14-08-2022, 07:00 PM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,928
الدولة :
|
|
بلا عنوان
بلا عنوان
مروة سعيد علي
رُبيت من صغري على أنني رجل، وليس للرجال قلوبٌ، فمشاعر الحب شجرٌ عقيم، وأنا ابن عائلة لها في مجال الأعمال باعٌ، ولا تشتري إلا ما يثمر نقودًا! حتى هرِمتُ وقلبي ليس للحب إليه من سبيل، وجاء يوم تغيَّر فيه مجرى حياتي، جاءَتْ تعمل عندي، وبعد حينٍ أصبحت هي كل العاملين لديَّ، طرقت باب الحديث عن عذابها من الحرمان، حتى سافرنا معًا لبعض المهام، فباحَتْ لي قائلة:
• أريد مَن يملأُ قلبي دفئًا وحنانًا، يُسمِعني كلمات يرتجف لها الوجدان، لا أطيق له بُعدًا، ولا يرويني منه قربٌ، ويجعل الشوقُ خصامنا بعد الوفاق حلوَ المذاق.
ومن ذاك الحين، وبين الحين والحين تطربني بكلمات الحب والغرام، حتى عشِقَتْ مسامعي حديثها، وعشِقَت دموعها ضعفي وأنا في حماها.
وفي ليلةٍ ليلاء جمعت بيننا الأقدار، فمحت من قلبي الأحزان، وتبسم ثغر الزمان، وتلألأت نجوم السماء، وتوهَّج بيننا ضياءٌ أذاب ما بيني وبينها من فوارق، وكأنها ما كانت، فتقدَّمتُ لها طالبًا الزواج، فغيَّرتها الأغيار، فإذا بمَطَالب ليس لها حدود ولا فواصل، بدا الأمر في أوله عطاءً، ثم عطاء ما له من انتهاء، فكلما أعطيت ازدادت طلبًا، وكلما أجزلتُ ازدادت طمعًا، حتى خرجت هواجسي من الأعماق، تقول: هل حقًّا هي لي عاشقة؟ أم كل ما تبغيه مالي؟ فأجابت مخاوفي: يا ظمآن للحب ما بحوزتها مائي.
وجاءَتْ تطلب مني كما اعتادت، فصفعتها وصفعتُ قلبي قبلها؛ لأنه المخطئ، وليست هي، وكِدْتُ أنهارُ وهي تهرول من أمامي، وصدى دقات قلبي يصمُّ آذاني، فلا أعلم لأي شطري صدري مرسى آلامي، وتباعدنا بلا وداع، وكرِهتُها قدر ما أحببتها؛ لأنها أيقظَتْ بداخلي طفلًا يهفو لامرأةٍ تحويه بين ذراعيها وهو باكٍ، وأيقظت رجلًا يريد أن يُعشق امرأة تغار عليه من النسمات، وأيقظت شيبًا يريد أن يحيا بحب امرأة وهو في قلبها باقٍ.
فآهٍ يا أقدارُ، لا نملك إلا أن نرضى بكِ، ونأمل أن ما تخفيه خيرٌ مما أبديتِه، وآه يا ساكنةَ الثرى في جوف صدري، تغير ما أيقظته بفضل عقلي، فقد عدتُ إليه، إلى عقلي، وقلبي معترفٌ بذنبي، فلا تغضَبْ مني ولا تلُمْني، فقد أمضيتُ دهرًا بلا عنوان، وهأنا قد عدتُ إلى رشدي.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|