يوم أن أحدث الصمت صوتا! - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-09-2021, 01:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي يوم أن أحدث الصمت صوتا!

يوم أن أحدث الصمت صوتا!
محمد صادق عبدالعال






جدِّي الذي جاءني آنفًا في المنام، عاوَد المجيء تلك الليلة مقتحمًا حجرةَ نومي؛ يسحبني من سريري وآثارُ رقادي غائرةٌ في الفراش، حاولتُ أن أواريَها فلم أستطِع، ويجرُّني إليه وأنا أستغيث استغاثةَ هارون؛ فيسألني بغلظةٍ:
أين أعمامك؟
أتورَّع عن الإجابة، وأدَّعي النجابة، فأقول:
هم في شغل.

يكرِّر السؤال ملوحًا بالعصا، فأجبن من لسعاتها وأقرُّ:
كان الخلاف المحتدم بين كِلا الفريقين قد حَدا بكلِّ واحد منهما أن يجمع شتاتَ أشياعه، ويحفزهم على اتِّباعه، وتعدَّدَت الحاجات والإغراءات، فجاؤوا على أشكال عديدة.

وماذا بعد؟
قلتُ بحذر من مغبَّة نزول العصا على جسدي:
تآمروا وتآمرْنا، وتوعَّدوا فتوعَّدنا، وإن عادوا لجادَّة الصَّواب عدنا؛ ولما لم يصبِح لدينا خيار سوى المعركة.. التقينا.
متعجبًا: التقيتم؟!
نعم، التقينا وأودعنا أرضنا مَن قال: إنَّه سوف يصلح أو يفصل بيننا.
واستحالت دمدمة؟!
استحالت دمدمة.
أخٌ من شيعتك وآخَر من عدوِّك؟!

أبصرتُ جدِّي حينها وقد هَرم ألف عام فوق عمره المُنصَرم، حزنت لأجله وهو يتمتم:
إنَّما أشكو بَثِّي وحزني إليه.

وإذا به يشبُّ عن طوق الكبر وينادي بعالي الصوت:
يا فاطمة!
يا فاطمة!
تعجَّبت:
إنَّها صائمة!

قال:
فلتفطِر؛ صيامها هذا لا هو فرض ولا نافلة، يا فاطمة!
فَخَرجت خجلًا ووجلًا.
أين كنتِ يا فاطمة؟ أين كنت يوم أن تساجل الولدان بأرض المعركة؟!
أين كنتِ يا فاطمة يوم أن سَلَّموا البُعَداء أرضًا مباركة؟!
أين كنتِ ساعة أن ولَّووا وجوههم شطر (الأمركة)؟! أين كنت؟!
ما أراكِ إلا وقد قصَّرتِ في الوصيَّة (فاطمة).

انخرطَت حينها عمَّتي (فاطمة) في البكاء، وكأنَّ صومها الطويل قد أروَتْه دموعًا؛ فأعياني ذلك منها، وأهَمَّ نفسي وهَزَّ كياني، واستنزف من عيني عَبرتها ونما لفؤادي بلاذع الخفقان، وحَنَّ لها جدِّي فانحنَتْ على صدره حتى اطمأنَّت وقالت:
كنَّا في الليالي المعتمة، ننير الدنيا بسراج "البينة"، وساعة أن أناديهم: يا رجال إنَّ الصلاة قائمة، تراهم يصطفُّون صفًّا صفًّا كأنَّهم أقمار الشهور العربيَّة وأهِلَّتها، أو كصلاح الدين في حطِّين، أو كالظاهر بيبرس في المنصورة، أو قطز في عين جالوت، أو كجيش أبي بكر في لقاء مسيلمة.

أو... أو...
وماذا حدث يا فاطمة؟

أطلق الآخر أسهمَه، أسهمٌ تنفذ للقلوب والأفئدة، تغيِّر لون الدم ومجرى الأوردة، حتى أُشرِبوا محبَّة كل واردة، وهانت في عيونهم سُنن (الراشدة).

وماذا بعد يا فاطمة؟

قلت:
احذروا، لا تأتي ريحُ الغرب دومًا بالسلامة؛ أسألكم الاستقامَة والقوامة للشِّرعة الجامعة.

قالوا:
لا تكوني كالمُحتَظر بهشيم ونحن الدَّاجنة!
وماذا بعد يا فاطمة؟ أين ذرارِيكِ يا فاطمة؟
في المعمعة والصَّومعة، وكثير منهم إمعة.
أُمهلك ثلاثًا لتعيدي الأولاد للمائدة.

حينها انطلقَت عمَّتي فاطمة ناحية "جرة الماء" الكبيرة الفارغة من زمَن، والتي كانت تتوسَّط صحن الدار؛ يشرب منها الوارد والصادر والراعي لشياهٍ أيس الذِّئب من لحومها، فأدركت مقصدها فسألتها:
تبغينها تنبض بالماء ثانية؟
لم تردَّ.
أحمِلُها عنكِ؟
لم تردَّ.
النيل موردك؟
لم تردَّ.
دِجلة؟
لم تردَّ.
الفرات؟
لم تردَّ.
نهر الأردن؟
لم تردَّ.


أدركتُ أنها نوت الصِّيامَ من جديد، قلت:
جدِّي خير مَن يبصِّرني حتى ولو نهرني، رجعت إليه فلم أجِده، لكنَّ عصاه القديمة ما زالت معلَّقة بزاويةٍ من جدار البيت الكبير.

سيأتيني جدِّي مرة أخرى في المنام، وسوف يوافيني بالمرام، والسَّلام.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 55.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 54.24 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (3.14%)]