام الله، فحولوا القرآن إلى المقابر وإلى ليالي العزاء، فإذا مات ميتنا نجمع مجموعة من طلبة القرآن يقرءون على ميتنا من أجل إنقاذه من النار، وتشترى الختمة الواحدة بألف دينار.وانعدم من يقول لأخيه: يا أخي! أسمعني شيئاً من كلام ربي. فلا يوجد هذا أبداً، ولا تمر بجالس في المسجد ويقول: يا أخي! إن كنت مساوياً له في السن، أو يا أبتِ! إن كنت أكبر منه، أو يا ولدي! إن كنت أصغر.. أسمعني شيئاً من كلام ربي.أسألكم بالله: هل حصل هذا فينا؟ ومن صرفنا عن القرآن؟هل بلغكم ما سمعتم، وقد رددت عليكم هذا القول لتحفظوه؛ قالوا: تفسير القرآن صوابه خطأ، وخطؤه كفر.أي: من يستطيع أن يقول: قال الله إذاً؟فإذا فسر آية وأصاب معناها أخطأ وارتكب خطيئة، ومن يقوى على ارتكاب الخطايا، وإن أخطأ في تفسيرها كفر، ومن يقوى على أن يكفر؟فألجمونا وكمموا أفواهنا، وما بقي من يقول: قال الله.إذاً: ماذا نصنع بالقرآن؟ ماذا نصنع؟نعم أراد الله حفظه وبقاءه، فقالوا: نقرؤه ونحفظه لنقرؤه على الموتى فقط، وأما الأحياء فلا ينتفعون به.وهنا لطيفة عرفناها من أهل العلم: كان حاكم فرنسي في بلد إسلامي في شمال إفريقيا أيام استعمرتنا فرنسا، فاستبدل بحاكم آخر، وفرنسا كغيرها تستبدل الحاكم في الإقليم كل عام أو عامين، فجيء بهذا الحاكم يتجول في المدينة فعثر على الكتاتيب في المسجد يقرءون القرآن فتعجب، وجدهم جالسين على الحصر أو على التراب وفي أيديهم ألواح من خشب، وأقلام من قصب، ومظاهر الفقر والحاجة عليهم، فقال: ما هذا؟ قالوا: يتعلمون القرآن.قال: يتعلمون القرآن! هل أذنت لهم الحكومة؟ وماذا يريدون من هذا التعلم؟! أعجزت الحكومة عن فتح المدارس لتعليمهم وترقيتهم؟ ما عجزت، فإلى المدارس وأغلقوا هذه الكتاتيب فإنها لا تنفعهم. فلمس هذا الحاكم وخاف أن هذا القرآن يعيد الحياة لأمته فخاف.وألهم الله أحد المؤمنين فقال: يا سيادة الرئيس! أبكيت النساء والرجال وآلمت الأمة بقرارك هذا، فهؤلاء يقرءون القرآن من أجل الموتى، فإذا مات ميت يقرءون عليه القرآن، لا لأجل وظيفة ولا عمل ولا سياسة ولا.. فقال: لأجل هذا فقط ؟ قال: إي نعم، قال: إذاً: افتحوا الكتاتيب، فما دام القرآن يقرأ على الموتى فقط فخلوهم وحالهم.فهل عرفنا الطريق وعدنا إلى القرآن؟الجواب: ما زلنا والله يشهد.فهذا القرآن الكريم هو الروح التي بها الحياة، وقد فعل بنا العدو ما فعل وهبطنا.

تشويه ولاية الله في العباد
الكلمة الثانية التي نرددها وهي: من هم أولياء الله يرحمكم الله؟ سيدي عبد القادر ؟ سيدي العيدروس ؟ مولاي إدريس ؟ سيدي عبد الرحمن .. سموا أولياءكم.هؤلاء هم الأولياء؟ إي والله، فقط من مات وبني على قبره قبة ووضع على القبر تابوت من خشب، ووضعت عليه الأزر الحريرية، وأوقدت الشموع ليلة الإثنين والجمعة فهذا ولي الله، وهذا الذي يحلف به، وهذا الذي يستغاث به، وهذا الذي تساق له الأبقار والعجول، وهؤلاء هم الأولياء! فوضعوهم موضع الله عز وجل، فيحلفون بهم كما يحلفون بالله، والله ليجلونهم أعظم من الله، ويخافونهم أعظم مما يخافون الله.لكن: لم فعل الثالوث بهذه الولاية بهذه الطريقة؟ وما السر؟السر عرفت قول الله عز وجل في صحيح البخاري من طريق أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال: ( يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، وفي رواية: ( من آذى لي ولياً فقد آذنته ) أي: أعلمته، ( بالحرب ) بيني وبينه، ومن يستطيع أن يؤذي ولي الله فيقول فيه كلمة سوء بشتمة أو عدم مبالاة.إذاً: ماذا فعل العدو؟سلبنا ولايتنا أيها الأحياء، ووضعها على الموتى، لم؟ من أجل أن يزني بعضنا بنساء بعضنا .. من أجل أن يسرق أحدنا مال أخيه المؤمن .. من أجل أن يكذب على أخيه المؤمن .. من أجل أن يضربه بعصاه أو ببندقيته.لعلي واهم! أسألكم بالله: ألا يوجد في ديار المسلمين زنا .. سرقة .. كذب .. خداع .. غش .. إزهاق الأرواح .. قتل المؤمنين .. إخافتهم؟!ولو كنا نعتقد أن هؤلاء أولياء الله، فإننا لا نستطيع أن ننظر إليهم فقط بنظر شزر، أو أن نكذب على ولي الله أو نسخر منه، أو نفجر بنسائه.ونحن كما تعرفون نستطيع أن نحلف بالله ولا نقدر على أن نحلف بسيدي فلان تعظيماً وإجلالاً له، حتى إن القضاة في بلاد العالم الإسلامي أصبحوا يُحلِّفون الخصوم بالأولياء ولا يحلفونهم بالله؛ لعلمهم أن هذا الإنسان يحلف بالله سبعين مرة ولا يبالي، ولا يقدر على أن يحلف بسيدي فلان.إذاً: أفقدونا ولاية الله، ونقلوها من الأحياء ووضعوها على الموتى، ومشينا وراءهم، وأكثر من سبعمائة سنة إلى ألف سنة ونحن هكذا؛ وإذا خرجت للسوق تجد هذا يشتم هذا، وهذا يسب هذا، وهذا يعير هذا.. ولا يقوى أن يقول في ولي كلمة، فترتعد فرائصه أبداً ولا يستطيع؛ لأن الولي ميت، وهذا الإنسان حي.وقد قلت لكم: إلى الآن باستثناء الذين سمعوا هذا الهدى؛ لو تسألوا رجلاً عن ولي في قريته فإنه لا يهتدي أبداً إلا إلى ميت، ولا يفهم أن في القرية ذات الخمسة آلاف نسمة بينهم ولي أبداً، ولا ولي إلا الميت المدفون.لكن هل في الإمكان أن نغير وضعنا أو لا نستطيع؟هيا نعود إلى الكتاب والسنة، ونعود إلى معرفة ولاية الله ونحققها في أنفسنا.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #327  
قديم 27-11-2020, 05:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

كيفية اكتساب ولاية الله
ولاية الله تكتسب بشيئين فقط: الإيمان وتقوى الرحمن، فكل مؤمن تقي هو لله ولي، وأحلف لكم بالله: كل مؤمن تقي هو لله ولي، فيحرم أن تنظر إليه بنظرة شزر، ويحرم عليك أن تمسه بأصبعك إهانة له أو إذلالاً، ويحرم عليك أن تنال من عرضه بكلمة، أو من ماله بفلس واحد، فهو ولي الله، فكيف تؤذي ولي الله! أما تخاف الله؟ ( إن الله ليثأر لأوليائه كما يثأر الأسد الحرب ) يقول الرسول صلى الله عليه وسلم. فهيا نعود.معشر الأولياء! هل مرتبتكم واحدة أو متفاوتون؟التفاوت حاصل، ونحن رتب على طريقة الجيوش، فأول ما يدخل الشاب للعسكرية يقال فيه: عسكري، وعام عامين يرتقي إلى جندي أول، ثم ملازم، ثم ملازم أول، ثم رقيب، ثم نقيب، ثم عريف، ثم كذا، ثم جنرالا.وأولياء الله كذلك ليسوا بمرتبة واحدة بل يتفاوتون، لكن ما من مؤمن يتقي الله إلا وهو ولي الله، فيحرم عليك أن تناله بسوء، وإن أبيت إلا أن يعلن الله الحرب عليك فاستعد ولن تفلح ولن تنجح أبداً وأنت تؤذي أولياءه.إذاًً: أولياء الله حصلت لهم هذه المنزلة العالية بشيئين: الإيمان والتقوى. ‏

معنى الإيمان
ما الإيمان يا شيخ؟ هل الإيمان دعوى أن نقول: أنا مؤمن؟ لا.الإيمان اعتقاد جازم قاطع راسخ في القلب بوجود الله لا إله إلا هو ولا رب سواه، واعتقاد جازم قاطع بأن محمداً رسول الله، واعتقاد جازم قاطع بأن كل ما أخبر الله تعالى به أو أخبر به رسوله هو واقع كما أخبر، ويستحيل أن ينتقض هذا هو الإيمان، وهذه هي الطاقة الدافعة، وهذه هي القوى التي تحملك على تقوى الله، فإن ضعفت ضعف تقواك يا عبد الله.

آيات قرآنية تبين صفات أولياء الله
ومن باب تقريب المعاني للمستمعين نعرض عليهم شاشة قرآنية، وهم متعودون على شاشة التلفاز والسينما؛ شاشة قرآنية تشاهدون عليها أولياء الله، فمن رأى نفسه بينهم فليحمد الله وليقل: أنا مؤمن، ومن ظهر في زاوية واختفى في أخرى فليعلم أنه ضعيف الولاية، وليعمل على تحقيق ولايته يا ولي الله، ومن لم يجد نفسه بينهم والله ما هو بمؤمن.مستعدون تشاهدون أو لا؟اسمعوا من سورة الأنفال يقول الرحمن جل جلاله وعظم سلطانه في الرد على الذين يدعون الإيمان وهم كاذبون، قال جل وعز وتأمل هذه الصيغة: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ أي: بحق وصدق، لا بالادعاء والنطق: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]، فإذا كان في يدك خاتم من ذهب استعملته للجهل وعدم العلم، ونظر إليك مؤمن فقال: أي فلان! أما تتق الله كيف تتختم بخاتم الذهب؟! فانظر إذا اهتزت عواطفك واقشعر جلدك وخشيت الله ونزعت الخاتم من يدك فأنت والله لمؤمن، وإن أنت لا قدر الله ضحكت أو سخرت واستهزأت فوالله لا إيمان: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2]، أما أن يذكر الله فيضحك ويسخر ولا يبالي، ويواصل جريمته المتلبس بها، فوالله ما هو بمؤمن.ثم قال: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2] فإذا قرئت عليه الآيات ارتفع منسوب إيمانه، فإذا كانت العقرب تشير إلى مائة وخمسين فإنه يرتفع إلى المائتين والزيادة.وعلى سبيل المثال: إذا قام قائم يعظنا ويذكرنا، ويطلب منا عملاً ما، وقرأ آيات الله عز وجل، فمن هش ورغب وأحب أن يعمل وأخرج من جيبه مطلوباً، دل ذلك على أن إيمانه ارتفع وزاد، وأن إيمانه موجود، والدلالة على وجوده ارتفاع منسوبه. وإن قرأت علينا الآيات أمراً ونهياً لنفعل كذا أو نترك كذا، ولم تحصل أي إجابة، ولا رغبة فينا أن نفعل ولا أن نترك..! فوالله من كانوا هؤلاء فليسوا بمؤمنين؛ لأن الذي أخبر بهذا الخبر هو واضع الإيمان في القلوب: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2] فإذا ما ازداد الإيمان فليس بموجود، لابد وأن ينمو ويرتفع.ثم قال: وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2] أي: يفوضون أمرهم إلى الله، ويقفون إلى جنب الله ولا يبالون بالحياة وما فيها من مهام أو آلام.تريدون صورة واضحة.تقول لأحدهم: يا سيد! أنت والحمد لله في خير وعافية، فلماذا تسمح لزوجتك تشتغل مع الرجال؟ أمن أجل الخبز والماء؟ فالله قد تكفل به، ودع امرأتك في بيتك تربي أولادك وتصون عرضك، وتزيد في كرامتك، وتسعدك بابتسامتها وتقديم حاجتك إليها، وهو خير لك من أن تتركها تشتغل مع البوليس أو مع الشياطين في فندق .. أو متجر .. أو كذا ..لكنه يقول: الحياة تطلبت هذا.فأين التوكل على الله؟ وأين تفويض الأمر إلى الله؟واضح هذه الصورة أو لا؟وقد قلنا لهم في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تزيدوا في تعليم بناتكم على الابتداء فقط، فتتعلم خمس سنوات وتصبح تعرف الله وما يحب وما يكره، وكيف تقدم له المحبوب وتبعد عنه المكروه، وتحقق ولاية الله لها، وما هناك حاجة إلى مدرسة ثانوية وجامعية.قالوا: المستقبل.وهناك فتاة دخلت المتوسطة أو الثانوية فغار أبوها وقال: أخرجوها، وأمها مطلقة من سنين، وأبت أن تسلم له بنته فهو بالطائف وهي بالمدينة، فاستدعاني كقريب لها وجلسنا في البيت ومن وراء الستار، فقلت لها: يا بنيتي! تعلمتي والحمد لله كيف تعبدين ربك وتتقربين إليه، فما هناك حاجة إلى هذا التعليم، فطريقه موصلة إلى الدمار والخراب.فقالت وراء الستار: مستقبلي يا بابا .. مستقبلي يا يابا.ومن علمها هذه الكلمة؟فقلت لها: اسمعي. هذه أمك تسمع، والله من زمن أمك هذه إلى وقت فاطمة الزهراء ما توظفت امرأة مع الرجال ألف وثلاثمائة سنة وزيادة، وأنتِ فقط: مستقبلي يا بابا! إن مستقبلك في بيتك مع زوجك وأولادك، وليس مع التحاكي مع الرجال وطلب الوظيفة.والشاهد عندنا: أين التوكل على الله؟فاترك بنتك في بيتك وقد تعلمت وعرفت خمس سنوات وحفظت من القرآن ما شاء الله ومن السنة ما شاء الله، وعرفت كيف تعبد الله، واتركها في البيت تساعد أمها على تربية أخواتها وإخوانها.لكن الشياطين أرسلهم الثالوث الأسود، وإن شئتم حلفت لكم بالله: إن ذلك الثالوث هو الذي حسن تعليم بنات المؤمنين والزج بهم في مدارس الكليات والجامعات ليفقدن الصلة بالله عز وجل.أين التوكل على الله واحجب ابنتك، وفوض أمرك وأمرها إلى ربك.والآن الذين توظفت نساؤهم استعاضوا عن النساء بالخادمات، لينظر إلى ما لا يحل النظر إليهن، ويجالسه وقد يأكل معه، فانمسخوا، ولم يبق إيمان ولا نور، فعرف هذا العدو وما عرفناه؛ لأننا هجرنا كتاب الله، وسيشكونا رسول الله إلى ربه: يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا [الفرقان:30].إذاً أيها المستمعون بينكم متوكلون على الله لا على المحراث، ولا على القلم، ولا على الوظيفة .. على الله فلا نعصيه ونجاهر بالمعصية؛ إذ الأمر له وبيده.ثم قال: الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ [الأنفال:3] تعرفون معنى يقيمون الصلاة بحق؟!فإذا قال المؤذن: حي على الصلاة، في منارة القرية أو المدينة، أخذ أهل القرية يلبسون ثيابهم، ويغلقون أبوابهم، وإذا بمظاهرة لم تعرف الدنيا مثلها، فأهل المدينة كلهم مقبلون على الله، ولم يبق دكان مفتوح ولا مقهى، ولا واقف بالباب ولا أحد.. فالكل إلى الله في خمس مظاهرات في الأربع والعشرين ساعة، ولم يتخلف إلا مريض أو ممرض.فهذا هو إقام الصلاة، وهذا هو الذي ينتج الطاقة ويولد النور في النفس؛ ليعرف صاحبها الطريق إلى ربه.ولكن هل هذا موجود في ديار المسلمين؟ الجواب: المؤذن يؤذن وهو يغني، والمؤذن يؤذن وهو يحلق في وجه فحل ولا يبالي. الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ [الأنفال:3] وإقامتها أن تقف على قدميها فلا تميل يميناً ولا شمالاً، وتؤدى في أوقاتها المحددة، وبالصفات والهيئات التي نزل جبريل فعلمها رسول الله والمؤمنين. وهذا مظهر من مظاهر الإيمان الحق.أما أن هذا يصلي وذلك لا يصلي، وهذا يصلي وهذا يغني .. فما أقيمت الصلاة.وأخيراً: وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ [الأنفال:3] فدائماً وأبداً مما رزقناهم ينفقون، فليس الإنفاق مرة في العام أو في الشهر، بل الإنفاق متواصل.فإن قيل: كيف ننفق يا شيخ ونحن كذابون، ودجالون، وسحرة، ومتلصصة وبعضنا يكذب فيقول: إنه جائع وهو شبعان، أو يقول: أنا مدين وهو يشتري الحشيش ويأكلها. كيف نصنع؟أقول: هذا يتلاءم معه ذلكم المنهج الرباني في أن أهل القرية يجتمعون في مسجد قريتهم بنسائهم ورجالهم كل ليلة وطول العام، وعلى مدى الحياة فيتعلمون الكتاب والحكمة، ومن ثم يكونون كلهم علماء صادقون صالحون بررة، فتنتفي كل مظهر من مظاهر الخيانة والكذب والباطل لتعلمهم الكتاب والحكمة.ويجعل صندوق في المحراب من حديد، ويقول المربي: معاشر المستمعين! من زاد ريال عن قوته اليوم يدفعه إلى هذا الصندوق، وهو بين خيارين: إما أن ينمى ويأخذ الفوائد المباركة أو يتركه فقط فماله محفوظ وعند الحاجة يتسلمه، وهذا الصندوق إذا مضى عليه ستة أشهر إذا به يفيض، فإن كان أهل القرية من أهل الزراعة أنشئوا مزرعة ربانية، مزرعة في المسجد، وإن كانوا في بلاد صناعية أنشئوا مصنعاً ولو لإنتاج الملاعق أو الإبر، وسوف يبارك الله في ذلك الصندوق ويدر ويجلب المال.ومن ثم فإن أهل تلك القرية هيهات هيهات أن تجد بينهم عارياً أو جائعاً أو مريضاً بدون علاج ولا دواء، فأمرهم واحد وكأنهم بيت واحد.هنا النفقة أنت تطلبها، وأنت تبحث أين تضعها، للتكاثر والتضامن الإيماني المؤمن أخو المؤمن، المسلم أخو المسلم.والآن تستطيع أن تنفق هذا؟ لا تستطيع، ولا تعرف المحل اللائق، فما عندنا صدق ولا وفاء ولا.. ولا.وأخيراً اسمع هذا الختم الإلهي: أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:4]. كيف حال أبنائنا إن شاء الله؟ وجدتم أنفسكم هنا، أو ظهرتم في مكان واختبيتم في آخر.إليكم شاشة أخرى، ولا تقولوا: الشيخ يشجعنا على السينما والتلفاز والفيديو!هذا فقط من باب أنكم عرفتم هذا، وإلا بيتك يا عبد الله لا توجد فيه شاشة تلفاز ولا فيديو.فإن قيل: لم يا شيخ؟أقول لك: أسألك وأجبني: هل وجود التلفاز في بيتك تعرض فيه صور العواهر والكافرين والمجرمين، ينتج لك يومياً عشرة ريالات؟والله ما كان.هل ينمي كل يوم صحتك وصحة أولادك؟الجواب: لا.هل يرضي عنك الله عز وجل؟الجواب: لا.هل يزيد في معارفك وعلومك الإلهية؟والله لا.إذاً النتيجة أن ترحل الملائكة من بيتك وتنزل منازل الشياطين فقط، وإذا نزلت الشياطين ورحلت الملائكة والله لينتشرن الخبث بين أهلك وأولادك، أحببت أم كرهت.لعلي واهم؟ والواقع واضح، فهبطنا والرسول يقول: ( لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة ).وإن قلت: أنا سياسي ومسئول عن الدولة! فاجعل تلفازاً في غرفة المكتب، واحضر ساعات تتلقى فيها لك ذلك قد تؤجر، لكن بيوت المؤمنين والمؤمنات ماذا يستفيدون من تلك المناظر والملاهي والأباطيل.أما قلت لكم: إن الأطفال تعلموا اللواط من طريقها؟ وتعلموا الفجور بواسطتها وهم صبيان.وزادتنا محنة الصحن الهوائي المسمى بالدش، وتكالب عليه إخواننا كأنهم لا يؤمنون بالله؛ إذ كم صحنا وبكينا؟ وصدر إفتاء من رجل ما تكتحل عين الوجود بمثله هذه الأيام، إنه مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز بحرمة هذا الفيديو. لكن البعض كأنه يتحدى وبعض السطوح فيها أربعة وخمسة صحون، وهذا يدل على إيمان مؤمنون! هذا خرافة.لكن تذكروا: أين ربكم؟ أين الله؟ بالمرصاد إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14].وها هو رسول الله على المنبر يقول: ( إن الله ليملي للظالم ) الإملاء الزيادة في المال والمتعة والحياة ( ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته )، وقرأ: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102].والمسلمون الآن ألف مليون في الشرق والغرب تحرروا، وفسقوا، فجروا، وفعلوا كل شيء، فهل أنتم آمنون؟ والله ما هي إلا إملاء لله وإمهالاً، ومن يعش سيذكر هذه الكلمة.أنعيش منحرفين عن طريق الله ونسلم، وتقولوا: سلامتنا وشهادتنا..؟ هيهات هيهات.ومن قال: دلل على ما تقول؟أقول: استذلنا الغرب وسادونا أو لا؟ حكمونا أو لا؟ وفعلوا بنا الأعاجيب أو لا؟كيف هذا ونحن مؤمنون؟الجواب: فسقنا عن أمر الله، وخرجنا عن طريق الله، وسنة الله من أكل السم هلك، ولا تتخلف السنن، فإذا خرجنا عن منهج الله نتحطم لا محالة، طال الزمان أو قصر.وأكثر المسلمين ظنوا أنهم لا يخافون الله، ماذا يفعل؟ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14] يرصدنا، وفسر هذا رسول الله ( إن الله ليملي للظالم ) والظالم هو الذي ظلم نفسه فدلاها في مهاوي الشر والخبث والعفونة والفساد.إذاً: الآن عرفتم الطريق إن شاء الله؟ فهيا نحقق ولاية الله.
تابع تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب ...)


العصمة في الكتاب والسنة
الآية الكريمة ختمها تعالى بقوله: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران:101] الآية التي نحن بصددها نصها الكريم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ [آل عمران:100-101].فإن قيل: يا شيخ! ما تتلى علينا الآيات ولا نسمعها، وما بيننا رسول الله!يا ويلنا إذاً! متى تتلى علينا آيات الله ويكون الرسول فينا؟ إذا اجتمعنا في بيوت ربنا اجتماعنا هذا، نقرأ كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ [آل عمران:101] أي: من أين يأتيكم الكفر وأنتم في هذه المناعة وهذه الحصانة العظيمة ويتلى عليكم القرآن، وأنتم أحياء لتتعلموا الطريق إلى الله، وفيكم الرسول يبين ويشرح ويفصل.فالعصمة كل العصمة للأسرة والقرية والعالم الإسلامي في قال الله وقال رسوله، إما أن نخصص وقتاً في الأربعة وعشرين ساعة لنتعلم الكتاب والحكمة، لنزكو ونطهر .. لنسمو ونعلو .. لتنتهي مظاهر الخبث والظلم والشر والفساد، وتتجلى مظاهر العلم والمعرفة والصدق والطهر والصفاء، إما وإما، ولا تفهم أنك حر تعمل ما تشاء، إنما أنت تحت النظارة.

الاعتصام بالله طريق الهداية إلى الصراط المستقيم
ثم قال: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [آل عمران:101] هذا خبر، والمخبر هو الله.ماذا يقول؟ يقول: وَمَنْ يَعْتَصِمْ أي: من رجل أو امرأة .. من عربي أو عجمي، في الأولين في الآخرين.. فـ(من) من ألفاظ العموم وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ ونعتصم بالله أي: بحبل الله وهو دينه، ومن يعتصم أي: يأخذ بيديه بشدة وبقوة، فلا ينحرف يميناً ولا شمالاً في عقيدته .. في عبادته .. في سلوكه .. وهذا الذي يعتصم بحبل الله فَقَدْ هُدِيَ من هداه؟ الله، إلى أين؟ إلى طريق الجنة إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ أي: الطريق الموصل إلى دار السلام.عرفتم الآن لما حذرنا من موالاة الكافرين واتخاذهم قادة وهداة، فحذرنا من ذلك وأرشدنا إلى العصمة وهي أن نجتمع على كتاب الله وسنة رسوله طول الحياة، وأخيراً قال واسمعوا أيضاً هذا الخبر: وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ [آل عمران:101] أي: يستمسك بدينه .. بحبله الممتد من السماء إلى الأرض، فهذا العبد قد هدي إلى الصراط المستقيم الموصل إلى رضا الله وإلى الجنة دار السلام.ونعتصم بالله بأن: أولاً: يجب أن نعرف العقيدة التي شرعها الله وأحبها لنا، ثانياً: يجب أن نعرف العبادات التي شرعها وكيف نؤديها، وبعد ذلك يمكننا أن نستعصم ونعتصم، أما جاهل لا يعرف عن الله شيء، فكيف يستعصم؟وصلى الله على نبينا محمد.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #328  
قديم 27-11-2020, 05:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (36)
الحلقة (177)

تفسير سورة آل عمران (40)


إن طاعة المؤمنين لأعدائهم من الكافرين سبب لبعدهم عن كتاب ربهم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وبعدهم عن هذين المصدرين سبب لضعفهم وذهاب ريحهم، وتسلط عدوهم عليهم؛ لأنهم إنما يقوون باتباع الكتاب والسنة، وتحكيمها في كل شأن من شئونهم الدنيوية والأخروية.

تابع تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب ...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة والليالي التي سبقتها ندرس كتاب الله عز وجل، وقد انتهى بنا الدرس إلى هذه الآيات، وتلاوتها بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:100-103].

مخططات الأعداء في صرف المسلمين عن القرآن
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! عرفنا بتعريف الله لنا أن الذي يطيع فريقاً من اليهود والنصارى والمشركين والكافرين يردوه عن دينه، لكن الآية خصت أهل الكتاب: اليهود والنصارى؛ لأن اليهود لا يريدون أن يبقى الإسلام ولا المسلمون، يريدون فقط أن يبقى بنو إسرائيل، والنصارى لا يريدون أن يغمرهم نور الإسلام، يريدون الصليب ليسودوا على أممهم الجاهلة ويتحكموا فيها.وقد علم أهل الكتاب أن الإسلام روح لا حياة بدونه، ونور لا هداية بدونه، عرف اليهود والنصارى هذا معرفة يقينية. وقد قررنا -على علم- أن القرآن روح ولا حياة بدون روح، وأن القرآن نور ولا هداية بدون نور، فلما عرف أعداء الإسلام هذا صرفوا أمة الإسلام عن القرآن، ففقدت الروح فماتت، وابتعدت عن النور القرآني فضلت وما اهتدت، وقد علمتم -ولا يخالكم تنسون هذا- أنهم حولوا القرآن ليُقرأ على الموتى، فلا يجتمع اثنان تحت ظل شجرة أو جدار أو سارية في مسجد أو على حصير في بيت ويقول أحدهما للآخر: اقرأ عليّ شيئاً من القرآن. أبداً، وإنما إذا مات أحدنا يؤتى بطلبة القرآن يقرءون عليه ثلاث ليال، سبع ليال، أربعين ليلة.. بحسب غناه وفقره، لا أقل ولا أكثر.فلما أخذوا القرآن وحولوه ليُقرأ على الموتى ماتت وضلت أمة الإسلام، ومن ثَّم أمكنهم أن يسودونا ويحكمونا، ويتحكموا فينا من اندونيسيا التي حكمتها بلجيكا إلى موريتانيا والمغرب التي حكمتهم فرنسا، والشرق الأوسط بكامله لبريطانيا وممالك الهند. كيف حكمونا؟! كيف سادوا علينا؟! كيف ساقونا سوقَ البهائم؟ لأنهم أماتونا أولاً، أخذوا الروح القرآن، ولكنهم ما عرفوا أين يضعونه، فقد تعهد الله بحفظه، حاولوا أن ينتزعوا من القرآن كلمة: (قل) فقط وعقدوا مؤتمرات سرية لذلك فما استطاعوا.إذاً: ماذا يصنعون به؟ حوَّلوه ليُقرأ على الموتى فقط، وما زال المسلمون إلى الآن يقرءون القرآن على الموتى! حتى إن بغياً-زانية-في دار البغاء يُؤتى لها إذا ماتت بأهل القرآن يقرءون عليها في بيتها! وعليه فلا تسألني كيف هبطنا؟! كيف متنا؟! كيف سادنا الشرق والغرب؟! كيف عزَّ اليهود الأذلاء وذل المؤمنون الأعزاء؟! تطلب دليلاً؟ الآن علمتم، ولن يَرُدَّ هذا أحد على الأرض.

وصف الله للقرآن الكريم بأنه روح ونور
قال تعالى: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا [الشورى:52] أيسميه الله روحاً وهو ليس بروح؟! ممكن؟! مستحيل، أيكذب الله؟! لمَ لم يقل: وكذلك أوحينا إليك قرآناً؟ بل قال: روحاً؛ ليعلِّم البشرية أنه لا حياة بدون القرآن، ومن عاش بدونه عاش حياة البهائم، يأكل ويشرب وينكح، وكل آماله في ذلك لا تخرج عنه.وقال تعالى: فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا [التغابن:8] أي نور أنزله الله؟ والله إنه للقرآن، فهو نور، فالذي حفظه، فهمه، عرفه، عاش عليه، لن يضل أبداً، لن يخطئ طريق الحق أبداً، ولن يتيه في متاهات الحياة والنور بين يديه.

كيد الأعداء للكتاب والسنة
إذاً: عرفتم ما فعل بنا أهل الكتاب؟ لقد أبعدونا عن مصدر حياتنا: الكتاب والسنة. وهل تذكرون أن السنة النبوية -وهي المفسرة للقرآن، المبينة لأحكامه، الشارحة لكلماته- في عصور الهبوط تُقرأ للبركة، يجتمعون في الروضة في المسجد النبوي يدرسون البخاري فقط حدثنا حدثنا، قال الرسول صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، ولا يسألون عن حكمٍ في الأموال، ولا في السياسة، ولا في الاجتماع، ولا في الحرب، ولا في السلم، ولا في الآداب، ولا في الأخلاق، ولا في العقيدة، ولا في العبادة، أبداً، يسمعون فقط، فإذا فرغوا رفعوا أيديهم يدعون ليحصلوا على بركة دراسة كتاب البخاري!أزيدكم: توجد مؤلفات ومصنفات في الفقه، في العقيدة، لا يوجد فيها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لمَ؟ لأن العدو أراد أن يميتنا، وأن يهبط بنا لنساويه وننزل إلى الدرك الأسفل دونه، فعرفوا الحياة والنور فأبعدونا عنهما فضللنا في متاهات الحياة وإلى الآن.

دعائم الدولة القرآنية الإسلامية
يقول تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ [آل عمران:100] من يقول: لا يا رب؟! أعوذ بالله، إن الواقع شاهد، ثم لمَ لما استقل العالم الإسلامي عن مستعمريه في الشرق والغرب ما طبق شريعة الله؟ من يقف ويدلل ويبرهن؟إن قلت: قد جهلوها فكيف يطبقونها؟! قلنا: الدولة القرآنية الإسلامية تقوم على ثلاثة دعائم يعرفها النساء والرجال والصبيان والعلماء والجهال، وهي بعض آية فقط من القرآن الكريم، إذ إن القرآن الكريم يحتوي على ستة آلاف آية ومائتين وأربعين، كل آية علامة أكثر من الشمس تدل على أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وسميت الآية آية أو علامة -لا فرق بين آية وعلامة- لتدل على أنه لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، جاء ذلك في سورة الحج المدنية المكية، إذ بعضها مكي وبعضها مدني، جاء فيها قول الله عز وجل: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ [الحج:41] ما معنى: مكناهم في الأرض؟ سوَّدنهم، حكَّمناهم، أصبحوا حاكمين سائدين في الأرض. الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ [الحج:41] ماذا فعلوا؟ الذي عاصرناه مع آبائكم أيام استقلالاتكم، أنه إذا تم الاستقلال ماذا نصنع؟! حفلات الرقص، والاختلاط، وشرب الخمر، والكذب، والصياعة، فهذه هي حفلات الاستقلال!!وأنتم لا تعرفون لأنكم أحداث، لكن كبار السن يعرفون حفلات رقص الاستقلال، والله يقول: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:41] أي: أزمِّة الأمور بيد الله.فأيما إقليم يستقل عن الاستعمار، وتتكوَّن فيه دولة، هذه الدولة إن لم تقم على هذه القواعد الثلاث والله ما سعد أهلها، ولا طابت حياتهم، ولا كمُلوا، بل يسلبها الله في يوم ما من الأيام، فبلغوا أن هذا الشيخ الكبير في المدينة يعلن طول العام على أن محنة يقترب منها العالم الإسلامي وتقترب منه، وهي والله لأشد مرارة من الاستعمار، إلا أن ينقذنا الله بتوبة صادقة في أربع وعشرين ساعة، أمَا لو نستمر هكذا معرضين عن الله، عن ذكر الله، عن عبادته، نستحل ما حرم، ونستبيح ما منع، ونترك الواجبات، ونتخلى عن المسئوليات، وكأن الله لا وجود له، مع علمنا أن الله بالمرصاد: إِنَّ رَبَّكَ لَبِا لْمِرْصَادِ [الفجر:14]، أتعرفون الرَصَد؟ يجلس فيه الرجل ويطلع على كل ما يجري.وعليه؛ فإما أن يتوب المسلمون -في أي بلد- ويرجعون إلى الله، فيكتب لهم المناعة، ويسودهم ويعزهم، وإما أن تستمر الحال هكذا حتى تدق ساعة سنة الله تعالى، فلله سنناً لا تتبدل ولا تتغير لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [النساء:123].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #329  
قديم 27-11-2020, 05:43 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )

حكم وفوائد إقامة الصلاة
ما المانع أن نعود ونحن قادرون على العودة؟! يصدر قرار حكومي، جمهوري، ملكي، سلطاني: أنه لا يتخلف عن الصلاة جندي عسكري ولا مدني، فإذا دقت الساعة وأذن المؤذن تقف الحياة كلها، وتُقبل الأمة على ربها-ولهذا خلقت-فإذا قضيت الصلاة انتشر المؤمنون في الأرض ينتجون ويوجدون ويصنعون، فوالله لو أقيمت الصلاة بهذه الطريقة لاختفى الظلم، والفسق، والفجور، والكذب، والخيانة، والشر، والفساد تلقائياً.ولنقرأ لذلك قول الله تعالى: اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ [العنكبوت:45]، وكأن سائل يقول: لمَ؟ ما فائدة إقامة الصلاة؟ فكان الجواب بالعلة: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45] الصلاة إذا أقامها العبد أو الأمة من شأنها أو من خواصها أنها تمنعه من أن يأتي الفواحش أو يرتكب المنكرات، وعندنا مثل -نكرره- على ذلك وهو: لو مشينا في أي بلد إسلامي إلى المحافظ، أو مدير الشرطة والأمن، ونقول: يا سيادة الرئيس أعطنا قائمة بالجرائم التي ارتكبت في هذا الأسبوع أو في هذا الشهر، هذا زنى، وهذا سرق، وهذا ضرب أمه، وهذا لعن أباه.. وتُرفع القضية قطعاً للشرطة، فهي مدونة عندهم، فأعطانا القائمة، وأنا أقول لكم: والله لن تجد نسبة أكثر من 5% من أصحاب الجرائم من مقيمي الصلاة، و95% من تارك الصلاة ومن المصلين الذين ما أقاموا الصلاة، وهذا الكلام كررته أربعين سنة وزيادة، فهل وجد من نقضه فذهب إلى مدير الشرطة وقال: أعطنا قائمة بالمجرمين لهذا الأسبوع، ووجد أكثر من 5% من مقيمي الصلاة؟! إن سنة الله لا تتخلف، فالطعام يشبع أو لا؟ الماء يروي العطشان أو لا؟ الحديد يقطع أو لا؟ النار تحرق أو لا؟ الجواب: نعم، وإقام الصلاة سنة من سنن الله لن تتخلف، والمقيم للصلاة لا يأتي الفواحش ولا يرتكب المنكر.وإن سألت عن العلة سؤال فلسفة: إقام الصلاة عملية لتوليد الطاقة، عملية لتوليد النور، فهي كمولدات الكهرباء، إذا أُديت أداء صحيحاً في أوقاتها المحددة بشروطها وأركانها فلن تتخلف عن إنتاجها، بل تنتج النور يغمر قلب الإنسان، فيظهر على سمعه، على بصره، على لسانه، على جوارحه، والذي ما صلى من أين يأتيه النور حتى يعرف قبح الجريمة وسوء المنكر؟! والذي صلى وما أقامها حق إقامتها، وما حسَّنها فما ولَّدت وأنتجت؟! الفقيه يقول: صلاته باطلة، فمثلاً: صلى أحدنا المغرب ركعتين فقط، هل يقول له فقيه: صلاتك صحيحة؟! لا، وإنما يقول له: أعد صلاتك، فصلاتك باطلة، ولو أنه قال: أنا سأصلي المغرب أربع ركعات، فأنا في صحة وعافية، وقال: لمَ لا نزيد ركعة؟! فصلى المغرب أربع ركعات تفضلاً منه، فهل تجد فقيهاً يقول له: صلاتك صحيحة؟ لا والله، بل صلاته باطلة، فالفقيه يقول: باطلة، ونحن نقول الليلة ماذا؟! يا سامعيّ! ماذا نقول؟ ما أنتجت النور المطلوب منها، فهي عملية فاسدة، ما ولَّدت الحسنات، فيبقى القلب في ظلمة، وتنتشر الظلمة ودخنه على جوارحه، فيسمع الباطل ويرضى به، وينظر إلى الحرام ويتلذذ به، وينطق بالسوء ويجد له لذة وراحة، ويمشي على قدميه إلى الباطل ولا يتعجب؛ لأنه فاقد للنور، واسمعوا حتى أبرهن لكم: حديث البخاري، وهو حديث قدسي، أي: من كلام الله أوحاه إلى رسول الله، خارجاً عن القرآن، أي: ما هو في القرآن، وبالتالي فكلام الله: القرآن والحديث القدسي الذي يأتي به جبريل إلى رسول الله، أو يلقي الله في روع رسول الله فيفهم عنه، فهذا هو الحديث القدسي، وإليكم نصه:يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( يقول الله تعالى: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) يا ويح من يسرق أموال المؤمنين! من يفجر بنسائهم! من يسفك دماءهم! من يأكل لحومهم! من يحتقرهم ويزدريهم، أو يهينهم ويذلهم! على شرط أن يكونوا أولياء الله، أما إذا كانوا أعداء الله فافعل فلا حماية ولا مناعة، إنما هذه المناعة لأولياء الله تعالى فقط.والدليل على ذلك: أن قومك في بلادك لا يذكرون ولياً بسوء أبداً، ولا يستهينون به ولا بضريحه ولا بقبره، مع العلم أنه قد يكون ليس بولي، لكن استقر في أذهان المؤمنين على أن أولياء الله هم الذين ماتوا وضربت عليهم القباب، ووضعت عليهم التوابيت، ووضع عليها الأُزر الحريرية، ووقدت الشموع.. والآن لا ندري هل هناك شموع أو كهرباء؟ كنا نعرف إضاءة الشمع على قبر السيد ليلة الإثنين، ليلة الخميس والجمعة، وكأنه يبيت يقرأ على الشمعة! أمة هابطة، ميت تجعل له شمعة في قبره! ماذا يصنع؟ لا إله إلا الله! كالذي يضع له قصعة من الثريد! هل يأكل منها؟! ومثله الذي يقرأ عليه حزباً وحزبين من القرآن! هل يقوم يتفكر فيها؟! يتدبرها؟! لا إله إلا الله! وصلنا إلى هذا؟ إي والله.من فعل بنا هذا؟ إنه الثالوث الأسود المكون من اليهود والمجوس والنصارى، واسأل إذاعة بريطانيا عن هذا الثالوث الذي عزم على أن يطفئ نور الله؛ لأن هذا النور أضاء الدنيا، وهم يحبون الظلام ليعيشوا فيه، ما يريدون الحق ولا العدل ولا الطهر ولا الصفاء ولا الكمال.يقول: ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ) أي: أعلنت الحرب عليه، فأسألكم بالله، هل الذي يحارب الله ينتصر عليه؟! هل ينكسر وينهزم ويتمزق؟ لا. وإن آذيت أولياء الله -طال الزمان أو قصر- والله لتتحطمن، فالحرب معلنة إلا أن تتوب، وهذا أمر مشاهد بالعيون.وقوله: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ) فتح لكم الباب أيها الطلاب لتدخلوا إلى قصر الولاية فتتخرجوا منها أولياء أفضل من عبد القادر، وسيدي أحمد فقال: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء )، أي: يتزلَّف ويتملَّق حتى يحبه سيده، والعوام يعرفون هذا فيما بينهم، فإذا أراد أن يحصل على شيء من عندك يأتي إليك فيصلح لك نعلك مثلاً، أو يتقرب إليك، أو يشكرك، ويقول لك: أنت سيد، أنت كذا، سمعنا عنك كذا وكذا.. حتى يستميلك، ولكنهم لا يعرفون التملق إلى الله. ستقول لي: يا شيخ! علماؤكم ما عرفوا هذا حتى يعرفه العوام؟ فأقول: التزلف إلى الله والتملق ولو بذكره.قوله: ( وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ) لا أفضل من الفرائض أبداً، فيا من يريد أن يتملق إلى الله ليحبه ويواليه، الفرائض أعظم من النوافل بسبعين مرة، والغافلون يستهينون بالفريضة ويعبثون بها، ويتقربون ليلة كاملة بالنوافل وهي لا تنفع، ولذا فاعلم الفرائض، واعرف كيف تؤديها، واعرف أوقاتها وشروطها.. وتقرب بها إلى الله، فإنك ما تقربت بشيء أفضل منها.( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) تأملوا إماء الله وعبيد الله ( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل ) أي: بعد أداء الفرائض، ( حتى أحبه )، فإذا أحبك الله نم فالمخاوف كلهن أمان، إذا أحبك عصمك فلا يرضى أن تتلوث ولو بكلمة سوء، فإن الله طيب لا يقبل إلا الطيبين، إذا قربك وأدناك وأصبحت وليه حفظك من التلوث، بل لن تتلوث أبدأ.إذاً: ( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ) كم سنة؟ كم شهراً؟ ما يزال يتقرب يوماً بعد يوم، شهراً بعد آخر، عاماً بعد عام ( حتى أحبه ).ونضرب المثل بالمعتاد، فقد بينا لكم في السابق أن ولاية الله أهلها يتفاوتون فيها، إذ إن كل الحاضرين أولياء الله، لكن مستواهم غير واحد.وقلنا: إن أصحاب رسول الله رضي الله عنهم ليس مستواهم واحداً، فـأبو بكر أفضلهم، ولكن الولاية ولاية، فمن آمن واتقى فهو ولي الله.كما ضربنا مثلاً بالرتب في الجيش، فهذا عسكري، وهذا ملازم أول، وهذا عريف، وهذا عقيد، إلى عشرة أو عشرين جنرالاً، عرفتم هذا أو لا؟ فهل بالإمكان أنك من أول أسبوع تدخل الجيش فتصبح جنرالاً؟ لا، إلا أن يشاء الله، فيهيئك تهيئة خاصة في أمر ما.قال: ( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل ) يوماً بعد يوم ( حتى أحبه )، هنا أحببت أن أقول: من الجائز أن يُدخل عبد الله في طلب رضا الله وحب الله شهرين أو ثلاثة أو أربعة وإذا هو ولي الله، قد أحبه الله، وقد يعمل في هذا الشأن عشرين سنة حتى يظفر، وذلك لقصوره ولعدم أدائه هذه العبادات على وجهها، ولهذا قال: ( وما يزال -يوماً بعد يوم- يتقرب إليّ -أي: بأداء الفرائض والنوافل- حتى أحبه ) .وهنا معاشر المستمعين والمستمعات! من منكم يرغب أن يعرف هل أحبه الله أو لا؟ لو أجد من يخبرني أن الله يحبني لكدت أطير من الفرح؛ لأن من أحبه الله أمّنه، وحاشا لله أن يعذب أولياءه.أيها المتسابقون! أيها المتنافسون! هل منكم من عرف أنه أُحب أو لا؟ من يرغب أن يعرف؟ قولوا: كلنا، أو لستم في حاجة إلى هذا؟ نعوذ بالله.اسمع كلامه تعالى يبين لنا ويعرفنا الطريق، يقول: ( فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به )، إذا وجدتَ نفسك يا بني أو يا أُخيّ لا تستطيع أن تسمع ما يغضب الله، وترتاح وتسعد لسماع ما يحب الله فاعلم أنك وصلت، وبالتالي فهؤلاء إذا سمعوا كلام الله، كلام رسول الله، كلام الحق، كلام الخير، كلام المعروف يرتاحون ويصغون ويسمعون ويطيب لهم المجلس، وإذا سمعوا كلمة منكرة، كغيبة، أو نميمة، أو أغان، أو أصوات عاهرات.. لا يستطيعون أن يجلسوا، وإنما يأخذون نعالهم ويخرجون، بل والله ليغلقون آذانهم، وكأنهم مدفوعون إلى هذا؛ لأن الله أحبهم، ومن أحبه الله لا يرضى له أن يلوث روحه بسماع الغيبة والباطل والكذب والسب، وهذه الحقيقة-والله-نسلٍّم بها كما علمتم.قال: ( وكنت بصره الذي يبصر به ) الولي أن ينظر إلى المؤمن فيرتاح، ينظر إلى أمه، إلى زوجته، إلى أولاده، إلى أقاربه.. فيسعد بالنظر إليهم، ولا يستطيع أن ينظر إلى امرأة لا تحل له؛ لأنه يشعر وكأن اللهب في وجهه، فلا يشعر إلا وقد طأطأ رأسه وأغمض عينيه، لأن الله أحبه، فلا يتركه يتلوث ويتلطخ بالآثام والجرائم وهو حبيب الله، وإنما يحفظه من ذلك، وجرب ذلك في نفسك، فإذا وجدتَ أنك لا تقوى على أن تسمع الباطل، ولا أن تنظر إلى الحرام، فاعلم أنك قُبلت من يوم ما أصبحت هكذا.قال: ( وكنت لسانه الذي ينطق به )، فملك الله سمعك فلا يسخره إلا في رضاه، وملك بصرك فلا يسخره إلا في رضاه، وملك لسانك فلا تستطيع أن تنطق إلا بما يحب، فتجلس مع أخيك-ولي الله-عاماً وعامين ما تسمع كلمة سوء أبداً، ما ينطق بها، من عصمه؟ من حفظه؟ إنه الله؛ لأنه تقرب إليه حتى قبله ورضي عنه وأحبه، فهنا يحفظه حتى لا يتلوث، وإن زلت القدم ووقع الشيطان عليه، ووضع عصابة سوداء على عينيه، وارتكب يوماً ذنباً من الذنوب، فإنه يلهم على الفور أن يستغفر الله، ويندم ويتألم ويحزن حتى يزول ذلك الأثر، وتبقى الولاية ثابتة.قوله: ( وكنت يده التي يبطش بها ) الأبطال يختطفون الفارس من على صهوة جواده على الأرض ويأخذون القنطار ويرفعونه، والله لا يستطيعون أن يتناولون بأيديهم كأس خمر، ولا يستطيعون أن يمسوه بأيديهم أو يلطمون وجه مؤمن؛ لأن يده ملكها الله، فلا يستخدمها إلا فيما يرضيه ويحبه ( وكنت يده التي يبطش بها )، فإذا ملك يدك سخرها فيما يحب لا فيما يسخط.قوله: ( وكنت رجله التي يمشي بها )، قد عرفنا أيام كنا مع العوام يعجز الرجل أن يمشي مائة خطوة إلى المسجد، فيصلي في بيته، لكن إن أُعلن عن حفل غناء ورقص أو عرس ووليمة، فإنه يمشي عشرة كيلو أو عشرين كيلو! فانظر العجب؛ لأن الله ما ملك رجله، وإنما ملكها الشيطان، فيدفعه إلى حيث يغضب الله جل جلاله، ولا يدفعه حيث يرضى الله جل جلاله.وأخيراً يقول الله تعالى: ( ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني ) أي: طلب الحفظ ( لأعيذنه، ولئن استنصرني لأنصرنه )، وأعظم من ذاك وذا ( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي في قبض عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ) لا إله إلا الله! أبشروا يا أولياء الله، يعلم أن وليه يكره الموت وهو لا يريد أن يؤذي وليه، ولكن لا بد من الموت ( وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته )، هذا سبب التردد. إذاً: هنيئاً لكم يا أولياء الله. عرفتم الطريق إلى الولاية، فزكِ نفسك يا عبد الله وطيبها وطهرها بأنواع العبادات، فإذا طابت وطهرت قبلك الله ووالاك، وإذا مت أنزلك بجواره.أما الروح الخبيثة العفنة المنتنة بأوضار الذنوب، والآثام، والشرك، والكفر، والربا، والزنا، وقتل النفس، والغيبة، والنميمة، والحسد، والكبر.. فهذه الظلمات صاحبها ما يرقى إلى السماء، ولا ترفع روحه إلى الله.والدليل على ما نقول: قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10]، فهذا حكم الله صادر علينا، فهل هناك من يعقب على الله ويبطل حكمه؟! أمَا قال في سورة الرعد: وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ [الرعد:41]؟ أيما قاضٍ يصدر قضاء أو حكماً قد يعقَّب عليه، قد يخطئ أو يجهل أو ينسى، أما الله فمن يعقب عليه؟! قَدْ أَفْلَحَ [الشمس:9] ما معنى: أفلح؟ التجار يعرفونه في تجارتهم، في مزارعهم، ألا وهو بمعنى: فاز ونجا من المرهوب وظفر بالمرغوب المحبوب. واسمع إلى حال أصحاب الأرواح الخبيثة التي سببها الكفر والتكذيب وعدم العمل بما تطهر عليه النفس، جاء في آية من سورة الأعراف ما ننساها: إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ [الأعراف:40]. وسم الخياط: الإبرة التي لها ثقب يدخل فيه الخيط، ذاك سم الخياط، فهل البعير أو الجمل الأورق يستطيع أن يدخل في عين الإبرة؟! مستحيل. إذاً: فصاحب الروح الخبيثة مستحيل أن يدخل دار السلام، إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ [الأعراف:40] يعني: لأرواحهم، فالروح لما تقبض يعرجون بها إلى السماء فتغلق الأبواب في وجهها وتهبط إلى الأسفل وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ [الأعراف:40]، الذين أجرموا على أنفسهم، فصبوا عليها أطنان الذنوب والآثام فنتنت وتعفنت، وما أصبحت أهلاً للملكوت الأعلى لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ فراش وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ أي: أغطية، فالنار فراشهم وغطاؤهم وَكَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ [الأعراف:41] هذا جزاء الظالمين أرضاً، الذين ظلموا أنفسهم الطيبة الطاهرة وهم صبية وغلاماناً، فلما بلغوا وأصبحوا مكلفين أخذ يصبون عليها أطنان الذنوب والآثام ظلماً لها، فخبثت وأنتنت وتعفنت، فلن يرضاها الله ولا نحن أيضاً.والآن لو يجيئنا فحل يلبس ثياب ملطخة بالقيح والدماء، والرائحة المنتنة، فهل نفسح له في المجلس؟ لا، وإنما نقول له: اذهب يا نجس، اخرج، فكذلك دار السلام دار الطهر والصفاء، لا يدخلها -والله- إلا الطيبون الأطهار الأصفياء، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:9-10].

الطريق إلى ولاية الله تعالى
معاشر المستمعين! هذه ذكرى لا ننساها، فلو قيل لنا: كيف نرجع إلى الله وقد غشينا الظلم والفسق والفجور، وخرجنا عن عبادة الله وطاعته، وتهنا في متاهات الحياة؟ ما الطريق؟ دلونا؟ تقولون على علم: لن تستطيع يا عبد الله أن تستقيم على منهج الله إلا إذا عرفت الله، وعرفت ما يحب وما يكره، وعرفت كيف تتملق وتتزلف إليه بأداء ذلك المحبوب، والبعد وترك ذلك المبغوض المكروه، فلا طريق إلا العلم، وكلمة إبراهيم وإسماعيل ما ننساها: رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ [البقرة:129]، فهل استجاب الله أو لا؟ نعم، استجاب في ذرية محمد وإسماعيل، وأصبحت تلك الأمة مضرب المثل في الكمال ثلاثة قرون، ثلاثة أجيال، ثم تسلط عليها الثالوث فهبط بها.فهيا نعد، فلا طريق إلا أن نعود إلى بيوت الله بنسائنا وأطفالنا، في جامع القرية أو الحي، وذلك كل ليلة من غروب الشمس إلى أن نفرغ من صلاة العشاء، فنحفظ آية من كتاب الله بعد أن نتغنى بها وتدخل كلها في قلوبنا، ثم يبين لنا المربي العليم الحكيم مراد الله منها، ثم العمل والتطبيق بها، يوماً آية ويوماً حديثاً، وعند ذلك سنة ويتغير وضع البلاد تماماً، ويصبح أهل القرية كلهم أولياء الله، حتى لو أنهم رفعوا أيديهم على أن يُزيل الله الجبال لأزالها.. على أن يدمر عدوهم لدمره، أما قال الله: ( ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه )؟أرأيتم أهل إقليم -مدنهم وقراهم- قالوا: الآن نعود إلى الله، وعادوا إلى تعلم الكتاب والحكمة في صدق، وأخذوا يتعلمون ويعملون، سنة أو سنتين فقط، كيف يصبحون؟ لاشك أنهم سيصبحون أولياء الله كالملائكة، وتهجرهم الشياطين من الإنس والجن. وإن أردت التفصيل: فوالله ما يبقى فقر، ولا هون، ولا دون، ولا ذلة، ولا مسكنة، ولا ظلم، ولا خبث، ولا شر، ولا فساد أبداً.. يصبحون فاعلين، يبحثون في الأرض ويخرجون كنوزها، ويزرعون فينبت النبت، وتنزل بركات السماء بدون أن يتكلفوا شيئاً، فقط قالوا: نرجع إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم، نحقق دعوة إبراهيم وإسماعيل، فيؤذن للمغرب فتأتي إلى القرية فلا تجد رجلاً ولا امرأة إلا في المسجد، دقت الساعة السادسة في المدينة فلا تجد أبداً إلا من هو يهرع إلى بيت الله، يتعلمون العلم الحقيقي: قال الله، قال رسوله، ويتدرجون في التطبيق والعمل، وبالتالي فمستحيل أن يبقوا فجرة أو فسقة أو مجرمين، سنة الله لا تتبدل.هذه هي الدعوة فقوموا بها، والعودة العودة والإنابة والتوبة الصادقة إلى الله.لما نجتمع في المسجد كلنا هل يبقى فينا من يقول: سامحوني أنا مالكي؟ هل سيوجد من يقول هذا الكلام؟ يستحي.هل سيوجد من يقول: أنا حنفي؟ هل يبقى من يقول: أنا زيدي؟ أنا أباضي؟! لا وجود لهذا، وإنما قال الله قال رسوله، أصبحنا أمة واحدة كما أراد الله، فالبعد عن الكتاب والسنة هو الذي مزقنا فرقاً وأحزاباً وجماعات. وهل يبقى بين الربانيين من يقول: هذا وطنه كذا وهذا كذا، وهم أمة واحدة؟!لا. يا حجاج بيت الله! يا وافديّ المسجد النبوي! هل علمتم هذا؟ ادعوا بهذا وبلغونا نزوركم، نزور هذه القرية التي إذا دقت الساعة السادسة أقبلوا على بيت الله، وهم مجتمعون بنسائهم وأطفالهم يتعلمون الكتاب والحكمة، ومن أراد أن يدلل نقول له: أهل قريتك أعلمهم بالله أتقاهم لله، أليس كذلك؟ بلى، فهل عرفتم علماء ربانيين زناة؟ لائطين؟ مرابين؟ خونة؟ والله ما كان، بل أعلمنا هم أطهرنا، فلا سبيل إلى الطهر والصفاء إلا هذا العلم فقط، العلم الجاد الصادق، نجلس في بيت ربنا نستمطر رحمته، ونطلب هداه ومعرفته، فاذكروا هذا ولا تنسوه.وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #330  
قديم 27-11-2020, 05:44 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة : Egypt
افتراضي رد: تفسير القرآن الكريم **** للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )



تفسير القرآن الكريم
- للشيخ : ( أبوبكر الجزائري )
تفسير سورة آل عمران - (37)
الحلقة (178)

تفسير سورة آل عمران (42)


تقوى الله عز وجل سبب كل فلاح، فلابد للعبد أن يتقي الله حق تقواه، باتباع ما أمر به سبحانه، وما أمر به رسوله صلوات الله وسلامه عليه، واجتناب ما نهى عنه سبحانه، وما نهى عنه رسوله صلوات الله وسلامه عليه، وبذلك يتحقق لهم الإيمان الحق الذي امتدحهم الله سبحانه وتعالى به في مواطن كثيرة من كتابه العزيز.

تابع تفسير قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته...)
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة. أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل، وها نحن مع نداء من نداءات الرحمن لأهل الإيمان، والنداء من سورة آل عمران، ونصه بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:102-103].

الحكمة من مناداة الله لعباده المؤمنين
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قد سبق أن علمتم-زادني الله وإياكم علماً-أن الله جل جلاله وعظم سلطانه لا ينادي عباده المؤمنين إلا لواحدة من أربع: إما ليأمرهم باعتقادي أو قولي أو فعلي، ما من شأنه أن يزكي نفوسهم ويطهر أرواحهم؛ لتستوجب رضاه والنزول بجواره، أو يناديهم لينهاهم عما من شأنه أن يُخبِّث نفوسهم، فيدنو من سخط الله وغضبه. وما ينهاهم عنه فقد يكون اعتقاداً باطلاً، أو قولاً سيئاً، أو عملاً فاسداً، إذ هم أولياؤه وهو مولاهم ووليهم، ولا يرضى لهم أبداً أن يتلوثوا، أن تتعفن أرواحهم فتصبح كأرواح الشياطين، فيلعنها بعد أن يسخط عليها، ويبعدها من ساحته، أو يناديهم ليبشرهم بما من شأنه أن يزيد في إيمانهم وأعمالهم الصالحة، أو يناديهم ليحذرهم، لينذرهم من مخاوف، من عقائد أو سلوك أو عمل، من شأنه أن يغضبه عليهم، وهم أولياؤه وهو وليهم، فلا يرضى لهم أبداً أن يخبثوا ويتلوثوا، أو يناديهم ليعلمهم العلم النافع لهم، ذاك العلم الذي هو نور يهتدون به إلى ما يحقق لهم إرضاء ربهم عز وجل عنهم، هكذا عرفنا فلا ننسى هذا.

نعمة الإيمان سبب لمناداة الله لنا
وشيء آخر يا معشر الأبناء والإخوان! ويا مؤمنات! من نحن حتى ينادينا رب السموات والأرض وما بينهما، الذي خلق الخلائق كلها، الذي أدار الأفلاك كلها، الذي بيده ملكوت كل شيء وهو على كل شيء قدير، الغني الذي كل شيء مفتقر إليه وهو غني عما سواه؟! من نحن حتى ينادينا؟! كيف أصبحنا أهلاً لأن ينادينا؟! الجواب: إنها نعمة الإيمان، لما آمنا به وعرفناه، وأحببناه ورغبنا في جواره وما عنده أحبنا، ولذلك ينادينا ليأمرنا أو ينهانا، ليبشرنا أو ينذرنا، ليعلمنا ما نحن في حاجة إلى معرفته والعلم به، فقولوا: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله.

مناداة الله لعباده المؤمنين بأن يتقوه حق تقواه
نادانا في هذا النداء ليأمرنا أولاً: بتقواه عز وجل حق التقوى، نادانا بعنوان الإيمان؛ لأننا مؤمنون، والمؤمنون أحياء يسمعون ويبصرون، يعقلون ويفهمون، يقدرون على الأخذ والعطاء، على الفعل والترك، أما الكافر فهو ميت، وهل الميت ينادى؟! وهل إذا نوديَ يسمع؟ وإذا أُمر يفعل؟ وإذا نهي ينتهي؟ الجواب: لا، وإنما ينادى الحي.وقد تذكرون برهنة هذا وقد تنسونها، كيف تفرقون بين حياة المؤمن والكافر؟ هل تذكرون ما علمتم؟ أن أهل الذمة من أهل الكتاب والمجوس في ديارنا لا نأمرهم بالصلاة، ولا نأمرهم بالصيام، ولا نأمرهم بالزكاة، ولا نأمرهم بالحج، ولا نأمرهم بالجهاد، ولا بالرباط، ولا بالصدقات، لماذا؟ خوفاً منهم؟! أليسوا تحت رايتنا ونحن السائدون؟! لمَ لا نأمرهم وننهاهم؟ لأنهم أموات، أتأمر ميتاً؟! كيف يعقل هذا؟! فإذا نفخنا فيه الروح وحيي وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله فمُره بالغسل يغتسل، مره بالصلاة يصلي، انهه عن الخمر وما يتعاطاه من المحرمات ينتهي؛ لأنه حيي، أصبح حياً بين الأحياء، أما وهو ميت فكيف نكلف الأموات؟! هل أدركتم هذه الحقيقة؟ برهنة كالشمس، والذي يرد عليك ويقول: ما هذا؟ كيف تفرق بين الأحياء وتقول: هذا حي وهذا ميت؟ فقل له: الحياة حياتان: حياة بهائمية لا قيمة لها، وأهلها كالأموات، بل هم أضل، وحياة حق، وهي حياة الإيمان والمعرفة، وهذه التي يُكلَّف صاحبها، وينهض بالتكاليف ويقدر عليها.

حقيقة الإيمان بالله تعالى وأصاف المؤمنين به تعالى
ما هو الإيمان؟ كل يدعي أنه مؤمن، فهل عرفت الله الذي آمنت به، أو تقول: هاه! لا أدري؟ كيف تؤمن بما لا تعرف؟! إن كنت آمنت فدلل وبرهن على إيمانك، وقد تعلمتم -زادكم الله علماً- آيتين واضحتين في القرآن الكريم، من أراد أن يمتحن نفسه هل هو مؤمن أو غير مؤمن فلينظر إلى آية في سورة الأنفال، وآية أخرى في سورة التوبة، فإن رأى نفسه تنطبق عليه تلك الآية مع مواكب المؤمنين فليبشر، وليهلل، وليكبر، وليحمد الله، وليقل: إني مؤمن، وإذا وجد غير ذلك فكيف يكون مؤمناً؟! وكيف يقول: أنا مؤمن؟! وأتل عليكم هاتين الآيتين لتشاهدوا بأنفسكم هل تنطبق فيكم أم لا؟الأولى: من سورة الأنفال، بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الأنفال:2]، يا عرب! إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الأنفال:2]، هذه الصيغة ترد على دعاة الإيمان بالباطل، إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ [الأنفال:2] بحق وبصدق لا بالادعاء والنطق، و(إِنَّمَا): أداة حصر وقصر إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا [الأنفال:2] أي: يرتفع منسوب الإيمان عنده، وكأنه يشير إلى المائة والخمسين إلى مائتين وعشرين، على الفور، دلالة على وجود إيمان حي، وإلا كيف يرتفع؟! إذا تليت عليه الآيات ولم يرتفع منسوب إيمانه فهو ميت وغير حي، إيمانه جامد ليس بسليم ولا صحيح، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2] فاللهم اجعلنا منهم، آمين. أجرح إخواننا، وهم مستحقون للجراح حتى يعالجوا أنفسهم، الذي يبيع المحرمات في مدينة الرسول توكل على الله؟! يقول: لولا بيعي لكذا وكذا.. ما حصلت على قوتي، ولا عشت! بالإجمال: المتوكل على الله لا يتعاطى ما حرم الله من أجل الخوف من الجوع أو المرض أو الموت، إذا أمره الله أو نهاه لا يبالي بمخاوف الشياطين وما تزينه أو توسوس به، ويصبر على ترك ما حرم الله، ذلك هو المتوكل على الله، الذي يفوض أمره إلى الله، إن عذبه حمده على التعذيب، وإن أسعده حمده على السعادة، اطرح بين يديه وفوض أمره إليه، إلا أن هذا يا أبنائي لا يتم لأناس ما عرفوا الله، كيف يتم لهم وهم ما عرفوه حتى يتوكلوا عليه؟! الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الأنفال:3-4]، هذه الآيات من سورة الأنفال ما سمع بها المسلمون؛ لأنهم لا يقرءونها على الموتى؟! إذاً: كيف وجدتم أنفسكم يا أبنائي؟ هل انطبقت هذه الآيات على كل واحد منكم أم لا؟ من وجد ذلك فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فليسأل الله من فضله.الآية الثانية: من سورة التوبة، وذلك لما ادعى المنافقون ما ادعوه من الإيمان، قال الله تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ [التوبة:71] بحق وصدق لا بالادعاء والنطق، و(أل) هنا للأصالة وللعراقة والمتانة في اللفظ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:71] بحق، وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71]، المؤمن ولي المؤمن، والمؤمنة ولية المؤمن والمؤمنة، ومن هنا سادهم الحب والولاء، فلا يكذب مؤمن على مؤمن، ولا يشتم أو يسب المؤمن المؤمنة، ولا يغش ولا يخدع ولا يهزأ ولا يستسخر ولا.. ولا.. فضلاً عن أن يتركه فريسة للعدو من الشياطين والإنس، بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] النصرة الكاملة، والحب الشامل الكامل، فالذي لا يحب المؤمنين -والله- ما هو بمؤمن، والذي يخذل المؤمنين ويهزمهم ويعرِّضهم للمحن والإحن والبلاء؛ والله ما هو بمؤمن، والذي ينهك أعراضهم ويأكل أموالهم ويمزق كرامتهم ويهينهم ويدوسهم بنعاله؛ والله ما هو بمؤمن.وإن قلتم: يا شيخ! أمة المسلمين هذه حالها في كل مكان، فالجواب: ما عرفوا الله حتى يؤمنوا به، كيف يعرفونه وما سألوا عنه، ولا قرعوا أبواب العلماء، ولا نزلوا على عتبة أبوابهم يطالبونهم بمعرفة الله؟! يسأل أحدهم عن البصل والثوم، وعن الفحم واللحم، ولا يسأل عن الله! كيف يعرف الله؟! وقد عرفتم الدليل على معرفة الله: هو حبه له وخوفه منه، فالذي لا يحب الله ما عرفه، والذي لا يخاف الله والله ما عرفه، ماذا نصنع؟ هيا نتعلم، قالوا: ما نستطيع أن نتعلم! لمَ لا نستطيع أن نتعلم؟ هذا أمر أعظم من أي عظيم في حياتنا، لمَ لا نتعرف إلى ربنا حتى نحبه ونخافه؟!إذاً: وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:71] بحق وصدق، وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ [التوبة:71] الولاء والبراء سائدة في الأحزاب والجماعات والمنظمات! وحب المؤمنين لبعضهم البعض فريضة الله، إذ إن آية الإيمان وعلامته: نصرة المؤمنين لبعضهم بعضاً؛ لأن ذلك من أوجب الواجبات، وألزم ما يلزم يا عبد الله ويا أمة الله، أما أن يزني بعضهم بنساء وببنات بعض، ويسرق أموالهم، ويحتقرهم ويزدريهم، ويتكبر عليهم، ويحسدهم ويبغضهم و.. و.. و.. من هذه الفضائح، ويقول: نحن مؤمنون! أين الإيمان؟! أين الولاء؟! يقتل بعضهم بعضاً، ولا يستطيع أحد أن يقول: هذا باطل أو منكر، أو يدعوا إلى صلح أو مصالحة، أين الولاء؟! يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [التوبة:71] فلهذا تدخل قرية المؤمنين أو مدينتهم لا تسمع -وإن عشت بينهم أربعين سنة- بأن فلاناً زنى أو فلانة زنت، بمن يزني وهو يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؟! كيف تزني هذه المرأة وهي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر؟! فلا تسمع أبداً بجريمة من الجرائم إلا نادراً؛ لفقدان وانطفاء نور الإيمان على العبد، فيحصل هذا مرة في زمانه، أما أن يعيش أهل البلد يزني بعضهم بنساء بعض، فهذا من المنكر العظيم، ولو أقص عليكم ما أسمع وما يسألونني تبكون الدماء، نسأل: أفي مدينة الرسول؟! ما هذا الذي حصل؟! ما هذه الانتكاسة؟! أردة بعد إيمان؟! أين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟! حتى الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يسخرون منهم، ويستهزئون بهم، ولا يلتفتون إليهم.

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 263.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 257.31 كيلو بايت... تم توفير 6.07 كيلو بايت...بمعدل (2.30%)]