الستر فطرة والحجاب فريضة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12603 - عددالزوار : 220371 )           »          إذا كانت الملائكة لا تقرب جيفة الكافر فكيف ستسأله في القبر ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من فضائل النبي صلى الله عليه وسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 130 - عددالزوار : 15783 )           »          حرف القاف (نشيد للأطفال) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          نوادر الفقهاء في مدح سيد الشفعاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          الجامع في أحكام صفة الصلاة 4 كتاب الكتروني رائع (اخر مشاركة : Adel Mohamed - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 3959 - عددالزوار : 398435 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4428 - عددالزوار : 864700 )           »          أنماط من الرجال لا يصلحون أزواجاً (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          أيها الأب صدر موعظتك بكلمة حب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 07-06-2023, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,346
الدولة : Egypt
افتراضي الستر فطرة والحجاب فريضة

الستر فطرة والحجاب فريضة
د. خالد بن حسن المالكي

لستر فطرة والحجاب فريضة (خطبة)[1][2]


الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضل له، ومن يضلل، فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]؛ أما بعد:
فالسترُ فِطْرَةٌ، والحجاب فريضة، فرض الله تعالى الحجاب لحكمة عظيمة، وفوائدَ جسيمةٍ، الحجاب عبادة فيها السعادة، وراحة تُنسِي كل راحة.

فرض الله تعالى الحجاب؛ ليستر المرأة عن الأجانب، ليحميها من ذئاب البشر؛ أعداء العفاف والطهر، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين، ويرفعها عن مستنقعات العار، وأوحال الرذيلة.

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ كي تبقى دُرَّةً غالية، وجوهرةً مصونة، لا تعبث بها يد السارق، ولا تَطُولها عين الغادر.

حجب الله تعالى المرأة عن الرجال الأجانب؛ لتبقى عزيزةً نظيفة، عفيفةً شريفة، يتمناها التقي، ويخشاها الشقيُّ.

إن الأتقياء الأنقياء الشرفاء لَيفتخرون بكل فتاة محجبة، ويعتزون بحجابها، ويحرصون على أن تكون زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم كذلك.

فالحجاب عزة ووقار، وفخر للرجل والمرأة معًا، ولم يكن يومًا منقصةً أو ذلًّا، فالله تعالى أعزَّ المرأة بالحجاب، وصانها بالخِمار، وحفظها بالغطاء.

المرأة المسلمة المحجبة "سيدة بيتها"[3]؛ لا تمشي خارج بيتها إلا بمعية حجابها الذي هو معها كالحارس الشخصي، يرافقها في السوق والمستشفى والشارع، يحميها ويحرسها بعون الله تعالى، من الكلمات النابية، والنظرات المؤذية، يمشي معها بعزة وفخر، وتمشي معه بطمأنينة وأمان، فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء؛ لأنها محجبة، فأي سعادة وحرية وراحة أكثر من هذه؟

أحبتي الكرام:
تأملوا - رحمكم الله وغفر لكم - كيف بدأ الله تعالى بزوجات وبنات النبي صلى الله عليه وسلم؛ بدأ سبحانه بالعفيفات الطاهرات، الصالحات الزاهدات، أمرَهُنَّ سبحانه بالحجاب والجلباب، ونهاهن عن التكشُّف والتبرج، وهن أمهات المؤمنين، وسيدات نساء أهل الجنة، ومن أُمِرْنَ بالتحجب والتستر عنهم؟ هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أصحاب القلوب الطاهرة، والنفوس العفيفة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [الأحزاب: 59]؛ قال ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الله نساء المسلمين، إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب"، فإذا كان هذا الأمر متوجهًا ابتداء لصفوة الصفوة من قرون هذه الأمة، فما ظنُّكِ - أختي الكريمة - بزمان أصبح كثيرٌ من أهله يقضون ساعاتٍ طوالًا أمام قنوات الفساد والدمار، تشبعت قلوبهم بحب الشهوات والمنكرات، والذي نفسي بيده، إن الأمر بالحجاب لَيشتد ويغلظ في أزمنة الفتن، وضعف الإيمان، وإن مسؤوليتكِ - أختي الكريمة - أمام الله تعالى عظيمة؛ لأنكِ - في الحقيقة - موضع فتنة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت بعدي فتنةً أضر على الرجال من النساء))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان))؛ أي: تطلع إليها الشيطان، فزيَّنها للناس، ورفع البصر إليها؛ ليُغويَها أو يغوي بها غيرها، فيُوقِع أحدهما أو كليهما في الفتنة، فالحرب ضدكِ - أختي الكريمة – تدور، أنتِ الهدف والغاية؛ لأن صلاحك صلاح الأمة، وفسادكِ فسادها:
من لي بتربية النساء فإنها
في الشرق علة ذلك الإخفاقِ
الأم مدرسة إذا أعددْتُها
أعددتَ شعبًا طيبَ الأعراقِ
الأم رَوضٌ إن تعهده الحيا
بالري أورَقَ أيما إيراقِ


وهنا يأتي السؤال، الفرح والحزن، تلك المشاعر أين تبدو؟ حديث العيون وفتنتها، أين يكمن؟ الاهتمام أو اللامبالاة، كيف نحس بهما؟ مشاعر الحب والكراهية، علامات الجمال والملاحة، كلها نقرؤها في صفحات الوجه، أبعد هذا تَشُكِّين - يا أختاه - في وجوب تغطية الوجه؟ أختاه، لو قدمت لكِ سبع صور لأيدي نساء مختلفات، وطُلِب منك تحديد الجميلة من الدميمة، لقلتِ: لا يمكن ذلك، ولكن لو قُدِّم لكِ سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لتمكنتِ مباشرة من معرفة الجميلة من الدميمة، ولو أن رجلًا أراد أن يخطب امرأة، فقيل له: انظر إلى كفِّها، لرفض ذلك، ولأصر على رؤية الوجه؛ مكمنِ الجمال، ومنبع الزينة؛ قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: "لا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها - كما هو معلوم - والجاري على قواعد الشرع الكريم، هو تمام المحافظة، والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي".

معاشر الكرام:
يجب على المرأة ستر بدنها كله أمام الرجل الأجنبي، بما في ذلك الوجه والكفان، وحُكِيَ اتفاق المسلمين على ذلك، لا سيما عند كثرة الفساد وظهوره؛ قال الجويني: "اتفاق المسلمين على منع النساء من التبرج والسفور، وترك التنقُّب"، وأقره الرافعي والنووي، وقال ابن رسلان والسهارنفوري الحنفي: "اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفُسَّاق، وكثرة الفساد وظهوره"، وللأسف، كثير من النساء اليوم لا يلتزمن بالحجاب الشرعي، وبعض من يلتزم منهن بتغطية الوجه، يتساهلن في كشف الكفَّينِ والساعدين، وما حول العينين.

أختي المسلمة، إن عزكِ بإسلامكِ وحجابكِ:
زعموا السفور والاختلاط وسيلة
للمجد قومٌ في المجانة أُغْرِقوا
كذبوا متى كان التعرض للخَنا
شيئًا تُعَزُّ به الشعوب وتُسبقُ


اللهم احفظ نساءنا من التبرُّج والسفور، وثبِّتهن أمام تيارات الانحراف والفجور.

أختاه يا بنت الإسلام تحشمي
لا ترفعي عنكِ الخمار فتندمي
صوني جمالكِ إن أردت كرامةً
كي لا يصول عليكِ أدنى ضَيغمِ
لا تعرضي عن هَدْيِ ربِّكِ ساعةً
عَضِّي عليه مدى الحياة لتغنمي

ودَعِي هُراء القائلين سفاهةً
إن التقدم في السفور الأعجمِ
هم الذين تبرؤوا عن دينهم
فهم يبيعون العفاف بدرهمِ
يشِيعون التبرج إن أردت رخيصةً
أما العفاف فدونه سفك الدمِ
لكنني أُمْسِي وأصبح قائلًا
أختاه يا بنت الإسلام تحشمي


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 07-06-2023, 10:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 134,346
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الستر فطرة والحجاب فريضة

أختي الكريمة:
صوني حياءكِ صوني العِرض لا تَهني
وصابري واصبري لله واحتسبي
إن الحياء من الإيمان فاتخذي
منه حُلِيَّكِ يا أختاه واحتجبي
ويا لَقبح فتاة لا حياء لها
وإن تحلَّت بغالي الماس والذهبِ
إن الحجاب الذي نبغيه مكرُمة
لكل شريفة ما هانت ولم تهُنِ
نريد منها احتشامًا عفةً أدبًا
وهم يريدون منها قلة الأدبِ


تذكري - يا أختاه - أن الحجاب عبادة وليس بعادة، أمركِ الله تعالى بالتعبد به، وليس لأحدٍ كائنًا من كان تغيير أحكام الله تعالى، ولا خيار للمسلمة في هذا الأمر؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36].

أختاه، يا من نطق فمكِ بـ(لا إله إلا الله)، وأيقن قلبكِ بها، وعمِلت جوارحكِ بمقتضاها أكملي دينكِ بحجابكِ، ولا تنظري لحثالة البشر، وأتباعهم، فما يُمْلُون عليكِ إلا ذنوبًا وعارًا، تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ، وهنا نذكركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي:
أولًا: أن يكون ساترًا لجميع البدن.

ثانيًا: أن يكون فضفاضًا، لا شفافًا، ولا معطرًا، ولا واصفًا.

ثالثًا: ألَّا يكون به ما يزينه من الفصوص، والكريستالات، وغير ذلك مما يجعله لبس زينة، واحتسبي الأجر - يا أختاه - عند الله تعالى، كلما أردتِ لُبْسَ العباءة الساترة؛ قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا * ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا ﴾ [النساء: 69، 70].

فبادري - أختي الكريمة - بالتمسك بالشريعة الغرَّاء، قبل أن يكون يومٌ لا دينار فيه ولا درهم، وإنما هي الحسنات والسيئات، اللهم إنا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين، وأن تغفر لنا، وترحمنا.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:
فلقدِ انتشرت خديعة كبرى، يردِّدها بعض الناس دون أن يعرفوا مصدرها الخبيث؛ وهي خديعة أن النساء المحجبات لَسْنَ شريفات - معاذ الله - وحيلة أخرى، وهي أنهن يُرِدْنَ إخفاء قبحهن، بينما السافرات سائرات لا يتعرضن لأيِّ أذًى، لا يلتفتن لأحد، ولا يلتفت إليهن أحد - زعموا - واثقات من أنفسهن، وانطلت هذه الحيلة على كثير من النساء المسلمات، فنبذْنَ الحجاب، خوفًا من هذه الدعاية الكاذبة، الضالة المضلة.

ويُرَاد من وراء هذه المكايد مضايقة المحجبات؛ كي ينبذن الحجاب، ويتحقق ما يريده الكفار والفجَّار؛ حين قالوا: "لا بد من التركيز على ذم الحشمة عند النساء، حتى تصبح عيبًا في نظرهن"، هذا وغريب حقًّا في امرأة صفاتها حميدة، تصلي وتصوم وتغض بصرها، وتحفظ فَرْجَها، وتجتنب الغِيبة والنميمة، ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب؛ لأن من تمسكت حقًّا بهذه الأعمال الصالحة الحسنة، فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير، ونفورها من الشر، ثم لا ننسى أن ﴿ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ ﴾ [العنكبوت: 45][4]، والحسنة تأتي بأختها، فاحرصي - يا أختاه - على الحجاب الذي أمركِ به ربنا تبارك وتعالى، واتركي الشبهات، وقاومي ضغوط أهلها، ولا تستسلمي لكلام الناس والمنتقدين، واتركي مشابهة الفاسقات، اللاتي يُرِدْنَ التبرج، على حسب الموضة والموديلات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((صِنفان من أهل النار لم أرَهما؛ قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مُمِيلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البُخْتِ المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها لَيوجد من مسيرة كذا وكذا))، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((المرأة إذا استعطرت فمرَّت بالمجلس، فهي كذا وكذا))؛ يعني: زانيةً.

فقاومي - يا أختاه - هوى النفس، الذي يدعوكِ لإظهار الزينة والتباهي بها، وتمسكي بما فيه صون وستر وحماية لكِ، وترفَّعي عن أن تكوني سلعة، يتمتع بالنظر إليها الغادي والرائح من الأشرار، ولْتَأْبَ نفسكِ أن تكوني سببًا لفتنة عباد الله، فنحن نخاطب فيكِ إيمانكِ، وحبكِ لله تعالى، ورسوله صلى الله عليه وسلم، ونناشدكِ أن تحافظي على ما أُمِرْتِ به من الحجاب؛ وتلتزمي قوله تعالى: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾ [النور: 31]، وقوله تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب: 33]؛ عن أبي أسيد الأنصاري، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد، فاختلط الرجال مع النساء في الطريق؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء: ((استأخِرْنَ؛ فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق، عليكن بحافات الطريق، فكانت المرأة تلتصق بالجدار، حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به)).

ولا يغيب عن أذهانكم - أحبتي الكرام - وأنتم تسمعون مثل هذه الاحتياطات التشريعية، أنها جاءت في حق أشرف الناس بعد الأنبياء، وفي الطريق العابر، وفي الوقت القصير، وفي وضح النهار، مع وجود الحجاب، حالة الخروج من أطهر البقاع، بعد إقامة أشرف العبادات العملية، فمن باب أولَى أن يُمنَع الاختلاط، في أماكن المكث الطويل، في أزمان الريب، والبعد عن الحجاب، عن عاصم الأحول قال: "كنا ندخل على حفصة بنت سيرين، وكانت من العجائز، وقد جعلت الجلباب هكذا، وتنقبت به، فنقول لها: رحمكِ الله؛ قال الله تعالى: ﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ﴾ [النور: 60]، فتقول لنا: أي شيء بعد ذلك؟ فنقول: ﴿ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ﴾ [النور: 60]، فتقول: هو إثبات الحجاب"، وعن نافع قال: "لما ماتت أم المؤمنين زينب بنت جحش، أمر عمر مناديًا فنادى، ألا لا يخرج على زينب، إلا ذو رحمٍ من أهلها، فقالت بنت عميس: يا أمير المؤمنين، ألَا أريك شيئًا رأيت الحبشة تصنعه لنسائهم؟ فجعلت نعشًا وغشَّته ثوبًا، فلما نظر إليه، قال: ما أحسن هذا! ما أستر هذا! فأمر مناديًا فنادى أن اخرجوا على أمِّكم"، الله أكبر، حياء في الحياة وفي الممات، لَحقٌّ هم إحدى المعجزات؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل حليم حَيِيٌّ، سِتِّير، يحب الحياء والستر)).

اللهم احفظنا واسترنا، رجالًا ونساء، أحياء وأمواتًا، اللهم أحينا على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفَّنا على مِلَّتِه، وأعِذْنا من مضلات الفتن.

اللهم وفِّق أولي الأمر منا لكل طاعة وبر وإحسان، وجنِّبهم كل معصية وطغيان وكفران.

يا رب ولِّ على المسلمين خيارهم، واصرف عنهم شرارهم.

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].

[1] المرجع الرئيس لهذه الخطبة، مقال منشور على موقع صيد الفوائد، عنوانه: "يا وردةً من قطاف العفاف" لأم سمية، وهو موجود على الرابط التالي:

[2] أُلقيت هذه الخطبة بمسجد الإمام الذهبي، بمدينة جدة، ويمكن مشاهدتها على الرابط التالي:

[3] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((كُلُّ نَفْسٍ مِنْ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، فَالرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا))؛ [أخرجه ابن السني في "عمل اليوم والليلة" (388)، والديلمي في "الفردوس" (4781)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (4565)].

[4] قال تعالى: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.91 كيلو بايت... تم توفير 2.18 كيلو بايت...بمعدل (3.20%)]