شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله - الصفحة 64 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         طريقة عمل الملبن الأحمر بالفول السودانى.. خليكى ناصحة ووفرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          طريقة عمل كيكة التمر بجوز الهند.. تحلية سهلة مع الشاى والقهوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          الشموع تريند فى ديكور 2025.. اعرف أهم النصائح للحفاظ عليها لأطول وقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          وصفات طبيعية لتنظيف المسام الواسعة فى البشرة وتقليل حجمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          طرق مبتكرة لاستغلال بقايا الأكل والخضار والفاكهة وتحويلها لأطباق جديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          طريقة عمل البيتزا بالبطاطس بدلاً من العجينة.. مشبعة ومريحة للمعدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          4 حلول سهلة وفعالة للتخلص من رائحة الشعر الكريهة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من آثار الحبوب والبقع الداكنة فى البشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          العناية بالشعر الكيرلى للأطفال.. 5 خطوات سهلة لروتين مثالى بأقل مجهود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          طريقة عمل خبز الثوم بالجبنة في البيت.. وصفة سريعة ولذيذة للسهرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #631  
قديم 17-06-2022, 12:18 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله



حديث: (تسحر رسول الله وزيد بن ثابت ... قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث حدثنا خالد حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أنه قال: (تسحر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وزيد بن ثابت رضي الله عنه، ثم قاما فدخلا في صلاة الصبح، فقلنا لـأنس: كم كان بين فراغهما ودخولهما في الصلاة؟ قال: قدر ما يقرأ الإنسان خمسين آية)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة تسحر زيد بن ثابت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيامه إلى الصلاة، وأن بين سحوره وبين قيامه إلى الصلاة مقدار ما يقرأ الإنسان خمسين آية، فهو مثل ما تقدم، وفيه أن المسئول عن المقدار هو أنس بن مالك رضي الله عنه.
قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].
هو أحمد بن مقدام، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو خالد بن الحارث، وقد مر ذكره.
[حدثنا سعيد].
هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، من أثبت الناس في قتادة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة عن أنس].
وقد مر ذكرهما.


ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة في تأخير السحور واختلاف ألفاظهم


شرح حديث: (قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على سليمان بن مهران في حديث عائشة رضي الله عنها في تأخير السحو، واختلاف ألفاظهم.أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا شعبة عن سليمان عن خيثمة عن أبي عطية أنه قال: قلت لـعائشة رضي الله عنها: (فينا رجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحدهما: يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر: يؤخر الإفطار ويعجل السحور. قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قلت: عبد الله بن مسعود، قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنع)].
أورد حديث عائشة رضي الله عنها في تأخير السحور، وأن هذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورد النسائي فيه حديث أبي عطية، أنه جاء إلى عائشة رضي الله عنها وسألها، وقال: (فينا رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والثاني يعجل السحور، ويؤخر الإفطار، فقالت: من الذي يقدم الإفطار، ويؤخر السحور؟ فقال: عبد الله بن مسعود، فقالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع). أي: أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه هو تعجيل الإفطار وتأخير السحور، فهو دال على الترجمة من حيث تأخير السحور، وأن هذا هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.


تراجم رجال إسناد حديث: (قلت لعائشة: فينا رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور ...)


قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].هو الصنعاني، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
وقد مر ذكره.
[عن سليمان].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، لقبه الأعمش، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن خيثمة].
هو خيثمة بن عبد الرحمن الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عطية].
هو مالك بن عامر الوادعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن عائشة].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية التي روت الحديث الكثير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم ستة رجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.


حديث: (فينا رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن الأعمش عن خيثمة عن أبي عطية أنه قال: قلت لـعائشة رضي الله عنها: (فينا رجلان أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور، والآخر يؤخر الفطر ويعجل السحور. قالت: أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قلت: عبد الله بن مسعود. قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصنع)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن بشار].
وقد مر ذكره.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان الثوري، وقد مر ذكره.
[عن خيثمة عن أبي عطية عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.


حديث: (رجلان من أصحاب رسول الله ... أحدهما يؤخر الصلاة والفطر ...) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسنادها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا حسين عن زائدة عن الأعمش عن عمارة عن أبي عطية أنه قال: (دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها، فقال لها مسروق: رجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلاهما لا يألو عن الخير: أحدهما يؤخر الصلاة والفطر، والآخر يعجل الصلاة والفطر، فقالت عائشة رضي الله عنها: أيهما الذي يعجل الصلاة والفطر؟ قال مسروق: عبد الله بن مسعود. فقالت عائشة رضي الله عنها: هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)].أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها، وابن مسعود رضي الله عنه هو الذي يعجل الصلاة والفطر، أي: أنه يبادر إلى الإفطار عند غروب الشمس، ولا يؤخر الإفطار ولا الصلاة.
قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].
هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا حسين].
هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو ابن قدامة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
وقد مر ذكره.
[عن عمارة].
هو عمارة بن عمير، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي عطية].
أبو عطية، وقد مر ذكره.
[ومسروق].
مسروق ليس من رجال الإسناد، وإنما أبو عطية كان مع مسروق فدخلوا على عائشة وسألها، والذي يروي في الإسناد هو أبو عطية، ومسروق هو ابن الأجدع، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة، لكنه ليس من رجال الإسناد، وإنما جاء ذكره لأنه كان معه لما دخل على عائشة.

شرح حديث عائشة: (رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ...) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هناد بن السري عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمارة عن أبي عطية أنه قال: (دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقلنا لها: يا أم المؤمنين! رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم أحدهما: يعجل الإفطار ويعجل الصلاة، والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، فقالت: أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قلنا: عبد الله بن مسعود. قالت: هكذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والآخر أبو موسى رضي الله عنهما)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم، وفيه أنهم سألوا جميعاً، وفي بعض الروايات المتقدمة: أن الذي سأل مسروق، وفي بعضها: أن الذي سأل أبو عطية، وهذه الرواية الأخيرة فيها الجمع بينهما، وأن السؤال حصل منهما جميعاً، وأنه أحياناً ذكر أن السائل مسروق وهو سائل بالفعل، وفي بعضها أنه أبو يعفور وهو سائل بالفعل، وفي هذه الرواية أنهم سألوا جميعاً، فالجمع بين كون السائل مسروق، وأبو عطية أنهما سألا جميعاً، وجاء في بعض الروايات إسناد السؤال إلى أحدهما، لكن لا تنافي بين إسناده إلى هذا وإلى هذا؛ لأن السؤال حصل من الجميع.


تراجم رجال إسناد حديث: (رجلان من أصحاب رسول الله أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة ...) من طريق رابعة


قوله: [أخبرنا هناد بن السري].هو هناد بن السري أبو السري الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد ومسلم وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي معاوية].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأعمش].
وقد مر ذكره.
[عن عمارة عن أبي عطية عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.


الأسئلة

مدى صحة نسبة الإمام النسائي إلى التشيع


السؤال: عند مطالعتي لكتاب تهذيب الكمال في ترجمة الإمام النسائي رحمه الله، نقل رواية عن الإمام الحافظ ابن عساكر بإسناده عن أبي الحسن علي بن محمد القادسي، قال: سمعت أبا علي الحسن بن أبي هلال يقول: سئل أبو عبد الرحمن النسائي عن معاوية بن أبي سفيان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنه، فقال: إنما الإسلام كدار لها باب، فباب الإسلام الصحابة، فمن آذى الصحابة إنما أراد الإسلام، كمن نقر الباب إنما يريد دخول الدار، قال: فمن أراد معاوية فإنما أراد الصحابة. أفلا تدل هذه العبارة العظيمة على تبرئته مما رمي به من التشيع؟


الجواب: هذا بلا شك يدل على سلامته من التشيع، لكن إذا حصل منه تشيع، فهو التشيع الذي لا يؤثر؛ لأن نسبة بعض العلماء الثقات الأثبات إلى التشيع، وهم إما برآء منه، أو أنه التشيع الذي لا يؤثر، فكون اعتقاد أن علياً أفضل من عثمان، فهذا لا يؤثر؛ لأنه جاء عن جماعة من العلماء تفضيل علي على عثمان، ومنهم: عبد الرزاق، والأعمش، وابن جرير، وابن أبي حاتم، وكل هؤلاء من الأئمة الأجلة، وهذا اعتبره بعض العلماء تشيعاً، ولكن ذلك لا يؤثر، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر العقيدة الواسطية: أن تقديم علي على عثمان في الفضل ليست من المسائل التي يبدع فيها، وإن كان المعروف عن أهل السنة أن عثمان أفضل من علي، إلا أن القول بتفضيل علي على عثمان لا يبدع قائله، وإنما الذي يبدع قائله هو من قال: أن علياً أولى منه في الخلافة؛ لأنه خلاف ما اتفق عليه أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام الذين قدموا عثمان على علي رضي الله تعالى عن الجميع، والمشهور عن أهل السنة أن عثمان أفضل من علي، وأن ترتيب الخلفاء الراشدين في الفضل كترتيبهم في الخلافة، أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ولا شك أن هذه كلمة عظيمة التي نقلت عن النسائي في معاوية، ومن المعلوم أن الشيعة الرافضة، وغير الرافضة يشتركون في سب معاوية، وفي النيل منه، فمن يتبرأ من النيل من معاوية يدل على سلامته من هذا الوصف، وسبق أن ذكرت فيما مضى: أن أبا نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري، أنه كان يرمى بالتشيع، وقد نقل عنه أنه قال: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية. وهذا يستدل به على سلامته مما رمي به؛ لأن الشيعة بما فيهم الزيدية الذين هم أخف من غيرهم، ينالون من معاوية، ويسبونه ويشتمونه، وإن كانوا لا ينالون من أبي بكر، وعمر كما تفعل الرافضة، إلا أنهم يشتركون في معاوية رضي الله عنه، فمن سلمه الله، أو سلم لسانه وقلبه من أن يقع في قلبه شيء في حق معاوية رضي الله عنه، فهذا يدل على سلامته في حق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم.

مدى صحة نسبة كتاب الروح لابن القيم بما فيه من عبارات ومنامات غير محققة

السؤال: كتاب الروح، هل هو من تأليف العلامة ابن قيم الجوزية؟ وما هو قولكم في احتوائه على حكايات، وخرافات عديدة، وبعض الأقوال للصوفية؟

الجواب: نعم من تأليفات ابن القيم، وقد نقل عنه العلماء، ولا شك أن فيه كلمات وعبارات ومنامات وأشياء ليس فيها التحقيق المعروف عن ابن القيم، فلعل هذا الكتاب كان من أول ما كتب، أو في أوائل ما كتب، ففيه أشياء منكرة، وفيه أشياء ليس فيها تحقيق، وأذكر على سبيل المثال: أنه في كتاب الروح لما جاء عند ذكر النفس والروح، وبيان ما يطلقان عليه، قال: إن النفس يطلق على الدم، ثم قال: وفي الحديث: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه! فاعتبره حديثاً وأطلق عليه أنه حديث، مع أنه في كتاب زاد المعاد لما جاء عند مسألة الذباب وغمسه في الماء إذا وقع فيه، أو في الطعام؛ لأن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، وأنه يغمس حتى يأتي الشفاء مع الداء فيزيل الداء، ذكر أن ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، وقال: من جهة أن فيه أمر بغمس الذباب، وقد يكون الماء حاراً، فإذا غمس فيه مات، فيكون الذباب وهو ليس له نفس سائلة -يعني: ليس فيه دم- لا ينجس الماء إذا مات فيه؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بغمسه، ثم قال: وقد قال إبراهيم النخعي الذي مر علينا في الإسناد إبراهيم بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وقد قال ابن القيم: وأول من حفظ عنه في الإسلام أنه عبر بهذه العبارة، فقال: ما لا نفس له سائلة لا ينجس الماء إذا مات فيه، إبراهيم النخعي، وعنه تلقاها الفقهاء من بعده، فهو يقول: أن هذه العبارة من عبارات إبراهيم النخعي، وفي الروح يقول: في الحديث، فالكتاب فيه أشياء من حكايات ومنامات تفتقر إلى التحقيق كما في هذا المثال الذي أشرت إليه.

توجيه مخالفات الذهبي للحاكم في المستدرك

السؤال: إن الحافظ الذهبي علق على بعض الأحاديث في المستدرك، ونجد بعض أهل العلم من بعد الذهبي إلى يومنا هذا يقولون خلاف ما قال، ويوافقونه في بعض ما قال، فهل هذا دليل على أن الذهبي رحمه الله لم يتتبع أحاديث المستدرك تتبعاً جيداً يسلم له فيه، أم أنه قصد الاختصار وعدم التدقيق؟


الجواب: هو لا شك أنه تلخيص، ولكنه أحياناً يوافق فيقول: صحيح، وأحياناً يخالف فيقول: لا، يعني الحاكم قال كذا، ثم يقول: لا ليس الأمر كذلك، بل فلان هو كذا وكذا، فالحاصل أن كتاب الذهبي رحمة الله عليه هو طبعاً كتاب تلخيص، فالشيء الذي وافق فيه يقال فيه: صححه الحاكم ووافقه الذهبي، وأحياناً يصحح الحاكم، ويعارض الذهبي هذا التصحيح ويخالفه ويقول: لا، مثل: أحيانا يقول الحاكم: على شرط الشيخين، ويقول الذهبي: فلان ليس على شرطهما، أو فلان ليس على شرط فلان، وفلان لم يخرج له فلان، فهو وهم من الحاكم، وأحياناً يقول: لا ليس صحيحاً، بل هو كذا وكذا.

دلالة إقامة القصاص بين البهائم يوم القيامة مع أنها غير مكلفة

السؤال: الحديث الذي في صحيح مسلم: (لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء)، ومن المعلوم بالإجماع أن البهائم لا تكليف عليها، فكيف يقاد لهذه وهذه؟

الجواب: هذا ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحصول هذا الشيء فيه أن المخلوقين سيجري العدل بينهم، وسيحصل العدل والقصاص بينهم، كما أن هذه المخلوقات التي هي غير مكلفة يقتاد لبعضها من بعض، فإن صاحب الحق لا يفوته حقه ولا يضيع، بل سيحصل على حقه، فيعلم أن الله سبحانه وتعالى يمكنه من حقه، ومن ظلم فإنه يحذر الظلم، ويبتعد عنه حتى لا يحصل أن يقاد منه، وذلك إنما هو بالحسنات، كما جاء في حديث: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس من لا درهم عنده ولا متاع، قال عليه الصلاة والسلام: المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وزكاة وصيام وحج، ويأتي وقد شتم هذا، وضرب هذا، وسفك دم هذا، وأخذ مال هذا، فيعطى لهذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرح عليه، ثم طرح في النار)، فهذا فيه إظهار كمال عدل الله عز وجل، وأن الله تعالى لا يضيع عنده شيء، وأن المظلوم سينصف من الظالم، وأن الظالم سيؤخذ منه الحق، وأن على الظالم أن يتنبه وأن يحذر الظلم حتى لا يعرض نفسه لأن تؤخذ حسناته وتعطى للناس الآخرين؛ لأن الناس يوم القيامة ليس عندهم أموال كما هو شأنهم في الدنيا، وإنما الذي عندهم هي الحسنات والسيئات.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #632  
قديم 17-06-2022, 12:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(371)



- (باب فضل السحور) إلى (باب تأويل قوله تعالى: وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض...)

بيّن النبي صلى الله عليه وسلم فضل السحور، وأنه بركة، وأنه فرق بين صيامنا وصيام أهل الكتاب، كما استحب تأخير السحور حتى يكون بينه وبين الفجر قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية.
فضل السحور

شرح حديث: (إنها بركة أعطاكم الله إياها فلا تدعوه)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [فضل السحور.أخبرنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الرحمن حدثنا شعبة عن عبد الحميد صاحب الزيادي قال: سمعت عبد الله بن الحارث يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (دخلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو يتسحر، فقال: إنها بركة أعطاكم الله إياها، فلا تدعوه)].
يقول النسائي رحمه الله: فضل السحور. مقصود النسائي رحمه الله من هذه الترجمة هو: بيان أن كون الإنسان يتسحر إذا أراد أن يصوم، وأن في ذلك فضل، وقد جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام ما يدل على ذلك، وقد مر جملة من الأحاديث التي فيها قوله عليه الصلاة والسلام: (تسحروا فإن في السحور بركة)، وقد أورد هنا النسائي حديث رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: [(أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر، فقال: إنها بركة أعطاكم الله إياها، فلا تدعوه)]، أي: أن السحور بركة أعطاكم الله عز وجل إياها فلا تدعوه، وأعطاكم الله إياها، إما أن يكون خاصة بها، أو أنه ندبكم إليها، [(فلا تدعوه)]، أي: لا تدعوا أكلة السحور، بل احرصوا عليها، وأتوا بها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم الأحاديث الكثيرة المتعددة الدالة على فضل السحور، والحديث واضح الدلالة على ما ترجم له النسائي من الترغيب؛ لأنه أولا قال: [(إنها بركة أعطاكم الله إياها)]، وفي آخر الحديث قال: [(فلا تدعوه)]، أي: لا تدعوا السحور.

تراجم رجال إسناد حديث: (إنها بركة أعطاكم الله إياها فلا تدعوه)


قوله: [أخبرنا إسحاق بن منصور].هو الكوسج، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[عن عبد الرحمن].
هو ابن مهدي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو ابن الحجاج، شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الحميد صاحب الزيادي].
هو ابن دينار، عبد الحميد بن دينار صاحب الزيادي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[سمعت عبد الله بن الحارث].
هو الأنصاري البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[يحدث عن رجل].
يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الرجل مبهم لم يسم، ومن المعلوم أن الجهالة في الصحابة لا تؤثر؛ لأنهم عدول بتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل رسوله صلى الله عليه وسلم، والمجهول فيهم في حكم المعلوم؛ لأنهم عدول عرفوا أو لم يعرفوا، وذلك لتعديل الله عز وجل لهم، وتعديل الرسول صلى الله عليه وسلم، ولهذا يكتفي العلماء والمحدثون عندما يترجمون للأشخاص إذا كان رجل صحابيا، فإنهم ينصون على صحبته، يعنون بذلك أنه يكفيه شرفا، وفضلا، ونبلا أن ينسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يقال: إنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجميع رجال الإسناد لا بد من معرفة أحوالهم إلا الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فإن معرفتهم لا تلزم، ولا تتعين؛ لأن المجهول فيهم في حكم المعلوم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.


دعوة السحور

شرح حديث: (هلموا إلى الفداء المبارك)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [دعوة السحور.أخبرنا شعيب بن يوسف بصري، حدثنا عبد الرحمن عن معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان، وقال: هلموا إلى الغداء المبارك)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: دعوة السحور، أي: الدعوة إليه، والمشاركة فيه، أو الحث عليه، والدعاء إليه، هذا هو المقصود بالدعوة، وليس المقصود به دعاء، وإنما المقصود به دعوة إليه، ولهذا جاء في الحديث قال: [(هلموا إلى الغداء المبارك)]، أي: أقبلوا، وتعالوا إلى الغداء المبارك، فهي دعوة إليه من أجل أكله، والمشاركة فيه.
يقول العرباض بن سارية: ](سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يدعو إلى السحور في شهر رمضان، يقول: هلموا إلى الغداء المبارك)]، لأن قوله: [(هلموا)]، هو تفسير لقوله: [(يدعو إلى السحور في رمضان فيقول: هلموا إلى الغداء المبارك)]، فهذا هو المقصود بالدعوة، أي: أنها دعوة إليه، وطلب الإقدام عليه، والمشاركة في الأكل، [(هلموا إلى الغداء المبارك)]، ثم أيضا فيه تسميته بأنه غداء، ووصفه بأنه مبارك، فقيل له: الغداء؛ لأنه يكون في الغداة، فهو غداء وليس عشاء، العشاء يكون في العشي، والغداء يكون في الغداة، فوصفه رسول الله عليه الصلاة والسلام بأنه غداء، وأنه غداء مبارك.

تراجم رجال إسناد حديث: (هلموا إلى الغداء المبارك)

قوله: [أخبرنا شعيب بن يوسف].ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وقد تقدم.
[عن معاوية بن صالح].
هو معاوية بن صالح بن حدير الحمصي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يونس بن سيف].
مقبول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن الحارث بن زياد].
لين الحديث، وأخرج حديثه أبو داود، والنسائي أيضا.
[عن أبي رهم].
هو أحزاب بن أسيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، أبو رهم، مشهور بكنيته، واسمه أحزاب بن أسيد.
[عن العرباض بن سارية].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب السنن الأربعة.


تسمية السحور غداء

شرح حديث: (عليكم بغداء السحور، فإنه هو الغداء المبارك) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [تسمية السحور غداء.أخبرنا سويد بن نصر أخبرنا عبد الله عن بقية بن الوليد أخبرني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: [(عليكم بغداء السحور، فإنه هو الغداء المبارك)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: تسمية السحور غداء. وأورد فيه حديث المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(عليكم بالسحور فإنه هو الغداء المبارك)]، ففيه حث على السحور، وترغيب فيه، ووصف بأنه غداء، وأنه مبارك، والمقصود من الترجمة تسمية السحور بأنه غداء، والحديث الذي مر قبل هذا، هو أيضا يدل على ذلك، يدل على هذه الترجمة، حديث العرباض بن سارية المتقدم، فيه وصف السحور بأنه غداء مبارك، وهنا حديث المقدام بن معد يكرب وفيه وصفه بأنه غداء مبارك، وما ترجم له المصنف من تسمية السحور غداء، دل عليه هذا الحديث، والحديث الذي قبله.

تراجم رجال إسناد حديث: (عليكم بغداء السحور، فإنه هو الغداء المبارك) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن بقية بن الوليد].
صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقا، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أخبرني بحير بن سعد].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن خالد بن معدان].
ثقة، يرسل كثيرا، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن المقدام].
هو المقدام بن معد يكرب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة.

شرح حديث: (هلم إلى الغداء المبارك، يعني: السحور) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن ثور عن خالد بن معدان أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لرجل: (هلم إلى الغداء المبارك، يعني: السحور)].ثم أورد النسائي الحديث من طريق أخرى مرسلة [عن خالد بن معدان، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: (هلم إلى الغداء المبارك، يعني: السحور)]، وهو مثل ما تقدم، فيه تسمية السحور غداء، وهناك الذي تقدم عن خالد بن معدان متصل، وهنا مرسل؛ لأن خالد بن معدان تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فحديثه مرسل، ولهذا قال: ثقة، يرسل كثيرا، وهذا من الإرسال؛ لأن إضافة ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هو من قبيل المرسل عند المحدثين، وهو كون التابعي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا، وقد يطلق المرسل أيضا على غير ذلك، على ما هو أعم من هذا، وهو كون الإنسان يروي عمن لم يلقه ولم يدرك عصره، فإن هذا أيضا من قبيل المرسل، ولهذا يأتي في بعض الرواة الذين هم في زمن المتأخر، وليسوا من التابعين، ولا من أتباع التابعين يقولون: يرسل، أو يرسل ويدلس، أو يرسل كثيرا، أو كثير الإرسال.

تراجم رجال إسناد حديث: (هلم إلى الغداء المبارك، يعني: السحور) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وقد تقدم.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ثور].
هو ثور بن يزيد، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن خالد بن معدان].
ثقة، يرسل كثيرا، وقد تقدم.


فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب

شرح حديث: (إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب.أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن موسى بن عُلي عن أبيه عن أبي قيس عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور)].
يقول النسائي رحمه الله: [فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب]. الفصل هو: الميزة أو الفاصل الذي يفصل بيننا وبينهم، وفصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر كما جاء بذلك الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقد أورد النسائي حديث [عمرو بن العاص رضي الله عنه الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور)]، أي: أن هذه الميزة التي نتميز بها عن أهل الكتاب أننا نتسحر، وهم لا يتسحرون، ومن المعلوم الفوائد الكبيرة التي تترتب على السحور، يعني: ما فيه من التقوية لبدن الإنسان، وجسم الإنسان على الأعمال في النهار، وعدم وجود ما يدعو إلى الخمول والكسل، وهو الجوع، فإن الإنسان إذا أكل يتقوى على العبادة في النهار على الصيام وعلى غير الصيام، بخلاف إذا لم يأكل، فإنه يحصل له شيء من الكسل والخمول بسبب الجوع وعدم الأكل، وكونه خاوي البطن، يحصل له بسبب ذلك خمول وكسل، ففصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور)

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الليث].
هو الليث بن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن موسى بن علي].
هو موسى بن علي بن رباح، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبيه].
هو علي بن رباح، علي وهو بالصغير، ويقال: عَلي، لكن المشهور أنه عُلي بالتصغير، ويقال: إنه كان يغضب منها، أي: كونه يقال له: عُلي وهو عَلي، لكن المشهور بأنه عُلي، فهو عُلي بن رباح، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة كابنه.
[عن أبي قيس].
هو عبد الرحمن بن ثابت مولى عمرو بن العاص رضي الله عنه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن العاص].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو صحابي مشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #633  
قديم 17-06-2022, 12:19 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

السحور بالسويق والتمر


شرح حديث زيد بن ثابت: (إني قد شربت شربة سويقٍ وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله: وأنا أريد الصيام، فتسحر معه ...)


[ السحور بالسويق والتمر.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، قال: أخبرنا عبد الرزاق ، قال: أخبرنا معمر ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك عند السحور: (يا أنس
! إني أريد الصيام أطعمني شيئاً، فأتيته بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء وذلك بعد ما أذن بلال ، فقال: يا أنس ! انظر رجلاً يأكل معي، فدعوت زيد بن ثابت فجاء، فقال: إني قد شربت شربة سويقٍ وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا أريد الصيام، فتسحر معه، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة) ].أورد النسائي السحور بالتمر والسويق، يعني: كون الإنسان يتسحر بالتمر والسويق، وأورد النسائي هذه الترجمة من أجل أنه جاء في الحديث ذكر السويق وذكر التمر، ذكر السويق في فعل زيد بن ثابت رضي الله عنه، حيث أخبر بأنه تسحر أو أكل أكلة سويق، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يتسحر بالتمر، وطلبه أن يتسحر معه فأكل معه من التمر، فترجم بالسويق والتمر؛ لأنه ورد في هذا الحديث ذكر السويق والتمر، والمقصود أن الإنسان يتسحر بما يتيسر، والرسول صلى الله عليه وسلم طلب من أنس بن مالك رضي الله عنه أن يأتيه بطعام؛ لأنه يريد أن يتسحر، فأتى له بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء، ثم طلب منه أن يبحث عن أحدٍ يأتي يشاركه في الأكل، فأتى بـزيد بن ثابت ، وإذا زيد بن ثابت كان يريد السحور وقد تسحر، وأكل أكلة سويق، فجاء إليه وأكل معه، أي: من التمر، [(وتسحر معه)]، أي: أكل معه من التمر الذي يتسحر به صلى الله عليه وآله وسلم.
ثم صلى ركعتين وقام إلى الصلاة، يعني: أنه بعدما انتهى السحور صلى ركعتي الفجر، ثم قام إلى الصلاة التي هي الصلاة المفروضة، يعني: أنه حصل الإمساك عند طلوع الفجر، وعند الوقت الذي يكون به دخول الوقت، أو عند حصول الأذان كما جاء بذلك الحديث: (إن بلالاً
يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم )، وفي الحديث هنا قال: [بعدما أذن بلال]، أي: الأذان الذي هو قبل طلوع الفجر، وكان يتسحر، ثم عند الأذان الثاني الذي يكون عند طلوع الفجر يكون الإمساك، وقد مر في الحديث أن بين الإمساك عن الأكل الذي هو عند الأذان الثاني، وبين الإقامة والدخول في الصلاة، مقدار ما يقرأ القارئ خمسين آية من القرآن.[عن أنس رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وذلك عند السحور: (يا أنس
! إني أريد الصيام أطعمني شيئاً)].هذا فيه أنها نافلة؛ لأنه تطوع؛ لأن قوله: (أريد الصيام)، يعني: يريد أن يصوم، وإلا فإنه في شهر رمضان كل الناس يصومون، وكل مسلم يصوم، ولكن هنا وجد ما يفيد أو يشعر بأنه تطوع.
قال: [(فأتيته بتمرٍ وإناءٍ فيه ماء وذلك بعد ما أذن بلال
)].يعني: الأذان الأول الذي يكون قبل طلوع الفجر، الأذان الذي يحل الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، ويحرم صلاة الفجر؛ لأنه ما جاء الوقت؛ لأن المقصود منه الاستعداد والتهيؤ للصلاة، وحتى من يكون مشتغلاً في الصلاة، فإنه يستريح قليلاً استعداداً للصلاة، ومن يكون نائماً يستيقظ حتى يتهيأ للصلاة، وإذا كان يريد أن يصوم يتسحر، وذلك عندما أذن بلال .
قال: [(فقال: يا أنس
! انظر رجلاً يأكل معي)].وهذا بيان ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الكرم، ومن الإحسان والجود، وأنه كان يحب أن يشارك في أكله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فجاء أو أتى بـزيد بن ثابت رضي الله عنه.
قال: [(فدعوت زيد بن ثابت
فجاء، فقال: إني قد شربت شربة سويقٍ وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا أريد الصيام، فتسحر معه، ثم قام فصلى ركعتين، ثم خرج إلى الصلاة)].وهذا معناه أنه أكل مرتين، أكل أولاً السويق، وقد استعمله استعداداً للصيام، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم دعاه ليأكل معه، فأكل معه التمر، فتسحر مرتين: المرة الأولى كان على حدة حيث أكل السويق، والذي يتسحر به، والأكلة الثانية مشاركته للنبي صلى الله عليه وسلم في سحوره، وهو التمر الذي كان يتسحر به صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث زيد بن ثابت: (إني قد شربت شربة سويقٍ وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا أريد الصيام، فتسحر معه ...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ].هو ابن مخلد المشهور بـابن راهويه الحنظلي المروزي ، وهو ثقةٌ، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو محدثٌ فقيه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[قال: أخبرنا عبد الرزاق ].
عبد الرزاق بن همام الصنعاني ، ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[قال: أخبرنا معمر بن راشد ].
هو معمر بن راشد البصري ثم اليماني، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضاً.
[عن أنس ].
هو أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه، وأحد السبعة المشهورين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


تأويل قول الله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض...)


شرح حديث سبب نزول قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ تأويل قول الله تعالى: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )[البقرة:187].قال: أخبرني هلال بن العلاء بن هلال ، قال: حدثنا حسين بن عياش ، قال: حدثنا زهير ، قال: حدثنا أبو إسحاق ، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: (أن أحدهم كان إذا نام قبل أن يتعشى لم يحل له أن يأكل شيئاً، ولا يشرب ليلته ويومه من الغد حتى تغرب الشمس، حتى نزلت هذه الآية: (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا )[البقرة:187] إلى ( الْخَيْطِ الأَسْوَدِ )[البقرة:187]، قال: ونزلت في أبي قيس بن عمرو أتى أهله وهو صائمٌ بعد المغرب، فقال: هل من شيء؟ فقالت امرأته: ما عندنا شيء، ولكن أخرج ألتمس لك عشاء، فخرجت ووضع رأسه فنام، فرجعت إليه فوجدته نائماً وأيقظته، فلم يطعم شيئاً وبات وأصبح صائماً حتى انتصف النهار فغشي عليه، وذلك قبل أن تنزل هذه الآية)، فأنزل الله فيه ].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي [تأويل قول الله عز وجل: (كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )[البقرة:187] ]، تأويل، أي: تفسير قول الله عز وجل، يعني أن المراد بالخيط الأسود والخيط الأبيض سواد الليل وبياض النهار، وأنه يتبين الليل من النهار بطلوع الفجر، وهو الفجر الصادق الذي يعترض في الأفق ثم يتزايد حتى تطلع الشمس، فالمقصود من الترجمة تفسير الخيط الأبيض والخيط الأسود، وأنه سواد الليل، وبياض النهار، والتأويل المراد به التفسير؛ لأنه يأتي بمعنى التفسير، والذي يستعمل ذلك كثيراً ابن جرير رحمة الله عليه، فإنه يعبر بهذه العبارة كثيراً فيقول: تأويل قول الله عز وجل كذا، فيعبر بها بكثرة، والمقصود بها التفسير والإيضاح والبيان، (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ )[آل عمران:7] ، يعني: المقصود به التفسير؛ لأن قوله: (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ )[آل عمران:7] ، إما أن يراد به التفسير فيكون (الراسخون في العلم) معطوفون على (الله)، أي: أن الله يعلم تأويله، أي: تفسيره، والراسخون في العلم يعلمون تفسيره، وأما إذا كان مقصوده ما يئول إليه الأمر من الحقيقة، فإن ذلك لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فالتأويل هنا المراد به التفسير، وقد أورد النسائي حديث البراء بن عازب رضي الله عنه الذي بين فيه أنهم كانوا في أول الأمر إذا صام الإنسان ثم جاء الليل ولم يأكل شيئاً ونام، فإنه لا يحل له أن يأكل ويشرب ويجامع في ليلته تلك، بل يصل الصيام باليوم الذي وراءه، وبعد ذلك نزل القرآن في ذلك، وأنهم يأكلون ويشربون حتى يتبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، وأنه لا مانع من ذلك، ولو ناموا ثم استيقظوا، فإن لهم أن يأكلوا إلى طلوع الفجر الثاني.
ثم بين أن سبب نزول ذلك أن أحد الصحابة، وهو أبو قيس بن عمرو جاء إلى أهله وكان صائماً، وطلب منهم أن يقدموا له عشاءً، فقالوا: إنه ليس عندهم شيء، ولكنهم يبحثون له، فخرجت امرأته تبحث له عن عشاء، فجاءت وقد نام، فأيقظته فلم يأكل؛ لأنه ليس له ما يأكل، فاستمر في صيام اليوم الذي يليه حتى غشي عليه، يعني في أثناء النهار من شدة الجوع، فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وأبيح لهم أن يأكلوا ويشربوا حتى يطلع الفجر الذي هو الفجر الثاني، سواءً ناموا قبل أن يأكلوا، أو أكلوا وناموا، فالله تعالى رخص لهم من غروب الشمس إلى طلوع الفجر أن لهم أن يأكلوا فيما بين ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث سبب نزول قوله تعالى: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ...)


قوله: [أخبرني هلال بن العلاء بن هلال ].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال: حدثنا حسين بن عياش ].
ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[قال: حدثنا زهير ].
هو زهير بن معاوية بن حديج الحمصي، وهو ثقةٌ، إلا أن سماعه عن أبي إسحاق بأخرة، وحديثه عن أبي إسحاق أخرجه أصحاب الكتب الستة، وسماع زهير بأخرة كما ذكرنا، لكن الحديث جاء من طرق متعددة.
[عن أبي إسحاق ].
وهو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، مشهورٌ بكنيته أبو إسحاق ، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن البراء بن عازب ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، صحابيٌ ابن صحابي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث عدي بن حاتم في سؤاله عن الخيط الأبيض والأسود

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ أخبرنا علي بن حجر ، قال: حدثنا جرير ، عن مطرف ، عن الشعبي ، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله تعالى: (حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ )[البقرة:187]؟ قال: (هو سواد الليل وبياض النهار) ].ثم أورد النسائي حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه وفيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخيط الأبيض والخيط الأسود في الآية، فبين له صلى الله عليه وسلم أنه سواد الليل وبياض النهار، وهذا فيه تبيين السنة للقرآن، وأن السنة تبين القرآن وتفسره وتدل عليه، ففيه تأويل الآية وتفسيرها، وأن المقصود بالخيط الأسود والخيط الأبيض هو الليل والنهار، فالخيط الأبيض الذي هو النهار، والخيط الأسود الذي هو الليل، ففيه بيان السنة للقرآن، وفيه بيان ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من سؤالهم إياه عما يشكل عليهم، كما حصل من عدي بن حاتم رضي الله عنه حيث سأل عن الخيط الأبيض والخيط الأسود في الآية الكريمة.

تراجم رجال إسناد حديث عدي بن حاتم في سؤاله عن الخيط الأبيض والأسود

قوله: [أخبرنا علي بن حجر ].هو علي بن حجر بن إياس السعدي المروزي ، ثقةٌ حافظ، أخرج حديثه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي .
[قال: حدثنا جرير ].
هو جرير بن عبد الحميد ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن مطرف ].
هو مطرف بن طريف الكوفي، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الشعبي ].
هو عامر بن شرحبيل ، وهو ثقةٌ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عدي بن حاتم ].
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصحابي المشهور، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.


الأسئلة

تحديد وقت السحور بعد الأذان الأول

السؤال: هل وقت تسحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الأذان الأول هو تحديد للسحور؟

الجواب: لا ليس تحديداً؛ أن السحور لا يكون إلا في ذلك، ولكن كون السحور يؤخر، هذا هو المستحب، وهذا الذي جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس من ذلك أن الإنسان لا يأكل قبل الأذان الأول، فله أن يأكل، لكن تأخير السحور هو المستحب وهو السنة التي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما هذا إخبارٌ عما حصل.

تعريف السويق

السؤال: ما هو السويق؟
الجواب: السويق هو دقيق يوضع في الماء ويطبخ على النار، فيكون سويقاً.

السبب في قول: (قال: حدثنا) عند قراءة الإسناد مع عدم وجود (قال) خطاً


السؤال: لماذا نقول عند قراءة الأسانيد: قال حدثنا، مع أن قال ونحوها غير ثابتة في السند؟
الجواب: هذه العبارات يؤتى بها لفظاً ولا تثبت خطاً، مثل كلمة: قال حدثنا، فإن قال ما تأتي قبل حدثنا مكتوبة، لكنه يؤتى بها نطقاً ولا تكتب خطاً.

حكم التقصير في مراتب الإنكار

السؤال: بالنسبة لمراتب إنكار المنكر، وهي اليد ثم اللسان ثم القلب، هل يجوز الانتقال إلى مرتبة أقل مع القدرة على المرتبة الأعلى، كالذي ينكره بقلبه وهو يستطيع أن يغير بلسانه؟ وهل هو آثم؟

الجواب: نعم، الإنسان الذي عنده قدرة على مرتبةٍ أعلى ثم لا يأتي بها لا شك أنه مقصر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل المراتب على هذا الترتيب، أولاً باليد، فالذي عنده قدرة على اليد يغير باليد لا ينتقل إلى اللسان، والذي عنده قدرة على التغيير باللسان ما يكفي أنه ينكر بقلبه ويتأثر بقلبه، بل عليه أن يتكلم بلسانه، وأن يبين بلسانه، فالإنسان الذي ينتقل إلى الدرجة الأخيرة وعنده القدرة على الدرجة التي قبلها، لا شك أنه مقصر.

حكم تغيير الشيب

السؤال: تغيير الشيب هل هو من السنة؟
الجواب: نعم، من السنة تغيير الشيب بالحناء والكتم بغير السواد، كما جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وبالنسبة لي أنا فأنا ما غيرت؛ لأنه يوجد عندي شعرات سود، لم يصر شعري كله أبيض، فإذا وصلت إلى هذه الغاية إن شاء الله أغير.

حكم الأذان الأول للجمعة

السؤال: ما حكم الأذان الأول للجمعة؟
الجواب: الأذان الأول كما هو معلوم أتى به عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه، والمقصود منه التهيؤ للصلاة والاستعداد لها، فهو حق وسنة، وهو من سنة الخلفاء الراشدين رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، وفعله للحاجة رضي الله عنه وأرضاه، وفي زمن عمر رضي الله عنه وأرضاه حصل له قصة، وهي أنه جاء وعمر يخطب على المنبر، فدخل قال: أي ساعةٍ هذه؟ فقال عثمان : إنني كنت في عمل فما شعرت إلا بالأذان، فما زدت على أن توضأت فجئت، قال: وهذه أيضاً، يعني كونه أيضاً ما اغتسل، فلما جاء في زمن خلافته رضي الله عنه أتى بهذا الأذان الذي يجعل الناس يتهيئون، وهو مثل الأذان الأول في الفجر؛ لأن الأذان الأول هو تهيؤ لصلاة الفجر، وهذا تهيؤ لصلاة الجمعة، واستعداد لها، وجاء في بعض الآثار إطلاق الأذان الثالث، وقد مر بنا في سنن النسائي أطلق عليه الأذان الثالث، وهو بالنسبة للإقامة أذان ثالث؛ لأن الإقامة أذان، والأذان الذي يكون بين يدي الخطيب وهو على المنبر أذان، وهذا الذي يكون قبل ذلك الوقت ليستعد الناس للصلاة هو أذان، فجاء في سنن النسائي كما مر بنا الأذان الثالث، أي: بالنسبة للإقامة تعتبر أذاناً ثالثاً، كما أن الأذان الذي يكون عند دخول الوقت بالنسبة للإقامة هو أذان أول، قد قال عليه الصلاة والسلام: (بين كل أذانين صلاة)، أي: الأذان والإقامة.

دعوى تحريم خطبة الجمعة بغير سورة ق

السؤال: ما حكم من قال: إنه لا تجوز الخطبة في كل جمعة إلا بسورة ق؟

الجواب: هذا ليس بصحيح، لكن كون سورة ق يؤتى بها في الخطبة كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لا شك أن هذا أمرٌ طيب، لكن كونه لا تصح الخطبة إلا بـ(ق)، هذا ليس بصحيح.

تعيين سفيان في سند حديث باب تسمية السحور غداء

السؤال: قال النسائي في باب تسمية السحور غداء: عن عبد الرحمن عن سفيان عن ثور ، ألا يكون سفيان في هذا الإسناد يراد به ابن عيينة ، علماً بأن لهم نفس التلاميذ والشيوخ؟

الجواب: ما أدري، لكن ينظر من هو الذي روى عنه عبد الرحمن ، وعلى كل حال فهو لا يؤثر، سواءً كان هذا أو هذا، فالإسناد كيفما دار فهو دائر على ثقة.

الأولى بين تقديم الزواج أو طلب العلم

السؤال: إذا لم يستطع الإنسان أن يجمع بين الزواج وطلب العلم الشرعي، فأيهما يقدم وهو يستطيع أن يصبر؟

الجواب: إذا كان يستطيع الزواج فلا ينبغي له أن يؤخره، والعلم يطلبه في أي وقت؛ لأن طلب العلم يكون في أي وقتٍ، لكن الزواج إذا سنحت له الفرصة لا ينبغي له أن يؤخره، وهو يعين على العلم، وليس سبباً في عدم تحصيل العلم، بل هو سببٌ في تحصيله، فمن أسباب تحصيل العلم أن الإنسان يكون متزوجاً، فيهدأ ولا ينشغل باله بالزواج، وبما يتعلق به.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #634  
قديم 17-06-2022, 12:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(372)

- (باب كيف الفجر) إلى (باب الاختلاف على محمد بن إبراهيم في خبر التقدم قبل شهر رمضان)

جعل الله لكل العبادات زماناً معيناً بأشياء مشاهدة، ومن ذلك الصيام، فهو يبدأ عند دخول الفجر الصادق، فيمتنع الصائم عن سائر المفطرات. وأيضاً جعل العبادات معلومة ومقدرة، فلا يسبق رمضان بيوم أو يومين إلا أن تكون عادة الشخص صيام ذلك اليوم.

كيفية الفجر


شرح حديث: (... وليس الفجر أن يقول هكذا وأشار بكفه ولكن الفجر أن يقول هكذا وأشار بالسبابتين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [كيف الفجر.أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا التيمي عن أبي عثمان عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (إن بلالاً يؤذن بليل لينبه نائمكم ويرجع قائمكم، وليس الفجر أن يقول هكذا -وأشار بكفه- ولكن الفجر أن يقول هكذا، وأشار بالسبابتين)].
يقول النسائي رحمه الله: كيف الفجر. والمقصود من هذه الترجمة هو معرفة الكيفية التي يعرف بها الفجر؛ أي: الفجر الصادق الذي يحل معه أداء صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب لمن يريد أن يصوم، فهذا هو المقصود بالفجر الذي ترجم له النسائي. والفجر فجران: فجر كاذب؛ وهو الذي يظهر مستطيلاً في السماء ثم يتلاشى ويعقبه ظلمة. أما الفجر الصادق فهو الذي يظهر معترضاً في الأفق، ثم يتزايد الضياء حتى تطلع الشمس، وبحصوله يدخل وقت صلاة الفجر، ويمنع الأكل والشرب في حق من يريد أن يصوم. وقد أورد النسائي تحت هذه الترجمة حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: [إن بلالاً يؤذن بليل ليوقظ نائمكم ويرجع قائمكم]، أي: يوقظ من كان نائما ليتهيأ للصلاة، ويستعد لصلاة الفجر، وكذلك إذا كان يريد أن يصوم فإنه يستعد لذلك بالسحور والأكل والشرب، وكذلك إذا كان الإنسان لم يحصل منه الوتر فإنه يوتر في ذلك الوقت؛ لأن الأذان الأول بعده ليل وليس بعده الفجر، وإنما بعده آخر الليل ونهاية الليل، فهو محل للأكل والشرب، ومحل لأداء صلاة الوتر، وليس محلاً لأداء صلاة الفجر، فهو يوقظ النائم ليستعد ويتهيأ، ويتدارك ما يخشى أن يفوت عليه من أداء الوتر إذا كان لم يوتر، ويرجع القائم الذي كان يشتغل في الصلاة، ويستغل في العبادة، فإنه يجعله يستريح فترة وجيزة يستعد بعدها لأداء صلاة الفجر.
[وليس الفجر بأن يقول: هكذا، وأشار بكفه]، المقصود من ذلك: الفجر الكاذب الذي يكون فيه ضياء، وهو مستطيل في السماء، ويعقبه ظلمة، وأشار بكفه، ولعله إشارة إلى امتداده في السماء دون اعتراضه. قال: [ولكن الفجر أن يقول: هكذا، وأشار بالسبابتين]، يعني: إلى أنه معترض، بخلاف ذاك فإنه قائم، وأما هذا فإنه معترض على مقدار الأفق، ويعقبه النور حتى تخرج بعد ذلك الشمس، فبين عليه الصلاة والسلام بالقول والإشارة كيفية الفجر الذي يحل معه أداء صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب، وهو المعترض في الأفق، وقد أشار بالسبابتين باعتراضه وامتداده في الأفق، وعلى هذا فالفجر الذي ترجم له المصنف هو أن يكون معترضاً في الأفق، ويتزايد ذلك الضياء حتى تطلع الشمس.

تراجم رجال إسناد حديث: (... وليس الفجر أن يقول هكذا وأشار بكفه ولكن الفجر أن يقول هكذا وأشار بالسبابتين)

قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو عمرو بن علي الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن سعيد القطان البصري، وهو ثقة أيضا، حديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا التيمي].
هو سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، ونسبته إلى التيميين؛ لأنه نزل فيهم وليس منهم، فهي نسبة إلى غير ما يتبادر إلى الذهن؛ لأن الذي يتبادر للذهن النسبة وأنه من تيم، ولكن ليس الواقع كذلك، بل نسب إليهم لكونه نزل فيهم، وإن لم يكن منهم.
[عن أبي عثمان].
هو عبد الرحمن بن مُل أو مَل أو مِل، مثلث الميم، النهدي ثقة، مخضرم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن مسعود].
هو عبد الله بن مسعود الهذلي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الفقهاء المعروفين بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عن الصحابة أجمعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض حتى ينفجر الفجر هكذا وهكذا يعني معترضا)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود حدثنا شعبة أخبرنا سوادة بن حنظلة أنه قال: سمعت سمرة رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض حتى ينفجر الفجر هكذا وهكذا، يعني: معترضاً. قال أبو داود: وبسط بيديه يميناً وشمالاً ماداً يديه)].هنا أورد النسائي حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه في بيان كيفية الفجر الذي يحل معه أداء صلاة الفجر، ويحرم معه الأكل والشرب، فقال عليه الصلاة والسلام في حديث سمرة هذا: [لا يغرنكم أذان بلال]، بمعنى: أنكم تمسكون عن الأكل والشرب عند هذا الأذان؛ لأن هذا الأذان يكون بالليل، ويكون قبل دخول النهار، وقبل بدء النهار الشرعي الذي هو بداية الصيام، والذي يبدأ من طلوع الفجر الثاني.
[لا يغرنكم أذان بلال]، يعني: فتمسكوا عندما تسمعون ذلك الأذان، بل كلوا واشربوا، ولهذا جاء في الحديث الآخر: (إن بلالاً يؤذن بليل، فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)، وهنا قوله: (لا يغرنكم أذان بلال)، يعني: فتمتنعوا من الأكل والشرب إذا كنتم تريدون الصيام، فإن أذانه بليل، وليس أذانه في النهار، أو عند دخول النهار، ولكنه يمنع صلاة الفجر، فلا تحل معه صلاة الفجر، ويحل معه الأكل والشرب.
قوله: [ولا هذا البياض]، أي: الفجر الكاذب، وهو الذي يكون مستطيلاً في الأفق ويتلاشى ويضمحل ويأتي بعده ظلمة، وإنما حتى ينفجر الفجر، وذلك بأن يظهر الضياء المعترض في الأفق الذي يتزايد حتى تطلع الشمس. [حتى ينفجر الفجر هكذا معترضا]، يعني: معترضاً في الأفق، وليس مستطيلاً في السماء.
قال أبو داود أحد رواة الحديث، [وبسط بيديه يمينا وشمالا مادا يديه]، يعني: الإشارة إلى اتساع هذا الضياء المعترض في الأفق، وتزايده واستمراره حتى يزداد الضياء، وحتى يصل إلى أن تطلع الشمس بعد ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يغرنكم أذان بلال ولا هذا البياض حتى ينفجر الفجر هكذا وهكذا يعني معترضا)

قوله: [أخبرنا محمود بن غيلان].هو محمود بن غيلان المروزي، وهو ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود.
[حدثنا أبو داود].
هو سليمان بن داود الطيالسي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا سوادة بن حنظلة].
صدوق، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي.
[سمعت سمرة].
هو سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.


التقدم قبل شهر رمضان


‏ شرح حديث: (لا تقدموا قبل الشهر بصيام ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [التقدم قبل شهر رمضان. أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا الوليد عن الأوزاعي عن يحيى عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (لا تقدموا قبل الشهر بصيام إلا رجل كان يصوم صياماً أتى ذلك اليوم على صيامه)].
يقول النسائي رحمه الله: التقدم قبل شهر رمضان؛ أي: ما حكم التقدم بالصيام قبل شهر رمضان، بأن يصوم آخر شعبان متصلاً برمضان؟ هذا هو المقصود من هذه الترجمة، وقد أورد النسائي أحاديث في ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فيها النهي عن التقدم.
قوله: [لا تقدموا]، أي: لا تتقدموا، بحذف إحدى التاءين، لا تتقدموا قبل الشهر بصيام، أي: متصلاً به بحيث يكون صيامكم قبله متصلاً به، لا تتقدموا قبل الشهر بصيام، وهذا نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التقدم احتياطاً لرمضان، ووصلاً له بآخر شعبان.
قوله: [إلا رجل كان يصوم صوماً أتى ذلك اليوم على صيامه]، يعني: كان من عادة شخص من الناس أنه يصوم يوم الإثنين، أو يصوم الخميس، فوافق اليوم الذي هو آخر شعبان، والذي يليه رمضان، وافق صيامه، فإنه يصومه؛ لأن هذا صيام اعتاده، ولم يصم من أجل رمضان أو احتياطاً لرمضان، وإنما صام من أجل أنها عادته، فوافق أن يوم الثلاثين من شعبان يوم اثنين أو يوم خميس، فإن له أن يصوم، والرسول صلى الله عليه وسلم استثناه في هذا الحديث، وليس بممنوع، وإنما الذي يمنع هو الذي يقصد، ويتحرى ذلك اليوم أو الأيام الأخيرة من شعبان، فيصومها احتياطاً لرمضان، واحتمال أن يتبين أنه من الشهر، ومن المعلوم أنه إذا حصل التبين في أثناء النهار، فإن على الإنسان أن يمسك، وعليه أن يقضي؛ لأنه لا بد في صيام الفرض من نية قبل بدء الصيام من الليل.
وقوله: [إلا رجل]، لا مفهوم للرجل هنا، فتدخل المرأة كذلك، فالمرأة إذا كان من عادتها أن تصوم الإثنين والخميس، فصادف يوم الإثنين أو الخميس يوم ثلاثين، فإن المرأة كذلك كالرجل، وليس لذكر الرجل مفهوم بمعنى أن المرأة تخالفه بهذا الحكم، بل الحكم واحد، ولكن نص على الرجل؛ لأن الغالب أن الخطاب مع الرجال، والأصل التساوي بين الرجال والنساء في الأحكام، إلا إذا جاءت الشريعة بتفصيل، وبتفريق بين الرجال والنساء في شيء من الأحكام، فعند ذلك يصار إلى التمييز والتفصيل الذي جاء في الشريعة، أما إذا لم يأت شيء فإن الأصل هو التساوي بين الرجال والنساء، وذكر الرجال في بعض الأحاديث -كما في هذا الحديث الذي معنا- هو باعتبار أن الغالب هو أن الخطاب للرجال، فجاء الخطاب هنا بناء على الغالب، ولكن ليس له مفهوم، ولا يراد به أن هذا الحكم خاص بالرجال، وأن النساء ليست كذلك، بل الحكم عام للرجال والنساء.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تقدموا قبل الشهر بصيام ...)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا الوليد].
هو الوليد بن مسلم الدمشقي، وهو ثقة، كثير التدليس والتسوية، يعني: عنده تدليس في التسوية وتدليس في الإسناد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن الأوزاعي].
هو عبد الرحمن بن عمرو أبو عمرو الأوزاعي، إمام أهل الشام، ومحدثها وفقيهها، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وكنيته توافق اسم أبيه، فهو أبو عمرو وأبوه عمرو، ومن أنواع علوم الحديث: معرفة من وافقت كنيته اسم أبيه، وفائدة معرفة ذلك ألا يظن التصحيف فيما إذا ذكر في بعض الأحيان بالكنية مع الاسم، فإن من لا يعرف أن كنيته أبو عمرو، واسم أبيه عمرو، لو جاء عبد الرحمن أبو عمرو بدل عبد الرحمن بن عمرو، يظن أن هذا تصحيف، أن (أبو) صحفت عن (ابن)، والواقع أنه لا تصحيف، إذا قيل: عبد الرحمن بن عمرو هو صحيح، وإن قيل: عبد الرحمن أبو عمرو هو صحيح؛ لأن كنيته توافق اسم أبيه.
[عن يحيى]
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة، وهذا هو صاحب الكلمة المأثورة التي ذكرها عنه مسلم في صحيحه بالإسناد إليه، قال: لا يستطاع العلم براحة الجسم. أي: أن العلم إنما يحصل بالتعب، والنصب، وبالمشقة، ولا يحصل بالكسل، والخمول، والإخلاد إلى الراحة، بل لا يستطاع العلم براحة الجسم، وإنما يستطاع العلم بتعب الجسم، وإتعابه، وحصول النصب له، هذا هو الذي يحصل معه العلم أو يحصل به العلم.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عرف التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم؛ لأن ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة؛ وهم: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: إن السابع أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف هذا الذي معنا في الإسناد، وقيل: السابع هو أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: إن السابع سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فالذي معنا في الإسناد هو أحد الفقهاء السبعة على الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #635  
قديم 17-06-2022, 12:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله



ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثير ومحمد بن عمرو على أبي سلمة فيه


شرح حديث: (لا يتقدمن أحد لشهر بيوم ولا يومين ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على يحيى بن أبي كثير، ومحمد بن عمرو على أبي سلمة فيه.أخبرني عمران بن يزيد بن خالد حدثنا محمد بن شعيب أخبرنا الأوزاعي عن يحيى حدثني أبو سلمة أنه أخبرني أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لا يتقدمن أحد الشهر بيوم ولا يومين، إلا أحد كان يصوم صياما قبله فليصمه)].
أورد النسائي حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريق أخرى، وهو [لا يتقدمن أحد الشهر بيوم ولا يومين، إلا أحد كان يصوم صوماً فليصمه]، وهنا كلمة (أحد) جاءت عامة، ما جاء ذكر الرجل، فيدخل في ذلك الرجال والنساء، بخلاف كلمة (رجل) فإنها يأتي ذكرها بناء على الغالب، وأن الخطاب مع الرجال، وليس لها مفهوم، أما كلمة (أحد) فإنها عامة تشمل الرجال والنساء، [لا يتقدم أحد]، يعني من الرجال والنساء، فالحديث مثل ما تقدم من النهي عن التقدم بالصيام على شهر رمضان في آخر شعبان احتياطاً لرمضان، إلا من كان من عادته أن يصوم يوماً أو يومين، يعني يكون من عادته أن يصوم الخميس والجمعة، أو يصوم الإثنين والثلاثاء يعني من كل أسبوع، فوافق آخر الشهر هذين اليومين، فإن له أن يصوم ما اعتاده من الصيام، لأن صيامه بناء على عادته وما التزمه وداوم عليه، وليس من أجل الاحتياط لرمضان.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا يتقدمن أحد الشهر بيوم ولا يومين ...)

قوله: [أخبرني عمران بن يزيد بن خالد]. صدوق، أخرج له أصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا محمد بن شعيب].
صدوق، أحرج له أصحاب السنن الأربعة.
[أخبرنا الأوزاعي عن يحيى حدثني أبي سلمة عن أبي هريرة].
قد مر ذكرهم.

شرح حديث: (لا تتقدموا الشهر بصيام يوم أو يومين ...) من طريق أخرى

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن العلاء حدثنا أبو خالد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تتقدموا الشهر بصيام يوم أو يومين، إلا أن يوافق ذلك يوما كان يصومه أحدكم)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ].هنا أورد النسائي حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه في ذلك، وهو مثل ما تقدم في حديث أبي هريرة، من النهي عن تقدم شهر رمضان بصيام يوم أو يومين، إلا أحد كان يصوم صياماً ووافق صيامه فإن له أن يصوم، فالكلام فيه كالكلام في الروايتين المتقدمتين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا تتقدموا الشهر بصيام يوم أو يومين ...) من طريق أخرى


قوله: [أخبرنا محمد بن العلاء].كنيته أبو كريب، وهو مشهور بها، ويأتي ذكره كثيراً بكنيته فقط، وأحياناً يجمع بين اسمه وكنيته، وأحيانا يؤتى اسمه دون أن يكنى كما هنا؛ لأنه ذكره بالاسم دون الكنية، وأحياناً يجمع بينهما، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو خالد].
هو أبو خالد الأحمر سليمان بن حيان، وهو صدوق يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن عمرو].
هو محمد بن عمرو بن علقمة بن وقاص الليثي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
قد مر ذكره.
[عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.
[قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ].
ما أدري وجه هذا الخطأ؟ ومن المعلوم أنه من حيث الصحة أن الحديث ثابت عن غير ابن عباس ومن غير هذا الطريق، فلم يأت من هذه الطريق وحدها، بل جاء من طرق أخرى، فهو ثابت عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.


ذكر حديث أبي سلمة في ذلك


‏ شرح حديث: (ما رأيت رسول الله يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر حديث أبي سلمة في ذلك.أخبرنا شعيب بن يوسف ومحمد بن بشار واللفظ له، قالا: حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن منصور عن سالم عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان)].
أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم [ما كان يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان]، والمقصود من ذلك: أنه كان يكثر الصيام في شعبان، وما كان عليه الصلاة والسلام يصوم في شهر مثل ما كان يصوم في شعبان، إلا أنه لا يصومه كله، وإنما يصوم غالبه وأكثره عليه الصلاة والسلام.

تراجم رجال إسناد حديث: (ما رأيت رسول الله يصوم شهرين متتابعين إلا أنه كان يصل شعبان برمضان ...)

قوله: [أخبرنا شعيب بن يوسف].هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[و محمد بن بشار واللفظ له].
هو محمد بن بشار الملقب بندار البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة، واللفظ له، أي: للشيخ الثاني، وهو محمد بن بشار، وليس اللفظ لـشعيب بن يوسف.
[حدثنا عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن مهدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، هو ثقة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي من أقران الأعمش، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سالم].
هو سالم بن أبي الجعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة عن أم سلمة].
أبو سلمة قد مر ذكره، وأم سلمة هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة.


الاختلاف في رواية الحديث السابق


‏ حديث: (كان رسول الله يصل شعبان برمضان ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [الاختلاف على محمد بن إبراهيم فيه.أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر حدثنا شعبة عن توبة العنبري عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصل شعبان برمضان)].
أورد النسائي حديث أم سلمة رضي الله عنها، وهو بعض الرواية التي تقدمت، وهو أنه يصل شعبان برمضان، بمعنى أنه كان يكثر من الصيام في شعبان حتى يتصل برمضان.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، وقد مر ذكره.
[أخبرنا النضر].
هو النضر بن شميل، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا شعبة].
قد مر ذكره.
[عن توبة العنبري].
ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن محمد بن إبراهيم].
هو محمد بن إبراهيم التيمي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة عن أم سلمة].
قد مر ذكرهما.

شرح حديث: (وكان يصوم شعبان أو عامة شعبان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان حدثنا ابن وهب أخبرني أسامة بن زيد أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن: أنه سأل عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وكان يصوم شعبان أو عامة شعبان)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو [أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم حتى نقول: لا يفطر]، ومعناه: كان يصوم الشهر حتى يقولوا: إنه يكمله، وكان يفطر حتى يقولوا: لا يصوم، يعني معناه: أنه يمضي الشهر ما صام منه شيء، فكان من هديه هكذا وهكذا؛ أنه كان يصوم ويفطر، وكان يصوم حتى يقولوا: إنه لا يفطر، يظنون أنه لا يفطر الشهر، وكان يفطر حتى يقولوا: إنه لا يصوم، فيمضي عليه الشهر وهو ما صام.
قوله: [وكان يصوم شعبان أو عامة شعبان]، معناه: أنه كان يكثر من الصيام في شعبان، يعني فكلمة (أو) يحتمل أن تكون بمعنى (بل)، كان يصوم شعبان، بل عامة شعبان يعني: غالبه وأكثره، وما يأتي من ذكر شعبان بأكمله إشارة إلى قلة ما يتركه منه، وأن الغالبية العظمى هي صيامه، وأن الذي يفطره يكون قليلاً جداً، فهذا إشارة إلى إكثاره من صيام شعبان، بل كان يصوم غالبه، وما كان يصوم في شهر مثل ما كان يصوم في شعبان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث: (وكان يصوم شعبان أو عامة شعبان)

قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].يحتمل أن يكون المرادي، ويحتمل أن يكون الجيزي، وكل منهما شيخ للنسائي، وكل منهما يروي عن ابن وهب، فلا أدري أيهما؟ ولم يذكر في تحفة الأشراف تمييز أحد الاثنين، وكل منهما ثقة، سواء كان هذا أو هذا، والمرادي أخرج له أصحاب السنن، والجيزي أخرج له أبو داود، والنسائي، وكل منهما ثقة.
[حدثنا ابن وهب].
هو عبد الله بن وهب الفقيه، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني أسامة بن زيد].
هو أسامة بن زيد الليثي، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة: أنه سأل عائشة].
محمد بن إبراهيم وأبو سلمة قد مر ذكرهما، وعائشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية الوحيدة التي عرفت بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ستة رجال وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

شرح حديث: (وما كان يصوم في شهر ما يصوم شعبان ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سعد بن الحكم حدثنا عمي حدثنا نافع بن يزيد أن ابن الهاد حدثه أن محمد بن إبراهيم حدثه عن أبي سلمة يعني ابن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لقد كانت إحدانا تفطر في رمضان فما تقدر على أن تقضي حتى يدخل شعبان، وما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم في شهر ما يصوم في شعبان، كان يصومه كله إلا قليلاً، بل كان يصومه كله)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أن الواحدة منهن؛ أي: من أمهات المؤمنين، ما كانت تقدر على أن تقضي ما عليها من الصيام بسبب الحيض إلا في شعبان، والسبب في ذلك كون الرسول صلى الله عليه وسلم قد يحتاج إليها، فلا تكون صائمة، وأيضاً في شعبان؛ لأنه يضيق الوقت، ورمضان بعد شعبان، فتقضي في ذلك الوقت المتأخر، ثم أيضاً الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر الصيام في شعبان، فتكون الواحدة منهن تصوم في الوقت الذي كان يكثر من الصيام في شعبان.
ولا يعني هذا أن أمهات المؤمنين ما كنّ يتنفلنّ، وما كنّ يصمن النوافل؛ لأنه من المعلوم أن الفرض مقدم على النفل، ومن كان عليه قضاء فعليه أن يبادر بالقضاء، ولا يتشاغل بالنفل، وذمته مشغولة بفرض لم يؤده، بل عليه أن يؤدي المفروض، وإذا انتهى من المفروض يأتي إلى النوافل، ويتقرب إلى الله عز وجل بالنوافل، وقد جاء في الحديث القدسي: (وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه)، إلى آخر الحديث، فالفرض مقدم على النفل، لكن لعل المقصود أن عائشة رضي الله عنها تخبر عما كان عليه الأمر في أول الأمر، وأنها قبل أن تأتي النوافل، كانت الواحدة منهن لا تقدر أن تصوم إلا في شعبان، ولعل ما جاء عن عائشة فهو محمول على ما كان قبل أن يبين الرسول صلى الله عليه وسلم النوافل التي ينبغي للناس أن يحرصوا عليها، وأن يفعلوها.
وقوله: [لقد كانت إحدانا تفطر في رمضان].
يعني: تفطر بسبب الحيض.
قوله: [فما تقدر على أن تقضي حتى يدخل شعبان، وما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم في شهر ما يصوم في شعبان، كان يصومه كله إلا قليلاً، بل كان يصومه كله].
وهذا فيه إشارة إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يكثر من الصيام فيه، فكن ينتهزن هذه الفرصة بأن يصمن في الوقت الذي يصوم فيه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهذا هو وجه إيراد أو ذكر كثرة الصيام في شعبان، وأنهن يتمكن؛ لأنه يكون صائماً، فينتهزن فرصة كثرة صيامه، فيصمن معه ويؤدين ما عليهن من الفرض رضي الله عنهن وأرضاهن، [بل كان يصومه كله]، معناه: إلا ما ندر، أو إلا القليل جداً الذي لا يكاد يذكر لقلته، وليس معنى ذلك أنه يصومه كله، ولا يفطر منه شيئاً، فقد جاءت الأحاديث تدل على الاستثناء، لكن الذي يستثنى هو القليل جداً.

تراجم رجال إسناد حديث: (وما كان يصوم في شهر ما يصوم في شعبان)

قوله: [أخبرنا أحمد بن سعد بن الحكم].صدوق، أخرج أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عمي].
هو سعيد بن الحكم بن أبي مريم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا نافع بن يزيد].
ثقة، أخرج له البخاري تعليقا، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه، ولم يخرج له الترمذي، ولا البخاري في الأصل.
[عن ابن الهاد].
هو يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد، وهو ثقة مكثر، مشهور بالنسبة إلى جده الهاد، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها].
قد مر ذكرهم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #636  
قديم 17-06-2022, 12:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(373)

- (باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر عائشة في التقدم قبل شهر رمضان) إلى (باب ذكر الاختلاف على خالد بن معدان في خبر عائشة في التقدم قبل شهر رمضان)


وم شهراً كاملاً سوى رمضان، إلا أنه كان يصوم شيئاً من كل شهر، وكان يكثر الصوم في شعبان، ويتحرى صيام يوم الإثنين والخميس.
ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين بخبر عائشة رضي الله عنها فيه


شرح حديث: (... كان يصوم شعبان إلا قليلاً، كان يصوم شعبان كله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين بخبر عائشة رضي الله عنها فيه. أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد حدثنا سفيان÷1÷ عن عبد الله بن أبي لبيد عن أبي سلمة أنه قال: سألت عائشة رضي الله عنها، فقلت: (أخبريني عن صيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم يكن يصوم شهراً أكثر من شعبان، كان يصوم شعبان إلا قليلاً، كان يصوم شعبان كله)].
فحديث عائشة رضي الله عنها هذا من جملة الأحاديث التي روتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كيفية صيامه للنفل، وأنه كان يصوم حتى يقولوا: لا يفطر، وأنه يفطر حتى يقولوا: لا يصوم، أي: أنه عليه الصلاة والسلام كان في بعض الأشهر كشعبان يصوم منه كثيراً حتى يقولوا: إنه يكمله، وفي بعض الأشهر لا يصوم شيئاً حتى يقولوا: إنه لا يصوم منه شيئاً، مع أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يترك صيام شيء من الشهر، ولكنه أكثر ما كان يصوم في شعبان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قال: [عن أبي سلمة أنه قال: سألت عائشة، فقلت: (أخبريني عن صيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟)].
أي: عن صيامه في النفل.
قوله: [(كان يصوم)]، من الشهر، [(حتى نقول: قد صام)]، الشهر كله ما يبقى منه شيء، [(كان يصوم حتى نقول: قد صام)]، معناه: أنه ما يبقى من الشهر شيء.
قوله: [(ويفطر حتى نقول: قد أفطر)]، أي: أنه ما صام منه شيئاً، إشارة إلى قلة ما كان يصومه من الشهر، والأول إشارة إلى كثرة ما كان يصوم من الشهر، فكان يصوم حتى يقولون: لا يفطر، وكان يفطر حتى يقولوا: لا يصوم، والثاني إشارة إلى قلة ما كان يصومه من الشهر.
قوله: [(ولم يكن يصوم شهراً أكثر من شعبان)]، يعني: ما كان يصوم في شهر من الشهور أكثر مما يصوم في شعبان، ثم فسرت ذلك بقولها: (كان يصوم شعبان إلا قليلاً، كان يصومه كله) أي: أنه لا يبقى منه إلا النادر، وليس معنى ذلك أنه يصومه بأكمله؛ لأن الأحاديث جاءت بأنه ما كان يصوم شهراً كاملاً إلا رمضان، ولكن بالنسبة لشعبان كان يصوم أكثره، وغالبه، كان الذي يفطر منه قليلاً، يعني ما يفطره منه قليلاً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وفي هذا دلالة على كثرة صيامه في هذا الشهر، أي: شهر شعبان.

تراجم رجال إسناد حديث: (... كان يصوم شعبان إلا قليلاً، كان يصوم شعبان كله)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن يزيد].هو المقرئ المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن أبي لبيد].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي فإنه لم يخرج له شيئاً.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، هو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[سألت عائشة].
رضي الله عنها أم المؤمنين، هي الصديقة بنت الصديق التي أنزل الله براءتها في آيات تتلى من سورة النور رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي الصحابية التي عرفت بكثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا سيما الأمور التي تتعلق بالبيوت، والتي تقع بين الرجل وأهل بيته، فإنها روت في ذلك الشيء الكثير الذي ما رواه غيرها رضي الله تعالى عنها وأرضاها، ولهذا فإن الذين عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه الكرام سبعة، ستة رجال وامرأة واحدة، وهذه المرأة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.

شرح حديث: (... كان يصوم شعبان كله)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في شهر من السنة أكثر صياماً منه في شعبان، كان يصوم شعبان كله)].ثم أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، يعني: لم يكن يصوم شهراً من السنة أكثر من شعبان، كان يصومه كله، يعني: إلا قليلاً، يعني: معناه هذا إشارة إلى كثرة ما يصومه فيه، وأن الذي يفطره فيه هو القليل جداً، فقوله: (كان يصومه كله) لا يعني أنه لا يفطر منه شيئاً؛ لأن الأحاديث دلت على أنه كان يفطر منه، وأنه يصومه إلا قليلاً، فإذاً: كل هذه إشارة إلى ندرة ما كان يفطره منه صلى الله عليه وسلم، وإلى الغالبية العظمى من الشهر، أنه كان يصومها صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث (... كان يصوم شعبان كله)

قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، فقيه، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه فإنه لم يخرج له شيئاً.
[أخبرنا معاذ بن هشام].
هو معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو صدوق ربما وهم، وأخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبي].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يدلس ويرسل، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني أبو سلمة عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.

شرح حديث: (أن النبي كان يصوم شعبان) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن سليمان حدثنا أبو داود عن سفيان عن منصور عن خالد بن سعد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شعبان)].أورد النسائي حديث عائشة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان)، أي: غالبه كما جاء ذلك مبيناً في الروايات الأخرى.

تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي كان يصوم شعبان) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا أحمد بن سليمان].هو أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا أبو داود].
هو عمر بن سعد الحفري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن سفيان].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة، فقيه، مكثر، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وقد وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث.
[عن منصور].
هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة أيضا.
[عن خالد بن سعد].
خالد بن سعد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عائشة].
عائشة، وقد مر ذكرها.

شرح حديث: (لا أعلم رسول الله ... صام شهراً كاملاً قط غير رمضان) من طريق رابعة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا هارون بن إسحاق عن عبدة عن سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (لا أعلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا قام ليلة حتى الصباح، ولا صام شهراً كاملاً قط غير رمضان)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو يفسر ما تقدم من الروايات؛ بأنه يصوم شعبان كله، وأن ذلك إشارة إلى الأكثرية أو الغالبية العظمى، وقد جاء في هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها ما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة، ولا صلى ليلة حتى الصباح، أي: أنه قامها كلها من أولها إلى آخرها، بل كان يصلي وينام، كما هو هديه الذي بينه في قوله عليه الصلاة والسلام: (أما أني أصوم، وأفطر، وأصلي، وأنام، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني)، فهو لا يقوم الليل كله، وإنما يقوم بعضه، وهو يصلي وينام، يصلي من الليل وينام من الليل صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
وما رأيته صام شهراً كاملاً غير رمضان، معناه: أن غير رمضان لا يصومه كله، وأكثر ما كان يصوم من الشهر هو شعبان، فكان يصومه إلا قليلاً، فقولها رضي الله عنها في هذا الحديث: أنها ما كانت تعلم أنه يصوم شهراً كاملاً غير رمضان، يدلنا على أنه ما كان يصوم شعبان كاملاً، وإنما يصوم أكثره كما جاء ذلك مبينا في الروايات الأخرى.

تراجم رجال إسناد حديث: (لا أعلم رسول الله... صام شهراً كاملاً قط غير رمضان) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا هارون بن إسحاق].صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن عبدة].
هو ابن سليمان الكلابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد].
هو ابن أبي عروبة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة بن أوفى].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وذكروا في ترجمته كما عند ابن كثير في تفسيره أنه كان يصلي بالناس الفجر، فقرأ سورة المدثر، ولما جاء عند قوله: (فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ )[المدثر:8-9]، شهق وخر مغشيا عليه ومات رحمه الله، وقد ذكر ذلك في ترجمته، وكان أميراً على البصرة.
[عن سعد بن هشام].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.

شرح حديث: (... ولم يصم شهراً تاماً منذ أتى المدينة إلا أن يكون رمضان) من طريق خامسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي يوسف الصيدلاني حراني حدثنا محمد بن سلمة عن هشام عن ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها، قال: (سألتها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم يصم شهراً تاماً منذ أتى المدينة إلا أن يكون رمضان)].ثم أورد النسائي حديث عائشة، وهو مثل ما تقدم؛ أنه كان يصوم حتى يقولوا: صامه كله، وكان يفطر من الشهر حتى يقولوا: أفطر، يعني: ما صام منه شيئاً؛ لقلة ما يصومه منه، وما استكمل شهراً كاملاً إلا أن يكون رمضان، هذا هو الذي يستكمله، ويصومه كاملاً، وهو -كما تقدم- يدل على أنه ما كان يصوم شعبان كله، بل كان يصوم أكثره وأغلبيته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.


تراجم رجال إسناد حديث (... ولم يصم شهراً تاماً منذ أتى المدينة إلا أن يكون رمضان) من طريق خامسة

قوله: [أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي يوسف الصيدلاني].هو محمد بن أحمد بن أبي يوسف الصيدلاني الحراني، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه النسائي وابن ماجه. وهنا قال: ابن أبي يوسف، ولكن الذين ذكروه في التقريب وفي التهذيب وفي تحفة الأشراف قالوا: أبو يوسف محمد بن أحمد الصيدلاني، وهنا قال: محمد بن أحمد بن أبي يوسف الصيدلاني، فلا أدري هل جده يقال له: أبو يوسف، وأنه نسب إلى جده مكنى أو ماذا؟
[حدثنا محمد بن سلمة].
هو محمد بن سلمة الحراني الباهلي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. ومحمد بن سلمة هذا من طبقة شيوخ شيوخ النسائي، ومن طبقة شيوخه أيضاً شخص يقال له: محمد بن سلمة، وهو المرادي، فإذا جاء محمد بن سلمة من شيوخ النسائي فالمراد به المرادي، وإذا كان محمد بن سلمة من طبقة شيوخ شيوخه كما هنا فهو الباهلي الحراني.
[عن هشام].
هو هشام بن حسان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن سيرين].
هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن شقيق].
هو عبد الله بن شقيق العقيلي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والإمام مسلم، وأصحاب السنن، وهو الذي جاء عنه المقالة المشهورة: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.


شرح حديث: (... ما علمت صام شهراً كله إلا رمضان...) من طريق سادسة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد وهو ابن الحارث عن كهمس عن عبد الله بن شقيق أنه قال: قلت لـعائشة رضي الله عنها: (أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: لا إلا أن يجيء من مغيبه، قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شهراً كله؟ قالت: لا، ما علمت صام شهراً كله إلا رمضان، ولا أفطر حتى يصوم منه حتى مضى لسبيله)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أنها سئلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى؟ فقالت: لا إلا أن يأتي من مغيبه، يعني: من سفر، فإنه كان يأتي ضحى، ويأتي إلى المسجد ويصلي فيه الضحى، لكن جاء عنه عليه الصلاة والسلام الأحاديث الكثيرة الدالة على صلاة الضحى، بل جاء عنه أنه صلى يوم الفتح ثمان ركعات، وقيل: إنها صلاة الضحى، وقالوا عنها: إنها هي أقصى مقدار ما تصلى الضحى، فإن أقلها ركعتان، وأكثرها ثمان، ويستدلون على ذلك بفعله صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، كما في حديث أم هانئ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى ثمان ركعات، وذلك من الضحى، وقيل: إنها صلاة الضحى.
وكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يأتي إلى المسجد، ويصلي ركعتين، وهذا من السنن المهجورة التي هجرها الناس.
فإن الإنسان إذا قدم من سفر لا يعمد إلى بيته، بل يقصد إلى المسجد ويبدأ به، ويصلي فيه ركعتين، هذا هديه صلى الله عليه وسلم، وهو من السنن التي هجرها كثير من الناس.
وأما من قوله عليه الصلاة والسلام، فجاء في ذلك أحاديث كثيرة تدل على صلاة الضحى، جاء عنه عليه الصلاة والسلام: (صلاة الأوابين حين ترمض الفصال)، والمقصود بها صلاة الضحى إذا اشتدت حرارة الشمس، وجاء حديث أبي هريرة: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام)، والحديث متفق عليه؛ أخرجه البخاري، ومسلم، وكذلك حديث أبي الدرداء في صحيح مسلم: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد)، وكذلك الحديث الذي فيه قوله صلى الله عليه وسلم: (كل سلامى من الناس عليه صدقة، ثم قال في آخره: ويجزئ عن ذلك ركعتان من الضحى)، فقد جاءت أحاديث كثيرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الحث على صلاة الضحى.
قوله: [(قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شهراً كله؟ قالت: لا، ما علمت صام شهراً كله إلا رمضان)].
وهذا يبين ما تقدم عنها أنه كان يصوم شعبان كله، أي: المقصود من ذلك غالبيته؛ لأن هذا يبينه ويفسره.
قوله: [(ولا أفطر حتى يصوم منه، حتى مضى لسبيله)].
أي: ولا أفطر شهراً كاملاً حتى يصوم منه، ما أفطر شهراً، بل يصوم من الشهر، (حتى مضى لسبيله)، يعني: حتى توفاه الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
قوله: [(ولا أفطر حتى يصوم منه)].
يعني: ولا أفطر شهراً كاملاً حتى يصوم منه، لكن يصوم قليلاً وكثيراً، وأكثر ما كان يصوم في شعبان، وما كان يفطر الشهر بحيث لا يصوم منه، بل كان يصوم منه، ولو كان ذلك قليلاً، وهذا هو معنى ما جاء في بعض الروايات: (وكان يفطر حتى نقول: ما صام)، أي: ما صام منه شيئاً، إشارة إلى قلة ما كان يصومه من الشهر، يعني في بعض الأشهر.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #637  
قديم 17-06-2022, 12:23 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله


تراجم رجال إسناد حديث: (... ما علمت صام شهراً كله إلا رمضان...) من طريق سادسة

قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود].هو إسماعيل بن مسعود أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا خالد وهو ابن الحارث].
هو ابن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
وكلمة [وهو ابن الحارث] الذي قالها هو النسائي أو من دون النسائي، وليس تلميذ إسماعيل بن مسعود الذي قالها؛ لأن التلميذ لا يحتاج إلى أن يقول هذا الكلام، ولكن الذي يحتاج إلى أن يقول هذا الكلام من دون التلميذ، ويقولونها إيضاحاً وبياناً، وأتوا بكلمة (هو) حتى يعرف بأنها ليست من التلميذ، وإنما هي ممن دونه، قصد بهذه الإضافة بيان المهمل.
[عن كهمس].
هو كهمس بن الحسن البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن شقيق أنه قال: قلت لـ عائشة رضي الله عنها].
وقد مر ذكرهما.


حديث: (... والله إن صام شهراً معلوماً سوى رمضان...) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث عن يزيد، وهو ابن زريع حدثنا الجريري عن عبد الله بن شقيق أنه قال: (قلت لـعائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه، قلت: هل كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له صوم معلوم سوى رمضان؟ قالت: والله إن صام شهراً معلوماً سوى رمضان حتى مضى لوجهه، ولا أفطر حتى يصوم منه)].ثم أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم تماماً.
قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].
هو أحمد بن أحمد بن المقدام، وهو صدوق، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن يزيد وهو ابن زريع].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا الجريري].
هو سعيد بن إياس الجريري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن شقيق عن عائشة].
وقد مر ذكرهما.


ذكر الاختلاف على خالد بن معدان في هذا الحديث



‏ شرح حديث: (إن رسول الله كان يصوم شعبان كله...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر الاختلاف على خالد بن معدان في هذا الحديث.أخبرني عمرو بن عثمان عن بقية حدثنا بحير عن خالد عن جبير بن نفير: (أن رجلا سأل عائشة رضي الله عنها عن الصيام، فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصوم شعبان كله، ويتحرى صيام الإثنين والخميس)].
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وأنه (كان يصوم شعبان كله)، والمقصود من ذلك غالبيته كما بينته الروايات المتقدمة، (ويتحرى الإثنين والخميس)، أي: كان يصومهما، ويتحراهما ليصومهما صلى الله عليه وسلم، والمقصود من قولها: (كان يصوم شعبان كله) أي: يصوم أكثره، وليس كله بحيث لا يفطر منه شيئاً، وأنه يصومه كما يصوم رمضان، بل كان يفطر منه، ولكن ما يصومه هو الأكثر الغالب.

تراجم رجال إسناد حديث: (إن رسول الله كان يصوم شعبان كله...)


قوله: [أخبرني عمرو بن عثمان].وهو الحمصي، وهو صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن بقية].
هو بقية بن الوليد، وهو صدوق، كثير التدليس عن الضعفاء، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[حدثنا بحير].
هو بحير بن سعد، هو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة، ما خرج له مسلم.
[عن خالد].
هو خالد بن معدان، وهو ثقة، يرسل كثيراً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن جبير بن نفير].
وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أن رجلاً سأل عائشة].
وقد مر ذكرها.


شرح حديث: (كان رسول الله يصوم شعبان ورمضان...) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا عبد الله بن داود حدثنا ثور عن خالد بن معدان عن ربيعة الجرشي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم شعبان ورمضان، ويتحرى الإثنين والخميس)].وهذا الحديث عن عائشة قالت: (كان يصوم شعبان ورمضان، ويتحرى الإثنين والخميس)، وليس معنى كونه يصوم شعبان أنه يصومه كما يصوم رمضان، بل جاء عنها أنه ما صام شهراً كاملاً إلا رمضان، ومعنى هذا: أنه كان يصوم من شعبان الشيء الكثير كما جاء ذلك مبيناً في الروايات الأخرى.

تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصوم شعبان ورمضان...) من طريق ثانية


قوله: [أخبرنا عمرو بن علي]هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا عبد الله بن داود].
هو الخريبي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن. وعبد الله بن داود الخريبي هذا نقل عنه الحافظ ابن حجر كلمة في فتح الباري يقول: ما في القرآن آية هي أشد على أصحاب جهم من قول الله عز وجل: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ )[الأنعام:19]، قال: فمن بلغه القرآن فكأنما سمعه من الله، قال: إن هذه الآية هي أشد آية على أصحاب جهم، الذين يؤولون الصفات، ويقولون: إن القرآن مخلوق، وأنه ليس كلام الله عز وجل، يقول: فمن بلغه القرآن فكأنما سمعه من الله.
[حدثنا ثور].
هو ثور بن يزيد، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن.
[عن خالد بن معدان].
وقد مر ذكره.
[عن ربيعة].
هو ربيعة بن عمرو الجرشي، هو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة، وربيعة مختلف في صحبته، وثقه الدارقطني وغيره.
[عن عائشة].
رضي الله عنها، وقد مر ذكرها.
وهناك طرق متعددة لمعرفة كون هذا صحابي، منها: أن ينص شخص على أنه صحابي، أو يقول عن نفسه: إنه صحابي، أو يشتهر بأنه صحابي. هذه الطرق التي يعلم بها، فإذا تحقق أنه صحابي يجزم، وإلا فإنه يكون من كبار التابعين.


الأسئلة


مدى مشروعية وضع الإبهام على العين مع المسح عند سماع الأذان

السؤال: نرى بعض الناس عندما يسمعون المؤذن يقول: أشهد أن محمداً رسول الله، يضعون الإبهام على العين، ويمسحون بها، فهل هذا صحيح؟

الجواب: هذا ليس له أساس صحيح.

الواجب على من قصر في سفر وهو ناوٍ أن يمكث أكثر من أربعة أيام

السؤال: إذا سافر شخص وأقام في البلد المسافر إليه أكثر من أربعة أيام وهو يقصر، فماذا يجب عليه؟ هل يعيد تلك الصلاة التي قصرها؟


الجواب: لا يعيد تلك الصلاة، ولكن عليه إذا عرف الحق أن يعمل به؛ لأن المسألة خلافية بين أهل العلم، والصحيح والذي فيه الاحتياط أنه إذا دخل بلداً، وكان عازماً عند دخوله البلد على إقامة أكثر من أربعة أيام أنه يتم من حين دخوله البلد، ويستدلون على ذلك بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة عام الفتح، فإنه دخلها في اليوم الرابع من شهر ذي الحجة، وكان عازماً على البقاء إلى يوم ثمانية؛ لأنه سيخرج إلى منى، وسينتقل إليها، فهذه الأربعة الأيام هي المحققة أن الرسول عند دخوله البلد عازم على البقاء خلالها، أما أكثر من أربعة أيام ليس فيه شيء يدل عليه، ولهذا اعتبرها جمهور العلماء حداً لما يمكن أن يقصر فيه، وما زاد عنه فإنه لا يقصر فيه؛ لأنه لم يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إقامة محققة أكثر من هذه الأيام، وقصر فيها صلى الله عليه وسلم.

مشروعية أداء ركعتي القدوم من السفر في أي مسجد

السؤال: عند القدوم من السفر هل تكون الركعتين في المسجد النبوي، أم يجوز في كل مسجد؟

الجواب: يجوز في كل مسجد، لكن المسجد النبوي لا شك أنه أفضل.

مدى صحة أحاديث كتب الحديث التي وصفت بالصحة

السؤال: الكتب التي يقال عنها: صحاح، مثل صحيح ابن حبان، هل جميع أحاديثها صحيحة؟ وهل بين السيوطي في جمع الجوامع صحة الحديث من ضعفه؟

الجواب: صحيح ابن خزيمة، وصحيح ابن حبان، ومستدرك الحاكم، هي من الكتب التي ألفها أصحابها على أنها صحيحة، لكنها ليست كالصحيحين؛ لأن فيها الضعيف، ولكنها هي تلي الصحيحين، وقد مر في ألفية السيوطي الإشارة إلى أنه يؤخذ الحديث الصحيح من الكتب الموسومة بالصحة، وكذلك إذا نص عليه -يعني:- حافظ وعالم، قال:
وخذه حيث حافظ عليه نص ومن مصنف بجمعه يخص
كابن خزيمة ويتلو مسلماً وأوله البستي ثم الحاكما
يعني بـ البستي الذي هو صحيح ابن حبان، ثم الحاكم الذي هو مستدرك الحاكم، والحاكم قالوا عنه: إنه يطلق على الحسن صحيح، وأن شرطه خفيف، وأن كتابه يشتمل على الصحيح، وعلى الحسن، وأطلق على الكل بأنه صحيح، لكن لا يعني هذا أن كل ما يكون فيه صحيح، بل فيه ما هو ضعيف.

الجمع بين قوله تعالى: (وقرن في بيوتكن) والإذن بالخروج إلى المسجد

السؤال: إذا خرجت المرأة من بيتها إلى المسجد النبوي للصلاة فيه؛ تخرج كل يوم مرة أو مرتين أحياناً، هل هذا الفعل يعارض قوله تعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )[الأحزاب:33]؟ وإذا كان لا يعارض فما حد خروج المرأة إلى المسجد؟

الجواب: ما نعلم تحديداً بأيام معينة؛ بيوم أو يومين، لكن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تمنعوا إماء الله مساجد الله)، ومع ذلك أرشد إلى أن بيوتهن خير لهن، لكن إذا أردن أن يذهبن يذهبن، ولا مانع من ذلك، ولكن ما نعلم فيه تحديداً، كونه يوماً أو يومين أو أسبوعاً أو كذا، الأمر في ذلك واسع، ولا ينافي قوله: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ )[الأحزاب:33]، لأنه مأذون لها.

صحة قول بعض أهل العلم بكراهية صوم النصف الثاني من شعبان

السؤال: هل صحيح أن بعض أهل العلم قال بكراهية صوم النصف الثاني من شعبان؟

الجواب: نعم، جاء عن بعض أهل العلم، وقد جاء في حديث: (إذا انتصف شعبان فلا تصوموا)، صححه بعض أهل العلم.

قضاء الصوم عن الميت الذي لم يتمكن من القضاء

السؤال: امرأة حبلى أفطرت النصف الثاني من رمضان؛ خوفاً على الجنين في بطنها، ثم ماتت عند الولادة، ولم تتمكن من قضاء ما فات من الصيام، فهل على وليها قضاء الصوم؟

الجواب: إذا كانت ما تمكنت من القضاء لا يقضى عنها، إنما يصام عمن تمكن ولم يفعل، فإنه يصام عنه، أما من مات واستمر معه العذر، أو كان أفطر لمرضه، واستمر معه المرض حتى مات فهو غير متمكن من القضاء، فلا يقضى عنه.

مدى صحة نكاح البكر البالغة المكرهة

السؤال: إذا زوج الرجل ابنته البكر البالغة وهي غير راضية فهل ينعقد النكاح؟الجواب: هذه فيها خلاف بين أهل العلم، وإذا طلبت الخلاص والفكاك فإنها تمكن من ذلك.

الرد على من زعم أن كلمة كل لا تفيد العموم لقول عائشة: (كان يصومه كله)


السؤال: فضيلة الشيخ! إن كلمة كل تفيد العموم في اللغة العربية كما في حديث: (كل بدعة ضلالة)، وقد قال بعض أهل البدع: إن كلمة كل تفيد جزءاً من المعنى، واستدلوا بمثل حديث: (كان يصومه كله)، فكيف يكون الرد عليهم؟

الجواب: الأصل هو أن (كل) من صيغ العموم، ومعروف عند أهل اللغة وعند أهل الأصول أن (كل) من صيغ العموم، لكن هذا الذي جاء في شعبان جاء ما يبينه، أما غير هذا فإنه باق على أصله، و(كل) من صيغ العموم، والأصل فيها أنها للعموم.


حكم مستور الحال عند الحافظ ابن حجر

السؤال: هل مستور الحال عند الحافظ مقبول؟ أريد التفصيل في هذا.

الجواب: مستور الحال هو مجهول الحال، فالمستور هو المجهول، أي نعم. ومجهول العين أشد ضعفاً من مجهول الحال.

حكم عمل المرأة

السؤال: ما حكم العمل للمرأة؟
الجواب: إذا كانت محتاجة إلى العمل، وكان عملها ما فيه محظور ولا فيه فتنة ليس هناك مانع، كأن تكون مثلاً مدرسة نساء، لا بأس بذلك.

وقت إخراج الزكاة في مال اليتيم

السؤال: هل تكون الزكاة في مال اليتيم كل سنة أم عند البلوغ؟

الجواب: لا، الزكاة تكون كل سنة للصغير، والكبير، والمجنون، وكل من كان له مال يبلغ النصاب وهو مسلم فإنه يزكى، سواء كان صاحب المال كبيراً أو صغيراً، عاقلاً أو مجنوناً، ويزكي يخرج الزكاة وليه.

حكم تقديم الزكاة قبل الحول

السؤال: هل يجوز تقديم الزكاة قبل الحول إذا بلغ النصاب، وإذا وجد من يحتاج إلى المال، وإذا جاء الحول؟ وهل تعتبر الأولى صدقة، وعليه زكاة أخرى؟

الجواب: إذا كان قدمها يجوز التقديم، ولكن لا ينبغي للإنسان أن يتخلص من الحقوق أو من الأشياء بالزكاة، يعني: إذا جاءت حاجة يتصدق، والزكاة يفعلها بوقتها، أما كونه يقدمها من أجل أنه عندما يجيء محتاج، يعني: يروح يعطيه بدل ما يعطيه متبرعاً، أو يعطيه متنفلاً يكون إعطاؤه من الزكاة، هذا ما ينبغي من الإنسان، بل على الإنسان أن يخرج شيئاً غير الزكاة.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #638  
قديم 17-06-2022, 12:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(374)

- (باب صيام يوم الشك) إلى (باب ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً)

فرض الله صيام شهر رمضان على عباده المؤمنين، ونهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن وصل رمضان بشعبان إلا من اعتاد صيام نافلة فوافقت آخر يوم من شعبان، ولصيام رمضان وقيامه فضل وثواب عظيم من الله تبارك وتعالى.

صيام يوم الشك


‏ شرح حديث: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [صيام يوم الشك. أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج ، عن أبي خالد عن عمرو بن قيس ، عن أبي إسحاق ، عن صلة أنه قال: (كنا عند عمار رضي الله عنه، فأتي بشاة مصلية فقال: كلوا، فتنحى بعض القوم قال: إني صائم، فقال عمار رضي الله عنه: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم)].
يقول النسائي رحمه الله: صيام يوم الشك، أي: حكم صيامه، وأورد الأحاديث في ذلك، وفيها ما يدل على تحريمه أو كراهته على الأقل، وذلك بما أورده من الحديث من إطلاق عمار بن ياسر رضي الله عنه، أن ذلك معصية للرسول صلى الله عليه وسلم، وقد أورد النسائي حديث عمار، وأنه كان في يوم شك، أي: اليوم الثلاثين من شهر شعبان، وكان يوم شك، هل هو من رمضان أو من شعبان؟ ومن المعلوم أنه لا يثبت رمضان إلا إذا شُهِدَ بدخول الشهر، أو أكملت عدة شعبان ثلاثين يوماً، وبعد ذلك يبدأ شهر رمضان، فيوم الثلاثين هو يوم الشك، وصيامه محرم؛ لأن عماراً رضي الله عنه، أطلق عليه أنه معصية، وكان عمار رضي الله عنه قد أتي بشاة مصلية، وطلب من الحاضرين أن يأكلوا، وأن يشاركوا في الأكل، وكان بعض القوم امتنع وقال:
إني صائم، فقال عمار عند ذلك: من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم، فالإطلاق بأنه معصية لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم، يدل على تحريم صيامه، وأنه لا يجوز للإنسان أن يصوم يوم الشك الذي هو يوم الثلاثين من شعبان، وإنما عليه أن يكون مفطراً في ذلك اليوم اتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ولأنه قد جاء في الأحاديث عنه: (لا تتقدموا رمضان بيومٍ أو يومين إلا رجلٌ كان يصوم صوماً فليصمه).
وقوله: (لا تتقدموا) هذا نهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التقدم بالصيام، وعمار بن ياسر رضي الله عنه أطلق على صيام يوم الشك بأنه معصية لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم، وأبو القاسم كنية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانوا يذكرونه بكنيته عليه الصلاة والسلام، وقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم، بالكنية حسن، وذكره بوصف الرسالة أحسن، فإذا قيل: أبو القاسم فهو حسن، وإذا قيل: رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أحسن، فذكره بوصف الرسالة أحسن من ذكره بالكنية.

تراجم رجال إسناد حديث: (من صام اليوم الذي يشك فيه فقد عصى أبا القاسم)

قوله: [أخبرنا عبد الله بن سعيد الأشج].ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي خالد الأحمر].
هو سليمان بن حيان، وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو بن قيس].
هو عمرو بن قيس الملائي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن أبي إسحاق].
هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، الهمداني نسبة عامة، والسبيعي نسبة خاصة؛ لأن سبيع جزء من همدان، أو بعض من همدان، وهو مشهور بالنسبة الخاصة التي هي السبيعي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن صلة].
هو ابن زفر، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[كنا عند عمار].
هو عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث: (.. لا تصلوا رمضان بيوم من شعبان)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة ، حدثنا ابن أبي عدي ، عن أبي يونس ، عن سماك أنه قال: (دخلت على عكرمة في يومٍ قد أشكل من رمضان هو أم من شعبان وهو يأكل خبزاً وبقلاً ولبناً، فقال لي: هلم، فقلت: إني صائم، قال: وحلف بالله لتفطرن، قلت: سبحان الله مرتين، فلما رأيته يحلف لا يستثني تقدمت، قلت: هات الآن ما عندك، قال: سمعت ابن عباس رضي الله عنهما، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحابة أو ظلمة فأكملوا العدة عدة شعبان، ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً، ولا تصلوا رمضان بيومٍ من شعبان)].أورد النسائي رحمه الله حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنه، أن سماك بن حرب دخل على عكرمة وهو يأكل خبزاً وبقلاً ولبناً، فطلب منه أن يتقدم للأكل، فقال: إنه صائم، فحلف عليه ليفطرن، ثم قال: سبحان الله مرتين، ثم لما رآه عازماً وحالفاً تقدم للأكل، وقال: هات ما عندك، أي:
هات ما عندك من الحجة في ذلك، يعني: في هذا الإصرار، وهذا الإلزام، وهذا التأكيد بالحلف، فقال: حدثني ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)، أي: أن صيام رمضان يكون في الدخول لرؤيته، وفي الإفطار في الخروج يكون لرؤيته، فإن حصل مانع في السماء من غيم، أو ظلمة، أو قتر، أو غبار، أو ما إلى ذلك، فإن الناس يكملون عدة شعبان ثلاثين يوماً، ولا يستقبلون الشهر استقبالاً، بأن يصوموا اليوم الذي يشك فيه، لاحتمال أن يكون من رمضان، بل لا يصام رمضان إلا بيقين، ولا يكون الصيام إلا بإحدى هاتين الطريقتين: إما برؤية الهلال، أو بإكمال عدة شعبان ثلاثين يوماً، وبعد ذلك يصام رمضان.
قوله: [(ولا تصلوا رمضان بيومٍ من شعبان)]، بمعنى: أن الناس يصومون في آخر يوم من شعبان وصلاً له برمضان، واحتمالاً لأن يكون من رمضان؛ لأن الصيام لا يكون إلا بيقين من دخول الشهر، وذلك بحصول الرؤية، أو بحصول إكمال العدة عدة شعبان ثلاثين يوماً.

تراجم رجال إسناد حديث: (.. ولا تصلوا رمضان بيوم من شعبان)

قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وبغلان قرية من قرى بلخ، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي عدي].
هو محمد بن إبراهيم، مشهور بنسبته إلى جده عدي بن أبي عدي، فاسمه محمد بن إبراهيم بن أبي عدي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي يونس].
هو القشيري حاتم بن أبي صغيرة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سماك].
هو سماك بن حرب، وهو صدوق، وروايته عن عكرمة فيها اضطراب، وخرج حديثه البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، لكن الحديث كما هو معلوم جاء من طرق متعددة من غير هذا الطريق التي هي طريق عكرمة، فهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد مر بنا طرق عديدة بهذا الحديث.
[ دخلت على عكرمة..].
هو مولى ابن عباس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وعكرمة مولى ابن عباس، فيه كلام، لكن خرج له أصحاب الكتب الستة، ومن أحسن من كتب عنه هو الحافظ في مقدمة الفتح، فإنه حصر الأقوال التي قيلت فيه، والقوادح التي قُدِح به من أجلها، وأجاب عنها بتفصيل وإيضاح من أبين ما يكون في مقدمة الفتح، يعني أطال في الكلام عليه وعلى الإجابة عما أورد عليه، وما قدح فيه في مقدمة الفتح؛ لأن المقدمة ذكر فيها الأشخاص الذين تكلم فيهم من رجال البخاري، سواء كان الكلام مقبولاً أو غير مقبول، ولكنه اعتذر وأجاب عن كل واحد بما يناسبه، وكان بالنسبة لـعكرمة فإنه فصل الكلام تفصيلاً وبينه تبييناً، وذلك بحصر الأقوال التي قيلت فيه، ثم الإجابة عنها.
[ سمعت ابن عباس].
هو عبد الله بن عباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.


التسهيل في صيام يوم الشك


‏ شرح حديث: (... ألا تقدموا الشهر بيوم أو اثنين إلا رجل كان يصوم صياماً فليصمه)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [التسهيل في صيام يوم الشك. أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد ، أخبرني أبي، عن جدي، أنه أخبرني شعيب بن إسحاق ، عن الأوزاعي وابن أبي عروبة ، عن يحيى بن أبي كثير ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يقول: (ألا لا تقدموا الشهر بيوم أو اثنين إلا رجل كان يصوم صياماً، فليصمه)].
ثم أورد النسائي رحمه الله هذه الترجمة وهي: التسهيل في صيام يوم الشك، يعني: الرخصة في صيامه بحق بعض الناس، معناه: أن النهي ليس على الإطلاق بحيث لا يصام أبداً، ولا يصومه كل أحد، أي: الذي هو يوم الثلاثين من شعبان، بل جاءت السنة بالترخيص والتسهيل في حق بعض الناس الذين صيامهم ليس مرتبطاً برمضان، وإنما كان من عادتهم أن يصوموا الإثنين والخميس مثلاً، فوافق الخميس، أو الإثنين هو يوم الثلاثين، فإن هؤلاء يصومون ما اعتادوه؛ لأن صيامهم ما كان مبنياً على مناسبة الشهر، بل لو كان يوم الثلاثين يوم الثلاثاء، أو الأربعاء، أو السبت،
أو الأحد، فإنهم يصومون، فصيامهم متعلق بالعادة، فالذي يصوم يوم الشك من أجل يوم الشك، يصومه يوم الإثنين، أو الأحد، أو السبت، أو ما إلى ذلك، لكن الذي عنده عادة يلتزمها، وهو أن يصوم الإثنين والخميس، إذا وافق الإثنين يوم الثلاثين، أو الخميس يوم الثلاثين فإن له أن يصوم، وقد رخص له ذلك، وهذا هو المقصود بالتسهيل، أي: الترخيص في حق بعض الناس، وهم الذين كان لهم صيام وافق صيامهم ذلك اليوم، فإن له أن يصوم في هذه الحالة، ومعنى هذا أن المنع منه ليس مطلقاً في حق جميع الناس، بل رخص لمن كان من عادته أن يصوم مثلاً الإثنين والخميس، فوافق أحد هذين اليومين يوم الثلاثين، فإن له أن يصومه، ولا مانع منه، وقد رخص له بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل استثناه رسول الله عليه الصلاة والسلام بقوله: [(إلا رجلٌ كان يصوم صوماً فليصمه)].

تراجم رجال إسناد حديث: (... ألا تقدموا الشهر بيوم أو اثنين إلا رجل كان يصوم صياماً فليصمه)

قوله: [أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد].هو المصري، وهو ثقة، أخرج له الإمام مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[أخبرني أبي].
هو شعيب بن الليث، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن جدي].
الجد هو ابن سعد المصري، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني شعيب بن إسحاق].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن الأوزاعي وابن أبي عروبة].
الأوزاعي هو عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، الثقة الفقيه، فقيه الشام ومحدثها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وشعيب بن إسحاق يروي عن الأوزاعي وعن ابن أبي عروبة، وروايته عن ابن أبي عروبة بآخره؛ فيها كلام لأن ابن أبي عروبة حصل له اختلاط، ومن المعلوم أن رواية شعيب بن إسحاق عنه في هذا الإسناد لا تؤثر؛ لأنه ليس وحده في الإسناد، بل معه من هو عمدة وحجة وهو الأوزاعي، فلو لم يأت ابن أبي عروبة فإنه يكفي الأوزاعي في هذا الحديث، لكن ابن أبي عروبة أيضاً جاء، فكونه روى عنه بآخره الذي هو شعيب بن إسحاق لا يؤثر ذلك؛ لأنه مقرون في هذا الإسناد بالإمام الأوزاعي، وابن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير].
هو اليمامي، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو ابن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر الصحابة على الإطلاق حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.


ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً، والاختلاف على الزهري في الخبر في ذلك


‏ شرح حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً، والاختلاف على الزهري في الخبر في ذلك. أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، عن شعيب ، عن الليث ، أخبرنا خالد ، عن ابن أبي هلال ، عن ابن شهاب ، عن سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].
أورد النسائي رحمه الله ثواب من قام رمضان وصامه إيماناً واحتساباً، المراد بالإيمان، أي: كونه يصدق ويعتقد بفرضيته ولزومه بالنسبة للصيام، واستحبابه والترغيب فيه بالنسبة للقيام، هذا هو المراد بالإيمان، وأما الاحتساب فهو طلب الثواب من الله، ويرجو الثواب منه، ويدفعه إلى ذلك الرغبة فيما عند الله، وطلب ما عند الله من الثواب الذي أعده لمن عمل هذا العمل الذي هو الصيام والقيام، وقد أورد أحاديث متعددة تتعلق بالصيام، وتتعلق بالقيام، أولها حديث سعيد بن المسيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مرسل؛ لأن سعيد بن المسيب تابعي، (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وهذا يدل على فضل قيام رمضان واحتسابه، وترغيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيه، وبيان ما فيه من الأجر، وأن القيام الذي يكون نافعاً، ويكون صاحبه محصلاً للأجر، هو الذي يكون بهذين القيدين، وبهذين الوصفين، وهما: الإيمان والاحتساب.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...)

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم].ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن شعيب].
هو شعيب بن الليث، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن الليث].
هو الليث بن سعد، وقد تقدم، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا خالد].
هو خالد بن يزيد الجمحي المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن أبي هلال].
هو سعيد بن أبي هلال، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، مشهور بنسبته إلى جده شهاب، ومشهور بالنسبة إلى جده زهرة بن كلاب، وهو ثقة، فقيه من صغار التابعين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وكونه مرسلاً لا يؤثر؛ لأن الحديث جاء من طرق كثيرة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق ثانية

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن جبلة ، حدثنا المعافى ، حدثنا موسى ، عن إسحاق بن راشد ، عن الزهري أنه أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يرغب الناس في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمرٍ فيه، فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)]. أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها، وهو بلفظ الحديث الذي تقدم عن سعيد بن المسيب المرسل، (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وفيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يرغبهم في القيام من غير عزيمة أمر فيه، يعني: من غير أن يلزمهم به، ويفرضه عليهم، بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قام بأصحابه في أواخر الشهر من رمضان، وصلى بصلاته جماعة من أصحابه، وترك الاستمرار على ذلك خشية أن يفرض عليهم، وهذا من شفقته على أمته عليه الصلاة والسلام، وحرصه على عدم حصول ما يشق عليها، وما قد يفرض، فيحصل فيه مشقة وصعوبة، فترك عليه الصلاة والسلام الاستمرار بهم في الصلاة، يعني قيام رمضان جماعة خشية أن يفرض عليهم قيام رمضان صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ولكنه رغبهم فيه وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).

تراجم رجال إسناد حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق ثانية

قوله: [أخبرنا محمد بن جبلة].صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا المعافى].
هو ابن سليمان، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا موسى].
هو موسى بن أعين، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن إسحاق بن راشد].
ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن في روايته عن الزهري فيها كلام وبعض الوهم، ولكن ذلك لا يؤثر؛ لأنه جاء من طرق أخرى عن الزهري، وهو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
[عن الزهري].
قد تقدم ذكره.
[أخبرني عروة بن الزبير].
هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أن عائشة...].
هي أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق، وهي الصحابية التي عرفت بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها.

يتبع



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #639  
قديم 17-06-2022, 12:24 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح حديث: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له...) من طريق ثالثة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زكريا بن يحيى ، أنبأنا إسحاق ، أخبرنا عبد الله بن الحارث ، عن يونس الأيلي ، عن الزهري ، أنه أخبرنا عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج في جوف الليل يصلي في المسجد فصلى بالناس، وساق الحديث، وفيه أنه قال: فكان يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، ويقول: من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، قال: فتوفي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأمر على ذلك)].أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وفيه ما في الذي قبله إلا أنه ذكر الترغيب في قيام رمضان، ولكن نص على ليلة القدر، وهي من جملة رمضان، ولكن لها ميزة، ولها شأن خاص وفضل خاص، وذلك أنها خير من ألف شهر، وأنزل الله فيها سورة في كتابه تتعلق بهذه الليلة، والتنويه بعظم شأنها، فهي من جملة رمضان، وقيامها من قيام رمضان.
وقوله: [فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك]، أي: على أن الأمر مرغب فيه، وليس مفروضاً، وليس مأموراً به، هذا هو الذي توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر عليه، وهو من كلام الزهري الذي هو [فتوفي رسول الله والأمر على ذلك]، مدرجه واضح، ليس من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً...) من طريق ثالثة

قوله: [أخبرنا زكريا بن يحيى].هو زكريا بن يحيى السجزي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن إسحاق].
هو ابن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، والنسائي يروي عنه كثيرا بمباشرة، ولكنه يروي عنه أحيانا بواسطة كما هنا، فإنه يروي عنه بواسطة زكريا بن يحيى.
[أخبرنا عبد الله بن الحارث].
هو عبد الله بن الحارث المخزومي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن يونس الأيلي].
هو يونس بن يزيد الأيلي، ثم المصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن عروة عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (من قامه إيماناً واحتساباً...) من طريق رابعة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الربيع بن سليمان، حدثنا ابن وهب ، أخبرني يونس ، عن ابن شهاب ، أنه أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في رمضان: (من قامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وهو مثل ما تقدم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، هو دال على فضل قيام رمضان، وقد جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة، وعائشة، وعن غيرهم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قامه إيماناً واحتساباً...) من طريق رابعة

قوله: [أخبرنا الربيع بن سليمان].الربيع بن سليمان يحتمل أنه المرادي، ويحتمل أنه الجيزي، وكل منهما ثقة.
[حدثنا ابن وهب].
هو ابن وهب المصري عبد الله، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرني يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي وقد مر ذكره.
[عن ابن شهاب أخبرني أبو سلمة أن أبا هريرة...].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن خالد ، حدثنا بشر بن شعيب ، عن أبيه ، عن الزهري ، أنه أخبرني عروة بن الزبير: أن عائشة رضي الله عنها أخبرته: (أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خرج من جوف الليل فصلى في المسجد، وساق الحديث وقال فيه: وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرغبهم في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة أمرٍ فيه، فيقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].ثم أورد النسائي رحمه الله حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم عنها رضي الله عنها: (كان يرغبهم من غير عزيمة أمرٍ فيه، ويقول: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
قوله: [أخبرني محمد بن خالد].
هو محمد بن خالد بن خلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا بشر بن شعيب].
هو بشر بن شعيب بن أبي حمزة، وهو ثقة، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي. وهو الذي جاء في ترجمته الوهم الذي حصل لـابن حبان، وهو أن البخاري قال: تركناه حياً سنة اثنتي عشرة ومائتين، معناه: أنه لقيه ويعرفه، وآخر عهده به أنه كان حياً في تلك السنة، فـابن حبان أخطأ وقال: قال البخاري: تركناه، ولم يأت بما بعدها: (حياً)، فاختلف المعنى، ومعناه أنه متروك، وأن البخاري تركه وترك الاحتجاج به، وهذا خطأ؛ لأن البخاري قال: تركناه حياً، ولم يقل: تركناه فقط، أي: أننا تركنا حديثه، أو أننا تركنا الأخذ عنه، وإنما تركناه حياً، فـابن حبان أخطأ حيث أخذ أول الكلام، وغفل عن باقيه الذي هو يختلف تماماً عن ذكر (تركناه) وحدها، ونسبتها إلى البخاري، وهو ثقة.
[عن أبيه].
هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري، أخبرني عروة، أن عائشة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (من قامه إيماناً واحتساباً...) من طريق سادسة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن خالد ، حدثنا بشر بن شعيب ، عن أبيه ، عن الزهري ، أنه حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لرمضان: (من قامه إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، ورجال إسناده مر ذكرهم جميعاً.

حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو داود ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبي ، عن صالح ، عن ابن شهاب: أن أبا سلمة أخبره: أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو باللفظ المتقدم: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
قوله: [أخبرنا أبو داود].
هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا يعقوب بن إبراهيم].
هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبي].
أبوه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن صالح].
هو صالح بن كيسان المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب أن أبا سلمة أخبره أن أبا هريرة...].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا نوح بن حبيب ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة، قال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد حديث أبي هريرة بمثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا نوح بن حبيب].
ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
هو ابن راشد الأزدي البصري، ثم اليماني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.

حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا قتيبة].
وقد مر ذكره.
[عن مالك].
هو ابن أنس إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام، المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
وقد مر ذكره.
[عن حميد بن عبد الرحمن].
هو ابن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
وقد مر ذكره.

حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق عاشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة ، حدثنا ابن القاسم ، عن مالك ، أنه حدثني ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن القاسم].
هو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[عن مالك ، أنه حدثني ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.


حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق حادية عشرة وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني محمد بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، أنه حدثنا جويرية ، عن مالك ، أنه قال الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وحميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].ثم أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم.
قوله: [أخبرني محمد بن إسماعيل].
هو محمد بن إسماعيل الطبراني أبو بكر، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء].
هو عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد الضبعي، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا جويرية].
هو جويرية بن أسماء بن عبيد الضبعي، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه؛ أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[عن مالك أنه قال الزهري: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن وحميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (من قام شهر رمضان إيماناً...) من طريق ثانية عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة ومحمد بن عبد الله بن يزيد ، قالا: حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: (من صام رمضان)، وفي حديث قتيبة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قام شهر رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه من طريقين: من طريق شيخه قتيبة، ومن طريق شيخه محمد بن عبد الله بن يزيد المقرئ، وطريق محمد بن عبد الله قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، يتعلق بالصيام، وأما حديث قتيبة فإنه: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، أي عطف ليلة القدر على قيام رمضان، هو من عطف الخاص على العام؛ لأنها من جملة الشهر.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قام شهر رمضان إيماناً...) من طريق ثانية عشرة


قوله: [ومحمد بن عبد الله بن يزيد].هو المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[حدثنا سفيان].
هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة رضي الله عنه: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، وهو من طريق قتيبة، وهو مثل طريق محمد بن عبد الله بن يزيد المتقدمة تتعلق بالصيام، وحديثه الأول قتيبة يتعلق بقيام رمضان وقيام ليلة القدر، وأما هنا يتعلق بالصيام، (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، ورجال الإسناد مر ذكرهم جميعاً.

حديث: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا سفيان ، عن الزهري ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي حديث أبي هريرة من طريق أخرى، ويتعلق بصيام رمضان.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
هو ابن راهويه الحنظلي، وقد تقدم، وبقية رجال الإسناد كذلك تقدم ذكرهم.


حديث: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً..) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن المنذر ، حدثنا ابن فضيل ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].أورد النسائي رحمه الله حديث أبي هريرة، وهو بمثل ما تقدم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه).
قوله: [أخبرنا علي بن المنذر].
صدوق يتشيع، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[حدثنا ابن فضيل].
هو محمد بن فضيل بن غزوان الكوفي، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وهو الذي نسب إليه التشيع، وأجاب الحافظ ابن حجر عنه في ترجمته في مقدمة الفتح، أنه كان يقول: رحم الله عثمان، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان. رحم الله عثمان، أي: ابن عفان، ولا رحم الله من لا يترحم على عثمان. وهذا لا يقوله الشيعة.
[حدثنا يحيى بن سعيد].
هو الأنصاري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة عن أبي هريرة].
وقد مر ذكرهم.

الأسئلة


‏ كيفية رد المسلم على ملقي السلام بلفظ: السلام على من اتبع الهدى


السؤال: يقال: إذا دخلتم على ناس مختلطين أو على مجلس فيه مسلمون وكفار، فأقول: السلام على من اتبع الهدى، فإذا دخل شخص على مسلم وقال مازحاً: السلام على من اتبع الهدى، فهل يرد عليه؟

الجواب: ما يصلح المزح في مثل هذا، وهذا السلام في حق الكفار، وأما إذا كان ناس مختلطين كفار ومسلمون، فإنه يسلم على المسلمين وهو يريد المسلمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #640  
قديم 17-06-2022, 12:25 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,546
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) متجدد إن شاء الله

شرح سنن النسائي
- للشيخ : ( عبد المحسن العباد )
- كتاب الصيام

(375)

- باب ذكر الاختلاف في خبر ثواب قيام رمضان وصيامه - باب فضل الصيام والاختلاف على أبي إسحاق في حديث علي في ذلك

بين الشرع الحكيم فضل صيام وقيام رمضان إيماناً واحتساباً كما بين عظم الصوم وأجره.

ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير والنضر بن شيبان فيه


‏ شرح حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ...) من طريق ثالثة عشرة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ذكر اختلاف يحيى بن أبي كثير والنضر بن شيبان فيه.أخبرني محمد بن عبد الأعلى ومحمد بن هشام وأبو الأشعث واللفظ له، قالوا: حدثنا خالد عن هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه حدثني أبو هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].
فهذه طرق أخرى في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، المشتمل على بيان فضل قيام رمضان، وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، والحديث عن أبي هريرة قد مر من طرق عديدة، وهذه من الطرق التي ورد بها هذا الحديث، والكلام فيه كالكلام فيما تقدم: (من قام رمضان إيماناً)، أي: تصديقاً، واعتقاداً بما ورد فيه من الترغيب، ومن الفضل، واحتساباً، طلبا للأجر، والثواب من الله سبحانه وتعالى، (غفر له ما تقدم من ذنبه)، ومن المعلوم أن المغفرة في مثل هذا إنما هي للصغائر، وأما بالنسبة للكبائر، فإنه لا بد فيها من التوبة، والله تعالى يقول: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ )[النساء:31]، أي: الصغائر، وكذلك ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام: (العمرة إلى العمرة، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان كفارةٌ لما بينهن ما اجتنبت الكبائر)، فالكبائر تحتاج إلى توبة يتوب الإنسان منها، و(التوبة تجب ما قبلها)، ومن تاب تاب الله عليه.
وكذلك قوله: [(من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)]، وهي ليلة من رمضان، بل هي ليلة من العشر الأواخر من رمضان، وهي داخلة تحت قيام الليل الذي مر (من قام رمضان إيماناً، واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، يدخل في ذلك ليلة القدر، لكنه نص عليها على سبيل الإفراد بعد أن كانت داخلة ضمن ليالي الشهر؛ للتنويه بشأنها، ولعظيم شأنها، وقد جاء بيان فضلها في القرآن الكريم، وأنها (خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )[القدر:3]، وألف شهر تعادل ثلاثة وثمانين سنة، فهي تعادل عمراً طويلاً، وهذا يدل على عظم شأن هذه الليلة، وهي ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، بل من ليالي العشر الأواخر من رمضان.

تراجم رجال إسناد حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ...) من طريق ثالثة عشرة

قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى].هو الصنعاني البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في كتاب القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[و محمد بن هشام].
هو ابن أبي خيرة، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي.
[وأبو الأشعث].
هو أحمد بن المقدام، وهو صدوق، أخرج له البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[واللفظ له].
أي: لـأبي الأشعث الذي هو الأخير من الثلاثة؛ لأن للنسائي في هذا الحديث ثلاثة شيوخ، والأخير منهم هو: أبو الأشعث أحمد بن المقدام، واللفظ له، أي: اللفظ المسوق إنما هو لـأحمد بن المقدام، وأما الشيخان الأول والثاني، فهذا ليس لفظهما، ولكنه بالمعنى.
[حدثنا خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن هشام].
هو هشام بن أبي عبد الله الدستوائي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى].
هو يحيى بن أبي كثير اليمامي، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي سلمة].
هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم.
[عن أبي هريرة].
هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق رضي الله تعالى عنه وأرضاه.

حديث: (من قام شهر رمضان إيماناً واحتساباً ...) من طريق رابعة عشر وتراجم رجال إسنادها

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمود بن خالد عن مروان أخبرنا معاوية بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (من قام شهر رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)].ثم أورد النسائي الحديث عن أبي هريرة من طريق أخرى، وهو مثل الطريق السابقة يعني متنها هو نفس المتن.
قوله: [أخبرنا محمود بن خالد].
هو محمود بن خالد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[عن مروان].
وهو ابن محمد الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[أخبرنا معاوية بن سلام].
هو معاوية بن سلام الدمشقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة].
وقد تقدم ذكرهم.

شرح حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ...) من طريق خامسة عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا الفضل بن دكين أخبرنا نصر بن علي حدثني النضر بن شيبان: (أنه لقي أبا سلمة بن عبد الرحمن فقال له: حدثني بأفضل شيءٍ سمعته يذكر في شهر رمضان؟ فقال أبو سلمة: حدثني عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه ذكر شهر رمضان ففضله على الشهور، وقال: من قام رمضان إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ، والصواب: أبو سلمة عن أبي هريرة].أورد النسائي حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه، في رواية ابنه أبي سلمة عنه، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، وهذا لفظ آخر غير اللفظ المتقدم؛ لأن اللفظ المتقدم: (غفر له ما تقدم من ذنبه)، وهنا: (خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه).

تراجم رجال إسناد حديث: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً ...) من طريق خامسة عشرة


قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن مخلد بن راهويه الحنظلي، ثقة، فقيه، مجتهد، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئا.
[عن الفضل بن دكين].
هو أبو نعيم مشهور بكنيته، ويأتي باسمه كما هنا، ولكن أكثر ما يأتي ذكره بالكنية أبو نعيم، وهو من كبار شيوخ البخاري، وهنا يروي عنه النسائي بواسطة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وقد وصف بالتشيع، ولكن نقل الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح عن بعض العلماء عنه أنه قال: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية. وهذا يدل على سلامته من التشيع؛ لأن سب معاوية، وشتم معاوية هذا من أسهل الأشياء عند الشيعة، بل حتى الزيدية الذين هم أهون الشيعة، وأخف من الرافضة بكثير، يتفقون معهم على سب معاوية، وإن كانوا لا يسبون الشيخين أبا بكر، وعمر، والرافضة يسبونهم، إلا أن معاوية سبه أمر مشترك بين هذه الفرق الضالة، وكلام أبي نعيم الفضل بن دكين الذي نقل عنه يدل على سلامته من التشيع؛ لأنه كونه يقول: ما كتبت علي الحفظة أنني سببت معاوية. يدل على سلامته؛ لأن الشيعة لا يسلمون من سب معاوية، ومن القدح في معاوية رضي الله تعالى عنه وأرضاه. وأبو نعيم الفضل بن دكين، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن نصر بن علي].
هو ابن صهبان الجهضمي البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن الأربعة، ويتفق معه في الاسم واسم الأب حفيده، نصر بن علي بن نصر بن علي الذي يأتي في شيوخ النسائي، فهو حفيد لهذا، يعني ابن ابن، واسمه مع اسم أبيه مكرر؛ لأنه نصر بن علي بن نصر بن علي، والذي معنا هو الجد، وأما الذي يأتي في شيوخ النسائي وغيره في طبقة متأخرة، فهو الحفيد نصر بن علي بن نصر بن علي.
وقوله: [أنا] يعني أخبرنا، وعلى كلٍ بعض العلماء لا يفرق بين حدثنا وأخبرنا، ومنهم من يفرق بين حدثنا وأخبرنا، فيستعمل حدثنا في السماع وأخبرنا في العرض، والقراءة على الشيخ، ومنهم من يسوي بينهما، ويأتي بهما على حد سواء.
[عن النضر بن شيبان].
لين الحديث، وأخرج حديثه النسائي، وابن ماجه.
[عن أبي سلمة].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة الذين بشرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالجنة في حديث واحد فسردهم فقال: (أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وسعد بن أبي وقاص في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، والزبير بن العوام في الجنة، وطلحة بن عبيد الله في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة، وسعيد بن زيد في الجنة)، سردهم في حديث واحد عشرة، ولهذا يقال لهم: العشرة المبشرون بالجنة، ولا يعني أنه لم يبشر بالجنة أكثر من العشرة، بل هناك غيرهم بشر، ومنهم بلال، والحسن، والحسين، وفاطمة، وثابت بن قيس بن شماس، وعكاشة بن محصن، وعدد كبير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشروا بالجنة، لكن أطلق لقب العشرة على هؤلاء العشرة؛ لأنهم بشروا بالجنة في حديث واحد، سردهم النبي صلى الله عليه وسلم واحداً واحداً، كل واحد منهم قال عنه على سبيل الخصوص: فلان في الجنة، وفلان في الجنة، حتى سرد العشرة، وكل واحد يقول: إنه من أهل الجنة، فقيل لهم: العشرة المبشرون بالجنة.
ثم قال النسائي: [هذا خطأ، والصواب: عن أبي سلمة عن أبي هريرة]؛ لأن المحفوظ أن الحديث أو رواية أبي سلمة إنما يروي عن أبي هريرة، يعني هذا الحديث، ثم المتن فيه: (خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)، وهذا ليس متفقاً مع ما مر في الروايات التي تقدمت، والحديث ضعفه الشيخ الألباني، ولعله بسبب النضر بن شيبان.

حديث: (من صامه وقامه إيماناً واحتساباً) من طريق سادسة عشرة وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا النضر بن شميل أخبرنا القاسم بن الفضل حدثنا النضر بن شيبان عن أبي سلمة: فذكر مثله، وقال: (من صامه وقامه إيماناً واحتساباً)].ثم ذكر الحديث من طريق آخر وهو حديث عبد الرحمن بن عوف، وهو مثل ما تقدم، وإنما فيه: (من صامه وقامه إيماناً واحتساباً)، يعني: ذكر الصيام والقيام مع بعض.
قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].
قد مر ذكره.
[أخبرنا النضر بن شميل].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا القاسم بن الفضل].
ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن النضر بن شيبان عن أبي سلمة عن عبد الرحمن بن عوف].
وقد مر ذكرهم.

شرح حديث: (... فمن صامه وقامه إيماناً واحتساباً ...) من طريق سابعة عشرة

قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك حدثنا أبو هشام حدثنا القاسم بن الفضل حدثنا النضر بن شيبان أنه قال: قلت لـأبي سلمة بن عبد الرحمن: حدثني بشيء سمعته من أبيك سمعه أبوك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ليس بين أبيك وبين رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحد، في شهر رمضان، قال: نعم، حدثني أبي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إن الله تبارك وتعالى فرض صيام رمضان عليكم، وسننت لكم قيامه، فمن صامه وقامة إيماناً واحتساباً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه)].أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل ما تقدم، إلا أن في أوله ذكر فرض الله عز وجل الصيام، وأن النبي صلى الله عليه وسلم سن القيام، أي: رغب فيه، وحث عليه، كما مر في بعض الروايات: أنهم كان يرغبهم من غير عزيمة أمر فيه، بل هو يخاف، وكان يخشى أن يفرض عليهم، فلم يواصل بهم الصلاة، وقد صلى بهم عدة أيام في آخر الشهر، وترك خشية أن يفرض عليهم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، فهو سنة من السنن المستحبة التي سنها الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو من هديه عليه الصلاة والسلام، ولكنه ليس واجباً، وإنما هو مستحب.

يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 11 ( الأعضاء 0 والزوار 11)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 287.66 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 281.82 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (2.03%)]