شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 75 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         ميزة جديدة من واتساب ستمنعك من مشاركة رقم هاتفك المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيف يجنب الآباء أطفالهم من اضطراب fomo ويقللون الاعتماد على وسائل التواصل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لاحظها على طفلك.. علامات خطيرة لاضطراب متعلق باستخدام السوشيال ميديا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          خطوات بسيطة يجب اتباعها لضمان تجربة إنترنت آمنة وتعليمية لطفلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن تطبيق Essentials الجديد من جوجل.. وأبرز مميزاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          واتساب يتيح ميزة نسخ الملاحظات الصوتية.. اعرف كيفية استخدامها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          تطبيق Google Keep يحصل على مميزات الذكاء الاصطناعى.. كيف تستفيد منها؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          احم طفلك من الإنترنت.. توصيات رسمية خلى بالك منها وابنك ماسك الموبايل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          لو خايف على أطفالك من فيس بوك.. 5 مميزات لتطبيق ماسنجر كيدز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          كيف تحدد وقت استخدام طفلك للإنترنت على فيس بوك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #741  
قديم 01-07-2025, 04:20 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله



شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [432]
الحلقة (464)





شرح سنن أبي داود [432]

لقد جاء النهي باعتزال المساجد ومجامع الناس لمن أكل ثوماً أو بصلاً؛ وذلك لما فيهما من الأذية للناس، وكذلك لما في أكلهما من أذية الملائكة، فالذي ينبغي للمرء أن يجتنب أكلهما، وإن كان لابد من أكلهما فليأكلهما في وقت مبكر، بحيث لا يأتي وقت الصلاة إلا وقد ذهبت رائحتهما، أما التمر فقد ورد أنه من الأطعمة المهمة، فبيت لا تمر فيه جياع أهله، كذلك يجوز تفتيش التمر المسوس وأكله، أما الإقران في التمر عند الأكل فقد جاء النهي عنه.

ما جاء في أكل الثوم


شرح حديث (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليقعد في بيته...)


قال المصنف يرحمه الله تعالى: [ باب في أكل الثوم. حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب حدثني عطاء بن أبي رباح أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى عليه وآله وسلم قال: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا -أو ليعتزل مسجدنا- وليقعد في بيته، وإنه أتي ببدر فيه خضرات من البقول فوجد لها ريحاً، فسأل، فأخبر بما فيها من البقول، فقال: قربوها إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كره أكلها قال: كل فإني أناجي من لا تناجي) قال أحمد بن صالح : ببدر، فسره ابن وهب : طبق ]. قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أكل الثوم ]. أورد أبو داود في أكل الثوم عدة أحاديث ترجع إلى أن أكل الثوم وحضور مجامع الناس وحضور المساجد فيه أذية للناس وللملائكة؛ وذلك لما فيه من الرائحة الكريهة. وأورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا أو ليعتزل مسجدنا) ] يعني: هذا شك من الراوي هل قال هذا أو قال هذا، وذكر المساجد والمجامع التي يكون فيها اجتماع الناس؛ لما يحصل فيها من الإيذاء، وقد جاء هذا الحديث في المنع منه، والدلالة على أن ذلك غير سائغ، وفي دخول المساجد بذلك أذية الملائكة كما جاء: (فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) . والحاصل أن الروائح الكريهة التي تؤذي الناس ينبغي للإنسان أن يبتعد عنها؛ هذا ما كان مباحاً منها، وأما ما كان محرماً كالدخان فإنه لا يجوز له أن يتعاطاه أبداً، وأما الثوم والبصل وغيرهما من الأمور المباحة مما فيه رائحة كريهة، فإن على الإنسان أن يحذر من أن يؤذي الناس بهذه الرائحة، فإذا احتاج الأمر إلى أكلها فإنه يستعمل معها شيئاً يزيل أثرها، أو يأكلها في وقت مبكر، بحيث إذا جاء الوقت الذي يذهب فيه إلى المسجد تكون تلك الرائحة قد ذهبت، فلا يحصل الإيذاء بسبب أكل الثوم والبصل. يقول الخطابي رحمه الله: إنما أمره باعتزال المسجد عقوبة له، وليس هذا من باب الأعذار التي تبيح للمرء التخلف عن الجماعة كالمطر والريح العاصف ونحوهما. يعني: أن الإنسان لا يكون معذوراً إذا أكل الثوم وتخلف عن صلاة الجماعة، بل إن أمره بالاعتزال من العقوبات، ووجهها أنه يحال بينه وبين هذا الخير، وذلك أن أكل الثوم والبصل يمكن أن يكون على وجه لا يحصل معه التأخر عن الجماعة إذا احتاج إليه، بأن يكون ذلك في وقت مبكر، بحيث يأتي وقت الجماعة وليس هناك أثر لتلك الرائحة الكريهة. قوله:[ (وإنه أتي ببدر فيه خضرات) ]. يعني: بطبق فيه أصناف من الخضروات والبقول . قوله:[ (فوجد لها ريحاً، فسأل، فأخبر بما فيها من البقول فقال: قربوها. إلى بعض أصحابه كان معه، فلما رآه كره أكلها قال: كل فإني أناجي من لا تناجي) ]. يعني: كرهها قدمها لبعض أصحابه، فلما رآه كرهها أمره بأن يأكل وأخبره أن امتناعه بسبب أنه يناجي الملائكة حين تأتيه بالوحي، وأيضاً يناجي الله عز وجل، ولكن الذي يختص به هو الملائكة الذين يأتون بالوحي، وقد جاء أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان. ثم هو عليه الصلاة والسلام يكره الرائحة الكريهة ولا يحبها، ويحب الرائحة الطيبة، وقد سبقت قصة المغافير وأنه شرب عسلاً، فقالت بعض أمهات المؤمنين: إن فيه مغافير. تعني: أن فيه رائحة مغافير، والمغافير هو النبات الذي ترعاه النحل ثم تظهر رائحته في عسله، فكان يكره الريح الخبيثة صلى الله عليه وسلم، ثم أيضاً مع كونه يكرهها فهو يناجي من لا يناجيه الناس، وهم الملائكة الذين يأتون بالوحي إليه صلى الله عليه وسلم. قوله: [ قال أحمد بن صالح : ببدر، فسره ابن وهب : طبق ]. يعني: البدر هو الطبق.
تراجم رجال إسناد حديث (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليقعد في بيته)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني يونس ]. هو يونس بن يزيد الأيلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عطاء بن أبي رباح ]. هو عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن جابر بن عبد الله ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، وهو أحد الصحابة السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (أنه ذكر عند رسول الله الثوم والبصل...)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو أن بكر بن سوادة حدثه أن أبا النجيب مولى عبد الله بن سعد حدثه أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه حدثه: (أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الثوم والبصل، فقيل: يا رسول الله! وأشد ذلك كله الثوم أفتحرمه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلوه، ومن أكله فلا يقرب هذا المسجد حتى يذهب ريحه منه) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عنده الثوم والبصل، فقيل: [ (يا رسول الله وأشد ذلك كله الثوم أفتحرمه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلوه، ومن أكله فلا يقرب هذا المسجد حتى يذهب ريحه منه) ]. يعني: أنه صلى الله عليه وسلم أذن بأكله ولم يمنع منه، ولكن المنع من كونه يحصل على وجه مؤذٍ للناس، وذلك بأن يأتي آكله إلى المساجد، ومثلها مجامع الناس حيث يتأذى الناس برائحته في اجتماعه بهم وجلوسه معهم؛ لأن إيذاء المسلمين حرام، ولا يسوغ للمسلم أن يؤذي أخاه، ولكنه عندما يحتاج إليه يأكله في وقت مبكر حتى تزول رائحته، أو يستعمل معه شيئاً يزيل رائحته.
تراجم رجال إسناد حديث ( أنه ذكر عند رسول الله الثوم والبصل...)

قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو ]. هو عمرو بن الحارث المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أن بكر بن سوادة ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ أن أبا النجيب مولى عبد الله بن سعد ]. وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و أبو داود و النسائي . [ أن أبا سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنهما صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهو في المعنى مثل الذي قبله، أي: أن الثوم والبصل مأذون فيه، وهو ليس من الأمور المحرمة، ولكن المحظور منه رائحته الكريهة التي يتأذى بها الناس.
شرح حديث (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه ومن أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الشيباني عن عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن حذيفة رضي الله عنه أظنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه، ومن أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا ثلاثاً) ]. أورد أبو داود حديث حذيفة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه، ومن أكل من هذه البقلة الخبيثة) ] يعني: خبيثة الرائحة، وإلا فهي في الأصل من الطيبات ويستعملها الناس، لكن بإماتتها أو باستعمالها مع إزالة رائحتها. قوله: [ (فلا يقربن مسجدنا) ] وقد جاء في بعض الأحاديث: (مساجدنا) فليس الأمر مقصوراً على مسجده صلى الله عليه وسلم، وإنما المقصود من ذلك المساجد التي هي محل اجتماع الناس وحضور الملائكة، وقد جاء في التعليل : (أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الإنسان) وهذا يدل على أن الإنسان لا يدخل المسجد وعنده هذه الرائحة ولو لم يكن فيه أحد من الناس؛ لأن التعليل ليس مقصوراً على الآدميين؛ بل الملائكة كذلك.

تراجم رجال إسناد حديث (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه ومن أكل من هذه البقلة الخبيثة فلا يقربن مسجدنا)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا جرير ]. هو جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشيباني ]. هو سليمان بن فيروز ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عدي بن ثابت ]. عدي بن ثابت وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زر بن حبيش ]. زر بن حبيش وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حذيفة ]. حذيفة بن اليمان رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابي ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
حكم التفل باتجاه القبلة ووجه وصف الثوم بالخبث


قوله: [ (من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة تفله بين عينيه) ]. هذا يدل على تحريم التفل إلى القبلة أو باتجاه القبلة، وأن على الإنسان أن يتفل إلى غير تلك الجهة، وهو عام في الصلاة وفي غير الصلاة، وفي المسجد أو في غيره. قوله: [ (من أكل من هذه البقلة الخبيثة) ]. يعني: خبث الرائحة، وهو من جنس قوله (كسب الحجام خبيث) مع أنه مباح، وإنما هو كسب رديء، وليس معناه التحريم، وهذا ليس خاصاً بالبصل والثوم، بل يشمل غيرهما من الأطعمة ذات الرائحة الكريهة مما يؤذي الناس، فإنه يقاس عليه، لكن هناك شيء خبيث الرائحة ومحرم ألا وهو الدخان. قوله: [ (أظنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) ]. يعني: أنه شك في كونه رفعه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، والألباني صححه ولعله وجد شيئاً يفيد صحته، وأيضاً قوله: [ (جاء يوم القيامة تفله بين عينيه) ] لا يقال بالرأي وإنما هو من أمور الغيب.

شرح حديث (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر : [ (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد) ] وهذا لفظ عام يشمل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وغيره، وهو يدل على أن ذكر مسجده صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات لا يدل على القصر عليه؛ لأن الحكم عام، والتعليل الذي حصل بكونها تؤذي الملائكة وتؤذي الآدميين يكون في مسجده صلى الله عليه وسلم وفي غير مسجده.
تراجم رجال إسناد حديث (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربن المساجد)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. هو عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. هو نافع مولى ابن عمر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. هو عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث المغيرة (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا حتى يذهب ريحها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا شيبان بن فروخ حدثنا أبو هلال حدثنا حميد بن هلال عن أبي بردة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (أكلت ثوماً فأتيت مصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقد سبقت بركعة، فلما دخلت المسجد وجد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ريح الثوم، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلاته قال: من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا حتى يذهب ريحها -أو ريحه- فلما قضيت الصلاة جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله! والله لتعطيني يدك، قال: فأدخلت يده في كم قميصي إلى صدري فإذا أنا معصوب الصدر، قال: إن لك عذراً) ]. أورد أبو داود حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أنه أكل بصلاً وأنه جاء مسبوقاً وفاته بعض الصلاة فقام يقضي ما فاته، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم: [ (من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا) ] . فلما قضى المغيرة بن شعبة صلاته جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يوقفه على السبب الذي جعله يأكل من هذه الشجرة، فإذا صدره معصوب، وأنه فعل ذلك على سبيل العلاج. ومن العلماء من قال: إنه أكله من أجل الجوع. لكن عندما يكون الجوع يعصب البطن وليس الصدر، وإنما يكون عصب الصدر من أجل العلاج. قوله: [ (قال: إن لك عذراً) يعني: في كونك أكلت، لكن كما هو معلوم إذا كان الإنسان مضطراً إلى العلاج، فإن عليه أن يستعمل ذلك في وقت مبكر حتى تذهب الرائحة. قوله: [ (فأدخلت يده في كم قميصي إلى صدري) ]. يعني: كانت الأكمام واسعة، وفعل ذلك من أجل أن يوقفه على العصابة التي على صدره، فهو يريد أن يبين عذره وأنه مريض وأنه استعمله للعلاج.
تراجم رجال إسناد حديث المغيرة (... من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا حتى يذهب ريحها...)


قوله: [ حدثنا شيبان بن فروخ ]. شيبان بن فروخ صدوق يهم، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبو هلال ]. هو محمد بن سليم صدوق فيه لين، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن. [ حدثنا حميد بن هلال ]. حميد بن هلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة ]. أبو بردة بن أبي موسى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المغيرة بن شعبة ]. المغيرة بن شعبة رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (أن النبي نهى عن هاتين الشجرتين وقال من أكلهما فلا يقربن مسجدنا...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عباس بن عبد العظيم حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا خالد بن ميسرة -يعني: العطار - عن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى عن هاتين الشجرتين، وقال: من أكلهما فلا يقربن مسجدنا، وقال: إن كنتم لابد آكليهما فأميتوهما طبخاً. قال: يعني البصل والثوم) ]. أورد أبو داود حديث قرة بن إياس رضي الله تعالى عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هاتين الشجرتين، وقال: من أكلهما فلا يقربن مسجدنا، إن كنتم لابد آكليهما فأميتوهما طبخاً) ] . وهذا يفيد بأن الإنسان يستعملهما مطبوختين حتى لا يكون لهما رائحة، ومعلوم أن الثوم حتى مع الطبخ يكون فيه شيء من الرائحة، لكن ليست كالحالة التي يكون فيها قبل الطبخ. والنهي عنهما ليس المقصود به تحريمهما، وإنما النهي عن استعمالهما على وجه يؤذي، وإذا كانوا لابد فاعلين فعليهم أن يميتوهما طبخاً، وكذلك لو أكلوهما وهم بحاجة إليهما بدون طبخ، فليكن في وقت مبكر بحيث تذهب الرائحة.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي نهى عن هاتين الشجرتين وقال من أكلهما فلا يقربن مسجدنا...)


قوله: [ حدثنا عباس بن عبد العظيم ] . هو عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن . [ حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ]. هو أبو عامر العقدي عبد الملك بن عمرو وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد بن ميسرة يعني العطار ]. خالد بن ميسرة العطار صالح الحديث، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن معاوية بن قرة ]. معاوية بن قرة وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو قرة بن إياس رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
شرح حديث (نهي عن أكل الثوم إلا مطبوخاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا الجراح أبو وكيع عن أبي إسحاق عن شريك عن علي رضي الله عنه قال: (نهي عن أكل الثوم إلا مطبوخاً) ]. أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: [ (نهي عن أكل الثوم إلا مطبوخاً) ] وهذا كما مر في الذي قبله: (إن كنتم لابد آكليهما فأميتوهما طبخاً) وكما عرفنا أن الأكل منهما غير مطبوخين سائغ، ولكن ينبغي أن يكون على وجه لا يحصل فيه إيذاء للناس.
تراجم رجال إسناد حديث (نهي عن أكل الثوم إلا مطبوخاً)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا الجراح أبو وكيع ]. هو الجراح بن مليح وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن أبي إسحاق ]. هو أبو إسحاق السبيعي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن شريك ]. هو شريك بن حنبل وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن علي ]. هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث عائشة (إن آخر طعام أكله رسول الله طعام فيه بصل)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا ح وحدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية عن بحير عن خالد عن أبي زياد خيار بن سلمة (أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن البصل فقالت: إن آخر طعام أَكَلَهُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم طعام فيه بصل) ]. أورد أبو داود حديث عائشة أنها سئلت عن البصل فقالت: كان آخر طعام أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه بصل، لكن الحديث في إسناده ضعف، وهو غير ثابت.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة (إن آخر طعام أكله رسول الله طعام فيه بصل)


قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى ]. هو إبراهيم بن موسى الرازي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أخبرنا ح وحدثنا ]. التحويل جاء من أجل التفريق بين صيغة أخبرنا وحدثنا؛ لأن الشيخ الأول فقال: أخبرنا بقية ، والشيخ الثاني قال: حدثنا بقية ، فمن أجل ذلك جاء بالتحويل، وإلا كان بإمكانه أن يقول: أخبرنا فلان وفلان عن فلان، ولكنه أتى بهذا التحويل من أجل الإشارة إلى التفاوت في صيغة التحمل. [ ح وحدثنا حيوة بن شريح ]. هو حيوة بن شريح الحمصي ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . حيوة بن شريح الحمصي متأخر، و حيوة بن شريح المصري متقدم قليلاً عن هذا، والمصري خرج له أصحاب الكتب الستة، وهذا خرج له بعضهم. [ حدثنا بقية ]. هو بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن بحير ]. هو بحير بن سعد الحمصي وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن . [ عن خالد ]. هو خالد بن معدان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي زياد خيار بن سلمة ]. خيار بن سلمة مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أنه سأل عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



حكم أكل الثوم قبل إتيان المسجد


السؤال: هل أكل الثوم قبل إتيان المسجد للصلاة يحمل على الكراهة أو الحرمة؟ الجواب: الذي يبدو أنه للتحريم؛ لأنه أولاً: يعرض نفسه للتخلف عن الجماعة، وصلاة الجماعة واجبة. الأمر الثاني: إذا حضر سيؤذي الناس بهذه الرائحة الكريهة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا يقربن مسجدنا) فهو لاشك أنه آثم، لكن إذا أميت الثوم طبخاً ولم يكن له رائحة فلا بأس بذلك، أو يؤكل في وقت مبكر، بحيث يأتي وقت الصلاة وليس هناك ريح. ومنعه من الصلاة ذكر الخطابي أنه عقوبة وليس عذراً، أي: أنه عوقب بمنعه من حصول هذا الخير الكثير له، وحتى لا يؤذي الناس. إذاً: فالمطلوب منه ألا يأكله في وقت تكون الصلاة فيه قريبة، وإنما يأكله في وقت تذهب الرائحة مع مضي الوقت.

وجه إلحاق الجوارب ذات الرائحة بالثوم في الحكم

السؤال: هل يلحق بالثوم رائحة الجوارب؟ الجواب: الجوارب إذا ظهر لها روائح تؤذي الناس فالواجب على الإنسان أن يزيلها، أو يأتي المسجد بدون جوارب، أو يأتي بجوارب نظيفة ليس فيها رائحة، والجوارب يمكن التخلص منها، أما البصل إذا أكل قرب وقت الصلاة فلا يمكن التخلص منه، اللهم إلا أن يوجد شيء يؤكل بعده فيزيل رائحته نهائياً.

حكم قراءة القرآن ممن أكل الثوم والبصل

السؤال: ما حكم أكل الثوم والبصل لمن أراد أن يقرأ القرآن، فقد جاء في بعض الأحاديث: أن الملك يضع فاه على فم القارئ؟ الجواب: كون الإنسان يقرأ القرآن وهو على حالة طيبة، وبعيد من الروائح الكريهة، لا شك أن هذا مطلوب.
ما جاء في التمر


شرح حديث (رأيت النبي أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة وقال هذه إدام هذه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في التمر. حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي عن محمد بن أبي يحيى عن يزيد الأعور عن يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة، وقال: هذه إدام هذه) ]. قوله: [ باب في التمر ] أورد فيه حديث يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال: [ (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذ كسرة من خبز فوضع فيها تمرة، وقال: هذه إدام هذه) ] يعني: أن الخبز إدامه التمر، والتمر معروف أنه ليس من الإدام وإنما هو من الأطعمة، وإنما الإدام مثل الزبد ومثل الخل وما إلى ذلك، ومعلوم أن التمر إدامه الزبد، حيث يغمس فيه. وهذا الحديث الذي فيه الجمع بين الخبز والتمر غير صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث (رأيت النبي أخذ كسرة من خبز شعير فوضع عليها تمرة وقال هذه إدام هذه)


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هو هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عمر بن حفص ]. عمر بن حفص ثقة ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أبي ]. هو حفص بن غياث وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن أبي يحيى ]. وهو صدوق، أخرج له أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي و ابن ماجة . [ عن يزيد الأعور ]. وهو مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ عن يوسف بن عبد الله بن سلام ]. يوسف بن عبد الله بن سلام صحابي صغير، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
شرح حديث (بيت لا تمر فيه جياع أهله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الوليد بن عتبة حدثنا مروان بن محمد حدثنا سليمان بن بلال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (بيت لا تمر فيه جياع أهله) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (بيت لا تمر فيه جياع أهله) ] وهذا يدلنا على أهمية التمر، وأنه غذاء وطعام. قوله: [ (بيت لا تمر فيه جياع أهله) ] هذا في البلاد التي يكون فيها التمر، وليس معنى ذلك أن كل بيت لا يوجد فيه تمر يكون أهله جياعاً؛ لأن كثيراً من الناس عندهم أنواع من الأطعمة المتنوعة غير التمر وهم شباع، ولكن هذا في حق من يكون غذاؤهم التمر وقوتهم التمر، فإنهم إذا فقدوه كانوا جياعاً كما كان الحال في المدينة، بحيث تمضي عليهم مدة وليس عندهم إلا التمر والماء.
تراجم رجال إسناد حديث (بيت لا تمر فيه جياع أهله)


قوله: [ حدثنا الوليد بن عتبة ]. الوليد بن عتبة ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا مروان بن محمد ]. هو مروان بن محمد الطاطري ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن . [ حدثنا سليمان بن بلال ]. سليمان بن بلال ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. هو عروة بن الزبير وهو ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تفتيش التمر المسوس عند الأكل



شرح حديث (أتي النبي بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تفتيش التمر المسوس عند الأكل. حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة عن همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه) ]. أورد أبو داود باباً في تفتيش التمر المسوس عند الأكل، يعني: التمر الذي يكون فيه سوس، والسوس هي الحيوانات التي تخلق وتوجد في وسط التمر عندما يمضي عليه وقت وهو مكشوف ليس مجموعاً بعضه إلى بعض، بحيث إنه يمتزج بعضه ببعض فلا يكون هناك مجال للسوس، فالتمر الذي على هيئته دون أن يلبد ودون أن يرص بعضه إلى بعض، ينشأ في وسطه وفي جوفه السوس. والسوس ليس له نفس سائلة، ولهذا لا ينجس؛ ويجوز أكل التمر الذي فيه سوس؛ لأنه طاهر، لكن كونه يفتش التمر مثل ما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي ينبغي، ولكنه ليس بنجس؛ لأنه لا نفس له سائلة، يعني: ليس فيه دم. قوله: [ (أتي النبي صلى الله عليه وسلم بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه) ]. عتيق يعني: قديم، وهذا هو الذي يكون مظنة التسوس، وأما التمر الجديد والمرصوص بعضه إلى بعض لا يكون فيه سوس. ولا يعاب من فتش التمر ليخرج منه السوس؛ لأن سيد الخلق صلى الله عليه وسلم فعله.
تراجم رجال إسناد حديث (أتي النبي بتمر عتيق فجعل يفتشه يخرج السوس منه)


قوله: [ حدثنا محمد بن عمرو بن جبلة ]. محمد بن عمرو بن جبلة صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود. [ حدثنا سلم بن قتيبة أبو قتيبة ]. هو سلم بن قتيبة أبو قتيبة الشعيري وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن، وكنيته توافق اسم أبيه، فلو قيل: سلم أبو قتيبة يكون صحيحاً، ولو قيل: سلم بن قتيبة لا فرق بينهما. [ عن همام ]. هو همام بن يحيى العوذي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ]. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس وهو عم إسحاق أخو أبيه لأمه، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
طريق أخرى لحديث (أن النبي كان يؤتى بالتمر فيه دود ...) وترجمة رجال الإسناد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا همام عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة : (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يؤتى بالتمر فيه دود) فذكر معناه ]. أورد أبو داود الحديث من طريق أخرى وهي مرسلة ليس فيها ذكر أنس ، وأما الأول ففيه ذكر أنس . قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. هو محمد بن كثير العبدي، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا همام عن إسحاق بن عبد الله ]. وقد مر ذكرهما.
الأسئلة



وجه النهي في قوله (نهي أن يفتش التمر عما فيه) مع ثبوت تفتيش التمر


السؤال: علام يحمل النهي الذي ورد في حديث: (نهي أن يفتش التمر عما فيه) قال القاري : رواه الطبراني بإسناد حسن عن ابن عمر مرفوعاً؟ الجواب: لقد ثبت أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يفتش التمر، وحديث النهي إذا ثبت فهو محمول على التمر الجديد دفعاً للوسوسة، ويحمل التفتيش على القديم، يعني: كل منهما له وجه صحيح.

حكم إلقاء التمر المسوس بسبب أن النفس تعافه

السؤال: ما حكم إلقاء التمر إذا وجد به السوس، وقد تعافه النفس؟ الجواب: لا ينبغي للإنسان أن يلقيه، وإنما يعطيه لمن يحتاجه، وقد كانت نفس الرسول صلى الله عليه وسلم خير النفوس، وقد أكله عليه الصلاة والسلام، لكن لو عافت نفسه أكل التمر المسوس فليضعه ولا يلقه؛ لأنه قد يعطى لمسكين أو لأحد يستفيد منه، وله أن يأخذ غيره.
الإقران في التمر عند الأكل



شرح حديث (نهى رسول الله عن الإقران إلا أن تستأذن أصحابك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الإقران في التمر عند الأكل. حدثنا واصل بن عبد الأعلى حدثنا ابن فضيل عن أبي إسحاق عن جبلة بن سحيم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقران إلا أن تستأذن أصحابك) ]. قوله: [ باب الإقران في التمر عند الأكل ] يعني: النهي عن أن يقرن المرء بين تمرتين يأكلهما معاً يضعهما في فمه، وإنما يأكل كل تمرة على حدة، والأكل بهذه الطريقة فيه شيء من الجشع، وعندما يستأثر المرء على غيره، ويحرص على أن يكثر من المأكول المشترك، فهذا دليل على خسة نفسه، ولكن إذا كان الشخص مستعجلاً، ويريد أن يمشي بسرعة واستأذن أصحابه الذين يأكل معهم فأذنوا له، فإنه لا بأس بأن يقرن بين التمرتين؛ لأنه جاء في هذا الحديث ما يدل على ذلك، وهو قوله: [ (إلا أن تستأذن أصحابك) ] أي: الذين يشاركونك في الأكل.
تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن الإقران إلا أن تستأذن أصحابك)

قوله: [ حدثنا واصل بن عبد الأعلى ]. واصل بن عبد الأعلى وهو ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا ابن فضيل ]. هو محمد بن فضيل بن غزوان، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق عن جبلة بن سحيم ]. أبو إسحاق مر ذكره. وجبلة بن سحيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر مر ذكره.
الأسئلة



حكم الإقران في الأكل بالنسبة للعنب والزيتون


السؤال: في ترجمة الإقران خصص التمر، والحديث: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الإقران إلا أن تستأذن أصحابك) فهل يقاس العنب والزيتون على التمر؟ الجواب: الذي يبدو أن العنب يختلف؛ لأن حباته صغيرة، فلو أكل الشخص مثلاً حبتين أو أكثر فليس هو مثل التمر. أما الزيتون فهو يختلف عن العنب؛ لأن فيه نوى مثل التمر، وحجمه قد يختلف عن العنب وإن كان قد يساويه، لكنه ليس مثل العنب الذي قد يكون صغيراً. إذاً: يجوز للإنسان أن يقرن بين الحبتين من العنب في الأكل؛ لأن الإنسان لو أكل واحدة واحدة، لأخذ منه مدة طويلة.

حكم الإقران حال الانفراد

السؤال: هل يجوز الإقران حال الانفراد؟ الجواب: الذي يبدو أنه سائغ لا بأس به، لكن الأفضل أن يعود الإنسان نفسه على أن يأكل كل حبة على حدة؛ حتى لا يحصل منه خلاف ذلك عند اجتماع الناس فيكون قد ألفه، اللهم إلا أن يكون مستعجلاً.

كلام العلماء في حكم القران

السؤال: يقول الخطابي رحمه الله: إنما جاء النهي عن القران لمعنى مفهوم وعلة معلومة، وهي ما كان عليه القوم من شدة العيش وضيق الطعام وإعوازه، وكانوا يتجوزون في المأكل، ويواسون من القليل، فإذا اجتمعوا على الأكل تجافى بعضهم عن الطعام لبعض، وآثر صاحبه على نفسه، غير أن الطعام ربما يكون مشفوها. وفي القوم من بلغ به الجوع الشديد، فهو يشفق من فنائه قبل أن يأخذ حاجته منه، فربما قرن بين التمرتين، وأعظم اللقمة ليسد بها الجوع، ويشفى به القرم، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأدب فيه. فهل يفهم منه أنه إذا صلح الحال وكثر الطعام جاز القران؟ الجواب: لاشك أن الذي ينبغي للإنسان حتى مع وجود السعة أن يأكل كل تمرة على حدة، وكون الإنسان يعود نفسه عدم الشره، وعدم الإكثار من الأكل على هذه الصورة، لاشك أنه أولى، لكن جاء في الحديث الأول: (إلا أن تستأذن أصحابك) يعني: أنه جائز في حال الاستئذان، لكن قال ابن القيم : وهذه الكلمة -وهي الاستئذان- قيل: إنها مدرجة من كلام ابن عمر ، قال شعبة : لا أرى هذه الكلمة إلا من كلام ابن عمر -يعني الاستئذان- ذكره البخاري في الصحيح. وقد روى الطبراني في المعجم من حديث يزيد بن زريع عن أبي خالد عن عطاء الخراساني عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كنت نهيتكم عن الإقران، وإن الله قد أوسع الخير فأقرنوا) . لكن يزيد بن زريع من طبقة شيوخ شيوخ أصحاب الكتب الستة، و الطبراني بعدهم؛ لأنه توفي سنة (360هـ)، وولادته سنة (260هـ) فتوفي وعمره مائة سنة. فإذاً: بين الطبراني وبين يزيد بن زريع أناس محذوفون. يقول النووي : اختلفوا في أن هذا النهي على التحريم أو على الكراهة والأدب، والصواب التفصيل! فإن كان الطعام مشتركاً بينهم فالقران حرام إلا برضاهم، ويحصل الرضا بتصريحهم به، أو بما يقوم مقامه من قرينة حال، بحيث يغلب على الظن ذلك، وإن كان الطعام لغيرهم حرم، وإن كان لأحد وأذن لهم بأكل اشترط رضاه، ويحرم لغيره ويجوز له هو، إلا أنه يستحب أن يستأذن الآكلين معه. أما القول بالنسخ فقد ذهبت طائفة منهم الحازمي إلى النسخ، وقد ادعوا أن حديث بريدة ناسخ لحديث ابن عمر ، لكن لا يصار إلى النسخ إلا بعد معرفة التاريخ، وعدم إمكان التوفيق. والظاهر أن هذا الحديث يضعفه ابن القيم ؛ لأنه يقول: وهذا الذي قالوه إنما يصح إذا ثبت حديث بريدة ولا يثبت مثله؛ فإن الطبراني رواه من حديث محمد بن سهل قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا محبوب العطار عن يزيد بن زريع فذكره."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #742  
قديم 01-07-2025, 04:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [433]
الحلقة (465)




شرح سنن أبي داود [433]

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل القثاء بالرطب وهذا جمع بين شيئين لمصلحة، وجمع بين لونين في الأكل، وبالنسبة للأكل في آنية أهل الكتاب ففيه تفاصيل ينبغي التنبه لها.

الجمع بين لونين في الأكل



شرح حديث (إن النبي كان يأكل القثاء بالرطب)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجمع بين لونين في الأكل. حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل القثاء بالرطب) ]. يقول أبو داود [ باب الجمع بين لونين في الأكل ] أي: أنه يجمع بين الشيئين للمصلحة وللفائدة، وذلك كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأكل القثاء بالرطب؛ لأن القثاء بارد والرطب حار، فيجمع بينهما؛ لأن حرارة التمر تذهبها برودة القثاء. وقد سبق أن عرفنا أن الجمع بين نوعين من الطعام بين يدي الإنسان سائغ؛ لأن الثريد كما قلنا فيما مضى هو خير الأطعمة عندهم، والثريد هو مجموع اللحم والخبز، وكذلك الطعام الذي صنعه الخياط للرسول صلى الله عليه وسلم ومعه أنس بن مالك وكان فيه شعير وفيه دباء وفيه مرق.
تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي كان يأكل القثاء بالرطب)


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ]. حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا إبراهيم بن سعد ]. إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. أبوه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن جعفر ]. عبد الله بن جعفر الصحابي رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهذا إسناد رباعي.
الفرق بين ترجمتي الجمع بين لونين من الطعام والجمع بين لونين في الأكل ومعنى القثاء


إن الفرق بين هذه الترجمة والترجمة السابقة: (الجمع بين لونين من الطعام) و(الجمع بين لونين في الأكل) أن هذه الأخيرة معناها أنه يأكلهما معاً حتى ينفع هذا مع هذا، وتكون الحاجة داعية إلى الجمع بينهما، من أجل أن حرارة التمر تذهبها برودة القثاء. والقثاء هو الخيار المعروف عند الناس، إلا أن بعض الناس يفرق بينهما في هذا الوقت، فيجعل الخيار هو النوع الذي فيه خضرة، والقثاء هو الذي فيه السواد. وكلاهما بمعنى واحد يقال له قثاء.
شرح حديث (كان رسول الله يأكل البطيخ بالرطب فيقول نكسر حر هذا ببرد هذا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سعيد بن نصير حدثنا أبو أسامة حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل البطيخ بالرطب فيقول: نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل البطيخ بالرطب، فيقول: نكسر حر هذا ببرد هذا، وبرد هذا بحر هذا) وهذا من جنس أكل الخيار مع التمر، أعني أن البطيخ فيه برودة والتمر فيه حرارة، فحرارة التمر تكسر ببرودة البطيخ والعكس. وفيه الجمع بين شيئين في الأكل، وكونه يتناولهما معاً من أجل أن ما في هذا من حرارة تذهب ببرودة الآخر.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله يأكل البطيخ بالرطب فيقول نكسر حر هذا ببرد هذا)


قوله: [ حدثنا سعيد بن نصير ]. سعيد بن نصير صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا أبو أسامة ]. هو حماد بن أسامة، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ]. هشام بن عروة وأبوه وعائشة قد مر ذكرهم.
شرح حديث (دخل علينا رسول الله فقدمنا زبداً وتمراً وكان يحب الزبد والتمر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الوزير حدثنا الوليد بن مزيد قال: سمعت ابن جابر قال: حدثني سليم بن عامر عن ابني بسر السلميين رضي الله عنهم قالا: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقدمنا زبداً وتمراً، وكان يحب الزبد والتمر) ]. أورد أبو داود حديث ابني بسر وهما: عبد الله و عطيةرضي الله تعالى عنهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليهم فقدموا له زبداً وتمراً، وكان يحب الزبد والتمر، وهذا فيه الجمع بين لونين في الأكل.
تراجم رجال إسناد حديث (دخل علينا رسول الله فقدمنا زبداً وتمراً وكان يحب الزبد والتمر)


قوله: [ حدثنا محمد بن وزير ]. محمد بن وزير ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا الوليد بن مزيد ]. الوليد بن مزيد وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ سمعت ابن جابر ]. هو عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني سليم بن عامر ]. سليم بن عامر ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن . [ عن ابني بسر ]. هما عبد الله بن بسر وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وأخوه عطية صحابي، أخرج له أبو داود و ابن ماجة .
الأسئلة



وجه قول النبي صلى الله عليه وسلم (نكسر حر هذا ببرد هذا)


السؤال: يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (نكسر حر هذا ببرد هذا) هل من السنة أن يقال هذا عند أكل البطيخ بالرطب؟ الجواب: لا يقال ذلك، ولكن يفعل من أجل أن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إليه، لكن يمكن أن يذكر الحديث وما جاء فيه، أما كونه سنة فلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم إنما قاله مبيناً فائدة الجمع بين هذين النوعين من الطعام.

كيفية الجمع بين الرطب والقثاء عند أكلهما


السؤال: ما هي كيفية الجمع بين الرطب والقثاء، هل هي في لقمة واحدة؟ الجواب: ليس لازماً أن يكونا لقمة واحدة، وإنما يأكل من هذا لقمة ومن هذا لقمة، المهم أن يكون هذا مع هذا.

حكم روايتي تفتيش النبي صلى الله عليه وسلم للتمر المرسلة والمتصلة


السؤال: حديث تفتيش النبي صلى الله عليه وسلم للتمر جاء من طريقين: الطريق الأولى: المتصلة، والثانية: المرسلة، أليس الإرسال أصح؛ لأن من أرسل أوثق ممن وصل؟ الجواب: لا؛ لأن الوصل زيادة من ثقة، والزيادة من الثقة مقبولة.

المقصود بحرارة الأطعمة وبرودتها


السؤال: ما المقصود بحرارة الأطعمة وبرودتها في قوله صلى الله عليه وسلم: ( نكسر حر هذا ببرد هذا)؟ الجواب: هناك شيء فيه برودة على النفس وعلى الاستساغة، وبعضها يكون حاراً، فالتمر حار والبطيخ بارد، وكذلك الخيار بارد والرطب حار، والتمر يتفاوت فبعضه أشد حرارة من بعض.

حكم حلق بعض شعر الرأس لأجل الحجامة


السؤال: ما حكم حلق بعض الرأس لأجل الحجامة، لكن البعض يحلقون شعرهم ليس بقدر المحجم أو أكبر منها بقليل، بل يحلقون الربع الأخير من شعر الرأس؟ الجواب: الحلق للحجامة لا يكون إلا على قدر الحاجة، لكن لو زاد عن مقدار الحاجة قليلاً فلا بأس بذلك، أما أن يحلق أكثر من الحاجة فهذا ليس له وجه.

عدم صحة عبارة أول خليفة خرج عن البيعة واستولى على الحكم في الإسلام معاوية بن أبي
سفيان


السؤال: هل يصح إطلاق هذه العبارة على معاوية رضي الله عنه: أول خليفة خرج عن البيعة واستولى على الحكم في الإسلام معاوية بن أبي سفيان ؟ الجواب: هذا غلط ليس بصحيح، معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه اجتمع الناس على بيعته، والرسول صلى الله عليه وسلم قال عنها في حق الحسن : (سيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المسلمين) فكلمة المسلمين اجتمعت فيها، والفرقة زالت بولايته رضي الله عنه وأرضاه، فلا يقال: إن هذا قد حصل منه. ثم أيضاً كونه لم يبايع علياً ليس من أجل أنه أولى بالخلافة، وإنما امتنع حتى يقتص من القتلة الذين قتلوا عثمان وهو من أقربائه، فهو اجتهد ورأى هذا، و علي رضي الله عنه اجتهد ورأى أن لابد أن تجتمع الكلمة أولاً، ويكون الناس على حد سواء تحت ولايته، ومعاوية رضي الله عنه رأى أنه يؤخر البيعة حتى يقتص من القتلة، وانتهى الأمر إلى ما انتهى إليه، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر بأن هذا الذي حصل على يد الحسن فيه مصلحة للمسلمين، وأن هذا من محاسن الحسن رضي الله تعالى عنه وأرضاه، حيث أصلح الله تعالى به بين فئتين عظيمتين من المسلمين، وهما فئة أهل الشام، وفئة أهل العراق.

حكم من أخذ أربع حبات من التمر فجعلها في يده وأكلها حبة حبة


السؤال: هل يدخل في القران ما إذا أخذ المرء ثلاث أو أربع حبات من التمر فجعلها في يده، ثم بدأ يأكل حبة حبة، يأخذ من يده اليسرى باليمنى ويأكل؟ الجواب: هذا شيء من الاستئثار، فمن يأخذ شيئاً من الطعام في يده يكون قد استأثر به، وجعله في حوزته لا يأكل منه غيره، بخلاف الذي في الوعاء فإن كل واحد يمكنه أن يأكل منه، وهذا في الحقيقة شبيه بالقران وهو بمعناه، فيكون محظوراً.

كيفية تأدية العمرة بالنسبة للحائض


السؤال: امرأة حائض، وقد جاءت مع زوجها للعمرة، فماذا تفعل وهي حائض؟ الجواب: تحرم وتلبي بالعمرة وهي حائض، وتفعل ما يفعل المعتمرون، إلا أنها لا تدخل المسجد الحرام حتى تطهر وتغتسل، ثم تدخل وتطوف وتسعى وتقصر، وبذلك تكون قد انتهت عمرتها، كما تنتهي عمرة غيرها.

وجه امتناع النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الثوم والبصل


السؤال: هل يفهم من أحاديث النهي عن الثوم والبصل وامتناع النبي صلى الله عليه وسلم من أكلها أنهما محرمة عليه خاصة؟ الجواب: إن عدم أكله للثوم والبصل كان لأن الوحي ينزل عليه باستمرار ويأتيه الملك دون أن يعلم بمجيئه، فكونه تركه من أجل هذا الشيء، فلا يقال إنه محرم عليه؛ لأنه مباح وأذن لغيره بالأكل منه، وإذنه محمول على أنه يؤكل في وقت مبكر، وأنه في الأصل جائز أكله.

حكم صيام النذر في الأيام الأخيرة من شعبان


السؤال: ما حكم صيام النذر في الأيام الأخيرة من شعبان؟ الجواب: إذا نذر الإنسان أن يصوم هذه الأيام فله أن يصوم، لكنه لا يصوم يوم الشك ولا اليوم الذي قبله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تتقدموا رمضان بيوم أو يومين، إلا رجلاً كان يصوم صوماً فليصمه) يعني: إذا كان عليه قضاء فله أن يقضي في هذه الأيام؛ لأن هذا تخلص من واجب، كذلك إذا كان عليه نذر.
حكم الأكل في آنية أهل الكتاب



شرح حديث (كنا نغزو مع رسول الله فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الأكل في آنية أهل الكتاب. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الأعلى و إسماعيل عن برد بن سنان عن عطاء عن جابر رضي الله عنه قال: (كنا نغزو مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها، فلا يعيب ذلك عليهم) ]. قال أبو داود رحمه الله تعالى: [ باب الأكل في آنية أهل الكتاب ]، والمقصود من ذلك استعمال آنية الكفار، وسواء كانوا أهل الكتاب أو غيرهم، والحكم فيها أنه إذا وجد ما يغني عنها فإنه يستعمل غيرها، وإن لم يوجد غيرها فإنها تغسل وتستعمل، وهذا في الشيء الذي استعملوه، وأما الشيء الذي لم يستعمل كالأواني التي ترد منهم وهي جديدة، فإنه لا يلزم غسلها، وإنما الذي يلزم غسله من الأواني هو ما عرف أنهم قد استعملوها؛ لأنهم لا يتنزهون من النجاسات، فإذا غسلت حصل الاطمئنان بكونها استعملت وهي نظيفة وطيبة، وليس فيها شيء من النجاسات التي كانوا يستعملونها. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أنهم كانوا يغزون مع النبي صلى الله عليه وسلم فيصيبون من آنية المشركين، فلا يعيب ذلك عليهم . قوله: [ (فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم) ] الأسقية جمع سقاء، وكانوا يستمتعون بها ولا يعيب النبي عليه الصلاة والسلام ذلك عليهم. وهذا الإطلاق مقيد بما جاء في الحديث الذي بعد هذا من أنهم إن وجدوا غيرها فإنهم يستعملون ذلك الذي وجدوه مما لم يكن من آنيتهم، وإن لم يجدوا إلا هي فإنهم يغسلونها ويستعملونها.
تراجم رجال إسناد حديث (كنا نغزو مع رسول الله فنصيب من آنية المشركين وأسقيتهم فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي . [ حدثنا عبد الأعلى ]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و إسماعيل ]. هو إسماعيل بن علية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن برد بن سنان ]. برد بن سنان صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن. [ عن عطاء ]. هو عطاء بن أبي رباح المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا نصر بن عاصم حدثنا محمد بن شعيب أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زبر عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه (أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا، وإن لم تجدوا غيرها فارحضوها بالماء وكلوا واشربوا) ]. أورد أبو داود حديث أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير، ويشربون في آنيتهم الخمر) ]، يعني: هل نستعملها؟ قال: [ (إن وجدتم غيرها فكلوا فيها واشربوا) ] يعني: في غير آنية الكفار، (وإن لم تجدوا إلا هي فاغسلوها واشربوا فيها وكلوا)، فهذا يبين لنا أن استعمال آنية المشركين المستعملة عندهم جائز بشرط عدم وجود غيرها، وغسلها ثم استعمالها، وأما ما يرد منهم من أواني جديدة فهذه لا يحتاج إلى غسلها؛ لأن الأواني التي يستعمل فيها تلك النجاسات هي التي تحتاج إلى أن تغسل، وأما الشيء الذي يأتي وهو جديد ونظيف ولم يستعمل، فإنه لا يحتاج إلى غسل. قوله:[ (ولم تجدوا غيرها فارحضوها) ]. يعني: اغسلوها.
تراجم رجال إسناد حديث (إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنيتهم الخمر...)


قوله: [ حدثنا نصر بن عاصم ]. نصر بن عاصم لين الحديث، أخرج له أبو داود . [ حدثنا محمد بن شعيب ]. هو محمد بن شعيب بن شابور وهو صدوق، أخرج له أصحاب السنن . [ أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زبر ]. عبد الله بن العلاء بن زبر ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن . [ عن أبي عبيد الله مسلم بن مشكم ]. أبو عبيد الله مسلم بن مشكم ثقة مقرئ، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي ثعلبة ]. هو أبو ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر وهو صحابي، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
حكم أكل دواب البحر


شرح حديث جابر في قصة العنبر الذي وجدوه على ساحل البحر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في دواب البحر. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمّر علينا أبا عبيدة بن الجراح نتلقى عيراً لقريش، وزودنا جراباً من تمر لم نجد له غيره، فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة، كنا نمصها كما يمص الصبي، ثم نشرب عليها من الماء فتكفينا يومنا إلى الليل، وكنا نضرب بعصينا الخبط، ثم نبله بالماء فنأكله، وانطلقنا على ساحل البحر فرفع لنا كهيئة الكثيب الضخم، فأتيناه فإذا هو دابة تدعى العنبر، فقال أبو عبيدة : ميتة ولا تحل لنا، ثم قال: لا، بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي سبيل الله، وقد اضطررتم إليه فكلوا، فأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، فلما قدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا ذلك له، فقال: هو رزق أخرجه الله لكم، فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا منه؟ فأرسلنا منه إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأكل) ]. أورد أبو داود رحمه الله [ باب: في دواب البحر ] أي: حيوانات البحر، وقد مر ذكر السمك الطافي وبيان أنه حلال، وأن صيد البحر سواء كان صيده حياً أو وجد ميتاً؛ فإنه يكون حلالاً مباحاً، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالسمك والجراد) وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الوضوء من ماء البحر فقال: (هو الطهور ماؤه، الحل ميتته)، فهذا عام في كل ما يخرج من البحر فإنه مباح، إلا أن يأتي شيء يدل على أن بعض الدواب فيها ضرر وتحقق من ذلك فإنها تترك من أجل الضرر الذي عرف أنه فيها، وإلا فإن الأصل هو الحل في كل شيء، وقد ذكر بعض أهل العلم أنه يستثنى من ذلك الضفادع التي تعيش في الماء؛ لأنه جاء النهي عن قتلها، والنهي عن قتلها يدل على أنها ليست بحلال. وأورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما وفيه: أنهم كانوا في سرية مع أبي عبيدة بن الجراح وكان هو أميرهم، وقد أرسلهم النبي صلى الله عليه وسلم لاعتراض عير لقريش، والعير هي الإبل التي عليها الأحمال وعليها البضائع، وكانت تأتي من الشام إلى مكة، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم باعتراضها، ثم إنه زودهم بجراب من تمر، والجراب هو الوعاء الذي يكون من جلد. وكان أبو عبيدة يعطي كل واحد تمرة في اليوم، فيمصونها كما يمص الصبي، ويشربون عليها ما شاء الله من الماء، ثم إنهم كانوا يخبطون الشجر ويضربونه بالعصي حتى يتساقط الورق وهو رطب، ويبلونه بالماء ويأكلونه؛ لأنه ليس عندهم طعام غير هذه التمرة والماء، وهذا الخبط الذي يخبطونه بالعصي، فيتساقط الورق الأخضر فيبلونه بالماء ويأكلونه. وهذا يدلنا على ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من قلة ذات اليد، وعدم السعة في الأموال، وكان ذلك في أول الأمر، ثم إن الله تعالى فتح عليهم الفتوحات وحصل الخير للمسلمين من الغنائم التي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها جعلت مصدر رزقه صلى الله عليه وسلم، حيث قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري، ومن تشبه بقوم فهو منهم)، فقوله صلى الله عليه وسلم: (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) هذا في بيان أن قوت ومأكل الرسول صلى الله عليه وسلم كان من الغنائم، أي: من خمس الغنيمة. ثم إنهم لما ذهبوا إلى ساحل البحر وجدوا كهيئة الكثيب، والكثيب هو التل من الرمل الذي يرى مرتفعاً محدودباً من بُعد، فأعلاه بارز، وله جوانب تنحدر شيئاً فشيئاً، ولما وصلوا إليه وجدوه حوتاً يقال له: العنبر، والعنبر دابة كبيرة. فقال أبو عبيدة: ميتة، وقد حرم الله علينا أكل الميتة، ثم قال: لا، بل نحن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن في سبيل الله، فاجتهد أولاً ورأى أن يتركها، ثم اجتهد مرة أخرى فرأى أن يأكلوا من تلك الدابة، وجلسوا عليها شهراً يأكلون منها حتى سمنوا، وكانوا ثلاثمائة، وهي دابة واحدة. ومما جاء في الحديث الصحيح في قصتها أنهم وضعوا ضلعين من أضلاعها، فمر الراكب على بعيره بين الأضلاع؛ لضخامتها، وكذلك المكان الذي فيه العين جلس فيه عدد من الرجال، فهذا يدل على أنها دابة عظيمة من دواب البحر أخرجها الله عز وجل لهم، فأكلوا منها، وكان قوتهم قبل ذلك تمرة واحدة مع ورق الشجر الذي يخبطونه، ثم إن الله رزقهم هذا الرزق العظيم الكبير حتى سمنوا، وأخذوا منه إلى المدينة، ولما جاءوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأخبروه أقرهم على فعلهم، وقال: [ (هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا منه؟ فأرسلنا منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل) ] والرسول عليه الصلاة والسلام إنما سألهم شيئاً منه ليطيب خواطرهم ويطمئنهم على أنه حلال. وهذا نظير ما سبق أن مر بنا في قصة الجعل الذي أخذوه على الرقية، وذلك عندما مروا بحي ولم يضيفوهم ولدغ سيدهم، فبحثوا له عن علاج فلم يجدوا، فسألوهم الرقية فرقاه واحد منهم، ثم أعطوهم جعلاً وتحرجوا من أكله، وقال عليه الصلاة والسلام: (اضربوا لي معكم بسهم)، فهو قال ذلك من أجل أن يطيب خواطرهم ويبين لهم حل ذلك الشيء الذي توقفوا وترددوا فيه.
تراجم رجال إسناد حديث جابر في قصة العنبر الذي وجدوه على ساحل البحر


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبو الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. هو جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما وقد مضى ذكره، وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود رحمه الله."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #743  
قديم 01-07-2025, 04:32 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله





شرح سنن أبي داود [434]

جاءت السنة النبوية بكل ما يعرض لنا في الحياة، ومن ذلك آداب الطعام وما ينبغي فعله في كثير من الحالات، فمثلاً إذا سقطت فأرة في السمن ووقع ذباب في الطعام أو سقطت لقمة، وكذلك في أكل الخادم مع المولى وفي لعق الأصابع، وما يقوله الرجل إذا طعم وفي غسل اليد من الطعام والدعاء لرب الطعام وغيرها.

حكم الفأرة تقع في السمن


شرح حديث: (أن فأرة وقعت في سمن فأُخبر النبي فقال: ألقوا ما حولها وكلوا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الفأرة تقع في السمن. حدثنا مسدد حدثنا سفيان حدثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ]. أورد أبو داود [ باب: في الفأرة تقع في السمن ]، وأورد في ذلك حديث ميمونة رضي الله عنها: [ (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألقوا ما حولها وكلوا) ]. يعني: كلوا السمن الذي وقعت فيه الفأرة وألقوا الفأرة وما حولها، وقال بعض أهل العلم -كما سيأتي في حديث بعد هذا- إنه إن كان جامداً فإنه تلقى وما حولها، وإذا كان مائعاً فإنه يراق ويتلف، ولكن هذا الحديث مطلق ولم يقيد فيه بالجامد، والحديث الذي بعده فيه كلام من ناحية الثبوت وإن كان ظاهره الصحة، فقد تكلم فيه العلماء والمحدثون، وقالوا: إن المعتمد هو رواية عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين، وأنها تلقى وما حولها سواء كان مائعاً أو جامداً، بخلاف الحديث الذي سيأتي بعد هذا، ففيه التفريق بين الجامد وغيره. قوله:[ (ألقوا ما حولها وكلوا) ]. أي: وكلوا الباقي سواءً كان سائلاً مائعاً أو جامداً، وأما أن يعطى حكم الماء إذا وقعت فيه النجاسة: فإن كان قليلاً فتنجسه، وإن كان أكثر من قلتين فلا تنجسه فأقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأن يلقى ما حولها ويؤكل الباقي، فهو وإن كان سائلاً إلا أن النجاسة إنما هي حولها، مما دام أنها في مكان مرتفع ولم تصل إلى أسفل فمعنى ذلك أن النجاسة إنما هي في المكان القريب، وليست عامة في الجميع؛ لأنه وإن كان السمن سائلاً إلا أنه ليس مثل الماء في الخفة، فهو كثيف بخلاف الماء.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن فأرة وقعت في سمن فأخبر النبي فقال: ألقوا ما حولها وكلوا)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان ]. هو سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الزهري ]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. . [ عن عبيد الله بن عبد الله ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن ميمونة ]. ميمونة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح و الحسن بن علي واللفظ للحسن، قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا وقعت الفأرة في السمن: فإن كان جامداً فألقوها وما حولها، وإن كان مائعاً فلا تقربوه) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة هذا الذي فيه التفصيل بين كونه جامداً ومائعاً، وأنه إن كان السمن جامداً ووقعت فيه فأرة فإنها تلقى وما حولها، وإن كان مائعاً فإنه لا يقرب ولا يستفاد منه. وحديث أبي هريرة هذا -كما هو معلوم- إسناده ظاهره الصحة، ولكن قال جماعة من المحدثين: إنه خطأ، وإن المحفوظ هو الحديث الأول وهو حديث عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة . وهذا الحديث يدور على معمر، و معمر اختلف عليه فيه فمرة رواه كذا، ومرة رواه كذا، ولهذا قالوا: إن المحفوظ هي رواية الذين رووه عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة، وهي الرواية المطلقة التي لم تفصل بين الجامد والمائع.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ و الحسن بن علي ]. هو الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ واللفظ للحسن ]. أي: الشيخ الثاني. [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. الزهري مر ذكره. [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. [ قال الحسن : قال عبد الرزاق : وربما حدث به معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة عن النبي صلى الله عليه وسلم ]. يعني: مثل الحديث الأول.
شرح حديث: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها ...) من طريق أخرى وتراجم رجال الإسناد


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل حديث الزهري عن ابن المسيب ]. هذا إحالة على الطريقه الثانية التي فيها التفصيل بين الجامد والمائع . قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الرحمن بن بوذويه ]. عبد الرحمن بن بوذويه مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن ميمونة ]. مر ذكرهم.
حكم الذباب يقع في الطعام


شرح حديث: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الذباب يقع في الطعام. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا بشر -يعني ابن المفضل - عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه؛ فإن في أحد جناحيه داء، وفي الآخر شفاء، وإنه يتقي بجناحه الذي فيه الداء، فليغمسه كله) ]. قوله: [ باب: في الذباب يقع في الطعام ] أي: ماذا يصنع بالطعام؟ وماذا يصنع بالذباب؟ هل يخرج ويلقى، أو أنه يغمس في الطعام الذي وقع فيه؟ أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه)، أي: اغمسوه في الطعام أو الماء أو الإناء. قوله: [ (فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وهو يتقي بجناحه الذي به الداء) يعني: أنه يعتمد عليه إذا وقع في الطعام أو في الماء، ويرفع الجناح الذي فيه الشفاء، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه؛ حتى يبطل الدواء الداء، فأحد الجناحين فيه داء، وهو الذي يضعه على الطعام أو الماء، والثاني يرفعه فإذا غمس صار هذا مع هذا. وهذا الحديث يدل على أن الذباب وغيره من الحشرات التي ليس فيها دم أنها لا تنجس الماء إذا ماتت فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد إلى غمس الذباب في الإناء، وقد يكون حاراً ويترتب على حرارته أنه يموت، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بأنه إذا غمس يخرج ثم يشرب الماء، أو يشرب الشيء السائل الذي وقع فيه. واستنبط بعض العلماء أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس في الماء إذا مات فيه؛ لأنه ليس فيها دم كثيف، مثل: الجراد والذباب وغيرهما من الحشرات التي ليس فيها دم. وفيه أيضاً دليل على أن مثل الجراد يجوز أن يرمى في الماء الحار ثم يؤكل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم مادام أنه أمر بغمس الذباب في الماء الحار، ويترتب على ذلك موته، فكذلك الجراد لا يحتاج إلى أنه يذبح؛ لأنه ليس فيه دم حتى يذبح. وقد ذكر ابن القيم في كتابه (زاد المعاد) أن أول من عبر بعبارة: أن كل ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، هو إبراهيم النخعي الفقيه المحدث المشهور من التابعين، قال: وعنه تلقاها الفقهاء من بعده. وقد جاء في كتاب الروح لابن القيم أنه قال: وفي الحديث: (ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه)، مع أنه قال في (زاد المعاد): إن أول من عبر بهذه العبارة إبراهيم النخعي ، وكونه يطلق على هذه العبارة أنها حديث هذا وهم؛ لأنه ما جاء في ذلك حديث، وإنما هذه من تعبيرات الفقهاء التي أخذوها من قصة الذباب وغمسه بالماء.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا وقع الذباب في إناء أحدكم فامقلوه ...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ] هو أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا بشر يعني ابن المفضل ]. بشر بن المفضل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عجلان ]. هو محمد بن عبد الله بن عجلان المدني وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد المقبري ]. هو سعيد بن أبي سعيد المقبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة وقد مر ذكره.
حكم اللقمة تسقط


شرح حديث: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في اللقمة تسقط. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث وقال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت الصحفة، وقال: إن أحدكم لا يدري في أي طعامه يبارك له) ]. قوله: [ باب: في اللقمة تسقط ] يعني: إذا سقطت اللقمة من الآكل فعليه أن يميط ما علق بها من تراب أو أعواد أو ما إلى ذلك، ثم يأكل ما سوى ذلك، اللهم إلا أن تكون الأرض نجسة فإنها تغسل حتى تذهب عنها النجاسة، ثم يأكلها الإنسان ولا يتركها للشيطان، وفي هذا دليل على أن الشيطان إذا ذكر اسم الله عز وجل لا يستطيع أن يشارك في الطعام، ولكنه إذا سقط ولم يتعرض له فإنه يأكله، وإذا أزيل ما اللقمة فيها من أذى واستعملها الإنسان فإنها لا تكون للشيطان، وإنما تكون لصاحبها. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل طعاماً لعق أصابعه الثلاث) ]. أي: أنه كان يأكل بأصابعه الثلاث، وهي: الوسطى والسبابة والإبهام، وكان يلعق هذه الأصابع التي يأكل بها، ولو احتاج الإنسان إلى أكثر من ثلاث أصابع فإنه لا بأس بذلك، وهذا في مثل الطعام الذي ينتثر كالأرز؛ لأنه لو أخذ بأصابعه الثلاث لا يأخذ إلا حبات قليلة، ويمكث على الطعام مدة طويلة ولا ينتهي. فالحاصل أن الطعام الذي يستغنى فيه عما سوى الثلاث الأصابع فإنه يقتصر على الثلاث، وهذا مثل أن الإنسان يغمس الخبز في الإدام، أو يتناول طعاماً يتماسك بعضه ببعض بحيث لو أخذ قطعة يصير شيئاً على مقدار المضغة في الأصابع، أما الأشياء المتناثرة مثل الأرز فإنه لا يأخذ إلا شيئاً قليل جداً بالثلاث الأصابع، ويترتب عليه أنه يمكث مدة طويلة على الطعام ولا ينتهي منه. قوله: [ (قال: إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ولا يدعها للشيطان، وأمرنا أن نسلت الصحفة) ]. السلت: هو أن يُمر عليها الإصبع بحيث يعلق الباقي بالإصبع، فيأكل بقايا الطعام الذي يكون في الصحفة، ثم يلعق الإنسان أُصبعه، وعلل ذلك بقوله: [ (إن أحدكم لا يدري في أي طعامه يبارك فيه) ] أي: قد تكون البركة في آخر الطعام. فالإنسان لا يتهاون بذلك، فعليه أن يلعق أصابعه ويسلت الصحفة كما جاء بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا سقطت لقمة أحدكم فليمط عنها الأذى وليأكلها ...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود ، وكل رجاله بصريون، فموسى بن إسماعيل بصري، و حماد بن سلمة بصري، و ثابت البناني بصري، و أنس بن مالك بصري.
حكم أكل الخادم مع مولاه



شرح حديث: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعاماً ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه ليأكل ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الخادم يأكل مع المولى. حدثنا القعنبي حدثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعاماً ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه ليأكل، فإن كان الطعام مشفوهاً فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين) ]. قوله: [ باب: في الخادم يأكل مع المولى ] يعني: أن المخدوم يجعل الخادم يأكل معه ويشاركه في الطعام، وهذا فيما إذا كان الطعام كثيراً، وأما إذا كان مشفوهاً -يعني: قليلاً- فليناوله لقمة أو لقمتين؛ لأنه هو الذي تولى حره وطبخه وصنعه. قوله: [ (فليضع في يده منه أكلة أو كلتين) ]. يعني: لقمة أو لقمتين، فقيل: إن (أو) للتخيير، وقيل: إن (أو) بمعنى بل، يعني: أكلة بل أكلتين، وهذا للتأكيد، وهو مثل قوله عز وجل: مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات:147] يعني: بل يزيدون، وكذلك قوله عز وجل: كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً [البقرة:74] يعني: بل أشد قسوة.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا صنع لأحدكم خادمه طعاماً ثم جاءه به وقد ولي حره ودخانه فليقعده معه ليأكل ...)


قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا داود بن قيس ]. داود بن قيس ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن موسى بن يسار ]. موسى بن يسار ثقة أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة وقد مر ذكره.
حكم استعمال المنديل بعد الطعام


شرح حديث: (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المنديل. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يلعقها أو يلعقها) ]. أورد أبو داود: [ باباً في المنديل ] يعني: أن استعماله بعد الطعام جائز ولكن بعد لعق الأصابع، فإنما يمسح بالمنديل ما يبقى بعد اللعق، وهي الزهومة والدسومة التي تكون من الطعام، فيخففها أو يزيلها بالمنديل، ولكن بعد اللعق. قوله: [ (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يَلعقها أو يُلعقها) ]. أي: أنه يجوز المسح بالمنديل للأصابع، ولكن لا يكون إلا بعد أن يلعقها هو بنفسه، أو يلعقها من لا يتبرم من ذلك كالزوجة أو من يرغب في ذلك.
تراجم رجال إسناد حديث: (إذا أكل أحدكم فلا يمسحن يده بالمنديل حتى يَلعقها أو يُلعِقها)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن جريج ]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء عن ابن عباس ]. عطاء بن أبي رباح و ابن عباس مر ذكرهما.
شرح حديث: (أن النبي كان يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا النفيلي حدثنا أبو معاوية عن هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن سعد عن ابن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يأكل بثلاث أصابع، ولا يمسح يده حتى يلعقها) ]. أورد أبو داود حديث كعب بن مالك رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل بثلاث أصابع) ]، وهذا يدلنا على ما دل عليه الحديث الأول الذي مر من أنه كان يأكل بالأصابع الثلاث. قوله: [ (ولا يمسح يده حتى يلعقها) ]، فهذا دليل من فعله، وذاك الذي مر دليل من قوله صلى الله عليه وسلم، إذاً فهذه السنة جاءت من قوله وفعله صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها)


قوله: [ حدثنا النفيلي ]. النفيلي مر ذكره . [ حدثنا أبو معاوية ]. محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن سعد ]. عبد الرحمن بن سعد ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي . [ عن ابن كعب بن مالك ]. ابن كعب بن مالك هو إما عبد الله وإما عبد الرحمن ، و عبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، و عبد الله ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن أبيه ]. هو كعب بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا وتاب الله عليهم، ونزل في توبته وتوبة صاحبيه قرآن يتلى في آخر سورة التوبة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
الفوائد المترتبة على لعق الأصابع

هنا فائدة ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى في شرح رياض الصالحين قال: إن في لعق الأصابع بعد الطعام فائدتين: الأولى: شرعية، وهي أنها سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، والثانية: طبية، وهي أن الأنامل تفرز إفرازات حين الأكل تساعد على الهضم، فإذا لعقها دخلت إلى جوفه، فساعدت على هضم الطعام. أقول: إذا كان الأطباء قد اكتشفوا هذا، فهذا لاشك أنه من الأشياء التي سبق إليها الإسلام، ومما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنه يحصل في الطب اكتشافات ثم يتبين بأنها مطابقة لما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك قضية الذباب الذي مر بنا وأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر دواء، فقد ذكروا واكتشفوا أن فيه هذا الأمر. والأحاديث التي وردت في هذه الآداب إنما هي للاستحباب، وإنما تصير للوجوب إذا جاء شيء يدل على ذلك، كما جاء في الأكل باليمين، والأكل بالشمال، فالأكل باليمين واجب، ويحرم بالشمال.
الأسئلة



حكم من اعتمر وخرج من مكة ولم يقصر


السؤال: اعتمر شخص قبل شهرين ولم يقصر من شعره، وذلك على نية أنه سيقصر إذا خرج من المسجد، ولكنه خرج من مكة ولم يقصر فما الواجب عليه الآن؟ الجواب: عليه أن يذبح شاة في مكة ويوزعها على فقراء الحرم؛ لأنه ترك واجباً من واجبات العمرة وهو التقصير، وعمرته صحيحة.

درجة حديث: (تحت كل شعرة جنابة)


السؤال: ما درجة حديث: (تحت كل شعرة جنابة) ؟ الجواب: ليس بصحيح.

حكم أكل الطعام الطيب في آنية أهل الكتاب مع وجود غيرها


السؤال: أكل النبي صلى الله عليه وسلم في آنية اليهود عندما قدموا له الطعام مع وجود غيرها في المدينة، فهذا يدل على جواز استعمال آنية الكفار من أهل الكتاب، فهل هذا صحيح؟ الجواب: نعم؛ لأنه كما هو معلوم أنه أكل الطعام الذي قدم له في آنيتهم، وهو طعام طيب، لكن الكلام عن استعمال الآنية التي يعرف من عادتهم أنهم يستعملون فيها الخنزير وغيره من النجاسات.

حكم الأكل في مطاعم أهل الكتاب

السؤال: ما حكم الأكل في مطاعم أهل الكتاب، فهم يقدمون لنا ملاعق وصحوناً وأواني يستخدمونها؟ الجواب: لكنهم غالباً يقدمونها وهي مغسولة، وأما إذا كان هناك خمر أو شيء من المحرمات فلا يأكل في ذلك المكان.

حكم الأكل من طعام الجار النصراني


السؤال: لي جار نصراني إذا جاءني بصحن فيه طعام فهل نأكل منه أو نطرحه؟ الجواب: كل منه، فليس هناك بأس.

معنى اليسر في قوله صلى الله عليه وسلم (إن هذا الدين يسر ...)


السؤال: يقول شخص: أشكل علي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، وسيرة كثير من السلف في الاجتهاد في العبادة، وحمل النفس على تحمل المشاق أمر معروف، فما المقصود باليسر في هذا الحديث؟ الجواب: الذي ينبغي للإنسان ألا يتنطع وألا يتكلف ويأتي بأشياء فيها صعوبة ومشقة، فالله تعالى يسر على الناس فيما شرع، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (عليكم من العمل بما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وإن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل)، فكون الإنسان يكثر من العبادة ويأتي بشيء يجلب له المشقة والمضرة فقد يترتب على ذلك أنه يترك هذه العبادة. إذاً: فهذا لا يصح ولا ينبغي؛ لأن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل، وكما يقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه. وهذا بشر الحافي قيل له: إن أناساً يجتهدون في رمضان ويكثرون من العبادة، فإذا خرج رمضان تركوا، قال: بئس القوم؛ لا يعرفون الله إلا في رمضان. فكون الإنسان يجهد نفسه في عمل ويزيد فيه، ثم يتسبب ذلك في الانقطاع والترك فهذا ليس بجيد، فالذي ينبغي للإنسان أن يحافظ على الشيء القليل ويستمر عليه، وهو خير من كثير ينقطع عنه؛ لأن الإنسان إذا داوم على عمل قليل فأي وقت يأتيه الأجل فإنه يكون مداوماً على العبادة ولو كانت قليلة، بخلاف الإنسان الذي يجتهد في بعض الأوقات ويهمل فقد يأتيه الموت في وقت الإهمال، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وإن أحب الأعمال إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل). وأما ما جاء عن بعض السلف من الاجتهاد في العبادة، ومن التعب ومن النصب، فإن منهم من أضر بنفسه، أو أضر بأمور أخرى مطلوبة منه، أو تعب وانقطع وترك ذلك الشيء الذي اشتغل فيه؛ بسبب أنه أجهد نفسه، فالذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم هو فعل القليل مع المداومة عليه، وهو خير من فعل الكثير مع الانقطاع عنه.

معنى قولهم: اقتصاد في سنة خير من الاجتهاد في البدعة

السؤال: ما توجيه هذه المقولة: اقتصاد في سنة خير من اجتهاد في بدعة؟ الجواب: أي: أن على الإنسان أن يقتصد ويأتي بالشيء الذي لا يشق عليه، وليس هناك تناسب بين الاجتهاد في البدعة وعدم الاجتهاد فيها؛ لأن البدعة مذمومة سواءً كانت قليلة أو كثيرة. وأما الاقتصاد في السنة فهو أن على الإنسان ألا يتعب نفسه في أمور مشروعة ومستحبة بحيث أنه يفوت على نفسه خيراً كثير، أو يترتب على ذلك أن يترك تلك السنن التي اجتهد فيها، فعلى المرء بالاعتدال والتوسط وعدم الإفراط الذي يؤدي إلى الترك وإلى الضرر، أو التفريط الذي يؤدي إلى الإهمال.
ما يقول الرجل إذا طعم


شرح حديث: (كان رسول الله إذا رفعت المائدة قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا طعم. حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن ثور عن خالد بن معدان عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا رفعت المائدة قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) ]. قوله: [ باب: ما يقوله إذا طعم ]، يعني: المسلم بعد الفراغ من الطعام. وأورد أبو داود حديث أبي أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه: [ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة -يعني: إذا انتهى من الطعام- قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) ]، فهذا دعاء كان يدعو به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد الفراغ من الطعام، وهذا ثناء على الله عز وجل وحمد له على نعمه ومنها: نعمة الطعام الذي رزق الله إياه عباده، ووفق لتحصيله والاستفادة منه. وقوله: [ (غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا) ] يعني: أن الله تعالى يستغني وغيره لا يستغني عنه، والله تعالى هو الكافي وغير الله تعالى هو الذي يكفيه، فقوله: (غير مكفي) مثل قوله عز وجل: وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ [الأنعام:14]، فهو الذي يكفي الناس سبحانه، قال عز وجل: وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ [الطلاق:3] أي: كافيه. قوله: (ولا مودع) يعني: ولا متروك؛ لأنه لا يستغنى عن الله عز وجل طرفة عين، فهو المنعم المتفضل الذي له الحمد على كل حال، وما من نعمة في الناس إلا وهي من الله، قال عز وجل: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ * وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:33-34]. وقال عز وجل: مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى [الضحى:3] يعني: ما تركك. قوله: (ولا مستغنى عنه). أي: أن الله لا يستغنى عنه طرفة عين، وهو غني عن الخلق، قال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ [فاطر:15]، فكل من سواه فهو مفتقر إليه، والله تعالى غني عن كل أحد، وهذا هو معنى الصمد، أي: الذي تصمد الخلائق إليه بحوائجها؛ لأنه الغني عن كل من سواه، المفتقر إليه كل من عداه.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا رفعت المائدة قال: الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثور ]. هو ثور بن يزيد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن خالد بن معدان ]. خالد بن معدان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي أمامة ]. هو أبو أمامة صدي بن عجلان الباهلي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (أن رسول الله كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم الواسطي عن إسماعيل بن رياح عن أبيه أو غيره عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين) ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين) ] فنعمة الإسلام هي أجل وأعظم نعمة أنعم الله تعالى بها على عبده المسلم؛ لأن بها يحصل سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، وبدون ذلك يشقى المرء في الدنيا والآخرة، كما قال الله عز وجل: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى [طه:124]، فهذا الدعاء عند الفراغ من الطعام. وفي إسناد الحديث ضعف، لكن معناه صحيح، فالإنسان لا يفعله على أنه سنة، لكن لو أن إنساناً أتى بهذا الشيء فهو كلام صحيح، وعلى الإنسان أن يحرص ويأتي بالشيء الثابت، ولو أتى بشيء لم يثبت لا على أنه سنة، وإنما على أن هذا كلام حسن وجميل يثنى على الله عز وجل به، فلا بأس.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان إذا فرغ من طعامه قال: الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. هو محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب الهمداني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا وكيع ]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هاشم الواسطي ]. هو الرماني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن رياح ]. إسماعيل بن رياح مجهول، أخرج له أبو داود و الترمذي في الشمائل و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ عن أبيه ]. أبوه ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي في عمل اليوم والليلة و ابن ماجة . [ عن أبي سعيد الخدري ]. هو سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (كان رسول الله إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن أبي عقيل القرشي عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أكل أو شرب قال: الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجاً) ]. أورد أبو داود حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أكل أو شرب قال: [ (الحمد لله الذي أطعم وسقى وسوغه وجعل له مخرجاً) ]، فهو المتفضل بالطعام والشراب، وهو الذي أنعم بعد وجوده بأن جعله سائغاً أكلاً وشرباً، وجعل له مخرجاً بعدما تستخلص فوائده ومنافعه في الجسم، وأما الشيء الرديء فإنه يخرج من السبيلين بولاً وغائطاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله إذا أكل أو شرب قال الحمد لله الذي أطعم وسقى...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. هو أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل . [ حدثنا ابن وهب ]. هو عبد الله بن وهب المصري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرني سعيد بن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي عقيل القرشي ] هو زهرة بن معبد وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن أبي عبد الرحمن الحبلي ]. هو عبد الله بن يزيد وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي أيوب الأنصاري ]. هو خالد بن زيد رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
غسل اليد من الطعام


شرح حديث: (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومنّ إلا نفسه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في غسل اليد من الطعام. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه) ]. قوله: [ باب في غسل اليدين بعد الطعام ]، أي: أنه مستحب؛ وذلك لإزالة الدسومة والشيء الذي علق باليد بعد الطعام فهو يغسله؛ لئلا يتعرض لما لا يحمد عاقبته، ولئلا يجعل هذه الرائحة التي في يده يشمها الناس الذين حوله، وقد يكون فيهم من هو فقير، فالفقير قد يشم أثر الطعام ويشتهيه فلا يحصل عليه لفقره. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه) ]، والغمر هو الدسومة والزهومة التي تكون في اليد بعد الطعام؛ لأنه قد تأتي عليه الحشرات من ذوات السموم من أجل هذا الذي يجذبها برائحته، فيحصل له شيء لا تحمد عقباه، ولهذا قال: [ (فلا يلومن إلا نفسه) ] يعني: إذا لم يغسله فلا يلومن إلا نفسه؛ لأنه مفرط وقد تسبب في وصول هذا الأذى إليه. وغسل اليدين يحتمل الوجوب، والنوم هنا مطلق سواءً كان في الليل أو في النهار.

تراجم رجال إسناد حديث: (من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. هو زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروى البخاري عنه مقروناً. [ عن أبيه ]. هو أبو صالح ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق.

ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده



شرح حديث: (أثيبوا أخاكم ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده. حدثنا محمد بن بشار حدثنا أبو أحمد قال حدثنا سفيان عن يزيد أبي خالد الدالاني عن رجل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (صنع أبو الهيثم بن التيهان رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم طعاماً فدعا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه، فلما فرغوا قال: أثيبوا أخاكم، قالوا: يا رسول الله وما إثابته؟ قال: إن الرجل إذا دخل بيته، فأكل طعامه، وشرب شرابه، فدعوا له فذلك إثابته) ]. قوله: [ باب: ما جاء في الدعاء لرب الطعام إذا أكل عنده ]. يعني: يدعى للمضيف ومقدم الطعام. وأورد فيه أبو داود حديث جابر قال: [ (صنع أبو الهيثم بن التيهان للنبي صلى الله عليه وسلم طعاماً، فدعا الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فلما فرغوا قال: أثيبوا أخاكم) ]. والإثابة هي الجزاء، فقد تكون في الخير وقد تكون في الشر؛ لأن الثواب يطلق في الخير وفي الشر، ومنه قول الله عز وجل في نهاية سورة المطففين: هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المطففين:36]، يعني: هل جوزي الكفار ما كانوا يعملون؟ والمقصود بالإثابة هنا الدعاء. قوله: [ (قالوا: يا رسول الله وما إثابته؟ قال: إن الرجل إذا دخل بيته، فأكل طعامه، وشرب شرابه، فدعوا له فذلك إثباته) ]. ففسر الإثابة بأنهم يدعون الله عز وجل عند الفراغ من الطعام لصاحب الطعام بالدعاء المناسب، وسيذكر المصنف شيئاً من ذلك بعد هذا، وهذا الحديث فيه ضعف؛ لأن فيه رجلاً مبهماً غير مسمى، وأبو خالد الدالاني فيه كلام أيضاً.
تراجم رجال إسناد حديث: (أثيبوا أخاكم ...)


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو أحمد ]. هو أبو أحمد الزبيري ثقة يخطئ في حديث الثوري ، وهذا من روايته عن الثوري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سفيان ]. سفيان الثوري مر ذكره. [ عن يزيد أبي خالد الدالاني ]. يزيد أبو خالد الدالاني وهو صدوق يخطئ كثيراً ويدلس، أخرج له أصحاب السنن. [ عن رجل عن جابر ]. الرجل مبهم، وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما الصحابي الجليل، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
شرح حديث: (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم جاء إلى سعد بن عبادة رضي الله عنه، فجاء بخبز وزيت فأكل، ثم قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة) ]. أورد أبو داود حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى إلى سعد بن عبادة ، و سعد بن عبادة هو سيد الخزرج من الأنصار، وسعد بن معاذ سيد الأوس، وقد مات بعد غزوة الخندق، و سعد بن عبادة عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم، فجاء إليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأكل عنده، فقدم له زيتاً وخبزاً فأكل منه وقال: [ (أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة) ].
تراجم رجال إسناد حديث: (أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار وصلت عليكم الملائكة)


قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ]. مخلد بن خالد هو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود . [ حدثنا عبد الرزاق ]. هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. هو معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ثابت ]. هو ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. هو أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
كيفية الدعاء لصاحب الطعام ووقته

إن قوله: (أفطر عندكم الصائمون) يكون بعد الفراغ من الأكل عند المضيف في الصيام وغير الصيام، وذلك أن يقوم كل واحد يدعو على حدة، وأما أن يدعو شخص ويؤمن الباقون على دعائه فلا نعلم في ذلك سنة، وقد سبق أن مر بنا حديث الدعاء بعد أكل الطعام لصاحب الطعام عن عبد الله بن بسر من بني سليم قال: (جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي فنزل عليه الصلاة والسلام فقدم إليه طعاماً، فذكر حيساً أتاه به، ثم أتاه بشراب فشرب فناول من على يمينه، وأكل تمراً فجعل يلقي النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى، فلما قام قام أبي فأخذ بلجام دابته فقال: ادع الله لي، فقال: اللهم! بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم) . وهذا حديث صحيح."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #744  
قديم 01-07-2025, 04:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [435]
الحلقة (467)



شرح سنن أبي داود [435]

لقد جاء النبي عليه الصلاة والسلام بما فيه صلاح الدين والدنيا، ومن ذلك أنه أرشد إلى الأجسام؛ لأنها مطية العبد في قيامه بالأعمال، فحث على ما فيه صلاحها، ونهى عن كل شيء يفسدها، فأمر بالتداوي ورغب فيه، بل واحتجم صلى الله عليه وسلم.

الرجل يتداوى


شرح حديث: (تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ كتاب الطب. باب في الرجل يتداوى. حدثنا حفص بن عمر النمري حدثنا شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك رضي الله عنه أنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأصحابه كأنما على رءوسهم الطير، فسلمت ثم قعدت فجاء الأعراب من هاهنا وهاهنا فقالوا: يا رسول الله! أنتداوى؟ فقال: تداووا؛ فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء غير داء واحد الهرم) ]. أورد أبو داود كتاب الطب، والمراد به طب الأبدان، والطب طبان: طب القلوب، وطب الأبدان، وطب القلوب هو بطاعة الله عز وجل، والاستقامة على شرعه، والتزام أمره ونهيه، وهذا هو الذي فيه حياة القلوب، وفيه سعادة الدنيا والآخرة، ولا علاج للقلوب ولا شفاء لها إلا بما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن حياتها وسلامتها إنما هي بذلك، ومرضها وشقاؤها إنما يكون بخلاف ذلك، وأما علاج الأبدان فيكون بالقرآن وغير القرآن، بالرقية وغير الرقية، وأما القلوب فلا شفاء لها إلا بالقرآن وبما جاء عن الله وعن رسوله صلى الله عليه وسلم، لا شفاء لها من أمراضها -سواءً أمراض الشهوات أو أمراض الشبهات- إلا بالالتزام والاعتصام بما جاء عن الله وعن رسوله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، والطب الذي يذكره المحدثون هو طب الأبدان، وهو العلم الذي يعرف به علاج الأبدان. وقد أورد أبو داود هذه الترجمة: باب في الرجل يتداوى، وذكر الرجل هنا لأن الغالب أن الخطاب مع الرجال، وإلا فإن الحكم للرجال والنساء، فالرجل والمرأة كل واحد منهما له أن يتداوى، فذكر الرجل لا مفهوم له، وقد جاء في بعض الأحاديث ذكر الرجل وليس المقصود به الاقتصار عليه دون المرأة؛ لأن الأصل في الأحكام أنها عامة للرجال والنساء، ولا تنفرد النساء بحكم إلا بدليل، ولا ينفرد الرجال بحكم إلا بدليل، وحيث لا دليل يفرق بين الرجال والنساء فالأصل هو التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام. أورد أبو داود حديث أسامة بن شريك رضي الله عنه أنه قال: (جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده أصحابه كأنما على رءوسهم الطير) وهذا إشارة إلى السكينة والهدوء، وأن كل واحد منهم متجه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، ومقبل عليه يسمع حديثه، فإن الطير لا تقع إلا على شيء ساكن لا يتحرك، وقوله: (كأن على رءوسهم الطير) يضرب مثلاً للسكينة والهدوء وعدم الاضطراب والحركة. قوله: [ (فسلمت ثم قعدت فجاء الأعراب من هاهنا وهاهنا فقالوا: يا رسول الله! أنتداوى؟ فقال: تداووا) ]. يعني: جاء الأعراب من جهات مختلفة فقالوا: يا رسول الله! أنتداوى؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (تداووا، فإن الله ما وضع داءً إلا وضع له شفاء، إلا داء واحد هو الهرم)، فكل شيء له علاج، (علمه من علمه، وجهله من جهله) إلا الهرم، وهو الضعف بسبب الشيخوخة والتقدم في السن، فإن هذا لا علاج له، فعلاجه بمعنى إرجاع الشباب وذهاب الهرم لا يمكن، فليس للهرم علاج، وضعف صاحبه هو نتيجة الهرم والتقدم في السن، وليس من الأعراض التي تطرأ على الإنسان من حال إلى حال، فيكون صحيحاً ثم يكون مريضاً، والهرم يشارك المرض في الضعف، ولكن الأمراض لها علاج، وهذا لا علاج له. وهذا الحديث يدل على أن التداوي مباح.

تراجم رجال إسناد حديث: (تداووا، فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء)

قوله: [ حدثنا حفص بن عمر النمري ]. حفص بن عمر النمري ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والنسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زياد بن علاقة ]. زياد بن علاقة ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أسامة بن شريك ]. أسامة بن شريك رضي الله عنه، أخرج حديثه أصحاب السنن. ورجال الإسناد أربعة، وهذا من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

الحمية


شرح حديث أمر النبي علياً بالاحتماء من بعض المأكولات عند مرضه


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الحمية. حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود وأبو عامر -وهذا لفظ أبي عامر- عن فليح بن سليمان عن أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة الأنصاري عن يعقوب بن أبي يعقوب عن أم المنذر بنت قيس الأنصارية رضي الله عنها قالت: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ومعه علي رضي الله عنه وعلي ناقه، ولنا دوالي معلقة، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأكل منها، وقام علي ليأكل، فطفق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لعلي : مه إنك ناقه، حتى كف علي رضي الله عنه، قالت: وصنعت شعيراً وسلقاً فجئت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يا علي أصب من هذا فهو أنفع لك). قال أبو داود : قال هارون : العدوية ]. أورد أبو داود هذه الترجمة باب في الحمية، والحمية هي: الامتناع عن بعض المأكولات بسبب مرض من الأمراض، فهذه المأكولات تؤثر فيه، فهو يحتمي من شيء قد يعود عليه بالمضرة، ويأكل شيئاً لا يعود عليه بالمضرة. وأورد المصنف حديث أم المنذر بنت قيس الأنصارية، وقال أحد الرواة: العدوية، قالت: دخل علي رسول صلى الله عليه وسلم، ومعه علي بن أبي طالب ولنا دوالي معلقة، أي: عذوق فيها بسر يعلقونه حتى يستوي فيأكلون منه، فالرسول صلى الله عليه وسلم أكل منه، وعلي كان ناقهاً، والناقه هو الذي كان مريضاً وتماثل للشفاء، ولكنه لا يزال فيه أثر المرض، فأراد علي أن يأكل فالرسول صلى الله عليه وسلم طفق يقول له: (مه -يعني: أكفف- إنك ناقه) يعني: أنت في حالة قريبة المرض فتحتاج إلى الاحتماء من بعض الأطعمة التي قد تضرك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أرشده إلى أن يكف، فكف علي عن التناول منه، وصنعت لهم شعيراً وسلقاً، والسلق هو نبات يطبخ ويؤكل، فأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لعلي (أصب من هذا، فإنه أنفع لك) يعني: هذا: لا يضرك، وذاك احتمي منه وامتنع من أكله؛ لأنه قد يكون فيه ضرر عليك، فهذا الحديث دليل على الحمية.

تراجم رجال إسناد حديث أمر النبي علياً بالاحتماء من بعض المأكولات عند مرضه


قوله: [ قال حدثنا هارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا أبو داود ]. سليمان بن داود أبو داود الطيالسي ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ وأبو عامر ]. هو عبد الملك بن عمرو ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وهذا لفظ أبي عامر ]. يعني: أحد شيخي شيخه، وهو الشيخ الثاني، فقد ساقه على لفظه، فالفرق بينهما في نسب الصحابية. [ وقال هارون : العدوية ] في نسخة أخرى: [ قال أبو داود : وقال أبو داود : العدوية ] وهذا أوضح؛ لأنه ساقه على لفظ عبد الملك بن عمرو ، ثم ذكر النسبة في رواية الشخص الثاني الذي لم يسقه على لفظه. [ عن فليح بن سليمان ]. فليح بن سليمان صدوق كثير الخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة ]. أيوب بن عبد الرحمن بن صعصعة وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن يعقوب بن أبي يعقوب ]. يعقوب بن أبي يعقوب، وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن أم المنذر بنت قيس ]. أم المنذر بنت قيس الأنصارية أو العدوية، وهي صحابية، أخرج لها أبو داود والترمذي وابن ماجة .س

الحجامة


شرح حديث: (إن كان في شيء مما تداويتم به خير فالحجامة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الحجامة. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن كان في شيء مما تداويتم به خير فالحجامة) ]. أورد أبو داود باباً في الحجامة، أي: التداوي بها، والحجامة هي استخراج الدم الفاسد عن طريق المحاجم، وهذا الحديث فيه بيان أن الحجامة مفيدة، وأنها من أنفع ما يتداوى به، وقد جاء في الحديث: (الشفاء في ثلاث: شربة عسل، وشرطة محجم، وكية نار).
تراجم رجال إسناد حديث: (إن كان في شيء مما تداويتم به خير فالحجامة)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن عمرو ]. محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. مر ذكره.

شرح حديث: (ما كان أحد يشتكي وجعاً في رأسه إلا قال احتجم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي حدثنا يحيى -يعني: ابن حسان- حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي حدثنا فائد مولى عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن مولاه عبيد الله بن علي بن أبي رافع عن جدته سلمى رضي الله عنها خادم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنها قالت: (ما كان أحد يشتكي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجعاً في رأسه إلا قال: احتجم، ولا وجعاً في رجليه إلا قال: اخضبهما) ]. أورد أبو داود حديث سلمى خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يأتي إليه أحد يشتكي وجعاً في رأسه إلا قال: احتجم، ولا أحد يشتكي وجعاً في رجليه إلا قال: اخضبهما) يعني: يخضبهما بالحناء، وهذا فيه دليل على الحجامة، وعلى فائدتها، وهذا في الغالب، فليس كل وجع في الرأس يكون دواؤه الحجامة، وليس كل وجع في الرجلين يكون دواؤه الحناء، ولكن هذا يدل على أن فيهما شفاء وفائدة.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما كان أحد يشتكي وجعاً في رأسه إلا قال احتجم)


قوله: [ حدثنا محمد بن الوزير الدمشقي ]. محمد بن الوزير الدمشقي ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا يحيى -يعني: ابن حسان - ]. يحيى بن حسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي ]. عبد الرحمن بن أبي الموالي صدوق ربما أخطأ، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا فائد مولى عبيد الله بن علي ]. وهو صدوق، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن مولاه عبيد الله بن علي ]. قال عنه الحافظ: لين. وصحح الشيخ الألباني هذا الحديث في (السلسة الصحيحة) وقال: جاء عن عبيد الله وعن غيره، وقال الترمذي: عن عبيد الله: ثقة، وفي ترجمته في (تهذيب التهذيب) عن ابن معين قال: لا بأس به، وهذا توثيق منه، وذكره ابن حبان في الثقات، ولم يذكر فيه شيئاً من الجرح، إلا أن أبا حاتم سأله ابنه عنه فقال: لا بأس به، فقال: أيحتج به؟ قال: لا، ولكنه شيخ، ولم يأت بشيء يعاب عليه، فقول الحافظ عنه: لين؛ فيه نظر، وقد أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن جدته سلمى ]. سلمى رضي الله عنها، وحديثها أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة .

موضع الحجامة


شرح حديث: (أن النبي كان يحتجم على الهامة وبين كتفيه...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في موضع الحجامة. حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي وكثير بن عبيد قالا: حدثنا الوليد عن ابن ثوبان عن أبيه عن أبي كبشة الأنماري رضي الله عنه، قال كثير : إنه حدثه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يحتجم على هامته وبين كتفيه، وهو يقول: من أهراق هذه الدماء فلا يضره ألا يتداوى بشيء لشيء) ]. أورد أبو داود باب في موضع الحجامة، يعني: المكان الذي توضع فيه المحاجم، وأورد أبو داود حديث أبي كبشة: [ (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحتجم على هامته وبين كتفيه) ] الهامة هي أعلى الرأس، وبين كتفيه من الخلف، يعني: أنه يحتجم في هذين الموضعين، وليس معنى ذلك أنه يحتجم فيهما معاً، بل قد يحتجم بالهامة وحدها، وقد يحتجم بين كتفيه فقط. قوله: [ وهو يقول: (من أهراق هذه الدماء، فلا يضره ألا يتداوى بشيء لشيء) ]. هذا يدل على عظم شأن الحجامة وإهراق هذه الدماء عن طريق الحجامة ليستخرج الدم الفاسد، ولا يضره بعدها أن يتداوى بشيء آخر.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يحتجم على الهامة وبين كتفيه...)


قوله: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ]. عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي هو الملقب دحيم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ وكثير بن عبيد ]. كثير بن عبيد ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا الوليد ]. الوليد بن مسلم الدمشقي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن ثوبان ]. عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهو صدوق يخطئ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. ثابت بن ثوبان وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن أبي كبشة الأنماري ]. أبو كبشة الأنماري صحابي، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة .

شرح حديث: (احتجم ثلاثاً في الأخدعين والكاهل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا جرير -يعني ابن حازم - حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم ثلاثاً في الأخدعين والكاهل. قال معمر : احتجمت فذهب عقلي حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي، وكان احتجم على هامته) ]. أورد أبو داود حديث أنس: (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم ثلاثاً في الأخدعين -وهما عرقان في جانبي العنق- والكاهل) وهو بين الكتفين مقدم الظهر من فوق، وهو الموضع الذي ذكر في الحديث الماضي: (بين كتفيه)، فيعبر بين الكتفين بالكاهل، والكاهل يكون بين الكتفين أعلى الظهر. قوله: [ قال معمر : احتجمت فذهب عقلي حتى كنت ألقن فاتحة الكتاب في صلاتي، وكان احتجم على هامته ]. وقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم على هامته، قال بعض أهل العلم: يحتمل أن يكون حجم في مكان لا تصلح فيه الحجامة، أو حجم لمرض في رأسه لا تصلح فيه الحجامة؛ لأنه ليس كل وجع في الرأس يعالج بالحجامة. قوله: فذهب عقلي حتى كنت ألقن الفاتحة، يعني: كان يخطئ فيها.

تراجم رجال إسناد حديث: (احتجم ثلاثاً في الأخدعين والكاهل)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جرير يعني ابن حازم ]. جرير بن حازم وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس رضي الله عنه قد مر ذكره. وهذا الإسناد رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

أوقات استحباب الحجامة


شرح حديث: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب متى تستحب الحجامة؟ حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة متى تستحب الحجامة؟ يعني: ما هي الأيام التي ينبغي للإنسان أن يحتجم فيها؟ وأورد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاءً من كل داء)، وهذا معناه أن الحجامة مفيدة في هذه الأيام، وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم احتجم في هذه الأيام.

تراجم رجال إسناد حديث: (من احتجم لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين كان شفاء من كل داء)


قوله: [ حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع ]. أبو توبة الربيع بن نافع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي ]. سعيد بن عبد الرحمن الجمحي صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة ]. [ عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة ]. وقد مر ذكر الثلاثة.

شرح حديث النهي عن الحجامة يوم الثلاثاء


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرني أبو بكرة بكار بن عبد العزيز أخبرتني عمتي كبشة بنت أبي بكرة -وقال غير موسى : كيسة بنت أبي بكرة- (أن أباها رضي الله عنه كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يوم الثلاثاء يوم الدم، وفيه ساعة لايرقأ) ]. أورد أبو داود حديث أبي بكرة أنه كان ينهى أهله عن الحجامة يوم الثلاثاء، ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (هو يوم الدم، وفيه ساعة لا يرقأ الدم فيها) يعني: لا ينقطع عن النزيف، والحديث ضعيف غير ثابت؛ لأن فيه هذه المرأة التي هي كيسة، وهي لا تعرف.

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن الحجامة يوم الثلاثاء


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل أخبرني أبو بكرة بكار بن عبد العزيز ]. بكار بن عبد العزيز صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً وأبو داود والترمذي وابن ماجة . [ أخبرتني عمتي كبشة بنت أبي بكرة، وقال غير موسى: كيسة بنت أبي بكرة ]. مستورة، أي: مجهولة الحال، أخرج لها أبو داود . [ عن أبيها ]. أبوها أبو بكرة رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (أن رسول الله احتجم على وركه...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم احتجم على وركه من وثء كان به) ]. أورد أبو داود حديث جابر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم على وركه -وهذا موضع آخر غير الكاهل والأخدعين والهامة- من وثء كان به)، قيل: هو مرض في اللحم دون العظم. وهذا الحديث لا يطابق ترجمة الباب: متى تستحب الحجامة؟ وإنما تطابق ترجمة الباب السابق: موضع الحجامة.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله احتجم على وركه...)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهشام هو الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر رضي الله عنه وقد مر ذكره. وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود . وللإنسان وركان، وفي حال الجلوس للتشهد الأخير فإنه يخرج المصلي رجله اليسرى من تحت رجله اليمنى، ويجعل وركه على الأرض ويقعد عليه. وقد احتجم النبي صلى الله عليه وسلم في وركه مع كونه من العورة؛ وذلك لأجل الضرورة، وكشف العورة للعلاج جائز.
قطع العرق وموضع الحجم



شرح حديث: (بعث النبي إلى أُبي طبيباً فقطع منه عرقاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في قطع العرق، وموضع الحجم. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر رضي الله عنه أنه قال: (بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أبي طبيباً فقطع منه عرقاً) ]. أورد أبو داود باب في قطع العرق، يعني: في العلاج، وقد أورد أبو داود حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع منه عرقاً، وهذا هو محل الشاهد، يعني: كونه قطع منه عرقاً للعلاج.

تراجم رجال إسناد حديث: (بعث النبي إلى أُبي طبيباً فقطع منه عرقاً)


قوله: [ حدثنا محمد بن سليمان الأنباري ]. محمد بن سليمان الأنباري صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا أبو معاوية ]. أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. سليمان بن مهران الكاهلي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سفيان ]. هو طلحة بن نافع صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله مر ذكره.

الأسئلة



معنى الاحتجام في سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين


السؤال: هل يكفي الاحتجام في سبع عشرة أم لابد من الاحتجام في سبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين؟ الجواب: يكفي مرة وليس بلازم أن يحتجم ثلاث مرات في الأيام كلها، لكن يحتجم إما في هذه أو في هذه أو في هذه.


حكم التداوي

السؤال: هل التداوي واجب لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأمره؟ الجواب: لا، والأمر هنا لا يدل على الوجوب؛ لأنه قد جاء ما يدل على جواز الصبر، كما في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، وذكر أنهم لا يسترقون.


جواز صعود المعتدة إلى سطح المنزل


السؤال: امرأة معتدة عدة وفاة تقول: هل يجوز لي أن أصعد إلى سطح المنزل؟ الجواب: لا مانع أن تصعد وتنزل كما تشاء.


حكم امرأة ترى طهرين من الحيض


السؤال: امرأة ترى طهرين الأول بياض به صفرة يسيرة، وبعده تأتي صفرة شديدة لمدة ستة أيام، ثم يأتي نقاء تام لا يخالطه شيء، فبأيهما تعتد في الطهر؟ الجواب: إذا كانت عادتها تنتهي عند انقطاع الدم الذي يعقبه هذه الفترة الطويلة، فإن عدتها تنتهي بذلك، ويكون ما بعده استحاضة، فهذا إذا كانت عدتها مستقرة وثابتة، وإذا كانت تعرف أن عادتها أنها تحيض ثم تطهر ثم يستمر معها الحيض، وكانت هكذا من حين بدأ الحيض، فهذا كله يكون حيض، وأما إن طهرت في أيامها المعلومة ثم رأت الصفرة أو الكدرة فلا تعتد بها، وتكون طاهراً بعد انتهاء وقت حيضها حتى وإن رأت صفرة أو كدرة.


جمع الأدعية الواردة بعد الفراغ من الطعام

السؤال: هل يجوز الجمع بين الأدعية الواردة بعد الفراغ من الطعام في مكان واحد؟ الجواب: يجوز، ولو اقتصر على بعضها لكفى.


حكم الأكل قائماً


السؤال: حديث: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم قيس ومعه علي ، فأكل من الدوالي وكانت معلقة) هل فيه دليل على جواز الأكل قائماً؟ الجواب: الحديث لا يدل على أنه كان قائماً، بل يحتمل أنه كان قائماً، ويحتمل أن يكون التمر معلقاً وهم يأخذونه وهم جلوس.


حكم استخدام الحناء للرجال


السؤال: ما حكم استخدام الحناء للرجال سواءً كان في الرأس، أو في الرجلين، أو في اليدين، خاصة وأن في بعض البلدان تعورف عليه للرجال؟ الجواب: لا يصلح أن الرجال يتجملون بالحناء، فالتجمل بالحناء من خصائص النساء، ولكن كون الرجال يستعملونه لتغيير الشيب الأبيض إلى أحمر فهذا لا بأس به، وكذلك للعلاج، فقد جاء في الحديث: (أنه كان يأمر من يشتكي رجليه أن يخضبهما).


حكم حلق بعض الرأس للحجامة

السؤال: ذكرتم -حفظكم الله- فيما مضى أن حلق جزءاً من الرأس للحجامة جائز للضرورة، لكن إن استطاع أن يحلق جميع رأسه للحجامة فهل يجوز أن يحلق جزءاً من شعره ولا يكون قزعاً مع استطاعته على حلقه كله؟ الجواب: هذا سائغ للحجامة، فإن أراد أن يحلق رأسه كله فله أن يحلق، وإن أراد أن يحلق مكان الحجم فلا بأس، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (احلقوه كله أو دعوه كله) أي: لا يحلق بعضه ويترك بعضه، ولكن إن حلق موضع الحجامة فقط فلا بأس.


الفرق بين الحجامة والفصد


السؤال: ما الفرق بين الحجامة والفصد؟ الجواب: الفصد غير الحجامة، فالحجامة تكون عن طريق المحاجم، والفصد يكون بقطع في العرق بشيء حاد، فيخرج منه دم، ثم يعمل شيئاً يوقف النزيف.

الكي


شرح حديث: (نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الكي. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن ثابت عن مطرف عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أنه قال: (نهى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الكي فاكتوينا؛ فما أفلحنا ولا أنجحنا). قال أبو داود : وكان يسمع تسليم الملائكة فلما اكتوى انقطع عنه، فلما ترك رجع إليه ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الكي، أي: الكي بالنار، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أنه سائغ، وأن فيه فائدة ومصلحة، وذلك في الحديث الذي يقول: (الشفاء في ثلاث: كية نار، ومذقة عسل، وشرطة محجم)، وجاء أيضاً ما يدل على أن تركه أولى كما في حديث السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، ومن صفاتهم: (لا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون)، ومعلوم أن الكي فيه تشويه للجسم، والناس يقولون: آخر الطب الكي، أي: أنه يصار إليه عند الحاجة وعندما لا ينفع غيره، فهو مكروه لحصول التألم بالنار، وأيضاً فيه تشويه للجسم، وإذا احتاج الإنسان إليه فقد جاء ما يدل عليه، وإن استغنى عنه فهو خير له. أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي فاكتوينا؛ فما أفلحنا ولا أنجحنا). قوله: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكي)، وقد جاء ما يدل على جوازه، فيكون المراد بالنهي كراهة التنزيه وأنه خلاف الأولى، فالأولى أن يستغنى عنه إذا أمكن، وإذا لم يستغن عنه فإنه سائغ، وقد جاءت الأحاديث الدالة على جوازه وأنه سائغ، وما جاء في هذا الحديث يحمل على كراهة التنزيه وليست الكراهة للتحريم. وقول عمران : فاكتوينا؛ فما أفلحنا وما أنجحنا يحتمل أنه استعمله على وجه لا يصلح فيه الكي فحصل منه الضرر وعدم الفائدة، ولعل مما ترتب عليه من عدم الفائدة أنه كان يسمع تسليم الملائكة، وأنه لما اكتوى توقف عنه ذلك ثم عاد إليه، وقد أشار إلى هذا أبو داود .

تراجم رجال إسناد حديث: (نهى النبي عن الكي فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن ثابت ]. ثابت بن أسلم البناني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مطرف ]. مطرف بن عبد الله بن الشخير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمران بن حصين ]. عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث كي سعد بن معاذ من رميته


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كوى سعد بن معاذ من رميته) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى سعد بن معاذ من رميته، أي: الرمية التي حصلت له في يوم الخندق، وأمر أن تضرب له خيمة في المسجد ليعوده، وفي هذا دليل على مشروعية الكي، وقوله: (كواه) يحتمل أنه كواه بنفسه، أو أمر أن يكوى، لكن جاء في صحيح مسلم أنه كواه بمشقص بيده، والمشقص حديدة. فهذا الحديث يدل على أن الكي سائغ ولا بأس به عند الحاجة إليه، وقيل: إن هذا الكي من أجل إيقاف الدم، وحسم العرق حتى لا ينزف، والكي من الوسائل التي يوقف بها الدم.

تراجم رجال إسناد حديث كي سعد بن معاذ من رميته


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير ]. أبو الزبير هو محمد بن مسلم بن تدرس المكي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وجابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

الأسئلة



حكم الكي الكهربائي

السؤال: الكي الكهربائي الذي يكون بلا حرق، هل يدخل في هذا النهي؟ الجواب: الظاهر أن الكي الكهربائي من جنس التكميد، فهو مثل الماء الحار الذي يوضع في وعاء، ثم يوضع على الجسم فيعطيه حرارة، وليس فيه حرق، وهو أحسن من الكي إذا ترتب عليه فائدة؛ لأن الجسم يبقى على هيئته.


الكي ينافي كمال التوكل

السؤال: رجل اكتوى وهو يعلم أن تركه سبب في دخول الجنة بغير حساب، ثم تاب بعد ذلك، فهل يدخل في حديث السبعين ألفاً؟ الجواب: هذه المنزلة عالية ورفيعة، والإنسان إذا وفقه الله لأن يكون ممن يدخل الجنة ولو لم يكن من هؤلاء؛ فقد ظفر بالسعادة التي هي الجنة وما فيها من النعيم، وأعلى شيء في ذلك رؤية الله سبحانه وتعالى، وكل مسلم سيدخل الجنة حتى ولو دخل النار، وإذا تجاوز الله عن الإنسان فإنه يدخل الجنة من أول وهلة. والكي ينافي كمال التوكل، والأخذ بالأسباب سائغ والكي من الأسباب التي هي مظنة الشفاء، ومن اكتوى فقد أخذ بشيء سائغ، ولا يقال: إنه غير متوكل، ولكن ترك الكي من كمال التوكل."

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #745  
قديم 01-07-2025, 06:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [436]
الحلقة (468)




شرح سنن أبي داود [436]

لقد أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى بعض الأدوية النافعة للجسم وحث عليها، كما أنه قد نهى وحذر من كثير من الأشياء الخبيثة التي تضر الإنسان ولا تنفعه، وهذا من الطب النبوي، وهذا الإرشاد من تمام نصحه وحبه للخير صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة.

السعوط


شرح حديث (أن النبي استعط)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السعوط. حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أحمد بن إسحاق حدثنا وهيب عن عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم استعط) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة في السعوط، والسعوط مثل الوُضوء والوَضوء، والطُهور والطَهور، والوُجور والوَجور وغيرها من الكلمات التي تأتي مفتوحة ومضمومة، وهي في حال فتحها بمعنى الشيء الذي يستعمل كالماء، فالسَعوط المادة التي توضع في الأنف يستعط بها، وما كان بالضم فهو فعل الشيء، فالوَضوء اسم للماء الذي يتوضأ به، والوُضوء هو هيئة الوضوء، بأن يغسل الإنسان وجهه وغيره، فهذا الفعل يقال له: وُضوء، وكذلك السُعوط هو مباشرة الفعل، ووضع المادة بالأنف، وهي كلمات عديدة مثل الوَجور للدواء الذي يأتي عن طريق الفم، ومثل السَحور والسُحور، فبالفتح هو الطعام الذي يؤكل وقت السحر، وبالضم هو الأكل والتسحر بذلك الطعام. أورد المصنف حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم استعط، أي: أنه وضع السعوط في أنفه.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي استعط)

قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا أحمد بن إسحاق ]. أحمد بن إسحاق ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [ حدثنا وهيب ]. وهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن طاوس ]. عبد الله بن طاوس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. طاوس بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أحد العبادلة الأربعة من الصحابة.

النشرة


شرح حديث (هو من عمل الشيطان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النشرة. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا عقيل بن معقل قال: سمعت وهب بن منبه يحدث عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن النشرة فقال: هو من عمل الشيطان) ]. أورد أبو داود باب في النشرة، والنشرة هي: حل السحر عن المسحور، وإذا كانت بطرق غير شرعية - كحلها بالسحر أو بالرجوع إلى الكهان والمشعوذين- فإن ذلك حرام، وهو من عمل الشيطان، وأما إذا كان بالقرآن وبالأدعية المباحة وبالتعوذات؛ فهذا سائغ، وعلى هذا فالنشرة فيها تفصيل: إن كانت بالقرآن وبالتعوذات وبذكر الله عز وجل فإن ذلك سائغ ولا بأس به، وإن كانت بأمور يرجع فيها إلى السحرة والكهان وأشباههم؛ فإن ذلك لا يسوغ، وهو الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: (هي من عمل الشيطان)، فدل ذلك على تحريمها إذا كانت عن طريق المشعوذين والعرافين والكهان والسحرة، فإن ذلك من عمل الشيطان؛ لأن هذا العمل الذي يقومون به إنما يتأتى لهم باستخدام شياطين الجن.

تراجم رجال إسناد حديث (هو من عمل الشيطان)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام المحدث، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عقيل بن معقل ]. عقيل بن معقل صدوق أخرج له أبو داود . [ سمعت وهب بن منبه ]. وهب بن منبه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ففي التفسير. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله مر ذكره.

الترياق


شرح حديث (ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الترياق. حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثنا شرحبيل بن يزيد المعافري عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي قال: سمعت عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقاً، أو تعلقت تميمةً، أو قلت الشعر من قبل نفسي). قال أبو داود : هذا كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة، وقد رخص فيه قوم، يعني: الترياق ]. أورد أبو داود باب في الترياق، والترياق: هو علاج السم، وعلاج السم بشيء مباح لا بأس به، وأما إذا كان بأمور محرمة غير سائغة فإنه لا يجوز هو ولا غيره من الأدوية، فإن خلا من المحذور فلا بأس به كسائر العلاجات؛ لأن العلاجات مطلقاً إذا لم يكن فيها شيء محرم سائغة. وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ (ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقاً، أو تعلقت تميمةً، أو قلت الشعر من قبل نفسي) ]. ومحل الشاهد في الجملة الأولى: (ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقاً)، والحديث ضعيف؛ ففي إسناده رجل ضعيف، فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث (ما أبالي إن أنا شربت ترياقاً)


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة ]. عبيد الله بن عمر بن ميسرة القواريري ثقة، أخرج له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي . [ حدثنا عبد الله بن يزيد ]. عبد الله بن يزيد المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سعيد بن أبي أيوب ]. سعيد بن أبي أيوب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شرحبيل بن يزيد المعافري ]. شرحبيل بن يزيد المعافري صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي. [ عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي ]. عبد الرحمن بن رافع التنوخي ضعيف، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وابن ماجة. [ سمعت عبد الله بن عمرو ]. عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

حكم الترياق

[ قال أبو داود : هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وقد رخص فيه قوم، يعني: الترياق ]. يعني: كونه لا يبالي إذا أتى شيئاً إن هو شرب ترياقاً، قال: وقد رخص فيه قوم، يعني: أنه يجوز أن يستعمل الترياق وهو علاج السم، والحديث ضعيف لا يحتج به، ولا يعول عليه. قال في الحاشية: والترياق أنواع، فإذا لم يكن فيه لحوم الأفاعي فلا بأس بتناوله، وكأنهم كانوا يتخذون هذا العلاج للسم من الحيات، ويعالج سمها بشيء منها.

الأدوية المكروهة



شرح حديث (نهى عن الدواء الخبيث)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأدوية المكروهة. حدثنا هارون بن عبد الله حدثنا محمد بن بشر حدثنا يونس بن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الدواء الخبيث) ]. أورد أبو داود باب في الأدوية المكروهة، والمكروه كثيراً ما يطلق عند المحدثين وعند المتقدمين على كراهة التحريم، وفي اصطلاح الفقهاء يطلق على كراهة التنزيه، وهو ما نهي عنه وليس من قبيل المحرم، فهو يقابل المندوب في باب الأمر، والمندوب هو المأمور به بغير جزم. أورد أبو داود عدة أحاديث في هذه الترجمة، أولها حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الدواء الخبيث) أي: سواء كان نجساً أو كان ضاراً، فيحتمل أن يكون من قبيل النجس، أو من قبيل ما يترتب عليه ضرر من استعماله، ولا شك أن ذلك كله من قبيل المحرم.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى عن الدواء الخبيث)


قوله: [ حدثنا هارون بن عبد الله ]. هارون بن عبد الله الحمال البغدادي ثقة، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا محمد بن بشر ]. محمد بن بشر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يونس بن أبي إسحاق ]. يونس بن أبي إسحاق صدوق يهم قليلاً، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن مجاهد ]. مجاهد بن جبر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، وهو أكثر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه حديثاً على الإطلاق.

شرح حديث نهى النبي عن قتل الضفدع


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه: (أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء، فنهاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن قتلها) ]. أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن عثمان رضي الله تعالى عنه: (أن طبيباً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعله في دواء، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها)، والنهي عن قتلها يدل على تحريمها وعلى أنه لا يجوز استعمالها في الأدوية؛ لأنه لو كان يباح قتلها لأمكن استعمالها في الأدوية، والذي يجوز قتله واستعماله يجوز أن يستعمل في الأدوية، والذي لا يسوغ قتله لا يستعمل في الأدوية، ولا يجوز أكله، وهذا يدل على أن الضفادع لا تؤكل، وهي مستثناة مما يعيش في البحر، فالضفادع لا تؤكل؛ لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها، إذ لو كانت مباحة الأكل لأذن بقتلها والاستفادة منها أكلاً وتداوياً، فلما نهى عن قتلها دل على أنها لا تؤكل، وأنه لا يتداوى بها.

تراجم رجال إسناد حديث نهى النبي عن قتل الضفدع


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي ذئب ]. هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن خالد ]. سعيد بن خالد صدوق، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن عثمان ]. عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه، وحديثه أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي .

شرح حديث (من حسا سماً فسمه في يده يتحساه في نار جهنم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: من حسا سماً فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً) ]. استعمال السم حرام؛ لأنه ضرر، وفيه قتل للنفس، وفي هذا الحديث: (أن من حسا سماً ومات به فإنه يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً)، وهذا الخلود الأبدي نسبي وليس كخلود الكفار الذي ليس له نهاية، فكل من مات غير مشرك بالله عز وجل فأمره إلى الله: إن شاء عفا عنه ولم يعذبه، وإن شاء تعذيبه فإنه يعذبه ويطهره، ثم بعد ذلك يخرجه من النار ويدخله الجنة، ولا يبقى في النار أبد الآباد إلا الكفار الذين هم أهلها. وهذا الحديث فيه أن الجزاء من جنس العمل، فكما استعمل السم في الدنيا فإنه يعذب به بأنه يتحساه في نار جهنم، ويكون على هذه الحال خالداً مخلداً أبداً، أي: خلوداً نسبياً، وليس خلوداً مؤبداً.

تراجم رجال إسناد حديث (من حسا سماً فسمه في يده يتحساه في نار جهنم)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا أبو معاوية ]. أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. أبو صالح ذكوان السمان المدني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ] مر ذكره.

شرح حديث النهي عن التداوي بالخمر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا شعبة عن سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه رضي الله عنه أنه ذكر طارق بن سويد أو سويد بن طارق رضي الله عنه: (سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الخمر فنهاه، ثم سأله فنهاه، فقال له: يا نبي الله! إنها دواء، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: لا، ولكنها داء) ]. والمعنى: أن فيها إثماً وضرراً فلا يجوز التداوي بها، وهذا يدل على أن الحرام لا يجوز التداوي به، وإنما يبحث عن دواء طيب ليس بمحرم.

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن التداوي بالخمر


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ]. سماك بن حرب صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن علقمة بن وائل ]. علقمة بن وائل صدوق أخرج له البخاري في رفع اليدين ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وائل بن حجر رضي الله عنه، وهو صحابي أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ قال: ذكر طارق بن سويد أو سويد بن طارق ]. هو صحابي، أخرج له أبو داود وابن ماجة . وعلقمة بن وائل ذكر الحافظ أنه لم يسمع من أبيه، ولكن الصحيح أنه قد سمع منه؛ لأن مسلماً روى عنه في صحيحه عن أبيه، ومسلم إنما يورد في كتابه الأحاديث المتصلة الصحيحة، وأما أخوه عبد الجبار فلم يسمع من أبيه.

شرح حديث (إن الله أنزل الداء والدواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبادة الواسطي حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم عن أبي عمران الأنصاري عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء؛ فتداووا، ولا تتداووا بحرام) ]. أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أنزل الداء والدواء، وجعل لكل داء دواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام)، وهذا يدل على أن الحرام لا يجوز التداوي به، وفيه أن لكل داء دواء علمه من علمه، وجهله من جهله، لكن يتداوى بما هو مباح، ولا يتداوى بما هو محرم، ولهذا قال: (ولا تتداووا بحرام)، فأرشد إلى التداوي، ونهى عن التداوي بالحرام. وهذا الحديث في إسناده رجل مستور، ولكن معناه صحيح، ويشهد له ما جاء من الأحاديث التي تدل على عدم التداوي بالحرام، كحديث (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها).

تراجم رجال إسناد حديث (إن الله أنزل الداء والدواء، فتداووا ولا تتداووا بحرام)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبادة الواسطي ]. محمد بن عبادة الواسطي صدوق، أخرج له البخاري وأبو داود وابن ماجة . [ حدثنا يزيد بن هارون ]. يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا إسماعيل بن عياش ]. إسماعيل بن عياش صدوق في روايته عن الشاميين، ومخلط في غيرهم، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن ثعلبة ]. ثعلبة بن مسلم مستور، وهو من الشاميين، ورواية إسماعيل عن الشاميين مقبولة، ولكن المروي عنه مستور، أي: مجهول الحال، وقد أخرج حديثه أبو داود وابن ماجة في التفسير. [ عن أبي عمران الأنصاري ]. وهو صدوق أخرج له أبو داود . [ عن أم الدرداء ]. هي أم الدرداء الصغرى، واسمها هجيمة ، وهي ثقة، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الدرداء ]. أبو الدرداء هو عويمر رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الأسئلة



حكم التداوي بالحرام


السؤال: هل يجوز التداوي بالحرام للضرورة كما يجوز أكل الميتة للمضطر؟ الجواب: هذا ليس من هذا القبيل؛ لأن الاضطرار للميتة يكون من أجل إنقاذ الحياة، فالأكل منها به قوام البدن، وأما المريض فلا يستعمل الدواء المحرم حتى ولو جرب أنه فيه شفاء، وإنما يبحث عن أدوية طيبة.


حكم تشريح الضفدع في المختبر


السؤال: ما حكم تشريح الضفدع في المختبر، حتى يجرى عليها التجارب؟ الجواب: إذا لم يقتل فلا بأس به، ويخدر حتى لا يكون فيه إيذاء، وفي هذا فائدة ومصلحة، وليس فيه تداو ولا أكل.


حكم استعمال السم للتداوي


السؤال: هل الحديث مناسب للباب؛ لأن المقصود من يستعمل السم للانتحار، وليس للتداوي؟ الجواب: الحديث جاء في استعمال السم، ومعلوم أن السم يقتل، لكن إذا كان يسيراً يتعالج به فإنه لا يصل إلى حد القتل، فيدخل تحت هذا الباب إذا كان يسيراً لا يؤدي إلى القتل، فالتعالج به محرم ولو لم يقتل نفسه.


حكم الأدوية المستخرجة من الحيوانات المحرمة


السؤال: ما الحكم إذا عرف أن بعض الأدوية تستخرج من بعض الحيوانات المحرمة الأكل؟ الجواب: لا يجوز استعمالها، لحديث: (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها)، وفي الحديث الآخر: (نهى عن قتل الضفدع) أي: ليجعل في الدواء.

تمرة العجوة


شرح حديث (ائت الحارث بن كلدة... فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة..)


قال المصنف رحمة الله تعالى: [ باب في تمرة العجوة. حدثنا إسحاق بن إسماعيل حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن سعد رضي الله عنه أنه قال: (مرضت مرضاً أتاني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعودني، فوضع يده بين ثديي حتى وجدت بردها على فؤادي، فقال: إنك رجل مفئود، ائت الحارث بن كلدة أخا ثقيف فإنه رجل يتطبب، فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة فليجأهن بنواهن ثم ليلدّك بهن) ]. أورد أبو داود باب في تمرة العجوة، والعجوة نوع من تمر المدينة. وهذا الحديث أورده أبو داود عن سعد بن أبي وقاص أنه مرض، وأن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه يعوده، فوضع يده بين ثدييه، وقال: (إنك مفئود) هو وجع الفؤاد، مثل مبطون وجع البطن، ومرءوس وجع الرأس. وقال: (ائت الحارث بن كلدة من ثقيف فإنه يتطبب، فليأخذ سبع تمرات من عجوة فليجأهن مع نواهن) أي: يخلطهن ويدقهن مع النوى، قال: (ثم ليلدّك بهن) واللدود هو ما يوضع في الفم من جنس السعوط، ويقال له أيضاً: الوجور. وهذا الحديث غير ثابت ؛ لأن فيه انقطاعاً بين مجاهد وبين سعد رضي الله عنه.

تراجم رجال إسناد حديث (ائت الحارث بن كلدة... فليأخذ سبع تمرات من عجوة المدينة..)


قوله: [ حدثنا إسحاق بن إسماعيل ]. ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا سفيان ]. سفيان بن عيينة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن أبي نجيح ]. عبد الله بن أبي نجيح ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مجاهد ]. مجاهد بن جبر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد ]. هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، أحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا أبو أسامة حدثنا هاشم بن هاشم عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر) ]. أورد أبو داود حديث سعد بن أبي وقاص : (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره في ذلك اليوم سم ولا سحر)، وهذا يدل على فائدة أكل هذا التمر في كل يوم سبع تمرات، وذلك أنه إذا تصبح فإنه يجعلها أول شيء يأكله، ولا يأكل قبلها شيئاً في الصباح، فإن في ذلك وقاية بإذن الله من السم والسحر في ذلك اليوم. وهذا الحديث أصل في باب الطب الوقائي، وهو أنه تستعمل أدوية من أجل الوقاية من شيء قد يحصل، وهذا مثل التطعيمات ضد الأمراض، فهذا الحديث يدل على أن مثل هذا العمل سائغ. والعجوة معروفة، وتكون في المدينة وفي غير المدينة، فلا بأس بأكل عجوة غير المدينة، ومن تصبح بسبع تمرات ليست عجوة فيرجى أن تحصل له هذه الوقاية من السم والسحر.

تراجم رجال إسناد حديث (من تصبح بسبع تمرات عجوة لم يضره ذلك اليوم سم ولا سحر)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. مر ذكره. [ حدثنا أبو أسامة ]. أبو أسامة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هاشم بن هاشم ]. هاشم بن هاشم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عامر بن سعد ]. عامر بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. سعد بن أبي وقاص وقد مر ذكره.

العلاق


شرح حديث (علام تذعرن أولادكن بهذا العلاق؟ عليكن بهذا العود الهندي...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في العلاق. حدثنا مسدد وحامد بن يحيى قالا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أم قيس بنت محصن رضي الله عنها أنها قالت: (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة، فقال: علام تدغرن أولادكن بهذا العلاق؟! عليكن بهذا العود الهندي فإن فيه سبعة أشفية منها ذات الجنب، يسعط من العذرة، ويلد من ذات الجنب). قال أبو داود : يعني بالعود: القسط ]. أورد أبو داود حديث أم قيس بنت محصن رضي الله تعالى عنها قالت: (دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بابن لي قد أعلقت عليه من العذرة) ]. العذرة هو: داء يكون في أقصى الحلق، وكانت المرأة تدخل أصبعها في حلقه فترفعه بإصبعها، فالرسول صلى الله عليه وسلم قال: (علام تدغرن أولادكن) يعني: بكونها ترفعه بإصبعها، وأرشد إلى استعمال العود الهندي الذي هو دواء، وقال: (فيه سبعة أشفية)، وذكر شيئين مما يتعلق بهذا المرض الذي يكون في الأطفال، وأنه يستعمل سعوطاً، وكذلك من ذات الجنب، وأنه يستعمل لدوداً يعني: من طريق الفم بالنسبة لعلاج ذات الجنب. والعذرة ليست التهاب اللوز، بل هو مرض آخر يسمى السقوط. [ قال أبو داود : يعني بالعود: القسط ]. القسط: هو العود الذي فيه رائحة طيبة، وهو الذي جاء ذكره في حديث غسل الحائض وأنها تجعل قسطاً يطهر المكان.

تراجم رجال إسناد حديث (علام تذعرن أولادكن بهذا العلاق؟ عليكن بهذا العود الهندي...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي . [ وحامد بن يحيى ]. حامد بن يحيى ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا سفيان عن الزهري ]. مر ذكره، و الزهري هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن عبد الله ]. عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أم قيس بنت محصن ]. أم قيس بنت محصن رضي الله تعالى عنها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.

الأمر بالكحل


شرح حديث (إن خير أكحالكم الإثمد؛ يجلو البصر، وينبت الشعر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الأمر بالكحل. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (البسوا من ثيابكم البياض، فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم، وإن خير أكحالكم الإثمد، يجلو البصر، وينبت الشعر) ]. أورد أبو داود باباً في الكحل، يعني: في العلاج به لإصلاح العين وتقوية النظر. قوله: (ينبت الشعر ويجلو البصر) يعني: يصفيه، ويقويه، وينبت شعر الأهداب التي تنبت في أجفان العين، فهذا فيه إرشاد إلى أن الاكتحال فيه فائدة للعين من ناحية جلاء البصر وقوته، وكذلك أيضاً كونه ينبت شعر أهداب العين.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن خير أكحالكم الإثمد؛ يجلو البصر، وينبت الشعر)

قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم ]. عبد الله بن عثمان بن خثيم وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن سعيد بن جبير ]. سعيد بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. ابن عباس مر ذكره.

الأسئلة



حكم الاكتحال بالكحل الأسود للرجال


السؤال: الاكتحال بالكحل الأسود هل يعد تشبهاً بالنساء؟ الجواب: إذا كان للاستشفاء ولاستفادة العين فلا بأس به، وأما أن يفعله للتزين فقد يكون فيه تشبهاً بالنساء.


الاكتواء ينافي كمال التوكل

السؤال: كيف ينافي الاكتواء التوكل، والرسول صلى الله عليه وسلم قد أعان عليه؟ الجواب: هو ينافي كمال التوكل، ولا ينافي التوكل، ثم إن الحديث فيه: (لا يكتوون) ولم يقل: لا يستكوون كما قال في الاسترقاء: (لا يسترقون)، فالمراد نفي كونهم يحصل منهم فعل الكي.


استحباب لبس البياض خاص بالرجال


السؤال: قوله: (البسوا من ثيابكم البياض)، هل يدخل فيه النساء، فيسن لهن لبس البياض؟ الجواب: لا، إنما هذا للرجال.


حكم الاكتحال


السؤال: هل الاكتحال يعتبر سنة؟ الجواب: لا أعلم دليلاً يدل عليه.


الحجامة للحفظ

السؤال: هل تشرع الحجامة لأجل الحفظ؟ الجواب: حديث ابن عمر الذي فيه : (يزيد في العقل وفي الحفظ) لعله لمن احتاج إلى الاحتجام؛ لوجود الدم الفاسد فيه، وإذا أزيل الدم الفاسد فلا شك أنه فيه فائدة من ناحية صفاء الذهن، وقوة الحفظ، ولكن هذا لا يعني أن كل إنسان يحتجم من أجل أن يحفظ وهو ليس بحاجة إلى الحجامة، فالذي عافاه الله لا يحتاج إلى الحجامة ولا إلى العلاج، والحجامة هي علاج."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #746  
قديم 01-07-2025, 06:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [437]
الحلقة (469)




شرح سنن أبي داود [437]

لقد بين النبي صلى الله عليه وسلم خطورة بعض الأمور وحذر منها، بل وأرشد إلى علاجها ومن ذلك العين، فهي تدخل الرجل القبر والجمل القبر، ونهى عن تعليق التمائم.

ما جاء في العين


شرح حديث (العين حق)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في العين. حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام بن منبه هذا ما حدثنا أبو هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (العين حق) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في العين، أي: الإصابة بالعين، وهو ما يحصل لشخص من ضرر نتيجة نظر شخص إليه، فيحصل مع هذه النظرة بإذن الله ضرر بالمعين بسبب الحسد الذي يكون في العائن، وقد جاءت السنة بأن الإنسان إذا رأى شيئاً يعجبه يذكر الله ويدعو بالبركة لصاحبه، ويكون ذلك سبباً لعدم حصول الضرر منه بإذن الله. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (العين حق) يعني: الإصابة بالعين من قبل ذلك العائن الذي يكون عنده شيء من الحسد، فيحصل من نظرته ضرر للمعين بقضاء الله وقدره، وكل ما يقع في الكون هو بقضاء الله وقدره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وقد تؤدي به العين إلى الهلاك والموت. وقوله: (العين حق) أي: حصول الضرر بها حق وصحيح، والوقاية من ذلك أن الإنسان يدعو بالبركة لمن رأى فيه صفة أعجبته، وإذا حصل الحسد فالعلاج أن يتوضأ للمحسود، ويصب عليه من ذلك الماء الذي توضأ منه، وهذا من أسباب سلامته من هذه الإصابة بالعين، كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
صحيفة همام بن منبه

هذا الحديث من صحيفة همام بن منبه المشهورة التي تشتمل على أحاديث كثيرة، وكلها بإسناد واحد: عن عبد الرزاق عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة ، وهي تشتمل على مائة وأربعين حديثاً تقريباً، والفاصل بين كل حديث وحديث: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، ثم يذكر الحديث، ثم يقول: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، حتى ينتهي من هذا المقدار الكبير من الأحاديث بهذا الإسناد الواحد، وهذه الصحيفة صحيحة، وقد انتقى البخاري منها أحاديث، و مسلم انتقى منها أحاديث، وغيرهما كذلك رووا منها أحاديث كما عند أبي داود هنا، وكما سبق أن مر بنا بعض الأحاديث في ذلك. والمحدثون عندما يروون من هذه الصحيفة فبعضهم يسوق الإسناد إلى أبي هريرة ثم يذكر الحديث الذي انتقاه، دون أن تكون هناك إشارة إلى ما قبلها، وكأنه حديث مستقل، فيسوق الإسناد من أوله إلى آخره عن همام قال: هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذكر الحديث من هذه المائة والأربعين حديثاً التي اشتملت عليها هذه الصحيفة، فيأتي بالحديث على هذا الإسناد، والإسناد في الحقيقة ليس مسوقاً له فقط، بل لكل الأحاديث، وأول حديث في الصحيفة: (نحن الآخرون السابقون يوم القيامة)، ثم لا يكرر الإسناد في الأحاديث الأخرى، فأبو داود رحمه الله هنا أتى بالإسناد الذي في أول الصحيفة ثم أتى بالحديث الذي انتقاه، وهو: (العين حق)، وهو في أثناء الأحاديث الكثيرة. وأما الإمام مسلم رحمه الله فإن له طريقة عجيبة، وهي تدل على دقته وعنايته وتميزه على غيره في تحرير الأسانيد، والمحافظة على الألفاظ والمتون، فإنه يسوق الإسناد، وكل ما في صحيح مسلم من أحاديث الصحيفة هو من طريق شيخه محمد بن رافع النيسابوري عن عبد الرزاق حدثنا معمر عن همام قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فيأتي بجملة: فذكر أحاديث منها، ثم يأتي بالحديث الذي يريد، وهذا في غاية الوضوح والدقة؛ لأن الذي يقرأ هذا الكلام يعرف أن هذا الحديث ليس تالياً للإسناد، وإنما بينه وبين الإسناد أحاديث، وقد عبر عن هذا بقوله: فذكر أحاديث منها. وهذه الصحيفة مطبوعة مستقلة، وهي موجود في مسند الإمام أحمد في مسند أبي هريرة . ورواية البخاري و مسلم لأحاديث منها من أوضح الأدلة الدالة على أن البخاري و مسلماً رحمهما الله تعالى لم يستوعبا الأحاديث الصحيحة، ولم يقصدا الاستيعاب، فالأحاديث الصحيحة التي لم يخرجاها كثيرة، وهما لم يريدا الاستيعاب حتى يستدرك عليهما، فكون البخاري أخرج منها أحاديث، و مسلم أخرج منها أحاديث، واتفقا على أحاديث، وتركا منها أحاديث، هذا يدل على أنهما ما أرادا الاستيعاب؛ لأنهما لو أرادا الاستيعاب لرويا جميع أحاديث صحيفة همام ، ولم يتركا منها حديثاً؛ لأنها بإسناد واحد، وقد أخرجا منها أحاديث.
تراجم رجال إسناد حديث (العين حق)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن همام بن منبه ]. همام بن منبه ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.
شرح حديث (كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يؤمر العائن فيتوضأ) يعني: إذا أصاب العائن بعينه فإنه يتوضأ ثم يغتسل منه المعين، وهو الذي أصابته العين والمرض بسبب العين، فيغتسل العائن، ويرش على المعين، فيبرأ بإذن الله، وهذا هو العلاج الذي جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد جاء في قصة سهل بن حنيف رضي الله عنه أنه اغتسل ورآه عمرو بن ربيعة ، وكان سهل جلده أبيض، فقال عمرو : ولا جلد عذراء، فسقط، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمر عمراً أن يغسل وجهه ويديه وبعض أعضائه، ثم أمر أن يصب على سهل ؛ فشفي وعاد إلى حاله.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يؤمر العائن فيتوضأ ثم يغتسل منه المعين)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا جرير ]. جرير بن عبد الحميد الضبي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأعمش ]. هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إبراهيم ]. إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الأسود ]. الأسود بن قيس النخعي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الغيل


شرح حديث (لا تقتلوا أولادكم سراً، فإن الغيل يدرك الفارس ..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الغيل. حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة حدثنا محمد بن مهاجر عن أبيه عن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لا تقتلوا أولادكم سراً، فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه) ]. أورد أبو داود باب في الغيل، والغيل هو حصول الحمل من المرضع، فيكون اللبن غير مفيد، فيتضرر الصبي من رضاعه هذا اللبن. عن أسماء بنت يزيد بن السكن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقتلوا أولادكم سراً). وهذا ليس قتلاً مباشراً، ولكنه يؤدي إلى الضعف والهزال؛ بسبب شربه هذا اللبن الذي حصل معه الحمل فيتغير ولم يعد صالحاً للشرب، فهو يؤثر على صحة الولد حتى بعد أن يكبر ويركب الفرس، فإن الغيل يؤدي إلى ضعفه وسقوطه. ولكن هذا الحديث ليس بصحيح، وقد جاء ما يدل على جواز الغيل وأنه سائغ، ولكن إذا وجد الحمل فإنه يترك الرضاع؛ لأنه يؤدي إلى ضرر الطفل، فيجوز أن تجامع المرضع، وإن حصل حمل فإنها تترك الإرضاع؛ لأنه يضر الطفل، ويرضع بلبن آخر غير هذا اللبن الذي ينشأ عنه الضرر، والنساء تعرف هذا بالتجربة؛ ولهذا عندما تحمل المرأة تبادر إلى الامتناع عن إرضاع الطفل من ذلك اللبن الذي جاء معه الحمل. قوله: [ (لا تقتلوا أولادكم سراً، فإن الغيل يدرك الفارس فيدعثره عن فرسه) ]. معناه: أنه يجعله يسقط؛ بسبب الهزال والضعف الذي أصابه من شرب ذلك اللبن.
تراجم رجال إسناد حديث (لا تقتلوا أولادكم سراً، فإن الغيل يدرك الفارس...)

قوله: [ حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة ]. الربيع بن نافع أبو توبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا محمد بن مهاجر ]. محمد بن مهاجر ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو مقبول، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و ابن ماجة . [ عن أسماء بنت يزيد ]. أسماء بنت يزيد رضي الله عنها، وهي صحابية، أخرج حديثها البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن.
شرح حديث (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل قال: أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن جدامة الأسدية رضي الله عنها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يفعلون ذلك فلا يضر أولادهم). قال مالك : الغيلة أن يمس الرجل امرأته وهي ترضع ]. قوله: (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة) يعني: جماع المرأة المرضع؛ حتى لا يحصل حمل فيتضرر به الولد، ثم أخبر أن أهل فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضر أولادهم، فترك ذلك النهي، فدل أن للرجل أن يجامع امرأته وهي مرضع، ولكنه إذا حصل حمل فمعلوم بالتجربة أنه يؤثر، فإذا وجد حمل فإنه يرضع من جهة أخرى.
تراجم رجال إسناد حديث (لقد هممت أن أنهى عن الغيلة...)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ]. محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عروة بن الزبير ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. [ عن جدامة الأسدية ]. جدامة الأسدية وهي صحابية، أخرج لها مسلم وأصحاب السنن.
تعليق التمائم


شرح حديث (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في تعليق التمائم. حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن أخي زينب امرأة عبد الله عن زينب امرأة عبد الله عن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك. قالت: قلت: لم تقول هذا؟ والله! لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني، فإذا رقاني سكنت، فقال عبد الله : إنما ذاك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده فإذا رقاها كف عنها، إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً) ]. أورد أبو داود باباً في تعليق التمائم، والتمائم هي: حروز من خرز أو شيء مكتوب يوضع في جلد أو في وعاء تعلق على الصبي أو غير الصبي؛ من أجل أن يدفع عنه العين أو غير ذلك، وهذا العمل محرم، فلا يجوز للإنسان أن يعلق أو يتعلق تميمة، وإنما يأتي بالرقية الشرعية مع البعد عن الرقى الشركية أو البدعية التي تشتمل على أمور محظورة، أو على أمور مجهولة لا يدرى ما هي، وإنما يرقى بآيات القرآن، وبالأذكار والأدعية المباحة، سواءً جاءت بها السنة أو غيرها، فالمهم أن يكون كلاماً مستقيماً لا محذور فيه، ولا يكون الكلام فيه أسماء مجهولة لا تعرف مما يكون من لغة أخرى غير اللغة العربية ثم استعمله العرب؛ فإن ذلك يؤدي إلى المحذور، وقد يكون فيه شيء من الأمور المحرمة. والتمائم لا يجوز أن تعلق ولو كان فيها شيء من القرآن؛ لأن القرآن لا يعلق، ولم يأت دليل يدل جواز كتابته في شيء ثم يعلق على الصبيان وغير الصبيان، فهذا لا يجوز، ولم يثبت في ذلك سنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. أورد المصنف حديث عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)، والرقى المقصود بها: المحرمة، وهناك رقى مشروعة، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً)، والمقصود بذلك الرقى التي تشتمل على الشرك، أو على أمور مجهولة لا يدرى ما هي، فهذه هي التي يبتعد عنها، وأما الرقية بالقرآن وبالأذكار والأدعية المباحة فلا بأس بها؛ ولهذا قال: (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً). والتمائم هي: الأشياء التي تعلق سواءً كانت من القرآن أو غير القرآن، وتعليق شيء من القرآن لا يجوز؛ لأنه من تعليق التمائم، ولأن فيه امتهاناً للقرآن إذا علق على الطفل، فالطفل يتعاطى النجاسات ولا يتنزه منها، فيعرض القرآن ويعرض كلام الله عز وجل للإهانة. والتولة قيل: إنها شيء من السحر يكون به تحبيب المرأة إلى زوجها، أو تحبيب الرجل إلى زوجته، وكل هذا من عمل الشيطان، وهو لا يسوغ ولا يجوز. قوله: [ قالت زينب : لم تقول هذا؟ والله! لقد كانت عيني تقذف، وكنت أختلف إلى فلان اليهودي يرقيني، فإذا رقاني سكنت ]. تعني: أنه كان يخرج الدمع منها، وتخرج أشياء من عينها، فقال رضي الله عنه: إنما ذاك عمل الشيطان كان ينخسها بيده، فإذا رقاكِ سكنتْ، يعني: ليس الشفاء من هذا العمل، وإنما هو من عمل الشيطان فتنة للناس. قوله: [ (إنما كان يكفيك أن تقولي كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً) ]. يعني: يكفيك أن تدعي بهذا الدعاء الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (أذهب البأس رب الناس، اشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً).
تراجم رجال إسناد حديث (إن الرقى والتمائم والتولة شرك)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو معاوية ]. أبو معاوية محمد بن خازم الضرير الكوفي ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الأعمش ]. مر ذكره. [ عن عمرو بن مرة ]. عمرو بن مرة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن الجزار ]. يحيى بن الجزار صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن أخي زينب ]. قال الحافظ : كأنه صحابي. والشيخ الألباني صحح هذا الحديث، ولا أدري الشيخ الألباني على أي شيء بنى تصحيحه، وفيه هذا المبهم، والحديث لا إشكال فيه لكن القصة فيها شيء من الغرابة، وهي الذهاب إلى اليهودي، فذلك من أغرب الغرائب، وبماذا يرقي اليهودي؟ وكيف يرقي؟ فاليهود لا خير فيهم، وكل ينفق ما عنده، والظاهر عدم ثبوت هذه القصة، وأما الحديث المرفوع فهو صحيح، وكذلك الدعاء ثابت. [ عن زينب امرأة عبد الله ]. زينب امرأة عبد الله رضي الله عنها، وهي صحابية، أخرج لها أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله ]. عبد الله بن مسعود الهذلي رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (لا رقية إلا من عين أو حمة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن مالك بن مغول عن حصين عن الشعبي عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا رقية إلا من عين أو حمة) ]. أورد أبو داود حديث عمران بن حصين : (لا رقية إلا من عين أو حمة)، والعين هي إصابة العين، وهذا فيه دليل على أن علاج العين يكون بالرقية، وهذا علاج آخر غير اغتسال العائن. والحمة هي السم، والمراد حصول أذى من ذوات السموم كالعقرب والحية، فيعالج سمها بالرقية. وليس المقصود من قوله: (لا رقية إلا من عين أو حمة) أن الرقية مقصورة على العين والحمة، بل تكون فيها وفي غيرها، ولكن هذا فيه الإشارة إلى أن الرقية لهذين الشيئين -وهما ما يتعلق بالعين والحمة- أولى وأنفع، لا أن الرقية لا تجوز في غير ذلك، فقد رقى الرسول صلى الله عليه وسلم من بعض الأوجاع التي حصلت لأصحابه رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم من غير العين والحمة. إذاً: فهذا الحديث من الحصر النسبي وليس نفياً عاماً، وهو مثل الحديث الذي صححه الشيخ ناصر : (لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة) فهو لا يدل على نفي الاعتكاف في غيرها، وإنما المعنى: لا اعتكاف أتم وأكمل إلا فيها، وكذلك حديث: (إنما الربا في النسيئة) أي: إنما الربا الأشد، وإلا فربا الفضل لا يجوز أيضاً.
تراجم رجال إسناد حديث (لا رقية إلا من عين أو حمة)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الله بن داود ]. عبد الله بن داود الخريبي ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن مالك بن مغول ]. مالك بن مغول ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حصين ]. حصين بن عبد الرحمن ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الشعبي ]. عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمران ]. هو عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #747  
قديم 01-07-2025, 06:17 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [438]
الحلقة (470)





شرح سنن أبي داود [438]

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه من بعض الأمراض وعلم أمته ذلك، ووضع لذلك شروطاً حتى لا يخرج الأمر إلى الرقى الشركية التي كانت في الجاهلية. وفي رقيته صلى الله عليه وسلم نفسه، وتعليمه أمته دليل على الأخذ بالأسباب، وذلك لا ينافي التوكل، بل هو من صميم التوكل.
ما جاء في الرقى


شرح حديث: (اكشف البأس رب الناس)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في الرقى. حدثنا أحمد بن صالح و ابن السرح قال أحمد: حدثنا ابن وهب وقال ابن السرح : أخبرنا ابن وهب ، قال: حدثنا داود بن عبد الرحمن عن عمرو بن يحيى عن يوسف بن محمد، وقال ابن صالح : محمد بن يوسف بن ثابت بن قيس بن شماس عن أبيه عن جده رضي الله عنهما: (عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه دخل على ثابت بن قيس ، قال أحمد : وهو مريض، فقال: اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس ، ثم أخذ تراباً من بطحان فجعله في قدح ثم نفث عليه بماء وصبه عليه). قال أبو داود: قال ابن السرح : يوسف بن محمد، وهو الصواب ]. أورد أبو داود باب في الرقى، والرقى منها ما هو سائغ ومنها ما هو غير سائغ، فالسائغ ما كان بالقرآن وبالأذكار والأدعية المباحة، وغير السائغ ما كان فيه شرك وتعلق بغير الله، أو فيه أمور مجهولة بلغة غير معروفة، أو بكلام غير معروف. وأورد أبو داود حديث ثابت بن قيس بن شماس رضي الله تعالى عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء إليه يعوده وهو مريض، فقال: اكشف البأس رب الناس عن ثابت بن قيس بن شماس)، وهذا دعاء. قوله: [ (ثم أخذ تراباً من بطحان فجعله في قدح، ثم نفث عليه بماء وصبه عليه) ]. محل الشاهد قوله: (نفث عليه) يعني: نفث على الماء رقية، وصبه عليه، وهذا الحديث فيه دلالة على جواز النفث في الماء، وعلى الرقية في الماء واستعمال المريض لها، لكن هذا الحديث في إسناده ضعف؛ لأن فيه يوسف بن محمد وهو مقبول، وقد جاء عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها أثر صحيح في مصنف ابن أبي شيبة أنها كانت لا ترى بأساً أن يقرأ في الماء، ثم يسقى المريض أو يصب على المريض، وأما صب الماء على التراب فلم يأت إلا من هذه الطريق التي فيها يوسف ، فيكون غير ثابت، والذي ثبت هو أثر عائشة أنها كانت ترى أن ينفث في الماء، ويشربه المريض أو يصب على المريض.
تراجم رجال إسناد حديث (اكشف البأس رب الناس)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح ]. أحمد بن صالح المصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي في الشمائل. [ و ابن السرح ]. أحمد بن عمرو بن السرح وهو ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ قال أحمد: حدثنا ابن وهب ، وقال ابن السرح : أخبرنا ابن وهب ]. يعني: اختلفا في الصيغة، فالأول قال: حدثنا، والثاني قال أخبرنا، وكلاهما يروي عن ابن وهب ، وهو عبد الله بن وهب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا داود بن عبد الرحمن ]. داود بن عبد الرحمن وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن يحيى ]. عمرو بن يحيى المازني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يوسف بن محمد، وقال ابن صالح : محمد بن يوسف ]. محمد بن يوسف مقلوب، وقد رجح أبو داود أنه يوسف بن محمد ، وهو مقبول، أخرج له أبو داود. [ عن أبيه ]. وهو محمد بن ثابت له رؤية، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. هو ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي .
شرح حديث: (... لا بأس بالرقى مالم تكن شركاً)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني معاوية عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية فقلنا: يا رسول الله! كيف ترى في ذلك؟ فقال: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) ]. أورد أبو داود حديث عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال: كنا نرقي في الجاهلية، فقال عليه الصلاة والسلام: (اعرضوا علي رقاكم، لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً) فأتى بقاعدة عامة، وهذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم (لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً). إذاً: فالرقى تنقسم إلى قسمين: الأول: أن تكون شركاً أو تشتمل على شيء مجهول لا يدرى معناه، وقد يكون مشتملاً على شرك، فهذا لا يجوز الإتيان به. الثاني: ما كان فيه ذكر لله، وتلاوة القرآن، وأدعية مباحة، فهذا يجوز الرقية به.
تراجم رجال إسناد حديث: (... لا بأس بالرقى مالم تكن شركاً)


قوله: [ حدثنا أحمد بن صالح حدثنا ابن وهب أخبرني معاوية ]. معاوية بن صالح صدوق له أوهام، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عبد الرحمن بن جبير ]. عبد الرحمن بن جبير بن نفير ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عوف بن مالك ]. عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (ألا تعلِّمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي حدثنا علي بن مسهر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن صالح بن كيسان عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة عن الشفاء بنت عبد الله رضي الله عنها أنها قالت: (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأنا عند حفصة رضي الله عنها فقال لي: ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة) ]. أورد أبو داود حديث الشفاء بنت عبد الله رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي عند حفصة فقال لها: (ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة؟)، والنملة قروح تكون في الجنب وتعالج بالرقى، ولعل هذه الرقية التي كانت عند الشفاء كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمها، ولم يكن فيها شيء محذور، وكانت علمت حفصة الكتابة، وفي هذا دليل على جواز تعليم النساء الكتابة وأنه لا بأس بذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم أقر ذلك في هذا الحديث.
تراجم رجال إسناد حديث (ألا تعلّمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة)

قوله: [ حدثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ]. إبراهيم بن مهدي المصيصي مقبول، أخرج له أبو داود . [ حدثنا علي بن مسهر ]. علي بن مسهر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ]. عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح بن كيسان ]. صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ]. أبو بكر بن سليمان بن أبي حثمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن الشفاء بنت عبد الله ]. الشفاء رضي الله عنها، وحديثها أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و النسائي .
شرح حديث: (لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا عثمان بن حكيم حدثتني جدتي الرباب قالت: سمعت سهل بن حنيف رضي الله عنه يقول: (مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت فيه فخرجت محموماً، فنمي ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: مروا أبا ثابت يتعوذ، قالت: فقلت: يا سيدي! والرقى صالحة؟ فقال: لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة) ]. قوله: [ (مررنا بسيل فاغتسلت فيه، فخرجت منه محموماً، فنمي ذلك) ] يعني: بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم أنه دخل في السيل، وأنه خرج محموماً قد أصابته الحمى. قوله: (مروا أبا ثابت يتعوذ) أبو ثابت هي كنية سهل بن حنيف، ومعنى يتعوذ: يستعيذ بالله من الشيطان. قوله: [ (لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة) ]. النفس هي العين، والحمة هي حصول اللدغ من ذوات السموم، واللدغة بمعنى الحمة. وقول الرباب: (يا سيدي!) أي: أنها تخاطب سهل بن حنيف ، وهي ليست صحابية، ويحتمل أن القائل: (يا سيدي) هو سهل يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام. وقوله: (يتعوذ) لم يذكر الرقية، إلا أن يكون تعوذاً معه رقية. والحديث في سنده الرباب وهي مقبولة، فالحديث ضعيف من أجلها.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا رقية إلا في نفس أو حمة أو لدغة)

قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الواحد بن زياد ]. عبد الواحد بن زياد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عثمان بن حكيم ]. عثمان بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثتني جدتي الرباب ]. الرباب مقبولة، أخرج لها أبو داود و النسائي . [ سمعت سهل بن حنيف ]. سهل بن حنيف صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : الحمة من الحيات وما يلسع ]. يعني: وما يلسع من غير الحيات.
شرح حديث: (لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم يرقأ)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن داود حدثنا شريك ح وحدثنا العباس العنبري حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا شريك عن العباس بن ذريح عن الشعبي ، قال العباس: عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (لارقية إلا من عين أو حمة أو دم يرقأ). لم يذكر العباس العين، وهذا لفظ سليمان بن داود ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم يرقأ). وقد تقدم تفسير العين والحمة، ومعنى (دم يرقأ): دم ينزف كالرعاف، فتكون الرقية ليرقأ، أي: ليقف.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم يرقأ)

قوله: [ حدثنا سليمان بن داود ]. سليمان بن داود الزهراني أبو الربيع ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شريك ]. شريك بن عبد الله النخعي الكوفي وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ ح وحدثنا العباس العنبري ]. العباس العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا يزيد بن هارون ]. يزيد بن هارون الواسطي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا شريك عن العباس بن ذريح ]. العباس بن ذريح ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن الشعبي ]. هو عامر بن شراحيل مر ذكره. [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والشيخ الألباني ضعف هذا الحديث، ولا أدري وجه تضعيفه هل هو من جهة شريك أو لشيء آخر؟ وهذا الحديث يشهد له ما تقدم إلا قوله: (أو دم يرقأ).

الأسئلة



حكم أخذ فضلات العائن من الطعام والشراب


السؤال: هل يمكن أن يأخذ الإنسان نواة تمر أكلها العائن أو بقية شراب شربه العائن فيعطى للمعين؟ الجواب: لا بأس بهذا، وإذا أمكن ذاك الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم فهو الذي ينبغي، وإذا لم يمكن فله أن يأخذ شيئاً من فضلاته أو شيئاً من ثيابه التي أصابت جسده ويوجد فيها عرقه.

معنى وضوء العائن

السؤال: هل المقصود بالوضوء من العين الوضوء الشرعي أو الوضوء اللغوي؟ الجواب: الوضوء الشرعي، مع زيادة غسل ركبتيه.

الإصابة بالعين قد تكون من غير حسد


السؤال: هل تكون العين بدون حسد، بل بمجرد الإعجاب بالشيء وعدم التبريك عليه؟ الجواب: في الغالب أن العائن يكون فيه شيء من الحسد، ولكن قد تحصل الإصابة بالعين من صديق.

علاج العين توقيفي

السؤال: هل علاج العين خاضع للتجربة أم هو توقيفي؟ الجواب: الذي جاءت به السنة توقيفي؛ لأن هذا تشريع وبيان من الرسول صلى الله عليه وسلم أن العلاج يحصل بهذه الطريقة.

حكم قول يا سيدي

السؤال: هل يجوز أن يقول الإنسان لشخص آخر: يا سيدي؟ الجواب: نعم جائز، ولكن لا يصلح أن الإنسان يقوله كثيراً ولا يتلفظ إلا به؛ لأنه ما كان معروفاً عن الصحابة أنهم كانوا يخاطبون الرسول صلى الله عليه وسلم بهذه المخاطبة، وإنما كما في كتب الحديث المختلفة التي تنتهي أسانيدها للرسول صلى الله عليه وسلم، يقول الواحد منهم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، أمر رسول الله، وما كانوا يقولون: سمعت سيدي رسول الله أو نهى سيدي رسول الله، ولاشك أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو سيد البشر وخير الناس وأفضلهم، وله كمال السؤدد البشري، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولكن السلف لم يكن هذا من شأنهم، وإذا قيل ذلك في بعض الأحيان فلا بأس.

حكم رقية الرجل للمرأة

السؤال: هل يجوز أن يرقي الراقي النساء، ويضع يده على ناصيتهن؟ الجواب: لا يجوز له أن يمس أجسامهن، لكن يرقي من غير أن يمس.

وجوب تبييت نية صيام القضاء


السؤال: امرأة عليها أيام من رمضان، ونوت أن كل صوم تصومه هو من ذلك القضاء، لكنها في يوم الصيام تنسى هذه النية، وأحياناً لا تنوي إلا بعد الفجر، فهل يحتسب من أيام القضاء؟ الجواب: لابد أن تنوي قبل طلوع الفجر من الليل.

معنى يغسل داخلة إزاره

السؤال: ما معنى ما جاء في بعض الأحاديث: (يغسل داخلة إزاره) ؟ الجواب: يعني: الذي يلي جسده؛ لأن الإزار له ظاهر وباطن، والباطن يلي الجسد، والخارج هو الذي لا يلي الجسد.

إصابة الأعمى بالعين

السؤال: هل يصيب الأعمى بالعين؟ الجواب: لعله يصيب إذا سمع عن شيء أعجبه ولم يبرك عليه، والعين تكون من نفس الشخص العائن، ولكن في الغالب تكون بنظر العين، وقد يصيب الأعمى عندما يكون في قلبه شيء من الحسد، فإذا سمع بشيء فيحصل منه -بإذن الله- شيء يصل إلى المعين.

حال حديث: (العين تدخل الجمل القدر)

السؤال: ما حال حديث: (العين تدخل الجمل القدر، والرجل القبر) ؟ الجواب: لا أدري، لكن العين لاشك أنها أحياناً تؤدي إلى الوفاة.

صيغة التبريك عند رؤية ما يعجب


السؤال: ما صيغة التبريك الذي نقوله عندما نخاف من العين؟ الجواب: يقول: ما شاء الله تبارك الله، بارك الله، اللهم بارك لي.

حكم أخذ فضلات العائن بالخفية

السؤال: إذا رفض العائن إعطاء شيء من فضلاته فهل تؤخذ منه بالخفية؟ الجواب: يؤخذ منه بالخفية، وادعاء أن العين من هذا قد يكون غير صحيح؛ لأن بعض الناس قد يتهم وهو بريء، فلو كان كل من وقع في النفس أنه أصاب بعينه طلب منه ذلك لكان فيه شيء، فكونه يؤخذ منه شيء بالخفية هو الأولى؛ لأنه يحصل به المقصود من غير أن يكون فيه إيذاء له، لاسيما إذا حصل منه شيء.

كيفية علاج المعين إذا لم يعلم من أصابه بالعين

السؤال: إذا لم يعرف الحاسد أو العائن فكيف يداوى المعين؟ الجواب: باللجوء إلى الله عز وجل وسؤاله، والله سبحانه وتعالى هو الذي بيده النفع والضر.

جواز أخذ فضلات العائن لعلاج المعين


السؤال: ما الدليل على أن المعين يأخذ من فضلات العائن؟ الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم أرشد أن يغتسل له، فمعنى ذلك أنه إذا أخذ شيء مسه جسده كسراويله أو قميصه أو طاقيته أو نوى التمر الذي أكله؛ فهذا من جنس ذلك الاغتسال الذي ينفع، فإذا لم يحصل الاغتسال أو كان الأمر ليس بواضح؛ فلا بأس أن يؤخذ منه بعض هذه الفضلات فيستعملها مع الماء.

كيفية اغتسال المعين

السؤال: كيف يكون اغتسال المعين، وهل يبدأ من الأعلى أم يبدأ من الأسفل من الرجل؟ الجواب: يبدأ من الأعلى.

حكم كتابة القرآن لشربه

السؤال: ما حكم كتابة القرآن في لوح ثم يغسل بماء ويشرب؟ الجواب: جاء هذا عن بعض السلف، وما أعلم دليلاً يدل عليه، فالأولى ألا يفعل.

نبات لعلاج المعين

السؤال: في بلادنا نبات إذا وضع على النار وشمه المعين شفي من العين بإذن الله، وهو نافع جداً، فما رأيكم في هذا؟ الجواب: ما أدري ما صحة هذا، لكن إن ثبت أن هذا دواء عن طريق التجربة وليس عن طريق المشعوذين فلا بأس باستعماله.

حكم من أقيمت صلاة العشاء وهو لم يصل الظهر والعصر والمغرب


السؤال: جاء رجل من السفر ولم يصل الظهر والعصر والمغرب، فماذا عليه إذا أقيمت صلاة العشاء وهو ما صلى هذه الصلوات؟ الجواب: عليه أن يبادر إلى أن يصلي ما أمكنه من الصلوات التي فاتت على الترتيب، وإذا أقيمت الجماعة، فيدخل معهم بنية الصلاة التي وقف عليها مما فاته، ثم بعد ذلك يصلي ما بقي عليه بعد الصلاة، وإن كانت التي سيصليها مع الإمام المغرب، فإنه لا يصلي معه أربعاً، بل إذا قام الإمام للرابعة فإنه يجلس، ثم يسلم معه. وإذا صلى وحده يقصر، وإذا صلى مع الإمام يتم، وإذا كان عنده عزم على أن يبقى في المدينة أكثر من أربعة أيام فإنه يتم الصلاة من أول ما يصل.

حكم أخذ نوى التمر الذي أكله العائن


السؤال: إذا كان الأمر في الرقية من العين توقيفي كما ذكرتم، ومعناه الاقتصار على ما ورد، فكيف يقال: يجوز أن يؤخذ شيء من نوى التمر الذي أكله؟ الجواب: لأنه مثل الاغتسال، فالمعنى واحد، من جهة أنه يغتسل شيئاً لامس جسده، فهذا الذي يؤخذ منه قد لامس جسده، فهو مثل الذي أرشد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم تماماً.

حكم لبس دبلة الخطوبة


السؤال: هل لبس الدبلة عند الخطوبة من التولة؟ الجواب: ليس من التولة ولكنه من تقليد الكفار، ومن الأشياء الوافدة على المسلمين، وإنما التولة شيء يصنعه السحرة ويزعمون أنه يحبب الزوجة إلى زوجها، ويكون مفتوناً بها، وأما الدبلة فهي من تقليد الكفار، والمحظور فيها تقليد الكفار.

قول ابن تيمية وابن القيم في كتابة الآيات للرقية


السؤال: ذكر ابن القيم و ابن تيمية رحمهما الله جواز كتابة الآيات على عضو كالجبهة من أجل الرقية، فهل يصح هذا؟ الجواب: ابن تيمية و ابن القيم أجازا أن يكتب القرآن في شيء ويغسل أو يمحى ثم يشرب، وهذا موجود في كتاب الطب من (زاد المعاد) لابن القيم، وفي كتاب (توضيح الدلالة في عموم الرسالة) لشيخ الإسلام ابن تيمية ."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #748  
قديم 01-07-2025, 06:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [439]
الحلقة (471)




شرح سنن أبي داود [439]

للرقية فائدة عظيمة وكبيرة لمن فعل ذلك على الوجه الشرعي، والرقية هي دعاء عظيم مشتمل على الثناء على الله عز وجل بأن يذهب المرض والألم، وتكون الرقية لمن هو بحاجة إليه.

كيفية الرقى


شرح حديث (اللهم رب الناس، مذهب البأس ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف الرقى؟ حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب قال: قال أنس -يعني لثابت -: ألا أرقيك برقية رسول صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال: بلى، قال: فقال: (اللهم! رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، اشفه شفاء لا يغادر سقماً) ]. قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب كيف الرقى؟ أي: بأي شيء تكون الرقية؟ وما هي الألفاظ التي يرقى بها؟ وذكر هذا الباب بعد الباب السابق الذي يدل على إثباتها، وبيان ما يجوز، وما لا يجوز، وأن ما كان شركاً أو بكلام غير معروف أو بأشياء مجهولة؛ لا يجوز، وما كان بالقرآن وبذكر الله عز وجل وبالأدعية، فإن ذلك سائغ، وبعد هذا ذكر هذه الترجمة التي هي في كيفية الرقية. وأورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال لثابت البناني ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: بلى، فقال: (اللهم رب الناس، مذهب البأس، اشف أنت الشافي، لا شافي إلا أنت، اشفه شفاءً لا يغادر سقماً). والرقية هي الإتيان بالرقية لمن هو بحاجة إليها، وأما إذا كان تعليماً فلا يقال لها: رقية، فالظاهر أنه كان به وجع. وهذا دعاء عظيم مشتمل على الثناء على الله عز وجل بين يدي الدعاء، وذلك بقوله: (اللهم رب الناس) فإنه توسل إلى الله عز وجل بربوبيته للناس أن يذهب البأس والمرض والوجع الذي ألم بالمرقي، ثم فيه ثناء على الله بأنه هو الشافي، وأنه لا شفاء إلا شفاءه، ويسأله أن يكون ذلك الشفاء الذي يحصل لا يغادر سقماً، يعني: لا يترك سقماً إلا أزاله، ويحصل منه الشفاء والعافية والصحة والسلامة التامة.
تراجم رجال إسناد حديث (اللهم رب الناس مذهب البأس ...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا عبد الوارث ]. عبد الوارث بن سعيد العنبري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد العزيز بن صهيب ]. عبد العزيز بن صهيب وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه خادم رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود ؛ لأن فيه أربعة رجال: مسدد و عبد الوارث و عبد العزيز بن صهيب و أنس بن مالك .
شرح حديث (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله القعنبي عن مالك عن يزيد بن خصيفة أن عمرو بن عبد الله بن كعب السلمي أخبره أن نافع بن جبير أخبره عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه: (أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال عثمان : وبي وجع قد كاد يهلكني- قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: امسحه بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل ما كان بي فلم أزل آمر به أهلي وغيرهم) ]. أورد أبو داود حديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبه وجع، فقال له: (امسحه بيمينك سبع مرات وقل: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد)، ومعنى ذلك أنه ينفث على نفسه مع اللمس والمسح، ويأتي بهذا الدعاء الذي جاء عن الرسول الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ففعل وبعد أن فعل هذا وجد الشفاء والعافية، فكان يأمر أهله وغيرهم بأن يصنعوا كما صنع؛ حتى يستفيدوا كما استفاد.
تراجم رجال إسناد حديث (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد)


قوله: [ حدثنا عبد الله القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن يزيد بن خصيفة ]. يزيد بن خصيفة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن عبد الله بن كعب ]. عمرو بن عبد الله بن كعب وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن. [ عن نافع بن جبير ]. نافع بن جبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن أبي العاص ]. عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه، وحديثه أخرجه مسلم وأصحاب السنن.
شرح حديث (ربنا الله الذي له ما في السماء تقدس اسمك ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملي قال: حدثنا الليث عن زيادة بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ له فليقل: ربنا الله الذي في السماء! تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين؛ أنزل رحمة من رحمتك، وشفاء من شفائك على هذا الوجع، فيبرأ) ]. أورد أبو داود حديث أبي الدرداء رضي الله عنه، وفيه صفة دعاء يرقى به، ولكن في إسناده زيادة، وهو ضعيف لا يحتج به، ولا يعول عليه. قوله: [ (من اشتكى منكم شيئاً أو اشتكاه أخ له) ]. يعني: أنه يرقي نفسه أو يرقي غيره بهذا الدعاء. قوله: [ (فليقل ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك) ]. المراد بالسماء العلو، وليس المراد بها السماء المبنية التي خلقها الله عز وجل، فإن الله تعالى فوق هذه المخلوقات، وهو فوق العرش، والعرش أعلى شيء في المخلوقات، والله تعالى فوقه مستوٍ عليه سبحانه وتعالى، فالمراد بالسماء العلو، وكل ما علا فإنه سماء، فما فوق العرش يقال له: سماء، والله تعالى في السماء، أي: فوق العرش. إذاً: فالله سبحانه وتعالى فوق العرش، والله في السماء أي: في العلو، وليس المراد السماء المبنية، ولا يجوز أن يتصور ذلك، فالله عز وجل لا يحويه مخلوق، بل هو أجل وأعظم من أن يحل في مخلوق أو يحويه مخلوق سبحانه وتعالى، وهذا مثل قول الله عز وجل: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16] أي: أأمنتم من في العلو، وفي حديث الجارية التي سألها الرسول صلى الله عليه وسلم: (أين الله؟ قالت: في السماء) أي: في العلو، فلا يجوز أن يفهم أن المراد بالسماء السماء المخلوقة التي هي دون العرش، فالسموات السبع دون العرش وتحت العرش. وبعض أهل العلم فسر (مَنْ فِي السَّمَاءِ) أي: على السماء، (ففي) بمعنى (على)، ومن أمثلة ذلك قوله عز وجل: وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ [طه:71] أي: على جذوع النخل، وليس المراد أنه يشق الجذوع ويدخلهم فيها، لكن تفسير السماء بالعلو أوضح. قوله: (تقدس اسمك) أي: أنه ذو قداسة، فهو منزه، واسمه منزه، وصفاته منزهة عن كل نقص وعيب. قوله: [ (أمرك في السماء والأرض) ]. يعني: أمر الله عز وجل نافذ في السماوات وفي الأرض، فله الخلق والأمر، وهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فأمره في السماوات وفي الأرض؛ لأن الأمر أمره، والخلق خلقه. قوله: [ (كما رحمتك في السماء فاجعل رحمتك في الأرض) ]. أي: أن الله عز وجل رحمته في السماء وفي الأرض، ولكن الذين في السماء -وهم الملائكة- معصومون، ولا يحصل منهم إلا طاعة الله عز وجل، وأما الذين في الأرض ففيهم من يطيع الله، وفيهم من يعصي الله عز وجل، فسأل الله أن تكون رحمته في الأرض بأن يحصل الخير الكثير، والنفع العميم، وليس معنى ذلك أن الأرض يكون كل من فيها مهتدياً ومستقيماً، فإن الله تعالى قضى وقدر أن يكون الناس فريقين: فريقاً في الجنة، وفريقاً في السعير، ولو شاء الله عز وجل أن يكون الناس جميعاً مهتدين لفعل، كما قال الله عز وجل: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ [الأنعام:149]، وقال: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة:13]، والرحمة العامة تحصل لكل أحد، بمعنى: أن يغدق عليهم النعم، ويوسع عليهم النعم، فهذه رحمة للمؤمنين والكفار، لكن هذا العطاء والإنعام يكون ابتلاءً وامتحاناً، فالله تعالى يبلو بالخير وبالشر كما قال: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]. قوله: [ (اغفر لنا حوبنا وخطايانا) ]. المقصود بالحوب الذنوب الكبيرة والعظيمة كما قال الله: إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا [النساء:2]، والخطايا هي الصغائر، فجمع بين الحوب وبين الخطايا ليعم الكبيرة والصغيرة، يعني: يغفر لنا ما كان صغيراً وما كان كبيراً من ذنوبنا ومعاصينا. قوله: [ (أنت رب الطيبين) ]. الله تعالى رب كل شيء ومليكه، لكن ذكر ربوبيته للطيبين مثل ربوبيته لجبريل وميكائيل وإسرافيل، فهو ثناء على الله عز وجل وتوسل بربوبيته لبعض خلقه. قوله: [ (أنزل رحمة من رحمتك وشفاء من شفائك على هذا الوجع) ]. أي: الذي يرقيه، ويدعو لحصول الشفاء منه.
تراجم رجال إسناد حديث (ربنا الله الذي في السماء تقدس اسمك ...)

قوله: [ حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملي ]. يزيد بن خالد بن موهب الرملي ثقة، أخرج حديثه أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيادة بن محمد ]. زيادة بن محمد، وقد يصحف إلى زياد؛ لأن اسم زياد هو الجادة المعروفة بخلاف زيادة فإن هذا الاسم غير مألوف، والتصحيف يكون من الشيء غير المألوف إلى الشيء المألوف، مثل نابت وثابت، فإن ثابتاً هو الجادة، ونابتاً على خلاف الجادة، وأحمد هو الجادة وأجمد بالجيم على خلاف الجادة، وأبا أناس على خلاف الجادة، وأبا إياس على الجادة، وهنا اسم زيادة غير مألوف وغير مشهور، والمشهور هو زياد. وزيادة هذا منكر الحديث، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن محمد بن كعب القرظي ]. محمد بن كعب القرظي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن فضالة ]. فضالة بن عبيد وهو صحابي، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن . [ عن أبي الدرداء ]. أبو الدرداء عويمر رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (كان يعلمهم من الفزع كلمات ..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (كان يعلمهم من الفزع كلمات: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وشر عباده، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون). وكان عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما يعلمهن من عقل من بنيه، ومن لم يعقل كتبه فأعلقه عليه ]. ثم أورد أبو داود حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم من الفزع كلمات: أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وأليم عقابه، ومن همزات الشياطين وأن يحضرون)، وكلمات الله هنا هي الكونية والشرعية، فالكلمات الشرعية هي كلامه الذي تكلم به، ومن ذلك القرآن، وكلام الله عز وجل الذي لا يتناهى ولا ينحصر، والكلمات الكونية مقاديره التي قدر بها الأشياء بقوله: كُنْ فَيَكُونُ [البقرة:117]، فهذه كلمات كونية، وكلها في غاية التمام، والله تعالى لا راد لحكمه، ولا راد لقضائه وقدره، فإرادته نافذة، ومشيئته نافذة، ولا يتخلف ما أراد الله كوناً أن يكون، وكذلك كلمات الله عز وجل الشرعية تامة في أخبارها فكلها صدق، وفي أوامرها ونواهيها فكلها عدل وحكمة، قال الله تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا [الأنعام:115] صدقاً في الأخبار، وعدلاً في الأحكام وفي الأوامر والنواهي. قوله: (من غضبه وأليم عقابه) يعني: من كونه يغضب، فمن صفاته سبحانه وتعالى الغضب، وينتج عن الغضب العقاب. (ومن همزات الشياطين وأن يحضرون) يعني: ما يحصل منهم من وسوسة، وأن يحضرون بأن يكونوا معه؛ لأنهم إذا ابتعدوا عن العبد فهو في خير، وإذا قربوا منه فهو في شر. قوله: [ وكان ابن عمرو يعلمها بنيه، ومن لم يعقل فإنه يكتبها ويعلقها عليه ] يعني: من لا يعرف أن يتكلم لصغره يعلقها عليه، وهذا الذي جاء عن ابن عمرو مخالف لما جاء في الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من النهي عن تعليق التمائم، وبيان أنها من الشرك، وهذا الأثر لم يثبت عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما؛ لأن فيه عنعنة ابن إسحاق ، ولكن هذا الدعاء جاء ما يدل عليه ويشهد له، وأما الأثر فليس بثابت، وهو مخالف لما جاء في الأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم من النهي عن التمائم. قوله في الحديث: (وأن يحضرون) مثل قوله تعالى: وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ [المؤمنون:98] والنون من (يحضرون) مكسورة، وهي بدون ياء بعدها، ولكونها في آخر الآية يوقف عليها ولا يتنبه الإنسان إلى حركتها؛ لأن الحركة لا تعرف إلا عن طريق الوصل، فقد يظن الإنسان أنها مفتوحة، ومثل هذه الآية الآية التي في آخر سورة الذاريات: فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ فَلا يَسْتَعْجِلُونِ [الذاريات:59] فالنون مكسورة، وقد يظن الإنسان أنها مفتوحة.
تراجم رجال إسناد حديث (كان يعلمهم من الفزع كلمات ..)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق المدني صدوق يدلس، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو وهو صدوق، أخرج له البخاري في جزء القرءة وأصحاب السنن. [عن أبيه ]. شعيب بن محمد وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. عبد الله بن عمرو بن العاص صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن أبي سريد الرازي أخبرنا مكي بن إبراهيم حدثنا يزيد بن أبي عبيد قال: (رأيت أثر ضربة في ساق سلمة رضي الله عنه فقلت: ما هذه؟ فقال: أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة ، فأتي بي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فنفث في ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة) ]. أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه رئي فيه مكان ضربة في رجله فسئل عنها، فقال: أصابتني في إحدى الغزوات مع الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال الناس: أصيب سلمة ، فجيء به إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فنفث عليه ثلاث نفثات فشفي فلم يشتك بعد ذلك، وليس في الحديث ذكر المرقي به، ولكن ذكر كيفية الرقية وأنها بالنفث.
تراجم رجال إسناد حديث (رأيت أثر ضربة في ساق سلمة ..)


قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ]. أحمد بن أبي سريج الرازي ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و النسائي . [ أخبرنا مكي بن إبراهيم ]. مكي بن إبراهيم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو من شيوخ البخاري الكبار الذين روى عنهم بعض الثلاثيات في صحيحة، فقد روى الثلاثيات عن بعض شيوخه الكبار المتقدمين الذين هم من أتباع التابعين، فـ البخاري إذا روى عن ثلاثة فهم صحابي وتابعي وتابع تابعي، فمكي بن إبراهيم من أتباع التابعين؛ لأنه يروي عن يزيد بن أبي عبيد وهو تابعي، و يزيد بن أبي عبيد يروي عن سلمة بن الأكوع وهو صحابي، فمكي بن إبراهيم أحد شيوخ البخاري الكبار الذين روى عنهم بعض الثلاثيات، والثاني أبو عاصم النبيل ، والثالث محمد بن عبد الله الأنصاري . [ حدثنا يزيد بن أبي عبيد ]. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سلمة ]. سلمة بن الأكوع رضي الله عنه صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث (تربة أرضنا بريقة بعضنا ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا زهير بن حرب و عثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد ربه -يعني ابن سعيد - عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول للإنسان إذا اشتكى، يقول بريقه ثم قال به في التراب: تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربنا) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى أحد يقول بريقه -أي: أنه يضع إصبعه على ريقه فيصيبه البلل- ثم يضعه على التراب، ثم يمسح به على المكان الذي فيه الوجع، والإصبع يكون فيها ببلل، والبلل علق به تراب من الأرض، ثم بعد ذلك ينفث مع تحريك الإصبع. قوله: (تربة أرضنا، بريقة بعضنا، يشفي سقيمنا، بإذن ربنا). قوله: (تربة أرضنا) قيل المقصود بها: سائر الأرض، فهذا يفعل في كل مكان، ومنهم من يقول: المراد بها تربة المدينة، وتعميمه أظهر؛ لأنه لم يأت شيء يبين أن هذا خاص بالمدينة وأنه لا يستعمل إلا في المدينة. قوله: (يشفي سقيمنا) أي: يشفي الله سقيمنا، فالفاعل هو الله، والسقيم هو المفعول به، وإن كان الضبط بالضم فالسقيم المشفي نائب فاعل، أي: يُشفى سقيمنا.
تراجم رجال إسناد حديث (تربة أرضنا بريقة بعضنا ..)


قوله: [ حدثنا زهير بن حرب ]. زهير بن حرب أبو خيثمة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي . [ و عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا سفيان بن عيينة ]. سفيان بن عيينة المكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد ربه يعني ابن سعيد ]. عبد ربه بن سعيد هو أخو يحيى بن سعيد الأنصاري المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرة ]. عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية وهي ثقة مكثرة من الرواية عن عائشة ، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (خذها فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن زكريا قال: حدثني عامر عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه رضي الله عنه (أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأسلم، ثم أقبل راجعاً من عنده فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد، فقال أهله: إنا حدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير، فهل عندك شيء تداويه؟ فرقيته بفاتحة الكتاب فبرئ، فأعطوني مائة شاة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته فقال: هل إلا هذا؟ وقال مسدد في موضع آخر: هل قلت غير هذا؟ قلت: لا، قال: خذها، فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن عم خارجة بن الصلت رضي الله تعالى عنه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم، ورجع فلقي قوماً عندهم رجل مجنون به مس موثق بالحديد، فقالوا إنك جئت من عند هذا الرجل فهل عندك من شيء تعالجه به؟ فقال: نعم، فرقاه بفاتحة الكتاب فشفي، فأعطوه مائة من الغنم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (خذها، فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)، وهذا يدل على مشروعية الرقية بفاتحة الكتاب، وأن أخذ شيء على الرقية سائغ؛ لأن هذا من قبيل العلاج، ومعلوم أن العلاج يكون بالقرآن وغير القرآن كالأدعية والأدوية التي أودع الله تعالى فيها الشفاء، علمها من علمها، وجهلها من جهلها، فأخذ الأجرة مقابل ذلك لا بأس به. قوله: [ فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: (هل إلا هذا؟) ]. يعني: ألم يحصل منك غير هذا الذي قلته من الرقية بفاتحة الكتاب؟ قوله: [ وقال مسدد في موضع آخر (هل قلت غير هذا؟ قلت: لا، قال: خذها) ]. أي: أن الرسول صلى الله عليه وسلم أراد التحقق من أن الرقية إنما كانت بهذا الأمر السائغ، وأنه ليس هناك شيء وراءه مما يحذر، فقد اقتصر على الرقية بفاتحة الكتاب، وفاتحة الكتاب من خير ما يرقى به؛ لأنها أم القرآن، وأم الكتاب، وفاتحة القرآن. قوله: [ (قال: خذها، فلعمري) ]. وهذا فيه دليل على أن (لعمري) ليست قسماً، وإنما هي من ألفاظ التأكيد يؤتى بها لتأكيد الكلام، وهي مثل لا جرم وحقاً وغير ذلك من العبارات التي يؤكد بها الكلام وليست بقسم، وقد جاءت في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وفي كلام الصحابة، وجاءت في كلام من بعدهم من التابعين وغيرهم إلى زمننا هذا، وقد كان الشيخ محمد بن إبراهيم رحمة الله عليه في بعض مؤلفاته يستعملها فيقول: لعمري كذا، ولعمري كذا، وقد قالها في رده على ابن محمود رحمه الله قاضي قطر الذي ألف كتاباً في جواز الرمي أيام التشريق قبل الزوال، فالشيخ محمد بن إبراهيم رد عليه في رسالة سماها (تحذير الناسك مما أحدثه ابن محمود في المناسك)، وعائشة رضي الله عنها قالت: لعمري ما أتم الله حج من لم يطف بين الصفا والمروة. وهؤلاء القوم الذين مر بهم هذا الصحابي كفار، بدليل قولهم: صاحبكم هذا، فهي تدل على أنهم ليسوا مسلمين، فهذه العبارة يقولها من ليس بمسلم، وقد جاء عن مسليمة أنه قال: إن صاحبكم كذا، ويريد النبي صلى الله عليه وسلم.
تراجم رجال إسناد حديث (خذها فلعمري لمن أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى ]. يحيى بن سعيد القطان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زكريا ]. زكريا بن أبي زائدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عامر ]. عامر بن شراحيل الشعبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن خارجة بن الصلت التميمي ]. خارجة بن الصلت التميمي مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عمه ]. هو علاقة بن صحار، وحديثه أخرجه أبو داود و النسائي . والحديث في سنده راو مقبول، لكن يشهد له حديث أبي سعيد الذي سيأتي.
شرح حديث الرقية بفاتحة الكتاب من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي قال: ح وحدثنا ابن بشار قال: حدثنا ابن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه رضي الله عنه: (أنه مر، قال: فرقاه بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية، فلما ختمها جمع بزاقه ثم تفل، فكأنما أنشط من عقال، فأعطوه شيئاً، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم..) ثم ذكر معنى حديث مسدد ]. هذه طريق أخرى، وفيها أنه فعل ذلك ثلاثة أيام، يعني: أنه يرقيه بكرة وعشية، وأنه كلما ختم السورة نفث، أي: أنه يقرأ ثم ينفث، فيكون النفث بعد القراءة، وبعد أن يحرك لسانه بالقراءة. قوله: [ (فكأنما أنشط من عقال) ] المقصود من ذلك سرعة قيامه، فالبعير إذا ربطت يده بالعقال وأراد أن يتحرك أو يقوم، فإن العقال يمنعه من ذلك، فإذا أحس بحل العقال ثار بسرعة؛ لأنه قد زال الشيء الذي كان يمنعه، فيضرب بهذا المثل لمن يقوم بسرعة ونشاط.
تراجم رجال إسناد الطريق الأخرى لحديث الرقية بفاتحة الكتاب


قوله: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ ]. عبيد الله بن معاذ ثقة، أخرج له البخاري و مسلم و أبو داود و النسائي . [ حدثنا أبي ]. معاذ بن معاذ ثقة، أخر له أصحاب الكتب الستة. [ ح وحدثنا ابن بشار ]. هو محمد بن بشار الملقب بندار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن جعفر ]. هو محمد بن جعفر الملقب غندر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن حجاج الواسطي ثم البصري وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن أبي السفر ]. عبد الله بن أبي السفر وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الشعبي عن خارجة بن الصلت عن عمه ]. مر ذكرهم.
شرح حديث (أما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله …)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زهير حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه أنه قال: سمعت رجلاً من أسلم قال: (كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء رجل من أصحابه فقال: يا رسول الله! لدغت الليلة فلم أنم حتى أصبحت، قال: ماذا؟ قال: عقرب، قال: أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك إن شاء الله) ]. أورد أبو داود حديث رجل من أسلم أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! لدغت الليلة فلم أنم حتى أصحبت يعني: أنه سهر بسبب وجع اللدغة حتى جاء الصباح، فقال: [ (أما إنك لو قلت حين أمسيت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضرك إن شاء الله) ] يعني: لم تضرك بمشيئة الله، وإذا شاء الله ذلك فإنه يقع. وقوله: (لم تضرك) يحتمل أن يكون المراد أنه لا يحصل اللدغ أصلاً أو أنه قد تحصل اللدغة لكن لا يحصل الضرر؛ لأنه قد يوجد السبب ويتخلف المسبب وهو الضرر.
تراجم رجال إسناد حديث (أما إنك لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله ..)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ثقة، أخرج له أو عمرة طاف أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. ذكوان السمان وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل من أسلم ]. هو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (لو قال أعوذ بكلمات الله التامة ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حيوة بن شريح حدثنا بقية حدثنا الزبيدي عن الزهري عن طارق -يعني ابن مخاشن- عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلديغ لدغته عقرب، فقال: لو قال: أعوذ بكلمات الله التامة من شر ما خلق لم يلدغ أو لم يضره) ]. هذا الحديث مثل الحديث السابق عن رجل من أسلم، فيكون جاء عن أبي هريرة وعن رجل من أسلم، ولا يلزم منه أن يكون الرجل الأسلمي المذكور هو أبو هريرة ؛ لأن أبا هريرة دوسي.
تراجم رجال إسناد حديث (لو قال أعوذ بكلمات الله التامة ..)


قوله: [ حدثنا حيوة بن شريح ]. حيوة بن شريح الحمصي وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا بقية ]. بقية بن الوليد وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا الزبيدي ]. محمد بن الوليد الزبيدي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ عن الزهري ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن طارق يعني ابن مخاشن ]. طارق بن مخاشن مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي في عمل اليوم والليلة. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
شرح حديث: (من أين علمتم أنها رقية؟)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: (أن رهطاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم انطلقوا في سفرة سافروها فنزلوا بحي من أحياء العرب، فقال بعضهم: إن سيدنا لدغ فهل عند أحد منكم شيء ينفع صاحبنا؟ فقال رجل من القوم: نعم والله إني لأرقي! ولكن استضفناكم فأبيتم أن تضيفونا، ما أنا براق حتى تجعلوا لي جعلاً، فجعلوا له قطيعاً من الشاء، فأتاه فقرأ عليه أم الكتاب ويتفل حتى برئ كأنما أنشط من عقال، قال: فأوفاهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقالوا: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستأمره، فغدو على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من أين علمتم أنها رقية؟! أحسنتم، اقتسموا واضربوا لي معكم بسهم) ]. أورد أبو داود حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وقد سبق أن مر في باب الإجارة، وهو بمعنى الحديث الذي مر قريباً، والقصة هذه مثل تلك القصة، إلا أن في هذه القصة أن الرجل ملدوغ، وفي تلك القصة أنه مجنون. والصحابي الذي رقى هو أبو سعيد نفسه، فللمتحدث أن يبهم نفسه، فيقول: قال رجل، وهو نفسه الذي قال، وهو صادق فيما يقول، ولكنه أبهم نفسه فبدلاً من أن يقول: قلت أو فعلت يأتي بالفاعل مبهماً.

تراجم رجال إسناد حديث (من أين علمتم أنها رقية؟)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا أبو عوانة ]. أبو عوانة الوضاح بن عبد الله اليشكري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بشر ]. هو جعفر بن إياس بن أبي وحشية ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المتوكل ]. أبو المتوكل الناجي هو علي بن داود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث (كل فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ح وحدثنا ابن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه رضي الله عنه أنه قال: (أقبلنا من عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأتينا على حي من العرب فقالوا: إنا أنبئنا أنكم قد جئتم من عند هذا الرجل بخير، فهل عندكم من دواء أو رقية فإن عندنا معتوهاً في القيود؟ قال: فقلنا: نعم، قال: فجاءوا بمعتوه في القيود، قال: فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية كلما ختمتها أجمع بزاقي ثم أتفل فكأنما نشط من عقال، قال: فأعطوني جعلاً، فقلت: لا، حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: كُلْ، فلعمري من أكل برقية باطل لقد أكلت برقية حق) ]. هذا الحديث تقدم بمعناه، إلا أنه فيه زيادة بعض الكلمات. وكان المناسب أن يكون تابعاً للحديث السابق، لا سيما وإسنادهما واحد.
شرح حديث (كان إذا اشتكى يقرأ في نفسه بالمعوذات وينفث ..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا اشتكى يقرأ في نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها) ]. أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أصابه وجع يقرأ في نفسه -يعني: هو نفسه يقرأ وينفث- فلما ثقل كانت تقرأ عليه وتنفث في يده، ثم تمسح بها رجاء بركتها). وقولها: (في نفسه) أي: هو الذي يتولى هذا، وليس معنى ذلك أنه يقرأ في نفسه حديث نفس ولا ينطق ولا يتكلم، بل يقرأ سراً لا جهراً، فإن القراءة في النفس لا تسمى قراءة، وإنما القراءة تكون بتحريك اللسان والشفتين، ولا تكون بأن يستعرض الإنسان القرآن في باله، فقراءة القرآن لابد فيها من تحريك اللسان؛ ولهذا جاء في القرآن: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ [القيامة:16-17]، فكان النبي عليه الصلاة والسلام عندما يلقاه جبريل عليه السلام يحرك لسانه يخشى أن يفوته شيء، فالله عز وجل قال له: (( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ )), وإذا انتهى جبريل فإنه يكون قد حفظ ذلك الذي ألقي عليه، فلست بحاجة إلى تحريك اللسان، وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يصلون وراءه في الصلاة السرية، ويعرفون قراءته باضطراب لحيته، واضطراب اللحية لا يكون إلا عن طريق تحريك اللسان، فهذه هي القراءة السرية، وأما حديث النفس فلا يقال له: كلام، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم أو تعمل). قوله: [ (فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده؛ رجاء بركتها) ]. يعني: كانت هي تقرأ وتمسح جسده بيده بدلاً من يدها؛ رجاء بركة يده صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
تراجم رجال إسناد حديث (كان إذا اشتكى يقرأ في نفسه بالمعوذات وينفث ..)


قوله: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب ]. مر ذكرهم. [ عن عروة ]. عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة ]. مر ذكرها."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #749  
قديم 01-07-2025, 06:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [440]
الحلقة (472)




شرح سنن أبي داود [440]

علم النجوم منه ما يباح ومنه ما يحرم، فالمباح هو العلم بها لمعرفة الأوقات والجهات، والمحرم هو أن يعتقد أن لها تأثيراً في المخلوقات، وهذا كفر بالله تعالى، وهو من السحر الذي هو من الموبقات.
السِّمْنة


شرح حديث عائشة: (أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السِّمْنة. حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا نوح بن يزيد بن سيار حدثنا إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم أقبل عليها بشيء مما تريد حتى أطعمتني القثاء بالرطب، فسمنت عليه كأحسن السمن) ]. والمراد بالسمنة هنا: تعاطي الشيء الذي يكون به السِّمَن، والمراد السِّمَن المقبول الذي ليس فيه مضرة على صاحبه، فإن السِّمَن الشديد الذي يترتب عليه مضرة على صاحبه ليس بمحمود. وأورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن أمها أرادت أن تسمنها تمهيداً لإدخالها على النبي صلى الله عليه وسلم وزفافها إليه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فلم تقبل على الشيء الذي تعطيها إياه من أجل أن يسمنها، أي: لا توافق ولا ترضى بأنواع الأشياء التي تعطيها إياها لتسمن بها، فأعطتها القثاء والرطب فوافقت عليه، فسمنت أحسن ما يكون السمن، وهو السِّمَن الذي فيه منفعة دون مضرة.
تراجم رجال إسناد حديث عائشة (أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول الله ..)


قوله: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس ]. هو محمد بن يحيى بن فارس الذهلي النيسابوري ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا نوح بن يزيد بن سيار ]. نوح بن يزيد بن سيار ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثنا إبراهيم بن سعد ]. إبراهيم بن سعد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق المدني صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة بن الزبير ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. وهو عروة بن الزبير بن العوام ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عائشة ]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الكاهن


شرح حديث (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول ..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في الكاهن. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد ح وحدثنا مسدد حدثنا يحيى عن حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم عن أبي تميمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من أتى كاهناً -قال موسى في حديثه- فصدقه بما يقول -ثم اتفقا- أو أتى امرأة، قال مسدد : امرأته حائضاً، أو أتى امرأة قال مسدد : امرأته في دبرها؛ فقد برئ مما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم) ]. أورد أبو داود باب في الكاهن، والكاهن: هو الذي يدعي علم الغيب ويخبر عن المغيبات، وغالباً ما يكون ذلك باستخدام شياطين الجن، ومن المعلوم أن شياطين الجن ينتقلون بسرعة إلى أماكن مختلفة، ويقفون على ما يمكنهم الوقوف عليه، ولكنهم لا يعلمون الغيوب، ولا يعلم الغيب على الإطلاق إلا الله سبحانه وتعالى، لكن لخفة وسرعة انتقالهم من مكان إلى مكان قد يعرفون الشيء الذي يكون في المكان، لكنهم لا يستطيعون أن يعرفوا كل شيء، أو أن يقفوا على كل شيء، قال الله تعالى في كتابه العزيز في قصة سليمان في سورة سبأ: فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ [سبأ:14]، فالجن لا يطلعون على كل غيب، ولكنهم قد يطلعون على بعض الغيوب حينما ينتقلون من مكان إلى مكان فيرون الشيء لخفتهم وسرعة انتقالهم، وإلا فإن الغيب على الإطلاق لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، فالله تعالى هو الذي تفرد بعلم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى. وأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول، أو أتى امرأته في دبرها، أو أتى امرأته وهي حائض فقد برئ مما أنزل الله على محمد) صلى الله عليه وسلم، وفي هذا الحديث وعيد شديد في حق من يتعاطى ذلك أو يحصل منه ذلك، وأنه قد وقع في أمر فاحش خطير، وقد جاء في بعض الراويات: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر مما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)، فإذا اعتقد أن الكاهن يعلم الغيوب، وصدقه بما يقول فقد كفر والعياذ بالله؛ لأن علم الغيب على الإطلاق من خصائص الله سبحانه وتعالى وحده، وإتيان المرأة في دبرها أو وهي حائض من أعظم المعاصي، ومن استحل ذلك فقد كفر.
تراجم رجال إسناد حديث (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول ..)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. هو موسى بن إسماعيل التبوذكي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. هو حماد بن سلمة بن دينار ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ ح وحدثنا مسدد ]. حرف ح يستعمل للتحويل من إسناد إلى إسناد آخر، و مسدد بن مسرهد البصري ثقة، أخرج حديثه البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. هو يحيى بن سعيد القطان البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حماد بن سلمة عن حكيم الأثرم ]. حكيم الأثرم فيه لين، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أبي تميمة ]. هو طريف بن مجالد ثقة، أخرج له البخاري و أصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
ما جاء في النجوم


شرح حديث: (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النجوم. حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و مسدد المعنى، قالا: حدثنا يحيى عن عبيد الله بن الأخنس عن الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد) ]. أورد أبو داود باب في النجوم، أي: في تعلم التنجيم، وعلم التنجيم حرام، ويكون كفراً وشركاً إذا اعتقد أن النجوم لها تأثير في المخلوقات وأنها فاعلة، وأما إذا أريد بعلم النجوم: معرفة الأوقات، ومعرفة الجهات كجهة القبلة، ومعرفة جهة السير في الليل؛ فإن هذا لا مانع منه، ولا بأس به، قال الله عز وجل: وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل:16]، وقال: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ [الأنعام:97]، والناس يستدلون بالنجوم على جهات السير، وعلى جهة القبلة, وإذا حصل لهم أن ضاعوا في أسفارهم نظروا في مطالع النجوم ومغاربها، ونظروا إلى النجوم الثابتة التي تكون مستقرة، فيعرفون بذلك جهة القبلة، ويهتدون إلى جهة السير، وكذلك يعرفون الشمال من الجنوب والشرق من الغرب بالنجوم، فإن النجوم تطلع من الشرق، وتغرب في الغرب، ويعرف بذلك أيضاً الشمال والجنوب، فهذا تعلمه لا بأس به، وإنما المحذور تعلم العلم الذي فيه اعتقاد أن الكواكب والنجوم تؤثر في الكون، فهذا هو الأمر المحرم. وأورد المصنف حديث ابن عباس : (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر زاد ما زاد)، وهذا في علم النجوم المذموم، وكما أن السحر مذموم، فهذا أيضاً مذموم. قوله: (زاد ما زاد) يعني: كلما زاد من هذا التعلم فإنه يزيد السحر.
تراجم رجال إسناد حديث: (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبة من السحر)


قوله: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ]. هو عبد الله بن محمد وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و مسدد ]. هو مسدد بن مسرهد مر ذكره. [ حدثنا يحيى عن عبيد الله بن الأخنس ]. يحيى القطان مر ذكره، وعبيد الله بن الأخنس صدوق أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الوليد بن عبد الله ]. الوليد بن عبد الله ثقة، أخرج له أبو داود و ابن ماجة . [ عن يوسف بن ماهك ]. يوسف بن ماهك ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي عليه الصلاة والسلام، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث زيد بن خالد: (.. أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال: (صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته، فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب) ]. أورد أبو داود حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى لهم -أي: صلى بهم- صلاة الفجر في الحديبية على إثر سماء كانت من الليل -يعني: على إثر مطر حصل في الليل-، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب)، أي: أنه نسب الفضل إلى الله، وأقر أن النعمة من الله، قال الله: وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا [إبراهيم:34]، وقال: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ [النحل:53]، فمن قال ذلك فقد أتى بالكلام الصحيح الصواب الحسن؛ لأنه نسب الفضل إلى المتفضل، ونسب النعمة إلى المنعم سبحانه وتعالى. قوله: (وأما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي، مؤمن بالكوكب) وقول: مطرنا بنوء كذا وكذا فيه تفصيل، فإن أريد بالنوء -وهو النجم- أنه مؤثر، وأن ما يحصل من مطر فهو من تأثير النجوم؛ فهذا كفر بالله عز وجل، وأما إذا أريد بذلك أن الله تعالى قدر وقضى وجرت العادة بأن الأمطار تكون في الأوقات الفلانية، وأنها تكثر في وقت كذا، وتقل في وقت كذا، أو أنها إذا جاءت في الشتاء والربيع فلها نفع في الزراعة، وأما إذا جاءت في الصيف فبسبب شدة الحرارة لا يكون لها الفائدة الكبيرة في نبت النبات وكثرة المراعي، فهذا سائغ لا بأس به، ولكن كون الإنسان ينسب ذلك إلى تلك الأوقات، دون أن يضيف ذلك إلى الله عز وجل يعتبر نقصاً، ولكن من قال: مطرنا بفضل الله ورحمته في الوقت الفلاني، أو في الزمن الفلاني، أو أن الله تعالى تفضل علينا وأنعم وجاد بالأمطار في هذا الموسم، أو في تلك المواسم، فهذا لا بأس به.
تراجم رجال إسناد حديث زيد بن خالد: (..أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر...)

قوله: [ حدثنا القعنبي ]. هو عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. هو مالك بن أنس إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [ عن صالح بن كيسان ]. صالح بن كيسان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله بن عبد الله ]. هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود المدني ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن خالد ]. هو زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في الخط وزجر الطير



شرح حديث: (العيافة والطيرة والطرق من الجبت)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الخط وزجر الطير. حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا عوف حدثنا حيان، قال غير مسدد : حيان بن العلاء، حدثنا قطن بن قبيصة عن أبيه رضي الله عنه أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول: (العيافة والطيرة والطرق من الجبت). الطرق: الزجر، والعيافة: الخط ]. أورد أبو داود باب في الخط وزجر الطير، أي: الخط في الأرض للتوصل إلى معرفة أمور مغيبة، وهذا عمل محرم باطل، ويكون ذلك باستخدام الشياطين، فالأمور المغيبة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، ولا تعلم بهذه الطرق الخبيثة السيئة، وزجر الطير هو من أجل أن يقدم الإنسان أو لا يقدم، فكانوا في الجاهلية إذا أراد الرجل سفراً زجر الطير، فإن طار إلى جهة اليمين تفاءل وأقدم على السفر، وإن طار إلى جهة الشمال تشاءم وامتنع من السفر. قوله: [ قال الرسول صلى الله عليه وسلم (العيافة والطيرة والطرق من الجبت) ]. العيافة هي الخط في الأرض، والطرْق هو زجر الطير، فيقدم بذهابها إلى جهة، ويحجم إذا ذهبت إلى جهة. والطيرة: هي التطير بالأشياء، فيتشاءم الإنسان ويتطير بالأشياء، فيقدم أو يحجم بناءً على أمر قد حصل له، ومن ذلك ما يحصل بالطير من زجرها وذهابها يميناً أو شمالاً، وقد يكون التطير بغير الطير كرؤية شيء لا يعجبه فيكون بذلك متشائماً، أو رؤية شيء يعجبه فيكون بذلك متفائلاً، فيترتب ذهابه وإيابه على ما يحصل له من زجر الطير أو التطير أو الخط بالأرض، وكل هذا محرم. والحديث في إسناده رجل متكلم فيه، وهو حيان بن العلاء وهو مقبول.
تراجم رجال إسناد حديث (العيافة والطيرة والطرق من الجبت)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا عوف ]. عوف بن أبي جميلة الأعرابي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حيان، وقال غير مسدد : حيان بن العلاء ]. حيان بن العلاء مقبول، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا قطن بن قبيصة ]. قطن بن قبيصة بن المخارق، وهو صدوق أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن أبيه ]. وهو قبيصة بن المخارق رضي الله عنه، وحديثه أخرجه مسلم و أبو داود و النسائي .
تفسير عوف للعيافة والطرق

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن بشار قال: قال محمد بن جعفر: قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط في الأرض ]. هذا تفسير من عوف بن أبي جميلة قال: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط في الأرض، وهو عكس التفسير الذي جاء في المتن. وهذا الأثر يسمى مقطوعاً في علم المصطلح، فالإسناد الذي ينتهي متنه إلى من هو دون الصحابي يقال له: مقطوع، وهذا غير المنقطع؛ لأن المقطوع من صفات المتون، وأما المنقطع من صفات الأسانيد، وإذا انتهى الإسناد إلى الصحابي يقال له: موقوف، وإذا انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع.
تراجم رجال إسناد تفسير عوف للعيافة والطرق


قوله: [ حدثنا ابن بشار ]. هو محمد بن بشار الملقب بندار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ قال محمد بن جعفر ]. محمد بن جعفر هو الملقب غندر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال عوف ]. مر ذكره.
شرح حديث: (كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الحجاج الصواف حدثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه أنه قال: (قلت: يا رسول الله! ومنا رجال يخطون؟ قال: كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك) ]. أورد أبو داود حديث معاوية بن الحكم السلمي ، وهو حديث طويل، ولكن أبا داود أورد هذه القطعة منه المتعلقة بالخط في الأرض؛ لأن الترجمة عن الخط وزجر الطير والعيافة، فأتى به من أجل الخط، والحديث بطوله في صحيح مسلم ، وفيه أنه شمت عاطساً وهو في الصلاة، فجعل الناس ينظرون إليه ويضربون على أفخاذهم، ثم بعد أن سلم الرسول صلى الله عليه وسلم قال له: (إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي ذكر الله والتسبيح وقراءة القرآن)، فسأله أسئلة وكان منها: (أن أناساً يأتون الكهان؟ قال: فلا تأتهم، قال: ومنا رجال يخطون؟ قال: قد كان نبي يخط، فمن وافق خطه فذاك) يعني: أن نبياً من أنبياء الله عز وجل أوحى الله إليه أن يقوم بهذا الخط، وأما غيره فليس له ذلك، ولهذا علق ذلك على أمر لا يمكن الوقوف عليه ومعرفته فقال: (فمن وافق خطه فذاك)، ومن المعلوم أنه لا يمكن لأحد أن يوافق ذلك الخط، فدل على أن الخط غير سائغ، فيكون هذا الحديث متفقاً مع النصوص الأخرى الدالة على أنه لا يستعمل الخط في الأرض، وإنما هو إخبار عن أمر غيبي قد مضى، فهذا تعليق على شيء لا يمكن الوصول إليه والوقوف عليه، والنتيجة أنه لا يجوز للإنسان أن يخط في الأرض.
تراجم رجال إسناد حديث: (كان نبي من الأنبياء يخط فمن وافق خطه فذاك)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن الحجاج الصواف ]. الحجاج الصواف ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني يحيى بن أبي كثير ]. يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هلال بن أبي ميمونة ]. هلال بن أبي ميمونة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء بن يسار ]. عطاء بن يسار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاوية بن الحكم السلمي ]. معاوية بن الحكم السلمي صحابي رضي الله عنه، وحديثه أخرجه البخاري في (جزء القراءة) و مسلم و أبو داود و النسائي .
الأسئلة



حكم تطييب حجرة الرسول عليه الصلاة والسلام


السؤال: ما حكم تطييب حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ الجواب: لا يشرع ذلك؛ لأنه لم يرد عن السلف أنهم كانوا يفعلون هذا، ولا تقاس الحجرة على الكعبة المشرفة.

مناسبة ذكر التطير في كتاب الطب


السؤال: ما هي مناسبة وضع الإمام أبي داود هذه الأبواب في كتاب الطب؟ الجواب: من هذه الأبواب ما له علاقة واضحة بالطب مثل العدوى، وأما الطيرة فهي من أمراض القلوب التي يكون لها تأثير على الأجسام، فذكرها في كتاب الطب مناسب.

معنى حديث (ويكثر فيهم السِّمَن)


السؤال: جاء في الحديث: (ويكثر فيهم السِّمَن) فما المراد؟ الجواب: جاء هذا في حديث (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم يأتي أناس يشهدون ولا يستشهدون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويظهر فيهم السمن)، والمقصود بالسمن الإقبال على الدنيا والانهماك والتوسع فيها حتى يحصل لهم السمن بسبب انشغالهم بالدنيا وافتتانهم بها.

حال حديث عائشة: (أرادت أمي أن تسمنني فأطعمتني القثاء والرطب)


السؤال: ما حال حديث عائشة المتقدم: (أرادت أمي أن تسمنني فأطعمتني القثاء والرطب)؟ الجواب: صححه الألباني.

حكم قراءة الأبراج في المجلات


السؤال: هل يدخل في إتيان الكهان قراءة المجلات التي فيها بروج الحظ؟ الجواب: كون الإنسان يقرؤها ويفتتن بها لا شك أنه من جنس إتيان الكهان، وقراءتها قد تؤثر فيه، فالابتعاد عنها فيه فائدة كبيرة للإنسان.

حكم من أتى كاهناً ولم يصدقه


السؤال: ما الحكم إذا أتى الإنسان الكاهنَ ولم يصدقه، أو شك في كلامه؟ الجواب: مجرد إتيانه حرام، وقد جاء في الحديث: (أنه لا تقبل له صلاة أربعين يوماً)، وهذه خسارة كبيرة.

حكم اغتيال الكهان في الدول الكافرة


السؤال: هل يجوز قتل الكهان في دول غير إسلامية؟ الإجابة: الاغتيالات لا تجوز؛ لأنه يترتب عليها مفاسد كثيرة، والكهان والسحرة يجب إحالتهم للقضاء، وتنفيذ ما يحكم به القاضي عليهم.

ولي من أسلمت وتريد الزواج


السؤال: امرأة مسلمة أصلها من فرنسا أسلمت وليس لها ولي، فهل يجوز لأحد المسلمين أن يقوم مقام وليها؛ لأنها ترغب في الزواج؟ الجواب: لا يكون الإنسان ولياً لها، لكن إذا كان عندهم مركز إسلامي يرجع إليه المسلمون في شئونهم فهذا المركز يتولى التزويج، أو سفارة بعض الدول الإسلامية عندهم تتولى تزويجها وتثبته.

حكم تسمية المطر بالنوء


السؤال: العامة يسمون المطر بالنوء، فيقولون: صب النوء، فما الحكم؟ الجواب: النوء هو النجم، فقد يكون هذا من باب تسمية الشيء باسم زمنه.

من أدعية نزول المطر


السؤال: قول: (مطرنا بفضل الله وبرحمته) هل هو من أدعية نزول المطر؟ الجواب: نعم.

حكم تعلم السحر دون العمل به


السؤال: ما حكم تعلم السحر دون العمل به؟ الجواب: لا يجوز أن يتعلم السحر لا للعمل به ولا لغير العمل به، بل يجب على الإنسان أن يحذره، ويحرق كتبه إذا وجدها ولا يحتفظ بشيء منها. ولا شك أنه علم خبيث ومحرم، وإذا تعلمه وعمل به فهو شر إلى شر، فمن تعلمه ليعمل به أو اعتقد حله فلا شك أن هذا كفر، ومن تعلمه فقط فهو على خطر عظيم وإن لم يكفر.

حكم من ذهب من المدينة إلى جدة لعمل ثم أحرم من جدة


السؤال: نحن نسكن في المدينة وأردنا العمرة، فتجاوزنا الميقات وذهبنا إلى جدة لبعض الأمور، ولما انتهينا من أغراضنا في جدة أحرمنا منها وذهبنا إلى مكة، فهل عمرتنا صحيحة؟ الجواب: هذا فيه التفصيل: إن كانت نية العمرة موجودة عندكم وأنتم في المدينة وكنتم عازمين على أن تعتمروا في هذه السفرة؛ فذهابكم إلى جدة للعمل لا يعفيكم من الإحرام من الميقات، فأنتم مخطئون في مجاوزته بلا إحرام، وأما إن كانت نية العمرة غير موجودة عندكم وأنتم في المدينة، ولكنها طرأت عليكم في جدة فلا بأس بذلك، وكذلك لو كان عندكم تردد إن تيسرت لكم العمرة اعتمرتم وإلا لم تعتمروا، ولم يحصل العزم؛ فلا بأس من العمرة من جدة."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #750  
قديم 01-07-2025, 06:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,410
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الإمارة
شرح سنن أبي داود [441]
الحلقة (473)




شرح سنن أبي داود [441]

الطيرة هي حصول التفاؤل أو التشاؤم في شيء ما، فيقدم عليه الإنسان إن حسناً ويحجم إن كان شراً، وهي تنافي التوكل على الله، والأخذ بالأسباب المشروعة، فعلى الأمر أن يعتمد على الله ويتوكل عليه ويأخذ بالأسباب المأمورة ويترك ما فيه شرك وإن جلب للإنسان خيراً فهو لا خير فيه، وإنما الخير والبركة في المشروع والمأمور به من الشارع.

ما جاء في الطيرة


شرح حديث: (الطيرة شرك...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في الطيرة. حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عيسى بن عاصم عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك (ثلاثاً)، وما منا إلا ولكن الله يذهبه بالتوكل) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في الطيرة، والطيرة هي حصول التشاؤم والتفاؤل، فالإنسان قد يقدم على شيء أو يحجم عنه بسبب هذا التطير. وأورد أبو داود حديث ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطيرة شرك، الطيرة شرك) ثم قال ابن مسعود : وما منا إلا، ولكن الله يذهبه بالتوكل، يعني: لا يسلم أحد أن يقع في ذهنه شيء من هذا، لكنه لا يكون بالتعويل على زجر الطير، أو الخط في الأرض أو ما إلى ذلك، فإن هذا محرم لا يسوغ، ولكنه قد ينقدح في ذهن الإنسان شيء مما يكون فيه مسرة أو مما يكون فيه مضرة، ولكن المسلم يعتمد على الله، ويضيف الأمور إلى الله عز وجل، ويتوكل عليه سبحانه وتعالى؛ فيزول ما ينقدح في ذهنه من الشيء الذي لا يريده ويبغضه، وذلك باعتماده على الله وتوكله عليه، وهذا الذي قد يعرض للإنسان ليس من قبيل التطير الذي ورد في الشرع بيان حرمته، من كون الإنسان يقدم أو يحجم بناءً على ما حصل له من زجر طير أو من رؤية شيء يسره أو يسوءه، فإن هذا لا يجوز للإنسان أن يبني عليه الإقدام أو الإحجام، وإنما يأخذ بالأسباب المشروعة، ويتوكل على الله سبحانه وتعالى، وما قدره الله وقضاه فلابد وأن يكون، فإن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
تراجم رجال إسناد حديث: (الطيرة شرك...)


قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سلمة بن كهيل ]. سلمة بن كهيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عيسى بن عاصم ]. عيسى بن عاصم وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن زر بن حبيش ] زر بن حبيش ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن مسعود ]. عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني و الحسن بن علي قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة، فقال أعرابي: ما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيخالطها البعير الأجرب فيجربها؟! قال: فمن أعدى الأول؟). قال معمر : قال الزهري : فحدثني رجل عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا يوردن ممرض على مصح، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة؟!) قال: لم أحدثكموه. قال الزهري : قال أبو سلمة : قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثاً قط غيره ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر)، فالعدوى المنفية هي اعتقاد أن الأمراض تنتقل بالاختلاط، وأنها معدية بطبعها، وهذا منفي بلا شك؛ لكن مخالطة المريض للصحيح قد يكون سبباً لانتقال المرض، ولكن ليس بلازم أن يكون ذلك، فقد يوجد السبب ويتخلف المسبب بإذن الله عز وجل، فاعتقاد أن العدوى حاصلة بالطبع وأنها شيء لازم، باطل وليس بصحيح، وأما اعتقاد أن مخالطة المريض للصحيح قد يجعله الله سبباً في انتقال العدوى فهذا صحيح، وقد يوجد الاتصال ولا توجد العدوى، ويبقى المريض مرضه فيه، ويسلم الصحيح من مرض المريض، فالأمر يرجع إلى مشيئة الله وإرادته، فإن شاء أن يعدي المريض أعدى، وإن شاء ألا يعدي لم يعد، لكن الأخذ بالأسباب مطلوب، وقد جاء في قصة عمر لما ذهب إلى الشام وقت الطاعون، فاستشار الصحابة في دخول الشام فاختلفوا، فمنهم من يقول: اقدم، ومنهم من يقول: لا تقدم، وانتهى أمره أنه لا يقدم، وبعد ذلك جاء عبد الرحمن بن عوف وأخبرهم بحديث: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه)، وجاء في الحديث: (فر من المجذوم فرارك من الأسد) وفي الحديث الآخر: (لا يورد ممرض على مصح)، ولا تعارض بين الأحاديث؛ لأن المنفي غير المثبت، فالمنفي هو اعتقاد أن الأمراض مؤثرة بطبعها، والمثبت هو الأخذ بالأسباب والوقاية، وعدم التعرض لشيء قد يحصل بسببه شيء من المضرة، وقد يتخلف الضرر مع وجود الاتصال والاحتكاك بالمريض؛ ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلام قال رجل: ما شأن الإبل تكون في الرمل كالظباء -يعني في صحتها، وقوتها، ونشاطها، وسرعة انتقالها وتحركها- ثم يكون معها البعير الأجرب فيحصل لها الجرب؟! فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب بجواب عظيم فقال: (فمن أعدى الأول؟!) يعني: أول بعير حصل له الجرب من الذي أعداه؟! فهو ما كان أجرب، ولكن الجرب حصل بتقدير الله عز وجل، بدون أن يكون هناك اتصال بين مريض وصحيح، وهذا يبين أن الأمور كلها ترجع إلى الله عز وجل، فالذي جعل البعير الأول يجرب بدون مخالطة بعير مريض هو الذي يجعل البعير إذا خالط الصحيح يمرض وقد لا يمرض؛ لأن الأمر كله يرجع إلى مشيئة الله سبحانه وتعالى، والأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، وكل شيء بيده سبحانه وتعالى. قوله: [ (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة) ] هذا هو محل الشاهد، فالتطير هو الإقدام والإحجام بناءً على التشاؤم، والهامة فسرت بأنها نوع من الطير يسمى البومة، فقد كانوا يتشاءمون منه إذا وقع على البيت، ويعتبرون هذا نذير بلاء يحل بأهل البيت، وهذه الأمور كلها من أعمال الجاهلية، ولا يؤثر إلا ما جعله الله مؤثراً. قوله: [ (ولا صفر) ] فسر بأنه داء يكون في البطن، وهي ديدان معدية ومؤذية في البطن، وفسر بأن المراد به الشهر، وأنهم كانوا يتشاءمون بشهر صفر، أو أنهم كانوا يستحلون الأشهر الحرم، فينسئون المحرم إلى صفر، فيحلون ما حرم الله، ويحرمون ما أحل الله، فيجعلون المحرم حلالاً فيتقاتلون فيه، ويجعلون صفر الذي ليس شهراً حراماً، والتفسير المناسب للمقام هو أنه مرض كانوا يتشاءمون منه. قوله: [ (لا يوردن ممرض على مصح) ]. يعني: حتى لا يحصل بسبب ذلك شيء، فيترتب على ذلك تشوش الذهن، واعتقاد أن مجرد الاتصال يكون سبباً في المرض، مع أنه قد يحصل التخلف، فالأمر كله راجع إلى مشيئة الله وإرادته، وليس الأمر متعلقاً بالاختلاط، فقد يوجد السبب ولا يوجد المسبب كالزواج، فالإنسان إذا أراد الولد فإنه يتزوج، فهذا هو الطريق المؤدي إلى الولد، وإذا وجد الزواج فقد يوجد الولد وقد لا يوجد، فالإنسان يأخذ بالطريق المشروع، وإذا قدر الله شيئاً فإنه لا يقع إلا ما قدره الله، وإذا شاء الله ألا يحصل ذلك الشيء الذي حصل سببه فإن الأمر كله يرجع إلى الله سبحانه وتعالى. قوله: [ قال معمر: قال الزهري : فحدثني رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يوردن ممرض على مصح)، قال: فراجعه الرجل فقال: أليس قد حدثتنا أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا عدوى ولا صفر ولا هامة) قال: لم أحدثكموه، قال الزهري : قال أبو سلمة : قد حدث به، وما سمعت أبا هريرة رضي الله عنه نسي حديثاً قط غيره ]. هذا ثناء على أبي هريرة بكمال حفظه رضي الله عنه؛ لأنه مع كثرة محفوظه وكثرة أحاديثه يقول عنه أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف -وهو من أكثر الراوين عنه- ما علمت أن أبا هريرة نسي حديثاً قط إلا هذا الحديث، أي: مع كثرة حديثه لم ينس إلا حديثاً واحداً، فهذا دال على كمال حفظه وعلمه رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
تراجم رجال إسناد حديث: (لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هامة...)


قوله: [ محمد بن المتوكل العسقلاني ]. محمد بن المتوكل العسقلاني صدوق له أوهام كثيرة، أخرج له أبو داود . [ والحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي ، وهو قرين لمحمد بن المتوكل ، ولو لم يوجد ابن المتوكل فيكفي الحسن بن علي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة وقد مر ذكره رضي الله عنه.

شرح حديث: (لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وقد تقدم ذكر معنى العدوى والهامة، والنوء هو النجم، يعني: لا تعولوا على النجوم، ولا تعتقدوا أن لها تأثيراً، بل التدبير من الله وحده، فهو الذي يتصرف في الكون كيف يشاء، والمخلوقات لا تصرف لها في شيء دون الله عز وجل، ولكن قد يجعل الله الشيء يحصل في وقت من الأوقات كحصول المطر في الشتاء والربيع، ولكن لا يضاف ذلك إلى تلك الأوقات، بل المطر بمشيئة الله وإرادته وبفضله ورحمته، فلا يكون الإنسان غافلاً عن إضافة الأشياء إليه، وهو الذي كل شيء بيده، وكل نعمة وفضل منه سبحانه وتعالى.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا عدوى ولا هامة ولا نوء ولا صفر)


قوله: [ حدثنا القعنبي حدثنا عبد العزيز -يعني ابن محمد - ]. عبد العزيز بن محمد الدراوردي صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن العلاء ]. العلاء بن عبد الرحمن الحرقي وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة ومسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي هريرة ]. مر ذكره.

شرح حديث (لا غول)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن البرقي أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا يحيى بن أيوب حدثني ابن عجلان حدثني القعقاع بن حكيم وعبيد الله بن مقسم و زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا غول) ]. أورد المصنف حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا غول)، والمقصود بالغول: الجن التي تظهر في الفلاة ويستوحش منها الناس، فهي لا تؤثر إلا بإذن الله عز وجل وبقدرته ومشيئته وإرادته.

تراجم رجال إسناد حديث (لا غول)


قوله: [ حدثنا محمد بن عبد الرحيم البرقي ]. ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي . [ أن سعيد بن الحكم حدثهم ]. سعيد بن الحكم المصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا يحيى بن أيوب ]. يحيى بن أيوب صدوق وربما أخطأ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني ابن عجلان ]. محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثني القعقاع بن حكيم ]. القعقاع بن حكيم ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد ومسلم وأصحاب السنن. [ وعبيد الله بن مقسم ]. عبيد الله بن مقسم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ و زيد بن أسلم ]. زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي صالح ]. ذكوان السمان ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن أبي هريرة ]. مر ذكره.

تفسير مالك لحديث: (..ولا صفر)

[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم أشهب قال: سئل مالك عن قوله: (لا صفر) قال: إن أهل الجاهلية كانوا يحلون صفر عاماً ويحرمونه عاماً، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا صفر) ]. ذكر المصنف هذا الأثر عن مالك أنه سئل عن معنى: (لا صفر)، فقال: إن أهل الجاهلية كانوا يحلون صفر عاماً ويحرمونه عاماً، يعني: أنهم في سنة من السنوات يجعلون الشهر الحرام هو المحرم مع ذي القعدة وذي الحجة، فيكون صفر حلالاً، وعاماً ينسئون، يعني: إذا أرادوا أن يقاتلوا في المحرم فيؤخرون المحرم ويجعلون صفر مكانه، فإذا جاء صفر امتنعوا عن القتال، وأباحوا لأنفسهم أن يقاتلوا في المحرم، وهذا هو النسيء الذي هو زيادة في الكفر. قوله: [ قرئ على الحارث بن مسكين ]. الحارث بن مسكين ثقة، أخرج حديثه أبو داود والنسائي . [ أخبركم أشهب ]. أشهب بن عبد العزيز وهو ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي . [ سئل مالك ]. مر ذكره.
تفسير محمد بن راشد للهامة والصفر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن مصفى حدثنا بقية قال: قلت لمحمد -يعني: ابن راشد-: قوله: (هام) قال: كانت الجاهلية تقول: ليس أحد يموت فيدفن إلا خرج من قبره هامة، قلت: فقوله: (صفر) قال: سمعت أن أهل الجاهلية يستشئمون بصفر؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا صفر). قال محمد: وقد سمعنا من يقول: هو وجع يأخذ في البطن، فكانوا يقولون: هو يعدي، فقال: (لا صفر) ]. أورد أبو داود هذا الأثر الذي فيه بيان معنى الهامة، وأنها شيء كانوا يعتقدونه في الجاهلية، فيعتقدون أن من مات يخرج من قبره طائر، وأنهم كانوا يتشاءمون من صفر، أو أنه داء يكون في البطن يعدي.
تراجم رجال إسناد حديث محمد بن راشد للهامة والصفر


قوله: [ حدثنا محمد بن المصفى ]. محمد بن المصفى صدوق له أوهام، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة . [ حدثنا بقية ]. بقية بن الوليد صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن محمد بن راشد ]. محمد بن راشد صدوق يهم، أخرج له أصحاب السنن.
شرح حديث: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، والفأل الصالح: الكلمة الحسنة) ]. أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح، والفأل الصالح: الكلمة الحسنة) أي أنه كان من هديه صلى الله عليه وسلم أنه يسر بالكلام الجميل وبالاسم الحسن، وقد جاء في صلح الحديبية أنه كلما جاء أحد كفار قريش فإنهم يذكرونه بما هو معروف به من الشدة أو الغلظة، ولما جاء سهيل بن عمرو قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سهل أمرنا) أي: أنه أخذ ذلك من اسم سهيل ، وهو الذي تم إبرام الصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه نيابة عن المشركين، فصلح الحديبية كان على يديه، فتحقق قول النبي صلى الله عليه وسلم عندما رآه: (سهل أمرنا).
تراجم رجال إسناد حديث (لا عدوى ولا طيرة، ويعجبني الفأل الصالح...)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هشام الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الإسناد رباعي وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
شرح حديث (أخذنا فألك من فيك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب عن سهيل عن رجل عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذنا فألك من فيك) ]. أورد أبو داود حديث أبي هريرة : (أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع كلمة فأعجبته، فقال: أخذنا فألك من فيك) يعني: هذا الذي تكلم بهذه الكلمة، وهذا مثل الحديث الذي قبله أنه كان يعجبه الفأل الحسن، وهي الكلمة الطيبة.
تراجم رجال إسناد حديث (أخذنا فألك من فيك)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا وهيب ]. موسى بن إسماعيل مر ذكره، و وهيب بن خالد ثقة، أخرج له أصحاب الكتبة الستة. [ عن سهيل ]. سهيل بن أبي صالح صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل عن أبي هريرة ]. هذا الرجل مبهم، ولكن جاء أنه أبوه أبو صالح السمان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
تفسير عطاء بن أبي رباح للهامة والصفر


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن خلف حدثنا أبو عاصم حدثنا ابن جريج عن عطاء أنه قال: يقول الناس: الصفر وجع يأخذ في البطن، قلت: فما الهامة؟ قال: يقول الناس: الهامة التي تصرخ هامة الناس، وليست بهامة الإنسان، إنما هي دابة ]. أورد أبو داود هذا الأثر في تفسير الصفر والهامة. قوله: [ وليست بهامة الإنسان ]: هامة الإنسان رأسه، فبين أن الهامة التي تصرخ هي دابة.
تراجم رجال إسناد تفسير عطاء بن أبي رباح للهامة والصفر


قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ]. يحيى بن خلف صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجة. [ حدثنا أبو عاصم ]. هو الضحاك بن مخلد أبو عاصم النبيل ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن جريج ]. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عطاء ]. عطاء بن أبي رباح وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (ذكرت الطيرة عند النبي فقال: أحسنها الفأل ولا ترد مسلماً...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل و أبو بكر بن أبي شيبة المعنى، قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن عامر، قال أحمد : القرشي، قال: (ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال: أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقل: اللهم! لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك) ]. هذا الحديث من جملة الأحاديث المتعلقة بالطيرة، قوله: (ذكرت الطيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحسنها الفأل) الفأل: هو الشيء الذي يتفاءل به ويحصل السرور به، مثل الكلمة الطيبة الحسنة يسمعها الإنسان، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يسر عندما يسمع الاسم الحسن، وقد ذكرنا أنه في صلح الحديبية لما أقبل سهيل بن عمرو قال عليه الصلاة والسلام: (سهل أمرنا) وأخذه من لفظة سهيل. قوله: (ولا ترد مسلماً) يعني: أن الإنسان لا يكون إقدامه وإحجامه مبنياً على التطير، بل يمضي إلى الشيء الذي أراده معتمداً على الله ومتوكلاً عليه، ويحجم عن الشيء الذي لا يريده -إذا رأى المصلحة في الإحجام- متوكلاً على الله، ولا يكون التطير هو الذي يبعثه على ذلك. وفي هذا الحديث أن من وجد شيئاً من ذلك يقول: (اللهم! لا يأتي بالحسنات إلا أنت، ولا يدفع السيئات إلا أنت، ولا حول ولا قوة إلا بك)، لكن هذا الحديث في إسناده ضعف، فراوي الحديث مختلف في صحبته، وفيه أيضاً حبيب بن أبي ثابت وهو مدلس ويرسل، وقد روى هنا بالعنعنة.
تراجم رجال إسناد حديث: (ذكرت الطيرة عند النبي فقال: أحسنها الفأل، ولا ترد مسلماً...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني الإمام الفقيه المحدث، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتبة الستة. [ و أبو بكر بن أبي شيبة ]. هو عبد الله بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتبة الستة إلا الترمذي ، وهو أكثر الشيوخ الذين خرج عنهم مسلم في صحيحه، ولم يخرج في صحيحه عن شخص كما خرج عن أبي بكر بن أبي شيبة ، إذ بلغت الأحاديث التي رواها عنه ألفاً وخمسمائة حديث. [ حدثنا وكيع ]. وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ سفيان ]. سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حبيب بن أبي ثابت ]. حبيب بن أبي ثابت ثقة يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عروة بن عامر ]. عروة بن عامر رضي الله عنه مختلف في صحبته، أخرج له أصحاب السنن.
شرح حديث: (أن النبي كان لا يتطير من شيء...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا هشام عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان لا يتطير من شيء، وكان إذا بعث عاملاً سأل عن اسمه، فإذا أعجبه اسمه فرح به ورؤي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمه رؤي كراهية ذلك في وجهه، وإذا دخل قرية سأل عن اسمها، فإن أعجبه اسمها فرح ورؤي بشر ذلك في وجهه، وإن كره اسمها رؤي كراهية ذلك في وجهه) ]. أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، وهو يدل على استحباب اختيار الأسماء الحسنة في كل شيء سواء بالنسبة للأولاد من الذكور والبنات، وكذلك أسماء الأماكن، فيختار الأسماء الحسنة ويبتعد عن الأسماء السيئة.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان لا يتطير من شيء...)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا هشام ]. هشام الدستوائي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن بريدة ]. عبد الله بن بريدة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (إن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبان حدثني يحيى أن الحضرمي بن لاحق حدثه عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول: (لا هامة ولا عدوى ولا طيرة، وإن تكن الطيرة في شيء ففي الفرس والمرأة والدار) ]. أورد أبو داود حديث سعد بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر، وإن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والدار والفرس). تقدم شرح أوله، وقوله: (وإن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والدار والفرس) يعني: إن كان هناك شؤم فإن ذلك يكون في هذه الأمور الثلاثة، وذلك لملازمتها للإنسان، فقد لا يطمئن الإنسان لداره أو لفرسه أو لامرأته، بل يبقى مشوش الفكر، والتخلص من ذلك وعدم الإبقاء عليه مما ينبغي؛ لأنها ليست من الأشياء التي تطرأ وتذهب ولا ارتباط لها بالإنسان، بل هي مرتبطة به بصفة دائمة، وهذا يدل على أن من حصل له شيء من ذلك في هذه الثلاث فإنه يتخلص منه؛ لعدم انشراح صدره لها وعدم اطمئنانه بها.
تراجم رجال إسناد حديث: (إن تكن الطيرة في شيء ففي المرأة والدار والفرس)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا أبان ]. أبان بن يزيد العطار ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [حدثني يحيى ]. يحيى بن أبي كثير اليمامي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحضرمي بن لاحق ]. الحضرمي بن لاحق لا بأس -أي: صدوق-، أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعد بن مالك ]. هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
شرح حديث: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا القعنبي حدثنا مالك عن ابن شهاب عن حمزة وسالم ابني عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما مرفوعاً: (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)، وهو مثل الحديث الذي قبله إلا أن الذي قبله فيه: (إن يكن الشؤم)، والشيخ الألباني تكلم على هذا الحديث وقال عنه: شاذ، والمحفوظ: (إن يكن الشؤم)، وهذا الحديث فيه الجزم بحصول الشؤم في هذه الأشياء الثلاثة، وأما ذاك فأخبر أنه إن يكن الشؤم حاصل فإنه يكون في هذه الأشياء الثلاثة. وذكر الخطابي أن شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها، وشؤم الفرس ألا يغزى عليها، وشؤم المرأة ألا تلد، وهذا من التفسيرات، وليس المعنى محصوراً في ذلك، فضيق البيت يجعل الإنسان غير مرتاح، وكذا الفرس التي لا يستفاد منها في الجهاد في سبيل الله، وكذا المرأة التي لا تلد، فهذا مما يجعل في النفس انقباض من هذه الأشياء، لكن لا يقال: إن الشؤم محصور فيها لهذا المعنى فقط.
تراجم رجال إسناد حديث (الشؤم في الدار والمرأة والفرس)


قوله: [حدثنا القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة بن قعنب القعنبي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [حدثنا مالك ]. مالك بن أنس إمام دار الهجرة المحدث الفقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن شهاب ]. محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حمزة وسالم ابني عبد الله ]. حمزة وسالم ابنا عبد الله بن عمر ثقتان، أخرج لهما أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
تفسير مالك لحديث (الشؤم في ثلاث) وتراجم رجال إسناده


[ قال أبو داود : قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبرك ابن القاسم قال: سئل مالك عن الشؤم في الفرس والدار؟ قال: كم من دار سكنها قوم فهلكوا، ثم سكنها آخرون فهلكوا! فهذا تفسيره فيما نرى، والله أعلم ]. أورد أبو داود أثراً عن مالك في تفسير الشؤم في الدار فقال: كم من دار سكنها قوم فهلكوا، ثم سكنها قوم فهلكوا! وهذا الشيء يجعل النفس لا تنشرح ولا ترتاح لسكنى تلك الدار. قوله: [ قرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد ]. الحارث بن مسكين ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي . وابن القاسم هو عبد الرحمن بن القاسم ثقة، أخرج له البخاري وأبو داود في المراسيل والنسائي . ومالك مر ذكره، وهذا الأثر مقطوع؛ لأن سنده انتهى إلى مالك .
شرح قول عمر: (حصير في البيت خير من امرأة لا تلد)


[ قال أبو داود : قال عمر رضي الله عنه: حصير في البيت خير من امرأة لا تلد ]. أتى أبو داود بهذا الخبر الذي أضافه إلى عمر بلا إسناد أنه قال: حصير في البيت خير من امرأة لا تلد، وهذا فيه الإشارة إلى ما تقدم من أن شؤم المرأة أنها لا تلد، لكن لا نعلم ثبوت هذا عن عمر، وهذا الأثر معلق بلا إسناد.
شرح حديث (دعها عنك فإن من القرف التلف)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مخلد بن خالد وعباس العنبري قالا: حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن يحيى بن عبد الله بن بحير قال: أخبرني من سمع فروة بن مسيك رضي الله عنه قال: قلت: (يا رسول الله! أرض عندنا يقال لها: أرض أبين هي أرض ريفنا وميرتنا، وإنها وبئة، أو قال: وباؤها شديد، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: دعها عنك، فإن من القرف التلف) ]. أورد أبو داود هذا الحديث عن فروة بن مسيك رضي الله تعالى عنه أنه قال: (إن لنا أرضاً فيها ريفنا وميرتنا) الريف: المزارع، قوله: (وميرتنا) أي: قوتنا وطعامنا، فالميرة هي الطعام. قوله: (دعها عنك؛ فإن من القرف التلف)، القرف: مقاربة الشيء الذي يترتب عليه التأثر والتضرر، وقد يؤدي ذلك إلى التلف لكونه يقارب الوباء ويكون قريباً منه. والحديث في إسناده رجل مبهم غير مسمى، والراوي عنه فيه كلام، فالحديث غير صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث: (دعها عنك فإن من القرف التلف)


قوله: [ حدثنا مخلد بن خالد ]. مخلد بن خالد ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود . [ وعباس العنبري ]. عباس بن عبد العظيم العنبري ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا معمر ]. معمر بن راشد الأزدي البصري ثم اليماني ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يحيى بن عبد الله بن بحير ]. يحيى بن عبد الله بن بحير وهو مستور، أخرج له أبو داود . [ أخبرني من سمع فروة بن مسيك ]. فهنا رجل مبهم بين يحيى وبين فروة بن مسيك، وفروة بن مسيك رضي الله عنه صحابي، أخرج له أبو داود والترمذي .
شرح حديث (ذروها ذميمة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن يحيى حدثنا بشر بن عمر عن عكرمة بن عمار عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رجل: (يا رسول الله! إنا كنا في دار كثير فيها عددنا، وكثير فيها أموالنا، فتحولنا إلى دار أخرى فقل فيها عددنا، وقلت فيها أموالنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ذروها ذميمة) ]. قوله: (دعوها ذميمة) يعني: دعوا الدار الثانية الذي حصل فيها قلة عددكم وأموالكم، وفيه الإشارة إلى الشؤم في الدار.
تراجم رجال إسناد حديث (ذروها ذميمة)

قوله: [ حدثنا الحسن بن يحيى ]. الحسن بن يحيى صدوق، أخرج له أبو داود . [حدثنا بشر بن عمر ]. بشر بن عمر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار وهو صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ]. إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
شرح حديث: (أن رسول الله أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يونس بن محمد حدثنا مفضل بن فضالة عن حبيب بن الشهيد عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة وقال: كل ثقة بالله وتوكلاً عليه) ]. أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ يد مجذوم ووضعها معه في القصعة وقال: (كل ثقة بالله وتوكلاً عليه)، وهذا يدل أن الجذام والوباء لا ينتقل إلى الصحيح من حيث الطبع بمقاربة هذا لهذا، وإنما يرجع إلى الله سبحانه وتعالى، فقد يوجد السبب ويتخلف المسبب، والحديث في إسناده رجل ضعيف فهو غير صحيح.
تراجم رجال إسناد حديث: (أن رسول الله أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة...)


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا يونس بن محمد ]. يونس بن محمد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا مفضل بن فضالة ]. مفضل بن فضالة ضعيف، أخرج له أبو داود والترمذي وابن ماجة . [ عن حبيب بن الشهيد ]. حبيب بن الشهيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن محمد بن المنكدر ]. محمد بن المنكدر ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 11 ( الأعضاء 0 والزوار 11)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 373.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 367.51 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.56%)]