شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 81 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         قد كان لي قلب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          قيم عائلية مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          إن الله يحول بين المرء وقلبه.. (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 24 - عددالزوار : 18789 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 25 - عددالزوار : 6336 )           »          أخلاق العمل في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          القواعد والضوابط الفقهية في الأعمال الخيرية والوقفية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 37 - عددالزوار : 12514 )           »          بركـــة طعــام المسلـم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          أهم تيارات التكفير والعنف ودور الدعوة السلفية في مواجهتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 8 - عددالزوار : 650 )           »          خشـونـة الركـبـة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #801  
قديم 16-08-2022, 08:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

سقوط الإحداد عن الكتابية المتوفى عنها زوجها


شرح حديث أم حبيبة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال...)


قال المصنف رحمه الله: [ باب سقوط الإحداد عن الكتابية المتوفى عنها زوجها. أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني أيوب بن موسى عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أن أم حبيبة رضي الله عنهما، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول على هذا المنبر: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة، وهو: سقوط الإحداد عن الزوجة الكتابية، والنسائي فهم من الحديث أن الكتابية ليس عليها إحداد، وذلك من التعبير: (تؤمن بالله ورسوله)؛ لأن الكتابية لا تؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، بل هي على دينها، ولا تشهد أن محمداً رسول الله، ففهم النسائي من التعبير بقوله: (تؤمن بالله ورسوله) أن الكتابية -وهي لا تؤمن بالله ورسوله- ليس عليها إحداد؛ وبهذا قال بعض أهل العلم، وعمل النسائي يدل على أنه يرى أن الكتابية لا إحداد عليها، لكن ذهب كثير من أهل العلم إلى أن كل متوفي عنها زوجها عليها الإحداد، ولو كانت كتابية، ويقول: إن ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، إنما المقصود منه أن من يكون كذلك هو الذي يلتزم، وهو الذي يأخذ بالأحكام، وهو الذي ينفذ الأحكام، فالمقصود من ذلك: التغليب، يعني: في قضية الإيمان بالله ورسوله، والإيمان باليوم الآخر، أي: أن شأن المسلم هو الذي يمتثل، لكن لا يعني ذلك: أنه يفهم منه أن الذي لا يؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم، ممن تكون زوجة لمسلم وهي كتابية، أنه لا إحداد عليها، فإن عليها الإحداد، وهذا هو الذي يظهر، وعموم الأدلة الدالة على الإحداد للأزواج منهن الكتابيات، فليس هناك نص يدل على إخراج الكتابية إلا هذا المفهوم، كونها تؤمن بالله ورسوله، لكن المقصود من هذا هو التغليب، وعلى هذا فالإحداد لكل متوفى عنها زوجها، ولو كانت كتابية.

تراجم رجال إسناد حديث أم حبيبة: ( لا يحل لامرأة تحد على ميت فوق ثلاث ليال...)


قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور ].هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ عن عبد الله بن يوسف ].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب بن موسى ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن نافع ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب بنت أبي سلمة ].
هي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم حبيبة ].
هي أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل


شرح حديث الفارعة بنت مالك: (... اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)


قال المصنف رحمه الله: [ مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل. أخبرنا محمد بن العلاء حدثنا ابن إدريس عن شعبة وابن جريج ويحيى بن سعيد ومحمد بن إسحاق عن سعد بن إسحاق عن زينب بنت كعب عن الفارعة بنت مالك رضي الله عنها: ( أن زوجها خرج في طلب أعلاج فقتلوه، قال شعبة وابن جريج : وكانت في دار قاصية، فجاءت ومعها أخوها إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له، فرخص لها، حتى إذا رجعت دعاها فقال: اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].
ذكر النسائي هذه الترجمة، وهي: مقام المتوفى عنها زوجها في بيتها حتى تحل، يعني: أن المتوفى عنها زوجها، تبقى في بيت زوجها، وتستمر حتى تحل وتنتهي عدتها، هذا هو المقصود، أو الذي تقتضيه الترجمة، وقد أورد النسائي حديث الفارعة بنت مالك رضي الله عنها، أو الفريعة بنت مالك رضي الله عنها أن زوجها خرج في طلب أعلاج.
أعلاج جمع علج، وهم رجال من العجم يعني: وهم عبيد كما جاء في بعض الروايات أعبد، فقتلوه، يعني: كانوا هربوا ولحق بهم ليبحث عنهم، ولما أدركهم قتلوه، فجاءت تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم، وتستأذن أن تنتقل إلى أهلها، فالرسول عليه الصلاة والسلام أذن لها، ولما انصرفت دعاها وقال: (اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله).
يعني: حتى تنتهي عدتها، وحتى تصل إلى آخر العدة التي هي أربعة أشهر وعشر أو وضع الحمل.

تراجم رجال إسناد حديث الفارعة بنت مالك: (... اجلسي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله)

قوله: [ أخبرنا محمد بن العلاء ].هو محمد بن العلاء أبو كريب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إدريس ].
هو عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ويحيى بن سعيد ].
هو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومحمد بن إسحاق ].
هو محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن سعد بن إسحاق ].
هو سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن زينب بنت كعب ].
مقبولة إذا كانت غير صحابية، أخرج لها أصحاب السنن الأربعة
[ عن الفارعة بنت مالك ].
الفارعة، أو الفريعة بنت مالك صحابية، وحديثها أخرجه أصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث الفريعة بنت مالك: (... اعتدي حيث بلغك الخبر) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن يزيد بن محمد عن سعد بن إسحاق عن عمته زينب بنت كعب عن الفريعة بنت مالك رضي الله عنها: ( أن زوجها تكارى علوجاً ليعملوا له فقتلوه، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقالت: إني لست في مسكن له، ولا يجري علي منه رزق؛ أفأنتقل إلى أهلي ويتاماي وأقوم عليهم؟ قال: افعلي، ثم قال: كيف قلت؟ فأعادت عليه قولها، قال: اعتدي حيث بلغك الخبر ) ].أورد النسائي حديث الفريعة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله إلا أنها فيه شيء زائد، وهي أنها تكون عند أهلها وتقيم معهم، وتكون مع يتاماها، وأنه ليس لها نفقة ولا سكنى، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك دعاها، وقال: (اعتدي حيث بلغك الخبر ) أي: حتى يبلغ الكتاب أجله، يعني: بلغها الخبر وهي في بيتها، وليس معنى ذلك: أي مكان يبلغها الخبر تبقى فيه؛ لأنها قد تكون عند زائرة عند بعض الناس، فلا تبقى عندهم، وإنما المقصود الذي بلغها الخبر وهي في مسكنها، يعني: في مسكنها، وقوله: [ليس لها سكنى] يحتمل أن يكون ليس هناك سكنى مستقلة، بل يمكن أن تكون مع أهله.

تراجم رجال إسناد حديث الفريعة بنت مالك: (... اعتدي حيث بلغك الخبر) من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الليث ].
وقد مر ذكره.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[ عن يزيد بن محمد ].
هو يزيد بن محمد بن قيس بن مخرمة المطلبي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[ عن سعد بن إسحاق عن عمته زينب بنت كعب عن الفريعة بنت مالك ].
وقد مر ذكرهم، والثلاثة خرج لهم أصحاب السنن الأربعة.

حديث الفريعة بنت مالك: (... امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن سعد بن إسحاق عن زينب عن فريعة رضي الله عنها: ( أن زوجها خرج في طلب أعلاج له، فقتل بطرف القدوم قالت: فأتيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكرت له النقلة إلى أهلي، وذكرت له حالاً من حالها قالت: فرخص لي، فلما أقبلت ناداني فقال: امكثي في أهلك حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].ثم أورد النسائي حديث الفريعة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [ أخبرنا قتيبة عن حماد ].

حماد هو ابن زيد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

[ عن سعد بن إسحاق عن زينب عن فريعة ].
وقد مر ذكرهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #802  
قديم 16-08-2022, 08:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(456)

- (باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت) إلى (باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر)



من توفي عنها زوجها وجب عليها العدة أربعة أشهر وعشراً فيما إذا لم تكن حاملاً، ويجب عليها الإحداد في هذه العدة، وهي ترك الزينة والتجمل، فلا تكتحل، ولا تختضب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً بالعصفر ونحوه لحق الزوج.

الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت


شرح أثر ابن عباس: (نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت.أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يزيد حدثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح قال: عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما: نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت، وهو قول الله عز وجل: غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] ].
يقول النسائي رحمه الله: الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت، سبق أن مر أن المتوفى عنها زوجها تعتد وتمكث في بيت زوجها مدة العدة، وقد سبق الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه أمر المرأة المتوفى عنها زوجها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، أي: حتى تصل إلى نهاية العدة، ثم أورد النسائي بعد ذلك هذه الترجمة وهي: الرخصة للمتوفى عنها زوجها أن تعتد حيث شاءت، يعني: سواء في بيت زوجها أو في غير ذلك، وأن الأمر يرجع إليها، وقد أورد في ذلك أثراً عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وهو أن هذه الآية نسخت اعتداد المرأة في أهلها، وذلك في قوله الله عز وجل: غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] ومقصوده من هذا ما بعد هذه الجملة وهي قول الله عز وجل: فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ [البقرة:240] يعني: أنهن إن خرجن فلهن ذلك، وبعض أهل العلم قال: إن المقصود من هذا الذي جاء في الآية وهو الترخيص لها في أن تخرج هو ما زاد على أربعة أشهر وعشر؛ لأن الآية جاءت في ذكر الحول وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ [البقرة:240] أي: أنهن يتربصن ويمكثن، أو أنه أوصاهن أن يبقين هذه المدة وأن الأمر يرجع إليهن في الخروج، قال: فمدة الأربعة الأشهر والعشر هذه تمكثها وليس لها الخيار كما جاءت بذلك السنة، وما زاد على ذلك فإن هذا إليها، إذا أرادت أن تخرج فلها ذلك، إن أخذت بالوصية أخذت، وإن لم تأخذ فإن لها أن تخرج وأن تسكن حيث شاءت.
والنسائي رحمه الله أطلق الترجمة، ويفهم منه أن الأمر يرجع إليها مطلقاً في مدة العدة كلها، مدة الأربعة الأشهر، وبعض أهل العلم يقول: إن الأربعة الأشهر والعشر هذه ليس لها الخيار، بل تمكث في بيت زوجها، وما زاد على ذلك إذا خرجت فلا جناح عليها، هذا هو الذي تقتضيه هذه الآية، وهي منسوخة في حق الحول، ولكن بالنسبة للمدة أربعة أشهر وعشر وهي الآية التي قبلها فإنها نسختها، وهي أنها تعتد أربعة أشهر وعشراً ولا تعتد حولاً، ولكن من حيث الوصية في السكنى، فإن الواجب هو سكناها أربعة أشهر وعشر، وما زاد على ذلك إن خرجت فلا جناح عليها.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس: (نسخت هذه الآية عدتها في أهلها فتعتد حيث شاءت ...)


قوله: [أخبرني محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ].هو المشهور أبوه بـابن علية، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[ عن يزيد ].
هو ابن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ورقاء ].
هو ورقاء بن عمر اليشكري، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن أبي نجيح ].
هو عبد الله، وهو ثقة، ربما دلس، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وابن أبي نجيح بالفتح، أي: ضبط القلم فقط، لكن في ترجمته ما ضبط بالحروف.
[ عن عطاء ].
هو ابن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو، وهو أحد السبعة المشهورين والمعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر


شرح حديث فريعة: (...امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله)


قال المصنف رحمه الله: [ عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر.أخبرنا إسحاق بن منصور حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سعد بن إسحاق حدثتني زينب بنت كعب حدثتني فريعة بنت مالك أخت أبي سعيد الخدري قالت: ( توفي زوجي بالقدوم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له أن دارنا شاسعة فأذن لها، ثم دعاها فقال: امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله ) ].
ذكر النسائي هذه الترجمة وهي: عدة المتوفى عنها زوجها من يوم يأتيها الخبر.
مقتضى هذه الترجمة، أنها تبدأ بالعدة من حين مجيء الخبر إليها، لكن ليس في الحديث الذي أورده دلالة على هذا، وإنما العدة تبدأ من حين الوفاة، سواء بلغها الخبر أو ما بلغها الخبر، وإذا بلغها الخبر فإنها تحد المدة الباقية إلى نهاية الأربعة أشهر وعشر أو إلى وضع الحمل، ولو لم يأتها الخبر إلا بعد انتهاء العدة، فإنه لا تعتد شيئاً وراء ذلك، بل لو بلغها الخبر بعد مضي أربعة أشهر وعشر، فإنها قد انقضت عدتها، ولا تبدأ بعدة جديدة من حين وصول الخبر إليها، لأنه ليس هناك شيء يقتضيه، والمقصود من ذلك تربص أربعة أشهر وعشراً بعد الوفاة، وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] فالتربص إنما هو امتناع عن الزواج، وامتناع عن الزينة مدة العدة حتى يبلغ الكتاب أجله، وهو مضي أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، ووضع الحمل إن كانت حاملاً، وعلى هذا فليس هناك دليل يدل على أن الحساب بالنسبة للعدة يبدأ من حين بلوغ الخبر، بل العدة تبدأ من الوفاة، وإذا بلغ الخبر من أول الأمر فكل هذه المدة إحداد مع التربص، وإذا لم يبلغ إلا في أثنائها، فإنها تحد فيما بقي، وإذا بلغ الكتاب أجله الذي هو أربعة أشهر وعشر إن كانت غير حامل، فإنها تكون قد انقضت عدتها، وإن كان الخبر لم يبلغها إلا بعد انقضاء العدة ولا يلزمها أن تمكث أربعة أشهر وعشراً أخرى بعد وفاته على اعتبار أنه مضت أربعة أشهر وعشراً وهو ما بلغها الخبر، فليس هناك شيء يدل على هذا، والحديث الذي أورده النسائي هنا لا يدل على هذه الترجمة.
والحديث الذي أورده حديث فريعة أن زوجها توفي بالقدوم وأنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأمرها أن تمكث في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فكانت تستأذن أن تخرج من بيتها، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرها بأن تعتد في بيتها حتى يبلغ الكتاب أجله، فليس فيه دلالة أنها تعتد من حين بلوغ الخبر، بل العدة تبدأ من الوفاة، بلغ الخبر لها ووصلها في وقت مبكر أو تأخر مدة من العدة أو بعد العدة كلها، فإن العدة هي أربعة أشهر وعشر من حين الوفاة وليست من حين بلوغ الخبر.

تراجم رجال إسناد حديث فريعة: (... امكثي في بيتك أربعة أشهر وعشراً حتى يبلغ الكتاب أجله)


قوله: [ أخبرنا إسحاق بن منصور ].هو إسحاق بن منصور الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[ عن عبد الرحمن ].
هو ابن مهدي البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سفيان ].
هو ابن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعد بن إسحاق ].
هو سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن زينب بنت كعب ].
هي زينب بنت كعب بن عجرة، وهي مقبولة، أخرج حديثها أصحاب السنن الأربعة.
[ عن فريعة بنت مالك ].
صحابية، أخرج حديثها أصحاب السنن الأربعة.


ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية


شرح حديث زينب بنت أبي سلمة: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)


قال المصنف رحمه الله: [ ترك الزينة للحادة المسلمة دون اليهودية والنصرانية.أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له أنبأنا ابن القاسم عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة أنها أخبرته بهذه الأحاديث الثلاثة، قالت زينب : ( دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين توفي أبوها أبو سفيان بن حرب فدعت أم حبيبة بطيب فدهنت منه جارية ثم مست بعارضيها، ثم قالت: والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
[ قالت زينب: ( ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، وقد دعت بطيب ومست منه ثم قالت: والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: ترك الزينة للحادة المسلمة غير اليهودية والنصرانية، هذه الترجمة المقصود بها هو أن الزوجة المسلمة المتوفى عنها زوجها تبتعد عن الزينة، وهذا هو الإحداد؛ لأن الإحداد هو ترك الزينة مدة العدة، وقال: غير اليهودية والنصرانية، فإنها ليست كالمسلمة وأن لها أن تتزين؛ لأن الحديث جاء فيه ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وقد سبق أن مر أن الكتابية، أو الذمية يسقط عنها الإحداد، وقد عرفنا فيما مضى أنه ليس هناك دليل يدل على سقوط الإحداد عن الذمية، لأن قوله عليه الصلاة والسلام: تؤمن بالله واليوم الآخر أو تؤمن بالله ورسوله، هذا إشارة إلى أن المسلم هو الذي يبادر وهو الذي ينفذ، لكن لا يعني ذلك، أن غير المسلم لا يخاطب بالأحكام والفروع، فالكفار مخاطبون بفروع الشريعة على القول الصحيح، أي: أنهم مخاطبون بالأصول والفروع، لكن إتيانهم بالفروع مطلوب منهم أن يأتوا قبله بالأصول، وأن يأتوا معه بالأصول، لكن لو فعلوا الأمور التي هي فروع كالصلاة وغيرها فإنها لا تقبل منهم؛ لأنه لا بد أن يسبقها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفائدة كونهم مكلفين بالفروع مع أنهم لا يثابون عليها لو فعلوها -لأنه لا بد أن يسبقها الإسلام- أنهم يعاقبون على ترك الأصول وعلى ترك الفروع، فيكون لهم زيادة في العذاب على ترك الفروع مع تركهم للأصول، ولهذا فالكفار يتفاوتون في الشر، وبعضهم أشد من بعض، وأسوأ من بعض، كما أن المؤمنين يتفاوتون في الإيمان، وبعضهم أعلى من بعض درجة، فهؤلاء يتفاوتون في الكفر، ويتفاوتون في الشر، وبعضهم أسفل من بعض وبعضهم أنزل من بعض، والكفر دركات بعضه أحط من بعض وأسوأ من بعض، ولهذا يقول الله عز وجل: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَاباً فَوْقَ العَذَابِ [النحل:88] ولهذا فالذي هو كافر ولا يؤذي المسلمين أهون وأخف من الكافر الذي يلحق الأذى بالمسلمين، فهذا يعاقب على كفره وعلى إيذائه، وهذا يعاقب على كفره، كما أن الإيمان درجات بعضه أعلى من بعض، والمؤمنون بعضهم أعلى من بعض في الدرجات وفي الإيمان، وفي ثمرات الإيمان وفي نتائجه في الدار الآخرة، والكفار متفاوتون في ذلك في الدنيا والآخرة.
وعلى هذا فهذا الذي ذكره النسائي في هذه الترجمة كالذي ذكره في الترجمة السابقة في سقوط الإحداد، وليس هناك دليل واضح يدل على هذا إلا ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر، وهذا لا يعني: أن الكتابية لا تحد على زوجها، وإنما ذكر الإيمان بالله واليوم الآخر لأن المؤمن هو الذي يمتثل، وهو الذي يرجو الثواب ويخشى العقاب، فذكر الإيمان بالله واليوم الآخر يدفعه إلى أن يمتثل ما أمر به وينتهي عما نهي عنه، ولكن لا يعني ذلك أن هذه الأحكام لا تجري على الكفار وعلى الزوجة الذمية التي زوجها مسلم بحيث لا تحد عليه، بل تحد عليه، والكفار مخاطبون بفروع الشريعة كما ذكرت على القول الراجح من قولي أهل العلم في المسألة، كما أنهم مخاطبون بالأصول، لكن لا تنفعهم الفروع إذا عملوها وهم لم يأتوا بالأصول؛ لأن الله تعالى يقول: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً [الفرقان:23]، فلا بد من فعل الأصول ولا بد من فعل الفروع، ولكن فعل الفروع وحدها لا ينفع عند الله عز وجل؛ لأن من شرط قبول العمل الصالح للكافر أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وأم حبيبة رضي الله عنها لما توفي أبوها دعت بطيب وطيبت جارية ومست على عارضيها، يعني: جانبي خدها، وقالت: إنها ليس لها بالطيب من حاجة، يعني: ما قصدها أن تتطيب، ولكن تريد أن تنفذ أو تريد ألا تمسك عن الطيب لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج ).
ثم كما ذكرت ذكر الثلاث لا يعني أن الإحداد ثلاثة أيام أمر مطلوب وأنه لا بد منه، بل هذا بيان للغاية التي لا يجوز تجاوزها، ولو وجد الإحداد قبل ذلك ما هناك شيء يمنع منه، وإنما هو بيان للغاية التي لا يجوز تجاوزها، ولهذا قال: لا يحد فوق ثلاث، أي: أن الثلاث ليست متعينة، ولكن المتعين عدم تجاوزها، فهي أرادت أن تبين أنها لا تفعل كما تفعل الحادة التي توفي عنها زوجها، بل تتطيب.
ثم التطيب بعد ثلاث في حق التي مات عنها ميت غير الزوج، ليس مأموراً به أنها تتطيب بعد الثلاث، ولكن المقصود منها أنها لا تقصد الإحداد هذه المدة؛ لأن الطيب قد لا يكون موجوداً عندها بعد ثلاث، فليست مكلفة بأن تبحث عن طيب وتتطيب بعد ثلاث، ولكن المقصود منها أنها تعزم وتنوي أنها لا تزيد على هذه المدة التي حددها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الإحداد على غير الزوج.
قوله: [ قالت زينب: ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها ].
هذا هو الحديث الثاني من الأحاديث الثلاثة؛ لأنه في أول الحديث قال حميد: حدثتني بالأحاديث الثلاثة، ثم بعدها بالأول فقال: قالت زينب، ثم قال: وقالت زينب، ثم بعد ذلك قال: وقالت زينب، فهي ثلاثة أحاديث إسنادها واحد، أحدها يتعلق بـأم حبيبة، والثاني يتعلق بـزينب بنت جحش، والثالث يتعلق بـأم سلمة.
وهو مثل الذي قبله، فالأول عمل أم حبيبة وهذا عمل زينب بنت جحش وهما من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن وأرضاهن وحديث زينب بنت جحش أخرجه أصحاب الكتب الستة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #803  
قديم 16-08-2022, 08:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث زينب بنت أبي سلمة: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)

قوله: [ أخبرنا محمد بن سلمة ].هو المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ والحارث بن مسكين ].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن ابن القاسم ].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[ عن مالك ].
هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الله بن أبي بكر ].
هو عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد بن نافع ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب ].
هي زينب بنت أم سلمة وهي صحابية ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم حبيبة ].
هي رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

تكملة شرح حديث زينب بنت أبي سلمة: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت...)


قال المصنف رحمه الله: [ وقالت زينب: سمعت أم سلمة تقول: ( جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفأكحلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، ثم قال: إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة عند رأس الحول، قال حميد: فقلت لـزينب: وما ترمي بالبعرة عند رأس الحول؟ قالت زينب: كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً لبست شر ثيابها ولم تمس طيباً ولا شيئاً حتى تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طير فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات، ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها وتراجع بعد ما شاءت من طيب أو غيره )، قال مالك: تفتض: تمسح به. في حديث محمد قال مالك: الحفش: الخص ].أورد النسائي الحديث الثالث من الأحاديث الثلاثة وهو حديث أم سلمة وهو يتعلق بقصة المرأة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: إن ابنتها اشتكت عينها وأنها تريد أن تكحلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: لا؛ لأن الكحل جمال وزينة يعني: في العينين، وقال: إنما هي أربعة أشهر وعشر، يعني: المدة التي أوجبها الله عز وجل مدة قليلة بالنسبة إلى الذي كان موجوداً في الجاهلية وأن الواحدة من النساء كانت إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشاً، وهو البيت الصغير الضيق ولم تمس طيباً ولا شيء فيه زينة، وبقيت حولاً كاملاً، أي: في ذلك المكان فتكون منتنة، وبعد ذلك تؤتى بشيء تفتض به يعني: تمسح به جسدها، وما حصل مما علق بجسدها في هذه المدة الطويلة في ذلك المكان الضيق مع بعدها عن التزين والنظافة، فقلما تفتض بشيء يعني: تتمسح به، وتدلك به نفسها إلا مات من خبث الرائحة المنتنة التي في جسدها لمكثها هذه المدة الطويلة.
وقوله: [طير أو حمار أو دابة ] يعني: أنها تؤتى بشيء صغير تدلك به جسدها يعني: من هذه الدواب وقلما يسلم ذلك الذي تمسح به من شدة نتن رائحتها لانحباسها هذه المدة الطويلة، ثم تؤتى ببعرة فترمي بها، إشارة إلى أنها انتهت من هذه المدة التي هي مدة حول كامل، وأن ذلك في حق الزوج، وهو سهل عليها كسهولة رميها بهذه البعرة، هذه السنة الكاملة التي انحبست فيها بنتنها وبعدها عن الطيب، فالرسول صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين أن الأمر هين بالنسبة لما جاء به الإسلام لما كان موجوداً في الجاهلية من هذه الصفات الذميمة وهذه الهيئات الكريهة والقبيحة.
ثم ذكر بعد ذلك عن الإمام مالك تفسير: تفتض أي: تمسح جسدها يعني: بذلك الحيوان، وأن الحفش هو: الخص وهو كله يراد به البيت الضيق الصغير.
وهذا هو الحديث الثالث من الأحاديث التي روتها زينب بنت أم سلمة أو بنت أبي سلمة رضي الله عنها وأم سلمة هي هند بنت أبي أمية وهي صحابية أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة


شرح حديث أم عطية: (... ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمتشط ...)


قال المصنف رحمه الله: [ ما تجتنب الحادة من الثياب المصبغة.أخبرنا حسين بن محمد حدثنا خالد حدثنا هشام عن حفصة عن أم عطية أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمتشط، ولا تمس طيباً إلا عند طهرها حين تطهر نبذاً من قسط وأظفار ) ].
أورد النسائي ما تجتنبه الحادة من الثياب المصبغة، يعني: أنها لا تستعمل الثياب المصبغة التي هي من ثياب الجمال، وقد أورد النسائي حديث أم عطية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ ( لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشراً، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ولا ثوب عصب ) ].
قوله: [( ولا تلبس ثوباً مصبوغاً )] هذا هو محل الشاهد في الترجمة، لأن الثوب المصبوغ من ثياب الزينة.
قوله: [( ولا ثوب عصب ) ] أي: ولا ثوب عصب وهي برد يمنية.
قوله: [ ( ولا تكتحل ولا تمتشط ) ]؛ لأن هذا زينة، وكذلك لا تمتشط.
قوله: [ ( ولا تمس طيباً إلا عند طهرها حين تطهر نبذاً من قسط وأظفار ) يعني: لا تتطيب إلا عندما تطهر من حيضها، وتأتي إلى الاغتسال من الحيض، فإنها تستعمل هذا النوع الذي هو قسط وأظفار، وهو: شيء يذهب الرائحة الكريهة، وإن لم يكن من الطيب الذي يتطيب به.

تراجم رجال إسناد حديث أم عطية: (... ولا تلبس ثوباً مصبوغاً، ولا ثوب عصب، ولا تكتحل، ولا تمتشط..)


قوله: [ أخبرنا حسين بن محمد ].هو حسين بن محمد البصري، وهو صدوق، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[ عن خالد ].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي حفصة بنت سيرين، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم عطية ].
هي نسيبة بنت الحارث، صحابية مشهورة بكنيتها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة: (المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ...)


قال المصنف رحمه الله: [ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا إبراهيم بن طهمان حدثني بديل عن الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة، ولا تختضب ولا تكتحل ) ].أورد النسائي حديث أم سلمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا الممشقة، ولا تختضب، ولا تكتحل ) تحت ترجمة: ما تجتنبه الحادة من الثياب المصبغة، والممشقة كما في الحاشية: اسم مفعول من التفعيل، المصبوغ بطين أحمر يسمى مشقى بكسر الميم، وهو نوع من أنواع الصبغ.
قوله: [(ولا تلبس المعصفر من الثياب)] الذي صبغ بالعصفر.
قوله: [(ولا تختضب)] أي: ولا تختضب بالحنا، (ولا تكتحل) لأن هذا كله من الزينة.
السيوطي يقول: الممشقة: المصبوغة بالمشق، وهو بالكسر المغرة. المغرة مثل المسك، وتحتاج إلى تفسير.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ...)


قوله: [ أخبرنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم ].مر ذكره.
[ عن يحيى بن أبي بكير ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن إبراهيم بن طهمان ].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بديل ].
هو بديل بن ميسرة العقيلي وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن الحسن بن مسلم ].
هو الحسن بن مسلم بن يناق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[ عن صفية بنت شيبة ].
أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
وقد مر ذكرها.


الخضاب للحادة


شرح حديث أم عطية: (... ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله: [ باب الخضاب للحادة.أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان حدثنا عاصم عن حفصة عن أم عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب الخضاب للحادة، يعني: أنه لا يجوز، والخضاب هو: استعمال الحناء؛ لأنه نوع من الزينة، وهو من جمال وزينة النساء، فتجتنبه المرأة الحادة ولا تفعله، وقد أورد النسائي حديث أم عطية رضي الله عنها الذي يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، ولا تكتحل، ولا تختضب، ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) ].
قوله: (ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) يعني: كل هذه الأمور هي من الزينة وتجتنبها الحادة.

تراجم رجال إسناد حديث أم عطية: (...ولا تكتحل ولا تختضب ولا تلبس ثوباً مصبوغاً) من طريق أخرى


قوله: [ أخبرنا محمد بن منصور ].هو محمد بن منصور المكي الجواز، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن سفيان ].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عاصم ].
هو عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي حفصة بنت سيرين وقد مر ذكرها.
[ عن أم عطية ].
وقد مر ذكرها.


الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر


شرح حديث أم سلمة: (...بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر، تغلفين به رأسك)


قال المصنف رحمه الله: [ باب الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر.أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح حدثنا ابن وهب أخبرني مخرمة عن أبيه سمعت المغيرة بن الضحاك يقول: ( حدثتني أم حكيم بنت أسيد عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل الجلاء، فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة فسألتها عن كحل الجلاء، فقالت: لا تكتحل إلا من أمر لا بد منه، دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبراً، فقال: ما هذا يا أم سلمة؟ قلت: إنما هو صبر يا رسول الله! ليس فيه طيب، قال: إنه يشب الوجه، فلا تجعليه إلا بالليل، ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء، فإنه خضاب، قلت: بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر، تغلفين به رأسك ) ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة للحادة أن تمتشط بالسدر، ومقصود النسائي من هذه الترجمة أن الحادة مرخص لها أن تمتشط بالسدر وعمدته في ذلك هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي فيه: عن أم حكيم عن أمها أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فتكتحل الجلاء، وهو: الإثمد، فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة تسألها عن ذلك فقالت: لا تكتحل إلا لأمر لا بد منه، ثم أخبرت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه دخل عليها وهي حادة على أبي سلمة، وقد جعلت في عينها صبراً، فسألها فقالت: إنه لا طيب فيه، فقال: إنه يشب الوجه.
قوله: [ ( فلا تجعليه إلا بالليل ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب ) ] يعني: وهو من الجمال، ( قالت: بأي شيء أمتشط؟ قال: بالسدر تغلفين به رأسك ) والحديث كما هو معلوم فيه أمور مخالفة لما سبق، من أن المرأة لا تكتحل، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل قال: ( إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن تمكث حولاً كاملاً ) وهذا فيه ما يخالف ما تقدم، والإسناد فيه من هو مجهول الحال وليس بثابت، فلا يعارض ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة: (...بأي شيء أمتشط يا رسول الله؟ قال: بالسدر، تغلفين به رأسك)

قوله: [أخبرنا أحمد بن عمرو بن السرح ].هو أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن ابن وهب ].
هو عبد الله بن وهب المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مخرمة ].
هو مخرمة بن بكير بن عبد الله بن الأشج المصري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن أبيه ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن المغيرة بن الضحاك ].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن أم حكيم ].
لا يعرف حالها، وحديثها أخرجه أبو داود، والنسائي.
[ عن أمها ].
قال الحافظ ابن حجر: إنه لا يعرف اسمها، وحديثها أخرجه أبو داود، والنسائي، ففيه مجهول، وفيه مقبول، يعني: يحتاج إلى متابعة، فهو غير ثابت، والثابت ما تقدم من أنها لا تقرب الكحل ولا تكتحل.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #804  
قديم 16-08-2022, 08:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(457)

- (باب النهي عن الكحل للحادة) إلى (باب خروج المتوفى عنها بالنهار)




أمر الشرع الحنيف المتوفى عنها زوجها بالإحداد في عدتها، وهو ترك الزينة كاستعمال الكحل وغيره، كما بين أن المبتوتة ليس لها نفقة ولا سكنى، ولم يرخص لها في الخروج من البيت إلا نهاراً للحاجة.

النهي عن الكحل للحادة


شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ النهي عن الكحل للحادة.أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا شعيب بن الليث عن أبيه حدثنا أيوب وهو ابن موسى قال حميد : وحدثتني زينب بنت أبي سلمة عن أمها أم سلمة رضي الله عنها، أنها قالت: ( جاءت امرأة من قريش فقالت: يا رسول الله! إن ابنتي رمدت أفأكحلها وكانت متوفى عنها؟ فقال: ألا أربعة أشهر وعشراً؟ ثم قالت: إني أخاف على بصرها، فقال: لا، إلا أربعة أشهر وعشراً، قد كانت إحداكن في الجاهلية تحد على زوجها سنة، ثم ترمي على رأس السنة بالبعرة ) ].
يقول النسائي رحمه الله: النهي عن الكحل للحادة، الكحل هو زينة، والحادة مطلوب منها أن تجتنب الزينة ومن ذلك الكحل، وقد أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله عنها وأرضاها، وقد ورد من طرق من قبل وفيه: أن أم سلمة قالت: إن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالت: إن ابنتي رمدت، أي: أن في عينها رمداً أفنكحلها؟ وإنها متوفى عنها، فقال عليه الصلاة والسلام: ألا أربعة أشهر وعشراً، وفي السنن الكبرى: ( إلا أربعة أشهر وعشراً )، وقد جاء بعد ذلك: ( لا، إلا أربعة أشهر وعشراً ) فيحتمل كل من اللفظين إلا أربعة أشهر وعشراً يعني: أليست المدة هذا المقدار، أو: لا، إلا أربعة أشهر وعشراً، فإنه في خلالها ليس لها أن تفعل ذلك، فأعادت فقال: إلا أربعة أشهر وعشراً، يعني: ليس ذلك إلا بعد مضي هذه المدة، ثم بين عليه الصلاة والسلام الأمر الذي كان الناس عليه في الجاهلية، وأن الواحدة منهن إذا توفي عنها زوجها مكثت سنة كاملة ثم ترمي عند رأس الحول ببعرة، يعني: إشارة إلى خروجها من العدة، وأن هذه المدة الطويلة التي مكثتها في أسوأ حال، مجتنبة الطيب، وفي بيت ضيق، وفي ثياب سيئة، أي: أن هذه المدة الطويلة التي مكثتها من أجل الزوج قد فرغت منها وأنهتها كهذه البعرة التي رمت بها، يعني: أن ذلك سهل عليها لأن هذا من حق الزوج، فهي مستسهلة ذلك وأنه عندها كرميها لهذه البعرة.
الحاصل: أن النبي صلى الله عليه وسلم منعها من الاكتحال، وبين أن الأمر في الإسلام قد يسر، وأنه جعلت هذه المدة القليلة بالنسبة لذلك الشيء الكثير الذي هو الحول، والذي كان على هيئة قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم من مكثها في أسوأ بيت، وفي أسوأ حال، وفي أسوأ لباس.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة

قوله: [ أخبرنا الربيع بن سليمان ].الربيع بن سليمان وهو صاحب الشافعي المرادي المصري، هو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[ عن شعيب بن الليث ].
هو: شعيب بن الليث بن سعد، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن أبيه ].
هو: الليث بن سعد ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب وهو ابن موسى ].
أيوب وهو ابن موسى، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد ].
حميد بن نافع، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زينب بنت أبي سلمة ].
زينب بنت أبي سلمة ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم سلمة ].
وهي: هند بنت أبي أمية وأم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثانية

[ أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة عن أمها رضي الله عنهما، ( أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ابنتها مات زوجها وهي تشتكي، قال: قد كانت إحداكن تحد السنة، ثم ترمي البعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً ) ].ثم أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله وفيه تقليل المدة، حيث قال: ( قد كانت إحداكن تمكث سنة ثم ترمي بعرة في رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً ) أي: المدة التي جاء بها الإسلام مدة وجيزة هي أربعة أشهر وعشراً.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد ].هو: محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[ عن سفيان ].
سفيان هو: ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد ].
هو: يحيى بن سعيد الأنصاري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حميد عن زينب عن أمها ].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثالثة


[ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى بن معدان حدثنا ابن أعين حدثنا زهير بن معاوية حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع مولى الأنصار عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنهم، ( أن امرأة من قريش جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد خافت على عينها وهي تريد الكحل، فقال: قد كانت إحداكن ترمي بالبعرة على رأس الحول، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً، فقلت لـزينب: ما رأس الحول؟ قالت: كانت المرأة في الجاهلية إذا هلك زوجها عمدت إلى شر بيت لها فجلست فيه، حتى إذا مرت بها سنة خرجت فرمت وراءها ببعرة ) ].ثم أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق ثالثة


قوله: [ أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى بن معدان ].هو: محمد بن معدان بن عيسى بن معدان، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن ابن أعين ].
ابن أعين هو: محمد بن موسى بن أعين، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي.
[ عن زهير ].
هو: زهير بن معاوية، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد عن حميد عن زينب عن أمها ].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق رابعة

[ أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي حدثنا حماد عن يحيى بن سعيد عن حميد بن نافع عن زينب ( أن امرأة سألت أم سلمة وأم حبيبة: أتكتحل في عدتها من وفاة زوجها؟ فقالت: أتت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن ذلك فقال: قد كانت إحداكن في الجاهلية إذا توفي عنها زوجها أقامت سنة ثم قذفت خلفها ببعرة ثم خرجت، وإنما هي أربعة أشهر وعشراً حتى ينقضي الأجل ) ].ثم أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.

تراجم رجال إسناد حديث أم سلمة في النهي عن الكحل للحادة من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي ].هو: يحيى بن حبيب بن عربي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن حماد ].
حماد وهو: ابن زيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[ عن يحيى بن سعيد عن حميد عن زينب عن أم سلمة وأم حبيبة ].
هو: يحيى بن سعيد عن حميد عن زينب عن أم سلمة وأم حبيبة وقد مر ذكر الأربعة، وأم حبيبة أيضاً سبق أن جاء ذكرها في الحديث، وهي: رملة بنت أبي سفيان أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


القسط والأظفار للحادة


شرح حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم رخص للمتوفى عنها عند طهرها في القسط والأظفار )


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ القسط والأظفار للحادة.أخبرنا العباس بن محمد هو الدوري حدثنا الأسود بن عامر عن زائدة عن هشام عن حفصة عن أم عطية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمتوفى عنها عند طهرها في القسط والأظفار ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة في القسط والأظفار للحادة عند طهرها.
القسط والأظفار نوعان من البخور يعني: يزيل الرائحة الكريهة، وذلك إنما يكون عند طهرها إذا كانت في العدة وحاضت واغتسلت، فإنها عند طهرها تستعمل هذا النوع الذي يزيل الرائحة الكريهة، فقد رخص لها في هذا النوع وهما نوعان من البخور، وذلك خاص في هذه الحالة وهي: أنها عند الطهر من أجل إزالة الرائحة الكريهة التي بها بسبب الحيض.
أورد النسائي حديث أم عطية رضي الله عنها في ترخيص النبي صلى الله عليه وسلم للمتوفى عنها عند طهرها بالقسط والأظفار، يعني: الترخيص فيه استثناء من المنع، وأن يكون بهذا النوع، وأن يكون عند الطهر، ويكون ذلك لإزالة الرائحة الكريهة، وهو شيء مستثنى ومخصوص وفي حالة خاصة وهو عند طهرها.

تراجم رجال إسناد حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم رخص للمتوفى عنها عند طهرها في القسط والأظفار )


قوله: [أخبرنا العباس بن محمد هو الدوري ].العباس بن محمد، هو الدوري وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة، وكلمة: هو الدوري هذه التي أضافها من دون النسائي؛ لأن النسائي لا يحتاج إلى أن يقول: هو الدوري، بل ينسب شيخه كما يريد، وقد سبق أن مر أنه في بعض شيوخه أتى بسطر كامل فيه نسب لبعض شيوخه، عندما يروي عنه ينسبه: فلان بن فلان بن فلان بن فلان، فالتلميذ يذكر شيخه كما يريد، ولا يحتاج إلى أن يقول كلمة: (هو)، وإنما الذي يحتاج إلى أن يقول كلمة: (هو) من دونه، وهذا فيه من الأمثلة الدالة على أن غير النسائي قد يضيف تعريفاً ببعض الأشخاص بإضافة كلمة (هو) أو (يعني)؛ لأن النسائي لا يحتاج إلى أن يقول هذه الكلمة.
إذاً: الذي قالها هو من دون النسائي وليس النسائي؛ لأن العباس بن محمد من شيوخه، فالنسائي اقتصر على العباس بن محمد لكن الذي دونه هو الذي أضاف: هو الدوري.
[ الأسود بن عامر ].
هو: الأسود بن عامر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب.
[ عن زائدة ].
هو: زائدة بن قدامة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو: هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حفصة ].
هي: حفصة بنت سيرين أخرج لها أصحاب الكتب الستة.
[ عن أم عطية ].
أم عطية وهي: نسيبة بنت الحارث صحابية مشهورة بكنيتها وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث


شرح أثر ابن عباس في نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث


[ باب نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث. أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا علي بن الحسين بن واقد قال: أخبرني أبي حدثنا يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] نسخ ذلك بآية الميراث مما فرض لها من الربع والثمن، ونسخ أجل الحول أن جعل أجلها أربعة أشهر وعشراً ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نسخ متاع المتوفى عنها زوجها بما فرض لها من الميراث، المقصود من هذه الترجمة هو: أنه كان في أول الأمر نزلت هذه الآية وفيها الوصية للنساء بأن يبقين في بيوت أزواجهن إلى الحول، فنسخت العدة بأربعة أشهر وعشر بدل ما كانت سنة، ونسخ كونها من حقها أن تبقى هذه المدة التي هي إلى السنة بما فرض لها من الميراث، أما أربعة أشهر وعشر فهذه تبقى في بيت زوجها، وهذا حق شرع لها كما سبق أن مر في بعض الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمرها أن تمكث وتبقى في بيتها.
إذاً: كونها تبقى ويكون من حقها السكنى هذه المدة التي هي بعد الأربعة أشهر وعشر هذا نسخ، فليس لها السكنى، ونسخ الاعتداد سنة كاملة بالاعتداد أربعة أشهر وعشراً، وهي الآية التي قبلها في ترتيب المصحف، فإن آية التربص أربعة أشهر وعشراً ناسخة للتربص سنة، لكن كونها تسكن ويكون من حقها السكنى تمام السنة بعد أربعة أشهر وعشر هذا نسخ بما فرض لها من الميراث، فإنها يمكن أن تسكن بما تحصله من الميراث فتستأجر أو تشتري أو ما إلى ذلك، وأما الأربعة أشهر وعشر، فهذه تمكثها وتبقاها في بيت الزوج وهو من حقها، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والذي يبدو أنه من حقها أن تبقى هذه المدة إلى الحول، قال: (متاعاً إلى الحول) المتاع: جاء أنه ما تعطاه المرأة عند طلاقها، يعني: تعطى متاع شيء من المال تستنفع وتستفيد منه، وجاء في المطلقات قبل المسيس فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً [الأحزاب:49] يعني: أعطوهن شيئاً تطييباً لخاطرهن لما حصل لهن من هذا الفراق قبل أن يحصل الوصول إليها، لكن هنا الآية قال: متاعاً إلى الحول، يعني: أنهن يبقين هذه المدة، ويستمتعن بالسكنى هذه المدة، والكلام على هذه المدة التي من حقها أن تبقى بعد الأربعة أشهر وعشر هذه ذهبت عنها بما فرض لها من الميراث، وليس معنى ذلك أنه قبل ذلك ليس لها من الميراث، وإنما الكلام على أن هذا الذي كان لها من حقها أن تمكثه، وأن تستغل هذا المال الذي هو مال الزوج والذي هو مشترك بينها وبين غيرها، بأن تمكث في البيت ويكون من اختصاصها هذا ذهب عنها، لأنه رجع إلى الورثة، الذي هو ما زاد على الأربعة أشهر وعشر.

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في نسخ متاع المتوفى عنها بما فرض لها من الميراث


قوله: [ أخبرنا زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة ].زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة لقبه خياط السنة، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده، ويقال له خياط السنة قالوا: لأنه كان يخيط أكفان الموتى لأهل السنة فقيل له: خياط السنة.
[ عن إسحاق بن إبراهيم ].
هو: إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه، ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، وقد مر بنا كثيراً النسائي يروي عن إسحاق بن راهويه مباشرة وقد أكثر من الرواية عنه، ولكنه أحياناً يروي عنه بواسطة، وهذا من هذا القبيل.
[ عن علي بن الحسين بن واقد ].
هو: علي بن الحسين بن واقد، وهو صدوق يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبيه ].
عن أبيه، هو الحسين بن واقد وهو ثقة له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن يزيد النحوي ].
هو: يزيد بن أبي سعيد النحوي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة هو: مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
وهو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

شرح أثر عكرمة في نسخ قوله تعالى: (متاعاً إلى الحول غير إخراج)


[ أخبرنا قتيبة حدثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة في قوله عز وجل: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ [البقرة:240] قال نسختها: وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً [البقرة:234] ].نعم، هذه نسختها بالنسبة لتربص المدة التي هي العدة، وأما الأحقية فيما زاد على أربعة أشهر وعشر، فهذا بما فرض لها من الميراث.

تراجم رجال إسناد أثر عكرمة في نسخ قوله تعالى: (متاعاً إلى الحول غير إخراج)

قوله: [ أخبرنا قتيبة ].هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، ثقة ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي الأحوص ].
أبو الأحوص سلام بن سليم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سماك ].
هو: سماك بن حرب، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة، وقد مر ذكره.

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #805  
قديم 16-08-2022, 08:34 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها


شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة


[ الرخصة في خروج المبتوتة من بيتها في عدتها لسكناها.أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن عطاء أخبرني عبد الرحمن بن عاصم ( أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أخبرته وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثاً، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها، فانطلقت إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به، قال: صدق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها، ثم قال: إن أم كلثوم امرأة يكثر عوادها فانتقلي إلى عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى، فانتقلت إلى عبد الله فاعتدت عنده حتى انقضت عدتها ثم خطبها أبو الجهم ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمره فيهما فقال: أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا، وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرخصة للمبتوتة في خروجها من بيتها لسكناها، الترجمة بلفظ الرخصة غير مستقيم؛ لأن هذا ليس ترخيصاً لها في أن تترك شيئاً هو لها؛ لأنه ما دام أن المطلقة طلاقاً بائناً لا سكنى لها ولا نفقة فإنه ليس من حقها؛ لأن الرخصة تناسب غير ذلك وهو أن لها حقاً، ولكنه يرخص لها أن تترك هذا الحق، ولكن هذا ليس لها بحق، فالتعبير بالرخصة في هذا الموطن غير واضح؛ لأن خروجها أمر لابد منه؛ لأنه ليس لها حق السكنى على ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس وهي العمدة أو الدليل الذي يستدل به على أن المطلقة البائن لا سكنى لها ولا نفقة، فذكر الرخصة غير واضح؛ لأن الرخصة تقابل العزيمة، وأنه كان لها حق أن تسكن، ولكن يرخص لها إذا أرادت أن تترك هذا الحق، لكن القضية ما لها حق كما في الروايات الكثيرة عن فاطمة بنت قيس بأنه لا سكنى لها ولا نفقة.
فإذاً: التعبير بالرخصة في كونها تخرج للسكنى ليس بواضح؛ لأنه ليس أمامها بمقتضى هذه الأحاديث إلا الخروج والسكنى في غير بيت زوجها.
أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، [ ( عبد الرحمن بن عاصم أن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أخبرته وكانت عند رجل من بني مخزوم أنه طلقها ثلاثاً، وخرج إلى بعض المغازي وأمر وكيله أن يعطيها بعض النفقة فتقالتها) ].
وكل هذا سبق أن مر كون وكيله أعطاها نفقة وأنها تقالتها، وأنه قال: ليس لك نفقة، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: صدق، ليس لك شيء، كل هذا سبق أن تقدم.
[ فانطلقت إلى بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عندها فقالت: يا رسول الله، هذه فاطمة بنت قيس طلقها فلان فأرسل إليها ببعض النفقة فردتها، وزعم أنه شيء تطول به ].
وزعم أنه شيء، يعني: هذا الذي أعطاه تطول به يعني: أحسن به، من الطول وهو الجود والكرم والإحسان، يعني: ليس بحق، وإنما هو من قبيل الإحسان والجميل، وليس أمراً لازماً، وهي تريد أن يكون ذلك حقاً لها لا أنه تطوع، أو تطول، أو إحسان.
[ ( قال: صدق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: فانتقلي إلى أم كلثوم فاعتدي عندها )].
أم كلثوم سبق أن مر في الروايات المتقدمة أنها أم شريك، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: إنها يكثر زوارها ويكثر ضيفانها فانتقلي إلى ابن عمك عبد الله بن أم مكتوم فإنه أعمى لا يبصرك إذا وضعت ثيابك، فقول: أم كلثوم هنا غير مستقيم، والصحيح هو أم شريك.
[ ( أما أبو الجهم فرجل أخاف عليك قسقاسته للعصا ) ].
يعني: تحريكه للعصا، يعني: كان لا يضع العصا عن عاتقه، وقيل: إنه ضراب للنساء، وأنه كثير الأسفار، وهنا فيه إشارة إلى أنه يضرب.
[ ( وأما معاوية فرجل أملق من المال، فتزوجت أسامة بن زيد بعد ذلك ) ].
أملق من المال يعني: صعلوك لا مال له، كما تقدم في الحديث، وكلمة صعلوك تطلق على من لا مال له، فالذي لا مال له يقال له: صعلوك، يعني: أنه معدم، ما عنده شيء.
فالصعلوك الآن إذا أطلق على شخص فهي مذمة غير قضية المال، وهذا فيما إذا كان الناس لهم اصطلاح خاص، إذا أطلقت أو تعورف بها على شيء آخر ليس بطيب، فلا ينبغي أن تطلق إذا كان الناس أرادوا بها معنى آخر سيء، غير المعنى الذي تدل عليه في اللغة، فما يصلح عيب الناس، والسخرية منهم، وإطلاق العبارات التي فيها حط من شأنهم، اللهم إلا إذا كان المراد مقتضاها اللغوي وأنه لا مال له فهذا كما جاء في الحديث.
ثم كل ما في الحديث سبق أن مر إلا قضية أم كلثوم، فهذه غير ثابتة والمحفوظ والثابت هو أم شريك الذي سبق أن مر في الروايات، والحديث من رواية عبد الرحمن بن عاصم وهو مقبول، ولكن غير هذه الجملة كلما مر من الروايات يشهد له فهو ثابت ما عدا هذه الفقرة التي هي ذكر أم كلثوم والصواب أم شريك.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة

قوله: [ أخبرنا عبد الحميد بن محمد ].هو: عبد الحميد بن محمد الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن مخلد ].
هو: مخلد بن يزيد الحراني، وهو صدوق، له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب إلا الترمذي.
[ عن ابن جريج ].
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء ].
هو: عطاء بن أبي رباح، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبد الرحمن بن عاصم ].
عبد الرحمن بن عاصم، وهو مقبول، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن فاطمة بنت قيس ].
فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثانية

[ أخبرنا محمد بن رافع حدثنا حجين بن المثنى حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أنها أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت فاطمة أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها، قال عروة: أنكرت عائشة ذلك على فاطمة ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم فيما يتعلق بخروجها من بيتها وإذن الرسول صلى الله عليه وسلم لها، وأنه لا سكنى لها ولا نفقة.
[ أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فزعمت فاطمة أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها ].
زعمت بمعنى أخبرت.
[فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم مكتوم الأعمى، فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها ].
يعني: أنه كان يرى أنها تبقى في بيت زوجها، وأن من حقها السكنى في بيت زوجها، والمسألة فيها ثلاثة أقوال في المبتوتة: فمن العلماء من قال: إن لها السكنى والنفقة جميعاً، ومنهم من قال: ليس لها سكنى ولا نفقة، ومنهم من قال: لها السكنى دون النفقة، فأنكر مروان، وقيل: إنه رجع عن ذلك إلى ما جاء في حديث فاطمة بنت قيس.
[ قال عروة: أنكرت عائشة ذلك على فاطمة ].
أنكرت عائشة على فاطمة، يعني: ما جاء في حديثها أو ما جاء عنها من أن المطلقة المبتوتة لا سكنى لها، لكن الحديث جاء من طرق كثيرة صحيحة وهو واضح الدلالة على أنه لا سكنى لا ولا نفقة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثانية


قوله: [ أخبرنا محمد بن رافع ].هو: محمد بن رافع النيسابوري وهو قشيري وهو شيخ الإمام مسلم وأكثر مسلم من الرواية عنه، وصحيفة همام بن منبه التي روى منها مسلم أحاديث كثيرة إنما هي من طريق محمد بن رافع شيخه هذا، وهو مثله هو بلديه لأنه من بلده وهو أيضاً من قبيلته قشيري وهو ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن حجين بن المثنى ].
حجين بن المثنى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[ عن الليث عن عقيل ].
هو: الليث بن سعد وقد مر ذكره، وعقيل هو: ابن خالد بن عقيل المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن شهاب ].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ].
أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثالثة

[ أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا حفص حدثنا هشام عن أبيه عن فاطمة رضي الله عنها، أنها قالت: قلت: يا رسول الله، زوجي طلقني ثلاثاً وأخاف أن يقتحم علي، فأمرها فتحولت ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة، وأنها جاءت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقالت: إن زوجها طلقها ثلاثاً وأنها تخاف أن يقتحم عليها، فأمرها فتحولت، الأحاديث التي سبق أن مرت، فيها ما يدل على أنها كانت تريد السكنى، وتريد النفقة، ولما راجعت الرسول صلى الله عليه وسلم قال لها: لا سكنى ولا نفقة، فأحقيتها غير ثابتة في السكنى، بل الثابت من أحاديث فاطمة نفسها أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وهي أحاديث صحيحة ثابتة عنها، وقد مر جملة كبيرة منها هنا وقبل ذلك مر من طرق عديدة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق ثالثة

قوله: [ أخبرنا محمد بن المثنى ].هو: محمد بن المثنى العنزي أبو موسى الملقب الزمن البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة رووا عنه مباشرة وبدون واسطة.
[ عن حفص ].
وهو: ابن غياث، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هو: هشام بن عروة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه عروة بن الزبير بن العوام ].
وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يعقوب بن ماهان بصري عن هشيم حدثنا سيار وحصين ومغيرة وداود بن أبي هند وإسماعيل بن أبي خالد وذكر آخرين عن الشعبي قال: دخلت على فاطمة بنت قيس فسألتها عن قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليها فقالت: طلقها زوجها ألبتة فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في السكنى والنفقة، قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، وأمرني أن أعتد في بيت ابن أم مكتوم ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، أنه لا سكنى لها ولا نفقة، وقوله: خاصمته يعني: خاصمت وكيله، وسبق أن مر في بعض الروايات أنها قالت لوكيله كذا وقال لها: ليس لك حق، وذهبت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: صدق، فالمخاصمة مع الوكيل وليست معه؛ لأنه كان غائباً، وقد أوصى هذا الوكيل أن يقدم لها طعاماً، ولكنها سخطته، فلما كلمته قال لها: ليس لك حق، فذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لك سكنى ولا نفقة.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق رابعة

قوله: [ أخبرنا يعقوب بن ماهان بصري ].يعقوب بن ماهان بصري، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن هشيم ].
هو: هشيم بن بشير الواسطي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سيار ].
هو: سيار أبو الحكم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وحصين ].
هو: حصين بن عبد الرحمن، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومغيرة ].
ومغيرة بن مقسم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وداود بن أبي هند ].
داود بن أبي هند، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ وإسماعيل بن أبي خالد ].
إسماعيل بن أبي خالد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وذكر آخرين عن الشعبي ].
وذكر آخرين يعني: ليس هؤلاء وحدهم بل معهم غيرهم، وهشيم روى عن هذا العدد وعن غيره، ولكن الذي جاء ذكره في الإسناد هو هذا العدد، وترك الذين وراء ذلك وحصلت الإشارة إليهم بقوله: وذكر آخرين.
[ عن الشعبي ].
هو: عامر بن شراحيل الشعبي، هو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة ].
فاطمة وقد مر ذكرها.

شرح حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق خامسة


[ أخبرني أبو بكر بن إسحاق الصاغاني حدثنا أبو الجواب حدثنا عمار هو عمار عن أبي إسحاق عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: طلقني زوجي فأردت النقلة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: انتقلي إلى بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم فاعتدي فيه، فحصبه الأسود وقال: ويلك، لم تفتي بمثل هذا، قال عمر: إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ [الطلاق:1] ].ثم أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قصة الشعبي عن فاطمة قالت: طلقني زوجي فأردت النقلة، فأتيت إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: ( انتقلي إلى بيت ابن عمك فاعتدي فيه).
فاعتدي فيه، يعني أنها خرجت من بيت زوجها إلى بيت ابن عمها.
[ثم قال: فحصبه الأسود] يعني: حصب الشعبي وقال له: كيف تفتي بهذا وعمر يقول: لا نترك كتاب ربنا لقول امرأة، يعني: الآية التي أشار إليها واتقوا الله ربكم لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ [الطلاق:1] فـعمر رضي الله عنه أخذ بعموم هذه الآية، وجعل كل المطلقات لهن حق السكنى، وقال لـفاطمة بنت قيس: عليك أن تأتي بشاهدين، وهو رضي الله عنه وأرضاه قال هذا من باب التثبت، وكان من عادته وطريقته أنه يتثبت ويطلب الشهود على ذلك، كما جاء في قضية الاستئذان ثلاثاً مع أبي موسى الأشعري، وفي قضايا أخرى، وهذا منها؛ لأنه كان عنده العموم، فهو يريد أن يتحقق وأن يستثبت في الشيء الذي يخالف هذا العموم.
ومن المعلوم أن قول الصحابي الواحد إذا ثبت بالإسناد عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يعتبر ويعول عليه، وهذا هو المتبع في النصوص، والآية إنما جاءت عامة، والذي جاء في قصة فاطمة بنت قيس خاص.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في سكنى المبتوتة من طريق خامسة


قوله: [ أخبرني أبو بكر بن إسحاق الصاغاني ].هو محمد بن إسحاق، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبي الجواب ].
هو الأحوص بن الجواب، وهو صدوق ربما وهم، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن عمار هو ابن رزيق ].
لا بأس به، وكلمة: لا بأس به تعادل كلمة: صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبي إسحاق ].
أبو إسحاق السبيعي هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الشعبي عن فاطمة ].
قد مر ذكرهما.


خروج المتوفى عنها بالنهار


شرح حديث: (اخرجي فجدي نخلك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب خروج المتوفى عنها بالنهار. أخبرنا عبد الحميد بن محمد حدثنا مخلد حدثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه أنه قال: ( طلقت خالته فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: اخرجي فجدي نخلك؛ لعلك أن تصدقي وتفعلي معروفاً ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي باب خروج المتوفى عنها بالنهار، يريد بها: أن المتوفى عنها تخرج لحاجتها بالنهار، لكن الحديث الذي أورده إنما هو في المطلقة، وليس في المتوفى عنها، وفي السنن الكبرى خروج المبتوتة في الطلاق، يعني: ليس في الوفاة، فلعل النسائي عندما عبر بهذه الترجمة في السنن الصغرى في المتوفى عنها بالقياس على المطلقة، سواء كانت مبتوتة أو غير مبتوتة، فجعل الحكم واحداً، وألحق المتوفى عنها بالمطلقات كونهن يخرجن بالنهار لحاجتهن فكذلك المتوفى عنها، فهو ليس فيه التنصيص على ذكر خروج المتوفى عنها، وإنما هو نص في المطلقة، وإلحاق المتوفى عنها إنما هو بطريق القياس، وأورد النسائي حديث جابر بن عبد الله قال: طلقت خالته، فأرادت أن تخرج إلى نخل لها، فلقيت رجلاً فنهاها ].
يعني: كونها خرجت وهي مطلقة.
[ فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اخرجي فجدي نخلك ].
فقال: اخرجي، وجدي نخلك، وهنا في الترجمة التنصيص على النهار، وليس فيه ذكر النهار، ولكن كونها تخرج تجد، وإنما يكون الجداد بالنهار، وقد جاء في سورة ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ [القلم:1] قصة أصحاب الجنة الذين ذهبوا في الليل حتى لا يأتيهم أحد، والجداد إنما يكون في النهار، حتى يحصل الإعطاء لمن يأتي إليهم، ومن هو محتاج يسأل بهذه المناسبة.. مناسبة الجداد، فكونها تجد إنما يكون في النهار ولا يكون في الليل؛ لأن الجداد في الليل فيه حرمان الفقراء الذين يتطلعون ويأتون إلى أصحاب البساتين عندما يجدون نخلهم ليعطوهم وليفيدوهم من ذلك الشيء الذي أعطاهم الله إياه، فذكر النهار ليس موجوداً في الحديث، ولكنه فيه شيء يدل عليه؛ من أجل تتصدق وتعمل معروفاً، وهذا إنما يكون في النهار، وقد ذم الله عز وجل أصحاب الجنة الذين أقسموا ليصرمنها في الليل، ويصبحون وليس هناك شيء، فعوقبوا بأن أهلكها الله عز وجل، وحرموا الذي أرادوه بقصدهم السيء، وهو حرمان الفقراء الذين يتطلعون إلى الإحسان، ويستفيدون منهم إذا كانوا يفعلون ذلك بالنهار دون الليل.
[ قال: اخرجي فجدي نخلك لعلك أن تصدقي، وتفعلي معروفاً ].
فعل المعروف قيل: أن تتصدق من الفرض، وفعل المعروف في النفل، ويمكن أن يكون كل منهما بمعنى واحد؛ لأن التصدق هو من فعل المعروف، ثم أيضاً الزكاة المفروضة لا بد منها، ولكن الذي يبدو أن القضية هي في التطوع والإحسان، وإلا فإن الفرض أمر محتم لا بد من خروجه، ولكن الشيء الذي يرجى ويؤمل هو أنها إذا جدت نخلها في النهار أنه يأتيها الفقراء والمساكين، فترشدهم وتعينهم وتحسن إليهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (اخرجي فجدي نخلك ...)


قوله: [ أخبرنا عبد الحميد بن محمد عن مخلد عن ابن جريج عن أبي الزبير ].الثلاثة الأولون مر ذكرهم، وأبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

[ عن جابر ].
هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #806  
قديم 16-08-2022, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الطلاق

(458)

- (باب نفقة البائنة) إلى (باب الرجعة)




المطلقة طلاقاً بائناً ليس لها حق في نفقة أو سكنى، إلا إذا كانت حاملاً فينفق عليها للحمل، أما المطلقة طلقة أولى وثانية فتشرع مراجعتها لأنها لم تبن، فإن انتهت عدتها قبل المراجعة فلا ترجع إلى الزوج إلا بعقد ومهر جديدين.

نفقة البائنة


شرح حديث فاطمة بنت قيس في نفقة البائنة


(قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب نفقة البائنة.أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بكر بن أبي الجهم قال: دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس قالت: ( طلقني زوجي فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، قالت: فوضع لي عشرة أقفزة عند ابن عم له: خمسة شعير وخمسة تمر، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له ذلك، فقال: صدق وأمرني أن أعتد في بيت فلان، وكان زوجها طلقها طلاقاً بائناً ) ].
يقول النسائي: نفقة البائنة، أي: المطلقة طلاقاً بائناً، والمقصود من الترجمة: أنه ليس لها نفقة، والحديث الذي أورده تحت هذه الترجمة حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، أورده للاستدلال على ذلك، وهو أن زوجها لما طلقها الطلقة الثالثة التي بانت بها، وضع عند وكيله طعاماً لها، ولكنه لم يعجبها، فسخطته، وقال لها وكيله: إنه ليس لك سكنى ولا نفقة، ويعني: أن هذا الذي أعطيت إياه إنما هو إحسان وجميل ومعاملة حسنة، وإلا فإنه ليس بواجب عليه، فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: صدق، والحديث فيه اختصار؛ لأن المقصود: ليس لها سكنى ولا نفقة، وقد سبق موضحاً في بعض الروايات، وهنا جاءت (صدق) وليس فيها ذكر الشيء الذي حصل التصديق عليه، وهو أنه ليس لها سكنى ولا نفقة.
( وأمرني أن أعتد في بيت فلان ).
وأمرها أن تعتد في بيت فلان وهو عبد الله بن أم مكتوم.
( وكان زوجها طلقها طلاقاً بائناً ).
وكان زوجها طلقها طلاقاً بائناً أي: ليس طلاقاً رجعياً، لأن المطلقة طلاقاً رجعياً هي زوجة، ونفقتها واجبة على زوجها، وأما البائن فإنه ليس لها سكنى ولا نفقة، كما جاء ذلك موضحاً في حديثنا هذا حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها وأرضاها.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في نفقة البائنة


قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الحكم ].هو ثقة أخرج حديثه مسلم، والترمذي، والنسائي.
[ عن محمد بن جعفر ].
هو: محمد بن جعفر غندر البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة ].
هو: شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بكر بن أبي الجهم ].
أبو بكر بن أبي الجهم، ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[ وأبو سلمة عن فاطمة بنت قيس].
فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة، وأما أبو سلمة في الحديث فليس من رواة الإسناد وإنما أخبر أبو بكر بن أبي الجهم أنه دخل معه على فاطمة، وقد مر الحديث من طرق عديدة عن أبي سلمة، لكنه في هذا الإسناد ليس من رجاله.


نفقة الحامل المبتوتة


شرح حديث فاطمة بنت قيس في نفقة الحامل المبتوتة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ نفقة الحامل المبتوتة.أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار حدثنا أبي عن شعيب قال الزهري أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ( أن عبد الله بن عمرو بن عثمان طلق ابنة سعيد بن زيد وأمها حمنة بنت قيس ألبتة، فأمرتها خالتها فاطمة بنت قيس بالانتقال من بيت عبد الله بن عمرو وسمع بذلك مروان فأرسل إليها فأمرها أن ترجع إلى مسكنها حتى تنقضي عدتها، فأرسلت إليه تخبره أن خالتها فاطمة أفتتها بذلك، وأخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفتاها بالانتقال حين طلقها أبو عمرو بن حفص المخزومي، فأرسل مروانقبيصة بن ذؤيب إلى فاطمة فسألها عن ذلك فزعمت أنها كانت تحت أبي عمرو لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب على اليمن خرج معه، فأرسل إليها بتطليقة وهي بقية طلاقها، فأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقتها، فأرسلت إلى الحارث وعياش تسألهما النفقة التي أمر لها بها زوجها فقالا: والله مالها علينا نفقة إلا أن تكون حاملاً، وما لها أن تسكن في مسكننا إلا بإذننا، فزعمت فاطمة أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فصدقهما، قالت: فقلت: أين أنتقل يا رسول الله؟ فقال: انتقلي عند ابن أم مكتوم، وهو الأعمى الذي عاتبه الله عز وجل في كتابه فانتقلت عنده، فكنت أضع ثيابي عنده حتى أنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم زعمت أسامة بن زيد ) ].
أورد النسائي سابقاً ذكر المطلقة طلاقاً بائناً، وهي ليست بحامل، وليس لها نفقة ثم ذكر في هذه الترجمة: المبتوتة: المطلقة طلاقاً بائناً وهي حامل وبينّن أن لها النفقة، وذلك أن الإنفاق عليها إنما يكون من أجل الجنين وليس من أجلها هي، ولا تجب السكنى لها، وإنما النفقة من أجل الجنين، وقد أورد النسائي حديث فاطمة بنت قيس من بعض طرقه، وفيه أن الوكيلين اللذين وكلهما زوجها في الإنفاق عليها قالا: إنه ليس لك علينا نفقة إلا أن تكوني حاملاً، أما إذا لم تكوني كذلك، فإنما هو تفضل وإحسان إذا حصل شيء من الإسكان والإنفاق فهو فضل، وامتنان، وإلا فإنه ليس حقاً واجباً.
ثم ذكر بقية الحديث وما حصل منها من إخبارها بذلك لما أرسل إليها مروانقبيصة بن ذؤيب يسألها وأخبرته بالذي حصل بينها وبين وكيلي زوجها ثم مجيئها إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأمره إياها بأن تعتد عند ابن أم مكتوم ثم إنه أرشدها أو أشار عليها بأن تنكح أسامة بن زيد فنكحت أسامة بن زيد رضي الله عنهما.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت قيس في نفقة الحامل المبتوتة


قوله: [ أخبرنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن أبيه ].
هو عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[ عن شعيب ].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الزهري ].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، ثقة، فقيه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ].
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين أخرج له أصحاب الكتب الستة، وفقهاء المدينة السبعة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعروة بن الزبير، هؤلاء ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: إنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها وقد مر ذكرها.


الأقراء


شرح حديث فاطمة بنت أبي حبيش: (إنما ذلك عرق ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ الأقراء.أخبرنا عمرو بن منصور حدثنا عبد الله بن يوسف حدثنا الليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن بكير عن عبد الله بن الأشج عن المنذر بن المغيرة عن عروة بن الزبير أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته ( أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدم، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي، فإذا مر قرؤك فلتطهري، قال: ثم صلي ما بين القرء إلى القرء ) ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الأقراء والمراد بالأقراء: الحيض، وقيل: الأطهار التي بين الحيض، وهو من الألفاظ المشتركة التي تطلق على الضدين: على الطهر، وعلى الحيض؛ لأن هناك ألفاظاً يقال عنها من الأضداد، يطلق اللفظ على الشيء وضده، فالحيض يقال له: قرء، والطهر يقال له: قرء، ومثل عسعس بمعنى: أقبل وأدبر، والإقبال والإدبار متضادان، فهذا اللفظ لفظ مشترك بين الضدين وهما القرء والطهر، وقد أورد النسائي في هذه الترجمة حديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها، الذي فيه أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وشكت إليه الدم الذي يسيل من فرجها بصفة دائمة، وهو الذي يسمى استحاضة، وهو غير الحيض، فالرسول عليه الصلاة والسلام، أمرها بأن تنتظر مجيء قرئها الذي هو الحيض، وذلك بما يحصل لها من وجود الدم الذي يختلف عن هذا الدم المستمر معها والذي يعرف برائحته وبلونه ويختلف عن دم الاستحاضة، فإذا أقبل امتنعت عن الصلاة، وإذا أدبر صلت ما بين القرئين، أي: أن المستحاضة دمها مستمر، إلا أنها عندما تأتيها العادة يتغير لون الدم، فهي تنتظر وتعرف مجيء حيضها فتجلسه، فإذا طهرت فإنها تصلي وتصوم وتفعل ما تفعله الطاهرات، حتى تأتي الحيضة الثانية، وهذا الحديث فيه إطلاق القرء على الحيض؛ لأنها تصلي ما بين القرئين يعني: ما بين الحيضتين.
[(أنها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه الدم)].
أي: دم الاستحاضة الذي استمر معها ولم ينقطع منها.
[ ( فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتاك قرؤك فلا تصلي ) ].
إنما ذلك عرق يعني: ذلك الدم الذي يسيل إنما يخرج من عرق، وليس الحيض الذي يأتي ويتكرر من وقت إلى وقت على حسب ما اعتادته المرأة، فإذا جاء قرؤها أمسكت عن الصلاة؛ لأنها حائض وأما ذاك الدم الذي معها وهو دم الاستحاضة فإنه لا يمنعها من الصلاة والصيام، ولا يمنع الزوج من إتيانها، بل تفعل ما تفعل الطاهرات؛ لأن هذا شيء ابتليت به واستمر معها فلا تعامل معاملة الحُيَّض، بل تعامل معاملة الطاهرة، وإنما تعامل معاملة الحائض إذا جاء دم الحيض في وقت العادة، والذي تعرفه النساء بلونه ورائحته.
[ ( فإذا مر قرؤك فلتطهري، قال: ثم صلي ما بين القرء إلى القرء ) ].
إذا مر قرؤك أي: انتهى، طهرت، لكن عليها أن تتطهر وتغتسل من الحيض، وفي حال استحاضتها تتوضأ لكل صلاة، ولا يكفي الوضوء لصلاة واحدة تصلي به عدة فروض، بل تتوضأ لكل صلاة؛ لأن الدم الذي يخرج من فرجها دم نجس، ولابد من الطهارة، فيلزمها أن تتوضأ لكل صلاة، وإذا انقضى القرؤ أي: الحيض الذي جاء خلال تلك الاستحاضة فإنها تتطهر من حيضها، وتصلي ما بين القرئين؛ لأنها بمثابة الطاهرة، وحكمها حكمها، والدم المستمر معها يختلف عن الحيض من حيث اللون والرائحة لا يمنعها من الصلاة، ولا من الصيام، ولا من مجامعة زوجها لها.

تراجم رجال إسناد حديث فاطمة بنت أبي حبيش: (إنما ذلك عرق ...)


قوله: [أخبرنا عمرو بن منصور ].هو عمرو بن منصور هو النسائي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن عبد الله بن يوسف ].
هو عبد الله بن يوسف التنيسي، ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[ عن الليث ].
هو الليث بن سعد المصري، ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يزيد بن أبي حبيب ].
هو يزيد بن أبي حبيب المصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بكير ].
هو بكير بن عبد الله بن الأشج، وعندكم فيه تصحيف ابن تصحفت إلى عن، عن بكير عن عبد الله بن الأشج، وهو عن بكير بن عبد الله بن الأشج شخص واحد يتكرر ذكره وهو مصري ثقة أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا التصحيف أيضاً موجود في الكبرى والذي في تحفة الأشراف بكير بن عبد الله فليس شخصين وإنما هو شخص واحد وإنما تصحفت ابن إلى عن فكان يوهم أنه شخصان، مع أنه شخص واحد.
[ عن المنذر بن المغيرة ].
المنذر بن المغيرة، مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[ عن عروة بن الزبير ].
هو: عروة بن الزبير بن العوام، ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن فاطمة بنت أبي حبيش ].
هي فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها، وهي صحابية لها هذا الحديث في الاستحاضة، وحديثها أخرجه أبو داود، والنسائي وابن ماجه.


نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث


شرح أثر ابن عباس في قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث.حدثنا زكريا بن يحيى حدثنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا علي بن الحسين بن واقد حدثني أبي حدثنا يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه، في قوله: ( مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ([البقرة:106] وقال: ( وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ ([النحل:101] وقال: ( يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ )[الرعد:39] فأول ما نسخ من القرآن القبلة وقال: وَالْمُطَلَّقَا تُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228] إلى قوله: إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحاً [البقرة:228] وذلك بأن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها، وإن طلقها ثلاثاً، فنسخ ذلك وقال: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: نسخ المراجعة بعد التطليقات الثلاث، مراجعة الزوج لزوجته إذا طلقها تكون بعد الأولى وبعد الثانية، أما بعد الثالثة فإنها تبين منه، وقد كان الأمر قبل ذلك جواز المراجعة بعد الثلاث، ولكن جاء الحكم واستقر على أن الزوج له تطليقتان يمكنه في أية واحدة منهما أن يراجع زوجته، فإذا طلق الثالثة، فإنها تبين منه، والحكمة في عدم جعل التطليق مطلقاً بيد الزوج من غير حصر: إبعاد الإضرار بالزوجة، فلو يطلقها ثم يراجع، ثم يطلقها، ثم يراجع فسيلحق بها ضرراً، فالمراجعة محصورة في تطليقتين، ثم بعدها تبين منه فلا يتمكن من إلحاق الضرر بها كما يريد، ثم لم تجعل مرة واحدة؛ لأن هذا قد يلحق الضرر بالزوج؛ لكونها تبين بمرة واحدة، فيكون بذلك مشقة وضرر عليه، فجاءت الشريعة في جعل المراجعة بعد الأولى وبعد الثانية، أما بعد الثالثة فإن الذي كان موجوداً من قبل نسخ في قوله سبحانه وتعالى: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229] أي: الطلاق الذي تكون معه المراجعة مرتان؛ لأن بعدها: إما إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، أما الثالثة فليس هناك إمساك بمعروف؛ إذ لا سبيل إلى الإمساك بعد الثالثة، وإنما فيه التسريح، أما الذي يمكنه أن يخير بين الإمساك والتسريح، فهو بعد الأولى والثانية؛ لأنه يمكن أن يراجعها فتبقى في عصمته، ويمكن إذا خرجت عدتها أن ينتهي منها، ويمتعها متاعاً حسناً.
حديث ابن عباس ذكر أن الرجل يراجع زوجته بعد ثلاث تطليقات فنسخ ذلك بقوله: الطَّلاقُ مَرَّتَانِ [البقرة:229] ثم قال بعد ذلك: فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230] أي: طلقها الثالثة، فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ [البقرة:230] يعني بعد الثالثة، أما بعد الأولى والثانية فيراجع، وأما بعد الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره.
وقد ذكر الآيات التي فيها نسخ، والحديث قد مر بنا، وكلها تدل على أصل النسخ، ثم ذكر بعض الأمثلة من النسخ مثل: نسخ القبلة، ثم ذكر المقصود من الترجمة، والمقصود من إيراد الحديث تحتها وهو نسخ المراجعة بعد الثلاث إلى أنه لا مراجعة إلا بعد الأولى والثانية فقط.
وتفسير قوله تعالى: يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ [الرعد:39] أي: في غير اللوح المحفوظ، مثل: صحف الحفظة وفي ما ينزله الله عز وجل مما يريد إثباته وما يريد نسخه، وأما الذي في اللوح المحفوظ فإنه لا يتغير ولا يتبدل، وإنما التغيير والتبديل لما يكون في أيدي الملائكة، فالملائكة يكون بأيديهم شيء ثم ينسخه الله عز وجل، أو يثبته إذا شاء إثباته، لكن الذي في اللوح المحفوظ لا تغيير فيه ولا تبديل.
وقوله: وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ [البقرة:228].
يعني: من الولد من الحيض؛ لأن المرأة قد تقول: إنها حاضت، وهي ما حاضت، وتخبر عن نفسها بشيء خلاف الواقع، والمعنى: لا تعمل شيئاً من الكذب من أجل أن تتخلص من الزوج.

يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #807  
قديم 16-08-2022, 08:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس في قوله تعالى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها)

قوله: [ حدثنا زكريا بن يحيى ].هو زكريا بن يحيى السجزي، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن إسحاق بن إبراهيم ].
إسحاق بن إبراهيم هو ابن راهويه الحنظلي المروزي ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، والنسائي يروي عنه كثيراً بدون واسطة، ولكنه أحياناً يروي عنه بالواسطة كما هنا.
[ عن علي بن الحسين بن واقد ].
علي بن الحسين بن واقد، صدوق، يهم، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم في المقدمة، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن أبيه ].
أبوه هو الحسين بن واقد، ثقة، له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن يزيد النحوي ].
هو يزيد بن أبي سعيد النحوي ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن عكرمة ].
عكرمة مولى ابن عباس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
هو: عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام وهم عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وأنس بن مالك، وجابر، وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها، ستة رجال وامرأة واحدة.


الرجعة


شرح حديث ابن عمر: (مره أن يراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجعة.أخبرنا محمد بن المثنى حدثنا محمد حدثنا شعبة عن قتادة قال: سمعت يونس بن جبير قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما قال: ( طلقت امرأتي وهي حائض، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم عمر فذكر له ذلك فقال النبي صلى الله عليه سلم: مره أن يراجعها، فإذا طهرت، يعني: فإن شاء فليطلقها )، قلت لـابن عمر: فاحتسبت منها؟ فقال: ما يمنعها، أرأيت إن عجز واستحمق ].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الرجعة، يعني: أن الزوج إذا طلق زوجته طلاقاً رجعياً، وهو الطلاق السني الذي يكون واحدة أو اثنتين، فله حق المراجعة، وإذا طلقها طلاقاً بائناً أو كانت الفرقة بخلع فليس له حق المراجعة، وإنما يكون للزوج حق المراجعة لزوجته وتعتبر زوجة له في عدتها إذا كانت بعد التطليقة الأولى، أو الثانية؛ لأنها ما زالت زوجة في تلك الحال حتى تخرج من العدة، ولو مات ورثته، ولو ماتت ورثها ما دامت في العدة، فالمطلقة طلاقاً رجعياً لزوجها أن يراجعها، وقيل له: طلاق رجعي؛ لأن المطلق يملك حق الرجعة إليها، أورد حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، في قصة تطليق زوجته وهي حائض وأن عمر رضي الله عنه وأرضاه، ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: (مره فليراجعها)، معناه: أمره بالمراجعة، وهذا دليل على الرجعة بعد التطليقة الأولى أو الثانية، ثم قال: هل احتسبت هذه التطليقة عليها؟ قال: نعم، يعني: أنها احتسبت عليها، (أرأيت إن عجز أو استحمق)، أي: إن حصل منه تباطؤ، وتهاون، وتكاسل ثم خرجت من العدة، فإنها وقعت عليها تلك الطلقة وكذلك لو استحمق وركب رأسه، ولم يمتثل ما جاء من المراجعة في حال الحيض، وخرجت من العدة فإن الطلاق قد وقع، وخرجت من العدة بمضي الثلاث الحيضات التي تكون بعد تلك الحيضة التي حصلت فيها التطليقة.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر: (مره أن يراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها)


قوله: [أخبرنا محمد بن المثنى عن محمد].محمد هو ابن جعفر الملقب بغندر البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن شعبة عن قتادة ].
شعبة وقد مر ذكره، وقتادة هو: ابن دعامة السدوسي البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن يونس بن جبير ].
يونس بن جبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

حديث ابن عمر: (مره أن يراجعها فإذا طهرت، فإن شاء فليطلقها) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا بشر بن خالد أنبأنا يحيى بن آدم عن ابن إدريس عن محمد بن إسحاق ويحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ح وأخبرنا زهير عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر قالوا: ( إن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها حتى تحيض حيضة أخرى، فإذا طهرت فإن شاء طلقها وإن شاء أمسكها، فإنه الطلاق الذي أمر الله عز وجل به قال تعالى: فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ [الطلاق:1] ) ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، النبي صلى الله عليه وسلم أمر عمر أن يأمر ابنه عبد الله بأن يراجعها ويمسكها حتى تطهر، فإن شاء بعد ذلك أن يمسكها وإن شاء أن يطلقها؛ لأن الله عز وجل أمر بتطليق النساء لعدتهن أي: مستقبلات عدتهن، فالحديث يدل على الرجعة، أي: إرجاع الزوجة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( مره فليراجعها ).
قوله: [حدثنا بشر بن خالد].
هو بشر بن خالد العسكري، ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[ عن يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن إدريس ].
هو: عبد الله بن إدريس الأودي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد بن إسحاق ].
هو: محمد بن إسحاق المدني، وهو صدوق، يدلس، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[ ويحيى بن سعيد ].
ويحيى بن سعيد الأنصاري المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وعبيد الله بن عمر ].
وعبيد الله بن عمر العمري، عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع ].
نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
وقد مر ذكره.
[ح وأخبرنا زهير ].
ثم قال: ح وأخبرنا زهير وهو زهير بن معاوية والإسناد ليس من أوله، لأن زهير هو في أثناء الإسناد، يروي عنه يحيى بن آدم، فقوله: وأخبرنا زهير، الذي قاله هو يحيى بن آدم؛ لأنه روى عن عبد الله بن إدريس عن الثلاثة ثم روى عن زهيراً عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر، أي: أن الإسناد هو هو، إلا أن يحيى بن آدم رواه من طريقين، وبشر بن خالد رواه عن يحيى بن آدم، ويحيى بن آدم رواه من طريقين: الطريق الأول الذي فيه الثلاثة والطريق الثاني الذي فيه زهير بن معاوية، وموسى بن عقبة، وزهير يروي عن موسى بن عقبة، فهو زهير عن موسى بن عقبة، وليس زهير وموسى بن عقبة، وإنما زهير يروي عن موسى بن عقبة، وموسى بن عقبة المدني إمام في المغازي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع عن ابن عمر].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث ابن عمر في مراجعة المطلقة رجعياً من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا علي بن حجر أنبأنا إسماعيل عن أيوب عن نافع كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا سئل عن الرجل طلق امرأته وهي حائض فيقول: أما إن طلقها واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تحيض حيضة أخرى، ثم تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها، وأما إن طلقها ثلاثاً فقد عصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك امرأتك ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله عنه، أنه كان إذا سئل عن طلاق المرأة في حيضها قال: أتعرف عبد الله بن عمر؟ يعني: أنك على الخبير سقطت، أنت تسأل عن شيء وأنا خبير به، فقوله: أتعرف عبد الله بن عمر؟ يريد أن يبين له تحققه من الحديث كما أنه متحقق بأن من يخاطبه عبد الله بن عمر، وأخبر بأنه النبي صلى الله عليه وسلم.
[ كان ابن عمر رضي الله عنهما، إذا سئل عن الرجل طلق امرأته وهي حائض، فيقول: أما إن طلقها واحدة أو اثنتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمره أن يراجعها ثم يمسكها حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ثم يطلقها قبل أن يمسها، وأما إن طلقها ثلاثاً فقد عصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك وبانت منك امرأتك ].
هذا ما فيه ذكر قصته في تطليق زوجته ولكن فيه الإخبار بالتفصيل بما يكون عليه الحال فيما إذا طلقها طلاقاً رجعياً، فإنه يراجع حتى تحيض حيضة أخرى ثم تطهر، وأما إن كان طلقها ثلاثاً، فإنه قد عصى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: عصيت الله فيما أمرك به من طلاق امرأتك، يعني: أنه يطلق واحدة، أو اثنتين ولا يطلق ثلاثاً، وأنه يملك الأولى والثانية، والثالثة تبين منه بها، وإذا طلق بهذا العدد فإنه يكون عصى فيما أمر به من الطلاق، وبانت امرأته منه بكونه طلقها ثلاثاً.

تراجم رجال إسناد حديث ابن عمر في مراجع المطلقة رجعياً من طريق ثالثة


قوله: [أخبرنا علي بن حجر ].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي.
[عن إسماعيل].
هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، ثقة، مشهور بابن علية، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أيوب ].
هو أيوب بن أبي تميمة السختياني، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن نافع عن ابن عمر ].
وقد مر ذكرهما.

حديث ابن عمر في مراجعة المطلقة رجعياً، من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا يوسف بن عيسى المروزي قال: حدثنا الفضل بن موسى قال: حدثنا حنظلة عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فراجعها ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض فأمره النبي صلى الله عليه وسلم، فراجعها يعني: الحديث في الرجعة وهو دال على المراجعة إذا طلق الرجل امرأته وهي حائض، وهو مختصر هنا، ذكره مختصراً.
قوله: [ أخبرنا يوسف بن عيسى المروزي ].
هو يوسف بن عيسى المروزي، ثقة، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي.
[ عن الفضل بن موسى ].
هو الفضل بن موسى المروزي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن حنظلة ].
هو حنظلة بن أبي سفيان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سالم ].
هو سالم بن عبد الله بن عمر رحمة الله عليه، ثقة، فقيه أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر رضي الله عنهما وقد مر ذكره.

حديث ابن عمر في مراجعة المطلقة رجعياً من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عمرو بن علي حدثنا أبو عاصم قال: ابن جريج أخبرنيه ابن طاوس عن أبيه أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يسأل عن رجل طلق امرأته حائضاً، فقال: أتعرف عبد الله بن عمر؟ قال: نعم، قال: فإنه طلق امرأته حائضاً فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فأمره أن يراجعها حتى تطهر، ولم أسمعه يزيد على هذا ].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، وهو أن ابن عمر رضي الله عنه، عندما يسأل عن طلاق الرجل زوجته وهي حائض يقول له: أتعرف عبد الله بن عمر يريد: سؤالك جاء إلى شخص له علم في هذه المسألة، وهو أن ابن عمر رضي الله عنه، طلق زوجته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بأن يراجعها.
قوله: [ أخبرنا عمرو بن علي ].
هو الفلاس ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي عاصم ].
هو الضحاك بن مخلد النبيل، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن جريج ].
هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي، ثقة، فقيه، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن طاوس].
هو عبد الله بن طاوس، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبيه ].
هو طاوس بن كيسان، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عمر ].
ابن عمر، وقد مر ذكره.

شرح حديث طلاق رسول الله حفصة ومراجعته إياها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا عبدة بن عبد الله أنبأنا يحيى بن آدم ح وأنبأنا عمرو بن منصور حدثنا سهل بن محمد أبو سعيد قال: نبئت عن يحيى بن زكريا عن صالح بن صالح عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عمرو: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان طلق حفصة ثم راجعها والله أعلم ].ثم أورد النسائي حديث عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها، أي أن فيه إثبات الرجعة، ودلالة على الرجعة وإرجاع الزوجة، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ذلك من قوله ومن فعله، من قوله كونه أمر بالمراجعة ومن فعله كونه طلق حفصة رضي الله عنها، ثم راجعها.

تراجم رجال إسناد حديث طلاق رسول الله حفصة ومراجعته إياها


قوله: [ أخبرنا عبدة بن عبد الله ].هو عبدة بن عبد الله الصفار ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.
[ عن يحيى بن آدم ].
يحيى بن آدم، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ح وأنبأنا عمرو بن منصور ].
ثم قال: ح وأنبأنا عمرو بن منصور هو النسائي وقد مر ذكره ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[ عن سهل بن محمد ].
هو سهل بن محمد بن الزبير العسكري ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[ قال: نبئت عن يحيى بن زكريا ].
قال: نبئت يعني: يقول سهل بن محمد العسكري نبئت عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهذا بالنسبة للطريق الثانية، أما يحيى بن آدم فهو روى عن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة بدون قوله: نبئت؛ لأن نبئت تشعر بالواسطة وأن هناك واسطة بينه وبينه، لكن جاء في سنن أبي داود أن سهل بن محمد العسكري هذا قال: حدثنا يحيى بن زكريا.
وهنا قال: نبئت، والإسناد الأول يحيى بن آدم عن يحيى بن زكريا.
[ يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ].
يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، هو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن صالح بن صالح ].
هو صالح بن صالح بن حي الهمداني الكوفي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سلمة بن كهيل ].
سلمة بن كهيل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن جبير ].
سعيد بن جبير، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ابن عباس ].
ابن عباس وهو أحد العبادلة الأربعة وقد مر ذكره.
[ عن عمر ].

رضي الله عنه، وهو ثاني الخلفاء الراشدين، وصاحب المناقب الجمة والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #808  
قديم 16-08-2022, 08:40 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(459)

- مقدمة كتاب الخيل




الخير معقود في نواصي الخيل أبداً، وهي محبوبة عند الناس لذلك، حيث تستعمل في الجهاد في سبيل الله، وقد جاء الترغيب في صفات منها معلومة، كما كره اتخاذها لمن لم يؤد حق الله فيها.

كتاب الخيل



شرح حديث سلمة بن نفيل الكندي: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [كتاب الخيلأخبرنا أحمد بن عبد الواحد حدثنا مروان وهو ابن محمد حدثنا خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري حدثنا إبراهيم بن أبي عبلة عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير عن سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه أنه قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال رجل: يا رسول الله! أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه وقال: كذبوا، الآن الآن جاء القتال، ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق، ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله، والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، وهو يوحى إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني أفناداً يضرب بعضكم رقاب بعض، وعقر دار المؤمنين الشام)].
يقول النسائي رحمه الله: كتاب الخيل، المقصود من الترجمة ذكر الأحاديث التي وردت مشتملة على بيان أحكام الخيل، وفي بعض النسخ: كتاب الخيل والسبق والرمي، وهذان لهما صلة بالخيل من جهة أن الخيل يكون فيها الاستعداد للجهاد في سبيل الله، والسبق والرمي أيضاً فيه تمرن واستعداد لمعرفة القتال في مثل هذه الآلات والوسائل.
وذكر الخيل أو كتاب الخيل في هذا الموضع بعد كتاب الطلاق، وقبل كتاب الإحباس -الوقف- ليس له مناسبة، والمناسبة التامة أن يكون كتاب الخيل والسبق والرمي بعد كتاب الجهاد؛ لأنه هو الألصق به؛ ولأنه متعلق به، وهو كذلك موجود في السنن الكبرى على هذا الترتيب؛ بحيث أورد كتاب الخيل بعد كتاب الجهاد، وهذا هو الأليق الأنسب، والكتابان بعضها متصل ببعض، مثل اتصال كتاب الطلاق بكتاب النكاح، وهما يتعلقان بأحكام النساء، والجهاد والخيل مرتبط بعضهما ببعض، ومتصل بعضهما ببعض، فالترتيب الذي في السنن الكبرى، وهو كون كتاب الخيل يأتي عقب كتاب الجهاد مباشرة، هو الأليق والأنسب.
ثم أورد النسائي حديث [سلمة بن نفيل الكندي رضي الله تعالى عنه أنه قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال رجل: يا رسول الله! أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح، وقالوا: لا جهاد، قد وضعت الحرب أوزارها، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجهه وقال: كذبوا، الآن الآن جاء القتال)].
فقوله: [(أذال الناس الخيل، ووضعوا السلاح)]، قيل: معناه أنهم امتهنوها واستسهلوا في شأنها، فأهانوها، ولم يحترموها ويوقروها، ولم يعنوا بها العناية التامة، بل إنهم تركوها وأرسلوها، فلم يربطوها ويعدوها للجهاد في سبيل الله عز وجل.
[وضعت الحرب أوزارها]، أي: انتهت الحرب، ولم يكن هناك جهاد، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (كذبوا)، أي: لم ينته الجهاد، ولم تضع الحرب أوزارها، بل الآن جاء القتال؛ لأن المقصود من ذلك أنه في أول الأمر كان القتال في نفس البلاد التي هي حول المدينة، ومن ذلك فتح مكة، ثم إن الناس بعد ذلك هم بحاجة إلى أن يخرجوا من ديارهم، وأن يتجهوا إلى بلاد الكفار ليدعوهم إلى الله عز وجل، ويدخلوهم في هذا الدين الحنيف، ويخرجوهُم بإذن ربهم من الظلمات إلى النور، فالجهاد باق ولا ينقطع ولا ينتهي، فقولهم: إن الحرب قد قد وضعت أوزارها، وأنه لا جهاد، هذا كذب وليس بصحيح، بل الآن جاء القتال؛ لأن المسلمين عندما حصلت لهم القوة والتمكن والغلبة في بلاد العرب، فإنهم ينتقلون إلى بلاد أخرى، ويقاتلون الكفار، ويخرجون الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم.

جهاد الدفع وجهاد الطلب

والجهاد ليس دفاعاً فقط عن البلاد، وإنما هو ذهاب إلى بلاد الكفار، ونشر لهذه العقيدة والتوحيد، ودعوة الناس إلى عبادة الله عز وجل، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، وليس مجرد أن الناس يبقون في بلادهم، وأنهم إن جاءهم أحد ردوه، فإن الدفاع شيء فطر الناس عليه، وحتى الحيوانات تدافع عن نفسها إذا حصل لها شيء يضطرها إلى أن تدافع، وأنها ما تجد أمامها إلا أن تدافع عن نفسها، فهي تدافع عن نفسها، وكون الجهاد هو دفاع فقط، وليس انتقالاً من بلاد المسلمين إلى بلاد الكفار ليدعوهم إلى الله عز وجل، وليدخلوهم في هذا الدين، وليحكموهم بكتاب الله عز وجل وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ليس شأن الجهاد مجرد الدفاع، والرسول صلى الله عليه وسلم جاهد وأمر بالجهاد، وذهب إلى الروم وغزاهم حين ذهب إلى تبوك، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهبوا إلى الشام وفتحوها، وإلى بلاد العراق وفارس وفتحوها، وأنفقوا كنوز كسرى وقيصر في سبيل الله، كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن الناس عندما ضعفوا واشتد ضعهم، صار الجهاد عندهم مجرد دفاع، وأن الكفار لا يؤذون ولا يذهب إليهم في بلادهم، وإنما يكون دفاعاً، ويكون دعوة بدون قتال وجهاد.ومن المعلوم أن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ذهبوا إلى بلاد فارس والروم، وقضوا على الدولتين العظميين في ذلك الزمان؛ دولة فارس ودولة الروم، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بأن كنوز كسرى وقيصر ستنفق في سبيل الله، وقد أنفقت في سبيل الله على يد الفاروق، الخليفة الراشد الثاني من الخلفاء الراشدين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، حيث جاءت الكنور، وأتي بالذهب والفضة إلى هذه المدينة، وقسمه عمر رضي الله عنه وصرفه في مصالح المسلمين كما أمر الله عز وجل، وكما جاء في سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [(ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق)]، أي: لا يزال في هذه الأمة من يقاتل على الحق، ومن يعنى بنشر هذا الدين، ويحرص على نشره، ولا ينقطع ذلك ولا ينتهي حتى يأتي أمر الله، أي: عند قرب قيام الساعة، وعند نهاية الدنيا، إلى الوقت الذي تخرج فيه الريح اللينة التي تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ولا يبقى بعد ذلك إلا شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة، فلا يزال أمر الله ماضياً، ولا يزال الحق له من ينصره ويؤيده، ولا تخلو الأرض من قائم لله بحجته، فلا يحصل في وقت من الأوقات أن تخلو الأرض من الحق وأهله بحيث يسود الباطل، ولا يبقى للحق وجود، ولا يبقى له نفوذ.. لا يكون هذا، ولكن الأمر يختلف في بعض الأوقات من حال إلى حال، فقد يضعف في بعض الأحوال، وقد يقوى في بعض الأحوال، والغالب أن كل زمان دون الذي قبله، وقد يأتي زمان يكون أشد وأعظم نفعاً من الذي قبله.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه)، ليس على إطلاقه، بل قد يأتي أعوام أحسن وأفضل من التي قبلها، بمعنى أن بعض الناس يرى أن في هذا خللاً، وأن هذا لم يحصل استمرار ذلك، ثم يتكلم في الحديث أو يقدح فيه، وهو في صحيح البخاري؛ لأن العلماء من قديم الزمان فسروه وفهموه، وقالوا: هو من العام المخصوص، وليس من العام الباقي على عمومه، وأنه ما من عام إلا وهو أسوأ من الذي قبله، ولا يكون خلاف ذلك أبداً؛ لأن ابن حبان رحمه الله قال: وما جاء في هذا الحديث مخصوص في بعض الأحوال، ومن ذلك ما جاء في أحاديث المهدي، وأنه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، ونقله عنه الحافظ ابن حجر في فتح الباري، فالزمان الذي ملئت فيه الأرض عدلاً، هو أحسن من الذي قبله، الذي ملئت فيه الأرض جوراً، ومعنى هذا أن قوله: (لا يأتي عام إلا والذي بعده شر منه)، المقصود به أن هذا في غالب الأحوال وأكثرها، وقد يكون في بعض الأحوال الأمر بخلاف ذلك.
وهنا قال: [(حتى يأتي أمر الله)]، وأمر الله المقصود به واحد الأمور، وليس واحد الأوامر؛ لأن الأمر قد يأتي ويراد به واحد الأوامر، مثل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النحل:90]، فهذا المقصود الأوامر التي هي ضد النواهي، وقد يأتي الأمر ويراد به الشأن والحال، ومنه: (حتى يأتي أمر الله)، يعني: حتى يأتي الشيء الذي أراده الله وقدره، من أنه تخرج ريح لينة روح تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة، ثم لا يبقى إلا شرار الناس الذين تقوم عليهم الساعة.
قوله: [(ولا يزال من أمتي أمة يقاتلون على الحق، ويزيغ الله لهم قلوب أقوام، ويرزقهم منهم حتى تقوم الساعة، وحتى يأتي وعد الله)].
أي: من أجل جهادهم، وكونه يحصل لهم الزيغ فيحصل جهادهم، ويحصل لهم الأجر بجهادهم، ويحصل لهم الغنيمة المعجلة في الدنيا، وهي رزق الله عز وجل لهم من هؤلاء الذين يقاتلونهم من أجل إدخالهم في هذا الدين، فهذا مصدر رزق عظيم، وهو رزق المصطفى صلى الله عليه وسلم، حيث جاء في الحديث: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي)، أي: أنه من الغنائم ومن الفيء الذي يفيء الله على المسلمين، وهذا في الجهاد في سبيل الله، قال: (وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، وهو حديث عظيم رواه الإمام أحمد في المسند، وشرحه الحافظ ابن رجب في جزء لطيف، وهو من أجزائه الحديثية اللطيفة التي تشتمل على حكم وآثار كثيرة عن السلف، وهو المعنون: الحكم الجديرة بالإشاعة في شرح حديث: (بعثت بين يدي الساعة)، وبالمناسبة فالأجزاء الحديثية لـابن رجب هي أجزاء مفيدة ونفيسة، وتشتمل على الآثار والحكم، وعلى الكلمات الجميلة التي تؤثر عن سلف هذه الأمة في مختلف الموضوعات.
قوله: [(ويرزقهم منهم)]، أي: بالجهاد، فالغنائم يغنمونها حيث يقاتلونهم ويعملون على إخراجهم من الظلمات إلى النور، فيدخل من يدخل في الإسلام، ويدفع الجزية من يدفع الجزية، ويغنمون ما يغنمون من الكفار، وذلك هو خير مصادر الرزق.

الخيل من وسائل الجهاد

قوله: [(والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)].وهذا محل الشاهد من إيراد الحديث في كتاب الخيل، قال: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وهذا يدل على عظم شأن الخيل وأهميتها، وأن الخير معقود في نواصيها، وأنه لا ينتهي الأمر باستغناء الناس عنها في وقت من الأوقات، فقد يأتي الوقت الذي يحتاجون فيه إلى الخيل، بل قد جاء في الأحاديث ما يدل على استعمال الخيل والجهاد عليها في سبيل الله في آخر الزمان، فقوله صلى الله عليه وسلم: (معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، معناه أنها لا تنتهي الحاجة إليها، ولا ينتهي الانتفاع بها، ولا ينتهي كونها وسيلة من وسائل الجهاد في سبيل الله؛ فإن الأمر وإن حصل في هذا الزمان من وجود الوسائل الحديثة، فلا يعني ذلك أن الخيل والحاجة إليها قد انتهت، وأنه لا اعتبار لها في المستقبل؛ لأن بعض المغرورين عندما يسمع بعض الأحاديث التي تتعلق بهذه الوسائل التي كانت موجودة بعد زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وبعده بفترة طويلة، ووجود الأمور التي تغيرت، والصناعات الحديثة، هذا يجعل بعض الناس يقدم على بعض النصوص فيقدح فيها ويقول: إنها موضوعة، وإنها غير ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أنها في صحيح البخاري وصحيح مسلم، مثلما جاء عن محمد فريد وجدي صاحب دائرة معارف القرن العشرين، عندما ذكر أحاديث الدجال، وجاء ذكر الدجال، مع أن الدجال أحاديثه متواترة، بل شرع الدعاء في الصلاة بالاستعاذة من فتنة المسيح الدجال، ثم يأتي مثل هذا الشخص ويتكلم ويقول: إن الأحاديث عند الدجال كلها موضوعة وملفقة، وهي غير صحيحة، ثم يأتي إلى حديث قصة يأجوج ومأجوج، وأنهم (يرمون بنبلهم، ويقولون: قضينا على من في الأرض فلنقض على من في السماء، فيرسلون نبلهم إلى السماء فترجع إليهم مخضوبة دماً)، فيقول: إن الذي وضع هذا الحديث لم يدر أنه لن يمض كذا إلا ويحصل كذا، وأنه لا يمضي كذا إلا وحصل من الطائرات والقنابل والأشياء كذا وكذا.. إلى آخره، قال: فهذا يدل على وضع الحديث، وأن الذي وضعه قاصر نظر..، والحديث في صحيح مسلم ! لكن وجدي ما يدري أن هذه الوسائل يمكن أن يأتي عليها وقت من الأوقات تتوقف، ولا تحصل الفائدة منها، وهذه الوسائل الحديثة من الطائرات والسيارات لو انقطع النفط لبقيت في الأرض ركاماً من الحديد البارد، لا يستفاد منها بشيء، وما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم، من الأحاديث يجب تصديقه، وأن ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم حق وصدق، وأنه لا يغتر بكلام الذين يحكمون عقولهم، ويقدمون على الأحاديث فيقدحون فيها -وهي صحيحة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- بمجرد أنهم فهموا فهماً خاطئاً، وتصوروا تصوراً خاطئاً، وحكموا على أن المستقبل لابد وأن يكون دائماً على ما عقلوه وشاهدوه، فقد يتغير الحال ويرجع الناس إلى تلك الوسائل، بل قد جاء ما يدل على استخدامهم لتلك الوسائل، وهو كونهم يغزون على الخيل في سبيل الله عز وجل في آخر الزمان.
وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، يعني: معناه إلى نهاية الدنيا، والخير فسر بأنه الأجر والمغنم كما جاء في بعض الأحاديث التي ستأتي، والأجر هو: أجر من يجاهد عليها في سبيل الله، وكذلك الغنيمة التي يحصلونها، وهي أحسن الرزق وأجمله وأفضله، والتي هي رزق المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكذلك أيضاً ما يحصل للمسلمين من العزة والقوة والغلبة على أعدائهم، ففيه دحر الأعداء وظهور المسلمين، وفيه حصول الأجر للمجاهدين، وفيه حصول الغنيمة التي يغنمونها في الجهاد في سبيل الله.
فقوله عليه الصلاة والسلام: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) يدل على أن نفعها لا ينقطع ولا ينتهي، وأنه لا يكون زمن تنتهي فيه الحاجة إليها، فالأحاديث جاءت بأنها ستستخدم، وأنها سيجاهد عليها في سبيل الله، وهذا الحديث يدل على استمرار ذلك إلى يوم القيامة.
وقوله: [(والخيل معقود في نواصيها)]، ليس هذا تخصيص لها، فالناصية هي مقدمتها، وهي التي جاء فيها أحاديث تخصها، وأيضاً عندما يذكر الشيء من أنه يؤخذ بناصيته، فيؤخذ بناصيتها عندما تقاد، وكذلك عندما يمسح عليها كما سيأتي فيما يتعلق بنواصيها، أنه يمسح عليها ويفتلها، يعني: يحركها بأصابعه كهيئة الفاتل، فيمكن والله أعلم أن المقصود به ليس هو الخصوص، وإنما المقصود الخيل كلها فيها الخير، ولكن ذكرت النواصي لأنها هي المقدمة، ولهذا عندما يؤخذ بشيء قال: يؤخذ بناصيته: فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ [الرحمن:41].
قوله: [(وهو يوحي إلي أني مقبوض غير ملبث، وأنتم تتبعوني أفناداً)].
وهو عليه الصلاة والسلام يوحى إليه أنه مقبوض: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ [الزمر:30]، وهو لم يعمر، والخلد ليس لأحد، ولو كان الخلد لأحد لكان أولى الناس به رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله تعالى يقول: وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ [الأنبياء:34]، بل لابد من الموت، وكل حي من المخلوقين سيموت، ولابد للناس أن يموتوا، طالت أعمارهم أو قصرت، والرسول صلى الله عليه وسلم وهو سيد الخلق، يموت الموتة التي هي: الانتقال من الدار الدنيا إلى الدار الآخرة وإلى البرزخ، ولكنه يكون في قبره حياً حياة برزخية أكمل من حياة الشهداء، لكنها تختلف عن الحياة التي كان عليها في الدنيا؛ لأن حياة الآخرة غير حياة الدنيا، والنعيم والعذاب الذي يكون في القبر، يختلف عن النعيم والعذاب الذي يكون في الدنيا، فالعذاب الذي يكون في الدنيا يكون مشاهداً ومحسوساً، والعذاب الذي يكون في القبر والنعيم الذي يكون في القبر يحصل وإن لم يشاهد الناس ذلك، بحيث لو فتحوا القبر لا يجدون فيه جنة ولا ناراً، مع أن الجنة والنار موجودة، ولكنها أمور مغيبة، فهو عليه الصلاة والسلام مقبوض غير ملبث، أي: غير خالد، وغير باق، وغير لابث في الدنيا إلى نهايتها، وإنما له أجل ينتهي إليه، وقد انتهى أجله بعد أن كان عمره ثلاثاً وستين سنة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
ومثله أبو بكر رضي الله عنه، توفي وعمره ثلاث وستون سنة، وعمر رضي الله عنه توفي وعمره ثلاث وستون سنة، وعلي رضي الله عنه توفي وعمره ثلاث وستون سنة، فالرسول صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون الثلاثة عمر كل واحد منهم ثلاث وستون سنة، أما عثمان رضي الله عنه فعمره زاد على الثمانين، ولهذا بعض الكتاب يقدحون في خلافته، ويتكلمون في خلافته في القرن الرابع عشر، ويقولون: أدركته الشيخوخة، فكانت خلافته فيها ما فيها، وهذا كما قال بعض أهل العلم: قائل ذلك لا يضر إلا نفسه، أي: القدح في أحد من الصحابة لا يضر الصحابة شيئاً، وإنما يضر القادح نفسه، حيث يتكلم في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بما لا يليق وبما لا ينبغي، فخلافته خلافة نبوة، وهو على هدى وعلى صراط مستقيم، وهو أحد الخلفاء الراشدين الهادين المهديين الذين أمرنا باتباعهم، والسير على منوالهم في قوله عليه الصلاة والسلام: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة).
قوله: [(وأنتم تتبعوني أفناداً)]، أي: جماعات يتبع بعضهم بعضاً، ويحصل أن بعضهم يضرب رقاب بعض، ويحصل أن بعضهم يقتل بعضاً.
وقوله: [(وعقر دار المؤمنين الشام)]، أي: أصل دار المؤمنين، فالعقر هو الأصل، والمقصود من ذلك أن الشام في وقت الفتن وفي آخر الزمان هي التي يكون فيها الحشر الدنيوي، حيث يذهبون إلى الشام ويجتمعون هناك، فهذا من الأحاديث الدالة على فضلها، أي: فضل الشام، وستكون في آخر الزمان هي الموئل الذي يفد إليه المسلمون، ويحشرون إليه.

تراجم رجال إسناد حديث سلمة بن نفيل الكندي: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قوله: [أخبرنا أحمد بن عبد الواحد].أحمد بن عبد الواحد صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن مروان].
وهو مروان بن محمد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري].
خالد بن يزيد بن صالح بن صبيح المري ثقة، أخرج حديثه أبو داود في المراسيل، والنسائي، وابن ماجه.
[عن إبراهيم بن أبي عبلة].
إبراهيم بن أبي عبلة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي.
[عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي].
الوليد بن عبد الرحمن الجرشي هو ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن جبير بن نفير].
جبير بن نفير ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سلمة بن نفيل الكندي].
سلمة بن نفيل الكندي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه النسائي وحده.
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #809  
قديم 16-08-2022, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث أبي هريرة: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث حدثنا محبوب بن موسى حدثنا أبو إسحاق يعني: الفزاري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، الخيل ثلاثة: فهي لرجل أجر، وهي لرجل ستر، وهي على رجل وزر، فأما الذي هي له أجر فالذي يحتبسها في سبيل الله فيتخذها له، ولا تغيب في بطونها شيئاً إلا كتب له بكل شيء غيبت في بطونها أجر، ولو عرضت له مرج)، وساق الحديث].ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة).
(الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وهذا هو المقصود من إيراد الحديث، ثم ذكر أنها ثلاثة أقسام، أي: ثلاثة أصناف، وأصحابها أيضاً ثلاثة أصناف، هي لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، يعني: أحد تكون له أجراً، وأحد تكون له ستراً، وأحد تكون عليه وزراً، ثم ذكر بعض ما يتعلق بذلك، وهو الصنف الأول الذي تكون له أجراً، فقال: (فأما الذي هي له أجر فالذي يحتبسها في سبيل الله فيتخذها له)، أي: يوقفها؛ لأن الحبس هو التوقيف، يحتبسها معناه: يوقفها للجهاد في سبيل الله، ومنه ما جاء في حديث قصة ابن جميل وخالد، قال: (إنكم تظلمون خالداً وقد احتبس أدراعه)، أي: أوقف، يعني: خرج من هذه العدد وجعلها في سبيل الله عز وجل، احتبس، أي: أوقف، يحتبسها، يعني: يوقفها، والاحتباس غير الاحتساب، فالاحتساب هو نتيجة الاحتباس؛ لأنه يحتسب الأجر، وسيأتي بعد هذا الكتاب الذي هو كتاب الخيل كتاب الإحباس الذي هو الوقف، الذي هو التوقف، يعني أتى به بلفظ الإحباس، والوقف كما قالوا في تعريفه: هو تحبيس الأصل، وتسبيل المنفعة، يعني: الأصل لا يباع ولا يشترى، ومنفعته تصرف في وجوه الخير والبر، يحتسبها في سبيل الله فهي له، يعني: فهذه تكون له أجراً؛ لأنه أوقفها للجهاد في سبيل الله، وهو مأجور على ذلك، ثم ذكر أمثلة من سعة فضل الله عز وجل لحصول الأجر لهذا الذي احتبسها, فقال: (فأما الذي هي له أجر فالذي يحتبسها في سبيل الله فيتخذها له، ولا تغيب في بطونها شيئاً إلا كتب له بكل شيء غيبت في بطونها أجر، ولو عرضت له مرج).
قوله: [(ولا تغيب في بطونها شيئاً)]، يعني: لا تأكل ولا تدخل في بطونها شيئاً، سواء كان مرعى أو ماء، سواء كان مأكولاً أو مشروباً، إلا كان له بذلك الذي غيبته في بطونها أجر على ذلك، (ولو عرضت له مرج)، المرج هي الروضة أو الأرض الواسعة التي فيها نبات، أي: فأكلت منها، فإنه يكون فيما أكلته يكون له فيه أجر.
ثم قال: وساق الحديث، فلم يسقه بتمامه، لكن الحديث الذي بعده عن أبي هريرة في الطريق الثانية هي التي ساق فيها ألفاظه بتمامها، فأورد تفصيل ما يتعلق بالقسم الأول الذي تكون له أجراً، والقسم الثاني الذي تكون له ستراً، والقسم الثالث الذي تكون عليه وزراً.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة: (والخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)


قوله: [أخبرنا عمرو بن يحيى بن الحارث].عمرو بن يحيى بن الحارث هو الحمصي، ثقة، أخرج له النسائي.
[عن محبوب بن موسى].
محبوب بن موسى صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[عن أبي إسحاق يعني: الفزاري].
أبو إسحاقالفزاري هو إبراهيم بن محمد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سهيل بن أبي صالح].
سهيل بن أبي صالح حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، والبخاري روى له تعليقاً ومقروناً، أي: أنه لم يورد له استقلالاً، ولكنه جاء مقروناً، ذكروه ضمن رجال البخاري، فرمز له المزي ومن تبعه بأنه من رجال الجماعة، والبخاري إنما خرج له مقروناً، وهذا يدلنا على أن المزي ومن تبعه عندما يكون الإنسان جاء في الأصول وفي الأسانيد، ولو لم يكن مستقلاً ومنفرداً بالرواية، وإنما جاء مقروناً مع غيره، فإنه يعتبر من رجال الجماعة، ولهذا قال الحافظ في التقريب: روى له البخاري مقروناً وتعليقاً، ورمز لكونه من رجال الجماعة، أي: لم يرمز له بالتعليق فقط؛ لأنه وجد كونه من رجال الأصول، ولكن ليس على سبيل الاستقلال، بل على سبيل كونه مقروناً مع غيره في الإسناد، يعني: حدثنا فلان وفلان، أخبرنا فلان وفلان.
[عن أبيه].
وهو أبو صالح، واسمه ذكوان، ولقبه السمان، ويقال: الزيات، نسبة إلى بيع السمن وإلى بيع الزيت، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فرضي الله تعالى عنه وعن الصحابة أجمعين.

شرح حديث أبي هريرة في أقسام الخيل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءة عليه وأنا أسمع واللفظ له، عن ابن القاسم حدثني مالك عن زيد بن أسلم عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (الخيل لرجل أجر، ولرجل ستر، وعلى رجل وزر، فأما الذي هي له أجر فرجل ربطها في سبيل الله فأطال لها في مرج أو روضة، فما أصابت في طيلها ذلك في المرج أو الروضة كان له حسنات، ولو أنها قطعت طيلها ذلك فاستنت شرفاً أو شرفين كانت آثارها -وفي حديث الحارث: وأرواثها- حسنات له، ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى، كان ذلك حسنات فهي له أجر، ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله عز وجل في رقابها ولا ظهورها، فهي لذلك ستر، ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر، وسئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الحمير؟ فقال: لم ينزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8])].
معنى سبيل الله

ثم أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وفيه تفصيل الأقسام الثلاثة التي هي كونها لرجل أجراً، ولرجل ستراً، وعلى رجل وزراً، فقال في الذي هي له أجر: (فرجل ربطها في سبيل الله)، رجل ربطها في سبيل الله أي: للجهاد في سبيل الله؛ لأن كلمة (في سبيل الله) عند إطلاقها يراد بها الجهاد في سبيل الله، وهذا هو المعنى الخاص لها، وتأتي في سبيل الله بالمعنى العام، وهو أوجه الخير والبر كلها، يقال لها كلها: في سبيل الله؛ لأنها في طريق الإحسان والمعروف، لكن في سبيل الله يراد به الجهاد في سبيل الله، ولما ذكرت مصارف الزكاة الثمانية، ذكر من بينها في سبيل الله، والمقصود به: الجهاد في سبيل الله؛ لأن وجوه البر الأخرى هي كلها في سبيل الله؛ فإن إعطاء الفقراء هو في سبيل الله بالمعنى العام، وكذلك إعتاق الرقاب هو في سبيل الله بالمعنى العام، فإذاً يراد بسبيل الله المعنى الخاص، الذي هو الجهاد، ولا يراد به المعنى العام، ولهذا لا يجوز بناء المساجد، وبناء الأربطة، وتعبيد الطرق من الزكوات والصدقات التي جاء توزيعها في كتاب الله عز وجل على ثمانية أصناف، فإنه ليس منها هذه الأشياء، ولا يقال: إنها تدخل في سبيل الله؛ لأن تلك الأمور الأخرى هي في سبيل الله، ولو كان المقصود في سبيل الله المعنى العام، ما ذكر مع إعتاق الرقاب، ومع إعطاء ابن السبيل، ومع إعطاء الفقراء والمساكين؛ لأن هذا كله في سبيل الله بالمعنى العام، وأيضاً في سبيل الله المقصود به الجهاد، وعلى هذا فالزكاة تصرف في مصارفها الثمانية التي ذكرها الله عز وجل في كتابه، ولا تصرف في غيرها من وجوه البر الأخرى التي ما جاءت ضمن هذه الثمانية.قوله: [(فأطال لها في مرج أو روضة)].
وأطال لها أي: ربطها وأطال الرباط بحيث وضع وتداً ثابتاً في الأرض، أو في شجرة غليظة بحيث يربط فيها طرف الخيط أو طرف الحبل، والطرف الآخر يكون في يد الفرس، فتستدير حول هذه المنطقة وترعى، ولا تذهب على رأسها أو تنفلت، ولكنه يطيل حتى يكون عندها مجال واسع، بحيث تأكل من هذه الأرض التي حولها، فما حصل لها في ذلك التحرك في ضمن هذه الدائرة المحدودة التي هي في حدود الحبل الذي جعله طويلاً حتى يكون لها مجال، إلا كان له حسنات، يعني: ما تأكله وما تتحركه، كل ذلك يكون له حسنات.
(فأطال لها في مرج أو روضة)، الروضة هي: الأرض التي فيها خضرة، والمرج هو الأرض الواسعة التي فيها خضرة وفيها نبات، فمعناهما واحد، يعني: إما كذا أو كذا، فالمرج هو الروضة، والروضة هي المرج.
قوله: [(فما أصابت في طيلها ذلك في المرج أو الروضة كان له حسنات)].
أي: حدود هذا الحبل الذي تستدير فيه في هذه الدائرة، كل ما تصيبه في ذلك يكون له حسنات.
(ولو أنها قطعت طيلها)، يعني: هذا الحبل لو قطعته ثم أسرعت وجرت شرفاً أو شرفين فيما إذا انطلقت؛ لأن المربوط إذا أطلق يجري ويسرع، ولهذا يقولون عن البعير إذا أرادوه أن يتحرك، خاصة إذا كان فيه هزال مثلاً، يشدون عليه في العقال ثم يطلقونه، وإذا انطلق يكون ذلك أدعى إلى كونه يقوم، ولهذا يقولون: كأنما نشط من عقال، يعني: مثل يضرب على الإنسان يصير عنده نشاط، فيكون مثل ذلك البعير الذي تربط يده بالعقال ثم تحل، فإنه عندما تحل يسرع ويحاول أن يقوم، وكذلك الذي هو مربوط في دائرة إذا انقطع رباطه، فإنه يجري، فما يحصل منه لو انقطع رباطه.
(واستن شرفاً أو شرفين)، استن: أسرع وجرى، (شرفاً أو شرفين)، يعني: إما مكان عال؛ لأن الشرف هو المكان العالي، أو جرى على أي حالة كانت، فإن الله يكتب آثاره، أي: خطواته التي يخطوها، وفي بعض الروايات: وأرواثه، كل ذلك يكتب له حسنات.
قوله: [(ولو أنها مرت بنهر فشربت منه ولم يرد أن تسقى، كان ذلك حسنات فهي له أجر)].
ولو أنه مر بنهر يريد أن يجتاز، ولكنها أرادت الماء فانعطفت على الماء، وهو ما كان في نيته أنه يسقيها، ولكنها هي نفسها أرادت الماء فشربت، فله أجر بذلك، وإذا كان هذا في الشيء الذي ما قصده، فمن باب أولى أن الشيء الذي قصده يكون له فيه أجر، ولا يعارض الحديث العام الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات)، وهو ما نوى أنه يعمل هذا الشيء بالنسبة لها؛ لأن نيته أصلاً في تحبيسها، يعني: أن كل ما تفعله يرجع إليه أجره، فالنية العامة موجودة في أصل التحبيس والتوقيف، وفي أصل ربطها لهذا الغرض ولهذا الخصوص، فيكون له أجر، ولكن ذكر كونه يؤجر على ذلك وهو لم يقصد ذلك بالخصوص، وإن كان قد أراده في أصل التحبيس، ففيه إشارة وتنبيه إلى أنه إذا كان هذا في شيء ما قصده، فمن باب أولى أن يكون كل شيء أراده، وكل شيء قصده أنه يؤجر عليه، فهي لمن يكون كذلك أجر، هي لرجل أجر، فهذه الصفات والأحوال التي يكون فيها الأجر لمن ربطها واحتبسها في سبيل الله.
قوله: [(ورجل ربطها تغنياً وتعففاً، ولم ينس حق الله عز وجل في رقابها ولا ظهورها، فهي لذلك ستر)].
ورجل هي له ستر، الإنسان الذي ربطها لحاجته، وإظهار لغناه وعدم حاجته للناس، (وتعففاً)، أي: استغناء عن الناس، وعن كونه يطلب من الناس أموالهم أن يستفيد بها، فعنده ما يكفيه، وربط شيئاً يكفيه، ولم ينس أيضاً حق الله في ظهورها ورقابها، بأنه إذا حصل أمر يستدعي أنه يجعلها في الجهاد في سبيل الله، وكذلك من جهة أنه يحسن إلى الناس بالإعارة، أو بكونه يعير الفحل لينزوا على أنثى لغيره، كل هذا يدخل تحت كونه يستفيد ويفيد، فهو يستفيد بنفسه ويستغني عن الناس، ويتعفف فلا يحتاج إلى الناس، ويكون عنده ما يغنيه ويكفيه، وكذلك أيضاً لا ينسى أن يعدي النفع إلى الغير، وأن يحسن إلى الناس، فهي لهذا ستر؛ لأنه ستر يقيه، أي: كونه يحتاج إلى الناس ويضايق الناس في أموالهم، أو يطلب منهم شيئاً قد يكون في نفوسهم شيء من عدم الإعطاء، فهو يستغني بذلك عن الناس، وإذا احتيج إليه فعنده الاستعداد لأن يفيد غيره كما أفاد نفسه، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
وقوله: [(ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، فهي على ذلك وزر)].
ورجل ربطها فخراً ورياء ونواء لأهل الإسلام، يعني: معاداة لهم، أو نكاية بهم، أو ما إلى ذلك، فهي لهذا وزر، وليست له أجر؛ لأنه ما ربطها للجهاد ولا للاستغناء بها، وإنما للفخر والخيلاء والرياء والكيد بأهل الإسلام، ومعاداة أهل الإسلام.
ثم سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن الحمير بعدما ذكر الخيل، وما فيها من الأجر، وأن الخيل معقود بنواصيها، وأن الناس فيها ثلاثة أصناف، سئل عن الحمير؟ يعني: كيف الحال فيها؟ قال: ما عندي فيها، أو لم ينزل علي فيها ولا في غيرها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه [الزلزلة:7-8]، الإنسان إذا أحسن إلى ما في يده، فإنه يؤجر على ذلك، وهذه ليست خاصة بالحمير، بل هي عامة في كل إحسان، من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره؛ لأنها في جميع وجوه الخير وفي جميع وجوه الشر، فالخير ولو كان قليلاً، إذا قدمه أمامه وجده، والشر ولو كان قليلاً، فإنه إذا قدمه يجده أمامه.
وقوله: الجامعة؛ لأنها عامة تشمل كل شيء، ويدخل في ذلك الحمير، وإفادة الناس ونفعهم بها، والفاذة: المنفردة التي هي جامعة، ومع ذلك منفردة في عموم ما فيها من النفع، وما فيها من الخير.
وأما السيارات فلا شك أن كون الإنسان يصير عنده وسيلة من الوسائل، ويحسن إليها ويحسن فيها، هي داخلة في هذه الآية الفاذة الجامعة.

تراجم رجال إسناد حديث أبي هريرة في أقسام الخيل

قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
الحارث بن مسكين].
هو الحارث بن مسكين المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك بن أنس].
مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، صاحب أحد المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن زيد بن أسلم].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهما.

الأسئلة


الجمع بين قول الله تعالى: (لا إكراه في الدين) وقتال الكفار على الإسلام


السؤال: قول الله تعالى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ [البقرة:256]، هل هذه الآية تدل على حرية الاعتقاد أو تساوي الأديان كما يزعمه بعض الناس، وكيف يجمع مع مشروعية الجهاد وقهر الكفار على الإسلام؟الجواب: معلوم أن الجهاد في سبيل الله قائم ومستمر، لكن إذا حصل الجهاد في سبيل الله لا يكره الناس على أن يدخلوا في الدين، بل إذا أعطوا الجزية ورضخوا لأحكام الإسلام، ودخلوا في أحكام الإسلام، فإنهم يتركون على ما هم عليه ولا يقاتلون؛ لأنه قد يكون دفعهم الجزية وسيلة إلى أنهم يشاهدون أحكام الإسلام، وما جاء في الإسلام من الخير، فيكون ذلك أدعى إلى دخولهم في الإسلام، وإلى دخولهم في هذا الدين الحنيف، وأيضاً المسلمون عندما يمسكون أي إنسان لا يقال: إما أن تسلم، وإما قتلناك، فلا يكون الأمر كذلك، وبالمقابل لا يعني أن الناس يجلسون في دورهم وفي أماكنهم ولا يخرجون لقتال الناس وجهادهم في سبيل الله عز وجل، حتى يخرجوا من دين الضلالة إلى دين الهدى.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #810  
قديم 16-08-2022, 08:41 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,301
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الخيل

(460)

- (باب حب الخيل) إلى (باب شؤم الخيل)




جبل الإنسان على حب الخيل لما تتمتع به من صفات كريمة، ومع ذلك فإن في بعض الخيل صفات مكروهة كالشكال، والذي فسره البعض بأنه وجود التحجيل في اليد اليمنى مع الرجل اليسرى، أو في اليد اليسرى مع الرجل اليمنى، وهو ما يسميه البعض التحجيل من خلاف.

حب الخيل


شرح حديث: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب حب الخيل.أخبرني أحمد بن حفص حدثني أبي حدثني إبراهيم بن طهمان عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد النساء من الخيل)].
يقول النسائي رحمه الله: حب الخيل، الخيل تحب؛ لأنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أحاديث، منها: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، فهذا يبعث على محبتها، وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث أنس رضي الله تعالى عنه، أنه قال: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل)، الحديث فيه دلالة على محبة الخيل، وأنه يلي محبة النساء، وقد جاء في الحديث: (حبب إلي من دنياكم النساء والطيب)، وقيل: إنه لعله لم يذكر الخيل مع النساء والطيب؛ لأن حب الخيل من الدين، ولأنها من أسباب الانتصار، ومن أسباب الخير للمسلمين، وأما النساء والطيب فهي محببة من الأمور الدنيا، ولكن الخيل لم تذكر معها لكونها تتخذ للجهاد في سبيل الله، وفيه إعلاء كلمة الله، وإظهار دين الله، فلم تذكر مع الاثنتين اللتين هما النساء والطيب، ولكن الذي يدل على محبتها، وعلى الرغبة فيها، ما أخبر به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم،عنها بقوله: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة)، وقد مر جملة من الطرق لهذا الحديث، ويأتي أيضاً جملة من الطرق له.
وهذا الحديث ضعفه الألباني، ولعل السبب في ذلك وجود مدلسين، هما: سعيد بن أبي عروبة، وكذلك أيضاً قتادة، وكل منهما مدلس، وقد جاء الحديث بالعنعنة عن كل واحد منهما.

تراجم رجال إسناد حديث: (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله بعد النساء من الخيل)


قوله: [أخبرني أحمد بن حفص].هو أحمد بن حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
هو حفص بن عبد الله بن راشد النيسابوري، وهو صدوق، خرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أي: زيادة على ابنه خرج له ابن ماجه.
[عن إبراهيم بن طهمان].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن أبي عروبة].
ثقة، كثير التدليس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أنس بن مالك].
رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو من صغار الصحابة، وقد عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، والسبعة المعروفون بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم هم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد، وجابر، وأنس، وأم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين.


ما يستحب من شية الخيل


شرح حديث أبي وهب الجشمي في شية الخيل


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ما يستحب من شية الخيل.أخبرنا محمد بن رافع حدثنا أبو أحمد البزاز هشام بن سعيد الطالقاني حدثنا محمد بن مهاجر الأنصاري عن عقيل بن شبيب عن أبي وهب وكانت له صحبة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن، وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأكفالها، وقلدوها ولا تقلدوها الأوتار، وعليكم بكل كميت أغر محجل، أو أشقر أغر محجل، أو أدهم أغر محجل)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي: شية الخيل، يعني: صفة الخيل، والأشياء التي يحرص عليها، ويرغب فيها أن تكون عليها الخيل، أورد النسائي حديث أبي وهب الجشمي رضي الله تعالى عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (تسموا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن).
قوله: (تسموا بأسماء الأنبياء)، أمر بالتسمي بأسماء الأنبياء، والحديث في إسناده رجل مجهول وهو عقيل بن شبيب، ولكن جاء ما يدل على مقتضى هذه الجملة، وذلك في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من قوله صلى الله عليه وسلم، لما ولد ابنه إبراهيم، قال: (ولد الليلة لي غلام وسميته باسم أبي إبراهيم)، فهذا يدل على التسمي بأسماء الأنبياء؛ لأنه ما قال: سميته إبراهيم وسكت، وإنما قال: سميته باسم أبي إبراهيم.
(أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن) هذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، التعبيد لله عز وجل، وأن يعبد بأسمائه هذا ثابت، لكن الحديث الذي فيه: (خير الأسماء ما عبد وحمد)، هذا غير ثابت، لكن الثابت قوله: (عبد الله وعبد الرحمن)، هذان هما أحب الأسماء إلى الله عز وجل، والتعبيد لله عز وجل بهذين الاسمين لا شك أنه أفضل من غيره؛ لأن هذين الاسمين اسمان مختصان بالله عز وجل لا يطلقان على غيره، فلا يطلق الله إلا على الله، ولا يطلق الرحمن إلا على الله، وهناك أسماء أيضاً لا تطلق إلا على الله، مثل: الصمد والخالق وبعض الأسماء، لكن الحديث جاء بالتنصيص على هذين الاسمين، وهما: الله والرحمن، وأن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، فهذه الجملة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في حديث آخر.
ثم قال: [(وارتبطوا الخيل)]، وربط الخيل للجهاد في سبيل الله، وحبسها في سبيل الله أيضاً ثابت، وسبق أن مر بنا حديث الرجل الذي له فيها أجر، وهو رجل ربطها واحتبسها في سبيل الله، ويكون له كذا وكذا من الأجر، فارتباط الخيل في الجهاد في سبيل الله ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قوله: [(وامسحوا بنواصيها وأكفالها)].
نواصيها مقدمتها، وأكفالها أفخاذها، قيل: إن المقصود من ذلك الاستئناس بها وتأنيسها، وكونها تستأنس بصاحبها عندما يمسح عليها، فإن ذلك فيه استئناس له، واستئناس لها بمسها والقرب منها، وقيل: إن المقصود من ذلك معرفة حالها وجس سمنها، بكونه يمسح على أفخاذها، وقيل: إن المقصود من ذلك هو إزالة الغبار عنها بكون الإنسان ينفض ذلك عنها بيده ويزيله عنها.
قوله: [(وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار)]، قيل: إن المقصود بقوله: قلدوها، أي: يعدونها لإعلاء كلمة الله عز وجل، وللجهاد في سبيل الله، فكأن هذا أمر لازم لزوم القلادة للعنق، وقيل: ولا تقلدوها الأوتار، يعني: لا تقلد للفخر والخيلاء وأخذ الثأر، وما يحصل بين القبائل من الاقتتال بغير حق، لا تتخذ الخيل لتستعمل لهذه الأغراض، وقيل: إن المقصود: لا تقلدوها الأوتار، أي: أنها لا تقلد الأوتار في أعناقها، إما لكون ذلك سبباً في اختناقها عندما ترعى في شجرة وليس عندها أحد، فيعلق عود من الأعواد بها، فيؤدي ذلك إلى اختناقها، وقيل: إن المقصود بذلك أنهم في الجاهلية كانوا يقلدونها الأوتار لتحميها من العين، وحتى لا يصيبها عين بسبب ذلك، فالمنع لهذه الأغراض.
قوله: [(وعليكم بكل كميت أغر محجل)].
وهذه هي الصفات المرغوبة في الخيل، والتي هي المقصودة بالترجمة، بقوله: شية الخيل، أي: صفتها وعلامتها، وقال: (عليكم بكل كميت أغر محجل)، والكميت هو الذي اختلطت الحمرة فيه بالسواد، أي: ليست حمرة خالصة ولا سواداً خالصاً، وإنما بين بين، والأغر هو الذي في ناصيته ووجهه بياض، هذا هو الأغر، والمحجل هو الذي في قوائمه بياض، يعني: تحت الركبتين وفوق الحافر، فتكون تلك المنطقة فيها بياض.
قوله: [(أو أشقر أغر محجل)]، والأشقر هو الأحمر الخالص الحمرة، (والأدهم الأغر المحجل هو الأسود)، فهذه هي الصفات المرغوبة: الكميت، وهو: بين الحمرة والسواد، والأحمر الخالص، والأسود الخالص، وفي جميع الأحوال يكون أغر محجلاً.

تراجم رجال إسناد حديث أبي وهب الجشمي في شية الخيل


قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].محمد بن رافع النيسابوري القشيري، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا ابن ماجه.
[عن أبي أحمد البزاز هشام بن سعيد الطالقاني].
صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[عن محمد بن مهاجر الأنصاري].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عقيل بن شبيب].
مجهول، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[عن أبي وهب].
أبو وهب وله صحبة، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
والحديث في سنده ذلك المجهول، لكن بعضه له شواهد تدل على ما جاء فيه، مثلما جاء في أوله، وما جاء من التسمية بأسماء الأنبياء، وكذلك التسمية بعبد الله وعبد الرحمن، وكذلك ارتباط الخيل للجهاد في سبيل الله، كل ذلك له شواهد.


الشكال في الخيل


شرح حديث: (كان النبي يكره الشكال من الخيل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الشكال في الخيل.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ح وأنبأنا إسماعيل بن مسعود حدثنا بشر حدثنا شعبة عن عبد الله بن يزيد عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، يكره الشكال من الخيل)، واللفظ لـإسماعيل].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة، وهي الشكال في الخيل، الشكال صفة من صفات الخيل، وهي مكروهة، وقد جاءت الأحاديث بكراهيتها، والشكال في الخيل فسر بعدة تفسيرات، منها ما فسره النسائي في آخر الأحاديث الواردة في الباب، أي: فسره في آخر الباب بعد الحديث الثاني: وهو أن تكون القوائم الثلاث محجلة وواحدة مطلقة، يعني: ليس فيها تحجيل، أو العكس، بأن تكون ثلاث قوائم مطلقة ورجل محجلة، وفسر التحجيل بتفسيرات أخرى، لكن أحسنها كما قاله السندي في الحاشية: أن تكون إحدى اليدين مع الرجل التي هي مخالفة لها محجلة، بحيث يكون التحجيل في اليد اليمنى والرجل اليسرى، أو اليد اليسرى والرجل اليمنى، يعني من خلاف، هذا هو أرجح ما قيل في الشكال؛ لأنه ورد عند أبي داود بعد ذكر الحديث تفسير الشكال بهذا المعنى، وهو ليس مبيناً أنه من كلام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، ولا من كلام غيره، فإن كان من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فذلك واضح، وإن كان ليس من كلامه، وإنما من كلام بعض الرواة، فأيضاً تفسير الرواة له وجاهة وترجيح، وهو أن يكون التحجيل بين يد ورجل من خلاف، ما يكون في يد يمنى ورجل يمنى، أو يد يسرى ورجل يسرى، وإنما في يد يمنى ورجل يسرى، أو يد يسرى ورجل يمنى، ليس على التساوي بين اليد والرجل، وإنما فيه مخالفة بين الرجل واليد، فهذا هو أحسن ما قيل في تفسير الشكال.
وإنما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم، الشكال في الخيل؛ لأن هذا مما جرب فلم يكن فيه نجابة، أي: بالتجربة ظهر أنه ليس فيه نجابة، كما قيل ومن المعلوم أن الدواب في ألوانها وفي أشكالها لها ميزة عند أهلها، ولهذا في وصية النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي يوم خيبر قال: (خير لك من حمر النعم)، يعني: هذا اللون وهذه الصفة هي من أنفس ما يكون عند العرب، فأشكالها وألوانها وهيئاتها مفضلة بعضها على بعض، ولها ميزة بعضها على بعض، ثم أيضاً من حيث التجربة، هذه الصفات تكون غالباً على هيئة حسنة، وعلى هيئة مرغوب فيها، من الوجوه المختلفة.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 399.37 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 393.53 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.46%)]