دور المجتمع في الإصلاح والتغيير - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         أطفالنا والمواقف الدموية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          عشر همسات مع بداية العام الهجري الجديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          وصية عمر بن الخطاب لجنوده (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          انفروا خفافاً وثقالاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أثر الهجرة في التشريع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          مضار التدخين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          متعة الإجازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          التقوى وأركانها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الأمُّ الرحيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 30-11-2021, 11:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,858
الدولة : Egypt
افتراضي دور المجتمع في الإصلاح والتغيير

دور المجتمع في الإصلاح والتغيير (1)


د. ناظم المسباح



هذه ورقة بحثية قدمها الشيخ ناظم بن سلطان المسباح في مؤتمر: (الإصلاح والتغيير رؤية شرعية)، الذي عقدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت في ربيع أول عام 2013، ولأهمية تلك الورقة نعرضها على حلقات متتالية إن شاء الله.

بين الشيخ في مقدمة ورقته أن الإصلاح مطلب عظيم لاستقرار الدول واستمرار الحكم، ورفاهية الشعوب، وانتشار الأمن، وبغيابه ينتشر الفساد، ويكثر الخبث في تلك الأمم، ولقد جاء الإسلام بالإصلاح في كل مجالات الحياة، فأصلح للناس دينهم ودنياهم قال -تعالى- على لسان نبيه شعيب -عليه السلام-: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ} (هود :٨٨)، وجعل معيار الصلاح والإصلاح في موافقة شرعه، وجعل مخالفة شرعه إفسادا فقال -تعالى- : {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (الأعراف: ٨٥) أي بعد أن أصلحها الله بإرسال الرسل وإنزال الكتب، كما جعل الإصلاح المتمثل باتباع شرع الله ضمان من الهلاك كما قال -تعالى- : {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} (هود: ١١٧).

تعريف المجتمع لغةً

تعريف المجتمع في اللغة: لفظ مجتمع في اللغة اسم مشتق من جمع، فالجمع ضم الأشياء المتفقة، وضده التفريق والإفراد. وفي مختار الصحاح: «تجمع القوم اجتمعوا من هاهنا وهاهنا، ويطلق لفظ المجتمع ويراد به موضع الاجتماع أو الهيئة الاجتماعية، ثم نقل إلى الجماعة من الناس، ويلاحظ في التعريف اللغوي إطلاق لفظ المجتمع دون الالتفات إلى سبب الاجتماع.

تعريف المجتمع اصطلاحا

كانت كلمة المجتمع -من وجهة نظر الفلاسفة القدامی- ترادف كلمة الإنسانية، ثم تبلور مفهوم المجتمع ليطلق على أي مجموعة من الناس تربط بينهم مصالح دائمة، كالأسرة والعشيرة والقرية والطائفة من الناس التي تجمعها مهنة أو دين، والمجتمع كما يعرفه علماء الاجتماع هو : جماعات من البشر، تعيش على قطعة محددة من الأرض لفترة طويلة من الزمن تسمح بإقامة علاقات مستمرة ومستقرة معترف بها فيما بينهم، مع تحقیق درجة من الاكتفاء الذاتي.

مفهوم المجتمع المدني والأمة الإسلامية

المجتمع المدني: هو مجموعة من المنظمات السياسية والاجتماعية والمهنية والجماهيرية التي تعمل بين الدولة والمجتمع، وتعمل لتحويل دقائق الأمور في المجتمع إلى الدولة بأسلوب سلمي، أما الدولة: فهي المؤسسات والدوائر التي تدير السلطة، والسلطة في أحسن حالاتها يختارها المجتمع بانتخاب حر لمدة معينة ومحدودة؛ فالمجتمع المدني يقع في المساحة التي بين الدولة والمجتمع.

مفهوم شمولي

فالمفهوم هنا مفهوم شمولي، يجمع التنظيمات والمؤسسات خارج السيطرة الحكومية، ولعل السبب في إنتاج نظرية المجتمع المدني القائم على الديمقراطية هو الهروب من حكم الكنيسة وتسلطها على المجتمع، والمؤيدون لفكرة المجتمع المدني ينطلقون به على أساس الديمقراطية التي تعني قيام المجتمع بتشريع أنظمته وعلاقاته ويحتكم إليها بالتراضي.

المجتمع المسلم

أما المجتمع المسلم فإنهم يعرفونه بأنه: أفراد مسلمون مستقرون في أرضهم، تجمعهم رابطة الإسلام، ينتظمون بنظام الشريعة الإسلامية، ويرعى شؤونهم ولاة أمر منهم، فالمجتمع المسلم وإن كان يحمل فكرة التجمع نفسها، وينطبق عليه مفهوم المجتمع لغة إلا أنه يختلف عن مفهوم المجتمع الغربي من ناحيتين:

- الناحية الأولى: أن المجتمع المسلم لا تربطه أرض أو لغة أو جنس أو أي علاقة أخرى غير الدين الواحد والعقيدة الواحدة التي تعد من أهم سمات المجتمع المسلم.

- الناحية الثانية: أن المجتمع المسلم لا يخضع لنظرية الانفصال بين الدولة والمجتمع بمكوناته، فالمجتمعات الغربية إنما أنتجت مفهوم الدولة المدنية بواسطة ما يعرف بالدولة الديمقراطية أو المدنية التي تستمد سلطتها من الشعب ويفصل فيها الدين عن الدولة، أما المجتمع المسلم فإنه تربطه مع حاكمه أواصر العدل والشورى والمناصحة والطاعة بالمعروف، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن الإسلام لم يعط للولاة مكانة الحكم باسم الإله، ولم يرفع قدرهم فوق مستوى بشر، فلا يخطئون ولا يراجعون، فالمجتمع المسلم لا تجد فيه ذلك الانفصام بين الحاكم والمحكوم بل كلاهما يدخل في مضمون الأمة الواحدة، والمجتمع المسلم عبر عنه القرآن بالأمة التي تجمعها عقيدة الإسلام، بغض النظر عن أي اعتبار، فالمفهوم هنا هو مفهوم شمولي يجمع كل التنظيمات والمؤسسات خارج السيطرة الحكومية.

مفهوم المجتمع المسلم في القرآن

ويشهد لهذا القرآن الكريم بقوله -تعالى-: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} (آل عمران 110)، وقوله -تعالى-: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92). وتكاد هاتان الآيتان أن تحددا مفهوم المجتمع المسلم في ثلاث نقاط :

- الأولى: أنه أمة واحدة.

- الثانية: أن الرابط لمكونات هذه الأمة هو الدين {وأنا ربكم فاعبدون}، وهذا الرابط هو الأساس في بقاء قوام هذا المجتمع واستمراره.

- الثالثة: دور المجتمع بقوله: {تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله}.

- والخلاصة: أن المجتمع المسلم هو مجتمع رباني، ويستمد تنظيمه من نصوص الشريعة الإسلامية السمحة وأحكامها، التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية، ويرتبط أفراد هذا المجتمع برابطة الإيمان بالله، وهي رابطة الدين، وليست رابطة الدم ولا النسب ولا العصبية، وهي أشرف الروابط وأوثقها.

جوانب الإصلاح والتغيير المجتمعي

ينبغي على المجتمع المسلم أن يكون هدفه الأول في البقاء والبناء والتغيير هو تحقيق العبودية المطلقة لله -تعالى-، وتطبيق شرعه على المستوى الفردي وعلى مستوى المجتمع، ومن هذا الهدف تنطلق كل الأهداف الأخرى والإصلاحات والتغييرات.

أولاً: جانب التشريع

لا شك أن المشرع -أولا وآخرا- إنما هو الله -تعالى- وحده، فهو صاحب الحق في ذلك، وإنما يأتي دور الأمة بواسطة نوابها أو نقبائها لدى الدولة في تفهم نصوص الشرع واستنباط التشريعات في صورتها القانونية من تلك النصوص، ليتم إلزام المحكومين بالتقيد بها، وأهل الشوری سلطة ذات سيادة تنوب عن الأمة مباشرة، ولها مهام سيادية كالاختيار والرقابة وإصدار القوانين التي تنظم أمور الدولة فيما لا يخالف الشريعة الإسلامية.

ثانيًا: جانب الرقابة والمحاسبة

إن الحديث عن الإصلاح والتغيير يقتضي إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتحقيق مبدأ الحسبة بأنواعها في الإسلام، سواء حسبة الراعي على الرعية أم حسبة الرعية على الراعي، أم حسبة الرعية على الرعية، فالحسبة بمعناها العام هي تجسيد لمبدأ رقابة الأمة وسلطتها الممنوحة لها من رب العالمين، ويمكن أن نقسم رقابة الأمة إلى قسمين:

القسم الأول: مبدأ الرقابة والمحاسبة

الحسبة هي الاسم الشرعي لإشراك الأمة في مبدأ الرقابة والمحاسبة، ومن المعلوم أن هذا المبدأ هو أحد ركائز ما يسمى في هذا العصر بالنظام الديمقراطي، الذي يقوم في الأصل على مبدأ إشراك الأمة، غير أن هذا النظام باصطلاحه الأصلي يتجاوز بالأمة أيضا حدوده لا يجوز تجاوزها عندما يعطيها حق التشريع المطلق، والفقه الإسلامي احتوى على إشراك الأمة في القرار وهو نظام الشورى الذي ورد في القرآن، وعلى تكليفها بالرقابة على الدولة، ومتابعة التزامها بالدستور الذي هو الشريعة الإسلامية، وتقويمها إذا انحرفت عنه، كما احتوى على تحميل الأمة مهمة النهوض بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع لحمايته من انتشار عوامل ضعفه أو تفككه، أو فقدان هويته وذوبانه في هوية ثقافات أجنبية أخرى، وقيد كل هذه المهام بأن تكون وفق هداية الله -تعالى- والتزام شريعته، غير أن هذا الأمر ليس موكولا لأحاد الناس يقوم به، بل هو من مهام أهل الحل والعقد من العلماء والوجهاء في الأمة، وهو في بعض الدول موكول إلى ما يسمى بمجلس الشورى، أو مجلس الأمة كإحدى الوسائل التي تمتلكها الأمة تجاه حاكمها.

الأمة ذات سلطة وسيادة

ولأن الأمة ذات سلطة وسيادة، فقد أنيط بها تنصیب حاكمها ليقوم بأمورها ويرعى مصالحها، ويسوس دنیاها بدينها، ومن دون أن يكون للناس إمام مطاع أو سلطان يحمل الناس على الحق لا يمكن أن تنتظم أمورهم ولا تتحقق مصالحهم ولا يقام الدين فيهم، كما أنيط بها مبايعته ونصرته والذب عنه وطاعته في غير معصية الله، وعدم الخروج عليه ما دام مستوفيا شروط الولاية قائما بحقها، والنصح له في كل أموره، قال -عليه الصلاة والسلام-: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامتهم».

القسم الثاني: رقابة الأمة على بعضها

ومقتضاها أن يكون ضمن مؤسسات المجتمع التي تشرف عليه الدولة ما يكون اختصاصه حفظ واجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الأمة، ومراقبة حال المجتمع، ومدى تمثل مبادئ الإسلام فيه، أو بمعنى آخر الرقابة على الجانب الاجتماعي والحفاظ عليه من الانحراف والشذوذ؛ إذ بانحرافه ينحرف المجتمع ويكثر الخبث، ونقصد بالجانب الاجتماعي الذي يخضع لرقابة الأمة كل ما يتعلق بالمجتمع من قيم ومبادئ وعادات وتقاليد وعلاقات تنشأ بين أفراده سواء على مستوى الأفراد أو العائلة أو القبيلة التي لا يقوم المجتمع إلا بها.

المهمة الجليلة


وأول من يكلف بهذا المهمة الجليلة والفرض العظيم أولو الأمر وهم العلماء والأمراء، كما قال شیخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: «ولذلك كان أولو العلم هم الأمراء والعلماء إذا صلحوا صلح الناس وإذا فسدوا فسد الناس، ولما سألت الأحمسية أبا بكر الصديق ما بقاؤنا على هذا الأمر؟ قال ما استقامت لكم أئمتكم».





أهمية الإصلاح بالنسبة للمجتمع


الحديث عن الإصلاح يقتضي وجود فساد حقیقي، مما يقتضي على الأمة القيام بإصلاح هذا الفساد وتقويم هذا الفاسد أو تغييره، ومعالجة أسباب الفساد وقطع موارده والطرق التي تؤدي إليه، والإصلاح الذي نقصده ليس مجرد التوفيق بين متخاصمين فحسب بل هو أشمل من ذلك، فهو يتناول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والنصيحة بمعانيها التي وردت في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم»، إذا: فالإصلاح بهذا المعني الشامل هو الدين كله، وهو الحصن الحصين لبقاء الأمة وحدة متماسكة، يُحمى فيها حق الضعيف، ويؤخذ حق المظلوم من الظالم، ويندر فيها الخلل، ويقوي الرباط بين أفراد الأمة، ويسعى بعضها في إصلاح بعض، وبالإصلاح يصلح المجتمع وتأتلف القلوب، وتجتمع الكلمة، وينبذ الخلاف، وتزرع المحبة والمودة، وقد أمر الله -تعالى- بالإصلاح في كتابه فقال -جل شأنه- : {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم} (الأنفال 1).
















__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 30-11-2021, 11:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,858
الدولة : Egypt
افتراضي رد: دور المجتمع في الإصلاح والتغيير

دور المجتمع في الإصلاح والتغيير (2)


د. ناظم المسباح


ما زلنا في استعراض الورقة البحثية التي قدمها الشيخ: ناظم سلطان المسباح في (مؤتمر الإصلاح والتغيير رؤية شرعية) الذي عقدته وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت في ربيع أول عام 2013، وقد استعرضنا في الحلقة الماضية مفهوم المجتمع المدني والأمة الإسلامية، وجوانب الإصلاح والتغيير المجتمعي، وذكرنا منها جانب التشريع، وجانب الرقابة والمحاسبة، واليوم نستعرض واجبات المجتمع في الإصلاح والتغيير.

بين الشيخ المسباح أن الإصلاح يحتاج إلى رقابة دائمة من قبل المصلحين، وسبر لأسباب الفساد ومعالجتها ودراسة مكامن الضعف في الأمة التي تفضي دائما إلى المفاسد، وعلى ضوء ذلك تترتب أولوياتهم في الإصلاح بحسب خطورة الأسباب المفضية إلى الفساد.
ثم لخص الشيخ المسباح واجبات المجتمع في الإصلاح إلى ما يلي:
1. العناية بإصلاح الفرد
نستطيع أن نقول: إن المجتمع يتكون من (إنسان وفكر) فإذا عني المجتمع بالإنسان وفكره صلح المجتمع، وبفساد الأفراد تفسد العلائق وينهار البناء المجتمعي، ولأننا شعب مسلم، ننطلق من مبدأ إيماننا بأن هذا الدين هو الدين الحق، وهو الحاكم وهو المربي للإنسان؛ فإن معيار الصلاح عندنا يكون في نظر الشرع فقط، «ولا يكون الفرد مواطنا صالحا في نظر الشرع إلا إذا كان مسلما صالحا؛ لأن صلاح الأوطان وأمنها وازدهارها يتطلب مسلما صالحا، وصلاحه يتجلى في إعداده لنفسه كي يكون لبنة صالحة وقوية في الطرح الاجتماعي، وهذا يعني استقامته في أموره الشخصية حتى لا يكون عامل إفساد، أو عبئا على أهله أو على الدولة، كما يتطلب قدرته على الإسهام في حمل الكل والضعيف والمنكوب وصاحب الظرف الصعب والطارئ».
٢. العناية بإصلاح الأسرة
تعد الأسرة النواة الأولى لبناء المجتمع، وبقدر ما تكون الأسرة قوية متماسكة بقدر ما يكون المجتمع قويا متماسكا، متينا مثمرا متحضرا، ولذلك جاء اهتمام الإسلام ببناء الأسرة المسلمة، وإقامتها على أدق الأسس الاجتماعية وأرقاها، فالاهتمام بأمر الزواج الذي هو الخطوة الأولى لبناء الأسرة المبني على الرغبة التامة في بناء الأسرة، واستحضار المقصد الحسن للزواج القائم على الألفة والمحبة بين الزوجين، ثم الاهتمام برعاية الأولاد والقيام بحقهم من النفقة وحسن التربية، والاهتمام بحمل مشكلات الأسرة المالية والخلافات الأسرية تعد من أساسيات بناء الأسرة وتحصينها من الانهيار، وتجعلها أسرة صالحة منتجة تشكل لبنة قوية من لبنات المجتمع المتماسك.
٣. العناية بالقيم والأخلاق الحميدة وحراستها وتطويرها
كما لا يخفى على أحد أن بقاء الأمم مرهون ببقاء الأخلاق والقيم الكريمة فيها قال أحمد شوقي:
فإنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
وقال:
وإذا أصيب القوم في أخلاقهم
فأقم عليهم مأتما وعويلا
فالأخلاق الحميدة التي يتحلى بها الفرد، والقيم الفاضلة التي يعتنقها والمستمدة من عقيدة التوحيد ومبادئ الشريعة تقوم بدور أساسي في التأثير على سلوكه ونشاطاته، بل وممارساته اليومية بل وعلى جميع مظاهر حياته.
تأثير إيجابي على الفرد والمجتمع
إن الأخلاق الحسنة لها تأثير إيجابي على الفرد والمجتمع، وهذا التأثير لم يكن الاهتمام به من أجل تحصيل الأجر والثواب والفوز برضوان الله -تعالى- فحسب، بل هو أسلوب ومنهاج عملي وفاعل في التأثير في المجتمعات، فما خلا مجتمع من الأخلاق إلا وعمه الخراب والفساد، وهجمت عليه البلايا والمحن.. وهذا بالفعل ما نراه ملموسا في كثير من المجتمعات في وقتنا الحاضر كما جاء في حديث زینب بنت جحش أنها قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: «نعم إذا كثر الخبث»، والخبث هو الفسوق والفجور والمعاصي وانتشارها إيذان بزوال المجتمعات وهلاك الأمم ولذلك كان من أولى واجبات المجتمع والدولة هي حماية جانب الأخلاق، وتنمية محاسنها، ومحاربة مساوئها، وإن أي إهمال لجانب الأخلاق ينتج عنه عواقب وخيمة، وربما تذهب معه ضرویات الحياة الخمس (الدين، والنفس، والعقل، والنسل، والمال) فانتشار الرذيلة مؤذن بذهاب ضرورة النسل والكذب والغش والخيانة بين الناس مؤذن بذهاب ضرورة المال، وقس على ذلك بقية الضروريات الأخرى.
4. العناية بالعلم والتعليم
فالمجتمع الجاهل مجتمع سلبي غير منتج، يأخذ ولا يعطي تابع لكل من أحسن إليه، والحكومات مهما كانت غنية لا تستطيع تحمل مسؤولية النهوض بمجتمع كهذا دون أن تعلمه، ويكاد يجمع علماء التنمية والاقتصاد أن أساس التنمية في أي دولة يقوم على العلم، ولذلك أولت الدول الكبرى هذا الجانب اهتماما كبيرا، وأنفقت الأموال الطائلة في سبيله، والإسلام دين العلم، فأول آية نزلت من القرآن تأمر بالقراءة التي هي مفتاح العلوم قال -تعالى-: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} (العلق:1-5)، فالإسلام دین شامل كامل، يدعو إلى العلم والتقدم الذي تستفيد منه الحضارة الإنسانية, ويعده مفتاح التغيير والإصلاح في كل زمان ومكان، وما كانت البشرية لتصل إلى ما وصلت إليه لولا إنتاج العقل المبني على العلم والبحث العلمي الذي أسس له المسلمون.
5- تشجيع العمل التطوعي
انتشار الجمعيات الطوعية والنقابات والمؤسسات المدنية ظاهرة صحية، تدل على وعي المجتمع بحقوقه وواجباته، وتسهم في بناء دولة قوية البنية، وتعمل على توجيه مشاركة الأفراد في الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية وتنظيمهم في جماعات أكثر قوة للتأثير على السياسات العامة، ولقد أثبتت الجمعيات الخيرية والمنظمات الطوعية مقدرتها على حل أزمات كثيرة حلت بالأمة وسد حاجات المجتمع على اختلافها وتنوعها، وإقامة المشاريع التنموية الخيرية التي ساعدت في تأمين فرص عمل وحياة أفضل للأسر الفقيرة، بل هناك كثير ممن يرى في وجود الجمعيات الخيرية وقوة حضورها في المجتمع أنه دليل رقي ذلك المجتمع وعلو درجة تحضره؛ فالدولة المتقدمة وعلى ما عليه من غنى اقتصادي وقوة في تنظيم شؤون حياة مجتمعها، إلا أن كثيرا من حاجات تلك المجتمعات تكفلت بها المجتمعات نفسها، وذلك من خلال مؤسساتها الخيرية الكثيرة والمتنوعة لكن الجمعيات والمنظمات لا تزال تعاني قصورا في الخبرات والتخطيط، كما تعاني كثيرا من الإقصاء والإخضاع المتغيرات السياسة؛ مما يحد من إنتاجيتها والاعتماد عليها، وهذا يتطلب من المجتمع والدولة تشجيعها والإشراف عليها وتطويرها بما يتناسب ومتطلبات أهدافها كونها رافدا مهما للبناء والتنمية، ووسيلة صالحة للإصلاح في المجتمع.
6. القيام بحق العلماء والمصلحين وأهل الفضل في المجتمع
فإن هذا الصنف من الناس هم أمان المجتمع وحصنه المنيع الذي يحول دون الانهيار الديني والأخلاقي، ويمكن أن نجمل حقهم على المجتمع بما يلي:
- معرفة فضلهم وقدرهم وإنزالهم منازلهم:
فقد أخرج أبو داود وغيره عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه وإكرام ذي السلطان المقسط»، قال النووي: (باب توقير العلماء والكبار وأهل الفضل وتقديمهم على غيرهم ورفع مجالسهم وإظهار مرتبهم).
- الذب عنهم وعدم التنقص من حقهم:
وذلك لأن الكلام على أهل الفضل وسبهم وتنقصهم وتتبع هفواتهم وزلاتهم ينقص من هيبتهم لدى الناس، ويجرئ أهل السوء والسفه عليهم، وإذا صار السفيه يطعن في أهل الفضل ويتصدر الناس ويتوارى المصلحون وأهل الفضل والشرف فيتوارى معهم ما يحملونه من علم وأدب وحلم وصلاح ودين فانتظر الساعة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة».
- تقديمهم على غيرهم وتمكينهم من الإصلاح:
وهذا يقتضي أن يؤخر أهل السنة ويقدم الجهلة وأصحاب المصالح الشخصية، قال النووي عند شرحه لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «ليلني منكم أولو الأحلام والنهى»: قال -رحمه الله- في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام؛ لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة، ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس وليقتدي بأفعالهم مَن وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس كمجالس العلم والقضاء والذكر والمشاورة، ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والإفتاء وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك، وفيها تسوية الصفوف واعتناء الإمام بها والحث عليها» انتهى كلامه -رحمه الله.
7. مبادرة أهل العلم والفضل إلى الإصلاح
أن يبادر أهل العلم والفضل والصلاح إلى قيادة الناس، والأخذ على يد مفسديهم والنصح لهم، وهذا واجب النخبة في المجتمع، وهي الأمانة التي حملوها أمام الله -تعالى- تجاه أمتهم وألا يتأخروا أو يتقاعسوا عن هذا الدور المنوط بهم فيتركوه لغير أهله، وما تصدر أهل السفه والجهل مجالس الناس ومنابرهم ونطق الرويبضة في أمر العامة إلا عندما تأخر أهل الفضل والإصلاح وتقاعسوا عن واجبهم في قيادة الناس ونشر الدين والصلاح في الأمة، يقول الشنقيطي -عليه رحمة الله-: وإذا تقاعس العلماء وطلاب العلم عن الدعوة والجهاد في سبيل الله وإصلاح العباد وتقريبهم من ربهم، فمن الذي ينذر ويبشر ببشارة الله، ويقيم حجة الله على عباد الله؟
ولله در القاضي عبد الوهاب -رحمه الله- في أبياته اللطيفة:
متى تصل العطاش إلى ارتواء
إذا استقت البحار من الركايا
ومن يثني الأصاغر عن مراد
وقد جلست الأكابر في الزوايا
وإن تَرَفُّعَ الوضعاء يوما
على الرُّفعاء من إحدى البلايا
والمعنى أنه إذا كان العلماء والأكابر أهل الفضل جلسوا في الزوايا يتعبدون، إذًا لتصدر صغار السبت والأحداث لقيادة الأمة، وعندها لا تسأل عن فساد الأحوال.
8. العمل على إزالة الخلاف وأسبابه
فالخلاف شر ولا سيما إذا كان بين النخبة من العلماء والدعاة والمصلحين ووجهاء القوم الذين يصلح المجتمع بصلاحهم، ويفسد بفسادهم، فهذا الصنف من الناس هم أولو الأمر في الأمة، وقد حملهم الله أمانة قيادتها وإرشادها كما حملها طاعتهم وتوقيرهم، فإذا اختلفوا اختلفت الأمة باختلافهم وضعفت وساد أهل السوء وأفسدوا، قال -تعالى-: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال:46).


من واجبات المجتمع في الإصلاح

1. العناية بإصلاح الفرد

٢. العناية بإصلاح الأسرة
٣. العناية بالقيم والأخلاق الحميدة وحراستها وتطويرها
4. العناية بالعلم والتعليم
5. تشجيع العمل التطوعي
6. القيام بحق العلماء والمصلحين وأهل الفضل في المجتمع
7. مبادرة أهل العلم إلى الإصلاح
8. العمل على إزالة الخلاف وأسبابه





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 78.71 كيلو بايت... تم توفير 2.35 كيلو بايت...بمعدل (2.90%)]