فقه النوازل - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         دور المسجد في بناء المجتمع الإنساني المتماسك السليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          ملامح الشخصية الحضارية في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          المثنى بن حارثة الشيباني فارس الفرسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أدب الحديث على الهاتف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          المدرسة الإسماعيلية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          أثر صحبة العلماء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          أحكام خطبة الجمعة وآدابها***متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 94 - عددالزوار : 74452 )           »          علمني هؤلاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          الحب المفقود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          المستقبل للإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 17-01-2022, 07:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل


فقه النوازل (10)

سعد بن تركي الخثلان

الإخبار بوقت الكسوف والخسوف، وأثر ذلك على الأحكام الشرعية
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ، أما بعد:
ففي هذا الدرس معنا ثلاث مسائل من النوازل ، ولا زلنا في النوازل في العبادات:
المسألة الأولى: الإخبار بوقت الكسوف والخسوف ، ونشره في وسائل الإعلام وأثر ذلك على الأحكام الشرعية.
والمسألة الثانية: حكم استثمار أموال الزكاة .
والمسألة الثالثة: حكم إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر .
ونبدأ أولا بالمسألة الأولى وهي الإخبار بوقت الكسوف والخسوف ، ونشره في وسائل الإعلام ، وأثر ذلك على الأحكام الشرعية ، وقبل أن ندخل في هذه المسألة نعرف الكسوف والخسوف .
الكسوف: يعرفه كثير من الفقهاء بذهاب ضوء الشمس أو بعضه لسبب غير معتاد ، ولكن التعريف الدقيق انحجاب ضوء الشمس أو بعضه لسبب غير معتاد ؛ لأن ضوء الشمس في الحقيقة لا يذهب وإنما ينحجب فقط .
والخسوف: ذهاب ضوء القمر أو بعضه لسبب غير معتاد ، والتعريف الدقيق كما قلنا في الكسوف ، انحجاب ضوء القمر أو بعضه لسبب غير معتاد .
والكسوف والخسوف لهما سببان سبب شرعي وسبب كوني :أما السبب الكوني: فبالنسبة لكسوف الشمس سبب ذلك حيلولة القمر بين الشمس والأرض ، ومعلوم أن القمر أصغر بكثير من الشمس ، وكذلك أصغر من الأرض ؛ ولهذا فإن الكسوف الكلي للشمس لا يمكن أن يعم الكرة الأرضية ، لا يمكن ، وإنما يقع في جزء منها ، نظرا لأن حجم القمر أصغر من الأرض وأصغر من الشمس .
وأما سبب خسوف القمر فهو حيلولة الأرض بين الشمس والقمر ، فيحدث خسوف القمر ، معلوم أن الأرض أكبر من القمر ؛ ولذلك فإنه يحصل الخسوف الكلي ، يحصل الخسوف الكلي لجميع القمر ، وقد يحصل خسوفا جزئيا له ، هذا هو السبب الكوني المعروف.
وأما السبب الشرعي، فقد بينه النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث المخرج في الصحيحين ، في قوله عليه الصلاة والسلام : " إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته وإنما هما آيتان يخوف الله بهما عباده " .
فالسبب الشرعي إذن هو التخويف للعباد ، فإذن الكسوف والخسوف بمثابة الإنذار للعباد بوقوع العقوبة من الله - عز وجل - ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد حصول الكسوف أو الخسوف بالدعاء والصلاة والاستغفار والتوبة والصدقة والعتق ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال : هذا بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله يخوف الله بهما عباده ، قال هذا بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما -يعني الكسوف والخسوف- سببٌ لنزول عذاب بالناس ، فإن الله إنما يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه .
التخويف إنما يكون بما يخافه الناس ، وإنما يخاف الناس مما يضرهم ، فلولا إن كان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفا ، انتبه لهذه الفائدة ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في قوله عليه الصلاة والسلام " يخوف الله بهما عباده " يقول : هذا بيان من النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما سبب لنزول عذاب بالناس فإن الله يخوف عباده بما يخافونه إذا عصوه وعصوا رسله .
وإنما يخاف الناس مما يضرهم ، فلولا إن كان حصول الضرر بالناس عند الخسوف ما كان ذلك تخويفا ، قال تعالى : { وَآَتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالْآَيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا (59) } (1) وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بما يزيل الخوف ، أمر بالصلاة والدعاء والاستغفار والصدقة والعتق ، حتى يكشف ما بالناس وصلى بالمسلمين في الكسوف صلاة طويلة إلى آخر ما قال .
وهذا يدل على أن الكسوف والخسوف يقترنوا في الغالب بما يخاف الناس منه مما يضرهم ، وهذا يعني نراه واقعا أن الكسوف والخسوف يقترن بحدث في الأرض من زلازل أو براكين أو غيرها ، ولله تعالى الحكمة البالغة في هذا ، وأما الإخبار بوقت الكسوف والخسوف فوجه اعتبار هذه المسألة من النوازل هو التقدم في علم الفلك بحيث أصبح معرفة وقت الكسوف والخسوف يكاد يصل إلى درجة القطع .
وكذلك أيضا وجود وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة , فما حكم الإخبار بوقت وقوع الكسوف والخسوف ونشر ذلك في وسائل الإعلام ؟
نقول إن معرفة الكسوف والخسوف ليست من علم الغيب ، إذ لو كانت من علم الغيب لما استطاع البشر معرفة وقت الكسوف والخسوف ، بل هو من العلم الحسي المدرك ، قد كان الناس من قديم الزمان يعرفون وقت الكسوف والخسوف ، وذكر أن الفراعنة قبل أكثر من أربعة آلاف سنة ، يعرفون وقت الكسوف والخسوف بدقة .
وكان في المسلمين من يعرف وقت الكسوف والخسوف ، ولكن لما ارتبط في قرون مضت ارتبط علم الفلك بعلم التنجيم ، فأصبح الذين لهم عناية ومعرفة بعلم الفلك يعرفون بالتنجيم ، وقف كثير من الفقهاء موقفا من هؤلاء ، وإلا لو أن علم الفلك سلم من علم التنجيم فهو علم عظيم .
ولذلك لما انفصل علم الفلك في الوقت الحاضر عن علم التنجيم ، أصبح علما له أثره الكبير في حياة الناس ، وأصبح يدرس في الجامعات وفي تخصصات دقيقة ، لكن في أزمنة مضت وقرون خلت كان هناك ارتباط بين علم الفلك والتنجيم ، فنقول إذا معرفة الكسوف والخسوف كانت معروفة من قديم الزمان .
وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وذكر أن الناس كانوا في زمنه يعرفون ، كان هناك أناس يعرفون وقت الكسوف والخسوف ، وكان مما قال -رحمه الله- قال الشمس لا تكسف إلا وقت استصغاره ، وللشمس والقمر ليالٍ معتادة من عرفها عرف الكسوف والخسوف ، كما أن من علم كم مضى من الشهر يعلم أن الهلال يطلع في الليلة الفلانية أو التي قبلها .
قال : أما العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريانهما ، وليس خبر الحاسب بذلك من باب علم الغيب ، ولا من باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه أعظم من صدقه ، فإن ذلك قول بلا علم وبناء على غير أصل صحيح ، فإنه بهذا يرد على بعض الفقهاء الذين قالوا ذلك ، قالوا : إن خبر الحاسب كذبه أكبر من صدقه .
فقال شيخ الإسلام إن هذا ليس بصحيح ، وليس خبر الحاسب الكذب أعظم من الصدق ، بل هو قول بلا علم ، وبناء على غير أصل صحيح ، قال : أما ما يعلم بالحساب ، وأما ما يعلم بالحساب ، فهو مثل العلم بأوقات الفصول كأول الربيع والصيف والخريف والشتاء ، إلى آخر ما ذكر .
ثم قال إن أهل الحساب إذا تواطئوا على وقت للكسوف والخسوف ، فلا يكادون يخطئون ، جعل الله تعالى للكسوف والخسوف لله - عز وجل - في هذا سنة كونية ، وقد ذكروا أن الكسوف والخسوف يتكرر نفسه كل ثماني عشرة سنة وأحد عشر يوما وسبع ساعات ، ولذلك يمكن أن يحسب الكسوف والخسوف ، لعشرات بل لمئات السنين مئات سنين قادمة ، ومئات سنين ماضية، لأنه يتكرر كل ثماني عشرة سنة ، وأحد عشر يوما ، وسبع ساعات وثلاث وأربعين دقيقة .
فمن السهل معرفة وقت الكسوف بهذه الطريقة ، ولهذا فإنه في الوقت الحاضر ، أصبحت معرفة وقت الكسوف والخسوف تكاد تصل إلى درجة القطع ، لأنه بهذه العملية يمكن حساب الكسوف والخسوف لعشرات بل مئات السنين القادمة ، ويمكن حسابه بالدقائق ، بالدقيقة حتى بالثانية ، لأنه بهذه العملية الحسابية يسهل جدا معرفة وقت الكسوف والخسوف .
وقد تقدم علم الفلك في الوقت الحاضر تقدما كبيرا ، وكان أصله عند المسلمين الأوائل ، علم الفلك أصوله أخذت من المسلمين ، فإنهم تقدموا في ذلك في وقت ازدهار الحضارة الإسلامية ، ولهذا تجد أن بعض النجوم لا زالت إلى الآن بأسمائها باللغة العربية ، وإن كانت تنطق وتكتب باللغة الإنجليزية مثل الدبران مثلا لا زال بهذا الاسم إلى الآن .
وأذكر هنا يعني أمرا يبين لك أن أصل هذا التقدم في علم الفلك إنما كان من المسلمين وقت ازدهار حضارتهم ، المذنب المسمى بالمذنب هالي اكتشف عام 1682 ميلاديا ، ونجد أن الشاعر أبا تمام قد ذكره في قصيدته في فتح عمورية ، لما قالت امرأة : وامعتصماه فسير المعتصم جيشا لنصرة هذه المرأة ، وأخبره المنجمون في ذلك الوقت بأن كوكبا من جهة الغرب سوف يخرج وربما انهزم لأجل ذلك ، ولكنه لم يلتفت لقولهم وسار بجيشه وانتصر ، وقال أبو تمام قصيدة مشهورة :
السيف أصدق أنباء من الكتب
بيض الصفائح لا سود الصحائف
...
... في حده الحد بين الجد واللعب
في متونهن جلاء الشك والريب
إلى قوله :
وخوف الناس من دهياء مظلمة
... إذا بدا الكوكب الغربي ذو الذنب
الكوكب الغربي ذو الذنب هو المذنب هالي نفسه ، وأبو تمام توفي سنة 228 للهجرة ، يعني إذا أردنا أن نحولها بالميلادي 843 بينما اكتشف المذنب هالي عام 1682 ، أي أن أبا تمام ذكره قبل أن يكتشف عند الغرب بثمانمائة وخمس وأربعين سنة ، هذا فقط يعني أقدم ما ذكر لنا ، مع أنه يحتمل أنه عرف عند المسلمين قبل ذلك .
ولهذا ذكر ابن الأثير في تاريخه وصف هذا المذنب ، وبين كم بقي وأنه كان في جهة الغرب ذكر ابن الأثير أنه ظهر بسنة 222 للهجرة ، المقصود أن المسلمين الأوائل كانوا يعرفونه قبل اكتشافه عام 845 للميلاد ، ومع ذلك لما اكتشفوه بعد أكثر من ثمانمائة سنة سموه باسم الذي اكتشفه وهو هالي ، مع أن المسلمين كانوا يعرفونه قبل أكثر من ثمانمائة سنة ، ولكن كما ذكرت الذي عرفه هؤلاء كانوا يخلطون التنجيم بعلم الفلك .
ولذلك خوفوا المعتصم ، خوفوا المعتصم بظهور هذا المذنب ، لكنه لم يلتفت لقولهم ؛ لأنه ليس له أثر ظهور المذنب في الانتصار في المعركة ، فكان هناك خلط بين التنجيم وبين الفلك ، لكنهم عرفوا متى سيطلع هذا المذنب الذي قيل أنه يتكرر طلوعه كل ست وسبعين سنة ، فهذا يبين لك أن المسلمين الأوائل كانوا يعرفون كان عندهم تقدم في علم الفلك ، وكانوا يعرفون وقت الكسوف والخسوف .
هل الآن المعرفة الدقيقة لوقت الكسوف والخسوف التي قلنا إنها قد تصل إلى درجة القطع ؟ نحن قلنا إنها ليست من علم الغيب ، ولكن هل نقول إن إخبار الناس بوقت الكسوف والخسوف إنه مشروع ؟ قال بعض أهل العلم إنه غير مشروع ؛ لأننا إذا تأملنا الحكمة التي من أجلها حصلت هذه الآيات العظيمة وهي تخويف العباد ، فكونه ينشر ويتنقله الناس بواسطة وسائل الاتصال المختلفة ، هذا يخفف من وقع هذه الآية على قلوب الناس ، فلا تحصل الحكمة التي من أجلها شرع الكسوف ، وهي تخويف العباد ورجوعهم إلى الله - عز وجل - .
وإذا علم الناس بوقت ابتداء وانتهاء الكسوف قبل وقوعه فإنه يخف وقع هذه الآية في نفوسهم ، قالوا : فالأولى أن لا ينشر وقت الكسوف والخسوف قبل وقوعه ، والذي يظهر والله أعلم أن الأولى عدم إخبار الناس بوقت الكسوف والخسوف لما ذكر إلا إذا كان وقت وقوعه وقت غفلة ، إذا كان وقت وقوعه وقت غفلة ويغلب على الظن أن أكثر الناس لن ينتبهوا ولن يصلوا صلاة الكسوف أو الخسوف.
فالذي يظهر -والله أعلم- أن الأولى إخبارهم في هذه الحال ، لأجل أن يستعدوا للصلاة ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ذكر قال : إذا غلب على ظن الإنسان صدق المخبر بالكسوف والخسوف ، فنوى أن يصلي الكسوف والخسوف يعني صلاة الكسوف والخسوف عند ذلك واستعد ذلك لوقت رؤية ذلك كان هذا حثا من باب المسارعة إلى طاعة الله تعالى وعبادته .
اعتبر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن الإنسان إذا غلب على ظنه صدق المخبر بالكسوف والخسوف ، واستعد لذلك أن هذا من باب المسارعة للطاعات ، هكذا نقول إذًا إذا كان هذا في زمن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فكيف بزمننا هذا الذي تقدم فيه علم الفلك .
والذي نستطيع أن نقول إن المخبر قد يصل إلى درجة القطع في إخباره بوقت الكسوف والخسوف ، فربما يقطع السامع بصدق خبر هذا المخبر ، وحينئذ فلا بأس بالاستعداد بالكسوف والخسوف وإخبار الناس بذلك ، كما حصل قبل ثلاثة أشهر كسوف جزئي للشمس ، وكثير من الناس لم يصلوا صلاة الكسوف بسبب أنهم لم يعلموا ؛ لأنه كان في وقت غفلة لم يتنبه له كثير من الناس ، إخبار الناس قبل ذلك حتى يستعدوا ويتهيئوا للصلاة لا بأس به ، بل هو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية : هو من قبيل المسارعة للطاعات .
أما إذا كان ليس وقت غفلة ويغلب على الظن أن أكثر الناس سوف ينتبهوا وسوف يصلون ، سوف ينتبهون ويصلون ، فالأولى عدم إخبارهم لأجل أن يكون لتلك الآية وقع في نفوسهم، هذا التفصيل هو الذي يظهر في هذه المسألة ، والله تعالى أعلم .
من المسائل المتفرعة عن هذه المسألة إذا أخبر أهل الفلك بوقت وقوع الكسوف والخسوف ، ثم إنه غم كسوف الشمس بسحاب ، أو خسوف القمر غم بسحاب ، فلم نستطع رؤية الشمس كاسفة ، ولا القمر خاسفا ، فإنه في هذه الحال لا تشرع صلاة الكسوف والخسوف ، لا تشرع لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - علق الأمر بالصلاة على رؤيته قال : " فإذا رأيتم ذلك فصلوا " .
ومفهوم هذا الحديث أننا إذا لم نر الكسوف والخسوف فإنه لا تشرع الصلاة ، حتى ولو غلب على الظن صدق المخبر ، فهي إنما تشرع الصلاة إذا رؤيت الشمس كاسفة ، أو رؤي القمر خاسفا .
أيضا من المسائل المتفرعة عن هذه المسألة ، أن هناك خسوفا عند الفلكيين وليس خسوفا بالمعنى الشرعي ، وهو ما يسميه الفلكيون الخسوف الكاذب ، أو الخسوف شبه الظل ، يسميه بعضهم الخسوف الكاذب وبعضهم خسوف شبه الظل ، فهذا الخسوف يسمونه خسوفا ، لكنه من يرى القمر يجد أنه لا يختفي ضوءه ، يبقى ضوء القمر لا يختفي .
فلا يؤثر هذا الخسوف على ضوء القمر ، ولكنهم يسمونه خسوفا بمصطلحهم ، وهذا الخسوف ، خسوف شبه الظل أو الخسوف الكاذب ، لا تشرع الصلاة عنده ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيتم ذلك فصلوا " ونحن لم نر القمر خاسفا ، ولهذا فإنه لا تشرع الصلاة عنده ، وأذكر أنه قبل نحو عشر سنوات ، أعلن في بعض الصحف عن خسوف شبه ظل أو خسوف كاذب ، فقام بعض أئمة الناس وصلوا بالناس صلاة الخسوف ، مع أنه لم يختف ضوء القمر .
وأصدر سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز -رحمه الله- بيانا في هذا أنكر فيه على من صلى ، وبين أن الصلاة إنما تشرع عند رؤية القمر خاسفا أو الشمس كاسفة ، فينبغي إذا عدم التعجل في إقامة صلاة الخسوف حتى يرى القمر خاسفا ، لأنه أحيانا يكون مقصود المخبر من الفلكيين يكون مقصوده الخسوف الكاذب الذي هو شبه الظل ، وهذا لا تشرع الصلاة عنده ؛ لأنه لا يذهب ضوء القمر ولا بعضه ، ولهذا فإنه لا تشرع الصلاة عنده ، وإن سماه الفلكيون وإن سموه خسوفا ، هذا ما يتعلق بهذه المسألة .
يتبع
__________
(1) - سورة الإسراء آية : 59.
صـــــــ 78
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 17-01-2022, 07:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل


فقه النوازل (11)

سعد بن تركي الخثلان

استثمار أموال الزكاة
ننتقل للمسألة الثانية وهي : استثمار أموال الزكاة ، الزكاة مصرفها بينه الله - عز وجل - في قوله : { * إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) } (1) هذه هي مصارف الزكاة ، ولم يكن استثمار أموال الزكاة معروفا على مدار أربعة عشر قرنا ، بل كانت تدفع لهؤلاء الأصناف الثمانية ، أو لبعضهم .
ولكن في الوقت الحاضر مع وجود الجمعيات الخيرية والمراكز الإسلامية طرحت فكرة استثمار أموال الزكاة ، فيقول القائمون على تلك المراكز والمؤسسات والهيئات ، يقولون نحن نجمع من الناس أموالا كبيرة من الزكاة ربما تكون بالألوف بل ربما بالملايين ، فلماذا لا تستثمر أموال الزكاة هذه وتوضع في مشاريع خيرية يكون ريعها للفقراء والمساكين ؟ قالوا : بدل ما نعطي هذا الفقير أو المسكين ، هذا المال فيصرفه مباشرة ، فنحن نستثمر له أموال الزكاة ونعطيه من ريعها .
فطرحت بعض الجمعيات الخيرية وبعض المؤسسات والمراكز الإسلامية هذه الفكرة ، وهذا هو وجه اعتبارها نازلة ، وأنها لم تكن معروفة من قبل على مدار أربعة عشر قرنا لم يكن استثمار الزكاة معلوما ، ولهذا لا نكاد نجد لذلك ذكرا في كتب الفقهاء المتقدمين ، لكنها الآن أصبحت تطرح ، بل وتطرح بقوة من بعض المؤسسات الخيرية .
ومن هنا اختلف العلماء المعاصرون في حكم استثمار أموال الزكاة ، فمن العلماء من أجاز استثمار أموال الزكاة وقال إن في هذا الاستثمار مصلحة عظيمة ، وفيه نفع كبير للفقراء والمساكين وأصحاب الزكوات ، قالوا والشريعة الإسلامية قد أتت بتحصيل المصالح ، وما كان فيه تحصيل المصلحة فإن الشريعة لا تمنع منه ، وهذا الاستثمار فيه مصلحة تعود بالدرجة الأولى إلى الفقراء وبقية أصناف الزكاة .
قالوا : فهذا الاستثمار هو استثمار لصالح أهل الزكاة ، فهو أشبه باستثمار أموال اليتامى ونحوهم ، قالوا : ومما يدل لذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع عنده إبل الصدقة ويسمنها ، وهذا نوع استثمار ؛ لأنها تتكاثر بالتوالد ، هذه هي وجهة أصحاب هذا القول .
القول الثاني في المسألة : أنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة مطلقا ، وهذا القول هو الذي عليه أكثر العلماء ، وأدلة هذا القول :
أولا: أن الله - عز وجل - خص الزكاة بثمانية أصناف ، ذكرهم في قوله : { * إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ } (2) إلى آخر الآية وختم الآية بقوله : { فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) } (3) وحينئذ يجب أن تصرف الزكاة في هذه المصارف الثمانية على الفور ؛ لأن الأصل في الأمر الفورية ، والزكاة عبادة والأصل في العبادات التوقيف .
ثانيا: استدلوا بقول الله تعالى { وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ } (4) قالوا : والمراد بذلك الزكاة ، وهذا أمر والأمر مطلق يقتضي الفورية ، وقوله : { يَوْمَ حَصَادِهِ } (5) آتوا حقه يوم حصاده هذا يدل على وجوب إخراج الزكاة على الفور وعدم تأخيرها لأجل استثمارها ، وهذه الآية نزلت في مكة ، نزلت في الفترة المكية ، لما كانت الزكاة واجبة من غير تحديد ، فإن الزكاة في مكة فرضت في مكة لكن من غير تحديد ، وإنما كان الإنسان يدفع شيئا من ماله ، ثم في المدينة بينت أنصباؤها ، والشاهد هو قوله يوم حصاده ، فهذا فيه إشارة إلى أن الزكاة إنما تخرج يوم الحصاد ، يعني وقت وجوبها على الفور .
أيضا من أدلتها هذا القول ما جاء في صحيح البخاري عن عقبة بن الحارث - رضي الله عنه - قال " صلى النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة العصر فلما سلم أسرع يعني خرج من المسجد مسرعا ثم دخل البيت ثم لم يلبث أن خرج فقيل له ، فقال : كنت قد خلفت في البيت تبرا -يعني ذهبا- من الصدقة ، فكرهت أن أبيت ولم أقسمه ، فقسمه عليه الصلاة والسلام " قالوا ففي انصراف النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد صلاة العصر بسرعة على وجهٍ ملفت للنظر حتى إن الصحابة سألوه عن سبب إسراعه ، في هذا دليل على أن الزكاة إنما تخرج على الفور وأنه ينبغي المبادرة بإخراجها ، إذ أنه لو جاز التراخي في دفعها لما أسرع النبي - صلى الله عليه وسلم - ولما قال كرهت أن أبيت قبل أن تقسم .
أيضا رابعا: قالوا إن هذا المال المستثمر هو مال مستحق للفقراء والمساكين وسائر أصحاب الزكاة ، وهؤلاء هم الذين يجب تمليكهم هذا المال ، وهم إن أرادوا أن يستثمروا أموال الزكاة التي تدفع لهم ، فهذا راجع إليهم ، هذا راجع إليهم ، أما أن يريد الجامع لأموال الزكاة استثمار أموال الزكاة نيابة عنهم فليس له ذلك ، فالأموال الزكوية حق للفقراء والمساكين وسائر الأصناف الثمانية .
فالاستثمار في الحقيقة إنما هو راجع لهم إذا ملكوا هذه الأموال ، فلو أننا ملكنا الفقير أو المسكين مال الزكاة فأراد هذا الفقير أو المسكين أن يستثمره ، فهذا راجع إليه ، أما أن يأتي أحد من الناس أو مؤسسة أو جمعية أو هيئة خيرية ويتدخل ويريد أن يحبس أصل مال الزكاة الواجب تمليكه لهؤلاء ويعطيهم فقط من ريعه حتى يستثمره ، فليس له ذلك ؛ لأنه تصرف في حقهم ، ومن الذي خوله لكي يستثمر حقهم الذي فرضه الله لهم .
أيضا قالوا: إن الاستثمار لا يكون مشروعا إلا إذا كان فيه مخاطرة إذ أن الاستثمار لو كان فيه ضمان لعدم المخاطرة وذلك بأن يكون فيه ضمان عدم الخسارة أو ضمان الربح ، فإن هذا الاستثمار غير جائز ، الاستثمار الذي تضمن معه عدم الخسارة يضمن معه الربح غير جائز، وهذا الاستثمار المبني على المخاطرة في الحقيقة يعرض أموال الزكاة للخسارة .
ربما تستثمر أموال الزكاة في مشروع من المشاريع فيخسر ذلك المشروع ، فتضيع حقوق هؤلاء الفقراء والمساكين ، ثم إن حاجة الفقراء ناجزة ، فيجب إخراجها على الفور ، ولا شك أن استثمارها يحتاج إلى وقت طويل ، فعلى سبيل المثال :رجل دفع الزكاة عشرة آلاف ريال ، لو قيل باستثمارها فلو افترضنا أنها بقيت سنة ، كم سيكون ربحها والريع لها بعد تشغيلها ، في الغالب أنه لا يتجاوز الربع ، لكن لو أننا أعطينا هذه العشرة آلاف فقيرا أو فقراء فإنها تسد حاجة بعض هؤلاء الفقراء من جهة توفير الأكل والشرب والمسكن ونحو ذلك ، ولا شك أن هذا فيه قضاء لحوائج الفقراء والمساكين ، خاصة أن بعض أصحاب الزكاة من الفقراء والمساكين وغيرهم ربما تكون حاجتهم ملحة ، وحينئذ فهم أولى بصرف هذا المال مباشرة بدلا من استثماره لهم .
هذه هي وجهة نظر الفريقين والأقرب والله أعلم هو القول الثاني وهو أنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة .
وممن رجح هذا من علمائنا المعاصرين الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- وذلك لقوة أدلته وأصول وقواعد الشريعة تدل لهذا القول ، وأما ما ذكره أصحاب القول الأول القائلون بجواز استثمار أموال الزكاة من المصلحة فغير مسلم ، بل إن المصلحة تقتضي أن نسلم لأصحاب الزكاة أموال الزكاة وهم الذين يتصرفون فيها .
بل إن القول باستثمار أموال الزكاة للفقراء والمساكين فيه الحقيقة إضرار بهؤلاء الفقراء والمساكين ، إذ أن من الفقراء والمساكين من يعتمد في مأكله ومشربه وفي دفع الإيجار -إيجار المسكن الذي يسكن فيه- يعتمد على الزكاة اعتمادا كاملا أو شبه كامل ، وحينئذ القول باستثمار أموال الزكاة وحبسها لأجل هذا الاستثمار فيه إضرار بهم ، وليس فيه مصلحة ظاهرة .
ولو افترضنا أن فيه مصلحة ، فيقابلها مفسدة ، وهي الإضرار بالفقراء والمساكين , ومن القواعد المقررة في الشريعة أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح ، ثم لماذا لم تطرح هذه المسألة على مدار أربعة عشر قرنا ، خفيت هذه المسألة على الناس على مدار أربعة عشر قرنا ثم يأتي من يطرحها في هذا الزمان .
ولا شك أنه كون العلماء لم يذكروها ولم يتطرقوا لها دليل على أنهم لا يرون مشروعية هذا الاستثمار ، والزكاة عبادة ، والعبادات مبنية على التوقيف ، والقول بأن استثمار الزكاة فيه نفع للفقراء على المدى البعيد ، هذا يمكن تحقيقه بوسائل أخرى غير الزكاة ، مجالات أخرى كالوقف مثلا .
فلو جمعت أموال من المحسنين واستثمرت هذه الأموال في وقف ، جمعت أموال من المحسنين من غير أموال الزكاة ، واستثمرت في أوقاف ويكون ريعها للفقراء والمساكين ، فإنه يحقق هذا الغرض ، فلا تتعين أموال الزكاة لتحقيق هذا الغرض ، فهناك مجالات أخرى ووسائل أخرى يمكن أن يحقق من خلالها هذا الغرض كالوقف مثلا ، وبهذا يتبين .
أما قولهم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع إبل الصدقة ويستسمنها ، فنقول أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يجمع إبل الصدقة لأجل صرفها في مصارفها الشرعية ، وليس لأجل استثمارها ، وإنما لأجل أن يصرفها في مصارفها الشرعية .
وبهذا يتبين أن القول الصحيح في هذه المسألة هو ما عليه أكثر أهل العلم من أنه لا يجوز استثمار أموال الزكاة ، وإنما طرحنا هذه المسألة لأنها تثار الآن بقوة من بعض القائمين على الجمعيات والمؤسسات الخيرية ، فيرون أن في هذا الاستثمار مصلحة لأصحاب الزكوات ، ولكن ظاهر النصوص والأصول والقواعد الشرعية يدل على أنه لا يجوز مثل هذا الاستثمار ، وأنه يجب أن تدفع الزكاة على الفور لأصحابها المستحقين لها .
حكم إخراج الشعير في زكاة الفطر
المسألة الثالثة معنا في هذا الدرس ، متعلقة أيضا بالزكاة وهي حكم إخراج الشعير في زكاة الفطر ، نقول وردت السنة بإخراج الشعير في زكاة الفطر ، قال البخاري في صحيحه ، باب صدقة الفطر صاعا من شعير ، ثم ساق بسنده عن أبي سعيد - رضي الله عنه - قال : كنا نطعم الصدقة صاعا من شعير .
وفي حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عند البخاري وغيره ، قال : كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط ، أو صاعا من زبيب ، وفي حديث ابن عمر أيضا عند البخاري وغيره " أمر النبي الله - صلى الله عليه وسلم - بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير " .
فنقول لا شك في أن السنة قد وردت بإخراج الشعير في زكاة الفطر ، ولكن في وقتنا الحاضر ، أصبح الشعير في كثير من البلدان ومنها المملكة ، أصبح الشعير علفا للبهائم ، ولم يعد قوتا للناس ، كما كان من قبل ، فهل نقول بجواز إخراج الشعير في زكاة الفطر أخذا بظاهر النص ، أو ننظر للمعنى ، وهو أنه إنما جاز إخراج الشعير لأنه كان قوتا للناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
نقول الذي يظهر هو الثاني وهو أنه إنما كان الشعير مجزئا في زكاة الفطر لقوم كان الشعير قوتا لهم ، فلا نتمسك بظاهر النص في هذه المسألة ، ولهذا لو أنك أعطيت فقيرا أو مسكينا في الوقت الحاضر شعيرا لما انتفع به ، ومن حكمة إيجاد زكاة الفطر أنها طعمة للفقراء والمساكين ، وهذا لا يتحقق إلا حين يكون الشيء المخرج قوتا للناس .
وذكر الشعير في حديث أبي سعيد وفي حديث ابن عمر ذكره ليس على سبيل التعيين ، بل لأنه كان غالب قوت الناس يومئذ ؛ ولهذا جاء في حديث أبي سعيد كنا نخرج في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفطر صاعا من طعام ، قال أبو سعيد وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر ، وقد ذكر الحافظ ابن عبد البر -رحمه الله- في كتابه الاستذكار قال : قال أشهب : سمعت مالكا يقول : لا يؤدي الشعير إلا من هو أكله يؤده كما يأكله .
فظاهر هذا أن الإمام مالك يرى أنه لا يخرج الشعير إلا لمن يقتات الشعير ، يكون قوتا له ويأكله ، وفي الوقت الحاضر أصبح الشعير ليس قوتا للناس ، وإنما علفا للبهائم ، وحينئذ نقول : إن الظاهر والله أعلم في هذه المسألة أنه لا يجزئ إخراج الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر ، في البلدان التي لم يعد الشعير قوتا فيها للناس ، وإنما أصبح علفا للبهائم ، هذا هو الذي يظهر والله أعلم في هذه المسألة .
وإنما اعتبرناها نازلة لأنها قد وردت في السنة ، ولكن لما تغيرت أحوال الناس بحيث أصبح الشعير ليس قوتا للناس وإنما علفا للبهائم فإن الحكم يدور مع علته ، ولهذا نرى أن عامة العلماء المعاصرين يفتون بهذا ويقررون هذا الحكم ، وكذلك أيضا نقول إنه يجزئ في إخراج زكاة الفطر ما كان قوتا للناس ولو لم يكن مذكورا في هذه الأحاديث ، ومن ذلك مثلا الأرز ، الأرز أصبح هو غالب قوت الناس اليوم ، فيجزئ إخراجه .
ولا نتمسك بظاهر النص ونقول أنه لم يذكر في النص لأنه لم يكن قوت الناس في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فإذا المقصود في زكاة الفطر أن يخرج ما هو غالب قوت الناس ، فنقول في الوقت الحاضر لا يجزئ إخراج الشعير لأنه لم يعد قوتا للناس ، وإنما أصبح علفا للبهائم ، ويجزئ إخراج الأرز وغيره مما أصبح قوت غالب الناس وإن لم يكن مذكورا في هذه الأحاديث ، هذا ما يتعلق بهذه المسألة والله تعالى أعلم نجيب عما تيسر من الأسئلة .
يتبع
__________
(1) - سورة التوبة آية : 60.
(2) - سورة التوبة آية : 60.
(3) - سورة التوبة آية : 60.
(4) - سورة الأنعام آية : 141.
(5) - سورة الأنعام آية : 141.
صـــ 86
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 07-02-2022, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل


فقه النوازل (12)

سعد بن تركي الخثلان


يقول أن ما دام القاعدة أنه لا يتعين الماء لإزالة النجاسة لو قال شخص أنا أستطيع الوضوء بغير الماء كبخار الماء مثلا وأي سائل آخر فهل يقبل منه ؟

نعم نقول إن هناك فرق بين إزالة النجاسة وبين الوضوء ، فالوضوء إنما يكون بالماء فمن لم يجد الماء فإنه يتيمم ، لقول الله تعالى { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } (1) أما إزالة النجاسة فكما ذكرنا في الدرس السابق لم يرد ما يدل على تعيين الماء لإزالة النجاسة ، وإنما الوارد أن الماء تزول به النجاسة ، لكن ليس هناك دليل يدل على أن الماء يتعين لإزالة النجاسة ولا تزول النجاسة بغيره .
أما الوضوء فقد ورد الدليل الدال على أن الماء يتعين للوضوء وهو قول الله تعالى : { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } (2) فقياس إحدى المسألتين على الأخرى قياس غير صحيح ؛ لأن الوضوء منصوص عليه ، لأنه لا بد أن يكون من الماء ، وإذا لم يجد الإنسان ماء فإنه يتيمم { فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } (3) بخلاف إزالة النجاسة فلم يرد ما يدل على تعيين الماء لإزالتها .

ما حكم السقط سقط المرأة ، قال إذا ألزم الأطباء بعمل تنظيف ولم يبق إلا أجزاء يسيرة قد تعدى أربعين يوما وبلغ خمسين يوما تقريبا ، ماذا تفعل من أسقطت جنينها في خمسة أشهر إذا قرر الأطباء ذلك ، وهل يلزمها كفارة ؟

إسقاط الجنين لعلها إن شاء الله تكون موضوعات درس قادم إن شاء الله ، إسقاط الجنين سواء إن كان مشوها أو غير مشوه ، وحكم ذلك وأثره في الأحكام الشرعية سوف يكون إن شاء الله موضوعا لأحد الدروس ، لكن نحن نسير بالتسلسل بدأنا بالنوازل في العبادات ثم ننتقل للمعاملات ، ثم في سائر أبواب الفقه ، وسنذكر إن شاء الله تعالى هذه المسألة في درس قادم.
ذكرتم بالأمس حكم توزيع الماء في المقبرة ، فما حكم توزيع الطعام ؟
المقابر ليست محلا لتقديم المآكل والمشارب ونحو ذلك ، ولكن إنما أجزنا توزيع الماء للحاجة لذلك خاصة في بلادنا التي يشتد فيها الحر ، وربما أن كثيرا من الناس أو بعض الناس يحتاج للماء ويعطش خاصة من كان مريضا كالمصاب بمرض السكر وغيره ممن يعطشوا بسرعة ، فأجزنا الماء فقط ، أما التوسع في ذلك فأرى أنه غير مشروع .

يقول نحن جئنا من بلاد بعيدة بعضنا من أوروبا وبعضنا من أفريقيا ، نستفيد من هذه الدروس والحمد لله استفدنا قبل أن نرجع ، نريد مذكرة بعض الدروس ولا تعتذر عن هذا الطلب ؟

على كل حال الإخوان جزاهم الله خيرا القائمين على هذا الجامع قد سجلوا هذه الدروس وهي مسجلة بالصوت ، وأيضا تفرغ بعد مدة ، كما فرغوا دروس الدورة الماضية ، فبإمكان الإخوة التواصل مع موقع الجامع على الإنترنت ، فهذه الدروس تكون موجودة بالصوت ومكتوبة أيضا ، ولعل هذا يحقق غرض الإخوة إن شاء الله .
ما حكم ضرب الدف للرجال ، وسماع النساء لهم ؟
هذا الباب يعني باب المعازف الأصل فيه المنع ، ولهذا جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحرا والحرير والخمر والمعازف " وفسر ابن مسعود علم الصحابة قول الله تعالى { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } (4) بأن المقصود بذلك الغناء ، والأدلة لهذا كثيرة .
والعجب ممن كتب في هذا وحشد أدلة وناقش الأدلة وقال ليس هناك دليل يدل على تحريم الأغاني ، وهذا ليس بصحيح إطلاقا ، لكن مثل هذا الحشد بهذه الطريقة ، ربما يخدع بعض الناس ويغر بعض الناس ، والأدلة على تحريم الأغاني كثيرة ، ولهذا المذاهب الأربعة كلها الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة على تحريم الغناء ، والمقام ليس مقام يعني ذكر لهذه الأدلة ابن القيم -رحمه الله- في إغاثة اللهفان ذكر شيئا يعني كثيرا من هذا ، وذكر المفاسد المترتبة على سماع الغناء ، وذكر أنه قرآن الشيطان ، وأنه لا يجتمع مع قرآن الرحمن في هذا .
فالمعازف الأصل فيها المنع ، الأصل فيها المنع ، ومن ذلك الطبول ، فضرب الطبل محرم ، ومن قال بأنه لم يرد فيه شيء ليس بصحيح ، ورد في سنن أبي داود بسند صحيح أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله حرم الخمر والميسر والكوبة " والكوبة هي الطبل ، ورد فيه نص خاص إنما استثني فقط الدف للنساء خاصة في العرس .
وكذلك أيضا في أيام العيد ، أجيز ضرب الدف في يوم العيد ، فقط يعني في هذه الحالات وألحق بعض أهل العلم حالة ثالثة وهي الحرب إذا احتيج لذلك ، هذه الأحوال الثلاث هي التي استثنيت ، ما عدا ذلك فيبقى على المنع .
قد أقر هذا الحافظ بن حجر -رحمه الله- وقال إن الأصل في هذا الباب المنع، وحينئذ بناء على هذه القاعدة الدف للرجال لا يجوز ، لأن الأصل المنع ولم يرد ما يدل على جواز الدف للرجال ، اللهم إلا يوم العيد ، فإنه قد ورد ما يدل على جواز ضرب الدف يوم العيد كما في حديث الجاريتين لما نهرهما أبو بكر الصديق ، وقال : " أمزمور الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال عليه الصلاة والسلام دعهما فإن لكل أمة عيدا وهذا عيدنا أهل الإسلام " فعلل بكونه عيدا .
وأنه إنما جاز ضرب الدف في ذلك اليوم لكونه عيدا ، وما عدا ذلك فيبقى على الأصل وهو المنع ، في غير هذه الأحوال الثلاث لا يجوز ضرب الدف ولا الطبل من باب أولى ، ولا المعازف كلها بأنواعها محرمة .
أين يوجد كلام ابن تيمية في الكسوف والخسوف ؟
ابن تيمية له عناية بمسائل الفلك ، ومن يعني العلماء المحققين في هذه المسائل فيما يتعلق بالهلال وبما يتعلق بالكسوف والخسوف ، ومسائل الفلك عموما ، كلامه يوجد في مجموع الفتاوى ، المجلد الرابع والعشرين ، صفحة مائتين وستة وخمسين وما بعدها .
ما ينشر عن وقت الكسوف والخسوف في وسائل الإعلام عنه هل هو محرم أو مكروه؟
لا يصل لدرجة التحريم ، لأنه يخبر عن أمر معلوم ، يخبر عن سنة كونية معلومة ، لكن تبقى مسألة الأولوية ، هل الأولى النشر أو الأولى عدم النشر ، لكن الذي يظهر أنه لا يصل الأمر إلى درجة التحريم .

هل يشترط لصلاة الكسوف والخسوف الرؤية الشخصية أم يجوز أن يخبرك الناس أنهم رأوه ؟

لو أخبرك الناس الثقات بأنهم رأوه في المكان نفسه في المكان الذي أنت فيه فإن هذا يكفي ، لا يلزم أن كل إنسان يراه ، فيمكن مثلا إذا إمام مسجد إذا رآه يكفي ، وبقية الناس يصلون برؤية الإمام وهذا كاف .
أليس أصل العلوم الشرعية الطبيعية كلها من علوم المسلمين ؟
نعم الحضارة الإسلامية يعني أخذ الغرب أصول حضارتهم من الحضارة الإسلامية ، ليس فقط في علم الفلك في كثير من العلوم .
في الفترة الأخيرة أخبر الفلكيون بوقوع كسوف الشمس لكن لم يكن صحيحا ، فكيف نجمع بين ما قلت وما حصل ؟
لا ، هو صحيح كسوف الشمس الذي حصل الذي أخبر به ، هو صحيح لكن ربما أن الأخ لم يتنبه له ، لأن كسوف الشمس أحيانا لا يكون واضحا ، بسبب قوة إضاءة الشمس ، لكن لا أذكر أنه أخبر بأنه سيقع كسوف ولم يقع أبدا ، اللهم إلا الكسوف الكاذب وشبه الظل لأنه هو الذي لا يرى ، ما عدا ذلك فإنها من سنن الله الكونية التي تعلم .
وما ذكر الأخ لعله هو الذي لم يتنبه لهذا وإلا لو أنه يعني رأى الشمس بوسيلة من الوسائل التي لا يحصل معها الضرر للعين سيرى الشمس انكسف جزء منها ، ولا يلزم الكسوف الكلي للشمس ، لو انكسف جزء منها شرعت صلاة الكسوف ، ولهذا الفقهاء يعرفون الكسوف بأنه انحجاب ضوء الشمس أو بعضه ، فالكسوف حصل ، ولا يعرف أنه في مرة ولو مرة واحدة أنه أخبر بحصول الكسوف والخسوف ولم يحصل إلا ما ذكرت فقط من الخسوف الكاذب الذي لا يعتبر خسوفا بالمعنى الشرعي .

هل يعتبر مشاهدة مجالس الذكر في التلفاز ، وكذلك مباشرة المسجلة كحضورها ، وهل يحصل للمشاهد الأجر ؟

يرجى أن يحصل له الأجر وفضل الله واسع ، لأنه يعتبر درس علم ، سواء كانت على الهواء مباشرة أو مسجلة ، والمقصود هو حصول الفائدة لهذا المشاهد ، سواء يعني شاهده في التلفاز أو أنه سمع مثلا في الإذاعة أو عن طريق مسجل ، فيرجى له حصول الأجر والثواب، لأن المقصود هو تحقيق الفائدة، وهذا يحقق هذا الغرض .
كيف الدعوة لشخص عندما نصحته قال أنا أكره المطاوعة وهؤلاء فيهم وفيهم ، إذا كنت أصلي والحمد لله وسماع الأغاني قليل ولا أكثر منه ؟
91
__________

(1) - سورة النساء آية : 43.
(2) - سورة النساء آية : 43.
(3) - سورة النساء آية : 43.
(4) - سورة لقمان آية : 6.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 19-05-2022, 12:17 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل

فقه النوازل (13)

سعد بن تركي الخثلان

أولا : لماذا يكره الاستقامة ؟! هل هو لأجل استقامتهم هل هو لأجل الدين ، أو يعني لسبب آخر ؟ فهؤلاء المستقيمين يجمعهم وصف وهو أنهم استقاموا على دين الله - عز وجل - كراهتهم معنى ذلك كراهة للدين ، والاستهزاء بهم في الحقيقة استهزاء بالدين ، ولهذا لما قال بعض المنافقين ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء ، يعنون أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أكذب ألسنا ولا أرغب بطونا ولا أجبن عند اللقاء ، ما رأينا مثل قرائنا أرغب بطونا ولا أكذب ألسنا ولا أجبن عند اللقاء ، فقط قالوا هذه الكلمات ، أنزل الله - عز وجل - { وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ } (1) لاحظ هنا أنهم استهزءوا بالقراء استهزءوا بأصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك قال الله تعالى : { أَبِاللَّهِ وَآَيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ (65) } (2) .
فالاستهزاء بالمستقيمين وأهل الخير والصلاح لأجل استقامتهم هو في الحقيقة استهزاء بالله وآياته ورسوله ، ولهذا فإنه كفر ولو كان على سبيل السخرية والهزل والمزاح ، وهذا يدل على خطورة هذه المسألة ، فكراهة المستقيمين قل له لماذا يكره هؤلاء المستقيمين ، هل هو لأجل استقامتهم ، أو لماذا ؟! فهذا يعني على خطر عظيم مثل هذه المقولة ، ومثل هذا الكلام ، بل إنه يحب هؤلاء المستقيمين وأهل التقى والصلاح ، ويكره ما يحصل عند بعضهم من بعض التجاوزات لأنهم بشر .
لكن أنه يقول بهذا اللفظ أنه يكره جميع المستقيمين وأهل الخير والصلاح ، لا شك أن هذا فيه خطورة على هذا الإنسان ، وأما قوله بسماع الأغاني فتقدم أنه محرم ، وأن الإنسان يكسب به أوزارا ، وآثاما ونكتفي بهذا القدر والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
عدم إجزاء الشعير في زكاة الفطر لمن لم يعد الشعير قوتا لهم
بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين ، معنا في هذا الدرس جملة من المسائل المتعلقة بالنوازل والصيام ، وقبل أن نتكلم عنها أنبه على المسألة الأخيرة التي طرحناها في الدرس السابق ، وهي مسألة عدم إجزاء الشعير في زكاة الفطر لمن لم يعد الشعير قوتا لهم، هذه أشكلت على بعض الإخوة من جهة أن الشعير لا يزال قوتا في بعض البلدان .
نحن نقول نحن قيدنا كلامنا بالأمس بمن كان الشعير ليس قوتا لهم ، وإنما أصبح علفا للبهائم ، هؤلاء هم الذين لا يجزئ في حقهم إخراج الشعير ، أما الذين لا يزال الشعير قوتا لهم فلا شك في إجزاء الشعير في زكاة الفطر ، كلامنا بالأمس مقيد بمن كان الشعير لم يعد قوتا لهم ، وإنما أصبح علفا للدواب، وفي بعض البلدان لا يزال الشعير قوتا للناس ، حدثني أحد الإخوة أنه في بعض المناطق هنا في المملكة لا يزال الشعير قوتا للناس ، وحينئذ فيكون الحكم بناء على هذا التفصيل .
فإن قال قائل كيف تقولون بعدم إجزاء الشعير لمن لم يكن قوتا لهم مع أنه قد ورد به النص ؟
نقول : أولا لم يرد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - نعم لو ورد من كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - لربما نقول بأنه يصح مثل هذا الإيراد ، لكن ورد من وصف بعض الصحابة بأنه طعام الناس يومئذ كان التمر والأقط ، وذكروا الشعير ، فإذا تغير طعام الناس ولم يعد الشعير طعاما للناس وقوتا للناس ، فالحكم يدور مع علته .
حكم الاعتماد على المراصد الفلكية في رؤية الهلال
معنا في هذا الدرس جملة من المسائل في كتاب الصيام ، وسنتكلم إن شاء الله تعالى أولا : عن حكم الاعتماد على المراصد الفلكية في رؤية الهلال ، ثم نتكلم عن حكم بخاخ الربو وأثره على تفطير الصائم ، وفي معناه أيضا الأكسجين ، استخدام الأكسجين بالنسبة للصائم ، والأقراص التي توضع تحت اللسان للعلاج وفي معناها اللاصقات من النيكوتين التي يستخدمها بعض من يريد الامتناع عن التدخين ، وأيضا استخدام المنظار وأثره على تفطير الصائم ، وغسيل الكلى وأثره على تفطير الصائم .
هذه كما ترون مسائل مستجدة وسوف نقف مع كل مسألة منها .
ونبدأ أولا بالمسألة الأولى : حكم الاعتماد على المراصد الفلكية في رؤية الهلال ، وهذه المراصد التي وجدت في الوقت الحاضر لم تكن موجودة من قبل على هذا النحو الذي هي موجودة عليه ، فهل يصح الاعتماد على هذه المراصد أم لا ؟ قبل أن نتكلم عن هذه المسألة نشير إلى مسألة أخرى تكلم عنها أهل العلم قديما وحديثا .

فهي ليست من النوازل ولكن لارتباطها بهذه المسألة التي بين أيدينا نشير لها إشارة مختصرة ، وهي حكم الاعتماد على الحسابات الفلكية في إثبات دخول الشهر ، وللعلماء في ذلك قولان :

فأكثر أهل العلم قديما وحديثا على أنه لا يصح الاعتماد على الحسابات الفلكية في إثبات دخول الشهر ، بل حكي إجماعا ، لكن حكاية الإجماع محل نظر ، إذ أن هناك من الفقهاء من خالف في هذه المسألة ، فقد خالف بعض فقهاء المالكية والشافعية ، كما حكى ذلك القرافي وغيره واشتهر عن ابن سريج من الشافعية ، أنه يعتمد على الحسابات الفلكية في إثبات دخول الشهر .
ومن أبرز من قال بهذا القول من المعاصرين ، الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- وله رسالة مشهورة في هذا ، ومن العلماء المعاصرين من قال إنه يعتمد على الحساب الفلكي في النفي دون الإثبات ، بمعنى : لو قال الفلكيون لا يمكن أن يرى الهلال هذه الليلة فيقول يعتمد على قولهم في هذا ، لكن لو قالوا يمكن أن يرى ، فلا يعتمد . وإنما يعتمد على الرؤية فإن رؤي أثبت دخول الشهر وإلا فلا ، وهذا قال به جمع من العلماء المعاصرين .
والذي يظهر في هذه المسألة -والله أعلم- هو قول الجمهور ، وهو أن الاعتماد إنما هو على الرؤية ، لعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا الشهر ثلاثين " .

ولكن مع ذلك ينبغي إذا دل الحساب على عدم إمكانية رؤية الهلال أن يتشدد في قبول الشهادة ، فلا تقبل إلا من إنسان موثوق في دينه وأمانته ، وأيضا من إنسان معروف بحدة البصر والخبرة في تحديد منازله ، إذ أن بعض الناس ، بعض من يدعي رؤية الهلال يغلب عليهم التسرع والعجلة والوهم ، وبعضهم ربما رأى كوكبا أو نجما يشبه الهلال فظنه هلالا .

وأذكر أنه في شهر شوال من العام الماضي عام ألف وأربعمائة وست وعشرين ادعى رؤية الهلال خمسة شهود ، ومع ذلك رد مجلس القضاء الأعلى هنا في المملكة جميع شهادة هؤلاء ، وكان الواقع هو كما رآه مجلس القضاء ، فالليلة التي بعدها لم ير الهلال ، يعني هؤلاء ادعوا رؤية الهلال ليلة الثلاثين من رمضان ، والليلة التي بعدها لم يستطع أحد رؤية الهلال حتى ولو بالمراصد الفلكية ، هذا أعطى مؤشرا على أن ما رآه المجلس هو الحق .
فيغلب ، بعض الناس ربما يكون ثقة لكنه يهم يرى شيئا يشبه الهلال ، فيقول إنه هلال ، ويشهد بناء على ذلك ، فأقول إن الحساب يمكن أن يعتبر قرينة لا يعتمد عليها ولكن يستأنس بها في دخول الشهر ، والحساب له عدة مجالات ، منها حساب وقت ولادة الهلال ، وحساب وقت غروب القمر ، وحساب مقدار درجات القمر فوق الأفق وقت غروب الشمس إلى غير ذلك من المجالات .
وأقوى هذه المجالات هو حساب وقت غروب القمر ، فإنه من المتفق عليه بين العلماء أنه لا يعتد برؤية الهلال ، إلا إذا رؤي بعد غروب الشمس ، أما لو رؤي قبل غروب الشمس ولو بدقيقة ثم لم ير بعد غروب الشمس ، فلا يعتد به بالإجماع ، وحينئذ فلو دل الحساب الفلكي على غروب القمر قبل غروب الشمس ثم أتى أحد فادعى رؤيته بعد غروب الشمس ، فما الحكم ؟
الواقع أن حساب وقت غروب القمر دقيق جدا ، وقد حدثني أحد المختصين في علم الفلك ، بأن معادلة غروب الشمس هي نفسها معادلة غروب القمر ، وقال : إن من يشكك في حساب غروب القمر فليشكك إذا في حساب غروب الشمس ؛ لأن المعادلة واحدة ، وقد جربت هذا بنفسي وراقبت غروب القمر لعدة شهور ، ووجدته دقيقا يغرب في نفس الدقيقة التي حددت في الحساب ، فهو كغروب الشمس في هذا .
فهذا هو من أقوى القرائن في الحساب الفلكي ، والواقع أنه في سنوات مضت يتقدم شهود فيدعون رؤية الهلال مع أن الحسابات قد دلت على أنه قد غرب ، بل إن بعض أنواع التلسكوبات تتجه مباشرة إلى الهلال ، إذا برمجت تتجه مباشرة إلى الهلال وتتابعه من أول النهار ، فإذا غرب الهلال اتجهت إلى الأرض ، أحيانا تتجه إلى الأرض وتعطي إشارة بغروب القمر ، ومع ذلك يأتي من يشهد برؤية الهلال ، فهل تقبل شهادة هؤلاء ؟
نحن قلنا إنه ينبغي أن يتشدد في قبول شهادتهم ، ولكن إذا كانوا أهل ديانة وأمانة وخبرة وحدة نظر ، فإنه من الصعب رد شهادتهم ؛ لأننا قررنا أنه لا يعتمد على الحساب في إثبات دخول الشهر ، بل إنه جاء في صحيح مسلم أن الناس تراءوا الهلال زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعضهم هو ابن ليلتين ، وقال بعضهم هو ابن ثلاث ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - " إن الله أمده لكم لتروه " .
فظاهر هذا الحديث هو أن الله تعالى قد يمد الهلال لكي يراه الناس ، يكون في هذا خرقا لما هو معروف أو معلوم بالسنن ، والله تعالى أعلم ، ولهذا فنتمسك بظاهر النص في هذا ، فنقول المعول عليه هو الرؤية ، ولكن ينبغي أن يتشدد إذا دلت الحسابات الفلكية على عدم إمكانية الرؤية ، ينبغي أن يتشدد في ذلك ، ولا تقبل الشهادة إلا من عرف خبرته في هذا وحدة نظره مع دينه وأمانته .
وهذه المسألة أعني دخول الشهر ، تشكل في بعض البلاد خاصة في بعض البلاد غير الإسلامية والتي يكون فيها جالية إسلامية ، يختلفون اختلافا كثيرا في هذه المسألة ، فأقول إذا أمكن اتحاد المسلمين على رأي فهو المطلوب ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - " الصوم يوم يصوم الناس ، والفطر يوم يفطر الناس " .
ولكن إذا اختلف الناس في البلد الواحد فحينئذ نقول : إنه ينبغي اتباع البلاد التي تعتمد على الرؤية في إثبات دخول الشهر ، خاصة إذا كان الناس في تلك البلاد في الغرب يعني بأن كانت البلاد التي يريدون اتباعها في الشرق ، فمثلا لو رؤي هلال هنا في المملكة فلا بد أن يرى في البلاد التي تقع غربها ، كبلاد إفريقيا وأوروبا وأمريكا .
البلاد التي تقع في الغرب لا بد أن يرى فيها الهلال ، لا يمكن أن يعني يرى الهلال هنا في المملكة ولا يمكن رؤيته في البلاد التي تقع في الغرب ، ما دام أن الرؤية صحيحة فلا بد أن يرى في البلاد التي تقع في الغرب ، ولا يلزم من ذلك رؤيته في الشرق ، فقد يتعذر رؤية الهلال في الشرق ويمكن رؤيته في الغرب .
هذه نبذة موجزة عن هذه المسألة ، ونعود لمسألتنا التي بين أيدينا وهي الاعتماد على المراصد الفلكية في إثبات الشهر ، هذه المسألة بحثها مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة قبل نحو ربع قرن ، وتحديدا عام 1403 للهجرة ، وشكل لجنة من الشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- مع بعض المختصين .
ورأت اللجنة عدة أمور أقرها مجلس هيئة كبار العلماء :
ومنها : إنشاء المراصد كعامل مساعد على تحري رؤية الهلال لا مانع منه شرعا .
ومنها : إذا رؤي الهلال بالعين المجردة فالعمل بهذه الرؤية وإن لم ير بالمرصد .

ومنها إذا رؤي الهلال بالمرصد رؤية حقيقية تعين العمل بهذه الرؤية ، ولو لم ير بالعين المجردة ، وذلك لقول الله تعالى : { فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } (3) ولعموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " لا تصوموا حتى تروه ، ولا تفطروا حتى تروه ، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما " ولقوله عليه الصلاة والسلام : " صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته " الحديث ، وهو من رأى الهلال عن طريق المرصد يصدق عليه أنه رأى الهلال ، ولأن المثبت مقدم على النافي .
وهذا الرأي اعتمده مجلس هيئة كبار العلماء ، وأصبح العمل عليه منذ ذلك الحين منذ عام 1403 ، وفي هذا رد على من يقول : إن العلماء لا يرون الاعتماد على المراصد الفلكية ، فهذا غير صحيح ، العلماء قرروا منذ ذلك الحين جواز الاعتماد على المراصد الفلكية ، لا مانع من الاعتماد عليها ، سواء كانت المراصد الفلكية الكبيرة الضخمة ، أو حتى عن طريق المنظار الصغير ، أو ما يسمى بالدربين ، ونحوه .
كل هذا يصح الاعتماد عليه ولو لم ير بالعين المجردة ، وسماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى عندنا في المملكة صرح بهذا كثيرا بأن مجلس القضاء الأعلى يقبل الرؤية عن طريق المراصد الفلكية ، فما يثار من أن العلماء هنا في المملكة لا يقبلون الرؤية عن طريق المراصد غير صحيح البتة ، بل إن العلماء قرروا ذلك من نحو ربع قرن .
ولكن مع ذلك منذ ذلك الحين إلى وقتنا هذا لم ير الهلال عن طريق المراصد الفلكية ولو لمرة واحدة ، فما هو السبب في هذا ؟ يعني رغم أن العلماء أقروا هذا وهو الذي عليه العمل ، ومجلس القضاء متوجه لقبول الرؤية عن طريق المراصد الفلكية إلا أنه لم ير الهلال عن طريق المراصد منذ ذلك الحين إلى وقتنا هذا ولو لمرة واحدة ، فما هو السبب في هذا ؟
أحد المختصين في علم الفلك تكلم عن هذه المسألة وذكر السبب في هذا ، وقال : يظن الكثير أن المراصد الفلكية من تلسكوبات وغيرها أنها تحسن فرصة رؤية الهلال ، والواقع قد يكون العكس من ذلك ، ثم علل ذلك من الناحية العلمية ، قال : إن فكرة المراصد تقوم على زيادة كمية الضوء الواصلة من الجسم المراد رصده والمراد به هنا القمر ، لا تكبير حجم ذلك الجسم ، وإنما فقط زيادة كمية الضوء ؛ لأن أغلب الأجرام السماوية بعيدة جدا وإمكانية تكبيرها قد تكون صعبة بالنظر المباشر بالمرصد ، ولكن التكبير يحدث بتصويرها ضوئيا ، ومن ثم تكبير هذه الصورة إلى أقصاها .
__________
(1) - سورة التوبة آية : 65-66.
(2) - سورة التوبة آية : 65.
(3) - سورة البقرة آية : 185.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 19-05-2022, 12:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل


فقه النوازل (14)

سعد بن تركي الخثلان

وفي حالة رصد الهلال فإن القمر يكون قريبا جدا من الشمس ، يعني في ليلة التحري يكون القمر قريبا جدا من الشمس ، وهنا ستكون كمية ضوء الشمس من الكبر بحيث لا يتمكن من ينظر في المرصد من رؤية الهلال بسبب ضوء الشمس الشديد ؛ لأن القمر قريب من الشمس ، فيكون ضوء الشمس هنا كبيرا ، فلا يتمكن الراصد عن طريق المرصد من رؤية الهلال ، بل إنه ربما يؤثر ذلك على عين الراصد .
أما إذا كان القمر بعيدا عن الشمس ، فإمكانية رؤيته البصرية ستكون سهلة ، ولن يقدم المرصد حينئذ كبير خدمة ، قال : وإذا زاد حجم المرصد الفلكي صغرت مساحة المنطقة المرصودة ، وتركزت كمية الضوء الواصلة لعين الراصد في حين أن الرصد بالعين المجردة سيمكن من النظر إلى نصف الأفق تقريبا مما يقلل من كمية الضوء المركزة ، إلى آخر ما ذكر .

ثم قال : وخلاصة القول أن الاستعانة بالمراصد الفلكية في رصد الهلال غير ممكن حاليا ، حسب الإمكانات الموجودة عالميا ، إلا في حالات يمكن للعين البشرية أن ترى فيها ببساطة ، فتبين بهذا السبب في عدم رؤية الهلال عن طريق المراصد ، وهو أن القمر ليلة الرصد ليلة التحري يكون قريبا جدا من الشمس ، وبالتالي لا يمكن رؤية الهلال في هذه الحال بسبب قوة الضوء .

أما إذا كان القمر بعيدا عن الشمس ، فهنا تسهل رؤيته بالعين المجردة ، فلا حاجة لرؤيته عن طريق المراصد ، ولذلك منذ ذلك الحين عند إقرار العلما لجواز استخدام المراصد والاعتماد عليها إلى وقتنا هذا لم ير الهلال عن طريق المراصد ، ولو لمرة واحدة ، فهذا هو يعني السبب .
وكما ترون هو يعني الكلام الذي نقلته عن أحد المختصين مقنع في هذا ويؤيده الواقع ، خلاصة الكلام أنه يصح الاعتماد على المراصد الفلكية في إثبات دخول الشهر ، فلو قدر أنها صنعت بطريقة معينة بحيث يمكن رؤية الهلال عن طريقها فلا مانع شرعا من الاعتماد عليها ، ولو لم ير الهلال بالعين المجردة ، إنما فقط الإشكال هو في الاعتماد على الحساب ، أما الاعتماد على رؤية الهلال عن طريق هذه المراصد فلا مانع منه .
قبل أن نتجاوز هذه المسألة يثير بعض الناس أمرا متعلقا بالاعتماد على الحساب ، يقولون : أنتم تعتمدون على الحساب في أوقات الصلوات ، فلماذا لا تعتمدون على الحساب في إثبات دخول الشهر ؟ وأقول : هذا الإيراد ذكره القرافي -رحمه الله- في كتابه الفروق ، في الفرق الثاني والمائة ، كتاب الفروق كتاب قيم ، ذكر هذا الإيراد في كتابه الفروق في الفرق الثاني والمائة ، قال الفرق الثاني والمائة بين قاعدة أوقات الصلوات يجوز إثباتها بالحساب والآلات وكل ما دل عليها ، وبين قاعدة الأهلة في الرمضانات لا يجوز إثباتها بالحساب .
ثم بين -رحمه الله- هذا الفرق ، وقال : إن الله تعالى جعل أسبابا لوجوب الصلوات ، فمتى علم السبب بأي طريق لزم الحكم ، فجعل نصب ، قال : إن الله تعالى نصب زوال الشمس سببا لوجوب صلاة الظهر ، فمتى ما علم زوال الشمس بأي طريق فحينئذ لزم الحكم ، وهكذا بالنسبة لوقت العصر والمغرب والعشاء والفجر ، فمتى ما علمت هذه الأسباب التي نصبها الشارع لزم الحكم ، إذا علمنا زوال الشمس بأي طريق لزم الحكم ، علمنا أن يصبح طول ظل كل شيء مثله بعد ظل الزوال بأي طريق لزم الحكم ، وهكذا ، فجعل لأوقات الصلوات أسباب ، متى ما علم هذا السبب لزم الحكم ، فيمكن أن نعرف هذا السبب عن طريق الحساب الفلكي .
قال : وأما بالنسبة للأهلة ، فلم ينصب صاحب الشرع خروجها خروج الشمس من الشعاع سببا للصوم ، خروجها يعني خروج الأهلة من الشعاع ، يعني من شعاع الشمس ، سببا للصوم ، بل رؤية الهلال خارجا من شعاع الشمس هو السبب ، فإذا لم تحصل الرؤية لم يحصل السبب الشرعي ، قال : فصاحب الشرع لم ينصب نفس خروج الهلال عن شعاع الشمس سببا للصوم .

خلاصة هذا الكلام نقول إن الشارع في أوقات الصلوات نصب أسبابا لدخول الوقت ، فمتى علم هذا السبب بأي طريق دخل الوقت ، ويمكن أن نعرف هذا السبب عن طريق الحساب الفلكي ، أما بالنسبة لدخول الشهر ، فقد جعل الشارع المعول عليه في ذلك هو الرؤية ، ولم يجعل المعول عليه في ذلك هو الحساب ، أو خروج الهلال كما ذكر من شعاع الشمس ، وإنما المعول عليه الرؤيا .

فنجد أنه في دخول الشهر قال : " صوموا لرؤيته " ولم يقل لخروج الهلال من الشعاع ، وإنما قال صوموا لرؤيته ، بينما في وقت صلاة الظهر قال : { أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ } (1) يعني لزوال الشمس ، فهذا هو الفرق ، وبذلك نعرف أنه لا يصح هذا القياس ، لا يصح قياس إثبات دخول الشهر على أوقات الصلوات في الاعتماد على الحساب ، هذا ما يتعلق ببحث هذه المسألة .
حكم استخدام بخاخ الربو ونحوه بالنسبة للصائم
ننتقل بعد ذلك إلى مسألة حكم استخدام بخاخ الربو ونحوه بالنسبة للصائم ، وأثر ذلك في تفطير الصائم .
نقول أولا: إن علاج الربو إما أن يستخدم عن طريق دواء يسمى كبسولات ونحوها ، فهذه تفطر الصائم ، وهذه الكبسولات يكون فيها دقيق ، ولها آلة تضغط ثم تنفجر في الفم ، فيختلط هذا الدقيق الموجود في الكبسولات يختلط بالريق ويبلعه الصائم ، وحينئذ فإن هذا الدواء يفطر الصائم .
والقسم الثاني: وهو الذي نعنيه في بحث هذه المسألة بخاخ الربو ، وهو غاز ليس فيه إلا هواء ، يفتح مسام الشرايين حتى يتنفس المصاب بالربو ، حتى يتنفس بسهولة ، وهذه المسألة اختلف العلماء المعاصرون فيها على قولين:
القول الأول: أن بخاخ الربو ونحوه لا يفطر الصائم ، ولا يفسد الصوم ، ومن أبرز من قال بذلك من العلماء المعاصرين سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز ، والشيخ محمد بن عثيمين رحمهم الله تعالى .
وقال بعض العلماء المعاصرين: إن بخاخ الربو يفطر الصائم ، وسبب الخلاف في هذه المسألة هو أن بخاخ الربو مكون من ماء وأكسجين ومواد كيميائية ، ويصل إلى المعدة جزء يسير منها ، فهل هذا الجزء اليسير يفطر الصائم أم لا ؟ فمن قال بأن بخاخ الربو يفطر الصائم قال بأنه قد وصل للمعدة جزء يسير من هذا البخاخ ، وحينئذ يفسد الصوم ، ومن قال بأنه لا يفطر الصائم ، رأى أن هذا الجزء اليسير لا يفسد الصوم .
والقول بأنه لا يصل للمعدة من هذا البخاخ شيء غير صحيح ، المختصون الأطباء يفيدون بأن هذا البخاخ لا بد أن يصل منه جزء يسير إلى المعدة ، ولكن هذا الجزء هو جزء يسير جدا ، وبيان ذلك أن عبوة بخاخ الربو المعتادة تحتوي على عشرة ملي لتر من السائل بما فيه من المادة الدوائية ، وهذه الكمية معدة على أساس أن يبخ منه مائة بخة ، أي أنه في كل بخة يخرج جزء من الملي لتر الواحد وكل بخة تشكل أقل من قطرة واحدة وهذه القطرة وهذا الجزء اليسير أيضا سوف ينقسم إلى أجزاء ، الجزء الأكبر يدخل إلى الجهاز التنفسي ، وجزء آخر يترسب على جدار البلعوم ، والباقي وهو المقصود هنا قد ينزل للمعدة وهو مقدار يسير جدا .
والذي يظهر -والله أعلم- هو أن بخاخ الربو لا يفطر الصائم ، وذلك لأن هذا المقدار الذي يصل للمعدة مقدار يسير جدا ، فيعفى عنه قياسا على المتبقي بعد المضمضة والاستنشاق ، فإن المتبقي بعد المضمضة بما يسميه العلماء بملوحة الماء ، قد يختلط بالريق ويبلعه الصائم ، ولم يقل أحد من العلماء بأنه يفطر الصائم ، فإن الصائم عندما يتمضمض يبقى في الفم ملوحة وهذه الملوحة تختلط بالريق ، فيبلعه الصائم ولا يؤثر ذلك على صحة الصيام بالإجماع ، وذلك لأن هذه ملوحة الماء جزء يسير فيعفى عنه .
هكذا أيضا نقول: إن الجزء اليسير الذي يدخل من بخاخ الربو إلى المعدة يعفى عنه ، بل قال بعض المختصين إن هذا الجزء اليسير الذي يصل إلى المعدة ، هو في الحقيقة أقل مما يصل إلى المعدة من المضمضة ، ولهذا قالوا لو أنه تمضمض بماء موسوم بمادة مشعة لاكتشفنا المادة المشعة في المعدة بعد قليل ، فإذا الجزء اليسير الذي يصل للمعدة من بخاخ الربو أقل مما يصل إلى المعدة من ملوحة الماء التي تبقى بعد المضمضة .
وبهذا يتبين أن بخاخ الربو أنه لا يفطر الصائم ، لا يفطر الصائم بناء على هذا التقرير ، وفي معنى بخاخ الربو الأكسجين الذي يستخدمه بعض الناس عندما يكون عنده ضيق نفس ، فيستخدمه لتوسيع للتنفس وتوسيع مجاري الجهاز التنفسي، فمثل هذا أيضًا حكمه حكم بخاخ الربو لا يُفطِّر الصائم، حتى لو وصل جزء يسير جدًّا إلى المعدة فيعفى عنه قياسًا على أثر ملوحة الماء التي تبقى بعد المضمضة، وربما يصل إلى المعدة منها جزء يسير، فكما أنه يعفى عنها فيعفى كذلك عن ما يصل من بخاخ الربو ونحوه، هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
الأقراص التي توضع تحت اللسان لمرضى القلب أثناء الصيام
المسألة الثالثة: الأقراص التي توضع تحت اللسان، وهي أقراص توضع تحت اللسان لعلاج بعض الأزمات القلبية ونحوها، توضع تحت اللسان للتداوي، إما لعلاج الأزمات القلبية أو لغيرها، وهذه الأقراص تمتص مباشرة بعد وضعها تحت اللسان بوقت قصير، ويحملها الدم إلى القلب، فتوقف أزماته المفاجئة، ولا يدخل إلى الجوف شيء من هذه الأقراص، فهل هذه الأقراص تفسد الصوم، وفي معناها أيضًا استخدام لاصقات النيكوتين التي تساعد على الامتناع عن التدخين، إن هناك لاصقات تحتوي على مادة النيكوتين تفرز تلقائيًّا النيكوتين إذا احتاجه الجسم، وتساعد من أراد الامتناع عن التدخين تساعده على الامتناع عنه، فإذا وضعها الصائم على جلده، فهل تفطر الصائم أم لا؟

هذه المسائل يمكن تفريعها على مسألة أشار إليها بعض الفقهاء وتكلم عنها بعض مشايخنا، وهي مسألة التداوي الذي يصل أثره للجوف، التداوي عن غير طريق الفم والأنف، ويصل أثره للجوف، ذكر هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وذكر خلاف العلماء فيها، وألحق بها التداوي والاحتقان والاكتحال إذا وصل إلى حلقه وجوفه وأحس بطعمه.

ورجح شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن هذه كلها لا تفطِّر الصائم، قال: الأظهر أن الصائم لا يفطر بالكحل والحقنة ومداواة الجائفة والمأمومة، وهما نوعان من الشجاج، مع أن مداواة الجائفة والمأمومة يستوجب وصول الدواء إلى الجوف، قال: ومعلوم أن النص والإجماع أثبتا الفطر بالأكل والشرب والجماع والحيض، وليس كذلك الكحل والحقنة، ومداواة الجائفة والمأمومة، ثم قال: والممنوع منه إنما هو ما يصل إلى المعدة فيستحيل دمًا، ويتوزع على البدن، يعني لو أصاب الإنسان شجة جائفة أو مأمومة أو غيرها من الشجاج فوضع عليه دواء فوصل الدواء إلى الجوف، فهنا وصل الدواء عن طريق الدم إلى الجوف، فهنا يرى شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- أن ذلك لا يحصل به التفطير للصائم.
ومثل ذلك في وقتنا الحاضر الإبر غير المغذية مثل إبر الإنسولين، وغيرها، الإبر غير المغذية تجري على هذا الخلاف، والذي يفتي به كثير من مشايخنا أنها لا تفطر الصائم، ومن أبرز من يفتي بذلك الشيخ محمد بن العثيمين -رحمه الله- أن هذه الإبر غير المغذية لا تفطر الصائم؛ لأنها لست أكلًا ولا شربا ولا في معنى الأكل والشرب.
وبناء على هذا التقرير نقول: إن استخدام الدواء عن غير طريق الفم والأنف إنه على القول الصحيح لا يفطر الصائم على ما قرر شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يفطر الصائم.

وبناء على ذلك فإن استخدام هذه الأقراص تحت اللسان، هي في معنى التداوي عن غير طريق الفم والأنف، ونعني بالتداوي عن طريق الفم، بأن يبتلع ذلك الدواء عن طريق فمه، أو أنه يستخدم عن طريق أنفه، أما هنا في مسألتنا فإنه لا يبتلع الدواء، وإنما يجعل هذه الأقراص تحت لسانه فتمتص مباشرة عن طريق الجلد وتصل للدم. وبناء على ذلك نقول: إن الأقرب -والله أعلم- أنه لا يحصل بها التفطير للصائم، بناء على هذا التقرير وبناء على تخريجها على المسألة التي ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وهي التداوي عن غير طريق الفم والأنف.

وعلى ذلك أيضًا يكون الحديث في لاصقات النيكوتين التي يستخدمها من يريد الامتناع عن التدخين، على أنه قبل مدة، صدر فيها فتوى من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية برئاسة سماحة المفتي حفظه الله، ورأت اللجنة أن لاصقات النيكوتين يحصل بها التفطير للصائم، وبين يدي الآن فتوى: أجابت اللجنة أنه بعد سؤال المختصين عن حقيقة هذه اللاصقات أفادوا بأنها تمد الجسم بالنيكوتين وتصل إلى الدم، وهذا يبطل الصيام كما يبطله شرب الدخان مباشرة، ولعلهم أخذوا بالرأي الآخر وهو أن التداوي عن غير طريق الفم والأنف أنه يفسد الصوم، والمسألة خلافية كما سمعتم، ولعل فتوى اللجنة كانت على بناء القول الآخر في المسألة.
فهذا هو الذي يظهر في هذه المسألة هو ما قرره شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله - من أن التداوي عن غير طريق الفم والأنف أنه لا يحصل به التفطير للصائم، ومما يؤكد هذا أن كون هذه الأمور تفطر الصائم أمر مشكوك فيه، والأصل صحة الصيام، والأصل صحة الصيام، وعدم فساده ولا نستطيع أن نبطل صيام عباد الله إلا بأمر واضح ظاهر عليه دليل ظاهر. وبناء على ذلك نقول أن الأقرب والله أعلم في هذه الأمور كلها هو أنه لا يحصل بها التفطير للصائم، على أن الخلاف فيها يورث شبهة، إذا لم يحتج إليها الإنسان فالأولى أن يتجنبها وقت صومه.
استخدام المنظار منظار المعدة، لا يفطر الصائم إذا لم يصاحبه إدخال سوائل أو محاليل، ولم يدهن بدهان فإنه لا يفطر الصائم، وقد قرر هذا مجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي أن إدخال المنظار لا يفطر الصائم، سواء كان منظار المعدة، أو كان منظارًا من خلال جدار البطن لفحص الأحشاء وإجراء عملية جراحية، واستخدام المنظار مطلقًا لا يفطر الصائم، بشرط أن لا يصحبه إدخال سوائل وألا يكون أيضًا مدهونًا بمادة دهنية، فإنه إذا كان مدهونًا وأدخل عن طريق المعدة يحصل به التفطير للصائم لكن إذا خلا من ذلك خلا من إدخال سوائل أو محاليل، وخلا كذلك من أن يكون مدهونًا فإنه لا يفطر الصائم على ما قرره المجمع الفقهي.
وأيضًا يعني تتمة الفائدة للمسألة السابقة، المجمع الفقهي أيضًا أقر بأن الأقراص العلاجية التي توضع تحت اللسان لعلاج الذبحة الصدرية وغيرها أنها لا تفطر الصائم، ومثل ذلك أيضًا غازات التخدير البنج ما لم يعط المريض سوائل أو محاليل مغذية لا تفطر الصائم، وأيضًا ما يدخل الجسم امتصاصًا من الجلد، كالمراهم والدهانات واللاصقات العلاجية الجلدية، المحملة بالمواد الدوائية والكيميائية لا تفطر الصائم، على ما أقره مجمع الفقه الإسلامي .

والمسألة الأخيرة التي معنا غسيل الكلى، هل يحصل به تفطير الصائم أم لا؟ هذه المسألة بحثت في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله، وقد كتبت اللجنة إلى بعض المختصين من الأطباء حول حقيقة غسيل الكلى، وجاء في فتوى اللجنة أنه بعد المكاتبات لبعض المختصين ورد ما مضمونه أن غسيل الكلى عبارة عن إخراج دم المريض إلى آلة، وهي ما تسمى بالكلية الصناعية تتولى تنقية الدم ثم إعادته إلى الجسم بعد ذلك، وأنه يتم إضافة بعض المواد الكيماوية والغذائية كالسكريات والأملاح وغيرها إلى الدم.

وبعد دراسة اللجنة لذلك، والوقوف على حقيقة الغسيل الكلوي، أفتت اللجنة بأن الغسيل المذكور للكلى يفسد الصيام، بأنه يفسد الصيام، وذلك بسبب هذه الإضافات، وإلا مجرد التنقية قد نقول إنها لا تفسد الصوم، لكن هذه الإضافات لها أثر في إفساد الصوم، وبناء على ذلك نقول إن غسيل الكلى إنه يحصل به التفطير للصائم، فإذا أمكن أن يجعل بالليل وإلا إذا احتاج الإنسان لغسيل الكلى فإنه يفعل باعتبار أنه مريض ، ويقضي ذلك اليوم الذي حصل فيه غسيل الكلى هذه هي أبرز النوازل المتعلقة بكتاب الصيام، والله تعالى أعلم.
108
__________
(1) - سورة الإسراء آية : 78.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 06-09-2022, 02:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل

فقه النوازل (15)

سعد بن تركي الخثلان


هل يجوز أخذ أجرة ومبلغ من المال مقابل تغسيل الأموات وتحضير الكفن وشرائه وتجهيزه وتكفينه؟
نعم، لا بأس بذلك، عليه عمل المسلمين من قديم الزمان، وقد ذكر الفقهاء حكم يعني أخذ الأجرة على ذلك، ذكر بعض الفقهاء مثل هذا مع أن هذا من فروض الكفاية، ولكن لو قدر أن أحدًا طلب مبلغًا من المال وأعطي مقابل ذلك فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
هل يثبت دوران الأرض والوصول للقمر وما موقف المسلم من هذه الأخبار؟
أولا : يعني دوران الأرض، أي كون الأرض تدور أصبحت المسألة قطعية، ذلك أن الأرض صورت عن طريق الأقمار الصناعية وعن طريق الطائرات، والمسألة الآن ليست يعني محلًّا للشك أصلًا، المسألة أصبحت قطعية، بل إنك لو بحثت في بعض مواقع الإنترنت تجد صورا للأرض وهي تدور، قد رأيت هذا بنفسي، تجد صورا للأرض وهي تدور ، ويحسب دوران الأرض الآن في سير الطائرات والمركبات الفضائية وغيرها.
ولذلك أقول إنها أصبحت هذه المسألة من الأمور القطعية، بل إنني أقول إن ابن عاشور في التحرير والتنوير، ذكر أن قول الله تعالى: { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ } (1) قال إن هذه الآية تدل على دوران الأرض وعُبِّر عن الأرض بالجبال، وقال ولذلك قال ( وترى ) يعني لا يعرفه إلا قلة من الناس من هذه المعلومات، ولم يقل لم يلفت نظر الجميع لذلك، وإنما قال : وترى، فذكر أن المقصود بهذا المرور { وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ } (2) أن المقصود بذلك دوران الأرض والله تعالى أعلم.
وبكل حال يعني لا يمكن أن تقع مصادمة بين النصوص وبين الأمور القطعية، هذه المسألة أصبحت من الأمور القطعية التي ترى وتشاهد وتحسب، في سير المركبات الفضائية وغيرها، ولذلك فإن إنكارها من قبل طالب العلم يهز الثقة في المعلومات في الوقت الحاضر خاصة، قد يكون العلماء السابقون قد يكونوا معذورين بسبب عدم توفر المعلومات الكافية في هذا، لكن في الوقت الحاضر مع تقدم المعلومات وتيسرها وتصوير الأرض عن طريق الفضاء الخارجي، أصبحت المسألة قطعية، ونعتذر للعلماء السابقين بأنهم لم تتوفر لهم المعلومات الكافية حول هذه المسألة، ولذلك قالوا بعدم دوران الأرض، فالأرض تدور وكذلك الشمس تدور أيضًا { وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (40) } (3) .
وكذلك أيضًا ما ذكر من وصول القمر، لا مانع منه، قد ألف الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- رسالة في هذا وبين أنه ليس في النصوص ما يمنع من وصول القمر، الآن قد وصلوا إلى ما هو أبعد من القمر، فمثل هذه الأمور يعني ليس في النصوص ما يمنع منها، والله تعالى أعلم.
أريد اسم كتاب حتى أستطيع فهم هذه المادة؟
ليس هناك في الحقيقة كتاب معين، الحقيقة أبذل جهدًا في جمع أطراف هذه المادة، فليس هناك كتاب معين، لكن لعل هذه الدورة في الحقيقة توجد كتابًا، لعل هذه الدورة إن شاء الله إذا انتهت توجد كتابًا في هذا.
ما حكم قراءة الكف وحكم فك السحر بالسحر؟
قراءة الكف لا يجوز، هو من أعمال الشعوذة والدجل، وفك السحر بالسحر الصحيح أيضًا أنه لا يجوز، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - " سئل عن النشرة فقال : "هي من عمل الشيطان" " وهذا يقتضي تحريم ذلك.
متى تكون رؤية الهلال في المرصد حقيقة؟
إذا رؤي الهلال عن طريق المرصد هي رؤية حقيقية.
كيف نفرق بين الخسوف الكاذب وعدم وجود الخسوف أصلًا؟
ما يسمى بالخسوف الكاذب هو ليس بخسوف شرعًا أصلًا، ليس بخسوف شرعًا، ولكنهم الفلكيون يسمونه خسوفًا باعتبار ما يحصل هناك أن ضوء القمر يبهت قليلًا، ولا يدرك هذا إلا المختصين، ومثل هذا لا يسمى خسوفًا شرعًا ولذلك لا تشرع الصلاة عنده.
ما حكم وضع الزبالة الصغيرة أمام المصلين وجوار المصاحف؟
يعني لا يليق مثل هذا، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بحك النخامة، فلا ينبغي أن توضع أمام المصلين.
هل يقطع الرجل -ما هو واضح الخط- من أقام المصلي وهو يصلي دون سترة؟
لعله يقصد مرور الإنسان، أو مرور الرجل أمام من يصلي بدون سترة، هل يقطع الصلاة أم لا، هو لا يقطع الصلاة، ولكنه يؤثر في نقصان أجر المصلي، ولهذا فإن المصلي يدرأه ما استطاع " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره وأراد أحد من الناس أن يمر بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإن معه القرين " إنما الذي ورد بأنه يقطع الصلاة كما في صحيح مسلم، المرأة والحمار والكلب الأسود، هذه الأمور الثلاثة هي التي تقطع الصلاة، وما عداه فإنها لا تقطع الصلاة وإنما تؤثر في نقصان أجر المصلي.
نعم، إذا صلى بسترة طبعًا يكون بينه وبين السترة، أما إذا صلى من غير سترة، فمن العلماء من حدده بثلاثة أذرع، والأقرب، والله أعلم، هو أن الحد في ذلك إلى موضع سجوده، فإذا مر بين موضع سجوده وبين هذا المصلي، فإنه يقطع الصلاة إذا كان من هذه الثلاثة، وينقص من أجر المصلي إذا كان من غيرها، أما إذا كان بعد موضع السجود فإنه لا بأس بالمرور حينئذ، هذا هو أحسن ما قيل.
الحرم مستثنى من هذا، وذلك بسبب الزحام الشديد، الصحيح أن الحرم مستثنى، والأصول والقواعد الشرعية تدل لهذا، حتى لو لم يأت لهذا نص خاص، عند الفقهاء قاعدة إذا ضاق الأمر اتسع، ومن يرى كثرة الناس في الحرم، والحرج الذي يلحق الناس لو قيل بأن المرور بين يدي المصلي أنه يقطع الصلاة، يترجح، والله أعلم، أن الحرم مستثنى من هذه المسألة وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله، يرى أن الحرم مستثنى من هذه المسألة، وإن كان بعض الفقهاء يخالف في هذه المسألة، إن كان بعضهم يرى أن الحرم كغيره، ولهذا كما البخاري وجماعة من أهل العلم يرون أن الحرم كغيره، ولكن الذي يظهر هو ما ذكرنا، نعم.
ورد في الحديث: " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان عليه أن يقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه " هل هو أربعين يومًا أو أربعين شهرًا أو أربعين عامًا لم يوضح، المسجد النبوي كغيره، لكن هذا فقط خاص بالمسجد الحرام، ونكتفي بهذا القدر والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________
(1) - سورة النمل آية : 88.
(2) - سورة النمل آية : 88.
(3) - سورة يس آية : 40.
صــــــــــــــ ــ 112
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 06-09-2022, 02:44 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل


فقه النوازل (16)

سعد بن تركي الخثلان

بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، أما بعد:
ففي هذا الدرس معنا ثلاث مسائل في كتاب الحج سوف نتناولها إن شاء الله، وبنهاية هذا الدرس نكون قد انتهينا من النوازل في العبادات، الأسبوع القادم سوف يكون إن شاء الله النوازل في غير العبادات.
والمسائل التي بين أيدينا قبل أن ندخل فيها ونتكلم عنها أحب أن أنبه إلى بعض الأمور، وذلك بعد الاطلاع على الأسئلة الواردة من بعض الإخوة، فبعض الإخوة يستشكل إيراد بعض المسائل كيف تعتبر نازلة مع أنها ليست مسائل مستجدة، ونحن قد بينا في أول الدروس، في أول درس بينا المنهج الذي نسير عليه، وقلنا أننا سوف نذكر إن شاء الله المسائل المستجدة والمسائل غير المستجدة، لكن طرأ عليها أمر مستجد يتغير به الحكم، مسائل غير مستجدة لكن طرأ عليها أمر مستجد يتغير به الحكم، فنحن قلنا هذا هو المنهج الذي نسير عليه، وهذا هو المنهج الذي يسار عليه عندنا في الدراسات العليا في قسم الفقه بكلية الشريعة، فعندنا سلسلة في القسم في فقه النوازل في عدد من الأبواب الفقهية، فهذا هو المنهج الذي يسار عليه في الدراسات العليا، هو ما ذكرت لكم من ذكر المسائل المستجدة، أو المسائل غير المستجدة لكن طرأ عليها أمر مستجد يتغير به الحكم.
فعلى سبيل المثال يعني مسألة إجزاء الشعير في زكاة الفطر في الوقت الحاضر عند من لم يعتبره قوتًا، هذه وإن كانت مسألة ليست مستجدة، لكن طرأ عليها أمر مستجد، هو أن كثيرًا من البلدان أصبح الشعير ليس قوتًا عندهم وإنما هو علف للبهائم، فهنا يتغير الحكم عند هؤلاء الذين لم يعد الشعير قوتًا لهم.
الأمر الآخر أن بعض الإخوة يرى أن بعض المسائل التي تطرح ليست لها كبير أهمية وغيرها أهم منها، وأقول إن يعني الإخوة الموجودين هنا في هذا المسجد، والذين يتابعونا عن طريق الإنترنت من بيئات شتى، وربما بعض الإخوة باعتبار بيئته يرى عدم أهمية هذه المسألة لكنها تكون مهمة لآخرين، فلذلك نقول لبعض الإخوة ، وإن لم تكن هذه المسألة مهمة بالنسبة لك فإنها تهم غيرك من إخوانك المسلمين.
المسائل التي بين أيدينا:
المسألة الأولى: اتصال المسعى بالمسجد الحرام وأثر ذلك في الأحكام الشرعية.
والمسألة الثانية: اتصال منى بمكة، وأثر ذلك في حكم قصر المقيمين بمكة للصلاة بمنى.
الأمر الثالث: مقطوع الألية في الهدي والأضحية والعقيقة، مقطوع الألية، هل يجزئ في الهدي والأضحية والعقيقة أم لا؟
هذه هي المسائل الثلاثة التي سوف نتناولها إن شاء الله.

نبدأ بالمسألة الأولى وهي اتصال المسعى بالمسجد الحرام: نقول إن المسعى هو علم على المكان الذي تؤدى فيه شعيرة السعي، ابتداء من جبل الصفا وانتهاء بجبل المروة، ولم يكن المسعى عبر التاريخ الإسلامي لم يكن جزءًا من المسجد الحرام، ولا متصلًا به، بل كان منفصلًا عنه تمامًا، وما بين الحائط الشرقي للمسجد الحرام والمسعى ، يعني ما بين المسعى والمسجد الحرام أقيمت المساكن التي نمت وزادت على مر السنين وأنشئت بينهما، يعني بين المسعى والمسجد الحرام أنشئت الأسواق والمدارس والمنازل، ومن أشهر الأسواق التي كانت بين الحرم والمسعى، سوق الكتيبة، كان هذا سوقًا بين المسعى والمسجد الحرام، يسمى سوق الكتيبة، وأطلق عليه بعضهم اسم سوق الوراقين. ومن المدارس التي كانت بين المسجد الحرام والمسعى، من أشهرها مدرسة الشعرابي.
والمسعى نفسه إلى جانب أنه مشعر كان في فترة مضت كان سوقًا كبيرة تمتد على جانبيه الدكاكين والمتاجر والمساكن، وكانت السيارات تسير في بطن الوادي، ومن قبل السيارات البهائم والدواب، بل كان في نفس المسعى، كان يختلط الساعون بالمتسوقين، وهذا أمر معلوم لدى كبار السن.
وقد وصف هذا بعض المؤرخين، ومن المؤرخين الذين وصفوا ذلك، محمد طه الكردي في كتابه "التاريخ القويم لمكة وبيت الله الكريم" قال ومما ذكر في هذا الكتاب قال: وقفت ساحة المسجد الحرام عند الحد الذي بلغته بعد عمارة السلطان مراد خان عام 984 للهجرة، ولكن البناء حوله لم يتوقف، يعني البناء حول المسجد الحرام يعني ما بين المسجد الحرام والمسعى، بل ظل يزحف إليه حتى اتصلت به المنازل من جميع الجهات، وأصبحت الطرق المؤدية إليه أزقة ضيقة ملتوية، يعني نشأت في هذه المنطقة التي بين المسجد الحرام والمسعى، نشأت هذه المساكن، حتى أصبح يعني الوصول إلى المسعى فيه مشقة.

قال: وأصبحت الطرق المؤدية إليه، يعني إلى المسعى، أزقة ضيقة ملتوية، يجد في اجتيازها الذاهبون إليه والعائدون منه مشقة وعناء خاصة في أيام الحج، قال: وهكذا كانت حال المسعى فقد فصلت المباني الخاصة بينه وبين المسجد الحرام، وأصبح على مر العصور طريقًا تقوم على جوانبه الحوانيت تطؤها السلع المختلفة، وترتفع فوقها المساكن، والباعة المتجولون يعرضون بضائعهم في كل ركن منه، لقد أصبح موضع العبادة سوقًا يختلط قصاده للعبادة بقصد للبيع والشراء فيتزاحمون، حتى صار المسعى شاقًّا خشية التصادم بسبب الزحام إلى آخر ما ذكر.

المقصود أن يعني بعض المؤرخين أشار إلى هذه المسألة، ولعل من أسباب التغاضي عن هذه الظاهرة عبر القرون السابقة هو أن عدد الحجاج كان قليلًا، عدد الحجاج والمعتمرين كان قليلًا، فلم يكن ذلك يسبب مشكلة كبيرة، ولكن لما تكاثر عدد الحجاج والمعتمرين في الوقت الحاضر، وقامت المملكة العربية السعودية في عهد الملك سعود -رحمه الله- بتوسعة المسجد الحرام، ابتدأت أعمال هذه التوسعة عام 1375 للهجرة وهدمت المنازل والدور التي كانت بين المسجد الحرام، وبين المسعى، وعوض أصحابها عوض أصحاب تلك المنازل.
ثم فصل المسعى بأسلوب هندسي بحيث بعد إزالة تلك المساكن أصبح متصلًا بالحرم، أصبح متصلًا بالمسجد الحرام بعد إزالة وفصل تلك المنازل عنه، وقسم إلى قسمين قسم يذهب من الصفا إلى المروة، والآخر من يعود من المروة إلى الصفا، وهذا التقسيم حدث مع التوسعة، وإلا فكان في السابق ليس هناك تقسيم، وذلك بسبب كثرة أعداد الحجاج، وهذا من توفيق الله - عز وجل - وهذا مما يذكر من باب الاعتراف لأصحاب الفضل بفضلهم يذكر من محاسن الدولة السعودية عنايتها بالمسجد الحرام.
فاتصل المسعى بهذا، اتصل المسعى بالمسجد الحرام وأزيلت تلك المساكن. لما اتصل الآن المسعى بالمسجد الحرام، هل يتغير الحكم الشرعي، هل نقول إن هذا المسعى الآن أصبح حكمه حكم المسجد الحرام، أو نقول إنه منفصل عنه، تجد في عامة كتب أهل العلم يعتبرون المسعى خارجًا عن المسجد الحرام، ولذلك يجوز للحائض أن تسعى وهي حائض، بينما لا يجوز لها أن تطوف وهي حائض، يعللون ذلك بأن المسعى منفصل عن المسجد الحرام، يجوز للإنسان أن يسعى وهو على غير طهارة، بينما ليس له أن يطوف إلا بطهارة، لكن الآن اتصل المسعى بالمسجد الحرام، فهل نقول إن المسعى يأخذ حكم المسجد الحرام، بعد هذا الاتصال، فهذا وجه اعتبار هذه المسألة نازلة، أنه على مدار القرون الماضية كان المسعى منفصلًا عن المسجد الحرام، والآن اتصل.
ثم فصل المسعى بأسلوب هندسي بحيث بعد إزالة تلك المساكن أصبح متصلًا بالحرم، أصبح متصلًا بالمسجد الحرام بعد إزالة وفصل تلك المنازل عنه، وقسم إلى قسمين قسم يذهب من الصفا إلى المروة، والآخر من يعود من المروة إلى الصفا، وهذا التقسيم حدث مع التوسعة، وإلا فكان في السابق ليس هناك تقسيم، وذلك بسبب كثرة أعداد الحجاج، وهذا من توفيق الله - عز وجل - وهذا مما يذكر من باب الاعتراف لأصحاب الفضل بفضلهم يذكر من محاسن الدولة السعودية عنايتها بالمسجد الحرام.
فاتصل المسعى بهذا، اتصل المسعى بالمسجد الحرام وأزيلت تلك المساكن. لما اتصل الآن المسعى بالمسجد الحرام، هل يتغير الحكم الشرعي، هل نقول إن هذا المسعى الآن أصبح حكمه حكم المسجد الحرام، أو نقول إنه منفصل عنه، تجد في عامة كتب أهل العلم يعتبرون المسعى خارجًا عن المسجد الحرام، ولذلك يجوز للحائض أن تسعى وهي حائض، بينما لا يجوز لها أن تطوف وهي حائض، يعللون ذلك بأن المسعى منفصل عن المسجد الحرام، يجوز للإنسان أن يسعى وهو على غير طهارة، بينما ليس له أن يطوف إلا بطهارة، لكن الآن اتصل المسعى بالمسجد الحرام، فهل نقول إن المسعى يأخذ حكم المسجد الحرام، بعد هذا الاتصال، فهذا وجه اعتبار هذه المسألة نازلة، أنه على مدار القرون الماضية كان المسعى منفصلًا عن المسجد الحرام، والآن اتصل.
قبل أن أشير إلى هذه المسألة يعني أشير إلى أيضًا ما دمنا أشرنا إلى الجهود التي قد بذلت في إزالة المساكن والدكاكين التي بين المسعى والمسجد الحرام، أشير إلى أنه أيضًا كان في المسجد الحرام نفسه كان هناك مقامات، مقام للمذهب الحنفي، المقام الحنفي، والمقام المالكي، والمقام الحنبلي، وكان المقام الحنفي يصلي بهم إمام من أتباع مذهب أبي حنيفة، والحنفية يصلون خلفه، والمقام المالكي يصلي بهم إمام من المذهب المالكي، والمقام الحنبلي يصلي بهم إمام من المذهب الحنبلي، فكانت تقام عدة جماعات في المسجد الحرام، يعني لم يكن هناك إمام واحد، بل كان هناك عدد من الأئمة.

الغريب في الأمر أن هذه المقامات موجودة من وقت طويل، وقد ذكر المؤرخ إبراهيم بن عيسى المتوفى سنة 1079 للهجرة، ذكر أن وقت حدوث هذه المقامات غير معروف تحقيقًا، قال: ورأيت ما يدل على أن المقام الحنفي والمالكي كانا موجودين في سنة سبع وتسعين وأربعمائة للهجرة، يعني 497، كان المقام الحنفي والمالكي موجودين، وأن الحنبلي لم يكن موجودًا، قال: ووجدت ما يدل عليه أنه موجود في سنة الأربعين وخمسمائة.

وذكر أيضًا حسين عبد الله با سلامة بأن إحداثها كان القرن الرابع أو الخامس، يعني أن هذه المقامات لها أكثر من تسعمائة سنة، إذا قلنا أن المقام الحنفي والمالكي كانا موجودين سنة 497، ولم تزل إلا قريبًا في وقت الملك عبد العزيز، معنى ذلك أنها بقيت قرابة تسعمائة سنة أو تزيد، فكان الناس في المسجد الحرام يصلون جماعات وأكثر من إمام.
طيب ما موقف العلماء، العلماء أنكروا هذا لكن حاولوا إزالة مثل هذه المقامات وتوحيدهم على إمام واحد، لكن لم تجد محاولاتهم، وكتب في هذا كتابات ومؤلفات في إنكار هذا العمل، كيف يكون يعني الناس في المسجد الحرام جماعات وعلى مذاهب، والحنفي لا يصلي خلف المالكي، والمالكي لا يصلي خلف الحنفي، والحنبلي لا يصلي خلف المالكي أو الحنفي، هذا من التفرق، لكن الغريب في الأمر يعني استمرارها هذه المدة الطويلة أكثر من تسعمائة سنة، حتى قيد الله - عز وجل - الدولة السعودية فجمعت الناس على إمام واحد، كان ذلك سنة 1343، لما دخل الملك عبد العزيز -رحمه الله- الحجاز، جمع الناس على إمام واحد.
وفي سنة 1377 أصدر الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- مفتي المملكة أصدر فتوى بإزالة المقامات الثلاثة، ولم يكن فيه إلا مقامات ثلاثة، الحنفي والمالكي والحنبلي، الشافعي ليس موجودًا، عام 1377، وأزيلت تلك المقامات وأصبح الناس، ولله الحمد، على إمام واحد، بعدما كانت هذه المقامات موجودة مدة طويلة، وهذا يعني كما ذكرت من باب الاعتراف لأهل الفضل بفضلهم من محاسن الدولة السعودية.
وقد كان هناك يوجد حفرة عن يمين الواقف أمام باب الكعبة، يسميها العامة حفرة التوبة، كان الناس يقعون في هذه الحفرة يسمونها حفرة التوبة، ثم دفنت أيضًا في ذلك التاريخ دفنت هذه الحفرة، فأصبح يعني الحال على ما هو عليه الآن كان هذا من فضل الله - عز وجل - وتوفيقه.
المسألة التي بين أيدينا الآن اتصال المسعى بالمسجد الحرام، ما أثره في الأحكام الشرعية.
اختلف العلماء في هذه المسألة، فبعض أهل العلم قال إن المسعى لما اتصل بالمسجد الحرام فينبغي أن يأخذ حكم المسجد، فيترتب على ذلك أن الحائض لا يجوز لها أن تسعى وهي حائض ولا أن تمكث في المسعى، وهكذا بالنسبة للجنب، ومن العلماء من قال إنه : وإن اتصل بالمسجد الحرام إلا أنه يبقى مشعرًا منفصلًا عنه.
وقد بحثت هذه المسألة في مجمع الفقه الإسلامي لرابطة العالم الإسلامي في الدورة الرابعة عام 1415 للهجرة، قبل اثني عشر عامًا، واختلف العلماء في المجمع في هذه المسألة، ولكن صدر قرار بالأغلبية بأن المسعى لا يأخذ حكم المسجد، كان يرأس المجمع الفقهي سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله، وجاء في قرار المجمع أن المسعى بعد دخوله ضمن مبنى المسجد الحرام، لا يأخذ حكم المسجد، ولا تشمله أحكامه لأنه مشعر مستقل، يقول الله - عز وجل - { * إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ جچح!$yèx© اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا } (1) وقد قال بذلك جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة.
وتجوز الصلاة فيه متابعة للإمام في المسجد الحرام في غيره من البقاع الطاهرة، ويجوز المكث فيه والسعي للحائض والجنب، وإن كان المستحب في السعي الطهارة.
إذًا مجمع الفقه يرى أن الأحكام المدونة في كتب الفقهاء المتقدمين تبقى كما هي من أن الحائض يجوز لها أن تسعى وهي حائض، وأنه لا يشترط الطهارة للسعي، وأنه وإن اتصل بالمسجد الحرام إلا أنه يبقى منفصلًا عنه باعتبار أنه مشعر. هذا هو الذي ذهب إليه أكثر أهل العلم، وهو الأقرب في هذه المسألة والله تعالى أعلم.
ويترتب على هذا أن الساحات الخارجية التي خلف المسعى ليست من المسجد الحرام، لأنه إذا كان المسعى ليس من المسجد الحرام، فمن باب أولى الساحة التي خلفه ليست من المسجد الحرام، ولذلك من أتى لهذه الساحة له أن يجلس من غير أن يأتي بتحية المسجد باعتبار أنها ليست من المسجد الحرام، ولا تأخذ حكم المسجد الحرام، ولكن إذا اتصلت الصفوف فإنها تأخذ حكم المسجد باعتبار اتصال الصفوف، ويكون للمصلي أجر من صلى في المسجد الحرام مائة ألف صلاة، وهذا حتى في غير المسجد الحرام لو افترضنا أن هذا الجامع مثلًا امتلأ بالمصلين يوم الجمعة وصلى بعض الناس خارج الجامع فإن صلاتهم خارج الجامع، تأخذ حكم صلاتهم داخل الجامع ما دامت الصفوف متصلة، هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
اتصال منى بمكة وأثر ذلك في حكم قصر المقيمين بمكة للصلاة في منى

المسألة الثانية من نوازل في كتاب الحج: اتصال منى بمكة وأثر ذلك في حكم قصر المقيمين بمكة للصلاة في منى:

نقول : إن منى لم تكن من قبل متصلة بمكة ، بل كان بينها وبين عامر مكة، كان بين منى وعامر مكة جبال وأودية وشعاب، فالمسافة بينهما يطلق عليها سفر عند بعض الفقهاء، كما عند شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وجمع من الفقهاء، ولكن في الوقت الحاضر اتصلت منى بمكة، بل إن منى أصبحت تكاد أن تصبح حيًّا من أحياء مكة، بل إن بعض الأحياء بعض أحياء مكة، لا يمكن الوصول إليها إلا عن طريق منى، ومن يذهب إلى منى من أهل مكة لا يحتاج إلى حمل زاد ومزاد، وليس في عرف الناس اليوم أن من يذهب من مكة إلى منى أنه يقول قد سافرت إلى منى، بل هو في انتقاله من مكة إلى منى كانتقاله لأي حي من أحياء مكة، بل بعض أحياء مكة أبعد من منى.
فهذا الاتصال لا يمكن أن يقال معه أن المسافة بين منى ومكة مسافة قصر، وهذا يقودنا قبل أن نشير إلى كلام أهل العلم في هذه المسألة، مسألة اتصال منى بمكة، وأثره في القصر بالنسبة لأهل مكة، نشير أولًا إلى آراء العلماء في حكم قصر أهل مكة للصلاة، في حكم قصرهم الصلاة بمنى وبعرفة وبمزدلفة. نقول اختلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن أهل مكة لا يقصرون ولا يجمعون في هذه المشاعر، ومنها منى، وهذا هو المشهور من مذهب الشافعية، وهو قولٌ عند الحنابلة.
القول الثاني: أنهم يجمعون ولا يقصرون، وهذا هو مذهب الحنفية، قال به طائفة من أصحاب أحمد، ومن أصحاب الشافعي.
القول الثالث: أنهم يجمعون ويقصرون، يجمعون ويقصرون في منى وعرفات ومزدلفة، يجمعون ويقصرون، وهذا هو مذهب مالك، وهذا القول هو الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن قيم رحمهما الله تعالى.

فإذا نجد أن من الفقهاء من قال أنهم لا يجمعون ولا يقصرون، ومنهم من قال يجمعون ولا يقصرون، ومنهم من قال يجمعون ويقصرون، لكن من قال بأنهم يجمعون ولا يقصرون، أو يجمعون ويقصرون، هل الجمع والقصر هنا لأجل النسك، أو لأجل السفر، خلاف بين أصحاب هذا القول، فمنهم من قال إن سبب الجمع هو النسك، أن الجمع هنا والقصر لأجل النسك.
ولكن هذا القول يرد عليه، يرد على القول بأن الجمع والقصر لأجل النسك، يرد عليه إشكالية، وهي أننا لو قلنا بأن هذا الجمع والقصر لأجل النسك فيترتب على هذا أن المكي إذا أحرم في بيته جاز له أن يقصر وأن يجمع، ولا قائل بذلك من العلماء. اتضح المقصود، لو قلنا بأن القصر والجمع لأجل النسك يترتب على هذا أن المكي إذا أحرم في بيته جاز له أن يقصر وأن يجمع وهو في البيت لأنه تلبس بالنسك الآن، ولا قائل بذلك من أهل العلم، فهذا يرد على القول بأنه لأجل النسك، ولذلك فإن هذا القول قول ضعيف، وإن كان بعض العلماء قد تبناه هربًا من الإشكالية الواردة، بعض العلماء المعاصرين تبنى هذا القول هربا من الإشكالية الواردة وهي اتصال منى بمكة، وحينئذ فالصواب أن القصر لأجل السفر وليس لأجل النسك.
وقد تبنى هذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية ونصره، وهو أن القصر لأجل السفر وليس لأجل النسك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- قال : إن من تأمل الأحاديث في حجة الوداع وسياقَها علم علمًا يقينيًّا أن الذين كانوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل مكة وغيرهم صلوا بصلاته قصرًا وجمعًا، ولم يفعلوا خلاف ذلك، ولم ينقل أحد قط عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال بعرفة أو مزدلفة أو بمنى : يا أهل مكة أتموا فإنا قوم سفر، وإنما نقل أنه قال ذلك في نفس مكة، كما رواه أهل السنن عنه، وقوله ذلك في داخل مكة دون عرفة ومزدلفة ومنى دليل على الفرق.
إذًا شيخ الإسلام -رحمه الله- يرى أن القصر والجمع إنما هو لأجل السفر، وهكذا أيضًا ابن القيم، وهكذا أيضًا هو مذهب المالكية، وإن كان المالكية مذهبهم أن السفر المبيح للترخص، هو ما كان يوم وليلة وهو في حدود ثمانية كيلو متر تقريبًا لكنهم يستثنون هذه المسألة، وإن لم نقف على قول أو تعليل لهم في كتبهم بأن ذلك لأجل النسك.
ولكن سبق أن قررنا أن القول بأنه لأجل النسك قول ضعيف فيبقى القول بأن من قال من العلماء بأن أهل مكة يقصرون العلة بذلك السفر، كيف يعتبر سفرًا والمسافة ليست كبيرة بين منى وبين مكة، قرر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وذكر أنه يوجد بين مكة ومنى، يوجد صحراء فيها أودية وشعاب وجبال، وهكذا بينها وبين عرفات وبين مزدلفة، وهذا يسمى على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية يعتبر سفرا.
هذا القول قبل اتصال منى بمكة قول متجه، لكن الآن لما اتصلت منى بمكة هنا تنتفي هذه العلة، معلوم أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، وكما قدمنا اتصلت الآن منى بمكة، وتكاد تصبح حيًّا من أحيائها ولا يمكن أن نعتبر المسافة الآن بين منى ومكة مع هذا الاتصال، لا يمكن اعتبارها سفرًا، ولو تأملت يعني هذا التصور وجدت أن الآن منى اتصلت الآن بحي العزيزية، وهذا الاتصال يجعلنا نقول : إن أهل مكة في هذه الحال ليس لهم أن يترخصوا برخص السفر؛ لأن المسافة ما بين منى ومكة لم تعد سفرًا بعد اتصال منى بمكة، لم تعد هذه المسافة سفرًا.
ومن قال بجواز القصر والجمع، فعلل ذلك بأنه لأجل السفر، ولم تعد هذه المسافة في وقتنا الحاضر تعد سفرًا، ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذهب إلى قباء كل سبت، يعني كل أسبوع ويصلي فيه ركعتين في مسجد قباء، والمسافة ما بين مسجده - صلى الله عليه وسلم - وقباء أطول من المسافة التي بين مكة الآن ومنى، ومع ذلك لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى في قباء لم يكن يقصر الصلاة.
بل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- الذي يرى القصر لأهل مكة في منى يقول: إن مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت بمنزلة القرى المتقاربة، عند كل قوم نخيلهم ومقابرهم ومساجدهم قباء وغير قباء، ولم يكن خروج الخارج إلى قباء سفرًا، ولهذا لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يقصرون في مثل ذلك، والمنتقل في المدينة من ناحية إلى ناحية ليس بمسافر ولا يقصر الصلاة، هذا من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية في حال المدينة وعواليها وقراها المحيطة بها، فمن باب أولى منى مع مكة في الوقت الحاضر.
فنقول إذًا إن علة قصر أهل مكة في منى إما أن تكون لأجل النسك وهذا قلنا أنه قول ضعيف، أو لأجل السفر، وهذا قول متجه قبل اتصال منى بمكة، وأما بعد اتصال منى بمكة فلم تعد هذه العلة باقية الآن، انتفت علة السفر والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، ولهذا نقول إن أهل مكة إذا حجوا فإنهم في منى وفي عرفات وفي مزدلفة لا يقصرون ولا يجمعون، اللهم إلا إذا كان في ترك الجمع حرج كبير، فيجوز لهم الجمع لأجل هذا الحرج، أما القصر فليس لهم القصر مطلقًا.
ويأخذ حكم أهل مكة المقيمين فيها من غير أهل مكة إقامة طويلة، مثل الجنود الذين يقيمون إقامة طويلة ونحوهم فيأخذون حكم أهل مكة في هذا. وهذه المسألة من المسائل التي يكثر السؤال عنها والحكم فيها كما سمعتم على هذا التفصيل، على أن أكثر أهل العلم وجمهور أهل العلم قبل اتصال منى بمكة يرون أن أهل مكة لا يقصرون، فكيف مع اتصال منى بمكة في الوقت الحاضر، هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
__________
(1) - سورة البقرة آية : 158.
صــ 124


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 06-10-2022, 11:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل

فقه النوازل (17)

سعد بن تركي الخثلان

حكم الأضحية والهدي والعقيقة بمقطوع الألية
المسألة الثالثة، وهي متعلقة بباب الهدي والأضحية والعقيقة، وهي مسألة مقطوع الألية:

والألية تضبط هكذا بفتح الهمزة، كما قال ابن منظور في لسان العرب، قال ابن منظور: الألية بالفتح العجيزة للناس وغيرهم، وألية الشاة وألية الإنسان مفتوحة الألف، وقال : ولا تقل إلية فإنها خطأ.
وجه اعتبار هذه المسألة من النوازل، هو أن قطع الألية لم يكن معروفًا ومشتهرًا في المجتمعات الإسلامية، قطع الألية بالنسبة للأغنام لم يكن معروفًا ومشتهرًا، وإن كان قد يوجد لكن لم يكن معروفًا ومشتهرًا، وفي الوقت الحاضر أصبحت كثيرٌ من الأغنام التي ترد خاصة من أستراليا ونيوزيلندا وبعض الدول الأوربية تأتي وقد استؤصلت أليتها، فهل تجزئ تلك الأغنام مع استئصال الألية هل تجزئ في الهدي والأضحية والعقيقة أم لا؟
بعض الفقهاء المتقدمين أشاروا لهذه المسألة ربما على سبيل الافتراض أو أنها ربما توجد لكن بقلة، وقد أشار لها الموفق ابن قدامة في المغني إشارة مختصرة، فقال رحمه الله: ولا تجزئ ما قطع منها عضو كالألية، ولكن لم يتوسع الفقهاء المتقدمون في هذه المسألة كما ذكرت بسبب أن هذا لم يكن معروفًا ومشتهرًا في المجتمعات الإسلامية، لكن في الوقت الحاضر أصبح هذا كثيرًا، وذلك أن القائمين على تربية تلك الأغنام يرون أن الألية إذا قطعت فإن ذلك يؤدي إلى مردود اقتصادي بالنسبة لهم، فقطع الألية يسبب سمن تلك الأغنام مما يؤدي إلى ارتفاع قيمتها فيكون في ذلك مردود اقتصادي لهم.
لما أصبحت تلك الأغنام تأتي وتُستورد، بحث مجلس هيئة كبار العلماء بالمملكة هذه المسألة قبل عشر سنوات، وأصدر فيها قرارًا جاء فيه أن مجلس الهيئة درس موضوع حكم الأضحية والهدي والعقيقة بمقطوع الألية؛ لأن أكثر الأغنام التي ترد إلى المملكة من أستراليا ونيوزيلندا وبعض الدول الأوروبية مستأصلة أليتها، واطلع المجلس على البحوث المعدة فيه، وعلى الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو دواد والترمذي والنسائي وابن ماجه في سننهم والدارمي، والبيهقي والحاكم من طرق متعددة: " أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نستشرف العين والأذن، وأن لا نضحي بعوراء ولا مقابَلَة - والمقابلة هي التي شقت أذنها من الأمام عرضًا - ولا مدابَرة - وهي التي شقت أذنها من الخلف عرضا - ولا شرقاء - هي التي شقت أذنها طولًا - ولا خرقاء - وهي التي خرقت أذنها " قال زهير أحد رواة الحديث قلت لأبي إسحاق ما المقابلة إلى آخره.
وجاء في بعض طرق حديث علي عند البيهقي: " نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يضحى بعضباء الأذن والقرن " قال قتادة أحد رواة الحديث وسألت سعيد بن المسيب عن العضب فقال : النصف فما زاد، أي قطع النصف فأكثر من الأذن أو القرن، هذا هو الأصل في هذه المسألة.
وقرر المجلس بالأكثرية أنه لا تجزئ الأضحية ولا الهدي ولا العقيقة بمقطوع الألية؛ لأن الألية عضو كاملٌ مقصود، فصار مقطوعها أولى بعدم الإجزاء من مقطوع القرن والأذن، إذًا التعليل أن الألية عضو كامل مقصود، فصار مقطوعها أولى بعدم الإجزاء من مقطوع القرن والأذن، يعني إذا كان مقطوع القرن والأذن لا يجزئ فلا يجزئ مقطوع الألية من باب أولى، فالألية ذات قيمة ومرادة ومقصودة في نفسها.
ولهذا عند إكرام الضيف في بعض المجتمعات يرون أن وجود الألية على الذبيحة أنه رمز لإكرام الضيف، وأن تقديم الذبيحة بدون الألية يشعر بالنقص في إكرام ذلك الضيف، لا زال هذا موجودًا عند بعض المجتمعات، وهذا يدل على أن الألية مقصودة ومرادة في ذاتها، فهي عضو مقصود، فإذا كانت عضوًا مقصودًا، فقطعها يجعلنا نقول : إن تلك الأغنام التي قطعت منها لا تجزئ، فهي أولى بعدم الإجزاء من مقطوع الأذن والقرن، إذا كان مقطوع القرن والأذن لا يجزئ، مع أن القرن والأذن قد لا يستفاد منهما، فمقطوع الألية من باب أولى، ولهذا عند الأضحية والهدي والعقيقة ينبغي التأكد من هذا، من أن ما تريد أن تضحي به أو ما تريد أن تهديه أو ما تريد أن تجعله عقيقة تتأكد من أنه ليس مقطوع الألية.
يوجد بعض الأغنام تشبه مقطوع الألية لكنها يكون لها ذيل قصير بأصل خلقتها، بأصل الخلقة، فهذه تجزئ، هذه تجزئ لأنها لم تقطع الألية منها، وإنما أتت هكذا بأصل خلقتها، ومن ذلك بعض الأغنام الأسترالية، بعض الأغنام الأسترالية لا يكون لها ألية، وإنما يكون لها ذيل كذيل البقرة، فهذه التي ليست لها ألية خلقة، وإنما لها ذيل تجزئ في الهدي والأضحية والعقيقة إذا توفرت الشروط الأخرى.
هذا هو حاصل كلام أهل العلم في هذه المسألة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 24-12-2022, 09:41 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل

فقه النوازل (18)

سعد بن تركي الخثلان

قال: نازلة الرمي بالليل في الحج؟
نعم، لم أذكر هذه المسألة أو هذه النازلة باعتبار أن الحكم فيها الآن أصبح مستقرًّا وظاهرًا وليس فيها كثير إشكال، كان الاستشكال في بداية الأمر، لكن استقر الآن رأي عامة العلماء المعاصرين، بجواز الرمي ليلًا، ولا أعرف الآن عالمًا من العلماء المعتبرين الكبار يرى عدم الجواز، فاستقر الأمر على هذا، ولهذا لم نذكرها لأنه قد استقر عليها رأي عامة العلماء المعاصرين؛ لأن الرمي بالليل لم يكن يحتاج له الناس من قبل بسبب قلة عدد الحجاج.
وأذكر أن الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله- يذكر أنه يعني في أول موسم الحج يقول : كنا نطوف ونقبل الحجر الأسود في كل شوط، بسبب قلة الناس في ذلك الوقت، يقول: ونقيم بمكان يعني مسجد الخيف ونرى الناس وهم يرمون الجمرة، فكان الناس يعني لم تكن أعداد الحجاج كثيرة، لكن في الوقت الحاضر زاد أعداد الحجاج زيادة كبيرة؛ بسبب أولًا كثرة سكان الكرة الأرضية، سكان الكرة الأرضية تضاعف الآن، وأيضًا بسبب تيسر وسائل المواصلات.
إذا كانت علة القصر والجمع السفر وما فيه مشقة، الآن توجد مشقة بسبب الزحام وكثرة الناس، ألا يكون ذلك سببا للقصر والجمع؟
العلة في القصر والجمع هي السفر، متى ما وجد السفر جاز الترخص برخص السفر، لكن إذا لم يوجد السفر فليس للإنسان الترخص بحجة الزحام والمشقة، الزحام والمشقة نعم قد تكون سببًا للجمع، لا للقصر، فالقصر لا بد من وجود علة السفر، لا بد، أما الجمع فيجوز عند وجود الحرج مطلقًا سواء وجد السفر أو لم يوجد، لما جاء في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر " فسئل ابن عباس عن ذلك فقال: أراد أن لا يحرِّج أمته، فدل ذلك على أنه إذا وجد الحرج جاز الجمع، إذا وجد الحرج بترك الجمع جاز الجمع في هذه الحال، أما القصر فإنه لا بد من وجود السفر.
وهل يحد السفر مسافة معينة أو لا يحد؟
اختلف العلماء في ذلك اختلافًا كثيرًا، والمذاهب الأربعة على أنه يحد، ومنهم من حدد بالزمان، ومنهم من حدد بالمسافة، وشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- وجماعة من أهل العلم، يرون عدم التحديد وأن ذلك راجع للعرف، ولكن الواقع أن العرف لا ينضبط، ولذلك تجد أن أحيانًا يخرج مجموعة من طلاب العلم، إلى مكان ويختلفون، بعضهم يقول : إن العرف يدل على أن هذه المسافة السفر، وآخرون يقولون : إن العرف يدل على أنها ليست بسفر.
والأقرب، والله أعلم، في هذه المسألة هو ما عليه جمهور أهل العلم من تحديد المسافة، بما ورد في قول النبي - صلى الله عليه وسلم - " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم " فهنا ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - أقل مدة للسفر، قال : مسيرة يوم وليلة، ولو كان السفر يصدق على أقل من هذه المدة لذكره؛ لأن السياق يقتضي ذلك، ومسيرة يوم وليلة يعبر عنه بعض الفقهاء من فقهاء الحنابلة بمسيرة يومين قاصدين بسير الإبل المحملة، وهي تعادل تقريبًا ثمانين كيلو مترا.
هذا هو الأقرب في هذه المسألة وهو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله، أولًا لهذا الحديث.
ثانيًا: لأن هذا قد أثر عن بعض الصحابة ومنهم ابن عباس وابن عمر، فكانا يقولان يا أهل مكة لا تقصروا في أقل من أربعة برد، وأربعة برد تعادل ثمانين كيلو مترا تقريبًا، ولا شك أن الصحابة هم أعلم الناس بشريعة الله، وأعلم الناس بمراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعلم الناس بمدلول لغة العرب، فالأقرب هو التحديد بنحو ثمانين كيلو مترا، هذا هو الأقرب في هذه المسألة.

ما حكم الجماعات التي تقام في المسجد الحرام، وهل يصح أن تقام جماعتان أو ثلاثة في وقت واحد؟

أما إقامة أكثر من جماعة في وقت واحد فهذا غير مشروع، هذا غير مشروع، ولكن إذا أقيمت الجماعة الأولى ثم أتى مجموعة فالصحيح أنه يشرع لهم أن يقيموا جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى، وإن كان المسألة فيها خلاف، لكن هذا هو الأقرب، والله أعلم، وهو الذي عليه أكثر العلماء، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بالناس وقد دخل رجلٌ قال: " من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ " المعلوم أنه إذا صلى معه أحد كانت جماعة أخرى بعد الجماعة الأولى التي أمهم فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - فدل ذلك على أن هذا لا بأس به لكن يكون هذا بصفة عارضة لا يكون بصفة مستمرة.

رأيت كتابًا في هذا الموضوع فقه النوازل هل اطلعتم عليه؟

نعم الكتاب الذي أشار الأخ السائل اطلعت عليه، وفقط فيه جمع لبعض كلام العلماء المعاصرين.
هل إسدال اليد بعد الرفع من الركوع سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم؟
الظاهر، والله أعلم، أن اليدين بعد الرفع من الركوع يكون وضعهما على هيئة وضعهما قبل الركوع، أي أنه يضع اليد اليمنى على اليسرى على صدره، هذا هو الأقرب في هذه المسألة.
الإيجار المنتهي بالتمليك ما حكمه؟
سبق أن تكلمنا عنه في الدورة الماضية في العام الماضي بالتفصيل، فلعل الأخ السائل يرجع إلى موقع الجامع على الإنترنت وسيجد الجواب المفصل عن هذا السؤال.
إذا دفن الميت وجاء قوم يصلون عليه هل يصلون جماعة أم فرادى؟
يصلون عليه جماعة، يصلون عليه جماعة ولا حرج في ذلك.

في زماننا هذا أليس الأفضل أن تخرج زكاة الفطر مالًا - يقصد نقدا - حتى يستفيد المستحقون من هذا النقد؟

نقول هذا الإيراد يرد في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت النقود موجودة، فكان هناك الدراهم والدنانير، ولا شك أنها أنفع للفقراء من الطعام، لأن الفقير يستطيع أن يشتري بهذه الدراهم والدنانير ما شاء من طعام وغيره، ومع ذلك فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بإخراج زكاة الفطر طعامًا، وهكذا كان هو الذي عليه العمل في القرون الثلاثة المفضلة.
ثم إن إخراج زكاة الفطر نقدًا يجعل المسألة لا فرق بين زكاة الفطر، وبين زكاة المال، لو قلنا بجواز إخراجها نقدًا، لم يعد هناك فرقٌ بين زكاة الفطر، وبين زكاة المال، ثم أيضًا زكاة الفطر شعيرة، ولا بد من إبراز هذه الشعيرة في المجتمعات الإسلامية، وإخراجها نقدًا، لا تبرز معه هذه الشعيرة، تصبح كأنها صدقة خفية كسائر الصدقات، بينما إخراجها طعامًا يجعلها شعيرة ظاهرة يراها الناس، ويراها الصغير والكبير، وعامة الناس، فتبرز هذه الشعيرة في المجتمع، وهذا أمر مقصود شرعًا.
كل هذه المعاني تفوت مع إخراجها نقدًا، ثم أيضًا إن الغالب أنه عند إخراجها نقدًا أنها لا تصل لمستحقيها قبل صلاة العيد، وإن كان قد يقال أنه ربما بعض الناس يكون عندهم تحر، لكن من خلال التجربة وجدنا أن الذين يجمعون زكاة الفطر نقدًا، يحصل منهم شيء من التفريط فلا تصل إلى مستحقيها قبل صلاة العيد، وبكل حال فالسنة قد دلت على أنها إنما تخرج طعامًا لا نقدًا.
طيب، من صلى في الشقق القريبة من الحرم هل له مائة ألف صلاة، وهل من صلى بمسجد قريب من الحرم له ذلك؟
هذه مسألة خلافية وصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من صلى في المسجد الحرام فإن صلاته تعدل مائة ألف صلاة، مائة ألف صلاة حسبها بعض العلماء كالنحَّاس وغيره قالوا إنها تعدل ما لو صلى الإنسان الصلوات الخمس خمسًا وخمسين سنة وبضعة أشهر، يعني عمر طويل الصلاة الواحدة فقط، يعني لو صليت فريضة واحدة تعدل ما لو صليت هذه الفريضة خمسًا وخمسين سنة وأشهرًا، وهذا يدل على فضل الصلاة في المسجد الحرام.
ولكن هل هذا خاص بالمسجد أو أنه يشمل الحرم كله، فيشمل المساجد القريبة من المسجد الحرام، ويشمل منى، ويشمل مزدلفة، هذه المسألة محل خلاف بين أهل العلم، والأقرب، والله أعلم، أن هذا الفضل خاص بالمسجد الحرام، أن هذا الفضل خاص بالمسجد؛ لأنه جاء في صحيح مسلم في هذا الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " صلاة في مسجدي هذا، تعدل ألف صلاة فيما سواه، إلا مسجد الكعبة " قوله إلا مسجد الكعبة فيه إشارة إلى أن الفضل إنما يختص بمسجد الكعبة فقط، ولا يشمل جميع منطقة الحرم، فهذا هو الأقرب، وإن كانت الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في غير الحرم.
ولهذا كان - عليه الصلاة والسلام - لما أقام بالحديبية، كان إذا أراد أن يصلي دخل في حدود الحرم، الصلاة في الحرم أفضل من الصلاة في غير الحرم، لكن كلامٌ عن الفضل الخاص، وهو مائة ألف صلاة، هذا الظاهر، والله أعلم، أنه إنما يختص بمسجد الكعبة فقط، نعم هذه مسألة أخرى يعني هو المسجد الحرام يطلق أيضًا على الحرم: { إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ } (1) المقصود به الحرم كله، وليس المقصود المسجد فقط، هذه يحددها السياق، لكن الفضل الظاهر، والله أعلم، أنه خاص بالمسجد.
هل الطابق الثاني من المسعى بنفس أجر السعي بالطابق الأرضي؟
نعم، الطابق الثاني حكمه حكم المسعى في الدور الأرضي ولأن الهواء له حكم القرار، وهكذا بالنسبة للطواف، وهكذا بالنسبة للصلاة أيضًا، أنت عندما تصلي للكعبة ربما تصلي في مكان مرتفع، أو مكان منخفض فلا تصلي إلى بناء الكعبة، لكنك تصلي إلى يعني الهواء مقابل لقرار الكعبة، هكذا أيضًا نقول بالنسبة للمسعى، فالطابق الثاني حكمه حكم المسعى الأرضي ولا وجه للتحرج في الطابق العلوي في المسعى، لا وجه للتحرج.
قال: وإذا كان هذا صحيحًا نرجو الاقتراح على القائم على الحرم إضافة مسعى طابق ثالث؟
موجود، موجود مسعى في الدور الثالث فما اقترحه الأخ هو موجود.
__________
(1) - سورة التوبة آية : 28.
صــ 133
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 24-12-2022, 09:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,491
الدولة : Egypt
افتراضي رد: فقه النوازل

فقه النوازل (19)

سعد بن تركي الخثلان


هل الذنوب في مكة مضاعفة كما أن الحسنات مضاعفة؟
الذنوب تضاعف بالكيف، وأما الحسنات تضاعف بالكم والكيف، لأن الله تعالى قال: { وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (25) } (1) هذا دليل على تضعيف السيئات والذنوب، وأما الحسنات فإن أجرها مضاعف بالكم والكيف، لأن الحسنات يضاعف أجرها بفضل الزمان والمكان.
ما حكم الرمي قبل الزوال وهل يعد ذلك من النوازل؟
الرمي قبل الزوال الخلاف فيه قديم، ليست المسألة مسألة جديدة، ولا تعتبر نازلة، فأكثر أهل العلم على أنه لا يجزئ الرمي قبل الزوال، وذهب عطاء، وهو قول عند الحنابلة، إلى أنه يجزئ، وبعضهم قيد ذلك بيوم النحر الأول يعني في يوم الثاني عشر.
والذي أرى أنه ينبغي أن يحث الناس على السنة، والعلماء متفقون على أن السنة أن يكون الرمي بعد الزوال، والقول بأن ذلك يسبب حرجًا وضيقًا، الواقع أن الحرج والضيق يحصل باستعجال الناس في الذهاب، وليس بسبب ضيق فترة الرمي، ولذلك لو ذهبت إلى الجمرات بعد الزوال بساعتين فقط فإنك لا تجد زحامًا، يعني لو ذهبت الساعة الثالثة، لا تجد زحامًا، بعد العصر لا تجد زحامًا عند الجمرات، إنما تجد الزحام وقت الزوال، والسبب في هذا تعجل كثير من الحجاج في الذهاب.
ولهذا لو قيل أيضًا بجواز الرمي قبل الزوال، فإن هذا الزحام الذي يكون عند الزوال، سوف ينتقل للزحام عند طلوع الفجر، وبكل حال المسألة خلافية، والقول بجواز الرمي قبل الزوال قول قوي، ليس قولًا ضعيفًا قول قوي، قال به عطاء بن أبي رباح الذي قيل : إنه أفقه الناس في المناسك، وتبقى المسألة محل نظر واجتهاد.

ما رأيكم في الخطوط الموجودة في المساجد التي يقف عليها المصلون، والخط المحاذي للحجر الأسود؟

أما الخط المحاذي للحجر الأسود فقد أزيل، الحمد لله، أزيل لأنه ليس لأنه من غير المشروع، وإنما لأنه يسبب الزحام، وجد أن هذا الخط يسبب الزحام لأن كثير من الحجاج ينظر لهذا الخط ثم يقف، ولهذا وجد أثر ذلك لما أزيل هذا الخط، يعني خف الزحام نسبيًّا، فهذا الخط الموجود المحاذي للحجر الأسود قد أزيل والحمد لله.
وأما الخطوط في المساجد هي وسيلة لاستقامة الصف، هي إذًا من الوسائل، ولا بأس بها، الوسائل التي تعين على استقامة الصف لا حرج فيها.
ولا يقال إن هذا لم يكن موجودًا في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه كان الناس في عهد النبي - عليه الصلاة والسلام - كانوا يصلون على الحصباء، فقد يكون يعني وضع الخطوط في كل وقت قد يكون فيه شيء من المشقة والحرج، لكن مع وجود الفرش في وقتنا الحاضر ووضع هذه الخطوط لا شك أنها تعين على استقامة الصف، ولو أنه لم توجد هذه الخطوط لربما كان هناك اعوجاج في بعض الصفوف وعدم استقامة، فهي من باب الوسائل المعينة على استقامة الصف، من باب الوسائل المعينة على تحقيق أمر مطلوب شرعًا.
رجل يطوف في سطح المسجد الحرام، ومع شدة الزحام دخل في المسعى وأكمل جزءًا من الطواف في المسعى ما صحة طوافه؟
في الحقيقة، هذا السؤال مرتبط بمسألتنا، ويشترط لصحة الطواف أن يكون داخل المسجد الحرام، ونحن قررنا الآن أن المسعى منفصل عن المسجد الحرام، وأنه خارج المسجد، بناء على ذلك من كان يطوف وكان جزء من طوافه في المسعى، خاصة في الدور الثاني، الدور الثاني أحيانًا يضيق المطاف بالناس، فبعض الناس يكمل طوافه من جهة المسعى،
هل يصح الطواف في هذه الحال أو لا يصح؟
بناء على القواعد المقررة لا يصح الطواف، لماذا؛ لأنه أدى جزءًا من الطواف خارج المسجد الحرام، ومن شروط صحة الطواف أن يكون داخل حدود المسجد، ولكن بعض أهل العلم أجازه للضرورة، وقالوا بصحة الطواف في هذه الحال للضرورة، وللاتصال أيضًا، فكما أنه تصح الصلاة مع اتصال الصفوف لمن كان خارج المسجد، فكذلك أيضا الطواف.
قد أجاز ذلك سماحة شيخنا عبد العزيز بن باز رحمه الله، أما الشيخ محمد بن عثيمين، فأذكر أني سألته في منى عن هذه المسألة فقال بأنه لا يصح الطواف، لكن نقل لي أحد الإخوة أنه في آخر حياته قال بصحة الطواف للضرورة، للضرورة، هذا هو الأقرب، الأقرب أنه يصح الطواف، وذلك أنه من القواعد المقررة أنه : إذا ضاق الأمر اتسع.
ومن ينظر إلى شدة زحام الناس، وكثرة الحجاج، وينظر إلى أصول القواعد الشرعية القاضية برفع الحرج عن المكلفين، هذا كله يؤيد القول بصحة الطواف في هذه الحال، ولكن ينبغي للإنسان أن يحرص على ألا يوقع نفسه في هذه المسألة التي فيها إشكالات، وفيها خلاف كثير بين أهل العلم، وربما نقول إنه على قول كثير من أهل العلم لا يصح طوافه، لكن لعل الأقرب أنه يصح طوافه بسبب يعني للضرورة في هذه الحال.

لو ذكرتم القول الراجح في حكم الرمي قبل الزوال؟

تكلمنا عن هذه المسألة.

هذا الحكم أي ارتفاع حكم السفر لأهل مكة هل يطبق على ميقات ذي الحُليفة لأهل المدينة كون هذا المكان متصلا؟

نعم، هو متصل الآن، ذو الحليفة يكاد يكون متصلا بالمدينة، فلا تعتبر مسافة ما بين ذو الحليفة والمدينة مسافة قصر.

إذا رجحنا أن علة القصر والجمع بالمشاعر هو السفر كيف نقول بأن مسافة القصر تحدد بأربعة برد؟

نعم هذا يرد على قول المالكية، المالكية يحددونها بأربعة برد، بنحو ثمانين كيلو مترا، لكنهم يجيزون لأهل مكة القصر والجمع، فهذا السؤال الذي طرحه السائل يرد على مذهب المالكية في هذه المسألة، أنتم تحددون مسافة السفر بهذه المسافة، لماذا تجيزون لأهل مكة القصر والجمع؟ قالوا: اقتداء بسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أهل مكة معه كانوا يقصرون، ويجمعون، ولكن هذا محل نظر، هذا يعني القول محل نظر، وسبق أن قررنا أن الصواب أنهم لا يترخصون برخص السفر، فلا يجمعون ولا يقصرون إلا الجمع عند الحرج والمشقة فإنه يجوز.
أسئلة متكررة

ما حكم الأغنام مقطوعة الخصية؟

هذه يجوز الأضحية بها والهدي والعقيقة بل يستحب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - ضحى بكبشين موجوئين أي خصيين، وذلك أن الكبش إذا خُصي يطيب لحمه يصبح لحمه طيبًا، وهذا أمر معروف عند أرباب المواشي، وربما أيضًا سمن بسبب هذا الخصى، فهو يعني أمر مرغوب عند أرباب المواشي، ولذلك فإنه نقول لا بأس بالأضحية والهدي والعقيقة بالخصي بل ربما نقول إن ذلك مستحب، وبكل حال فقد وردت به السنة.

هل يقصر الرباعية من خرج من المدينة ووصل ذو الحليفة، خاصة إن لم يتصل؟

أجبنا عن هذا وقلنا : إنه لا يقصر، لكن يا إخوان هنا تنبيه، بالنسبة للمسألة التي ذكرت وهي مسافة أربعة برد ثمانين كيلو مترا تقريبًا، كيف تحسب هذه المسافة، اللوحات الموجودة على الشوارع يحسبون المسافة من وسط المدينة، بينما شرعًا تحسب المسافة من مفارقة العمران، وليس من وسط المدينة، ولذلك فإن اللوحات الموجودة على الشوارع لا يعتمد عليها في تحديد المسافة، انتبهوا لهذه المسألة، لا يعتمد عليها في تحديد المسافة، فمثلًا لو أردت سافرت مثلا من الرياض إلى مكان يعني إلى مكان خارج الرياض، وتريد أن تعرف هل هو مسافة قصر أم لا، وأردت أن تحسب المسافة، تبدأ في حسابها بعد مفارقة عمران الرياض، تبدأ في حساب المسافة، واللوحات الموجودة على الشوارع إنما تحسب المسافة من وسط المدينة.
هل السفر في اليوم والليلة يعني أن يسافر في نفس اليوم ثم يرجع؟
لأ، المقصود لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة يوم وليلة، المقصود السير في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت العرب تسير على الإبل، ولذلك ضبط هذا الفقهاء بسير الإبل المحملة، وهي تعادل تقريبًا أربعة برد وبالكيلو مترات ثمانين كيلو مترا تقريبًا هذا هو المقصود، من قطع هذه المسافة، ولو في وقت وجيز بالطائرة مثلًا، يستطيع أن يذهب إلى مكان بعيد ويرجع في نفس اليوم لأنه يعتبر مسافرًا، المهم أن يقطع هذه المسافة.

نحن نذهب لمهمات إلى مكة في الحج لمدة خمسة عشر يومًا محددة المدة ابتداء وانتهاء ما حكم قصر الصلاة؟

مسألة إقامة المسافر، إذا أقام المسافر في بلد هل يترخص برخص السفر، أم لا، هذه من المسائل الحقيقة المشكلة، من المسائل المشكلة، والتي اختلف فيها الفقهاء اختلافًا كثيرًا، قد ذكر النووي فيها أكثر من عشرين قولًا، وإنما قلت من المسائل المشكلة؛ لأنها لم يرد فيها نص ظاهر، والقول بإطلاق المدة في الترخص يرد عليه إشكالات كثيرة.
على سبيل المثال، مثلًا عندنا في المملكة هنا، يوجد أكثر من سبعة ملايين من الإخوة المقيمين، لو قلنا بإطلاق المدة، فمعنى ذلك أن هؤلاء وهم يشكلون قرابة ثلث المجتمع، يجوز لهم الفطر في نهار رمضان، ويقصرون الصلاة ويجمعونها، هذا مشكل، القول بتحديد المدة، هذا أيضًا يرِد عليه ما الدليل على هذا التحديد؟ يعني محددة بأربعة أيام، يرِد عليه ما الدليل على هذا التحديد؟ قالوا إقامة النبي - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع أربعة أيام، لكن الظاهر أن هذه الإقامة حصلت اتفاقًا، ولهذا فإن هذه من المسائل المشكلة.
ولكن الذي يظهر، والله أعلم، أن الأقرب في هذه المسألة هو ما عليه جماهير أهل العلم، وهو أن الإقامة، إقامة المسافر، إذا كانت في حدود أربعة أيام فأقل فله أن يترخص برخص السفر، أما إذا كانت أكثر من أربعة أيام فليس له الترخص، وذلك لأن العرب إنما تسمي الإنسان مسافرًا إذا أسفر وبرز للصحراء، قالوا : وما كانت العرب تسمي الإنسان مسافرًا إذا أقام في بلد، ولكن الشريعة تفرق بين اليسير والكثير، فتتسامح في اليسير، في مسائل كثيرة.
ومنها مثلًا على سبيل المثال: " لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث " " لا يحل لامرأة أن تحدَّ على غير زوجها أكثر من ثلاث " " لا يحل للمهاجر أن يقيم بعد طواف الصدر أكثر من ثلاث " مسائل كثيرة تجد أن ثلاثة أيام فرق بين القليل والكثير، هي الحد الفاصل بين القليل والكثير، فالذي يظهر، والله أعلم، أنه إذا كانت إقامة المسافر يسيرة في حدود ثلاثة أيام، وإذا حسبنا يومي الدخول والخروج نقول في حدود أربعة أيام فإنه يترخص برخص السفر، أما إذا كانت إقامة المسافر أكثر من أربعة أيام فإنه ليس له أن يترخص برخص السفر.
هذا إذا عرف مقدار إقامته، أما إذا كان له حاجة لا يدري متى تنقضي بل يقول اليوم أرجع، غدًا أرجع، هذا يقصر ولو طالت به المدة، ولو بقي أشهرًا أو سنين، لكن من كان يعرفُ مدة إقامته، ولو على سبيل التقريب، كالطلاب مثلا ومن له أيضا عقد عمل ونحو ذلك، فهؤلاء قد عرفوا مقدار إقامتهم، وحينئذ فالأقرب أنه إذا كانت إقامتهم أكثر من أربعة أيام فليس لهم الترخص برخص السفر.
وبناء على ذلك الإخوة الذين قدموا لهذه الدورة وإقامتهم أكثر من أربعة أيام، على هذا القول أنهم لا يترخصون برخص السفر، هذا هو قول جماهير أهل العلم، وهو أيضًا الأحوط في المسألة، وهو الأحوط في المسألة لأن إطلاق المدة كما ذكرت لكم، يرد عليه إشكالات كثيرة.

ذبحت عقيقة مقطوع الألية من أستراليا فهل أذبح أخرى؟

نعم، لا تجزئ هذه الأضحية، فعلى القول الصحيح الذي قررناه، أنها لا تجزئ هذه العقيقة، وأنت إذا يعني أعدت ذبح هذه العقيقة مأجور على ذلك إن شاء الله.

إذا باع شخص ثمر نخيله فعلى من تكون الزكاة؟

صاحب النخل إذا بدا الصلاح في هذا الثمر فإن عليه أن يزكيه، تجب الزكاة على صاحب النخل، إلا إذا شرط البائع على المشتري دفع الزكاة، فإنها تكون على المشتري حينئذ بمقتضى هذا الشرط، لكنها في الأصل تكون على صاحب النخل.

إذا كان بعض الرطب لا يكون له تمر جيد فهل تخرج الزكاة من الرطب؟

الواجب في الزكاة أن تكون من وسط المال، هذا المقدار الواجب، والمستحب أن تكون من أطيب المال، ولا يجوز أن تكون من رديء المال، يعني عندنا الآن رديء المال، وجيد المال، ووسط المال، المقدار الواجب الوسط لقول الله تعالى: { مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ } (2) .
المستحب طيب المال، الرديء لا يجوز إخراجه في الزكاة: { وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآَخِذِيهِ } (1) { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا } (2) - يعني لا تقصدوا -: { الْخَبِيثَ } (3) -يعني: الرديء- فلا يجوز إخراج الرديء في الزكاة.
بعض الأغنام مقطوعة الألية، ليس لها ألية، بل ذيل فلو قطع لا تكون الذبيحة فقدت شيئا مهما، الخلاف ما لها ألية فإنها تفقد عضوا مقصودا، فهل يفرق بين قطع الألية وقطع الذيل؟
هذا السؤال جيد، قطع الذيل أيضا هو في حكم قطع الألية؛ لأن الذيل عضو مقصود، ويدافع به الحيوان عن نفسه، وإذا كان قطع القرن، والأذن يتسبب في عدم إجزاء تلك البهيمة، فقطع الذيل من باب أولى.

أيهما أكثر نفعا للحيوان: القرن أو الذيل؟

الحقيقة أنه قد يكون في بعض الأحيان، قد يكون الذيل أكثر نفعا؛ لأنه يدافع به الحيوان عن نفسه، ولذلك فهو عضو مقصود، فقطع الذيل إذا مقطوع الذيل لا يجزئ في الأضحية، والهدي، والعقيقة، وهذا نص عليه الفقهاء.

هل يشمل عدم قصر أهل مكة بمنى ومزدلفة وقت الحج لو أفاض أحد منهم من عرفة إلى مزدلفة، هل نقول: إنه لا يقصد؟

نعم، المقصود الآن وقت الحج، المقصود في بحث هذه المسألة وقت الحج، فمن كان من أهل مكة لا يترخص برخص السفر في منى، ولا في عرفات، ولا في مزدلفة، وبعض أهل العلم يقصر هذا الحكم بمنى فقط، باعتبار أنها اتصلت، بينما عرفة ومزدلفة لم تتصل.
__________
(1) - سورة المائدة آية : 89.
(2) - سورة البقرة آية : 267.
صـــــــــــــ140
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 213.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 207.43 كيلو بايت... تم توفير 6.08 كيلو بايت...بمعدل (2.85%)]