|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#581
|
||||
|
||||
![]() الشرك بالله تعالى أفظع وأبشع أنواع الظلم أقول: ما هو أفظع أنواع الظلم؟ ما هو قتل أبيك أو أمك فقط، أو سرقة جارك، أو الزنا بامرأة جارك، أو بانغماسك في البنك تأكل الربا، إن أفظع وأعظم أنواع الظلم هو الشرك بالله عز وجل؛ لأنه ذنبٌ لا يُغفر إلا بالتوبة النصوح قبل أن يغرغر، أما إذا حشرجت في الصدر فلا ينفع توبة، وحشرجة في الصدر الروح هي أن تؤخذ الروح من الجسم شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى الحلقوم، فلا ترجع بعد ذلك، ويشاهد المحتضر ملك الموت وأعوانه أمامه، وهنا إذا قال: أتوب إلى الله، استغفر الله، وهذا على فرض، وإلا فإنه لا يلهم لهذا أبداً، قال تعالى: إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُوْلَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ [النساء:17-18]، إذاً أفظع أنواع الظلم هو الشرك بالله تعالى، والشرك بالله تعالى كأن تعلق الصليب في عنقك وتعبد المسيح، أو اتخاذك تمثالاً من ذهب أو من فضة أو من طين أو من خشب في بيتك وتنحني أمامه وتسجد بين يديه.وبالتالي فالشرك هو عبادة غير الله كيفما كان المعبود، حتى لو كان جبريل أو ميكائيل عليهما السلام، إذ قد عبد المشركون من العرب الملائكة وقالوا: إنهم بنات الله، وأن الله قد أصهر إلى الجن فأنجب الملائكة، فأنكر الله عليهم فقال: أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ [الصافات:153-154]، فعبادة غير الله هي الشرك الأعظم، سواء كان المعبود ملكاً في السماء أو نبياً في الأرض أو ولياً صالحاً بيننا، أو كان غير ذلك، فالله عز وجل لم يسمح ولم يأذن ولم يرض لعبد من عباده أن يعبُد غيره، إذ خلقه ورزقه وحفظه من أجل أن يعبده، فإذا رآه يلتفت إلى غيره ويعبده بأي نوع من أنواع العبادة فقد أغضب عليه ربه عز وجل، وظلم مولاه، واعتدى على حقه، إذ حق الله ثابت علينا وهو: أن نعبده مقابل خلقنا ورزقنا وحفظنا، ومقابل إيجاد هذه الحياة كلها لنا ومن أجلنا. الدعاء هو العبادة ولا يجوز صرفه لغير الله واسمعوا! والذي نفسي بيده، لا يرضى الله عز وجل عن عبد ينادي غيره ويتركه هو، وذلك لينقذه أو يسعفه، فلهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء هو العبادة )، ومعناه: من لم يدع الله ما عبد الله تعالى، ومعناه: من دعا غير الله فقد كفر بالله، إذ الدعاء هو العبادة، فلا عبادة تصح أبداً من عبد يدعو غير الله أو لا يدعو الله تعالى.ومن لطائف الدرس: أن جماعة من المتصوفة وغلاتهم احتالوا على مريدين وقالوا لهم: كيف تدعون الله؟ الله ما يعرفكم؟! ما يعلم بحاجاتكم حتى ترفعون إليه أيديكم وتقولون: أعطني كذا وكذا، وافعل لي كذا وكذا؟! ووضعوا لذلك قاعدة لا تحفظوها، فقالوا: حالي يغني عن سؤالي، أي: هو يعرف مرضي إن كنت مريضاً، وجوعي إن كنت جائعاً، وغربتي إن كنت غريباً، فلمَ ندعوه؟ ومعنى هذا الكلام: لا تدعوا، واستشهدوا لهذا بقضية خاصة وهي أن الخليل إبراهيم عليه السلام يوم أن حكم عليه بالإعدام بأرض بابل بالعراق، وأججت النيران، وأعدت إعداداً خاصاً، وجيء به بالفعل مكتوف اليدين والرجلين، ووضع في المنجنيق ودفعوه إلى النار؛ لأنهم ما استطاعوا أن يقربوا منها، فقد كانت من مسافات بعيدة ملتهبة وحارة جداً، حتى الطير لا يستطيع أن يحوم فوقها، فلما ألقي عرض عليه جبريل على الفور فقال له: ألك حاجة يا إبراهيم؟ فقالوا كذباً عليه: حالي يغني عن سؤالي! ونحن قد أخبرنا حفيده صلى الله عليه وسلم بأنه قال: أما إليك فلا، وأما إلى الله فنعم، أي: لا حاجة لي عندك، وإنما حاجتي عند ربي، فصدر أمر الله عز وجل إلى النار، إذ هي مخلوقة من مخلوقاته، ومربوبة من مربوباته: يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]، وقد علمنا من قبل نبينا صلى الله عليه وسلم أن الله لو ما قال: وَسَلامًا [الأنبياء:69]، لمات إبراهيم في النار بالبرد، إذ البرد قاتل كالحر، والآن يموتون في الثلج، لكن قوله: بَرْدًا وَسَلامًا [الأنبياء:69]، فخرج -بعدما احترق القيد من يديه ورجليه- وهو يتفصد عرقاً، فانبهر ذلك الشعب واندهش، وقال: هيا نترك هذه الديار وأهلها، فخرج مع ابن أخيه لوط وزوجه سارة، إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي [العنكبوت:26] سَيَهْدِينِ [الصافات:99]، ولا يدري أين يذهب، وقد هداه ربه عز وجل، والشاهد عندنا في كلمة: حالي يغني عن سؤالي، إذ معناها: لا تدعو الله!! أعوذ بالله، إنه لا أعظم من الدعاء، فاصرخ يا عبد الله بين يدي ربك، إذ إن هذه أعظم عبادة لله تعالى، حتى قيل: إن الدعاء مخ العبادة، فمخ الحيوان إذا زال مات، وكذلك إذا نزع الدعاء ما بقيت عبادة.ولنا صورة دائماً نمثلها للحاضرين: قف يا إدريس! وارفع يديك إلى الله، فماذا تقرءون في هيئته هذه؟ أنا أقرأ وأنتم تسمعون: إن هذا العبد فقير محتاج إلى الله تعالى، والدليل أنه رفع كفيه إلى السماء، وهي علامة على فقره، والله يحب من عبده أن يعلن عن فقره، وأنه لا غنى له عن ربه، وثانياً: أن هذا العبد قد علم وأيقن أن ربه يسمع كلامه وإن أسره وأخفاه، فهو بين يديه يسمعه، ولولا أنه يعلم أن الله يسمعه هل يدعو بهذا الدعاء فقط؟ وإذا رفع صوته فربه قريب منه في الملكوت الأعلى؟ لكن علم هذا العبد أن الله عليم بذات الصدور، وأنه يعلم السر والنجوى، وأنه يعلم السر وأخفى، ويعلم ما في الظلمات، وما في الليل والنهار، وما في البر والبحر، وبالتالي فهذا مؤمن بأن الله يسمعه ويراه، وثالثاً: لولا علمه أن الله يرى مكانه في المدينة أو في مراكش أو في الليل أو في النهار فكيف يدعو هنا؟ ليذهب إلى مكان يراه الله، أو إلى كعبته وبيته، إذاً هو مؤمن بأن الله يراه حيث ما كان، وأضف إلى هذا: لو عرف أن غير الله يعطيه حاجته لعمل بيديه هكذا، أي: مدها إلى من يطلب منه، لكنه ما رفع يديه إلا إلى أعلى، علماً منه أنه لا يوجد أبداً في الكون من يعطيه أو يقضي حاجته إلا الله تعالى، وإلا لنكَّس يديه إلى أسفل، أو قال يا فلان.فهل عرفتم أن الدعاء هو العبادة؟ إذاً فادعوا الله عز وجل وابكوا وعفروا وجوهكم في التراب، وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، إذ إن أعظم حالة لاستجابة الدعاء وأنت ساجد بين يدي الله تعالى، فتعفر وجهك بين التراب، لا على هذا الحرير، والدموع تسيل، فلا ترفع رأسك حتى تُعطى حاجتك، واقرءوا: وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ [العلق:19]، وقال عليه الصلاة والسلام: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد )، واحفظوا هذه الكلمة عن نبينا صلى الله عليه وسلم، فهيا بالبالون نطلع خمسين عاماً في السماء، هل نقرب إلى الله أكثر ممن هو هنا؟ والله ما كان، حتى لو تخترق السموات السبع ما تقرب من الله كما تقرب منه وأنت ساجد ووجهك في التراب على الأرض؛ لأن الملكوت كله في يديه وقبضته.معاشر المستمعين! إن الشرك أعظم ذنب وصاحبه إن لم يتب منه فهو خاسر خسراناً أبدياً. ذكر بعض مظاهر الشرك بالله تعالى كما يجب علينا أن نعرف مظاهر الشرك مظهراً بعد آخر، وذلك حتى ننقذ إخواننا من الشرك، والحمد لله فقد أنقذ الله بهذه الدعوة من المؤمنين والمؤمنات الكثير، وذلك ممن كانوا يعيشون والله على أفظع الشرك، فقد كانوا يستغيثون ويدعون ويصرخون وينادون بأسماء غير أسماء الله تعالى! وقد كانت قلوبهم متعلقة بالأولياء وبالقبور والأضرحة، ولذا فقد كانوا يحلفون بها ويستغيثون بها وينذرون لها ويحبون فيها ويبغضون فيها، والحمد لله قد نجانا الله من ذلك، ونجى أيضاً من عاشرناه.وخلاصة القول: من الآن إياك يا عبد الله ويا أمة الله أن تحلف بغير ربك، صادقاً كنت أو كاذباً؛ لأن الحلف بغير الله شرك في عظمة الله عز وجل، إذ إن الذي تحلف به يكون قد عظمته وأعطيته منزلة حتى أصبح لأن يُحلف به، ومعناه أنك رفعته إلى مستوى الألوهية والربوبية، فإياي وإياكم أن يسمعنا الله نحلف بغيره، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في رواية الترمذي في جامعه الصحيح: ( من حلف بغير الله فقد أشرك )، صدقت يا رسول الله، إذ لما نقول: وحقك، ورأسك، وسيدي فلان، يكون قد عظمته، وأعطيت من عظمة الله لهذا المخلوق عظمة وأشركته فيها، وهذا أمر واضح للمتأمل.والرسول صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول: ( ألا )، ألو، أستغفر الله، ما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ألو، لكن أنتم تعرفونها أكثر من ألا، ( ألا إن الله ورسوله ينهيانكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، وفعلاً فقد كانوا يحلفون بآبائهم، وقد كانوا يحلفون باللات والعزى، إذ إن الرجل أسلم أمس، فلا يستطيع أن يترك الحلف بإلهه الذي عاش معه أربعين سنة، إذ إنه ما يشعر حتى يقول: واللات أو والعزى، فكانت مشكلة عالجها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أستاذ الحكمة ومعلمها، فقال عليه السلام: ( من حلف باللات فليقل: لا إله إلا الله )، وهل استفاد إخواننا الذين تعودوا: بحق سيدي عبد القادر، والنبي؟ قل: لا إله إلا الله تمحها على الفور، إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114]، وبعضهم قد عاش في مكة على القمار سنين عديدة، فما يدري إلا وقد بدون شعور أو بدون قصد: تعال أقامرك، فقال عليه الصلاة والسلام: ( ومن قال: تعال أقامرك فليتصدق )، بصدقة مطلقاً، فإنها تمحو هذه الكلمة، فهذا هو العلاج للمجتمع الذي تعود على القمار؛ لأنه بقوله: تعال أقامرك أو ألعب معك، يكون قد زلت قدمه، ومع هذا قد تدست النفس، فإنه يحتاج إلى محو وإزالة هذا الأثر بصدقة ولو بحفنة تمر.وأما من يقول: علي الطلاق، أو بالطلاق، أو والطلاق، فما هو الطلاق؟ جبل أحد هذا؟ ماذا عليه؟ إن هذه من ألفاظ الجهال، إذ حقيقة الطلاق يا عباد الله أن المؤمن وهو ولي الله، والمؤمنة وهي ولية الله، إذا تأذى هذا الرجل من امرأته وصبر وبقي في آلامه، فإن سيده ومولاه لا يرضى له أن يعذب طول حياته، فله أن يطلق، وكذلك المؤمنة أمة الله، فإن تأذت من هذا الزوج، وصبرت عاماً وعامين، فإن الله لا يرضى لأمته أن تعذب، فلها عند ذلك أن تطلب الطلاق، إذ إن الطلاق هو لرفع الضرر على عباد الله الصالحين، فكيف أصنع؟ نأتي باثنين من الرجال العدول، ونجلس معاً في البيت، ونقدم لهم طعاماً أو شراباً، ثم نقول لهما: أشهدكما أني قد طلقت فلانة، يا فلانة أنت طالق، ابق في بيتك حتى تنتهي عدتك، ثم الحقي بأهلك، فهذا هو الطلاق، وأي طلاق غير هذا فهو بدعة وضلال ومنكر.مرة أخرى: يكون الطلاق عندما يؤذى عبد الله أو أمة الله عاماً أو عامين، ولا يستطيع أن يصبر أكثر من ذلك، إذ كيف يرضى الله بأذيته وهو وليه؟ وكذلك المؤمنة لا يرضى الله لها أن تبقى معذبة، ( من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب )، إذاً: فأذن الله في الطلاق، فكيف نطلق؟ علي الطلاق؟! وبالطلاق؟! وبجامعة الأيمان؟! كل هذه ألفاظ مبدعة محدثة، إذ إن الطلاق هو أن تأتي باثنين من عدول القرية أو من جماعتك أو من حيك، وتدخلون المنزل وتقول لهما: أشهدكما أني قد طلقت فلانة، فقط بهذه الكلمة، وهي تسمع، ثم يقول لها: يا فلانة! ابق في بيتك، وكلي واشربي واستريحي حتى تنتهي العدة، وهي ثلاثة حيض أو أقراء، ثم تذهبين إلى أهلك، وإن قالت: لا، اسمح لي من الآن اذهب إلى بيتنا، فلا يمنعها، ثم يسألها: هل لك عندنا شيء؟ قالت: نعم، لي عليك ألفين ريال من يوم كذا، فيعطيها إياها، وإن قالت: أمتعني وأكرمني بشيء فأنا الآن ذاهبة إلى بيت أبي، فأعطها ألف ريال، ومع السلامة يا أمة الله، فهذا هو الطلاق، وهذا هو الإسلام، وهذا الموضوع طويل كموضوع الشرك، وسنعود إليه إن شاء الله يوم غد.وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
__________________
|
#582
|
||||
|
||||
![]() |