منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - الصفحة 14 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4408 - عددالزوار : 847558 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3938 - عددالزوار : 384610 )           »          مجالس تدبر القرآن ....(متجدد) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 163 - عددالزوار : 59456 )           »          المستشرقون.. طلائع وعيون للنهب الاستعماري الحلقة الثالثة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          السياسة الشرعية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 16 - عددالزوار : 586 )           »          العمل التطوعي.. أسسه ومهاراته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          أبواب الجنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          المتسولون (صناعة النصب والاحتيال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          إلى كل فتاة.. رمضان بوابة للمبادرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          أســـرار الصـــوم ودرجات الصائمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #131  
قديم 03-11-2022, 01:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (131)
صـ 355 إلى صـ 361



متحيز وحيز وقائم بالمتحيز، فتكون الموجودات سوى الله ثلاثة وهي محدثة عندهم. وهذا يناقض قولهم: إن ما سوى الله: إما متحيز، وإما قائم بمتحيز.
وأما اعتراض الطوسي عليه فإنه مني على أن التحيز هو المكان، وليس هذا هو المشهور عند المتكلمين، بل المشهور عندهم الفرق بينهما. وما ذكره من القولين في المكان هو نزاع بين المتفلسفة أصحاب أفلاطن وأصحاب أرسطو، فأولئك يقولون: هو جوهر قائم بنفسه تحل به الأجسام، وليس هذا قول كثير من المتكلمين، بل كل ما قام بنفسه فهو عندهم جسم، إذ الجوهر الذي له هو جسم، ليس عندهم جوهر قائم بنفسه غير هذين، ومن أثبت منهم جوهرا غير جسم فإنه محدث عندهم، لأن كل ما سوى الله فإنه محدث مسبوق بالعدم باتفاق أهل الملل، سواء قالوا بدوام الفاعلية وأنه لا يزال يحدث شيئا بعد شيء، أو لم يقولوا بدوام الفاعلية.
والمتكلمون الذين يقولون: كل ما سوى الله فهو جسم أو قائم بجسم قد يتناقضون، حيث يثبت أكثرهم الخلاء أمرا موجودا، ويقولون: إنه لا يتقدر بل يفرض فيه التقدير فرضا، وهذا الخلاء هو الجوهر الذي يثبته أفلاطن.
ولكن يمتنع عند أهل الملل أن يكون موجود قديم مع الله فإن الله خالق كل شيء، وكل مخلوق مسبوق بعدم نفسه، وإن قيل مع ذلك بدوام كونه خالقا، فخلقه شيئا بعد شيء دائما لا ينافي أن يكون كل ما

****************************

سواه مخلوقا محدثا كائنا (1) بعد أن لم يكن، ليس من الممكنات قديم بقدم الله تعالى مساويا له، بل هذا ممتنع بصرائح العقول مخالف لما أخبرت به الرسل عن الله، كما قد بسط في موضعه.
وأرسطو وأصحابه يقولون: إن المكان هو السطح الباطن من الجسم الحاوي الملاقي للسطح الظاهر من الجسم المحوي، وهو عرض عند هؤلاء.
وقوله: " إنه بديهي الأينية (2) خفي الحقيقة " أي عند هؤلاء، وأما علماء المسلمين فليس عندهم - ولله الحمد - من ذلك ما هو خفي، بل لفظ " المكان " قد يراد به ما يكون الشيء فوقه محتاجا إليه، كما يكون الإنسان فوق السطح، ويراد به ما يكون الشيء فوقه من غير احتياج إليه، مثل كون السماء فوق الجو، وكون الملائكة فوق الأرض والهواء، وكون الطير فوق الأرض.
ومن هذا قول حسان بن ثابت رضي الله عنه:
تعالى علوا فوق عرش إلهنا ... وكان مكان الله أعلى وأعظما (3) مع علم حسان وغيره من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن الله غني عن كل ما سواه، وما سواه من عرش وغيره محتاج إليه، وهو لا يحتاج إلى شيء، وقد أثبت له مكانا.
والسلف والصحابة، بل النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسمع مثل

_________
(1) في الأصل: أن يكون كل ما سواه مخلوق محدث كائن.
(2) في الأصل: الأبنية، وسبق تصويب الكلمة عن " تلخيص المحصل ".
(3) لم أجد البيت في ديوان حسان المطبوع.
******************************

هذا ويقر عليه، كما أنشده عبد الله بن رواحة رضي الله عنه:
شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا
وأن العرش فوق الماء طاف ... وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسومينا (1) في قصته المشهورة التي ذكرها غير واحد من العلماء لما وطئ سريته ورأته امرأته فقامت إليه لتؤذيه فلم يقر بما فعل، فقالت ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «لا يقرأ الجنب القرآن "؟» فأنشد هذه الأبيات فظنت أنه قرآن فسكتت وأخبر - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه.
وقد يراد بالمكان ما يكون محيطا بالشيء من جميع جوانبه ; فأما أن يراد بالمكان مجرد السطح الباطن، أو يراد به جوهر لا يحس بحال، فهذا قول هؤلاء المتفلسفة، ولا أعلم أحدا من الصحابة والتابعين وغيرهم من أئمة المسلمين يريد ذلك بلفظ " المكان ". وذلك المعنى الذي أراده أرسطو بلفظ " المكان " عرض ثابت، لكن ليس هذا هو المراد بلفظ " المكان " في كلام علماء المسلمين وعامتهم، ولا في كلام جماهير الأمم: علمائهم وعامتهم. وأما ما أراده أفلاطن فجمهور العقلاء ينكرون وجوده في الخارج، وبسط هذه الأمور له موضع آخر.
وكذلك القول في تداخل الأجسام فيه نزاع معروف بين النظار. وقول الرازي في التداخل: " ذلك محال " هو موضع منع، مشهور ولكن لم يقل أحد من النظار: إن الجوهر في الحيز بمعنى التداخل، سواء فسر الحيز

_________
(1) الأبيات مروية في ترجمة عبد الله بن رواحة رضي الله عنه في " الاستيعاب " لابن عبد البر. ورويت أيضا فيه القصة التي قيلت الأبيات بسببها.
******************************

بالأمر العدمي كما هو المعروف عند أئمة الكلام، أو فسر بالمكان الوجودي الذي (هو) (1) سطح الحاوي، أو جوهر عقلي كما يقوله من يقوله من المتفلسفة (2) ، أو فسر الحيز بالمعنى اللغوي المعقول في مثل قوله: {أو متحيزا إلى فئة} [سورة الأنفال: 16] وهذا الحيز هو جسم يحوز المتحيز، ليس هو عدميا ولا عرضا، ولا يجوز الجوهر العقلي المتنازع في وجوده.
والمقصود أنه أي معنى أريد بلفظ الحيز فقول النظار: " إن الجوهر في الحيز ليس بمعنى التداخل المتنازع فيه وفي وجوده، فلهذا لم يحتج إلى ذكر الكلام في مسألة التداخل في هذا المقام] (3) .
[فصل التعليق على قوله وأن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره]
(فصل) وأما قوله (4) : " وأن (5) أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ".
فيقال: هذه مسألة كلام الله تعالى، والناس فيها مضطربون، وقد بلغوا فيها إلى تسعة (6) أقوال: [وعامة الكتب المصنفة في الكلام وأصول

_________
(1) بعد كلمة " الذي " توجد إشارة إلى الهامش، ولكن لا تظهر الكلمة الساقطة في المصورة، ورجحت أن تكون " هو ".
(2) بعد كلمة " المتفلسفة " كلمة كأنها " أمر " ورجحت أن تكون زيادة من الناسخ.
(3) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 349.
(4) سبق ورود كلام ابن المطهر الثاني في " منهاج الكرامة " 1/82 (م) ، وفي هذا الجزء، ص [0 - 9] 9.
(5) ب، أ: فإن ; ع: إن ; والمثبت عن (ن) ، (م) وهو الذي في " منهاج الكرامة ".
(6) ب، أ: سبعة، وهو خطأ.
******************************

الدين لم يذكر أصحابها إلا بعض هذه الأقوال إذ لم يعرفوا غير ما ذكروه، فمنهم من يذكر قولين، ومنهم من يذكر ثلاثة، ومنهم من يذكر أربعة، ومنهم من يذكر خمسة، وأكثرهم لا يعرفون قول السلف] (1)
- أحدها: قول من يقول: إن كلام الله ما يفيض على النفوس من المعاني التي تفيض: إما من العقل الفعال عند بعضهم، وإما من غيره ; وهذا قول الصابئة والمتفلسفة الموافقين لهم [كابن سينا وأمثاله] (2) ، ومن دخل مع هؤلاء من متصوفة الفلاسفة ومتكلميهم كأصحاب وحدة الوجود. وفي كلام صاحب الكتب " المضنون بها على غير أهلها " (* بل " المضنون الكبير والمضنون الصغير " *) (3) ورسالة " مشكاة الأنوار " وأمثاله ما (4) قد يشار به إلى هذا، وهو في غير ذلك من كتبه يقول ضد هذا، لكن كلامه يوافق هؤلاء تارة وتارة يخالفه (5) ، وآخر أمره استقر على مخالفتهم ومطالعة (6) الأحاديث (7) النبوية.
وثانيها: قول من يقول: (* إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (8) . وهذا

_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(3) ما بين النجمتين في (ع) وساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : " بل المضنون الصغير والكبير ".
(4) ع: مما.
(5) ع: ويخالفه تارة.
(6) ب، أ: ومطابقة.
(7) ع: الأخبار.
(8) م: من يقول إن كلام منفصلا عنه.
*********************************

قول هذا الإمامي وأمثاله من الرافضة المتأخرين والزيدية والمعتزلة والجهمية.
وثالثها: قول من يقول *) (1) : إنه (2) معنى واحد قديم قائم بذات الله هو الأمر والنهي والخبر والاستخبار، إن عبر عنه بالعربية كان قرآنا وإن عبر عنه بالعبرية (3) كان توراة (4) ، وهذا قول ابن كلاب ومن وافقه كالأشعري وغيره (5) .
ورابعها: قول من يقول: إنه حروف وأصوات أزلية مجتمعة في الأزل، وهذا قول طائفة من أهل الكلام وأهل الحديث. ذكره الأشعري في " المقالات " عن طائفة (6) . وهو الذي يذكر عن السالمية ونحوهم. وهؤلاء قال طائفة منهم: إن تلك الأصوات القديمة هي الصوت

_________
(1) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) .
(2) ب: بأنه.
(3) ب، أ، م: بالعبرانية.
(4) ع: إن عبر عنه بالعبرية كان توراة وإن عبر عنه بالعربية كان قرآنا.
(5) يقول الأشعري في المقالات 2/233: " قال عبد الله بن كلاب. . وإنه (القرآن) معنى واحد بالله عز وجل، وإن الرسم هو الحروف المتغايرة، وهو قراءة القرآن، وإنه خطأ أن يقال: كلام الله هو هو أو بعضه أو غيره، وإن العبارات عن كلام الله سبحانه تختلف وتتغاير، وكلام الله سبحانه ليس بمختلف ولا متغاير، كما أن ذكرنا لله عز وجل يختلف ويتغاير والمذكور لا يختلف ولا يتغاير، وإنما سمي كلام الله سبحانه عربيا لأن الرسم الذي هو العبارة عنه وهو قراءته عربي فسمي عربيا لعلة، وكذلك سمي عبرانيا لعلة، وهو أن الرسم الذي هو عبارة عنه عبراني، وكذلك سمي أمرا لعلة، وسمي نهيا لعلة، وخبرا لعلة، ولم يزل الله متكلما قبل أن يسمي كلامه أمرا، وقبل وجود العلة التي لها سمي كلامه أمرا، وكذلك القول في تسمية كلامه نهيا وخبرا. . ".
(6) انظر " المقالات " 2/234.
***************************

المسموع (1) من القارئ (2) ، أو هي بعض الصوت (3) المسموع من القارئ، وأما جمهورهم مع جمهور العقلاء (4) فأنكروا ذلك، قالوا: هذا مخالف (5) لضرورة العقل.

وخامسها (6) : قول من يقول: إنه حروف وأصوات لكن تكلم به (7) بعد أن لم يكن متكلما، وكلامه حادث (8) في ذاته كما أن فعله حادث في ذاته بعد أن لم يكن متكلما ولا فاعلا. وهذا قول الكرامية وغيرهم، وهو (9) قول هشام بن الحكم وأمثاله من الشيعة. (* وهؤلاء منهم من يقول: هو حادث وليس بمحدث، ومنهم من يقول: بل هو محدث [أيضا] (10) . وقد ذكر القولين الأشعري عنهم في " المقالات " وذكر الخلاف بين أبي معاذ التومني وبين زهير الأثري (11) . والكرامية يقولون: حادث لا محدث *) (12) .

_________
(1) ن: المجموع المسموع.
(2) ب: النار، وهو تحريف.
(3) ن: أو هي نقر الأصوات، وهو تحريف ; م: أو هي بعض الأصوات.
(4) ع: وأما جمهور العقلاء.
(5) ب، ا: هذا مخالفة ; ن، م: هذه مخالفة.
(6) ب، ا: وخامسها وسادسها، وهو خطأ.
(7) به: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(8) ب، ا: حادث به.
(9) ن، م: وأظنه.
(10) أيضا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(11) انظر " المقالات " 2/231 - 232. وسبقت ترجمة أبي معاذ التومني 1/422. وانظر عنه أيضا ما ذكره الأشعري في المقالات 1/326. وأما زهير الأثري فلم أعرف من هو، ولكن الأشعري يتكلم عن آرائه بالتفصيل في المقالات 1/326.
(12) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
************************




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #132  
قديم 03-11-2022, 01:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (132)
صـ 362 إلى صـ 368






وسادسها (1) : قول من يقول: إنه لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء (2) بكلام يقوم به وهو يتكلم [به] بصوت (3) يسمع، وأن نوع الكلام [أزلي (4) ] قديم، م وإن لم يجعل نفس (5) الصوت المعين قديما. وهذا هو المأثور عن أئمة الحديث والسنة. (6)
(* وسابعها: قول من يقول: كلامه يرجع إلى ما يحدث من علمه وإرادته القائم بذاته. ثم من هؤلاء من يقول: لم يزل ذاك حادثا في ذاته، كما يقوله أبو البركات صاحب " المعتبر " وغيره، ومنهم من لا يقول بذلك، و [أبو عبد الله] الرازي يقول بهذا القول (7) في مثل " المطالب العالية ".

وثامنها: قول من يقول: كلامه يتضمن معنى قائما بذاته وهو ما خلقه في غيره. ثم من هؤلاء من يقول في ذلك المعنى بقول ابن كلاب، وهذا قول أبي منصور الماتريدي (8) . ومنهم من يقول بقول المتفلسفة وهذا قول طائفة من الملاحدة الباطنية متشيعهم ومتصوفيهم.

_________
(1) ب، ا: وسابعها، وهو خطأ.
(2) : (2 - 2) ساقط من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : وكيف شاء ومتى شاء.
(3) ب، ا: وهو متكلم بصوت ; ن، م: وهو يتكلم بصوت.
(4) أزلي: في (ع) فقط.
(5) نفس: ساقطة من (ع) .
(6) في هامش (ع) كتب التعليق التالي: " وهذا القول السادس هو ما ذهب إليه الإمام أحمد بن حنبل رضي الله تعالى عنه ومن تمذهب بمذهبه ".
(7) ن، م: والرازي يميل إلى هذا القول.
(8) محمد بن محمد بن محمود، أبو منصور الماتريدي (نسبة إلى ماتريد بسمرقند) ، توفي سنة 333. من أئمة المتكلمين ورأس الماتريدية، وقد خالف الأشعري في مسائل أوردها أبو عذبة في كتابه. " الروضة البهية فيما بين الأشاعرة والماتريدية "، ط. حيدر آباد سنة 1322. وانظر عن الماتريدي: تاج التراجم لابن قطلوبغا، ص 59، ط المثنى، بغداد، 1962 ; طبقات الفقهاء لطاش كبرى زاده، ص 56، ط. الموصل، 1961 ; الأعلام 7/242 ; تاريخ الأدب العربي 4/41 - 43 ; سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ع [0 - 9] ، ص [0 - 9] 0 - 42.
**************************

وتاسعها: قول من يقول: [كلام الله] (1) مشترك بين المعنى القديم القائم بالذات وبين ما يخلقه في غيره من الأصوات. وهذا قول أبي المعالي ومن اتبعه من متأخري الأشعرية *) (2) .
[تفصيل القول في مقالة أهل السنة]
وبالجملة أهل السنة والجماعة، أهل الحديث ومن انتسب إلى السنة والجماعة [من أهل التفسير والحديث والفقه والتصوف كالأئمة الأربعة وأئمة أتباعهم] (3) ، والطوائف المنتسبين إلى الجماعة (4) كالكلابية والكرامية والأشعرية والسالمية يقولون: إن كلام الله (5) غير مخلوق [والقرآن كلام الله غير مخلوق] (6) . وهذا هو المتواتر (7) [المستفيض] (8) عن السلف والأئمة [من أهل البيت وغيرهم] (9) . (10) [" والنقول بذلك متواترة مستفيضة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان وتابعي تابعيهم، وفي ذلك مصنفات متعددة لأهل الحديث والسنة يذكرون فيها مقالات السلف بالأسانيد الثابتة عنهم، وهي معروفة عند أهلها، وذلك مثل كتاب " الرد على الجهمية " لمحمد بن عبد الله

_________
(1) عبارة " كلام الله ": ساقطة من (ن) ، (م) .
(2) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) ، (أ) ، (ب) .
(4) : (-) ساقط من (أ) ، (ب) .
(5) ب، ا: إن الكلام.
(6) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(7) ن، م: المأثور.
(8) المستفيض: ساقطة من (أ) ، (ب) ، (ن) ، (م) .
(9) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ب) ، (أ) : من أهل البيت وغير أهل البيت.
(10) الكلام الوارد بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 367.
***************************

الجعفي (1) ولعثمان بن سعيد الدارمي، وكذلك " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي (2) والرد على الجهمية " لعبد الرحمن بن أبي حاتم (3) ، وكتاب " السنة " لعبد الله بن الإمام أحمد - رضي الله عنه - (4) ولأبي بكر الأثرم (5) وللخلال (6) ، وكتاب " خلق

_________
(1) أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الجعفي الكوفي القاضي المعروف بالهرواني أو بابن الهرواني، أحد الأئمة الأعلام في مذهب أبي حنيفة. ولد سنة 305 وتوفي سنة 402. ترجمته في: العبر للذهبي 3/81 ; اللباب لابن الأثير 3/289 ; تاريخ بغداد 5/472 - 473 ; شذرات الذهب 3/165 ; الجواهر المضية في طبقات الحنفية لأبي محمد القرشي 2/65، ط. حيدر آباد، 1332. ولم تذكر هذه المراجع كتاب " الرد على الجهمية ". وقارن: " درء " 7/108.
(2) سبقت ترجمته 1/423. وانظر ترجمته أيضا في: تذكرة الحفاظ 3/621 - 622 ; الأعلام 4/366. وقد طبع كتابه " الرد على الجهمية " حديثا في ليدن سنة 1960 بتحقيق المستشرق جوستا ويتستام. وطبع كتاب " نقض عثمان بن سعيد على بشر المريسي " بتحقيق محمد حامد الفقي، القاهرة، 1358، وطبع الكتابان ضمن مجموعة عقائد السلف ط. المعارف، الأسكندرية، 1971 م.
(3) سبقت ترجمته ونقل نصوص من كتابه هذا 2/251 - 254. وذكر الكتاب حاجي خليفة في كشف الظنون 1/838.
(4) أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل، ولد سنة 213 وتوفي سنة 290. ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/180 - 188 ; تذكرة الحفاظ 2/665 - 666. وذكر له بروكلمان (تاريخ الأدب العربي 3/313) : " كتاب السنن في الرد على المعتزلة والجهمية وفرق أخرى " وقال إن منه نسخة خطية في بنكيبور 10/491، وسماه سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ص [0 - 9] 32 كتاب " السنة ". وقد طبع الكتاب بالقاهرة، سنة 1349.
(5) أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني، الطائي الإسكافي الأثرم صاحب الإمام أحمد ومن أئمة المحدثين، توفي حوالي سنة 261. ترجمته في: طبقات الحنابلة 1/66 - 74 ; تذكرة الحفاظ 2/570 - 572 ; الأعلام 1/194 ; سزكين م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 29. ولا يوجد كتابه " السنة " بين أيدينا.
(6) سبقت ترجمته 1/424، وذكره الزركلي (الأعلام 1/196) وبروكلمان (تاريخ الأدب العربي \ 313 - 314) وذكرا كتابه " السنة " ولكنهما لم يتكلما عن نسخ خطية منه. وانظر ترجمته في: سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 33 - 234.
**********************

أفعال العباد " للبخاري (1) وكتاب " التوحيد " لأبي بكر بن خزيمة (2) ، وكتاب " السنة " لأبي القاسم الطبراني (3) ، ولأبي الشيخ الأصبهاني (4) ، ولأبي عبد الله بن منده (5) ، " والأسماء والصفات " لأبي بكر البيهقي (6) .،

_________
(1) طبع كتاب " خلق أفعال العباد " للبخاري بدهلى سنة 1306. وقد أشار إليه ابن تيمية من قبل 2/253، ومنه نسخة خطية في مكتبة عاشر رئيس رقم 139 ذكرها بروكلمان 3/179. وقد طبع الكتاب ضمن مجموعة " عقائد السلف " السالفة الذكر.
(2) أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة بن المغيرة بن صالح بن بكر السلمي النيسابوري إمام نيسابور في عصره، ولقبه السبكي بإمام الأئمة، حدث عنه الشيخان خارج صحيحهما، ولد سنة 223 وتوفي سنة 311. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 2/720 - 731 ; طبقات الشافعية 3/109 - 119 ; الأعلام 6/235. وقد طبع كتاب " التوحيد وإثبات صفات الرب عز وجل " بالمطبعة المنيرية، القاهرة، 1353.
(3) أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب بن مطير اللخمي الطبراني (منسوب إلى طبرية الشام) ، من كبار المحدثين، ولد سنة 260 وتوفي بأصبهان سنة 360. انظر ترجمته في: وفيات الأعيان 2/141 ; مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، (ط. الخانجي) ص 619 ; الأعلام 3/181 ; سزكين م [0 - 9] ; ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 93 - 396. ولم أجد ذكرا لكتابه الذي أشار إليه ابن تيمية ضمن ما ذكر من كتبه وكتب المعلق مستجي زاده فوق عبارة " وكتاب السنة " ما يلي: " وعندي - لله الحمد - هذا الكتاب وطالعته كرارا مرارا "
(4) أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان المعروف بأبي الشيخ الأنصاري الأصبهاني، كان من المكثرين، ولد سنة 274 وتوفي سنة 396. انظر ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/945 - 947 ; شذرات الذهب 3 ; اللباب لابن الأثير 1 ; الأعلام 4/264 وذكره بروكلمان 3/226 - 227. وسزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 04 - 406 ولم يذكرا كتابه " السنة " وكتب مستجي زاده فوق اسم كتابه: " وعندي هذا الكتاب وطالعته "
(5) سبقت ترجمة ابن منده (محمد بن إسحاق بن محمد) 1/425. وترجم له بروكلمان 3/228 - 229 وسزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 38 - 440 ولكنهما لم يذكرا كتابه هذا.
(6) أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي الشافعي، شيخ خراسان ومن أئمة المحدثين. ولد سنة 458. انظر ترجمته في: طبقات الشافعية 4 - 16 ; شذرات الذهب 3/304 - 305 ; الأعلام 1/113. وقد طبع كتابه " الأسماء والصفات " (بتحقيق محمد زاهد الكوثري) ، القاهرة، 1358
***************************

و " السنة " لأبي ذر الهروي (1) \ 65.، و " الإبانة " لابن بطة (2) .، و " شرح أصول السنة " لأبي القاسم اللالكائي (3) .، و " السنة " لأبي حفص بن شاهين (4) .، و " أصول السنة " لأبي عمر

_________
(1) أبو ذر عبد بن أحمد بن محمد الهروي المالكي الحافظ الثقة، توفي سنة 434. ترجمته في: شذرات الذهب 3/254 ; تبيين كذب المفتري 255 - 256 ; الأعلام 4/41. وذكر الزركلي من كتبه " السنة والصفات " وذكره عمر كحالة في معجم المؤلفين 5
(2) سبقت ترجمة ابن بطة والكلام عن كتابيه " الإبانة الكبرى " و " الإبانة الصغرى " 1/61، 2/22 - 23. وكتب مستجي زاده فوق اسم كتابه: " وعندي هذا الكتاب وطالعت أكثر مواضيعه وهو كتاب جليل ". وانظر: سزكين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 39 - 240.، وقبله " الشريعة " لأبي بكر الآجري أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله البغدادي الآجري، الإمام المحدث القدوة، توفي بمكة سنة 360. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/936 ; وفيات الأعيان 3/419 ; طبقات الشافعية 3/149 ; شذرات الذهب 3/35 ; تاريخ بغداد 2/203 ; سزكين، م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 89 - 392 ; الأعلام 6/328. ونشر كتاب " الشريعة " بتحقيق محمد حامد الفقي 1369/1950، ومنه نسخة خطية في آصفية رقم 377 (ذكرها بروكلمان 3/209)
(3) هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري الرازي، أبو القاسم اللالكائي، الفقيه الشافعي المحدث، توفي سنة 418. ترجمته في: تذكرة الحفاظ 3/1085 - 1087 ; شذرات الذهب 3/211 ; الأعلام 9/57. ذكر له بروكلمان 3/305 - 306 كتابين: " حجج أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة " ومنه نسخة خطية بليبزج رقم 1، 318 ; " شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والتابعين من بعدهم والمخالفين لهم من علماء الأمة " ومنه نسخة خطية بالظاهرية رقم 3، 124، 37. ذكره سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 11 - 212. وقد طبع قسم من الكتاب بتحقيق الدكتور أحمد سعد حمدان، مكة المكرمة، 1402 (وانظر مقدمة التحقيق)
(4) سبقت ترجمته 1/23. وفي فهرس المخطوطات المصورة بالجامعة العربية 1/136 - 137 أنه توجد نسخة خطية من الجزءين 20، 19 من كتابه " اللطيف لشرح مذاهب أهل السنة ومعرفة شرائع السنن " في الظاهرية برقم 164/56 حديث، 146 حديث. وانظر: سزكين م [0 - 9] ، ج [0 - 9] ، ص [0 - 9] 26
***********************

الطلمنكي (1) . .
ولكن بعد ذلك تنازع المتأخرون على الأقوال السبعة المتأخرة (2) .
وأما (3) . القولان الأولان: فالأول: قول الفلاسفة الدهرية القائلين بقدم العالم والصابئة المتفلسفة ونحوهم، والثاني: قول الجهمية من المعتزلة ومن وافقهم [من] النجارية (4) . والضرارية. وأما الشيعة فمتنازعون (5) . في هذه المسألة، وقد حكينا النزاع عنهم فيما تقدم (6) .، وقدماؤهم كانوا يقولون: القرآن غير مخلوق، كما يقوله: أهل السنة والحديث. وهذا [القول] (7) . هو المعروف عن (8) . أهل البيت كعلي

_________
(1) سبقت ترجمته 1/304. وانظر في ترجمته أيضا: تذكرة الحفاظ 3/1098 - 1100 ; الديباج المذهب لابن فرحون (ط. ابن شقرون، القاهرة، 1351) ص [0 - 9] 9 - 40 ; الأعلام 1. ولم تذكر هذه المراجع كتابه " أصول السنة ". وكتب مستجي زاده في هامش (ع) أمام أسماء الكتب السابقة ما يلي: " انظر إلى كثرة الكتب التي صنفها أئمة الحديث في رد كلام من يقول: إن كلام الله تعالى مخلوق، مثل أهل الاعتزال والجهمية ومن تابعهم من الروافض وغيرهم ".، وأمثال هذه الكتب ومصنفوها من مذاهب متبوعة: مالكي وشافعي وحنبلي ومحدث مطلق لا ينتسب إلى مذهب أحد] هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله، ص [0 - 9] 63
(2) ب، ن، م: ولكن تنازعوا بعد ذلك على الأقوال الخمسة المتأخرة. وفي (أ) : على أن أقوال. . إلخ.
(3) ب، ا: أما
(4) ب، ا، ن، م: ومن وافقهم كالنجارية
(5) ن: فيتنازعون
(6) انظر ما سبق 2/248 - 249
(7) القول: زيادة في (م) فقط
(8) ب، ا: عند
******************************

بن أبي طالب [رضي الله عنه] (1) . وغيره، مثل أبي جعفر الباقر وجعفر [بن محمد] (2) . الصادق وغيرهم.
[ولهذا كانت الإمامية لا تقول: إنه مخلوق لما بلغهم نفي ذلك عن أئمة أهل البيت، وقالوا: إنه محدث مجهول، ومرادهم بذلك أنه مخلوق، وظنوا أن أهل البيت نفوا أنه غير مخلوق، أي مكذوب مفترى.
ولا ريب أن هذا المعنى منتف باتفاق المسلمين: من قال: إنه مخلوق، ومن قال: إنه غير مخلوق. والنزاع بين أهل القبلة إنما كان في كونه مخلوقا خلقه الله، أو هو كلامه الذي تكلم به وقام بذاته. وأهل البيت إنما سئلوا عن هذا، وإلا فكونه مكذوبا مفترى مما لا ينازع مسلم في بطلانه] (3) .
ولكن الإمامية تخالف أهل البيت في عامة أصولهم، فليس في (4) . أئمة أهل البيت - مثل علي بن الحسين، وأبي جعفر الباقر وابنه جعفر بن محمد الصادق من كان ينكر الرؤية، أو يقول بخلق القرآن (5) .، أو ينكر القدر، أو يقول بالنص على علي، أو بعصمة الأئمة الاثني عشر، أو يسب أبا بكر وعمر (6) . .

_________
(1) رضي الله عنه: زيادة في (ع) فقط
(2) ابن محمد: زيادة في (ع) فقط
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) ب، ا، ن، م: من
(5) ع: ولا يقول القرآن مخلوق
(6) في النسخ الخمس: من كان ينكر الرؤية ولا يقول بخلق القرآن ولا ينكر القدر ولا يقول بالنص على علي ولا بعصمة الأئمة الاثني عشر ولا يسبون أبا بكر وعمر، وهو نقيض المقصود
*************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #133  
قديم 03-11-2022, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (133)
صـ 369 إلى صـ 375





والمنقولات الثابتة المتواترة عن هؤلاء معروفة موجودة، وكانت مما يعتمد عليه أهل السنة (1) .
وشيوخ الرافضة معترفون بأن هذا الاعتقاد في التوحيد والصفات والقدر لم يتلقوه لا عن كتاب ولا سنة ولا عن أئمة أهل البيت، وإنما يزعمون أن العقل دلهم عليه، كما يقول ذلك المعتزلة، [وهم في الحقيقة إنما تلقوه عن المعتزلة وهم شيوخهم في التوحيد والعدل] (2) .، وإنما يزعمون أنهم تلقوا عن الأئمة الشرائع. وقولهم في الشرائع غالبه موافق لمذهب أهل السنة -[أو بعض أهل السنة] (3) . -[ولهم مفردات شنيعة لم يوافقهم عليها أحد] (4) .، ولهم مفردات عن المذاهب الأربعة قد قال بها غير [الأربعة] (5) .، من السلف وأهل الظاهر وفقهاء المعتزلة وغير هؤلاء، فهذه ونحوها من مسائل الاجتهاد التي يهون الأمر فيها، بخلاف الشاذ الذي يعرف أنه لا أصل له في كتاب الله (6) . ولا سنة رسوله [- صلى الله عليه وسلم -] (7) . ولا سبقهم إليه (8) . أحد.
[ولم يقل أحد من علماء المسلمين إن الحق منحصر في أربعة من علماء المسلمين كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد، كما يشنع

_________
(1) ع: أئمة السنة.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م)
(5) ب، ا، ن، م: غيرهم
(6) ع: لا أصل له من كتاب الله ; م: لا أصل له في كتاب الله
(7) صلى الله عليه وسلم: زيادة في (ع)
(8) ع: إليها
*********************

بذلك الشيعة على أهل السنة، فيقولون: إنهم يدعون أن الحق منحصر فيهم. بل أهل السنة متفقون على أن ما تنازع فيه المسلمون وجب رده إلى الله والرسول، وأنه قد يكون قول ما يخالف قول الأربعة: من أقوال الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وقول هؤلاء الأربعة (1) . مثل: الثوري والأوزاعي والليث بن سعد وإسحاق بن راهويه وغيرهم أصح من قولهم.
فالشيعة إذا وافقت بعض هذه الأقوال الراجحة كان قولها في تلك المسألة راجحا، ليست لهم مسألة واحدة فارقوا بها جميع أهل السنة المثبتين لخلافة الثلاثة (إلا) (2) . وقولهم فيها فاسد. وهكذا المعتزلة وسائر الطوائف كالأشعرية والكرامية والسالمية ليس لهم قول انفردوا به عن جميع طوائف الأمة إلا وهو قول فاسد، والقول الحق يكون مأثورا عن السلف وقد سبق هؤلاء الطوائف إليه] (3) .
وإذا عرفت المذاهب فيقال: لهذا: قولك (4) .: " إن أمره ونهيه وإخباره حادث لاستحالة أمر المعدوم ونهيه وإخباره ": أتريد به أنه حادث في ذاته؟ أم حادث منفصل عنه؟

_________
(1) قوله: " وقول هؤلاء الأربعة. . إلخ " لعله يقصد هنا الأربعة التالين: الثوري، والأوزاعي. . إلخ
(2) إلا: غير موجودة في الأصل وزدتها ليستقيم الكلام
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) العبارة التالية من كلام ابن المطهر وردت في (ك) 82 (م) ، وفي هذا الجزء ص [0 - 9] 03 وفيهما: وأن أمره ونهيه. . إلخ
*********************

والأول قول أئمة الشيعة (1) . المتقدمين [والجهمية] (2) . والمرجئة والكرامية مع كثير من أهل الحديث وغيرهم.
ثم إذا قيل: " حادث " أهو حادث النوع فيكون الرب قد صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما؟ أم حادث الأفراد وأنه لم يزل متكلما إذا شاء؟ والكلام الذي كلم به موسى مثلا (3) . هو حادث وإن كان نوع كلامه قديما لم يزل؟ .
فهذه ثلاثة أنواع تحت قولك، وقد علم أنك إنما (4) . أردت النوع الأول، وهو قول [متأخري الشيعة] (5) . الذين جمعوا بين التشيع والاعتزال، فقالوا: إنه مخلوق خلقه الله منفصلا عنه (6) .
] والإمامية وإن قالوا: هو محدث، وامتنعوا أن يقولوا: هو مخلوق، فمرادهم بالمحدث هو مراد هؤلاء بالمخلوق، وإنما النزاع بينهم لفظي] (7) .
فيقال: لك (8) .: إذا كان الله قد خلقه [وأحدثه] (9) . منفصلا عنه لم يكن كلامه، فإن الكلام والقدرة والعلم وسائر الصفات إنما يتصف بها من

_________
(1) ن: الأئمة المتشيعة ; م: أ: الأئمة الشيعة
(2) والجهمية: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م)
(3) مثلا: ساقطة من (ب) ، (أ)
(4) إنما: ساقطة من (ب) ، (أ)
(5) متأخري الشيعة: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م)
(6) ب، ا: منفصل عنه.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(8) ن: فيقال له
(9) وأحدثه: في (ع) فقط
***************************

قامت به لا من خلقها في غيره وأحدثها (1) ، ولهذا إذا خلق الله حركة وعلما وقدرة في محل (2) كان ذلك المحل (3) هو المتحرك العالم القادر بتلك الصفات، ولم تكن تلك صفات لله (4) بل مخلوقات له، ولو كان متصفا بمخلوقاته المنفصلة عنه لكان إذا أنطق الجامدات، كما قال: {ياجبال أوبي معه والطير} [سورة سبأ: 10] . وكما قال: {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون} [سورة النور: 24] ، {وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء} [سورة فصلت: 21] وكما قال: {اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون} [سورة يس: 65] ; ومثل تسليم الحجر على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتسبيح الحصى بيده، وتسبيح الطعام وهم يأكلونه، فإذا كان كلام الله لا يكون إلا ما خلقه في غيره وجب أن يكون هذا كله كلام الله فإنه خلقه في غيره، وإذا تكلمت الأيدي فينبغي أن يكون ذاك كلام الله. كما يقولون: إنه خلق كلاما في الشجرة كلم به (5) موسى بن عمران.
وأيضا،، فإذا كان الدليل قد قام على أن الله تعالى خالق أفعال العباد وأقوالهم، وهو المنطق لكل ناطق، وجب أن يكون كل كلام في الوجود كلامه، وهذا قالته الحلولية (6) من الجهمية كصاحب " الفصوص " ابن عربي، قال:

_________
(1) ب، ا، ن، م: خلقها وفعلها في غيره.
(2) ب، ا: في جسم ; ن، م: وجسما.
(3) ب، ا، ن، م: الجسم.
(4) ب، ا: صفات الله.
(5) ب، ا: كلم الله به.
(6) ب (فقط) : وهذا ما قالته.
********************************

وكل كلام في الوجود كلامه ... سواء علينا نثره ونظامه (1) وحينئذ فيكون قول فرعون: {أنا ربكم الأعلى} [سورة النازعات: 24] كلام الله، كما أن الكلام المخلوق في الشجرة: {إنني أنا الله لا إله إلا أنا} [سورة طه: 14]
[يقولون: إنه مخلوق في الشجرة، أو غيرها، وهو] (2) كلام الله.
وأيضا، فالرسل الذين خاطبوا الناس وأخبروهم أن الله قال، ونادى، وناجى، ويقول، لم يفهموهم أن هذه مخلوقات منفصلة عنه، بل الذي أفهموهم إياه (3) أن الله نفسه هو الذي تكلم، والكلام قائم به لا بغيره، ولهذا عاب (4) الله من يعبد إلها لا يتكلم فقال: {أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا} [سورة طه: 89] ، وقال: {ألم يروا أنه لا يكلمهم ولا يهديهم سبيلا} [سورة الأعراف: 148] ولا يحمد شيء بأنه يتكلم ويذم بأنه لا يتكلم (5) إلا إذا كان الكلام قائما به.
وبالجملة لا يعرف في لغة ولا عقل قائل متكلم إلا من يقوم به القول والكلام، [لا يعقل في لغة أحد - لا لغة الرسل ولا غيرهم - ولا في عقل أحد أن المتكلم يكون متكلما بكلام لم يقم به قط بل هو بائن عنه أحدثه في غيره، كما لا يعقل أنه متحرك بحركة خلقها في غيره، ولا يعقل أنه

_________
(1) البيت لابن عربي وقد ذكره في كتابه " الفتوحات المكية " 4/141، ط. مصطفى الحلبي، دار الكتب العربية، القاهرة، 1329.
(2) ما بين القوسين في (ع) فقط.
(3) ع، ن، م: أفهموه إياه.
(4) ن: ولهذا عاتب ; م: فلهذا أعاب، وهو تحريف.
(5) ب، ا: بأنه متكلم ويذم بأنه غير متكلم ; ن، م: بأنه يتكلم ويذم بأنه غير متكلم.
*************************

متلون بلون خلقه في غيره، ولا متروح برائحة خلقها في غيره. وطرد ذلك أنه يعقل أنه مريد بإرادة أحدثها في غيره، ولا محب وراض وغضبان وساخط برضى ومحبة وغضب وسخط خلقه في غيره.
وهؤلاء النفاة يصفونه بما لا يقوم به: تارة بما يخلقه في غيره كالكلام والإرادة، وتارة بما لا يقوم به ولا بغيره كالعلم والقدرة، وهذا أيضا غير معقول] (1) ; فلا (2) يعقل حي إلا من تقوم به الحياة، ولا عالم إلا من يقوم به العلم، [كما لا يعقل باتفاق العقلاء] (3) متحرك إلا من تقوم به الحركة، [وطرد هذا أنه لا يعقل] (4) فاعل إلا من يقوم به الفعل.
[وقد سلم الأشعرية - ومن وافقهم كابن عقيل وغيره - فاعلا لا يقوم به الفعل: كعادل لا يقوم به العدل، وخالق ورازق لا يقوم به الخلق والرزق.
وهذا مما احتجت به عليهم المعتزلة، فقالوا: كما جاز أن يكون عادلا خالقا رازقا بعدل وخلق ورزق لا يقوم به، فكذلك عالم وقادر ومتكلم.
والسلف رضي الله عنهم وجمهور أهل السنة يطردون أصلهم، ولهذا احتج الإمام أحمد رضي الله عنه وغيره على أن كلام الله غير مخلوق بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أعوذ بكلمات الله تعالى التامات التي

_________
(1) ما بين القوسين في (ع) فقط، وبدأ السقط في الصفحة السابقة.
(2) ب، ا، ن، م: كما لا.
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وفيها: إلا من يقوم به العلم ولا متحرك. . إلخ.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) ، وفيها ولا فاعل. . إلخ.
*************************

لا يجاوزهن بر ولا فاجر» (1) ". قالوا: لا يستعاذ بمخلوق. وكذلك ثبت عنه أنه قال: " «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك لا أحصي ثناء عليك» (2) . وقالوا: لا يستعاذ بمخلوق، وقد استعاذ النبي - صلى الله عليه وسلم - بالرضا والمعافاة ; فكان ذلك عند أئمة السنة مما يقوم بالرب تعالى كما تقوم به كلماته، ليس من المخلوقات التي لا تكون إلا بائنة عنه] (3) .

_________
(1) في الموطأ 2/950 - 951 (كتاب الشعر، باب ما يؤمر به من التعوذ) : " وحدثني عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتا من الجن يطلبه بشعلة، كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه. فقال له جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن، إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه؟ فقال رسول الله صلى الله وسلم: بلى، فقال جبريل: فقل: أعوذ بوجه الله الكريم، وبكلمات الله التامات اللاتي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما ينزل من السماء، وشر ما يعرج فيها، وشر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها، ومن فتن الليل والنهار، ومن طوارق الليل والنهار، إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن ". وورد الحديث مرسلا أيضا عن كعب الأحبار بعده بقليل 2/951 - 952. ولم أجد في رسالة " الرد على الجهمية والزنادقة " للإمام أحمد استشهادا بهذا الحديث. ولكن جاء في كتاب " الرد على الجهمية " للدارمي وفي كتاب " التوحيد " لابن خزيمة وغيرهما الاستشهاد بأحاديث أخرى عاذ فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمات الله التامات كالذي روي في صحيح مسلم 4/2081 (كتاب الذكر والدعاء باب التعوذ من سوء القضاء) عن أبي هريرة أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال يا رسول الله ما لقيت من عقرب لدغتني البارحة. قال: " أما لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم تضرك ". وانظر: الرد على الجهمية للدارمي، ص [0 - 9] 0 ; كتاب التوحيد لابن خزيمة، ص [0 - 9] 08 - 109 ; كتاب الأسماء والصفات للبيهقي، ص [0 - 9] 84 - 186 ; المسند (ط. المعارف) 15/15 (رقم 7885 - وانظر التعليق) ; الأذكار للنووي، ص 121.
(2) الحديث في: مسلم 1/352 (كتاب الصلاة، باب ما يقال في الركوع والسجود) وسبق ورود الحديث والتعليق عليه 2/159.
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
*************************
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #134  
قديم 03-11-2022, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله




منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (134)
صـ 376 إلى صـ 382





فمن قال: إن المتكلم هو الذي يكون كلامه منفصلا عنه، [والمريد والمحب والمبغض والراضي والساخط ما تكون إرادته ومحبته وبغضه ورضاه وسخطه بائنا عنه لا يقوم به بحال من الأحوال] (1) ، قال ما لا يعقل، ولم يفهم الرسل للناس هذا، بل كل من سمع ما بلغته الرسل عن الله يعلم بالضرورة أن الرسل لم ترد بكلام الله ما هو منفصل] عن الله وكذلك لم ترد بإرادته ومحبته ورضاه ونحو ذلك ما هو منفصل [ (2) عنه (3) بل ما (4) هو متصف به.
قالت الجهمية والمعتزلة (5) : المتكلم من فعل الكلام، والله [تعالى] (6) لما أحدث الكلام في غيره صار متكلما.
فيقال: لهم: للمتأخرين المختلفين هنا ثلاثة أقوال (7) قيل: المتكلم من فعل الكلام ولو كان منفصلا، [وهذا إنما قاله هؤلاء] (8) .
وقيل: المتكلم من قام به الكلام، ولو لم يكن بفعله (9) ولا [هو] بمشيئته و [لا] قدرته (10) ، وهذا قول الكلابية والسالمية ومن وافقهم.

_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(3) عنه: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(4) ما: ساقطة من (ع) .
(5) ن، م: والجهمية والمعتزلة قالوا ; ب، ا: قالوا (وسقطت كلمتا: الجهمية والمعتزلة) .
(6) تعالى: زيادة في (أ) ، (ب) .
(7) ن: الناس هنا على ثلاثة أقوال.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(9) أ، م: يفعله.
(10) ن، م: ولا بمشيئته وقدرته.
**********************

وقيل: المتكلم من تكلم بفعله ومشيئته وقدرته وقام به [الكلام] (1) ، وهذا قول أكثر أهل الحديث وطوائف من الشيعة والمرجئة والكرامية وغيرهم.
فأولئك يقولون: هو صفة فعل منفصل عن الموصوف لا صفة ذات. والصنف الثاني يقولون: صفة ذات لازمة للموصوف لا تتعلق بمشيئته ولا قدرته. والآخرون يقولون هو صفة ذات وصفة فعل، وهو قائم به متعلق (2) بمشيئته وقدرته. وإذا (3) كان كذلك فقولهم (4) : إنه صفة فعل ينازعهم (5) فيه طائفة وإذا لم ينازعوا في هذا، فيقال: هب أنه صفة فعل منفصلة عن القائل الفاعل، أو قائمة به (6) . أما الأول فهو قولكم الفاسد، وكيف تكون الصفة غيره قائمة بالموصوف، أو القول غير قائم بالقائل.
[وقول القائل: الصفات تنقسم إلى صفة ذات وصفة فعل - ويفسر صفة الفعل بما هو بائن عن الرب كلام متناقض كيف يكون صفة للرب وهو لا يقوم به بحال، بل هو مخلوق بائن عنه؟
وهذا وإن كانت الأشعرية قالته تبعا للمعتزلة فهو خطأ في نفسه، فإن إثبات صفات الرب وهي مع ذلك مباينة له جمع بين المتناقضين

_________
(1) ب، ا: فقام به الكلام وسقطت كلمة " الكلام " من (ن) ، (م) .
(2) ب، ا، ن، م: يتعلق.
(3) ب، ا: إذا.
(4) ب، (فقط) : فقولكم.
(5) ب، ا، ن، م: ينازعكم.
(6) ب، ا: هب أنه صفة فعل لكن صفة فعل منفصل (م: منفصلة) عن القائل (ساقطة من (م) الفاعل أو قائم (م: قائمة) به.
*************************

المتضادين، بل حقيقة قول هؤلاء: إن الفعل لا يوصف به الرب، فإن الفعل هو المخلوق، والمخلوق لا يوصف به الخالق، ولو كان الفعل الذي هو المفعول صفة له لكانت جميع المخلوقات صفات للرب، وهذا لا يقوله: عاقل فضلا عن مسلم] (1) .
فإن قلتم: هذا بناء على أن فعل الله لا يقوم به، لأنه لو قام به لقامت به الحوادث.
قيل: والجمهور ينازعونكم في هذا الأصل، ويقولون: كيف يعقل فعل لا يقوم بفاعل، ونحن نعقل الفرق بين نفس الخلق والتكوين (2) وبين المخلوق المكون؟
وهذا قول جمهور الناس كأصحاب أبي حنيفة. وهو الذي حكاه البغوي (3) وغيره من أصحاب الشافعي عن أهل السنة، وهو قول أئمة أصحاب أحمد كأبي إسحاق بن شاقلا (4) وأبي بكر عبد العزيز (5) وأبي عبد الله بن حامد (6) [والقاضي أبي يعلى في آخر قوليه] (7) [وهو] قول (8) أئمة الصوفية وأئمة أصحاب الحديث، [وحكاه

_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، ا: بين نفس التكوين.
(3) وهو أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد البغوي المعروف بالفراء، وسبقت ترجمته
(4) ن، م: وأبي إسحاق بن شاقلا. وسبقت ترجمته 1/458.
(5) ب، ا: أبو بكر بن عبد العزيز، وهو خطأ. وسبقت ترجمته 1/424.
(6) وهو الحسن بن حامد. وسبقت ترجمته 1/423.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) ن، م: وقول.
**************************

البخاري في كتاب " خلق أفعال العباد " عن العلماء مطلقا] (1) وهو قول طوائف من المرجئة والشيعة والكرامية وغيرهم (2) . ثم القائلون بقيام فعله به، منهم من يقول: فعله قديم والمفعول متأخر، كما أن إرادته قديمة والمراد متأخر، كما يقول ذلك من يقوله من أصحاب أبي حنيفة وأحمد وغيرهم، [وهو الذي ذكره الثقفي وغيره من الكلابية لما وقعت المنازعة بينهم وبين ابن خزيمة] (3) .
[ومنهم من يقول: بل هو حادث النوع، كما يقول ذلك من يقوله من الشيعة والمرجئة والكرامية] (4) .
ومنهم من يقول: هو يقع (5) بمشيئته وقدرته شيئا فشيئا لكنه لم يزل متصفا به، فهو حادث الآحاد قديم النوع، كما يقول ذلك من يقوله من أئمة أصحاب الحديث وغيرهم من أصحاب الشافعي وأحمد
وسائر الطوائف [منهم من يقول: بل الخلق حادث قائم بالمخلوق، كما يقوله هشام بن الحكم وغيره، ومنهم من يقول: بل هو قائم بنفسه لا في محل، كما يقوله: أبو الهذيل العلاف وغيره، ومنهم من يقول بمعان قائمة بنفسها لا تتناهى، كما يقوله: معمر بن عباد (6) وغيره] (7) .

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(2) وغيرهم: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(3) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) . وفي (ع) سقطت كلمة " والمرجئة ".
(5) هو يقع: ساقط من (ب) ، (أ) .
(6) سبق الكلام على معمر بن عباد ومذهبه في المعاني 2/128 - 129.
(7) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
**********************

وإذا كان الجمهور ينازعونكم فتقدر (1) المنازعة بينكم وبين أئمتكم من الشيعة ومن وافقهم ; فإن هؤلاء يوافقونكم على أنه حادث لكن يقولون: هو قائم بذات الله فيقولون: قد جمعنا بين حجتنا وحجتكم (2) ، فقلنا العدم لا يؤمر (3) ولا ينهى، وقلنا: الكلام لا بد أن يقوم بالمتكلم.
فإن قلتم لنا: قد قلتم بقيام الحوادث بالرب. قالوا لكم (4) : نعم، وهذا قولنا الذي دل عليه الشرع والعقل، ومن لم يقل إن البارئ يتكلم، ويريد، ويحب ويبغض ويرضى، ويأتي ويجيء، فقد ناقض كتاب الله [تعالى] (5) . ومن قال: إنه لم يزل (6) ينادي موسى في الأزل، فقد خالف كلام الله مع مكابرة العقل، لأن الله يقول: {فلما جاءها نودي} [سورة النمل: 8] ، وقال: {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} [سورة يس: 82] ، فأتى بالحروف الدالة على الاستقبال. قالوا: وبالجملة فكل ما يحتج به المعتزلة والشيعة مما يدل على أن كلامه متعلق بمشيئته [وقدرته] (7) ، وأنه يتكلم (8) إذا شاء، وأنه يتكلم شيئا بعد شيء فنحن نقول به، وما يقول به من يقول: إن كلام الله قائم بذاته، وإنه صفة له، والصفة لا تقوم إلا بالموصوف فنحن نقول به، وقد أخذنا

_________
(1) ن، م: فقدر.
(2) ع: قد جمعنا بين حجتكم وحجتنا ; أ، ب: قد جمعنا حجتنا وحجتكم.
(3) ن، م: لا يؤثر، وهو تحريف ظاهر.
(4) ب، ا، ن، م: قلنا لكم.
(5) تعالى: زيادة في (ع) .
(6) لم يزل: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) وقدرته: ساقطة من (ن) .
(8) ن: وأنه يتكلم به.
****************************

بما في قول كل من الطائفتين من الصواب، وعدلنا عما يرده الشرع والعقل من قول كل منهما.
فإذا قالوا لنا: فهذا يلزم (1) أن تكون الحوادث قامت به. قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم من السلف والأئمة؟ ونصوص القرآن والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل، وهو قول لازم لجميع الطوائف، ومن أنكره فلم يعرف لوازمه وملزوماته. ولفظ " الحوادث " مجمل، فقد يراد به الأمراض (2) والنقائص، والله [تعالى] (3) منزه عن ذلك [كما نزه نفسه عن السنة والنوم واللغوب، وعن أن يئوده حفظ السماوات والأرض وغير ذلك مما هو منزه عنه بالنص والإجماع. ثم إن كثيرا من نفاة الصفات - المعتزلة وغيرهم - يجعلون مثل هذا حجة في نفي قيام الصفات، أو قيام الحوادث به مطلقا، وهو غلط منهم، فإن نفي الخاص لا يستلزم نفي العام، ولا يجب إذا نفيت عنه النقائص والعيوب أن ينتفي عنه ما هو من صفات الكمال ونعوت الجلال] (4) . ولكن يقوم به
ما يشاؤه (5) ويقدر عليه من كلامه وأفعاله (6) ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب والسنة.
_________
(1) ب (فقط) : فهذا يلزم منه.
(2) ب، م: الأعراض.
(3) تعالى: زيادة في (ع) .
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(5) ب، ا، م: ما شاءه ; ن: ما شاء.
(6) ع، ن، م: وفعاله.
****************************

ونحن (1) نقول لمن أنكر قيام ذلك به: أتنكره (2) لإنكارك قيام الصفة به كإنكار المعتزلة؟ أم تنكره لأن من قامت به الحوادث لم يخل منها، ونحو ذلك مما يقوله الكلابية؟
فإن قال بالأول كان الكلام في أصل الصفات وفي كون الكلام قائما بالمتكلم لا منفصلا عنه (3) كافيا في هذا الباب. وإن كان الثاني قلنا لهؤلاء (4) : أتجوزون حدوث الحوادث بلا سبب حادث أم لا؟ فإن جوزتم ذلك - وهو قولكم - لزم أن يفعل الحوادث من (5) لم يكن فاعلا لها ولا لضدها (6) فإذا جاز هذا [فلم] لا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن (7) قائمة به هي ولا ضدها؟
ومعلوم أن الفعل أعظم من القبول (8) ، فإذا جاز فعلها بلا سبب حادث فكذلك قيامها بالمحل (9) ، فإن قلتم: القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده. (10 قلنا: هذا ممنوع ولا دليل لكم عليه 10) (10) ، [ثم إذا سلم ذلك فهو كقول

_________
(1) ن، م: فنحن.
(2) ن، م: تنكره.
(3) ب، ا: لا منفصلا منه.
(4) ع: قالوا لهؤلاء.
(5) ب، ا: ما.
(6) ن، م: ولا قصدها.
(7) ن: فلا يجوز بمن لم تكن. . إلخ ; م: فلا يجوز أن تقوم الحوادث بمن لم تكن. . ; ع: فلم لا يجوزوا أن تقوم الحوادث. . وهو خطأ.
(8) ع، م: القول.
(9) ن، م: بالفعل.
(10) : (10 - 10) ساقط من (أ) ، (ب) .
*****************************



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #135  
قديم 03-11-2022, 01:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (135)
صـ 383 إلى صـ 389



القائل: القدر على الشيء لا يخلو عن فعله وفعل ضده، وأنتم تقولون: إنه لم يزل قادرا، ولم يكن فاعلا ولا تاركا، لأن الترك عندكم أمر وجودي مقدور، وأنتم تقولون: لم يكن فاعلا لشيء من مقدوراته في الأزل مع كونه قادرا، بل تقولون: إنه يمتنع وجود مقدوره في الأزل مع كونه قادرا عليه.
وإذا كان هذا قولكم فلأن لا يجب وجود المقبول في الأزل بطريق الأولى والأحرى، فإن هذا المقبول مقدور لا يوجد إلا بقدرته، وأنتم تجوزون وجود قادر مع امتناع مقدوره في حال كونه قادرا] (1) .
(2 ثم نقول: إن كان القابل للشيء لا يخلو عنه وعن ضده 2) (2) لزم تسلسل الحوادث، وتسلسل الحوادث إن كان ممكنا كان القول الصحيح قول أهل الحديث الذين يقولون: لم يزل متكلما إذا شاء كما قاله ابن المبارك وأحمد بن حنبل وغيرهما من أئمة السنة. وإن لم يكن جائزا [أمكن أن يقوم به الحادث بعد أن لم يكن قائما به، كما يفعل الحوادث بعد أن لم يكن فاعلا لها] (3) وكان (4) قولنا هو الصحيح، فقولكم أنتم باطل على [كلا] (5) التقديرين. فإن قلتم لنا: أنتم توافقونا على امتناع تسلسل الحوادث، وهو حجتنا وحجتكم على [نفي] (6) قدم العالم.

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(2) : (2 - 2) ساقط من (أ) ، (ب) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(4) ب، ا، ن، م: كان.
(5) كلا: زيادة في (أ) ، (ب) .
(6) نفي: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
***********************************

قلنا لكم: موافقتنا لكم حجة جدلية، وإذا كنا قد قلنا بامتناع تسلسل الحوادث موافقة لكم، وقلنا (1) بأن القابل (2) للشيء قد يخلو عنه وعن ضده مخالفة لكم. وأنتم تقولون: إن قبل الحوادث (3) لزم تسلسلها وأنتم لا تقولون بذلك (4) .
قلنا: إن صحت هاتان المقدمتان - ونحن لا نقول بموجبهما (5) - لزم خطؤنا: إما في هذه وإما في هذه. وليس خطؤنا فيما سلمناه لكم بأولى من خطئنا فيما خالفناكم فيه، فقد يكون خطؤنا في منع تسلسل الحوادث لا في قولنا: إن القابل للشيء يخلو عنه وعن ضده، فلا يكون خطؤنا في إحدى المسألتين دليلا على صوابكم (6) في الأخرى التي خالفناكم فيها.
أكثر ما في هذا (7) الباب [أنا نكون] (8) متناقضين، والتناقض (9) شامل لنا ولكم ولأكثر من تكلم في هذه المسألة ونظائرها. وإذا كنا متناقضين، فرجوعنا إلى قول نوافق [فيه] العقل والنقل (10) ، أولى من رجوعنا إلى قول

_________
(1) ن، م: قد قلنا.
(2) ب (فقط) : الفاعل.
(3) ب: إن قبل بالحوادث ; ن، م: فإذا قيل الحوادث.
(4) ع: وأنتم لا تقولون به ; م: وأنتم لا تقولون تلك.
(5) ع، ن، م: بموجبها.
(6) ب (فقط) : جوابكم.
(7) هذا: ساقطة من (ع) .
(8) عبارة " أنا نكون " ساقطة من (ن) ، (م) .
(9) ن (فقط) : والمتناقضين، وهو خطأ.
(10) ن، م: يوافق العقل والنقل.
*********************************

نخالف فيه العقل والنقل. فالقول بأن المتكلم يتكلم (1) بكلام لا يتعلق بمشيئته وقدرته، أو منفصل عنه لا يقوم به مخالف للعقل والنقل، بخلاف تكلمه بكلام يتعلق بمشيئته وقدرته قائم به فإن هذا لا يخالف لا عقلا ولا نقلا، لكن قد نكون [نحن] (2) لم نقله بلوازمه فنكون متناقضين، وإذا كنا متناقضين كان الواجب أن نرجع عن القول الذي أخطأنا فيه لنوافق ما أصبنا فيه، لا نرجع عن الصواب لنطرد (3) الخطأ، فنحن نرجع عن تلك [المناقضات] (4) ونقول بقول أهل الحديث.
فإن قلتم: إثبات حادث بعد حادث (5) لا إلى أول (6) قول الفلاسفة الدهرية. (* قلنا: بل قولكم: إن الرب تعالى لم يزل معطلا لا يمكنه أن يتكلم بشيء ولا أن يفعل شيئا، ثم صار يمكنه أن يتكلم وأن يفعل (7) بلا حدوث سبب يقتضي ذلك، قول مخالف لصريح العقل ولما عليه المسلمون، فإن المسلمين يعلمون أن الله لم يزل قادرا، وإثبات القدرة مع كون المقدور ممتنعا غير ممكن جمع بين النقيضين، فكان فيما عليه

_________
(1) ن، ا: فنقول إن المتكلم يتكلم ; ب: فنقول إن كون المتكلم يتكلم، م: فنقول إن المتكلم.
(2) نحن: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) .
(3) ب، ا: ليطرد.
(4) المناقضات: ساقطة من (ن) ، (م) .
(5) ع: إثبات حوادث بلا حادث ; ن، م: إثبات حوادث بعد حادث.
(6) ن: أولى أول ; م: لا أولى أول، وكلاهما تحريف.
(7) ع: أن يفعل ويتكلم.
********************************

المسلمون من أنه لم يزل قادرا ما يبين أنه لم يزل قادرا على الفعل والكلام بقدرته ومشيئته (1) .
والقول بدوام كونه متكلما ودوام كونه فاعلا بمشيئته منقول عن السلف وأئمة المسلمين من أهل البيت وغيرهم، كابن المبارك (2) وأحمد بن حنبل والبخاري وعثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم، وهو منقول عن جعفر بن محمد الصادق في الأفعال المتعدية - فضلا عن اللازمة - وهو دوام إحسانه (3) ، *) (4) [وذلك قوله: وقول المسلمين: يا قديم الإحسان إن عني بالقديم قائم به] (5) .
والفلاسفة الدهرية قالوا: بقدم [الأفلاك وغيرها من] (6) العالم، وأن الحوادث فيه لا إلى أول، وأن البارئ موجب بذاته للعالم (7) ليس فاعلا بمشيئته وقدرته ولا يتصرف بنفسه. [ومعلوم بالاضطرار من دين الرسل أن الله تعالى خالق كل شيء، ولا يكون المخلوق إلا محدثا، فمن جعل مع الله شيئا قديما بقدمه فقد علم مخالفته لما أخبرت به الرسل مع مخالفته لصريح العقل] (8) . وأنتم وافقتموهم (9) على طائفة من باطلهم حيث قلتم: إنه لا يتصرف

_________
(1) ع: بمشيئته وقدرته.
(2) ع: جاء عن ابن المبارك.
(3) ع: دوام الإحسان.
(4) ما بين النجمتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(6) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(7) ع: موجب بذاته العالم ; ن: الموجب لذاته للعالم ; م: الموجب بذاته للعالم.
(8) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(9) ن، م: وافقتمونا.
*************************

بنفسه، ولا يقوم به أمر يختاره ويقدر عليه، بل جعلتموه (1) كالجماد الذي لا تصرف (2) (* له ولا فعل، وهم جعلوه كالجماد الذي لزمه وعلق به ما لا يمكنه دفعه عنه ولا قدرة له على التصرف *) (3) فيه، فوافقتموهم على بعض باطلهم. ونحن قلنا بما يوافق العقل والنقل من كمال قدرته ومشيئته، وأنه قادر على الفعل بنفسه [وعلى التكلم بنفسه] (4) كيف شاء، وقلنا: إنه لم يزل موصوفا بصفات الكمال متكلما إذا شاء (5) ، فلا نقول: إن كلامه مخلوق منفصل عنه، فإن حقيقة هذا القول أنه لا يتكلم، ولا نقول: إن كلامه شيء واحد (6) : أمر ونهي وخبر (* وأن معنى التوراة والإنجيل واحد، وأن الأمر والنهي صفة لشيء واحد *) (7) ، فإن هذا مكابرة للعقل (8) ، ولا نقول: إنه أصوات مقطعة (9) متضادة أزلية، فإن الأصوات لا تبقى زمانين. وأيضا، فلو قلنا بهذا القول والذي قبله لزم أن يكون تكليم الله

_________
(1) ب، ا، ن، م: وجعلتموه.
(2) في (ن) ، (م) : كالجماد الذي لا ينصرف، وبعد هذه العبارة كتبت في (ن) تسعة سطور تبين لي أنها تقابل سطورا في ص 233 في (ب) ، وأخطأ الناسخ في كتابتها في هذا الموضع.
(3) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(4) ما بين المعقوفتين في (ع) ، (م) .
(5) ب، ا: متكلما ذاتا.
(6) ب: ولا نقول إنه شيء واحد ; ن، ا، م: ولا يقول إنه شيء واحد.
(7) ما بين النجمتين ساقط من (م) .
(8) ن، م: العقل.
(9) ب، ا: منقطعة.
********************

للملائكة ولموسى ولخلقه يوم القيامة ليس إلا مجرد خلق إدراك (1) لهم لما كان أزليا لم يزل. ومعلوم أن النصوص دلت على ضد ذلك، ولا نقول إنه صار متكلما بعد أن لم يكن متكلما، فإن هذا وصف له (2) بالكمال بعد النقص، وأنه صار محلا للحوادث التي كمل بها بعد نقصه. ثم حدوث ذلك الكمال (3) لا بد له من سبب، [والقول في الثاني كالقول في الأول ففيه تجدد (* كمال بلا سبب] (4) ، ووصف له بالنقص الدائم من الأزل إلى أن تجدد له ما لا سبب لتجدده (5) ، وفي ذلك تعطيل له عن صفات الكمال.
وأما دوام الحوادث فمعناه [هنا] (6) دوام كونه متكلما (7) إذا شاء، وهذا دوام كماله ونعوت *) (8) جلاله ودوام أفعاله، وبهذا يمكن أن يكون العالم، وكل ما فيه مخلوق له حادث (9) بعد أن لم يكن، لأنه يكون سبب الحدوث هو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله (10) وغير ذلك، فيعقل

_________
(1) ب، ا، ن، م: الإدراك.
(2) ب: فإنه وصف له ; أ: فإن وصف له (بسقوط: هذا) . وسقطت " له " من (ع) .
(3) ع: الكلام.
(4) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(5) ن، م: إلى تجدد ما لا سبب لنحوه، وهو تحريف.
(6) هنا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) ن: مكلما.
(8) ما بين النجمتين ساقط من (أ) ، (ب) .
(9) ب (فقط) : مخلوقا له حادثا. والذي في باقي النسخ صواب، وفي عبارة " وبهذا يمكن أن يكون العالم " الفعل " يكون " تام.
(10) ب، ا: لأنه يكون بسبب الحدوث وهو ما قام بذاته من كلماته وأفعاله، وهو خطأ ; ن، م: لأنه يكون سبب الحوادث هو ما قام به من كلماته وأفعاله.
**************************

سبب (1) حدوث الحوادث، ويمتنع مع هذا (2) أن يقال: بقدم شيء من العالم، لأنه لو كان قديما لكان مبدعه (3) موجبا بذاته ليلزمه (4) موجبه ومقتضاه، وإذا كان الخالق فاعلا بفعل يقول بنفسه بمشيئته واختياره امتنع أن يكون موجبا بذاته لشيء من الأشياء، فامتنع قدم شيء من العالم، وإذا امتنع من الفاعل المختار أن يفعل شيئا منفصلا [عنه] (5) مقارنا له مع أنه لا يقوم به فعل اختياري، فلأن يمتنع ذلك إذا قام به فعل اختياري بطريق الأولى والأحرى، لأنه على هذا التقدير (* لا يوجد المفعول حتى يوجد الفعل الاختياري الذي حصل بقدرته ومشيئته، وعلى التقدير *) (6) الأول يكفي فيه نفس المشيئة والقدرة والفعل الاختياري (7) .
[ومعلوم أن ما توقف على المشيئة والقدرة] (8) والفعل الاختياري القائم به يكون، أولى بالحدوث والتأخر مما لم يتوقف (9) إلا على بعض ذلك.
والكلام على هذه الأمور مبسوط في غير هذا الموضع، وأكثر الناس

_________
(1) ن، م: فيفعل بسبب، وهو تحريف.
(2) ب، ا: ومع هذا يمتنع.
(3) ن: مبتدعة مقتضيه.
(4) ب، ا: يلزمه.
(5) عنه: ساقطة من (ع) ، (ن) ، (م) .
(6) ما بين النجمتين ساقط من (ب) ، (أ) وموجود في (ن) لكن بعض كلماته محرفة.
(7) ب، ا: يكفي في نفس المشيئة والفعل الاختياري والقدرة ; ع: يكفي نفس المشيئة والقدرة.
(8) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) وسقطت كلمة " القدرة " من (ب) ، (أ) .
(9) ن، م: ما لم يتوقف.
*********************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #136  
قديم 03-11-2022, 01:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (136)
صـ 390 إلى صـ 396



لا يعلمون كثيرا من هذه الأقوال ; ولذلك كثر بينهم القيل والقال، وما ذكرناه إشارة إلى مجامع المذاهب. (1) [والأصل الذي باين به أهل السنة والجماعة من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، من أهل البيت وغيرهم وسائر أئمة المسلمين للجهمية والمعتزلة وغيرهم من نفاة الصفات: أن الرب تعالى إنما يوصف بما يقوم به، لا يوصف بمخلوقاته، وهو أصل مطرد عند السلف والجمهور. ولكن المعتزلة استضعفت الأشعرية - ومن وافقهم - بتناقضهم في هذا الأصل حيث وصفوه بالصفات الفعلية مع أن الفعل لا يقوم به عندهم. والأشعري تبع في ذلك للجهمية والمعتزلة الذين نفوا قيام الفعل به، لكن أولئك ينفون الصفات أيضا، بخلاف الأشعرية.
والمعتزلة لهم نزاع في الخلق: هل هو المخلوق، أو غير المخلوق؟ وإذا قالوا: هو غير المخلوق، فقد يقولون: معنى قائم لا في محل، كما تقوله البصريون في الإرادة. وقد يقولون: معاني لا نهاية لها في آن واحد. كما يقوله معمر منهم وأصحابه، ويسمون أصحاب المعاني، وقد يقولون: إنه قائم بالمخلوق.
وحجة الأشعري ومن وافقه على أن الخلق هو المخلوق، أنهم قالوا: لو كان غيره لكان إما قديما وإما محدثا، فإن كان قديما لزم قدم المخلوق، وهو محال بالاضطرار فيما علم حدوثه بالاضطرار، والدليل فيما علم حدوثه بالدليل. وإن كان محدثا كان مخلوقا، فافتقر الخلق إلى

_________
(1) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 393.
*************************

خلق ثان ولزم التسلسل، وأيضا، فيلزم قيام الحوادث به، وهذا عمدتهم في نفس الأمر.
والرازي لم يكن له خبرة بأقوال طوائف المسلمين، إلا بقول المعتزلة والأشعرية وبعض أقوال الكرامية والشيعة، فلهذا لما ذكر هذه المسألة ذكر الخلاف فيها مع فقهاء ما وراء النهر، وقول هؤلاء هو قول جماهير طوائف المسلمين.
والجمهور لهم في الجواب عن عمدة هؤلاء طرق: كل قوم بحسبهم. فطائفة قالت: بل الخلق الذي هو التكوين والفعل قديم والمكون المفعول محدث لأن (الخلق) (1) عندهم لا تقوم به الحوادث، وهذا قول كثير من هؤلاء من الحنفية والحنبلية والكلابية والصوفية وغيرهم. فإذا قالوا لهؤلاء: فيلزم قدم المكون قالوا: نقول في ذلك مثل ما قلتم في الإرادة الأزلية، قلتم: هي قديمة فإن (2) كان المراد محدثا، كذلك التكوين قديم، وإن كان المكون محدثا.
وطائفة قالت: بل الخلق والتكوين حادث إذا أراد الله خلق شيء وتكوينه، وهذا قول أكثر أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام والفقه والتصوف. قالوا: لأن الله ذكر وجود أفعاله شيئا بعد شيء كقوله تعالى: (خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش) [سورة الأعراف: 54] وقوله: {ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين} [سورة فصلت 11] ، وقوله:

_________
(1) كلمة " الخلق " غير موجودة بالأصل وزدتها ليستقيم الكلام.
(2) فإن: كذا في الأصل، ولعل الصواب: وإن.
***************************

{ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} [سورة الأعراف: 11] وقوله: {ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين - ثم جعلناه نطفة في قرار مكين - ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين} [سورة المؤمنون: 12 - 14] ، وأمثال ذلك.
وهؤلاء يلتزمون أنه تقوم به الأمور الاختيارية، كخلقه ورضاه وغضبه وكلامه وغير ذلك مما دلت عليه النصوص. وفي القرآن أكثر من ثلاثمائة موضع توافق قولهم، وأما الأحاديث فكثيرة جدا، والآثار عن السلف بذلك متواترة، وهو قول أكثر الأساطين من الفلاسفة. ثم هؤلاء في التسلسل على قولين، وهم يقولون: المخلوق يحصل بالخلق، والخلق يحصل بقدرته ومشيئته، لا يحتاج إلى خلق آخر. 0 ويقولون لمنازعيهم: إذا جاز عندكم وجود المخلوقات المنفصلة بمجرد القدرة والمشيئة من غير فعل قائم به، فلأن يجوز الفعل بمجرد القدرة الإرادة أولى وأحرى. ومن لم يقل بالتسلسل منهم يقول: نفس القدرة القديمة والإرادة القديمة أوجبت ما حدث من الفعل والإرادة وبذلك يحصل المخلوق فيما لا يزال.
ومن قال بالتسلسل منهم قال: التسلسل الممتنع إنما هو التسلسل في المؤثرات، وهو أن يكون للفاعل فاعل، وهلم جرا إلى غير نهاية، سواء عبر عن ذلك بأن للعلة علة وللمؤثر مؤثرا، أو عبر عنه بأن للفاعل فاعلا،

****************************

فهذا هو التسلسل الممتنع في صريح العقل، ولهذا كان هذا ممتنعا باتفاق العقلاء، كما أن الدور الممتنع هو الدور القبلي.
فأما التسلسل في الآثار وهو أن لا يكون الشيء حتى يكون قبله غيره، أو لا يكون إلا ويكون بعد غيره فهذا للناس فيه ثلاثة أقوال: قيل: هو ممتنع في الماضي والمستقبل. وقيل: بل هو جائز في الماضي والمستقبل. وقيل ممتنع في الماضي جائز في المستقبل. والقول بجوازه مطلقا هو معنى قول السلف وأئمة الحديث وقول جماهير الفلاسفة القائلين بحدوث هذا العالم والقائلين بقدمه. وقد بسط الكلام على أدلة الطائفتين في موضع آخر، فإنا قد بسطنا الكلام فيما ذكره من أصول الدين أضعاف ما تكلم به هو ونبهنا على مجامع الأقوال] (1)

[التعليق على قوله وأن الأنبياء معصومون من الخطأ والسهو]
[الوجه الأول اختلافهم في عصمة الأنبياء]

(فصل)
وأما قوله (2) : " وأن (3) الأنبياء معصومون من (4) الخطأ والسهو والمعصية صغيرها وكبيرها من أول العمر إلى آخره، وإلا لم يبق وثوق بما يبلغونه، فانتفت فائدة البعثة ولزم التنفير عنهم ". فيقال: أولا: [إن] (5) الإمامية متنازعون في عصمة الأنبياء.

_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 390.
(2) سبق ورود الكلام التالي في " منهاج الكرامة " (ك) 1/82 (م) ، وفيما سبق 2/99.
(3) ب، ا، ن، م: إن.
(4) ك: عن.
(5) إن: زيادة في (ب) ، (أ) .
*************************

قال الأشعري في " المقالات " (1) : واختلفت (2) الروافض في الرسول (3) هل يجوز عليه أن يعصي أم لا؟ وهم فرقتان: فالفرقة الأولى منهم: يزعمون أن الرسول جائز عليه أن يعصي الله، وأن النبي قد عصى في أخذ الفداء يوم بدر، فأما الأئمة فلا يجوز ذلك عليهم، فإن الرسول إذا عصى فإن الوحي يأتيه من قبل الله، والأئمة لا يوحى إليهم ولا تهبط الملائكة عليهم، وهم معصومون، فلا يجوز عليهم أن يسهوا و [لا] يغلطوا (4) وإن جاز على الرسول العصيان ". قال (5) : " والقائل بهذا القول هشام بن الحكم. والفرقة الثانية منهم: يزعمون أنه لا يجوز على الرسول أن يعصي الله عز وجل، ولا يجوز ذلك على الأئمة، لأنهم جميعا حجج الله، وهم معصومون من الزلل ولو جاز عليهم السهو واعتماد المعاصي وركوبها (6) لكانوا قد ساووا المأمومين في جواز ذلك عليهم، كما جاز (7) على المأمومين ولم يكن المأمومون (8) أحوج إلى الأئمة من الأئمة لو كان ذلك جائزا عليهم جميعا (9) ". (10)
[وأيضا، فكثير من شيوخ الرافضة من يصف الله تعالى بالنقائص

_________
(1) (مقالات الإسلاميين) 1/115 - 116.
(2) ب، ا، م: واختلف.
(3) المقالات 1/115: الرسول عليه السلام.
(4) ن، م: ويغلطوا.
(5) قال: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(6) وركوبها: ساقطة من (ب) ، (أ) .
(7) ع: جاز ذلك.
(8) ب، ا: المأموم.
(9) ن: لو جاز عليهم ذلك ; م: لو جاز ذلك عليهم وبعد هذا الكلام توجد في (ب) ، (أ) عبارة: " فلا يجوز أن يقرهم الله على الخطأ في شيء مما بلغوه منهم "، وهي في غير موضعها وسترد فيما بعد (ص 396) وسنشير إليها بإذن الله.
(10) الكلام بعد القوس في (ع) فقط وينتهي ص 396.
**************************

كما تقدم حكاية بعض ذلك، فزرارة بن أعين وأمثاله يقولون: يجوز البداء عليه وأنه يحكم بالشيء ثم يتبين له ما لم يكن علمه فينتقض حكمه لما ظهر له من خطئه. فإذا قال مثل هؤلاء بأن الأنبياء والأئمة لا يجوز أن يخفى عليهم عاقبة فعلهم، فقد نزهوا البشر عن الخطأ مع تجويزهم الخطأ على الله، وكذلك هشام بن الحكم وزارة بن أعين وأمثالهما ممن يقول إنه يعلم ما لم يكن عالما به.
ومعلوم أن هذا من أعظم النقائص في حق الرب، فإذا قالوا مع ذلك: إن الأنبياء والأئمة لا يبدو لهم خلاف ما رأوا فقد جعلوهم لا يعلمون ما لم يكونوا يعلمونه في مثل هذا، وقالوا: بجواز ذلك في غيره.
وأما ما تقوله: غلاتهم من إلاهية علي، أو نبوته، وغلط جبريل بالرسالة فهو أعظم من أن يذكر هنا. ولا ريب أن الشرك والغلو يخرج أصحابه إلى أن يجعلوا البشر مثل الإله، بل أفضل من الإله في بعض الأمور، كما ذكر الله عن المشركين حيث قال: {وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون} [سورة الأنعام: 136] ، وقال تعالى: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم} [سورة الأنعام: 108] .
فهؤلاء لما سبت آلهتهم سبوا الله مقابلة، فجعلوهم مماثلين لله وأعظم في قلوبهم، كما تجد كثيرا من المشركين يحب ما اتخذه من دون الله أندادا أكثر مما يحب الله تعالى، وتجد أحدهم يحلف بالله ويكذب،

*********************************

ويحلف بما اتخذه ندا من إمامه، أو شيخه، أو غير ذلك ولا يستجيز أن يكذب، وتسأله بالله والله فلا يعطي، وتسأله بما يعظمه من إمامه، أو شيخه، أو غير ذلك فيعطي ويصلي لله في بيته ويدعوه فلا يكون عنده كبير خشوع فإذا أتى إلى قبر من يعظمه ورجا أن يدعوه، أو يدعو به، أو يدعو عنده فيحصل له من الخشوع والدموع ما لا يحصل في عبادة الله ودعائه في بيت الله، أو في بيت الداعي العابد، وتجد أحدهم يغضب إذا ذكر ما اتخذه ندا بعيب، أو نقص ويذكر الله بالعيوب والنقوص فلا يغضب له. ومثل هذا كثير في المشركين شركا محضا وفي من فيه شعبة من الشرك في هذه الأمة والنصارى ينزهون البشر عن كثير مما يصفون به الرب فيقولون لله ولد وينزهون كثيرا من عظمائهم أن يكون له ولد ويقول كثير منهم إن الله ينام، والباب عندهم لا ينام، ومثل هذا كثير] (1) .
[الوجه الثاني العصمة قبل البعثة غير واجبة]
ثم يقال: ثانيا (2) : قد اتفق المسلمون على أنهم معصومون فيما يبلغونه (3) عن الله [فلا يجوز أن يقرهم على الخطأ في شيء مما يبلغونه عنه] (4) ، وبهذا يحصل المقصود من البعثة.
[وأما وجوب كونه قبل أن يبعث نبيا لا يخطئ، أو لا يذنب فليس في

_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله ص 394.
(2) الوجه الأول في الرد على ابن المطهر سبق ص 393.
(3) ب، ا: يبلغون.
(4) الكلام بين المعقوفتين في (ع) فقط وكان في غير موضعه في (ب) ، (أ) كما أشرت من قبل (ص 394) .
*****************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #137  
قديم 03-11-2022, 02:06 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (137)
صـ 397 إلى صـ 403



النبوة ما يستلزم هذا وقول القائل: لو لم يكن كذلك لم تحصل ثقة فيما يبلغونه عن الله كذب صريح فإن من آمن وتاب حتى ظهر فضله وصلاحه ونبأه الله بعد ذلك كما نبأ إخوة يوسف ونبأ لوطا وشعيبا وغيرهما وأيده الله تعالى بما يدل على نبوته فإنه يوثق فيما يبلغه كما يوثق بمن لم يفعل ذلك وقد تكون الثقة به أعظم إذا كان بعد الإيمان والتوبة قد صار أفضل من غيره والله تعالى قد أخبر أنه يبدل السيئات بالحسنات للتائب كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح ومعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم من عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقبل أن يصدر منهم ما يدعونه من الأحداث كانوا من خيار الخلق وكانوا أفضل من أولادهم الذين ولدوا بعد الإسلام.
[الوجه الثالث التوبة بعد الذنب ترفع الدرجات]
ثم يقال: وأيضا، فجمهور المسلمين على أن النبي لا بد أن يكون من أهل البر والتقوى متصفا بصفات الكمال، ووجوب بعض الذنوب أحيانا مع التوبة الماحية الرافعة لدرجته إلى أفضل مما كان عليه لا ينافي ذلك] (1) . وأيضا، فوجوب (2) كون النبي لا يتوب إلى الله فينال محبة الله وفرحه بتوبته وترتفع درجته بذلك ويكون بعد التوبة التي يحبه الله منه خيرا مما كان قبلها فهذا مع ما فيه من التكذيب للكتاب والسنة غض من مناصب الأنبياء وسلبهم هذه الدرجة ومنع إحسان الله إليهم وتفضله عليهم بالرحمة والمغفرة (3) .

_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، ا: وأيضا فوجب ; ن، م: وأما وجوب.
(3) ع، ن، م: بالمغفرة والرحمة.
*******************

ومن اعتقد أن كل من لم يكفر ولم يذنب أفضل من كل من آمن بعد كفره وتاب بعد ذنبه (1) فهو مخالف ما علم بالاضطرار من دين الإسلام، فإنه من المعلوم أن الصحابة الذين آمنوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد كفرهم وهداهم الله به (2) بعد ضلالهم، وتابوا إلى الله بعد ذنوبهم أفضل من أولادهم الذين ولدوا (3) على الإسلام. وهل يشبه بني الأنصار بالأنصار، أو بني (4) المهاجرين بالمهاجرين إلا من لا علم له؟ وأين المنتقل بنفسه (5) من السيئات إلى الحسنات بنظره واستدلاله وصبره (6) واجتهاده ومفارقته عاداته [ومعاداته] (7) لأوليائه (8) [وموالاته لأعدائه] (9) إلى آخر لم (10) يحصل له (11) مثل هذه الحال؟ وقد قال عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: إنما تنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لم يعرف الجاهلية. وقد قال تعالى: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما - يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا - إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما} [سورة الفرقان: 68 - 70] .

_________
(1) ب، ا: أو تاب بعد ذنب.
(2) به: ساقطة من (ب) ، (أ) ، (م) .
(3) ع: في.
(4) ن: بنو الأنصار الأنصار أو بنو ; م: بنو الأنصار بالأنصار وبنو.
(5) بنفسه: ساقطة من (ع) .
(6) ن: واصطباره.
(7) ومعاداته: ساقطة من (ن) .
(8) ب، ا، ن: لأصدقائه.
(9) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(10) ب، ا: ما.
(11) ن، م: منه.
*******************

وقد ثبت في صحيح مسلم (1) عن أبي ذر [رضي الله عنه] (2) قال: [قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " «إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولا الجنة، وآخر أهل النار خروجا منها رجل يؤتى به يوم القيامة فيقال (3) : اعرضوا عليه صغار ذنوبه (4) وارفعوا عنه كبارها، فتعرض عليه (5) صغار ذنوبه فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا (6) ، وعملت يوم كذا وكذا كذا وكذا (7) ، فيقول: نعم: لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تعرض عليه. فيقال له: فإن (8) لك مكان كل سيئة حسنة. فيقول: يا رب (9) قد عملت أشياء لا أراها هاهنا " فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحك حتى بدت نواجذه] » (10) .

_________
(1) مسلم 1/177 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها) . والحديث - مع اختلاف يسير في الألفاظ - بنفس السند في: سنن الترمذي 4/112 - 113 (كتاب صفة جهنم، باب ما جاء أن للنار نفسين وما ذكر من يخرج من النار من أهل التوحيد) .
(2) رضي الله عنه: زيادة في (أ) ، (ب) .
(3) ع: فيقال له، و " له " ليست في مسلم.
(4) ع: سيئاته. والمثبت في (ب) ، (أ) ; وهو الذي في مسلم.
(5) ع: فيعرض الله عليه ; والمثبت هو الذي في مسلم.
(6) ع: يوم كذا كذا وكذا.
(7) ع: يوم كذا كذا وكذا.
(8) ع: إن.
(9) ع: أي رب.
(10) نص الحديث بأكمله ساقط من (ن) ، (م) وبعض كلماته ساقطة من (أ) .
**********************

فأين من يبدل [الله] سيئاته (1) حسنات إلى من لم تحصل له تلك الحسنات (2) ؟ ولا ريب أن السيئات لا يؤمر بها، وليس للعبد أن يفعلها ليقصد بذلك التوبة منها، فإن هذا مثل من يريد أن يحرك العدو عليه ليغلبهم بالجهاد، أو يثير (3) الأسد عليه ليقتله، ولعل العدو يغلبه والأسد يفترسه، بل مثل (4) من يريد أن يأكل السم ثم يشرب الترياق وهذا جهل، بل إذا قدر من ابتلي بالعدو فغلبه كان أفضل ممن لم يكن كذلك، وكذلك من صادفه الأسد وكذلك من اتفق أن شرب (5) السم فسقي ترياقا [فاروقا] (6) يمنع [نفوذ] سائر السموم فيه (7) كان بدنه أصح من بدن من لم يشرب ذلك الترياق. والذنوب إنما تضر أصحابها إذا لم يتوبوا منها، والجمهور الذين يقولون بجواز الصغائر عليهم. [يقولون] (8) إنهم معصومون من الإقرار عليها.
وحينئذ فما وصفوهم (9) إلا بما فيه كمالهم، فإن الأعمال بالخواتيم،

_________
(1) ب، ا، ن، م: فأين من تبدل سيئاته.
(2) ن، م: إلى من لا حسنة له
(3) ن، م: ينفر.
(4) ب: بل كمن ; أ: بل كان من (وهو تحريف) .
(5) ع: وكذلك من شرب ; ب: وكذا من اتفق أنه شرب ; أ: وكذلك من اتفق أن يشرب.
(6) فاروقا: ساقطة من (ب) . وفي (أ) . فسقي ترياقا دوقا (وهو تحريف) . وفي (ن) العبارة مضطربة هكذا: فارو فامتنع. وفي (م) : فسقي ترياقا فاروقا فامتنع. وفي القاموس: والترياق الفاروق أحمد التراييق وأجل المركبات لأنه يفرق بين المرض والصحة.
(7) ع: يمنع نفوذ سائر السم إليه ; ن، م: فامتنع سائر السموم إليه.
(8) يقولون: ساقطة من (ن) .
(9) ع: فما وصفهم.
************************

مع أن القرآن والحديث وإجماع السلف معهم [في تقرير هذا الأصل] (1) .
[معنى قوله تعالى ليغفر لك الله]
فالمنكرون (2) لذلك يقولون في (3) تحريف القرآن ما هو من جنس قول أهل البهتان، ويحرفون الكلم عن مواضعه [كقولهم في قوله تعالى: {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} [سورة الفتح: 2] أي: ذنب آدم وما تأخر من ذنب أمته (4) ، فإن هذا ونحوه من تحريف الكلم عن مواضعه] (5) . أما أولا: فلأن آدم تاب وغفر [له] (6) ذنبه قبل أن يولد نوح وإبراهيم، فكيف يقول [له] (7) : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا} ليغفر الله لك ذنب آدم (8) ؟ وأما ثانيا: فلأن الله يقول: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [سورة الإسراء: 15] فكيف يضاف ذنب أحد إلى غيره؟
وأما ثالثا: فلأن في حديث الشفاعة الذي في الصحاح (9) أنهم يأتون

_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط.
(2) ب، أ: والمنكرون.
(3) ن: يقولون بل.
(4) ع: من ذنبك (أي ذنب آدم) وما تأخر (ذنب أمته) .
(5) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(6) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(7) له: ساقطة من (ن) ، (م) ، (ع) .
(8) عبارة " الله لك ": ساقطة من (ب) ، (أ) . وفي (ن) ، (م) : {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} .
(9) ع: في الصحيح. وحديث الشفاعة مروي من وجوه عدة عن عدد من الصحابة بألفاظ متقاربة. انظر: البخاري 6/84 - 85 (كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل: باب ذرية من حملنا مع نوح) ; مسلما 1/180 - 187 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة) . المسند (ط. المعارف) 1/161 - 163 (رقم 15) . وانظر أيضا: الترغيب والترهيب 5/398 - 406 ; جامع الأصول لابن الأثير 11/123 - 133 ; ابن القيم في " حادي الأرواح " ص 232 - 227. وسيرد الحديث فيما بعد (ص [0 - 9] 23 وانظر ت 3) وسنذكر هناك جزءا كبيرا منه إن شاء الله.
****************************

آدم فيقولون: أنت آدم أبو البشر خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه وأسجد لك ملائكته (1) ، اشفع لنا إلى ربك، فيذكر خطيئته، ويأتون نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى (2) فيقول لهم (3) : اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. فكان سبب قبول شفاعته كمال عبوديته وكمال مغفرة الله له، فلو كانت هذه لآدم لكان يشفع (4) لأهل الموقف.
وأما رابعا: فلأن هذه الآية لما نزلت «قال أصحابه [رضي الله عنهم] (5) : يا رسول الله هذا لك فما لنا؟ فأنزل الله تعالى: {هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} » [سورة الفتح: 4] فلو كان ما تأخر ذنوبهم لقال: هذه الآية [لكم] (6) .
وأما خامسا: فكيف يقول عاقل: إن الله غفر ذنوب أمته كلها، وقد علم أن منهم من يدخل النار؟ وإن خرج (7) منها بالشفاعة؟

_________
(1) ن، م: الملائكة.
(2) ب، أ: وعيسى وموسى.
(3) ب، أ: فيقولون لهم. والقائل هنا عيسى عليه الصلاة والسلام.
(4) ب، أ: شفع.
(5) رضي الله عنهم: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) ب، أ، م:. . . تأخر من ذنوبهم لقال هذه الآية، وهو خطأ، وفي (ن) سقطت كلمة " لكم ".
(7) ب: ويخرج ; أ: وإن يخرج.
************************

فهذا وأمثاله [من خيار تأويلات] المانعين (1) لما دل عليه القرآن من توبة الأنبياء من ذنوبهم واستغفارهم، وزعمهم أنه لم يكن هناك ما يوجب [توبة] (2) ولا استغفارا، ولا تفضل الله عليه بمحبته، وفرحه بتوبتهم ومغفرته ورحمته لهم. [فكيف بسائر تأويلاتهم التي فيها من تحريف القرآن وقول الباطل على الله ما ليس هذا موضع بسطه] (3) .

[التعليق على قوله إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير]

وأما قوله (4) : إن هذا ينفي الوثوق ويوجب التنفير، فليس [هذا] (5) بصحيح [فيما قبل النبوة ولا فيما يقع خطأ، ولكن غايته أن يقال: هذا موجود فيما تعمد (6) من الذنب. فيقال] (7) : بل (8) إذا اعترف الرجل الجليل القدر بما هو عليه من الحاجة إلى توبته واستغفاره ومغفرة الله [له] (9) ورحمته دل ذلك على صدقه وتواضعه وعبوديته لله وبعده عن الكبر والكذب، بخلاف من يقول: ما بي (10) حاجة إلى شيء من هذا ولا يصدر [مني] (11) ما يحوجني إلى مغفرة الله لي وتوبته علي، ويصر (12) على كل ما يقوله ويفعله بناء (13) على

_________
(1) ن، م فهذه وأمثاله التابعين، وهو تحريف.
(2) توبة: ساقطة من (ن) ، (م) .
(3) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(4) ع، ن، م: قولهم. والكلام التالي جزء من عبارته السابقة الواردة ص 393.
(5) هذا: ساقطة من (ن) ، (م) .
(6) : ب، أ: يعد، وهو خطأ.
(7) ما بين المعقوفتين ساقط من (ن) ، (م) .
(8) بل: ساقطة من (أ) ، (ب) .
(9) له: ساقطة من (ن) ، (م) .
(10) ن، م: في.
(11) ب، أ: عني ; وسقطت من (ن) ، (م) .
(12) ن: ذلك على، وهو تحريف.
(13) ن: معا. وسقطت من (م) .
*****************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #138  
قديم 03-11-2022, 02:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (138)
صـ 404 إلى صـ 410



أنه [لا] يصدر منه (1) ما يرجع عنه، فإن مثل هذا إذا عرف من رجل نسبه (2) . الناس إلى الكذب والكفر والجهل. وقد ثبت في الصحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " «لن يدخل أحد منكن الجنة بعمله ". قالوا: ولا أنت [يا رسول الله] (3) ؟ قال: " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» " (4) ، فكان هذا من أعظم ممادحه (5) .
وكذلك قوله [- صلى الله عليه وسلم -] (6) : " «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم (7) فإنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله» " (8) . وكل من سمع هذا عظمه بمثل هذا الكلام.

_________
(1) ب، أ، ن، م: على أنه يصدر عن.
(2) ب، أ: ينسبه
(3) ن، م، ع: ولا أنت
(4) ورد هذا الحديث بألفاظ مختلفة عن عدد من الصحابة كأبي هريرة وعائشة وجابر رضي الله عنهم في: البخاري 7/121 (كتاب المرضى ; باب تمني المريض الموت) ، 8/98، 99 (كتاب الرقاق، باب القصد والمداومة على العمل) ; مسلم 4/2169 - 2171 (كتاب صفات المنافقين، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله) ; سنن ابن ماجه 2/1405 (كتاب الزهد، باب التوقي على العمل) ; سنن الدارمي 2/305 - 306 (كتاب الرقاق، باب لا ينجي أحدكم عمله) ; المسند (ط. المعارف) 12/192 (رقم 7202) ، 13/218 (رقم 7473) وهذه الرواية الأخيرة هي أقرب الروايات لفظا إلى الرواية المذكورة هنا.
(5) ن: ممازجه ; م: مماوجه، وكلاهما تحريف.
(6) ع: وكذلك قوله في الصحيحين ; ن، م: وكذلك قوله.
(7) ن، م: المسيح ابن مريم.
(8) الحديث مروي عن عمر رضي الله عنه في: البخاري 4/167 (كتاب الأنبياء، باب قول الله تعالى " واذكر في الكتاب مريم ". .) ، 8/169 (كتاب الحدود، باب رجم الحبلى إذا زنت) ; سنن الدارمي 2/320 (كتاب الرقائق، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم لا تطروني) ، المسند (ط. المعارف) 1/222 (رقم 153) ، 1/226 (رقم 164) ، 299 (رقم 331) ، 325 (رقم 391) .
*************************

وفي الصحيحين عنه أنه كان يقول: " «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، [اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطئي وعمدي وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني] (1) ، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير» " (2) . (3) [وهذا كما أنه لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " «لا تتخذوا قبري عيدا وصلوا علي حيث ما كنتم فإن صلاتكم تبلغني» " رواه أبو داود وغيره (4)) .، وقال: " «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد» " رواه مالك وغيره (5) . - كان

_________
(1) ما بين المعقوفتين ساقط م (ن) ، (م) .
(2) ن، م: وأنت المؤخر لا إله إلا أنت: والحديث مروي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في: البخاري 8/84 - 85 (كتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت) ; مسلم 4/2087 (كتاب الذكر والدعاء، باب التعوذ من شر ما عمل) ; المسند (ط. الحلبي) 4/417.
(3) الكلام الوارد بعد القوس في (ع) فقط ونهايته بعد صفحتين.
(4) الحديث في سنن أبي داود 2/293 (كتاب المناسك، باب زيارة القبور) ونصه: " عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ". وروى أحمد الحديث بألفاظ مقاربة في المسند (ط. المعارف) 17 (رقم 8790
(5) ذكر ابن تيمية الحديث من قبل 1/475، وذكرت هناك (ت [0 - 9] ) أن الحديث في الموطأ (ط. فؤاد عبد الباقي) 1/172. ونص الحديث فيه: عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. ونقل المحقق عن ابن عبد البر قوله: لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث. وروى أحمد في مسنده (ط. المعارف) 13/86 - 88 (رقم 7352) الحديث ونصه: حدثنا سفيان، عن حمزة بن المغيرة، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله: إسناده صحيح ; وتكلم على رجاله بالتفصيل، وأشار إلى مواضع وطرق أخرى لهذا الحديث
*****************************

هذا التواضع مما زاده الله به رفعة. وكذلك لما سجد له بعض أصحابه فنهاه عن ذلك وقال: " «إنه لا يصلح السجود إلا لله» " (1) . . وكذلك لما كان بعض الناس يقول: «ما شاء الله وشاء محمد، قال: " أجعلتني ندا لله؟ ! قل ما شاء الله ثم شاء محمد» " (2) . . وقوله في دعائه: " «أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المعترف المقر بذنبه، أسألك مسألة المسكين، وأبتهل إليك ابتهال المذنب الذليل، وأدعوك دعاء الخائف، من خضعت له رقبته، وذل جسده، ورغم أنفه لك» " (3) . . ونحو

_________
(1) لم أجد الحديث بهذه الصيغة، والذي في المسند (ط. الحلبي) 5/227 - 228، 6 حديثان: الأول عن معاذ والثاني عن عائشة رضي الله عنهما فحواهما أن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبوا إليه أن يأذن لهم في السجود فنهاهم عن ذلك. وفي سنن الدارمي 1/10 - 11 (المقدمة، باب ما أكرم الله به نبيه من إيمان الشجر به والبهائم والجن) حديث ثالث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه بنفس المعنى
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ: ولكني وجدت حديثا مقاربا في المسند (ط. المعارف) 2/253 لفظه: عن ابن عباس أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: ما شاء الله وشئت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أجعلتني والله عدلا، بل ما شاء الله وحده ". والحديث بلفظ مقارب عن ابن عباس رضي الله عنهما في: المسند (ط. المعارف) 4/193، 5/85 وجاء مختصرا 3/296. وذكر ابن حجر هذا الحديث في " فتح الباري " (ط. السلفية) 11/540 وقال إن الحديث في مسند أحمد وسنن النسائي وانظر: سنن ابن ماجه 1/684 - 685 ; المسند (ط. الحلبي)
(3) لم أهتد إلى موضع هذا الحديث
****************************

هذه الأحوال التي رفع الله بها درجاته بما اعترف به من فقر العبودية وكمال الربوبية] (1) . . والغنى عن الحاجة من خصائص الربوبية، فأما العبد [فكماله] (2)) . في حاجته إلى ربه وعبوديته وفقره وفاقته فكلما (3) . كانت عبوديته أكمل كان أفضل وصدور ما يحوجه إلى التوبة والاستغفار مما يزيده عبودية وفقرا وتواضعا.
ومن المعلوم أن ذنوبهم ليست كذنوب غيرهم، بل كما يقال: " حسنات الأبرار سيئات المقربين " لكن كل يخاطب (4) . على قدر مرتبته، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» " (5)
وما ذكره من عدم الوثوق والتنفير قد يحصل مع الإصرار والإكثار ونحو ذلك. وأما اللمم الذي يقترن (6) . به التوبة والاستغفار، [أو ما يقع بنوع من

_________
(1) هنا ينتهي السقط المشار إلى أوله فيما سبق
(2) فكماله: ساقطة من (ن) ، (م
(3) ن، م: فلما
(4) ن، م: كل من يخاطب
(5) الحديث عن أنس رضي الله عنه: سنن الترمذي 4/70 (كتاب صفة القيامة، باب منه) ; سنن ابن ماجه 2/1420 (كتاب التوبة، باب ذكر التوبة) ; سنن الدارمي 2/303 (كتاب الرقائق، باب في التوبة) ; المستدرك للحاكم 4/244. وقال الحاكم: " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ". وحسن الألباني الحديث في " صحيح الجامع الصغير " 4/171. وانظر: جامع الأصول 3/70 ; الترغيب والترهيب 5/52. وذكر الإمام أحمد الحديث مطولا في مسنده (ط. الحلبي) 3/198.
(6) ن، م: يقرن ; ب، ا: يقترن
*****************************

التأويل، وما كان قبل النبوة فإنه] (1) . مما ب (فقط) : فمما. يعظم به الإنسان عند أولي الأبصار. وهذا عمر بن الخطاب [رضي الله عنه] (2) . قد علم تعظيم رعيته له وطاعتهم، مع كونه دائما كان يعترف (3) . بما يرجع عنه (4) . من خطأ وكان إذا اعترف بذلك وعاد إلى الصواب زاد في أعينهم وازدادوا (5) . له محبة وتعظيما.
ومن أعظم ما نقمه الخوارج (7 على علي أنه لم يتب من تحكيم الحكمين، وهم 7) (6) . وإن كانوا جهالا [في ذلك] (7) . [فهو] يدل (8) . على أن التوبة لم تكن تنفرهم، وإنما نفرهم الإصرار على ما ظنوه هم ذنبا. والخوارج من أشد الناس تعظيما للذنوب ونفورا عن أهلها، حتى إنهم يكفرون بالذنب ولا يحتملون لمقدمهم ن (9) . ذنبا، ومع هذا فكل مقدم لهم تاب عظموه وأطاعوه، ومن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا (10) . وإن لم يكن ذنبا.

_________
(1) ما بين المعقوفتين في (ع) فقط
(2) رضي الله عنه: ساقطة من (ن) ، (م)
(3) ن، م: يعزف
(4) ن: إليه ; م: عليه
(5) ع، ا، ب: وزادوا
(6) : (7 - 7) ساقط من (أ) ، (ب)
(7) في ذلك: ساقط من (ع)
(8) ب: فيدل ; أ: فدل ; ن، م: يدل
(9) ، م: لتقدمهم
(10) ب: وإن لم يتب عادوه لما يظنونه ذنبا ; أ: وإن لم يتب عادوه فيما يظنونه ذنبا
************************

فعلم أن التوبة والاستغفار لا توجب تنفيرا ولا تزيل وثوقا، بخلاف دعوى البراءة مما يتاب منه ويستغفر، [ودعوى] السلامة (1) . مما يحوج الرجوع ب (2) . إلى الله واللجأ (3) . إليه، فإنه هو الذي ينفر القلوب ويزيل الثقة. فإن هذا لم يعلم أنه صدر إلا عن كذاب، أو جاهل، وأما الأول فإنه يصدر (4) . عن الصادقين العالمين. (5) . [ومما يبين ذلك أنه لم يعلم أحد طعن في نبوة أحد من الأنبياء ولا قدح في الثقة به بما دلت عليه النصوص التي تيب منها، ولا احتاج المسلمون إلى تأويل النصوص بما هو من جنس التحريف لها، كما يفعله من يفعل ذلك. والتوراة فيها قطعة من هذا، وما أعلم أن بني إسرائيل قدحوا في نبي من الأنبياء بتوبته في أمر من الأمور، وإنما كانوا يقدحون فيهم بالافتراء عليهم كما كانوا يؤذون موسى عليه السلام، وإلا فموسى قد قتل القبطي قبل النبوة وتاب من سؤال الرؤية وغير ذلك بعد النبوة، وما أعلم أحدا من بني إسرائيل قدح فيه بمثل هذا.
وما جرى في سورة " النجم " من قوله: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتها لترتجى، على المشهور عند السلف والخلف من أن ذلك جرى على لسانه، ثم نسخه الله وأبطله (6) ، هو من أعظم المفتريات على قول

_________
(1) ب، ا، ن، م: والسلامة
(2) ، ا: إلى الرجوع
(3) ب، ا: والالتجاء
(4) ن (فقط) : يصر، وهو تحريف
(5) بعد القوس المعقوف يوجد نص طويل ساقط من (ب) ، (أ) ، (ن) ، (م) وينتهي ص 451، وسنشير إلى نهايته إن شاء الله
(6) سبق ذكر ابن تيمية لقصة الغرانيق 1/651 وأشرت هناك (ت [0 - 9] ) إلى كلام الطبري عنها في تفسيره للآيتين 52، 53 من سورة الحج. انظر: الدر المنثور للسيوطي. وكتاب " نصب المجانيق لنسف قصة الغرانيق " للأستاذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، ط. المكتب الإسلامي، دمشق 1372/1952
*********************

هؤلاء، ولهذا كان كثير من الناس يكذب هذا وإن كان مجوزا عليهم غيره: إما قبل النبوة وإما بعدها، لظنه أن في ذلك خطأ في التبليغ، وهو معصوم في التبليغ بالاتفاق. والعصمة المتفق عليها أنه لا يقر على خطأ في التبليغ بالإجماع، ومن هذا فلم يعلم أحد من المشركين نفر برجوعه عن هذا، وقوله: إن هذا مما ألقاه الشيطان، ولكن روى أنهم نفروا لما رجع إلى ذم آلهتهم بعد ظنهم أنه مدحها، فكان رجوعهم لدوامه على ذمها، لا لأنه قال شيئا ثم قال: إن الشيطان ألقاه. وإذا كان هذا لم ينفر فغيره أولى أن لا ينفر.
وأيضا، فقد ثبت أن النسخ نفر طائفة كما قال: {سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها} [سورة البقرة: 142] ، وقوله: {وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون - قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا} [سورة النحل: 101 - 102] ، فالتبديل الذي صرحوا بأنه منفر ونفروا به عنه لم يكن مما يجب نفيه عنه، فكيف بالرجوع إلى الحق الذي لم يعلم أنهم نفروا منه، وهو أقل تنفيرا؟ ! لأن النسخ فيه رجوع عن الحق إلى حق، وهذا رجوع إلى حق من غير حق.
ومعلوم أن الإنسان يحمد على ترك الباطل إلى الحق ما لا يحمد على

*********************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #139  
قديم 03-11-2022, 03:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (139)
صـ 411 إلى صـ 417



ترك ما لم يزل يقول إنه حق (1) . . وإذا كان جائزا فهذا أولى، وإذا كان في ذلك مصلحة ففي هذا أيضا مصالح عظيمة، ولولا أن فيها وفي العلم بها مصالح لعباده لم يقصها في غير موضع من كتابه. وهو سبحانه - وله الحمد - لم يذكر عن نبي من الأنبياء ذنبا إلا ذكر معه توبته لينزهه عن النقص والعيب، ويبين أنه ارتفعت منزلته وعظمت درجته وعظمت حسناته وقربه إليه بما أنعم الله عليه من التوبة والاستغفار والأعمال الصالحة التي فعلها بعد ذلك، وليكون ذلك أسوة لمن يتبع الأنبياء ويقتدي بهم إلى يوم القيامة.
ولهذا لما لم يذكر عن يوسف توبة في قصة امرأة العزيز دل على أن يوسف لم يذنب أصلا، في تلك القصة كما يذكر من يذكر أشياء نزهه الله منها بقوله تعالى: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين} [سورة يوسف: 24] ، وقد قال تعالى: {ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه} [سورة يوسف: 24] . والهم - كما قال الإمام أحمد رضي الله عنه -: همان، هم خطرات وهم إصرار. وقد ثبت في الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه قال إن الله تعالى يقول إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة كاملة، فإن عملها فاكتبوها عشرا إلى سبعمائة ضعف، وإذا هم بسيئة فلا تكتبوها عليه، فإن تركها فاكتبوها له حسنة فإنما تركها من جراي» " (2) .

_________
(1) في الأصل: حقا، وهو خطأ
(2) لم أجد الحديث بهذا اللفظ، ولكن جاء الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما في: البخاري 8 (كتاب الرقاق، باب من هم بحسنة أو سيئة) ; مسلم 1/118 (كتاب الإيمان، باب إذا هم العبد بحسنة. . إلخ) ; المسند (ط. المعارف) ح [0 - 9] رقم 3402 ونصه (واللفظ للبخاري) : عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل قال: قال: إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ". وفي نفس الباب أحاديث أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه في صحيح مسلم بنفس المعنى - انظر أيضا المسند (ط. المعارف) الأرقام: 2001، 2519، 2521، 2828، 3402، 7195، 7294. وانظر: سنن الترمذي 4/330 (كتاب التفسير، ومن سورة الأنعام) .
************************

فيوسف - عليه الصلاة والسلام - لما هم ترك همه لله، فكتب الله به حسنة كاملة ولم يكتب عليه سيئة قط، بخلاف امرأة العزيز فإنها همت وقالت وفعلت، فراودته بفعلها وكذبت عليه عند سيدها واستعانت بالنسوة، وحبسته لما اعتصم وامتنع عن الموافقة على الذنب ولهذا قالت: {وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم} [سورة يوسف: 53] ، وهذا من قولها كما دل عليه القرآن، ليس من كلام يوسف عليه السلام، بل لما قالت هذا كان يوسف غائبا في السجن لم يحضر عند الملك، بل لما برأته هي والنسوة استدعاه الملك بعد هذا وقال: {ائتوني به أستخلصه لنفسي فلما كلمه قال إنك اليوم لدينا مكين أمين} [سورة يوسف: 54] . وأما من ذكر الله تعالى وتبارك عنه ذنبا كآدم عليه السلام فإنه لما قال: {وعصى آدم ربه فغوى - ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى} [سورة طه: 121، 122] وقال: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم} [سورة البقرة: 37] .

************************

وقال تعالى عن داود عليه السلام: {وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب - فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب} [سورة ص: 24، 25] . وقال لموسى عليه السلام والصلاة: {إني لا يخاف لدي المرسلون - إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم} [سورة النمل: 10، 11] ومن احتج على امتناع ذلك بأن الاقتداء بهم مشروع، والاقتداء بالذنب لا يجوز. قيل له: إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه، لا فيما نهوا (1) . عنه، كما أنه إنما يقتدى بهم فيما أقروا عليه ولم ينسخ ولم ينسه فيما نسخ، وحينئذ فيكون التأسي بهم مشروعا مأمورا به لا يمنع وقوع ما ينهون عنه ولا يقرون عليه لا من هذا ولا من هذا، وإن كان اتباعهم في المنسوخ لا يجوز بالاتفاق. ومما يبين أن النسخ أشد تنفيرا أن الإنسان إذا رجع عن شيء إلى آخر، وقال: الأول الذي كنت عليه حق أمرني الله به، ورجوعي عنه حق أمرني الله به، كان هذا أقرب إلى النفور عنه من أن يقول: رجعت عما لم يأمرني الله به، فإن الناس كلهم يحمدون من قال هذا. وأما من قال: أمري بهذا حق ونهيي عنه حق، فهذا مما نفر عنه كثير من السفهاء، وأنكره من أنكره من اليهود وغيرهم.
[لوازم النبوة وشروطها]
ومما يبين الكلام في مسألة العصمة أن تعرف النبوة ولوازمها وشروطها، فإن الناس تكلموا في ذلك بحسب أصولهم في أفعال الله

_________
(1) في الأصل: ينهوا
****************************

تعالى، إذا كان جعل الشخص نبيا رسولا من أفعال الله تعالى، فمن نفى الحكم والأسباب في أفعاله وجعلها معلقة بمحض المشيئة وجوز عليه فعل كل ممكن ولم ينزهه عن فعل من الأفعال - كما هو قول الجهم بن صفوان وكثير من الناس، كالأشعري ومن وافقه من أهل الكلام من أتباع مالك والشافعي وأحمد وغيرهم من مثبتة القدر - فهؤلاء يجوزون بعثة كل مكلف، والنبوة عندهم مجرد إعلامه بما أوحاه إليه، والرسالة مجرد أمره بتبليغ ما أوحاه إليه، وليست النبوة عندهم صفة ثبوتية ولا مستلزمة لصفة يختص بها، بل هي من الصفات الإضافية كما يقولون مثل ذلك في الأحكام الشرعية.
وهذا قول طوائف من أهل الكلام كالجهم بن صفوان والأشعري وأتباعهما ولهذا من يقول بها كالقاضي أبي بكر وأبي المعالي وغيرهما يقول: إن العقل لا يوجب عصمة النبي إلا في التبليغ خاصة فإن هذا هو مدلول المعجزة وما سوى ذلك إن دل السمع عليه، وإلا لم تجب عصمته منه.
وقال محققو هؤلاء كأبي المعالي وغيره إنه ليس في السمع قاطع يوجب العصمة، والظواهر تدل على وقوع الذنوب منهم (1) .، وكذلك كالقاضي أبي بكر إنما يثبت ما يثبته من العصمة في غير التبليغ إذا كان من موارد الإجماع لأن الإجماع حجة وما سوى ذلك فيقول لم يدل عليه عقل ولا سمع.
وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة عليهم بأن هذا يوجب

_________
(1) انظر: الإرشاد للجويني، ص 356 - 357 ; أصول الدين لابن طاهر، ص 167 - 169
***************************

التنفير ونحو ذلك فيجب من حكمة الله منعهم منه، قالوا: هذا مبني على مسألة التحسين والتقبيح العقليين. قالوا: ونحن نقول لا يجب على الله شيء ويحسن منه كل شيء، وإنما ننفي ما ننفيه بالخبر السمعي، ونوجب وقوع ما يقع بالخبر السمعي أيضا، كما أوجبنا ثواب المطيعين وعقوبة الكافرين لإخباره أنه يفعل ذلك ونفينا أن يغفر لمشرك لإخباره أنه لا يفعل ذلك، ونحو ذلك (1) ". . وكثير من القدرية المعتزلة والشيعة وغيرهم ممن يقول بأصله في التعديل والتجوير وأن الله لا يفضل شخصا على شخص إلا بعمله، يقول: إن النبوة، أو الرسالة جزاء على عمل متقدم، فالنبي فعل من الأعمال الصالحة ما استحق به أن يجزيه الله بالنبوة. وهؤلاء القدرية في شق وأولئك الجهمية الجبرية في شق. وأما المتفلسفة القائلون بقدم العالم وصدوره عن علة موجبة - مع إنكارهم أن الله تعالى يفعل بقدرته ومشيئته، وأنه يعلم الجزئيات فالنبوة عندهم فيض يفيض على الإنسان بحسب استعداده وهي مكتسبة عندهم، ومن كان متميزا - في قوته العلمية (2) . بحيث يستغني عن التعليم، وشكل في نفسه خطاب يسمعه كما يسمع النائم، وشخص

_________
(1) نقل مستجي زاده في الهامش الكلام الذي يبدأ بعبارة: " وإذا احتج المعتزلة وموافقوهم من الشيعة. . إلى هذا الموضع، ثم قال: " قلت: فهم من هذا الكلام أن جهم بن صفوان - ومن تابعه من الجهمية - لا يقول بالحسن والقبح الشرعيين، ولا يقول أيضا بالحكم والمصالح، فلم تكن أفعال الله تعالى عندهم أيضا معللة بالأغراض، فالظاهر من الجهمية التزامهم ما يستلزمه هذان الأصلان
(2) في الأصل: العملية، وهو خطأ. والصواب ما أثبته وهو الذي يقتضيه السياق
******************************

يخاطبه كما يخاطب النائم، وفي العملية بحيث يؤثر في العنصريات تأثيرا غريبا - كان نبيا عندهم (1) ". . وهم لا يثبتون ملكا مفضلا يأتي بالوحي من الله تعالى، ولا ملائكة (2) . بل ولا جنا يخرق الله بهم العادات للأنبياء، إلا قوى النفس (3) ". . وقول هؤلاء، وإن كان شرا من أقوال كفار اليهود والنصارى وهو أبعد الأقوال عما جاءت به الرسل، فقد وقع فيه كثير من المتأخرين الذين لم يشرق عليهم نور النبوة من المدعين للنظر العقلي والكشف الخيالي الصوفي وإن كان غاية هؤلاء الأقيسة الفاسدة والشك، وغاية هؤلاء الخيالات الفاسدة والشطح.
[الأنبياء هم أفضل الخلق]
والقول الرابع (4) .: - وهو الذي عليه جمهور سلف الأمة وأئمتها وكثير من النظار - أن الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس، والله أعلم حيث يجعل رسالاته، فالنبي يختص بصفات ميزه الله بها على غيره وفي عقله ودينه، واستعد بها لأن يخصه الله بفضله ورحمته كما قال تعالى: {وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم - أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات}

_________
(1) جملة " كان نبيا عندهم " جواب لقوله " ومن كان متميزا
(2) في الأصل: ولا ملائكته
(3) في أعلى هذه الصفحة من الأصل كتب ما يلي: " قف على اشتراط النبوة عند الحكماء المشائيين، وإلا فالطبيعيون والتناسخية والبراهمة - وهم حكماء الهند - ينكرون أصل النبوة
(4) الأقوال الثلاثة السابقة هي: قول الجهمية والأشاعرة، وقول القدرية المعتزلة والشيعة، وقول الفلاسفة ومتفلسفة الصوفية
**********************************

[سورة الزخرف: 31، 32] ، وقال تعالى: {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم} [سورة البقرة: 105] ، وقال تعالى لما ذكر الأنبياء بقوله: {ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين - وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين - وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين - ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم} [سورة الأنعام: 84 - 87] فأخبر أنه اجتباهم وهداهم.
والأنبياء أفضل الخلق باتفاق المسلمين، وبعدهم الصديقون والشهداء والصالحون فلولا وجوب كونهم من المقربين، الذين هم فوق أصحاب اليمين، لكان الصديقون أفضل منهم، أو من بعضهم.
والله تعالى قد جعل خلقه ثلاثة أصناف، فقال تعالى: في تقسيمهم في الآخرة: {وكنتم أزواجا ثلاثة - فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة - وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة - والسابقون السابقون - أولئك المقربون - في جنات النعيم} [سورة الواقعة: 7 - 12] ، وقال في تقسيمهم عند الموت: {فأما إن كان من المقربين - فروح وريحان وجنة نعيم - وأما إن كان من أصحاب اليمين - فسلام لك من أصحاب اليمين - وأما إن كان من المكذبين الضالين - فنزل من حميم - وتصلية جحيم} [سورة الواقعة: 88 - 94] وكذلك ذكر في سورة الإنسان والمطففين هذه الأصناف الثلاثة.

************************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #140  
قديم 03-11-2022, 03:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,300
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله


منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثانى
الحلقة (140)
صـ 418 إلى صـ 424



والأنبياء أفضل الخلق، وهم (أصحاب) (1) ، السياق يقتضي إثباتها. الدرجات العلى في الآخرة، فيمتنع أن يكون النبي من الفجار بل ولا يكون من عموم أصحاب اليمين بل من أفضل السابقين المقربين، فإنهم أفضل من عموم الصديقين والشهداء والصالحين، وإن كان النبي أيضا يوصف بأنه صديق وصالح وقد يكون شهيدا، لكن ذاك أمر يختص بهم لا يشركهم فيه من ليس بنبي، كما قال عن الخليل: {وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} [سورة العنكبوت: 27] ، وقال يوسف: {توفني مسلما وألحقني بالصالحين} [سورة يوسف: 101] .
فهذا مما يوجب تنزيه الأنبياء أن يكونوا من الفجار والفساق، وعلى هذا إجماع سلف الأمة وجماهيرها.
وأما من جوز أن يكون غير النبي أفضل منه فهو من أقوال بعض ملاحدة المتأخرين من غلاة الشيعة والصوفية والمتفلسفة ونحوهم.
وما يحكى عن (2) . أنهم جوزوا الكفر على النبي، فهذا بطريق اللازم لهم لأن كل معصية عندهم كفر، وقد جوزوا المعاصي على النبي، وهذا يقتضي فساد قولهم بأن كل معصية كفر

_________
(1) أصحاب: ساقطة من الأصل
(2) الفضلية من الخوارج الفضلية فرقة من الخوارج ذكرهم ابن حزم في الفصل 5/54 - وسماهم الفضيلية - فقال: " وقالت الفضيلية من الصفرية من قال لا إله إلا الله محمد رسول الله بلسانه ولم يعتقد ذلك بقلبه بل اعتقد الكفر أو الدهرية أو اليهودية أو النصرانية فهو مسلم عند الله مؤمن ولا يضره إذا قال الحق بلسانه ما اعتقد بقلبه ". وذكرهم الأشعري في المقالات 1/183 وسماهم " الفضلية " وذكر عنهم قولا قريبا من قول ابن حزم. وذكر الشهرستاني (الملل والنحل 1/124) من رجال الخوارج: الفضل بن عيسى الرقاشي
***********************

وقولهم بجواز المعاصي عليهم، وإلا فلم يلتزموا أن يكون النبي كافرا، ولازم المذهب لا يجب أن يكون مذهبا.
وطوائف أهل الكلام الذين يجوزون بعثة كل مكلف، من الجهمية والأشعرية ومن وافقهم من أتباع الأئمة الأربعة كالقاضي أبي يعلى وابن عقيل وغيرهم، متفقون أيضا على أن الأنبياء أفضل الخلق، وأن النبي لا يكون فاجرا. لكن يقولون: هذا لم يعلم بالعقل بل علم بالسمع، بناء على ما تقدم من أصلهم من أن الله يجوز أن يفعل كل ممكن.
وأما الجمهور الذين يثبتون الحكمة والأسباب فيقولون: نحن نعلم بما علمناه من حكمة الله أنه لا يبعث نبيا فاجرا وأن ما ينزل على البر الصادق لا يكون إلا ملائكة، لا تكون شياطين، كما قال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين - نزل به الروح الأمين - على قلبك لتكون من المنذرين} - إلى قوله - {هل أنبئكم على من تنزل الشياطين - تنزل على كل أفاك أثيم - يلقون السمع وأكثرهم كاذبون - والشعراء يتبعهم الغاوون - ألم تر أنهم في كل واد يهيمون - وأنهم يقولون ما لا يفعلون} [سورة الشعراء: 192 - 226] .
فهذا مما بين الله به الفرق بين الكاهن والنبي وبين الشاعر والنبي، لما زعم المفترون أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - شاعر وكاهن، وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أتاه الوحي في أول الأمر وخاف على نفسه قبل أن يستيقن أنه ملك قال لخديجة: " لقد خشيت على نفسي ". قالت: كلا، والله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل

******************************

الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق» (1)) . . فاستدلت رضي الله عنها بحسن عقلها على أن من يكون الله قد خلقه بهذه الأخلاق الكريمة، التي هي من أعظم صفات الأبرار الممدوحين، أنه لا يجزيه فيفسد الشيطان عقله ودينه، ولم يكن معها قبل ذلك وحي تعلم به انتفاء ذلك، بل علمته بمجرد عقلها الراجح.
وكذلك لما ادعى النبوة من ادعاها من الكذابين، مثل مسيلمة الكذاب والعنسي وغيرهما، مع ما كان يشتبه من أمرهم، لما كان ينزل عليهم من الشياطين ويوحون إليهم، حتى يظن الجاهل أن هذا من جنس ما ينزل على الأنبياء ويوحى إليهم، فكان ما يبلغ العقلاء وما يرونه (2) . من سيرتهم والكذب الفاحش والظلم ونحو ذلك يبين لهم أنه ليس بنبي، إذ قد علموا أن النبي لا يكون كاذبا ولا فاجرا.
وفي الصحيحين «عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال له ذو الخويصرة: اعدل يا محمد، فإنك لم تعدل، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " لقد خبت وخسرت إن لم أعدل، ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء» " (3) ، والرواية الصحيحة بالفتح أي أنت خاسر خائب إن لم

_________
(1) هذا جزء من حديث بدء الوحي وهو مروي عن عائشة رضي الله عنها في: البخاري 1/3 - 4 (كتاب بدء الوحي، باب كيف كان بدء الوحي) ، 6/173 - 174 (كتاب التفسير، سورة اقرأ) ; مسلم 1/139 - 143 (كتاب الإيمان، باب بدء الوحي
(2) في الأصل: وما يروه
(3) هذا جزء من حديث طويل عن الخوارج من رواية أبي سعيد الخدري في: البخاري 4/200 (كتاب المناقب، باب علامات النبوة) ; مسلم 2/743 - 744 (كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم) ; سنن أبي داود 4/335 - 337 (كتاب السنة، باب في قتال الخوارج) . وأول الحديث في البخاري: ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل قد خبت وخسرت إن لم أكن أعدل ". وانظر: درء تعارض العقل والنقل 7/180 - 181.
***********************************

أعدل إن ظننت أني ظالم مع اعتقادك أني نبي، فإنك تجوز أن يكون الرسول الذي آمنت به ظالما، وهذا خيبة وخسران، فإن ذلك ينافي النبوة ويقدح فيها.
وقد قال تعالى: {وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} [سورة آل عمران: 161] ، وفيه قراءتان: يغل ويغل، أي ينسب إلى الغلول، بين سبحانه أنه ما لأحد أن ينسبه إلى الغلول، كما أنه ليس له أن يغل، فدل على أن النبي لا يكون غالا.
ودلائل هذا الأصل عظيمة، لكن مع وقوع الذنب الذي هو بالنسبة إليه ذنب - وقد لا يكون ذنبا من غيره مع تعقبه بالتوبة والاستغفار لا يقدح في كون الرجل من المقربين السابقين ولا الأبرار، ولا يلحقه بذلك وعيد في الآخرة، فضلا عن أن يجعله من الفجار.
وقد قال تعالى في عموم وصف المؤمنين: {ولله ما في السماوات وما في الأرض ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى - الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة} [سورة النجم: 31، 32] . وقال: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين - الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين - والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون - أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين} [سورة آل عمران: 133 - 136] .

*******************************
وقال تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون - لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين - ليكفر الله عنهم أسوأ الذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون} [سورة الزمر: 33 - 35] . وقال: {حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وإني من المسلمين - أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون} [سورة الأحقاف: 15، 16] .
وقد قال في قصة إبراهيم عليه السلام: {فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم} [سورة العنكبوت: 26] ، وقال في قصة شعيب عليه السلام: {قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك ياشعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا قال أولو كنا كارهين - قد افترينا على الله كذبا إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا وسع ربنا كل شيء علما على الله توكلنا ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} [سورة الأعراف: 88، 89] ، وقال في سورة إبراهيم: {وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين} [سورة إبراهيم: 13] .
وقد ذم الله تعالى وتبارك فرعون بكونه رفع نبوة موسى بما تقدم من قتله
*************************

نفسا بغير حق فقال: {ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين - وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين - قال فعلتها إذا وأنا من الضالين - ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين} [سورة الشعراء: 18 - 21] ، وكان موسى - صلى الله عليه وسلم - قد تاب من ذلك كما أخبر الله تعالى عنه وغفر له بقوله: {فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين - قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم} [سورة القصص: 15، 16] .
فإن قيل: فإذا كان قد غفر له فلماذا يمتنعون من الشفاعة يوم القيامة لأجل ما بدا منهم (1) .، فيقول آدم إذا طلبت منه الشفاعة: إني نهيت عن أكل الشجرة وأكلت منها، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا (2) . فيقول: إني دعوت على أهل الأرض دعوة لم أومر بها، والخليل يذكر تعريضاته الثلاث التي سماها كذبا وكانت تعريضا، وموسى يذكر قتل النفس (3) . .

_________
(1) في الأصل: لأجل لما بدا منهم، والصواب ما أثبته
(2) في الأصل بعد كلمة " نوح " توجد إشارة إلى الهامش حيث توجد كلمتان لم يظهر منهما في المصورة إلا: نوحا، وأثبت ما في حديث الشفاعة
(3) روى ابن تيمية الحديث بمعناه، وهو جزء من حديث الشفاعة الذي أشرت إليه من قبل (ص 401 ت 9) على أن أقرب الروايات إلى المذكورة هنا هي رواية البخاري 6/84 - 85 (كتاب التفسير، سورة بني إسرائيل، باب ذرية من حملنا مع نوح) ; مسلم 1/180 - 187 (كتاب الإيمان، باب أدنى أهل الجنة منزلة) عن أبي هريرة رضي الله عنه وفيها (البخاري 6/84) : " فيقول آدم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح إنك أول الرسل إلى أهل الأرض وقد سماك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول: إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة دعوتها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم ; فيأتون إبراهيم فيقولون: يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه فيقول لهم: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد كنت كذبت ثلاث كذبات - فذكرهن أبو حيان في الحديث - نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى ; فيأتون موسى فيقولون: يا موسى أنت رسول الله فضلك الله برسالته وبكلامه على الناس، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى ; فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وكلمت الناس في المهد صبيا، اشفع لنا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فيقول عيسى: إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله - ولم يذكر ذنبا - نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم ; فيأتون محمدا صلى الله عليه وسلم، فيقولون: يا محمد، أنت رسول الله وخاتم الأنبياء وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجدا لربي عز وجل ; ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال يا محمد ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي فأقول: أمتي يا رب أمتي يا رب. . الحديث. . "
******************************

ولهذا كان ممن امتنع ولم يذكر ذنبا المسيح، وإبراهيم أفضل منه وقد ذكر ذنبا، ولكن قال المسيح: لست هناكم اذهبوا إلى عبد غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وتأخر المسيح عن المقام المحمود الذي خص به محمد - صلى الله عليه وسلم - هو من فضائل المسيح ومما يقربه إلى الله. صلوات الله عليهم أجمعين.
فعلم أن تأخرهم عن الشفاعة لم يكن لنقص درجاتهم عما كانوا عليه، بل لما علموه من عظمة المقام المحمود الذي يستدعي من كمال مغفرة الله للعبد، وكمال عبودية العبد لله ما اختص به من غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، ولهذا قال المسيح: اذهبوا إلى محمد عبدا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فإنه إذا غفر له ما تأخر لم يخف أن يلام إذا ذهب إلى ربه ليشفع، وإن كان لم يشفع إلا بعد الإذن، بل إذا سجد وحمد ربه بمحامد يفتحها عليه لم يكن يحسنها قبل ذلك، فيقال له: «أي محمد: ارفع رأسك، وقل يسمع، وسل تعطه، واشفع تشفع» ، وهذا كله في الصحيحين وغيرهما.
وأما من (قيل له) (1) . تقدم ولم يعرف أنه غفر له ما تأخر فيخاف أن يكون ذهابه إلى الشفاعة - قبل أن يؤذن له في الشفاعة - ذنبا، فتأخر لكمال خوفه من الله تعالى، ويقول أنا قد أذنبت وما غفر لي فأخاف أن أذنب ذنبا (2) . آخر ; فإن النبي - صلى الله

_________
(1) في الأصل توجد إشارة إلى الهامش قبل كلمة " تقدم " ولم يظهر الكلام الساقط في المصورة، وما أثبته يصلح به الكلام
(2) ذنبا: غير موجودة في الأصل والسياق يقتضيها
***********************


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 311.71 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 305.65 كيلو بايت... تم توفير 6.06 كيلو بايت...بمعدل (1.94%)]