حكم السجود على كور العمامة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4387 - عددالزوار : 836776 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3919 - عددالزوار : 379342 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 11942 - عددالزوار : 191126 )           »          سحور يوم 19 رمضان.. ساندوتشات فول مخبوزة خفيفة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          واتس اب بلس الذهبي (اخر مشاركة : whatsapp Girl - عددالردود : 2 - عددالزوار : 2666 )           »          الأمثال في القرآن ...فى ايام وليالى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 660 )           »          فقه الصيام - من كتاب المغنى-لابن قدامة المقدسى يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 941 )           »          دروس شَهْر رَمضان (ثلاثون درسا)---- تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 1093 )           »          أسرتي الرمضانية .. كيف أرعاها ؟.....تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 854 )           »          صحتك فى شهر رمضان ...........يوميا فى رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 18 - عددالزوار : 837 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-11-2021, 06:30 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي حكم السجود على كور العمامة

حكم السجود على كور العمامة
عبدالله بن عبده نعمان العواضي



أحيانًا يدور نقاش بين بعض طلبة العلم وبعض عوام الناس، أو المتعصبين للمذهب - خاصة في البيئة الشافعية - حول السجود على العمامة المكوَّرة، قد يمتد هذا النقاش إلى جدل عقيم يفتقر إلى الأدلة، ومعرفة كلام أهل العلم المستوفى في المسألة؛ مما يفضي في بعض الأحيان إلى سباب وقطيعة ورفع الأصوات في المساجد.

ولبيان هذه المسألة في المذاهب الإسلامية وعند سائر العلماء خارجها نقول:
الجبهة من المواضع السبعة التي أُمر المصلي أن يسجد عليها؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أُمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين، وأطراف القدمين)[1].

لكن إذا كان على الجبهة عمامة مكوَّرة - يعني: ملفوفة - فما حكم ذلك أثناء السجود، وهل يصح سجود المصلي وصلاته وجبهته كذلك؟

اختلف الفقهاء في ذلك إلى قولين:
القول الأول: ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة وإسحاق - إلى أنه لا تجب مباشرة الجبهة لما يسجد المصلي عليه، فإن سجد على كور عمامته صحت صلاته.

ولكن هل يكره ذلك أو لا؟
فالحنفية يرون الكراهة التنزيهية إن كان ذلك بغير عذر كبرد أو حر، وكذلك قال الحنابلة بالكراهة في رواية.

قال المرغيناني: "فإن سجد على كور عمامته أو فاضل ثوبه جاز"[2].

وقال في "الدر المختار": (كما يكره تنزيهًا بكور عمامته) إلا بعذر، (وإن صح) عندنا (بشرط كونه على جبهته) كلها أو بعضها كما مر، (أما إذا كان) الكور (على رأسه فقط وسجد عليه مقتصرًا)؛ أي: ولم تصب الأرض جبهته ولا أنفه على القول به (لا) يصح؛ لعدم السجود على محله"[3].

وقال ابن قدامة: "ولا تجب مباشرة المصلي بشيء من هذه الأعضاء، قال القاضي: إذا سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله، فالصلاة صحيحة رواية واحدة"[4].

وقال البهوتي: "يُكره السجود على كور العمامة، (فلو سجد على متصل به غير أعضاء السجود، ككور عمامته) ... (وكمه وذيله ونحوه صحت) صلاته؛ لما تقدم (ولم يكره لعذر، كحر أو برد ونحوه) لما تقدم، وإلا كره"[5].

وأما المالكية، فقال مالك عن السجود بكور العمامة: أكرهه، ويجوز، وقال ابن حبيب: هذا مما خف من طاقاتها، وأما ما كثر فهو كمن لم يسجد.

كما استحب مالك أن يرفع الساجد العمامة عن بعض جبهته حتى يمس الأرضَ بعضُ جبهته.

قال الآبي الأزهري: "فإن سجد على كور عمامته - بفتح الكاف - ففي المدونة يكره، ويصح؛ أي: إذا كان قدر الطاقة والطاقتين اللطيفتين بأن تكون من الشاش الرفيع"[6].

وقال المهدوي: "ويُكره السجود على كور العمامة، وهو طاقتها، فإن سجد عليها فلا تبطل صلاته، إلا أن تكثر الطاقة جدًّا، بحيث تكون كالحائل بين الوجه وبين الأرض، فيصير كأنه أومأ، وفرضه السجود فتبطل صلاته"[7].

وقال ابن المواق: "(وسجوده على كور عمامته) من المدونة، قال مالك: من صلى وعليه عمامة فأحب إليَّ أن يرفع عن بعض جبهته حتى يمس الأرضَ بعضُ جبهته، فإن سجد على كور العمامة كرهته ولا يعيد، [قال] ابن حبيب: هذا إن كان قدر الطاقتين، وإن كان كثيفًا أعاد"[8].

وقد رخَّص في السجود على كور العمامة عددٌ من السلف، ذكرهم ابن أبي شيبة بأسانيده في مصنفه[9]:
1- عن عمارة، عن عبدالرحمن بن يزيد، "أنه كان يسجد على كور العمامة".

2- وعن مسلم، قال: "رأيت عبدالرحمن بن يزيد، يسجد على عمامة غليظة الأكوار قد حالت بين جبهته وبين الأرض".

3- وعن قتادة، عن سعيد بن المسيب، والحسن، "أنهما كانا لا يريان بأسًا بالسجود على كور العمامة".

4- وعن يونس، عن الحسن "أنه كان يسجد على كور العمامة".

5- وعن حميد، عن بكر "أنه كان يسجد وهو معتم".

6- وعن محمد بن راشد، عن مكحول "أنه كان يسجد على كور العمامة، فقلت له، فقال: "إني أخاف على بصري من برد الحصى".

7- وعن جعفر بن برقان، عن الزهري، قال: "لا بأس بالسجود على كور العمامة".

8- وعن أبي ورقاء، قال: "رأيت ابن أبي أوفى يسجد على كور عمامته".

وقال ابن رجب: "ورُوي عن عبدالله بن يزيد الأنصاري، ومسروق، وشريح، السجود على كور العمامة والبرنس[10]"[11].

حجج هذا القول:
احتج أصحاب هذا القول بالخبر والنظر، فأما الخبر فقد استدلوا بآثار، وهي قسمان: أحاديث صحيحة غير صريحة، وأحاديث صريحة غير صحيحة، كما استدلوا بآثار عن بعض التابعين أصحها أثر الحسن البصري.

أولًا: الأحاديث الصحيحة:
استدلوا بحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، وأشار بيده إلى أنفه واليدين والركبتين، وأطراف القدمين)[12].

ووجه الاستدلال:
أنه كما جاز السجود على يديه ورجليه وهي مغطاة، فكذلك الجبهة؛ قال الطحاوي عند هذا الحديث: "ولو سجد على ركبتيه ويديه ورجليه وهي مستورة، جاز السجود على الجبهة وهي مستورة"[13].

ثانيًا: الأحاديث غير الصحيحة:
1- عن جابر بن عبدالله قال: "رأيت رسول الله يسجد على كور العمامة"[14].

2- وعن أنس بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام "سجد على كور العمامة"[15].

3- وعن عبدالله بن أبي أوفى قال: "رأيت رسول الله يسجد على كور عمامته"[16].

4- وعن ابن عباس أن النبي عليه الصلاة والسلام "كان يسجد على كور عمامته"[17].

5- وعن أبي هريرة قال: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسجد على كور عمامته"[18].

وقد تكلم العلماء عن هذه الأحاديث جملةً، وبيًّنوا عللها، فلم يصح منها حديث:
1- فقد خرج هذه الأحاديث الزيلعي في نصب الراية وضعفها كلها[19].

2- وقال البيهقي: "وعامة ما يحتجون به في جواز السجود على كور العمامة لا يثبت" [20].

وقال أيضًا: "وأما ما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من السجود على كور العمامة، فلا يثبت شيء من ذلك"[21].

3- وقال ابن القيم: "ولم يثبت عنه السجود على كور العمامة من حديث صحيح ولا حسن"[22].

4- وقال ابن حجر: "وأما الأحاديث التي أشار إليها البيهقي، فوردت من حديث ابن عباس، وابن أبي أوفى، وجابر، وأنس، أما ابن عباس ففي الحلية لأبي نعيم في ترجمة إبراهيم بن أدهم وفي إسناده ضَعف، وأما ابن أبي أوفى: ففي الطبراني الأوسط وفيه فائدة أبو الورقاء، وهو ضعيف، وأما جابر، ففي كامل ابن عدي وفيه عمرو بن شمر وجابر الجعفي، وهما متروكان، وأما أنس، ففي علل ابن أبي حاتم وفيه حسان بن سياه، وهو ضعيف، وقال أبو حاتم: هذا حديث منكر، ورواه عبدالرزاق عن عبدالله بن محرر عن سليمان بن موسى عن مكحول مرسلًا عن زيد بن الأصم أنه سمع أبا هريرة: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد على كور عمامته"، قال ابن أبي حاتم: هذا حديث باطل، والله أعلم"[23].

ثالثًا: أثر الحسن البصري:
عن الحسن البصري قال: "أدركنا القوم وهم يسجدون على عمائمهم، ويسجد أحدهم ويديه في قميصه"[24].

وقد علق البخاري أثر الحسن في باب السجود على الثوب في شدة الحر، بلفظ: وقال الحسن: "كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه"[25].

قال ابن حجر: "وهذا الأثر وصله عبدالرزاق عن هشام بن حسان عن الحسن أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يسجدون وأيديهم في ثيابهم، ويسجد الرجل منهم على قلنسوته وعمامته، وهكذا رواه بن أبي شيبة من طريق هشام"[26].

رابعًا: من النظر:
فقد قالوا:
1- الجبهة عضو من أعضاء السجود، فجاز السجود على حائله، كالقدمين[27].

2- أنه ركن لا ينفيه ما يحول بينه وبين الأرض إذا كان منفصلًا، كذلك حال اتصاله[28].

3- قوله تعالى: {اركعوا واسجدوا}، ومن سجد على كور عمامته تناوله الاسم كما يتناوله إذا كانت على الأرض فسجد عليها، ومن ادعى الفصل بينهما باللغة، فقد ادعى ما لا دليل عليه[29].

4- ويؤيد هذا ما روى البخاري[30]: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود"، وإذا جاز هذا في فاضل الثوب، جاز في كور العمامة؛ لأن أمرهما واحد[31].

القول الثاني: ذهب الشافعية والظاهرية[32] والزيدية وأحمد - في رواية - إلى وجوب كشف الجبهة ومباشرتها لما يسجد عليه المصلي.

وقال الشافعية: إن حال دون الجبهة حائل متصل به؛ ككور عمامته، أو طرف كمه، وهما يتحركان بحركته في القيام والقعود، أو غيرهما، لم تصح صلاته بلا خلاف عندهم، ورأوا كذلك أنه إن سجد على كور عمامته متعمدًا عالِمًا بالتحريم بطلت صلاته، وإن كان ساهيًا أعاد السجود ولم تبطل صلاته.


قال الروياني: "كشف الجبهة واجب، وعليه أن يسجد على الأرض، أو على حائل منفصل منه؛ كالبساط والحصير، فإن سجد على ما هو حامله من طرف الرداء أو كور العمامة، لا يجوز"[33].

وقال النووي: "إذا سجد على كور عمامته أو كمه ونحوهما، فقد ذكرنا أن سجوده باطل، فإن تعمَّده مع علمه بتحريمه بطلت صلاته، وإن كان ساهيًا لم تبطل، لكن يجب إعادة السجود هكذا صرَّح به أصحابنا"[34].

وقال أيضًا: "فإن حال دون الجبهة حائل متصل به، فإن سجد على كنفه أو كور عمامته، أو طرف كمه أو عمامته، وهما يتحركان بحركته في القيام والقعود أو غيرهما؛ لم تصح صلاته بلا خلاف عندنا؛ لأنه منسوب إليه"[35].

وقال يحيى بن حمزة: "وهل يكون السجود على العمامة مفسدًا للصلاة أو يكون مكروهًا؟ فيه مذهبان:
المذهب الأول: أنه يكون مفسدًا للصلاة، وهذا هو المحكي عن محمد بن يحيى، ورأي السيدين أبي طالب وأبي العباس إذا لم يخش حرًّا أو بردًا، فإن خشي ذلك جاز له ولم يكن مفسدًا....

المذهب الثاني: جوازه مع العذر، وكراهته من غير عذر، وهذا هو رأي المؤيد بالله... والمختار: ما عول عليه أئمة العترة القاسم والهادي والناصر ومحمد بن يحيى وأبو طالب وأبو العباس"[36].

وقال جمال الدين الريمي: "وعند الزَّيْدِيَّة لا يجوز السجود على كور العمامة، فإن خشي من الحرِّ والبرد، وثنَى طرف العمامة، أو أرسل طرفها على الجبهة عند السجود فله ذلك، وأما إذا ثنى طرفيها واسترسل على الجبهة من غير عذر، فسدت صلاته عند النَّاصِر، وعند المؤيد لا تفسد، ولو كان لغير عذر"[37].

وقال المرداوي: "لو سجد على كور العمامة أو كمه أو ذيله، صحت الصلاة، رواية واحدة والرواية الثانية: تجب المباشرة بها"[38].

وقال ابن قدامة: "وقد روى الأثرم، قال: سألت أبا عبدالرحمن عن السجود على كور العمامة؟ فقال: لا يسجد على كورها، ولكن يحسر العمامة، وهذا يحتمل المنع"[39].
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 28-11-2021, 06:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,615
الدولة : Egypt
افتراضي رد: حكم السجود على كور العمامة

وقد كرِه السجود على كور العمامة عددٌ من السلف، ذكرهم ابن أبي شيبة بأسانيده في مصنفه[40]:

1- عن محمود بن ربيع، عن عبادة بن الصامت "أنه كان إذا قام إلى الصلاة حسر العمامة عن جبهته".

2- وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى عن علي قال: "إذا صلى أحدكم فليحسر العمامة عن جبهته"[41].

3- وعن نافع قال: "كان ابن عمر، لا يسجد على كور العمامة"[42].

4- وعن أيوب عن محمد، قال: "أصابتني شجة، فعصبت عليها عصابة، فسألت أبا عبيدة، أسجد عليها؟ قال: لا".

5- وعن عياض بن عبدالله القرشي، قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يسجد على كور العمامة، فأومأ بيده أن ارفع عمامتك، فأومأ إلى جبهته".

6- وعن إبراهيم أنه "كان يحب للمعتم أن ينحي كور العمامة من جبهته".

7- وعن إبراهيم، قال: "أبرز جبيني أحب إليَّ".

8- وعن أشعث عن محمد أنه "كره السجود على كور العمامة".

9- وعن ابن سيرين أنه "كره السجود على كور العمامة".

10- وعن هشام، عن أبيه، في المعتم، قال: "يُمكِّن جبهته من الأرض".

11- وعن عمر بن عبدالعزيز قال لرجل: "لعلك فيمن يسجد على كور العمامة!".

12- وعن هلال بن يساف، عن جعدة بن هبيرة أنه "رأى رجلًا يسجد وعليه مغفرة وعمامة قد غطَّى بهما وجهه، فأخذ بمغفرته وعمامته فألقاهما من خلفه".

وروى ابن أبي عاصم بسنده عن عطية الدعاء قال: "ورأيت الحكم يرفع كور العمامة إذا سجد"[43].

ويبدو أن ابن القيم يميل إلى اختيار حسر العمامة عند السجود، فقد قال - وهو يتحدث عن صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم -: "...ويعتدل في سجوده، ويُمكِّن وجهه من الأرض مباشرًا به للمصلي غير ساجد على كور العمامة"[44].

وقال أيضًا: "وكان النبي صلى الله عليه وسلم يسجد على جبهته وأنفه دون كور العمامة، ولم يثبت عنه السجود على كور العمامة من حديث صحيح ولا حسن"[45].

حجج هذا القول:
احتج أصحاب هذا القول بالآتي:
1- عن خباب قال: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة في الرمضاء، فلم يشكنا)[46].

وفي رواية: (شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدة الرمضاء في جباهنا وأكفنا، فلم يشكنا)[47].

قوله: (فلم يشكنا)؛ أي: لم يُزِلْ شكوانا[48].

وجه الاستدلال:
أنه لو لم تجب المباشرة بالجبهة لأرشدهم إلى سترها[49].

ولكن مع هذا فإن الحديث لا دليل فيه على ما زعموا، ولا على خلافه، قال ابن الأمير: "فلا دلالة فيه على كشف هذه الأعضاء ولا عدمه"[50].

وقال ابن حجر: "احتج الرافعي بهذا الحديث على وجوب كشف الجبهة في السجود، وفيه نظر لحديث أنس: "فإذا لم يستطع أحدنا أن يُمكِّن جبهته من الأرض، بسط ثوبه فسجد عليه"، فدل على أنهم كانوا في حال الاختيار يباشرون الأرض بالجباه وعند الحاجة كالحر يتقون بالحائل، وحينئذ فلا يصح حمل الحديث على ذلك؛ لأنه لو كان مطلوبهم السجود على الحائل لأَذِنَ لهم في اتخاذ ما يسجدون عليه منفصلًا عنهم، فقد ثبت أنه كان يصلي على الخُمرة وعلى الفراش، فعُلم أنه لم يمنعهم الحائل، وإنما طلبوا منه تأخيرها زيادةً على ما كان يؤخرها ويبرد بها، فلم يُجبهم، والله أعلم"[51].

2- وعن صالح بن حيوان السبائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يسجد بجنبه وقد اعتم على جبهته، فحسر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جبهته"[52]، ولكن الحديث ضعيف.

فتبيَّن من هذا أنه لا حجة مقبولة لدى أصحاب القول بهذين الحديثين لضعف الاستدلال بالأول، وضعف الدليل الثاني.

الترجيح:
وبعد هذا العرض للقولين وأهلهما وأدلة كل قول منهما يترجح لنا الآتي:
أولًا: ليس هناك دليلٌ صحيح صريح يوجب المباشرة، ولا دليل مثله يحرم السجود على كور العمامة؛ قال ابن الأمير الصنعاني: "والأحاديث من الجانبين غير ناهضة على الإيجاب، وقوله: "سجد على جبهته" يَصدُق على الأمرين، وإن كان مع عدم الحائل أظهرَ، فالأصل جواز الأمرين"[53].

ثانيًا: أن العمامة إذا كانت لفتها خفيفة بحيث يحس الساجد بلين موضع سجوده أو خشونته من خلالها، فلا كراهة في السجود عليها، قال الماوردي الشافعي - مبينًا أن العمامة الخفيفة لا تمنع المباشرة -: " ... والثاني: ما قاله الأوزاعي: إن عمائم القوم كانت لفة أو لفتين لصغرها، فكان السجود على كورها لا يمنع من وصول الجبهة إلى الأرض"[54].

ثالثًا: كما يجوز السجود بالحائل المنفصل يجوز بالمتصل كالعمامة المكورة من غير فرق.

قال الألباني: "وجملة القول: أنه لا دليل على عدم جواز السجود على حائل متصل؛ لا سيما والأدلة كثيرة جدًّا على جواز السجود على حائل منفصل، كالبساط والحصير ونحو ذلك؛ مما يفصل بين الجبهة والأرض، والتفرقة بين الحائل المتصل والحائل المنفصل من الثياب - مع أنه لا دليل عليه في النقل - فهو مع ذلك مما لا يشهد النظر السليم بصحته؛ لأنه إن كان الغرض إنما هو مباشرة الأرض بالسجود مبالغةً في الخضوع لله تعالى، فهو غير حاصل بالحائل المنفصل أيضًا"[55].

رابعًا: الأفضل مباشرة الجبهة لموضع السجود من غير حائل من عمامة أو طاقية أو نحوهما من الحوائل؛ إذ هو أبلغ في الخضوع لله، وأمكن لتمام السجود، وأبعد عن الخلاف، إلا إذا وجد عذر؛ من حر أو برد، أو حصى أو شوك، أو نحو ذلك من المؤذيات للساجد في موضع سجوده.

قال النووي: "العلماء مجمعون على أن المختار مباشرة الجبهة للأرض"[56].

وقال ابن قدامة: "والمستحب مباشرة المصلي بالجبهة واليدين ليخرج من الخلاف، ويأخذ بالعزيمة، قال أحمد: لا يعجبني إلا في الحر والبرد، وكذلك قال إسحاق"[57].

وقال ابن عثيمين: "لا ينبغي أن يتخذ العمامة وقاية بينه وبين الأرض إلا من حاجة، مثل: أن تكون الأرض صلبة جدًّا، أو فيها حجارة تؤذيه، أو شوك، ففي هذه الحال لا بأس أن يتقي الأرض بما هو متصل به من عمامة، أو ثوب؛ لقول أنس بن مالك رضي الله عنه: "كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه"(1)، فهذا دليلٌ على أن الأَولى أن تباشر الجبهة مكان السجود، وأنه لا بأس أن يتقي الإنسان الأرض بشيءٍ متصل به من ثوب أو عمامة، إذا كان محتاجًا لذلك لحرارة الأرض، أو لبرودتها، أو لشدتها"[58].

والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


[1] رواه البخاري (1/ 162)، ومسلم (1/ 354).

[2] بداية المبتدي (ص: 15).

[3] الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (1/ 500).

[4] المغني لابن قدامة (1/ 371).

[5] كشاف القناع عن متن الإقناع (1/ 353).

[6] الثمر الداني شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني (ص: 111).

[7] التنبيه على مبادئ التوجيه (1/ 422).

[8] التاج والإكليل لمختصر خليل (2/ 258).

[9] مصنف ابن أبي شيبة (1/ 239).

[10] الْبُرْنُس: كل ثوب رَأسه مِنْهُ ملتزق بِهِ وقلنسوة طَوِيلَة. المعجم الوسيط (1/ 52).

[11] فتح الباري لابن رجب (3/ 32).

[12] رواه البخاري (1/ 162)، ومسلم (1/ 354).

[13] مختصر اختلاف العلماء (1/ 232).

[14] رواه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (6/ 228)، وقال ابن القيم: "ذكره أبو أحمد الزبيري من حديث جابر ولكنه من رواية عمر بن شمر عن جابر الجعفي، متروك عن متروك". زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 224).

[15] أخرجه ابن أبي حاتم في العلل. علل الحديث لابن أبي حاتم (2/ 486)، ثم قال: "فسمعت أبي يقول: هذا حديث منكر ".

[16] رواه الطبراني في المعجم الأوسط (7/ 170)، وقال: "لا يروى هذا الحديث عن ابن أبي أوفى إلا بهذا الإسناد، تفرد به: معمر بن سهل "، وقال الهيثمي: " وفيه سعيد بن عنبسة، فإن كان الرازي فهو ضعيف، وإن كان غيره فلا أعرفه". مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (2/ 125).

[17] رواه أبو نعيم، حلية الأولياء (8/ 55).

[18] رواه عبد الرزاق، مصنف عبد الرزاق (1/ 400)، قال ابن القيم: " وهو من رواية عبد الله بن محرر وهو متروك". زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 224).

[19] نصب الراية (1/ 384).

[20] مختصر خلافيات البيهقي (2/ 211).

[21] السنن الكبرى للبيهقي (2/ 153).

[22] زاد المعاد في هدي خير العباد (1/ 224).

[23] التلخيص الحبير (1/ 456).

[24] رواه عبد الرزاق، مصنف عبد الرزاق الصنعاني (1/ 400)، والبخاري في صحيحه معلقا. صحيح البخاري (1/ 86)، وقال الألباني: " قلت: وهذا إسناد صحيح". سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (10/ 359).

[25] صحيح البخاري (1/ 86).

[26] فتح الباري لابن حجر (1/ 493).

[27] المغني لابن قدامة (1/ 372).

[28] التجريد للقدوري (2/ 539).

[29] التجريد للقدوري (2/ 538).

[30] صحيح البخاري (1/ 86).

[31] اللباب في الجمع بين السنة والكتاب (1/ 238).

[32] المحلى بالآثار (2/ 296).

[33] بحر المذهب للروياني (2/ 50).

[34] المجموع شرح المهذب (3/ 424).

[35] المجموع شرح المهذب (3/ 423).

[36] الانتصار على علماء الأمصار (3 / 70).

[37] المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة (1/ 148).

[38] الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/ 68).

[39] المغني لابن قدامة (1/ 372).

[40] مصنف ابن أبي شيبة (1/ 240).

[41] ورواه ابن المنذر بسنده بلفظ: " إذا صلى الرجل وعليه العمامة، فإذا سجد فليرفعها عن جبهته، ويسجد على الأرض". الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (3/ 179).

[42] ورواه ابن المنذر بسنده بلفظ: "كان يكره أن يسجد على كور عمامته حتى يكشفها". الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (3/ 179).

[43] الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم (3/ 105).

[44] الصلاة وحكم تاركها (ص: 239).

[45] زاد المعاد (1/ 215).

[46] صحيح مسلم (1/ 433).

[47] السنن الكبرى للبيهقي (2/ 151).

[48] شرح النووي على مسلم (5/ 121).

[49] النجم الوهاج في شرح المنهاج (2/ 145).

[50] سبل السلام (1/ 271).

[51] التلخيص الحبير (1/ 613).

[52] رواه البيهقي، السنن الكبرى للبيهقي (2/ 151)، وأبو داود، المراسيل (ص: 117)، قال عبد الحق: " صالح بن حيوان لا يحتج به، وهو بالحاء المهملة، ومن قال: بالخاء المنقوطة فقد أخطأ، ذكر ذلك أبو داود رحمه الله". الأحكام الوسطى (1/ 294).

[53] سبل السلام (1/ 271).

[54] الحاوي الكبير (2/ 127).

[55] سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيئ في الأمة (10/ 360).

[56] المجموع شرح المهذب (3/ 426).

[57] المغني لابن قدامة (1/ 373).

[58] مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين (13/ 136).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 82.45 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 80.10 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (2.84%)]