مكافحة الفحش.. أسباب وحلول

[ابوالوليد المسلم]

مكافحة الفحش.. أسباب وحلول



ارتداء المرأة النقاب رمز على الكرامة وعلم على سمو الخلق، ودليل على نبل السلوك
تيسير الزواج وتسهيله، وهذا أمر مهم في سبيل القضاء على الفواحش والمبادرة إلى تزويج الأبكار من البنات والعزاب من الأبناء

من الواقع المرير الذي يشهده العالم اليوم عموماً وعالم الغرب خصوصا فقدان الغيرة وعدم الحياء والتستر في الأبناء والبنات وضعف الوازع الديني والتهاب نيران الشهوات والرذائل.

ولاغرو أن يحدث هذا في بلاد تتأسى بالحضارة الغربية في سائر مجالات الحياة وعاداتها وتقاليدها، فإن من معطيات هذه الحضارة الخبيثة اللادينية إشاعة الفاحشة وتشجيع المجون بجميع صوره مع كل وقاحة جهارا نهارا، رغم ما تدعي بأنها حضارة تواكب تطورات الزمان والمكان وتساير مقتضيات العصر الحديث، كما تزعم أنها قطعت أشواطا في التقدم والازدهار وعبرت مسيرة أبعد في إنجاح الإنسان وإسعاده.

ومهما حاولت الحكومات بسلطتها وقوانينها واتخاذها قرارات حاسمة لمكافحة الزنى وردع الجناة والمجرمين عن اقتراف مثل هذه الأفاعيل، فإننا معشر المسلمين نعتقد أن العفاف لن يتحقق أبدا في المجتمع بأسره والبلاد بأكملها وفي العالم قاطبة إلا بعد تحقيقه فرديا على مستوى الأسر والبيوت من خلال تطبيق الأحكام الشرعية والقيام بمسؤولية الرعاية والرقابة من قبل الآباء والمربين والمشرفين والمعلمين، كما لن يتحقق العفاف إلا بعد مكافحة كل دواعي الزنى وسائر ذرائعه الموصلة إليه؛ فإن الشر لن يحسم ولن يستأصل من جذوره إلا بعد القضاء على أسبابه المؤدية إليه.
وها أنا أعرض بمشيئة الله وتوفيقه بعض الحلول الناجعة لهذه الظواهر السلبية والانحرافات السلوكية من نصوص الكتاب والسنة، ومن أبرزها ما يلي:
1 - النهي عن كل ما يؤدي إلى ارتكاب الفاحشة كسد للذريعة: قال تعالى: {ولا تقربوا الزنى...}، فنهى الشارع عن سائر مقدماته وأسبابه فأوصد دونها الأبواب، وفي الآية لمن تدبر مزيد من الأسرار البيانية علمها من علمها، وجهلها من جهلها.
2 - غض البصر: فإن إحصان الفرج لا يتحقق إلا بغض البصر، فأمر الله تعالى المؤمنين والمؤمنات على السواء بغض البصر، قال تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن...} (النور)، فإن غض البصر له فوائده وثماره في العاجل والآجل، التي لا تخفى على ذوي البصائر والأبصار، وورد أيضا في كلام رسول الهدى صلى الله عليه وسلم : «العينان تزنيان وزناهما النظر» (مسلم).
- وقال ابن القيم رحمه الله: من أطلق بصره دامت حسرته.
3- الاستئذان الشرعي قبل دخول البيوت، قال الله تعالى: {يأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلّموا على أهلها}، قال مجاهد: تنحنحوا أو تنخّموا وإنما شرع الإستئذان من أجل البصر.
4- ارتداء المرأة النقاب فإنه رمز على الكرامة وعلم على سمو الخلق ودليل على نبل السلوك، قال تعالى: {يأيها النبي قال لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}(الأحزاب).
5- الاقتداء بسيرة أمهات المؤمنين في الحجاب والحياء والعفاف فإنهن قد ضربن أروع الأمثلة في هذه القيم الرفيعة، قال تعالى: {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}.
6- عدم اكتساء المرأة الألبسة الشفافة التي تصف قوام الجسد ومفاتنه، وهذا يشمل كل الملابس المحرّمة التي تثير كامن الشهوات وتحرّك ساكنها وكل ما يلفت انتباه الأجانب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنّة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا» (مسلم).
7- عدم ضرب المرأة بأرجلها ليعلم ما تخفيه من زينة، قال تعالى: {ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن}.
8- عدم أخذ المرأة الزينة عند الخروج من بيتها وتبرّجها تبرّج الجاهلية الأولى، وهذا يشمل جميع مستلزمات التجميل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا. يعني: زانية» (رواه أبو داود).
9- قرار المرأة في بيتها فإنها ربة البيت، قال تعالى: {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} (الأحزاب)، وقال صلى الله عليه وسلم : «المرأة عورة إذا خرجت استشرفها الشيطان» (الترمذي).
10- عدم مشي المرأة مشية التبختر تثنيا وتكسرا وتدللا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم : «صنفان من أهل النار لم أرهما: قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات».
11- تربية الناشئة ذكرانا وإناثا على الحياء وترسيخ دعائمه في قلوبهم وأذهانهم وتعويدهم هذا الخلق السامي ليتربوا في أحضان العفاف والغيرة والحشمة، قال صلى الله عليه وسلم : «الحياء من الإيمان» (مسلم)، وكان صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خدرها.
12- النهي عن مصافحة الأجانب وخلوة الرجل بالأجنبيات، قال صلى الله عليه وسلم : «لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم» (رواه البخاري في كتاب النكاح).
13- السفر مع ذي محرم، قال صلى الله عليه وسلم : «لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم» (عن ابن عباس، مسند أحمد).
14- عدم خضوع المرأة بالقول عند محادثتها مع الأجانب، قال تعالى: {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا}.
15- عدم مشاركة المرأة الرجل في مجال العمل خوفا من الاختلاط والوقوع في المحاذير الشرعية، وقد جاء النهي عن الاختلاط في المساجد وهو أمر ديني سدا للذريعة فكيف بأمور الدنيا؟! قال صلى الله عليه وسلم : «خير صفوف النساء آخرها وشرها أولها» (رواه مسلم وأبو داود في كتاب الصلاة).
16- عدم مشابهة النساء الرجال والعكس، فقد جاء في الحديث: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء الرجال» (رواه البخاري في كتاب اللباس).
17- تيسير الزواج وتسهيله، وهذا أمر مهم في سبيل القضاء على الفواحش والمبادرة إلى تزويج الأبكار من البنات والعزاب من الأبناء إذا وجدوا الأكفاء ذكرانا أو إناثا، قال صلى الله عليه وسلم : «إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» (رواه الترمذي بسند حسن).
19- الحظر على جميع المحرمات مثل شرب الخمور والمعازف وآلات اللهو ومزامير الشيطان، قال صلى الله عليه وسلم : «ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» (رواه البخاري في كتاب الأشربة).
أخي القارئ: إن كل المحاولات للحد من الفاحشة وسيلها الهائج دون القضاء على أسبابها تبوء بالفشل لا محالة وهي عبث مثل الرقم على الماء وكمن أرسل ذئبا جائعا في قطيع غنم ثم يطلب منه عدم افتراسها والتقامها وأنى له ذلك؟!



اعداد: عبدالوكيل مسرور العمري المدني