إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي " - ملتقى الشفاء الإسلامي
القرآن الكريم بأجمل الأصوات mp3 جديد الدروس والخطب والمحاضرات الاسلامية الأناشيد الاسلامية اناشيد جهادية دينية اناشيد طيور الجنة أطفال أفراح أعراس منوعات انشادية شبكة الشفاء الاسلامية
الرقية الشرعية والاذكار المكتبة الصوتية

مقالات طبية وعلمية

شروط التسجيل 
قناة الشفاء للرقية الشرعية عبر يوتيوب

اخر عشرة مواضيع :         يسن لمن شتم قوله: إني صائم وتأخير سحور وتعجيل فطر على رطب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 16 )           »          رمضان مدرسة الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          أمور قد تخفى على بعض الناس في الصيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          دروس رمضانية السيد مراد سلامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 15 - عددالزوار : 340 )           »          جدول لآحلى الأكلات والوصفات على سفرتك يوميا فى رمضان . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 725 )           »          منيو إفطار 18رمضان.. طريقة عمل كبسة اللحم وسلطة الدقوس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          5 ألوان لخزائن المطبخ عفا عليها الزمان.. بلاش منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          5 طرق لتنظيف الأرضيات الرخامية بشكل صحيح.. عشان تلمع من تانى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          دروس رمضانية محمد بن سند الزهراني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 349 )           »          إشراق الصيام وانطلاق القيام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2022, 11:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي "

إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي "
إسلام أنور المهدي




مُصطفى الانجليز

إضَاءَاتٌ على رِثَاءِ شَوْقِي لِـ "مُصْطَفَى بَاشَا فَهْمِي"

مصطفى باشا فهمي[1]


يا أيها الناعي أَبا الوُزراءِ[2]
هذا أَوانُ جلائلِ الأَنباءِ

حُثَّ البريدَ مشارقًا ومغاربًا
واركبْ جناحَ البَرْقِ في الأَرجاءِ

واستبكِ هذا الناسَ دمعًا أَو دَمًا
فاليومُ يومُ مدامعٍ ودماءِ

لم تَنْع للأَحياءِ غيرَ ذخيرةٍ
ولَّتْ، وغيرَ بَقِيَّةِ الكُبَراءِ

رُزْءُ البريَّةِ في الوزير زيادةٌ
فيما أَلمَّ بها مِن الأَرزاءِ

ذهبَتْ على أَثرِ المشيَّع دولةٌ
برجالها وكرائم الأَشياء

نَدمانُ (إِسماعيلَ) في آثاره
ذهبوا، وتلك صُبابةُ الندماءِ[3]

وُلِدوا على راحِ العُلا، وترعرعوا
في نعمة الأَملاك والأُمراءِ

أَوْدَى الرَّدى بمُهَذَّبٍ لا تنتهي
إِلا إِليه شمائلُ الرؤساءِ[4]

صافي الأَديمِ، أَغرَّ، أَبْلَجَ لم يزدْ
في الشَّيْب غيرَ جلالةٍ ورُواءِ

مُتجنِّبِ الخُيلاءِ إِلا عزةً
في العزّ حُسنٌ ليس في الخيلاءِ

عَفِّ السرائرِ والمَلاحظِ والخُطا
نَزِهِ الخلائقِ طاهرِ الأَهواءِ[5]



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-01-2022, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي "



مُتدرِّعٍ صَبْرَ الكرامِ على الأَذى
إِن الكرامَ مشاغلُ السفهاءِ[6]

نقموا عليه رأْيَهُ وصَنِيعَه
والحكمُ للتاريخ في الآراءِ[7]

والرأيُ إِن أَخْلَصْتَ فيه سريرةً
مثلُ العقيدةِ فوقَ كلِّ مِراءِ[8]

وإِذا الرجالُ على الأُمور تعاقبوا
كشفَ الزمانُ مواقفَ النُّظراءِ

يا أَيُّها الشيخُ الكريمُ، تحيةً
أَنْدَى لقبرِكَ من زُلالِ الماءِ

هذا المصيرُ، أَكان طولَ سلامةٍ
أَمْ لم يكن إِلا قليلَ بَقاءِ؟

ماذا انتِفاعُك بالليالي بعد ما
مرَّتْ بك السبعونَ مَرَّ عِشاءِ؟

أَو بالحياةِ، وقد مشى في صفْوها
عادي السنين، وعاثَ عادي الداءِ؟

من لم يُطبِّبْه الشبابُ فداؤه
حتى يغيِّبَه بغير دَواءِ

قسماتُ وجهِك في الترابِ ذخائرٌ
من عِفَّةٍ، وتكرُّمٍ، وحياءِ

ولكم أَغارَ على مُحَيَّا ماجدٍ
وطوى محاسنَ مَسمحٍ مِعطاءِ

كم مَوقفٍ صعبٍ على من قامه
ذلَّلْتَه، ونهضتَ بالأَعباءِ




يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 21-01-2022, 11:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي "

كِبْرُ الغضنفرِ يومَ ذلك زاده
من نَخْوةٍ وحَمِيَّةٍ وإِباءِ[9]

مَن يَكذبِ التاريخَ يَكْذِبْ رَبَّه
ويُسيء للأَمواتِ والأَحياءِ[10]

السلم لو لم تُودِ أَمْسِ بجُرحِها
أَوْدَتْ بهذي الطعنةِ النَّجلاءِ[11]

لو أُخِّرَتْ في العيشِ بعدكَ ساعةً
لبَكَتْ عليك بمَدْمَع الخنساءِ

أنفض غبارَكَ عنك، وانظر، هل ترى[12]
إلاَّ غبارَ كتيبةٍ ولِواءِ؟

يا ويحَ وجهِ الأَرض : أَصبح مَأْتمًا
بعدَ الفوارس من بني حَوَّاءِ

مِن ذائدٍ عن حَوْضه، أَو زائدٍ
في مُلْكِه من صَولةٍ وثرَاءِ

أَو مانعٍ جارًا يُناضلُ دونَه
أَو حافظٍ لعهودِه مِيفاءِ

يتقاذفون بذاتِ هولٍ، لم تَهَبْ
حَرَمَ المسيحِ ولا حِمى العذراءِ[13]

من مُحدَثاتِ العِلْمِ، إِلا أَنها
إِثمٌ عواقبها على العلماءِ

• • •
لهفي على رُكنِ الشيوخ مُهدَّما
والحاملاتِ الثُّكْلَ واليُتَماءِ

وعلى الشبابِ بكلِّ أَرضٍ مَصْرَعٌ
لهمُ، وهُلْكٌ تحتَ كلِّ سماءِ



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 21-01-2022, 11:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي "

خرجوا إلى الأَوطان من أَرواحِهم
كرمٌ يليق بهم ومَحْضُ سخاءِ

من كلِّ بانٍ بالمنِيَّةِ في الصِّبا
لم يتَّخِذ عِرْسًا سِوَى الهَيْجاءِ



وقرَرْنَ في أُذُنيةِ يومَ فِطامِه
أَن الدماءَ مُهورةُ العَلْياءِ[14]

أَأَبَا البناتِ، رُزِقْتَهُنَّ كرائِمًا
ورُزِقْت في أَصهارِك الكُرَماءِ[15]

لا تذهَبنَّ على الذكورِ بحسرةٍ
الذِّكْرُ نعمَ سُلالةُ العظماءِ

وأَرى بُناةَ المجدِ يَثْلِمُ مجدَهم
ما خلَّفوا من طالحٍ وغُثاءِ

إِنَّ البناتَ ذخائرٌ من رَحمةٍ
وكنوزُ حبٍّ صادقٍ ووَفاءِ

والساهراتُ لِعلَّةٍ أَو كَبْرَةٍ
والصابراتُ لشدّةٍ وبَلاءِ

والباكياتُكَ حينَ ينقطعُ البكا
والزائِراتُكَ في العَرَاءِ النائي

والذاكِراتُكَ ما حَيِينَ تحدُّثًا
بسَوالفِ الحُرماتِ والآلاءِ

بالأَمس عزَّاهنّ فيكَ عقائلٌ
واليومَ جامَلَهُنّ فيك رِثائي

أَبيكَ ما الدنيا سِوى معروفِها
والبرِّ، كلُّ صَنيعةٍ بجزاءِ


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21-01-2022, 11:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 131,521
الدولة : Egypt
افتراضي رد: إضاءات على رثاء شوقي لـ " مصطفى باشا فهمي "

أَجَزِعْنَ أَن يجري عليهنّ الذي
مِن قبلهنّ جرى على «الزهراءِ»؟[16]



ما كلُّ ذِي ولَدٍ يُسمَّى والدًا
كم من أَبٍ كالصخرةِ الصمَّاءِ

هبْهُنّ في عقل الرجال وحلمِهم
أَقلوبُهن سوى قلوب نِساء؟
[1] مصطفى باشا فهمي: هو مغلاقُ خَيْرِ عُلُوِّ الوطنيِّين ذوي النزعة الإسلامية فكان لهُم عَدُوًّا!!..
قال فيه الشيخ علي الخفيف في معرض حديثة عن زرع الانجليز له وزيرًا للخارجية في وزارة البارودي: "ولكنه كان من رجال العهد القديم... فلم يكن ينظر إلى الوطنيين نظرة الاحترام والتقدير، وإنما كان يرى فيهم فريقاً من الفلاحين يتطلعون إلى ما ليسوا أهلاً له... وعلى ذلك فقد كان وجود هذا الرجل في وزارة الخارجية عبئاً يُضاف إلى أعباء الوزارة". [التاريخ في سِيَر أبطاله: أحمد عرابي، مجلة الرسالة، العدد 314، (10/7/1939)، بتصرُّف]
و هو مفتاحُ شَرِّ تمكينِ الاستعمار في مصر و كان للاستعمار صَفِيَّه!!..
"قال مِلنر: إنه أول رئيس للوزارة المصرية يُشارك الانجليز عواطفهم غير متحفِّظ"!!.. [محمود شاكِر، الاستعمار البريطاني لمصر، جمهرة المقالات (2/920)، خطبة ألقِيَت في اللجنة العُليا للحزب الوطني (3/3/1949)]
و قد قال صلى الله عليه و سلم: ‹ فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ مَفَاتِيحُ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ› [حسن]
و صدقَ في رثاءِ شوقي لهذا الرجل قولُ وليد الأعظمي:
تماثيلُ أصنامنا شاخِصَاتٌ
بسَاحَاتِنَا فوقها لَقْلَقُ

تريدُ من الشعرِ أن ينحَني
ليكذبَ دومًا و لا يَصْدُقُ

و يروي البطولات عن ماجنٍ
جبانٍ و من ظِلِّه يَفْرَقُ

و يُوصف زورًا بحامي البلادِ
و يحميه من شعبه فَيْلَقُ

يُعادِي الأبَاةَ الكِرام الذينَ
يَرَوْنَ النِّظامَ هو الألْيَقُ


چَرْكَسِيٌّ وصل إلى رتبة فريق في الجيش المصري، و تولَّى إدارة عِدَّة محافظات، ثم استقر في منصب نَاظِرِ الخاصَّة الملكيَّة ثم صار سِرّتشريفاتيـًّا خِدِيويًّا (سِرّ-تشرفاتي) أي المسؤول عن استقبال ضيوف الخديوي و إقامة الاحتفالات!!.. و في ظل الاحتلال يصيرُ خادم المحتلّ سيدًا للبلاد و يوضع السادة الأحرارُ في القيود!!.. خَدَمَ رجالات الاحتلال حقيقةً في مأكلهم و مشربهم و مسكنهم فاصطفَوه لِيُعبِّد مصر كلها لهم فهو مُصطفى الانجليز لا مُصطفى المسلمين، هَلَك عام 1914 فاستراحت منه البلاد و العباد!!..
كان المرثيُّ عَيْنًا للاحتلال في وزارة البارودي فلما سقطت أبى أن يتولى رئاسة الحكومات الانتقالية التي مهَّدت للاحتلال في أوائل أيامه و هي 5 حكومات في 9 سنوات.. مكتفيا بمناصب وزارية مفصلية في غالب تلك الوزارات من 1882 إلى 1891.. عالمًا أن هذه الحكومات سرعان ما ستحترق بسبب تقلُّب الأوضاع و أن دورَه المرصود في خدمة الاحتلال أكبر من ذلك و أكثر استقرارًا..
ثم ولاَّه الانجليزُ رئاسة الحكومة في مايو 1891 ليكون بَرْذَعَةً يركبون بها البلاد حين رأوا الخديوي محمد توفيق مريضًا في أواخر أيامه، ليُقرّ الخديو عباس حلمي الثاني مُجبرًا تلك الوزارة فور جلوسه على الأريكة الخديوية في يناير 1892 لتستمر حتى يناير 1893..
و المرثيُّ الخائنُ في كل ذلك يُلمِّعُه فريقٌ من علماء الأزهر و طُلاَّبه المستغرِبِين على رأسهم محمد عبده و يُسَوِّغون له فِعاله و عمالته، و لكن يتصدَّى له عبد الله النديم على صفحات مجلَّته "الأستاذ" و يُصليه نيران كلماته حتى يُذيِّلَ النديمُ مقالته "الحقوق المقدسة" التي كتبها يمتدح استخدام الخديوي حقَّه المستمد من تفويض الباب العالي و عزلَه المرثيَّ؛ يُذيِّل مقالته تلك بقوله: " وبهذا انحسم النزاع الحاصل في شأن الوزارة وتم مراد الخديوي و نَفَذَتْ إرادتُه في كل ما أراده مُسْتَقِلاًّ بفكره رافضاً لكل تداخل أجنبي كما هو مقام إمارته المحفوظ حقه فيه بتقليد سلطانه الأكبر مولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى". [مجلة الأستاذ، (1/541)، (24/1/1893)] و لاحِظ مليًّا أخي القاريء تقديسَ النديم للحقوق المستمدَّة من الخليفة و اعتباره السُّلطانَ العثمانيَّ أميرًا للمؤمنين لتعلم معنى الوطنية في ذلك العصر و هو الانتماء لدولة الخلافة لا معناها السقيم اليوم المنحصر في تقديس رُقَعٍ مُمَزَّقَةٍ حدَّدتها اتفاقيةُ سايكس-بيكو.
و قام الشعب كلُّه يؤيد الخديوي الشاب الذي لم يبلغ العشرين من عمره وقتها "و لم يلبث أن سارت وفود الناس على اختلاف طبقاتهم، حتى الموظفين و القضاة، و يمَّمُوا شطر قصر عابدين في 18 يناير 1893 لكي يؤيدوا هذا الفتى فيما فعل. و كان هذا يومًا عجيبا في تاريخ مصر، دل على أن الشعب لا يغفل عن حقوقه، و لا ينام عن عدو أو صديق، و إن ظنَّ الجاهلُ به أنه راضٍ ساكنٌ قانعٌ بما كُتِبَ له أو عليه" [محمود شاكِر، أوطان، جمهرة المقالات (2/893،892)، مجلة الكِتاب (1947)]
و "يتفاقم الخلاف بين الخديوي و الإنجليز على إثر عزله مصطفى باشا فهمي... يبث النديم في مجلته الأستاذ روح الخلاف مع الإنجليز، و يستحث الهمم و العزائم لمناصرة الخديوي و مؤازرته، فيشتد الإقبال عليها -أي على مجلة الأستاذ-، و يجتمع عليه عداء الإنجليز و سخطهم على مسلكه، و حقد الصحفيين و حسدهم لمَكَانَةِ صُحُفِه؛ فيُرمَى بالتعصُّب، و يُتَّهم بالتهييج و إثارة الخواطر، و تُعَطَّل صحيفتُه، و يُنْفَى من وطنه -ثانية بعد أن كان نفاه توفيق و أعاده عباس فور مُلكِه-. و كان مما ودَّع به قرَّاءة في آخر عدد من مجلة الأستاذ الصادر في 13 من يونية سنة 1893 قوله:
(ما خُلِقَتِ الرجالُ إلا لمُصَابَرَةِ الأهوال و مُصَادَمَةِ النوائب، و العاقلُ يتلذَّذُ بما يراه في فصولِ تاريخِه من العظمةِ و الجلالِ، و إن كان المبدأُ صعوبةً و كِدْرًا في عين الواقفين عند الظَّواهِر، و على هذا فإني أودع إخواني قائلا:
أودِّعكم و اللهُ يعلم أنني
أحبُّ لِقاكُم و الخلودَ إليكمُ

وما عن قِلَىً كان الرحيلُ و إنَّما
دواعٍ تبدَّتْ فالسلامُ عليكمُ


[محمد كامل الفقي، الأزهر و أثره في النهضة الأدبية الحديثة، (2/ 24)]
و يُغلَب الخديويُّ الوطنيُّ الشابُ ثانيةً بعد أن فقد آلَتَهُ الإعلامية القويمة بنفي النديم، و يضع الانجليزُ المرثيَّ على رأس حكومة استمرت ثلاث عشرة سنة من نوفمير 1895 إلى نوفمبر 1908.. و هذه هي وزارته التي جعل مصر فيها ولاية بريطانية كامِلَة!!..

تمكينُ الأقلِّيات الإثْنِيَّة
عمل المرثيُّ على رفع شأن النصارى و اليهود و تعيينهم في الوظائف المرموقة و بخاصة الأقباط المصريين منذ بدء وزارته الأولى.. و دأب على تمكينهم من مفاصل الدولة!!.. فلُعْبَةُ تمكين الأقليات الإثنية قديمة جدًّا و لا زالت مفتاح سياسة "فَرِّقْ تَسُد Divide and rule".. و لقد اجتاحت الأقباطَ الغيرةُ من فرط فتح الباب على مصراعية للإرساليات التنصيرية الكاثوليكية و البروتوستانتية، فطمعوا في قيادة البلاد و التسيُّد على المسلمين، فعمَّتهُم أفكارُ "جماعة الأمة القبطية" المبنية على تمكين الأقباط من حُكم مصر باسم الصليب، و ذلك رغم رفض البطريرك كرلس الخامس لذلك التوجُّه المتطرِّف [راجع: لعنة جماعة الأمة القبطية، 2-9].. و لقد أدى رفضُ كرلس الخامس لتطرف أعيان الأقباط و متعلِّميهم و عمالتهم للانجليز إلى تآمرهم عليه مع مصطفى باشا فهمي و بسعي و إدارة من بطرس غالي؛ فعزلوا البطريرك عن إدارة المجلس الملِّي بقرار من مجلس الوزارء في يونيو 1892 -و هو المجلس الذي أنشأه إسماعيل سنة 1874 لإدارة كافة شؤون الأقباط و رعاية أوقافهم- و رغم عودة المياه إلى مجاريها في فبراير 1893 إلا أن بطرس غالي ظل يسعى في السيطرة على المجلس الملِّي حتى تنحَّى كرلس الخامس عن إدارته طواعية في 1906 [راجع: موسوعة تاريخ البطاركة في الكنيسة القبطية، 112- البابا كيرلس الخامس].. فآمن الأقباط أفواجا بذلك التطرُّف و العمالة للانجليز حتى قاموا يُطالبون باقتسام الحكم مع المسلمين في المؤتمر القبطي الشهير في 1911 بعد مقتل بطرس غالي -قائد تطرفهم و حادي عمالتهم- على يد الورداني في 1910.. و سيأتي الكلام بالتفصيل عن ذلك المؤتمر و تداعياته في التعليق على مرثية مصطفى رياض باشا..
إفسادُ ذمم موظفي الحكومة
فالمرثيُّ هو صاحب قرار منع موظف الحكومة من امتلاك عمل آخر أو إدارته؛ و المنشور بالجريدة الرسمية المصرية في 28 يونيو 1896.. و هو القرار الذي لايزال ساريا حتى الآن!!.. فيجعل ما من سبيل أمام الموظف لتحسين دخله إلا الرشوة أو الاختلاس، أو أن يكسل عن أعماله لانعدام رضاه براتبه و يتهرب في ساعات الدَّوامِ كما هو الحال الآن مُتعلِّلاً بأنه قد عَمِلَ "على قدر ما يتقاضاه من فُلُوس"!!..
إذابة الهوية الإسلامية عبر إفساد التعليم
فتح مصطفى الانجليز البابَ على نطاقٍ واسِع لانتقاء من يَسْهُل غسيل أدمغتِهم، و بعثهم للتعليم في بريطانيا ثم إعادتهم ممسوخين؛ خُدَّامًا للاحتلال و لكن مرموقين!!.. و قد بيَّن ذلك محمود شاكِر عام 1947 في مقالته "لسان السياسة البريطانية" فقال يردّ على السير ستانفورد كريبس الذي نادى بزيادة التعاون الثقافي و التجاري بين مصر و بريطانيا كحل لأزمة الاحتلال -و ما كان كريبس يقصد إلا زيادة التبعية و الإذلال- فقال شاكِر: "و لكنا نعلم يقيناً أنه ما من شاب نعرفه ذهب إلى بريطانيا و عاد إلى مصر و هو مصري القلب و اللسان، إلا و هو نعرفه منهم عاد إلى مصر و هو يبرأ منها بلسانه و قلبه و جوارحه إلا كفلته بريطانيا و مهدت له حتى يتبوأ المنزلة التي تنبغي لمثله... ولم يقف الأمر عند شأن التعليم بعدئذ، بل سار على هذا النهج في كل عمل في الوزارات المصرية، منذ كان وزير الاحتلال مصطفى فهمي باشا إلى هذا اليوم إلا من عصم الله" [مجلة الرسالة، (14/750)، (11/1947)].
و عيَّن المرثيُّ بأمر "كرومر" القسيسَ الاستكوتلنديَّ "دوجلاس دانلوب" خادم عرش بريطانيا سكرتيرًا عموميًا للمعارف في 8 مارس سنة 1897 ثم مستشارًا في 24 مارس سنة 1906 لتمتد جهوده التخريبية في التعليم المصري إلى عام 1930 و تصاحبنا إلى اليوم!!.. هذا الرجل الذي: عَلْمَن مناهج التعليم المصرية فنزع منها كل ما يمت للإسلام بِصِلَة، و حرص على تحجيم التعليم الأميري، و اهتم بالمدارس الأجنبية، و فتح لها الأبواب على مصراعيها، و حاول جاهدًا وأد التعليم العالي في مصر تمامًا، و أفسد نظام مدرسة المعلمين..
تمكين الأجانب من احتكار الثروات و القُوتِ الضروري
فها هو يمنح حق احتكار المِلح في مصر لشركة بريطانية و يسمح لشركة إيطالية بإنشاء ملاَّحات لاستخلاصِه في بورسعيد [محمد رشيد رضا، مقتطفات الأخبار، مجلة المنار (2/239)، (24/6/1899)] و لا يزال الملحُ الخشنُ يسمَّى في مصر حتى الآن بـ"الملح الانجليزي"!!.. فهذا مما بقي في ضمير المصريين المجتمعي من آثار احتكار الاحتلال لقوتهم الضروري!!..
الإسلامُ الانجليزي
فها هو محمد عبده يُعد ما أسماه بـ "تقرير إصلاح المحاكم الشرعية" دعمًا لمشروع حكومة مصطفى فهمي باشا لتعديل اللائحة الشرعية الذي أعدته الحكومة بأمر الانجليز لإضعاف القضاء الشرعي و تغيب الحُكم بما أنزل الله من الساحة السياسية المصرية تمامًا.. و كان المشروع ينص على ضم اثنين من أعضاء الاستئناف الأهلي "محكمة الاستئناف" إلى المحكمة الشرعية العُليا و كان مُخططا أن يكونا محمد عبده و سعد زغلول المستشارَين بتلك المحكمة!!.. و لكن يستعملُ اللهُ الشيخَ النواويَّ -و كان حينها شيخ الأزهر و مفتي الديار- فيتصدَّى للمشروع و يُقَلِّب عليه أعضاء مجلس شورى القوانين و الشعب كذلك بخطبة موجزة، و يعترض القاضي التركي على المشروع باسم الحكومة العثمانية؛ فتخنس حكومةُ المرثيّ و لا يجرؤ واحدٌ من أعضاء محكمة الاستئناف أن يدفع بنفسه أمام غضب الأمة الهادر و يطلب الانضمام للمحكمة الشرعية [علي الطنطاوي، إلى علماء الأزهر، (1947)، مقالات الدرر السنية (1/50)]، و هكذا سقط القانون ليبقى القضاءُ الشرعيُّ على حالة حتى يُلغِيهُ عبد الناصر بعد نصف قرن..
و لكن بعد أن عيَّن الخديويُّ محمدَ عبده مفتيا للديار المصرية في 3 يونيو 1899 فاصلا بذلك منصب الإفتاء عن مشيخة الأزهر لأول مرة، فها هو المرثيُّ بعد عشرين يومًا يُعين محمد عبده في مجلس شورى القوانين [محمد رشيد رضا، مقتطفات الأخبار، مجلة المنار (2/239)، (24/6/1899)] ليُسهِّل عليه مهمة تمرير ما يشاء مما يُخالف الشريعة بعد أن كان يعارضه الشيخُ النواوي رحمه الله!!..
و بعد فشل حلف الانجليز و حكومة مصطفى فهمي مع علماء السوء في تنحية بقية شرع الله عن المحاكم المصرية؛ قاموا يناورون بمشروع جديد يخترق القضاء الشرعي من الداخل و هو إنشاء مدرسة القضاء الشرعي حيث يختار لها اللورد كرومر مناهجها الدراسية!!.. لتخرِّج قضاةً على هوى الاحتلال بدلا من القضاة الوطنيين الذين يُخَرِّجهم الأزهر!!.. و تمت الاستعانة بالبارون كالِي حاكم البوسنة ليمد المدرسة بمناهج كلية القضاء التي أنشأتها النِّمسا في أرض البوسنة المسلمة فقضت بها على حكم الشرع هناك!!.. و رغم تعثر المشروع في عام 1905 لوفاة محمد عبده بعد أن كان قد خرَّج بعض الأفراد و أضاف نظام المُعيدين إلى هيئته؛ إلا أن سعد زغلول يرصد له ميزانية كبيرة هي 8574 جنيه من ميزانية وزارة المعارف التي يديرها في سنة 1907 (ما يوازي 25 مليون جنيه اليوم).. و لكن همَّة علماء الأزهر قامت و تم إلغاء المدرسة في العام نفسه بضغط شعبي عارم قاده علماء الأزهر من على منابر المساجد..
و لم يكُن محمد عبده يتأخَّر في تبرير رزايا مصطفى باشا فهمي.. فشرعنة الباطل هي مهمته الأساسية و حصر الإسلام في صورة ترضى عنها إنجلترا هي وظيفته المفرَدة.. فيخدع أول من يخدع تلميذَه النجيبَ محمد رشيد رضا و هو الذي حكى تبريرات أستاذه للمرثيِّ بعد ذلك بسنواتٍ فنقل عنه قولَه في مصطفى الانجليز: "إن هذا الرجل مهذب الأخلاق، نزيه النفس، محب لوطنه... ولكن عيبه الكبير هو ضعف الإرادة مع اعتقاده أن الإنكليز قد استولوا على هذه البلاد بضرب من ضروب الفتح السياسي العصري، والإنكليز يُجِلُّونه ويثقون به... فهم لا يكادون يخالفونه في شيء يقترحه عليهم؛ ولكنه هو لا يدري هذا ولا يدرك كُنْهَه، فهو كما يقول العوام في الوَلِيِّ الذي لا يعرف نفسه"[الحالة السياسية العامة في مصر، مجلة المنار، (7/1929)، بتصرُّف] فانظُر إلى العالم الذي دوره حمل الحق و الصدع به!!.. يغرس في وعي تلميذه بنعومةٍ خادعة أن المرثيَّ شريف و وطني مخلص لكنه معذور لضعفه و اضطراره لما يصنع و أنه مُتَأوِّلٌ يظن الخير في التصنُّع للانجليز!!.. ثم يقدم محمد عبده عُذر الانجليز بأن المرثي هو الذي لا يطلب منهم حقوق وطنه!!.. ثم يجعل للمرثي عذرا جديدا هو الحياء كحياء الولي الذي يتواضع عن ولايته و لا يُقسم على ربه!!.. ألا ساءت الأفهام و بئس العلم لا ينفع صاحبه بل يكون حجةً عليه إذ جعل علمه مُطيةً لأعداء الله يركبون به البلاد و يُخدِّرون به العباد!!..
و قد صدق في محمد عبده ما قاله محمود شاكر (المؤرِّخ) في من يسمح له الطاغوتُ بالظهور و السيادة من أهل العلم إذ قال: "فيأتون بمجموعة من أصحاب الرأي و العلم، أو من أصحاب الحكمة و الفقه، و يضعونهم بجانبهم يُبَرِّرُون لهم تصرفاتهم، و يُؤَيِّدُونها بأقوالٍ ليست صحيحةً بالضرورة، إذ يقدِّمونها دون أدلةٍ مناسبةٍ، و من غير أن تكون عندهم إحاطة تامّة بالموضوع. يفعلون هذا ليُعطوا لأفعال سادتهم الصفة الشرعية مقابل المصالح الدنيوية التي تُقدّم لهم، و ربما تكون من غير تقديم و لكن جهلاً بالموضوع" [سيادةُ الجُهّال: 68].
صناعةُ الانحلال
فتلقَّف المرثيُّ الشابَ قاسمَ أمين فور تخرُّجه من مدرسة الحقوق سنة 1881 و ضمه كموهبةٍ شابةٍ لجماعة شياطين الإنس التي ترعاها الأميرة نازلي ثقافيًّا و عرَّفه على محمد عبده مُنَظِّر القوم و حادِيهم بالعِلْمِ لأغراضِهم، فنبت على إثر ذلك أولُ كتابات قاسم أمين في الدعوة للسفور و هو كتاب "تحرير المرأة" سنة 1899. و كعادة مصطفى فهمي وقف إلى جوار الكاتب يدعمه و يُغريه بالاستمرار بينما وقف طودُ الوطنية الشامخ مصطفى كامل لهم بالمرصاد، و فتح صدر جريدته اللواء لكل من أراد الردّ على قاسم أمين!!.. و لكن المرثي يتمادى في دعم السفور حتى يكتب تقريظًا لكتاب قاسم أمين الثاني "المرأة الجديدة" المنشور سنة 1901 كما أثبت محمد رشيد رضا في مقالته "المرأة الجديدة" [مجلة المنار، (3/850)، (6/2/1901)]!!..
و كان مصطفى فهمي قد ضم شابا آخر إلى تلك الجماعة و هو سعد زغلول و زوَّجَه ابنتَه في سنة 1895!!.. نعم ذات السنة التي عينه فيها وزيرًا للمعارف في وزارته الطويلة التي استمرت حتى 1908.. و سيأتي الحديث بالتفصيل عن كيفية صناعة سعد زغلول و كذلك عن محمد عبده و قاسم أمين عند التعليق على مراثيهم إن شاء الله.. المهم عندنا الآن أن الباشا هو صانع تلك الزُّمرة و مُربِّيها بالاشتراك مع الأميرة نازلي.. تلك الزمرة التي طبَّقت ما نَظَّرَتْ له عمليا إبان اشتعال تظاهرات ثورة 1919؛ فبدلا من الاحتجاج ضد الانجليز نزلت ابنتُه التي خلعت اسمَه و ارتدت اسم زوجها (صفية زغلول) مع هُدى بنت محمد سُلطان باشا (المنتسبة إلى زوجها هي الأخرى و المتسمية بـ هدى شعراوي) و خَلَعْنَ الحجاب في ميدان الإسماعيلية بوسط القاهرة ليُسْبَغَ عليه بعد ذلك اسم ميدان التحرير!!..
و ليس العجب من أن الحرية عند الاستعمار الكافر و اذنابه هي السفور و ما يتبعه!!.. و لكن العجب في أن الطبعة الأولى من كتاب قاسم الأول قد انتهت بخطأ إملائي هو "انتهى كتاب (تَجْرِيدِ) المرأة" ذلك الخطأ الإملائي الذي هو عين حقيقة دعوة السفور!!.. ذلك الخطأ الذي تحقق حرفيًّا و زِيدَ عليه وحشيةً بعد أقل من قَرنٍ حين اغتُصِبَت 28 فتاة -إحداهن تم استئصال رحمها بسبب عنف الاغتصاب و أخرى وضع الجُناة في فرجها سِكِّينًا- و قد تم تجريدهن من ملابسهن في ذات الميدان "ميدان التحرير" وسط أمواج من المتظاهرين العالمانيين و بعضهن أمام كاميرات القنوات الفضائية في يناير سنة 2013!!.. ألا يصح لنا إذًا أن نسميه "ميدان التجريد"؟؟!!..
حادثةٌ عجيبة
و في أواخر سنة 1899 التي فاضت بمحاولات تعطيل البقية الباقية من شريعة الله في الحُكم و احتكار قوت الناس و منح الامتياز للكافرين في بلاد المسلمين و تلميع العملاء و كبت الوطنيين المسلمين؛ و في ذات أسبوع الاحتفال بميلاد الخديوي عباس حلمي الثاني الذي يحبه الشعب لوطنيته: فقد هاجت الرياحُ و هطلت الأمطارُ و ضربت صاعقة قويةٌ حديقةَ قصر مصطفى باشا حلمي و اتصلت بنظام بيته الكهربائي المتطور الفريد آنذاك و أحرقت حجرةَ مكتبه "فأحرقت جميع ما في المكتب من الأسفار و الأوراق و الرِّيَاش، و يقال: إن ثمن الكتب فيها نحو ألف جنيه -حين كان الجنيه الورقي المصري يُساوِى جنيها ذهبيًّا انجليزيًّا و ريالا فضيًّا تقريبًا-، و لولا إسراع رجال المطافئ بإطافئها لأحرقت الدار كلها". [محمد رشيد رضا، شذرات، مجلة المنار، (2/479)، 14/10/1899]
جلاَّد دنشواي الأكبر!!..
و هو رئيس وزراء دنشواي يونيو 1906، و أستاذ و مُربِّي جلاَّديها: بُطرس غالي و فتحي زغلول أعضاء المحكمة و إبراهيم الهلباوي ممثل الادعاء (النيابة) الذين حكموا على 4 فلاحين بالإعدام و 12 بالأشغال الشاقة المؤبَّدة و جلد 5؛ فشُنِقُوا و جُلِدوا أمام أبنائهم و نسائهم و هم برءاء و في عقر دارهم دنشواي.. و لو كانوا قتلوا الانجليزي فالأصل أنه معتدٍ غاصب و هُم أصحاب الأرض و لكنهم حقا لم يقتلوه!!..
و هي الحادثة التي بنى عليها مصطفى كامل رحمه الله جُلّ هجومه على الاحتلال أثناء طوافه بأوربا حتى أثْمَرَت جهودُه عَزْلَ كرومر في إبريل 1907، و تقرَّر إسقاط وزارة مصطفى فهمي التي سقطت بالفعل في نوفمبر 1908 بعد وفاة مصطفى كامل بتسعة أشهر فكان هذا انتصارًا عزيزًا لجهود الزعيم الوطني مُحِبِّ الإسلام و دولةِ الخلافة.. انتصار مصطفى المصريين على مصطفى الانجليز!!..
و كان أعظمَ ما في هذا الانتصارِ شموخُ مصطفى كامل في رفضه تولي الوزارة بدلا من مصطفى فهمي حين عرضها عليه السير كامبل باترمان رئيس الوزراء الإنجليزي.. فقد آثر أن يبقى طاهِرًا من رجس الاشتراك في الحُكم تحت نير الاحتلال!!.. و لم يكن يعلم رحمه الله أنه سيلقى الله على طهارتِه تلك بعد أشهر!!.. تُرى أهو اختيار الله لمصطفى كامل أن يكون مُخلِصًا غير مُتَلَبِّسٍ بِمُوالاَةِ أعدائِه حتَّى يلقاه!!..
عمالةٌ جارية!!..
و لما كان المرثيُّ و أسياده على ثقة بأنه ما عاد يصلُح في منصبه فور تفجُّر الغضب بسبب حادثة دنشواي في يونيو 1906 و طواف مصطفى كامل يضرب بتلك الحادثةِ حكومةَ مصطفى فهمي و يطعن الاحتلال؛ فقد عملوا جاهدين على تجميع صنائع المرثيِّ و تلامذته ليؤسِّسُوا شركة "الجريدة" بعد الحادثة بشهر واحِد!!.. و أعلنوا أنها صحيفةٌ لكنها كانت في الحقيقة نواةً لـ"حزب الأمة" الذي تأسَّس رسميا كأول حزبٍ مصريٍّ في سبتمبر 1907 ليكون لسان الاستعمار بعد ذلك و يستمر أثرُه إلى يومنا هذا كَعَمَالَةٍ جارية على روحِ المرثيٍّ!!..
حزبٌ دعى لمبدأين كبيرين: أن "مصر للمصريين" بمعنى تفضيل اليهودي و المسيحي المصري على المسلم غير المصري و بخاصة الأتراك أصحاب الخلافة الأخيرة، و الثاني أن "التربية و التعليم" هي حلُّ المسألة المصرية الأوحد لا الكفاح و لا جهاد المستعمرين!!.. فكان اختصار مباديء الحزب في كلمتين هما: الحصر و التدجين!!.. و كان إنشاءُ هذا الحزب هو الالتفافَ الخبيثَ لسحبِ بساط النِّضَالِ الوطنيِّ من تحت أقدام الوطنيين المخلصين زوي النزعة الإسلامية و الولاء لدولة الخلافة (الجامعة الإسلامية)..
و كان هذا الحزبُ إنشاءً لمعنىً جديدٍ ضيقٍ للوطنية وفق حدود سايكس-بيكو التي تقرَّرت قبل ذلك بثلاث سنوات، معنىً هُو حفيدٌ لمعنى "الشُّعوبِيَّة" التي روَّج لها إخوانُ الصَّفا في العصر العباسي.. فـ"الأمة" التي يتحزَّبون لها و يَتَّخِذُون اسمها شعارا لحزبهم هي "مصر" وحدها مفصولةً عن أمة الإسلام؛ بينما الأمة عند مصطفى كامل و من معه هي أمة الإسلام جمعاء.. و قد حكى الأديب نجيب شاهين عن أحمد لطفي السيد رئيس تحرير "الجريدة" و أبرز أعلام حزب الأمة في إحدى اجتماعاته أنه "تناول قلما و قِرطاسًا و رسم دوائر خارجًا بعضُها عن بعضٍ؛ فكتب في دائرة مصر و في الدوائر الأخرى تركية و غير تركية، و قال: هذه خطَّتُنَا السياسية، إننا مع اتصالنا بالبلاد الإسلامية دينًا، لا صِلَةً سياسيةً لنا بِهَا البتَّة" [أحمد لطفي السيد، مجلة لغة العرب العراقية (6/691)] و لقد كذب لُطفي في أنه مع الاتصال دينًا أيضًا!!.. و هذا هو بترُ مصر من الأمة الإسلامية ليَسْهُلَ أكلُها كاملةً فيما بعد انهيار الدولة العثمانية.
و لقد زاد زمرة حزب الأمة دَنَسًا أن امتدحهم اللوردُ كرومرُ نفسُه في تقريره الرسميِّ لعام 1906 فقال عنهم: "و هم ينشدون رقي بلادهم، و يعملون على تقدم إخوانهم في الدين من غير أن يصطبغوا بفكر الجامعة الإسلامية، و هم يرغبون في التعاون مع الأوربيين على إدخال المدينة الأوربية في مصر، و إنني أرى أن الأمل الوحيد للوطنية المصرية في معناها العملي الصحيح معقود بأعضاء حزب الأمة" [تشارلز آدمز، الإسلام والتجديد (214) نقلا عن: عمر الدسوقي، في الأدب الحديث، (2/75)] فأقرَّ عليهم بموالاتهم الاحتلال و بِرِضَا المستعمر عنهم و بأنهم ما تبقَّى للكُفر -الذي يمثلُه- من أملٍ في أن يحكم مصر و أن يسود.

[2] حقٌّ علينا أن نعدِّلها فنقول "أبا العُمَلاَء" اللهم إلا إن كانت "الوزراءُ" من الوِزر لا من الوَزَارَة و هُما على كُلِّ حالٍ من "وَ زَ رَ"!!..

[3] إسماعيل: الخديوي إسماعيل؛ حيث كان المرثي من صنائعه و بقايا نُدمائه الأحياء.

[4]بل لا تنتهي شمائل الرؤساء إلا إلى محمد بن عبد الله و سائر الأنبياء - عليهم الصلاة و السلام - فهم سادة الرؤساء و خيرة الخلق؛ و هذا غلوٌّ فاحش من شوقي في مُصطفى الانجليز فينسب إليه صفة المصطفى!!.. قال صلى الله عليه و سلم: ‹أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَ أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَ أَوَّلُ شَافِعٍ وَ أَوَّلُ مُشَفَّعٍ› [مسلم: 2278].

[5] ليس أحد طاهر الأهواء إلا الأنبياء لأنهم وحدهم معصومون، فهُم المستثنَون من الغِوَايةِ فيما حكاه اللهُ تعالى عن الشيطان بقولِه: ï´؟ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ ï´¾ [ص: 82، 83] أما سائر البشر فأهواؤهم فيها و فيها؛ خاصة من شَهِدَ له مِلْنَر وزير المستعمرات البريطاني أنه "يُشارك الانجليز عواطفهم"!!..

[6] وَصْفُ شوقي من تكلموا في مصطفى فهمي بالسفهاءِ غُلُوٌّ لم يُقرّه شوقي نفسه!!.. و هكذا الشعراء: يَغْلُون فلا يُنصِفُون و يُفْرِطُون فلا يَتَرَوُّون و يَتَقَلَّبون فلا يَثْبتُون ï´؟ أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ ï´¾ [الشعراء: 225، 226].. فلقد كان ممن نعتهم شوقي بالسفه ضمنًا مصطفى كامل باشا رحمه الله، و سيأتي التعليق على رثاء شوقي له في مستقبل الإضاءات إن شاء الله!!..

[7] و لقد حكم التاريخُ حقًّا و لكن في غير صالِح المرثي و لا من رَثَاه!!.. و يحقُّ لنا هُنا أن نتساءل في خصم أمواج الصراع تِلك بين مصطفى فهمي باشا خادم الاحتلال و بين الخديوي الوطني المؤمن بفكرة (الجامعة الإسلامية)، أين كان شعر شوقي؟ و في صفِّ مَن؟
فالشعر في عصرهم هو الإعلام و الإعلام أمضى أسلحة الصراعات السياسية؟؟!!.. لقد سكت شوقي حتى أنه حين أنشد عن دنشواي و عن عزل كرومر أنشد أبياتًا باهتة لا روح فيها و لا حماسة و بالطبع تجنب الدخول في بوتقة الصراع بين الانجليز و الوطنيين بل هو منذ البداية لم يُعلق على حادثة الاحتلال نفسها في 1882 بشعرٍ و لا حتى بكلمة!!..
و ها هو ذا محمود شاكِر يُجيبنُا عن تساؤلنا بعد ثلاث و ثلاثين سنة من رثاء شوقي لمصطفى الانجليز فيقول: "و سكوت شوقي هذا السكوت المريب عن أفظع بلوى منيت بها البلاد -يقصد الاحتلال-، لم يكن إلا أنه كان منذ أول عهده يسمو ببصره إلى أن يكون (شاعر الخديوي صاحب المقام الأسمى في البلاد)" و لقد "كان شوقي طموحا إلى أشياء بعينها أخذت عليه المسالك: أن يكون (شاعر الأمير) و أن يظل (شاعر الأمير) و إن اختلفت الأمراء، فمن أجل ذلك تراه لا يزال يخشى أن تتغير الحال بعد قليل فتتغير حاله، فيؤثر أن يُمسك لسانه و لا يسترسل مع أميره هذا الجريء -يقصد عباس حلمي الثاني-" [أوطان، جمهرة المقالات (2/891،894)، مجلة الكِتاب (1947)].

[8] بل لا يكفي الإخلاص في الرأي لتتعصَّب له كعقيدتك و تتخذه دينًا!!.. فما ضلَّت الأقوام و لا هلكت الأمم و لا ذهبت الممالك إلا بآراء رؤساءٍ رأَوْهَا فحملوا الناس على اعتقادها؛ فلمَّا غرقوا أغرقوا جماهير أعوانهم و أفسدوا حال الناس معهم كحال فِرعون الهالك إذ قال: ï´؟ مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَ مَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ ï´¾ [غافر:29].. بل على المرء منا أن يُنَاظِرَ رأيه إلى النصوص و لا يعتقد إلا ما عنده فيه من الله سُلطان بَيِّن..

[9] و أي كِبر و عزَّةٍ يُشير إليها شوقي و قد غلَّف المرثيُّ الخيانةَ بغلاف الوطنيَّة و حفظ حقوق الخِلافة!!..
فأعلن سنة 1899 أنه امتنع عن عقد شركة (اتفاقية) بين الحكومة المصرية و البريطانية تجعل حُكم السودان خالصا للإنجليز دون المصريين، و أعلن أن امتناعه ذلك حفاظًا على حق الدولة العثمانية في تقرير مصير السودان!!..
و قد دافع عنه مُبَرِّرُوا رَزَايَاه و قالوا بأن هذا الفِعل فعلٌ وطنيٌّ يُحمد له و أن هذا موقفٌ عزيزٌ وقفه أمام الاحتلال ناصر فيه سيادة الدولة العثمانية.. إلا أن هذا الفِعل كان خديعة كُبرَى برَّأ فيها نفسه و مَسَح إثمها في ذيل بُطرس غالي!!.. فلكل عميلٍ للاحتلال في كل زمان حُدودٌ لا يستطيع تخطِّيها بنفسه و هو لم يجد مسوغًا من قانونٍ يُتيح له السطو على حق الدولة العَلِيَّةِ ذلك.. "فلما لم يمكن جَعْل عقد الشركة بقرار من مجلس النظار، بناء على أنه لا حق له في عقدها؛ رضوا بما دونه، و هو عقدها مع وزير الخارجية" [مسألة مصر والسودان ومشروع المعاهدة بين مصر والإنكليز، المنار (30/713)، (4/1930)]..
أوجد المرثيُّ الحل في جعل الاتفاق مع وزير الخارجية دون إحراج مجلس الوزارء و تم تنفيذ الاتفاقية رغم افتقارها لموافقة مجلس الوزراء!!.. و هكذا الخيانة في كل عصر يوجد لها أربابُها كل مخرجٍ و يُغلِّفونها بغلاف الأمانة و الوطنية و ربما بغلاف النضال و الجهاد!!..
و في هذه الحادثة فوائد كثيرة منها: أن للخائن حدودًا لا ينبغي له تجاوزها فغذا وقف عندها حسب الناسُ وقفته تلك كرامة و إباءً!!.. و للخيانة أصولٌ ينبغي مراعاتها وفق الظروف، و منها أن الرجل يصنع بأعوانه ما لا يصنعه بنفسه فمصطفى فهمي هو الذي أدخل بطرس غالي الوزارة، و منها أن الاحتلال يصطفي الأقدر على خدمته دومًا فكما رفعوا المرثي من وزير خارجية في حكومة البارودي إلى رئيس وزراء عبَّد لهم البلاد سيرفعون بطرس غالي من وزير خارجية إلى رئيس وزراء هو الآخر فور سقوط مصطفى فهمي بسبب حادثة دنشواي.. ليضمن لهم بطرس تنويم الشعب عن ثاراته، و منها أن من يخادِع نفسه ينخدع و من يترك نفسه في صحبة شيوخ السوء يَعْمَه عن مساوي سادتهم.. فها هو الشيخ محمد رشيد رضا تلميذ محمد عبده المقرَّب هو راوي حذافير الحكاية ينطلق في أعداد أخرى من مجلة المنار يعد هذا الفعل من مآثر مصطفى فهمي الوطنية و يدافع عنه به!!..

[10] و لقد كَذَبَ شوقي التاريخَ!!.. فلقد كان سقوطُ وزارة المرثيّ الطويلة بعد ثلاث عشرة سنة عجافٍ حدثًا سارًّا.. و لقد تندَّر شيخُ الشعراء إسماعيل صبري باشا على "سقوط" الوزارة متسائًلا بسخرية عن "السقوط" أن كيف يسقط مصطفى الانجليز و هو ساقطٌ دنيءٌ ملتصقٌ بالتُّراب أصلا فقال سنة 1909:
عجبتُ لَهُم قَالُوا: "سَقَطْتَ" وَ مَنْ يَكُن
مَكَانَكَ يَأمَن مِنْ سَقَوطٍ وَ يَسْلَمِ

فَأَنْتَ امرؤٌ أَلْصَقْتَ نَفْسَكَ بالثَّرَى
وَ حَرَّمْتَ خَوْفَ الذُّلِّ مَا لم يُحَرَّمِ

فلَوْ أسْقَطُوا مِنْ حَيْثُ أنتَ زُجَاجَةً
عَلَى الصَّخْرِ لم تُصْدَعْ وَلم تَتَحَطَّمِ



[11] يشير إلى نشوب الحرب العالمية الأولى قُبيلَ وفاتِه، وأنه كان مثالاً للحفاظ على السلام في بلده و العالم و يقول كأن السلم فتاة قتلتها الحرب فلو عاشت لترى موت المرثي لماتت حزنا عليه!!.. و هذا مدحٌ ليس في محله بل هو الذم بعينه؛ فشعوب العالم تقتتل لتستخرج حقوقها و أرضها و تسود على بعضها البعض؛ بينما المرثيُّ خدَّر الأمة المصرية و فصلها عن أمَّةِ الإسلام و وضعها تحت طوع الاحتلال الانجليزيِّ يُلغي هويتها و ينهب خيراتها؛ و هذا استسلام و تبعية للاحتلال الغاصب و لا علاقة له بسلام القوة و الندِّية و الكرامة؛ و في سلام الاستسلام فسادُ الأرض!!.. فصلاحُ البلاد بل الأرض كلها في نضال أصحاب الحق عن حقِّهم و مناوأتهم لعدوِّ الله و عدوِّهم.. قال تعالى: ï´؟ وَ لَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى العَالَمِينَ ï´¾ [البقرة: 251].

[12] فأما غبار قبر مصطفى الانجليز فلن يُنْفَضَ عنه إلاَّ يوم القيامة!!.. و حينها سيكون مشغولا بمطالبات من أتى بعده من المصريين الذين أضَلَّهم و وسَّد للكُفرِ بلادَهم و أذلَّ له أعناقهم على مر ما أتى بعده من عصور.. و كم في أعناق الخائنين من حقوق!!..

[13] يقصد بقوله "حرم المسيح" مدينة القدس فقد طالَتْهَا الحربُ حتى دخلها الجنرال إدموند هنري اللمبي بعد ذلك سنة 1917 و بدأ تهويدها، و لكن ليس للمسيح - عليه السلام - حَرَمٌ، و القدسُ على شرفِهَا و مكانتها ليست بحرمٍ؛ قال شيخ الإسلام: "و ليس في الدنيا حَرَمٌ لا بيت المقدس و لا غيره إلا هذان الحرمان -مكة و المدينة-" [كتب و رسائل و فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: (26/117)، بتصرُّف].

[14] في هذا البيت و الثلاثة قبله يمتدحُ شوقي فداء شباب المحاربين في الحرب العالمية الأولى!!.. يمتدح المحاربين من كل فريق فيصف شجاعتهم في فِدى أوطانهم و دفع أهليهم إياهم لذلك الفداء.. و رغم أن تلك الحرب كانت حرب سيطرة تَبِعَتْهَا أختُها الثانيةُ حتى حدَّد العالم الغربيُّ قيادته ليسود.. إلا أنني أقول: لو قال شوقي هذه الكلمات في الوطنيين من المصريين الذين حموا حمى الإسلام ضد الانجليز لكان خيرًا و لكان يكفيه عن سكوته الطويل بدلا من قولها في متحاربين من فِرقٍ شتَّى و لو كان بينهم جيوش الدولة العثمانية!!..

[15] أما بنته صفية و زوجها سعد زغلول فهما مُتجرِّدان عن كل مكرمة.. و سيأتي ذكرهم في مرثية سعد إن شاء الله..

[16] الزهراء: هي فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم؛ و كم يؤلمي عزاء شوقي لصفية زغلول رائدة السفور في أبيها مصطفى الانجليز بتمثيل حالتها بحالة سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء رضي الله عنها في فقد أبيها سيد ولد آدم صلى الله عليه و سلم!!.. و هذا و الله ليس من توقير مقام النُّبوَّة!!.. لكن هكذا المنتفعون و الأتباع حين يَغْلُون في سيِّدهم و لو كان شرَّ الناس!!.. يجعلونه في مرتبة الوليِّ ثم يرفعونه إلى مرتبة النبيِّ و ربما عدُّوه عمليًّا -بطاعتهم إياه مغمضين و تقديسهم له و تنزيهه عن الأخطاء و الزلاَّت- في مرتبة الإله!!..



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

 

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.08 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 119.35 كيلو بايت... تم توفير 3.72 كيلو بايت...بمعدل (3.02%)]