|
ملتقى الاحاديث الضعيفة والموضوعة ملتقى يختص بعرض الاحاديث الضعيفة والموضوعه من باب المعرفة والعلم وحتى لا يتم تداولها بين العامة والمنتديات الا بعد ذكر صحة وسند الحديث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي
سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي الشيخ أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين إنَّ أحاديث المهدي بلغتْ من الكثرةِ ما حملت كثيرًا مِن أهل العلم على القولِ بتواترها[1]، ففي"المنار المنيف" لابن القيم (ص: 142): "قال أبو الحسن محمَّد بن الحسين الآبري في كتاب"مناقب الشافعى":.... وقد تواترتِ الأخبار واستفاضتْ عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بذِكْر المهدي، وأنَّه من أهل بيته، وأنَّه يملك سبع سنين، وأنَّه يملأ الأرض عدلًا، وأنَّ عيسى يخرُج فيساعده على قتْل الدجَّال، وأنه يؤمُّ هذه الأمَّة، ويصلِّي عيسى خلْفَه"، ثم ساق ابنُ القيم - رحمه الله - جملةً من أحاديث المهدي. ومنهم أيضًا: محمَّد بن أبي الفيض الكتَّاني، حيث ذكره في كتابه "نظم المتناثر في الحديث المتواتر" (ص: 144-146)، وقال:وتتبَّع ابن خلدون فيمقدمته طُرق أحاديث خروجِه، مستوعبًا لها على حسبِ وسعه، فلم تسلَمْ له مِن علَّة، لكن ردُّوا عليه بأنَّ الأحاديث الواردة فيه على اختلافِ رِواياتها كثيرة جدًّا تبلُغ حدَّ التواتر، وهي عندَ أحمد، والترمذي، وأبي داود، وابن ماجه، والحاكم، والطبراني، وأبي يعْلَى الموصلي، والبزَّار، وغيرهم مِن دواوين الإسلام مِن السنن، والمعاجِم، والمسانيد، وأسندوها إلى جماعةٍ من الصحابة، فإنكارها مع ذلك مما لا ينبغي، والأحاديث يشدُّ بعضُها بعضًا، ويتقوَّى أمرُها بالشواهِد والمتابعات، وأحاديث بعضها صحيح، وبعضها حسَن، وبعضها ضعيف، وأمرُه مشهور بين الكافة مِن أهل الإسلام على ممرِّ الأعصار، وأنَّه لا بدَّ في آخِر الزمان مِن ظهور رجل مِن أهل البيت النبوي يؤيِّد الدين، ويُظهر العدْل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالكِ الإسلامية، ويُسمَّى بالمهدي، ويكون خروج الدجَّال وما بعده مِن أشراط الساعة الثابتة في الصحيح على أثرِه، وأنَّ عيسى ينزل مِن بعده، فيقتل الدجَّال، أو ينزل معه، فيساعده على قتْله، ويأتمُّ بالمهدي في بعض صلواته، إلى غير ذلك. وللقاضي العلاَّمة محمد بن علي الشوكاني اليمني - رحمه الله - رسالة سمَّاها "التوضيح في تواتُر ما جاء في المنتظر والدجَّال والمسيح"، قال فيها:"والأحاديث الواردة في المهديِّ التي أمكن الوقوفُ عليها منها خمسون حديثًا فيها الصحيح، والحسَن، والضعيف المنجبِر[2]، وهي متواترةٌ بلا شكٍّ ولا شُبهة، بل يصدُق وصْف التواتر على ما دونها على جميعِ الاصطلاحات المحرَّرة في الأصول. وأمَّا الآثار عن الصحابة المصرِّحة بالمهديِّ فهي كثيرةٌ أيضًا لها حُكم الرفع؛ إذ لا مجال للاجتهاد في مِثلِ ذلك" ا.هـ. وقد ردَّ على ابنِ خلدون في طعنه في ظهور المهدي كثيرٌ مِن أهل العلم، فمنهم السيِّد محمَّد صدِّيق حسن خان في كتاب "الإذاعة لما كان وما يكون بين يدي الساعة" حيث قال (ص: 119): "لا شكَّ في أنَّ المهدي يخرج في آخر الزمان مِن غير تعيين لشهرٍ وعام؛ لما تواتَر من الأخبارِ في الباب، واتَّفق عليه جمهور الأمة سلفًا عن خلَف إلا مَن لا يُعتدُّ بخلافه، وليس القول بظهوره بناءً على أقوال الصوفية ومكاشفاتهم، أو أهل التنجيم أو الرأي المجرَّد، بل إنما قال به أهلُ العلم لورود الأحاديث الجمَّة في ذلك، فقول ابن خلدون: (فإنْ صحَّ ظهوره) لا يخلو عن مسامحة ونوْع إنكار مِن خروجه، وتلك الأحاديث واردةٌ عليه، وليستْ بدون من الأحاديث التي ثبتتْ بها الأحكام الكثيرة المعمول بها في الإسلام، وما ذكر مِن جرْح الرواة وتعديلهم يجري في رِجال الأسانيد الأخرى أيضًا بعينه أو بنحوِه، فلا معنَى للرَّيب في أمر ذلك الفاطمي الموعود المنتظَر المدلول عليه بالأدلَّة، بل إنْكار ذلك جرأةٌ عظيمة في مقابلةِ النصوص المستفيضة المشهورة البالِغة إلى حدِّ التواتر"، ثم قال: "فهذه زلَّة صدرتْ مِن ابن خلدون - رحمه الله تعالى - وليستْ من التحقيق في صدْر ولا ورْد فلا تغترَّ به، واعتقدْ ما جاء عن رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفوِّض حقائقَه إليه تعالى تكُنْ على بصيرة مِن أمر دِينك". انتهى المراد منه. وممَّن أنكر على ابنِ خلدون أيضًا العلاَّمة الشيخ أحمد شاكر - رحمه الله - في التعليق على"المسند" حديث رقم (3571) حيث قال: "أمَّا ابن خلدون فقدْ قفَا ما ليس له به عِلم، واقتحم قحمًا لم يكُن من رجالها، وغلبه ما شغلَه من السياسة وأمور الدَّولة وخِدمة مَن كان يخدم مِن الملوك والأمراء، فأَوْهم أنَّ شأن المهدي عقيدةٌ شيعيَّة أو أوهمتْه نفسه ذلك، ثم قال: "إنَّ ابن خلدون لم يحسن فَهْم قول المحدثين: (الجرح مقدَّم على التعديل)، ولو اطَّلع على أقوالهم وفِقهها ما قال شيئًا ممَّا قال، وقد يكون قرأ وعرَف، ولكنَّه أراد تضعيفَ أحاديث المهدي بما غلَب عليه من الرأي السياسي في عصره". اهـ. طعن عداب الحمش في أحاديث المهدي وقد اتَّبع ابنَ خلدون في الطعن في عقيدة المهديِّ جماعةٌ، وأكثرهم ليسوا مِن أهل الحديث، فردودهم نظرية، وقدِ استوفى الردَّ عليهم الشيخ محمَّد بن أحمد بن إسماعيل في كتابه "المهدي حقيقة لا خرافة"، وقد طلَع علينا هذه الأيَّام عداب محمود الحمش بكتاب سماه "المهدي المنتظر في روايات أهلِ السُّنة والشيعة الإمامية دراسة حديثيَّة نقديَّة"، وقد تبع فيه ابنَ خلدون في تضعيفِ أحاديث المهدي، بل قد فاقَه، فإنَّ ابنَ خلدون اعترف بصحَّة طريقين مِن طرق أحاديث المهدي، كما بيَّن ذلك شيخُنا الألباني - رحمه الله - في"سلسلة الأحاديث الصحيحة" (1529)، ومع تضعيفه أحاديثَ المهدي فقدِ احتوى كتابه على انحراف فِكري ومنهجي وعقدي؛ ولذلك رأيتُ أنَّه مِن المهم التنبيه على أمْره، ومنهجه الحديثي المنحرِف، مع ذكْر بعض الأمثلة مِن الأحاديث التي تعرَّض لها بالطعن؛ لتتضح طريقة الرَّجل، والله الموفِّق. انحراف عداب العقدي لقدْ ظهَر انحراف الرجل في عقيدته واضحًا في دِفاعه عن الصوفية ومهاجمة مَن ينكر عليهم انحرافَهم، فإنَّه نقل عن الشيخ الألباني - رحمه الله- قوله: "مِن المسلمين اليوم مَن استقرَّ في نفسه أنَّ دولة الإسلام لن تقومَ إلا بخروج المهدي، وهذه خُرافة وضلالة ألْقاها الشيطان في قلوب كثيرٍ من العامة، وبخاصَّة الصوفية منهم"، فقال عداب: "غفر الله للشيخ الألباني، فإنَّ الذين استباحوا البيت الحرام مع مهدي جهيمان هم مِن تلامذته الذين يُكفِّرون الصوفيةَ في الجملة والمفرَد". قلت: هذا افتراءٌ على الشيخ - رحمه الله - فإنَّ الشيخ كان مِن أوائل المنكرين عليهم، فليتَه مع انحرافه كان منصفًا، فمِن انحرافه مع عدم إنصافه: دفاعُهُ بالباطل عن أحمد بن الصديق الغماري حيث قال في حاشية (ص: 77): "وقول الشيخ الألباني: قبوري ويحارِب أهلَ التوحيد …. إلخ، شنشنة غير مستغرَبة منه، والشيخ الألباني - على منزلته - لا يقارن بالشيخ السيِّد أحمد الغماري لسَعةِ علومه وتعدُّد معارفه، ورحِم الله الجميعَ بواسع رحمته" اهـ. قلت: فليرجع المنصفِ إلى ما نقلْناه عن الغماري مِن تسميته أهلَ نجد بالقرنيِّين؛ يعني: أنَّهم قرن الشيطان، وهجومه وافترائه عليهم، لا لشيء إلاَّ لدعوتهم للتوحيد، ومنع الناس من التمسُّح بقبر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ودُعائه مِن دون الله، أليستْ تلك قبوريَّة ومحاربة للتوحيد؟ وقد أثْنى عداب! على الصوفية ومدحهم وزكَّى عقيدتهم، فقال (ص: 239): "إنَّ منطلقات الصوفية في مسائلِ الاعتقاد هي منطلقات أهل السُّنة والجماعة ذاتها، وليستْ شيئًا آخَر". ثم قال: "إنَّ صِلتي القريبة بهم[3]، تخوِّلني أن أصفَهم بحُسن الخُلُق، وجم الأدَب، وإشراق الوجه، ولطف المعشَر، وإمساك اللِّسان والجوارح، ورقَّة القلوب، وكثْرة العبادة، وغزارة الدَّمعة، والتواضع النفسي، وخِدمة الإخوة، واحترام العُلماء، ممَّا يجبرني على احترامِهم وحبِّهم، واستصغار طاعاتي تُجاهَ ما أراه مِن طاعتهم، في الوقت الذي لم أرَ لدَى أكثر خصومهم بعضَ هذا" اهـ. فمَن هُم خصوم الصوفية إلا أهلُ التوحيد الخالِص؟! ولا يُغني عنه، قوله بعدَ ذلك: "هذا لا يمنعني مِن القول بأنَّ عددًا غير يسير ممَّن ينتسبون إلى التصوُّف غلاة منحرِفون في الاعتقاد، أو في السُّلوك أو في الحال القلبي والروحي أو في هذه مُجتمعة، ولا ريبَ أنَّ أهل التصوُّف العليم يبرؤون إلى الله تعالى مِن تصوُّف منحرفٍ كهذا" اهـ. وأقول: هذا كلام قدْ يُفهم منه أنَّ الرجل ليس موغلاً في التصوُّف، وإنْ كان التصوُّف مِن أصله مبتدعًا، لكن من هُم غلاة الصوفيَّة عند عداب؟ هذا سؤالٌ يحتاج إلى إيضاح، فكان يَنبغي عليه أن يُسمَّى غلاة الصوفية حتى لا يترُك الأمر مفتوحًا لكلِّ أحد يفهمه على حسبِ اعتقاده ومرادِه. ومع ذلك فقد أتْبع ذلك بكلام يُوضِّح مراده، فإنَّه قال (ص: 241): "وقد وقفتُ على رسالة صغيرة أخرى حملت عنوان "الطريق الهادي إلى حقيقة المهدي" تأليف محمد أحمد علي منصور، وجَّه فيها المسلمين سبْع توجيهات ضروريَّة عندَه، كانت سابعة الأثافي فيها ضدَّ أولئك المتظاهِرين بلبوس التقْوى والزهد، متعمِّمين بعمائمَ تعدَّدتْ ألوانها بتعدُّد طرقها، فكلُّ فريق بما لديهم فرِحون، فذاك قادري، وذاك رفاعي، وذاك شعراني، وذاك دسوقي، وذاك بدوي، قتلتْهم الولاية وحبُّها، وأصبح هدفهم الوحيد الوصولَ إلى عِلْم الغيب، وعمل الخوارِق، وضرب الطُّبول، وحمل الأعلام، وإحياء الموالِد التي ما أنزل الله بها مِن سُلطان، فأضلَّهم الشيطان، وأعْمى أبصارهم، وجنَّدهم لنُصرته، ومصارعة أعدائه، فنَصبوا ألويتَهم في كلِّ مسجد يُحارِبون كلَّ مَن يريد أو يحاول الرُّجوع إلى دِين الله الحق، واتِّخاذ كتاب الله وسُنة رسوله الصحيحة مِنهاجًا له ولدعوته. فعلَّق على ذلك عداب بقوله: "إنَّ حشر الصوفية مِن الكاتبيْن الفاضليْن[4] لا معْنَى له البتة، وإنَّما هو شعار مرفوعٌ علامة على أنَّ المتهجم على الصوفية هو من الفرقة الناجية، وإنَّني أريد أن أوضِّح للقارئ الكريم أنَّ كثيرًا مما يدعيه هؤلاء ليس له رصيد مِن العلم، وأنَّ كثيرًا مما يتهمون به خصومَهم باطلٌ وافتراءٌ، وتضليلٌ لقرَّائهم المخدوعين بصدقهم" اهـ. وأقول: لقدْ ظهر بما سبق أنَّ عدابًا لا يعُدُّ الرفاعية ولا الشعرانية ولا الدسوقية ولا أتباع البدوي مِن غُلاة الصوفية المنحرفين؛ ولكي تعرف شيئًا مِن حال هؤلاء عليك أن ترجِع إلى كتاب "الطبقات" للشعراني؛ لتقفَ على المخازي والفضائح التي حواها[5]، وأما عداب فلِكَي يتضح انحرافه العقدي بلا ريب، سأنقُل عن شيخه الذي دعاه بسيِّده، كما في (ص: 237) وهو سعيد حوى، حيث قال: "وقدْ حدَّثني مرة نصرانيٌّ عن حادثة وقعتْ له شخصيًّا، وهي حادثة مشهورة معلومة جمَعَني الله بصاحبها بعدَ أن بلغتْني الحادثةُ من غيره، وحدَّثني كيف أنه حضَر حلقة (ذكر)، فضربه أحدُ الذاكرين بالشيش في ظهرِه، فخرَج الشيش من صدرِه حتى قبض عليه، ثم سحَب الشيش منه، ولم يكن لذلك أثرٌ أو ضرر، إنَّ هذا الشيء الذي يجري في طبقات أبناء الطريقة (الرفاعية) ويستمر فيهم، هو مِن أعظم فضل الله على هذه الأمَّة؛ إذ مَن رأى ذلك تقوم عليه الحُجَّة بشكل واضح على معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء. إنَّ مَن يرى فردًا من أفراد الأمَّة الإسلاميَّة يمسك النار ولا تؤثِّر فيه، كيف يستغرب أن يقذفَ إبراهيم في النار؟ إنَّ مَن يرى فردًا مِن أفراد أمَّة محمَّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - يخرج السيف من ظهرِه بعد أن يضرب فيه في صَدره، ثم يسحب السيف ولا أثَر ولا ضرَر، هل يستغرب مثلَ هذا حادثة شقِّ صدره - صلَّى الله عليه وسلَّم؟! إنَّ هذا الموضوع مهم جدًّا، ولا يجوز أن نقِف منه موقفًا ظالمًا، ومحلُّه في إقامة الحجَّة في دِين الله على مِثل هذه الشاكلة، إنَّ الحجة الرئيسية لمنكري هذا الموضوع هي أنَّ هذه الخوارق تظهر على يدِ فسَّاق مِن هؤلاء كما تظهر على يدِ صالحين، وهذا صحيح، والتعليل لذلك هو أنَّ الكرامة ليستْ لهؤلاء، بل هي للشيخ الأوَّل الذي أكرمه الله - عزَّ وجلَّ - بهذه الكرامة، وجعَلَها مستمرَّة في أتباعه مِن باب المعجزة لرسولنا - صلَّى الله عليه وسلَّم - فهي كرامةٌ للشيخ الذي هو الشيخ أحمد الرفاعي - رحمه الله "اهـ[6]. قلت: فانظرْ كيف جعل سعيد حوى ما يَجري على يدِ فسَّاق الصوفية كما وصفهم هو مِن سحر وشعوذة حُجَّة على صحَّة النبوة، ولا نحب أن نعلِّق على كلام شيخ عداب وسيِّده، فيكفي مَن له أدنى عقل أن يقرَأه ليعرفَ ما حواه من ضلال، ولكن نقول لعداب: عليك أن تبيِّن موقفك مِن هذا وغيره؟ والله المستعان. انحراف عداب الفكري والمنهجي ونكتفي بهذا القدر في بيان انحراف عداب في العقيدة، وننتقل إلى جانبٍ آخر، وهو الجانب الفكري والمنهجي: سأذكُر هنا بعضَ الأمور التي وقفتُ عليها في كتاب عداب، مما يدلُّ على انحرافه الفكري والمنهجي على وجهِ الاختصار، فمِن ذلك: 1- لمزُهُ للمنهج السَّلفي بوصفِه لأمين جمال الدين صاحب كتاب "عمر أمة الإسلام" بالسلفي مع تنقُّصه له أشدَّ التنقص بوصفِه أنه ذو نفَس طائفي مقيت، وبأنَّه مخرِّف، وبقوله تعليقًا على ما ذكره أمين عن الملاحم التي تكون أيَّام المهدي: "انظر إلى هذا النفَس القاسي عندَ هذا الكاتب السَّلفي" هذا مع أنَّ أمينًا لم يدَّعِ أنَّه سلفي! 2- قوله (ص: 262) عن أحاديث المهدي: "لو صحَّ شيء إلى واحد مِن علماء آل البيت لقدَّرته، واعتمدته في هذا البحْث خاصَّة، حتى لو كان مرسلاً أو معضلاً أو منقطعًا من فوق؛ لأنَّ ثبوت الحديث إلى واحد مِن أئمة الحديث هو حجَّة شرعيَّة بذاته، لحجيَّة سُنة أهل البيت عندَ الإمامية". فانظر كيف يعتمد أصولَ الشيعة الإماميَّة! 3- تهوينُهُ للخلاف بين السُّنة والشيعة، واحترامُهُ لأئمَّة الشيعة وتبجيلهم، وانظر لذلك (ص: 408)، (409)، (497). 4- طعنُهُ في علماء المسلمين بقوله (ص: 115): "قد ظهر لي أنَّ عقول علماء المسلمين - حتى اليوم - لا تستطيع الحياةَ خارجَ الإطار الطائفي الساذج". 5- عدمُ وضوحِ انتمائه إلى أهلِ السُّنة، ويظهر ذلك في عرْضه للخِلاف الواقع في الأمَّة حيث جعل تبعةَ ذلك على الفِرق كلها، ولم يستثنِ منهم أهلَ السُّنة[7]، ويتَّضح ذلك في التنبيه الذي قبل هذا، وفي (ص: 11) يقول: "وإنَّ صعوبة تحقُّق الأهداف، وتجسُّد الطموحات المشتركة بيْن عقلاء هذه الأمَّة، مردُّه إلى ذلك التشرذم الاجتماعي، وفقدان أدبِ الحوار، وتراشُق التهم، والترامي بالكُفر والضلال والابتداع والانحراف، والرغبة العارمة في فرْض الرأي الواحد، والاحتكام إلى التاريخ، وكأنَّ ما حدث مِن خطأ مضى يجب على جميع شرائح الأمَّة أن تتحمَّل آثارَه السيئة إلى قيام الساعة". وأقول: فهنا يُريد التعاملَ مع القضايا المصيريَّة للأمَّة دون رجوع إلى التاريخ، فهو يريد أن ننسَى انتماءَنا إلى طائفة من الطوائف، وإنْ كانت أهلَ السنة، ويَظهر ذلك في تعامله مع قضايا الشِّيعة، فهو يناقشهم وحْده دون رجوع إلى جهودِ سلفنا - رحمهم الله - ومِن ذلك أيضًا قوله (ص: 147): "وكل علماء الشِّيعة الذين عرفتُهم، أو قرأت كتاباتِهم السابقة عن المهدي، لا يظهر أنَّ أحدًا منهم يُحسِنُ علم (تقويم الحديث ونقْده)؛ ولهذا فهُم جميعًا - ومعهم كثيرٌ مِن كتَّاب أهل السنة المعاصرين - يحسبون كثرةَ الأحاديث المكتوبة - مجرَّد الكثرة - دليلاً على صحَّة الحديث، بل على تواتُره، والقطع إمَّا باللفظ وإمَّا بالمعنى. وحيث إنني - أنا أفقر عباد الله تعالى - أزعُم التخصُّص في علم النقد الحديثي[8]، ودِراسة الأسانيد والتخريج، فقد تجرأت - وأستغفر الله تعالى - ودرست جوانبَ عديدةً مِن كبريات مسائل الفِكر الإسلامي عندَ أهل السُّنة والشيعة الإماميَّة. اهـ. فانظر كيف يسوِّي في النقْد بيْن الشِّيعة والسُّنة. ومِن ذلك أيضًا قوله (ص: 62): "بعض الناس يتعصَّب لرأي أهل السُّنَّة، وهو لا يدري موارد أدلَّتهم ولا مصادرها، والآخِر يتعصَّب للشيعة مع اعترافه بأنَّه لا يملك الدليلَ المثبت لولادةِ المهدي، وهذا وذاك في مرتبةٍ واحدة مِن حيث البُعد عن المنهج العِلمي المجرَّد" اهـ. انحراف عداب السلوكي اغتراره بعلمه وأكتفي بهذا القدْر خشيةَ الإطالة، وإلا فحصرُ انحرافه يحتاج إلى كتابٍ مستقل، وسأنتقِل إلى جانبٍ آخَر، وهو: قال عداب (ص: 80) عن الشيخ محمَّد الخضر حسين: "والذي ظهَر لي أنَّ الشيخ - كغيره مِن علمائنا المعاصرين - يستحيل في حقِّهم القُدرة على تجاوز الأسماء اللامعة: ابن حجر، السخاوي، السيوطي، المناوي، والبرزنجي، الشوكاني، الصنعاني لاعتقادٍ قديمٍ جديدٍ أنَّ المتقدم أعلمُ وأحكمُ، وأفضل وأعقل مِن المتأخِّر" اهـ. قلت: يعني أنَّ المعاصر - ومنهم عداب مِن باب أولى - يمكن أن يكونَ أعلم وأحكم وأفضل وأعقل مِن المتقدِّمين. وقال في (ص: 82): "طريقتنا العلميَّة التي تُعنَى كثيرًا بقال وقيل، ولا تودع نسخةً من "تقريب التهذيب" في أي بحثٍ يسلك على طريقها، وتهتمُّ بجانب التطبيق الحديثي المختصر، علاوةً عن كونها منهجَ كِبار النقَّاد قاطبة". قال عن الشيخ حمود التويجري (ص: 83): "والرجل لا معرفةَ له بفنِّ الحديث، غير أنَّه يدخل نفْسه في كثيرٍ مِن الأحيان فيما لا يُحسِنه". انحراف عداب فى منهجه الحديثى قال (ص: 523) عمَّن يتوقع أن يردَّ على كتابه: "هل سوف يقفل هذا الكتابُ أبوابَ الكتابات النشطة في هذه الأيَّام عن المهدي المنتظَر وأشراط الساعة؟ أو أنَّه سوف يفتح أبوابًا جديدةً مِن الهجوم والانتهازية؛ ليكتبَ في الرد والانتقاد والانتقاص مَن يعرف ومَن لا يعرف الكتاب؟[9]". قال في (ص: 538): "بعدَ الذي توصَّلْنا إليه في هذا البحثِ لم يعُدْ ثَمَّة حاجةٌ إلى التشنيع على الزيديَّة والإباضيَّة، ولا على مَن ينكر مِن أهل السنة أن تكونَ مسألة ظهور المهدي عقيدةً واجبة التصديق" اهـ. قلت: فقد جعَل بحثه نقطةَ تحوُّلٍ في عقيدةِ المسلمين، فأي تزكية للنفس بعدَ هذه؟! قال (ص: 252): "إنَّ كثيرًا مِن علمائنا القدامَى والمُحْدَثين يقفون عاجزين أمامَ نقْد الحديث مِن جهة الصناعة، بينما تراهم بارعين في الكلامِ على فِقهه وفوائده". قال (ص: 263): "أمَّا الصحيح في الدرجة الثالثة أعني - (الحسن لذاته) - على فرْض وجوده، وإمكان تخليصه، ففي بناءِ عقيدةٍ عليه صعوبةٌ بالغةٌ مِن جهة أنَّ راويه إنَّما نزلتْ درجةُ حديثه إلى هذه المرتبة لخفةِ ضبْطه، فكيف نستوثق مِن ضبطه حديثًا انفرَد به؟![10]". وكذلك: ردُّه للحديث الحسن لغيره، كما في (ص: 264 - 265) حيث قال: "الأحاديث التي حسَّنها بعضُ العلماء بشواهدها، لا تصِل إلى هذه المرتبة أبدًا؛ لأنَّ الحديث إنما حكَمْنا له بالحسن لورود شاهدٍ له، وهذا الشاهد نفْسه إنما حسن بذاك الحديث، وهذا دورٌ مرفوض، لا يقبل في حُكم العقل، ولا في عِلم الأصول، وما لم يأتِ حديثٌ صالح للاحتجاج بذاته فلا يجوز أن يُصحَّح به حديثٌ أو يحسَّن البتة. ولقدْ مرَّ عليَّ زمن طويل وأنا أحسِّن بمثل هذا، بل ربَّما أصحِّح، ثم تبيَّن لي من وراء النقْد التطبيقي أنَّ هذا منهجٌ غلِط بعض العلماء بتبنِّيه، وتتابع مِن بعدهم على هذا المنهج تحسينًا للظنِّ بهم، أو عجزًا عنِ الاجتهاد في هذا العلم الذي قلَّ نقَّاده والعارفون به"[11]. الجُرْأة في تضعيف الأحاديث التي تلقَّاها العلماء قديمًا وحديثًا بالقَبول، مثل حديث: ((إنَّ الله يبعث لهذه الأمَّة على رأس مائة سَنة مَن يُجدِّد لها دِينَها))، وكذلك أحاديث المهديّ. اختراعه قواعد حديثيَّة لم يسبقْ إليها، فمِن ذلك: قال (ص: 330): "إطلاق الناقد لفْظةَ التوثيق أو التعديل في تقويم شخصيَّة الراوي إنَّما تَعني منزلته العامَّة في سُلم الجرح والتعديل، ثم يأتي النظر في تطبيقاتهم العِلمية[12] عندَ تخريج مرويَّاته في الأبواب، فقد يقولون: هذا رجل ثِقة، ثم تجد لهم نقدًا على كثيرٍ مِن رواياته، فالتمسُّك بالإطلاق العام دون تتبُّع صنيع الحفَّاظ التطبيقي حيالَ مرويَّات كل راوٍ خطأ منهجي يقود إلى نتائجَ غير صحيحة". قلت: هذا فتْح بابٍ لهدْم علم الجرح والتعديل بالكليَّة. في(ص: 332-333) اخترَع أصولاً لقواعد، ثم خرَج بما أسْماه بفِقه الجرح والتعديل، ورتَّب عليه تضعيفَ الرواة الثِّقات كما سيأتي في سليمان بن عُبيد وغيره. قال في (ص: 376): "اعتقادي أنَّ الصحاح الأربعة: البخاري ومسلمًا وابن خزيمة وابن حبَّان؛ قد حوت تسعةَ أعشار صحيح السُّنة الشريفة". قلت: قد ظهَر هنا اعتقادُه تجاه كتب السُّنة، وتبيَّن ضعفُ ثِقته بسائر كتب السنة مع كثرتِها وكثرة ما تحويه مِن حديث النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بل إنَّ الصحيحين لم يسلمَا منه كما سيأتي. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي
سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي الشيخ أحمد بن إبراهيم بن أبي العينين نظرة إلى بعض الأحاديث التي ناقشها عداب الحديث الأول: حديث أبي سعيد[13]: قال الحاكِم - رحمه الله - (4/557-558): أخبرني أبو العبَّاس محمَّد بن أحمد المحبوبي بمرْو، وثَنا سعيد بن مسعود، ثَنا النَّضرُ بن شُميل، ثنا سليمان بن عُبيد، ثنا أبو الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((يخرُج في آخِر أمتي المهدي، يَسقيه الله الغيث، وتُخرِج الأرض نباتَها، ويُعطى المال صحاحًا، وتَكثُر الماشية، وتعظُم الأمَّة، يعيش سبعًا أو ثمانيًا؛ يعني: حججًا)). هذا الحديثُ أوْرَده الشيخ عبدالعليم البستوي[14]مِن رواية الحاكم، وقال: "قال الحاكم: "صحيح الإسناد، ولم يخرِّجاه"، ووافقه الذهبي، وقال الألباني: "هذا سند صحيح، رجاله ثِقات". فاعترض عداب عليه بما حاصلُه أنَّ الإسناد مدارُه علي أبى الصديق الناجي، وهو ممَّن لا يَعدو كونه يصلُح في المتابعات والشواهد[15]، مع أنَّه ذكَر توثيقَ ابنِ معين، وأبي زُرعة الرازي، وقول ابن حبَّان: "مِن حفَّاظ البصرة"، وترَك توثيق النسائي، ثم قال: "قال الحافظ في "مقدمة الفتح": تكلَّم فيه ابنُ سعْد بلا حجَّة"، ثم قال: "كل هذا الكلام صحيح، قاله أصحابُه، لكن ابن سعد قال: يتكلَّمون في أحاديثه ويستنكرونها، وأخرج العقيلي من طريق أبي الوليد بن أبي الجارود عنِ ابن مَعين قوله: "زيد العَمِّي وأبو الصديق الناجي يُكتب حديثهما، وهما ضعيفان". فإذا وجد مِثل هذا الكلام في راوٍ مهما كان حافظًا وجَب اختبار حديثه. والخُطوة الأولى في عَمليةِ الاختبار هي النظر في كيفية تخريجِ أصحاب الصحاح له. وبالرُّجوع إلى الإمام البخاري وجدْناه خرَّج لأبي الصديق الناجي حديث توبة القاتل من بني إسرائيل (رقم: 3282). قال الحافظ في "الفتح": "ليس له عند البخاري إلا هذا الحديث". وأخْرَج له مسلم هذا الحديث نفْسه (رقم: 2766)، وحديثًا آخَر في مقدار قِراءة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صلاةِ الظُّهر، ولم يصحِّح له الترمذيُّ حديثًا واحدًا، وإنَّما حسَّن له أربعةَ أحاديث لجميعها متابعات أو شواهِد، فتنظر: (1046، 1442، 2232، 2563)، وفي الثلاثة الأُول منها يقول الترمذي: "رُوي مِن غير وجه عن الصحابي"، وفى الأخير قال: "ورُوي مثله عن أبي رزين العقيلي". وقول ابن حبان: "مِن حفَّاظ أهل البصرة" عجيب، وهو لم يروِ له في صحيحه إلاَّ بضعة أحاديث! فمِن وراء عملية التطبيق العملي الواقعي رأَيْنا البخاري ومسلمًا خرَّجا له حديثًا في الترغيب في التوبة، وخرَّج له مسلم حديثًا آخَر في قدْر قراءة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في صلاةِ الظهر، وعدَّه الترمذي ممَّن يحسن له في المتابعات والشواهد، فهل هذا التطبيقُ العملي إلا صدًى لقول ابن معين: "يُكتب حديثُه وهو ضعيف"؟ إنَّ الذي يُخرِّج أحاديث في عقيدة تَبني عليها الأمَّة آمالها لا يجوز أن يتعامَل مع رُواة تلك الأحاديث كما يتعامل مع رُواة الرغائب والمناقِب والفضائل، بل يجب عليه أن يعي ذلك بعيدًا عن الترقيع، فأبو الصديق الناجي حديثه حسَن في المتابعات، إذا خلا مِن المغامز، ولم ينفردْ، وها هنا قد انفرد[16]" انتهى كلامه. وقد سقتُه مع طولِه لخطورته، وليقفَ إخواننا القرَّاء على طريقة هؤلاء المجتهدين المعاصِرين في هدْم ما قرَّره علماؤنا، فهم منقطِعو النَّسَب والأصل، أصحاب القواعِد والأصول الجديدة، وليقف أهلُ العلم وطلاَّبه على مدَى عِلمهم وأمانتهم. إنَّ عدابًا بنَى تضعيفه لأبي الصديق الناجي على أمرين: الأول: ما أخَذه مِن أحكام الترمذي على أحاديث لأبي الصديق؛ فخلص بحُكم للترمذي على الراوي، وهذه الخُلاصة مِن كيسه، وليستْ مِن تقرير الترمذي - رحمه الله - وليتَه حين استخلص ذلك مِن صنيع الترمذي كان أمينًا، وللتحقُّق مِن ذلك سأعرِض الأحاديث التي ذكرَها من عند الترمذي لأبي الصديق: الحديث الأوَّل رقم (1046): قال الترمذي - رحمه الله -: حدَّثَنا أبو سعيد الأشج، حدَّثَنا أبو خالد الأحمر، حدَّثَنا الحجَّاج عن نافِع عن ابنِ عمرَ، فذكَر حديثًا مرفوعًا، ثم قال: "هذا حديثٌ حسنٌ غريب مِن هذا الوجه". فليتأمَّل القارئ قول الترمذي - رحمه الله -: "مِن هذا الوجه" يعني حُكمه على هذا الإسناد السابِق الذي ليس لأبي الصديق الناجي فيه ذِكْر، فأين الحُكم على إسناد حديث أبي الصديق بالحسن؟[17]! ثم قال الترمذي: "وقد رُوي هذا الحديث من غير هذا الوجه عن ابنِ عُمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ورواه أبو الصديق الناجي عنِ ابن عمر عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -"، فتبيَّن بذلك أنَّ أبا الصديق لا صِلةَ له بهذا الحُكم، فهل خفي ذلك على عداب؟! الحديث الثاني: رقم (1442)، قال الترمذي - رحمه الله -: حدَّثَنا سفيان بن وكيع، قال: حدَّثَنا أبي عن مِسعر عن زيدٍ العَمِّي عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخُدري أنَّ رَسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ضرَب الحدَّ بنعلين أربعين، قال مِسعر: أظنُّه في الخمر. قال الترمذي: "وفي الباب عن عليٍّ، وعبدالرحمن بن أزهر، وأبي هريرة، والسائب، وابن عباس، وعقبة بن الحارث". وقال: "حديث أبي سعيدٍ حديثٌ حسن" اهـ. قلت: فليس فيه رُوي من غير وجه عن أبي سعيد كما ادَّعَى عداب، فهل وَهِم أم كذَب؟ حسابه على الله. وأمَّا تحسينُ الترمذي، فإنَّ لمتن الحديث الشواهدَ التي ذكرها، فبعض هذه الشواهِد في الصحيحين، فلمَ لَمْ يصحِّحه بها؟! وأمَّا الإسناد المذكور؛ فإنَّ الترمذي لم يضعِّفْه كما زعَم عداب، وكذلك ما أظنُّه يجهل أنَّ التضعيفَ بزَيْد العمِّى أوْلى مِن التضعيف بأبي الصديق، فإنَّ هذا ممَّا لا يشكُّ فيه مَن له أدْنَى معرفةٍ بعِلم الحديث؛ ولذلك فقَدْ ضعَّفه الحافظان الذهبي وابن حجر، حتى قال ابن عديٍّ: "لعلَّ شُعبة لم يروِ عن أضعف منه"؛ ولذا فتضعيف عداب الإسناد بأبي الصديق، وترْكه لزيد مِن الخيانة العلميَّة، والله المستعان. والحديث الثالث: رقم (2232)، من طريق: زيد العمِّي عن أبي الصديق، فيُقال فيه ما قيل في الذي قبله. والحديث الرابع: (2563)، قال الترمذي - رحمه الله -: حدَّثَنا بُندار، حَدَّثَنا معاذ بن هشام، حدَّثَنا أبي، عن عامر الأحول، عن أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((المؤمِن إذا اشتهَى الولَد في الجنَّة كان حملُه ووضعُه وسنه في ساعةٍ كما يَشتهي)). قال الترمذي: "هذا حديثٌ حسنٌ غريب". قلت: عامر الأحول، وهو ابن عبدالواحد ضعَّفه أحمدُ بن حنبل، وقال النسائي: "ليس بالقوي"، ووهَّاه حُمَيد بن الأسود، ووثَّقه أبو حاتم، وقال ابنُ معين: "ليس به بأس"، وقال ابن عدي: "لا أرَى برواياته بأسًا"، وقال الساجي: "يُحتمل لصدقه، وهو صدوق"، وذَكَره العقيلي في الضعفاء، وخلص الحافظُ ابن حجر مِن ذلك بقوله: "صَدوق يُخطِئ" فلا يشكُّ حديثيٌّ في ترجيح أبي الصديق عليه بمراحل، فكان الأَولى بعداب ذِكْر سبب تحسين الترمذي للإسناد، وأنَّه مِن أجل عامر، وليس مِن أجل أبي الصديق، وبذلك يظهر بطلانُ اعتماده في حُكمه على صنيع الترمذي، ثم هبْ أنَّ الترمذي يرَى ما نسبه إليه عداب، وهو أنَّ حديث أبي الصديق يصلح في الشواهِد والمتابعات، فهو معارَض بتصحيح البخاري ومسلم حديثَه وإخراجهما له في الصحيح، والبصير يُميِّز أي القولين يُقدّم؟ هذا مع كون الترمذي بريئًا ممَّا ألْصقه به عداب. الأمر الثاني الذي ضعَّف عداب أبا الصديق بسببه، هو ما ذَكَره مِن كون العقيلي أخْرج من طريق أبي الوليد بن أبي الجارود عن ابنِ معين قوله: "زيد العمِّي وأبو الصديق الناجي يُكتَب حديثهما، وهما ضعيفان". قلت: قال العقيلي - رحمه الله - (2/74): حدَّثَني جعفرُ بن أحمد قال: حدَّثَنا محمَّد بن إدريس، عن كتاب أبي الوليد بن أبي الجارود... فذكره. فهذه وجادةٌ لأبي حاتم - رحمه الله - مِن كتاب أبي الوليد هذا، وأبو الوليد لمْ أقِفْ له على ترجمة. وعلى أي حال؛ فالوجادة مِن أضعفِ طُرق التحمُّل، فأين هذا مما أورده ابنُ أبي حاتم حيث قال في "الجرح والتعديل" (2/390): "أخبرَنا ابنُ أبي خيثمة فيما كتب إليَّ قال: سألتُ يحيى بن معين عن أبي الصديق الناجي فقال: "بصري ثقة". فلو كان الإسناد الأوَّل عندَ أبي حاتم لكان أوْلى الناس بروايتِه ابنه، فإنَّه لم يوردْ في ترجمة أبي الصديق عن ابنِ معين غيرَ التوثيق، ثم لو كان هذا الإسناد مقبولاً عندَ العقيلي فلِمَ لمْ يوردْ أبا الصديق في "الضعفاء" مع تشدُّده وجرْحه بما دون هذا، بل قد ذَكَر في كتابه بعضَ الكِبار، مِثل علي بن المديني. ثم هبْ أنَّ الرِّواية صحَّتْ عن ابن معين، فيكون عنه رِوايتان إحداهما بالتوثيق، والأُخْرى بالتضعيف، فأقول: أليستِ التي بالتوثيق هي الأَوْلى بالقَبول؛ لأنَّها الموافِقة لغيره مِن الأئمَّة، فقد وثَّقه أبو زُرعة والنسائي وابن حبان، وأخْرَج له البخاري ومسلم، وارتضَى ذلك إمامَا المحدِّثين في عصرهما الذهبي وابن حجر، وأمَّا كلام ابن سعْد فهو جرحٌ غيرُ مُفسَّر، وقدْ أحسن عداب حيث لم يعتمدْه. وأقول: الرجل قدْ جاز القنطرة، فاتَّقِ الله يا عداب، ولا تسلُكْ مسلكَ الكوثري في طعْنه في الرُّواة الثِّقات لحاجة في نفْسه، والله المستعان. الراوي الثاني في الإسناد: سليمان بن عبيد السُّلمي البصري: قال عداب: "قال البخاري: يروي عن أبي الصديق، سمِع منه يحيى القطَّان، وخالد بن الحارث، وزاد له ابنُ أبي حاتم راويًا ثالثًا، وهو النضْر بن شُميل، ونقل عن ابن معين قوله فيه: ثِقة، وعن أبي حاتم: صدوق، وقال ابن شاهين: ثقة". ثم قال عداب: "مقتضى ظواهر القواعِد الحديثيَّة أنَّ الرجل معروف العين، روَى عنه ثلاثةٌ مِن الحفَّاظ، ولم يُجرحْ، ووثَّقه حافظان، وقال أبو حاتم المتشدِّد: صدوق، فأقل أحواله أنَّه محتج به في مرتبة صدوق، وحديثه حسن لذاته. وهذا الذي مشَى الشيخُ الألباني عليه[18]، وتبعه أخونا البستوي، وظاهره قوَّة ما استند إليه" اهـ. قال أبو عبدالله أحمد: فهل يتصوَّر أحدٌ له أدنى معرفة بالحديث وعلومه، أنَّ عدابًا يفلت مِن كلامه السابِق ويضعِّف سليمان؟! أقول: الواقِع أنَّه انسلَّ منه، وخرَج علينا بالحُكم على سليمان بن عُبَيد بالجهالة، وحتى لا يتسرَّب الشك لأحدٍ في النتيجة التي ذكرتها عن عداب، سأذكُر كلامه بنصِّه حيث قال (ص: 333): "وبناءً على فِقه الجرْح والتعديل، فالرجل مجهولُ الحال، بقطْع النظر عن كلِّ ما نقل في توثيقه؛ لأنَّ توثيقهم ليس له مستندٌ مِن سبر الرِّوايات"، انتهى كلامه. أقول: قاتَل الله هذا الفِقهَ الذي هو الغباء بعينه، فقد أقرَّ عداب أنَّ ظواهر القواعِد الحديثيَّة تقضي بتوثيق الرجل، وأمَّا بواطن القواعد الحديثيَّة التي اختصَّ نفْسَه بها دون ابنِ معين وأبي حاتم وابن شاهين، فإنَّها تقضي بأنَّ الرجل مجهول[19]. فهل مِثل هذا الكلام يستحقُّ أن يناقش؟! قاتَل الله الغرور، وحتى لا يبقَى عند أحدٍ شك في أنَّ الرجل أصابه الغرورُ بعمى في بصيرته، سأنقُل بعضَ كلامه في مناقشته لأهل العِلم: قال عداب (ص: 330): "ابن معين تلميذُ يحيى القطَّان، ويبدو أنَّ يحيى القطان يعرف مِن دِينه ما جعَله يُثنى عليه عندَ ابن معين، ولم يُنقل فيه جرْح، وروايته هذه يعدُّها ابن معين وأبو حاتم وابن شاهين وكثيرون غيرهم ممَّا تشهد له أحاديثُ الباب، فهو إذًا قد وافق الثِّقات في روايته، وعلى هذا بنَوا توثيقَه وصدقه".اهـ. هكذا يردُّ كلامَ أهلَ العلمِ بالحدسِ والتخمين بقوله (يبدو)، وإنَّ الظن لا يُغني من الحقِّ شيئًا، إنَّ هؤلاء لو تركوا وما يُريدون لهدَموا عِلم الحديث جملةً، بل والعلوم كلها، فلا بدَّ لهؤلاء مِن وقفة مِن الغيورين على دِين الله - عزَّ وجلَّ. وأمَّا قوله: "فهذه حالُ أبي الصديق الناجي، وتلك حال كلٍّ مِن الراويين[20] عنه، ولا يقال: أحدهما تابع الآخَر ها هنا؛ لأنَّنا لا نَدري عن ثبوت لقائِهما أبا الصديق بسببِ جهالتنا بحاليهما، فربَّما أحدهما سرَق الحديث مِن الآخر توهمًا". أقول: قاتَل الله الهوى والغرور، لقد وصلتْ بحال مَن وثَّقه ثلاثة من أئمة الجرْح والتعديل إلى حال مَن يسرق الحديث، فأيُّ شيء يبقَى لنا؟! وأمَّا ما ذكره عن الشيخ الأرناؤوط مِن تضعيفه للحديث "المسند"رقم (11326)، فإنَّما ضعَّفه مِن قِبل معلَّى بن زياد، وليس مِن الطريق الأولى؛ مع أنَّ الأرناؤوط يرَى أنَّ العلاء مجهول الحال فقط - يعني: أنَّه يصلُح في الشواهد والمتابعات. الحديث الثاني[21]: قال الحاكم - رحمه الله -: حدَّثَنا أبو العباس محمَّد بن يعقوب، ثَنَا الحسن بن علي بن عفَّان العامري، ثَنَا عمرو بن محمد العنقزي، ثَنَا يونس ابن أبي إسحاق، أخبرني عمَّار الدهني عن أبي الطفيل[22] عن محمَّد بن الحنفيَّة قال: كنَّا عندَ علي - رضي الله عنه - فسأله رجلٌ عن المهدي، فقال علي - رضي الله عنه -: هيهاتَ! ثم عقَد بيده سبعًا، فقال: ذاك يَخرُج في آخِرَ الزمان إذا قال الرجلُ: الله الله قُتِل، فيجمع الله تعالى له قومًا قزعًا كقزع السَّحاب، يؤلِّف الله بيْن قلوبهم، لا يستوحشون إلى أحَد، ولا يَفْرحون بأحد، يدخُل فيهم على عدَّة أصحاب بدر، لم يسبقْهم الأوَّلون، ولا يُدركهم الآخِرون، وعلى عددِ أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر، قال أبو الطُّفَيل: قال ابنُ الحنفيَّة: أتريده؟ قلت: نعم، قال: إنَّه يخرُج مِن بين هذين الخشبتين، قلت: لا جرَمَ والله لا أريمهما حتى أموت، فمات بها؛ يعني: قلة - حرَسها الله تعالى. قال الحاكم: هذا حديثٌ صحيح على شرْط الشيخين، ولم يخرجاه. وأقول: تلخَّص طعْنُ عداب في هذا الأثر في رَاويين اثنين: أحدهما: يُونس بن أبي إسحاق السَّبِيعي. الثاني: عمَّار بن معاوية الدهني. فأمَّا يونس؛ فقد انتهى عداب إلى قوله فيه: "إنَّ مفاريد يونس ابن أبي إسحاقَ يجب أن يتوقَّف فيها، وهذا منها؛ لأنَّني ما رأيت موضعَ خلاف رجَّح فيه الدارقطني رِواية يونس على غيره مِن أقرانه" اهـ. وأقول: بالقريبِ كنتَ إمامًا نقَّادًا، فرددتَ توثيق ابن معين وأبي حاتم وابن شاهين بمحضِ قولك، والآن صِرتَ مقلدًا للدارقطني، وليتَك أحسنتَ تقليده، فإنَّ ترجيح الدارقطني لغيره عليه لا يَعني تضعيفَه له، وإنَّما يعني أنه محتجٌّ به، وغيره أوثق منه، والذي عبَّر عنه الذهبي في "الميزان"بقوله: حين نقَل عن ابن حزم قوله: "ضعَّفه يحيى القطان وأحمد بن حنبل جدًّا"، فقال الذهبي: "بل هو صدوق، ما به بأس، ما هو في قوَّة مِسْعر وشُعبة". وأمَّا ما ذكَره من مخالفة يونس عند مسلِم فغلطٌ منه، فهو متابعٌ فيها لا مُخالِف[23]، فهل يلزم عداب وأمثاله حدودَهم؟! نرجو لهم ذلك. الثاني: عمار الدهني، قال عداب: "عمَّار الدهني، كما يلاحظ مِن كلام العلماء شيعي ثِقة، لكن جميع أصحاب الصِّحاح لم يخرجوا له في بابٍ انفرد به، وإنَّما خرَّجوا له ما كان له في حديثه متابع أو وُجِد له شاهد، وجملة رِواياته في الصحاح الأربعة، والسنن الثماني، ومسند أحمد، لا تصِل إلى خمسةَ عشرَ حديثًا، فتأمَّل" اهـ. فأقول: فكان ماذا؟ هل مِن شرْط الثِّقة أن يخرج له أصحابُ الصحيح؟ هذا لا يقوله حديثي، هذا مع أنَّ مسلمًا أخرج له حديثًا في "الأصول" برقم (1358)، وكون حديثِه في الكتب المذكورة بلغَ خمسةَ عشرَ حديثًا لا يرد توثيقه كما هو معلوم عندَ أهل هذا الشأن، وليس بسببٍ لغمْزه كما يَرْمي إلى ذلك عداب، فتضعيفه الأثَرَ لا وجه له، بل هو مِن تعنُّته المردود، والله المستعان. يتبع
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
رد: سل الهندي على تعسف من ضعف أحاديث المهدي
الحديث الثالث[24]: ذكر عداب حديثًا عندَ البخاري، حيث قال البخاري: حدَّثَنا ابنُ بُكَير، حدَّثَنا الليثُ عن يونسَ عن ابن شِهاب عن نافِع مولي أبى قتادة الأنصاري أنَّ أبا هريرة قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كيف أنتم إذا نزَل ابنُ مريم فيكم وإمامُكم منكم؟))، تابعه عقيل والأوزاعي. ورواه مسلم أيضًا. لننظر الآن كيف يَصْنع عداب مع هذا الحديث الذي في الصحيحين. قال عداب (ص: 385): "لم يكُن البخاري بعيدًا عن الأحاديث التي نَصَّت على المهدي، فقدْ أشار إلى تضعيفِ اثنين منها في"تاريخه الكبير"، ولو كان يرَى صحَّة شيء مِن أحاديث المهدي لكان هذا الحديثُ مسعفًا له في ذلك". فأقول: هل قدْ عقَد البخاري بابًا للمهدي في كتابه "التاريخ الكبير" جمَع فيه أحاديثَ المهدي حتى يحتاجَ إلى مسعِف له في بيان الصحيح منها؟ أم أنَّه تكلَّم على بعض الأحاديث في غُضون كلامه على بعضِ الرُّواة؟ ثم قال عداب: "أما وقد خرَّجه في باب نزول عيسى ابن مريم شاهدًا لحديثِ الباب، فيكون مرادُه ما يخصُّ نزول المسيح ابن مريم فقط، لا جملة الحديث؛ لأنَّ المسلَّم لدَى النقَّاد أنّ البخاري يخرِّج حديثًا كاملاً للإفادة مِن لفظةٍ واحدة فيه، وعليه؛ فيكون الحديث مِن قبيل ما يخرجه البخاري في الشواهد، لا ممَّا يُخرجه للاحتجاج" اهـ. وأقول: قاتَل الله الهوى الذي وصَل بصاحبه إلى هذا الحدّ، نعمْ معروف عندَ أهل العلم عامَّة، وليس النقَّاد منهم فقط، أنَّ البخاري يُكرِّر الحديث للفظة فيه، لكن هل قال أحدٌ مِن أهل العلم إنَّ البخاري يخرِّج الحديثَ بإسناده الذي ليس صحيحًا عندَه، بل ولا في مرتبةِ الحَسن لذاته؛ ليستشهدَ بلفظة منه، وباقي المتْن ضعيف؟! إنَّ هذا فتحٌ لباب الطعْن في أحاديث البخاري على مِصراعيه، وهو قولٌ مبتدعٌ لم يقلْه أحدٌ من أهل العلم. ومَن تأمَّل صنيع الدارقطني وغيره من الحفاظ الذين انتقدوا على البخاري بعضَ الأحاديث ليجد كثيرًا مِن انتقاداتهم موجَّهة لبعض الأسانيد التي صحَّتْ متونها بأسانيدَ أخرى سالمة مِن ذاك الانتقاد. فكأنَّهم يقولون للبخاري: لماذا أوردتَ هذا الإسناد الذي ليس على شرْطك؟ وذلك لأنَّ البخاري سمَّى كتابه "الجامع الصحيح المسند في أمورِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وسُننه وأيَّامه" فكل حديث أورده البخاري مسندًا فهو على شرْطه، وليس مِن شرْطه أن يخرج الأسانيدَ؛ ليقوي بها غيرَها، وإلا لعظم كتابه جدًّا، ولا أدري هل خفِي ذلك على عداب، وهو الذي يزعُم أنَّه قضى مِن عمره ربع قرن في عِلم الحديث، أم أخْفاه لحاجةٍ في نفسه؟! ولو سلمنا جدلاً لعداب أن البخارى لم يورد هذا الحديث في "تاريخه الكبير" لعدم صحَّته عندَه، فما يقول عن مسلِم الذي خرَّج الحديثَ أيضًا في "صحيحه"؟ ولماذا لم يتكلَّمْ عن إخراج مسلم للحديث؟! وعلى أي حال فعمدة عداب في تضعيفِ الحديث قوله ص(385): "إنَّ الزهري كثيرُ الإرْسال والتدليس، ولم يروِ هذا الحديثَ إلا بالعنعنة مِن جميع طُرقه، وللزهري مشايخُ مجهولون عديدون، فهل يصحُّ عدُّ هذا الحديث مِن الصحيح؛ لأنَّ البخاري ومسلمًا أخْرَجاه في صحيحيهما؟" وأقول: أمَّا قوله: "إنَّ الزهري كثيرُ التدليس"، فإنَّ الحافظ ابنَ حجر قد أوْرده في طبقاتِ المدلِّسين في الطبقة الثالثة، وأمَّا الذهبي فقد قال في "الميزان": "كان يدلس في النادر"، وقول الذهبي هو الأظْهر. وأمَّا قوله: "لم يروِ هذا الحديث إلا بالعنعنة مِن جميع طرقه"، فهذا ممَّا لا ينقضي عجبي منه، فإنَّ تصريح الزهري بإخْبار نافع له في صحيح مسلم الذي عزَا إليه عداب الحديثَ، ففي صحيح مسلم (155) - (244): حدَّثني حرملةُ بن يحيى، أخبَرَنا ابنُ وهب، أخبرني يونس عن ابن شِهاب، قال: أخبرني نافعٌ مولى أبي قَتادةَ الأنصاري أنَّ أبا هُريرةَ، قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((كيف أنتم إذا نزَل ابنُ مريم فيكم، وإمامُكم منكم؟))، وكذا عندَ ابن حبَّان كما في "الإحسان" (6802). وأنا لا أدري هلِ اطَّلع عداب على هذين الموضعين، وكذَب، أم أنَّ الله صرَف بصره عنهما، وهما بيْن يديه عقوبةً له لتهجُّمه على الصحيحين وغيرهما مِن الأحاديث الصحيحة؛ مصداقًا لقوله تعالى: ï´؟ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ï´¾[الأعراف: 146]. وأكتفي بهذا القدْر مع هذا الرَّجل، فإنَّ الأمثلةَ الثلاثة السابقة تُوضِّحُ منهجَ الرجل في التعامُل مع كتب السُّنة والقواعد الحديثيَّة، وإلا فإنَّ تتبع كتابه يحتاج إلى مُصنَّف مستقل، أسأل الله أن يُقيِّض له مِن طلاب العِلم المستفيدين مَن يقوم بتفنيده، والله الهادي إلى سواءِ السبيل. الخاتمة أحمد الله - عزَّ وجلَّ - على إعانته في إتْمام هذا العمل الذي أسأله - عزَّ وجلَّ - أن ينفعَنا به وإخواننا المسلمين. هذا؛ ولقد جالَ بِذهني سؤالٌ لعلَّه يرِد على بعض المحبِّين، وهو ما الذي حملَك على هذا العمل الذي جرَّ عليك ذِكْر أشخاص، فربَّما ترتَّب على ذلك خصومات كنتَ في غِنًى عنها؟ خاصَّة؛ ومِن بين أهل العلم مَن ينأى بنفْسه عن مثل هذه الخصومات، حتى لا يكتسب عداواتٍ يرى أنه في غِنًى عنها، بالإضافة إلى أنَّ عدم كلامه وتركه تسمية أشخاصٍ بأعيانهم سيُضفي عليه عندَ كثيرٍ من الناس صورةً مِن الأدب، وعفة اللسان، ونحو ذلك، فيقول القائل: ألم تكُن في غِنًى عن خصوماتٍ جديدة؟ أليس يَسعُك ما وسع هؤلاء؟ فأقول: إذا سكَتَ الجميعُ عن الباطل، فمَن الذي ينصُر الحق، ويُجلِّيه للناس، ويحذر الناس مما يُفسِد عليهم دينهم؟ إنَّ الجميعَ إذا سكَتوا اختلط الحقُّ بالباطل، وفسَدَ دينُ أكثرِ الناس، وأثم كل مَن يقدر على بيان الحق، وأمَّا الخصومات فالله كافيناها - إنْ شاء الله - وهو حسبُنا ونِعم الوكيل. هذا، وإنني ما كدتُ أن أنتهي مِن هذا الكتاب إلا ووقفتُ على كتابٍ كبيرٍ باسمِ "المهدي وفِقه أشراط الساعة"، للشيخ الفاضل محمَّد بن أحمد بن إسماعيل المقدّم، بسَط فيه القولَ فيما يتعلَّق بالمهدي، ثم تعرَّض لهؤلاء الذين خاضوا في أشراط الساعة بعلمٍ وبغير علم، وانحرَفوا وحرَّفوا النصوص الواردة في ذلك. وقد حذَّر منهم - حفظه الله - وسمَّى بعضهم بأعيانهم، كغيرِه مِن مواقفه تجاه أهل الانحراف، حتى وصفَهم بالعابثين بأشراطِ الساعة، فجزاه الله خيرًا. إلا إنَّني أقول: إنَّ هذا وذاك لا يَكفي في صدِّ أولئك العابثين وردْعهم عن غيِّهم، حتى يقفَ أهل العلم موقفًا موحدًا، متعاونين على الذبِّ عن دين الله - عزَّ وجلَّ - بما أشرْنا إليه أولاً، فعسى أن يجدَ هذا الكلام آذانًا صاغية، وقلوبًا واعيةً، وإلاَّ فأرجو أن أكونَ قد أدَّيتُ ما أوجبه اللهُ - عزَّ وجلَّ - عليَّ في ذلك، وأسأل اللهَ العفو المغفرة، وآخِر دعوانا أنِ الحمد لله ربِّ العالمين. [1] قلت: وقد ذكَر عددًا منهم الشيخُ محمد بن أحمد بن إسماعيل في كتابه "المهدي حقيقة لا خرافة" (ص: 39 وما بعدها). [2] قلت : فى كتاب "الصحيح المسنَد مِن أحاديث الفتن والملاحِم وأشراط الساعة" للأخ مصطفى العدوي ذكَر فيه خمسةَ أحاديث فقط في المهدي، وهي على التحقيق ثلاثة، ومعنى "الصحيح المسند"أنَّه يستوفي كلَّ ما صحَّ إسناده في كل باب، وهو يُورِد: الصحيح لغيره - كما في ص: (188)، (251) ، (286)، والحسن لغيره - كما في ص: (62)، (66) ، ومع ذلك لم يذكُر مِن الأحاديث الصحيحة والحسَنة في المهدي إلا ثلاثة، والإمام الشوكاني - رحمه الله - أمْكَنه الوقوف على خمسين حديثًا، فانتبه حتى لا يفوتك شيءٌ مِن حديث رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حيث لا سَعةَ لك في ترْكه، فلا يُوثق بعلمك، والله الهادي إلى سواءِ السبيل. [3] انتبه أخي القارئ إلى إقراره بقُربه من الصوفية، حتى لا يظن أحدٌ أنه لا يعرف انحرافهم، ولم يرَ منهم إلاَّ الصفات الجميلة التي زَعمها فيهم. [4] يعني: الأخ جاسم بن محمد بن مهلهل الياسين محقِّق كتاب "البرهان في علامات مهدي آخِر الزمان" للمتقي الهندي، والأخ محمد أحمد علي منصور. [5] ومِن ذلك: ما ذكره الشيخ عبدالرحمن عبدالخالق في كتابه "فضائح الصوفية"(ص: 38) حيث قال : "واقرأ الآن بعضَ ما سطَّره هذا الأثيم (يعني: الشعراني) عمَّن سمَّاهم بالأولياء العارفين، قال في ترجمة مَن سمَّاه بسيِّده (علي وحيش): "وكان إذا رأى شيخ بلد أو غيره، ينزله مِن على الحمار، ويقول له: أمسك رأسَها حتى أفعلَ فيها، فإنْ أبى شيخ البلد تسمَّر في الأرْض، لا يستطيع أن يمشي خُطوة، وإنْ سمح له حصَل له خجلٌ عظيم، والناس يمرُّون عليه"؛ "الطبقات الكبرى" (2/135) اهـ. وأعتذر لإخواني القرَّاء الكرام مِن عرْض هذا الكلام الساقط، ولكن ماذا نصْنع مع هذا المدافِع عن هؤلاء الضلاَّل والمنحرِفين الأقذار؟! ومِن ذلك أيضًا ما ذكره الأستاذ الصادق بن محمد بن إبراهيمفي كتابه "خصائص المصطفى بين الغلوِّ والجفاء"(ص: 310) نقلاً من "الطبقات الكبرى للشعراني" (2/126) حيث قال الشعراني في ترجمة سيِّده إبراهيم بن عصيفير: "وكان يغلب عليه الحالُ فيخاصم ذبابَ وجهه، وكان يتشوَّش مِن قول المؤذِّن (الله أكبر)، فيرجمه، ويقول: عليك يا كلب، نحن كفرنا يا مسلمون حتى تكبِّروا علينا، وكان لا ينام إلا في الكنيسة، ويقول : أنا ما عندي مِن يصوم حقيقة إلا النصارى؛ لأنَّهم لا يأكلون اللحمَ الضاني والدجَّاج أيَّام الصوم، أمَّا المسلمون فصومهم باطل عندي؛ لأنهم يأكلون اللحم الضاني والدجاج. اهـ. وأقول: لا تعليقَ على هذا الكُفر البواح، والتعليق عندَ الدكتور "عداب الحمش" الذي يدافع عن الطُّرق الصوفية، ومنها الشعرانيَّة! والله المستعان. [6] كتاب "تربيتنا الروحية" لسعيد حوى، نقلاً عن كتاب "وقفات مع كتاب للدعاة فقط" (ص: 43) للأخ محمَّد بن سيف العجمي. [7] ويردُّ عليه ما ثبَت عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من طرقٍ كثيرةٍ في "الصحيحين" وغيرهما : ((لا تزالُ طائفةٌ مِن أمتي ظاهرين على الحقِّ، لا يضرُّهم مَن خذَلَهم، حتى يأتيَ أمر الله وهم كذلك))، وقوله : ((افترقتِ اليهود على إِحْدى وسبعين، والنَّصارى مِثل ذلك، وتفترق أمَّتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة))، وهو حديثٌ صحيح بمجموع طُرقه، كما في تحقيق كتاب "الاعتقاد" للبيهقي، لراقِمه (ص: 307) - ط الفضيلة- ، وفى رواية: ((كلُّها في النار إلا واحِدة، وهي الجماعة)). [8] أليس لو قال الهدم الحديثي لكان أوْلى؟! وسيتَّضح ذلك بعدَ مناقشة نقْده الحديثي - إنْ شاء الله تعالى. [9] قلت: ومع ما في هذا الكلام مِن الغرور، إلا أنَّه يعبِّر عن حال صاحبِه الذي يشعُر بعدم الثِّقة بصحة ما انتهى إليه مِن نتائج، كما يُقال: "كاد المريب أن يقول: خُذوني". [10] قلت: وفي هذا انحراف منهجي أيضًا، فإنَّه متضمنٌ لردِّ أحاديث الآحاد في العقائد؛ لأنَّها ليستْ سالمةً من احتمال الخطأ مِن رواتها وإنْ كان رواتها ثقات، ولشيخنا الألباني - رحمه الله - رسالة في الاحتجاج بخبَر الآحاد في العقائد وغيرها. [11] لينتبه القارئ إلى هذا الغرورِ حيث جعَل نفسه مِن النقَّاد العارفين، ومَن هم العاجزون عن الاجتهاد؟! هم البيهقي، وابن الصلاح، والذهبي، وابن حجر، وغيرهم مِن أئمَّة الإسلام! وقد بينتُ انحراف هذا المنهج المبتدَع في كتابي "القول الحسن في كشْفِ شبهات حولَ الاحتجاج بالحديث الحسن"، وفي سؤالاتي لشيخنا الألباني - رحمه الله. [12]كذا بكتاب عداب، والمناسب أن تكون "العملية". [13] ذكره عداب (ص: 327) 0 [14] وذلك فيما جمَعه من أحاديث المهدي. [15] في هذا تناقض مِن عداب؛ إذ إنَّه لا يرى تقويةَ الحديث بالشواهد والمتابعات، كما سبق حكاية ذلك عنه، فلينتبه! [16] كلامه يعني أنَّه لا يصلح حتى في المتابعات في هذا الحديث، فتأمَّل! [17] ثم إنَّ الحديث الحسَن عند الترمذي: هو المروي مِن أكثر مِن وجه، ولو كان في أعْلى درَجات الصحَّة، وليس الحُسن الاصطلاحي المعروف عندَ غيره من المحدِّثين، فاستخلاص عداب حكْمًا على أبي الصديق مِن حكم الترمذي على بعضِ الأحاديث التي هو في بعضِ أسانيدها لا وجهَ له. [18] بل إنَّ الشيخ الألباني - رحمه الله - صحَّح حديثه كما في "الصحيحة" (4/40)، وهو الصواب، فإنَّ أبا حاتم متشدِّدٌ شحيح بلفظة "صدوق"، حتى إنَّه قال عن مسلم بن الحجَّاج الإمام صاحب الصحيح : "صدوق"، وقد أقرَّ الأخُ عداب الحُكم بتشدده - كما سبق في كلامه. [19] إذا أردت أن تعرف مكانة عداب من الإنصاف ، فقارن بين قوله فى سليمان بن عبيد الذى وثقه ثلاثة من الأئمة ، ولم يجرحه أحد ، وبين قوله فى محمد بن خالد الجندى الذى لم يصح توثيق أحد من الأئمة له ، وطعن فيه غير واحد من الأئمة - راجع كتاب عداب (ص: 517-521) -0 [20] يعنى سليمان بن عبيد ، والعلاء بن بشير 0 [21] وهو أثرٌ عن علي - رضي الله عنه - أخرجه الحاكِم في "المستدرك" (4/554). [22] سقط ذِكْر أبي الطفيل عندَي عداب. [23] "صحيح مسلم" (1844). [24] ذكَره عداب (ص: 382).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |