|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
حوار مع كتاب «الولاء والبراء» لمها البنيان –رحمها الله-
حوار مع كتاب «الولاء والبراء» لمها البنيان –رحمها الله- قال الشيخ ابن جبرين –رحمه الله-: “تصفحت هذه الورقات وفهمت ما فيها من الأدلة والإشارات مما كتبته إحدى الأخوات المسلمات المؤمنات القانتات التائبات العابدات، وتدعى بالأخت مها البنيان التي أنهت الدراسة الجامعية ثم انتقلت إلى رحمة الله وعفوه، ولقد دلت كتابتها على سعة اطلاع وبعد فهم وتعمق في التوحيد والعقيدة، فكتبت هذه الفصول وبينت فيها ما يهدف إليه دين الإسلام من الحب والإخاء والموالاة لكل مسلم في أي بقعة من أصقاع البلاد....» إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى ورحم صاحبة الكتاب. وقد كتب الشيخ هذه المقدمة للكتاب ونشرته دار القاسم بتاريخ 23/1/ 1418هـ.وقد وجد هذا الكتاب قبولاً ورواجاً طيباً على الشابكة، ولعل هذا من توابع إخلاص من جمعته وألفت بين حروفه –نحسبها كذلك والله حسيبها رحمها الله وغفر لها- حتى بلغ عدد قارئي هذا الكتاب في موقع واحد ما يزيد على 15000 قارئ، وأُجريت له مسابقة بموقع الكتيبات الإسلامية. ومما يدفعنا إلى نشر هذا الكتاب: - أهمية مادته التي ترسخ عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين. - أن الذي قرأه وقرّظه هو الشيخ العلامة عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين، رحمه الله. - أنه مما يتبع الميت من صالح عمله الذي ينفعه، ونرجو أن ينفع الله صاحبة الكتاب بهذا الحوار مع هذا الكتاب؛ فقد روى أَبو هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : «إِذَا مَاتَ الإنْسَانُ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاثٍ: صَدَقةٍ جَاريَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ» رواه مسلم. والآن نبدأ حوارنا مع هذا الكتاب الماتع: - ما تقسيم الناس نسبة للولاء والبراء؟ - الناس نسبة للولاء والبراء على ثلاثة أقسام: - أولا: من يستحق الولاء المطلق، وهم المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وقاموا بشعائر الإسلام من القيام بالواجبات واجتناب المحرمات، مخلصين لله الدين. - ثانيا: من يستحق الولاء من جهة، ويستحق البراء من جهة أخرى، وهو المسلم العاصي الذي يهمل بعض الواجبات، ويفعل بعض المحرمات التي لا يصل تركها إلى الكفر الأكبر؛ لما رواه البخاري أن عبد الله بن حمار كان يشرب الخمر، فأتي به إلى رسول الله [ فلعنه رجل وقال: ما أكثر ما يؤتي بك، فقال النبي [: «لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله». - ثالثا: من يستحق البراء مطلقا، وهو المشرك والكافر، سواء كان يهوديا أم نصرانيا أم مجوسيا أم غير ذلك، وهكذا الحكم فيمن فعل مكفّرا من المسلمين اقتضى ردته، من دعاء غير الله، أو الاستغاثة بغيره، أو التوكل على غيره، أو ترك الصلاة المفروضة، أو أنكر وجود الله، أو سبه أو سبَّ رسوله أو دينه ونحو ذلك. - وما أسباب ضعف عقيدة الولاء والبراء؟ -1- الانحراف العام عن الكتاب والسنة. 2- ضعف التربية والتوجيه للأجيال الناشئة. 3- التربية والتعليم: فالعلم كما يقال سلاح ذو حدين، ومن هذا المنطلق أدرك أعداء الله من جميع الكفار أن صخرة العقيدة الإسلامية لا يمكن النيل منها عن طريق القوة والسلاح فهي قد أدمتهم كثيرا، ولا يستطيعون الصمود أمام هتاف المجاهدين الصادقين في سبيل الله؛ ولذلك لجؤوا إلى وسيلة أخرى هي أخبث في التأثير وأشد في الدهاء، وهذه الوسيلة هي غزو مناهج التربية والتعليم في العالم الإسلامي بأفكار ونظريات وشبهات وشكوك يضفون عليها. كذبا وبهتانا. ثوب التجرد العلمي، والبحث العلمي!! 4- وسائل الإعلام: فلوسائل الإعلام من الكتاب، والقصة، والإذاعة، والتليفزيون، والمجلة، والجريدة، والسينما، وأخيرا الفيديو أثر كبير وخطير على جميع طبقات المجتمع وقد أدرك أعداء الإسلام خطورة الوسائل وما لها من تأثير عميق فأحكموا قبضتهم عليها، وبثوا من خلالها ما رسموه لإفساد المسلمين وإخراجهم من إسلامهم. 5- الاحتلال والتبشير. 6- المستشرقون. 7- المذاهب اللادينية. - ما الولاء؟ - الولاء لغة: يطلق على معان عدة، منها المحبة، والنصرة، والاتباع، والقرب من الشيء والدنو منه. والولاء شرعا: هو موافقة العبد ربه فيما يحبه ويرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات والذوات، فسمة وليِّ الله هو محبته لما يحب الله، ورضاه بما يرضي الله، وعمله بذلك كله، وميله إليه على وجه الملازمة له. قال تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا} (مريم: 45). وقال صلى الله عليه وسلم : «من كنت مولاه فعلي مولاه» أخرجه أحمد والترمذي وقال الألباني: صحيح. - ما الحكمة في مخالفة الكفار في الهدي الظاهر؟ - تعددت الحكم في الأمر بمخالفة الكفار في الهدي الظاهر من ذلك: 1- أن المشاركة في الهدي الظاهر تورث تناسبا وتشاكلا بين المتشابهين يقود إلى الموافقة في الأخلاق والأعمال وهذا أمر محسوس؛ فإن اللابس لثياب الجند المقاتلة مثلا يجد في نفسه نوع تخلق بأخلاقهم، ويصير طبعه مقتضيا لذلك، إلا أن يمنعه من ذلك مانع. 2- أن المخالفة في الهدي الظاهر توجب مباينة ومفارقة وتوجب الانقطاع عن موجبات الغضب وأسباب الضلال، والانعطاف إلى أهل الهدى والرضوان، وتحقق ما قطع الله من الموالاة بين جنده المفلحين وأعدائه الخاسرين. 3- أن مشاركتهم في الهدي الظاهر توجب الاختلاط الظاهر، حتى يرتفع التميز ظاهرا بين المهديين والمرضيين، وبين المغضوب عليهم والضالين. إلى غير ذلك من الأسباب الحكيمة، هذا إذا لم يكن ذلك الهدي الظاهر إلا مباحا محضا، لو تجرد عن مشابهتهم. فأما إن كان من موجبات كفرهم فإنه يكون شعبة من شعب الكفر، فموافقتهم فيه موافقة في نوع من أنواع ضلالاتهم ومعاصيهم، وهذا أصل ينبغي أن يتفطن إليه. - ما أبرز صور البراء من المنافقين؟ - ومن أبرز صور البراء من المنافقين ما يلي: 1- الإعراض عنهم والغلظة عليهم. 2- النهي عن الصلاة عليهم أو القيام على قبورهم. 3- لا يقبل لهم عذر في التخلف عن الجهاد، ومن ثم عدم قبولهم فيه مرة أخرى. 4- عدم الاستغفار لهم. 5- قطع الموالاة مع الأقارب إذا كانوا معادين لله ولرسوله. - ما حكم الولاء والبراء في الإسلام؟ - الولاء والبراء واجب شرعا، بل هو من لوازم الشهادة وشرط من شروطها، قال تعالى: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (المائدة: 80 - 81). يقول شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذه الآية: “فذكر جملة شرطية تقتضي أنه إذا وجد الشرط، وجد المشروط بحرف “لو” التي تقتضي مع الشرط انتفاء المشروط، فقال: {ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء}؛ فدل على أن الإيمان المذكور ينفي اتخاذهم أولياء ويُضاده، ولا يجتمع الإيمان واتخاذهم أولياء في القلب، ودل ذلك على أن من اتخذهم أولياء، ما فعل الإيمان الواجب من الإيمان بالله والنبي وما أنزل إليه”، وقال صلى الله عليه وسلم : «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين» متفق عليه. ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: “على المؤمن أن يعادي في الله ويوالي في الله، فإن كان هناك مؤمن فعليه أن يواليه وإن ظلمه فإن الظلم لا يقطع الموالاة الإيمانية، قال تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (الحجرات: 9)، فجعلهم إخوة مع وجود القتال والبغي، وأمر بالإصلاح بينهم، فليتدبر المؤمن: أن المؤمن تجب موالاته وإن ظلمك واعتدى عليك، والكافر تجب معاداته وإن أعطاك وأحسن إليك؛ فإن الله سبحانه وتعالى بعث الرسل، وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله، فيكون الحب لأوليائه والبغض لأعدائه والإكرام والثواب لأوليائه والإهانة والعقاب لأعدائه. وإذا اجتمع في الرجل الواحد: خير وشر، وفجور وطاعة، ومعصية وسنة وبدعة، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة كاللص تقطع يده لسرقته، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته، هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة، وخالفهم فيه الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم». - ما واجب الأخوة الإسلامية تجاه كل مسلم؟ - قال العلامة ابن جبرين –رحمه الله تعالى- في المقدمة: الأخوة الإسلامية تفرض على كل مسلم أن ينصر إخوانه في الدين ويواليهم ويوصل إليهم كل خير في الدين والدنيا، ويذب عنهم كيد الأعداء ويعلمهم ما ينفعهم في حالهم ومآلهم، كما أن عليه أخذ الحذر من أعدائه الألداء الذين يضمرون الحقد والبغضاء لكل مسلم، وأن على المسلم البعد عن حيلهم والحيطة عن الوقوع في حبائلهم حتى ينجو بدينه وعقيدته فهنالك يعز الله أولياء المؤمنين كما وعدهم تعالى بقوله: {وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ}. - كيف استطاع النبي صلى الله عليه وسلم غرس الولاء في الصحابة؟ - استطاع النبي صلى الله عليه وسلم غرس الولاء في الصحابة فيما بينهم بالتركيز على غرس ركيزتين أساسيتين في نفوسهم، وهما: 1- الإيمان بالله. ذلك الإيمان المنبثق من معرفته سبحانه، وتمثل صفاته في الضمائر وتقواه، ومراقبته، مع اليقظة والحساسية التي بلغت في نفوسهم حدا غير معهود إلا في النادر من الأحوال. 2- الحب الفياض والتكافل الجاد العميق، حيث بلغت فيه الجماعة المسلمة مبلغا لولا أنه وقع بالفعل لعد من أحلام الحالمين. - ما الثمرات الحاصلة بالقيام بعقيدة الولاء والبراء؟ - 1- تحقيق أوثق عرى الإيمان، والفوز بمرضاة الله الغفور الرحيم، والنجاة من سخط الجبار جل جلاله. 2- ومن ثمرات القيام بالولاء والبراء: السلامة من الفتن. 3- ومن ثمرات تحقيق هذا الأصل: حصول النعم والخيرات في الدنيا، والثناء الحسن في الدارين. - ما البراء؟ - البراء لغة: يطلق على معان كثيرة منها البعد، والتنزه، والتخلص، والعداوة. وشرعا: هو موافقة العبد ربه فيما يسخطه ويكرهه ولا يرضاه من الأقوال والأفعال والاعتقادات والذوات، فسمة البراء الشرعي هي البغض لما يبغضه الله على وجه الملازمة، والاستمرار على ذلك. - ما الحلول والعلاج لترسيخ عقيدة الولاء والبراء عند المسلمين؟ - 1- تصحيح مفهوم لا إله إلا الله محمد رسول الله، ودعوة الناس إلى فهم هذه الكلمة العظيمة كما فهمها رسول الله [ وأصحابه الأخيار، ومحو ذلك المفهوم الخاطئ الذي يردده المتأخرون وهي أنها مجرد لفظ عار من كل تكليف، مع بيان أن من تكاليفها موالاة المؤمنين والبراءة من الكافرين، وتحكيم شريعة الله واتباع ما أنزله الله والكفر بالآلهة المزيفة والأرباب المتعددة من العرف والهوى والعادات والمتألهين الذي يشرعون للناس بغير ما أنزل الله. 2- تصحيح مفهوم العبادة وأنه مفهوم شامل كامل وليس مجرد شعائر تؤدى، بينما نظام الحياة والممات قائم على مناهج وضعها البشر تفصل بين الدين والدولة، وبين الدين والعلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية. فالعبادة هي عقيدة وشريعة ونظام حياة؛ قال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} (الأنعام: 162 - 163). 3- تربية الجيل على مناهج الكتاب والسنة: لأن هذا هو الطريق الصحيح الذي به ترجع الأمة إلى ربها ودينها. 4- طرد آثار الغزو الفكري وذلك بتعرية الجاهلية الحديثة، وتمزيق زيفها وبهرجتها فتبين انحرافاتها مع إيجاد البديل الإسلامي الصحيح. 5- تعميق قضية ولاء المسلم للمسلم وانتمائه لإخوانه المؤمنين فقط، وخلع الولاءات الجاهلية من قومية وعرقية ووطنية وعالمية وغيرها، فالمسلم أخو المسلم في أي بقعة كانت، ودار الإسلام هي دار كل مسلم في جميع أنحاء الأرض. 6- تعميق قضية المعاداة والبراءة من أعداء الله الكفار منهم والمشركين والمنافقين والمرتدين، وأنه لا يجتمع إيمان في قلب مع حب الكفر وأهله كما قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آَبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ} (المجادلة: 22)، والحرص على تمييز المسلم عن كل وضع وفكر يخالف كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم . 7- التأكيد على قضية عداوة أولياء الشيطان لأولياء الرحمن؛ فإن هذه العداوة قائمة منذ آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، فالحزبان لا يلتقيان أبدا؛ لأن حزب الله يريد دعوة الناس إلى عبادة الله، وحزب الشيطان يدعو الناس إلى عبادة الطاغوت وطاعته، وقتال المؤمنين لصدهم عن دينهم، {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا} (البقرة: 217). 8- بعث الأمل وتقويته في النفوس بقرب نصر الله كما قال صلى الله عليه وسلم : «لتقاتلن اليهود، فلتقتلنهم حتى يقول الحجر: يا مسلم هذا يهودي فتعال فاقتله». اعداد: وليد دويدار
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
رد: حوار مع كتاب «الولاء والبراء» لمها البنيان –رحمها الله-
حوار مع كتاب «الولاء والبراء»لمها البنيان –رحمها الله-(2-2) استعرضنا في اللقاء السابق أهمية كتاب الولاء والبراء لمها البنيان - رحمها الله – وتزكية الشيخ ابن جبرين رحمه الله لهذا الكتاب، ثم تحدثنا عن قضية الولاء والبراء وتقسيماتها وأسباب ضعفها بين عموم المسلمين، وتحدثنا كذلك عن منهج النبي صلى الله عليه وسلم في غرس عقيدة الولاء والبراء في نفوس الصحابة رضوان الله عليهم، وكذلك الثمرات الحاصلة بالقيام بعقيدة الولاء والبراء، واليوم نستعرض ما بقي من هذا الكتاب المبارك، بالحديث عن أحكام التعامل مع الكفار في ظل عقيدة الولاء والبراء، فنقول: - تعرفنا على الولاء والبراء فما حكم التعامل مع الكفار ؟ - 1- تجوز المعاوضة معهم في عقود البيع والإجارة ونحوها ما دامت المعاوضة والمنفعة والعين مباحة شرعا، أما ما كان العوض فيه محرما كالخمر ولحم الخنزير، والمنفعة غير مباحة كالفوائد الربوية، والعين غير مباحة كالعنب ليتخذ خمرا، أو ملك العين أو إجارتها لأمر محرم، فذلك محرم شرعا، أو ما يستعين به أهل الحرب منهم على المسلمين. 2- ويجوز وقفهم أي الكفار على أنفسهم أو غيرهم إذا كان في جهة يجوز الوقف فيها للمسلمين، كالصدقة على الفقراء، وإصلاح الطرق، وإن وقف على ولده بشرط كفرهم بحيث لو أسلموا لم يستحق أولاده شيئا حرم إمضاء وقفه، وإن وقفوا على كنائسهم ومعابدهم حرم ذلك ولم يجز إمضاؤه قضاء؛ لأن في ذلك إعانة لهم على كفرهم. 3- يصح نكاح المسلم للكتابية اليهودية والنصرانية، ولا يصح نكاح المسلمة للكتابي، هذا ويرى بعض أهل العلم حرمة نكاح الكتابية إذا ترتب عليه مفسدة من فتنة المسلم في دينه ونحو ذلك. 4- يجوز إدانتهم والاستدانة منهم، وتوثيق ديونهم بالرهن. 5- يجوز تجارة الكفار في بلاد المسلمين فيما هو مباح شرعا، ويؤخذ عشرها خراجا يصرف في المصارف العامة للمسلمين. 6- تؤخذ الجزية من الكتابي في مقابل حمايته. 7- في حالة عجز الكتابي عن دفع الجزية تسقط عنه. 8- يحرم السماح لهم ببناء الكنائس في بلاد المسلمين، وما دخل المسلمون بلادهم وهو قائم فيها لا يهدم، لكن يحرم السماح بتجديد بنائه إذا تهدم. 9- يرفع عنهم الحد فيما اعتقدوا حله في دينهم، لكن يحرم جهرهم به. 10- تقام عليهم الحدود فيما اعتقدوا حرمته في دينهم. 11- لا يؤذى الذمي والمعاهد في ديار المسلمين ما دام قائما بحق ذمته وعهده. 12- يجوز مصالحتهم إذا كان ذلك يحقق مصلحة عامة للمسلمين، ورأى ولي الأمر الصلح معهم كما قال سبحانه{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا} (الأنفال، الآية: 61) لكن يجب يكون الصلح مؤقتا لا مطلقا. 13- حرمة دم المعاهد والذمي، وماله، وعرضه. 14- لا يقاتلون إذا كانوا حربيين إلا بعد إنذارهم. 15- من لم يشارك في المعركة بنفسه أو رأيه أو تخطيط فلا يتعرض له، كالصبيان والنساء، والراهب في صومعته، والشيخ الفاني، والعجوز، والمريض ونحو ذلك. 16- من هرب من مقاتلتهم فلا يجهز عليه، ويكون ما تركه فيئا. 17- إذا رأى ولي الأمر إقرارهم على ما بأيديهم من الأرض جاز ذلك، ويدفعون الخراج وتكون أرضهم أرضا خراجية، فإن أبوا سلمت للمسلمين لعمارتها، هذا إذا فتحت أرضهم قهرا بحرب لأنها في حكم الغنيمة. 18- يجوز استرقاق الكفار وسبيهم إذا كانوا حربيين ولم يكن بيننا وبينهم صلح. 19- حكم عيادتهم وتهنئتهم: روى البخاري في كتاب الجنائز عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم. فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له: أطع أبا القاسم، فأسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «الحمد لله الذي أنقذه من النار». وروى أيضا: قصة أبي طالب حين حضرته الوفاة فزاره النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه الإسلام. قال ابن بطال: إنما تشرع عيادته إذا رجي أن يجيب إلى الدخول في الإسلام، فأما إذا لم يطمع في ذلك فلا، قال ابن حجر: والذي يظهر: أن ذلك يختلف باختلاف المقاصد، فقد يقع بعيادته مصلحة أخرى. أما تهنئتهم بشعائر الكفر المختصة بهم فحرام بالاتفاق، وذلك مثل أن يهنئهم بأعيادهم فيقول: عيدك مبارك، أو تهنأ بهذا العيد، فهذا إن سلم قائله من الكفر فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن يهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الزنى ونحوه. ولا يجوز أيضا تلقيبهم كما يقول ابن القيم بمعز الدولة أو فلان السديد، أو الرشيد أو الصالح ونحو ذلك. ومن تسمى بشيء من هذه الأسماء لم يجز للمسلم أن يدعوه بها. 20- حكم السلام عليكم: اختلف العلماء في معنى قوله تعالى عن إبراهيم عليه السلام حين دعا أباه فأبى قال إبراهيم: {سَلَامٌ عَلَيْكَ} (مريم: 47). فأما الجمهور فقالوا: المراد بسلامه المسالمة التي هي المشاركة لا التحية، وقال الطبري: معناه: أمنة مني لك. وعلى هذا لا يبدأ الكافر بالسلام. وقال بعضهم في معنى تسليمه: هو تحية مفارق، وجوز تحية الكافر وأن يبدأ به، قيل لابن عيينة: هل يجوز السلام على الكافر؟ قال نعم، قال الله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ} (الممتحنة: 8)، وقال: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ} (الممتحنة: 4)، وقال إبراهيم لأبيه {سَلَامٌ عَلَيْكَ}. قال الطبري: قد روي عن السلف أنهم كانوا يسلمون على أهل الكتاب وفعله ابن مسعود بدهقان صحبه في طريقه قال له علقمة: يا أبا عبد الرحمن أليس يكره أنه يُبدؤوا بالسلام؟ قال: نعم. ولكن حق الصحبة. وقال الأوزاعي: إن سلمت فقد سلم الصالحون قبلك، وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك. وروي عن الحسن البصري أنه قال: إذا مررت بمجلس فيه مسلمون وكفار فسلم عليهم. أما رد السلام عليهم فاختلف في وجوبه: فالجمهور على وجوبه وهو الصواب، وقالت طائفة: لا يجب الرد عليهم كما لا يجب على أهل البدع، والأولى والصواب الأول، والفرق: أنا مأمورون بهجر أهل البدع تعزيرا لهم وتحذيرا منهم، بخلاف أهل الذمة. - نريد موقفين -على سبيل المثال- من التاريخ لسلف هذه الأمة في تحقيق عقيدة الولاء والبراء ؟ - الموقف الأول: موقف الصديق رضي الله عنه من المرتدين، ومانعي الزكاة... عندما حقق هذا الأصل فيهم، فنصره الله عليهم، وأظهر الله تعالى بسببه الدين. - الموقف الثاني: موقف إمام أهل السنة الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أمام المبتدعة في فتنة القول بخلق القرآن، فلا يُداهن، ولا يتنازل، فنصر الله به مذهب أهل السنة، وأخزى المخالفين. - الموقف الثالث: موقف صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وهو يجاهد الصليبيين، تحقيقا لهذا الأصل، فنصره الله تعالى عليهم وكبت القوم الكافرين. - هل هناك فرق بين عقيدة البراء وحُسن المعاملة، وما هو ؟ - قال القرافي –رحمه الله تعالى- في الفرق بين عقيدة البراء وحسن المعاملة: «اعلم أن الله تعالى منع من التودد لأهل الذمة، بقوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ .....} (الممتحنة: 1). فمنع الموالاة والتودد، وقال في الآية الأخرى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ......} (الممتحنة: 8). فلابد من الجمع بين هذه النصوص، وأن الإحسان لأهل الذمة مطلوب، وأن التودد والموالاة منهي عنهما... وسر الفرق أن عقد الذمة يوجب حقوقا علينا لهم؛ لأنهم في جوارنا، وفي خفارتنا وذمة الله تعالى وذمة رسوله[ ودين الإسلام، وقد حكى ابن حزم الإجماع في مراتبه على «أن من كان في الذمة، وجاء أهل الحرب إلى بلادنا يقصدونه، وجب علينا أن نخرج لقتالهم بالكراع والسلاح... فيتعين علينا أن نبرهم بكل أمر لا يكون ظاهره يدل على مودة القلوب، ولا تعظيم شعائر الكفر، فمتى أدى إلى أحد هذين امتنع، وصار من قبل ما نهي عنه في الآية وغيرها، ويتضح ذلك بالمثل، فإخلاء المجالس لهم عند قدومهم علينا، والقيام لهم حينئذ وبدؤهم بالأسماء العظيمة الموجبة لرفع شأن المنادى بها، هذا كله حرام، وكذلك إذا تلاقينا معهم في الطريق، وأخلينا لهم واسعها ورحبها والسهل منها، وتركنا لأنفسنا خسيسها وحزنها وضيقها كما جرت العادة أن يفعل ذلك المرء مع الرئيس، والولد مع الوالد، فإن هذا ممنوع لما فيه من تعظيم شعائر الكفر، وتحقير شعائر الله تعالى وشعائر دينه، واحتقار أهله، وكذلك لا يكون المسلم عندهم خادما ولا أجيرا يؤمر عليه وينهى. وأما ما أمر به من برهم من غير مودة باطنة: فهو كالرفق بضعيفهم، وإطعام جائعهم، وإكساء عاريهم، ولين القول لهم على سبيل اللطف لهم والرحمة، لا على سبيل الخوف والذلة، واحتمال إذايتهم في الجوار مع القدرة على إزالته لطفا منا بهم، لا خوفا وتعظيما، والدعاء لهم بالهداية، وأن يجعلوا من آل السعادة، ونصيحتهم في جميع أمورهم. فجميع ما نفعله معهم من ذلك فليس على وجه التعظيم لهم، وتحقير أنفسنا بذلك ولا مصانعة لهم، وينبغي لنا أن نستحضر في قلوبنا ما جبلوا عليه من بغضنا، وتكذيب نبينا صلى الله عليه وسلم ، وأنهم لو قدروا علينا لاستأصلوا شأفتنا، واستولوا على دمائنا وأموالنا، وأنهم من أشد العصاة لربنا ومالكنا عز وجل، ثم نعاملهم بعد ذلك بما تقدم ذكره امتثالا لأمر ربنا....”. وأما ما يدعى مما يسمى زمالة الأديان والتي يراد بها إذهاب ما في نفس المسلم من العداء للكفر وأهله وعزته بالإسلام، فليس ذلك من حسن المعاملة، بل هو الذوبان في الكفر وأهله، وهو عين الموالاة للكفار كما قال سبحانه: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ} (يونس: 32) وقال سبحانه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (آل عمران: 85). - ما حالات موافقة المسلم للكفار والتشبه بهم ؟ - للمسلم في موافقته للكفار ثلاث حالات: - الأولى: الموافقة لهم في الظاهر والباطن، فهذا كفر مخرج عن ملة الإسلام. - ثانيا: الموافقة في الباطن دون الظاهر، فهذا أيضا كفر مخرج عن الملة إجماعا؛ لأنه نفاق عقدي أكبر وهو مخرج عن ملة الإسلام. - ثالثا: الموافقة في الظاهر دون الباطن، وهي على نوعين: - النوع الأول: أن تكون الموافقة في الظاهر بسبب الإكراه بالضرب والقتل والتعذيب بالفعل، لا بمجرد التهديد، ففي هذه الحالة لا يكفر مادامت الموافق باللسان، والقلب مطمئن بالإيمان كما قال سبحانه: {مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (النحل: 106). - والنوع الثاني: أن يوافقهم في ظاهره مع مخالفتهم في الباطن لغرض دنيوي، كحب رياسة، وطمع في جاه ومنزلة، ونحو ذلك. - ما منـزلة عقيدة الولاء والبـراء من الشرع ؟ - لهذه العقيدة مكانة عظيمة في الشرع تتضح من الوجوه التالية: 1- أنها جزء من معنى الشهادة، وهو قولك: «لا إله» من قوله: «لا إله إلا الله» فإن معناها البراء من كل ما يعبد من دون الله كما قال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل: 36) والطاغوت هو كل ما عبد من دون الله. 2- أنها شرط في الإيمان كما قال سبحانه: {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} (المائدة: 80 - 81). 3- أن هذه العقيدة أوثق عرى الإيمان؛ لما رواه أحمد في مسنده عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله [ : «أوثق عرى الإيمان: الحب في الله، والبغض في الله». 4- أنها سبب لتذوق القلب حلاوة الإيمان، ولذة اليقين؛ لما جاء عنه [ أنه قال: «ثلاث من وجدهن وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يرجع إلى الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار» متفق عليه. 5- أنها الصلة التي على أساسها يقوم المجتمع المسلم كما قال [ : «أحب لأخيك ما تحب لنفسك» وقال سبحانه: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (الحجرات: 10). 6- ما ثبت من الأجر لمن اتصف بالحب في الله فقال [ فيما يرويه عن ربه: «المتحابون في الله على منابر من نور يوم القيامة»، وقال [ : «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله»، وذكر منهم: «رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وافترقا عليه». 7- ما دل عليه الشرع من تقديم هذه الصلة على سواها كما قال سبحانه: {قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ} (التوبة: 24). 8- أنه بتحقيق هذه العقيدة تنال ولاية الله؛ لما روى ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «من أحب في الله وأبغض في الله، ووالى في الله، وعادى في الله، فإنما تُنال ولاية الله بذلك». 9- أن هذه العقيدة هي الصلة الباقية بين الناس يوم القيامة كما قال سبحانه: {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ} (البقرة: 166) فإن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}، قال: المودة. 10- أن عدم تحقيق هذه العقيدة قد يدخل في الكفر، قال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (سورة المائدة: 51). 11- كثرة ورودها في الكتاب والسنة تدل على أهميتها. 12- النظر إلى الثمرات الحاصلة بالقيام بهذه العقيدة. - وأخيراً ما حكم السفر إلى بلاد الكفار والإقامة فيها ؟ - للسفر والإقامة في بلاد الكفار حكمان: - أحدهما: جائز. - والثاني: محرم. فالجائز له ثلاث حالات: - الحالة الأولى: السفر والإقامة لغرض الدعوة إلى الله مع الأمن على الدين، والقدرة على الجهر بشعائر الإسلام بلا معارضة في شيء منها، وأن يكون قادرا على الولاء والبراء، ومن هذه ما هو مستحب كالسفر للجهاد في سبيل الله. - الحالة الثانية: السفر من أجل التجارة وهو عارف بدينه، آمن عليه، قادر على الجهر بشعائره، قادر على الولاء والبراء. - الحالة الثالثة: المستضعفون من الرجال والنساء والولدان الذين لا يملكون الهجرة ولا يستطيعونها، ومنها المسلم في بلاد الكفار الذي تحول دون هجرته الظروف السياسية والجغرافية. والحكم الثاني وهو التحريم له حالتان: - الحالة الأولى: أن يسافر لغرض دنيوي ولكنه آمن من الفتنة عالم بدينه لكن لا يستطيع الجهر بالشعائر على سبيل الكمال وعدم المعارضة، فهذه كبيرة من كبائر الذنوب. - الحالة الثانية: السفر إلى بلاد الكفار موالاة لهم، واستحسانا لما هم عليه، فهو كافر الكفر الأكبر المخرج عن ملة الإسلام؛ لظاهر قوله سبحانه: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} (المائدة: 51). وكذلك السفر من أجل التنزه؛ فإن الناظر إلى الصحف والمجلات العربية، فضلا عن الأجنبية، يرى فيها دعوة صريحة خفية، إلى الفجور والفاحشة والخمور، صريحة بأنها سياحة وتفرج وتغيير جو، ولكنها خفية في مغزاها. فليتق المسلم الله في أهله وأولاده، بل في دينه؛ فإن النظرة تجلب الخطرة، والخطرة توقع في الفكرة والفكرة توقع في المعصية، وقد اشترط العلماء لجواز السفر إلى بلاد الكفر ثلاثة شروط: 1- أن يكون عند الإنسان علم يدفع به الشبهات. 2- أن يكون عنده دين يدفع به الشهوات. 3- أن يكون محتاجا إلى ذلك، كعلاج أو طلب علم لا يوجد في بلاد الإسلام، فإن لم تتم هذه الشروط فإنه لا يجوز السفر إلى بلاد الكفار. وأما السفر للسياحة إلى بلاد الكفار، فهذا ليس بضرورة، وبإمكانه أن يذهب إلى بلاد إسلامية يحافظ أهلها على شعائر الإسلام. بهذا نختم، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. اعداد: وليد دويدار
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |