المواساة بالطعام - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 650 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 915 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1078 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 844 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 828 )           »          اعظم شخصيات التاريخ الاسلامي ____ يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 909 )           »          فتاوى رمضانية ***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 564 - عددالزوار : 92746 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11935 - عددالزوار : 190975 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 114 - عددالزوار : 56909 )           »          مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 78 - عددالزوار : 26181 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 02-12-2021, 06:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,607
الدولة : Egypt
افتراضي المواساة بالطعام

المواساة بالطعام
وضاح سيف الجبزي



الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، يا رب، أنتَ الذي عن كل عيبٍ تنزَّهت، وعن كل نقص تقدَّست، وعلى كل حال تباركت، وعن كُلِّ شَينٍ تعالَيت، مِنك الإِمداد، ومِن لدُنكَ الإِرشاد، حبَوتَ الكائِناتِ رحمةً وفضلًا، ووسِعتَ المخلوقاتِ حِكمةً وعَدلًا، خصصَت نفسك بالبقاء وأهلكت مَن سِواك، وأفرَدتَ ذاتك بالمُلْك وأهلكت مَن عَداك، فلا نعبُدُ إلا إيَّاك، ولا نهتدي إلا بهداك، وأشهدُ أن لا إله إلا أنت وحدك ربنا، لا شريك لك، لا رب غيرُك ولا معبود بحقٍّ سواك، إلهي:




لو نظمنا قلائدًا من جُمانٍ

ومعانٍ خلابةٍ بِالِمئاتِ


لو برَينا الأشجارَ أقلامَ شُكرٍ

بمدادٍ من دجلةٍ والفرات


لو نقشنا ثناءنا من دمائنا

أو بذلنا أرواحنا الغاليات


لو نشِّرنا في ذاته أو رمينا

برماح فتَّاكةٍ مشرعات


أو جهدنا نفوسنا في قيامٍ

وصيامٍ حتى غدت ذاويات


أو مزجنا نهارنا بدجانا

في صلاةٍ وألسنٍ ذاكرات







وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وحبيبه، الفاتح لما أغلق، والخاتم لما سبق.




ألا أيُّها الرَّاجِي المثوبةَ والأَجرا

وتكفيرَ ذنبٍ سالفٍ أنقضَ الظَّهرا


عليك بإكثارِ الصلاةِ مواظِبًا

على أحمد الهادي شفيعِ الورى طُرَّا


وأفضلِ خلقِ اللهِ من نسلِ آدمٍ

وأزكاهمُ فرعًا وأشرفِهم نَجْرا


فقد صحَّ أنَّ الله جلَّ جلالُهُ

يُصلي على من قالها مرةً عشرًا


فصلَّى عليهِ اللهُ ما جنّتِ الدُّجَى

وأَطْلَعَتِ الأفْلاكُ في أُفقِها فجْرًا






أما بعد:

فقد روى مسلم في صحيحه من حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: ((بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ، حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ))[1].



وتأمل كيف ينبهنا القرآن، ويحُثُّنا على مواساة الضعفاء والبؤساء والمحتاجين: ﴿ وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾ [النساء: 8]، عطاءٌ مع حسن خلقٍ، ورقة مشاعر: ﴿ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا ﴾.



هذا، وإنَّ من أعظم أبواب المواساة: المواساة بإطعام الطعام، والملفتُ أنه في أوائل الخطاب النبوي المكي -في المرحلة السرية - كان الأمرُ به حاضرًا؛ فقد سأله عمرو بن عَبَسَة: قَالَ: ((قُلْتُ: وَمَا الْإِسْلَامُ؟ قَالَ: طِيبُ الْكَلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ))[2].



ولما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة كان من فقرات خطابه، وجملة وصاياه: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُونَ الجَنَّةَ بِسَلَامٍ))[3].



ومما يبين أهمية المواساة بالطعام أن الشارع جعله بندًا من بنود الكفارات، عند الوقوع في بعض التجاوزات، ففي الكفارة المغلظة (الظهار): ﴿ فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ﴾ [المجادلة: 4].



وفي كفارة اليمين: ﴿ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ﴾ [المائدة: 89].



وفي فدية العجز عن الصيام: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184].



وفي كفارة الصيد للحاج المحرم: ﴿ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا ﴾ [المائدة: 95].



وقال للحُجَّاج الذين يقصدون بيته الله الحرام: ﴿ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ ﴾ [الحج: 28].



إنَّ إطعام الطعام من صفات الأبرار الذين أثنى عليهم بقوله: ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا * يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا * وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ﴾ [الإنسان: 5 - 8].



بل إنَّ الشرع الحنيف جعل إطعام الطعام موجبًا لدخول الجنة؛ قَالَ أَبُو شُرَيْحٍ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ يُوجِبُ لِيَ الْجَنَّةَ، قَالَ: طِيبُ الْكَلَامِ، وَبَذْلُ السَّلَامِ، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ))[4].



وفي المقابل: التواني في إطعام الطعام، وعدم الحض عليه سببٌ من أسباب الهلاك، ودليلٌ على انطماس البصيرة، وعدم تشرب المعاني الإيمانية: ﴿ أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الماعون: 1 - 3].



﴿ كَلَّا بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ * وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الفجر: 17، 18].



﴿ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ﴾ [المدثر: 42 - 44].



﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ ﴾ [الحاقة: 30 - 34].



وانظر كيف شنَّعُ القرآن على المتجردين من هذه القيم، والمتمردين على هذا السلوك: ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [يس: 47].



وتزداد فضيلة إطعام الطعام وبذله في وقت الشظف والشِّحة والبؤس والحاجة: ﴿ أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ [البلد: 14].



وفي المثل السائر: كَثْرَةُاللُّقَمتَطْردُالنِّقَم.



ولقد سئِل صلى الله عليه وسلم: ((أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ، وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ))[5].



وقد كانت المواساةُ خلقًا أصيلًا، وسلوكًا متلازمًا متجذرًا فيه صلى الله عليه وسلم، حتى عُرف بذلك واشتُهر به، أما سمعنا قول أُمِّنا: ((إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وَتَحْمِلُ الكَلَّ، وَتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وَتَقْرِي الضَّيْفَ، وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الحَقِّ))[6].



خطب عثمان رضي الله عنه فقال: ((إِنَّا وَاللهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَإِنَّ نَاسًا يُعْلِّمُونِي بِهِ، عَسَى أَلَّا يَكُونَ أَحَدُهُمْ رَآهُ قَطُّ))[7].



عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهَا: ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: اللَّهُمَّ سُقْ إِلَى هَذَا الطَّعَامِ عَبْدًا تُحِبُّهُ وَيُحِبُّكَ))[8].



ولقد كان صلى الله عليه وسلم يحثُّ على المواساة، ويدعو إليها، ويشجِّع أصحابه ويحفزهم عليها، ويندبهم قائلًا: ((أَطْعِمُوا الجَائِعَ، وَعُودُوا المَرِيضَ، وَفُكُّوا العَانِيَ))[9].



ويقول لهم: ((مَنْ ضَحَّى مِنْكُمْ فَلاَ يُصْبِحَنَّ بَعْدَ ثَالِثَةٍ وَبَقِيَ فِي بَيْتِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ المُقْبِلُ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، نَفْعَلُ كَمَا فَعَلْنَا عَامَ المَاضِي؟ قَالَ: كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا، فَإِنَّ ذَلِكَ العَامَ كَانَ بِالنَّاسِ جَهْدٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ تُعِينُوا فِيهَا))[10].



كما كان يحذر عليه الصلاة والسلام قائلًا: ((لَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ))[11].



وكان يُرَغِّب قائلًا: ((مَن خُتِمَ له بإِطعامِ مسكينٍ مُحتسبًا على اللهِ عزَّ وجلَّ دخلَ الجنةَ، ومَن خُتِمَ له بصومِ يومٍ مُحتسبًا على اللهِ دخلَ الجنةَ، ومَن خُتِمَ له بقولِ لا إلهَ إلا اللهُ مُحتسبًا على اللهِ دخلَ الجنةَ))[12].



وسُئِل: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: ((أَنْ تُدْخِلَ عَلَى أَخِيكَ الْمُسْلِمِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِيَ عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمَهُ خُبْزًا))[13].



((طَعَامُ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ، وَطَعَامُ الِاثْنَيْنِ يَكْفِي الْأَرْبَعَةَ، وَطَعَامُ الْأَرْبَعَةِ يَكْفِي الثَّمَانِيَةَ))[14].



((طَعَامُ الِاثْنَيْنِ كَافِي الثَّلَاثَةِ، وَطَعَامُ الثَّلَاثَةِ كَافِي الْأَرْبَعَةِ))[15].



قال النووي: "هَذَا فِيهِ الْحَثُّ عَلَى الْمُوَاسَاةِ فِي الطَّعَامِ وَأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا حَصَلَتْ مِنْهُ الْكِفَايَةُ الْمَقْصُودَةُ، وَوَقَعَتْ فِيهِ بَرَكَةٌ تَعُمُّ الْحَاضِرِينَ عَلَيْهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ"[16].



وقد همَّ عمر بن الخطاب في سنة مجاعة أن يجعل مع كل أهل بيت مثلهم وقال: لنيهلكأحدعننصفقوته[17].



قال أَبوالسَّوَّارالعَدَوي: وقد كَانَرِجَالٌمِنْبَنِيعَدِيٍّيُصَلُّونَفِيهَذَاالْم َسْجِد، ما أَفْطَرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى طَعَامٍ قَطُّ وَحْدَهُ، إِنْ وَجَدَمَنْيَأْكُلُ مَعَهُ أَكَلَ، وَإِلَّا أَخْرَجَ طَعَامَهُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَأَكَلَهُ مَعَ النَّاسِ، وَأَكَلَ النَّاسُ مَعَهُ[18].



لقد كان صلى الله عليه وسلم يثني على من تخلَّق بهذا الخلق؛ كثنائه على الأشعريين رضي الله عنهم، فعَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الغَزْوِ، أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ، جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ؛ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ))[19].



وتأمل هذا الأسلوبي التحفيزي النادر منه صلى الله عليه وسلم؛ ها هو في مجلسٍ بين أصحابه صلى الله عليه وسلم، يعرض أمامهم هذا الاستبيان الشفهي الفريد: ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، قَالَ: فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ، إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ))[20].



بل ربما نقلهم، في لحظةٍ وجيزة، إلى عالمٍ آخر، تظل معه العقول منبهرةً حينًا من الدهر؛ ها هو صلى الله عليه وسلم يلخص مشهدًا من مشاهد العتاب الأخروي، لمن تخلف عن هذا الخلق العظيم، استمع إليه يخبرْك: ((إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي، يَا ابْنَ آدَمَ اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ أَسْقِيكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟ قَالَ: اسْتَسْقَاكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أَمَا إِنَّكَ لَوْ سَقَيْتَهُ وَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي))[21].



عَنْ جَمِيلِ بْنِ مُرَّةَ قَال: مَنِاهْتَبَلَجَوْعَةَمُسْلِمٍفَأَطْعَمَهُ غُفِرَ له[22].



أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ * الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 267، 268].



بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 119.07 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 117.14 كيلو بايت... تم توفير 1.93 كيلو بايت...بمعدل (1.62%)]