![]() |
|
|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تفسير القرآن "زاد المسير" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي ( 1984م – 1404هـ ) الحلقة (1) صــ3 إلى صــ 7 بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . [ ص: 3 ] الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي شَرَّفَنَا عَلَى الْأُمَمِ بِالْقُرْآَنِ الْمَجِيدِ ، وَدَعَانَا بِتَوْفِيقِهِ عَلَى الْحُكْمِ إِلَى الْأَمْرِ الرَّشِيدِ ، وَقَوَّمَ بِهِ نُفُوسَنَا بَيْنَ الْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ ، وَحَفِظَهُ مِنْ تَغْيِيرِ الْجَهُولِ ، وَتَحْرِيفِ الْعَنِيدِ ، لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ . أَحْمَدُهُ عَلَى التَّوْفِيقِ لِلتَّحْمِيدِ ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى التَّحْقِيقِ فِي التَّوْحِيدِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، شَهَادَةً يَبْقَى ذُخْرُهَا عَلَى التَّأْيِيدِ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَرْسَلَهُ إِلَى الْقَرِيبِ وَالْبَعِيدِ ، بَشِيرًا لِلْخَلَائِقِ وَنَذِيرًا ، وَسِرَاجًا فِي الْأَكْوَانِ مُنِيرًا ، وَوُهَبَ لَهُ مِنْ فَضْلِهِ خَيْرًا كَثِيرًا ، وَجَعَلَهُ مُقَدَّمًا عَلَى الْكُلِّ كَبِيرًا ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَرْبَابِ جِنْسِهِ نَظِيرًا ، وَنَهَى أَنْ يُدْعَى بِاسْمِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَوْقِيرًا ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ كَلَامًا قَرَّرَ صِدْقَ قَوْلِهِ بِالتَّحَدِّي بِمِثْلِهِ تَقْرِيرًا فَقَالَ: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا [الْإِسْرَاءِ: 88 ] فَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَأَشْيَاعِهِ ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا . لَمَّا كَانَ الْقُرْآنُ الْعَزِيزُ أَشْرَفَ الْعُلُومِ ، كَانَ الْفَهْمُ لِمَعَانِيهِ أَوْفَى الْفُهُومِ; لِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومُ ، وَإِنِّي نَظَرْتُ فِي جُمْلَةٍ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ فَوَجَدْتُهَا بَيْنَ كَبِيرٍ قَدْ يَئِسَ الْحَافِظُ مِنْهُ ، وَصَغِيرٍ لَا يُسْتَفَادُ كُلُّ الْمَقْصُودِ مِنْهُ ، وَالْمُتَوَسِّطِ مِنْهَا قَلِيلُ الْفَوَائِدِ ، عَدِيمُ التَّرْتِيبِ ، وَرُبَّمَا أُهْمِلَ فِيهِ الْمُشْكِلُ ، وَشُرِحَ غَيْرُ الْغَرِيبِ ، فَأَتَيْتُكَ بِهَذَا الْمُخْتَصَرِ الْيَسِيرِ ، مُنْطَوِيًا عَلَى الْعِلْمِ الْغَزِيرِ ، وَوَسَمْتُهُ بِـ: [ ص: 4 ] " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" . وَقَدْ بَالَغْتُ فِي اخْتِصَارِ لَفْظِهِ ، فَاجْتَهِدْ وَفَّقَكَ اللَّهُ فِي حِفْظِهِ ، وَاللَّهُ الْمُعِينُ عَلَى تَحْقِيقِهِ ، فَمَا زَالَ جَائِدًا بِتَوْفِيقِهِ . فَصْلٌ فِي فَضِيلَةِ عِلْمِ التَّفْسِيرِ رَوَى أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: كُنَّا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَشْرَ ، فَلَا نُجَاوِزُهَا إِلَى الْعَشْرِ الْآَخَرِ حَتَّى نَعْلَمَ مَا فِيهَا مِنَ الْعِلْمِ وَالْعَمَلِ . وَرَوَى قَتَادَةُ عَنَ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَنْزَلَ اللَّهُ آَيَةً إِلَّا أُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ فِيمَ أُنْزِلَتْ ، وَمَاذَا عَنَى بِهَا . وَقَالَ إِيَاسُ بْنُ مُعَاوِيَةَ: مَثَلُ مَنْ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَمَنْ يَعْلَمُ تَفْسِيرَهُ أَوْ لَا يَعْلَمُ ، مَثَلُ قَوْمٍ جَاءَهُمْ كِتَابٌ مَنْ صَاحِبٍ لَهُمْ لَيْلًا ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ مِصْبَاحٌ ، فَتُدَاخِلُهُمْ لِمَجِيءِ الْكِتَابِ رَوْعَةً لَا يَدْرُونَ مَا فِيهِ ، فَإِذَا جَاءَهُمُ الْمِصْبَاحُ عَرَفُوا مَا فِيهِ . فَصْلٌ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ: هَلِ التَّفْسِيرُ وَالتَّأْوِيلُ بِمَعْنًى ، أَمْ يَخْتَلِفَانِ؟ فَذَهَبَ قَوْمٌ يَمِيلُونَ إِلَى الْعَرَبِيَّةِ إِلَى أَنَّهُمَا بِمَعْنًى ، وَهَذَا قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُفَسِّرِينَ الْمُتَقَدِّمِينَ . وَذَهَبَ قَوْمٌ يَمِيلُونَ إِلَى الْفِقْهِ إِلَى اخْتِلَافِهِمَا ، فَقَالُوا: التَّفْسِيرُ: إِخْرَاجُ الشَّيْءِ مِنْ مَقَامِ الْخَفَاءِ إِلَى مَقَامِ التَّجَلِّي . وَالتَّأْوِيلُ: نَقْلُ الْكَلَامِ عَنْ وَضْعِهِ فِيمَا يَحْتَاجُ فِي إِثْبَاتِهِ إِلَى دَلِيلٍ [لَوْلَاهُ ] مَا تُرِكَ ظَاهِرُ اللَّفْظِ ، فَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِكَ: آَلَ الشَّيْءُ إِلَى كَذَا ، أَيْ: صَارَ إِلَيْهِ . [ ص: 5 ] فَصْلٌ فِي مُدَّةِ نُزُولِ الْقُرْآنِ رَوَى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أُنْزِلَ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى بَيْتِ [الْعِزَّةِ ، ثُمَّ ] أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً . وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: فَرَقَ اللَّهُ تَنْزِيلَ الْقُرْآَنِ ، فَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ عِشْرُونَ سَنَةً . وَقَالَ الْحَسَنُ: ذَكَرَ لَنَا أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ سَنَةً ، أُنْزِلَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ ثَمَانِيَ سِنِينَ . فَصْلٌ وَاخْتَلَفُوا فِي أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآَنِ ، فَأَثْبَتَ الْمَنْقُولُ: أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [ الْعَلَقِ: 1 ] . رَوَاهُ عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ وَبِهِ قَالَ قَتَادَةُ وَأَبَو صَالِحٍ . وَرُوِيَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ [ الْمُدَّثِّرِ: 1 ] وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ عَلَيْهِ: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ رَجَعَ فَتَدَثَّرَ فَنَزَلَ: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا أَخْرَجَ [فِي ] "الصحيحين" مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُحَدِّثُ عَنْ فَتْرَةِ الْوَحْيِ ، فَقَالَ فِي حَدِيثِهِ: "فَبَيْنَمَا أَنَا أَمْشِي سَمِعْتُ صَوْتًا مِنَ السَّمَاءِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي ، فَإِذَا الْمَلِكُ الَّذِي جَاءَنِي بِحِرَاءٍ جَالِسٌ عَلَى كُرْسِيٍّ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ، فَجَثَثْتُ مِنْهُ رُعْبًا ، فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ: زَمِّلُونِي ، زَمِّلُونِي ، فَدَثَّرُونِي ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ وَمَعْنَى جَثَثْتُ: فَرَّقْتُ . يُقَالُ: رَجُلٌ مَجْؤُوثٌ [وَمَجْثُوثٌ ] وَقَدْ صَحَّفَهُ بَعْضُ الرُّوَاةِ فَقَالَ: جَبُنْتُ مِنَ الْجُبْنِ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ . وَرُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ: أَنَّ أَوَّلَ مَا نَزَلَ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَصْلٌ [ ص: 6 ] وَاخْتَلَفُوا فِي آخِرِ مَا نَزَلَ ، فَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي أَفْرَادِهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: آَخِرُ آَيَةٍ أُنْزِلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، آيَةُ الرِّبَا ، وَفِي أَفْرَادِ مُسْلِمٍ عَنْهُ: آَخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ جَمِيعًا إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ [ النَّصْرُ: 1 ] . وَرَوَى الضَّحَّاكُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: آَخِرُ آيَةٍ أُنْزِلَتْ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ [ الْبَقَرَةِ: 281 ] وَهَذَا مَذْهَبُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَأَبِي صَالِحٍ . وَرَوَى أَبُو إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: آخِرُ آَيَةٍ نَزَلَتْ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ [ النِّسَاءِ: 176 ] وَآَخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ (بَرَاءَةُ) وَرُوِيَ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَنَّ آَخِرَ آَيَةٍ نَزَلَتْ: لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ [ التَّوْبَةِ: 138 ] إِلَى آَخِرِ السُّورَةِ . فَصْلٌ لَمَّا رَأَيْتُ جُمْهُورَ كُتُبِ الْمُفَسِّرِينَ لَا يَكَادُ الْكِتَابُ مِنْهَا يَفِي بِالْمَقْصُودِ كَشَفَهُ حَتَّى يَنْظُرَ لِلْآَيَةِ الْوَاحِدَةِ فِي كُتُبٍ ، فَرُبَّ تَفْسِيرٍ أَخَلَّ فِيهِ بِعِلْمِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ ، أَوْ بِبَعْضِهِ ، فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ لَمْ يُوجَدْ أَسْبَابُ النُّزُولِ ، أَوْ أَكْثَرَهَا ، فَإِنْ وُجِدَ لَمْ يُوجَدْ بَيَانُ الْمَكِّيِّ مِنَ الْمَدَنِيِّ ، وَإِنْ وُجِدَ ذَلِكَ لَمْ تُوجَدِ الْإِشَارَةُ إِلَى حُكْمِ الْآَيَةِ ، فَإِنْ وُجِدَ لَمْ يُوجَدْ جَوَابُ إِشْكَالٍ يَقَعُ فِي الْآَيَةِ ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفُنُونِ الْمَطْلُوبَةِ . وَقَدْ أَدْرَجْتُ فِي هَذَا الْكِتَابِ مِنْ هَذِهِ الْفُنُونِ الْمَذْكُورَةِ مَعَ مَا لَمْ أَذْكُرْهُ مِمَّا [ ص: 7 ] لَا يَسْتَغْنِي التَّفْسِيرُ عَنْهُ مَا أَرْجُو بِهِ وُقُوعَ الْغَنَاءِ بِهَذَا الْكِتَابِ عَنْ أَكْثَرِ مَا يُجَانِسُهُ . وَقَدْ حَذَّرْتُ مِنْ إِعَادَةِ تَفْسِيرِ كَلِمَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الْإِشَارَةِ ، وَلَمْ أُغَادِرْ مِنَ الْأَقْوَالِ الَّتِي أَحَطْتُ بِهَا إِلَّا مَا تَبْعُدُ صِحَّتُهُ مَعَ الِاخْتِصَارِ الْبَالِغِ ، فَإِذَا رَأَيْتَ فِي فَرْشِ الْآيَاتِ مَا لَمْ يُذْكَرْ تَفْسِيرُهُ ، فَهُوَ لَا يَخْلُو مِنْ أَمْرَيْنِ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَبَقَ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ظَاهِرًا لَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ . وَقَدِ انْتَقَى كُتَّابُنَا هَذَا أَنْقَى التَّفَاسِيرِ ، فَأُخِذَ مِنْهَا الْأَصَحُّ وَالْأَحْسَنُ وَالْأَصْوَنُ ، فَنَظَّمَهُ فِي عِبَارَةِ الِاخْتِصَارِ . وَهَذَا حِينَ شُرُوعِنَا فِيمَا ابْتَدَأْنَا لَهُ ، وَاللَّهُ الْمُوَفَّقُ . فَصْلٌ فِي الِاسْتِعَاذَةِ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالِاسْتِعَاذَةِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [ النَّحْلِ: 98 ] وَمَعْنَاهُ: إِذَا أَرَدْتَ الْقِرَاءَةَ . وَمَعْنَى أَعُوذُ: أَلْجَأُ وَأَلُوذُ . ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي الحلقة (2) صــ8 إلى صــ / فصل في بسم الله الرحمن الرحيم قال ابن عمر: نزلت في كل سورة . وقد اختلف العلماء: هل هي آية كاملة ، أم لا؟ وفيه [عن ] أحمد روايتان . واختلفوا: هل هي من الفاتحة ، أم لا؟ فيه عن أحمد روايتان أيضا . فأما من قال: إنها من الفاتحة ، فإنه يوجب قراءتها في الصلاة إذا قال بوجوب الفاتحة ، وأما من لم يرها من الفاتحة فإنه يقول: قراءتها في الصلاة سنة . ما عدا مالكا فإنه لا يستحب قراءتها في الصلاة . واختلفوا في الجهر بها في الصلاة فيما يجهر به ، فنقل جماعة عن أحمد: أنه لا يسن الجهر بها ، وهو قول أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وابن مسعود ، وعمار بن ياسر ، [ ص: 8 ] وابن مغفل ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وقال به من كبراء التابعين ومن بعدهم: الحسن ، والشعبي ، وسعيد بن جبير ، وإبراهيم ، وقتادة ، وعمر بن عبد العزيز ، والأعمش ، وسفيان الثوري ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأبو عبيد في آخرين . وذهب الشافعي إلى أن الجهر مسنون ، وهو مروي عن معاوية بن أبي سفيان ، وعطاء ، وطاووس ، ومجاهد . فأما تفسيرها: فقوله "بسم الله" اختصار ، كأنه قال: أبدأ بسم الله أو: بدأت باسم الله . وفي الاسم خمس لغات: "إسم" بكسر الألف ، و"أسم" بضم الألف إذا ابتدأت بها ، و"سم" بكسر السين ، و"سم" بضمها ، و"سما" . قال الشاعر: والله أسماك سما مباركا آثرك الله به إيثاركا وأنشدوا: باسم الذي في كل سورة سمه قال الفراء: بعض قيس [يقولون ] "سمه" ، يريدون: اسمه ، وبعض قضاعة يقولون: سمه . أنشدني بعضهم: وعامنا أعجبنا مقدمه يدعى أبا السمح وقرضاب سمه والقرضاب: القطاع ، يقال: سيف قرضاب . واختلف العلماء في اسم الله الذي هو "الله": فقال قوم: إنه مشتق ، وقال آخرون: إنه علم ليس بمشتق . وفيه عن الخليل [ ص: 9 ] روايتان . إحداهما: أنه ليس بمشتق ، ولا يجوز حذف الألف واللام منه كما يجوز من الرحمن . والثانية: رواها عنه سيبويه: أنه مشتق . وذكر أبو سليمان الخطابي عن بعض العلماء أن أصله في الكلام مشتق من: أله الرجل يأله: إذا فزع إليه من أمر نزل به . فأله ، أي: أجاره وأمنه ، فسمي إلها كما يسمى الرجل إماما . وقال غيره: أصله ولاه . فأبدلت الواو همزة فقيل: إله كما قالوا: وسادة و إسادة ، ووشاح وإشاح . واشتق من الوله ، لأن قلوب العباد توله نحوه . كقوله تعالى: ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون [ النحل: 53 ] . وكان القياس أن يقال: مألوه ، كما قيل: معبود ، إلا أنهم خالفوا به البناء ليكون علما ، كما قالوا للمكتوب: كتاب ، وللمحسوب: حساب . وقال بعضهم: أصله من: أله الرجل يأله إذا تحير; لأن القلوب تتحير عند التفكر في عظمته . وحكي عن بعض اللغويين: أله الرجل يأله إلاهة ، بمعنى: عبد يعبد عبادة . وروي عن ابن عباس أنه قال: ويذرك وآلهتك [ الأعراف: 127 ] أي: عبادتك . قال: والتأله: التعبد . قال رؤبة: لله در الغانيات المده سبحن واسترجعن من تألهي فمعنى الإله: المعبود . فأما "الرحمن": فذهب الجمهور إلى أنه مشتق من الرحمة ، مبني على المبالغة ، ومعناه: ذو الرحمة التي لا نظير له فيها . وبناء فعلان في كلامهم للمبالغة ، فإنهم يقولون للشديد الامتلاء: ملآن ، وللشديد الشبع: شبعان . قال الخطابي: فـ "الرحمن": ذو الرحمة الشاملة التي وسعت الخلق في أرزاقهم ومصالحهم ، وعمت المؤمن والكافر . و"الرحيم": خاص للمؤمنين . قال عز وجل: وكان بالمؤمنين رحيما [ الأحزاب: 43 ] . والرحيم: بمعنى الراحم . ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي سُورَةُ الْفَاتِحَةِ الحلقة (4) صــ13 إلى صــ 15 قَوْلُهُ تَعَالَى: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ . قَرَأَ عَاصِمٌ وَالْكِسَائِيُّ ، وَخَلَفٌ ، وَيَعْقُوبُ: "مَالِكِ" بِأَلِفٍ . وَقَرَأَ ابْنُ السَّمَيْفَعِ ، وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُمَا نَصَبَا الْكَافَ . وَقَرَأَ أَبُو هُرَيْرَةَ ، وَعَاصِمٌ الْجَحْدَرِيُّ: "مَلْكِ" بِإِسْكَانِ اللَّامِ مِنْ غَيْرِ الْأَلِفِ مَعَ كَسْرِ الْكَافِ ، وَقَرَأَ أَبُو عُثْمَانَ النَّهْدِيُّ ، وَالشَّعْبِيُّ "مَلِكَ" بِكَسْرِ اللَّامِ وَنَصْبِ الْكَافِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ . وَقَرَأَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ ، وَعَائِشَةُ ، وَمُوَرِّقٌ الْعِجْلِيُّ: "مَلِكُ" مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُمْ رَفَعُوا الْكَافَ . وَقَرَأَ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ ، وَأَبُو رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيُّ "مَلِيكِ" بِيَاءٍ بَعْدَ اللَّامِ مَكْسُورَةَ الْكَافِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ . وَقَرَأَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ ضَمَّ الْكَافَ . وَقَرَأَ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَبُو حَيْوَةَ " مَلَكَ" عَلَى الْفِعْلِ الْمَاضِي ، وَيَوْمَ بِالنَّصْبِ . وَرَوَى عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو: إِسْكَانَ اللَّامِ ، وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَبِي عَمْرٍو وَجُمْهُورِ الْقُرَّاءِ "مَلِكِ" بِفَتْحِ الْمِيمِ مَعَ كَسْرِ اللَّامِ ، وَهُوَ أَظْهَرُ فِي الْمَدْحِ ، لِأَنَّ كُلَّ مَلِكٍ مَالِكٍ ، وَلَيْسَ كُلُّ مَالِكٍ مَلِكًا . وَفِي "الدِّينِ" هَاهُنَا قَوْلَانِ . أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْحِسَابُ . قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ . وَالثَّانِي: الْجَزَاءُ . قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَلَمَّا أَقَرَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَوْلِهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَنَّهُ مَالِكُ الدُّنْيَا ، دَلَّ بِقَوْلِهِ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ مَالِكُ الْأُخْرَى . وَقِيلَ: إِنَّمَا خَصَّ يَوْمَ الدِّينِ; لِأَنَّهُ يَنْفَرِدُ يَوْمَئِذٍ بِالْحُكْمِ فِي خَلْقِهِ . [ ص: 14 ] قَوْلُهُ تَعَالَى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ . وَقَرَأَ الْحَسَنُ ، وَأَبُو الْمُتَوَكِّلِ ، وَأَبُو مِجْلَزٍ "يُعْبَدُ" بِضَمِّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْبَاءِ . قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْمَعْنَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ: إِيَّاكَ يُعْبَدُ ، وَالْعَرَبُ تَرْجِعُ مِنَ الْغَيْبَةِ إِلَى الْخِطَابِ ، وَمِنَ الْخِطَابِ إِلَى الْغَيْبَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ [ يُونُسَ: 32 ] ، وَقَوْلُهُ: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً [ الدَّهْرِ: 21 -22 ] . وَقَالَ لَبِيدٌ: بَاتَتْ تَشْكِي إِلَيَّ النَّفْسُ مُجْهِشَةً وَقَدْ حَمَتْلَكَ سَبْعًا بَعْدَ سَبْعِينَا وَفِي الْمُرَادِ بِهَذِهِ الْعِبَادَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بِمَعْنَى التَّوْحِيدِ . رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي آَخَرِينَ . وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى الطَّاعَةِ ، كَقَوْلِهِ: لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ [ يس: 60 ] . الثَّالِثُ: أَنَّهُمَا بِمَعْنَى الدُّعَاءِ ، كَقَوْلِهِ: إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي [ غَافِرٍ: 60 ] . قَوْلُهُ تَعَالَى: اهْدِنَا فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: ثَبِّتْنَا . قَالَهُ عَلِيٌّ ، وَأُبِيُّ . وَالثَّانِي: أَرْشِدْنَا . وَالثَّالِثُ: وُفِّقْنَا . وَالرَّابِعُ: أَلْهِمْنَا . رُوِيَتْ هَذِهِ الثَّلَاثَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . (وَالصِّرَاطَ) الطَّرِيقُ . وَيُقَالُ: إِنَّ أَصْلَهُ بِالسِّينِ ، لِأَنَّهُ مِنَ " الِاسْتِرَاطِ " وَهُوَ: الِابْتِلَاعُ فَالسِّرَاطُ كَأَنَّهُ يَسْتَرِطُ الْمَارِّينَ عَلَيْهِ ، فَمَنْ قَرَأَ بِالسِّينِ ، كَمُجَاهِدٍ ، وَابْنِ مُحَيْصِنٍ ، وَيَعْقُوبَ ، فَعَلَى أَصْلِ الْكَلِمَةِ ، وَمَنْ قَرَأَ بِالصَّادِّ ، كَأَبِي عَمْرٍو ، وَالْجُمْهُورِ ، فَلِأَنَّهَا أَخَفُّ عَلَى اللِّسَانِ ، وَمَنْ قَرَأَ بِالزَّايِ ، كَرِوَايَةِ الْأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِي عَمْرٍو ، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِ الْعَرَبِ: "سَقْرٌ وَزَقْرٌ" ، وَرُوِيَ [ ص: 15 ] عَنْ حَمْزَةَ: إِشْمَامُ السِّينِ زَايًا ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ تَلَفَّظَ بِالصِّرَاطِ بَيْنَ الصَّادِ وَالزَّايِ . قَالَ الْفَرَّاءُ: اللُّغَةُ الْجَيِّدَةُ بِالصَّادِّ ، وَهِيَ لُغَةُ قُرَيْشٍ الْأُولَى ، وَعَامَّةُ الْعَرَبِ يَجْعَلُونَهَا سِينًا ، وَبَعْضُ قَيْسٍ يَشُمُّونَ الصَّادَ ، فَيَقُولُ "الصِّرَاطَ" بَيْنَ الصَّادِ وَالسِّينِ ، وَكَانَ حَمْزَةُ يَقْرَأُ "الزِّرَاطَ" بِالزَّايِ ، وَهِيَ لُغَةٌ لِعُذْرَةٍ وَكَلْبٍ وَبَنِي الْقَيْنِ . يَقُولُونَ فِي [أَصْدَقُ ] أَزْدَقُ . وَفِي الْمُرَادِ بِالصِّرَاطِ هَاهُنَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ ، رَوَاهُ عَلِيٌّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ دِينُ الْإِسْلَامِ . قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَالْحُسْنُ ، وَأَبُو الْعَالِيَةِ فِي آَخَرِينَ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الطَّرِيقُ الْهَادِي إِلَى دِينِ اللَّهِ ، رَوَاهُ أَبُو صَالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَبِهِ قَالَ مُجَاهِدٌ . وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ طَرِيقُ الْجَنَّةِ ، نُقِلَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا . فَإِنْ قِيلَ: مَا مَعْنَى سُؤَالِ الْمُسْلِمِينَ الْهِدَايَةَ وَهُمْ مُهْتَدُونَ؟ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْمَعْنَى: اهْدِنَا لُزُومَ الصِّرَاطَ ، فَحَذَفَ اللُّزُومَ . قَالَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ . وَالثَّانِي: أَنَّ الْمَعْنَى: ثَبِّتْنَا عَلَى الْهُدَى ، تَقُولُ الْعَرَبُ لِلْقَائِمِ: قُمْ حَتَّى آَتِيَكَ ، أَيِ: اثْبُتْ عَلَى حَالِكَ . وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمَعْنَى: زِدْنَا هُدًى . ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي سُورَةُ الْفَاتِحَةِ الحلقة (5) صــ16 إلى صــ 18 قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ النَّبِيُّونَ ، وَالصِّدِّيقُونَ ، وَالشُّهَدَاءُ ، وَالصَّالِحُونَ . وَقَرَأَ [ ص: 16 ] الْأَكْثَرُونَ "عَلَيْهِمْ" بِكَسْرِ الْهَاءِ ، وَكَذَلِكَ "لَدَيْهِمْ" وَ "إِلَيْهِمْ" وَقَرَأَهُنَّ حَمْزَةُ بِضَمِّهَا . وَكَانَ ابْنُ كَثِيرٍ يَصِلُ [ضَمَّ ] الْمِيمِ بِوَاوٍ . وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: حَكَى اللُّغَوِيُّونَ فِي "عَلَيْهِمْ" عَشْرَ لُغَاتٍ ، قُرِئَ بِعَامَّتِهَا "عَلَيْهُمْ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ "وَعَلَيْهِمْ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَإِسْكَانِ الْمِيمِ ، وَ"عَلَيْهِمِي" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَإِلْحَاقِ يَاءٍ بَعْدَ الْكَسْرَةِ ، وَ"عَلَيْهِمُو" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ وَزِيَادَةِ وَاوٍ بَعْدَ الضَّمَّةُ ، وَ"عَلَيْهُمُو" بِضَمِّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَإِدْخَالِ وَاوٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَ"عَلَيُهُمْ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ وَاوٍ ، وَهَذِهِ الْأَوْجُهُ السِّتَّةُ مَأْثُورَةٌ عَنِ الْقُرَّاءِ ، وَأَوْجُهٌ أَرْبَعَةٌ مَنْقُولَةٌ عَنِ الْعَرَبِ "عَلَيْهُمِي" بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ وَإِدْخَالِ يَاءٍ ، وَ"عَلَيْهُمِ" بِضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةِ يَاءٍ ، و"عَلَيْهِمُ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَضَمِّ الْمِيمِ مِنْ غَيْرِ إِلْحَاقِ وَاوٍ ، و"عَلَيْهِمِ" بِكَسْرِ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَلَا يَاءَ بَعْدَ الْمِيمِ . فَأَمَّا "الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ" فَهُمُ الْيَهُودُ; "وَالضَّالُّونَ": النَّصَارَى . رَوَاهُ عُدَيُّ بْنُ حَاتِمٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَالضَّلَالُ: الْحِيرَةُ وَالْعُدُولُ عَنِ الْحَقِّ . فَصْلٌ وَمِنَ السُّنَّةِ فِي حَقِّ قَارِئِ الْفَاتِحَةِ أَنْ يُعْقِبَهَا بِـ "آَمِينَ" . قَالَ شَيْخُنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وَسَوَاءٌ كَانَ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَوْ فِيهَا ، لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ فَقَالَ مِنْ خَلْفِهِ: آَمِينَ ، فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ أَهْلِ السَّمَاءِ ، غَفَرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" . [ ص: 17 ] وَفِي مَعْنَى آَمِينَ: ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّ مَعْنَى آَمِينَ: كَذَلِكَ يَكُونُ . حَكَاهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَالْحَسَنِ . وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى: اللَّهُمَّ اسْتَجِبْ . قَالَهُ الْحَسَنُ وَالزُّجَاجُ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى . قَالَهُ مُجَاهِدٌ ، وَهِلَالُ بْنُ يُسَافٍ ، وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ . وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: مَعْنَاهَا: يَا آَمِينُ أَجِبْ دُعَاءَنَا ، فَسَقَطَتْ يَا ، كَمَا سَقَطَتْ فِي قَوْلِهِ: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا [ يُوسُفَ: 29 ] تَأْوِيلُهُ يَا يُوسُفُ . وَمِنْ طَوَّلَ الْأَلِفَ فَقَالَ: آَمِينَ ، أَدْخَلَ أَلِفَ النِّدَاءِ عَلَى أَلِفِ أَمِينَ ، كَمَا يُقَالُ: آَزَيْدٌ أَقْبِلْ . وَمَعْنَاهُ: يَا زَيْدُ . قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ عِنْدَ جَمِيعِ النَّحْوِيِّينَ; لِأَنَّهُ إِذَا أَدْخَلَ "يَا" عَلَى "آَمِينَ" كَانَ مُنَادَى مُفْرَدًا ، فَحُكْمُ آَخِرِهِ الرَّفْعُ ، فَلَمَّا أَجْمَعَتِ الْعَرَبُ عَلَى فَتْحِ نُونِهِ ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُنَادَى ، وَإِنَّمَا فُتِحَتْ نُونُ "آَمِينَ" لِسُكُونِهَا وَسُكُونِ الْيَاءِ الَّتِي قَبْلَهَا ، كَمَا تَقُولُالْعَرَبُ: لَيْتَ ، وَلَعَلَّ . قَالَ: وَفِي "آَمِينَ" لُغَتَانِ "آَمِينَ" بِالْقَصْرِ ، وَ"آَمِينَ" بِالْمَدِّ ، وَالنُّونُ فِيهِمَا مَفْتُوحَةٌ . أَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ عَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: سَقَى اللَّهُ حَيًّا بَيْنَ صَارَةِ وَالْحِمَى (حِمَى) فَيْدَ صَوْبِ الْمُدْجِنَاتِ الْمَوَاطِرِ أَمِينُ وَأَدَّى اللَّهُ رَكْبًا إِلَيْهِمُ بِخَيْرٍ وَوَقَاهُمْ حِمَامَ الْمُقَادَرِ وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا: تَبَاعَدَ مِنِّي فُطْحُلٌ وَابْنُ أُمِّهِ أَمِينٌ فَزَادَ اللَّهُ مَا بَيْنَنَا بُعْدًا [ ص: 18 ] وَأَنْشَدَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ أَيْضًا: يَا رَبِّ لَا تَسْلُبْنِي حُبَّهَا أَبَدًا وَيَرْحَمُ اللَّهُ عَبْدًا قَالَ آَمِينًا وَأَنْشَدَنِي أُبَيُّ: أَمِينٌ وَمَنْ أَعْطَاكَ مِنِّي هَوَادَةً رَمَى اللَّهُ فِي أَطْرَافِهِ فَاقْفَعَلَّتِ وَأَنْشَدَنِي أُبَيُّ: فَقُلْتُ لَهُ قَدْ هِجْتَ لِي بَارِحَ الْهَوَى أَصَابَ حِمَامُ الْمَوْتِ أَهُوَنَنَا وَجْدًا أَمِينَ وَأَضْنَاهُ الْهَوَى فَوْقَ مَا بِهِ [أَمِينَ ] وَلَاقَى مِنْ تَبَارِيحِهِ جُهْدًا فَصْلٌ نَقَلَ الْأَكْثَرُونَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْفَاتِحَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ ، فَمَنْ تَرَكَهَا مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ . وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ: لَا تَتَعَيَّنُ ، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، وَيَدُلُّ عَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى مَا رُوِيَ فِي "الصَّحِيحَيْنِ" مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" . وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ . ![]()
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير القرآن " زَادُ الْمَسِيرِ فِي عِلْمِ التَّفْسِيرِ" لابن الجوزى جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي الجوزي سُورَةُ الْبَقَرَةِ الحلقة (10) صــ43 إلى صــ 48 السَّادِسُ أَنَّهُ لِلشَّكِّ فِي حَقِّ الْمُخَاطَبِينَ ، إِذِ الشَّكُّ مُرْتَفِعٌ عَنِ الْحَقِّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَمَثَلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [ الرُّومِ: 37 ] يُرِيدُ: فَالْإِعَادَةُ أَهْوَنُ مِنَ الِابْتِدَاءِ فِيمَا تَظُنُّونَ . [ ص: 43 ] فَأَمَّا التَّفْسِيرُ لِمَعْنَى الْكَلَامِ: أَوْ كَأَصْحَابِ صَيِّبٍ ، فَأَضْمَرَ الْأَصْحَابَ; لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ دَلِيلًا عَلَيْهِ . وَالصَّيِّبُ: الْمَطَرُ . قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: هُوَ فَيْعَلٌ مِنْ صَابَ يُصُوبُ: إِذَا نَزَلَ مِنَ السَّمَاءِ ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: كُلُّ نَازِلٍ مِنْ عُلُوٍّ إِلَى اسْتِفَالٍ ، فَقَدْ صَابَ يَصُوبُ ، قَالَ الشَّاعِرُ: كَأَنَّهُمْ صَابَتْ عَلَيْهِمْ سَحَابَةٌ صَوَاعِقُهَا لِطَيْرِهِنَّ دَبِيبُ وَفِي الرَّعْدِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ صَوْتُ مَلِكٍ يَزْجُرُ السَّحَابَ ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٌ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ صَوْتُ مَلِكٍ يَسْبَحُ . وَقَالَ عِكْرِمَةُ: هُوَ مَلِكٌ يَسُوقُ السَّحَابَ كَمَا يَسُوقُ الْحَادِيَ الْإِبِلَ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ رِيحٌ تَخْتَنِقُ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي الْجِلْدِ أَنَّهُ قَالَ: الرَّعْدِ: الرِّيحُ . وَاسْمُ أَبِي الْجِلْدِ: جِيلَانُ بْنُ أَبِي فَرْوَةَ الْبَصَرِيُّ ، وَقَدْ رَوَى عَنْهُ قَتَادَةُ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ اصْطِكَاكُ أَجْرَامِ السَّحَابِ ، حَكَاهُ شَيْخُنَا عَلِيُّ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ . وَفِي الْبَرْقِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ مَخَارِيقٌ يَسُوقُ بِهَا الْمَلِكُ السَّحَابَ ، رُوِيَ هَذَا الْمَعْنَى مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهُوَ قَوْلُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: هُوَ ضَرْبَةٌ بِمِخْرَاقٍ مِنْ حَدِيدٍ . وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ ضَرْبَةٌ بِسَوْطٍ مِنْ نُورٍ . قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: الْمَخَارِيقُ: ثِيَابٌ تَلُفُّ ، وَيَضْرِبُ بِهَا الصِّبْيَانُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، فَشَبَّهَ السَّوْطَ الَّذِي يَضْرِبُ بِهِ السَّحَابَ بِذَلِكَ الْمِخْرَاقِ . [ ص: 44 ] قَالَ عَمْرُو بْنُ كُلْثُومٍ: كَأَنَّ سُيُوفَنَا فِينَا وَفِيهِمْ مَخَارِيقٌ بِأَيْدِي لَاعِبِينَا وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْبَرْقُ مَصْعُ مَلَكَ ، وَالْمَصْعُ: الضَّرْبُ وَالتَّحْرِيكُ . الثَّانِي: أَنَّ الْبَرْقَ: الْمَاءُ ، قَالَهُ أَبُو الْجِلْدِ ، وَحَكَى ابْنُ فَارِسٍ أَنَّ الْبَرْقَ: تَلَأْلُؤُ الْمَاءِ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ نَارٌ تَتَقَدَّحُ مِنِ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ لِسَيْرِهِ ، وَضَرْبِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ ، حَكَاهُ شَيْخُنَا . وَالصَّوَاعِقُ: جُمْعُ صَاعِقَةٍ ، وَهِيَ صَوْتٌ شَدِيدٌ مِنْ صَوْتِ الرَّعْدِ يَقَعُ مَعَهُ قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ تُحْرِقُ مَا تُصِيبُهُ ، وَرُوِيَ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ: أَنَّ الْمَلِكَ الَّذِي يَسُوقُ السَّحَابَ ، إِذَا اشْتَدَّ غَضَبُهُ ، طَارَ مِنْ فِيهِ النَّارُ ، فَهِيَ الصَّوَاعِقُ . وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ نَارٌ تَنْقَدِحُ مِنِ اصْطِكَاكِ أَجْرَامِ السَّحَابِ . قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ صَاعِقَةً ، لِأَنَّهَا إِذَا أَصَابَتْ قَتَلَتْ ، يُقَالُ: صَعَقَتْهُمْ أَيْ: قَتَلَتْهُمْ . قَوْلُهُ تَعَالَى: وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ . فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَا يَفُوتُهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ ، فَهُوَ جَامِعُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . وَمَثَلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [ الطَّلَاقُ: 12 ] قَالَهُ مُجَاهِدٌ . وَالثَّانِي: أَنَّ الْإِحَاطَةَ: الْإِهْلَاكُ ، مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ [ الْكَهْفِ: 42 ] . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَفْعَلُونَ . قَوْلُهُ تَعَالَى: يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ يَكَادُ بِمَعْنَى: يُقَارِبُ ، وَهِيَ كَلِمَةٌ إِذَا أُثْبِتَتِ انْتَفَى الْفِعْلُ ، وَإِذَا نُفِيَتْ ثَبَتَ الْفِعْلُ . وَسُئِلَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ فَقِيلَ لَهُ . أَنَحْوِيُّ هَذَا الْعَصْرِ مَا هِي كَلِمَةٌ جَرَتْ بِلِسَانَيَّ جُرْهُمٍ وَثَمُودَ إِذَا نَفَيْتَ وَاللَّهُ يَشْهَدُ أَثْبَتَتْ وَإِنْ أَثْبَتَتْ قَامَتْ مَقَامَ جُحُودِ [ ص: 45 ] وَيَشْهَدُ لِلْإِثْبَاتِ عِنْدَ النَّفْيِ قَوْلُهُ تَعَالَى: لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا [ النِّسَاءِ: 87 ] وَقَوْلُهُ: إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا [ النُّورِ: 40 ] وَمِثْلُهُ وَلا يَكَادُ يُبِينُ [ الزُّخْرُفُ: 52 ] وَيَشْهَدُ لِلنَّفْيِ عِنْدَ الْإِثْبَاتِ قَوْلُهُ تَعَالَى: يَكَادُ الْبَرْقُ [ الْبَقَرَةِ: 20 ] وَ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ [ النُّورِ: 43 ] وَ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ [ النُّورِ: 35 ] . وَقَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: كَادَ: بِمَعْنَى هَمَّ وَلَمْ يَفْعَلْ . وَقَدْ جَاءَتْ بِمَعْنَى [الْإِثْبَاتِ ] قَالَ ذُو الرُّمَّةِ: وَلَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيمَ تَعَرَّضَتْ لِعَيْنَيْهِ مَيٌّ سَافِرًا كَادَ يَبْرَقُ أَيْ: لَوْ تَعَرَّضَتْ لَهُ لَبَرَقَ ، أَيْ: دَهِشَ وَتَحَيَّرَ . قُلْتُ: وَقَدْ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ فِي الْمَنْفِيَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ لِلْإِثْبَاتِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ: إِذَا غَيَّرَ النَّأْيُ الْمُحِبِّينَ لَمْ يَكَدْ رَسِيسَ الْهَوَى مِنْ حُبِّ مِيَّةَ يَبْرَحُ أَرَادَ: لَمْ يَبْرَحْ . قَوْلُهُ تَعَالَى: يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ . قَرَأَ الْجُمْهُورُ بِفَتْحِ الْيَاءِ ، وَسُكُونِ الْخَاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ . وَقَرَأَ أَبَانُ بْنُ تَغْلِبَ ، وَأَبَانُ بْنُ يَزِيدَ كِلَاهُمَا عَنْ عَاصِمٍ ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ ، وَكَسْرِ الطَّاءِ مُخَفَّفًا . وَرَوَاهُ الْجَعْفِيُّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ ، بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْخَاءِ ، وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ الْحَسَنِ كَذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ كَسَرَ الْيَاءَ . وَعَنْهُ: فَتْحُ الْيَاءِ وَالْخَاءِ مَعَ كَسْرِ الطَّاءِ الْمُشَدَّدَةِ . وَمَعْنَى "يَخْطِفُ" يَسْتَلِبُ وَأَصْلُ الِاخْتِطَافِ: الِاسْتِلَابُ ، وَيُقَالُ لِمَا يَخْرُجُ بِهِ الدَّلْوُ: خُطَّافٌ ، لِأَنَّهُ يَخْتَطِفُ مَا عُلِّقَ بِهِ . قَالَ النَّابِغَةُ: خَطَاطِيفُ حُجْنٌ فِي حِبَالٍ مَتِنَةٍ تَمُدُّ بِهَا أَيْدٍ إِلَيْكَ نَوَازِعُ وَالْحَجْنُ: الْمُتَعَقِّفَةُ ، وَجَمَلٌ خَيْطَفٍ: سَرِيعُ الْمَرِّ ، وَتِلْكَ السُّرْعَةُ الْخَطْفَى . [ ص: 46 ] قَوْلُهُ تَعَالَى: كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ . قَالَ الزَّجَّاجُ: يُقَالُ: ضَاءَ الشَّيْءَ يَضُوءُ ، وَأَضَاءَ يُضِيءُ ، وَهَذِهِ اللُّغَةُ الثَّانِيَةُ هِيَ الْمُخْتَارَةُ . فَصْلٌ وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ مَا الَّذِي يُشْبِهُ الرَّعْدَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَحْوَالِ الْمُنَافِقِينَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ التَّخْوِيفُ الَّذِي فِي الْقُرْآَنِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَا يَخَافُونَ أَنْ يُصِيبَهُمْ مِنَ الْمَصَائِبِ إِذَا عَلِمَ النَّبِيُّ وَالْمُؤْمِنُونَ بِنِفَاقِهِمْ ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَا يَخَافُونَهُ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى الْجِهَادِ وَقِتَالِ مَنْ يُبْطِنُونَ مَوَدَّتَهُ ، ذَكَرَهُ شَيْخُنَا . وَاخْتَلَفُوا مَا الَّذِي يُشْبِهُ الْبَرْقَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ . أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ مَا يَتَبَيَّنُ لَهُمْ مِنْ مَوَاعِظِ الْقُرْآنِ وَحِكَمِهِ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَا يُضِيءُ لَهُمْ مِنْ نُورِ إِسْلَامِهِمُ الَّذِي يُظْهِرُونَهُ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ مَثَلٌ لِمَا يَنَالُونَهُ بِإِظْهَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ حَقْنِ دِمَائِهِمْ ، فَإِنَّهُ بِالْإِضَافَةِ إِلَى مَا ذَخَرَ لَهُمْ فِي الْأَجَلِ كَالْبَرْقِ . وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنَّهُمْ كَانُوا يَفِرُّونَ مِنْ سَمَاعِ الْقُرْآَنِ لِئَلَّا يَأْمُرُهُمْ بِالْجِهَادِ مُخَالَفَةَ الْمَوْتِ ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ مَثَلٌ لِإِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْقُرْآَنِ كَرَاهِيَةً لَهُ ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ . وَاخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّ مَعْنَاهُ: كُلَّمَا أَتَاهُمُ الْقُرْآنُ بِمَا يُحِبُّونَ تَابَعُوهُ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّدِّيُّ . [ ص: 47 ] وَالثَّانِي: أَنَّ إِضَاءَةَ الْبَرْقِ حُصُولُ مَا يَرْجُونَهُ مِنْ سَلَامَةِ نُفُوسِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ ، فَيُسْرِعُونَ إِلَى مُتَابَعَتِهِ ، قَالَهُ قَتَادَةُ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ تَكَلُّمُهُمْ بِالْإِسْلَامِ ، وَمَشْيُهُمْ فِيهِ ، اهْتِدَاؤُهُمْ بِهِ ، فَإِذَا تَرَكُوا ذَلِكَ وَقَفُوا فِي ضَلَالَةٍ ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ . وَالرَّابِعُ: أَنَّ إِضَاءَتَهُ لَهُمْ: تَرْكُهُمْ بِلَا ابْتِلَاءٍ وَلَا امْتِحَانٍ ، وَمَشْيُهُمْ فِيهِ: إِقَامَتُهُمْ عَلَى الْمُسَالَمَةِ بِإِظْهَارِ مَا يُظْهِرُونَهُ . ذَكَرَهُ شَيْخُنَا . فَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ فَمَنْ قَالَ: إِضَاءَتُهُ: إِتْيَانُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا يُحِبُّونَ ، قَالَ: إِظْلَامُهُ: إِتْيَانُهُ إِيَّاهُمْ بِمَا يَكْرَهُونَ . وَعَلَى هَذَا سَائِرُ الْأَقْوَالِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا بِالْعَكْسِ . وَمَعْنَى (قَامُوا): وَقَفُوا . قَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ قَالَ مُقَاتِلٌ: مَعْنَاهُ: لَوْ شَاءَ لَأَذْهَبَ أَسْمَاعَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ عُقُوبَةً لَهُمْ . قَالَ مُجَاهِدٌ: مِنْ أَوَّلِ الْبَقَرَةِ أَرْبَعُ آيَاتٍ فِي نَعْتِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَآيَتَانِ فِي نَعْتِ الْكَافِرِينَ ، وَثَلَاثَ عَشْرَةَ فِي نَعْتِ الْمُنَافِقِينَ . قَوْلُهُ تَعَالَى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ . اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ عُنِيَ بِهَذَا الْخِطَابِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ . أَحَدُهَا: أَنَّهُ عَامٌّ فِي جَمِيعِ النَّاسِ ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَالثَّانِي: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْيَهُودِ دُونَ غَيْرِهِمْ ، قَالَهُ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ . وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْكُفَّارِ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ ، قَالَهُ السُّدِّيُّ . وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ ، قَالَهُ مُقَاتِلٌ . وَ"النَّاسُ" اسْمٌ لِلْحَيَوَانِ الْآَدَمِيِّ . وَسُمُّوا بِذَلِكَ لِتَحَرُّكِهِمْ فِي مُرَادَاتِهِمْ . وَالنَّوْسُ: الْحَرَكَةُ . وَقِيلَ: سُمُّوا أُنَاسًا لِمَا يَعْتَرِيهِمْ مِنَ النِّسْيَانِ . [ ص: 48 ] وَفِي الْمُرَادِ بِالْعِبَادَةِ هَاهُنَا قَوْلَانِ . أَحَدُهُمَا: التَّوْحِيدُ ، . وَالثَّانِي: الطَّاعَةُ ، رُوِيَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . وَالْخَلْقُ: وَالْإِيجَادُ . وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَنْ قَبْلَهُمْ ، لِأَنَّهُ أَبْلُغُ فِي التَّذْكِيرِ ، وَأَقْطَعُ لِلْجَحْدِ ، وَأَحْوَطُ فِي الْحُجَّةِ . وَقِيلَ: إِنَّمَا ذَكَرَ مَنْ قَبْلَهُمْ ، لِيُنَبِّهَهُمْ عَلَى الِاعْتِبَارِ بِأَحْوَالِهِمْ مِنْ إِثَابَةِ مُطِيعٍ ، وَمُعَاقِبَةِ عَاصٍ . وَفِي "لَعَلَّ" قَوْلَانِ . أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا بِمَعْنَى كَيْ ، وَأَنْشَدُوا فِي ذَلِكَ: وَقُلْتُمْ لَنَا كُفُّوا الْحُرُوبَ لَعَلَّنَا نَكُفُّ وَوَثَّقْتُمْ لَنَا كُلَّ مُوَثِّقِ فَلْمَّا كَفَفْنَا الْحَرْبَ كَانَتْ عُهُودُكُمْ كَلَمْعِ سَرَابٍ فِي الْمَلَا مُتَأَلِّقِ يُرِيدُ: لِكَيْ نَكُفَّ ، وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى ذَهَبَ مُقَاتِلٌ وَقُطْرُبٌ وَابْنُ كَيْسَانَ . وَالثَّانِي: أَنَّهَا بِمَعْنَى التَّرَجِّي ، وَمَعْنَاهَا: اعْبُدُوا اللَّهَ رَاجِينَ لِلتَّقْوَى ، وَلِأَنْ تَقُوا أَنْفُسَكُمْ بِالْعِبَادَةِ - عَذَابُ رَبِّكُمْ . وَهَذَا قَوْلُ سِيبَوَيْهِ . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الشِّرْكَ ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ النَّارَ . وَقَالَ مُجَاهِدٌ: لَعَلَّكُمْ تُطِيعُونَ . قَوْلُهُ تَعَالَى: الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشًا . إِنَّمَا سُمِّيَتِ الْأَرْضُ أَرْضًا لِسِعَتِهَا ، مِنْ قَوْلِهِمْ: أَرِضَتِ الْقُرْحَةُ: إِذَا اتَّسَعَتْ . وَقِيلَ: لِانْحِطَاطِهَا عَنِ السَّمَاءِ ، وَكُلُّ مَا سَفَلَ: أَرْضٌ ، وَقِيلَ: لِأَنَّ النَّاسَ يَرُضُّونَهَا بِأَقْدَامِهِمْ ، وَسُمِّيَتِ السَّمَاءُ سَمَاءً لِعُلُوِّهَا . قَالَ الزَّجَّاجُ: وَكُلُّ مَا عَلَا عَلَى الْأَرْضِ فَاسْمُهُ بِنَاءً ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْبِنَاءُ هَاهُنَا بِمَعْنَى السَّقْفِ . قَوْلُهُ تَعَالَى: وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ يَعْنِي مِنَ السَّحَابِ . مَاءً يَعْنِي: الْمَطَرَ . ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
••• جميع المشاركات والآراء المنشورة تمثل وجهة نظر كاتبها وليس بالضرورة وجهة نظر الموقع ••• |
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |