|
|
ملتقى مشكلات وحلول قسم يختص بمعالجة المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
زوجي يرى راتبي مِن حقِّه!
زوجي يرى راتبي مِن حقِّه! أ. عائشة الحكمي السؤال: الإخوة الكرام في شبكة الألوكة، أرجو أن تجيبَ عن استشارتي الأستاذة/ عائشة الحكمي. أنا سيدةٌ متزوِّجةٌ منذ 30 سنة، وقضيتُ هذا العمر مع زوجي كما يقولون: "على الحلوة والمُرَّة"، ومرتْ علينا أفراحٌ وأزماتٌ، وحياتُنا طبيعيةٌ جيدةٌ، يوجَد بيننا الحبُّ والمودة، وأولادنا - والحمد لله - ربَّيناهم تربيةً جيدةً، وظروفنا المادية جيدة! مشكلتي أنني أعمل مِن بداية زواجي، وأحصل على راتبٍ شهري، وكان زوجي المتصرِّف في هذا المال، ولم أكنْ راضيةً عن تصرُّفه هذا، فهو يعتبر أنَّ راتبي راتِبُه، ولا فرْقَ بيننا، ولأنه الرجل فله الحقُّ في التصرُّف في مالي وقتما يشاء! هذا الأمرُ لا يرضيني، وأشعر بالنقص وعدم الرضا؛ لأنَّ لديَّ مُتطلباتٍ خاصةً بي لا أستطيع توفيرها، وهنا تكمُن المشكلةُ؛ فعندما أُطالِبُه به لا يرى أحقيتي فيه، بل يرى أنه لا يحرمني مِن شيءٍ، ولا يحق لي المطالَبة بمالي! زادت المشكلةُ أكثر عندما طالبْتُه بالمال، وأن هذا حقي، وأنه لا يحق له التصرُّف فيه، فهو له مالٌ خاصٌّ به، ويجب كذلك أن يكونَ لي مالٌ خاصٌّ بي، وهو أجْري وحقي؛ فغضب مني، وزادت المشكلة! أقْسَم أنه لن يأخذَ مني شيئًا بعد ذلك، ومِن بعدها تغيَّرتْ تصرُّفاته، وبدأ يُقاطعني، ولا يتحدث معي في أيِّ موضوع، ولا يستشيرني في أي أمر، ويتجنب أي حديثٍ معي، وأصبحتْ حياتنا لا تتعدى الحقوق والواجبات! حاولتُ أن أتحلى بالصبر، وأن أستميلَه إليَّ بأن أوفِّر له كل ما يحتاجه، وأتفانى في خدمتِه، وأتطيب وأتعطَّر، وأقدِّم كل ما أستطيع أنْ أُقَدِّمَ له؛ حِفاظًا على بيتنا؛ فلم يَزدْهُ قُربي إلا عنادًا واستكبارًا. احترتُ معه، ولا أعلم كيف أتصرَّف معه؟ وما الحل في هذه المشكلة؟ أعينوني وأشيروا عليَّ: هل أنا على خطأ؟ أو على صواب؟ وجزاكم الله خيرًا. الجواب: بسم الله الموفق للصواب وهو المستعان لبيكِ يا سيدتي، لا يحقُّ لزوجك أن يتصرَّفَ في مالِك إلا بِرِضاك، وفي أوْجُه الحلال! فإن كنتِ قد وهبته راتبك لاكتساب سبب التودُّد، واستِدامةً للعِشْرة بينكما، فأجْرُكِ على الله، أما إذا لم تفعلي، فتغيَّر عليك زوجُك بسبب ذلك، فالأمرُ شديدٌ على النفس، ولا يجوز شرعًا أن يضارك زوجك، ولا أن يعضلَ عليك، ويُسيء عِشرتك؛ ليضطرك بذلك إلى دَفْع الراتب إليه! وقد سُئل الشيخُ ابن باز - رحمه الله تعالى - عن رجلٍ له زوجةٌ تعمل ولها راتبٌ، هل يكون أخْذُ مالها أو بعضه حلالًا أو حرامًا؟ فأجاب: مُرتَّبُها لها، ومِن مالها، إلا إذا سمحتْ له بالراتب كله، أو ببعضه سماحًا واضحًا، لا شُبهة فيه - فلا بأس عليه؛ لقول الله - عز وجل - في سورة النساء: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾[النساء: 4]، فإذا طابتْ نفسُها بالراتب، أو ببعض الراتب، فلا حرَج عليه، أما إن كان توعَّدها بالطلاق، أو بالهجر، أو بالأذى إن لم تعطِه، فهذا لا يجوز له؛ لأنه ما طابتْ نفسُها في ذلك، ولكن خوفًا منه، أو مِن طلاقِه سلَّمتْ له المالَ أو بعض المال، فلا يجوز هذا، ولكن عليه بالكلام الطيب والعِشْرة الطِّيبَة، فإن سمحتْ له فالحمدُ لله، وإلا يدعها ومالها ويُنفق عليها ويصبر، ويقوم بالواجب، ويُحسن الخُلُق"، ((خيرُكم خيرُكم لأهلِه)). أقترح عليكِ أن تضعي راتبَ الشهر القادم في ظرفٍ، ومعه رسالةٌ منك إلى زوجك، فحواها: أنك رغم حاجتك لمالِك فلن تكوني أحرصَ عليه مِن زوجك الذي لا غنى لك عنه، وأن العلاقة الزوجية بينكما إنما قامتْ على المودَّة والرحمة، لا على المال والعمل، فليس بانقطاعِه أو توقُّفه تنقطع العلاقةُ بينكما وتُساء العِشْرةُ، إلا أن يكونَ هذا الراتبُ هو السبب الحقيقي لاستمرار الحياة الزوجية بينكما، ووقتئذٍ تكونين أنت أحق بالحزن منه، وأحوج منه إلى التغيُّر والبُعد العاطفيِّ والنفسيِّ! ولكنك تثقين أن حبه لك فوق المادِّيات الفانية، وأن هؤلاءِ الأبناء ليسوا سِوى ثمرة تلك المودة داخل المنزل لا ثمرة العمل خارج المنزل! ثم اكتبي له بأنك لن تتأخري ولم تتأخري يومًا عن مُواساته بمالك، وأنَّ في إمكانكما بعد هذه السنين الطويلة أن تَتَنَقاشَا كشخصين ناضجَيْن، وتتفقَا على الحلول الوُسطى لإنهاء هذه المشكلة، أما الهجرُ العاطفيُّ فأمرٌ لا يصحُّ بين زوجين اجتمعَا على ما في كتاب الله تعالى: ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، وأن هذا الهجر العاطفي ليس مِن المعروف الذي يُعامِل به الأزواجُ نساءَهم، وليس يُرضيك أن تكون حفنةٌ مِن مالٍ هي السبب وراء كل ذلك! ثم إن لم يستجبْ لك بعد ذلك، فأصولُ الشريعة وقواعدها الحكيمة تشتمل على دفْع أعلى المفسدتين باحتمال أدناهما، وتفويت أدنى المصلحتين لتحصيل أعلاهما، وأدنى المصلحتين هي راتبك، وأعلاهما علاقتك بزوجك، فغلِّبي العلاقةَ الزوجية على راتب العمل، واقتدي في ذلك بنساء الصحابة - رضي الله عنهم – اللاتي لم يكن مُرادهن الحياة الدنيا، وإنما أردْنَ الدار الآخرة وما عند الله، وعسى الله أن يصلحَ الحال، وينعم البال، ويرزقك وزوجك السعادة والاستقرار، اللهم آمين. أعلم أني تأخرتُ عليك كثيرًا، ولكنْ لي في هذا التأخير عذرٌ، فإن لم تقبليه فاجعليه ذنبًا يغفره قلبُك الطيبُ، والسلام عليكِ. والله - سبحانه وتعالى - أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |