شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله - الصفحة 52 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح مسلم الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 509 - عددالزوار : 63058 )           »          السنة في ليلة العرس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مسّ الحائض والجُنُب المصحف بِلا حائل! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حُكم التعزية قبل الدفن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الحلال والحرام في الإسلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          السّجود للتلاوة على غير السّجادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الزكاة على العملات القديمة أو الجديدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          إعادة صلاة الجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          اصطفاف أهل الميت عند باب المقبرة لتلقي التعازي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 12 - عددالزوار : 7852 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 03-05-2025, 05:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب الجهاد
شرح سنن أبي داود [303]
الحلقة (335)



شرح سنن أبي داود [303]

من الآداب التي ذكرها لنا النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع الحيوانات والدواب ترك ركوب الجلالة التي تأكل العذرة، وعدم شرب لبنها وأكل لحمها حتى تحبس مدة معينة، ونهانا عن لعن الدواب ووسمها في وجهها، وأجاز أن يركب على الدابة أكثر من شخص إذا كانت تطيق ذلك.

ما جاء في ركوب الجلالة


شرح حديث (نهي عن ركوب الجلالة)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في ركوب الجلالة. حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهي عن ركوب الجلالة) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في ركوب الجلالة. والجلالة: هي التي تأكل العذرة، وهي الجلة، وهي البعر، والمقصود بذلك النجس، وأما الشيء الذي ليس بنجس فهذا لا محذور فيه، وإنما المحذور فيما كان نجساً فالجلالة التي تأكل العذرة، وهي ما يخرج من الإنسان أو من الحيوان الذي روثه نجس، فهذه لا يجوز أكلها، وكذلك جاء الحديث أنها لا تركب حتى يطيب لحمها، وحتى يذهب ما فيها، فتحبس وتمنع وقتاً من الأوقات فتأكل شيئاً طيباً حتى يذهب ما فيها من الخبث الذي جاء نتيجة لأكل العذرة، وعند ذلك تؤكل ويركب عليها. وقيل في النهي عن الركوب أنه عندما تعرق يكون فيها هذا النتن بسبب هذا الذي تغذت به وهو النجاسة والعذرة، فيكون ذلك فيه نوع من العقوبة المالية، فكون الإنسان ممنوعاً من الاستفادة من هذه الدابة التي صارت كذلك حتى يبعدها عن أكل هذه النجاسة وعن هذه الأشياء القذرة. وهل هناك فترة معينة لمدة الحبس؟ الظاهر أنه لا توجد فترة معينة، لكن حتى يطمئن العبد فيها إلى أن اللحم قد طاب. أورد المؤلف حديث ابن عمر قال: (نهي عن ركوب الجلالة) والحديث الثاني: (نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ركوب الجلالة).

تراجم رجال إسناد حديث (نهي عن ركوب الجلالة)


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا عبد الوارث ]. عبد الوارث بن سعيد العنبري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع مولى ابن عمر و ابن عمر قد مر ذكرهما.

شرح حديث (نهى رسول الله عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها) وتراجم رجاله

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي أخبرني عبد الله بن الجهم حدثنا عمرو -يعني: ابن أبي قيس - عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها) ]. وهذا الحديث مثل الذي قبله في النهي عن الجلالة في الإبل أن يركب عليها. قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي سريج الرازي ]. أحمد بن أبي سريج الرازي ، هو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ أخبرني عبد الله بن الجهم ]. عبد الله بن الجهم ، وهو صدوق، أخرج له أبو داود . [ حدثنا عمرو يعني: ابن أبي قيس ]. عمرو بن أبي قيس ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن أيوب السختياني عن نافع عن ابن عمر ]. وقد مر ذكر الثلاثة.

حكم حليب الجلالة والركوب على الحمار الذي يأكل العذرة


وأما حليب الجلالة فهو من ركوبها، فإذا كان الركوب يمنع فالحليب من باب أولى. وأما الحمار فأقول: إذا كان يأكل العذرة فحكمه مثل الجلالة، إلا أن الحمار كما هو معلوم لا يأكل العذرة، فإذا وجد في الحمير ما يأكلها فلا يمكن من أكل الجلة وإذا أكل فلا يركب عليه، وإنما يطعم شيئاً طيباً، فالذي يبدو أنه لا فرق بين الحمار وغيره، فالنتيجة واحدة، والكل يمنع من أكل العذرة والأِشياء القذرة. وأما بالنسبة للدجاج فإنه قد يجد شيئاً قذراً لكنه في الغالب يكون طعامه طيباً، فأقول: مثل هذا لا يؤثر، وإنما الذي يؤثر كونه يأكل هذه الأشياء القذرة دائماً ويتغذى بها، أما إذا أكل شيئاً نجساً يسيراً جداً فهذا لا يسلم منه الدجاج.

ما جاء في الرجل يسمي دابته


شرح حديث (كنت ردف رسول الله على حمار يقال له عفير)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسمي دابته. حدثنا هناد بن السري عن أبي الأحوص عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ رضي الله عنه قال: (كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يسمي دابته، فإنه لا بأس بأن تسمى الدابة باسم تعرف به، وقد جاء ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث، ومنها هذا الحديث الذي هو حديث معاذ قال: (كنت ردف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار يقال له عفير) يعني: اسمه عفير، وقيل: إنه تصغير أعفر، وهو الذي لونه لون التراب. ففي الحديث تسمية الحمار بعفير، والشيخ الألباني قال: إن التسمية هنا شاذة، لكن كون بعض الرواة ما ذكروا التسمية لا يؤثر؛ لأن الذي ذكر أن اسمه كذا هي زيادة في الحديث فتكون مقبولة. وهذا هو نفس الحديث: (أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟) إلى آخر الحديث.

تراجم رجال إسناد حديث (كنت ردف رسول الله على حمار يقال له عفير)


قوله: [ حدثنا هناد بن السري ]. هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الأحوص ]. أبو الأحوص سلام بن سليم الحنفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمرو بن ميمون ]. عمرو بن ميمون ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن معاذ ]. معاذ بن جبل رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.

ما جاء في النداء عند النفير يا خيل الله اركبي



شرح حديث (فإن النبي سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النداء عند النفير: يا خيل الله اركبي. حدثنا محمد بن داود بن سفيان حدثني يحيى بن حسان أخبرنا سليمان بن موسى أبو داود حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب حدثني خبيب بن سليمان عن أبيه سليمان بن سمرة عن سمرة بن جندب رضي الله عنه: (أما بعد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر، والسكينة وإذا قاتلنا) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في النداء عند النفير يا خيل الله اركبي. النداء عند النفير يعني: عند الفزع وعند إرادة الإقدام، فينادى: يا خيل الله اركبي. وقيل: المراد بالخيل هم الفرسان؛ لأن الخيل تأتي ويراد بها الأفراس، وتأتي ويراد بها الفرسان، ومن ذلك قول الله عز وجل: وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ [الإسراء:64] أي: بجنودك سواء ممن يركبون الخيل، أو الذين يمشون على أرجلهم. أورد أبو داود حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (أما بعد: فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله). قوله: (إذا فزعنا). يعني: إذا حصل فزع ونفير، وذلك في الإقدام على شيء، ومنه الحديث الذي جاء في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته، وأنه أصاب الناس فزع وركب على فرس عري ليس لها سرج فسبق الناس حتى رجع وقال: (لن تراعوا لن تراعوا! وقال: إنه لبحر) يعني: مع أنه كان كليلاً وبطيئاً لكنه انطلق وأسرع وسبق غيره، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم بأنه ليس هناك شيء، وأنهم لن يراعوا، فالمقصود به الفزع عند الشدة والنفير لأمر مهول أو أمر مخوف. قوله: [ (فإن النبي صلى الله عليه وسلم سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا) ]. يعني: إذا حصل فزع وخوف، والفزع الذي هو النفير من أجل شيء يخاف منه. فكان يناديهم: يا خيل الله! من أجل أن يفزعوا فينطلقوا وينفروا، والمقصود بذلك الفرسان وليس الخيل نفسها، والحديث ضعيف لأنه من في سنده كلهم ضعفاء إلا الصحابي و يحيى بن حسان وخمسة رواة كلهم ضعفاء انفرد أبو داود بالرواية عنهم. قوله: [ (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا فزعنا بالجماعة والصبر والسكينة). أي: أن نكون مجتمعين، وألا نكون متفرقين، وبالصبر والسكينة إذا نفروا من أجل الذي فزعوا إليه، وعدم الذعر والخوف، أو أن يكون عندهم هلع. والحديث ضعيف لأن فيه خمسة ضعفاء. قوله: [ (وإذا قاتلنا) ]. كذلك يأمرهم بالصبر والجماعة في هذه الأحوال عند فزعهم وعند قتالهم.

تراجم رجال إسناد حديث (فإن النبي سمى خيلنا خيل الله إذا فزعنا)


قوله: [ حدثنا محمد بن داود بن سفيان ]. محمد بن داود بن سفيان ، مقبول، أخرج له أبو داود وحده. [ حدثني يحيى بن حسان ]. يحيى بن حسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب إلا ابن ماجة . [ أخبرنا سليمان بن موسى ]. سليمان بن موسى ، وفيه لين، أخرج له أبو داود . [ حدثنا جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ]. جعفر بن سعد بن سمرة بن جندب ، وهو ليس بالقوي، أخرج له أبو داود . [ حدثني خبيب بن سليمان ]. خبيب بن سليمان ، وهو مجهول، أخرج له أبو داود . [ عن أبيه ]. سليمان بن سمرة وهو مقبول، أخرج له أبو داود . [ عن سمرة بن جندب ]. سمرة بن جندب رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في النهي عن لعن البهيمة


شرح حديث النهي عن لعن البهيمة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب النهي عن لعن البهيمة. حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين رضي الله عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فسمع لعنة، فقال: ما هذه؟ قالوا: هذه فلانة لعنت راحلتها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ضعوا عنها فإنها ملعونة، فوضعوا عنها، قال عمران : فكأني أنظر إليها ناقة ورقاء) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن لعن البهيمة. يعني: أن لعن البهيمة حرام لا يجوز، وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه: (أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع لعنة فقال: ما هذه؟ قالوا: فلانة -يعني: سموها- لعنت ناقتها! فقال: ضعوا عنها). يعني: ضعوا عنها حملها أو ركابها واتركوها عارية ليس عليها شيء، فلا يركبها أحد، قال: (فإنها ملعونة). قوله: [ (فإنها ملعونة) ] يعني: أن صاحبتها لعنتها، وهذا قيل: إنه من العقوبة بالمال، وذلك حرمان منفعة المال، وحرمان الركوب، والمقصود من هذا أنه ليس معنى ذلك أنها تهمل وتترك، وأنه لا يستفاد منها، وإنما المقصود منها هذه الصحبة والرفقة التي حصل فيها اللعن، أنها تترك فلا يستفاد منها عقوبة لصاحبتها؛ لكونها لعنتها، ولا يعني ذلك أنها لا تبقى على ملك صاحبتها، وأنها تباع ولا يستفاد منها، بل يستفاد منها، وليست مالاً مهملاً متروكاً مضيعاً، وإنما هذه عقوبة من أجل التأديب حتى لا تفعل مثل ذلك، وحتى يبتعد غيرها عن أن يقدم على ما أقدمت عليه. وقد قال الإمام النووي : إن هذا إنما هو خاص في تلك الرفقة التي فيها رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولهذا جاء في الحديث: (لا تصحبنا ناقة ملعونة) وعلى هذا فاللعن لا يجوز، والنهي موجه لكل أحد، ولكن ذلك لا يعني أنه إذا لعن الشيء فإنه يهمل ويترك ولا يستفاد منه، وإنما ذلك كما قال النووي: خاص بتلك الناقة التي لعنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا تصحبنا ناقة ملعونة). قوله: [ (فكأني أنظر إليها ناقة ورقاء) ]. يعني: أنها فيها غبرة مثل لون الحمامة التي يقال لها: ورقاء.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-05-2025, 05:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

تراجم رجال إسناد حديث (النهي عن لعن البهيمة)

قوله: [ حدثنا سليمان بن حرب ]. سليمان بن حرب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن زيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أيوب عن أبي قلابة ]. أيوب بن أبي تميمة السختياني مر ذكره، و أبو قلابة هو: عبد الله بن زيد الجرمي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي المهلب ]. وهو الجرمي عم أبي قلابة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمران ]. عمران بن حصين أبو نجيد رضي الله عنه وأرضاه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في التحريش بين البهائم


شرح حديث (نهى رسول الله عن التحريش بين البهائم)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في التحريش بين البهائم. حدثنا محمد بن العلاء أخبرنا يحيى بن آدم عن قطبة بن عبد العزيز بن سياه عن الأعمش عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التحريش بين البهائم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في التحريش بين البهائم، والتحريش بين البهائم هو أن يسلط بعضها على بعض، وأن يعمل على ذلك، كالكباش تتناطح أو الديكة تتناقر ويؤذي بعضها بعضاً، وذلك لما فيه من العبث؛ ولأن فيه إيذاء وإيلاماً للحيوان، حيث إن الحيوان يؤلم الحيوان؛ فيترتب على ذلك كون الكبش ينطح الكبش بأن يضره ويلحق به ضرراً، والديك ينقر ديكاً آخر فيفقأ عينه أو يلحق به ضرراً. فالعلة كونه فيه عبث وأيضاً ما يترتب عليه من إلحاق الضرر بالحيوان بسبب هذا التحريش، والحديث ضعيف، ولكن وإن كان هو ضعيف إلا أن المعنى صحيح، فلا يجوز أن يتسبب المرء في كون الحيوان يؤذي أخاه، ولا أن يلتهى بذلك، وكون الإنسان يستمتع بالنظر إليها وهي يؤذي بعضها بعضاً، لا يجوز.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى رسول الله عن التحريش بين البهائم)


قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا يحيى بن آدم ]. يحيى بن آدم الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قطبة بن عبد العزيز بن سياه ]. قطبة بن عبد العزيز بن سياه ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن الأعمش ]. سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي يحيى القتات ]. أبو يحيى القتات ، وهو لين الحديث، وحديثه أخرجه البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ عن مجاهد ]. مجاهد بن جبر المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ، ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. والحديث ضعيف من جهة هذا الراوي الذي هو لين الحديث.
ما جاء في وسم الدواب


شرح حديث وسم الغنم في آذانها


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في وسم الدواب. حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بأخ لي حين ولد ليحنكه، فإذا هو في مربد يسم غنماً. أحسبه قال: في آذانها) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في وسم الدواب، يعني: أن ذلك سائغ؛ لأن فيه مصلحة وفائدة، وهي أنه علامة بحيث يكون كل جماعة أو كل قبيلة لهم علامة في الوسم، بحيث إذا رئي الحيوان قيل: هذه الناقة لآل فلان، أو هذا وسم آل فلان، أو هذا وسم إبل الصدقة، فالمقصود به العلامة التي يستدل بها على أهل البهيمة، وعلى أصحاب البهيمة، وهو إن كان فيه شيء من الإيذاء في أول الأمر عند وسمها إلا أنه من جنس الأشياء الأخرى مثل الختان؛ لأن فيه مصلحة وفائدة. فالوسم جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه كما أورد أبو داود حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه جاء بأخ له حين ولد ليحنكه، أي: ليمضغ تمرة ثم يدلك بها حنكه فيكون أول شيء يصل إلى جوفه هو ذلك الحلو، ثم كونه من ريق النبي صلى الله عليه وسلم فيكون فيه البركة، وقد كانوا يتبركون بريقه صلى الله عليه وسلم ويتبركون ببصاقه وشعره وعرقه ومخاطه صلى الله عليه وسلم. فكان الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم يتبركون به صلى الله عليه وسلم، فكانوا يأتون إليه من أجل أن يحنك أولادهم، وبعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذهب إلى أحد ليحنك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ريقه فيه بركة، ولم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده يذهبون إلى أبي بكر أو إلى عمر أو إلى عثمان أو إلى علي ليحنكوا أطفالهم، وإنما كان الواحد يحنك ابنه، والمرأة تحنك ابنها دون أن يحتاج إلى أن يذهب إلى أحد، فقد ذكر الشاطبي في الاعتصام ذلك، وأن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم ما فعلوا ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدل هذا على أنه من خصائصه عليه الصلاة والسلام. يقول أنس : إنه ذهب بأخ له إلى رسول الله ليحنكه، وهو أخوه من أمه زوجة أبي طلحة، فوجده في مربد، وهو حضيرة الغنم التي تكون فيها، فوجده يسم غنماً، قال: حسبته قال: في آذانها يعني: في آذان الغنم، وهذا يدل على أن الغنم توسم في آذانها؛ لأن شعرها يغطي الوسم لو كان في غير الأذن، فالوسم في الأذن يكون واضحاً وجلياً، ويكون بيناً. وفي هذا دليل على أن الأذن ليست من الوجه؛ لأنه جاء النهي عن الوسم في الوجه، وعن الضرب في الوجه، وقد جاء في الحديث بالنسبة للإنسان أن الأذنين من الرأس أي: أنهما تمسحان ولا تغسلان، فحكمهما حكم الرأس لا الوجه، فالوجه يغسل والرأس يمسح والأذنان من الرأس تمسحان ولا تغسلان، فأضافهما إلى الرأس، لكن جاء في بعض الأحاديث إطلاق الأذن أو نسبتها إلى الوجه كما في الحديث الذي يقول: (سجد وجهي لله الذي خلقه، وشق سمعه وبصره). والنبي صلى الله عليه وسلم جاء عنه النهي عن الوسم في الوجه، وجاء عنه الوسم في الأذن؛ فدل ذلك على أنه سائغ سواء قيل إنه من الوجه فيكون مستثنى، أو أنه ليس من الوجه، وإنما هو من الرأس فيكون فعل النبي صلى الله عليه وسلم مبيناً أن ذلك سائغ، وأنه ليس من قبيل ما نهى عنه.

تراجم رجال إسناد حديث وسم الغنم في آذانها


قوله: [ حدثنا حفص بن عمر ]. حفص بن عمر ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن زيد ]. هشام بن زيد ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخادمه، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا الحديث رباعي فهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .
الأسئلة



حكم وسم الإنسان

السؤال: هل يجوز الوسم في الإنسان كما يفعل في بعض البلدان؟




الجواب: لا يجوز أن يوسم الإنسان، وإنما يفصح عن نفسه، فلا يحتاج إلى أن يعرف كما تعرف البهائم بوسمها، البهائم لا تفصح عن نفسها لأنها تعلم عن نفسها هي كما ورد في الحديث: (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة) يعني: التي لا تفصح.


حكم قطع آذان الغنم

السؤال: هل يجوز قطع آذان الغنم لأجل الوسم؟



الجواب: الغنم لا يجوز قطع آذانها من أجل الوسم، بل ذلك يؤثر عليها فيما يتعلق بالأضاحي والهدي، وإنما توسم بدون قطع.

حكم وسم النعال لئلا تسرق

السؤال: ما حكم وسم النعال لئلا تسرق في المسجد؟



الجواب: هذا يدل على الحرص من النهاية للنهاية، وعلى كل: كونه يضع علامة لنعله حتى تتميز لا بأس بذلك.
ما جاء في النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه



شرح حديث (أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه. حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مر عليه بحمار قد وسم في وجهه فقال: أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها؟ فنهى عن ذلك) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي عن الوسم في الوجه والضرب في الوجه. يعني: أنه لا يجوز أن يوسم في الوجه، ولا أن يضرب الحيوان على الوجه، والإنسان من باب أولى، وقد جاء فيه النهي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك أن الوجه فيه معظم الحواس والتي هي السمع والبصر والفم والأسنان واللسان وما إلى ذلك، فيكون فيه إيذاء، بخلاف الجهات الأخرى أو الأماكن الأخرى التي ليست كذلك، فيترتب على ذلك تشويه الخلقة أو فقد حاسة من الحواس، وما إلى ذلك من الأمور المحظورة التي عنيت وقصدت في النهي عن الوسم والضرب في الوجه. قوله: [ (أما بلغكم أني لعنت من وسم البهيمة في وجهها أو ضربها في وجهها) ]. لا يجوز الضرب ولا الوسم في الوجه. قوله: [ (فنهى عن ذلك) ] يعني: أنه قد سبق أن لعن فاعل ذلك، قال: (أما بلغكم) يعني: أنه قد تقدم مني بذلك لعن، ثم إنه قال: (فنهى عن ذلك) يعني: زيادة أو تأكيداً لما سبق أن حصل منه صلى الله عليه وسلم، فيكون هذا تأكيداً بعد تأكيد، وتنبيهاً على شيء قد حصل، وأن السنة إذا وجدت فعلى الناس أن يأخذوا بها، وأن من لم يعمل بها فإنه قد يكون مخالفاً لما جاءت به السنة، ويمكن أن يحمل على أنه لم يبلغه ذلك فيكون معذوراً، ولهذا قال: (أما بلغكم أني قد لعنت) فإذا كان الإنسان لم يبلغه ذلك فإنه يكون معذوراً، وإذا بلغه النهي فلا يجوز له أن يقدم عليه، بل عليه أن يحذر الوقوع في معصية الرسول صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال إسناد حديث (أما بلغكم أني قد لعنت من وسم البهيمة في وجهها)


[ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان الثوري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا سند رباعي من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

ما جاء في كراهية الحمر تنزى على الخيل



شرح حديث النهي عن أن تنزى الحمر على الخيل


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في كراهية الحمر تنزى على الخيل. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن ابن زرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها، فقال علي : لو حملنا الحمير على الخيل فكانت لنا مثل هذه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون) ]. أورد أبو داود باباً في النهي عن أن تنزى الحمر على الخيل يعني: فتتولد منها البغال؛ لأن الخيل إذا نزت على الخيل جاء خيل، والحمير إذا نزت على الحمير جاء حمار، ولكن إذا نزى جنس على غير جنس جاء شيء له اسم خاص، وهو البغل الذي يكون متولداً من الحصان والحمار، والنهي جاء عن الإنزاء يعني: كون الناس يتعمدون هذا الشيء، وذلك أن فيه قطع النسل المرغوب فيه، وعمل على وجود نسل من جنس آخر أخف منه الذي هو البغل، الذي لا يحصل منه الكر والفر الذي يحصل من الخيل والأفراس. فإنزاء الحمر على الخيل يكون فيه عدم التوالد بين الخيل أو قلة التوالد بين الخيل، مع أن الخيل معقود في نواصيها الخير، وهي التي يرغب فيها وفي تناسلها، وفي استعمالها، وقد جاء في القرآن أن الله امتن على الناس بالخيل والبغال قال تعالى: وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً [النحل:8] فذكر البغال، ولكن كونه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ذلك يدل على أن هذا الذي يحصل قد يأتي بدون إنزاء، فإذا حصل بدون إنزاء فهذا شيء ليس للشخص دخل فيه، وإنما أن يتعمد الناس ويأتون بالحمار، ويمسكون الفرس حتى ينزو عليها فهذا هو الذي جاء فيه النهي. فإذاً: الذي جاء في القرآن من الامتنان بها نعم هي نعمة من النعم ويستفاد منها، ولكن كونها تأتي من غير قصد هو الذي لا يخالف ما جاء في الحديث. والبغال تستعمل ويستفاد منها إذا وجدت، لكنه لا يعمل على إيجادها بكون الحمير تنزو على إناث الخيل. قوله: عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: (أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة فركبها) ]. فدل ذلك على أن الرسول صلى الله عليه وسلم ركب البغال، والله تعالى ذكر الامتنان على عباده بها في سورة النحل. قوله: [ فقال علي : (لو حملنا الحمير على الخيل لكانت لنا مثل هذه) ]. يعني: الرسول لما ركب هذه البغلة التي أهديت إليه واستعملها قال علي : (لو حملنا الحمير على الخيل لكان لنا مثل هذه)، يعني: هذه التي ركبها النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: [ فقال عليه الصلاة والسلام: (إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون) ]. يعني: الذين هم لا يعلمون العواقب أو النتائج، وأنه يأتي شيء غير مرغوب فيه، ويترك الشيء الذي هو مرغوب فيه، أو الذين لا يعلمون الأحكام.

تراجم رجال إسناد حديث النهي عن أن تنزى الحمر على الخيل


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يزيد بن أبي حبيب ]. يزيد بن أبي حبيب المصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الخير ]. وهو: مرثد بن عبد الله اليزني ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن زرير ]. وهو: عبد الله بن زرير ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن علي بن أبي طالب ]. علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة رضي الله عنه وأرضاه، والحديث رجاله مصريون إلا شيخ أبي داود والصحابي، والأربعة الذين بينهما كلهم مصريون الليث و يزيد بن أبي حبيب و أبو الخير و ابن زرير .
الأسئلة



حكم إنزاء الحمير على الفرس للحاجة

السؤال: إذا كان إنزاء الحمار على الخيل من أجل الحاجة وهو الحرث والحمل عليها، فهل يصلح؟


الجواب: الحديث يدل على أن الإنزاء لا يفعل؛ لأن هذا فيه قطع أو تقليل للنسل المفضل المرغب فيه الذي يستعمل في الجهاد في سبيل الله عز وجل، والذي يحصل به الكر والفر والمضي؛ لأن البغال ليست كذلك. حتى وإن كان العكس أن تنزو الخيل على أنثى الحمير فالنتيجة واحدة؛ لأن الخيل فيه القوة التي يمكن أن يضعها في أنثى من الفرس فتلد خيلاً، فالنتيجة أن هذه القدرة وهذه القوة ذهبت في شيء دونه في القوة.
ما جاء في ركوب ثلاثة على دابة


شرح حديث (كان رسول الله إذا قدم من سفر استقبل بنا...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في ركوب ثلاثة على دابة. حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري عن عاصم بن سليمان عن مورق -يعني: العجلي - حدثني عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم من سفر استقبل بنا، فأينا استقبل أولاً جعله أمامه، فاستقبل بي فحملني أمامه، ثم استقبل بحسن أو حسين فجعله خلفه، فدخلنا المدينة وإنا لكذلك). يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في ركوب ثلاثة على دابة. يريد أبو داود رحمه الله أن الدابة يمكن أن يركب عليها ثلاثة ولكن بشرط أن تكون مطيقة لا يؤثر عليها الركوب ويلحق بها ضرراً. وقد أورد أبو داود حديث عبد الله بن جعفر رضي الله تعالى عنهما، وكان من صغار الصحابة، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر استقبل بالصغار يعني: أن الكبار يستقبلون الرسول صلى الله عليه وسلم بالصغار معهم، فاستقبل في سفرة قدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الله بن جعفر فأركبه أمامه، ثم استقبل بحسن أو حسين -يعني: أحدهما، وهذا شك من الرواي- فجعله وراءه، فكان يجعل الأول أمامه والثاني يجعله وراءه. وقال: فدخلنا المدينة وإنا لكذلك، يعني: ثلاثة على راحلة، ومعلوم أن عبد الله بن جعفر و الحسن أو الحسين كانا صغيرين، والأمر مبني على الإطاقة للدابة، فإذا كانت الدابة مطيقة ولا يلحقها ضرر فإنه يجوز أن يركب عليها ثلاثة أو اثنان، وإذا كان يلحقها ضرر فلا يركب عليها إلا واحد، ومعلوم أن هذين الاثنين اللذين ركبا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهما من صغار الصحابة- كانا صغيرين، فمن ناحية الحمل والثقل فهما ليسا بكبيرين، بل يمكن أن يعادلا شخصاً واحداً أو أقل من ذلك، فكأنه ركب عليها اثنان، ولكن في الحقيقة الحكم يدور مع الدابة وكونها مطيقة أو غير مطيقة، فإن كانت مطيقة حمل عليها أو ركب عليها اثنان أو ثلاثة، وإن كانت لا تطيق فلا يركب عليها إلا من تطيقه.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا قدم من سفر استقبل بنا...)

قوله: [ حدثنا أبو صالح محبوب بن موسى ]. أبو صالح محبوب بن موسى ، صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ قال: أخبرنا أبو إسحاق الفزاري ]. إبراهيم محمد بن الحارث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عاصم بن سليمان ]. عاصم بن سليمان الأحول، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن مورق يعني: العجلي ]. مورق العجلي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن جعفر ]. عبد الله بن جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة."





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-05-2025, 05:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب ادب التعامل الحيوانات والدواب
شرح سنن أبي داود [304]
الحلقة (336)




شرح سنن أبي داود [304]

راعت الشريعة حفظ حقوق المخلوقات، حتى الدواب المسخرة للعباد، فقد منعتهم من إيذائها وإعناتها، كما أرشدت الناس إلى مصالحهم، فجاء فيها النهي عن التعريس في الطريق، والأمر بالدلجة في السفر، والتأني بالإبل في المكان الخصب لترعى دون الجدب.

ما جاء في الوقوف على الدابة



شرح حديث (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الوقوف على الدابة. حدثنا عبد الوهاب بن نجدة حدثنا ابن عياش عن يحيى بن أبي عمرو السيباني عن أبي مريم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر، فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس، وجعل لكم الأرض، فعليها فاقضوا حاجتكم) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الوقوف على الدابة، أي: الركوب والجلوس عليها، والاستقرار عليها، فالإنسان لا يستقر عليها إلا لحاجة، إما كونه راكباً مسافراً، أو لحاجة، ككونه وقف عليها بعرفة كما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أن يستقر الإنسان عليها ويتحدث ويقضي الساعات وهو جالس عليها لا تمشي، وليس بحاجة إلى أن يركب عليها، وإنما يتخذها مستقراً وكأنه جالس على منبر يحدث صاحبه في الأمور المختلفة، فإن هذا لا يصلح ولا ينبغي؛ لأن هذا فيه إضرار بالدابة، والله تعالى جعل تلك الدواب ليركب عليها، ولتوصل إلى مكان لا يوصل إليه إلا بشق الأنفس، أما أن تتخذ مستقراً ومركباً يجلس الإنسان ويستقر عليها وهي واقفة، ويتحدث مع صاحبه وكأن كلاً منهما جالس على منبر فهذا لا يصلح ولا يليق؛ لأن هذا فيه إضرار. والإنسان إذا أراد أن يتحدث يجلس على الأرض ولا يجلس على الدابة فيؤذيها، ويكون جالساً عليها كأنه جالس على كرسي أو على منبر، وأما إذا كان هناك حاجة بأن يكون مرتفعاً أو أن يقف عليها بعرفة يخطب عليها كما خطب الرسول صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته، فذلك لا بأس به، وإنما المحذور أن يتخذها مستقراً له، والمقصود بالوقوف هو الاستقرار عليها، وليس معنى ذلك أن يقف عليها على رجليه؛ لأن الواقف على رجليه إذا تحركت يسقط، وإنما المقصود أن يستقر ويجلس عليها فتكون مستقراً وكأنه جالس على الأرض، فهذا هو الذي يمنع منه، وهو الذي نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم. أورد أبو داود حديث أبي هريرة: (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر) يعني: تجلسون وتستقرون عليها كاستقرار الواحد على المنبر وجلوسه على المنبر. قوله: [ (فإن الله إنما سخرها لكم لتبلغكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس) ]. أي: سخرها لتركبوا عليها؛ ولتقطعوا المسافات، أما أن يتخذها الإنسان مستقراً له وهي واقفة، ويجلس يحدث صاحبه كأنهما جالسان على الأرض يتحدثان ويؤذيان الدابة فهذا لا يليق ولا يصلح. [ (وجعل لكم الأرض فعليها فاقضوا حاجتكم) ]. أي: اجلسوا على الأرض وتحدثوا كيف شئتم، أما أن يكون الواحد مستقراً على البعير يحدث صاحبه ويؤذي البعير فهذا لا يصلح. فالمحذور أن تجلسوا على الإبل والدواب فتؤذوها بطول الجلوس الذي لا يحصل من ورائه فائدة، والفائدة إنما هي بقطع المسافات، وكون الإنسان يسلم من التعب والنصب في المشي فيركب، فهذا هو الذي يناسب مع الإبل، أما أن يتخذها الإنسان منبراً أو مستقراً فهذا لا يصلح، فالحديث إذا كان مجرد حديث أو قطع الوقت بالأحاديث فليكن والمتحدثان على الأرض لا على الدواب.

تراجم رجال إسناد حديث (إياكم أن تتخذوا ظهور دوابكم منابر...)


قوله: [ حدثنا عبد الوهاب بن نجدة ]. عبد الوهاب بن نجدة ، ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي . [ حدثنا ابن عياش ]. وهو: إسماعيل بن عياش ، وهو صدوق في روايته عن الشاميين مخلط في غيرهم، وهذا من روايته عن الشاميين، أخرج له البخاري في رفع اليدين وأصحاب السنن. [ عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ]. يحيى بن أبي عمرو السيباني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن أبي مريم ]. أبو مريم الأنصاري ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود و الترمذي . [ عن أبي هريرة ]. عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.
ما جاء في الجنائب


شرح حديث (تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين...)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في الجنائب. حدثنا محمد بن رافع حدثنا ابن أبي فديك حدثني عبد الله بن أبي يحيى عن سعيد بن أبي هند قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، فأما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنيبات معه قد أسمنها، فلا يعلو بعيراً منها، ويمر بأخيه قد انقطع به فلا يحمله، وأما بيوت الشياطين فلم أرها) كان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر الناس بالديباج ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الجنائب. جمع جنيبة، وهي الدابة أو الناقة التي تسمن ثم لا يستفاد منها عند الحاجة إليها. أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (تكون إبل للشياطين، وبيوت للشياطين، أما إبل الشياطين فقد رأيتها، يخرج أحدكم بجنبيات معه قد أسمنها) يعني: قد قام بعلفها وهي سمينة، وقادرة على أن يركب عليها، وأن يحمل عليها، ولكنه لا يجعل أحداً يعلو عليها، وقد يمر بشخص منقطع في الفلاة فلا يحمله عليها، مع أنه بحاجة إليها، شحاً بالإحسان، وعدم قيام بالإحسان إلى من هو محتاج إليه. (وأما بيوت الشياطين فلم أرها) قال أحد الرواة: كان سعيد يقول: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يستر الناس بالديباج. سعيد هو الذي يروي عن أبي هريرة، فقال: لا أراها إلا هذه الأقفاص التي يسترها الناس بالديباج، يريد بها الهوادج التي تحمل على البعير ويركب عليها ويسترونها بالديباج من داخلها يعني: يجعلون فيها الديباج لتجلس عليها المرأة صاحبة الهودج. والشيخ ناصر رحمة الله عليه يقول: لعله هذه السيارات التي وجدت والتي هي مثل البيوت، والإنسان يكون مستقراً فيها، ولكن الحديث ضعيف، والشيخ ناصر حسنه في بعض كتبه، بناءً على ظاهر إسناده، ولكنه بعد ذلك تبين أن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة ؛ فيكون منقطعاً، وقد نبه على ذلك في السلسلة الضعيفة بعد أن أورده في السلسلة الصحيحة في أوله، وقد أتى به في الضعيفة رقم (2303)، وبين أنه تنبه لهذا فيما بعد، وأن الحديث يكون ضعيفاً، ولا يكون حسناً كما قال من قبل، حيث أورده في الصحيحة، وذلك أنه حسنه بناءً على ظاهر إسناده، لكنه لما تبين أن سعيد بن أبي هند لم يلق أبا هريرة فيكون منقطعاً، فعلته الانقطاع، فهو حديث ضعيف لا تقوم به حجة. وكان قد ذكره في المائة الأولى من الصحيحة، ولكنه بعد ذلك أشار إلى وقوفه على هذه العلة، وأنه ضعفه لذلك. والبيوت: على تفسير سعيد تتعلق بالإبل؛ لأن الهوادج إنما تحمل على الإبل، والمرأة تكون في هودج تدخل وتستقر فيه، و عائشة رضي الله عنها كانت في هودج لما كانوا في الغزوة التي كانت فيها وفقدت لما تخلفت وكانت خفيفة، فحملوا الهودج وظنوا أنها فيه، ثم بعد ذلك ذهبوا وتركوها، وأتى بها صفوان بن معطل ، يعني: كانت في الهودج، فحملوا الهودج وكانت هي خفيفة فطنوا أنها فيه، فالهوادج: هي الأقفاص على ما قال سعيد ، ويحتمل أن تكون غير ذلك، لكن الحديث من أصله غير ثابت.

تراجم رجال إسناد حديث (تكون إبل للشياطين وبيوت للشياطين...)


قوله: [ حدثنا محمد بن رافع ]. محمد بن رافع النيسابوري القشيري ، هو شيخ مسلم ، وهو من بلده وقبيلته؛ لأن مسلماً قشيري ونيسابوري، ولهذا لما ذكر ابن الصلاح البخاري و مسلماً قال: إن البخاري الجعفي مولاهم، وذكر مسلماً قال: القشيري من أنفسهم، يعني أنه منسوب إليهم نسبة أصل ونسب، وليست نسبة ولاء. وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة ، وهو - محمد بن رافع - الذي روى مسلم عن طريقه كل الأحاديث التي هي من صحيفة همام بن منبه التي انتقى منها أحاديث كثيرة، منها ما اتفق معه البخاري فيه، ومنها ما انفرد عن البخاري فيه، وكلها من طريق محمد بن رافع عن عبد الرزاق عن معمر عن همام عن أبي هريرة فمسلم مكثر عن محمد بن رافع هذا، وهو من أهل بلده وقبيلته. [ حدثنا ابن أبي فديك ]. وهو: محمد بن إسماعيل بن مسلم بن أبي فديك ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني عبد الله بن أبي يحيى ]. عبد الله بن أبي يحيى ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و أبو داود . [ عن سعيد بن أبي هند ]. سعيد بن أبي هند ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه. والعلة: هي الانقطاع بين سعيد بن أبي هند و أبي هريرة ؛ لأنه لم يلقه، فروايته مرسلة عن أبي هريرة .

ما جاء في سرعة السير والنهي عن التعريس في الطريق



شرح حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في سرعة السير والنهي عن التعريس في الطريق. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير، فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في سرعة السير، يعني: في السفر، والنهي عن التعريس في الطريق. سرعة السير أي: الذي لا يكون فيه مشقة على الإبل والدواب، وإلحاق الضرر بها. والتعريس في الطريق يعني: النوم في آخر الليل على الطريق، وذلك أن النوم على الطريق قد يتسبب في انجفال الإبل التي تأتي مع الطريق، فقد تلحق ضرراً بمن يكون نائماً حوله، أو أن الطريق التي تسير فيها الإبل تكون لينة، ويكون فيها سهولة، فقد تأتي الحشرات إليها والدواب التي يحصل من ورائها ضرر، وقد يرمى عليه من الراكبين أشياء، فتأتي تلك الحشرات ودواب الأرض من أجل هذا الذي قد يرمى في الطريق، فالنزول على الطريق يترتب عليه محاذير، ولهذا جاءت السنة في التنكب عن الطريق والابتعاد عنه، يعني: ما يكون حوله شيء بحيث يلحق الإنسان به ضرر، إما بكون إبل تنفر فتطؤه، أو دواب تكون جاءت إلى الطريق تلتمس شيئاً رمي من المارة والمشاة فيها، فيترتب على ذلك إضرار بمن حول الطريق من الذين عرسوا وناموا فيه. أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) يعني: خففوا السير حتى ترعى وتستفيد من هذا الخصب، (وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير)؛ لأن الإسراع بها فيه قطع للطريق لئلا يصيبها ضعف فتعجز عن إيصال من تحمله إلى ما يريد، وقد يكون وراء هذا المكان المجدب مكان مخصب تستفيد الإبل منه، فجاءت السنة في أن الأرض المخصبة لا يسرع فيها حتى تستفيد الإبل منها، والأرض المجدبة يسرع فيها حتى لا يحصل إعياء بها وعدم قدرة على مواصلة السير، وأيضاً لما يمكن أن يحصل من وجود خصب بعد ذلك. قوله: [ (فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق) ]. أي: وإذا أردتم التعريس وأردتم أن تستريحوا وتنزلوا في آخر الليل فتنكبوا الطريق، يعني: ابتعدوا عن الطريق حتى لا يحصل لكم أذى بسبب النزول قريباً منه.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها...)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. حماد بن سلمة بن دينار البصري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ أخبرنا سهيل بن أبي صالح ]. سهيل بن أبي صالح ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وروى له البخاري مقروناً. [ عن أبيه ]. أبو صالح السمان ذكوان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة قد مر ذكره.

شرح حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) من طريق أخرى


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام عن الحسن عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا، قال بعد قوله (حقها): (ولا تعدوا المنازل) ]. أورد أبو داود حديث جابر وهو بمعنى الأول، وقال فيه: (ولا تعدوا المنازل) يعني: من حيث الإسراع، كونه أمر بالإسراع في حال الجدب، ففي حال كون الأرض مجدبة لا يعدو المنازل يعني: التي اعتيد أنهم يعدونها فيقولون: من مرحلة إلى مرحلة في المنزل الفلاني، إذا نزل اليوم في منزل فالمرحلة الثانية هي كذا، مثلما كان يعرف أن الطرق يعرفونها ويحددونها بالمراحل، فمن مكة إلى المدينة تسع مراحل، فإذا صارت سبع مراحل فمعناه وجود تعب ومشقة على الدواب، فهو يزيد على الشيء المعتاد. فقوله: (لا تعدوا المنازل) أي: التي أعتيد أن تكون مراحل للنزول، واعتيد أن تكون مسافات تقطع في اليوم، بحيث إنهم يسرعون سرعة شديدة تلحق بالإبل مضرة، فبدل ما يقطعون المسافة في تسعة أيام يقطعونها في سبعة أيام أو ستة أيام أو خمسة أيام، هذا لا يتأتى إلا بإلحاق الضرر بالدواب.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) من طريق أخرى


قوله: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة ]. عثمان بن أبي شيبة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي وإلا النسائي فقد أخرج له في عمل اليوم والليلة. [ حدثنا يزيد بن هارون ]. يزيد بن هارون الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا هشام ]. هشام بن حسان ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر بن عبد الله ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، وهو الصحابي الجليل، أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الدلجة


شرح حديث (عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الدلجة. حدثنا عمرو بن علي حدثنا خالد بن يزيد حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي باب في الدلجة. والدلجة: قيل: هي السير في أول الليل، وقيل: هي السير في الليل كله، وذلك لأن الليل يكون فيه النشاط، ويكون فيه البراد في الصيف، والارتياح في المشي فيه، فهو يختلف عن النهار من جهة أن النهار تكون فيه حرارة الشمس المتوقدة، ولكن بالنسبة لليل يكون قطع المسافة فيه أسهل، ولهذا يقولون: (عند الصباح يحمد قوم السرى) الذين يسرون ويمشون في الليل إذا أصبحوا حمدوا سيرهم؛ لأنهم قطعوا مسافة. قال: (فإن الأرض تطوى بالليل) معناه: في خفة وسهولة السير في الليل للنشاط والبراد الذي يكون فيه، فهو يختلف عن سير النهار. قوله: [ (تطوى) ]. المقصود: قطع المسافة؛ لأنه لا شك أن الإنسان إذا كان يسير في براد وفي نشاط فذلك بخلاف ما إذا كان يسير في مشقة وحرارة؛ لأن السير في الليل مع القوة والنشاط يختلف عن السير في النهار مع الحرارة وشدة الشمس، ومعناه أن المسافة التي تقطع في الليل أكثر من المسافة التي تقطع في النهار. والمقصود من ذلك قطعها بسهولة؛ لا أن الأرض تنكمش له، بدل ما تكون خمسمائة كيلو تصير مائتي كيلو.

تراجم رجال إسناد حديث (عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل)


قوله: [ حدثنا عمرو بن علي ]. عمرو بن علي الفلاس ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة. [ حدثنا خالد بن يزيد ]. خالد بن يزيد ، وهو صدوق يهم، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ حدثنا أبو جعفر الرازي ]. أبو جعفر الرازي ، وهو صدوق سيء الحفظ، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن. [ عن الربيع بن أنس ]. الربيع بن أنس ، وهو صدوق له أوهام، أخرج له أصحاب السنن. [ عن أنس ]. أنس بن مالك رضي الله عنه، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
رب الدابة أحق بصدرها


شرح حديث (أنت أحق بصدر دابتك مني)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: رب الدابة أحق بصدرها. حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال: حدثني علي بن حسين حدثني أبي حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة رضي الله عنه يقول: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي جاء رجل ومعه حمار فقال: يا رسول الله! اركب، وتأخر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، أنت أحق بصدر دابتك مني، إلا أن تجعله لي، قال: فإني قد جعلته لك، فركب صلى الله عليه وسلم). أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: رب الدابة أحق بصدرها. المقصود بالصدر مقدمها الذي يلي رقبتها، والمؤخر هو العجز، فهناك صدر وهناك عجز، فصاحب الدابة أحق بصدرها إذا ركب معه أحد، إلا أن يتنازل عنه لغيره. أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي فجاء رجل على حمار وكان قد ركب على صدره فتأخر، وقال: (يا رسول الله! اركب، فقال عليه السلام: رب الدابة أحق بصدرها، إلا أن تجعله لي). فجعله له؛ لأنه كان راكباً في الصدر ثم تأخر فجعله له، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين الحكم الشرعي، وأنه هو الأحق، وأنه إذا أذن فيه لغيره فإن الحق يكون لمن أذن له فيه. قوله: [ (قد جعلته لك. فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ] يعني: صنيع ذلك الرجل من أول وهلة يدل على أنه أراد أن يركب النبي أمامه، ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين الحكم الشرعي للناس، وأن صاحب الدابة أحق بها إلا أن يجعله لغيره، فيكون حكماً عاماً، فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب ولم يبين ذلك ما عرف هذا الحكم، لكن كون النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صاحب الدابة أحق بصدرها) وقال: (إلا أن تجعله لي، قال: قد جعلته لك. فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم) دل على تقديم صاحب الدابة على غيره، وهذا مثل ما أنه أحق في بيته بالجلوس، وأن يقول لهذا: اجلس هنا.. وهذا: اجلس هنا، فهو الأحق في أن يتصرف في بيته، فكذلك مركوبه هو الأحق.

تراجم رجال إسناد حديث (أنت أحق بصدر دابتك مني)


قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ]. أحمد بن محمد بن ثابت المروزي هو ابن شبويه ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود . [ حدثني علي بن حسين ]. علي بن حسين الواقدي ، وهو صدوق يهم، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ حدثني أبي ]. حسين الواقدي ، وهو ثقة له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني عبد الله بن بريدة ]. عبد الله بن بريدة رحمة الله عليه، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت أبي بريدة ]. بريدة رضي الله عنه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و عبد الله هذا أخو سليمان أحدهما أخرج له أصحاب الكتب الستة، وأما سليمان فلم يخرج له البخاري وإنما خرج له مسلم فقط مع أصحاب السنن، وقد مر سليمان قريباً.

الأسئلة



قياس السيارات على الدواب في أن صاحبها أحق بصدرها

السؤال: هل تقاس السيارة الآن على الدابة في أن صاحبها أحق بصدرها؟


الجواب: نعم، مثله مقدمة السيارة إلا إذا كان صاحب السيارة يريد أن يركب في مؤخرتها، وأن يختار المؤخر فلا بأس أن يجلس في الأمام غيره، مثل شيخنا عبد العزيز رحمة الله عليه ما كان يجلس إلا في مؤخرة السيارة، وصدرها ما كان يركب فيه، وكان ذلك من أجل أن يكون بجواره الكاتب يقرأ عليه؛ لأنه في سيارته يقرأ كتباً ويكملها، وفي أي مكان يذهب يقرأ عليه كتباً أو يقرأ عليه معاملات، فكان يختار أن يكون في المؤخرة حتى يكون الكاتب بجواره يملي ويكتب.
ما جاء في الدابة تعرقب في الحرب


شرح أثر (والله لكأني أنظر إلى جعفر حينما اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الدابة تعرقب في الحرب. حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني ابن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال أبو داود : هو يحيى بن عباد ، حدثني أبي الذي أرضعني وهو أحد بني مرة ابن عوف وكان في تلك الغزاة غزاة مؤتة قال: (والله لكأني أنظر إلى جعفر رضي الله عنه حينما اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل) قال أبو داود : هذا الحديث ليس بالقوي ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الدابة تعرقب في الحرب، وتعرقب أي: يضرب عرقوبها حتى تكون معيبة، بحيث لا يستفيد منها الأعداء، ويتقووا بها على المسلمين، يعني: أن الإنسان يقتلها أو يضرب عرقوبها بالسيف حتى تكون معيبة لا تستطيع الجري، ولا تستطيع الكر والفر، وذلك لإفسادها على الكفار، وعدم تمكينهم من الاستفادة منها بعد الاستيلاء عليها. أورد أبو داود هذا الأثر عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: حدثني أبي الذي أرضعني وهو أحد بني مرة ابن عوف، وكان في تلك الغزاة غزاة مؤتة. (أحد بني مرة ابن عوف ) يعني: ما ذكره وإنما ذكر قبيلته، وكان في غزوة مؤتة وهي الغزوة التي يسمونها: غزوة الأمراء؛ لأنه قتل فيها ثلاثة أمراء: عبد الله بن رواحة و جعفر بن أبي طالب و زيد بن حارثة رضي الله تعالى عنهم، وبعد ذلك أخذ الراية خالد ففتح الله لهم ونصرهم على أعدائهم. قوله: [ والله لكأني أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل القوم حتى قتل ]. (اقتحم) يعني: نزل من فرس؛ فعقرها لما رأى أن الكفار حصل منهم هذا، فأراد أن يفوت الفرصة عليهم بالنسبة للفرس أو الدابة التي كان عليها، فعقرها وضرب عراقيبها فقاتل حتى قتل رضي الله عنه وأرضاه. [ قال أبو داود : هذا الحديث ليس بالقوي ]. أولاً: هذا كما هو معلوم أثر، فهو فعل جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه، وليس حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله: (ليس بالقوي) لعل المقصود أن فيه هذا الرجل المبهم الذي هو أبوه من الرضاعة. و الألباني صحح الحديث أو حسنه، لكن ما أدري ما هو وجه هذا التصحيح؟! هل له شواهد؟ لكن فيه هذا الرجل المبهم، اللهم إلا أن يكون صحابياً فجهالته لا تؤثر، ثم أيضاً هو موقوف على جعفر بن أبي طالب ، وليس مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

تراجم رجال أثر (والله لكأني أنظر إلى جعفر حينما اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ]. عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ حدثنا محمد بن سلمة ]. محمد بن سلمة الحراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. وهذا محمد بن سلمة الحراني في طبقة شيوخ شيوخ أبي داود أما الذي في طبقة شيوخه فهو محمد بن سلمة المرادي المصري ، فإذا جاء محمد بن سلمة شيخاً لأبي داود فالمراد به المصري ، وإذا جاء في طبقة شيوخ شيوخه فالمراد به الحراني . [ عن محمد بن إسحاق ]. محمد بن إسحاق المدني ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ قال: حدثني ابن عباد ]. وهو: يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير ]. عباد بن عبد الله بن الزبير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه الذي أرضعه ]. ولا أعرف عنه شيئاً. والعرقوب: هو المفصل الذي بين الساق والقدم. وقوله: (حدثني أبي الذي أرضعني) هل يكون صحابياً باعتبار أنه شهد غزوة مؤتة؟! قد يكون شهد مؤتة وهو ليس بصحابي، لكن الغالب أن يكون صحابياً ما دام أن الجيش أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم، فأقول: في الغالب أنه صحابي لأنه في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، والجيش أرسله الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو الذي قال: يكون الأمير فلان أو فلان أو فلان، فهو في الغالب يكون صحابياً، ولكن هذا الذي رواه يعتبر أثراً وليس بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 03-05-2025, 05:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب ادب التعامل الحيوانات والدواب
شرح سنن أبي داود [305]
الحلقة (337)





شرح سنن أبي داود [305]

المسابقة جائزة في الإسلام فيما يعين على الحرب ولو على جعل يجعله أحد المتسابقين أو أجنبي عنهما، ولا يجوز أن يجعل السبق كالقمار، وللسبق أحكام بينها العلماء وفصلوها.

ما جاء في السبق


شرح حديث (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السبق. حدثنا أحمد بن يونس حدثنا ابن أبي ذئب عن نافع بن أبي نافع عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في السبق والسبق: هو جعل يكون على السبق لمن يسبق، والسبق بفتح الباء مقدار من المال يجعل لمن يحصل منه السبق عند السباق، وذلك إنما يكون بالخف والحافر والنصل. النصل: هو الرماية أو الرمي يعني: المسابقة في الرمي والتنافس فيه بكونه يصيب أو لا يصيب، فهذا يكون السبق فيه؛ لأن هذه من وسائل الحرب، وفيها استعداد للحرب، وفيها تمرن، فساغ أن يجعل فيه الجعل في حق من يسبق؛ لأن فيه تنافساً على معرفة تلك الأمور التي تعين على الحرب، والتي فيها قوة للمسلمين. فأورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل). خف: خف البعير. وحافر: الخيل، وكذلك يكون للحمار، ويكون أيضاً للبغل، كل هذه تعتبر ذات حوافر، فتدخل تحت عموم قوله: (حافر). أو نصل: وهو السهام التي يرمى بها بأي وسيلة من الوسائل يكون الرمي، فإن ذلك سائغ، وأخذ الجعل فيه سائغ.

تراجم رجال إسناد حديث (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل)


قوله: [ حدثنا أحمد بن يونس ]. أحمد بن يونس ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن أبي ذئب ]. وهو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن أبي ذئب ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع بن أبي نافع ]. نافع بن أبي نافع ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق. فهذا سند رباعي، وهو من أعلى الأسانيد عند أبي داود .

شرح حديث (أن رسول الله سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء، وكان أمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق، وإن عبد الله كان ممن سابق بها) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل المضمرة، والخيل الغير المضمرة، وجعل لكل واحدة أمداً، فالخيل المضمرة جعل لها أمداً مقداره ستة أميال كما جاء في صحيح مسلم : (بين الحفياء وبين ثنية الوداع) والغير المضمرة: من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، والمسافة بينهما ميل كما جاء في صحيح مسلم ، فالمضمرة أمدها بعيد لقوتها ونشاطها، وغير المضمرة جعل لها الأمد قصيراً. والمضمرة: هي التي تعلف ويكثر لها العلف حتى تسمن، ثم بعد ذلك تجعل في بيت أو في مكان فيه حرارة، فتجلل في جلال فيصيبها عرق، وتعطى قوتاً على قدر حالها ولا يكثر لها، فعند ذلك يكون لها قوة ونشاط بسبب ذلك، فأولاً حصلت سمناً وأكلاً كثيراً ثم أخمدت، وهو كونها تعلف علفاً على قدر ما يكفيها دون أن يكون فيه الزيادة كما كان من قبل، وتكون في مكان آمن فيه حرارة لأجل أن تعرق فيخف وزنها ويذهب سمنها، فيكون عندها قوة، ويصير عندها نشاط بهذه الطريقة، وبهذه العملية التي كانوا يتخذونها في تضمير الخيل، فالرسول صلى الله عليه وسلم سابق بينها، أي أنه جعل أناساً يتسابقون من كذا إلى كذا، وجعل الخيل المضمرة من الحفياء إلى ثنية الوداع، ومقدارها ستة أميال، والخيل الغير المضمرة من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق ومقداره ميل واحد. وثنية الوداع يقال: إنها هي التي في أول (طريق سلطانة) عند مفترق الطريق الذي يذهب إلى (سيد الشهداء)، يقال: إنها هناك، والحفياء ومسجد بني زريق لا أعرف شيئاً عن أماكنهما، لكنهما خارج المدينة، ومعناه أنهم يأتون من خارج المدينة إلى الثنية، من مكان بعيد إلى مكان قريب، كأن الأمد والغاية التي ينتهون إليها بالنسبة للخيل المضمرة أنه من مكان بعيد إلى مكان قريب، وأما من الثنية إلى مسجد بني زريق فلا أدري في أي مكان هو، المهم أنه جاء بيان أن هذه المسافة ميل وهذه المسافة ستة أميال، فهذه مسافة طويلة، وهذه مسافة قصيرة.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله سابق بين الخيل التي قد أضمرت من الحفياء...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أًصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله بن عمر ]. رضي الله تعالى عنهما، وهو أحد العبادلة الأربعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر أن ابن عمر من جملة المتسابقين.
ضرورة الاهتمام بالخيل

والآن توجد خيول معدة للسباق، والسباق موجود كما تسمعون في الإذاعة كثيراً من المسابقات على الخيل وعلى غير الخيل، والنبي صلى الله عليه وسلم سابق لأجل الغزو والجهاد، فهذه هي الغاية التي كان يسابق من أجلها وليست موجودة الآن، وأما المسابقة فموجودة. ولا شك أن إبقاء الخيل والعناية بها شيء طيب، حتى لا تندرس وتهمل، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) فالاعتناء بالخيل ولو لم يوجد جهاد لا شك أن هذا أمر مطلوب لا ينبغي إهماله أو الإعراض عنه، أو إغفاله؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة) إنها ستبقى وستكون موجودة في آخر الزمان، والناس سيقاتلون عليها، وقد يكون قتالهم عليها لأن الآلات الحديثة ستنتهي، أو أنها موجودة لكن غالباً أنه لا يحتاج إليها.

الرد على محمد فريد وجدي في إنكاره أحاديث الدجال

بعض الناس يشكك في الأحاديث بعدما وجد التقدم في الصناعة، مثلما فعل محمد فريد وجدي في كتابه: دائرة معارف القرن العشرين، كان مما ذكره أن تكلم في الدجال بكلام سخيف وباطل وقال: أحاديث الدجال كلها موضوعة، ثم ذهب يستدل على وضعها، ومن بينها حديث النواس بن سمعان الطويل الذي في صحيح مسلم وفيه: أن يأجوج ومأجوج يرسلون نشابهم إلى السماء فيقولون: قتلنا من في الأرض فلنقتل من في السماء. وهذا الحديث كل رجاله ثقات، وهم رجال مسلم ، فيقول: إن الذي وضع هذا الحديث قاصر نظر أو نحواً من هذا الكلام! أما درى أنه بعد كذا سيظهر كذا وكذا.. وأنه بعد ذلك ستظهر الطائرات.. وأنه بعد ذلك سيوجد كذا.. وسرد بعض هذه الأشياء التي وجدت. وهذا -والعياذ بالله- طعن في الأحاديث، وطعن في السنن، وتكذيب لما تواتر من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما أن الناس يستعملون الخيل لأن هذه الوسائل قد لا توجد وقد تكون انتهت وليس محققاً أنها ستبقى إلى آخر الزمان، ومعلوم أن هذه الآلات تعتمد على النفط، ولو نفد النفط فما الذي سيحرك هذا الحديد من مكانه ويجعله يمشي؟ بلا شك أنه سيقف في مكانه. فهو يقول: إن الحديث موضوع؛ لأن من وضعه ذكر فيه النشاب، والذي وضعه ما درى أن الأمور ستتغير وأنه ستوجد طائرات ومدمرات وستوجد قنابل، وستوجد كذا وستوجد كذا وكذا، ثم يطعن في الحديث من أجل أنه رأى أنه لا يمكن أن الناس يرجعون إلى هذا الشيء. ومن يقول: إن هذه الأشياء ستبقى؟ لا يعلم الغيب إلا الله عز وجل. وكونهم سيستعملون الخيل في آخر الزمان فهذا يشير إلى أن هذه الأشياء غير موجودة؛ لأنها لو كانت موجودة فإنه يصار للأقوى، لكن حيث يكون الغزو على الخيل والذهاب عليه والجهاد على ظهره في آخر الزمان ففيه دليل على أن هذه الآلات الحديثة ستنتهي، وقد جاءت في ذلك الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحاصل أن محمد فريد وجدي في كتابه (دائرة معارف القرن العشرين) تكلم كلاماً عن الدجال، وقال: أحاديثه كلها موضوعة ملفقة، مع أنها متواترة وكثير منها في الصحيحين، ولكن الإنسان الذي يحكم عقله يوقعه فيكون هالكاً والعياذ بالله! وكان بعض العلماء وبعض السلف يقول في حديث النواس : ينبغي أن يعلم الصغار في الكتاب هذا الحديث الذي فيه ذكر الدجال وأخبار الدجال، ومع ذلك محمد فريد وجدي يقول: إن أحاديث الدجال كلها موضوعة، ويبرهن على وضعه بذكر النشاب الذي يرسله يأجوج ومأجوج ويقولون: قتلنا من في الأرض فلنقتل من في السماء، فترجع عليهم نشابهم مخضوبة دماً يعني: ابتلاء وامتحاناً من الله عز وجل.

شرح حديث (أن رسول الله كان يضمر الخيل يسابق بها)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد حدثنا معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما: (أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يضمر الخيل يسابق بها) ]. أورد أبو داود حديث ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضمر الخيل يسابق بها) وقد عرفنا معنى التضمير كما في الحديث السابق، وأن هذا من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك فيه رياضة للخيل وتدريب على الكر والفر والسرعة.

تراجم رجال إسناد حديث ( أن رسول الله كان يضمر الخيل يسابق بها)

قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا معتمر ]. معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله ]. عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر العمري المصغر، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن نافع عن ابن عمر ]. نافع و ابن عمر قد مر ذكرهما.

شرح حديث (أن النبي سبق بين الخيل وفضل القرَّح في الغاية)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عقبة بن خالد عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم سبق بين الخيل، وفضل القرَّح في الغاية). أورد أبو داود حديث ابن عمر (أن النبي سبق بين الخيل) يعني: سابق بينها. (وفضل القرح في الغاية). القرح: هي التي أكملت أربع سنوات ودخلت في الخامسة. (في الغاية) الأمد الذي ينتهي إليه السباق، يقال له: الغاية، ويقال له: الأمد.

تراجم رجال إسناد حديث (أن النبي سبق بين الخيل وفضل القرح في الغاية)


قوله: [ حدثنا أحمد بن حنبل ]. أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ، الإمام المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عقبة بن خالد ]. عقبة بن خالد ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ]. عبيد الله و نافع و ابن عمر قد مر ذكرهم.
ما جاء في السبق على الرجل


شرح حديث (فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في السبق على الرجل. حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى أخبرنا أبو إسحاق -يعني: الفزاري - عن هشام بن عروة عن أبيه وعن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها: (أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر قالت: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة) ]. أورد أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذه الترجمة، وهي: باب في السبق على الرجل. أي: المسابقة على الأقدام، والمسابقة على الأقدام سائغة ولا بأس بها، ولكنها بدون جعل، وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: إنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسابقته وسبقته، ولما حملت اللحم وحصل لها السمن سابقها فسبقها صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة والسلام: (هذه بتلك السبقة) أي: هذه السبقة التي حصلت هذه المرة بتلك السبقة التي حصلت فيما مضى، وهذا يدل على كمال أخلاقه صلى الله عليه وسلم، وحسن عشرته لأهله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

تراجم رجال إسناد حديث (فسابقته فسبقته على رجلي فلما حملت اللحم سابقته فسبقني)


قوله: [ حدثنا أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى ]. أبو صالح الأنطاكي محبوب بن موسى ، صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي . [ أخبرنا أبو إسحاق ]. وهو: إبراهيم بن محمد بن الحارث ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن هشام بن عروة ]. هشام بن عروة بن الزبير بن العوام ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. عروة بن الزبير بن العوام ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وعن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة فقيه، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة على الخلاف في السابع منهم؛ لأن عروة بن الزبير متفق على عده من الفقهاء السبعة، و أبو سلمة بن عبد الرحمن مختلف في عده؛ لأن ستة منهم متفق على عدهم والسابع فيه ثلاثة أقوال. فالستة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود و خارجة بن زيد بن ثابت ، و سعيد بن المسيب ، و سليمان بن يسار ، و أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، و عروة بن الزبير هذا الذي معنا. وأما السابع ففيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو سلمة هذا، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في أول إعلام الموقعين أئمة الفتوى في البلدان في زمانهم من الصحابة والتابعين، ولما جاء إلى المدينة وذكر فقهاءها ذكر أن من فقهائها في عصر التابعين سبعة اشتهروا بلقب الفقهاء السبعة، بحيث إذا ذكروا بهذا اللقب أغنى عن عدهم بأسمائهم، فكلمة (الفقهاء السبعة) فيها اختصار، كما قالوا ذلك في مسألة زكاة العروض، فإنهم قالوا: قال بها الأئمة الأربعة والفقهاء السبعة، الأئمة الأربعة: أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ، والفقهاء السبعة هم فقهاء المدينة السبعة، و ابن القيم رحمه الله ذكر الفقهاء السبعة وجعل سابعهم أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، ثم ذكر بيتين من الشعر البيت الثاني يشمل الفقهاء السبعة فقال: إذا قيل من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجه فقل هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجه [عن عائشة ]. أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها وهي الصديقة بنت الصديق ، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 03-05-2025, 05:38 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

ما جاء في المحلل


شرح حديث (من أدخل فرساً بين فرسين ...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المحلل. حدثنا مسدد حدثنا حصين بن نمير حدثنا سفيان بن حسين ح وحدثنا علي بن مسلم حدثنا عباد بن العوام أخبرنا سفيان بن حسين المعنى عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أدخل فرساً بين فرسين -يعني: وهو لا يؤمن أن يسبق- فليس بقمار، ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في المحلل، والمحلل هو الثالث الذي ذكره المصنف في هذا الحديث، فالمتسابقان يكون معهما شخص ثالث، وهذا الشخص الثالث يكون فيما إذا كان الجعل من كل واحد منهما، فيقول: إن سبقت فأنت تعطيني كذا.. وهذا يقول: إن سبقت تعطيني كذا.. فكل واحد منهما يلتزم للآخر بأنه إذا كان مسبوقاً يعطيه، وهذا الثالث الذي يأتي بينهما قيل له: محلل، من أجل أنه يحلل لكل واحد منهما ما يستحق من الآخر بمعنى: أنه لا يكون السباق بين طرفين فقط فيكون شبيهاً بالقمار، وإنما يكون من ثلاثة أطراف، والثالث يكون محللاً، وهذا المحلل له ثلاث حالات: الأولى: إن كان متيقناً بأنه سيسبق، فهذا لا يجوز؛ لأن دخوله بينهما يُعلم منه مقدماً أنه سيأخذ العوض، فدخوله لا حاجة إليه. الثانية: أن يكون معروفاً بأنه لا يسبق؛ لأن فرسه أو جواده فيه إعياء، فمعلوم أنه سيكون وجوده مثل عدمه، فلا يجوز. الثالثة: إذا كان لا يغلب على ظنه أنه يسبق ولا أنه يتأخر، وإنما يحتمل أن يسبق ويحتمل ألا يسبق بأن يكون فرسه متقارباً مع الفرسين، فهذا يجوز، وهذا يكون محللاً وسائغاً على ما جاء في الحديث (إذا كان لا يؤمن أن يسبق) بل يحتمل أن يسبق ويحتمل ألا يسبق، فيكون مثلهم، فالمتسابقون يجب أن يكونوا متماثلين في الجودة ونحوها. أما إذا تسابق صاحب جواد قوي وصاحب جواد هزيل فهذه المسابقة من أصلها لا وجه لها، ولهذا يقولون عن الشيء الذي فيه تماثل وتناسب: (كفرسي رهان) يعني: أنه لا يسبق أحدهما الثاني لتماثلهما، ولهذا قالوا في ترجمة محمد بن المثنى و محمد بن بشار -كما قال الحافظ في التقريب في ترجمة محمد بن المثنى - وكان هو وبندار كفرسي رهان، وماتا في سنة واحدة قيل: كانا متماثلين في الشيوخ، ومتماثلين في التلاميذ، ومتماثلين في البلد، ومتماثلين في العمر، وماتا في سنة واحدة! فقيل لهما: إنهما كفرسي رهان يعني: لا أحد يسبق الثاني؛ لأن الفرسين اللذين يسابق بينهما يصير بينهما شيء من التماثل، وليس بين جواد قوي وجواد هزيل؛ لأن المسابقة عند ذلك تكون معروفة مقدماً بأنها لا غية، وأنه لا قيمة لها إذا كان شخص سابقاً وشخص مسبوقاً، فالمحلل في كلا الحالتين دخوله ووجوده مثل عدمه لا قيمة له، أي إذا كان جواده أحسن من جواديهما، ويكون معلوماً بأنه يسبق، أو أن جواده فيه إعياء وتعب وأنه لا يسبق فيكون وراءهما في الساقة، ولا يكون مثلهما ولا يسبقهما، فالمحلل في هاتين الحالتين لا قيمة له أو لا اعتبار لوجوده. وأما إذا كان فرسه مثل فرسيهما قد يتقدم وقد يتأخر، قد يسبقه أحد وقد يسبق هو؛ فهذا هو الذي يكون محللاً، وهذا إنما يكون فيما إذا كان الجعل من كل واحد منهما، أما إذا كان من واحد منهما فلا يشترط المحلل، وإذا كان من شخص أجنبي ثالث لا دخل له بالمسابقة، فهذا جائز ولا يشترط المحلل. و أبو داود أورد حديث أبي هريرة ، وهو حديث ضعيف لا يحتج به، وعلى هذا فالمحلل ما ثبت في هذا الحديث؛ ولهذا أورده الحافظ ابن حجر في البلوغ وقال: سنده ضعيف، وقد أورده المصنف من طريقين وكل منهما سنده ضعيف، أحدهما فيه سفيان بن حسين وهو يروي عن الزهري وهو ضعيف في الزهري باتفاق، والثاني: فيه سعيد بن بشير وهو ضعيف، فالحديث جاء من طريقين كل منهما ضعيف، فليس بثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. مسألة: من أدخل فرساً بين فرسين ليس خاصاً بسباق الفرس بل يعم جميع المسابقات، فإذا كانت المسابقة على إبل فسيكون هناك بعير ثالث بينهما، لكن لا يكون شيء من نوع آخر أو من جنس آخر، وإنما تكون المسابقة من جنس واحد. وفي المراماة قالوا: إذا كان كل منهما دفع الجعل فإنه يكون شبيهاً بالقمار، وإما إذا كان الجعل من واحد منهما أو من واحد خارج المسابقة فهذا لا بأس به. إذاً: من أدخل فرساً بين فرسين وهو لا يؤمن أن يسبق فهذا معناه أنه من جنسهم فيصير مماثلاً لهما؛ فليس بقمار. (ومن أدخل فرساً بين فرسين وقد أمن أن يسبق فهو قمار). معناه أن وجوده كعدمه. فهذا أمن أن يسبق الذي هو المتأخر، لكن يقابله الذي يسبق الجوادين، حيث يكون جواده أحسن منهما فهاتان الحالتان يصير وجودهما مثل عدمهما، معناه: أنه سيأخذ الجعل ويفوز به في الأولى ولا يكون له في الثانية شيء فيكون قماراً.

تراجم رجال إسناد حديث (من أدخل فرساً بين فرسين ...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا حصين بن نمير ]. حصين بن نمير ، وهو لا بأس به، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا سفيان بن حسين ]. سفيان بن حسين ، وهو صدوق في غير الزهري ، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم في المقدمة وأصحاب السنن. [ ح وحدثنا علي بن مسلم ]. علي بن مسلم ، وهو ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و النسائي . [ حدثنا عباد بن العوام ]. عباد بن العوام ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان بن حسين المعنى عن الزهري ]. وهو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن المسيب ]. سعيد بن المسيب ، وهو ثقة فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أكثر الصحابة حديثاً على الإطلاق. والذين رووه غير هذين اللذين هما: سفيان بن حسين أو سعيد بن بشير الذي سيأتي وقفوه على سعيد بن المسيب ، وصار من قوله، وليس من قول أبي هريرة ، ولا من قول الرسول صلى الله عليه وسلم، وإنما جاء مرفوعاً ومسنداً من طريقيهما وهما ضعيفان، أحدهما صدوق لكنه في الزهري ضعيف، وهذا الثاني سعيد بن بشير ضعيف.

شرح حديث (من أدخل فرساً بين فرسين ...) من طريق أخرى وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن خالد حدثنا الوليد بن مسلم عن سعيد بن بشير عن الزهري بإسناد عباد ومعناه ]. قوله: [ حدثنا محمود بن خالد ]. محمود بن خالد الدمشقي ، ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا الوليد بن مسلم ]. الوليد بن مسلم الدمشقي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد بن بشير ]. سعيد بن بشير الشامي ، وهو ضعيف، أخرج له أصحاب السنن. [ عن الزهري بإسناد عباد ]. الزهري قد مر ذكره.

ذكر من روى حديث المحلل في السباق موقوفاً


[ قال أبو داود : رواه معمر و شعيب و عقيل عن الزهري عن رجال من أهل العلم وهذا أصح عندنا ]. يعني: الذين رووه عن الزهري ولم يرفعوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد، وروايتهم مقدمة على رواية من رواه مرفوعاً، وعلى هذا فالحديث لا يثبت مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [ رواه معمر ]. معمر بن راشد الأزدي اليماني ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ وشعيب ]. شعيب بن أبي حمزة الحمصي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ و عقيل ]. عقيل بن خالد بن عقيل المصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري عن رجال من أهل العلم ]. يعني: هنا مطلق، ولكنه جاء في بعض الروايات الصحيحة أنه من قول سعيد بن المسيب .
ما جاء في الجلب على الخيل في السباق


شرح حديث (لا جلب ولا جنب في الرهان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الجلب على الخيل في السباق. حدثنا يحيى بن خلف حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد حدثنا عنبسة ح وحدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل عن حميد الطويل جميعاً عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا جلب ولا جنب -زاد يحيى - في حديثه- في الرهان) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الجلب على الخيل في السباق، والجلب: هو زجرها والصياح بها من أجل أن تجري، فهذا يسمى جلباً، و أبو داود رحمه الله ذكر الترجمة في الجلب، مع أن في الحديث ذكر الجلب والجنب، والجلب: هو زجرها والصياح عليها، بأن يكونوا صفوفاً فيصيحون بها. وقيل: إن المقصود بذلك أنها لا تزجر ويصاح بها وإنما تحرك برسنها بدون صياح، فهذا هو الجلب. وقد أورد أبو داود حديث عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا جلب ولا جنب في الرهان). يعني: في المسابقة بين الخيل أو بين الإبل، فلا يكون هناك جلب أي: صياح، ولا جنب أي: بأن يكون هناك فرس ثالث أو رابع يجري معهم بحيث إذا تعب المركوب يتحول على الثاني، وإنما يكون على الفرسين فقط دون أن يضاف فرس ثالث أو دابة ثالثة تسير إلى الجنب بحيث إذا تعبت المركوبة الأولى يتحول منها إلى التي بجنبها وبجوارها. فلا جلب ولا جنب في الرهان أي: في المسابقة على الخيل والإبل.

تراجم رجال إسناد حديث (لا جلب ولا جنب في الرهان)


قوله: [ حدثنا يحيى بن خلف ]. يحيى بن خلف ، هو صدوق، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد ]. عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عنبسة ]. عنبسة بن سعيد القطان أخرج له أبو داود . قال: الحافظ : إنه ليس له رواية، لكن هذا الحديث من روايته، و المزي ذكره في التحفة قال: إنه عنبسة بن سعيد القطان ، وعلى هذا فهذه روايته، ثم أيضاً هو ضعيف، ولكن العمدة ليست عليه، وإنما على رفيقه أو الذي معه: حميد بن أبي حميد الطويل . وأما الحافظ فلعله وهم هل هو عنبسة بن أبي رائطة أو ابن سعيد القطان ؟! والذي ذكر في تهذيب الكمال وفي تحفة الأشراف هو عنبسة بن سعيد القطان في تلاميذ الحسن ، وفي تحفة الأشراف في الإسناد قال: هو عنبسة بن سعيد ، على هذا يكون الحافظ وهم في هذا الراوي، إلا أن يكون الحافظ ما اعتبر كلام المزي لا في هذا ولا في هذا. فعبارة الحافظ هي: ليس له رواية. فإذا كان هو فقد روى له أبو داود مقروناً وليس منفرداً، فهو ضعيف ولكن العمدة على غيره سواء كان هذا أو هذا. [ ح وحدثنا مسدد حدثنا بشر بن المفضل ]. مسدد مر ذكره، وبشر بن المفضل ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن حميد الطويل ]. حميد بن أبي حميد الطويل ، ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ جميعاً عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عمران بن حصين ]. عمران بن حصين أبو نجيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. ورواية الحسن بن أبي الحسن عن عمران بن حصين تكلم في سماعه منه، ولكن الألباني صححه، فلا أدري هل ذلك لشواهد أو ماذا؟!

شرح أثر قتادة (الجلب والجنب في الرهان)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن المثنى حدثنا عبد الأعلى عن سعيد عن قتادة قال: الجلب والجنب في الرهان ]. أورد هذا الأثر عن قتادة أنه قال: الجلب والجنب في الرهان. يعني: في رهان المسابقة. وهذا فيه إشارة إلى أنه ليس في الزكاة؛ لأنه جاء أن الجلب والجنب في الزكاة، يعني: كون العامل يكون في ناحية بعيدة، ويأمر الناس بأن يأتوا إليه، أو العامل أو صاحب الأموال يهرب بعيداً عن العامل حتى لا يصل إليه.
تراجم أثر قتادة (الجلب والجنب في الرهان)

قوله: [ حدثنا ابن المثنى ]. محمد بن المثنى العنزي الملقب: الزمن كنيته: أبو موسى ، وهو مشهور بكنيته وباسمه وكثيراً ما يذكره الحافظ ابن حجر عندما يذكر التلاميذ أو الشيوخ، فمثلاً يقول: روى عن فلان وعن فلان وعن أبي موسى بدل ما يقول: محمد بن المثنى ؛ لأنه مشهور بكنيته، فكثيراً ما يأتي ذكره في تهذيب التهذيب بكنيته سواء كان ذكره في تلاميذ شخص معين أو في الشيوخ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو الذي قال عنه الحافظ كما أشرت في ترجمته في التقريب: وكان هو و بندار كفرسي رهان، أي: متماثلين لا أحد يسبق الثاني. [ عن عبد الأعلى ]. عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سعيد ]. سعيد بن أبي عروبة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. وهذا القول يعتبر قوله، ولا يقال له: منقطع، فإذا انتهى المتن إلى تابعي أو من دون التابعي يقال له: مقطوع، وإذا انتهى إلى الصحابي يقال له: موقوف، وإذا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: مرفوع، فهذا يقال له: مقطوع، والمقطوع من صفات المتن، بخلاف المنقطع فإنه من صفات الإسناد؛ لأن المقطوع هو المتن الذي انتهى إلى من دون الصحابي، وأما المنقطع فهو سقوط راو أو أكثر في الإسناد.

الأسئلة



حكم المسابقة في العلم

السؤال: ما حكم المسابقة في العلم والبحوث العلمية؟



الجواب: لا بأس بذلك، فالجعل في مسائل العلم وما إلى ذلك لا بأس به.

حكم السبق على الأقدام

السؤال: ما حكم السبق على الأقدام؟



الجواب: لا يكون فيه سبق، والسبق جاء في الأمور الثلاثة التي في نص الحديث، وأما المسابقة على الأقدام فليس فيها شيء؛ لأنها ليست من وسائل الحرب.

حكم السبق في الحمام

السؤال: ما حكم السبق في الحمام؟


الجواب: جاء ذلك في بعض زيادات الحديث، فهذا يمكن أنه يتوسع فيه فيدخل فيه الأشياء التي هي عبث ولا تصلح؛ كالمسابقة في الحمام والأشياء التي صار بعض الناس يضيفها ويلحقها بالحديث، فالأشياء التي فيها قوة في الحرب هي التي يكون فيها الجعل، والأشياء التي لا قوة فيها في الحرب لا جعل فيها، لكن فيما يتعلق بالعلم ووسائل العلم، يعني: من ألف كتاباً يتعلق بكذا وكذا فله كذا، أو من حفظ القرآن فله كذا وكذا.. فهذا لا شك أنه شيء سائغ، وفيه منافسة ومسابقة في الخير.

حكم من رد السنة والأحاديث المتواترة


السؤال: ما حكم من كان على شاكلة محمد فريد وجدي في رد السنة وإنكار الأحاديث المتواترة؟


الجواب: لا شك أنه على خطأ عظيم، وخاصة مثل أحاديث الدجال فهي أحاديث متواترة بلغت مبلغ اليقين، بل النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتعوذ منه في آخر كل صلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم حذر أمته منه، وكل نبي حذر أمته من المسيح الدجال، وفتنة الدجال من أعظم الفتن، فأحاديث الدجال أحاديث متواترة إذا أنكرها الإنسان فإنه يخاطر بدينه والعياذ بالله! وأحاديث المهدي أيضاً من جنس أحاديث الدجال، إلا أنها أقل من أحاديث الدجال من حيث الشهرة والكثرة والتواتر، فهي كلها متواترة، حكى جماعة من أهل العلم تواترها، ولكن أحاديث الدجال أكثر، ووجودها في الصحيحين بكثرة، بخلاف أحاديث المهدي ، فإنه لم يأت في الصحيحين نص على ذكر المهدي ، وإنما جاء في أحاديث كثيرة في غير الصحيحين. وأما قول بعضهم: إن أحاديث المهدي جاءت كلها من طرق ولا توجد طريق إلا وفيها واحد من رواة الشيعة. فهذا ليس بصحيح، وإنما هي كثيرة جداً متواترة جاءت عن أكثر من عشرين شخص من الصحابة، وأيضاً حكى تواترها جماعة كثيرون من المتقدمين والمتأخرين، لكنها دون أحاديث الدجال من حيث الصحة والكثرة، فأحاديث الدجال أكثر وأصح.

جواز المسابقة في كل شيء لا السبق

السؤال: في عون المعبود قال القرطبي : لا خلاف في جواز المسابقة على الخيل وغيرها من الدواب وعلى الأقدام وكذا الترامي بالسهام، واستعمال الأسلحة لما في ذلك من التدريب في الحرب؟



الجواب: لكنه بدون سبق، والمقصود هنا المسابقة، فهذا لا بأس لكن الكلام على السبق. فالكلام هنا على الجعل وأخذه، فالمسابقة على الأقدام ما ورد فيها شيء؛ لأنه قال: لا سبق إلا في كذا وكذا."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 03-05-2025, 05:52 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب ادب التعامل الحيوانات والدواب
شرح سنن أبي داود [306]
الحلقة (338)





شرح سنن أبي داود [306]

هنا مسائل وأحكام وآداب متفرقة لها علاقة بالجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى، ومن هذه المسائل: استخدام الرايات وألوانها المرغوبة، والاعتناء بالضعفاء لأنهم سبب الرزق والنصر، واستخدام الشعار في الحرب ليعرف الصديق من العدو، والاهتمام بالنبل والسيوف في أماكن التجمعات حتى لا تؤذي المسلمين بنصالها وحدّها، ونحو ذلك من المسائل والآداب.

ما جاء في السيف يحلى


شرح حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في السيف يحلى. حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا جرير بن حازم حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في السيف يحلى، يعني: هل يحلى أو لا يحلى؟ وهو أن توضع فيه زينة كأن يكون فيه فضة أو ذهب، والسيف لا يحلى بالذهب، ولكن تحليته بالفضة تجوز إذا كانت التحلية يسيرة. وأورد أبو داود حديث أنس رضي الله عنه قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة) والقبيعة: هي التي بجوار مقبض السيف، ولعله الشيء الذي يفصل بين الحد وبين المقبض، بحيث يكون فيه شيء نافع يميز ويفصل بين المقبض وبين حد السيف، فهذه المنطقة يقال لها قبيعة، فيكون هذا المقدار من السيف محلى بالفضة، فدل ذلك على جواز مثل ذلك، وأن التحلية بالفضة لا بأس بها بحيث تكون يسيرة.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة)


قوله: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم ]. مسلم بن إبراهيم الفراهيدي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا جرير بن حازم ]. جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي مر ذكره. [ عن أنس بن مالك ]. رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد رباعي من الأسانيد العالية عند أبي داود التي يكون فيها بين أبي داود وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أشخاص. ورواية جرير بن حازم عن قتادة يقول الحافظ في التقريب: ثقة، في حديثه عن قتادة ضعف. لكن الأسانيد التي ستأتي بعده يقوي بعضها بعضاً.

شرح حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة) من طريق ثانية


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن قال: (كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فضة) قال قتادة، وما علمت أحداً تابعه على ذلك ]. أورد أبو داود هذا الإسناد وهو مرسل لأنه من رواية سعيد بن أبي الحسن أخي الحسن البصري وأسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتابعي إذا أسند إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يقال له: حديث مرسل، وهو من قبيل المنقطع، لكن هذه الرواية والرواية السابقة يشهد بعضها لبعض، يعني: الحديث الأول متصل وفيه كلام، وهذا منقطع وهو صحيح، فبعضها يشهد لبعض.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله فضة) من طريق ثانية

قوله: [ حدثنا محمد بن المثنى عن معاذ بن هشام ]. معاذ بن هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، صدوق ربما وهم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حدثني أبي ]. هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن ]. قتادة مر ذكره، و سعيد بن أبي الحسن أخو الحسن البصري واسمه: الحسن بن أبي الحسن ، وهذا سعيد بن أبي الحسن ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال قتادة : وما علمت أحداً تابعه على ذلك ]. يحتمل أن يكون هذا من قول قتادة ويكون المراد به سعيد بن أبي الحسن ، ولكن قيل: إن المقصود أن الذي قال هذا هو أبو داود نفسه، أي: قال أبو داود في رواية قتادة : وما علمت أن أحداً تابعه أي: تابع جرير بن حازم في الرواية عن قتادة. قالوا: لأن هذه العبارة ما كان يستعملها المتقدمون وإنما يستعملها المتأخرون. لكن بعض أهل العلم قال: يحتمل أن يكون هذا القول قول قتادة ، ومرجع الضمير في قوله: (تابعه) أي: تابع سعيد بن أبي الحسن ، لكن الأقرب: أن هذا من قول أبي داود، وأن الصيغة فيها اختصار، وأنه قال أبو داود في رواية قتادة: وما علمت أحداً تابعه، فيكون الضمير رجعاً إلى جرير بن حازم في روايته عن قتادة . وفيما يتعلق برواية جرير عن قتادة فيها شيء. قال النسائي : هذا حديث منكر والصواب قتادة عن سعيد . وقال الترمذي : حديث حسن غريب، وهكذا روي عن همام عن قتادة عن أنس ، وقد روى بعضهم عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن . وأما قول النسائي : والصواب عن قتادة عن سعيد فإنه صوب المرسل، أي: أن ذاك متصل وهذا مرسل وهو صوب المرسل. والأحاديث كلها يضم بعضها إلى بعض، والألباني قال: إن الحديث صحيح لغيره، يعني: أن هذه الروايات بعضها يشهد لبعض، فلا تنافي بينها من حيث النتيجة والغاية.

شرح حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله من فضة) من طريق ثالثة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العنبري عن عثمان بن سعد عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانت.. فذكر مثله. قال أبو داود : أقواها حديث سعيد بن أبي الحسن والباقية ضعاف ]. أبو داود قوى مثل الذي قوى النسائي ، وهي الطريق الوسطى التي هي مرسلة، ولكن هذه الضعاف هي بمعنى المرسلة، وكلها تتعلق بقبيعة سيف النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان من فضة فيكون بعضها شاهداً لبعض، ويقوي بعضها بعضاً.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت قبيعة سيف رسول الله من فضة) من طريق ثالثة


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار ]. محمد بن بشار هو الملقب بندار البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثني يحيى بن كثير أبو غسان العنبري ]. يحيى بن كثير ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عثمان بن سعد ]. عثمان بن سعد ، وهو ضعيف، أخرج له أبو داود و الترمذي . [ عن أنس بن مالك ]. أنس بن مالك رضي الله عنه قد مر ذكره. وهذا سند رباعي.
ما جاء في النبل يدخل به المسجد


شرح حديث الأمر بإمساك نصال النبل في المسجد


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في النبل يدخل به المسجد. حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنه أمر رجلاً كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في النبل يدخل به المسجد. والمقصود من الترجمة جواز مثل ذلك بالنسبة للمساجد، وأنه سواء كان في المسجد أو في الأماكن التي يجتمع فيها الناس يحذر من أن يجرح أحداً أو يكون عرضة لأن يحصل لأحد إيذاء به، فيمسك بنصال النبال بحيث يؤمن من ضررها. وقد أورد أبو داود حديث جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أمر رجلاً كان يتصدق بالنبل في المسجد ألا يمر بها إلا وهو آخذ بنصولها).

تراجم رجال إسناد حديث الأمر بإمساك نصال النبل في المسجد


قوله: [ حدثنا قتيبة بن سعيد ]. قتيبة بن سعيد ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا الليث ]. الليث بن سعد المصري ، ثقة فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر رضي الله عنه، وهو صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد أيضاً من الرباعيات عند أبي داود .

شرح حديث الأمر بإمساك نصال النبل من طريق ثانية وتراجم رجاله


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مر أحدكم في مسجدنا أو في سوقنا ومعه نبل فليمسك على نصالها، أو قال: فليقبض كفه، أو قال: فليقبض بكفه أن تصيب أحداً من المسلمين) ]. أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري ، وهو بمعنى الحديث الأول إلا أن فيه زيادة الأسواق مع المساجد. قوله: [ (إذا مر أحدكم في مسجدنا) ]. ليس المقصود مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم خاصة، وإنما المقصود مساجد المؤمنين التي فيها الاجتماع، فمسجدنا أو سوقنا يعني: الأماكن التي فيها اجتماع الناس، فيمسك بنصالها لئلا تصيب أحداً من الناس عن طريق الخطأ. قوله: [ حدثنا محمد بن العلاء ]. محمد بن العلاء بن كريب أبو كريب البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو أسامة ]. وهو: حماد بن أسامة البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن بريد ]. بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وهو ثقة يخطئ قليلاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي بردة ]. أبو بردة هو جده؛ لأنه بريد بن عبد الله بن أبي بردة ، وهو يروي عن جده أبي بردة ، وهو أبو بردة بن أبي موسى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي موسى ]. وهو عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث فيه رواية حفيد عن جد وابن عن أب، رواية حفيد عن جد وهو بريد يروي عن جده أبي بردة ، و أبو بردة يروي عن أبيه أبي موسى .
جواز إدخال السلاح المسجد

والنبل: هي السهام التي كانوا يرمون بها، وقد كانت هي السلاح عندهم. والحديث فيه دليل على جواز إدخال السلاح المسجد، إذا لم يحصل منه مضرة في ذلك.
ما جاء في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً


شرح حديث (نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً. حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة وهي: باب في النهي أن يتعاطى السيف مسلولاً يعني: يعطي شخص الثاني، وذلك لأنه إذا كان مسلولاً لا يؤمن أن يحصل عن طريق الخطأ أن يجرح أحدهما أو يسقط على رجله ما دام أنه مسلول، ولكنه إذا كان مغمداً يؤمن من وراء أن يباشر حده الأجسام، فيتعاطى السيف مغمداً بحيث إنه لو مس بشره لا يؤثر فيه. وقد أورد أبو داود حديث جابر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً). يعني: وإنما يتعاطى مغمداً؛ وذلك من أجل السلامة من حصول الضرر بسببه.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن يتعاطى السيف مسلولاً)


قوله: [ حدثنا موسى بن إسماعيل ]. موسى بن إسماعيل التبوذكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا حماد ]. وهو ابن سلمة ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الزبير عن جابر ]. أبو الزبير و جابر قد مر ذكرهما. وهذا سند رباعي.
الأسئلة



حكم إلحاق السكين بالسيف في المناولة


السؤال: هل تقاس السكين بالسيف في ألا تناول إلا مغمدة؟



الجواب: السكين كما هو معلوم ليست مغمدة دائماً، ولكنه إذا طلبها منه أحد فيناوله المقبض ولا يناوله حدها، وإنما يمسك المقبض ويناوله، والسكين ليست ثقيلة مثل السيف فأمرها أخف من حيث الثقل، فإذا كان لها غمد فإنه يناسب أن تكون مغمدة، لاسيما إذا كانت من السكاكين التي يعتنى بها لحدتها، وكونها تغمد ويحافظ عليها، أما إذا كانت من السكاكين العادية البسيطة فيمكن للإنسان أن يناول الآخر، ولكنه لا يعطي الحد لصاحبه.

ما جاء في النهي أن يقد السير بين إصبعين


شرح حديث (نهى أن يقد السير بين إصبعين)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في النهي أن يقد السير بين إصبعين. حدثنا محمد بن بشار حدثنا قريش بن أنس حدثنا أشعث عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يقد السير بين أصبعين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب النهي أن يقد السير بين إصبعين. والسير: هو القطعة التي تستخرج من الجلد، بحيث إنه يقد من الجلد سيور، فهذا في كيفية القد، أنه لا يكون القد بين إصبعين؛ لأنه قد تنزل السكين التي يقد بها على الأصابع أو على اليد فتجرحها بحدها، وهذا المقصود منه المحافظة على النفس، وعدم التساهل في استعمال السلاح بحيث إنه قد يؤدي إلى أن يجرح الإنسان نفسه، فيكون من جنس ما تقدم من الأحاديث، فإذا قده بين إصبعين فمعناه أنه قد يزل الحد إلى الإصبع، لكن إذا كان معه شخص يمسك ثم يقد فإنه ينتفي المحذور، وإذا كان وحده يمكن أنه يمسك طرفاً ويقد، أما كونه يقد بين إصبعين فإنه قد يعرض نفسه لجرح أصابعه بتلك السكين التي يقد بها. والسير: هو القطعة الدقيقة التي تؤخذ من الجلود، بحيث يكون مثل الحبل يحزم به ويربط به. وهو نفس السير الذي في النعال، كذلك هذه السيور كانت تتخذ فيما مضى في استخراج الماء؛ لأنهم يقدون الجلد حتى يصير سيراً، فيربطون به الغرب، فيكون مكوناً من رشا في أعلاه، وسير في أسفله من الجلد، فكل ذلك سواء كان للنعل أو لاستخراج الماء أو لرباط أربطة أو أي شيء؛ كل هذا يقال له سيور.

تراجم رجال إسناد حديث (نهى أن يقد السير بين إصبعين)


قوله: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا قريش بن أنس ]. محمد بن بشار مر ذكره. وقريش بن أنس صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا أشعث ]. أشعث بن عبد الملك الحمراني ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً وأصحاب السنن. [ عن الحسن عن سمرة بن جندب ]. الحسن بن أبي الحسن ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. و سمرة بن جندب رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. وهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة ، ورواية الحسن عن سمرة لم يثبت منها إلا حديث العقيقة، وأما غيره ففيه خلاف، فقيل: لا يصح إلا إذا جاءت له شواهد ومتابعات، و الألباني ضعفه؛ لأنه ما جاء إلا من هذه الطريق وليس له شواهد. والذي مر معنا من النهي أن يقد السير، والنهي أن يتعاطى السيف مسلولاً، والنهي إذا مر الإنسان بالنبل وهو غير قابض على نصولها الأصل فيها التحريم، ومعلوم أن سد الذرائع من قواعد الشريعة، وهذا كله من سد الذرائع.

ما جاء في لبس الدروع


شرح حديث (أن رسول الله ظاهر يوم أحد بين درعين)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في لبس الدروع. حدثنا مسدد حدثنا سفيان قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة يذكر عن السائب بن يزيد رضي الله عنه عن رجل قد سماه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحد بين درعين، أو لبس درعين) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في لبس الدروع. والدروع: هي التي تتقى بها السهام، بحيث إذا جاء السهم لا يضرب في الجلد وفي الجسم بل يضرب في الدرع الذي يعتبر وقاية للجسم، فلبس الدروع سائغ، وقد جاءت بذلك السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك لبس المغفر على الرأس ليقيه السهام والسيوف، فالدروع تلبس على الأجسام أو على الصدور من أجل أن تمنع السهام أن تنفذ إلى الأجسام. أورد أبو داود حديث رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد سماه السائب ، والسائب صحابي صغير. قوله: [ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر...) ]. يعني: لبس اثنين، من المظاهرة والتظاهر: وهو التعاون والتساعد، ومعناه: أن هذا صار مع هذا، فصارا شيئين اثنين، فصار الثاني يقوي الأول، فهو إما أنه ظاهر بمعنى: أنه لبسهما وجعل واحداً مساعداً للثاني وإما أنه لبسهما بحيث جعل أحدهما فوق الثاني.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله ظاهر يوم أحد بين درعين)


قوله: [ حدثنا مسدد عن سفيان ]. سفيان هو: ابن عيينة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: حسبت أني سمعت يزيد بن خصيفة ]. وهذا فيه شك في السماع، و يزيد بن خصيفة ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة، وهو يزيد بن عبد الله بن خصيفة فهو منسوب إلى جده. [ عن السائب بن يزيد ]. السائب بن يزيد ، وهو صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن رجل قد سماه ]. وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بلا شك؛ لأن الصحابة يروون عن الصحابة.
أهمية التوكل وبذل الأسباب

وفي هذا الحديث اتخاذ الرسول صلى الله عليه وسلم الدروع، ولبسه إياها دليل على أن الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع وأخذ بالأسباب، كما أنه لبس المغفر على رأسه عام الفتح، فدخل مكة وعلى رأسه المغفر، فهو عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد أخذ بالأسباب، فالأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل، وإنما الذي ينافي التوكل أن يعتمد الإنسان على الأسباب ويغفل عن مسبب الأسباب، فهذا هو الذي يؤثر. أما إذا أخذ بالأسباب واعتمد على الله، وعلم أن كل شيء بقضاء الله، فإن ذلك لا ينافي التوكل، والنبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى هذا كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عليه الصلاة والسلام: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، وهنا قوله: (احرص على ما ينفعك واستعن بالله)، فيه الإرشاد إلى الأمرين وهما: الأخذ بالأسباب، والتعويل على مسبب الأسباب، فإنه قوله: (احرص على ما ينفعك) أخذ بالأسباب المشروعة، ومع أخذه بالأسباب لا يعتمد على الأسباب ويغفل عن الله، بل عليه أن يسأل الله عز وجل ويستعين به، ويسأله أن يحقق له ما يريد. فإذاً: الأخذ بالأسباب لا ينافي التوكل؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سيد المتوكلين، وقد لبس الدروع ولبس المغفر صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 03-05-2025, 05:53 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

ما جاء في الرايات والألوية


شرح حديث (كانت الراية سوداء مربعة من نمرة)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرايات والألوية: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا ابن أبي زائدة أخبرنا أبو يعقوب الثقفي حدثني يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم قال: بعثني محمد بن القاسم إلى البراء بن عازب رضي الله عنهما (يسأله عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت؟ فقال: كانت سوداء مربعة من نمرة) ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في الرايات والألوية. يعني: في الجهاد ما لونها؟ والألوية: قيل: إن اللواء يكون أكبر من الراية والراية دونه، وقيل العكس. والراية واللواء المقصود به الدلالة على القائد، ومعرفة المرجع الذي يرجع إليه الجيش، ومعرفة مكانه؛ لأنها تكون مرتفعة وعالية، وترى من بعد؛ فيعرف الناس من ارتفاعها المكان الذي يكون فيه المرجع الذي يرجع إليه الجيش، والقائد الذي يقود الجيش يكون عند هذا اللواء. وقد أورد أبو داود حديث البراء بن عازب رضي الله عنه أنه قال: (إن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء مربعة من نمرة) والنمرة: هي الثياب المخططة التي فيها سواد وبياض، وقيل لها: سوداء لأنها ترى من بعيد، ففيها خطوط، لكنها ترى من بعيد سوداء، فذكر النمرة يدل على أنها ليست سوداء خالصة، ولكنها يغلب عليها السواد، وكذلك ترى من بعيد. فهذا فيه دليل على أن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت سوداء، وقال هنا: إنها مربعة، ومعناه: أنها متساوية الأضلاع، يعني أن طولها وعرضها سواء، و الألباني حسن الحديث بدون ذكر كونها مربعة.

تراجم رجال إسناد حديث (كانت الراية سوداء مربعة من نمرة)


قوله: [ حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي ]. إبراهيم بن موسى الرازي ، ثقة حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا ابن أبي زائدة ]. وهو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا أبو يعقوب الثقفي ]. وهو: إسحاق بن إبراهيم ، وثقه ابن حبان ، وفيه ضعف، وحديثه أخرجه أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثني يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم ]. يونس بن عبيد ، وهو مقبول أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن البراء بن عازب ]. البراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، رضي الله تعالى عنه وعن أبيه، وهو صحابي، أخرج له أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه مقبول وفيه من هو ضعيف، والألباني حسن الحديث وصححه بدون كونها مربعة، ولعل ذلك لشواهد.

شرح حديث (كان لواؤه يوم دخل مكة أبيض) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي - وهو ابن راهويه - حدثنا يحيى بن آدم حدثنا شريك عن عمار الدهني عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان لواؤه يوم دخل مكة أبيض) ]. أورد أبو داود حديث جابر : أن لواءه حين دخل مكة كان أبيض، وهذا يدل على أنه كان أبيض، والحديث الأول يدل على أنه كان أسود، وهذا يدل على تعدد الألوان في الألوية، وأنه أحياناً يكون كذا، وأحياناً يكون كذا. قوله: [ حدثنا إسحاق بن إبراهيم المروزي وهو ابن راهويه ]. إسحاق بن إبراهيم المروزي هو ابن راهويه ، وهو ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهو فقيه، وقد أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ حدثنا يحيى بن آدم ]. يحيى بن آدم الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا شريك ]. شريك بن عبد الله النخعي الكوفي ، وهو صدوق يخطئ كثيراً، اختلط لما ولي القضاء، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمار الدهني ]. عمار بن معاوية الدهني ، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر يرفعه ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. وقوله: (عن جابر يرفعه) يعني: أنه يضيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، إما أن يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

شرح حديث (رأيت راية رسول الله صفراء) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عقبة بن مكرم حدثنا سلم بن قتيبة - الشعيري - عن شعبة عن سماك عن رجل من قومه عن آخر منهم قال: (رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء) ]. أورد أبو داود حديثاً آخر عن رجل من قوم سماك بن حرب يقول: (رأيت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء) يعني: لونها أصفر، ولكن الحديث فيه هذا الرجل المبهم الذي هو شيخه الذي من قومه، وأما الصحابي الذي رأى الراية فالجهالة لا تؤثر؛ لأن المجهول من الصحابة في حكم المعلوم، ولكن الجهالة تؤثر في غيرهم، فهذا الذي هو شيخ سماك مبهم غير معروف، فالحديث بسببه ضعيف، وأما الرجل المبهم الذي رأى راية رسول الله صلى الله عليه وسلم صفراء فجهالته لا تؤثر؛ لأن الصحابة عدول والمجهول منهم في حكم المعلوم. قوله: [ حدثنا عقبة بن مكرم ]. عقبة بن مكرم ، ثقة، أخرج له مسلم و أبو داود و الترمذي و ابن ماجة . [ حدثنا سلم بن قتيبة الشعيري ]. وهو أبو قتيبة يعني: كنيته أبو قتيبة ، وأبوه قتيبة ، وهو ممن وافقت كنيته اسم أبيه، وهو يأتي أحياناً بكنيته فقط فيقال: أبو قتيبة ، وأحياناً يأتي باسمه كما هو هنا سلم بن قتيبة الشعيري و الشعيري نسبة إلى بيع الشعير. وهو صدوق، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن شعبة ]. شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سماك ]. سماك بن حرب ، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن رجل من قومه عن آخر منهم ]. وهذا هو الذي قلت: إنه سبب تضعيف الحديث، لأنه رجل مبهم لا يعرف.

ما جاء في الانتصار برذل الخيل والضعفة



شرح حديث (ابغوني الضعفاء فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الانتصار برذل الخيل والضعفة: حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني حدثنا الوليد حدثنا ابن جابر عن زيد بن أرطأة الفزاري عن جبير بن نفير الحضرمي أنه سمع أبا الدرداء رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم). قال أبو داود : زيد بن أرطأة أخو عدي بن أرطأة ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب الانتصار برذل الخيل والضعفة. يعني: طلب النصر أو تحصيل الانتصار لوجود ضعفة عندهم صدق وإخلاص وعبادة، يدعون الله عز وجل فيستجيب لهم. وقد أورد أبو داود حديث أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم). وقد جاء في سنن النسائي : (بدعائهم وصدقهم وصلاتهم وإخلاصهم) يعني: لأن عندهم العبادة والإخلاص، وليس عندهم انشغال بالدنيا ومتاعها ولذاتها، وإنما هم مقبلون على العبادة، فيكون دعاؤهم مظنة الإجابة. فمعنى هذا: أنه إذا وجد في الجيش من يكون كذلك ومن يكون قلبه خالياً من التعلق بالدنيا، ومشتغلاً بالعبادة والدعاء فإن ذلك من أسباب النصر على الأعداء؛ لكونهم يدعون الله عز وجل، وقلوبهم صافية، وهم مخلصون لله عز وجل، وليس عندهم الانشغال بالدنيا ومتاعها ولذاتها. قوله: [ (ابغوني) ]. أي: اطلبوا لي، ومعناه: أنه يريد مثل هذا النوع وهذا الجنس من الناس الذين يكون عندهم عبادة وإخلاص، وليس عندهم انشغال بالدنيا وافتتان بها. قوله: [ (فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم) ]. يعني: بوجودهم معكم، وكونهم يسألون الله عز وجل والله تعالى يجيب دعاءهم. فوجود الفقير والضعيف الذي يعان ويساعد من أسباب كثرة الرزق، وكذلك أيضاً كون الضعيف يدعو فيستجيب الله له مثلما جاء في الحديث: (رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره). أما رذل الخيل فلم يأت في الحديث شيء يدل عليها، ولكن لعل ذلك لكون الضعفاء يكون عندهم شيء ضعيف على قدر حالهم وطاقتهم، وأنه لا يستهان بالضعفاء ولا بمركوباتهم، والمقصود من ذلك هو الضعفاء أنفسهم، والرذل هي تابعة لهم، وهذا على قدر طاقتهم وقدر ما يستطيعون.
تراجم رجال إسناد حديث (ابغوني الضعفاء، فإنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم)

قوله: [ حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني ]. مؤمل بن الفضل الحراني ، صدوق أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن الوليد ]. الوليد بن مسلم الدمشقي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا ابن جابر ]. وهو: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن زيد بن أرطأة الفزاري ]. زيد بن أرطأة الفزاري ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . [ عن جبير بن نفير الحضرمي ]. جبير بن نفير الحضرمي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ أنه سمع أبا الدرداء ]. أبو الدرداء وهو: عويمر رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال أبو داود : زيد بن أرطأة أخو علي بن أرطأة ]. هذا تعريف بهذا الشخص، وأنه أخ لهذا الشخص.
ما جاء في الرجل ينادي بالشعار


شرح حديث (كان شعار المهاجرين عبد الله وشعار الأنصار عبد الرحمن)


قال المصنف رحمه الله تعالى [ باب في الرجل ينادي بالشعار. حدثنا سعيد بن منصور حدثنا يزيد بن هارون عن الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: (كان شعار المهاجرين عبد الله، وشعار الأنصار عبد الرحمن) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل ينادي بالشعار. يعني: أنه يتكلم بالشعار أو ينادي غيره بهذا الشعار، ففي هذا الحديث الذي أورده أبو داود من حديث سمرة أن شعار المهاجرين عبد الله، أي ينادى أحدهم ويقول: يا عبد الله! وشعار الأنصار يا عبد الرحمن! فهذه علامة اتفقوا واصطلحوا عليها بأن يكون شيء تواطئوا عليه بحيث إنه إذا نودي بكذا يعرف أن المراد هذا الصنف من الناس، وإذا نودي بكذا فالمراد به هذا الصنف من الناس، لكن الحديث ضعيف لأنه من رواية الحسن عن سمرة ، وفيه أيضاً الحجاج بن أرطأة .

تراجم رجال إسناد حديث (كان شعار المهاجرين عبد الله وشعار الأنصار عبد الرحمن)


قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يزيد بن هارون ]. يزيد بن هارون الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الحجاج ]. الحجاج بن أرطأة ، وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن قتادة ]. قتادة بن دعامة السدوسي البصري ، ثقة، أخرج له صحاب الكتب الستة. [ عن الحسن ]. الحسن بن أبي الحسن البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن سمرة بن جندب ]. رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (غزونا مع أبي بكر زمن النبي فكان شعارنا أمت أمت)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هناد عن ابن المبارك عن عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه رضي الله عنه قال: (غزونا مع أبي بكر رضي الله عنه زمن النبي صلى الله عليه وسلم فكان شعارنا أمت أمت) ]. أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: (غزونا مع أبي بكر رضي الله عنه في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان شعارنا أمت أمت) يعني: هذه كلمة اتفقوا عليها بحيث إن الواحد يذكرها ليعرف أنه من القوم، أي: حتى لو دخل فيهم أحد أو جاء وهو لا يعرف هذه العلامة فسئل عنها فلم يعرفها معناه أنه دخل فيهم وهو ليس منهم، وأما هم فقد تواطئوا واتفقوا على هذه العلامة وهي: أمت أمت. وهذه الكلمة قيل: إن المقصود بها أنها دعاء، وهي أن الله تعالى يميت الكفار أو يميت العدو الذي يقاتلونه، ولكنها هي المقصود بها لفظة تواطئوا عليها، بحيث إذا كانوا في ظلام وكانوا في اختلاط فقد يدخل فيهم من ليس منهم، فإنه يعرف أنه منهم بذكره هذه العلامة، حتى لو جاء أحد أو كان واحداً منهم قد ذهب ليقضي حاجته أو ما إلى ذلك ثم جاء وظن أنه من العدو، فإذا ذكر هذه العلامة التي تواطئوا عليها عرف أنه منهم فلا يحلقه أذى منهم.

تراجم رجال إسناد حديث (غزونا مع أبي بكر زمن النبي فكان شعارنا أمت أمت)


قوله: [ حدثنا هناد ]. هناد بن السري أبو السري ، ثقة، أخرج له البخاري في خلق أفعال العباد و مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن المبارك ]. عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عكرمة بن عمار ]. عكرمة بن عمار ، وهو صدوق يغلط، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن. [ عن إياس بن سلمة ]. إياس بن سلمة بن الأكوع ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبيه ]. سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.

شرح حديث (إن بيتم فليكن شعاركم حم لا ينصرون)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن أبي إسحاق عن المهلب بن أبي صفرة قال أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بيتم فليكن شعاركم حم لا ينصرون) ]. أورد أبو داود حديث المهلب بن أبي صفرة قال: أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بيتم)، يعني: بيتكم العدو وأتاكم على غرة. (فليكن شعاركم حم لا ينصرون) يعني: أن هذا هو شعار يكون بينهم يتعارفون به، ويعرف بعضهم بعضاً به بأن يقول: حم لا ينصرون، وقيل: إن اختيار (حم) التي هي من الحروف المقطعة في أوائل السور لتكون علامة لهم يتواطئون عليها، وكذلك أيضاً كلمة (لا ينصرون) أي: لا ينصر الكفار عليهم، أي: هؤلاء الذين هاجموهم أو بيتوهم، فهذا شعار يكون بينهم يعرف به بعضهم بعضاً.

تراجم رجال إسناد حديث (إن بيتم فليكن شعاركم حم لا ينصرون)

قوله: [ حدثنا محمد بن كثير ]. محمد بن كثير العبدي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا سفيان ]. سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري ، ثقة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي إسحاق ]. وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن المهلب بن أبي صفرة ]. المهلب بن أبي صفرة ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و الترمذي و النسائي . قوله: (أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم). يعني: أنه صحابي، والصحابة كلهم عدول المجهول فيهم في حكم المعلوم رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم.

الأسئلة



حكم القد بين أصبعين

السؤال: حديث النهي عن قد السير بين أصبعين يفيد العموم، ولا تسلم النساء من قد كثير من الأشياء. فهل النهي عن هذا القد نهي تحريم أم إرشاد؟



الجواب: على الإنسان أن يحذر من أن يعرض نفسه للخطر، فيقضي حاجاته بعمل كل ما يريد في مصلحته من قد وقص، لكن على وجه يأمن معه حصول أثره عليه. ثم الحديث ضعيف كما عرفنا، فهو غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن كون الإنسان يكون على حذر من أن يتأذى بآلة حادة يستعملها هو أو يناوله آخر، فهذا أمر مطلوب.

علة التحريم في كون الجعل يبذل من كل المتسابقين


السؤال: لماذا كان الجعل من المتسابقين لم يجز، ولما كان من أحدهما أو من واحد خارج منهما يجوز؟


الجواب: لأنه إذا كان منهما يصير قماراً، فكل واحد يريد أن يحصل من الثاني شيئاً، وأما إذا كان الجعل من واحد منهما فمعناه أنه ما كانت المنافسة الموجودة على المال، وإنما هي على العمل الطيب الذي هو المسابقة، والذي فيه مصلحة وتقوية للمسلمين. وكذلك إذا كان الجعل من غير المتسابقين فما فيه المحذور الذي يكون بينهم، وهو كون كل واحد منهما يريد أن يكون رابحاً على حساب صاحبه.

حكم زواج الأب والابن بأختين شقيقتين

السؤال: تزوجت أنا وابني بأختين شقيقتين، وما زلنا على هذا الزواج، فهل يجوز هذا في الشريعة؟


الجواب: لا بأس بذلك، والمنهي عنه هو كون الرجل يجمع بين أختين، وأما كون الأب يتزوج واحدة والولد يتزوج أختها فلا بأس بذلك، ويجوز أن تكون الكبيرة للكبير والصغيرة للصغير والعكس أيضاً.

حكم الدعاء بقول (اللهم لا تبتلنا فتفضحنا)

السؤال: ما حكم هذا الدعاء (اللهم لا تبتلنا فتفضحنا)؟



الجواب: الإنسان يحرص على الأدعية الشرعية التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويسأل الله عز وجل بأدعية الرسول عليه الصلاة والسلام، والشيء الذي فيه إشكال أو فيه شبهة يبتعد عنه، والإنسان إذا حرص على أن يأتي بشيء من عنده أو من عند الناس لا يأمن من العثور، ولا يأمن من أن يقع في أمر لا ينبغي، ولكن الشيء الذي فيه العصمة هو كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم.

حكم صلاة سنة الظهر أربعاً بتسليمة واحدة


السؤال: هل ورد في سنة الظهر القبلية أنها تصلى أربع ركعات متواصلة؟



الجواب: أذكر أنه ورد شيء من هذا؛ لكن لا أدري هل هي سنة الظهر أو العصر أو هما معاً؟! ولكن الغالب والذي ينبغي والأفضل أن تكون كل ركعتين على حدة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى).


معنى قول النبي (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله)

السؤال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله) هل المقصود الصلاة في الجماعة أو المقصود فوات الصلاة حتى يخرج الوقت؟


الجواب: الذي يبدو أنها ليست الجماعة، وإنما المقصود منه الصلاة نفسها، يعني: كون الإنسان يتركها أو يؤخرها حتى يخرج وقتها، فهذا هو المقصود، وأما الجماعة فلا شك أنها واجبة، ولكن عدم حضورها لا يبطل العمل، وإنما يفوت أجراً كبيراً، وهو حصول المضاعفة التي جاءت في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم."



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 03-05-2025, 05:58 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب السفر
شرح سنن أبي داود [307]
الحلقة (339)





شرح سنن أبي داود [307]

من الآداب التي علمنا النبي صلى الله عليه وسلم إياها في السفر: دعاء ركوب الدابة، وعند السفر وعند الوداع، وألا يسافر الشخص أول الليل حتى تذهب فحمة العشاء، وألا يسافر لوحده، وأن يبكر في سفره.

ما يقول الرجل إذا سافر


شرح حديث (كان رسول الله إذا سافر قال اللهم أنت الصاحب في السفر...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا سافر. حدثنا مسدد حدثنا يحيى حدثنا محمد بن عجلان قال: حدثني سعيد المقبري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر قال: اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل، اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر، وكآبة المنقلب، وسوء المنظر في الأهل والمال، اللهم اطو لنا الأرض، وهون علينا السفر) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب ما يقول الرجل إذا سافر. أي: الدعاء الذي يدعو به المسافر عند سفره، وقد أورد أبو داود رحمه الله في كتاب الجهاد جملة من الأحاديث تتعلق بآداب السفر، وذلك لأن الجهاد يكون غالباً عن طريق السفر، لأنهم يخرجون من بلادهم يقاتلون في سبيل الله، وليسوا باقين في بيوتهم إن جاءهم العدو دفعوه، بل يعقدون الألوية ويذهبون للجهاد في سبيل الله ودعوة الناس إلى أن يدخلوا في دين الله، ويغزون الكفار في بلادهم. فالجهاد يحصل عن طريق السفر، كما أن السفر يكون في غيره، ولكنه من أجل أن الجهاد يكون فيه السفر أورد هذه الآداب في كتاب الجهاد؛ لأن سفر الجهاد أفضل الأسفار، وهو خير الأسفار؛ لأنه سفر لإعلاء كلمة الله، وانتصار المسلمين على غيرهم من الكفار، فمن أجل هذا أورد أبو داود رحمه الله جملة من آداب السفر -سواء للجهاد أو غير الجهاد- في كتاب الجهاد. ثم أورد أبو داود حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سافر قال: (اللهم أنت الصاحب في السفر) يعني: الصاحب الذي يكون معهم فيحفظهم ويكلؤهم ويرعاهم، ويحوطهم بحفظه ورعايته سبحانه وتعالى، (والخليفة في الأهل) يعني: يكون معه في سفره يرعاه ويحفظه ويخلفه في أهله في حفظهم ورعايتهم، وتحصيل ما يفيدهم، وتحقيق ما يريدون، فهو سبحانه وتعالى المصاحب للمسافر في سفره، وهو الخليفة له في أهله، يعني: فهو يسأل الله عز وجل أن يكون معه في سفره بالتوفيق والتسديد، والحفظ والرعاية، وأن يكون لأهله حافظاً وراعياً وموفقاً ومسدداً، فيسأل له ولغيره في سفره، ولمن وراءه من أهله. قوله: [ (اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر) ]. وعثاء السفر: شدته وتعبه، وما يحصل فيه من المصائب والبلاء والمشقة والعناء. قوله: [ (وكآبة المنقلب) ]. بأن ينقلب من سفره وقد حصل له بلاء أو مصائب أو أضرار أو كونه أراد المهمة التي سافر من أجلها فلم يحصل على ما يريد فرجع بدون طائل. وكذلك أيضاً فيما يتعلق بأهله أن يرجع إليهم وقد حصل لهم بلاء أو أضرار، أو فقد أحداً منهم، فيكون كئيباً حزيناً مكتئباً للأمر الذي حصل له، أو الأمر الذي حصل لأهله، فإذا رجع يرجع وقد أصيب بشيء من هذه المصائب، أو لما فاته من الخير الذي أراده. قوله: [ (وسوء المنظر في الأهل والمال) ]. يعني: كونه تكون مصائب في الأهل ومصائب في المال، فيكون المنظر سيئاً بأن يحصل للمال احتراق أو أي مصيبة تصيبه وتحصل له، بحيث يرجع صاحبه فيراه على وجه يسوءه، وكذلك أيضاً بالنسبة لأهله كونه يرى فيهم شيئاً يسوءه سواء في أخلاقهم أو خلقهم. قوله: [ (اللهم اطو لنا الأرض وهون علينا السفر) ]. يعني: كون الأرض تطوى لهم بمعنى أنهم يقطعونها بسهولة ويسر، وكذلك يهون عليهم السفر فيكون سهلاً ليس فيه عناء ولا نصب، ولا يصيبهم بلاء ولا تعب.


تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا سافر قال اللهم أنت الصاحب في السفر...)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد بن مسرهد البصري ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا يحيى ]. يحيى بن سعيد القطان البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن عجلان ]. محمد بن عجلان المدني ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني سعيد المقبري ]. سعيد بن أبي سعيد المقبري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي هريرة ]. أبو هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق رضي الله عنه وأرضاه.

شرح حديث (أن رسول الله كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً…)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أن علياً الأزدي أخبره أن ابن عمر رضي الله عنهما علمه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً، ثم قال: (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف:13-14] اللهم إني أسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هون علينا سفرنا هذا، اللهم اطو لنا البعد، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل والمال، وإذا رجع قالهن وزاد فيهن: آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون، وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا، وإذا هبطوا سبحوا، فوضعت الصلاة على ذلك) ]. أورد أبو داود رحمه الله حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه دعاء السفر، أنه كان إذا ركب على دابته يكبر ثلاثاً يقول: الله أكبر! الله أكبر! الله أكبر، سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف:13-14]. (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا )) أي: المركوب وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ، وهذا نص الآية التي في القرآن، يقول تعالى: لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ [الزخرف:13]، فجاء هذا الثناء على الله عز وجل بهذه الإشارة التي تصلح لكل مركوب، يعني: سواء يكون في البر أو البحر أو الجو كل ذلك يقال فيه: (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا )). وجاء فيه بالإشارة دون أن يحدد الشيء الذي يركب ويبين عينه ونوعه، فصار الدعاء صالحاً لكل مركوب، بحيث الإنسان إذا ركب سيارة، أو ركب طيارة، أو ركب بعيراً، أو ركب حماراً، أو ركب حصاناً، أو ركب سفينة، كل ذلك يأتي بهذه الصيغة: (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ )) يعني: ثناء على الله عز وجل، وتقديس له لأنه الذي سخر للناس هذا المركوب الذي يركبونه. أما الدواب والبهائم فقد ذللها الله فصارت مسخرة، ولو عتت لما استفاد الناس منها مع كبر حجمها وقوتها. قال تعالى: (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ )) يعني: ما كنا له مطيقين لولا تسخير الله عز وجل وتسهيله وتيسيره، ولو نفرت أو صالت لما استفاد الناس منها، بل يتضررون منها، ولكن بتسخير الله عز وجل وتسهليه وتيسيره حصلت الاستفادة منها على الوجه الأكمل، وكان الناس يقطعون بها الفيافي، ويبلغون فيها أماكن لا يبلغونها إلا بشق الأنفس. قوله: [ (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى) ]. البر والتقوى: كلمتان إذا جمع بينهما في الذكر فرق بينهما في المعنى، وإذا انفردت إحداهما عن الأخرى شملت المعنى الذي تفرق عند الاجتماع، فالبر عند إطلاقه يشمل كل الأوامر والنواهي، والتقوى إذا انفردت تشمل كل الأوامر والنواهي، ولكن إذا جمع بينهما فسر البر بامتثال الأوامر، وفسرت التقوى باجتناب النواهي، فهما من جنس الفقير والمسكين، والإسلام والإيمان، فهذه ألفاظ إذا جمع بينها في الذكر وزع المعنى عليها، وإذا فرق بينها في الذكر بأن جاء أحدها ليس معه الآخر فإنه يستوعب المعاني التي وزعت عند الاجتماع. قوله: [ (اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى) ]. يعني: وفقنا فيه للأعمال الصالحة التي ترضاها لنا وتقبلها منا. قوله: [ (اللهم هون علينا سفرنا هذا ) ]. يعني: اجعله هيناً سهلاً لا يصيبنا فيه نصب ولا تعب، ولا مشقة. قوله: [ (اللهم اطو لنا البعد) ]. يعني: المسافة الطويلة اجعلنا نقطعها بسهولة ويسر، بدون أن نشعر بعناء ومشقة. وقد مر بنا الحديث: (عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى)، معناه أن السير في الليل فيه نشاط وقوة، ولا يوجد عناء ومشقة مثلما يكون في النهار من الحر وشدة الشمس، فيكون هناك نشاط، فيقطع الناس المسافة وهم مرتاحون لم يشعروا بنصب ومشقة، أما إذا كانوا في مشقة فإنهم يجدون أنهم يمشون والأرض أمامهم طويلة ما حصل لهم ارتياح في السير. قوله: [ (اللهم أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل والمال) ]. هذا مر ذكره في الحديث السابق. قوله: [ (وإذا رجع قالهن، وزاد فيهن ]. أي: أن المكان الذي انتهى إليه وقصده انتهى شغله فيه وأراد أن يرجع إلى أهله، فإنه يقول هذا الدعاء، ويزيد: (آيبون) من الإياب والرجوع (تائبون عابدون لربنا حامدون) وهذا في حال الرجوع والانصراف من السفر، فيأتي بالدعاء المتقدم الذي يكون عند ابتداء السفر، ويضيف إليه هذا الذكر الذي هو (آيبون.. إلى آخره). قوله: [ (وكان النبي صلى الله عليه وسلم وجيوشه إذا علوا الثنايا كبروا) ]. يعني: عند الصعود يكبرون، وعند النزول يسبحون تعظيماً لله عز وجل، والثناء عليه بالمحامد التي هو أهل لها، والتسبيح: هو تنزيه وتقديس لله عز وجل عن كل ما لا يليق به سبحانه وتعالى. (فوضعت الصلاة على ذلك) يعني: فيها تكبير وتسبيح. والتكبير في العلو، والتسبيح في الهبوط خاص بالسفر.

تراجم رجال إسناد حديث (أن رسول الله كان إذا استوى على بعيره خارجاً إلى سفر كبر ثلاثاً...)

قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي الحلواني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا النسائي . [ حدثنا عبد الرزاق ]. عبد الرزاق بن همام الصنعاني اليماني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ أخبرنا ابن جريج ]. عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: أخبرني أبو الزبير ]. أبو الزبير مر ذكره. [ أن علياً الأزدي أخبره ]. علي بن علي الأزدي ، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن ابن عمر ]. عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ما جاء في الدعاء عند الوداع


شرح حديث (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الدعاء عند الوداع. حدثنا مسدد حدثنا عبد الله بن داود عن عبد العزيز بن عمر عن إسماعيل بن جرير عن قزعة قال: قال لي ابن عمر رضي الله عنهما: (هلم أودعك كما ودعني رسول الله صلى الله عليه وسلم: أستودع الله دينك، وأمانتك، وخواتيم عملك) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، و هي: باب في الدعاء عند الوداع، أي توديع المسافر عندما يريد أن يسافر، فيودعه أهله أو يودعه أحد من الناس، فإنه يدعو بهذا الدعاء: (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك). قوله: (أستودع)، يعني: أن هذه وديعة عند الله، فيكون حافظاً له أو كالئاً له بحيث يكون محفوظاً فيها. قوله: (دينك) بدأ بالدين لأنه أهم شيء وهو الأساس، وكل خير وسعادة تحصل للإنسان إنما تكون بسبب الدين، وبدون الدين يكون لا خير فيه، وذكر الدين هنا قيل: للإشارة إلى أنه قد خسر أو حصل منه بسبب العناء والنصب تقصير في بعض الأعمال، أو تقصير في العبادات؛ فيكون ذلك فيه سؤال لأن يحفظ في دينه بألا يحصل منه تقصير، ولا يحصل منه إخلال في الشيء الذي هو واجب عليه بسبب سفره، والنصب والتعب الذي قد يحصل له بسببه. قوله: [ (وأمانتك) ]. يعني: كل ما هو مؤتمن عليه سواء كان لله أو للناس، سواء كان من حقوق الله عليه أو من حقوق الناس عليه أو الأمانات التي هي عنده للناس، فكل ذلك داخل تحت الأمانة. قوله: [ (وخواتم عملك) ] يعني: كونه يختم له بخير، وأن تكون أعماله مختومة بخير.

تراجم رجال إسناد حديث (أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك)


قوله: [ حدثنا مسدد ]. مسدد مر ذكره. [ حدثنا عبد الله بن داود ]. عبد الله بن داود الخريبي ، وهو ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن. [ عن عبد العزيز بن عمر ]. عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، وهو صدوق يخطئ أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن إسماعيل بن جرير ]. إسماعيل بن جرير وقيل: إنه يحيى بن إسماعيل بن جرير وقيل: إن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز اضطرب فيه، فأحياناً يرويه عن قزعة مباشرة وبدون واسطة، وأحياناً يرويه عن إسماعيل بن جرير ، وأحياناً يرويه عن يحيى بن إسماعيل بن جرير و يحيى بن إسماعيل بن جرير لين الحديث، يعني: فهو ضعيف دون المقبول، والمقبول يحتاج إلى متابعة فإذا توبع يتقوى، وأما هذا اللين فإنه ضعيف، ولكن الحديث له شواهد منها: حديث عبد الله بن يزيد الخطمي الذي بعده، وكذلك أحاديث أخرى تشهد له وتدل على ما دل عليه. ويحيى بن إسماعيل بن جرير لين الحديث، أخرج له النسائي في عمل اليوم والليلة. وإذا كان الراوي هو إسماعيل بن جرير فقد أخرج له أبو داود . [ عن قزعة ]. قزعة بن يحيى ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن ابن عمر ]. ابن عمر قد مر ذكره.

شرح حديث (كان النبي إذا أراد أن يستودع الجيش قال أستودع الله دينكم...) وتراجم رجال إسناده


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسن بن علي حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني حدثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن محمد بن كعب عن عبد الله الخطمي رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يستودع الجيش قال: أستودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم) ]. أورد أبو داود حديث عبد الله بن يزيد الخطمي رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يودع الجيش قال: أستودع الله دينكم، وأمانتكم، وخواتيم أعمالكم)، وهو شاهد للحديث الذي قبله الذي فيه ذلك الرجل لين الحديث. قوله: [ حدثنا الحسن بن علي ]. الحسن بن علي مر ذكره. [ حدثنا يحيى بن إسحاق السيلحيني ]. يحيى بن إسحاق السيلحيني ، وهو صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا حماد بن سلمة ]. حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن أبي جعفر الخطمي ]. وهو عمير بن يزيد ، صدوق، أخرج له أصحاب السنن. [ عن محمد بن كعب ]. محمد بن كعب القرظي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الله الخطمي ]. عبد الله بن يزيد الخطمي ، وهو صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
ما يقول الرجل إذا ركب


شرح حديث علي في الدعاء عند ركوب الدابة


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا ركب. حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص حدثنا أبو إسحاق الهمداني عن علي بن ربيعة قال: (شهدت علياً رضي الله عنه وأتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب قال: باسم الله، فلما استوى على ظهرها قال: الحمد لله، ثم قال: سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ [الزخرف:13-14] ثم قال: الحمد لله ثلاث مرات، ثم قال: الله أكبر ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك، فقيل: يا أمير المؤمنين! من أي شيء ضحكت؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت ثم ضحك، فقلت: يا رسول الله! من أي شيء ضحكت؟ قال: إن ربك يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب ما يقول الرجل إذا ركب، أي: إذا ركب الدابة أو ركب المركوب، فإنه يسمي الله. وقد أورد أبو داود حديث علي رضي الله عنه (أنه أتي بدابة ليركبها، فلما وضع رجله في الركاب)، يعني: في الركاب الذي يوضع على البعير؛ لأن الذي يوضع على البعير يقال له: ركاب، والذي يوضع على الفرس يقال له: سرج. فلما وضع رجله في الركاب قال: (باسم الله) فهذا أول شيء قاله، ثم قال: الحمد لله، ثم قال (( سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ )) ثم حمد الله ثلاثاً، ثم كبر الله ثلاثاً ثم قال: (سبحانك إني ظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، ثم ضحك فقيل له: لم ضحكت؟ قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت، ثم ضحك. يعني: في هذا الذكر وهذا الدعاء. ثم قال: (إن ربك يعجب من عبده إذا قال: اغفر لي ذنوبي، يعلم أنه لا يغفر الذنوب غيري). وهذا الدعاء مطلق يقال في الحضر والسفر. قوله: [ (إن ربك يعجب) ]. هذا فيه صفة العجب، والله تعالى من صفاته أنه يعجب، وقد جاء ذلك في القرآن في إحدى القراءات: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات:12] فإن في إحدى القراءات المتواترة (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ).

تراجم رجال إسناد حديث علي في الدعاء عند ركوب الدابة


قوله: [ حدثنا مسدد حدثنا أبو الأحوص ]. مسدد مر ذكره. وأبو الأحوص هو: سلام بن سليم الحنفي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو إسحاق الهمداني عن علي بن ربيعة ]. أبو إسحاق الهمداني مر ذكره. وعلي بن ربيعة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن علي ]. علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، رضي الله عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.

ما يقول الرجل إذا نزل المنزل


شرح حديث (كان رسول الله إذا سافر فأقبل الليل قال يا أرض ربي وربك الله...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل. حدثنا عمرو بن عثمان حدثنا بقية قال: حدثني صفوان حدثني شريح بن عبيد عن الزبير بن الوليد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل الليل قال: يا أرض! ربي وربك الله، أعوذ بالله من شرك وشر ما فيك، وشر ما خلق فيك، ومن شر ما يدب عليك، وأعوذ بالله من أسد وأسود، ومن الحية والعقرب، ومن ساكن البلد، ومن والد وما ولد) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي باب ما يقول الرجل إذا نزل المنزل. يعني: إذا كان في سفر ونزل فإنه يقول: (يا أرض! ربي وربك الله). قوله: [ (أعوذ بالله من شرك) ]. يعني: شر الأرض وما فيها. قوله: [ (وشر ما فيك وشر ما خلق فيك) ]. يعني: ما جعل فيها من الشر، وما خلق فيها من الشرور. قوله: [ (ومن شر ما يدب عليك) ]. يعني: الحيوانات التي تدب عليها كالهوام والحيات والعقارب والسباع، وكل شيء يدب عليها فيه شر فإنه يستعيذ بالله منه. (وأعوذ بالله من أسد وأسود) الأسود المقصود به: الحية. قوله: [ (ومن الحية والعقرب) ]. هذا بالنسبة للحية تكرار، وذكر العقرب مع ذلك، لأن كل ذلك مما يدب، لكنه تفصيل بعد إجمال. قوله: [ (ومن ساكن البلد) ]. قيل: ما يكون فيها من إنس إذا وجدوا فيها، وإذا لم يكن فيها إنس فما يكون فيها من الجن الذين لا يراهم الناس، وهم يرون الناس، قال تعالى: إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ [الأعراف:27]. قوله: [ (ومن والد وما ولد) ]. قيل: إن المقصود به إبليس وجنوده، يعني: إبليس ونسله الذين هم الجن، كما قال الله عز وجل: إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ [الكهف:50]. وقيل: من كل والد وما ولد أي: كل والد وما ولد مطلقاً والاستعاذة من الشر الذي يحصل منه. والحديث ضعيف، فيه من هو متكلم فيه.
تراجم رجال إسناد حديث (كان رسول الله إذا سافر فأقبل الليل قال يا أرض ربي وربك الله...)

قوله: [ حدثنا عمرو بن عثمان ]. عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ حدثنا بقية ]. بقية بن الوليد ، وهو صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني صفوان ]. صفوان بن عمرو ، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثني شريح بن عبيد ]. شريح بن عبيد ، وهو ثقة، أخرج له أبو داود و النسائي و ابن ماجة . [ عن الزبير بن الوليد ]. الزبير بن الوليد ، وهو مقبول أخرج له أبو داود و النسائي . [ عن عبد الله بن عمر ]. عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره.
الأسئلة



حكم امرأة تابت من الرقص والفن ولديها مال


السؤال: امرأة من إحدى الدول العربية كانت تعمل في الفن والتمثيل والرقص، ثم تابت من هذه المعصية، فهل يجوز لها أن تقوم بإنشاء محلات مطاعم وغيرها بهذه النقود التي اكتسبتها قبل أن تتوب، أم لا بد أن تتخلص من تلك النقود؟


الجواب: الذي يظهر أنها تتخلص من هذه النقود في إنفاقها في أمور ممتهنة؛ لأنه مال حرام يتخلص منه في طرق ممتهنة."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 03-05-2025, 06:04 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب السفر
شرح سنن أبي داود [308]
الحلقة (340)



شرح سنن أبي داود [308]

من آداب السفر ألا يبتدأ أول الليل، بل يبتدأ في البكور، ويوم الخميس أفضل من غيره، ولا يسافر المرء وحده أو مع شخص آخر فقط، بل أقل السفر ثلاثة، وليؤمروا أحدهم، ولا يسافر بالمصحف إلى حيث يخشى امتهانه.

ما جاء في كراهية السير في أول الليل



شرح حديث (لا ترسلوا فواشيكم إذا غابت الشمس...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في كراهية السير في أول الليل. حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا زهير حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا ترسلوا فواشيكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء، فإن الشياطين تعيث إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء) قال أبو داود : الفواشي: ما يفشو من كل شيء ]. يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب في كراهية السير في أول الليل. يعني: عند غروب الشمس، والمقصود من ذلك كون الإنسان يبدأ بالسير عند غروب الشمس، وأما إذا كان السير من قبل الغروب وهو مواصل للسير فلا يلزمه أن ينزل، وإنما المقصود بالحديث أنه إذا غربت الشمس فلا ترسل الفواشي، وهو كل ما يفشو ويظهر من الدواب والبهائم. كذلك الصبيان كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالمقصود من هذا أن أبا داود رحمه الله أخذ من عمومه أن السير أيضاً يكون كذلك، وهذا فيما يبدو إذا كان نازلاً أو كان يمشي في ذلك الوقت أو يبدأ السير في ذلك الوقت، أما كون الإنسان مستمراً مواصلاً للسير فلا يلزمه أن ينزل، وإنما يواصل السير. أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا ترسلوا فواشيكم إذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ..). والفواشي قال أبو داود : هو كل ما يفشو ويظهر، يعني: ينتشر، ويدخل في ذلك الدواب. قوله: [ (حتى تذهب فحمة العشاء) ]. والمراد بالفحمة: شدة الظلام، بحيث يظهر الليل ويشتد الظلام، فهذا هو المقصود بالوقت الذي يترك الانتشار فيه حتى مجيء ذلك الوقت، فإن الشياطين تعيث فساداً في ذلك الوقت، فإذا ذهب ذلك الوقت فلا بأس من الانتشار وإرسال الفواشي. [ قال أبو داود : الفواشي: ما يفشو من كل شيء ]. يعني: ما يظهر وينتشر، فيدخل في ذلك الدواب والصبيان. ولا تحدد هذه الفترة ما بين المغرب إلى العشاء، وإنما تحدد قبل ذلك.

تراجم رجال إسناد حديث (لا ترسلوا فواشيكم إذا غابت الشمس...)


قوله: [ حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني ]. أحمد بن عبد الله بن أبي شعيب الحراني ، ثقة، أخرج له البخاري و أبو داود و الترمذي و النسائي . [ حدثنا زهير ]. زهير بن معاوية ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبو الزبير ]. أبو الزبير محمد بن مسلم بن تدرس المكي ، صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن جابر ]. جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الإسناد من الأسانيد العالية عند أبي داود ، فهو من الرباعيات التي هي أعلى الأسانيد عند أبي داود .
في أي يوم يستحب السفر


شرح حديث (قلما كان رسول الله يخرج في سفر إلا يوم الخميس)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في أي يوم يستحب السفر. حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن المبارك عن يونس بن يزيد عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك رضي الله عنه قال: (قلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في سفر إلا يوم الخميس) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في أي يوم يستحب السفر. يجوز السفر في جميع الأيام، ولكن الخميس جاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان كثيراً ما يسافر فيه. قوله: [ (قلما كان رسول الله يخرج في سفر إلا في يوم الخميس) ]. معناه: أن سفره في غير الخميس يكون قليلاً، وسفره في الخميس هو الكثير، والنبي صلى الله عليه وسلم في حجه لم يسافر يوم الخميس، قيل: إنه سافر يوم السبت.

تراجم رجال إسناد حديث (قلما كان رسول الله يخرج في سفر إلا يوم الخميس)

قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا عبد الله بن المبارك ]. عبد الله بن المبارك المروزي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن يونس بن يزيد ]. يونس بن يزيد الأيلي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن الزهري ]. محمد بن مسلم بين عبيد الله بن شهاب الزهري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ]. عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن كعب بن مالك ]. كعب بن مالك رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أحد الثلاثة الذين خلفوا في غزوة تبوك، وتاب الله عليهم، ونزلت فيهم الآية: وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا [التوبة:118] وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في الابتكار في السفر


شرح حديث (اللهم بارك لأمتي في بكورها...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الابتكار في السفر. حدثنا سعيد بن منصور حدثنا هشيم حدثنا يعلى بن عطاء حدثنا عمارة بن حديد عن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار) وكان صخر رجلاً تاجراً، وكان يبعث تجارته من أول النهار، فأثرى وكثر ماله. قال أبو داود : وهو صخر بن وداعة ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الابتكار في السفر. يعني: الذهاب في البكور في أول النهار، وقد أورد أبو داود حديث صخر بن وداعة الغامدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اللهم بارك لأمتي في بكورها، وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم من أول النهار..) وكان صخر تاجراً فكان يرسل تجارته في أول النهار فأثرى، يعني: صار ثرياً وكثر ماله؛ لأنه أخذ بهذا الحديث الذي هو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته بالبركة في بكورها.

تراجم رجال إسناد حديث (اللهم بارك لأمتي في بكورها...)


قوله: [ حدثنا سعيد بن منصور ]. سعيد بن منصور ، مر ذكره. [ حدثنا هشيم ]. هشيم بن بشير الواسطي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا يعلى بن عطاء ]. يعلى بن عطاء ، وهو ثقة أخرج له البخاري في جزء القراءة و مسلم وأصحاب السنن. [ حدثنا عمارة بن حديد ]. عمارة بن حديد ، وهو مجهول، أخرج له أصحاب السنن. [ عن صخر الغامدي ]. صخر الغامدي رضي الله عنه، وقد أخرج له أصحاب السنن. والحديث فيه هذا الرجل المجهول، ولكنه جاء عن عدد من الصحابة، حيث ذكر في الجامع الصغير أنه جاء عن ثمانية من الصحابة منهم صخر هذا، فالحديث له شواهد عن عدد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجود هذا المجهول في هذا الإسناد لا يؤثر.
ما جاء في الرجل يسافر وحده


شرح حديث (الراكب شيطان والراكبان شيطانان..)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يسافر وحده. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن عبد الرحمن بن حرملة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الراكب شيطان، والراكبان شيطانان، والثلاثة ركب) ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في الرجل يسافر وحده. يعني: أن ذلك مذموم، وأنه ورد فيه ما يدل على منعه وكراهته، وذلك لأن الواحد إذا سافر وحده قد تحصل له أمور كمرض أو هلاك فلا يكون معه من يغسله، ولا يكون معه من يحفظ متاعه، ومن يواسيه ويكلفه بحمل وصية، أو بإخباره بشيء يحتاج للإخبار؛ لأنه سافر وحده وليس معه أحد يمكن أن يقوم بهذه المهمة. وكذلك قد أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الراكب شيطان والراكبان شيطان والثلاثة ركب). (الراكب شيطان) يعني: أن فعله هذا مذموم، وأنه متصف بصفة الشياطين، وكذلك الراكبان لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (والثلاثة ركب) معناه أن هذا أقل عدد يكون فيه السفر، وهذا فيه تنبيه على أن سفر الإنسان وحده أو سفر اثنين فقط مذموم، ولكن هذا يختلف باختلاف الأحوال، فقد يكون الإنسان مضطراً إلى سفر ولا يجد من يصحبه ولا يستطيع البقاء، ولكن كون الإنسان يحرص دائماً وأبداً على أن يكون معه رفقة حتى وإن كان في طرق سالكة، ففي هذا الزمان الطرق السالكة الآن فأصبحت لا يخشى المحذور الذي يتوقع فيما إذا كان الإنسان يسافر وحده، فيكون في فلاة فقد يتيه، وقد يحصل له ما يحصل، فالآن هذه السكك وهذه الطرق التي تمشي فيها السيارات ولا تخرج عنها في السير إذا حصل للإنسان شيء فإنه يوجد من يقوم بشئونه وما يحتاج إليه، ولكن مع هذا كله الأخذ بما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم حيث تمكن الإنسان من ذلك هو الذي ينبغي. ثم إن الحديث يدل على أن أقل عدد معتبر شرعاً في السفر هو ثلاثة فأكثر، وهذا كما جاء في هذا الحديث، وإلا فإن الجمع يكون باثنين في الجماعة، ففي الصلاة الوارد اثنان أقل الجماعة إمام ومأموم يعني: ليس لازماً أن يكونوا ثلاثة، فالصلاة جماعة تحسب باثنين، وكذلك في الفرائض الجمع يكون باثنين، فأقل الإخوة اثنان وليس ثلاثة؛ لأن حصول العدد اثنين يكون معتبراً ويكون جمعاً، وفي النحو أقل الجمع ثلاثة؛ لأنه يوجد مفرد ومثنى وجمع، وفي السفر كما جاء في هذا الحديث أقل الجمع المعتبر الذي جاءت به السنة ثلاثة. قوله: [ (الراكب شيطان) ]. يعني: فيه صفة الشيطان الذي لا يتقيد بدين، ولا يتقيد بشيء يلتزمه.

تراجم رجال إسناد حديث (الراكب شيطان والراكبان شيطانان...)


قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي ]. عبد الله بن مسلمة القعنبي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجة . [ عن مالك ]. مالك بن أنس ، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [ عن عبد الرحمن بن حرملة ]. عبد الرحمن بن حرملة ، وهو صدوق ربما أخطأ، أخرج له مسلم وأصحاب السنن. [ عن عمرو بن شعيب ]. عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ، وهو صدوق أخرج له البخاري في جزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن أبيه ]. وهو: شعيب بن محمد ، وهو صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وجزء القراءة وأصحاب السنن. [ عن جده ]. عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، الصحابي الجليل، وأحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وهم عبد الله بن عمرو و عبد الله بن عمر و عبد الله بن عباس و عبد الله بن الزبير ، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
ما جاء في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم


شرح حديث (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم. حدثنا علي بن بحر بن بري حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) ]. أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة، وهي: باب في القوم يسافرون يؤمرون أحدهم. يعني: يجعلون واحداً منهم أميراً عليهم، وهذه الإمارة المقصود منها الرجوع إليه عندما يريد الإنسان أن يذهب إلى جهة، أو يريد أن يتخلف، أو يريد أن يستأذن في شيء حتى يكون بعضهم على علم من بعض، فلا يذهب الواحد منهم حيث يشاء ولا يعرف عنه أصحابه شيئاً، وإنما يكون هناك مرجع لهم يرجعون إليه، بحيث يستشيرونه ويرجعون إليه في النزول إذا أرادوا أن ينزلوا، وإذا أرادوا أن يركبوا ويرتحلوا، وإذا كان الواحد منهم يريد أن يذهب في حاجة من الحاجات أو لغرض من الأغراض يستأذنه حتى يكون على علم، وحتى يعرف بعضهم عن البعض أموره وأحواله، فلا يكون كل واحد منهم أمير نفسه، أو يكونون رفقاء فلا يدري الاثنان إلا وقد ذهب الثالث، ولا يدرون إلى أين ذهب؟! فإذا كان هناك أمير يرجعون إليه يقول للأمير: أريد أن أفعل كذا وكذا.. أستأذنك في كذا وكذا.. فهذه هي الإمارة، وهذه هي مهمتها، فليست المهمة أن يجلد ويضرب، وأنه يسير والياً وحاكماً، وإنما مهمته أن يكون هؤلاء المسافرون يتشاورون ويرجع يعضهم إلى بعض، ويستأذن المأمور الأمير في ذهابه إذا أراد أن يذهب لحاجة، وكذلك إذا أراد أن يتقدم ويسبقهم بيوم أو يومين إلى أهله وما إلى ذلك. فهذا هو المقصود بالإمارة، فالإمارة المقصود منها أن يعرفوا مرجعهم، لا أن هذه ولاية يترتب عليها أحكام كإقامة حدود وجلد وما إلى ذلك، فليس هذا من شأنهم، وليست هذه مهمتهم، وإنما مهمتهم ما يتعلق بأحوال السفر والارتحال والنزول. وهذا أيضاً فيه تحديد بالثلاثة، وهذا مثل ما مر في الحديث السابق أن الثلاثة ركب، فهم الذين يؤمرون واحداً منهم، وأما الاثنان فهما شيطانان كما مر في الحديث، فليس ذلك هو المأذون به والمرخص فيه أن يسافر اثنان، بل يسافرون ثلاثة، والأمر في الحديث يدل على الاستحباب.

تراجم رجال إسناد حديث (إذا خرج ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم)


قوله: [ حدثنا علي بن بحر بن بري ]. علي بن بحر بن بري ، ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً و أبو داود و الترمذي . [ حدثنا حاتم بن إسماعيل ]. حاتم بن إسماعيل ، وهو صدوق، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا محمد بن عجلان ]. محمد بن عجلان المدني ، صدوق، أخرج له البخاري تعليقاً و مسلم وأصحاب السنن. [ عن نافع ]. نافع مولى ابن عمر ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سلمة ]. أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ عن أبي سعيد الخدري ]. أبو سعيد الخدري رضي الله عنه، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو سعد بن مالك بن سنان ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.

استنباط الخطابي من حديث الإمارة تحكيم الرجلين ثالثاً في قضية ما فينفذان حكمه


قال الخطابي : وفيه دليل على أن الرجلين إذا حكما رجلاً بينهما في قضيةٍ فقضى بالحق فقد نفذ حكمه. وتوجيهه أنه عندما يكون الشخص أميراً على هذين الاثنين فإنهما يرجعان إليه ويستجيبان له فيما يأمرهما به فيما يتعلق بالسفر، فيكون مثل ذلك اثنان اختارا واحداً هو أهل للحكم والقضاء في مسألة اختصما إليه فيها، فإنه ينفذ حكمه إذا كان من أهل القضاء والاجتهاد، يعني: من جهة أن الاثنين يرجعان إلى الثالث الذي هو أميرهما، فهذا وجهه.

إسناد حديث (إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا علي بن بحر حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا كان ثلاثة في سفر فليؤمروا أحدهم) قال نافع : فقلنا لأبي سلمة : أنت أميرنا ]. أورد أبو داود حديث نافع عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وقد روى لهم الحديث أبو سلمة ، وهو مثل حديث أبي سعيد المتقدم، فقالوا لأبي سلمة : أنت أميرنا، يعني: أنت الذي حدثت بالحديث، ورويت هذه السنة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنت الأمير. قوله: حدثنا علي بن بحر حدثنا حاتم بن إسماعيل حدثنا محمد بن عجلان عن نافع عن أبي سلمة عن أبي هريرة ]. كلهم مر ذكرهم في الإسناد السابق إلا أبو هريرة ، فهو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكثر أصحابه حديثاً على الإطلاق.

متى يكون الشخص عاصياً إذا لم يطع الأمير؟


والأمير تجب طاعته، فإذا عصي فإن العاصي يأثم إذا كانت المعصية فيما يتعلق بمهمته وفي ولايته، أما كونه يستأذنه في أمر من الأمور فيرى نفسه مضطراً إلى ذلك والأمير لا يسمح، فالذي يبدو أنه لا يكون عاصياً، يعني: لو كان يحتاج إلى أمر من الأمور ولكن الأمير تمسك برأيه وهو مضطر إلى هذا، فيبدو أنه لا يكون عاصياً، بشرط أن يكون مضطراً وما قدرت ظروفه؛ ولكن في حال السعة على الإنسان أن يستجيب وإلا فما فائدة الإمارة؟! الإمارة تكون في حال السفر في الطريق وفي المكان الذي يقيمون فيه حتى يرجعوا، وإذا نزلوا في بلد وهم مع بعض فليستأذنوا الأمير إذا ذهب أحدهم في مهمة في البلد.

ما جاء في المصحف يسافر به إلى أرض العدو



شرح حديث (نهى رسول الله أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) وتراجم رجال إسناده

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو. حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو) قال مالك : أراه مخافة أن يناله العدو ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في المصحف يسافر به إلى أرض العدو. السفر بالمصحف إلى أرض العدو إذا كان يؤمن ألا يناله العدو، ولا يحصل له شيء من امتهانهم وما إلى ذلك لا بأس به؛ لأن التعليل هو الخوف من أن ينالوه بشيء لا يليق في حق القرآن، وأما إذا لم يكن هناك محذور، والإنسان يأخذه معه ليقرأ فيه، والمحذور مأمون فلا بأس بذلك، وإنما النهي إذا كان يغلب على الظن أنه تحصل إساءة للقرآن وامتهان له أو يناله العدو بسوء، فهذا هو الذي يمنع منه. أورد أبو داود حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو). قال مالك : أراه مخافة أن يناله العدو. أي: بسوء. وهذا الذي قاله مالك قد جاء في بعض الروايات أنه من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أعني: كونه خشية أن يناله العدو، فهذا التعليل ثابت، إذاً: فالحكم يدور مع علته، فإن وجدت هذه العلة فلا يسافر به، وإن لم توجد المخافة عليه فإنه لا بأس بالسفر به. وهنا قال في الترجمة: المصحف، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (القرآن) كما في الحديث، وذلك أن المصحف إنما وجد في زمن عثمان رضي الله عنه؛ لأنه جمع القرآن وجعله في مصحف، فصاروا يعبرون عنه بالمصحف، وفي التراجم يأتون بلفظ المصحف، وإلا فالحديث جاء بالقرآن أنه لا يسافر به إلى أرض العدو؛ لأن المصحف إنما وجد في زمن عثمان ، وقبل ذلك ما كان يوجد مصحف، وقبل زمن أبي بكر ما كان مجموعاً، ولكنه جمع مرتين، مرة في عهد أبي بكر في صحف، فجمع كل شيء يتعلق بالقرآن في عهده. وفي زمن عثمان رضي الله عنه جمع الناس على مصحف واحد، وأحرق ما سوى ذلك حتى لا يختلفوا، وكان على حرف واحد وعلى لغة واحدة، ولم يكن على الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن، لأن القرآن أول ما نزل نزل على سبعة أحرف للتخفيف والتسهيل على الناس؛ لأن العرب كانوا متفرقين ومتنابذين، وكان كل لا يعرف لغة الآخر، ولما جاء الإسلام جمع بينهم، ووحد بينهم، واختلطوا وصار كل يعرف لغة الآخرين، فعند ذلك لم يكن هناك حاجة إلى الاستمرار، فرأى عثمان رضي الله عنه -والصحابة أقروه على ذلك- أن يجمع الناس على حرف واحد، وهذا الحرف الواحد الذي هو لغة واحدة يشمل القراءات. الأحرف غير القراءات، فالأحرف لغات، والقراءات هي إما نقط أو شكل أو زيادة حرف مثل: يعملون وتعملون، ومثل عجبتَ وعجبتُ في قوله تعالى: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ [الصافات:12] يعني: في الشكل، وقد يكون بزيادة حرف مثل الكتاب والكتب كما في قول الله عز وجل: وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ [التحريم:12] قراءة حفص عن عاصم بالقراءة المشهورة التي بين أيدينا وهي: كتبه، وقراءة جمهور القراء: (كتابه) فصارت القراءتان موجودتين، ورسم المصحف بتحمل القراءات، ولهذا فرسم المصحف له هيئة خاصة لا يجوز أن تحول إلى الحروف الإملائية التي اعتادها الناس؛ لأن رسمه يستوعب القراءات، مثل (كتابه) رسمها لا تكون الألف فيه مرسومة بعد الباء، وإنما تكون التاء متصلة بالباء، وعند قراءة (كتابه) تكون الكاف مكسورة والتاء مفتوحة، وتوجد ألف قصيرة فوقها إشارة إلى المد، والباء مكسورة، وعلى قراءة (كتبه) تكون الكاف والتاء مضمومة، والباء مكسورة، والرسم يستوعب قراءته، لكن لو جاء لفظ (كتابه) بالألف فإنه لا يستوعب قراءة (كتبه) فجاء الرسم مستوعباً القراءات. إذاً: الأحرف غير القراءات، و ابن القيم رحمه الله له في كتاب: إعلام الواقعين كلام في مسألة سد الذرائع، أورد فيها تسعة وتسعين دليلاً من أدلة سد الذرائع ختمها بالدليل التاسع والتسعين، وهو جمع عثمان رضي الله عنه القرآن على حرف واحد، سداً لذريعة الاختلاف بين الناس. فإذاً: كلمة المصحف تأتي في التراجم والأبواب، لأن هذا هو الأمر الذي استقر عليه، مثلما جاء في حديث (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة) فهذا هو الحديث الثابت الذي في الصحيحين وفي غيرهما، ولا يوجد (ما بين قبري ومنبري)، ولكن في التراجم لما صار الواقع خلاف ما في الحديث، فهدم بيت النبي صلى الله عليه وسلم ووسع المسجد ترجم العلماء على ذلك، ولهذا ترجم الإمام البخاري ترجمة فقال: فضل ما بين القبر والمنبر وأتى بحديث: (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة). فإذاً: كان المؤلفون يذكرون الشيء بعدما وجد، وأما قبل أن يوجد فإنه لا يعرف، وإنما يؤتي بلفظ القرآن كما في الحديث بلفظ البيت، فنهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، ولم يقل المصحف؛ لأن المصحف ما وجد إلا متأخراً، وكذلك أيضاً قوله: (ما بين بيتي ومنبري) فهذا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن جاءت الترجمة بلفظ: باب فضل ما بين القبر والمنبر. قوله: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر ]. وقد مر ذكرهم جميعاً إلا ابن عمر وهو: عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، الصحابي الجليل، أحد العبادلة الأربعة من الصحابة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الأسئلة



رواية لفظ المصحف قبل أن يجمع

السؤال: الشيخ الألباني رحمه الله صحح حديثاً في المجلد الخامس من السلسلة الصحيحة بلفظ: (من سره أن ينظر الله إليه فليقرأ في المصحف) فجاء لفظ المصحف قبل أن يجمع؟



الجواب: الذي يبدو والله أعلم أن الرواية رواها الراوي بالمعنى، أو أن المقصود به الشيء المكتوب الذي في أيدي الناس، وإلا فإن المصحف الذي استقر عليه الأمر بعدما جمعه عثمان إنما وجد في زمن عثمان ، فيمكن أن تكون الرواية رويت بالمعنى، أو أن المقصود منه الصحيفة التي فيها القرآن، وهذا هو الموجود في زمنه صلى الله عليه وسلم، فقد كان يكتب القرآن في صحف أو في ألواح."


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 03-05-2025, 06:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,792
الدولة : Egypt
افتراضي رد: شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله

شرح سنن أبي داود
(عبد المحسن العباد)

كتاب السفر
شرح سنن أبي داود [309]
الحلقة (341)







شرح سنن أبي داود [309]

ذكر النبي صلى الله عليه وسلم آداباً وأحكاماً مهمة عند الغزو والجهاد في سبيل الله، وهذه الآداب فيها تعليم لنا في كيفية التعامل مع المدعوين من المشركين وأهل الكتاب، وما هي الخصال التي لابد من البدء بها قبل الملحمة واستعار الحرب، ومن يقتل منهم ومن لا يقتل، وما يفعل معهم إذا حوصروا فطلبوا من الأمير أن ينزلهم على حكم الله عز وجل.. وغير ذلك من الأحكام المهمة كحكم تحريق الأشجار ونحوها للمصلحة، وبث العيون لمعرفة أخبار العدو والاستعداد له.

ما جاء فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا



شرح حديث (خير الصحابة أربعة...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا. حدثنا زهير بن حرب أبو خيثمة حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبي قال: سمعت يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة) قال أبو داود : والصحيح أنه مرسل ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي باب فيما يستحب من الجيوش والرفقاء والسرايا. يعني: من حيث العدد، فأورد أبو داود حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (خير الصحابة أربعة..) الصحابة: الرفقاء؛ لأن الصحبة بمعنى الرفقة، فهذا هو المطابق للترجمة، فالرفقاء المقصود بهم الصحابة الذين هم أربعة أشخاص. وذكر هنا الأربعة مع أنه قد مر في الأحاديث أن أقل الجمع في السفر ثلاثة، وأن الثلاثة ركب، وأنهم يؤمرون واحداً منهم إذا كانوا ثلاثة فأكثر، ولكن هنا ذكر أن خير الرفقاء أربعة، فمعناه: لا يقلون عن أربعة، فلو كانوا خمسة أو ستة فلا بأس بذلك، لكن كونهم ينقصون عن هذا العدد فلا يوصفون بالخيرية، ولعل ذلك أن الأربعة إذا كانوا مع بعض يمكن أن ينفرد كل واحد مع الثاني فيتحدثان، بخلاف ما لو كانوا ثلاثة، فإنه إذا تناجى اثنان دون الثالث فإنه يؤلمه ويحصل له تأثر، وأما إذا كانوا أربعة فلا يوجد إشكال، لكن إذا كانوا ثلاثة فلابد أن يتحدثوا كلهم مع بعض، ولا يتناجى اثنان دون الثالث فإنه قد جاء ما يدل على منعه؛ لأن ذلك يؤلمه ويغضبه. ثم أيضاً لو أرادوا أن يقتسموا المهمة بحيث يتعاونون مع بعض، وكل يوكل له مهمة فيكون اثنان مع بعض واثنان مع بعض، بخلاف الثلاثة فإنه لا تكون القسمة متساوية. قوله: [ (وخير السرايا أربعمائة) ]. يعني: يكون عددهم أربعمائة، لا يقلون عن ذلك، مع أن السرية يمكن أن تكون أقل من أربعمائة، ولكن لا تكون خيرة حتى يكون عددها أربعمائة، ولا أدري ما وجه اختيار هذا العدد؟! وقيل: لعل ذلك أن أهل بدر كانوا فوق الثلاثمائة، فيكون الكسر مجبوراً على اعتبار أن هذا العدد خرج فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم فوق الثلاثمائة، ولكنهم ما بلغوا الأربعمائة فيكون هناك جبر للكسر. على كل: الله تعالى أعلم بوجه اختيار هذا العدد، وكونه خير السرايا. والسرية: هي القطعة التي تقتطع من الجيش وترسل في مهمة، ثم تعود إلى الجيش، والجيش عدده كبير فالإمام أو الأمير يختار سرية يسند إليها مهمة تذهب بها، ثم ترجع إلى الجيش الذي هو أصلها. قال: [ (وخير الجيوش أربعة آلاف) ]. قوله: (ولن يغلب اثنا عشر ألفاً من قلة) يعني: كون الغلبة سببها القلة، ولكن قد تكون الغلبة في غير القلة بأن يكون هناك عجب وأمور أخرى يحصل بها الانهزام أو عدم الغلبة، فليس المقصود أنه لا تحصل الصفات الذميمة والأشياء التي قد تكون سبباً في الهزيمة، وإنما المسألة هي مسألة قلة فقط، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (لن يغلب اثنا عشر ألف من قلة).

تراجم رجال إسناد حديث (خير الصحابة أربعة...)


قوله: [ حدثنا زهير بن حرب أبو خيثمة ]. زهير بن حرب أبو خيثمة ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي . [ حدثنا وهب بن جرير ]. وهو وهب بن جرير بن حازم ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حدثنا أبي ]. جرير بن حازم ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ قال: سمعت يونس عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ]. يونس و الزهري مر ذكرهما و عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين. [ عن ابن عباس ]. عبد الله بن عباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. ثم قال أبو داود : والصحيح أنه مرسل، والشيخ الألباني صححه وهو مرفوع، ولعله جاء من طرق أخرى مرسلة أي: أن الطريقة المتصلة هي المعتبرة.
ما جاء في دعاء المشركين


شرح حديث (كان رسول الله إذا بعث أميراً على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله...)


قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في دعاء المشركين. حدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على سرية أو جيش أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيراً، وقال: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال، فأيتها أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم. ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين؛ يجرى عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين. فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم. فإن أبوا فاستعن بالله تعالى وقاتلهم. وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله تعالى فلا تنزلهم، فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم، ولكن أنزلوهم على حكمكم ثم اقضوا فيهم بعد ما شئتم). قال سفيان بن عيينة : قال علقمة : فذكرت هذا الحديث لمقاتل بن حيان فقال: حدثني مسلم -قال أبو داود : هو ابن هيصم - عن النعمان بن مقرن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل حديث سليمان بن بريدة ]. أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في دعاء المشركين. يعني: دعوتهم إلى الإسلام، فالدعاء بمعنى الدعوة، وذلك كونهم يدعون إلى الإسلام أولاً، والكفار إذا بلغتهم الدعوة فلا تجب دعوتهم عند القتال، وإنما يستحب ذلك، وأما إذا لم تبلغهم فيجب أن يدعوا وأن تبلغ الدعوة إليهم. وأورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أمر أميراً أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه وبمن معه من المسلمين خيراً) فالرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أرسل الأمراء على الجيوش يوصي الأمير بأمرين: أولاً: أن يتقي الله عز وجل في جميع شئونه. ثانياً: يوصيه بمن معه من المسلمين خيراً، يعني: أصحابه الذين هو أمير عليهم يوصيه بهم خيراً. وهذا فيه بيان ما يتعلق بصلة الإنسان بربه وصلته بغيره، وهو يشبه ما جاء في حديث معاذ الذي قال فيه: (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) فأوصاه بتقوى الله في معاملته لربه، ومعاملته للناس بأن يخالقهم بخلق حسن، وهنا في الحديث أوصاه بتقوى الله في خاصة نفسه، وأوصاه بمن معه من المسلمين خيراً، يعني: أنه يرفق بهم ويعاملهم المعاملة اللائقة بهم، ولا يسيء إليهم، بل يحسن إليهم. قوله: [ (قال: إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث) ]. يقول للأمير الذي يؤمره بعدما يوصيه بالوصيتين: المتعلقة بنفسه والمتعلقة بأصحابه، يقول: (إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال) وهذا شك من الراوي، فخصلة أو خلة معناهما واحد، والشك من الراوي هل قال: (خصال) أو قال: (خلال). الأولى: أن يدعوهم إلى الإسلام. والثانية: إلى إعطاء الجزية. والثالثة: أن يستعين بالله ويقاتلهم. فهذه هي الخصال الثلاث التي أرشد إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إن الأولى فيها تفصيل. قوله: [ (فأيتها ما أجابوك إليها فاقبل منهم، وكف عنهم: ادعهم إلى الإسلام، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين) ]. يعني: إذا استجابوا وأسلموا يدعون للتحول إلى دار المهاجرين، بمعنى: أنهم يأتون إلى الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، ويكونون مستعدين للجهاد معه، ويكون لهم ما للمهاجرين، وإن أبوا وأرادوا أن يبقوا في دارهم فيكونوا كأعراب المسلمين الذين يبقون في الفلاة، وليس لهم من الغنيمة والفيء إلا أن يجهزوا أنفسهم للجهاد، ومن احتيج إليه في الجهاد من الأعراب وجاء من هذه الدار التي لم يحصل فيها هجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يعطى نصيبه من الغنيمة إذا حضر الغزوة والجهاد، فإن لم يحضر فإنه لا يكون له شيء، وإنما يكون له من ما للمسلمين، وعليه ما على المسلمين، لكن من جاء من البادية وحضر الجهاد فإنه يكون له نصيب؛ لأنه قد حضر، لكن كونه يجري له ما يجري للمهاجرين، وحكمه حكم المهاجرين الذين تركوا أوطانهم وجاءوا لنصرة الرسول صلى الله عليه وسلم فلا يكون له ذلك. قوله: [ (ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأعلمهم أنهم إن فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين) ]. يعني: لهم ما للمهاجرين من الحقوق، وعليهم ما على المهاجرين من الواجبات. قوله: [ (فإن أبوا واختاروا دارهم فأعلمهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين: يجرى عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين) ]. يعني: إذا أرادوا أن يبقوا في دارهم، ولا توجد ضرورة تدعو إلى هجرتهم ومجيئهم فإنهم يكونون كالأعراب الذين يكونون في فلاتهم مع مواشيهم ودوابهم يقومون برعايتها ومتابعتها، فتجري عليهم أحكام الإسلام، وليس لهم في الغنيمة والفيء أي شيء، إلا من حضر منهم الغزو فإنه يكون له نصيب من الغنائم بحضوره الغزو ومشاركته، لكن لا يقال إنهم في حكم المهاجرين الذين تركوا بلادهم، وصاروا في مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم معه ينصرونه ويؤيدونه، وتحت إمرته، وتحت توجيهه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. قوله: [ (فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية) ]. يعني: أبوا أن يسلموا وأن يدخلوا في الإسلام؛ لأن الكلام الذي مر هو مع أناس دخلوا في الإسلام. والدعوة إلى إعطاء الجزية يعني: أن يعطوا الجزية حيث بقوا على كفرهم، ولكن المسلمين استولوا عليهم، فإنهم يعطون الجزية لأنهم يكونون تحت ولاية المسلمين، فيكونون خاضعين لحكم المسلمين وهم باقون على ما هم عليه، فوجودهم بين المسلمين وتحت حكم المسلمين يكون من أسباب دخولهم في الإسلام، وكون المسلمين يحكمونهم وهم يشاهدون أحكام الإسلام وأعمال المسلمين الحسنة والأمور العظيمة التي جاء بها الإسلام، فإنه يكون سبباً في إسلامهم. والحديث يدل على أخذ الجزية من كل شخص سواء كانوا من مشركي العرب أو من أهل الكتاب، وبعض أهل العلم يقصرها على أهل الكتاب؛ لأنه قال في آية التوبة: مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [التوبة:29] ولكن هذا الحديث يدل على أن الحكم عام وشامل، فأهل الكتاب جاء الحكم فيهم في القرآن، وهذا الحديث يشمل أهل الكتاب وغير أهل الكتاب، فتؤخذ الجزية من العرب وغير العرب. قوله: [ (فإن أجابوا فاقبل منهم وكف عنهم) ]. لأنه إذا قبل منهم الجزية، وكف عنهم، ودخلوا تحت حكم الإسلام وصاروا بين المسلمين، فإن ذلك يكون سبباً في دخولهم الإسلام، وهذا هو المهم في الأمر في الجهاد في سبيل الله؛ لأن المقصود من ذلك أن تكون كلمة الله هي العليا، وكون المسلمين لهم الحكم والولاية في الأرض، والكفار يكونون تحت لوائهم، فيكون ذلك سبباً في دخولهم في الإسلام. قوله: [ (فإن أبوا فاستعن بالله تعالى وقاتلهم) ]. فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم يعني: هذه الخصلة الثالثة التي هي الأخيرة، استعن بالله وقاتلهم؛ لأنهم ما دخلوا في الإسلام، ولا أعطوا الجزية، وإنما كابروا وعاندوا. قوله: [ (وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوكم أن تنزلوهم على حكم الله تعالى فلا تنزلوهم، فإنكم لا تدرون ما يحكم الله فيهم) ]. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم للأمير: إذا حاصرت أهل حصن يعني: جماعة متحصنين في مكان معين، وأرادوا أن ينزلوا على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله؛ لأنك لا تدري هل أصبت حكم الله أو لا، لكن أنزلهم على حكمك، أو حكم أصحابك، أو حكم الأمير، أو حكم واحد ممن مع الأمير؛ لأن المجتهد قد يصيب الحق وقد يخطئه، قد يصيب حكم الله وقد يخطئه، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الآخر المتفق على صحته: (إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد) وهذا يدل على أن الحق واحد قد يصيبه بعض المجتهدين ويخطئه البعض، فمن اجتهد وأصاب حصل على أجرين: أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، وإن اجتهد وأخطأ حصل أجراً على الاجتهاد، وخطؤه مغفور. فلا ينزلونهم على حكم الله لأنه قد لا يكون حكم الله واضحاً فيحتاج الأمر إلى اجتهاد، ومعلوم أنهم كانوا يجتهدون في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم مثلما حصل في قصة الذهاب إلى بني قريظة حيث قال لهم صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة)، فذهبوا، ولما دنا وقت غروب الشمس انقسموا إلى قسمين: منهم من قال: نستمر في المشي حتى ولو غربت الشمس، ومنهم من قال: نصلي الصلاة في وقتها ولا نؤخرها، والرسول صلى الله عليه وسلم ما أراد أن تؤخر الصلاة عن وقتها. فهذا الاجتهاد حصل في زمن النبوة، فقال: فلا تنزلهم على حكم الله؛ لأنك لا تدري هل تصيب حكم الله أو لا، ولكن أنزلهم على حكمك أنت، فتجتهد في البحث عن حكم الله وفي الوصول إلى حكم الله، فقد تصيبه وقد لا تصيبه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 442.98 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 437.10 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.33%)]