رسالتى .. إلى مَنْ أثقلته الآهات

[ابوالوليد المسلم]

رسالتي إلى مَنْ أثقلته الآهات



كثيرا ما تمر على ابن آدم ظروف
عصيبة صعبة
قد تعصف بأفكاره ،
قد تصيبه بالهم والحزن
قد تجعله يأخذ زاوية فى بيته
ينزوى عن الناس
ينصرف يبتعد
لا يرغب فى الحديث مع أحد
لا يريد سوى مسبحته يلتقط على حباتها ذكر ربه ويستنزل رحمته
لا يريد أنيسا سوى المصحف يؤنس وحدته
قد يحزن لما أصابه من ظلم أو إساءة أو تجريح أو إهانة أو توبيخ

ويزداد الحزن والألم فى نفسه عندما يرى الموازين مقلوبة فلا عدالة اجتماعية ولا إنصاف لمثله من العارفين النجباء والمميزين الأوفياء
ثم هو قد يصل الى حالة من الذعر النفسى وخيبة الأمل حين لا يجد اهتماما من البعض الذين قد فرّغ لهم كل اهتمامه بل قد يكون وقد فضّلهم على خلق الله أجمعين ثم هو يُكافأ بالإهمال أو التجاهل أو بالتقليل من قدره ومكانته .

وقد يكون معذورا كل العذر فيما حدث فى نفسه من حزن أو إحباط بل قد تهتز نفسه وتتأثر , خاصة إن كان مصدر الحزن الواقع عليه هو من ابنه أو ابنته أو زوجته أو زوجها أو رفيقه أو صديقه أو غير ذلك , هؤلاء الذين من أجلهم قد تحمّل الكثير حتى صاروا كبارا بفضل الله ثم تضحيات أبيهم وكدّه وعمله ليل نهار .
أو من زوجته التى أحبّها واختارها وعن نساء الدنيا قد فضّلها وعاشرها بالمعروف واتقى الله فيها وماظلمها ثم هى تظلمه .
أو قد يكون مصدر الحزن من جار قد جار بايذائه ثم هو يرى نفسه ملاكا فى صورة بشر .
أو قد يكون مصدر الحزن من شقيق قد خرج من نفس الرحم وإذا به يهضم حقا فى الميراث أو ينكر خيرا قد ناله .
ولم لا يحزن هذا الذى أثقله الآهات بعدما تخلى عنه القريب والقريبات والصغير والصغيرات والشباب والشابات .
أليس هو نفس بشريه أولا وآخرا تحزن ممن يسىء اليها وتفرح وتسعد بمن يحسن اليها ويعطيها قدرها ويمنحها حقيقة مكانتها , فما بالك إن كان المهان أو المظلوم أو المكلوم أما أو أبا أو زوجا . إنه الألم الذى لا ألم مثله.

بشارة :
الا أنه ورغم ذلك وحتى وإن كان الأمر فى ظاهره الشقاء والمصاعب والهموم والمتاعب إلا أن رب الكون برحمته تجده وقد خبّأ لذلك المُثقل فى آهاته خبّأ له فى آهاته الخير كله فهو الرحمن الرحيم ؛ لم يخلقنا ليعذبنا .
فكم محنة صارت منحة فى غمضة عين بفضل ربها , رغم ما سببته لصاحبها من جراح ونزيف وآلام
وبعدما أذاقت صاحبها ويلات وفى جوف الليل أثقلته بالآهات وسكبت من عيونه الدمعات والعبرات.

وكم من ابن عاق أساء لأمه أو أهان أبيه , قد هداه الله وردّه إلى أمه وأبيه وأصبح من أجمل مايكون .
وكم من زوج لم يحسن عشرة زوجته ثم هداه الله لتصبح عنده ملكة متوّجه .
وكم من زوجة أهملت زوجها وتجاهلته وانصرفت عنه وحرمته الكثير ثم إذا بها قد تابت وأنابت ورجعت وفهمت بعدما أن كانت قد نسيت أن زوجها إنما هو جنتها أو نارها فحين استيظت ندمت وأصلحت من نفسها مخافة ربها وحبا فى زوجها
التى اختارته بحريتها وكامل إرادتها .
كم من زوجة فرش لها زوجها الأرض زهورا و قلبها حنانا و وقف بجانبها فى أزماتها ثم كافأته بخيانته على الفيس بوك مع رجل أجنبى تبادلت معه الحب و الهيام و الغرام و أوهمته أنها أرملة غير متزوجة أو مطلقة أو خالعة لزوجها , افترت على الله كذبا فعاقبها الله عقابا أليما فى دنياها و ينتظرها ما هو أشد فى أخراها.

وكم من كذا وكم من كذا وكم من كذا
وما كان ربك نسيا
وما الله بغافل
وما كان ربك معذب الناس وهم يستغفرون

أخيرا، أخي يامن أثقلته الآهات إليك رسالتى وبعدها السلام ختام :
اعلم أنه قد يكتب الله عليك أن تعيش حياتك مُتعباً , هذا قد يحدث
إلا أن ذلك ليس من الله غضب
اطمئن
نعم اطمئن لا تقلق
فلست وحدك من أثقلته الآهات
فغيرك كثير ، مثلك قد أثقلته أيضا آهات
فالله يُعد لك قيمة وقدرا عنده
ولتقرأ قوله تعالى :

{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب}
_________
د. نبيل جلهوم