المسابقة (قصة قصيرة) - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3943 - عددالزوار : 386387 )           »          عرش الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          أسلحة الداعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الحكمـة ضالـة المؤمن ***متجددة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 66 - عددالزوار : 16174 )           »          لماذا يرفضون تطبيق الشريعة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          واحة الفرقان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 3121 )           »          الأيادي البيضاء .. حملة مشبوهة وحلقة جديدة من حلقات علمنة المرأة المسلمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          التوبـة سبيــل الفــلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حقيقة العلاج بالطاقة بين العلم والقرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          طرق تساعد على تنمية ذكاء الطفل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 101 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-11-2022, 08:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,560
الدولة : Egypt
افتراضي المسابقة (قصة قصيرة)

المسابقة (قصة قصيرة)
د. أسعد بن أحمد السعود




1- يوم وليلة...

خرج حسن من مدرسته عصرًا وهو يبكي، حاملًا حقيبتَه الثقيلة المتخمة بالكتب والدفاتر، مشى بضعة أمتار وسط تدافُع التلاميذ، تارةً تأخُذه موجةُ تدافُعِهم يمينًا، وتارةً نحو الشمال، وأخرى يقف في مكانه، ولا يستطيع شقَّ طريقه، وهو مستمرٌّ في البكاء؛ بل يزيد منه كلما منعَتْه زحمةُ التلاميذ من استكمال ابتعاده، فيلتفِت وينظر للخلف، يجد نفسه لم يبتعد عن المدرسة كثيرًا، فيزيد من البكاء أكثر، يظنُّ أنْ لا أحد يُريد أن يخلصه من الدوام فيها؛ بل ليرجع ويستكمل الدروس، بالرغم من تأكُّده سماع جرس انتهاء الحصص لهذا اليوم، وكذلك خروج هؤلاء التلاميذ.

عجيبٌ أمرُ هذه المدرسة التي تلتصق به أكثرَ من أي شيء آخرَ، تساءل حسن في سرِّه، وحتى بيته لم يكد يدخله ويحسُّ بالراحة والنوم فيه، حتى يلفظه على عجل في ادِّعائه أن يومًا تاليًا قد بدأ، فيدخل في يقينه أن بيته والمدرسة متفقان عليه!

سمِع أحدهم يُناديه باسمه وسط الضجَّة وصراخ التلاميذ، لكنه لم يعبأ به؛ لكونه كان مستمرًّا في البكاء، كان الصوت يقترب منه كثيرًا، وحينما أدركه صاحبه، ووضع يده على كتفه، هزَّه قليلًا وهو يسأله ويُكرِّر عليه السؤال: لمَ تبكي يا حسن؟ هذا خالد صديقكَ بالفصل يقول لي: إنك منذ أن خرجتَ من الفصل وأنت تبكي؟ ألا تعرف خالدًا؟ أنا أبوه يا حسن، اطمئنَّ، لا تبكِ، تعال معنا، اتبعنا نحن جيرانُكَ، لا تخف!

على باب بيت خالد وقف كلاهما ينتظران أبا خالد ليعود إليهما من الداخل كما وعَدَهما، وهما في حيرة وتعجُّب من حالهما، أراد خالد أن يعلم ما الذي يُبكي صديقه كلَّ هذا البكاء الذي لا يكاد يتوقَّف، وكذلك أراد حسن أن يسأل صديقه خالدًا لمَ لا يبكي مثله، أو أن يُبادره بتبيان سبب بكائه، لكن عودة الأب حالت دون ذلك، وتركت الحيرة والتعجُّب قائمينِ على مُحيَّا الصديقين، والحيرة الكبرى كانت في مفاجأة أبي خالد للاثنين معًا!

تفضل يا حسن، هذه فسيلة خُذها معكَ الآن للبيت، وغدًا صباحًا خذها للمدرسة، وسأراكَ هناك، ولا تنسَ عندما تتناول طعام الفطور أن تسكب كأس ماءٍ لها كذلك، هل اتَّفقنا يا حسن؟! أظنُّك الآنَ ستضحك ولن تبكي أبدًا!

وفي الطريق أخذ حسن يُفكِّك ببساطته التشابُك الذي حلَّ به قبل قليل، وإن كانت الحيرة أصبحت على أشُدِّها، والتعجُّب ممَّا صنع والد صديقه زاد أكثر وأكثر، خاصة حينما أعطاه هذه الفسيلة، أراد أن يُكرِّر اسمَها حتى لا ينساه ففشِل، نظر إليها وتفحَّصها، وجد شكلها غريبًا وأوراقها غريبة أيضًا، لم يرَ ولم يمرَّ عليه مثلها حتى في دروس العلوم عندما درس أشكال (....)، أراد أن ينطق اسمَها ففشل للمرة الثانية، فقال في سرِّه: أشكال الشجر أو النباتات، أجاب على تساؤل نفسه قائلًا: نعم، إنها شجرة وإن كانت غريبة الشكل، لكنها تبدو جميلة، فضحك في سرِّه، وهنا عاودته النوبة فشهق شهقةً عميقةً أسكتتْ ما استفزَّه وسبَّب له البكاء!

ضحك حسن ضحكةً حقيقيةً سمِعها عاليةً تصدر منه، فصمَّم ألا يبوح بها لأحد حتى الصباح عندما يقابل والد صديقه خالد كما وعده سيقول له كل شيء: تهديد مدرس القراءة والنشيد: حفظ ستة أبيات من قصيدة الربيع وتسميعها ووضع الدرجات كالامتحان، مشاهدة كتابة درس القراءة (المنشار وعقدة النجار) مرتين، والإجابة عن أسئلة الدرس في كراس الواجبات! الإجابة عن المسائل الأربع لدرس الحساب (الربح والخسارة والدين لتاجر القماش)! تسميع (سورة عمَّ) كاملة بعضها مع بعض دون تجزيء، مع عقوبة الزجر وتنقيص الدرجات لمن لم يحفظها عن ظهر غيب... ثم إضافة لذلك ما رأيته وما حدث في المدرسة من حركة الأساتذة والمدير معهم وأناس كثيرين لم أرَهم من قبل، يتجمَّعون ثم يتفرَّقون، يدخلون غرفة المدير ثم يدخل بعضهم فصولًا أخرى، ومرة دخل اثنان منهم فصلنا وتحدَّثوا مع أستاذ القراءة كثيرًا ثم خرجا، لم أستطع أن أُلِمَّ بما تكلَّم أستاذنا معنا؛ حيث كنتُ مشغولًا بكتابة ما طلبه منَّا حتى لا أنساه، ولكنني أدركتُ جملتَه الأخيرة وهو يقول: غدًا يتمُّ تسجيل مسابقة زرع الشجر! ثم خرج من الفصل ودخل بعده أستاذ الجغرافيا الذي تكلَّم كثيرًا عن خارطة طريق الحرير التجاري القديم، لينتهي بطلب أن نرسم خارطته الموجودة في وسط الدرس من الكتاب، وتلوينها بالأقلام الملونة كواجب للأسبوع القادم، وانتهى الدرس، وكان آخر دروس اليوم...

لا أدري كيف مضت الليلة، والوقت كان ضيِّقًا جدًّا، ولا يكفي حتى لاستكمال نصف الواجبات، وبينما كنتُ أصارع القلق والخوف والنوم معًا، سمِعتُ أبي يقول لأمِّي: غدًا أذهب وأعتذر لمدرِّس القرآن!
كانت ذاكرتي مع عيوني تبحث عن الرجل الذي قال: إنه أبو خالد، لم أره من قبل، ولا أعلم ما الذي جاء به إلى مدرستنا!

ها هو يقف إلى جانب المدير، خشيتُ أن أقتربَ منهما، لكنه لما رآني ناداني، فأحسستُ كأنَّه حقيقة كان ينتظرني! بادرني قائلًا: كيف حالُكَ اليوم يا حسن؟ أراكَ تحمل فسيلةً جميلةً، ستكون معنا في مسابقة زرع الشجر؟! اذهب إلى فصلك واترُكْ حقيبتَكَ فيه، وعُدْ بسرعة!

2- دائرة وهمية...
قالوا: إن شجرة حسن قد فازت بالمرتبة الثانية في المسابقة، كيف تمَّ ذلك؟ ولماذا؟
هذا لم أتبيَّنْه، وحتى اسمها لم أعرفه أو أحفظه، إلَّا بعد أن اشتهرت بين الناس في المدينة بشجرة حسن؛ لأنها كبرت وأصبحت عالية ومُميَّزة بشكل أوراقها الدائرية الكبيرة وساقها المدوَّرة الأسطوانية، وأما الأشجار من حولها، فأصبحت كذلك تُعرف بغابة حسن، وكل الذي أتذكَّره يومها، حين بدأ التلاميذ والآخرون الذين جاؤوا معهم من أساتذة ورجال كثيرين، ومنهم أبو خالد وابنه صديقي وكان يُلازمه، ثم اختفيا ولم أعد أراهما، جاءني واحد منهم، وناداني باسمي، لم أعرفه لكنه قال لي: إنه المهندس فقط، وأشار إليَّ أن أتبعه، توقَّفنا عند حُفرة، أخذ مني الشجرة، ووضعها فيها وهو يُكلِّمني ويعلمني كيف أردم التراب حولها، وهكذا حينما انتهينا، أمرني أن أجلبَ الماء لسقيها من برميل كان على بُعْدٍ منَّا، ولما انتهينا وقف يتأمَّلها ثم نظر إليَّ وقال: سوف أضع عليها لوحةً، وأكتب فيها: "نخلة حسن"!

زرتها مرة واحدة، وكنتُ في السنة الثانية الثانوية، وقد كبرتُ أنا وكبرت النخلة، وقفْتُ أتأمَّلها، كما وقف المهندس لحظة انتهينا من زرعها، تذكرتُ بكائي وضحكي، مع خوفي الشديد من كثرة الواجبات يوم أن تعرفت عليها، وكانت صغيرةً جدًّا، وكيف أنقذني زرعها من ورطة الواجبات، عاودتني الضحكة، ولكنَّ عينيَّ أبتا إلَّا أن تذرف الدموع صحبة لذلك الحدث الغريب!

لم أرَ أحدًا يُعيرها اهتمامًا، ولا أحدًا أعارني أي انتباه كذلك، وكدتُ أصيح بالواقفين بالقرب منها، إنني أنا حسن، أنا من زرع هذه الشجرة، وإن اسمها هو اسمي، لكن كثرة الدموع حالت دون فعل ذلك!

لفت انتباهي أنها في موضع منفرد متقدم بضعة أمتار عن بقية كل الأشجار، تخيلتُها كعرِّيف الفصل في طابور الصباح، والحافلات تتوقَّف بالقُرْب منها فينزل منها ناسٌ ويصعد آخرون كانوا ينتظرن قدومها!

3- رحلةٌ ما بين الفاصلة والنقطة!
أجبتُ بنعم: حين تلا عليٌّ - قائد كتيبة الهندسة التي كنتُ أقضي فيها خدمة الجيش الإجبارية برتبة ملازم مجند، بعد تخرُّجي مهندس ميكانيكا من الجامعة - اسمي وتفصيلاتِ العائلة كاملةً: حسن صالح الشاملي!

والموضوع: ضبط المدعو حسن... بعناصر من الشرطة العسكرية وإحضاره موقوفًا إلى القضاء العسكري في مدينته بالإجراءات العسكرية المتَّبعة خلال مدة أقصاها اثنان وسبعون ساعة من التبليغ الوجاهي!

أعادني تخبُّط السيارة العسكرية المهلهلة، ومقعدها الحديدي، خلال رحلة التوقيف وضبط القضاء هذه، والقيد الحديدي بيدي الاثنتين معًا - إلى تلك الرحلة التي أخذتني إدارة المدرسة برفقتها مجانًا؛ تكريمًا وهدية مقابل فوزي بمسابقة زرع الشجر! مع بقية التلاميذ الذين اشتركوا فيها برسم ماليٍّ، إلى أحد الآثار القديمة، فكان تخبُّط (البوسطة) التي أقلَّتنا يومها كأنه الآن من هذه السيارة المغلقة بالشبك الحديدي المحيط بي من حولي! ولعلَّ تذكُّري الطويل أحداثَ وتفاصيلَ تلك الرحلةِ الجميلة البعيدة، خفَّف أو أنه أنساني ما سبَّبه القيدُ والشبك والمقعد من تعذيبٍ وآلام مُبرحة في كل أنحاء جسمي؛ بل إنني ما أحسبه إلَّا مثالًا أو شكلًا لما سوف ألقاه من هذا الضبط العجيب الغريب مجهول الأسباب!

4 - فراغ لا بدَّ من إملائه...
بعد خمسة عشر يومًا أُطلق سراح حسن؛ لعدم وجود أي ادِّعاء عسكري ضده، وخلوِّ ساحته من أي جُرْم، وقرَّر القاضي العسكري إعادته إلى مكان خدمته، مثلما جيء به، وفي الوقت نفسه رفض ما تقدَّم به الادِّعاء المدنيُّ ضد المدعُوِّ حسن وتأجيله إلى حين انتهاء الصفة العسكرية كملازم مجنَّد.


أما حيثيات الحكم الصادر من المحكمة المدَنيَّة بحقِّه غيابيًّا، فقد أصدر أمرًا تنفيذيًّا بإزالة شجرة النخلة المروحية، والمسماة باسمه، من مكانها المشار إليه بالتقرير الميدانيِّ ومخطط البلدية؛ لوقوعها في وسط الشارع بتخطيط وتوسعة طرق وشوارع المدينة الحديثة، وتغريمه ما يترتَّب عليه من إضرار بالمصالح العامة منذ بداية التوسعة إلى تاريخ تنفيذ الإزالة، وتقدَّر بعشر سنين كاملة، وفي حال امتناعه عن التنفيذ يُحال الحكم القضائيُّ إلى المحكمة الاقتصادية العليا للنظر فيه!

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.


التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 16-11-2022 الساعة 09:35 PM.
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 58.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 56.55 كيلو بايت... تم توفير 1.96 كيلو بايت...بمعدل (3.35%)]