|
فلسطين والأقصى الجريح ملتقى يختص بالقضية الفلسطينية واقصانا الجريح ( تابع آخر الأخبار في غزة ) |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
معركتنا الجديدة مع اليهود
معركتنا الجديدة مع اليهود كثير من اليهود الأمريكيين لا علاقة لهم بالدِّين، وإنَّما يستخدمونه لأغراضهم السياسية والمادِّية المَحرقة من أوسع الأبواب الَّتي دخل منها اليهودُ العالَمَ الغرْبيَّ، فكسبوا بها التأييد، ودغدغوا العواطف، وقولبوا الأفكار، وحجروا على العقول، وجمعوا الثَّوْرات الضَّخمة، وباسْمِها مارسوا ويُمارسون أنواعًا من الإرهاب الفكريِّ، والتسلُّط السياسيِّ والإعلاميِّ، فحَوَّلوا اضْطِهاد النازيَّة لليهود - بغضِّ النظر عن حقيقته وحجمه وخفاياه - إلى خطيئة يتَحمَّل العالَمُ كلُّه وِزْرَها، ويجرُّ ذيولها بعدِّها حقيقةً عِلميَّة، أكثر منها حدَثًا تاريخيًّا، لا يجوز إعادة بَحْثِها - فضلاً عن إنكارها - إلاَّ بالتأييد والتضخيم؛ ذلك أنَّ مراجعتها أصبح في أوربا الغرْبيَّة جريمة نكراء تجرُّ مرتكبيها إلى المَحاكم، ولو كان فعلهم لم يتجاوز الاعتماد على الوثائق الرَّسْميَّة، والشهادات الحيَّة، والتحرِّي الصحفيِّ، أو الكتابة الأكاديميَّة. هكذا استطاع اليهودُ خَلْقَ تُهمة بالِغَة الْخُطورة والبشاعة، أسَمَّوْها (معاداة الساميَّة)، يُوصَم بِها كلُّ مَن تَجرَّأ على نَقْدِ الكيان الصِّهْيَونِيِّ أو أيِّ منظَّمة أو طرَفٍ يهوديٍّ، لأيِّ سبب، ومهما كان صادقًا وكانت حُججُه دامغةً، تَمكَّن اليهود بذلك من إيجاد تركيبٍ خطير يتخلَّص في الجلاَّد الَّذي يتقمَّص شخصيَّة الضحيَّة، ويسمح لنفسه بكلِّ التَّجاوزات والجرائم البشعة؛ لأنَّ الإعلام لن يترك مَجالاً لِبُروز وجه الجلاَّد القبيح، وإنَّما يُمَرِّر صورة الضحيَّة المعتدَى عليها الموجودة دائمًا في حالة دفاع عن النَّفس، بل في حالة تسامُح وعفوٍ عن الجلاَّدين العرب والمسلمين المتحالفين معهم! إنَّ اليهود استطاعوا - بواسطة قَصْف إعلاميٍّ متواصل منذ إنشاء الكيان الصِّهْيَونِيِّ في فلسطين، ولاسيما بعد جوان 1967 - أن يفرضوا على الرَّأي العامِّ الغَرْبِي - قبل غَيْرِه - رؤيتَهم لِما سَمَّوه (المَحرقة) وللصِّراع في الشرق الأوسط، حتَّى كأنَّها حقائق ثابتة لا مَجال لمناقشتها من أيِّ طرف، وقد أثَّر هذا التركيز الإعلاميُّ في الساحة السياسيَّة والثَّقافيَّة العرَبيَّة، أو وجد هوًى عند بعض الأطراف المتنفِّذة فيها، فلم يكتفوا بالاقتناع به، وإنَّما تبنَّوه هُم كذلك، وأصبحوا يبشِّرون به؛ لأنَّه لا مفرَّ منه، أو لأنَّه هو الحقُّ والصواب، ووضع هذا التحوُّلُ المدخلَ الأساسيَّ للتطبيع المعلن والمتستِّر مع العدوِّ الصِّهيونيِّ، والثَّغرة الواضحة في النسيج النفسيِّ العَرَبيِّ الَّذي كان متماسكًاُ في النظرة إلى اليهود المعتدين، الَّذين اغتصبوا الأرض، وارتكبوا المَجازر المتعدِّدة، والَّذين لن نعامِلَهم إلاَّ بِمُفردات الرَّفض والبُغْض، ما لم نسترجع منهم حقوقنا. ومن المفارقات أن يتميَّز زمن التطبيع - بل الانبطاح - العربيِّ الرسميِّ بيقظة غرْبيَّة متنامية تُجاه التأييد المُطْلَق للدولة العبريَّة، والخضوع لمساومات اليهود على الصعيدَيْن الرَّسْمي والشعبي، وتتكاثر أدلَّة ذلك يومًا بعد يوم في أمريكا نفسها - راعيةِ الكيان الصِّهْيَوْنِي الأُولى أو خادمته - وأوربا الغربيَّة، وأَسُوق هنا مثالاً واحدًا هو كتاب (صناعة الهولوكوست: أفكار حول استغلال آلام اليهود) للمؤرِّخ وعالم السِّياسة الأمريكي (نورمان فنكلشتاين)، الَّذي صدر منذ عشر سنوات، لكنَّه لم يَجِد صدًى كبيرًا في الساحة العربيَّة رغم أهَميَّته البالغة، المتمثِّلة في عمَلٍ ميدانيٍّ يستند إلى التحرِّيَّات والدراسات العميقة عن توظيف اليهود لقضيَّة المَحْرقة في جَمْع الثَّرْوات الضخمة لأغراض خاصَّة وفئويَّة، وفي امتلاك سُلْطة قويَّة غاشِمة على المستوى العالمي، فلم تعد المَحْرقة - بِغَضِّ النَّظَر عن حقيقتها التاريخيَّة المثيرة للتَّساؤُلات - سوى حَمْلة للعلاقات العامَّة نشطَتْ في أمريكا خاصَّةً، والغرْب عامَّة؛ للتمكين الماليِّ والسِّياسي لليهود بوصفهم أشخاصا وبوصفه فِكْرا وكيانا يكتسب مناعةً تتيح له التحرُّك في كلِّ الميادين وعلى كلِّ الأصعدة، كما تَحْميه من النقد، فضلاً عن المتابعة، مهما كان شكْلُها، ولم يعد خافيًا على أحد ما بلغه اليهود من تحكُّم - أو ضغط على الأقل - في الحكومات والمؤسَّسات، وهي حقيقة لا ينكرها سوى (المطبِّعين) العرَب الَّذين يصنِّفونها في خانة هوَسِ (المؤامرة)، وقد تَمكَّن اليهود من تحقيق هذا الهدف من خلال ترويج مشاعر (الضحيَّة) في مقابل الشعور بالْجُرم الَّذي غرسته في الشعب الألمانيِّ؛ ليعمَّ الشعوب الغرْبيَّة الَّتي أصبحت تُلازمها عقدة الذَّنب مِمَّا أصاب اليهود في النصف الأوَّل من القرن العشرين في أكثر من بلد أوربيٍّ من تَهْجير وتجاوزات، بلغَتْ أوجُهًا على يد النازيَّة، مع الملاحظة أنَّ بعض الباحثين يرون أنَّ الأوربيِّين لا يعانون من هذه العقدة، وإنَّما يؤيِّدون الدولة الصهيونيَّة واليهود عامَّةً؛ ليبقوا بعيدين عنهم بعدما جرَّبوا سوء جوارهم قرونًا من الزمن. وقد عدَّد (فنكلشتاين) أنواعًا من الأساليب الَّتي سلكَتْها الجهات اليهوديَّة للإثراء غير القانوني بالترويج لِمَزاعم آلام اليهود، ولفت إلى ثلاث مسائل مهمَّة، هي: • تبيَّن أن عدد الناجين من المحرقة أصبح في سنة 1998 أكبر ممَّا كان عليه في 1945! • في دعايتهم لقضيَّة المحرقة وضدَّ النازية، ضرب اليهود صفحًا عن المَجموعات غير اليهودية التي عانت من نظام (هتلر) (مثل الغجَر والسلاف) وأهالوا التراب عليها؛ حتَّى لا يبقى في المخيلة الشعبية سوى معاناتهم فقط. • كثير من اليهود الأمريكيين لا علاقة لهم بالدِّين، وإنَّما يستخدمونه لأغراضهم السياسية والمادِّية، وهذه الحقيقة تنطبق على إخوانهم العلمانيين والْمُلحدين في فلسطين المحتلَّة. وبينما احتفى علماء أمريكيُّون مرموقون - على رأسهم (نعوم شيمنسكي) - بكتاب (فنكلشتاين)، فقد استهجنه آخرون، وشنُّوا عليه حربًا إعلامية حادَّة، وألصقوا بالمؤلِّف التهمة الجاهزة: معاداة السامية، في حين أنه يهودي! ولشدَّة وَقْع الكتاب عليهم؛ سَمَّوه باستخفاف: (بروتوكولات حُكَماء صِهْيون القرن الواحد والعشرين)؛ لِزَعْمِهم المعهود أن البروتوكولات من صناعة الْمُخابرات الرُّوسية؛ لإثارة الرأي العامِّ على اليهود آنذاك، كما حاكموا الكاتب والناشر في فرنسا بتهمة إثارة الكراهية العِرْقيَّة. هذا، وقد بدأت الأوساط الشعبية والرسمية الغربية - كما ذكرنا - تتحرَّر شيئًا فشيئًا من رِبْقة التسلُّط اليهودي، وصارت تتجرَّأ على نقد اليهود عامَّة، والكيان الصهيوني خاصَّة؛ بسبب الدسائس والعدوان والعجرفة، فقد أظهر سَبْرٌ للآراء أنَّ أكثر من نصف الأوربيين أصبحوا يعدون اليهود مصدر تهديد للسِّلْم العالمي، وصرَّح واحدٌ من أبرز وجوه المال والأعمال والثَّروة الطائلة في أمريكا - (ميل روكفلر) - لجريدة عربيَّة في أوائل ديسمبر 2010 ما خلاصته: أنَّ ما يسمَّى بدولة إسرائيل هي مصدر الإرهاب في العالَم، وهي التي سوَّدت صورة أمريكا بسبب تحالُفِهما! ومثل هذه المواقف لم يكن أحد يتصوَّر صدورها قبل سنوات قليلة. فهذه فرصة ذهبيَّة لاقتحام الإعلام العرَبيِّ الحرِّ ساحةَ المعركة بكلِّ قوَّة، يعرِّي العدوَّ الصِّهيونيَّ بالأرقام والصُّور، ويعيد الصُّورة الحقيقيَّة لصراعنا معه، ويعيد طرح قضية المظالم التي أصابت فلسطين والعرب والمسلمين من قِبَل الغربيين بإيعاز من اليهود. وتنتظرنا مهمَّة أخرى مكمِّلة لهذه، وملازمة لها، هي تدعيم الأوساط الإعلاميَّة والثقافيَّة الغرْبيَّة الَّتي تَحرَّرت من الإرهاب الفكريِّ اليهوديِّ، وأصبحت تنتصر لقضايانا وتكتب عن حقيقة اليهود قديمًا وحديثًا، فهذه معركتنا الجديدة مع اليهود التي تستحقُّ منَّا الاهتمام المناسب، والجهد الكافي. اعداد: عبدالعزيز كحيل
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |