ابن عمي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 46 - عددالزوار : 3777 )           »          الكبائر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 36 - عددالزوار : 3006 )           »          التحذير من قطيعة الرحم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          مفاتيح الرزق الحلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          معنى (لا حول ولا قوة إلا بالله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          حقيقة الزهد في الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          تأملات في آيات .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 251 )           »          أمانة العامل .. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          روح القميص (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          ظاهرة تسلط النساء على الرجال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصور والغرائب والقصص > ملتقى القصة والعبرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القصة والعبرة قصص واقعية هادفة ومؤثرة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-05-2021, 02:33 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,301
الدولة : Egypt
افتراضي ابن عمي

ابن عمي


د. سليمان الحوسني


كانت القريةُ صغيرة، بيوتُها قليلة ومتناثرة، طرقاتُها كثيرة، مساجدُها نادرة، هدوءُها كبيرٌ لا يقطعه إلا صوتُ الأمواج القادم من شاطئِ البحر القريبِ، أو زَغْردة العصافيرِ والطيورِ التي تتنقلُ بين أشجار النخيلِ وغيرها في البساتين المجاورة من الجهةِ الأخرى، وتتغنَّى بأصواتِها الجميلة الرائعةِ وسطَ إحساسها بالأمان.

ترى الناسَ في حركة دؤوب منذ الصباحِ، فريقٌ يتَّجِهُ للبحر بقاربِه البسيط الذي صنعَه من سَعَفِ النخل (شاشة)، وفريقٌ يتَّجِهُ نحو البساتين للزرع أو جَنْيِ الثَّمرِ، وبعضُ النِّسْوة يَحمِلْنَ قِرَبَ الماء لجَلْبِه من قرية أخرى، حيث البئرُ ذات الماء العَذْب، وترى فريقًا من الصِّبْيةِ يحملون مصاحفَهم يمشون نحو الكتاتيبِ؛ لتعلُّم القرآن، وفريقًا آخرَ يلعبون بالرمال والألعاب البسيطةِ من واقع البيئة.

لم تكن هناك وسائلُ نقلٍ غير الحميرِ - ولا تتوفَّر لدى الجميع - أو دراجة هوائيَّة واحدة وربما اثنتان، يتبختَرُ بها أصحابُها بين أقرانهم الذين ينظرون نحوَهم بشَغَفٍ وإعجاب، وكأنهم رأَوْا اختراعًا عجيبًا في تحرُّكه وسرعتِه.

أما لو سمعوا صوتَ سيَّارةٍ أتَتْ إلى القرية، فيخرج الجميع لرؤيتها، والاستمتاع بالنظرِ إليها، ولعلَّهم يَحْظَوْن بمتعة الركوبِ ولو للحظة قصيرةٍ، أما القيادة فمسألةٌ بعيدةُ المنال، حتى إنه لما اشترى أحدُ رجال القرية سيارةً، استأجر سائقًا لقيادتِها، وكان حدَثًا كبيرًا!

ومشهدُ الشاحنات الكبيرة التي تنقل المسافرين القادمين من البلاد الأخرى بعد أن أمضوا سنواتٍ من سفرهم بعيدًا عن الأهل والأولاد - مشهدٌ مؤثِّر؛ حيث يجتمع كلُّ أهلِ القرية لاستقبالهم والفرح بقُدومهم والنظرِ إليهم، وطمعًا في بعض الحلوى والهدايا التي يكرمون بها مستقبليهم، وقد يكونُ البعض لم ير أباه أو أخاه أو ابنَه منذ سنوات؛ فسعادةُ اللقاء لا توصف!

حتى إنني أتذكَّر وصولَ بعض إخوتي وأقاربي، وقد قَدِموا من البحرين والكويت ونحن أطفالٌ صغار.

برز بيننا في القرية ابنُ عمٍّ لنا بعد رجوعِه من سفرِه، وكان هلالًا كالبدرِ؛ يُذكِّرنا بالله، وينصحُنا بتقواه، ويعلِّمُنا الصلاةَ، ويحثُّنا عليها، وكان صاحبَ خلقٍ رفيع وهدوء جذَّاب، ومحبة للجميع، فتحَ بيتَه وبستانه لأهل القرية - وخاصةً أقاربَه وأرحامَه - يرحِّب بمن يزورُه بكل ودٍّ واحترام، فكسَبَ محبَّةَ الكثيرين.

بستانُه كان أقربَ البساتين للقريةِ، وبه أشجارٌ مُثمِرةٌ مغريةٌ جذَّابة مثله، فإلى جانب النخيل يوجد المانجو والجوافة (الزيتون)، واللوز(البيذام)، وشجر الليمون، ووسط تلك الأشجارِ بِرْكةُ ماءٍ عَذْبة مفتوحة لمن أراد الاستحمامَ، والاغتسال، والتبرُّد وقتَ الحرِّ وشدته.

وكان في رمضان يذهبُ لصلاة التراويح إلى قرية أخرى ومعه اثنان، فكنتُ أصحبُهم وأنا طفلٌ صغير، وهكذا عدَّة سنوات حتى بادر إلى فكرةِ إنشاء مسجدٍ صغيرٍ بدأنا الصلاةَ به، وكان هو أول إمام، ثم أخوه أول خطيب (رحمهما الله).

فكان المسجدُ يجمعُنا، ومن تخلَّف عن الصلاة زاره وذكَّره بفضل الجماعة، وكثيرًا ما كان يمرُّ على البيوت وهو ذاهبٌ للمسجد يحثُّهم على الصلاة ويدعوهم إليها.

وكم أتذكرُ مُكْثَنا في المسجد بعد العصرِ في رمضان ونحن نقرأُ القرآن، لم يكن عالمًا فقيهًا، ولكنه فاضلٌ مثقفٌ محبٌّ للطاعة والعبادة.

عملت معه فترةً في التجارة بسوق البلد خارج القرية، وكان مميَّزًا في تعامله، ومحبوبًا لدى الآخرين، وصاحبَ عَلاقات اجتماعيَّة جيدة، سرعانَ ما يَأْلَفُ الناسَ ويألفونه، وكان متسامحًا حتى في البيع والشراء؛ مما أثَّر في ربحه وقلَّة كسبِه، ومع ذلك كان قدوةً في الصبر والأمل وعدم اليأس.

وعندما رأى الأمورَ في غير صالحِه، ترك التجارة وسافر مرةً أخرى إلى خارج البلاد، وعمل إمامًا وأعمالًا أخرى، وتحسَّنت ظروفه وأحواله عما قبل، وبقي حتى وافاه الأجلُ، ورحل من الدنيا إلى الآخرة، تغمده الله بواسع رحمته.

مات في 1983م وقد ترك بصمةً طيِّبة، وسيرة حسنة، وآثارًا مباركة، ما زلنا نذكرُها وندعو له بالمغفرة، وعلوِّ المنزلة، سائلين الله أن يجمعَنا به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في جنات النعيم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.94 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.18 كيلو بايت... تم توفير 1.76 كيلو بايت...بمعدل (2.80%)]