القشة المذمومة - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         المقنطرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          رسالة المسجد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          الموت الرحيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          أحكام الصلاة على الميت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          المسائل الفقهية المتعلقة بالمسبحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          دم الاستحاضة سببه ركضة الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          حكم التسميع والتحميد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          فضل الصلاة في الصف الأول والصفوف المقدمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          جوانب خفية في الخلاف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الوجيز في فقه الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-08-2022, 02:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,951
الدولة : Egypt
افتراضي القشة المذمومة

القشة المذمومة
وليد سميح عبدالعال





تَخيَّل مَعي قشةً وحيدةً ضعيفة..
نزَلَتْ على ظهْرِ بعيرٍ ضَخْم.
ما تَفعلُ فيه؟
ولكن إذا عَلِمْنا أنَّ هذا البعيرَ قد تَلقَّى على ظهرِه الضربةَ تلوَ الضربة.
والسوطَ تلوَ السوط.
بل والجرحَ تلوَ الجرح.
حتى إذا جاءتْ هذه القشةُ الهشَّة، نظَر إليها مرتعِبًا؛ إذْ علم أنَّه لن يَتحمَّلَ نزولَ هذا الشيء الرهيف عليه، بل إنَّه يَئنُّ إذ يتخيَّل نزولَه على ظهرِه.
فلمَّا نزَل.....
وإذا تخيَّلْنا أنَّ رائيًا يرَى البعير مِن بعيد، فسيرى متعجبًا أنَّ هذه القَشَّة (تلك المذمومة) كانتْ هي القاصمةَ والقاضية؛ وذلك لأنَّه لم يَرَ المشهد منذُ البدء، وما أدْرَك إلاَّ الضربةَ الأخيرة فقط.

لقدِ انهالتْ أقلامُ الكتَّاب قديمًا وحديثًا، ولهجتْ كثيرًا عائبةً ومُقبِّحةً تلك القشةَ التي لا ذَنبَ لها سِوى موضعِها غيرِ المناسِب الذي جاءتْ فيه، إذا ساغ لنا أن نُسمِّي هذا ذَنبًا.
كم مِن كاتبٍ ذَكَر هذه الجملةَ غير المنصِفة، واتَّهم هذه القشةَ البريئة بهذا الفِعل الشنيع، فقال:
(وكانت هي القَشَّةَ التي قَصمَتْ ظهرَ البعير).
وقدْ ذَكرتُ ذلك المثال في أوَّل كلامي لأبيِّن حقيقةَ الأمر، ولأبرِّئ ساحةَ هذا الشيء الذي يُضرَب به المَثل في الرهافة والضَّعْف.
ولعلَّ هذا مِن نفس باب انتصارِ النبي -صلى الله عليه وسلم- لناقتِه (القصواء) لما نَزَل المدينة وأرادوا أن تَبرُكَ الناقةُ، فأبَتْ وسارتْ لسيرٍ مرسوم، فقالوا:
خَلأتِ القصواء!
فردَّ عليهم قولهم، وأَنْكَر أن تكونَ كذلك، وقال:
((واللهِ ما خلأَتِ القصواء، وما ذاك لها بخُلُق)).
وكذلك نقول: واللهِ ما قَصمتِ القَشَّةُ ظهرَ البعير، وما ذاك لها بِخُلُق.
وحين نَرجِع لقصة القشَّةِ كما يَحكونها، نرَى أنَّه كان مِن الممكن جدًّا أن نتلافَى - بشيءٍ من الفَهم والإحسانِ والقياس الصحيح للأمور - هذه النتائجَ الفظيعةَ التي ترتَّبت على سقوطِ البعير.
وضعْ خَطًّا تحتَ هذه الكلمات (الفَهم والإحسان، والقِياس الصحيح للأمور)؛ لأنَّ لنا إليها عودةً.
حَكَوا أنَّ رجلاً كان يَنتقل لدارٍ أخرى، وكان له بعيرٌ، فأخَذ يَضَع متاعَه على ظهرِ البعير، ويُكوِّم أشياءَه وحاجاتهِ فوقَ ظهره، حتى لم يبقَ مِن متاعه إلا حزمةٌ قليلة مِن تبن أو قشٍّ، فنَظَر للحِمل، وعادَ فنَظَر للقشَّات، فقال: إنَّها خفيفة الوزن، وأَنَّى لهذه القشاتِ أن تَزيد هذا الحملَ ثقلاً؟ فوضعَها، فسقَط البعيرُ!
فصار يقال: (القشَّة التي قصَمَتْ ظهرَ البعير).
ونقول الآن: أينَ الخطأُ؟ ومَن نلوم؟
هل نلوم القشَّة؟
لا؛ فقد فَهِمنا ممَّا مضَى أنها بريئةٌ براءةً خالصة.
إذًا هل نلومُ البعير؟
الإجابة هي: لا أيضًا؛ لأنَّه مِن العجماوات التي لا تَعقِل، ولا يستطيع فرارًا مِن سطوةِ صاحبه.
إذًا فالملومُ الحقيقيُّ في هذه القضية هو الإنسان الذي أخَذ يُحمِّل صاحبه (البعير) الحملَ تلوَ الحمل، والأثقال تلوَ الأثقال، حتى صار غيرَ قادرٍ على حمْل قشَّة أو قشَّات صغيرات رَقيقات.
ونحن البشر كذلك نَتعاملُ مع أصحابِنا كما تَعَامَلَ مِن قبلُ صاحبُ القشَّة مع البعير.
وأيضًا تَجِد الصاحب (البعير) يتحمَّل ويتحمَّل، ولكن..
دون أن يتقن إحسانَه حتى النهاية.
ألَمْ تسمعْ لقول المتنبي:
وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ عَيْبًا *** كَنَقْصِ القَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ
نعَمْ.
فقدْ تجِد الرجلَ الحكيم العاقِل مقيمًا على عقلِه وحِكمته، محتملاً لفظاظةِ زوجتِه وقُبحها وسُوءِ عِشرتها السِّنين الطوال.
أو هي تكون صابرةً على غِلظته وسوء مُعاملته، بل وربَّما على ضربِه وقهرِه.
وقد يكون ذلك بين الأصحاب أو الأقارب دون الأزواج.
ثم فجأةً وبعدَ أن تُحُمِّلتْ أحمالٌ كثيرة، وأثقال كبيرة، يحصُل الانفجار بسببِ شيءٍ صغيرٍ هيِّن، لم يكُن يتوقَّع - ربَّما كلاهما - أن يعقبه مثلُ هذا الغضب.
بل إنَّ الطَّرَف الأوَّل يظلُّ ذاهلاً مدةً أمامَ هذا الانفجار، وكأنَّه يتساءَل في نفسِه:
لقد تحمَّل مني ما هو أكبرُ مِن هذا وأقسَى، فما باله الآن أمامَ هذا الشيء الصغير قدِ انفجر وغَضِب كلَّ هذا الغضب؟
وفي معظمِ الأحيان يترتَّب على ذلك الحدَث أثرٌ فادحٌ، ونتائجُ مؤلِمة، ربَّما لا يُفلح الزمنُ الباقي في محوِها مِن النفوس.
وفي حقيقةِ الأمْر أنَّ كلاَ الطرفين مُخطئ!
البعير؛ أقصِد الإنسان الذي تحمَّل، والآخَر الذي ظلَّ يَزيد في أحمالِ صاحبِه مفرطًا في حسنِ ظنِّه به، ومفلتًا مِن بين يديه للمقياس الصحيحِ للأمور، ومعرضًا عن فَهم حالِ صاحبِه وخلقه.
وخَطَأ الأوَّل أنَّه أوْقَع نفسَه في مأزقٍ يقَع فيه كثيرٌ مِن الناس، فكلَّف نفسه ما لا تُطيق وأحسن بنفسِه الظنَّ، وحسب أنَّه سيحسن حتى النهاية، ولم يُفصحْ عن حاله لصاحبِه؛ فظنَّ الآخَر أنَّ هذا خُلُق مكين فيه، وأنَّه آية في الصَّفْح والإحسان والغفران، وهو ليس كذلك في الحقيقة.
وربَّما كان فيه مِن ذلك الكثير، لكنَّه سيَنتهي يومًا، أو أنَّ فيه خللاً.

والخَلل الحقيقي عندَ هذا الصِّنف العريض مِن الناس هو عدَم إتقان الإحسان، وقِلَّة المعرفة بفقه الاحتساب.
فالعبدُ قدْ يَخسَر كلَّ عملِه الذي عَمِله لمدَّةٍ طويلة؛ لأنَّه قال في آخِر هذه المدة:
(إنَّما فعلت وفعلت...) فأَحْدَث مَنًّا وتباهيًا بعملِه وبصبرِه وتحمُّله.
وما هكذا يَنبغي أن يَفعل.
بل يُحاسِب نفسه ويُديم ذلك، ويقول:
إنَّكِ أيَّتها النفسُ، إنَّما تعملين هذا الأمْر لله.
ويُذكِّر نفسَه بذلك اليوم تلوَ اليوم، فإذا استقرَّ عِندَه هذا المعنى وآمَن بيقين قلبِه، لم يشغلْه بعدَ ذلك شُكرُ البشر أو كُفرهم وجُحودهم؛ لأنَّه إنَّما يأخُذ أجرَه عاجلاً مِن الله - عزَّ وجلَّ - بل ويذوق حلاوةً لهذا الأجْر في الدنيا، إلى أن يُجزَى الجزاءَ الأوفى يومَ القيامة.
فالحقيقةُ القائمة أنَّه يعمل عملاً وينال أجرَه ممَّن يتعامَل معه.
إذًا فالطَّرَف البشريُّ الآخَر ليس داخلاً في المعادلَة أصلاً.
فلِمَ الغضبُ والانفجار إذًا؟!
ولله دَرُّ عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - حين عَلَّم امرأتَه هذا الفِقهَ في الاحتساب في كلماتٍ قليلات، وكانتِ امرأته ذاتَ مال، فوجَّهها هو دون إجبار أنَّ خير مَن تصدَّقت عليه مِن مالِها زوجُها وولدُها، فذهبتْ للنبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت له: إنَّ ابن مسعود يزعُم أنَّ خير مَن تصدَّقتُ عليه زَوجي وولدي؟
فصَدَّقه النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم.
وقال لها ابن مسعودٍ كلماتِه الحَكيمةَ المشفِقة: "إن كنتِ لا تفعلينه لله، فلا تَفعليه"!
فعَلَّمها - رضي الله عنه - بيسر ودون إكراه أنَّها إنْ لم تكُن تحتسب أجرَها عندَ الله بإنفاق هذه النفقة، فالخيرُ لها ألاَّ تفعل؛ حتى لا تكون خاسرةً في الناحيتين: تخسر مالَها في الدنيا، وتخسر ثواب الآخرة.
وقدْ سُئِل أحدُ السلف - وكانتْ له زوجةٌ قبيحةٌ سليطةُ اللسان -: ما صَبَّرك عليها؟
قال: لا أُريد أن يُبتلَى بها غيري!
فهذا رجلٌ فقيه فذٌّ يعلم كيف يُحسِن، بل ويَزيد في إحسانه بما لا يَستطيعه إلا موفَّق، فيكفُّ بأسَها عن غيره؛ لأنَّه لن يستطيعَ أن يتحمَّلها ويحتسب أجرَ ذلك أحدٌ سواه.
ما أفقهه وما أجلدَه مِن رجل!
وأما خطأ الثاني، فمفهوم.
فهو الغافلُ الذي ظنَّ في صاحبِه أعْلَى درجات الإحسان، فإذا هو كغالبِ البشَر ليس كذلك، ثم أخطأ حين حَمَّله ما لا يُطيق، ثم أخطأ مرةً ثالثةً حين دهش وتعجَّب مِن انفجار صاحبِه.
وخَطَأ الثاني لا شكَّ أفحشُ؛ لأنَّه لم ينظرْ لحال صاحبِه ورهافته، وظلَّ يُسيء ويُسيء، ولا ينظر إلاَّ لمصلحته ومنفعته هو فقط، فكان أبعدَ ما يكون عنِ الإيثار والوفاء، وهذا لعَمري أكثرُ ما يؤلِم الرفيقَ مِن رفيقه.
وإذا نظَرْنا للأمْر نظرةً باردةً لا تتمعَّر للظلم، قُلنا:
إنَّ هذا الطرَفَ الثاني كان مِن الممكن أن يظلَّ يكسب المكاسبَ طوالَ الوقتِ إذا تحلَّى بشيء مِن الفَهم في تعامله مع صاحبِه، ولكن..
قضَى الله أن يُعمي كلَّ باغٍ يجاوز حدَّه، فالعبدُ إذا تجاوز حدَّه وظَلم مرةً ومرَّاتٍ، أكسبَه ذلك جُرأةً على الظُّلم والبَغي، وتصير على عينيه غشاوةٌ تخفُّ أو تكثف بقَدْر ظُلمه ومجاوزته.
ولا عجب؛ فالظلمُ قرينُ الجهل، بل إنَّ الجهل نوعٌ مِن الظلم؛ ألَم تَرَ أنَّ الله قال عنِ الإنسان لما حمَل أمانةَ التكاليف والإصلاح في الأرْض: ﴿ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً ﴾ [الأحزاب: 72].
فبيَّن الله بصيغةِ المبالغة أنَّ هاتين الصِّفتين متحقِّقتان في الإنسان، ولا فَكاكَ منهما إلاَّ بالله سبحانه؛ ولذا أدامَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- الاستعاذةَ منهما، وعلَّمنا أن نستعيذَ منهما مع كلِّ خروج مِن البيت، فكان يقول: ((اللهمَّ إني أعوذُ بكَ أن أضِلَّ أو أُضلَّ، أو أزِلَّ أو أُزلَّ، أو أَظلِمَ أو أُظلَم، أو أَجهَل أو يُجْهَل عليَّ)) [صحَّحه الألباني انظر: سلسلة الأحاديث الصحيحة (7 /492)]

فهذا الإنسانُ أعْماه عن حالِ صاحبه ظُلمُه وجهلُه؛ ولذا لم يفهمْ غضبَ صاحبه وانفجارَه حين غَضِب....
أَوَبَعدَ كلِّ هذا نلوم القشَّةَ، فنقول: إنَّها هي التي قصمَتْ ظهرَ البعير؟
لقد ثبتتْ براءةُ القشَّة.
ولم يبقَ إلاَّ أن يراجع الإنسانُ - ذلك المخلوق غيرُ المنصِف - نفْسَه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 59.00 كيلو بايت... تم توفير 1.90 كيلو بايت...بمعدل (3.12%)]