|
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
الحب عذب!
الحب عذب! محمد حسن العمري كَتب ابنُ خالي على أحد جدران بيتهم: (الحب عذب)، وحاولتُ جاهدًا توضيحَ الخطأ الإملائي الذي وقع فيه؛ بنسيانه الألف، إلَّا أنَّه أبى وعَانَد. ومضَت الأيام، وبقيَت تلك الكتابة راسخةً بذلك الجدار، ولمَّا أراد ذلك الجدار أن ينهدَّ، تعلَّقَت تلك العبارة بذاكرتي، وهي باقية إلى اليوم! احتار فيه الفلاسفةُ والبلغاء، وتوقَّف عنده العارفون والحكماء، جلبوا عليه بنَثرهم وشِعرهم ورَجزهم، ورجعوا وهم أكثرُ قناعة عن معرفته بعجزهم. الحبُّ: شعورٌ ثائرٌ خافِت، وحديث جاهرٌ صامِت، يملأ القلبَ نقاءً وطهرًا، والعينَ سُهدًا وسهرًا، يتهادى متعاطوه الوردَ، ويغشى أطرافهم عرقٌ وبرد. عندما هممتُ بالكتابة عن الحبِّ، نازعَتني في الكتابة عنه نفسي، ولم تَعلم أنَّ فيه قُوْتِي ونَفَسي، قالت: كيف؟! والشباب قد ولَّى، والعنفوان تخلَّى؛ معرِّضةً ببياضٍ تبادى، ونُضارٍ تهادى؛ فأجبتُها: خُلقتُ ألوفًا لو رجعتُ إلى الصبا ♦♦♦ لفارقتُ شَيبي مُوجع القلبِ باكيا قالت: لقد تغيَّرتَ كثيرًا، وفارقتَ وثيرًا، أين تلك العبارات الفتَّانة، والأبيات الهتانة؟ قلت: لعينيك ما يَلقى الفؤادُ وما لقي وللحبِّ مالم يبقَ منِّي وما بقي وأحلى الهوى ما شكَّ في الوصل ربُّه وفي الهَجر فهْو الدَّهر يَرجو ويتَّقي قالت: إذًا، أدرِك معناه، ولا أظنُّك تلقاه! اجتهد كثيرٌ في كشف معناه، فهذا الحافظ القرطبي يقول: (المحبَّة: مَيل لما فيه غرض، يستكمل به الإنسان ما نقصه، وسكون لما تلتذُّ به النَّفس وتكمل بحصوله). وقال القاضي عياض: (المحبَّة: هي مَيل الإنسان إلى ما يوافقه). ويبقى نزار من القلائل، الذي اقترب كثيرًا منه، ولكنَّه لم يصِل! هو أن تظلَّ على الأصابع رعشةٌ وعلى الشِّفاه المطبقات سؤالُ هو جدولُ الأحزان في أعماقنا تنمو كروم حوله وغِلالُ هو هذه الأزمات تَسحقنا معًا فنموتُ نحن وتزهر الآمالُ هو أن نَثور لأيِّ شيءٍ تافهٍ هو يَأسنا هو شكُّنا القتَّالُ هو هذه الكفُّ التي تغتالنا ونقبِّل الكفَّ التي تَغتالُ قال يحيى بن معاذ: إلهي، الحب أعتقده لك طائعًا، والذنب آتيه كارهًا؛ فهَب كراهةَ ذنبي لطواعية حبِّي! إنَّك أرحم الراحمين.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|