كيف نودع رمضان؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12641 - عددالزوار : 220718 )           »          إذا كانت الملائكة لا تقرب جيفة الكافر فكيف ستسأله في القبر ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 130 - عددالزوار : 15853 )           »          حرف القاف (نشيد للأطفال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          نوادر الفقهاء في مدح سيد الشفعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          الجامع في أحكام صفة الصلاة 4 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3959 - عددالزوار : 398702 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4428 - عددالزوار : 865068 )           »          أنماط من الرجال لا يصلحون أزواجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          أيها الأب صدر موعظتك بكلمة حب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20-04-2024, 04:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,384
الدولة : Egypt
افتراضي كيف نودع رمضان؟

حسان أحمد العماري

كيف نودع رمضان؟


الحمدُ لله اللطيفِ الرؤوفِ المَنَّانِ، الْغَنِيِّ القويِّ السِّلْطَان، الحَلِيمِ الكَرِيم الرحيم الرحمن، الأوَّلِ فلا شَيْء قبلَه، الآخر فلا شَيْء بعده، الظَاهرِ فلا شَيْء فوْقَه، الباطِن فلا شَيْء دُونَه، المحيطِ عِلْمًا بما يكونُ وما كان، يُعِزُّ وَيُذِلُ، ويُفْقِرُ ويُغْنِي، ويفعلُ ما يشاء بحكْمتِهِ، كلَّ يَوْم هُو في شان، أرسى الأرضَ بالجبالِ في نَوَاحِيها، وأرسَلَ السَّحاب الثِّقالَ بماءٍ يُحْييها، وقَضَى بالفناءِ على جميع سَاكِنِيها؛ لِيَجزِيَ الذين أساؤوا بِمَا عَمِلوا، ويَجْزِي المُحْسنين بالإِحسان.


أحْمَدُه على الصفاتِ الكاملةِ الحِسَان، وأشكرُه على نِعَمِهِ السَّابغةِ وبَالشُّكرِ يزيد العطاء والامْتِنَان، وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحْدَه لا شريكَ له المَلِكُ الدَّيَّان، وأشهد أنَّ محمدًا عَبْدُهُ ورسولُهُ المبعوثُ إلى الإِنس والجان، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعينَ لهم بإحسان ما توالت الأزمان، وسلَّم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد:
فعباد الله، ما أسرعَ ما تنقضِي الليالي والأيام، وما أعجلَ ما تنصرِم الشهور والأعوام، وهذه سُنّة الحيَاة، أيامٌ تَمرُّ وأعوَام تكرُّ، وفي تقلُّب الدهر عِبر، وفي تغيُّر الأحوال مدَّكَر؛ قال تعالى: ﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر: 37].


هذا شهرُ رَمضانَ تقوَّضَت خِيامه، وتصرَّمت لياليه وأيَّامُه، قرُب رَحيلُه، وأزِف تحويلُه، انتصَب مودِّعًا، وسَار مسارعًا، ولله الحمد على ما قضَى وأبرَم، وله الشُّكر على ما أعطى وأنعم؛ فاستدركوا ـ رحمكم الله ـ بقيَّتَه بالمسارعة إلى المكارم والخيرات، واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى، فالعمل بالخِتام؛ قال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [يونس:26].


فمن لم يختم قراءة القرآن، فليكمل ما تبقَّى عليه من آياته وسوره، ومن أكمل فليضاعف من حسناته وأجوره، هكذا يجب أن نودِّع رمضان بعمل صالح نقدِّمه بين يدي الله، فكتاب الله لا تَمله النفوس ولا تشبع منه القلوب، فهو منهج أمة ودستور حياة؛ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ)؛ [رواه أحمد].


كما ينبغي لنا أن نودِّع رمضان بإتمام الأعمال، والعزم على الاستقامة على الطاعات، وبكثرة الدعاء بأن يتقبَّل منا صيامه وقيامه، وسائر العبادات والطاعات فيه، فقد وصف الله حال عباده المؤمنين بعد القيام بالعبادات والطاعات بأنهم: ﴿ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون: 60]؛ أي: يخافون أن تُرَدَّ أعمالهم، فهل شغلك هذا الهاجس وأنت تودِّع شهر رمضان، قال الإمام علي رضي الله عنه: "كونوا لقبول العمل أشد اهتمامًا منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق عز وجل: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [المائدة: 27]، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: "يا ليت شعري، من هذا المقبول منَّا فنُهنيه، ومن هذا المحروم فنُعزيه، ثم ينادي: أيها المقبول هنيئًا لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك".


عبـاد الله، يجب أن نودِّع رمضان بإخراج زكاة الفطر، فهي طُهرة للصائمين مما قد يؤثر في صيامهم وينقص ثوابه، بسبب اللغو والرفث ونحوهما، وتكميلًا للأجر وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناءً لهم من ذل الحاجة والسؤال يوم العيد، إلى جانب أن فيها إشاعةَ المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم؛ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: فرض رسول الله زكاة الفطر صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدَّى قبل خروج الناس إلى الصلاة؛ متفق عليه, ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين, وقال أهل العلم: إنه يجوز إخراجها مالًا، وقيمته تختلف من بلد لآخر.


كما ينبغي أن نودِّع رمضان بقيام كل واحدٍ منا رجلًا كان أو امرأة بصناعة ابتسامة مشرقة وبسرورٍ ندخله قلوب من حولنا، وإن هذا العمل وهذه العبادة من أعظم وأجلِّ العبادات عند الله سبحانه وتعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم: "أحبُّ الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرورٌ تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كُربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرُد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظًا ولو شاء أن يُمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزِل الأقدام، وإن سوء الخلق ليُفسد العمل كما يفسد الخلُّ العسل"؛ صحيح الجامع (176).


فنودِّع رمضان بابتسامة وسرور نُدخله على الآباء والأمهات، وذلك بطاعتهما وبرهما وصلتهما والإنفاق عليهما، وذلك من أعظم أبواب الجهاد؛ فعن عبد الله بن عمرو قال: "جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاستأذنه في الجهاد، فقال: أحيٌّ والداك؟ قال: نعم قال: ففيهما فجاهد"؛ أخرجه البخاري (3004)، وفي لفظ عند مسلم (2549): "ارجع إلى والديك فأحسِن صحبتهما"، وفي لفظ عند أبي داود (2528): "ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما)، فإدخال السرور عليهما ورسم البسمة في شفاههما من أعظم العبادات، حتى من الجهاد في سبيل الله، ولقد نهى صلى الله عليه وسلم عن عقوقهما وعدَّه من الكبائر؛ فعن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثًا، قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكرِّرها حتى قلنا ليته سكت)؛ (رواه البخاري ومسلم).


وكما أن للصائم بابًا إلى الجنة هو باب الريان، فكذلك الوالدان، فإنهما بابان إلى الجنة، فأين البر وأين الصلة وأين الرحمة بهما؟ إنه مهما عملنا فلن نؤدي حقهما، رجل من أهل اليمن يطوف بالبيت، يحمل أمه العجوز على ظهره، ويطوف بها بالبيت، من منا يفعل هذا؟ ومن منا يتصور هذا قبل أن يفعله؟ يحمل أمه على ظهره ثم يطوف حول البيت، هل وصلنا بالبر إلى هذا المستوى؟ هل وصلنا بطاعة الوالدين وحبهما إلى هذه الدرجة؟ يحملها على ظهره فيطوف بالبيت، فيرى ابن عمر ذلك الرجل الصحابي الفقيه، فقال له: يا بن عمر، أتراني جزيتها؟ تراني بهذا الفعل جزيت حق أمي وأرجعت لها الحقوق، فقال له ذلك الرجل العالم ابن عمر: لا، ولا بزفرة من زفراتها، ولا بطلقة من طلقاتها حين وضعتك من بطنها، وهذا أحد العلماء المحدثين وهو سفيان الثوري يجلس في مجلس العلم، وعنده عشرات بل ربما المئات من التلاميذ يحدِّثهم، ويكتبون خلفه، تأتيه أمه في أثناء الدرس، فتقول له: يا فلان، فيقول: لبيك يا أماه، فتقول له: أطعم الدجاج، فانظر إلى هذا العمل التافه، وانظر إلى هذا العمل البسيط، لكن صدر ممن؟ مِن أمٍّ عظيمة، من أم لها حق عليك كبير، أتعرف ماذا يفعل هذا الرجل؟ لم يقل لأمه: بعد الدرس أو بعد قليل، لا والله، بل يغلق الكتاب، ثم يقوم من مجلسه، ثم يطعم الدجاج، ثم يرجع إلى درسه، ويُكمل حديثه، يا له من برٍّ وصلة، ويا لها من عظمة ويا لها من تربية، كما ينبغي أن نودِّع رمضان بابتسامة مشرقة نزرعها في وجوه الفقراء والمساكين والأيتام، خاصة هذه الأيام، فالعيد على الأبواب، وإدخال الفرح والبهجة والسرور من أعظم القربات عند الله، لقد كان حكيم بن حزام الصحابي الجليل يحزن على اليوم الذي لا يجد فيه محتاجًا ليقضي له حاجته، فيقول: ما أصبحت وليس ببابي صاحب حاجة، إلا علمت أنها من المصائب التي أسأل الله الأجر عليها، وهــذا ابن المبارك عليه رحمة الله حج مع جمع من أهل مرو، فلما كانوا في منتصف الطريق نزلوا في مكان ليستريحوا قليلًا بجانب قرية من القرى، وبينما هم كذلك إذ بهم يرون امرأة قد أخذت دجاجة ميتة كانت في عرض الطريق، فسأله ابن المبارك: لِمَ يا أمة الله؟ قالت: لقد أُصيب أهل هذه القرية بالمرض والجوع، ولي صبية صغار، والله ما أجد ما أطعمهم، فـتأثر ابن المبارك ومن معه، ونادى فيهم: ليس لكم حج هذا العام، وأخذ الأموال والطعام ودفعها إلى أهل تلك القرية، فأدخل السرور عليهم وقضى حاجتهم وعاد إلى بلاده، كم من الأجر سيناله! وكم من الدعوات تلهج بها ألسنةُ الفقراء والمحتاجين والأيتام ستَطاله؟ عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أدخل على أهل بيت من المسلمين سرورًا، لم يرض الله له ثوابًا دون الجنة"؛ رواه الطبراني بسند حسن.


عباد الله، لا تنسَوْا أرحامكم وأنتم تودِّعون رمضان أن تُحسنوا إليهم، وأن تصلوا ما بينكم وبينهم من قطيعة، وأن تدخلوا البهجة والسرور إلى نفوسهم، فقد قضى جبار السماوات والأرض على نفسه أنه من وصل رحمه وصله الله، ومن قطعها قطعه الله؛ فلا تنسوا المعروف بينكم مهما كانت الخلافات، ولا تنسوا الحقوق والواجبات مهما بعدت المسافات، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيه أخته من الرضاعة وقد ابتعدَت عنه ما يقارب أربعين سنة، فتأتيه وهو لا يعرفها وهي لا تعرِفه، مرت سنوات وسنوات، وأيام وأيام، وأعوام وأعوام، وتسمع وهي في بادية بني سعد في الطائف بانتصاره، فتأتي لتُسلم على أخيها من الرَّضاع وهو تحت سدرةٍ عليه الصلاة والسلام، والناس بسيوفهم بين يديه، وهو يوزِّع الغنائم بين العرب، فتستأذن، فيقول لها الصحابة: من أنت؟ فتقول: أنا أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، أنا الشيماء بنت الحارث، أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية، فيخبرون الرسول عليه الصلاة والسلام، فيتذكر القربى وصلة الرحم والوشيجة والعلاقة التي أنزلها الله من السماء، ويقوم لها ليلقاها في الطريق، ويعانقها عناق الأخ لأخته بعد طول المدة، وبعد الوحشة والغربة، ويأتي بها ويُجلسها مكانه، ويُظللها من الشمس؛ تصوَّروا رسول البشرية، ومعلم الإنسانية، ومُزعزع كِيان الوثنية يُظلل هذه العجوز من الشمس برضعة واحدة، فأين الذين قطعوا عماتهم وخالاتهم وبناتهم وأخواتهم؟ وهم كثيرٌ حرموهنَّ من الميراث الذي فرضه الله لهنَّ، وقطعوهنَّ من الصلة والزيارة، حتى سمعنا ورأينا من العجائز الطاعنات في السن من تقف الواحدة في فقرٍ، وهي تبكي وتقول: ظلمني! وأخذ حقي أمره إلى الله؟!.


اللهم أصلح فساد قلوبِنا، وارحَم ضعفنا، وحسِّن أخلاقنا، ووفِّقنا إلى كل خيرٍ، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية
عبـاد الله، ألا بشِّروا من يسعى في إدخال السرور على الناس وقضاء حوائجهم بقضاء حوائجه، ففي الصحيحين عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)؛ (البخاري /2262).


فمن كان الله في حاجته أتظنون أنه يخيب؟ فيا أصحاب الأموال كم محروم ومحزون تستطيعون أن تفرحوه، وكم من سجين تستطيعون أن تُفرجوا عنه كربته، وكم من مريض يحتاج إلى مساعدة أنتم تقدرون عليها، ويا أصحاب الوجاهة والمناصب، كم من مظلوم تستطيعون أن تنصفوه وتردُّوا له حقَّه، وكم من صاحب حاجة ينتظر من يعينه على قضائها، هذا الفاروق عمر رضي الله عنه وهو خليفة، وجد وهو يتفقد أحوال المسلمين بالليل امرأةً في حالة المخاض تعاني من آلام الولادة مع زوجها في خيمة في أطراف المدينة، فحث زوجته على قضاء حاجتها، وكسب أجرها، وقال لها: هل لك في أجرٍ ساقه الله إلينا؟ فكانت هي تمرض المرأة في الداخل وهو في الخارج يَنهمك في إنضاج الطعام بالنفخ على الحطب تحت القدر، حتى يتخلل الدخان لحيته، وتفيض عيناه بالدمع، لا من أثر الدخان الكثيف فحسب، بل من الشكر لله أن هيَّأه وزوجته لإدخال السرور وقضاء حوائج الناس؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [لحج: 77].


ولا ننسى ونحن نودِّع رمضان إخواننا المسلمين المظلومين والمشرَّدين والمضطهدين والجوعى والمحاصرين في أصقاع الأرض - من دعوةٍ صالحة ومن سخاء يد بالإنفاق عليهم، كلٌّ بما يستطيع، وليكن عندنا أملٌ بأن الله سيُحدث التغيير في حياة هذه الأمة إلى الأفضل، وأن بعد العسر يسرًا، وأن بعد الكرب يأتي الفرج، وما ذلك على الله بعزيزٍ، وقد أمرَكم ربُّكم، فقال قولًا كريمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].


اللهم صلِّ وسلم وبارِك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
تَم بحمد الله وتوفيقه



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.87 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.98%)]