رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله - الصفحة 12 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         وما أدراك ما ناشئة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          كف الأذى عن المسلمين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          انشراح الصدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          فضل آية الكرسي وتفسيرها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          المسارعة في الخيرات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          أمة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          الصحبة وآدابها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          البلاغة والفصاحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مختارات من كتاب " الكامل في التاريخ " لابن الأثير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          ماذا لو حضرت الأخلاق؟ وماذا لو غابت ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #111  
قديم 02-05-2021, 04:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان ولى.. فماذا بعد؟!


أبو أنس عبدالوهاب عمارة





تلك اليقظة التي يفرضها الإسلام على قلب المسلم. والتي يستجيشها الإيمان بمجرد استقراره في القلوب.. ليست أمراً فوق الطاقة، وليست تكليفاً فوق الاستطاعة. إنما هي الحساسية الناشئة من الشعور بالله والاتصال به؛ ومراقبته في السر والعلن؛ وهي في حدود الطاقة الإنسانية، حين يشرق فيها ذلك النور الوضيء: ﴿ وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ [المؤمنون: 62]. ولقد شرع الله التكاليف وفق ما يعلم من استعداد النفوس؛ وهو محاسبهم وفق ما يعملونه في حدود الطاقة، لا يظلمون بتحميلهم ما لا يطيقون؛ ولا ببخسهم شيئاً مما يعملون، وكل ما يعملونه محسوب في سجل ﴿ يَنطِقُ بِالْحَقِّ ﴾ ويبرزه ظاهراً غير منقوص. والله خير الحاسبين.

إنما يغفُل الغافلون لأن قلوبهم في غمرة عن الحق، لم يمسسها نوره المحيي، لانشغالها عنه، واندفاعها في التيه؛ حتى تفيق على الهول، لتلقى العذاب الأليم، وتلقى معه التوبيخ والتحقير:
﴿ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِّنْ هَذَا وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ * حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ * مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ ﴾ [المؤمنون: 63-67].

فعلة اندفاعهم فيما هم فيه ليست هي تكليفهم بما هو فوق الطاقة؛ إنما العلة أن قلوبهم في غمرة، لا ترى الحق الذي جاء به القرآن، وأنهم مندفعون في طريق آخر غير النهج الذي جاء به: ﴿ وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِن دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ .. في ظلال القرآن.

وقال صاحب الوسيط قرأ القراء السبعة ﴿ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ ﴾ بالمد، على أنه من الإتيان بمعنى الإعطاء، والوجل: استشعار الخوف. يقال: وَجِل فلان وَجَلاً فهو واجل، إذا خاف، أى: يعطون ما يعطون من الصدقات وغيرها من ألوان البر، ومع ذلك فإن قلوبهم خائفة أن لا يقبل منهم هذا العطاء، لأي سبب من الأسباب فهم كما قال بعض الصالحين: لقد أدركنا أقواماً كانوا من حسناتهم أن ترد عليهم، أشفق منكم على سيئاتكم أن تعذبوا عليها.

وقد قرأ آخرون:﴿ والذين يُؤْتُونَ مَآ أتَواْ.. من الإتيان. أي: يفعلون ما فعلوا وهم خائفون ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات الكريمة المشتملة على صفات المؤمنين الصادقين، ببيان أن هذه الصفات الجليلة لم تكلف أصحابها فوق طاقتهم، لأن الإيمان الحق إذا خالطت بشاشته القلوب يجعلها لا تحس بالمشقة عند فعل الطاعات، وإنما يجعلها تحس بالرضا والسعادة والإقدام على فعل الخير بدون تردد، فقال - تعالى - ﴿ وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا.. ﴾.

أى: وقد جرت سنتنا فيما شرعناه لعبادنا من تشريعات، أننا لا نكلف نفساً من النفوس إلا فى حدود طاقتها وقدرتها. الوسيط لسيد طنطاوي.

روى الترمذي وابن ماجة وأحمد وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان وصححه الألباني أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ هَذِهِ الآيَةِ ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ قَالَتْ عَائِشَةُ أَهُمُ الَّذِينَ يَشْرَبُونَ الْخَمْرَ وَيَسْرِقُونَ قَالَ "لاَ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ وَلَكِنَّهُمُ الَّذِينَ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ وَهُمْ يَخَافُونَ أَنْ لاَ يُقْبَلَ مِنْهُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِى الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ".

وحالهم حال إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام:
فقد أمر بترك رضيعه الوحيد مع أمه في صحراء وأمر ببناء البيت فبناه على أكمل وجه حتى أتي بحجر فصعد عليه ليعلو البناء ويكون أليق في تقديمه لله شكرا وعرفانا. بعد كل هذا لم يخطر في خلده أنه فعل عظيما أو كبيرا من الأمور فيَمُنّ به فيقول أنا فعلت وفعلت بل بعد الفراغ من بناء البيت على أكمل وجه وأتمه يتمنى على الله القبول ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 127-128] هما في عمل صالح، وهما يسألان الله تعالى أن يتقبل منهما.

كما روى ابن أبي حاتم من حديث مُحَمَّدٍ بْنِ يَزِيدَ بْنِ خُنَيْسٍ الْمَكِيِّ، عَنْ وُهَيْبِ بْنِ الْوَرْدِ، قَالَ: قَرَأَ ﴿ وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا زَادَ ابْنُ خُنَيْسٍ فِي حَدِيثِهِ، ثُمَّ يَبْكِي، فَقَالَ وُهَيْبٌ: يَا خَلِيلَ الرَّحْمَنِ تَرْفَعُ قَوَائِمَ بَيْتِ الرَّحْمَنِ وَأَنْتَ مُشْفِقٌ أَنْ لا يَقْبَلَ مِنْكَ". تفسير القرآن العظيم مسندا عن الرسول صلى الله عليه وسلم و الصحابة و التابعين لابن أبي حاتم.وهو في عند البخاري.

(قال بعض أصحب الخواطر: وجل العارف من طاعته أكثر من وجِلِه من مخالفته لأن المخالفة تمحوها التوبة، والطاعة يطالب بصحتها والإخلاص والصدق فيها) تفسير السلمي وهو حقائق التفسير.

ويقول الرازي: وقال العارفون:فرق بين القبول والتقبل فإن التقبل أن يتكلف الإنسان في قبوله وذلك إنما يكون حيث يكون العمل ناقصاً لا يستحق أن يقبل فهذا اعتراف منهما بالتقصير في العمل، واعتراف بالعجز والانكسار.

إنهم بعد أن أتوا بتلك العبادة مخلصين تضرعوا إلى الله تعالى في قبولها وطلبوا الثواب عليها وأيضاً فلم يكن المقصود إعطاء الثواب عليه، لأن كون الفعل واقعاً موقع القبول من المخدوم ألذ عند الخادم العاقل من إعطاء الثواب عليه ﴿ إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ كأنه يقول: تسمع دعاءنا وتضرعنا، وتعلم ما في قلبنا من الإخلاص وترك الالتفات إلى أحد سواك. تفسير الرازي.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #112  
قديم 02-05-2021, 04:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

وسائل الإعلام



الرائي (التلفزيون)


د. فهمي قطب الدين النجار






ومن الرعاية للأبناء والأجيال القادمة الاهتمام الجِدِّي بهذه الوسيلة الخطيرة - إن وُجِدت - في بيوتهم، والتعامل معها بحزم لا هوادة فيه، وبالأسلوب الحكيم والتربوي، الذي لا ينقلب إلى ضده، فيُنفِّر الأبناء مِن آبائهم وأمهاتهم، مع مراعاة النقاط التالية:
1- تعويد الأطفال منذ الصِّغر على النوم المُبكِّر ليلاً، وهذا يَستدعي قفل الجهاز في ساعة معيَّنة مهما كانت البرامج التي تُقدَّم فيه.


2- تعويد الأطفال على عدم الجُلوس الطويل أمام الشاشة الصغيرة، وانتِقاء البرامج لهم.


3- تعريف الأبناء بأن الواجبات الدينيَّة، أهم مِن أي أمر آخَر، فلا يَشغَلهم الرائي عن الصلاة مثلاً، وكذلك الواجبات التعليميَّة، فلا يشغلهم عن أداء واجباتهم المدرسية.


4- تعليم الأبناء منذ صغرهم بالحلال والحرام، والخير والشر؛ حتى يستطيعوا أن يُميِّزوا ما يُعرَض عليهم في وسائل الإعلام جميعًا - ومنها الرائي - من خير أو شرٍّ، ويَزِنوا جميع الأمور بميزان الإسلام.


5- يَحرِص الأب أن يكون موجودًا - بقدر الإمكان - مع أبنائه، وإلا حلَّت الأم محله، وخاصة أثناء عرض بعض البرامج التي ظاهرها جيِّد، إلا أنها تَدُسُّ السمَّ في الدسم، فيَعترِض الأب أو الأم على كل موقف أو مشهد يَتعارَض مع الإسلام، ويُبيِّن موقف الإسلام منه، مثل: (سفور المرأة، والاختلاط، أو لَعِب الميسر، أو شرب الخمر)، مما يتخلَّل المسلسل أو الفيلم السينمائي، وموقف الأبوَين هذا يُرسخ في ذهن الطفل هذه المفاهيم، فيبدأ بعد ذلك الحكم بنفسه على ما يراه، ويُخفِّف كثيرًا من مضارِّ ما يُشاهِد.


6- يُعوِّد الأبوان أبناءهما على عدم سماع الأغاني الرخيصة للرجال والنساء والموسيقا، وذلك منذ الصغر، ويُكلِّفونهم بقفل الجهاز إن عرض ذلك، وحتى الموسيقا التصويرية التي تتخلَّل بعض المشاهد، فيَنخفِض صوتها، وخاصة أن هذا الأمر مُتيسِّر بواسطة الجهاز المرافق للرائي، والذي يُستعَمل عن بعد لاسلكيًّا، فإن تعوَّد الأبناء على هذا، فإنهم سيتصرَّفون بهذه الطريقة ولو غاب الأبوان عنهم.


7- يُنمِّي الأبوان في أبنائهما وبناتهما الهوايات المُفيدة؛ بحيث يشغلون فراغهم، فيَنصِرفون عن التليفزيون في أثناء ذلك، مِثل المطالعة للقَصص الدينيَّة المفيدة، أو إشراكهم في المراكز الثقافية، أو الاجتماعية، أو مراكز تحفيظ القرآن الكريم.


8- يُروِّح الأبوان عن أبنائهما أثناء الإجازات الأسبوعيَّة، فيَخرُجون معهم إلى النزهات؛ بحيث يَقضي الجميع وقتًا ما خارج المنزل، مع عدم إخراج جهاز الرائي معهم، كما هي عادة بعض الآباء الجَهَلة.


9- يعرف الآباء أبناءهم بأن أكثر البرامج في الرائي، وخاصةً المُسلسَلات والأفلام وحتى أفلام الرسوم المُتحرِّكة (الكارتون)، مصدرها الدول الأجنبية والتي أكثرها معادية للإسلام وللمسلمين، ولا تُريد خيرَهم أبدًا، وهدفها إفساد المسلمين في أخلاقهم، وإبعادهم عن دينِهم؛ حتى يبقوا تحت سيطرتهم وطغيانهم، مع إعلامهم أن اليهودية العالمية هي التي تُسيطر على جميع وسائل الإعلام والوكالات في الغرب؛ لذلك لا تُقدِّم لنا إلا الشر، ولكن بلباس برَّاق جميل.


هذه بعض النقاط التي أرى أن يُراعيَها رعاة المسلمين اليوم، وأقصد الآباء منهم، ولا شك أن الآباء الواعين عندهم أكثر من وسيلة لفائدة أبنائهم، وما هذه إلا ذكرى لعلها تنفَع المؤمنين.


[1] ارجع إلى كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"؛ تأليف: جيري ماندر، ترجمة سعيد منيمنة، نشر دار الكلمة الطيبة، ط 1 1410هـ - 1990م (ص: 340)، وجيري ماندر إعلامي أمريكي قضى خمسة عشر عامًا مدير دعاية وعلاقات عامة، وقد عرَف بخبرته الطويلة خطر التلفزيون على الجنس البشري، وألف كتابه هذا لبيان هذا الخطر.

[2] المرجع السابق (ص: 210).

[3] المرجع السابق.

[4] المرجع السابق. (ص: 97) و(ص: 341).

[5] كتاب التلفزيون والطفل لمجموعة من المواطنين الغربيين (2: 8) مؤسَّسة سجل العرب 1967م.

[6] الإعلام الإذاعي والتلفزيوني؛ الدكتور إبراهيم إمام، من صفحة 241.

[7] المرجع السابق (ص: 245).

[8] المرجع السابق (ص: 247 - 248).

[9] المرجع السابق (ص: 238).

[10] المرجع السابق (ص: 233).

[11] الآثار النفسيَّة والاجتماعيَّة للتلفزيون العربي؛ د. عبدالرحمن عيسوي (ص: 114).

[12] ارجع إلى كتاب "أربع مناقشات لإلغاء التلفزيون"؛ (مرجع سابق) (ص: 169).

[13] المرجع السابق (ص: 208).

[14] الإعلام الإذاعي والتلفزيوني؛ الدكتور إبراهيم إمام (ص: 241 - 242).


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #113  
قديم 03-05-2021, 04:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان .. موسم التوبة إلى الله
هناء محمد


قال - تعالى -: ( يا أيُّها الذين آمنوا كُتب عليكم الصيام كما كُتب على الذين من قبلكم لعلَّكم تتقون) . والتقوى كما قال الإمام علي - رضي الله عنه - هي "الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل والاستعداد ليوم الرحيل".
ولعلّ كلّ منا يسأل نفسه هل حقاً تاب وأناب إلى ربه في هذا الشهر الكريم، هل قطف ثمرة الصوم وأصبح من المتقين، هل استعد ليوم الرحيل؟ وبالمثال يتضح المقال: ذكر أحد الدعاة ذلك فقال: "إنَّ أحدنا إذا كانت له قضية، وجاءه إعلان من المحكمة بموعد الجلسة، فإنَّه يشتغل بأمر هذه القضية، فلا يغيب لحظة عن باله، يستشير أهل العقول الناضجة، ويشرع في إعداد المستندات وتوكيل المحامي واختيار الشهود، فإذا كان يوم الجلسة، مضى إليها وهو منفعل بشتَّى الأحاسيس، كل هذا وقد يحكم عليه ـ إذا حكم عليه ـ بغرامة مالية، أو سجن شهور، أو سنوات، فإذا حكم عليه كان أمامه فرصة يرفع فيها أمره إلى محكمة أعلى، ثمَّ التي تليها، مع هذه الفرصة تراه يوم الجلسة كثير الوساوس والمخاوف، ثم يقول: "يا أخي إذا كان حالك في هذه القضية التافهة على ما نرى، فكيف وأنت مدعو إلى قضية كبرى، إعلان الدعوة فيها القرآن الكريم، والذي يعلنك بالمحاكمة هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وموعد الجلسة يوم الفصل، ومكانها الساهرة ( فإنَّما هي زجرة واحدة فإذا هم بالساهرة ) والقاضي ليس بشراً من البشر، بل هو رب العزة والجبروت، قهار السموات والأراضين، وشهودك منك وعليك، وهم لسانك ويداك ورجلاك وجلدك، والحكم أخير لا نقض فيه ولا إبرام؛ لأنَّه حكم القاضي الذي لا يضل ولا ينسى، ولا غرامة هنا ولا إيقاف تنفيذ، وإنَّما نار وقودها النَّاس والحجارة، أو جنَّة عرضها السموات والأرض".
وإذا كانت كلّ الأيام والشهور تصلح أن تكون بداية للتوبة وبداية الطريق القويم فإنَّ رمضان يقدم زاداً خاصاً للتائبين، فهو يأتي حاملاً الخير والبركة والطاعة، يأتي رمضان ليغيِّر النفوس والقلوب فيجعلها في طاعة الله تدور في فلكه، مسبحة ومستغفرة ومهللة، راجية من الله أن يتقبَّل صيامها وقيامها.
فالصيام عبادة تربوية يصل بها الإنسان إلى مرتبة التقوى ويخلص نفسه من علائق الدنيا، ومع قدوم رمضان تحدث تغيرات في الكون لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وأغلقت أبواب النَّار، وصفدت الشياطين، ونادى مناد من قبل الحق يا باغي الحق أقبل، ويا باغي الشر أقصر". هذه التغيرات الكونية يجب أن يقابلها تغيرات في النفس البشرية، فتصبح أصفى وأقوم وأتقى وأنقى وأقرب إلى الله ليكون رمضان شهر ارتحال إلى الطاعة والعبادة، شهراً نبحر فيه في رحلة إلى الله، لعلَّها تكون رحلة ذهاب بلا عودة إلى أرض المعاصي والذنوب.
كيف يكون رمضان هذه الرحلة العلوية الرائعة رحلة التوبة إلى الله؟
يجيب الدكتور محمد أحمد المسير ـ أستاذ العقيدة الإسلامية ـ: شهر رمضان هو شهر القرآن، ولذلك فإنَّ المسلمين فرادى وجماعات مطالبون باغتنام الفرصة لتأكيد العهد مع الله - سبحانه وتعالى - وتجديد التوبة والاستقامة على منهج الحق.
أمَّا إذا ضاع علينا الشهر الكريم في المأكل والمشرب، واللهو الرخيص، والإعلام الهابط فقط خسرنا وفرَّطنا في المصالحة مع الله، وأوجدنا للشيطان سبيلاً للسيطرة علينا، وبذلك نكون قد اتبعنا خطوات الشيطان وأغلقنا عيوننا دون النور.
ويُشير د. المسير إلى أنَّ هذا الشهر فرصة للوقوف مع النفس، فهذا من شأن العاقل الذي يجعل من رمضان محطة يقف فيها مع نفسه يحاسبها ويقوِّمها.
فالعبادة ليست في رمضان فقط، بل إنَّ العبادات هي عمل المسلم مدى الحياة لقوله - تعالى -: ]قُل إنَّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين[.
وعن تقويم الإنسان نفسه بعد رمضان يقول د. المسير: إنَّ من بركة الحسنة الحسنة بعدها، ومن شؤم المعصية المعصية بعدها، فإذا استمرت طاعتنا وعبادتنا بذات المستوى بعد رمضان فهذا دليل على أننا استفدنا ونجحنا في هذا الشهر، أمَّا إذا كانت عبادتنا في رمضان وقتية وموسمية أو عبادة عابر سبيل ثمَّ انقطعت بعده فهذا دليل على أنَّ الطاعة لن تطول.


دليل للتقويم

ويؤكد هذه المعاني د. عبدالحي الفرماوي ـ الأستاذ بكلية أصول الدين ـ فيقول: إنَّ هذا الشهر الكريم يمكن أن يجعله المسلم شهر تقويم وتقييم، تقويم للسلوكيات والعبادات، وتقييم لها بعد تقويم الاعوجاج والالتواء في النفس.
إنَّ رسالة الصوم حينما جاء بها محمَّد - صلى الله عليه وسلم - كان معها دليل التقييم والتقويم للنَّاس كافة أفراداً وجماعات وشعوباً وحكومات.
إنَّ شهر رمضان عودة لتقوية النفس، وتدريبها على الصبر في أداء الطاعات، وتجنب المخالفات والصدق في التوكل على الله والاستعانة به ومراقبته في السر والعلن، ودعوة للحرية عن طريق التخلص من الشهوات والعبودية لها، واكتساب القوة وامتلاك أدواتها عن طريق التخلص من صور الضعف.

مسؤولية جماعية

ويشير د. يحيى إسماعيل ـ أستاذ الحديث ـ إلى أنَّ تربية النفس في هذا الشهر تتطلَّب عزيمة قوية ونية خالصة، والعزيمة القوية هي مناط التكليف، يقول الله - تعالى -: ]لله ما في السموات وما في الأرض، وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه يُحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذِّب من يشاء[.
فعلى المسلم أن يستجمع عزيمته ويخلص نيته على أن يكون في شهر هذا العام أفضل ممَّا كان عليه في العام الماضي، وفي الحديث الشريف: "إنَّ الله كتب الحسنات والسيئات فمن همَّ بحسنة ولم يفعلها كُتبت له حسنة كاملة" إذن فمجرَّد الهم بالخير يثيب الله عليه.
ويؤكد د. اليحيى أنَّ الطاعة في رمضان وتربية النفوس مسؤولية منوطة بالجميع، بالأفراد والدولة والأنظمة.
ويشير د. عبدالستار فتح الله أستاذ التفسير إلى أنَّه ينبغي أن تكون العودة إلى الله في رمضان فردية وجماعية، فالعبادات في الإسلام تكليف فردي وتطبيق جماعي كالصلاة والصوم والزكاة وغيرها من العبادات، فهي فرض عين على كلّ مسلم بشروطها لكن أداءها يتم غالباً في نطاق الجماعة، فهي ليست عودة فردية، والإنسان الذي يعتزل فيه للعبادة لا يكون تصرفه صحيحاً أبداً.


تجارب عملية

بين الأزقة وفي شوارع القدس العتيقة، ينتهي بنا المطاف في (حارة السعدية) في البلدة القديمة التي تبعد مئات الأمتار عن المسجد الأقصى حيث منزل (محمَّد الاسطة الحلواني42 عاماً) وقد وضع على رأسه عمامة ولبس ثوباً أبيض.
الشيخ محمَّد كما يسميه جيرانه، سعيد جداً أن هداه الله للإيمان وأصبح يصلي ويصوم ولا يضيع فرضاً.. بل يلتزم الصلوات جميعها في الأقصى المبارك، ونسى عشرين عاماً قضاها تاجراً للمخدرات والأفيون، يبيعها للشباب المراهق بين أزقة هذه المدينة المقدَّسة وحاراتها ومقاماتها التاريخية، بعد أن يشتريها من التجار اليهود فيصبح الشبان أسرى لنزوات هذا الداء الخبيث، باع بعضهم ملابسه ليشتري قطعة أفيون كما قال لنا "الشيخ محمَّد".
كيف أصبح "محمد الاسطة الحلواني" شيخاً يصلي بعد أن هداه الله للإيمان، سألناه في ذلك فبكى وسالت دموعه ثمَّ قال: إنَّها قصة طويلة بدأت في إحدى ليالي رمضان المبارك، وبالتحديد في ليلة السابع والعشرين من رمضان عام 1407هـ كنت على موعد مع أحد تجار المخدرات، أنتظره في أحد أزقة مدينة القدس بالقرب من المسجد الأقصى، الناس يتقاطرون نساء ورجالاً شيوخاً وأطفالاً كلهم يلبسون الملابس البيضاء متوجهين إلى المسجد الأقصى لإحياء ليلة القدر، أنظر إليهم وأنا في حيرة، نفسي تحدثني أن أدخل معهم وأغسل ذنوبي، لكن الشيطان يصارعني من الداخل ويوسوس لي: الآن تصل (الصفقة) وتربح (5000) دولار، نفسي تحدثني بالدخول إلى المسجد والشيطان يقول لي وهل سيغفر الله لـ(حشَّاش) ومفسد في الأرض، فجأة توقف (محمد الأسطة) وتنفس الصعداء، قلت: أكمل، قال: انطلقت مهرولاً نحو المنزل بعد أن اتخذت قراري، أمي ليست في البيت لا يوجد أحد، دخلت الحمام فاغتسلت وأنا أبكي، (وبدأ يبكي فعلاً) ولبست ملابس نظيفة وارتديت عباءة كانت لوالدي وذهبت إلى المسجد الأقصى، الحلقات العلمية، الدروس، حلقات القرآن كخلايا النحل، حالة غير طبيعية في المسجد، نعم إنَّها ليلة السابع والعشرين من رمضان، بدأت أصلي مع المصلين، وأنا لا أستطيع ضبط ما يقرأ في الصلاة، لكنني لا أعتقد بتاتاً أنني كنت أسعد في حياتي من تلك الليلة المباركة، وأنهيت الصلاة وحملت مصحفاً من أحد الرفوف، وبدأت أقرأ في القرآن بصعوبة بالغة وأنا أضغط على نفسي، نسيت كلّ الصفقات المحرَّمة، وانتهت ليلتي تلك، وفي الصباح اتصل التاجر الذي يبيعني تلك السموم فقلت له أنت مخطئ في رقم الهاتف، عندها حضر إلى المنزل، فلم يجدني وقالوا له إنَّ (محمَّد) في المسجد فذهب هذا التاجر ولم يعد.
"محمد الأسطة الحلواني" يعمل الآن في صناعة العطور التي لا يدخلها كحول، ويصنع تحفاً إسلامية يحملها في صندوق ويبيعها للمصلين قرب باب المسجد، قلت له: هل يدرّ عليك هذا النوع من التجارة دخلاً كبيراً؟ قال: لا ولكنه رغم قلَّته فيه بركة وأنا أستمتع بهذه الدريهمات أكثر من آلاف الدولارات التي كانت تأتيني من الحرام وتذهب أدراج الرياح.
وأصبح محمد من رجال الدعوة يطوف المدن والقرى ويذهب مع جماعة (التبليغ والدعوة) إلى باكستان وشمالي إفريقيا وغيرها من البلدان، يدعو إلى الله ويحدِّث النَّاس عن قصَّة هدايته.
أمَّا "إبراهيم فرج الله" (38عاماً)، فقد كان أحد أفراد الحزب الشيوعي الفلسطيني عندما كان عمره آنذاك (23 عاماً). في أحد أيام شهر رمضان من عام 1405هـ للهجرة كان ابراهيم يراقب احتفالاً في قريته (إذنا) قضاء الخليل جنوبي فلسطين، أقامه أنصار الصحوة الإسلامية احتفالاً برمضان، وقد كان من ضمن فقرات الاحتفال مسرحية إسلامية هادفة، تروي قصة شاب شيوعي عاد إلى الإسلام.
بدأ إبراهيم يراقب المسرحية باهتمام أكثر، حتى وصل إلى فقرة حساسة وهامة وقف فيها الممثل يؤدي دور الشيوعي التائب إلى الله وهو يدعو الله بحرقة أن يغفر له وأن يحرم جسده على النار، وأن يتقبله في هذا الشهر، وبدأ هذا الممثل من حرارة المشهد يبكي فعلاً.
"إبراهيم فرج الله" الشاب الشيوعي الذي يراقب المشهد، والذي يعرفه أبناء بلدته بأنَّه شيوعي فعلاً، وقف في وسط جمهور المشاهدين يصرخ ويقول: تبت إلى الله، تبت إلى الله، فأحاطه الجمهور واحتضنوه وهدؤوا من روعه، وبدأ أحد الشباب المسلم يحدثه عن عظمة الإسلام ورحمة الله وأنَّ الله سيقبله تائباً، وأصبح إبراهيم واحداً من الشباب المسلم المواظب على مسجد البلدة، وعندما انطلقت الانتفاضة ساهم إبراهيم مع إخوانه المجاهدين في مقارعة الاحتلال، ونهاية عام 1992م أُبعد "إبراهيم" مع إخوانه المبعدين إلى مرج الزهور في الجنوب اللبناني.
وعند سؤالنا لإبراهيم عن هذا الانقلاب في حياته قال: لقد ولدت فعلاً يوم أن هداني الله للإيمان في شهر رمضان المبارك من عام 1405هـ للهجرة، عندها وجدت نفسي وأدركت أني إنسان حقيقي.
الناس في ضلالتهم هائمون وسنأثم إن لم نقم بهدايتهم، نعم لقد اقتنعت بعد هدايتي إلى الله أنَّ هناك أناساً كثيرين من الدعاة سيُسألون أمام الله عن تقصيرهم تجاهي وتجاه غيري لو لم يقوموا بدعوتهم وهدايتهم.
وهكذا أصبح "إبراهيم فرج" الشيوعي السابق داعية مسلماً، فلقد كان يقف خطيباً ومدرِّساً في سجن النقب ومجدو الإسرائيلي أيام اعتقالاته في الانتفاضة، يخطب النَّاس ويعظهم.
ولعلّ عبدالله نمر درويش أحد القيادات البارزة في الحركة الإسلامية في فلسطين في المنطقة المحتلة عام 1948م مثال حقيقي آخر على قوافل إيمانية كتب لها الهداية في شهر رمضان.
الشيخ عبدالله نمر درويش كان عضواً فعالاً في الحزب الشيوعي الإسرائيلي (راكاح) في منتصف السبعينات وكان قيادياً بارزاً ينكر أنَّ هناك ديناً وعبادة وجنة وناراً، في أحد أيام شهر رمضان المبارك دخل عبدالله البيت فوجد أمَّه تتناول طعام الإفطار في رمضان فقال لها: ماذا تفعلين؟ فقالت له: أفطر، فقال لها: أما زلت حتى هذه اللحظة تخرفين وتؤمنين بأنَّ هناك جنة ونار؟! وضرب صحن الطعام الذي تأكل منه أمه بقدمه، فانكفأ على وجهه، فقالت له الأم الحزينة: (شلّ الله يدك) ونام عبدالله في ليلته تلك حتى استيقظ مشلول اليد!! كما يروي هو.
وكان هذا الحادث نقطة تحول في هذا حياة هذا الرجل الذي أعلن التوبة إلى الله في شهر رمضان وأصبح يقارع الشيوعيين ويقدم الحجة على بطلان دعوتهم.
وبرز الشيخ عبدالله نمر درويش، داعية مشهوراً في فلسطين وبخاصة في المنطقة المحتلة عام 1948م.


فرصة لا تعوض.

إن رمضان شهرٌ عظيم، ترق فيه القلوب، وتسكن الأنفس فشياطين الجن مصفدة، وقد ثابت الأرواح وهدأت من وساوسها، فلعلها فرصة عظيمة نغتنمها نراجع أعمالنا ونزداد في عبادتنا.
إن النفس إذا أرغمتها على ما تكره، لم يكن إلا أن توافقك عليه إذا رأت عزماً وشدة منك لا رجعة فيها، تلك هي النفوس، تشب على حب الفطام وإن تفطمها تنفطم..
ومن فاته أن يبلغ من رمضان ما كان يأمله فحري به أن يجتهد في عشره الأواخر فقد كان النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - يشد مئزره في هذه العشر ويعتكف ويجتهد في عبادته..



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #114  
قديم 03-05-2021, 04:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رمضان .. هل تغير ؟!
موقع لها أون لاين

أطلَّ علينا هذا الشهر الكريم، وبدأ الناس بالاستعداد له منذ فترة ليست بالقصيرة، الكل يجري ويستبق الزمن ليعد لهذا الشهر الكريم عدته.. ولكن تختلف همم الناس وطموحاتهم في استغلال أوقات هذا الشهر الكريم..
القنوات الفضائية.. أسواق المواد الغذائية.. الأسواق العامة، فالقنوات الفضائية قد نذرت نفسها طوال العام لتنتقي لهذا الشهر المسلسلات والبرامج، وأصبح رمضان ـ للأسف ـ موسماً مهماً لها لعرض الجديد والترويج له، وأسواق المواد الغذائية تتفنن في إغراء الناس بما لذَّ وطاب من المآكل والمشارب، والأسواق العامة لبست أحلى حللها ورصدت الجوائز للمتسوقين ليقضوا ليلهم في تلك الأسواق استعداداً للعيد.
وغالب المجتمع يدور في فلك هذا الثلاثي خلال رمضان، ولا يعرف من رمضان إلا موسم الأكلات والمسلسلات ليلاً، والعمل أو الدراسة ثم النوم نهاراً..
ما الذي تغير؟ هل رمضان هو الذي تغيِّر أم نحن؟!!
الجواب الأكيد أن الزمان لم يتغير، ولكن الناس هم الذين تغيروا.
إنَّ الله - عز وجل - فرض هذا الصيام وجعله أحد أركان الإسلام لحكم عظيمة أجلَّها التقوى.. (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
فهل من التقوى متابعة القنوات؟ أم التفنن في المأكولات؟ أم التجول في الأسواق والمحلات؟
إنَّ كل يوم يمر لا يرجع، ورمضان إذا مضى لا يعود، وما من أحد إلا سيندم على ما فات إن كان فعل خيراً فيندم إن لم يكن استزاد من الخير، وإن فعل شراً فيندم لم فعله؟ ولمَ لمْ يتب؟
لنحاول أن نجعل من رمضان هذا العام رمضاناً مختلفاً ليكن همنا الأكبر فيه زيادة التقوى لنشعر أبناءنا عظمة الشهر وفضله، ليلمس الجميع فيه معاني الصيام الحقيقية.. إنه فرصة للتغيير... لنغير من واقعنا.. إنَّ رمضان هذا العام هو رمضان في زمن المصطفى - صلى الله عليه وسلم -، لم يتغير، ولكن نحن الذين تغيرنا "إنَّ الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم".. فهل نبدأ رحلة التغيير في حياتنا نحو الأفضل؟! أم يمر علينا رمضان هذا العام كما مرَّ علينا رمضان في الأعوام السابقة؟!!



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #115  
قديم 03-05-2021, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

استعد.. لتنطلق.. فتفوز في رمضان

هبة بنت أحمد أبو شوشة

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله.

إن الحمد لله نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.

أما بعد:
فمع اقتراب رمضان ينتشر في النت ووسائل الاتصال الاجتماعي منشورات أو مقالات أو تغريدات، حول استقبال شهر الخيرات وكيفية الاستعداد له، ومع هذا الانتشار تبدأ حملات النسخ واللصق، وإعادة التوجيه والمشاركة.

وهذا أمر محمود وطيب؛ من باب ﴿ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الذاريات: 55]، وأيضًا: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2]، ولكن المشكلة أن حظ أغلبنا - إلا من رحم ربي - من تلك المنشورات لا يتعدَّى مرحلة القراءة السريعة، ثم المشاركة وإعادة الإرسال، ولا أبالغ إذا قلت: إن البعض يكسل عن القراءة إذا كانت الرسالة أو المقالة طويلة بعض الشيء.


والحصيلة من كل هذا وقتٌ ضائع بلا فائدة! فلا أنت حصَّلت الاستفادة المرجوة، ولا أنت عملتَ بما تقرأ، وتمر أيام شعبان سريعًا ونحن مُلتَهون بتلك المشاركات وإعادة التوجيه، حتى نستيقظ على جملة " كل عام وأنت بخير.. غدًا رمضان"!


ونتفاجأ بأن رمضان قد دخل علينا وهلَّ هلالُه ونحن لم نبدأ بعدُ في الاستعداد له كما ينبغي! فتمر علينا أيامُه ولياليه ونحن نحاول أن ننجز ونُجاهد، ولكن نستشعر صعوبة كبيرة ونتساءل: لماذا؟!

مشهد (1)
هل رأيتَ يومًا فلاحًا يحصد ثماره قبل أن يَحرث الأرض ويبذر البذور في التربة ويسقي أرضه ويُراعيها؟
هذا أمر منافٍ للعقل وللطبيعة.. هكذا رجب وشعبان بالنسبة لرمضان؛ فكما قيل: إن رجب شهر البَذْر، وشعبان شهر السَّقي، ورمضان هو شهر الحصاد.

ففيه أحصد ثمرة تعبي وجهدي في شهرين سبَقا.

يقول القائل:
أتى رمضانُ مزرعةُ العبادِ
لتطهير القلوب من الفسادِ

فأدِّ حقوقَه قولاً وفعلاً
وزادَك فاتخِذْهُ للمَعادِ

فمَن زرع الحبوبَ وما سَقاها
تأوَّه نادمًا يوم الحصادِ


انتبه: شهر رمضان ليس شهر البذر والسقي؛ بل هو شهر حصاد الثمار!

مشهد (2)
ماذا يحدث للاعب كرة القدم الذي ينزل الملعب بدون تسخين؟
ينزل الملعب بهمَّة وحماس وهو يُمنِّي نفسه بعدة أهداف، فلا يلبث إلا أن يُصاب بشدٍّ عضلي يؤذيه ويجعله يتوقف عن اللعب، ويتم استبدال لاعبٍ آخرَ به.

هكذا الحال بالضبط مع من لا يستعد لشهر الخيرات؛ فالبعض يظلُّ يؤجل الاستعداد، ويؤجل، حتى يدخل الشهر، فيبدأ الشهر بهمة عالية؛ صيام، صلاة نوافل، تراويح، قيام ليل... و.. و.. و

ثم.. مع مرور أيام الشهر الفضيل يُصاب بالتعب والإرهاق، ويبدأ الإقلال من الطاعات شيئًا فشيئًا، حتى يتوقف تمامًا إلا عن الفرائض، وهذا الأمر مُلاحَظ، ومساجدنا خير دليل على ذلك.

فنجد في أول أيام رمضان المساجد تعجُّ بالمصلين، حتى لا يجد المرء مكانًا لقدمه، ثم يبدأ هذا العدد بالتناقص رويدًا رويدًا، ثم إذا كانت الليلة الأخيرة من الشهرلم نجد إلا بعض الصفوف القليلة، ولا حول ولا قوة إلا باللهَ
انتبه: شهر رمضان ليس شهر التمرين والتسخين!
بل هو شهر الفوز بالأهداف.

مشهد (3)
حُدد موعد زفافها بعد شهرين، واكتفَت هي بالنظر في المجلاَّت والكاتالوجات؛ تُبدي إعجابها بهذه القطعة، أو تلك، وتَعزم على اقتنائها بدون أن تَقوم بعمل حقيقي لتحقيق رغبتها! وتمر أيامها ولياليها في التمني والتأجيل، حتى يأتي يوم زفافها ولم تستعدَّ بعد!

ولمَ العجب؟ هذا ما نفعله نحن تمامًا مع الشهر الفضيل.
انتبهي: شهر رمضان ليس شهر التجهيز والاستعداد!
بل هو شهر الإنجاز ورؤية النتائج.

فكما لا ثمار بدون بذور وسقي، ولا أهداف بدون تسخين وتمرين، ولا عرس بدون تجهيزات - فهكذا رمضان.. فيا مَن يرغب بالفوز في رمضان استعد!

قال ابن القيم رحمه الله:
حذار حذار من أمرين لهما عواقب سوء:
أحدهما: رد الحق لمخالفته هواك؛ فإنك تُعاقَب بتقليب القلب، وردِّ ما يَرد عليك من الحق رأسًا، ولا تقبله إلا إذا برَز في قالب هواك؛ قال الله تعالى: ﴿ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ... ﴾ [الأنعام: 110] الآية.


والثاني: التهاون بالأمر إذا حضَر وقته؛ فإنك إن تهاونتَ به ثبَّطَك الله وأقعدك عن مَراضيه وأوامره؛ عقوبةً لك، قال تعالى: ﴿ فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلَى طَائِفَةٍ مِنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَدًا وَلَنْ تُقَاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُوا مَعَ الْخَالِفِينَ ﴾ [التوبة: 83].


فمن سَلِم من هاتين الآفتين والبليتين العظيمتين فلْتَهْنِه السلامة"؛ انتهى كلامه رحمه الله تعالى[1].


ومن هنا عُلم أنه لا بد من الاستعداد لشهر رمضان قبل دخوله؛ حتى لا تُعاقَب بالتثبيط عن أفعال الخير، والتخذيل عن زيادة الطاعات في رمضان، وافهم الآية في ضوء هذا الكلام أنَّ كراهية الله انبعاثهم وتثبيطهم كانت نتيجةَ عدم استعدادهم أصلاً، وعدم صدق رغبتهم في ذلك، أما إذا استعد الإنسان للعمل وتجهز لأدائه وأقبل على الله راغبًا إليه؛ فإن الله سبحانه أكرمُ من أن يرد عبدًا أقبل عليه"[2].

وقد يرد سؤال: هل فات الأوان لاستدراك ما فاتني؟
والجواب: لا، إن شاء الله؛ فما زال على رمضان عدة أيام، ولم يفُت الأوان بعد، والفرصة ما زالت سانحة للاستعداد بقوة؛ لجني ثمرات هذا الشهر العظيم؛ بل وربما سبقتَ بصِدق عزيمتك وإخلاصك لله عز وجل مَن استعد قبلَك بشهور! فأبشِر، وابدأ من الآن بقوة وعزيمة وإصرار.

كيف أستعد؟
الذكي من يستغلُّ شهر رمضان وغيرَه من المواسم الفاضلة، والشقيُّ من تفوت عليه ولا يَدري أنها حلَّت أو ارتحلت، وإن لله سبحانه في أيام الدهر نفحات فمن تعرَّض لها يوشك أن تصيبه نفحة؛ فلا يَشقى بعدها أبدًا، وشهر رمضان ضيف يحتاج إلى استعداد، وموسمٌ كبير يحتاج إلى ملء الأوقات بذكر ربِّ البريات[3].

1- التوبة النصوح:
أول ما نستعد له هو تجديد التوبة لله عز وجل؛ قال تعالى: ﴿ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 31].
وكان من هَدي النبي صلى الله عليه وسلم أنه يستغفر ويتوب إلى الله عز وجل في اليوم ما يَقرب من مائة مرة.

فإذا سأل سائل: من ماذا أتوب؟
نقول: كل إنسان منَّا يَعلم له ذنبًا يبعده عن الله عز وجل؛ فقد يكون مشاهدة المسلسلات والأفلام هي ما يحول بينك وبين الله عز وجل، وقد يكون النظر للمتبرجات، أو قد تكون أمراضٌ قلبية في نفسك من عُجب أو رياء أو حبٍّ للظهور، وقد يكون تضييع الأوقات على مواقع التواصل الاجتماعي؛ كالفيس بوك والتويتر والواتس وغيرها...

بل ولعله يكون التوسع في المباحات من فُضول الكلام والنظر والنوم وغيرها؛ فإنه من أوسعِ مداخل الشيطان.

ففتِّش في نفسك وابحث ما الذي يحول بينك وبين الطاعات، فأقلِع عنها فورًا وتب إلى الله عز وجل توبة نصوحا، وادخل رمضان بقلب نقي، ليس فيه تعلق بمعصية قد تحول بينك وبين الفوز في رمضان.

2- الدعاء:
كم من أناس كانوا معنا في العام الماضي وقد رحَلوا هذا العام، وقد كانوا يظنون أنهم سيستقبلون رمضان معنا؟

لم يتبقَّ على رمضان إلا أيامٌ معدودات، ولكن هل يستطيع أحدنا أن يجزم أنه سيبلغ رمضان؟

إن بلوغ شهر الصيام نعمة عظيمة تحتاج منا لدعاء أن يبلغنا الله إياه؛ قال معلَّى بن الفضل: "كانوا (السلف) يدعون الله تعالى ستَّة أشهر أن يبلغهم رمضان، ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم".

وقال يحيى بن أبي كثير: "كان مِن دعائهم: اللهم سلِّمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه مني متقبلاً".

فيدعو المسلم ربَّه تعالى أن يبلِّغه شهر رمضان على خيرٍ في دينه، في بدنه، ويدعوه أن يُعينه على طاعته فيه، ويدعوه أن يتقبل منه عمله.

3- ترك الكسل والدَّعةِ والتسويف:
وهذه والله آفةٌ عظيمة؛ فكم من مرات قلنا: سنفعل، وسوف نفعل، فنكون لقمة سائغة للشيطان! يُمنِّينا ويجعلنا نسوف حتى يَضيع العمر بلا عمل، فتكون خسارة الدنيا والدين؛ فقد روى ابن أبي شيبة في مصنَّفه عن ابن بجاد السلمي أنه قال: "أنذرتُكم: سوف أقوم، سوف أصلي، سوف أصوم"[4].

فالكل يعلم فضائل هذا الشهر العظيم، ونعلم أننا لا بد لنا من الاستعداد، ومع ذلك لا يستعد بالفعل إلا القليل، والكثير يسوِّف ويؤجل حتى يَدخل الشهر وهو لم يعمل شيئًا، وقد استعاذ نبيُّنا من هذه الآفة العظيمة لما فيها من خراب لحياة المسلم وآخرته، فعلَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم ذكرًا نقوله قبل طلوع الشمس وقبل غروبها: ((اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال))[5].


وكم من شابٍّ أو فتاة يرتعون في الكسل، فلا يعمَلون ولا يتحركون، ثم يشتَكون من الفتور وعدم الخشوع وقسوة القلب!
ولا يعلم أن دواءه في يده؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف: 110].


فالحل بيدك؛ استعذ بالله، واستعن به سبحانه، وقم للعمل الآن، بلا تسويف أو كسل.

ولا تنسَ الإكثار من "لا حول ولا قوة إلا بالله"؛ فإن فيها قوةً عجيبة تعين؛ لأنك بقولها تظهر فقرك وضعفك إلى الله، والتمسك بقوة الله وحده، وهنا يُعينك الله، وتَسهُل عليك العبادة.

4- الاستعداد بالطاعات:
فإذا أردت أن تدخل رمضان بهمة عالية فلا بد من تمارين العزيمة والهمة، وهذه التمارين تعتبر استعدادًا حقيقيًّا عمليًّا قبل رمضان؛ تروَّض فيها النفس، فتتعود على الطاعة وتألَفُها، حتى إذا دخل رمضان كانت نفسك لينة منقادة لك، فلا تخالفك فيما تُطالبها به من طاعات.

ومن هذه الطاعات:
الصيام:
وهو أول ما يجب أن يتدرب عليه العبدُ قبل دخول رمضان، خاصة في هذا الزمن الذي طال فيه النهار، وقصر فيه الليل، وزاد فيه عدد ساعات الصيام، مع شدة الحر، فيصبح الصيام شاقًّا على النفس متعبًا لها.

فلا بد من تمرين النفس على هذه الطاعة، وقد كان هذا من هديِ النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من أفضل الصيام عند الله عز وجل؛ فعن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله، لم أرَك تصوم شهرًا مِن الشهور ما تصوم من شعبان؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ((ذاك شهر يَغفُل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر تُرفَع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يُرفَع عملي وأنا صائم))؛ رواه النَّسائي.


وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ((لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان، وكان يصوم شعبان كلَّه))؛ رواه البخاري.


ولا ننسَأن نذكِّر أخَواتنا وبناتنا بإبراء ذمَّتهم لله عز وجل من الصيام الواجب عليهم.


فإذا كان عليها أيامٌ من رمضان السابق فلتُسرع بصيامها قبل دخول رمضان التالي؛ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ: سمِعت عَائشَة رضي الله عنها تقول: "كان يكون عليَّ الصوم من رمضان، فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان".

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:
"ويؤخذَ مِن حِرصها على ذلك في شعبان أنه لا يَجوز تأخيرُ القضاء حتى يدخل رمضان آخر".

فما زالت الفرصة سانحة أمامك، إذا لم تكوني بدأت فابدئي من الغد واحتسبي.

فالحمد لله الذي هيَّأ لنا سُنَّة صيام شعبان لنتعلَّم صيانة الصيام وتدريبَ النفس عليه؛ لنكون على استعداد للفوز ببركات رمضان وأجره.

قراءة القرآن:
يقول أنس بن مالك صاحبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان المسلمون إذا دخَل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرَؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم؛ تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان.

وقال أحد السلف: شعبان شهر القُرَّاء، فالذي تعوَّد على المحافظة على وِرده القرآني قبل رمضان سيُحافظ عليه إن شاء الله في رمضان.

وإني لأَعجَب من أناسٍ يَهجرون كتاب الله عز وجل بالشهور، ثم يُريدون أن يختموا في رمضان مرتين وثلاثة وأربعة! كيف هذا وأنت لم تتعود ولم تُصاحب كتاب الله عز وجل لشهور؟!

اجعل بينك وبين القرآن علاقة وثيقة، واعلم أن كثرة البعد عنه تُصيب القلب بالصدأ، ولن يزول إلا بالعودة إليه وتلاوته؛ فالقرآن في حدِّ ذاته شفاءٌ للصدور؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57].


ولا شك أن البداية ستكون صعبة، ولكن إذا قاومت وصممت وعزمت، فسيَفتح الله عليك وتستشعر لذة وحلاوة آيات الله عز وجل؛ فقراءة القرآن في شعبان تزيل صدأ الشهور الماضية، حتى يَستنير القلب، ويصبح محلاًّ طيبًا لتأثير القرآن بالهدى والتقى والنور في رمضان.

قيام الليل ولو ركعتين:
إذا لم تستطع الاستيقاظ قبل الفجر فليَكن قيام ليلك بعد صلاة العشاء، وقد أوصى النبيُّ عليه الصلاة والسلام أبا الدرداء وأبا هريرة أن يوتِرا أول الليل؛ قال بعض أهل العلم: إنما أوصاهما بذلك لأنهما يَشتغلان بالعلم في أول الليل، ويَصعُب عليهما القيام في آخر الليل.


فلا تغفل عنه ولو بما تيسَّر لك، حتى إذا دخل رمضان كانت صلاة التراويح هينة وميسَّرة لك.

5- احفظ سمعك وبصرك ولسانك:
الاستعداد لرمضان فرصة رائعة للتعود على عادات جيدة، وترك معاصٍ لم نكن نتخيل أننا قد نستطيع الابتعاد عنها.

فجاهِد نفسك واحفظ سمعك وبصرك ولسانك، فلا تسمع إلا طيبًا، ولا تشاهد إلا حسنًا، ولا تتكلم إلا بخير.

والنفس البشرية تحتاج لبذل مجهود، وقد تجد منها في البداية ممانعة وتفلُّتًا، فلا تيئس واعلم أن الحلم بالتحلُّم والصبر بالتصبر، حتى إذا جاء رمضان ستجدها قد انصاعَت لك وانقادت لرغباتك، ووقتَها تخرج من رمضان وقد حقَّقتَ ثمرة عظيمة من ثمراته وهي التغيير، فتخرج من رمضان غيرَ ما دخَلت، فهنيئًا لك!

6- تحديد الأهداف:
وأقصد بتحديد الأهداف: ما الذي تريد تحقيقه في رمضان؟ وكيف تريد الخروج منه؟
فإذا أراد شخصٌ ما القيامَ بمشروع من مشاريع الدنيا فإنه يقوم بعمل دراسة مستفيضة لهذا المشروع من جميع جوانبه، وعمل خطة مرتبة ومنظمة؛ لتحصيل أقصى قدر من الربح فيه.

هذا في أمور الدنيا؛ فكيف بنا ونحن أمام مشروع ضخم، قد يكون فيه فوزك بجنة عرضها السماوات والأرض؟!

ومن أعظم هذه الأهداف:
التقوى:
وهي الثمرة العظيمة والغاية الأسمى من الصيام؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].


﴿ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ في التفسير الميسَّر: أي لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية؛ بطاعته وعبادته وحده، تتقي الله تراقبه وتستشعر نظرَه إليك في يوم صومك، يكون أمامك الطعام والشراب وأنت وحدك وجائع، ومع ذلك لا تقترب منه.. لماذا؟
لأنك تراقب الله عز وجل وتَعلم أن الله يراك.

فشهر رمضان هو دورة تأهيليَّة مكثَّفة، تعيش ثلاثين يومًا صيامًا، ثلاثين يومًا صلاة في المسجد بنوافلها، ثلاثين يومًا تراويح بعد العشاء، ثلاثين يومًا صلاةَ تهجُّد وقيامَ ليل، ثلاثين يومًا تُراقب الله عز وجل في أفعالك وأقوالك، ثلاثين يومًا لا تقترب من المعاصي؛ خشية لله وخوفًا على صيامك أن يضيع...

تدريب على تقوية النفس في مواجهة شهواتها؛ فبصيامك في رمضان تَمتنع عن المباحات التي أحلَّها الله لك، وتجاهد نفسك وتروِّضها على الصمود بكل قوة، فهل بعد رمضان تضعف أمام المحرمات؟!

سيكون رمضان بالنسبة لك قفزة نوعية في علاقتك بالله عز وجل، تغييرًا كاملاً في عباداتك وطاعتك له سبحانه، تَظهر آثارها في ثباتك على الاستقامة بعد رمضان، فإذا فعلتَ ذلك فقد فُزتَ وأفلَحت.

العتق من النار:
من أول الأهداف وأعظمِها والتي لا بد أن تضعها نُصب عينيك في رمضان هي "العتق من النار" فو الله مَن يَناله نال فوزًا عظيمًا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من عتقائه من النار.

العتق من النار يَعني النجاة من النار والفوز بالجنة؛ قال تعالى: ﴿ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾ [آل عمران: 185].


قال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله تعالى عتقاء في كل يوم و ليلة - يعني: في رمضان - وإنَّ لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة مستجابة))[6].


وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لله عز وجل عند كل فطرٍ عُتقاء))[7].


فوالله إنها لفرصة عظيمة منَّ الله عز وجل بها علينا في هذا الشهر الجليل؛ شهر تتنزل فيه الرحمات، وتسجر فيه النار، وتفتح فيه أبواب الجنة، وتصفَّد فيه الشياطين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحريٌّ بمن دخل شهر رمضان ألا يخرج منه إلا وهو من عتقاء الله من النار.

غفران الذنوب:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))[8].
قال الحافظ ابن حجر في " فتح الباري: "المراد بالإيمان: الاعتقاد بفرضية صومه، وبالاحتساب: طلب الثواب من الله تعالى، وقال الخطابي: احتسابًا؛ أي: عزيمة، وهو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيِّبةً نفسه بذلك، غير مستثقل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه". اهـ.

وقال المناوي في "فيض القدير": مَن صام رمضان إيمانًا: تصديقًا بثواب الله أو أنه حق، واحتسابًا لأمر الله به، طالبًا الأجر أو إرادة وجه الله، لا لنحو رياء، فقد يفعل المكلَّف الشيءَ معتقدًا أنه صادق، لكنه لا يفعله مخلصًا؛ بل لنحو خوف أو رياء.

وقال الإمام النووي: معنى إيمانًا: تصديقًا بأنه حقٌّ مقتصد فضيلته، ومعنى احتسابًا: أنه يريد الله تعالى، لا يقصد رؤية الناس، ولا غير ذلك مما يخالف الإخلاص.

ولكن لا بد من التنبيه أن تلك الذنوب التي يغفرها الصيامُ وغيرُها من الطاعات هي الذنوب التي بينك وبين الله عز وجل، أما ما كان بينك وبين الخلق فلا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة.

قيام ليلة القدر:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)).


اجعل تلك الليلة نُصبَ عينك، وضَعْها هدفًا عظيمًا لك في هذا الشهر، فإذا فزتَ بها فُزتَ بخير عظيم؛ قال تعالى في سورة القدر: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3].


فكم سنة تعدل ليلة القدر؟ أكثر من ثلاث وثمانين سنة!
فلو حرَصتَ كل الحرص على هذه الليلة فلا تَفُتك؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((تحرَّوْا ليلة القدر في الوتر من العَشر الأواخر من رمضان))[9].


فكن صاحبَ همَّة عالية ولا تكتفِ بقيام الأيام الوترية فقط من العَشر الأواخر، وإنما اعزِم على الفوز، ولا تدَع مَجالاً للصُّدف، وقُمِ اللياليَ العشر كاملة؛ فربما كان هناك اختلافٌ في الرُّؤى بين الدول الإسلامية، فما يكون عندنا ليلة وِترية تكون ليلة زوجية في دولة أخرى، فادفع عنك الكسل وتذكَّر أنها ليالٍ معدودة؛ فقط عشر ليال، وبعدها هنيئًا لك الفوز بالقبول إن شاء الله.

ختامًا.. رمضان فرصة لا تعوض، هو نفحة من نفحات الله عز وجل، والسعيد من استغلَّها وفاز بها، فاستعدَّ له جيدًا؛ فإن لم تفعل وقعتَ في الأسبوع الأول، وخسرتَ تلك الفرصة العظيمة.. فانتبه!

بلَّغَنا الله وإياكم رمضان، وأعاننا على عبادته فيه على الوجه الذي يُرضيه عنَّا.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم.


[1] بدائع الفوائد ص 1128.

[2] أسرار المحبين في رمضان.

[3] من كتاب استقبال شهر رمضان د/ سفر الحوالي.

[4] مصنف ابن أبي شيبة (8/ 261).

[5] رواه البخاري (1849)، ومسلم (1146).

[6] رواه الإمام أحمد وصححه الألباني (2169) في صحيح الجامع.

[7] رواه الإمام أحمد وحسنه الألباني (2170) في صحيح الجامع.

[8] رواه البخاري (38)، ومسلم (760).

[9] رواه البخاري.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #116  
قديم 04-05-2021, 03:55 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رسائل واتس أب (1)



خيرية الحارثي





هل تريد الجنَّةَ؟ ستقول: نعم، وبتعجب كيف؟! وأين الثمن؟ انظر إلى الرزق، هل يُمطَر عليك من السماء؟ إن لم تَسْعَ له وتتعاهده، كذلك الجنة، تحتاج إلى بذْل وسعي، فعندما طلب ربيعة بن كعب رضي الله عنه مرافقتَه صلى الله عليه في الجنة، قال له:

أعنِّي على نفسك بكثرة السجود.


والله - جل شأنه - يقول: ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزخرف: 72] إن الله يدعوك إلى دار السلام؛ يقول - سبحانه -: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾ [يونس: 25]، ثم رِضوان الله عليك أكبر من الجنة؛ ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة: 72].



ثم النظر إلى وجهه العظيم نسأله ألا يَحرِمنا فضلَه؛ ففي الحديث الصحيح (حديث الرؤية):


((فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحبَّ إليهم من النظر إلى وجهه))، فإذا رأوا وجه الله نسُوا ما هم فيه من النعيم، ألا تريد رؤية ربك الحبيب؟!

يا رب، هب لنا من فضلك ورحمتك!

♦ ♦ ♦


عند تَصفُّحك لمواقع (الإنترنت) اعلم أنك ستغوص في بحر عميق، فيه من الخيرات واللؤلؤ التي هي بمثابة حامل المسك، وفيه من الأشواك والثعابين اللادغة التي قد تُردِي قلبك، فتُنكَت فيه نكتٌ سوداء، وهذا كنافخ الكير، وفيه من الحيتان والقروش التي قد تهوي بك في مهاوي الردى والخُسران، فكن على حَذرٍ، واجعل الخوفَ من الخالق نُصْب عينيك، فإنه من خاف سلم، وإن زللتَ فاستغفر، ولا تسترسل في عدم المراقبة الإلهية، واعلم أن استشعارك عظمة الله، ورجاء ثوابه وجنَّته، هي التي تَحجُزك عن التمادي في الشهوات والشبهات.



عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إياكم ومُحقَّرات الذنوب؛ فإنما مثل محقرات الذنوب، مِثل قوم نزلوا بطن وادٍ، فجاء هذا بعود وجاء هذا بعود، فأنضجوا خبزَهم، وإن مُحقَّرات الذنوب لموبِقات))، ﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49].



قوله تعالى: ﴿ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا ﴾ [الكهف: 49]، مكتوبًا مثبتًا في كتابهم ﴿ وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 49]؛ أي: لا يُنقِص ثوابَ أحد عمِل خيرًا، ومعنى أحصاها: عدَّها وأحاط بها.


♦ ♦ ♦


معنى الطمأنينة في الصلاة؟


تعريف الطمأنينة في الصلاة: أن تستقرَّ الأعضاءُ في الركوع أو السجود استقرارًا تامًّا.



وبمعنى آخر: هي التأنّي وإعطاء كل رُكن من الصلاة حقَّه، فإذا ركعت فأعطِ الركوعَ حقَّه من اعتدال الظهر والتسبيح، وكذلك الرفع منه، والسجود، وهكذا.



والطمأنينة ركن، والدليل حديث ذلك الرجل الذي لا يتم ركوعه ولا سجوده، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ((ارجع فصلِّ؛ فإنك لم تُصلِّ))، وهو حديث مشهور، وهذا الحديث رواه البخاري ومسلم، ويُسمِّيه العلماء: حديث المسيء في صلاته.


ومعنى كون الطمأنينة ركنًا من أركان الصلاة، أن مَن لم يطمئنَّ في صلاته فصلاته باطلة، ولذلك فمن أهم المهمات أن نتفقَّد صلاتنا ونهتمَّ بتقويمها؛ رأى صلى الله عليه وسلم رجلاً لا يُقيم صلبَه في الركوع والسجود فقال: ((يا معشر المسلمين، إنه لا صلاة لمن لا يُقيم صلبَه في الركوع والسجود))؛ حديث صحيح، ورأى حذيفة رجلاً يصلي ولا يطمئن، فقال له: منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال: من 40 سنة، فقال له: لو متَّ وأنت تصلي هذه الصلاة، لمتَّ على غير فطرةِ محمد صلى الله عليه وسلم.



هذه هي الطمأنينة، وهي ركن مًن ترَكه بطلت صلاته.


♦ ♦ ♦


قال عمرو بن العاص رضي الله عنه: "وما كان أحد أحبَّ إليَّ من رسول الله، ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنتُ أطيق أن أملأ عينيَّ منه إجلالاً له، ولو سئلتُ أن أَصِفه ما أطقتُ؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه"؛ رواه مسلم، إذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضَّأ كادوا يَقتتِلون على وضوئه، وإذا تكلَّم خفضوا أصواتَهم عنده، وما يحدّون إليه النظرَ تعظيمًا له.



إن لحبه عليه الصلاة والسلام دليلاً يَتبيَّن به وبُرهانًا يدل عليه، ذلكم هو تعظيم ما جاء به واتباعه قلبًا وقالَبًا، وتحكيم أقواله وأفعاله في كل شؤون الحياة، والثبات على هَدْيه، والسير على طريقه، وأما الاشتغال بالمظاهر الجوفاء، وإقامة الاحتفالات والموالد في أيام معدودات، ثم الانغماس في الملاهي في سائر العام، فإنما كل ذلك مشابَهة لأعداء الله من اليهود والنصارى والرافضة المفتونين بإقامة الموالد؛ ليس محبة للرسول، ولكن اتباعًا لشهواتهم.


♦ ♦ ♦



كم من رجل أو امرأة اختلطا فوقعا ضحيةَ كلمةٍ مائعة أو ضحكة زائغة! لذا حرَّم الله تعالى الاختلاطَ في جميع الشرائع؛ قال تعالى حاكيًا قصة موسى عليه السلام: ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ * فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾ [القصص: 23 - 25]، وتأمَّل قولَه تعالى: ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾؛ لأنها تربَّت على الحياء.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #117  
قديم 04-05-2021, 03:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رسائل واتس أب (2)



خيرية الحارثي

(1)


إن الساهي عن عبادة ربه عاجزٌ لا يصل إلى أغراضِه، ولا يحقق رغائبَه، أما أولئك الواصلون إلى مراميهم بالأماني والأحلام، وهم لا يتقرَّبون إلى خالقِهم بالصلاة، فلا بد أن تُدمي أقدامَهم وعورةُ الطريق، كلما اجتاز عقبة وقع في أخرى، هذا في الدنيا، ثم في الآخرة سيكتوون بنار الخِذلان، عياذًا بالله، فلم نرَ أو نسمع عن مسلم قعَد عن الصلاة إلا داسته الحياةُ، ونبذَتْه وألقته على هامشها.

يا مسلم، يا من تشهَد أن لا إلهَ إلا الله، لقد خُلق الإنسانُ ليسعى، لا ليكونَ نائمًا هائمًا يقودُه هواه كما يقادُ البعير، إن الحياةَ والعافيةَ والنعمة الرغيدة التي تعيشها وتستمتع بها دون أن تلتفت إليها، وأعني بها نعمةَ الإسلام، التي هي أكبرُ من كل نعمة - هي إحسانٌ من الله عليك، وتفضُّل منه لك، فذلك يتطلب منك أن تكون شاكرًا للمُنعِم، ولا تستطيع أن تحصي ثناءً عليه.

(2)
لماذا تقطع حبل الوصال بينك وبين ربك؟
إلى متى ستظل تائهًا عن الطريق؟! ألستَ تبحث عن السكون والراحة؟! إلى متى ستظل تملِكُ نفسًا مختلّة تسيطرُ عليها الوساوس، وتنهكها العِلَل؟

إلى متى؟ إلى أن تكتشفَ خَسارتَك؟!
عندما تجد ما عملته من سوء ماثلاً أمامك؛ يقول الله تعالى: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران: 30]، كم أتمنى أن أتجوَّلَ في داخل مسلم لا يصلي، كيف يعيش!

لا بد أنه يعيشُ بداخل مظلم، مُعوَج، مضطرب، ما الذي يضيء داخلك وخارجك وجوارحك؟ كيف تعيش بدون وصل خالقِك الكريم الذي يستحق الحبَّ والوصل، لقد أوصاك بوصلِ قريبك ووالديك وأحبابك، فكيف بوَصْلِه؟! قرة عين المُحبِّين، ونعيمهم، ولذة حياتِهم في مناجاته.

(3)
بمَ شُغلتَ عن ربك؟ وبماذا تشتغل الآن؟
هل الصلاةُ مشقَّة وعذاب؟ هل الصلاةُ تعَبٌ وعناء؟ إن كثيرًا من أعمالِ الدنيا أشدُّ مشقةً وأكثرُ عناءً وجهدًا، بالله عليك "كم تأخذُ الصلاةُ من وقتنا في اليوم والليلة، ساعة، أو أقل، أو أكثر قليلاً، مقابل ماذا؟ مقابل أن يعطيك اللهُ من الثواب ما لا عينٌ رأَتْ، ولا أُذُن سمِعت، ولا خطَر على قلبِ بشَرٍ.

أنت ترى ظُلمَك لنفسك في تخلِّيك عن الصلاة، وتُدرِك خطَرَها، ويسوءُكَ مَن يتهاون بها من أقرانِك، أو ممن هم دونك، فإلى متى؟ إلى متى تخبِط في الدنيا خَبْطَ عشواء؟! إلى متى تسير كما يحلو لك دون حسابٍ للرقيب، غافلاً عن معرفة الحقِّ؟! إن من حقِّ الله عليك أن تتوجَّهَ إليه بعبادتِه، وأعظَمُها الصلاة، إنك تعرِفُ وتُدرِك!

ومن حقِّه - جل شأنه - أن يغضَبَ على من يقطع صلته به إذا عرَف وانحرف، وأدرَك واقترَف.


(4)
سأطرَح عليك سؤالاً قد تتعجَّبُ منه: هل تريد الجنةَ؟ ستقول: نعم، وبتعجُّب: كيف؟! وأين الثمن؟! انظر إلى الرزق، هل يمطر عليك من السماء إن لم تسعَ له وتتعاهَدْه؟ كذلك الجنة، تحتاجُ إلى بذلٍ وسعي، فعندما طلب ربيعة بن كعب رضي الله عنه مرافقتَه صلى الله عليه وسلم في الجنة، قال له : ((أعنِّي على نفسِكَ بكثرةِ السجود))، والله - جل شأنُه - يقول : ﴿ وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الزخرف: 72]، إن الله يدعوك إلى دارِ السلام؛ يقول سبحانه: ﴿ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ ﴾ [يونس: 25]، ثم رضوان الله عليك أكبرُ من الجنة؛ ﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ﴾ [التوبة: 72]، ثم النظر إلى وجهه العظيم، نسأله سبحانه ألا يحرمنا فَضْلَه؛ ففي الحديث الصحيح، حديث الرؤية ((فوالله ما أعطاهم اللهُ شيئًا أحبَّ إليهم من النَّظرِ إلى وجهِه)) فإذا رأَوْا وجهَ الله نسُوا ما هم فيه من النَّعيم،. ألا تريدُ رؤيةَ ربِّك العظيم الواحد الأحد؟!

ألا تريد أن تنعَمَ بالقُربِ وتُحشَر في زمرةِ المتَّقين والصَّالحين؟!


(5)
أتخشى اللهَ وتخافُه؟
كأني بك ستقول: نَعَم! بماذا؟ فإن للخوفِ ثمراتٍ، تهون بها اللذاتُ، وتقود القلبَ إلى ربِّ البريات، وأنت تعلَمُ أن الله لو أراد أن يهلكَ العالَمين لم يُبالِ، وما أهونَ العبادَ عليه إذا هم عصَوْه، ومن يخاف يحذر، يحذر من بطشِه وعقابه؛ يقول عليه الصلاة والسلام: ((أنا أعرَفُكم باللهِ، وأشدُّكم له خشيةً))، إن الاستخفافَ بفريضةِ الله عليك وتفريطك فيها، وضَعْف إرادتك، هو لأنك أسقَطْتَ خوفَك وتعظيمك له سبحانه، وبهذا سُلِبْتَ محبته ورضاه، تعرَّف إلى الله، فمتى عرفتَه عظَّمتَه، ومتى عظَّمته خشِيته، وإذا خشيتَه عبَدْتَه وأحببتَه، أترجو الرحمةَ والمغفرة؟ إن هذا جهلٌ مركَّب، وليس بسيطًا؛ فاللهُ تعالى يقول: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ﴾ [الأعراف: 156]، ويقول تعالى: ﴿ إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الأعراف: 56]، لماذا لا تريدُ أن تدخلَ تحت ظِلالِ رحمتِه؟


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #118  
قديم 04-05-2021, 03:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

رسائل واتس أب (3)



خيرية الحارثي

(1)



قال ابن تيمية - رحمه الله -: "الدعاء والتوكُّل من أعظم الأسباب التي تنَال بها سعادة الدنيا والآخرة".




قال ابن القيم - رحمه الله -: "ومَن صدَق توكُّله على الله في حصول شيء ناله"، وقال أيضًا: "فالتوكل من أعظم الأسباب التي يَحصُل بها المطلوب، ويَندفِع بها المكروه".



(2)

والمتوكِّل على الله يُفَوِّض أمره إلى الله؛ قال الله تعالى عن مؤمن آل فرعون: ﴿ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [غافر: 44].


وقد ذكر ابن القيم - رحمه الله - توضيحًا للتفويض بالمثال - ولله المثل الأعلى - وهو أن المفوِّض مَثلُه مَثَل الطفل الصغيرِ العاجزِ الذي فَوَّض أمرَه إلى والدِه الذي يقوم بشأنه، فهو يحمله ويذهب به والطفل مطمئنٌّ لذلك، ويعلم أن أباه أعلم منه بمصلحته، وربما حملَه والده والطفلُ لا يعلم لماذا حمله، ولا أين هو ذاهب؟ لكنه مطمئن أنه ما فعل ذلك إلا لمصلحته.




(3)

المتوكِّل على الله يَثِق بالله ويُحسِن الظن به، فهو يوقن أن الله تعالى يراه ويسمع صوته ويعلم حاله وحاجته، وهو أرحم به من نفسِه؛ فالله تعالى هو العليمُ الحكيمُ الخبير اللطيف البصير بالعباد، فما قدَّرهُ اللهُ تعالى فهو الخير، فيكون المتوكِّل على الله صابرًا ثابتًا مطمئنًّا راضيًا بما قدره الله تعالى؛ فقد يُقدِّرُ اللهُ تعالى ما لا يريده العبد فيكون ظاهره الشر، لكنْ في باطنه وعاقبته الخير العظيم، ﴿ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، فلا يَضطرب قلبه ولا ييئس من رحمة الله تعالى.



(4)

عن سعيد بن المسيب قال: التقى عبدالله بن سلام وسلمان، فقال أحدهما لصاحبه: إن متَّ قبلي فالقَني، فأخبِرْني ما لقيتَ مِن ربك، وإن متُّ قبلك لقيتُك فأخبرتك، فقال أحدهما للآخر: أوَتلقى الأموات الأحياء؟

قال: نعم، أرواحهم تذهب في الجنة حيث شاءت، قال: فمات فلان فلقيه في المنام فقال: "توكَّل وأَبشِر، فلم أر مثل التوكل قطُّ، توكَّل وأَبشِر فلم أر مثل التوكل قطُّ".



(5)

من أجمل ما قيل في التوكل:

قال الحسن: "إنَّ مِن توكُّل العبد أن يكون الله هو ثقته".




عن المغيرة بن عباد قال: قيل لبعض الرهبان: "مَن المُتوكِّل؟" قال: "مَن لم يَسخط حكم الله - عز وجل - على كره أو محبة".




وعن سفيان الثوري في قوله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [النحل: 99] قال: أن يَحملهم على ذنب لا يُغفَر.




عن صالح بن شعيب، قال: أوحى الله - عز وجل - إلى عيسى ابن مريم - عليه السلام -: "أَنزِلني من نفسك كهمِّك، واجعلني ذخرًا لك في معادك، وتقرَّب إليَّ بالنوافل أُدنِكَ، وتوكَّل عليَّ أَكفِكَ، ولا تولَّ غَيري فأَخذُلك".



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #119  
قديم 06-05-2021, 12:01 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي المختصر في أحكام زكاة الفطر

المختصر في أحكام زكاة الفطر




عبد الله بن راضي المعيدي الشمري


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه :
هذه بعض المسائل المهمة في زكاة الفطر وقد اختصرتها من كتاب أحكام زكاة الفطر للدكتور سعيد بن وهف القحطاني وفقه الله اقتصرت على المسائل المهمة حتى تعم الفائدة للإخوة جميعاً .

أولاً : المقصود بزكاة الفطر :
زكاة الفطر في الاصطلاح: ((هي الصدقة تجب بالفطر من رمضان، طهرة للصائم: من اللغو، والرفث)).

ثانياُ : والأصل في وجوب زكاة الفطر: عموم الكتاب وصريح السنة والإجماع:
أما عموم الكتاب، فقيل: قول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى* وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} .
وأما السنة؛ فلأحاديث كثيرة، ومنها حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: (( «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين» ...)). [متفق عليه]
وأما الإجماع، فأجمع أهل العلم: أن صدقة الفطر فرض، قال الإمام ابن المنذر رحمه الله: ((وأجمعوا على أن صدقة الفطر فرض، وأجمعوا على أن صدقة الفطر تجب على المرء، إذا أمكنه أداؤها عن نفسه، وأولاده الأطفال، الذين لا أموال لهم، وأجمعوا على أن على المرء أداء زكاة الفطر عن مملوكه الحاضر)).

ثالثاً : الحكمة من وجوب زكاة الفطر:
لا شك أن مشروعية زكاة الفطر لها حِكم كثيرة من أبرزها وأهمها الحكم الآتية:
1 – طُهرةٌ للصائم، من اللغو والرفث، فترفع خلل الصوم، فيكون بذلك تمام السرور.
2 – طعمةٌ للمساكين، وإغناء لهم عن السؤال في يوم العيد، وإدخال السرور عليهم؛ ليكون العيد يوم فرح وسرور لجميع فئات المجتمع.
3 – مواساةٌ للمسلمين: أغنيائهم، وفقرائهم ذلك اليوم، فيتفرغ الجميع لعبادة الله تعالى، والسرور والاغتباط بنعمه ، وهذه الأمور تدخل في حديث ابن عباس رضي الله عنهما (( «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين» ...)).
4 – حصول الثواب والأجر العظيم بدفعها لمستحقيها في وقتها المحدد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس المشار إليه آنفاً: ((فمن أدَّاها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)).
5 – زكاة للبدن حيث أبقاه الله تعالى عاماً من الأعوام، وأنعم عليه سبحانه بالبقاء؛ ولأجله استوى فيه الكبير والصغير، والذكر والأنثى، والغني والفقير، والحر والعبد، والكامل والناقص في مقدار الواجب: وهو الصاع.
6 – شكر نعم الله تعالى على الصائمين بإتمام الصيام، ولله حكم، وأسرار لا تصل إليها عقول العالمين.

رابعاً : زكاة الفطر فرض على كل مسلم فَضُل عنده يوم العيد وليلته
صاع من طعام، عن قوته وقوت أهل بيته الذين تجب نفقتهم عليه؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر في رمضان على كل نفسٍ من المسلمين: حرٍّ أو عبدٍ، أو رجلٍ، أو امرأةٍ، صغيرٍ، أو كبيرٍ، صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير» وهذا لفظ مسلم في رواية, ولفظ البخاري: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد، والحر، والذكر، والأنثى، والصغير، والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» . وفي لفظٍ للبخاري عن نافع عن ابن عمر: ((فرض النبي صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر – أو قال: رمضان – على الذكر، والأنثى، والحر، والمملوك: صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، فعدل الناس به نصف صاع من برٍّ، فكان ابن عمر يعطي التمر, فأعوز أهل المدينة من التمر فأعطى شعيراً، فكان ابن عمر يعطي عن الصغير والكبير، حتى إن كان يعطي بنيَّ، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يعطيها للذين يقبلونها، وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين)).
ويستحب إخراج زكاة الفطر عن الحمل؛ لفعل عثمان رضي الله عنه .
وتخرج عن المملوك يخرجها سيده عنه؛ لحديث أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ليس على المسلم في فرسه، ولا في عبده صدقة إلا صدقة الفطر» .

خامساً : وقت إخراج زكاة الفطر:
درجات إخراج زكاة الفطر على النحو الآتي:
الدرجة الأولى: جواز تقديم زكاة الفطر قبل العيد بيوم أو يومين؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، وفيه: ((... وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو يومين))، وفي لفظ للإمام مالك: ((أن ابن عمر كان يبعث بزكاة الفطر إلى الذي تجمع عنده قبل الفطر بيومين أو ثلاثة)). قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء برئاسة الإمام عبدالعزيز بن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((ووقتها ليلة عيد الفطر إلى ما قبل صلاة العيد؛ ويجوز تقديمها يومين أو ثلاثة)).
الدرجة الثانية: وقت الوجوب: هو غروب الشمس من آخر يوم من رمضان؛ فإنها تجب بغروب الشمس من آخر شهر رمضان، فمن تزوج، أو ملك عبداً، أو وُلِد له ولد، أو أسلم قبل غروب الشمس، فعليه الفطرة، وإن كان ذلك بعد الغروب لم تلزمه، ومن مات بعد غروب الشمس ليلة الفطر فعليه صدقة الفطر.
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في أول وقت الوجوب لزكاة الفطر: ((إنما يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان، وهو أول ليلة من شهر شوال، وينتهي بصلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بإخراجها قبل الصلاة)).
الدرجة الثالثة: المستحب إخراج زكاة الفطر يوم الفطر قبل صلاة العيد؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما، وكما قال ابن عباس رضي الله عنهما ((فمن أداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات)).
الدرجة الرابعة: لا يجوز تأخيرها بعد صلاة العيد على القول الصحيح، فمن أخَّرها بعد الصلاة بدون عذر، فعليه التوبة، وعليه أن يخرجها على الفور، وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((الواجب... إخراجها قبل صلاة العيد، ولا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد)).
وقال العلامة محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله، في تعمد إخراجها بعد صلاة العيد: ((والصحيح أن إخراجها في هذا الوقت محرم، وأنها لا تجزئ \"

سابعاً: مقدار زكاة الفطر وأنواعها:
هو صاع من قوت البلد الذي يأكله الناس، وقد ثبت في حديث ابن عمر رضي الله عنهما الذي ذكرته آنفاً أنه قال: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير» ....

ثامناً ً: مقدار الصاع الذي تؤدى به زكاة الفطر هو صاع النبي صلى الله عليه وسلم .
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: «المقدار الواجب في زكاة الفطر عن كل فرد صاع واحد بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، ومقداره بالكيلو ثلاثة كيلو تقريباً» .

تاسعاًً: أهل زكاة الفطر الذين تدفع لهم: الفقراء والمساكين
وقال العلامة ابن عثيمين رحمه الله في ذكر القولين: ((هناك قولان لأهل العلم: الأول أنها تصرف مصرف بقية الزكوات، حتى المؤلفة قلوبهم والغارمين... والثاني أن زكاة الفطر مصرفها للفقراء فقط، وهو الصحيح)).

عاشراً: حكم دفع القيمة في زكاة الفطر:
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله: ((ولا تجزئ القيمة؛ لأنه عدول عن المنصوص)). وقال الإمام عبدالعزيز ابن عبدالله ابن باز رحمه الله: ((ولا يجوز إخراج القيمة عند جمهور أهل العلم، وهو أصح دليلاً، بل الواجب إخراجها من الطعام، كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم )). وقال رحمه الله: ((... زكاة الفطر عبادة بإجماع المسلمين، والعبادات الأصل فيها التوقيف، فلا يجوز لأحد أن يتعبد بأي عبادة إلا بما ثبت عن المشرِّع الحكيم عليه صلوات الله وسلامه)).
وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((ولا يجوز إخراج زكاة الفطر نقوداً؛ لأن الأدلة الشرعية قد دلت على وجوب إخراجها طعاماً، ولا يجوز العدول عن الأدلة الشرعية؛ لقول أحد من الناس)). قال صلى الله عليه وسلم : ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)). وفي رواية لمسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» .

الحادي عشر: الفطرة تلزم المسلم عن نفسه وعن من يعول ممن تلزمه نفقته:
قالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: ((زكاة الفطر تلزم الإنسان عن نفسه، وعن كلِّ من تجب عليه نفقته، ومنهم الزوجة؛ لوجوب نفقتها عليه)).

أختصرها :
عبد الله بن راضي المعيدي
المدرس بالمعهد العلمي بحائل
المشرف العام على شبكة همة المسلم











__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #120  
قديم 06-05-2021, 04:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,095
الدولة : Egypt
افتراضي رد: رمضانيات يوميا فى رمضان إن شاء الله

الضيف قادم هنيئًا لمن أكرمه














سارة الشمري



ها هو شهر رمضان يلُوح في الأُفق..





أيامٌ قلائل ويحلُّ علينا ضيفٌ لطالما انتظرناه..





ضيفٌ يحمل معه من الطمأنينة والروحانيَّة الشيءَ الكثير..





ضيف يقرِّبنا إلى الله أكثر، يقرِّبنا من الجنَّة أكثر..





فكم يشتاق له القلب، وتحنُّ له الروح!





﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ﴾ [البقرة: 185].. شهر الخير والغفران..





اختصَّه الله عزَّ وجلَّ بفضل أيامه ولياليه؛ ففيه ليلةٌ خيرٌ من ألف شهر..





فيه ((تُفتح أبوابُ الجِنان، وتُغلق أبوابُ النِّيران، وتصفَّد الشياطين))..





ترى المصلِّين في المساجد ركَّعًا وسجَّدًا.. يدعون ربَّهم خوفًا وطمعًا.





تلهَج ألسنتُهم ما بين تلاوةٍ ودعاء.. يسألون ربَّهم العِتق من النار..





الكلُّ يريد أن يستغلَّ الدَّقائق المباركة من هذا الضَّيف قبل رحيله..





فـ((الكَيِّس من دَان نفسَه وعمِل لما بعد الموت)).





فـهنيئًا لمن استعدَّ لهذا الشَّهر المبارك؛ فتزوَّد من الطَّاعات، وتخفَّف من المحرَّمات، وقال: لن يسبِقني إلى الله أحدٌ.





هنيئًا لمن روَّض نفسَه؛ فصبرَت وتصبَّرَت، وخضعَت لربِّها وخشعَت، وتلمَّسَت حالَ الفقراء فمدَّت لهم يدَ العون!





هنيئًا لمن اغتنمَ كلَّ دقيقةٍ مرَّت ولم يُهمِلها!





هنيئًا لمن حصدَ الجوائز العِظام بالفوز بالجنَّة، والعتق من النَّار، واستلم جائزتَه يومَ عِيده!






يا رَب، بلِّغنا رمضان ونحن بأفضل حال.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 195.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 189.87 كيلو بايت... تم توفير 5.89 كيلو بايت...بمعدل (3.01%)]