العبارة الملفوفة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12547 - عددالزوار : 216213 )           »          معارج البيان القرآني ـــــــــــــ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 7838 )           »          انشودة يا أهل غزة كبروا لفريق الوعد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 63 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4421 - عددالزوار : 859790 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3953 - عددالزوار : 394121 )           »          مشكلات أخي المصاب بالفصام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 89 )           »          المكملات الغذائية وإبر العضلات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أنا متعلق بشخص خارج إرادتي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »          مشكلة كثرة الخوف من الموت والتفكير به (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 69 )           »          أعاني من الاكتئاب والقلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 64 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى اللغة العربية و آدابها > ملتقى النقد اللغوي
التسجيل التعليمـــات التقويم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-02-2023, 03:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,074
الدولة : Egypt
افتراضي العبارة الملفوفة

العبارة الملفوفة


د. إبراهيم عوض






ومن غرام المتنبي بغير المألوف أنه يُكثِر مِن استعمال لونٍ من التعبير، أهم ما يميزه أنه ملفوف غير مباشر، وذلك كما يقول أحدنا عن نفسه: (أخو أخي)، بدلًا من أن يقول مباشرة وبلا لف أو دوران: (أنا).



إن التعبير الأول أطول، ويحتاج إلى قدر من التفكير قبل أن يعرف السامع (أو القارئ) المقصود منه، فتعليق المعنى قليلًا ثم التوصل إليه فجأة، يحدث هزَّةً عقلية لذيذة، علاوة على ما فيه من جدة وطرافة يكسب الفكرة العادية في حد ذاتها قدرًا من الجمال.



إنها لبراعة من الشاعر أن يطلعنا على ما تعودنا أن نراه كل يوم، ولكن من زاوية جديدة، فكأنه شيء جديد، مع أنه هو (شيء) كل يوم، ليس ذلك فحسب، فإن هذا اللون الملفوف من التعبير يستتبع في كثير من الحالات تغييرَ الضمير من (التكلم) أو (الخطاب) إلى (الغَيبة)، كما سيتضح بعد قليل.



وهذا الضرب من التعبير قد يكون كناية أو التفاتًا أو تجريدًا، وقد يجمع بين اثنين من هذه الثلاثة معًا أو بينها جميعًا[1]، وأغلب الظن أن المتنبي كان يتعمد ذلك تعمدًا لإحداث التأثيرات التي سبق الحديث عنها.



قد عددت له من هذه التعبيرات بضع عشرات تقارب الخمسين، وهذه أمثلة توضح ما قلنا:

ما الخلُّ إلا مَن أودُّ بقلبِه *** وأرى بطَرْفٍ لا يرى بسوائِه

(بسوائه: بسواه، والطرف، بفتح الطاء وسكون الراء: العين).



يريد أن يقول: (وأراه بطرفه)، ولكنه بدلًا من هذا التعبير المستقيم الذي يمضي إلى المعنى رأسًا، ويصل إليه في أقصر وقت، يقول: إن خليلي هو... مَن أراه بطرف لا يرى هو بطرف غيره، بطبيعة الحال، فالطرف الذي لا يرى خليله بطرف غيره هو طرف هذا الخليل.

♦ ♦ ♦




ومَن خُلِقت عيناكَ بين جفونِهِ *** أصاب الحدورَ السهلَ في المرتقى الصعبِ



ومَن مِن البشر قد خلقت عيناه إلا بين جفونه هو؟! إذًا فالمقصود بالكلام هو ممدوح المتنبي الذي يخاطبه في هذا البيت؛ أي إنه بدلًا من أن يقول له بأقصر عبارة وفي أسرع وقت: (أنت دائمًا تصيب الحدور السهل... إلخ)، يلف ويدور على النحو الذي نراه في البيت، ولكنه لف ودوران فني يدل على براعة، ويهدف إلى الإمتاع والإدهاش، وينجح فيهما.

♦ ♦ ♦




يا بنَ الذي ما ضم بردٌ كابنِهِ *** شرفًا ولا كالجدِّ ضمَّ ضريحُ



وأحب أن أصارح القارئ بأني تحرّجت قليلًا وأنا أهم بتسجيل المثال الذي اخترعته لتقريب ما أقصد بما سميته (العبارة الملفوفة) في أول هذا الفصل، خوفًا من أن يبدو كأنه (نكتة)، ثم لما أخذت أستعرض الأمثلة التي قابلتني لأختار بعضها لعرضه على القارئ كشاهد على ما أقول، جذب نظري هذا المثال؛ إذ وجدته قريبًا من مثالي المخترع، مما أزال ما شعرت به قبلًا من حرج.



إن الهيكل العظمي لمعنى البيت هو (يا بن أبيك)، ولكن انظر إلى هذه العبارة المختزلة التي لم أجد أدق مِن تسميتها بـ(الهيكل العظمي)، وضَعْها بإزاء بيت المتنبي، لشتَّان ما بين الاثنين مثلهما هو شتان بين الهيكل العظمي المجرد وبينه بعد أن يكسى لحمًا وعصبًا وبشرًا، ويضاف إليه الشعر الوحف والأهداب الطويلة، وتكسى العيون منه حدقًا ولونًا...

♦ ♦ ♦




عواذل ذات الخالِ فيَّ حواسدُ *** وإن ضجيجَ الخودِ مني لماجدُ



(بدلًا من قوله: "وإني لماجد"، وحتى لو أردنا أن نستعمل ألفاظ المتنبي لكانت العبارة التي ينتظرها الذهن كالآتي: (وإني أنا (ضجيج الخود) لماجد)، ولكن الفرق بين هذا وبين كلام المتنبي لهو الفرق بين الطعام المسلوق الموضوع في طبق خشبي رخيص، وبين طعام تفنن الطهاة في طهيه وتسبيكه، ثم قدموه للآكلين في صحاف من ذهب وفضة.

أميرٌ أميرٌ عليه الندى *** جوادٌ بخيلٌ بألَّا يجودا

(بخيل بألا يجودا: بخيل بالبخل؛ أي كريم).



فزارك مني مَن إليك اشتياقُهُ *** وفي الناسِ إلا فيك وحدَك زهده

(زرتك أنا المشتاق إليك).

♦ ♦ ♦




فلا عزلٌ وأنت بلا سلاحٍ *** لحاظُك ما تكون به منيعا

(أي: لحاظك هي سلاحك)...

♦ ♦ ♦




أنا ابنُ مَن بعضُه يفوقُ أبا الـــ *** ـــباحثِ، والنجلُ بعضٌ من نجلِه



وهذا البيت قد أساء د.طه حسين فهمه، ويبدو أن ذلك راجع، إلى جانب تحامله على المتنبي ورغبته في الإساءة إليه، إلى هذه الطريقة الملفوفة في التعبير.



والمعنى المباشر هو: (إنني أفضل من أبيك، وأبي أفضل وأفضل)، أما د. طه حسين، فقد فهم أن المتنبي لا ينتسب إلى أب، بل إلى معنى بعضُه يغني عن كل غيره، وقليله يغني عن كثير سواه، وأن هذا المعنى هو البأس والشدة والمروءة والنجدة([2])!...

♦ ♦ ♦




ولاح برقُك لي مِن عارضَيْ ملكٍ *** ما يسقطُ الغيثُ إلا حينَ يبتسمُ

أي: (لاح البرق من عارضيك).

♦ ♦ ♦




سيصحُب النصلُ مني مثلَ مضربِهِ *** وينجلِي خبري عن صمَّةِ الصممِ

المعنى: (سيصحبني النصل)، وهو هنا يتمدح بمضائه وعزمه الذي يشبه مضرب السيف).

♦ ♦ ♦



مررنا منه في حسمي بعبدٍ *** يمجُّ اللؤم منخره وفوه

بدلًا من أن يقول: (إنه عبدٌ يمج اللؤم ... إلخ).





[1] انظر في هذه المصطلحات الثلاثة: الحملاوي / 73 - 74، 153، 204 - 205، 232، 233؛ حيث يسوق من الأمثلة المشابهة ما يوضح ما نقول.





[2] انظر: في فهم د. طه حسين لهذا البيت كتابه (مع المتنبي) / 15، وانظر ردي في كتابي / المتنبي - دراسة جديدة لحياته وشخصيته / 15 - 16.


__________________
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 10-02-2023 الساعة 08:22 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 52.27 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 50.53 كيلو بايت... تم توفير 1.74 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]