ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         الجوانب الأخلاقية في المعاملات التجارية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          حتّى يكون ابنك متميّزا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          كيف يستثمر الأبناء فراغ الصيف؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          غربة الدين في ممالك المادة والهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          أهمية الوقت والتخطيط في حياة الشاب المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          الإسلام والغرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          من أساليب تربية الأبناء: تعليمهم مراقبة الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          همسة في أذن الآباء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 39 )           »          تعظيم خطاب الله عزوجل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          رسـائـل الإصـلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 43 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26-09-2022, 10:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية

ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية
مصطفى العادل




بعد 18 شهرًا تربَّع قلبُ ماهر على عرشها، واستسلمت كلُّ الحواس أمام سلطة عشقها وحبِّها، ولم يعد ماهر يعرف أصل ومنبعَ تلك المحن التي أصبحت تباغته كلَّ يوم، وتلك المشاعر التي تهاجم البسمة على وجنتَيه كما تواجه جماعات الحمير الوحشي مرتعًا أخضر.

ظن ماهر أنه قطع كلَّ المراحل ليصل أخيرًا إلى خط النهاية؛ حيث الظفر بالمحبوبة التي انتظرها منذ زمان، كان في قمة سعادته في تلك الأيام؛ لدرجة أنه قال لي يومًا:
تحققت أمنيتي، وشعرْتُ بسعادةٍ أقرب إلى سعادة أهل اليمن بعودة قوافل الحنطة في العام السابع من القحط، أو بقدوم الغيث بعد سنوات الجفاف كذلك.
لكن مع ذلك لا يمكن أن نتصوَّر الموقف؛ فماهر نفسه لم يدرك كيف يتمُّ اغتيالُ كثيرٍ من الرجال في معركة الخيانة العاطفية، يعلم ذلك دون أن يستفيدَ منه ولو درسًا واحدًا، كثير من الرجال الأغبياء يقفلون جميع حواسِّهم، ثم يسلِّمون المفاتيح إلى نساءٍ لم يبذلْنَ أيَّ شيء في السعي لإنجاح المعركة العاطفية وتحقيق مطالب الحبِّ والسعادة.

نحن أغبياء أيها الرجال، وربما أكثر مما تتصوَّرون، لا لأننا خُلقنا هكذا فطريًّا، وإنما لعدم استفادتنا من الدروس التي تُلقى أمام أنظارنا في كلِّ لحظة...، في كل لحظة يقصف رجل وتسيل دموعه، فلماذا لا نقدِّر دموعَ الرجال، ونحن ندرك أنها أغلى من الذهب؟
إذا بكى الرجل فاعلم أن سبب بكائه لو أصاب امرأةً لبكت جميعُ النساء على هذا الكوكب، مشكلة الرجال أنهم لا يتعلَّمون إلا بالدموع، كثير منا حضر مواقفَ بكى فيها الرجال، فأبى أن يعيش دون أن يعيد المشهد نفسه بنفسه.

لقد أدركت حينما استعرضت أمامكم هذه الصور أنها لن تكون من أجل الوقاية، بقدر ما ستلعب دور دروس تدريبية قبل القيام بالعمليات العاطفية الفاشلة، لغباء الرجال؛ فإنهم سيتخذون هذه الأدوار تدريبًا للقيام بها في قَصص مشابهة، لذلك فلست مسؤولًا عن كل الدموع التي ستذرفها عيونُكم أحبابي.
بلا شك سوف يكون أحدُنا في موقف ماهرٍ بعد شهور من الحُبِّ والسعادة الوهمية، وربما سيعيش وراء هذا السراب لفترة أكثر من ماهر، ليتفاجأ بذلك اليوم الحزين، سيصطدم يومها قوة بجدار الحقيقة المُرَّة فيعود إلى رُشْده، ويستفيق مِن غفلته الشريرة.

تشعرون في بعض الأوقات أنكم تربَّعتم على عروش قلوب مَن ترون فيهن منبع السعادة العاطفية؛ بل زوجات المستقبل ورفيقات الدَّرْب، في تغاضٍ تامٍّ عن هذه القَصص...، لكن مع ذلك وبدون شكٍّ أنتم حزانى لشعوركم بحجم الدركات التي تنتظركم في هذه الحالة، عليكم بالصبر وطلب العُلا مع من تستنشقون الأكسجين برؤيتهن، وتعودون إلى الحياة بعد صراع مع الموت، بمجرد سماع صوتهن واسترجاع شريط الوقوف بجانبهن ومحاورتهن والنظر في عيونهن.

معذرة...، عُدْ إلى رشدك، فلا أطلب منك أن تعيد الشريط الآن، ولا أرغب في رؤية هذه الابتسامة بمجرَّد تفكيرك في الماضي المزيَّف، لا أريد منك شيئًا من هذا، كلُّ ما عليك بعد هذه النكسة هو أن تشمِّر على ساعديك؛ فالنسيان غاية في قمة شامخة عليك أن تتحمَّل عناء الصعود للفوز بها.

دعوني قبل كلِّ شيء أحكي قصة ماهر مع ياسمين؛ فالكلمات تسرقني وتوجِّهني حيث لا يريد العاشقون الآن والتائهون في هذا العالم...، احتياطًا وكي لا أتحمَّل مسؤولية أمام الله كان عليَّ أن أكتب في بداية الكتاب: "يمنع قراءة هذا الكتاب من قبل التائهين في العشق الشبابي دون الزواج، والراغبين في تأسيس علاقات عاطفية مرحلية"، ما كان عليَّ أن أتجاهل ذلك، وقد خِفتُ أن يفشل كلامي- وهذه قصة كانت من الممكن أن تصبح بعد سنوات واقعيةبكل المقاييس- أو يعطل سعادة بدأت تتدرَّب على الوقوف والسَّير إلى الأمام.

أيها الرجال الذين ظنُّوا أنهم امتلكوا قلبَ أنثى، عليكم بإغلاق الكتاب، فأنا هنا لا أريد سوى استهدافِ بعض النساء اللواتي تسلَّلن عبر النوافذ إلى رياض الكتاب، ليلعبن دور طائرات التجسُّس والمخابرات العالمية، كان هذا مقصدي بكل صدق، لكن لا تخافوا، لن نقوم بقصفهن كما تقصف طائرات التجسُّس؛ ففي تسلُّلهن إلى هذا الكتاب قصف أكبر.
اعتاد ماهر أن يهاتف ياسمين كلَّ يوم في الساعة السابعة مساءً، ليسمع عبارات الحبِّ وألحان الهيام، ويعيش لحظة في فردوس الحياة الزوجية قبل أوانها، لم يكن لغبائه يؤمن بأنه قد يجيءُ يومٌ تنقلِب فيه الموازين، بكل صدق لم يكن يستفيد من الحياة!

في خميس أسود ذاق مرارة الحياة بكل معاني المرارة، وقد عهدنا أخيرًا في الحياة العربية أن نسمع أنواعًا عديدة من الأيام، الخميس في العقلية العربية لم يعد له معنًى واحد، ولم يعد يعني يومًا في الأسبوع فقط، هناك خميس الغضب، وخميس الانتفاضة، وخميس النصر، وخميس الموت، وخميس الحرب...، لكن الخميس هذه المرة ليس في سوريا أو ليبيا، أو في أحد البلاد التي ثارت على حكَّامها المستبِدِّين، وليس خميس الغضب في انتفاضة طنجة ضد وحشية أمانديس، ولا خميس الحزن في انتفاضة الجبل الصامد الراحل على الأقدام تنديدًا بالعذاب الذي صار واحدًا من أهلهم وذويهم على قمم الجبال...، قد يكون هذا الخميس بكلِّ هذه المعاني، وقد نضيف إليه كذلك خميس الرحيل والوجع والألم، لكن ميزته أنه يوم في مملكة ماهر العاطفية لا غير، مملكة كان ماهر حاكمًا بها قبل أن تدمر حصونها، وتقصف قواعدها بجحافل ياسمين الطاغية.

ثم أُسر ماهر واستشهد جيشُه في معركة ياسمين يوم الخميس التاريخي.
بعد أسبوع لم ترُدَّ ياسمين على مكالماته، وما يزال ذلك الأمل الأحمق يدفع ماهرًا إلى أخذ الهاتف، هذا المخلوق الذي صار جزءًا من حياتنا من الصعب أن يستغني الإنسان عن الجهاز الهاتفي في هذا العصر، اللهم إلا إذا كان قادرًا على الاستغناء عن الجهاز العصبي والتنفسي والهضمي...، الجهاز الهاتفي لم يعُد أقل مكانة من كلِّ هذه الأجهزة في حياة الإنسان.

ظل ماهر يعيد الاتصال يومًا كاملًا دون جدوى، فبدأ يقدِّم لها أعذارًا لبَلَهِه من أجل تبرير تجاهلها، كان كل شيء يقود لاطمئنانه:
لعلها مشغولة، أو مسافرة.
لعل لصًّا سرق هاتفها في المدينة.
قد يكون هاتفها تعرَّض للإتلاف، فانتفخت بطاريته.
ربما في صحبة والديها مما جعلها تخجل من مهاتفتي.

مسكين...، يصنع العذاب بنفسه، كالذي عاش الاستبداد مع التقديس الأبدي للمستبدِّين، لو أعاد النظر في الموقف لحظةً لاستطاع بلوغَ معنى تغريدة الخميس الأسود.
قبل أن نورد التغريدة، كيف يمكن أن نفسِّر هذه الأعذار في نظركم يا معشر أُولي الألباب؟

تيقنت رغم هذه النكسات أن فطنة الرجال قد لا تجابهها فطنة النساء، ولا شكَّ أنكم ستقولون بلسان رجل واحد، ولتجربتكم العاطفية، أو ممن عاشوا حروبًا من محيطكم اليومي:
إنها مسافرةٌ إلى غيره؛ حيث تلتقي رجلًا غيره، أو لعل لصًّا عاطفيًّا سرق قلبها، أو صارت لصًّا فسرقت قلبًا آخر مِن نوع s5 لم تعد في الحاجة إلى قلب من نوع x2، أو لعل قلبها تعرَّض للإتلاف، فانتفخ من شدَّة الخيانة والغدر، ولما لا نقول: إنها مشغولة بعملية اصطياد فارس جديد، في هذه الحالة يكون وجودُ ماهرٍ في حياتها عائقًا وعاملًا سلبيًّا أمام نجاح الحكاية.

يا معشر الأغبياء...، عفوًا: معشر الشباب، هل فهمتم الحقيقة بعد حقيقة التماس الأعذار...، إنها المرأةُ ياسمين، سيدة قلب ماهر، هذا الشاب الذي أحبَّ السراب وعشق الترقيم على الماء لبرهة من الدهر.
بعد أسبوع من ألم الانتظار...، أخيرًا ظهرت شمس ياسمين، وسطعت على عالم ماهر المظلم بتغريدة على فيس بوك، انتبه المسكين فقرأ الجملة في تلعثم مقيت دون أن يصدِّق، فرك عينيه لمرَّات عديدة، وما يزال يتردَّد في تصديقها، نظر إلى اسمها وتأكَّد من صفحتها فبقي حائرًا، كان حاله أقرب إلى صناديد قريش؛ حيث تزعزعت قلوبُهم أمام حقيقة القرآن، بينما حجب عنهم كبرهم وعنادهم طريق الإيمان به وتصديقه.
يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 26-09-2022, 10:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,534
الدولة : Egypt
افتراضي رد: ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية

ماهر وياسمين في معركة الخيانة التاريخية
مصطفى العادل





ردد التغريدة كثيرًا لدرجة أنه حفظها حفظًا دقيقًا:
"الحمد لله، أخيرًا تحقَّقت أمنيتي بعد طول انتظار؛ تحتفل بعقد زواجها".
ياسمين تحمد الله على عقد قرانها، بينما ماهر لم يكن بعد في ذلك المستوى؛ حيث تترجم أحلامهما الماضية إلى واقع حقيقي.

سألته ذات مرة عن نجاح حلمه مازحًا:
متى أحضر في عرسك لأقابل اللحوم والعصائر؟

فرد ضاحكًا:

لم أستطع المباءة بعدُ.
كان لشدة مزاحه يستعمل المباءة، رواية الأديب المغربي عز الدين التازي مقابل الباءة، المباءة تحضر في أذهاننا نحن الشباب منذ درسناها في المستوى الثانوي؛ لأنها أقرب كلمة إلى الباءة، هذه الساحرة التي تخرجنا من عالم العزوبة والإعاقة كما اصطلح عليها أخيرًا.

قريبًا إن شاء الله، فلا فرق بين المباءة والباءة، لكنني أخشى عليك؛ فالفرق في حرف الميم، وهو سيد الحروف في العامية المغربي: [سبق الميم واتهنى]، حرف الميم يا صديقي مشؤوم لحدٍّ كبير.

رد علي ماهر بهاءات تعبيرًا عن الضحك، وقد لا تكون في الحقيقة إلا بفعل الأنامل التي كتبتها:
****ه.
لم تكن ياسمين تنشر مثل هذه التدوينات حينما كانتْ تبادل ماهرًا أطراف الحبِّ والأحلام، فكيف عادت بعد أسبوع من الغياب لتفتح صفحتها بهذه الرصاصة، وهي في قمة سعادتها؟
الفيس بوك بدوره قنبلة نووية، كثيرًا ما يسهم في قصفنا، يدفعنا إلى الحب، ثم يلعب دورَ الوسيط في متابعة أشواط الرحيل، إنه - بكل خلاصة - سببُ كل الأوجاع العاطفية.

هذه التساؤلات طرحها ماهر، ثم عاد إلى الجزء الخاص بالغباء في ذهنه، يبحث لها عن جواب...، اسمحوا لي معشر الشباب، قد طال انتظار المتجسِّسات وازداد شوقهن لمعرفة حقيقة ياسمين؛ لذلك سنوقف جميع تلك الأعذار التي التجأ إليها العاشق الغبي لتبرير التدوينة، والتماس الأعذار من المتهمة بارتكاب أبشع جريمة في عالم العواطف.

لن نسمح لك يا ماهر بأن تسبح مرةً أخرى في عالم الخيال، نحن ندرك أنك تلعب الآن دورَ السَّمكة، ولا حياة لك خارج البحر، التقمتَ سنارة الصياد أيها المسكين وجاء دورك، كل ما علينا بعد إخراجك إلى البَرِّ هو وضعك داخل برميل مائي لتتوهم من حين لآخر عيشك الحر في أعماق البحار...، لا تخشَ، سنحاول كتمَ جرح السنارة بحنجرتك حتى تستطيع تناولَ بعضِ الطعام والشراب، فنحن ندرك أن جرحًا من هذا النوع غالبًا ما يمنع صاحبه من كل شيء، حتى نظامه الغذائي يصبح مشوهًا.
سوف نتابع أصابعك على لوحة المفاتيح وأنت تراسل ياسمين من جديد، سيكون خيارنا الوحيد هو الدردشة ما دام أنها رفضت مهاتفتك كما كانت تفعل...

أقترح عليك صديقي ماهر:
ابقَ في المدرجات وتابع أطوار المباراة من بعيد، أنا سأتكلَّف بالدردشة حتى لا تصاب بضربة تُبعِدك عن ميادين الحياة لأيام، أو لمدى الحياة، فاللعب مع هذا النوع من الخصوم وفي هذه اللحظة بالذات لا تُحمَد عقباه أبدًا.
اهدأ واملك أعصابك؛ فالنساء قنابل متنوعة ومتعدِّدة، ولا عجب أن تكون ياسمين من ذلك النوع الذي محا أثر مدينتي هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين، لا أشك أنها بالفعل قنبلة نووية صديقي ماهر!

أرسلتُ لها من صفحته متقمصًا شخصيته:
السلام عليكم أيتها الشمس الجميلة النيِّرة، أشرقت حياتي بشروقك، ما عشته في غيابك لا يتصوَّر ولا تقوى الكلماتُ على وصفه، إنها بكلِّ صدق لحظاتٌ مظلمة في ليالٍ بهيمة وأيامٍ سوداء بلا نورك.
****، وعليكم السلام أخي، **** شاعر مع رأسك...، كيف حالك؟
أخي! هل أنت ياسمين؟

نعم، أنا ياسمين...، سعيدة جدًّا بعقد زواجي في هذا الأسبوع...، أخيرًا تحقَّقت أحلامي، ****، لكنها للأسف ليست معك...، لا تقل لي: إنك لست مسرورًا بهذا، وإنك لن تحضر حفل زفافي، مممم...
ارتعشت أناملي، واهتزَّ قلبي، ولم يعد بإمكاني أن أكتب كلمةً واحدةً، نهاية حزينة أفقدتني التحكُّم في لوحة المفاتيح، وأصبحت أناملي تكتب حروفًا أخرى غير التي أرغب في الردِّ بها على رصاص ياسمين.
التفتُّ يمنة إلى صديقي ماهر، كان يتابع قصفها الجوي والبَرِّي بكلِّ اندهاش.
قصفَتْك بنجاح يا ماهر...، لكن تذكر أنك رجل...، ياسمين مجرَّد فتاة تعلَّقتَ بها في عالم أكثره فتيات جميلات.

رد عليَّ ماهر مبتسمًا:
أعجبتني لغتك الفصيحة...، لو كنت أتواصل معها بهذه العبارات لَمَا تركتني اليوم.
ضحكنا بسبب هذه الكلمات، وكأن شيئًا لم يحدث، وربما لأن [كثرة الهمِّ كضحكٍ]، بالمثل الشعبي المغربي.
علمت أثر تلك السهام ووحشية تلك القنابل على فؤاده البريء، وأدركت حِدَّة تلك السيوف التي جعلت من صديقي أطرافًا متباعدةً بعد تلك اللحظة، قد يكون الأمر هينًا من لحظة لأخرى، لكن وجع الرحيل يباغت المرء من حين لآخر؛ حيث لا يجد من يسانده، الوجع سمٌّ يسري في داخل العاشق، وبإمكانه أن يقتله ويقضي عليه بعد فترة وجيزة.

عليكم بصحبة الجَرحى في معارك الرحيل، فهو الدواء الأنجع لداء الوجع.
اتصلت إليه بصريًّا في حسرة، فضمني إلى صدره البارد، وعانقني حتى تساقطت قطرات الدمع الدافئ على كتفي؛ فعلمت أنها استعملت القنابلَ المسيلة للدموع في فضِّ اعتصامات عشقه وغرامه.
كن قويًّا يا ماهر، لا تجعل حظًّا للبؤس يُطِل على حياتك أكثر من هذا...، كن قويًّا كما عرفتك...، أرجوك.

انتهت المباراة بيننا في مواجهة ياسمين بخسارة فادحة، شعرت بالحزن لأني كنت معارًا في فريقه ذلك اليوم، كلُّ ما تعلمته: إن امرأةً واحدةً قد تقتل عشرات الرجال!
لقد صرتُ جزءًا من صديقي، إن لم أقل: صرتُ ماهرًا نفسه في تلك اللحظة، كلُّ ما ميَّزني عنه هو قدرتي على حظرها وحذف حسابها.

قلتُ له بينما كان لا يتحرك:
لم يعد هناك مجال لها في حسابك، عليك أن تنسى كلَّ شيء بسهولة تمكِّنك من الرجوع إلى وضعك الطبيعي ماهر.
أغلقتُ الحاسوب، ثم قررت الخروج معه إلى المدينة لساعات، لم تكن لديَّ الرغبة في الخروج إليها، إلا أنني حاولتُ لعب دور الدول الأوربية حينما استقبلت اللاجئين العرب، النازحين جراء الثوَرَات الشعبية على حكام الجَبْر، نعم ماهر لم يكن أقل تضرُّرًا من النازحين، فقد صار بعد ثورة ياسمين لاجئًا بلا وطن، عاد رجلًا بلا قلب.

هكذا تقتلنا القَصص الفاشلة في عالم العواطف يا معشر الرجال، فالمرأة تكتفي برجل غنيٍّ وجميل، وشابٍّ وسيم؛ لتقلب الطاولة على حبيبها السابق، يكفيها هذا لتنسى الماضي، وتعيش من جديد مع رجل جديد.
ما يميِّزنا نحن الأغبياء من الرجال هو عدم قدرتنا على التمييز بين الحبِّ الصادق والدور الذي يلعبه أحدُنا في مرحلة عاطفية تنتهي برفع ستار الحبِّ الأنثوي؛ لذلك قد يشعر أحدُنا أنه تربَّع على عرش قلب إحداهن، دون أن يدرك أن النهاية غيرُ بعيدة عمَّا عاشه ماهر مع بطلة المسرحية السيدة ياسمين المزيفة.

في إحدى زياراتي لصديقي ماهر استرجعت معه هذه المسرحية بكامل تفاصيلها، رغبةً في التذكير بدرس أنا في الحاجة إليه، درس ما زلت أجهل أدقَّ تفاصيله رغم سنوات طويلةٍ قضيتها بالجامعة أيقونة الحب والوجع.
أدركت أن ماهرًا توصل بعد فوات الأوان إلى حقيقة كلِّ شيء، لقد استوعب المسكين قدَرَه الذي ساقه للعب ذلك الدور الفاشل.

ياسمين كانت لا تحبُّه نهائيًّا، لقد شربت جرعة من عشق صديقها يونس منذ الطفولة، هذا الفتى الذي لم يُعِر أي اهتمام لحبِّها، خاصة بعدما علم أنها انغمست في حبِّه، وتعسلت - بمعنى أكثر دقة - في عشقه، التجأتُ إلى صديقي ماهر ليلعب دور المُثير في نظرية سكانر التربوية، صنم رجولي وهب كل ما لديه لإثارة غيرة يونس ليس إلا، حرَّك مشاعرَ يونس اهتمامُ ماهر، ونشرت صورهما فتأجَّجت نيران الغيرة في قلبه أكثر فتقدَّم لخطبتها!

أخيرًا قادت يونس إلى السلة بلا وعي، ورمت ماهرًا برصاصة الوجع غامضة عينيها، انتهى كلُّ شيء في المسرحية، وأصبح ماهر البطل الفاشل يتيمًا يجول بين أحياء الألم في مدينة الوجع العاطفي.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.86 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.52 كيلو بايت... تم توفير 2.34 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]