07-08-2022, 09:19 PM
|
|
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 133,839
الدولة :
|
|
خدعة ( الأنا ) بين الوعي الناقص وإخلاص النية
خدعة ( الأنا ) بين الوعي الناقص وإخلاص النية
د. خاطر الشافعي
تمخر سفينة الحياة بنا، تشق ما صفا من الماء وكدر، وتواجه ما عتا من الأمواج وهدر، ويبقى بلوغنا الشاطئ مرهونًا بمدى قوة (الأنا) ونظرتنا إلى أنفسنا، و(الإيمان) بفكرة العبور؛ فلغة (العجز) و(النظرة السلبية) إلى النفس والكون، تشكِّلان عنوانًا لـ: (الوعي الناقص)، وغياب (الهمة)، وباختصارٍ شديد: إن أسرَنا لأنفسنا في نطاق لغة (الأنا) بمفهومها الضيق، يُفقدنا مفهوم (التوكل على الله)، ويضَعُنا على النقيض من قول الرسول - صلى الله عليه وسلَّم - وفعله؛ فـ: ((إنما الأعمال بالنيات، ولكل امرئٍ ما نوى)).
خدعة كبيرة للنفس، وظلمٌ لها، حرمانها من تلك (الوصلة الربانية)، التي تمنحها إياها (النية)؛ فصدق (النية) معناه (تفويض) للخالق - سبحانه وتعالى - و(تقويض) لشراك (الأنا) الخادعة، فما شاء الله كان، وما لم يشَأْ لم يكن؛ ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3]، ﴿ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ﴾ [آل عمران: 173].
في رفقة (التوكل على الله) لا مكان للقلق، بل ثمة (أبواب مغلقة) تُفتَح بمعرفة (الخالق العليم)، وثمة نسمات من سحائب الرحمة والسكينة تغمر النفس غمرًا، فلا تفرح بما أدركتَ من نجاح، ولا تحزن على ما فاتها؛ فالأمر كلُّه بين يدي العليم القدير، يُصرِّفه كيفما يشاء ووقتما يشاء، فبيده - سبحانه - ملكوتُ كل شيء.
أنا فاشل!
أنا مقصِّر!
أنا لا أستطيع!
كلها مفرداتٌ تحبس المرء في نطاق (الماضي)، فيخلق لنفسه (واقعًا أليمًا)...
أنا متوكِّل على الله!
أنا أخلَصْتُ النية!
أنا بإذن الله أستطيع!
كلها مفردات تُخرج المرء من شراك (الأنا الخادعة)، وتضعه على عتبة (الوصلة الربانية)؛ فقد فوض الأمر لخالقه بـ: (النية الصادقة)؛ يقول - تعالى -: ﴿ فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [يس: 83].
إن ترك (النية)، واللهث وراء (الأنا المغرورة)، يحجب عن (النفس) (هالات النور) التي تتدفق في (معية الله تعالى).
إن رحلة تحقيق الأهداف (آمنة) بقدر (إخلاص النية).
و(إخلاص النية) عند المسلم المؤمن معناه (استشعار المعية).
و(استشعار المعية) يضع نفوسَنا على عتبات (الاطمئنان).
و(الاطمئنان) يضَعُنا على قناعة (الرضا).
و(الرضا) غايةٌ لا يُدركها إلا من (نوى)!
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|