|
ملتقى الإنشاء ملتقى يختص بتلخيص الكتب الاسلامية للحث على القراءة بصورة محببة سهلة ومختصرة بالإضافة الى عرض سير واحداث تاريخية عربية وعالمية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#11
|
||||
|
||||
***إضافـــــة*** وروى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود وقد صاموا يوم عاشوراء فقال: "ما هذا الصوم؟" فقالوا: هذا اليوم الذي نجى الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا اليوم الذي استقرت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكرًا لله عز وجل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أنا أحقّ بموسى وأحق بصوم هذا اليوم"، وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من وجه آخر إلا أنه ليس فيه ذكر نوح عليه السلام. ***انتهى ***
__________________
|
#12
|
||||
|
||||
*قصة إدريس عليه السلام * قال تعالى: {وأذكر في الكتاب إدريس، إنه كان صديقاً نبياً* ورفعناه مكانا عليا} (سورة مريم:56ـ57) نبذة: كان صديقا نبيا ومن الصابرين، أول نبي بعث في الأرض بعد آدم، وهو أبو جد نوح، أنزلت عليه ثلاثون صحيفة، ودعا إلى وحدانية الله وآمن به ألف إنسان، وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبسها، وأول من نظر في علم النجوم وسيرها. سيرته: إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر الله تعالى عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية. نسبه: هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينتهي نسبه إلى شيث بن آدم عليه السلام واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد نوح عليه السلام. وهو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و (شيث) عليهما السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة. حياته: وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الأول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم، ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة (آدم) و (شيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا رزقنا الله غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأقام إدريس ومن معه بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق. وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالى منطقهم جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم. وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وأنشئت في زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله (خير الدنيا حسرة، وشرها ندم) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله الصالحة) وقوله (الصبر مع الإيمان يورث الظفر). وفاته: وقد أُخْتُلِفَ في موته.. فعن ابن وهب، عن جرير بن حازم، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً وأنا حاضر فقال له: ما قول الله تعالى لإدريس {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}؟ فقال كعب: أما إدريس فإن الله أوحى إليه: أني أرفع لك كل يوم مثل جميع عمل بني آدم - لعله من أهل زمانه - فأحب أن يزداد عملاً، فأتاه خليل له من الملائكة، فقال "له": إن الله أوحى إلي كذا وكذا فكلم ملك الموت حتى ازداد عملاً، فحمله بين جناحيه ثم صعد به إلى السماء، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت منحدراً، فكلم ملك الموت في الذي كلمه فيه إدريس، فقال: وأين إدريس؟ قال هو ذا على ظهري، فقال ملك الموت: يا للعجب! بعثت وقيل لي اقبض روح إدريس في السماء الرابعة، فجعلت أقول: كيف أقبض روحه في السماء الرابعة وهو في الأرض؟! فقبض روحه هناك. فذلك قول الله عز وجل {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً}. ورواه ابن أبي حاتم عند تفسيرها. وعنده فقال لذلك الملك سل لي ملك الموت كم بقي من عمري؟ فسأله وهو معه: كم بقي من عمره؟ فقال: لا أدري حتى أنظر، فنظر فقال إنك لتسألني عن رجل ما بقي من عمره إلا طرفة عين، فنظر الملك إلى تحت جناحه إلى إدريس فإذا هو قد قبض وهو لا يشعر. وهذا من الإسرائيليات، وفي بعضه نكارة. وقول ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إدريس رفع ولم يمت كما رفع عيسى. إن أراد أنه لم يمت إلى الآن ففي هذا نظر، وإن أراد أنه رفع حياً إلى السماء ثم قبض هناك. فلا ينافي ما تقدم عن كعب الأحبار. والله أعلم. وقال العوفي عن ابن عباس في قوله: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} : رفع إلى السماء السادسة فمات بها، وهكذا قال الضحاك. والحديث المتفق عليه من أنه في السماء الرابعة أصح، وهو قول مجاهد وغير واحد. وقال الحسن البصري: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَاناً عَلِيّاً} قال: إلى الجنة، وقال قائلون رفع في حياة أبيه يرد بن مهلاييل والله أعلم. وقد زعم بعضهم أن إدريس لم يكن قبل نوح بل في زمان بني إسرائيل. قال البخاري: ويذكر عن ابن مسعود وابن عباس أن إلياس هو إدريس، واستأنسوا في ذلك بما جاء في حديث الزهري عن أنس في الإسراء: أنه لما مرّ به عليه السلام قال له مرحباً بالأخ الصالح والنبي الصالح، ولم يقل كما قال آدم و إبراهيم: مرحباً بالنبي الصالح والابن الصالح، قالوا: فلو كان في عمود نسبه لقال له كما قالا له. وهذا لا يدل ولابد، قد لا يكون الراوي حفظه جيداً، أو لعله قاله على سبيل الهضم والتواضع، ولم ينتصب له في مقام الأبوة كما انتصب لآدم أبي البشر، وإبراهيم الذي هو خليل الرحمن، وأكبر أولي العزم بعد محمد صلوات الله عليهم أجمعين. |
#13
|
||||
|
||||
قصة سيدنا هود (عليه السلام) بعد مرور سنوات على موت سيدنا نوح عادت عبادة الاصنام فارسل الله سيدنا هود الى قومه فهم اول الامم الذين عبدوا الاصنام بعد الطوفان كان هود من قبيلة اسمها عاد تسكن مكان يسمى الاحقاف وهو صحراء تمتلئ بجبال الرمل المائلة وتطل على البحر اما مساكنهم فكانت خياما كبيرة وكان قوم عاد اعظم اهل زمانهم فى قوة الاجسام والطول والشدة كانوا جفاة كافرين، عتاة متمردين في عبادة الأصنام، فأرسل الله فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له،فلما أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته واستغفاره، ووعدهم على ذلك خير الدنيا والآخرة، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة فكذبوه وخالفوه وتنقصوه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَاباً وَعِظَاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ، إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ، هكذا كذب قوم هود نبيهم فاستغربوا ان يبعث الله من فى القبور واستغربوا ان يعيد الله خلق الانسان بعد تحوله الى تراب (وقال الملا من قومه) والملا هم الرؤساء ويسمون ملأ لانهم مليئون بما يقولون ولهم مصلحة فى استمرار الاوضاع الفاسدة وكلما استمر الصراع بين هود وقومه زاد قوم هود استكبارا وعنادا وبداوا يتهمون هود ا عليه السلام بانه سفيه مجنون (ومانحن بتاركى آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين) بعد هذا التحدى لم يبقى لهود الا التوجه الى الله وحده ولم يبق امامه الا انذار اخير ينطوى على وعيد للمكذبين وهو فى حديثه يفهم قومه انه ادى الامانة وبلغ الرسالة فان كفروا فسوف يستبدل بهم قوما آخرين وهكذا اعلن هود براءته منهم ومن آلهتهم وقال تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنْ الصَّادِقِينَ، قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ، فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضاً مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلا مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ). وانتظر هود وانتظر قومه وعد الله وبدا الجفاف فى الارض ولم تعد السماء تمطر وكانت الشمس تلهب الرمال وتبدو مثل قرص من النار يستقر على رؤوس الناس وهرع قوم هود اليه وسالوه ما هذا الجفاف فقال لهم ان الله غاضب عليهم ولو ءامنوافسوف يرضى عنهم ويرسل المطر ويزيدهم قوة الى قوتهم فسخروا منه وزادوا فى العناد والسخرية ثم جاء يوم ظهر فيه سحاب عظيم ملأ السماء ففرح قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون هذا عارض ممطرنا وتغير الجو فجاة من الجفاف الشديد الى البرد القارس وبدات الريح تهب وارتعش كل شئ واستمرت الريح يوما بعد يوم وكل ساعة كانت برودتها تزداد ففر قوم هود الى الخيام واختباوا داخلها فاشتد هبوب الرياح واقتلع الخيام وكانت الرياح تمزق كل شئ حتى الجلد واستمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية ايام فلم يعد باقيا من قوم هود الا مايبقى من النخل الميت وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ وهكذا نجا هود ومن آمن معه وهلك الجبابرة |
#14
|
||||
|
||||
نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم قال اللهُ تبارك وتعالى :{وإلى ثمودَ أخاهُم صالحًا قال يا قومِ اعبدوا اللهَ ما لكم من إلهٍ غيرُهُ} (سورة الأعراف/73). نسبُ نبي الله صالح عليه السلام وقبيلته ثمود قيل في نسبه عليه السلام إنّه صالح بن عبيد بن ماسح بن عبيد بن حاذر بن ثمود بن عاثر بن إرم بن سام بن نوح، وقيل غير ذلك، وقد أرسل الله تعالى نبيَّه صالحًا إلى ثمودَ وهم قبيلة مشهورة سميت باسم جدّهم ثمود أخي جديس، وهما ابنا عاثر بن إرم بن سام بن نوح وهم من العرب الذين كانوا يسكنون الحِجر الذي هو بين الحجاز والأردن، وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ذاهب إلى تبوك بمن معه من المسلمين، وما زالت ءاثارهم باقية هناك تعرف باسم "مدائن صالح". مساكن ثمود وماذا كانوا يعبدون وإرسال نبي الله صالح لدعوتهم إلى الإيمان وترك عبادة الأوثان قال اللهُ تبارك وتعالى :{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ ءايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (سورة الأعراف/73). أسكن الله تعالى قبيلة ثمود أرضًا بين الحجاز وتبوك وأسبغ عليهم من نعمه الكثيرة كما أسبغ على قبيلة عاد من قبلهم، ولكنهم لم يكونوا أحسن حالاً من أسلافهم ولم يتَّعِظوا بما حلّ بعاد، ولم يشكروا اللهَ تعالى بعبادتِه واتباع نبيه وتصديقه، بل أشركوا به وعبدوا الأصنام من دون الله وانفتنوا بالنعيم وسعة العيش الذي كانوا فيه. بعث الله تبارك وتعالى نبيَّه صالحًا وكان من أشرفهم نسبًا وأصفاهم عَقلاً وأوسعهم حلمًا، فدعاهم إلى عبادة الله وحدَه وحضّهم على توحيده وعبادته، وبيّن لهم أن الأوثان والأصنام لا تملك لهم ضرًّا ولا نفعًا ولا تُغني عنهم من الله تعالى شيئًا، وقال لهم ما أخبرنا الله تعالى في كتابه العزيز :{وَاذْكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُواْ ءالاءَ اللهِ وَلاَ تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ} (سورة الأعراف/74).
__________________
|
#15
|
||||
|
||||
قال صالح عليه السلام لقومه ثمود في دعوته لهم إلى الإيمان وعبادة الله وحده وطاعته :{كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ (141) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلا تَتَّقُونَ (142) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (143) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (144) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (145) أَتُتْرَكُونَ فِي مَا هَهُنَآ ءامِنِينَ (146) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (147) وَزُرُوعٍ وَنَخْلٍ طَلْعُهَا هَضِيمٌ (148) وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا فَارِهِينَ (149) فَاتَّقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ (150) وَلا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ (151) الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (152)} (سورة الشعراء).
فبيَّن سيدُنا صالح لقومه أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلَقَهم وجعلهم عمّار هذه الأرض بعد قوم عاد وجعل لهم في الأرض الزروعَ والثمار فهو الخالقُ والإلهُ والرازق الذي يستحقّ العبادة وحده، وأمرهم أن يقلعوا عن كفرهم وعبادة الأصنام ويعبدوا الله وحده. قال الله تعالى :{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُّجِيبٌ} (سورة هود/61). بعد دعوة صالح عليه السلام لقومه كان جوابهم ما أخبرنا اللهُ تعالى في كتابه :{قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوًّا قبل هذا أتنهانا أن نعبد ما يعبد ءاباؤنا وإننا لفي شكّ مما تدعونا إليه مريب} (سورة هود/62)، أي أننا عهدناك ثاقب الفكر والرأي وها أنت الآن تدعونا إلى ترك ما كان عليه آباؤنا، ، وعندما سمع سيدنا صالح عليه السلام ما أجابه به قومه من تكبّر عن اتباع الحقّ ومن إصرار على كفرهم قال لهم ما أخبرنا الله تعالى :{قال يا قوم أرأيتم إن كنتُ على بينة من ربي وءاتني منه رحمة فمن ينصرني من الله إن عصيته فما تزيدونني غير تخسير} (سورة هود/63). ومما آذت به ثمود نبيَّهم صالحًا عليه السلام حين دعاهم للإيمان به وبما جاء به أنهم اتهموه بأنه مسحور كما أخبر الله تعالى :{قالوا إنما أنتَ من المسحَّرين} (سورة الشعراء/153) أي أنت من المَسحورين أي أنَّك مسحور لا تدري ما تقول في دعائك إيانا إلى إفراد العبادة لله تبارك وتعالى وحده، وهذا غاية في تكبرهم عن اتباع الحقّ واتباع دعوة نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام. قال الله تعالى :{كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقَالُوا أَبَشَرًا مِّنَّا وَاحِدًا نَّتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَّفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (24) أَؤُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَّنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26)} (سورة القمر).
__________________
|
#16
|
||||
|
||||
معجزةُ نبيّ الله صالح عليه الصلاة والسلام الباهرة بسم الله الرحمن الرحيم خاف المستكبرون من قومه أن يكثر أتباعه وأن ينصرفوا عنهم إليه، وفي ذلك ذهاب لسلطانهم وتفتيت لقوتهم، فأرادوا أن يظهروا للناس أنه عاجز غير صادق في دعواه وهذا من خبث نفوسهم وظلام قلوبهم عن اتباع الحق، فطلبوا منه معجزة تكون دليلاً على صدقه وقالوا له: أخرِجْ لنا من هذه الصخرة (وأشاروا إلى صخرة كانت هناك) ناقةً ومعها ولدها وصفتها كيت وكيت وذكروا لها أوصافًا، وقالوا له: إن أخرجت لنا من هذه الصخرة ناقةً ومعها ابنها آمنّا بك وصدقناك. فاستجاب الله دعوتَه فأخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام بقدرة الله ناقةً ومعها ولدها من الصخرة الصماء. وعندما أخرج لهم سيدنا صالح عليه السلام هذه الناقة مع فصيلها بقدرة الله تعالى قال لهم ما أخبرنا الله تعالى :{هذه ناقة الله لكم} (سورة الأعراف/73) أضافها عليه السلام لله تعالى إضافة تشريف وتعظيم وأخبرهم أنها لهم دليل صدق على دعوته عليه السلام، وأمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله قال تعالى :{قال هذه ناقة لها شِرب ولكم شِربُ يومٍ معلوم} (سورة الشعراء/155)،وحذرهم أن يتعرضوا لها بالقتل أو الأذى، وأخبرهم أنهم إن هم تعرضوا لها بالسوء يأخذهم عذاب وهلاك عظيم، قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز :{قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ (153) مَا أَنتَ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (154) قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ (155) وَلا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ (156)} (سورة الشعراء). وقال تعالى في ءاية أخرى حكاية عن نبيه عليه السلام لقومه :{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللهِ لَكُمْ ءايَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)} (سورة الأعراف). تآمر قوم صالح عليه السلام على قتل ناقة صالح عليه السلام قال الله تعالى في كتابه :{قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ مِن قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُواْ لِمَنْ ءامَنَ مِنْهُمْ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ (75)} (سورة الأعراف)، فأجابوهم {قَالُواْ إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ (75)} (سورة الأعراف)، ولكن جواب المؤمنين من أتباع صالح عليه السلام لم يؤثر في المشركين المستكبرين وظلت قلوبهم قاسية كالأحجار قال الله تعالى :{قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا بِالَّذِيَ ءامَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (76)} (سورة الأعراف). ورأى المُستكبرون من قوم نبي الله صالح عليه السلام في هذه الناقة خطَرًا جسيمًا عليهم فاتفقوا على أن يعقروها ليستريحوا منها، قال الله تعالى :{إِنَّا مُرْسِلُواْ النَّاقَةِ فِتْنَةً لَّهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (27) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاء قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُّحْتَضَرٌ} (سورة القمر).
__________________
|
#17
|
||||
|
||||
وقيل إنهم ظلوا مترددين في تنفيذ ما اتفق عليه إلى أن قامت فيهما امرأتان خبيثتان إحداهما اسمها صدوق ابنة المحيا وكانت ذات حسب ومال فعرضت نفسها على رجل يقال له مَصرع بن مهرج إن هو عَقر الناقة وذبحها، وكان اسم الأخرى عنيزة بنت غنيم وكانت عجوزًا كافرةً لها أربع بنات فعرضت على رجل شقيّ خبيث أيضًا اسمه قُدار بن سالف أيّ بناتها يختار إن هو عقر الناقة، فقبل هذانِ الشابان وسَعيا في قومهم لأجل هذا الغرض الخبيث فاستجاب لهم سبعة ءاخرون فصاروا تسعة كما أخبر الله تبارك وتعالى بقوله :{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (48)} (سورة النمل) فانطلق هؤلاء الرجال الخُبثاء يرصدون الناقة، فلما صدرت من وِردها رماها أحدهم وهو مصرع بسهم، وجاء النساء يشجعن في قتلها فأسرع أشقاهم وهو قدار بن سالف فشَدَّ عليها بسيفه وكشفَ عن عُرقوبها فخرت ساقطة إلى الأرض مَيتة بعد أن طعنها في لَبَّتِها فنحرها، وأما فصيلها فصعد جبلاً مَنيعًا ثم دخل في صخرة وغاب فيها، وقال الله تبارك وتعالى :{فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (77)} (سورة الأعراف)
__________________
|
#18
|
||||
|
||||
تآمرهم واتفاقهم على قتل نبي الله صالح وإنزال العذاب عليهم بسم الله الرحمن الرحيم ثم إنهم اتفقوا على قتله وأهله وتآمروا على ذلك وتحالفوا فيما بينهم وتبايعوا على هذه المؤامرة وأن يغتالوه ليلاً ثم يجحدوا قتله إن طالبهم أولياؤه بدمه، ولكن الله تبارك وتعالى أنقذ نبيَّه من كيدهم وتآمرهم فأرسل على أولئك النفر الذين قصدوا قتله حجارة أهلكتهم تعجيلاً قبل قومهم وردَّ كيدهم في نحورهم، قال الله تبارك وتعالى :{وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ وَلا يُصْلِحُونَ (48) قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ (49) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) وَأَنجَيْنَا الَّذِينَ ءامَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (53)} (سورة النمل). وبعد إنذار سيدنا صالح عليه الصلاة والسلام لقومه الذين كذبوا بالعذاب الذي يأتيهم بعد أن يتمتعوا في دارهم ثلاثة أيام أصبحوا يوم الخميس وهو اليوم الأول من أيام الإمهال والنظرة ووجوههم مصفرة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يوم من الأجل. ثم أصبحوا في اليوم الثاني وهو يوم الجمعة ووجوههم محمرة، فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى يومان من الأجل، ثم أصبحوا في اليوم الثالث وهو يوم السبت ووجوههم مسودّة فلما أمسوا نادوا ألا قد مضى الأجل، فلما كانت صبيحة يوم الأحد تأهبوا وقعدوا ينتظرون ماذا سيحل بهم من العذاب والنكال والنقمة ولا يَدرون كيف يفعل بهم ولا من أي جهة يأتيهم العذاب. فلما أشرقت الشمس جاءتهم صيحة من السماء من فوقهم ورجفة من تحتهم ففاضت أرواح هؤلاء الكافرين وزهقت نفوسهم، وسكنت الحركات وهدأت الأصوات، وأصبح هؤلاء الكافرون في ديارهم جاثمين جثثًا هامدة لا أرواح فيها، قال الله تعالى :{فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ (78)} (سورة الأعراف)، وقال تعالى :{وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (50) فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52)} (سورة النمل)، وقال تعالى :{إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31)} (سورة القمر)، وقال الله تبارك وتعالى :{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (7) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ (8) وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (9) وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَادِ (10) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ (11) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (12) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (13) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (14)} (سورة الفجر). وقال الله تعالى :{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ (80) وَءاتَيْنَاهُمْ ءايَاتِنَا فَكَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ (81) وَكَانُواْ يَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا ءامِنِينَ (82) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُصْبِحِينَ (83) فَمَا أَغْنَى عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ (84)} (سورة الحِجر)، وقال تعالى :{كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّثَمُودَ (68)} (سورة هود). ***انتهى***
__________________
|
#19
|
||||
|
||||
***قصة إبراهيم الخليل عليه السلام*** هو إبراهيم بن تارخ/ بن باحور/ بن ساروغ/ بن راعو ابن فالغ/ بن عابر/ بن شالخ/ بن أرفخشذ ابن سام/ بن نوح عليه السلام -روى ابن عساكر من غير وجه عن عكرمة أنه قال: كان إبراهيم عليه السلام يكنى "أبا الضيفان". قالوا: ولما كان عمر تارخ خمساً وسبعين سنة ولد له إبراهيم عليه السلام، وناحور وهاران، وولد لهاران "لوط".وعندهم أن إبراهيم عليه السلام هو الأوسط، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها، وهي أرض الكلدانيين؛ يعنون أرض بابل. كان أهل حران يعبدون الكواكب والأصنام، وكل من على وجه الأرض كانوا كفاراً، سوى إبراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليهم السلام. وكان الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور، وأبطل به ذاك الضلال؛ فإن الله سبحانه وتعالى آتاه رشده في صغره، وابتعثه رسولاً واتخذه خليلاً في كبره. قال الله تعالى: {ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين} (سورة الأنبياء:51) أي: وكان أهلاً لذلك. وقال تعالى: {وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه، ذلكم إن كنتم تعلمون * إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون * وإن تكذبون فقد كذب أمم من قبلكم، وما على الرسول إلا البلاغ المبين * أو لم يروا كيف يبدي الله الخلق ثم يعيده، إن ذلك على الله يسير * قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق، ثم الله ينشئ النشأة الآخرة، إن الله على كل شيء قدير * يعذب من يشاء ويرحمن من يشاء، وإليه تقلبون * وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء، وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير * والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم * فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار، إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون * وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين * فآمن له لوط، وقال إني مهاجر إلي ربي، إنه هو العزيز الحكيم * ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين} (سورة العنكبوت:16ـ27) ثم ذكر تعالى مناظرته لأبيه وقومه وكان أبوه ممن يعبد الأصنام، لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له، كما قال تعالى: {واذكر في الكتاب إبراهيم، إنه كان صديقاً نبياً * إذ قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئاً * يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهديك صراطاً سوياً * يا أبت لا تعبد الشيطان، إن الشيطان كان للرحمن عصياً * يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان ولياً * قال أرغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم، لئن لم تنته لأرجمنك، واهجرني مليا * قال سلام عليك سأستغفر لك ربي، إنه كان بي حفيا * وأعتزلكم ما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا} (سورة مريم:41ـ48) ***يتبــــــــــــع***
__________________
|
#20
|
||||
|
||||
-وذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة، وكيف دعا أباه إلي الحق بألطف عبارة .
ثم قال له منبهاً على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع، وإن كان أصغر سناً من أبيه: {يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهديك صراطاً سوياً} (سورة مريم:43 لم يقبل النصيحة منه ولا أخذها عنه، بل تهدده وتوعده قال: (قال أرغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم؟ لئن لم تنته لأرجمنك) قيل: بالمقال، وقيل: بالفعال، {واهجرني ملياً} (سورة مريم:46) فعندها قال له إبراهيم: (سلام عليك) أي: لا يصلك مني مكروه، ولا ينالك مني أذى، بل أنت سالم من ناحيتي، وزاده خيراً فقال: {سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً} (سورة مريم:47) وقد استغفر له إبراهيم عليه السلام كما وعده في أدعيته، فلما تبين له أنه عدو الله تبرأ منه كما قال تعالى: {وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدةٍ وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، إن إبراهيم لأواه حليم} (سورة التوبة:114) قال تعالى: {وكذلك نرى إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين * فلما جن عليه الليل رأى كوكباً، قال هذا ربي، فلما أفل قال لا أحب الآفلين * فلما رأى القمر بازغاً قال هذا ربي، فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر، فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً، وما أنا من المشركين * وحاجة قومه، قال أتحاجوني في الله وقد هدان، ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي وسع ربي كل شيء علماً، أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطاناً فأي الفريقين أحق بالأمن، إن كنتم تعلمون * الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلمٍ أولئك لهم الأمن، وهم مهتدون * وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه، نرفع درجات من نشاء، إن ربك حكيم عليم} (سورة الأنعام:75ـ83) وهذا المقام مقام مناظرة لقومه، وبيان لهم أن هذا الأجرام المشاهدة من الكواكب النيرة، لا تصلح للألوهية، ولا أن تعبد مع الله عز وجل؛ لأنها مخلوقة مربوبة مصنوعة مدبرة مسخرة، تطلع تارة وتأفل أخرى، فتغيب عن هذا العالم، والرب تعالى لا يغيب عنه شيء ولا تخفى عليه خافيه، بل هو الدائم الباقي بلا زوال، لا إله ألا الله هو ولا رب سواه. فبين لهم أولاً عدم صلاحية الكواكب لذلك، قيل: هو الزهرة؛ ثم ترقى منها إلى القمر الذي هو أَضوأ منها وأبهى من حسنها، ثم ترقى إلي الشمس التي هي أشد الأجرام المشاهدة ضياء وسناء وبهاء، فبين أنها مسخرة مسيرة مقدرة مربوبة، كما قال تعالى: {ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون} (سورة فصلت:37) ولهذا قال: فلما رأى الشمس بازغة أي: طالعة {قال هذا ربي هذا أكبر، فلما أفلت قال يا قوم إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً، وما أنا من المشركين * وحاجة قومه، قال أتحاجوني في الله وقد هدان، ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئاً} (سورة الأنعام:78ـ80) أي: لست أبالي في هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله، فإنها لا تنفع شيئاً ولا تسمع ولا تعقل. ***يتبـــــــع***
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصص الانبياء بالصلصال | فرشى التراب3 | ملتقى المرئيات - فلاشات - فيديو كليب | 4 | 04-05-2008 07:46 PM |
من قصص الانبياء | احمد ابو حمور | الملتقى الاسلامي العام | 12 | 17-12-2006 04:50 PM |
ألقاب الانبياء عليهم السلام | ابو الفاروق | الملتقى الاسلامي العام | 11 | 06-11-2006 09:24 PM |
المواظبة على الادعية الواردة عن الانبياء | مولة | الملتقى العام | 4 | 01-06-2006 12:54 AM |
قصص الانبياء | أبــو أحمد | ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية | 2 | 21-05-2006 12:59 PM |
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |