انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان الإسلامي (السودان الأوسط "تشاد" نموذجًا) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216131 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7834 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 62 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859673 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394004 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 87 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 66 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث > ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم قسم يختص بالمقاطعة والرد على اى شبهة موجهة الى الاسلام والمسلمين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-07-2021, 10:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان الإسلامي (السودان الأوسط "تشاد" نموذجًا)

انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان الإسلامي
(السودان الأوسط "تشاد" نموذجًا)
محمد صالح يونس ضوّاي



المقدمة:
بدأت الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية في السابع عشر من رمضان في الأربعين من مولد الرسول - صلى الله عليه وسلم - الموافق السادس من أغسطس سنة ست مئة وعشرة ميلادية. ولم تمض فترة طويلة حتى عمت هذه الدعوة جميع أقطار العالم إما بفتح مبين وإما بحسن المعاملة والمعاشرة.
إن الدعوة الإسلامية ليست ككل الدعوات السابقة التي غالبا ما تختص بأمة واحدة فقط، ولهذا فإن الفارق الجوهري بينها وبين الدعوات الأخرى هو العالمية التي اختصت بها دون غيرها، لمواكبتها لجميع مستويات الظروف الإنسانية.
وقد وجد بعض المدعوون إليها هذه السمة المتميزة، فمالت قلوبهم ومن ثم دخلوا فيها باختيار وحرية تامة. ومن أولئك الذين نظروا في الإسلام ووجدوا فيه ما يسرهم ملوك "الكانميين" الذين كانوا سببًا مباشرًا في نشر الدعوة الإسلامية في تشاد وأفريقيا بصفة عامة.
ولما جاء الإسلام إلى هذا المجتمع لم يفكر في سوء نية دعاته بقدر ما تأملوا سلوكهم وتصرفاتهم النبيلة. وقد ساعد هؤلاء الدعاة عوامل عديدة في نجاح دعوتهم منها نظافة البيئة التشادية من أي طرح أيديولوجي واستقرار الدولة وثقافة حكامها إلى غير ذلك من الإرهاصات التي رافقت الدعوة الإسلامية ولا شك أنها من رعاية الله - عز وجل - وسوف نتطرق لكل هذه المسائل بالتدريج في هذا البحث الصغير أن شاء الله.
وقد اشتملت هذا الدراسة على مبحثين رئيسيين وفي كل مبحث ثلاثة مطالب ثانوية ونقاط أخرى فرعية.
المبحث الأول: تحديد المفاهيم والإطار المكاني للبحث
لعل من المفيد في مجال البحوث العلمية يجب علينا أولا تحديد مفاهيم البحث واحتواء إطاره المكاني، حتى تكون معالمه واضحة جلية أمام القارئ. لأجل ذلك حاولنا أن نمهد للموضوع - وهو انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان - بمبحث يحدد مفهوم الدعوة الإسلامية، ويصف الإطار المكاني الذي يهدف البحث إلى دراسته. ولتبيين ذلك لابد من تجزئة الموضوع إلى عدة مطالب:
المطلب الأول: مفهوم الدعوة والدعوة الإسلامية:
المفهوم اللغوي للكلمة: في المصباح المنير، الدَّعْوَةُ بالفتح من دَعَوْتُ الناس إذا طلبتهم ليأكلوا عندك طعاما، فيقال: نحن في (دَعْوَةِ) فلان و(مَدْعَاتِهِ). ومن هنا قال طرفة بن العبد:
نحن في المشتات ندعو الجفلى *** لا ترى الآدب فينا ينتقر
وتأتي كلمة دعوة بمعنى الصياح أو النداء، دعا فلانا أي صاح به، ومنه قول الشاعر:
وَداعٍ دَعا يا مَنْ يُجيبُ إِلى النَّدَى *** فلم يَسْتَجِبْه عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ
وقد يتعدى الفعل دعا بحرف الجر إلى فيراد بها الحث على فعل شي، فيقال: دعاه إلى الطعام، ودعاه إلى الله. قال - تعالى -: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)[فصلت: 33].
وتأت بمعنى التسمية، قال - تعالى -: (قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا)[الإسراء: 110].
وتطلق ويراد بها التبليغ والاستغاثة، إلى غير ذلك من المعاني ذات الدلالات المتقاربة.
فيلاحظ أن الكلمة العربية تأخذ شكلها من ثقافة البيئة المحيطة بها ثم تتطور بتطور المعرفة الإنسانية، فبدلا من أن كانت يعبر بها في بدئ الأمر على شيء حسي وهو الطعام الذي يدل على الكرم، أصبحت فيما بعد تطلق على عدة معان معنوية، ولكن هذه المعني المعنوية متضمنة لتلك المعاني الحسية، فإذا كان الآدب يقدم للجفلى غذاءً روحيًا فإن الداعية أو المنادي للصلاة أو...يقدم لمن يدعوه غذاءً روحيًا.
أما إذا جمعنا كل المعاني التي تدور حول كلمة دعا فإننا نجدها تتمثل في اللين والتلطف والرقة. بعكس التنصير بتضعيف العين الذي يحمل معاني القوة والشدة، ولهذا فإن بعض الممارسات تستمد قوتها من المصطلحات أحيانا. قال - تعالى -في صفات الدعاة المخلصين: ? وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ? [فصلت: 33]. فالآية ركزت على خصلتين أساسيتين في الداعية هما: القول الحسن والعمل الصالح، وبدون هاتين الخصلتين لا يحقق الداعية من دعوته إلا نتائج غير محمودة.
المفهوم الاصطلاحي للكلمة: لقد حظيت الدعوة الإسلامية بتعريفات لا تحصى ولا تعد من قبل البحاث والمختصين في شتى المجالات التربوية منها والاجتماعية والنفسية والدينية والإعلامية، حتى أصبحت حقلًا معرفيًا له وزنه في مناهج الجامعات ومقاعد الدراسات العليا.
وقد اختلف هؤلاء الباحثين جميعا في تعريف الدعوة ولم يجمعوا على تعريف جامع مانع لها، وذلك لتباعد مشاربهم في حقول المعرفة العلمية، وتطور أساليب الدعوة وتباين أنماط المدعوين واختلاف ظروفهم المكانية والزمنية.
فالدعوة الإسلامية بدأت سرية على يد الرسول - صلى الله عليه وسلم - ثم بدأت تتسع دائرتها وتتطور وسائلها حتى عم نسيمها الأرجاء، ولا زال الدعاة يقودون قافلتها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لأن الدعوة تختص بغير المسلمين فقط، قال - تعالى -: (وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ * وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)[الذاريات: 55-56]. لهذا فإن الدعوة تنقسم إلى دعوة خارجية ودعوة داخلية، وفي كليهما يجب أن يراعي الداعية أولويات الدعوة، ونظرًا لوجود دراسات متخصصة وعميقة في هذا الموضوع آثرنا أن نكتفي بهذا القدر ونترك الاستطرادات التي لا تمت إلى الموضوع بصلة.
فالدعوة الإسلامية هي: "تبليغ الناس جميعا دعوة الإسلام، وهدايتهم إليها قولا وعملا في كل زمان ومكان، بأساليب خاصة تناسب مع المدعوين على مختلف أصنافهم وعصورهم "[1].
هذا التعريف في نظري انه قريب من الحقيقة لأنه اشتمل على عدة أشياء منها:
1- عالمية الدعوة الإسلامية ووجوب تبليغها لكافة الناس أينما وجدوا.
2- وجوب اختيار الأساليب التي تناسب المدعو.
3- مراعاة الزمان والمكان والأشخاص الذين تنقل إليهم الدعوة[2].
4- التسليم التام بان الدعوة تتواكب مع العصر ومجريات الأحداث.
5- يشترط أن تكون أساليبها مشروعة وأن لا تخدش مصلحة أو تجلب مفسدة.
المطلب الثاني: الإطار المكاني لبلاد السودان الإسلامي:
كانت علاقة الجزيرة العربية بأفريقيا علاقة قديمة قدم التاريخ، لا يمكن لمثل هذا البحث أن يلم ببعض أطرافها، فهناك بحوث كثيرة أنجزت في هذا الموضوع، ولكن لعل من نافلة القول أن أمهد لموضوع هذه الفقرة بعبارات عابرة عن تلك العلاقات القائمة عبر حقب التاريخ.
جاء في بعض الكتابات العربية المتقدمة أن علاقة أفريقيا كانت ماثلة وبدأت تشتد منذ غزو الملك أبرهة الحبشي للكعبة المشرفة، وقد أكد تلك الحقيقة التاريخية الضاربة في القدم أولئك المسلمين الأوائل الذين لجؤا إلى الحبشة أيام النجاشي فرارا من البطش والتنكيل والتعنيف الذي لحقهم من قبل أقاربهم وذويهم القرشيين. وقد عجت كتب السيرة والتاريخ بهذا الحث وتواترت الروايات عليه بما يجعل لهذا الاهتمام طعما خاصا لدى الباحثين من العالمين الشرقي والغربي.
ونظرا لشهرة هذا الخبر وذيوعه بين الأوساط العلمية والأكاديمية فإننا لسنا بحاجة إلى تفصيل القصة أو سردها كاملة، ولكن ما يجول في خلدي ومن ثم شكل تساؤلات عديدة هو: لم لمْ يتجه أولئك الفارين أو المهاجرين من مكة إلى بلاد فارس، أو مصر، أو على الأقل إلى إخوانهم في المدينة أو البحرين... إلى غير ذلك من المناطق العربية المجاورة؟ بالرغم من قربها من جهة والقرابة التي تربطهم من جهة ثانية. هذا ما نحاول التعليل عليه بقدر الطاقة البشرية وبما تمدنا به المعطيات التاريخية.
أولًا: لعل السبب في ذلك يعود إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - باعتباره موجهًا ومرشدًا ومشرعًا بإذن من المولى - عز وجل -، ومن ثم يوجه قومه إلى محطة اللجوء الآمنة. ومن المعروف أن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يقطعون رأيًا ولا يقصدون مقصدًا إلا بعد استشارته واستطلاعه على ذلك الأمر، "وفي هذه الظروف نزلت سورة الزمر تشير إلى اتخاذ سبيل الهجرة، وتعلن بأن أرض الله ليست بضيقة"[3] (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر: 10].
وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن أصْحَمَة النجاشى ملك الحبشة ملك عادل لا يظلم عنده أحد، فأمر المسلمين أن يهاجروا إلى الحبشة فرارًا بدينهم من الفتن. وفي رجب سنة خمس من النبوة هاجر أول فوج من الصحابة إلى الحبشة وكان مكونًا من اثني عشر رجلًا وأربع نسوة، رئيسهم عثمان بن عفان، ومعه زوجته رقية بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[4].
ثانيًا: إذا أمعنا النظر في الحديث الذي رواه ابن هشام عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اشتد البلاء والتنكيل بالمسلمين "إن بأرض الحبشة ملكاً لا يظلم أحد عنده، فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجاً ومخرجاً مما أنتم فيه"[5]، إذا أمعنا النظر فيه فإنه يشعر بأنه عبارة عن جواب على استفسار في نفس المشورة، فلعل العدل الذي تميز به النجاشي كان هو الحافر الأول في اللجوء إلى الحبشة.
ثالثًا: التفسير الأخير لهذه الحادثة، والذي نعلله بحسب المعطيات التاريخية للظروف السياسية الدبلوماسية والاجتماعية، فلعل هؤلاء المهاجرين إنما ذهبوا إلى الحبشية لخلفية معرفية مسبقة تقوم على التعامل التجاري الاحتكاك الحضاري بين أفريقيا والجزيرة العربية.
وإلى جانب تلك العلاقة الضاربة في القدم بين مكة وأفريقيا، فإن كتب التراث الإسلامي[6] لم تهمل هذه القارة ما دام أنها اندرجت تحت دار الإسلام، لهذا فقد حظيت بالوصف الجغرافي والتاريخي في كثير من المخطوطات العربية والإسلامية فشكلت هذه المخطوطات ضروبا من التفاعل الثقافي والحضاري بين الجزيرة وأفريقيا. ولهذا فقد أطلق بعض المؤرخين العرب المعاصرين على الجزء الأفريقي الواقع جنوب الصحراء وشمال الغابات المطيرة بلاد السودان وزاد بعضهم الإسلامية، والبعض الآخر اكتفي بتسمية أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ويقصدون بذلك الحزام الإسلامي الممتد بين المحيطين الأطلسي والهندي، أي من نهر السنغال غربا إلى سواحل البحر الأحمر شرقا، ثم يقسمون هذا النطاق الواسع إلى ثلاثة أقسام: السودان الشرقي، والسودان الأوسط، والسودان الغربي[7].
فالمقصود ببلاد السودان الإسلامي في اصطلاح علماء التاريخ وعلم الانتربولوجيا هو: ذلك الفضاء الممتد بين المحيط الأطلسي والمحيط الهندي، والذي يفصل بين أفريقيا الشمالية العربية وأفريقيا الغابية أو الوثنية.
المطلب الثالث: وصف تشاد (الحدود - الأرض - الشعب):
سلفت الإشارة إلى أن المنطقة الفاصلة بين الشمال الصحراوي والجنوب الغابي - إذا صح التعبير - تسمى بلاد السودان الإسلامي، لأسباب وعوامل سبقت الإشارة إلى ذكرها.
وهذه المنطقة لم تشهد توزيعا جغرافيا قبل أن تطل عليها سفن الاستعمار الغربي، ولا شك أن هذا التقسيم في أصله مغرضة سياسية استعمارية بحتة.
حدود تشاد الجغرافية:
• في عام 1884م بعد مغادرة مقاعد مؤتمر برلين، حرصت كل من بريطانيا وفرنسا على السعي بقوة لحيازة أكبر قسط ممكن من أراضي أفريقيا الشاسعة، وذلك تحت مبرر السباق من أجل أفريقيا. وكانت مناطق غرب أفريقيا من حظ بريطانيا وفرنسا، خاصة المناطق الواقعة شرق نهر النيجر وغربه[8].
• وفي عام 1898م تم الاتفاق بين فرنسا وبريطانيا بموجب المادة الرابعة على أن "تعترف حكومة الجمهورية الفرنسية بان الإقليم الواقع في شرقي النيجر... يندرج في نطاق النفوذ البريطاني، وبالمقابل اعترفت حكومة صاحبة الجلالة البريطانية بأن الإقليم الواقع إلى الشمال والشرق والجنوب من شواطئ بحيرة تشاد... يندرج في نطاق النفوذ الفرنسي"[9].
• ومن ذلك العام أي 1898م ظلت حدود منطقة تشاد مضطربة، لتعرضها لعدة تعديلات في حدودها مع جيرانها، ولم تتحدد معالمها الحدودية بصورة كاملة ونهائية إلا في عام 1936م بصدور قرار يضم مقاطعات (مايوكيبي، ولوغون، وشاري الأوسط) ومن هنا رسمت الحدود النهائية للدولة التشادية من كل الجهات[10].
تمتد حدود دولة تشاد الحالية بين درجتي خط عرض 8، 23ْ شمالًا، وبين درجتي خط طول 14، 24ْ شرقًا[11].
وتصنف تشاد في قائمة الدول المغلغة حيث تحيط بها ست دول عربية وأفريقية، فيحدها من الشرق جمهورية السودان الحالية، ومن الشمال الجماهيرية الليبية، ومن الغرب النيجر ونيجيريا، ومن الجنوب أفريقيا الوسطى، والكمرون من الجنوب الغربي.
وتبلغ المساحة الكاملة للدولة 1، 284، 000 كلم، "وتختلف فيها الفصول اختلافا بينا، وهي تتقلب بين رطبة ممطرة إلى معتدلة فحارة منعشة إلى حارة في الصيف، لأن فصول السنة ثلاثة فقط: الخريف، والشتاء، والصيف"[12].
مناخ تشاد:
تعتبر دولة تشاد قلعة محصنة بالجبال من الشمال وبالغابات من الجنوب، فشمالها يتكون من جبال ذات أجزاء مرتفعة وسلاسل متراصة في شكل حلزوني، وجنوبها ملتف بالغابات الكثيفة والحشائش الغزيرة. أما من حيث المنخفضات، فأمهما نهري شاري ولوغون اللذان يشكلان المجرى الأساسي للدولة، إضافة إلى الوديان والجداول الموسمية.
وعمومًا فإن تشاد تنقسم من حيث المناخ إلى ثلاثة أقسام: إقليم صحراوي، وهو ثلث البلاد وتتضاعف فيه الجبال والرمال، وتنعدم فيه الأمطار والغابات، وإقليم شبه الصحراوي، وهو إقليم غني بالمزارع وصالح للرعي، وأمطاره موسمية، أما الإقليم الثالث فهو الذي تميل إليه أرض تشاد، الواقع في الجنوب الغربي "ويدل على ذلك اتجاه المياه من مختلف الجهات نحو بحيرة تشاد التي تقع في الجنوب الغربي"[13].
انطلاقًا من هذا البيان المناخي للمنطقة، فإن مثل هذه الأرضية المتنوعة المتسعة لكافة أشكال الحياة الزراعية والرعوية حُق لها أن تستقطب جميع العناصر الثقافية والحضارية المصاحبة الدعوة الإلهية الخاتمة.
شعب تشاد:
إن من أعقد الأمور تفسيرا ما نلمسه في لغز المجتمع التشادي الذي ضم عددا كبيرا من العناصر المتعددة، الزنجية، والنيلية، والعربية، ثم إن هذا المجتمع بفضل تعاليم الدعوة الإسلامية أنصبت كافة أشكال حياته - الثقافية والحضارية والاجتماعية - في بوتقة واحدة.
لقد عرف هذا المجتمع الاستقرار منذ قيام الممالك الثلاثة، خاصة عندما مدت أيديها لتصافح الدعوة الإسلامية، فساد النظام وعم الوئام بين الناس جميعا[14].
ومن فضول القول أن نتناول هذا الشعب العريق بكل تصنيفاته وجزئياته الدقيقة، فهناك دراسات قد أنجزت في هذه المواضيع، لذا فإني أكتفي هنا بهذه الإشارة العابرة، فضلا عن محدودية الدراسة، وأنها تميل إلى التحليل والتفسير لا إلى السرد التاريخي الممل.
ولعلنا ننهي هذه الفقرة بعدة تساؤلات تفتحنا على المباحث القادمة، ومن ثم تخلق إجابة شاملة، إذا فما السر الذي وراء انتشار الإسلام في منطقة بحيرة تشاد وسرعة ميوع آدابه وثقافته حلى حساب العديد من الثقافات والآداب المنتشرة من قبل؟ هذا السؤال سيجيب عليه المبحث التالي في تناوله لقضية[15] انتشار الدعوة الإسلامية.
المبحث الثاني: انتشار الدعوة الإسلامية في تشاد
تمهيد: عالمية الدعوة الإسلامية:
لا شك أن الدين الإسلامي إلهي المنبع عالمي التعليمات والأحكام، فهو صالح لكل عصر ومصر، أراده الله لجميع الناس، وليس مقصورا ببلد دون آخر، ولا مرسل لمجموعة دون أخرى، وإن شكك في ذلك بعض المستشرقين وأشباههم، إما لأغراض أيديولوجية، أو سياسية أو غير ذلك. وهناك أدلة لا حصر لها تنص على أن الإسلام من عند الله مصدرًا وإلى البشرية دينًا، قال - تعالى -: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)[الأعراف: 158]. وقال أيضًا: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ)[الأنبياء: 107].
لقد تحققت عالمية الدعوة الإسلامية بأن عمت جميع قارات العالم، وأثبتت الدراسات العلمية أن الدين الإسلامي قادر على احتواء جميع نظم الحياة كلها. ومن تلك الأقطار التي ضمها شرع الله وترسخت فيه تعاليمه في فترة تاريخية مبكرة منطقة تشاد التي يتفق جل الباحثين المعاصرين على أن الدعوة الإسلامية قد انتشرت في تشاد وتغلغلت في جذورها وتجلّت تعاليمها في الأرضية التشادية منذ عام 46 هجرية/ 666م[16].
وقد تلقت الممالك القائمة في تلك المنطقة آنذاك هذه الدعوة بالترحاب والقبول، "وأنه قد لعب دورا مهما في المساعدة على قيام الدولة الأفريقية، بل هو العامل الوحيد الذي أفضى إلى تجاوز التنظيم البسيط للمجتمعات العشائرية"[17].
وتجدر بنا الإشارة إلى أن الدعاة المسلمين لم يألو جهدًا كبيرًا في نشر دعوتهم، بل وجدوا الأرضية خصبة صالحة مهيأة لدعوة الإسلام، "إن الإسلام قد شق طريقًا إلى وسط وجنوب القارة الأفريقية السمراء بجهود بسيطة وسهلة، اعتمدت على التجار المسلمين الذين أحوجتهم ظروف العيش إلى دخول هذه البلاد، وقد رأى الأفريقي الوثني أو المسيحي في تصرفات هؤلاء التجار وسلوكهم الشخصي القدوة الحسنة التي أقنعته بصحة هذه الرسالة التي لا تقيم وزنا للون أو جنس أو جاه، بقدر ما تقيم وزنا لطاعة الله وتوحيده وحسن معاملة الآخرين"[18].
المطلب الأول: العوامل الممهدة لانتشار الدعوة الإسلامية في تشاد:
ساعد في انتشار الدعوة الإسلامية في تشاد عاملان:
العامل الأول: عامل طبيعي، ويتمثل في التركيبة البيئية والاجتماعية والسياسية للمنطقة.
والعامل الثاني: الخارجي، الذي يتمثل في طبيعة الدعوة وسلوك دعاتها.
وفيما يلي شرح لهذين العاملين:
كان للعامل الطبيعي دور بارز في نشر الدعوة الإسلامية وإرساء دعائمها، وذلك لعدة اعتبارات أهمها:
• الخلو التام في المنطقة من أي دين سماوي أو طرح جدلي أو تلوث فلسفي
كانت المعتقدات الشائعة بين المجتمع التشادي قبل الإسلام معظمها بسيطة وتافهة، وان هذا الإنسان التشادي لا يعير لهذه العقائد اهتماما، فما هي إلا مجرد شرارة نورانية انقدحت في الروح البشرية واختلطت بها كي تكشف عن بعض أسرار الكون العجيبة. ولا يعتقد هؤلاء الإحيائية بأن هذه العقيدة ستقربهم إلى الله زلفى بقدر ما تقربهم من ميادين الفكر والروح والحياة. ومما شاع الاعتقاد به ومثل طرحا فلسفيا ساذجا، الكهانة التي يدعي محترفوها الاتصال بعالم الأسرار، لجلب المنافع ودرء المفاسد عن الناس، والشعوذة هي الأخرى شكلت قضية جدلية لم يتم الفصل فيها بعد، وهي لا تزال تنتابها الضبابية والغموض في تفسير معناها، لأنها شاعت عند الناس باسم (المصاص) الذي يمتص القوى الروحية والحيوية من الإنسان، ومن توابع الشعوذة، التخاطر بين التوائم، وقراءة الأثر لمعرفة السارق، وضرب الرمل والخط والودع لمعرفة الماضي واستلهام أخبار المستقبل[19].
"وبينما كان المجتمع الإفريقي يموج في خضم هذه المعتقدات، ظهرت الدعوة الإسلامية في مكة المكرمة، ومنذ العام الخامس من ظهورها دخلت أفريقيا بواسطة الصحابة السابقين الأولين"[20].
• السياسة الحكيمة التي اتبعها بعض السلاطين والقواد
جاء الإسلام مادا يده من أجل السلام عن طريق التجارة والرحلات فوجد فيه السلاطين والقواد ما يدعوهم إليه، فدخلوا في دين الله بالتأمل والتدبر والنظر، ثم إن هؤلاء السلاطين لم يكتفوا بذلك بل حملوا الدولة على تطبيق قوانين الإسلام لتثبيت أركانه في الدولة الإسلامية الناشئة، ولكن دون خدش لمشاعر الرعية ولا مصادرة لعقائدها القديمة، وهذا المبدأ الذي يقوم على حرية العقيدة والاختيار هي الذي قاد هؤلاء الإرواحيين والوثنيين إلى اعتناق الإسلام وطرح براثن الكفر والشرك، ومن هنا بدأ الناس يتحررون من دوائر الوثنية المغلغة إلى أن دخلوا جميعا في دين الله أفواجا.
تشكل المنطقة بحكم وجودها بين الحجاز والقاهرة ودويلات غرب أفريقيا وطرابلس ونواكشوط سوقا رائجا وملتقى ثقافيا منسبا ومعبرا آمنا لحجاج بيت الله الحرام، فتشاد بالنسبة لجاراتها آنذاك كواسطة العقد المزركشة، حيث لحمت بين الصحراء والغابات من جهة، ومزجت بين الحضارات العربية والأفريقية من جهة أخرى.
العامل الخارجي: قام هذا العامل هو الآخر بدور كبير تجاه نشر الدعوة الإسلامية، بوصفه عاملا مصاحبا لطبيعتها، فالدعاة المسلمين إنما نقلوا دعوتهم بطيب الخاطر وإخلاص الضمائر وحسن التعامل... إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي رافقة الدعاة الأوائل.
وقد ساهمت عدة عوامل لإنجاح هذه الدعوة منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- طبيعة الدعوة الإسلامية، وكيفية تقديمها للناس، قال - تعالى -: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين َ)[النحل: 125]. فهذه الدعوة الحكيمة، والمجادلة التي اتسمت بالأسلوب الحضاري حتما ستصل إلى مبتغاها.
2- التفاعل الحضاري بين الأفارقة والمسلمين الفاتحين، حيث نقلوا عاداتهم وتقاليدهم وثقافاتهم وسلوكهم إلى أفريقيا[21].
3- "ولعل التجار لم يكونوا وحدهم في ميدان الدعوة، بل كان يساندهم في جهودهم هذه جهود أخرى تمثلت في تلك الطرق الصوفية الكثيرة التي انتشرت في أرجاء القارة الأفريقية، وأسست لها مراكز وزوايا لنشر الإسلام وشرح تعاليمه وتعليم القرآن واللغة العربية"[22].
4- الثغور الإسلامية. هي الأخرى أسهمت إسهاما كبيرا في نشر الدعوة الإسلامية، وإن كانت تلك الإسهامات قد أغفلها كثير من الباحثين والمؤرخين. وضعت هذه الثغور أساسا لحماية قفى الخلافة الإسلامية في تركيا، وكذلك وضعت لحراسة مناطق الضعف التي تجاور الأعداء كالبيزنطينيين والروم والأسبان، ومن مهام الثغور الدحر عن ظهراني الدويلات والسلطنات الإسلامية التابعة للخلافة.
وتعتبر حراسة الثغور عبادة من العبادات العملية التي أقرها الشارع منذ بداية الدولة الإسلامية في عهدها الأول وأيام خلفائه، حيث شجع النبي - صلى الله عليه وسلم - على حراسة الثغور لحفظ أمن الدولة وحمايتها من غارات الطامعين، فقال: ((رِبَاطُ يَوْمٍ في سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا)).
وقد كانت توسم في ذلك العهد بالرباط، ومدينة الرباط الحالية أدل دليل على ذلك، وظلت هذه العبادة قائمة طوال امتداد عصور الدولة الإسلامية، وما إنْ سقطت هذه الدولة على يد العثمانيين وجد الغرب الباب مفتوحا على مصراعيه فغاروا على العالم الإسلامي وقسموه إربًا إربًا، وهذا ما أطلق عليه المفكر الإسلامي مالك بن نبي بالقابلية الاستعمارية.
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-07-2021, 10:19 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي رد: انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان الإسلامي (السودان الأوسط "تشاد" نموذجًا)

انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان الإسلامي
(السودان الأوسط "تشاد" نموذجًا)
محمد صالح يونس ضوّاي

المطلب الثاني: مساهمة الملوك والسلاطين وتعاونهم مع دعاة المسلمين:
"كان لسلاطين كانم دور بارز في نشر ثقافة الإسلام بين أمم السودان الغربي والأوسط ويأتي في مقدمتهم السلطان (أومي جلمي) الذي كان أول من اعتنق الإسلام من سلاطين كانم، وإليه يعود الفضل في إقامة الدولة على أسس متينة من القيم الأخلاقية، والقوانين المستمدة من القرآن الكريم والسنة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم"[23].
وقد قام السلطان (أومي جلمي) من توه بمهمة عظيمة، حيث استطاع أن ينقل رعيته من تلك الدوائر المغلغة إلى فضاء واسع الأفق ليشموا من نسيم الإسلام الذي ينقدح في الفطرة السليمة كما تنقدح رائحة المسك في الأذواق السليمة. ونقْل مجتمع مشبع بخرافات وعادات وتقاليد استمدها من ثقافته وبيئته إلى دين آخر أمر في غاية الصعوبة ويحسب له حسابات في تسيير سياسة الدولة والمحافظة على أمنها ونظامها، لكن السلطان جلمي بحكم ثقافته وسياسته الحكيمة استطاع أن يرفع رعيته إلى أرقى سلالم الحضارة الإسلامية.
وقد ساعد السلطان جلمي في مهمته هذه أمور عديدة منها: العدل الذي كان يتمتع به من قبل، والصدق في النية، وسماحة الطبع ونبل الخاطر... فضلا عن توفيقه في حسن اختيار أعوانه ومستشاريه[24].
قضى السلطان جلمي نحبه في 1098م تاركا وراءه خلق كثير ممن اعتنق الإسلام وما زال البعض الآخر يتفكر فيه ويتدبر أمره، ولما أسند الحكم إلى ابنه السلطان (دونامة) (1098 - 1151م) سار في نفس الخط الذي سار عليه أبيه من قبل، فقد عمق جذور العقيدة الإسلامية في المنطقة، وقام بتوسيع دعوته حتى خارج البلاد إلى أن وصلت دعوته بلاد الهوسا وجنوب بحيرة تشاد[25].
• ومن أهم أولئك السلاطين الذين قاموا بإرساء دعائم العقيدة الإسلامية في تشاد السلطان (سالما) (1194 - 1220م) الذي عرف عصره بالعلم، فقد شجع العلماء وقربهم منه وقلدهم أوسمة تكريمية وقدم لهم المنح المالية، وأمر بتشييد المساجد وإقامة الشعائر وبناء المدارس، لتعليم القرآن الكريم وتدريس علومه للكبار والصغار[26].
ومن جليل ما قام به السلطان (سالما) كان أول من بعث كسوة للكعبة المشرفة من سلاطين وملوك السودان كله[27].
ويمكن القول بان عصر ازدهار الحضارة الإسلامية في تشاد قد تحقق في عهد السلطان (سالما الكانمي) لرسوخ الدعوة، وتجاوزها إلى مرحلة التعليم والتثقيف والرخاء الذي ساد المنطقة، وكسوة الكعبة أدل دليل على ذلك.
وإذا كان السلطان (جلمي) هو الأرضية التأسيسية للدعوة الإسلامية، باعتباره أول من اعتنق الإسلام وجعله دستورا للدولة، والسلطان (سالما) قد وطّد أركان تلك الدعوة الإسلامية بإنشاء المدارس وبناء الماجد، فإن السلطان (دونامة بن دابال) هو الشخصية الحقيقية لاقتلاع جذور الشرك والوثنية، إذ قضى على كل الأوهام التي لا زالت محك جدل بين الناس، لتحطيمه معبد ميون الوثني، فقطع السلطان (دابال) الطريق أمام المشككين فيما إذا كانت هذه الأوثان تنفع أم لا[28].
المطلب الثالث: المؤسسات التعليمية ودورها المتميز في نشر الدعوة الإسلامية:
كان أول ما رافق الدعوة الإسلامية في الجزيرة العربية هو الأمر بالقراءة وتشجيع العلم، وذلك بنزول أول آية في القرآن الكريم: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)[العلق: 1 - 5]. انطلاقا من هذه الآية حث الدعاة الأوائل على التعليم باعتباره عنصرا مهما في تشييد صرح الحضارة.
وقد تتالت الحقب التاريخية على مر عصور الحضارة الإسلامية، تقدم العلم للناس جميعا، ولم تبخل منه بشيء على الأمم الأخرى، لأن الإسلام هو الذي قرر بأن العلم ليس مقصورا على أحد، فضلا عن عقوبة كاتمه ومخبئه: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[البقرة: 159-160].
لهذه الحقيقة هب العلماء والخلفاء لنشر العلوم والمعارف الإنسانية، واكتشاف ما هو مخبئ لدي الأمم الأخرى ومن ثم ترجمته وطرحه للناس جميعا لغربلته وتطويره، مثال ذلك الخليفة المأمون الذي أنشأ مركزًا للبحوث والدراسات العلمية يدعى (بيت الحكمة) فجمعوا فيه كتب الفلسفة والكلام والفيزياء والفلك والطب... وقد قام أكابر العلماء بخدمة هذه الكتب شرحا وترجمة ونسخا وتنسيقا وتهذيبا، ثم جاء بعد انهيار الخلافة الإسلامية في بغداد المغول الذين لا يقيمون للمعرفة وزنا فخربوا آلاف المصنفات ورموا بها في سراديب مظلمة، ومن الجدير بالذكر أن الحضارة الغربية الحديثة قامت وازدهرت بفضل ذلك النذر القليل من كتب المسلمين الذي أهملته جيوش التتار.
إن الحضارة الإسلامية أينما وجدت الأسباب تنمو وتزدهر، فلم تستطع تلك الغارات أن تطمس معالمها من الوجود، بل إن المؤسسات العلمية والمدارس الفقهية تكاد تكون ركنا أساسيا في كل قطر يسكنه الإسلام.
ومنطقة حوض بحيرة تشاد باعتبارها عضو لا يكاد ينفصل عن بقية أعضاء الأقطار الإسلامية الأخرى ساهمت في توسيع رقعة الحضارة الإسلامية لتبنيها وظائف الدعوة الإسلامية- من تعليم وتدريس وتثقيف - منذ فترة مبكرة من تاريخها، لأن "وضع الدولة الإسلامية الجديدة الناشئة جعلها تشجع العلم وتطلب العلماء، فاتخذ سلاطينها وأمراؤها من العلماء مربين لأبنائهم"[29] للتعرف على مسائل الدين الضرورية والتعمق في أبعاده الفكرية.
ونظرا لذلك فقد تنوعت المؤسسات العلمية للدولة فمنها ما هو مختص بتحفيظ القرآن الكريم ومنها ما هو مقصورا على تدريس العلوم اللغوية أو الفقهية أو الفكرية.
وباختصار شديد فإن أهم مراكز التعليم ومؤسساته يتمثل في الآتي:
مؤسسة المسجد:
المسجد هو أول المؤسسات التي انطلق منها شعاع التفكير والعلم والمعرفة، وهو يحمل خاصية أساسية بالنسبة للحضارة الإسلامية، و له أهمية كبرى ودور عظيم في تنمية العقل البشري ورقيه.
وإسهامات المسجد في ازدهار الحضارة الإسلامية ارتبطت بالجانب القدسي والجغرافي والمعماري، لأن المسجد في الأصل موضع السجود، والسجود لا يكون إلا لله، وصفة السجود هي تمريغ الجبهة في التراب أو الأرض، وهو كناية عن الخضوع الكامل؛ لأن الوجه عنوان الإنسان و من أغلى الأعضاء وأبهاها بالنسبة له.
إن صلاة واحدة يؤديها المسلمون في بيت من بيوت الله، جنبًا إلى جنب، تغرس في نفوسهم من حقائق المساواة الإنسانية وموجبات الود والأخوة، ما لا تفعله المنظمات التي تتباهى بالمساواة وحقوق الإنسان، وتعتدي على مقدسات الإنسان ومعتقداته.
وقد ظل المسجد على امتداد تاريخ المسلمين مؤسسة تعليمية للصغار والكبار، وأول الأمكنة التي تحقق الأهداف الثقافية والحضارية لتربية الإنسان عامة والمسلمين بصفة خاصة، ولقد كان الرجال الأوائل الذين حملوا اللواء ولبوا النداء إلى المجد هم أشبال المسجد وعُمّار بيوت الله - تعالى -، وخير مثال لذلك العلماء والفقهاء والبلغاء والنبلاء والفلاسفة... الذين هم من أفضل خريجي المساجد والمعابد.
وقد وردت كلمة "مسجد" بصيغتها المفردة في القران الكريم سبع عشرة مرة، ووردت في صيغة الجمع ست مرات، منها ما يخص المسجد الحرام، ومنها آية تربط المسجد الحرام بالمسجد الأقصى، ومنها ما يعود على المسجد الأقصى بصفة خاصة، وعلى المساجد في جميع بقاع الأرض بصفة عامة، ومن ذلك قوله - تعالى -: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ)[البقرة: 114]. وقال - تعالى -: (وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا)[الإسراء: 7].
وقال أيضا: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ)[التوبة: 17]. وقال - تعالى -: (إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ)[التوبة: 18]. وقال المولى - عز وجل -: (وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ)[الأنفال: 34].
وقد قيل أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فانطلاقا من هذه الآيات الكريمة ومن هذه القاعدة الشهيرة ندرك وظيفة المسجد في فقه الحضارة الإسلامية، لأنه وجد أساسًا لأجل عبادة الله، وعبادة الله ليست مقصورة على الصلوات الخمس فقط، وإنما تمتد فتشمل التعليم والتعلم والتفكير والتفكر والتدبر في ملكوت الله - تعالى - وغيرها من أنواع العبادات والنشاطات، فالمسجد موضع عبادة وتواصل ثقافي وحضاري واجتماعي يؤصل في المجتمع المسلم مبدأ المحبة والتسامح، ويشعر الإنسان بالحرية والطمأنينة، فيستوي فيه الحاكم والمحكوم والفقير والغني والكبير والصغير.
ويعتبر المسجد منهلًا للعلم والمعرفة، والموجه الأول في حياة المسلمين، وقد حث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه على بناء المساجد واتخاذها أماكن للتعليم والتثقيف واستقبال الوفود، وإقامة شعائر الله فيها، وموضعا للحوار والقضاء، لفض الخصومات والنزاعات بين الناس.
ولما هاجر النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة بعد أن اشتد إيذاء قريش له ولأتباعه بنى أول مسجد في الإسلام وفي ذلك نزل قوله - تعالى -: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِين َ)[التوبة: 108].
وكذلك كان أول ما قام به - صلى الله عليه وسلم - لما عاد إلى المدينة هو بناء مسجده الشريف، ليجمع فيه كلمة المسلمين، وليكون نقطة انطلاق لبناء مجتمع إسلامي وحضاري، وليصبح محل اجتماع تعقد فيه حلقات العلم والتعليم.
وقد فهم المسلمون الأوائل مهمة المسجد بفقه عميق، فاتخذوه إلى جانب أداء العبادات مدرسة للفقه والحوار البناء، ومحكمة لإقامة حدود الله فيه، وساحة لتنظيم العساكر والجيوش، ومحلا لاستقبال الرسل والوفود والملوك ورؤساء العشائر، ومأوى للفقراء والمحتاجين - كأهل الصفة - ودار أقامة لطلاب العلم وعابري السبيل من الدعاة والمعلمين.
ويعتبر المسجد مكانًا للتربية والطهارة الروحية، ففيه يذكر الله كثيرًا، وبذكر الله تطمئن القلوب، لأجل ذلك أصبحت له مهمة عظمى، لكونه قلعة علم وتزكية وتربية وتفكير، فقد أدى هذه المهمة بشكل مرغوب عبر العصور، فيرجع له الفضل الأكبر في نشر الوعي الديني الصحيح، وبث روح التعاون في نفوس المسلمين، وتعزيز أصول الحوار والنقاش، فكان كبار الصحابة رضوان الله عليهم يجلسون في المساجد ويلتف حولهم الناس للاستفسار عن أمور دينهم ودنياهم. وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يربي أصحابه في المسجد السلوك الطيب ومعاملة الآخرين، فذات يوم جاء أعرابي ودخل المسجد وبال فيه فهمّ الصحابة بضرب الأعرابي، لولا وجود المربي والقدوة، فنهاهم عن ذلك حتى أكمل الأعرابي بوله ومضى، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بصب دلو ماء على البول وبذلك زالت النجاسة.
وقد توسعت دائرة المسجد العلمية والدعوية مع تقدم المسلمين عبر العصور، فلما بلغت الحضارة الإسلامية أوج نهضتها بالفتوحات المختلفة وانفتح العالم على المسلمين أصبحت المساجد في الأمصار الإسلامية بمثابة المراكز العليا للبحوث والدراسات المختلفة، ومنارة تشع منها أضواء المعرفة، حيث نجد أغلب علماء هذه الأمة من فقهاء ومقرئين وأطباء ولغويين وفلاسفة... أغلبهم تخرجوا في المساجد وكتبوا مؤلفاتهم في المساجد، وكان انطلاقهم هذا من مبدأ ديني ومنهج علمي اتبع الطريقة التي سار عليها كتبة الوحي من الصحابة كزيد ومعاوية وعلي رضوان الله عليهم، وعلى هذا المنهج سار الإمام مالك فألّف كتابه "الموطأ" في مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وألف الشافعي كتابه "الأم" في جامع عمرو بن العاص بالفسطاط، وفي مسجد البصرة خرج الخليل بن أحمد الفراهيدي بمعجم اسمه "العين"، إلى غير ذلك من روّاد اللغة والفكر ممن تخرجوا في مسجدي البصرة والكوفة اللتين اشتهرتا باللسان وعلم الكلام.
وقد تأثر المسجد في منطقة حوض بحيرة تشاد بطابع المساجد الإسلامية الكبرى في بنائه وتنظيماته وتخصصاته، لأن "التعليم في المساجد في كانم يعنى أساسا بدراسة القرآن الكريم وقواعد الصلاة والكتابة وبشيء من قواعد التوحيد وبعض كتب التصوف والمدائح النبوية"[30].
ولا شك أن مؤسسة المسجد في (كانم ووداي) قد خرجت العديد من الدعاة والمثقفين الذين ذاع صيتهم فيما بعد في جميع أصقاع العالم الإسلامي ومن هؤلاء الشيخ أحمد بن فرتو مؤرخ بلاط سلطنة كانم، والعالم محمد صالح بن اشاركوا، والشيخ عبد الحق الترجمي، والشيخ عليش عووضة الذي ترك أثرا علميا جليلا في مدينة أبشى ولا زال ينمو ويتطور إلى يوم الناس هذا، وقد خرّجت هذه المؤسسة التي عرفت باسم (معهد أم سيوقو العلمي الإسلامي) العديد من رجال العلم والفكر والثقافة في الوقت الحاضر، وهؤلاء بدورهم قد أحدثوا نقلة ثقافية وحضارية للشعب التشادي الحديث[31].
ونظرا لمحدودية البحث وتوخي الاختصار وعدم التطويل الممل، فإنني أشير بطرف بناني إشارة عابرة لبقية المؤسسات التعليمية التي كان لها اليد الطولى في نشر الدعوة الإسلامية (كالمسييج) وهو مصطلح تشادي يطلق على الموضع الخاص لتعليم القرآن الكريم، اشتقت مادته من الكلمة العربية (مسجد) ثم طرأ عليه التحريف بعد ما صغر.
وقد قام بدور كبير في تفعيل نشاط حفظ القرآن الكريم وتجويده، ونظرا لاندراج المسييج تحت مجالات الدراسات القرآنية فإن التفصيل الذي سبق في مؤسسة المسجد يكفي. ومن تلك المؤسسات التي أدت رسالتها الدعوية مؤسسة الكتاتيب، بوصفها تابعا من توابع الحضارة الإسلامية، لأنها مبنية من فهم ديني صحيح، حيث لا يدرس في الكتاتيب إلا من نضج عقله واستقامت سلوكه، لاستيعاب المسائل ذات القضايا المتشعبة، كعلم العقائد وعلم الكلام، وعلم أصول الفقه.
الخاتمة:
نستخلص مما سبق في هذا البحث نقاط مهمة تكاد أن تكون أهم النتائج المترتبة على انتشار الدعوة الإسلامية في بلاد السودان الأوسط (تشاد) وهي:
1- تغيّر في القناعات وأساليب التفكير
الحقيقة التي لا يمكن إنكارها أن أرضية هذه المنطقة كانت مستعدة لاستقبال الدعوة الإسلامية، لخلوها من معوقات الدعوة المتمثلة في سيطرة العقائد الوضعية على المدعوين، وعزز من هذا الجانب حسن استقبال السلاطين لدعاة الإسلام.
ونظرا لهذا الجو الصافي فقد اعتنق السلاطين دين الإسلام لحقائقه المتجددة ومشروعاته المتحققة، فلما أعلن السلطان جيمي إسلامه تغيرت كل أنماط الحياة الفكرية والسياسية والقانونية والاجتماعية، وحل مكانها شرع الله الذي أراده للإنسانية.
2- التغيّر في الاهتمامات والمهارات.
الجدير بالملاحظة أن السلاطين قبل أن يشرح الله صدورهم للإسلام كانت جل اهتماماتهم تنصب في الصيد واللهو والتنعم بالخمور والرقص... أما بعد انقداح عقيدة الإسلام في صدورهم تبدلت كل تلك الاهتمامات التافهة وأخذ السلاطين يهتمون بالعلم ونشر الدعوة وكل ماله علاقة بطاعة الله - عز وجل -.
وتبعا لذلك فقد تطورت المهارات هي الأخرى بتقدم العلوم وتفنن الناس في كل مجالات الحضارة، المعمارية والتجارية والزراعية.
3- التغيّر في العلاقات والقدرات والثقافات.
من المسلم به عند علماء الشريعة الإسلامية أنه لا يجوز للرجل الجمع بين أكثر من أربعة نسوة، وكذلك أنه لا تحل العلاقة بين الرجل والمرأة دون عقد صحيح، كان هذا بعد انتشار الدعوة الإسلامية أما قبل ذلك فكان العرف هو الذي يحكم ولم يكن هناك حد معين للزوجات، وكانت معظم هذه العادات منتشرة في المجتمعات الوثنية، فلما جاء الإسلام حد من كمية الزوجات وحث على الزواج ونهى نهيا محرما عن الزنا وكل أشكال العلاقات الفاسدة.
ومن ثم تبدلت القدوة أيضا فكان الناس يقولون: (إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ)[الزخرف: 22].
ثم أصبحت القدوة هي شخصية النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - وذلك منذ أول صرخة علنية بالدعوة.
وقد تغيرت الثقافة هي الأخرى وأخذت شكلا مغايرًا للشكل الأول، بل انصبغت بصبغة إسلامية، ففي مجال الأدب فإن المديح يشكل أكثر الموضوعات الشعرية تداولا بين الشعراء.
ـــــــــــــــ ــــــــ
ثبت المصادر والمراجع
• أساليب الدعوة والإرشاد، د. محمد أمين بني عامر.
• الرحيق المختوم- صفي الرحمن المباركفوري.
• السيرة النبوية، محمد بن إسحاق.
• تاريخ دار فور، جوستاف ناختيغال، ترجمة وتعليق: النور عثمان أبكر.
• دبلوماسية الحدود في أفريقيا، د. البخاري عبد الله الجعلي.
• تشاد من الاستعمار حتى الاستقلال، أ. د. عبد الرحمن عمر الماحي.
• مجتمعات وسط أفريقيا بين الثقافة العربية والفرانكفونية، د. محمد صالح أيوب.
• ظاهرة انتشار الإسلام وموقف بعض المستشرقين منها، أ. د. محمد فتح الله الزيادي.
• الدعوة الإسلامية في أفريقيا الواقع والمستقبل، أ. د. عبد الرحمن عمر الماحي.
• الثقافة الإسلامية في تشاد في العصر الذهبي لإمبراطورية كانم، فضل كلود الدكو.

________
[1] - أساليب الدعوة والإرشاد، د. محمد أمين بني عامر ص9.
[2] - المرجع نفسه ص9.
[3] - الرحيق المختوم- صفي الرحمن المباركفوري.
[4] - المرجع نفسه.
[5] - السيرة النبوية، محمد بن إسحاق.
[6] - ينظر في ذلك مثلا: مروج الذهب، للمسعودي، وصبح الأعشى، القشقلندي، والإحاطة في أخبار غرناطة، إبراهيم الأنصاري، وتاريخ ابن خلدون.
[7] - تاريخ دار فور، جوستاف ناختيغال، ترجمة وتعليق: النور عثمان أبكر، ص5، ط1، 2011م الشركة العالمية للطباعة والنشر.
[8] - دبلوماسية الحدود في أفريقيا، د. البخاري عبد الله الجعلي، ط1، الدوحة، 2004م.
[9] - المرجع نفسه، ص17 وما بعدها.
[10] - تشاد من الاستعمار حتى الاستقلال، أ. د. عبد الرحمن عمر الماحي، ص188، ط1، 2009م، منشورات دار الأصالة والمعاصرة بالجماهيرية العظمى.
[11] - المصدر نفسه، ص189.
[12] - المصدر نفسه، ص18 وما بعدها.
[13] - المصدر نفسه، ص16.
[14] - المصدر نفسه، ص87.
[15] - قلنا قضية ولم نقل موضوع لأن في الموضوع اتفاق وفي القضية وجهات نظر مختلفة.
[16] - ممن اتفقوا على هذا التاريخ، الماحي، وأيوب، وكلود.
[17] - مجتمعات وسط أفريقيا بين الثقافة العربية والفرانكفونية، تأليف/ د. محمد صالح أيوب، ص6، منشورات مركز البحوث والدراسات الأفريقية - سبها - 1992م.
[18] - ظاهرة انتشار الإسلام وموقف بعض المستشرقين منها، أ. د. محمد فتح الله الزيادي، ص134، ط2، 2002م، منشورات كلية الدعوة الإسلامية.
[19] - الدعوة الإسلامية في أفريقيا الواقع والمستقبل، أ. د. عبد الرحمن عمر الماحي، ص22، 1999م، منشورات كلية الدعوة الإسلامية.
[20] - المصدر نفسه، 23.
[21] - الثقافة الإسلامية في تشاد في العصر الذهبي لإمبراطورية كانم، فضل كلود الدكو، ص125، ط1، 1998م، منشورات كلية الدعوة الإسلامية.
[22] - ظاهرة انتشار الإسلام وموقف بعض المستشرقين منها، مرجع سابق، ص135.
[23] - الثقافة الإسلامية في تشاد في العصر الذهبي لإمبراطورية كانم، مصدر سابق، ص96.
[24] - المصدر السابق، ص97.
[25] - المصدر السابق، ص99.
[26] - المصدر السابق، ص103.
[27] - المصدر السابق، الصفحة نفسها.
[28] - المصدر نفسه، ص105.
[29] - المصدر السابق، ص150.
[30] - المصدر السابق، ص155.
[31] - مثال ذلك: الباحث في الشؤون الاجتماعية والتاريخية الدكتور محمد صالح أيوب، والكاتب والأديب الألمعي الدكتور حسب الله مهدي فضله

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.60 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 96.42 كيلو بايت... تم توفير 2.18 كيلو بايت...بمعدل (2.21%)]