|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
إنما الحلم بالتحلم
إنما الحلم بالتحلم (1) كتبه/ جمال فتح الله عبد الهادي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فتعيش الأمة الإسلامية حقبة من الزمن صعبة جدًّا على كل مؤمن مخلص لله -تعالى- في إيمانه؛ لأن الأحداث متلاحقة ومؤلمة، لكن بلسم الحياة يخفف من هذه الآلام؛ ألا وهو: الإيمان بالقضاء والقدر؛ لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد -سبحانه وتعالى-، ففي الأرض المباركة تقع أحداث كل يوم، بل كل ساعة يتألم منها المسلم المخلص لربه الصادق في إيمانه، لكن ماذا يفعل من لا يملك إلا الدعاء؛ لأن العالم يقف موقف المتفرج أو قل المشجِّع، ولكن المسلم له شأن آخر يتدبر في شئون الكون، ويتفاعل مع القرآن من خلال قصة كليم الله موسى -عليه السلام- مع فرعون الكافر الظالم، من خلال سورة القصص، وطه. قال الله -تعالى-: (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) (القصص: 4)، قال السعدي -رحمه الله-: "فأول هذه القصة (إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ) في ملكه وسلطانه، وجنوده وجبروته، فصار من أهل العلو فيها، لا من الأعلين فيها. (وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا) أي: طوائف متفرقة، يتصرف فيهم بشهوته، وينفذ فيهم ما أراد من قهره وسطوته. (يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ) وتلك الطائفة هم بنو إسرائيل الذين فضلهم اللّه على العالمين، الذين ينبغي له أن يكرمهم ويجلهم، ولكنه استضعفهم، بحيث إنه رأى أنهم لا منعة لهم تمنعهم مما أراده فيهم، فصار لا يبالي بهم، ولا يهتم بشأنهم، وبلغت به الحال إلى أنه (يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ) خوفًا من أن يكثروا فيغمروه في بلاده، ويصير لهم الملك. (إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) الذين لا قصد لهم في إصلاح الدين، ولا إصلاح الدنيا، وهذا من إفساده في الأرض. نعم إن الغرب واليهود قد علوا في الأرض وجعلوا دولها شيعاً متفرقة من باب (فرق تسد) نجحوا بالتعاون مع كل منافق في شرذمة هذه الأمة؛ الأمة التي عندها كل عوامل القوة والنجاح، الكامن في القرآن والسنة، لكن فرطوا وانشغلوا بالشهوات والمناصب والكراسي، إنا لله وإنا إليه راجعون. وأصبحت فلسطين مستضعفة، لكن عندنا أمل في النصر -بإذن الله-: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (الأنفال: 10). والله -عز وجل- يحلم على اليهود وغيرهم من المنافقين والموالين لهم، عندما تنظر في الأحداث تقف متعجبًا مندهشًا من حِلم الله على هؤلاء؛ لذلك نقف وقفات تأمل وتدبر مع هذا الاسم الجميل لله -عز وجل-، وهو اسم (الحليم). لهذا الاسم معانٍ كثيرة وفوائد جمة: معنى الاسم في اللغة: الحليم من الحِلم، والحِلم بالكسر معناه في اللغة: الأناة والعقل. فالحليمُ من أسماءِ الله الحسنى، وهو من صيغ المبالغة، ومعناه: الذي لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم، وورد في القرآن الكريم إحدى عشرة مرة، منها: قوله -تعالى-: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة: 235) "أي: أنه ذو ستر لذنوب عباده وتغطية عليها، فيما تكنه نفوس الرجال من خطبة المعتدات، وذكرهم إياهن في حال عددهن، وفي غير ذلك من خطاياهم، وقوله: (حَلِيمٌ) يعني أنه ذو أناة لا يعجل على عباده بعقوبتهم على ذنوبهم" (انظر: تفسير الطبري). وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
التعديل الأخير تم بواسطة ابوالوليد المسلم ; 03-10-2024 الساعة 07:52 AM. |
#2
|
||||
|
||||
رد: إنما الحلم بالتحلم
إنما الحلم بالتحلم (2) كتبه/ جمال فتح الله عبد الهادي الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛ فمن المواضع التي ذكر فيها اسم الله الحليم في القرآن العظيم، قوله تعالى-: (وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (آل عمران:155). والغفور من أسماء الله، والحليم من أسمائه. والغفور معناه: ذو المغفرة؛ وهي: ستر الذنب والتجاوز عنه؛ لأن أصلها من (المِغفر)، وهو ما يُلبس على الرأس يُتّقى به السهام، وهو جامع بين الستر والوقاية، أما الحِلم فهو التأني وعدم السرعة. ولهذا قال ابن القيم -رحمه الله-: وَهوَ الْحَلِيمُ فَلَا يُعَاجِلُ عَبْدَهُ بِعُـقُوبَةٍ لِيَتُوبَ مِنْ عِصْيَانِ فالحليم معناه: الممهل للعباد، المتأنّي في عقوبتهم. ومنها قوله -تعالى-: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا) (الأحزاب: 51). قال السعدي -رحمه الله-: "أي: واسع العلم، كثير الحلم، ومن علمه: أن شرع لكم ما هو أصلح لأموركم، وأكثر لأجوركم. ومن حلمه: أن لم يعاقبكم بما صدر منكم، وما أصرت عليه قلوبكم من الشر". وقوله -تعالى-: (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) (الإسراء: 44). قال السعدي -رحمه الله-: "حيث لم يعاجل بالعقوبة مَن قال فيه قولًا تكاد السماوات والأرض تتفطر منه وتخر له الجبال، ولكنه أمهلهم وأنعم عليهم وعافاهم ورزقهم ودعاهم إلى بابه ليتوبوا من هذا الذنب العظيم؛ ليعطيهم الثواب الجزيل، ويغفر لهم ذنبهم، فلولا حلمه ومغفرته لسقطت السماوات على الأرض ولما ترك على ظهرها من دابة". وقال الإمام الطبري: "(إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا) يقول: إن الله كان حليمًا لا يعجل على خلقه، الذين يخالفون أمره، ويكفرون به، ولولا ذلك لعاجل هؤلاء المشركين الذين يدعون معه الآلهة والأنداد بالعقوبة". و(غَفُورًا): "يقول: ساترًا عليهم ذنوبهم، إذا هم تابوا منها بالعفو منه لهم. كما حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: (إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا) عن خلقه، فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض. (غَفُورًا): لهم إذا تابوا". وللحديث بقية -إن شاء الله-.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |