|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#41
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (41) صــــــــــ 276 الى صـــــــــــ280 [كَيْفَة التَّكْبِيرُ فِي الْعِيد] كَيْفَ التَّكْبِيرُ؟ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَالتَّكْبِيرُ كَمَا كَبَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّلَاةِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " فَيَبْدَأُ الْإِمَامُ فَيَقُولُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ " حَتَّى يَقُولَهَا ثَلَاثًا، وَإِنْ زَادَ تَكْبِيرًا فَحَسَنٌ، وَإِنْ زَادَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلَا نَعْبُدُ إلَّا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدَّيْنَ، وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ " فَحَسَنٌ وَمَا زَادَ مَعَ هَذَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أَحْبَبْتُهُ، غَيْرَ أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَبْدَأَ بِثَلَاثِ تَكْبِيرَاتٍ نَسْقًا، وَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى وَاحِدَةٍ أَجْزَأَتْهُ، وَإِنْ بَدَأَ بِشَيْءٍ مِنْ الذِّكْرِ قَبْلَ التَّكْبِيرِ أَوْ لَمْ يَأْتِ بِالتَّكْبِيرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ [كِتَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ] أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ سُلَيْمَانُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ قَالَ اللَّهُ: تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ - فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ} [فصلت: 37 - 38] ، وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ} [البقرة: 164] إلَى قَوْلِهِ " يَعْقِلُونَ " مَعَ مَا ذَكَرَ مِنْ الْآيَاتِ فِي كِتَابِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْآيَاتِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا سُجُودًا إلَّا مَعَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَأَمَرَ بِأَنْ لَا يُسْجَدَ لَهُمَا، وَأَمَرَ بِأَنْ يُسْجَدَ لَهُ فَاحْتَمَلَ أَمْرُهُ أَنْ يُسْجَدَ لَهُ عِنْدَ ذِكْرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِأَنْ يَأْمُرَ بِالصَّلَاةِ عِنْدَ حَادِثٍ فِي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ إنَّمَا نَهَى عَنْ السُّجُودِ لَهُمَا كَمَا نَهَى عَنْ عِبَادَةِ مَا سِوَاهُ، فَدَلَّتْ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى أَنْ يُصَلَّى لِلَّهِ عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ فَأَشْبَهَ ذَلِكَ مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يُصَلِّيَ عِنْدَ كُسُوفِهِمَا لَا يَخْتَلِفَانِ فِي ذَلِكَ، وَأَنْ لَا يُؤْمَرَ عِنْدَ كُلِّ آيَةٍ كَانَتْ فِي غَيْرِهِمَا بِالصَّلَاةِ كَمَا أُمِرَ بِهَا عِنْدَهُمَا لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمْ يَذْكُرْ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ صَلَاةً، وَالصَّلَاةُ فِي كُلِّ حَالٍ طَاعَةٌ لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَغِبْطَةٌ لِمَنْ صَلَّاهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَيُصَلِّي عِنْدَ كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ صَلَاةَ جَمَاعَةٍ، وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْآيَاتِ غَيْرِهِمَا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَسَفَتْ الشَّمْسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ مَعَهُ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا قَالَ نَحْوًا مِنْ قِرَاءَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ قَالَ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ فَقَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَفَعَ ثُمَّ قَامَ قِيَامًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الْقِيَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَكَعَ رُكُوعًا طَوِيلًا، وَهُوَ دُونَ الرُّكُوعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ سَجَدَ ثُمَّ انْصَرَفَ، وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ، وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ رَأَيْنَاك قَدْ تَنَاوَلْتَ فِي مَقَامِك هَذَا شَيْئًا ثُمَّ رَأَيْنَاك كَأَنَّك تَكَعْكَعْت فَقَالَ: إنِّي رَأَيْتَ أَوْ أُرِيتَ الْجَنَّةَ فَتَنَاوَلْتُ مِنْهَا عُنْقُودًا، وَلَوْ أَخَذْتُهُ لَأَكَلْتُمْ مِنْهُ مَا بَقِيَتْ الدُّنْيَا، وَرَأَيْت أَوْ أُرِيتُ النَّارَ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ مَنْظَرًا وَرَأَيْت أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ فَقَالُوا: لِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ بِكُفْرِهِنَّ قِيلَ: أَيَكْفُرْنَ بِاَللَّهِ؟ قَالَ: يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَةَ وَيَكْفُرْنَ الْإِحْسَانَ لَوْ أَحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ ثُمَّ رَأَتْ مِنْك شَيْئًا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ مِنْك خَيْرًا قَطُّ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَذِكْرُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الصَّلَاةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ خَطَبَ بَعْدَهَا، وَكَانَ فِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْخُطْبَةِ لِلسُّنَّةِ، وَالْخُطْبَةِ لِلْفَرْضِ فَقَدَّمَ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّهَا مَكْتُوبَةٌ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَأَخَّرَ خُطْبَةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَكَذَلِكَ صَنَعَ فِي الْعِيدَيْنِ لِأَنَّهُمَا لَيْسَتَا مِنْ الصَّلَوَاتِ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ فِي صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ، وَذُكِرَ أَنَّهُ أَمَرَ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ بِالْفَزَعِ إلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَكَانَ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي فَزِعَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ التَّذْكِيرُ فَوَافَقَ ذَلِكَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى - وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 14 - 15] (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَكَانَ فِي قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كِفَايَةٌ مِنْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَمَرَ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ بِمَا أَمَرَ بِهِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَاَلَّذِي أَمَرَ بِهِ فِي كُسُوفِ الشَّمْسِ فِعْلُهُ مِنْ الصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ ثُمَّ ذَكَرَ سُفْيَانُ مَا يُوَافِقُ هَذَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: «انْكَسَفَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ مَاتَ إبْرَاهِيمُ بْنُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إلَى ذِكْرِ اللَّهِ، وَإِلَى الصَّلَاةِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا فِيهِمَا مَعًا بِالصَّلَاةِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّ الْقَمَرَ انْكَسَفَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ بِالْبَصْرَةِ فَخَرَجَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَصَلَّى بِنَا رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ ثُمَّ رَكِبَ فَخَطَبَنَا فَقَالَ: إنَّمَا صَلَّيْتُ كَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي قَالَ، وَقَالَ: إنَّ الشَّمْسَ، وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَا يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ، وَلَا لِحَيَاتِهِ فَإِذَا رَأَيْتُمْ شَيْئًا مِنْهُمَا كَاسِفًا فَلْيَكُنْ فَزَعُكُمْ إلَى اللَّهِ» . (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «إنَّ الشَّمْسَ كَسَفَتْ فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَصَفَتْ صَلَاتَهُ. رَكْعَتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ رَكْعَتَانِ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو سُهَيْلٍ نَافِعٌ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَرُوِيَ «عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: قُمْتُ إلَى جَنْبِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ فَمَا سَمِعْتُ مِنْهُ حَرْفًا» ، وَفِي قَوْلٍ بِقَدْرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مَا قَرَأَ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ سَمِعَهُ لَمْ يُقَدِّرْ بِغَيْرِهِ. [وَقْتُ كُسُوفُ الشَّمْسِ] ، وَقْتُ كُسُوفُ الشَّمْسِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَمَتَى كَسَفَتْ الشَّمْسُ نِصْفَ النَّهَارِ أَوْ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ صَلَّى الْإِمَامُ بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْكُسُوفِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ فَلَا وَقْتَ يَحْرُمُ فِيهِ صَلَاةٌ أَمَرَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا لَا يَحْرُمُ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ الْفَائِتَةِ وَلَا الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَا الصَّلَاةِ لِلطَّوَافِ وَلَا الصَّلَاةِ يُؤَكِّدُهَا الْمَرْءُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنْ يَلْزَمَهَا فَيَشْتَغِلَ عَنْهَا أَوْ يَنْسَاهَا. (قَالَ) : وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي وَقْتِ صَلَاةٍ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، وَقَدَرَ الْمُصَلِّي أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَيُصَلِّيَ الْمَكْتُوبَةَ ثُمَّ يَخْطُبَ لِكُسُوفِ الشَّمْسِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي وَقْتِ الْجُمُعَةِ بَدَأَ بِصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ، وَخَفَّفَ فِيهَا فَقَرَأَ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ اللَّتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ بِأُمِّ الْقُرْآنِ، وَسُورَةِ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] ، وَمَا أَشْبَهَهَا ثُمَّ خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ، وَذَكَرَ الْكُسُوفَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَجَمَعَ فِيهَا الْكَلَامَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْكُسُوفِ وَالْجُمُعَةِ، وَنَوَى بِهَا الْجُمُعَةَ ثُمَّ صَلَّى الْجُمُعَةَ. (قَالَ) : وَإِنْ كَانَ أَخَّرَ الْجُمُعَةَ حَتَّى يَرَى أَنَّهُ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ كَأَخَفَّ مَا تَكُونُ صَلَاتُهُ لَمْ يُدْرِكْ أَنْ يَخْطُبَ يَجْمَعُ حَتَّى يَدْخُلَ وَقْتُ الْعَصْرِ بَدَأَ بِالْجُمُعَةِ فَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا، وَالشَّمْسُ كَاسِفَةٌ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ، وَإِنْ فَرَغَ مِنْهَا، وَقَدْ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ فَتَتَامَّ تَجَلِّيهَا حَتَّى تَعُودَ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْكُسُوفِ لَمْ يُصَلِّ الْكُسُوفَ وَلَمْ يَقْضِ لِأَنَّهُ عَمَلٌ فِي وَقْتٍ فَإِذَا ذَهَبَ الْوَقْتُ لَمْ يَعْمَلْ (قَالَ) : وَهَكَذَا يَصْنَعُ فِي كُلِّ مَكْتُوبَةٍ اجْتَمَعَتْ وَالْكُسُوفُ فَخِيفَ فَوْتُهَا يَبْدَأُ بِالْمَكْتُوبَةِ وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْفَوْتَ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْكُسُوفِ ثُمَّ الْمَكْتُوبَةِ لِأَنَّهُ لَا وَقْتَ فِي الْخُطْبَةِ. (قَالَ) : وَإِنْ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَعِيدٌ وَاسْتِسْقَاءٌ وَجِنَازَةٌ بَدَأَ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَضَرَ الْإِمَامُ أَمَرَ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهَا وَبَدَأَ بِالْكُسُوفِ فَإِنْ فَرَغَتْ الْجِنَازَةُ صَلَّى عَلَيْهَا أَوْ تَرَكَهَا ثُمَّ صَلَّى الْعِيدَ، وَأَخَّرَ الِاسْتِسْقَاءَ إلَى يَوْمِ غَيْرِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ (قَالَ) : وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْعِيدِ صَلَّى، وَخَفَّفَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ صَلَاتِهِ إلَى صَلَاةِ الْكُسُوفِ ثُمَّ خَطَبَ لِلْعِيدِ وَالْكُسُوفِ، وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَخْطُبَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَهُمَا لِأَنَّهُ لَيْسَ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ. (قَالَ) : وَإِنْ كَانَ الْكُسُوفُ بِمَكَّةَ عِنْدَ رَوَاحِ الْإِمَامِ إلَى الصَّلَاةِ بِمِنًى " صَلَّوْا الْكُسُوفَ، وَإِنْ خَافَ أَنْ تَفُوتَهُ صَلَاةُ الظُّهْرِ: بِمِنًى " صَلَّاهَا بِمَكَّةَ. (قَالَ) : وَإِنْ كَانَ الْكُسُوفُ بِعَرَفَةَ عِنْدَ الزَّوَالِ قَدَّمَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ فَإِنْ خَافَ فَوْتَهُمَا بَدَأَ بِهِمَا ثُمَّ صَلَّى الْكُسُوفَ، وَلَمْ يَدَعْهُ لِلْمَوْقِفِ، وَخَفَّفَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ وَالْخُطْبَةِ (قَالَ) : وَهَكَذَا يَصْنَعُ فِي خُسُوفِ الْقَمَرِ. (قَالَ) : وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ بَعْدَ الْعَصْرِ، وَهُوَ بِالْمَوْقِفِ صَلَّى الْكُسُوفَ ثُمَّ خَطَبَ عَلَى بَعِيرِهِ، وَدَعَا، وَإِنْ خَسَفَ الْقَمَرُ قَبْلَ الْفَجْرِ بِالْمُزْدَلِفَةِ أَوْ بَعْدَهُ صَلَّى الْكُسُوفَ، وَخَطَبَ وَلَوْ حَبَسَهُ ذَلِكَ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَيُخَفِّفُ لِئَلَّا يَحْبِسَهُ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ إنْ قَدَرَ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : إذَا اجْتَمَعَ أَمْرَانِ يَخَافُ أَبَدًا فَوْتَ أَحَدِهِمَا، وَلَا يَخَافُ فَوْتَ الْآخَرِ بَدَأَ بِاَلَّذِي يَخَافُ فَوْتَهُ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الَّذِي لَا يَخَافُ فَوْتَهُ. (قَالَ) : وَإِنْ خَسَفَ الْقَمَرُ وَقْتَ صَلَاةِ الْقِيَامِ بَدَأَ بِصَلَاةِ الْخُسُوفِ، وَكَذَلِكَ يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ الْوِتْرِ وَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ لِأَنَّهُ صَلَاةُ جَمَاعَةٍ وَالْوِتْرُ وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ صَلَاةُ انْفِرَادٍ فَيَبْدَأُ بِهِ قَبْلَهُمَا وَلَوْ فَاتَا. (قَالَ) : وَإِذَا كَسَفَتْ الشَّمْسُ، وَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى تَغِيبَ كَاسِفَةً أَوْ مُتَجَلِّيَةً لَمْ يُصَلُّوا لِكُسُوفِ الشَّمْسِ، وَكَذَلِكَ لَوْ خَسَفَ الْقَمَرُ فَلَمْ يُصَلُّوا حَتَّى تَجَلَّى أَوْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ لَمْ يُصَلُّوا، وَإِنْ صَلَّوْا الصُّبْحَ، وَقَدْ غَابَ الْقَمَرُ خَاسِفًا صَلَّوْا لِخُسُوفِ الْقَمَرِ بَعْدَ الصُّبْحِ مَا لَمْ تَطْلُعْ الشَّمْسُ، وَيُخَفِّفُونَ الصَّلَاةَ لِخُسُوفِ الْقَمَرِ فِي هَذِهِ الْحَالِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَإِنْ افْتَتَحُوا الصَّلَاةَ بَعْدَ الصُّبْحِ وَقَبْلَ الشَّمْسِ فَلَمْ يَفْرُغُوا مِنْهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ أَتَمُّوهَا. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : ، وَيَخْطُبُ بَعْدَ تَجَلِّي الشَّمْسِ لِأَنَّ الْخُطْبَةَ تَكُونُ بَعْدَ تَجَلِّي الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَإِذَا كَسَفَتْ الشَّمْسُ ثُمَّ حَدَثَ خَوْفٌ صَلَّى الْإِمَامُ صَلَاةَ الْخُسُوفِ صَلَاةَ خَوْفٍ كَمَا يُصَلِّي الْمَكْتُوبَةَ صَلَاةَ خَوْفٍ لَا يَخْتَلِفُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ يُصَلِّي صَلَاةَ الْخُسُوفِ، وَصَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ إيمَاءً حَيْثُ تَوَجَّهَ رَاكِبًا، وَمَاشِيًا فَإِنْ أَمْكَنَهُ الْخُطْبَةُ وَالصَّلَاةُ تَكَلَّمَ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فَلَا يَضُرُّهُ. (قَالَ) : وَإِنْ كَسَفَتْ الشَّمْسُ فِي حَضَرٍ فَغَشِيَ أَهْلَ الْبَلَدِ عَدُوٌّ مَضَوْا إلَى الْعَدُوِّ، فَإِنْ أَمْكَنَهُمْ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ مَا يُمْكِنُهُمْ فِي الْمَكْتُوبَةِ صَلَّوْهَا صَلَاةَ خَوْفٍ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُمْ ذَلِكَ صَلَّوْهَا صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ طَالِبِينَ وَمَطْلُوبِينَ لَا يَخْتَلِفُ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَتَى غَفَلَ عَنْ صَلَاةِ الْكُسُوفِ حَتَّى تَجَلَّى الشَّمْسُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ صَلَاتُهَا، وَلَا قَضَاؤُهَا. (قَالَ) : فَإِنْ غَفَلُوا عَنْهَا حَتَّى تَنْكَسِفَ كُلُّهَا ثُمَّ يَنْجَلِيَ بَعْضُهَا صَلَّوْا صَلَاةَ كُسُوفٍ مُتَمَكِّنِينَ إذَا لَمْ يَكُونُوا خَائِفِينَ، وَلَا مُتَفَاوِتِينَ، وَإِنْ انْجَلَتْ لَمْ يَخْرُجُوا مِنْ الصَّلَاةِ حَتَّى يَفْرُغُوا مِنْهَا، وَهِيَ كَاسِفَةٌ حَتَّى تَعُودَ بِحَالِهَا قَبْلَ أَنْ تَكْسِفَ. (قَالَ) : وَإِنْ انْكَسَفَتْ فَجَلَّلَهَا سَحَابٌ أَوْ غُبَارٌ أَوْ حَائِلٌ مَا كَانَ فَظَنُّوا أَنَّهَا تَجَلَّتْ صَلَّوْا صَلَاةَ الْكُسُوفِ إذَا عَلِمُوا أَنَّهَا قَدْ كَسَفَتْ فَهِيَ عَلَى الْكُسُوفِ حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا بِتَجَلِّيهَا، وَلَوْ تَجَلَّى بَعْضُهَا فَرَأَوْهُ صَافِيًا لَمْ يَدَعُوا الصَّلَاةَ لِأَنَّهُمْ مُسْتَيْقِنُونَ بِالْكُسُوفِ، وَلَا يَدْرُونَ انْجَلَى الْمَغِيبُ مِنْهَا أَمْ لَمْ يَنْجَلِ، وَقَدْ يَكُونُ الْكُسُوفُ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ، وَتَنْكَسِفُ كُلُّهَا فَيَتَجَلَّى بَعْضُهَا دُونَ بَعْضٍ حَتَّى يَتَجَلَّى الْبَاقِي بَعْدَهُ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ طَلَعَتْ فِي طَخَافٍ أَوْ غَيَانَةٍ أَوْ غَمَامَةٍ فَتَوَهَّمُوهَا كَاسِفَةً لَمْ يُصَلُّوهَا حَتَّى يَسْتَيْقِنُوا كُسُوفَهَا. (قَالَ) : وَإِذَا تَوَجَّهَ الْإِمَامُ لِيُصَلِّيَ صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَلَمْ يُكَبِّرْ حَتَّى تَنْجَلِيَ الشَّمْسُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُصَلِّيَ الْكُسُوفَ، وَإِنْ كَبَّرَ ثُمَّ تَجَلَّتْ الشَّمْسُ أَتَمَّ صَلَاةَ الْكُسُوفِ بِكَمَالِهَا. (قَالَ) : وَإِنْ صَلَّى صَلَاةَ الْكُسُوفِ فَأَكْمَلَهَا ثُمَّ انْصَرَفَ، وَالشَّمْسُ كَاسِفَةٌ يَزِيدُ كُسُوفُهَا أَوْ لَا يَزِيدُ لَمْ يُعِدْ الصَّلَاةَ، وَخَطَبَ النَّاسَ لِأَنَّا لَا نَحْفَظُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي كُسُوفٍ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَصَلَاةُ خُسُوفِ الْقَمَرِ كَصَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ لَا يَخْتَلِفَانِ فِي شَيْءٍ إلَّا أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ كُسُوفِ الشَّمْسِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْهَرْ فِيهَا كَمَا يَجْهَرُ فِي صَلَاةِ الْأَعْيَادِ، وَأَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ النَّهَارِ، وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ الْخُسُوفِ لِأَنَّهَا مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَقَدْ سَنَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَهْرَ بِالْقِرَاءَةِ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ [الْخُطْبَةُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ]ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَيَخْطُبُ الْإِمَامُ فِي صَلَاةِ الْكُسُوفِ نَهَارًا خُطْبَتَيْنِ يَجْلِسُ فِي الْأُولَى حِينَ يَصْعَدُ الْمِنْبَرَ ثُمَّ يَقُومُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْخُطْبَةِ الْأُولَى جَلَسَ ثُمَّ يَقُومُ فَيَخْطُبُ الثَّانِيَةَ فَإِذَا فَرَغَ نَزَلَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَيَجْعَلُهَا كَالْخُطَبِ يَبْدَأُ بِحَمْدِ اللَّهِ وَالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَضِّ النَّاسِ عَلَى الْخَيْرِ، وَأَمْرِهِمْ بِالتَّوْبَةِ وَالتَّقَرُّبِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَيَخْطُبُ فِي مَوْضِعِ مُصَلَّاهُ، وَيُصَلِّي فِي الْمَسْجِدِ حَيْثُ يُصَلِّي الْجُمُعَةَ لَا حَيْثُ يُصَلِّي الْأَعْيَادَ، وَإِنْ تَرَكَ ذَلِكَ، وَصَلَّى فِي غَيْرِهِ أَجْزَأَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ بِالْمَوْقِفِ بِعَرَفَةَ خَطَبَ رَاكِبًا، وَفَصَلَ بَيْنَ الْخُطْبَتَيْنِ بِسَكْتَةٍ كَالسَّكْتَةِ إذَا خَطَبَ عَلَى مِنْبَرِهِ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَسْمَعَ الْإِمَامَ فِي الْخُطْبَةِ فِي الْكُسُوفِ، وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَيُنْصِتُ لَهَا، وَإِنْ انْصَرَفَ رَجُلٌ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ لَهَا أَوْ تَكَلَّمَ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَرَكَ الْإِمَامُ الْخُطْبَةَ أَوْ خَطَبَ عَلَى غَيْرِ مَا أُمِرَ بِهِ كَرِهْت ذَلِكَ لَهُ، وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَأُحِبُّ لِلْقَوْمِ بِالْبَادِيَةِ وَالسَّفَرِ، وَحَيْثُ لَا يَجْمَعُ فِيهِ الصَّلَاةَ أَنْ يَخْطُبَ بِهِمْ أَحَدُهُمْ، وَيُذَكِّرُهُمْ إذَا صَلَّوْا الْكُسُوفَ (قَالَ) : وَلَا أُحِبُّ ذَلِكَ لِلنِّسَاءِ فِي الْبُيُوتِ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ النِّسَاءِ أَنْ يَخْطُبْنَ إذَا لَمْ يَكُنَّ مَعَ رِجَالٍ. [الْأَذَانُ لِلْكُسُوفِ]ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَلَا أَذَانَ لِكُسُوفٍ وَلَا لِعِيدٍ وَلَا لِصَلَاةٍ غَيْرِ مَكْتُوبَةٍ، وَإِنْ أَمَرَ الْإِمَامُ مَنْ يَصِيحُ " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " أَحْبَبْت ذَلِكَ لَهُ فَإِنَّ الزُّهْرِيَّ يَقُولُ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَأْمُرُ الْمُؤَذِّنَ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ أَنْ يَقُولَ الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ» .
__________________
|
#42
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (42) صــــــــــ 281 الى صـــــــــــ285 [قدر صلاة الكسوف] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأحب أن يقوم الإمام في صلاة الكسوف فيكبر ثم يفتتح كما يفتتح المكتوبة ثم يقرأ في القيام الأول بعد الافتتاح بسورة البقرة إن كان يحفظها أو قدرها من القرآن إن كان لا يحفظها ثم يركع فيطيل، ويجعل ركوعه قدر مائة آية من سورة البقرة ثم يرفع، ويقول سمع الله لمن حمده ربنا، ولك الحمد، ثم يقرأ بأم القرآن وقدر مائتي آية من البقرة ثم يركع بقدر ثلثي ركوعه الأول ثم يرفع، ويسجد ثم يقوم في الركعة الثانية فيقرأ بأم القرآن وقدر مائة وخمسين آية من البقرة ثم يركع بقدر سبعين آية من البقرة ثم يرفع فيقرأ بأم القرآن، وقدر مائة آية من البقرة ثم يركع بقدر قراءة خمسين آية من البقرة ثم يرفع ويسجد (قال الشافعي) : وإن جاوز هذا في بعض وقصر عنه في بعض أو جاوزه في كل أو قصر عنه في كل إذا قرأ أم القرآن في مبتدأ الركعة، وعند رفعه رأسه من الركعة قبل الركعة الثانية في كل ركعة أجزأه. (قال الشافعي) : وإن ترك أم القرآن في ركعة من صلاة الكسوف في القيام الأول أو القيام الثاني لم يعتد بتلك الركعة، وصلى ركعة أخرى، وسجد سجدتي السهو كما إذا ترك أم القرآن في ركعة واحدة من صلاة المكتوبة لم يعتد بها كأنه قرأ بأم القرآن عند افتتاح الصلاة ثم ركع فرفع فلم يقرأ بأم القرآن حتى رفع ثم يعود لأم القرآن فيقرؤها ثم يركع، وإن ترك أم القرآن حتى يسجد ألغى السجود، وعاد إلى القيام حتى يركع بعد أم القرآن. (قال) : ، ولا يجزئ أن يؤم في صلاة الكسوف إلا من يجزئ أن يؤم في الصلاة المكتوبة فإن أم أمي قراء لم تجزئ صلاتهم عنهم، وإن قرءوا معه إذا كانوا يأتمون به (قال) : وإن أمهم قارئ أجزأت صلاته عنهم، وإذا قلت لا تجزئ عنهم أعادوا بإمام ما كانت الشمس كاسفة، وإن تجلت لم يعيدوا، وإن امتنعوا كلهم من الإعادة إلا واحدا أمرت الواحد أن يعيد، فإن كان معه غيره أمرتهما أن يجمعا. [صلاة المنفردين في صلاة الكسوف] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرو أو صفوان بن عبد الله بن صفوان قال: رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم لكسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين. (قال الشافعي) : ولا أحسب ابن عباس صلى صلاة الكسوف إلا أن الوالي تركها لعل الشمس تكون كاسفة بعد العصر فلم يصل فصلى ابن عباس أو لعل الوالي كان غائبا أو امتنع من الصلاة (قال) : فهكذا أحب لكل من كان حاضرا إماما أن يصلي إذا ترك الإمام صلاة الكسوف أن يصلي علانية إن لم يخف وسرا إن خاف الوالي في أي ساعة كسفت الشمس، وأحسب من روى عنه أن الشمس كسفت بعد العصر، وهو بمكة تركها في زمان بني أمية اتقاء لهم فأما أيوب بن موسى فيذهب إلى أن لا صلاة بعد العصر لطواف ولا غيره، والسنة تدل على ما وصفت من أن يصلي بعد العصر لطواف، والصلاة المؤكدة تنسى، ويشتغل عنها، ولا يجوز ترك صلاة الكسوف عندي لمسافر ولا مقيم، ولا لأحد جاز له أن يصلي بحال فيصليها كل من وصفت بإمام تقدمه، ومنفردا إن لم يجد إماما ويصليها كما وصفت صلاة الإمام ركعتين، في كل ركعة ركعتين، وكذلك خسوف القمر (قال) : وإن خطب الرجل الذي، وصفت فذكرهم لم أكره. (قال) : وإن كسفت الشمس ورجل مع نساء فيهن ذوات محرم منه صلى بهن، وإن لم يكن فيهن ذوات محرم منه كرهت ذلك له، وإن صلى بهن فلا بأس إن شاء الله تعالى فإن كن اللاتي يصلين نساء فليس من شأن النساء الخطبة، ولكن لو ذكرتهن إحداهن كان حسنا. (قال) : وإذا صلى الرجل وحده صلاة الكسوف ثم أدركها مع الإمام صلاها كما يصنع في المكتوبة، وكذلك المرأة فلا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء، ولا للعجوز، ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن، وأحب إلي لذوات الهيئة أن يصلينها في بيوتهن. [الصلاة في غير كسوف الشمس والقمر] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا آمر بصلاة جماعة في زلزلة، ولا ظلمة، ولا لصواعق، ولا ريح ولا غير ذلك من الآيات، وآمر بالصلاة منفردين كما يصلون منفردين سائر الصلوات. [كتاب الاستسقاء] متى يستسقي الإمام، وهل يسأل الإمام رفع المطر إذا خاف ضرره؟ أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك بن أنس قال: «جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: يا رسول الله هلكت المواشي، وتقطعت السبل فادع الله فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمطرنا من جمعة إلى جمعة قال فجاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبيل، وهلكت المواشي فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: اللهم على رءوس الجبال والآكام، وبطون الأودية، ومنابت الشجر فانجابت عن المدينة انجياب الثوب» (قال الشافعي) : فإذا كان جدب أو قلة ماء في نهر أو عين أو بئر في حاضر أو باد من المسلمين لم أحب للإمام أن يتخلف عن أن يعمل عمل الاستسقاء، وإن تخلف عن ذلك لم تكن عليه كفارة ولا قضاء، وقد أساء في تخلفه عنه، وترك سنة فيه، وإن لم تكن واجبة، وموضع فضل، فإن قال قائل: فكيف لا يكون واجبا عليه أن يعمل عمل الاستسقاء من صلاة وخطبة؟ قيل لا فرض من الصلاة إلا خمس صلوات، وفي الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على أن جدبا كان ولم يعمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أوله عمل الاستسقاء، وقد عمله بعد مدة منه فاستسقى، وبذلك قلت: لا يدع الإمام الاستسقاء، وإن لم يفعل الإمام لم أر للناس ترك الاستسقاء لأن المواشي لا تهلك إلا وقد تقدمها جدب دائم، وأما الدعاء بالاستسقاء فما لا أحب تركه إذا كان الجدب، وإن لم يكن ثم صلاة ولا خطبة، وإن استسقى فلم تمطر الناس أحببت أن يعود ثم يعود حتى يمطروا، وليس استحبابي لعودته الثانية بعد الأولى، ولا الثالثة بعد الثانية كاستحبابي للأولى، وإنما أجزت له العود بعد الأولى أن الصلاة والجماعة في الأولى فرض وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى سقي أولا فإذا سقوا أولا لم يعد الإمام، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم عن سليمان بن عبد الله بن عويمر الأسلمي عن عروة بن الزبير عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت: «أصاب الناس سنة شديدة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر بهم يهودي فقال: أما والله لو شاء صاحبكم لمطرتم ما شئتم، ولكنه لا يحب ذلك فأخبر الناس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقول اليهودي قال: أوقد قال ذلك؟ فقالوا: نعم قال إني لأستنصر بالسنة على أهل نجد، وإني لأرى السحابة خارجة من العين فأكرهها موعدكم يوم كذا أستسقي لكم» فلما كان ذلك اليوم غدا الناس فما تفرق الناس حتى مطروا ما شاءوا فما أقلعت السماء جمعة، وإذا خاف الناس غرقا من سيل أو نهر دعوا الله بكف الضرر عنهم كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بكف الضرر عن البيوت أن تهدمت، وكذلك يدعو بكف الضرر من المطر عن المنازل، وأن يجعل حيث ينفع، ولا يضر البيوت من الشجر والجبال والصحاري إذا دعا بكف الضرر، ولم آمر بصلاة جماعة، وأمرت الإمام، والعامة يدعون في خطبة الجمعة، وبعد الصلوات، ويدعو في كل نازلة نزلت بأحد من المسلمين، وإذا كانت ناحية مخصبة، وأخرى مجدبة فحسن أن يستسقي إمام الناحية المخصبة لأهل الناحية المجدبة ولجماعة المسلمين، ويسأل الله الزيادة لمن أخصب مع استسقائه لمن أجدب فإن ما عند الله واسع، ولا أحضه على الاستسقاء لمن ليس بين ظهرانيه كما أحضه على الاستسقاء لمن هو بين ظهرانيه ممن قاربه، ويكتب إلى الذي يقوم بأمر المجدبين أن يستسقي لهم أو أقرب الأئمة بهم، فإن لم يفعل أحببت أن يستسقي لهم رجل من بين ظهرانيهم.من يستسقي بصلاة (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وكل إمام صلى الجمعة، وصلى العيدين استسقى، وصلى الخسوف، ولا يصلي الجمعة إلا حيث تجب لأنها ظهر فإذا صليت جمعة قصرت منها ركعتان، ويجوز أن يستسقي وأستحب أن يصلي العيدين والخسوف حيث لا يجمع من بادية وقرية صغيرة، ويفعله مسافرون في البدو لأنها ليست بإحالة شيء من فرض وهي سنة ونافلة خير، ولا أحب تركه بحال، وإن كان أمري به، واستحبابه حيث لا يجمع ليس هو كاستحبابه حيث يجمع، وليس كأمري به من يجمع من الأئمة والناس، وإنما أمرت به كما وصفت لأنها سنة، ولم ينه عنه أحد يلزم أمره، وإذا استسقى الجماعة بالبادية فعلوا ما يفعلونه في الأمصار من صلاة أو خطبة، وإذا خلت الأمصار من الولاة قدموا أحدهم للجمعة والعيدين، والخسوف، والاستسقاء كما قد «قدم الناس أبا بكر، وعبد الرحمن بن عوف للصلاة مكتوبة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلح بين بني عمر بن عوف، وعبد الرحمن في غزوة تبوك، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد ذهب لحاجته ثم غبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الناس بما صنعوا من تقديم عبد الرحمن بن عوف» فإذا أجاز هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المكتوبة غير الجمعة كانت الجمعة مكتوبة، وكان هذا في غير المكتوبة مما ذكرت أجوز. [الاستسقاء بغير الصلاة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويستسقي الإمام بغير صلاة مثل أن يستسقي بصلاة وبعد خطبته وصلاته، وخلف صلاته، وقد رأيت من يقيم مؤذنا فيأمره بعد صلاة الصبح والمغرب أن يستسقي، ويحض الناس على الدعاء فما كرهت من صنع ذلك. [الأذان لغير المكتوبة] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ، ولا أذان، ولا إقامة إلا للمكتوبة، فأما الخسوف، والعيدان والاستسقاء، وجميع صلاة النافلة فبغير أذان ولا إقامة. [كيف يبتدئ الاستسقاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وبلغنا عن بعض الأئمة أنه كان إذا أراد أن يستسقي أمر الناس فصاموا ثلاثة أيام متتابعة، وتقربوا إلى الله عز وجل بما استطاعوا من خير ثم خرج في اليوم الرابع فاستسقى بهم، وأنا أحب ذلك لهم، وآمرهم أن يخرجوا في اليوم الرابع صياما من غير أن أوجب ذلك عليهم، ولا على إمامهم، ولا أرى بأسا أن يأمرهم بالخروج، ويخرج قبل أن يتقدم إليهم في الصوم، وأولى ما يتقربون إلى الله أداء ما يلزمهم من مظلمة في دم أو مال أو عوض ثم صلح المشاجر، والمهاجر ثم يتطوعون بصدقة، وصلاة، وذكر، وغيره من البر، وأحب كلما أراد الإمام العودة إلى الاستسقاء أن يأمر الناس أن يصوموا قبل عودته إليه ثلاثا [الهيئة للاستسقاء] للعيدين. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجمعة، والعيدين بأحسن هيئة» ، وروي أنه «خرج في الاستسقاء متواضعا» وأحسب الذي رواه قال متبذلا فأحب في العيدين أن يخرج بأحسن ما يجد من الثياب وأطيب الطيب، ويخرج في الاستسقاء متنظفا بالماء، وما يقطع تغير الرائحة من سواك وغيره، وفي ثياب تواضع، ويكون مشيه وجلوسه وكلامه كلام تواضع واستكانة، وما أحببت للإمام في الحالات من هذا أحببته للناس كافة وما لبس الناس، والإمام مما يحل لهم الصلاة فيه أجزأه وإياهم. [خروج النساء والصبيان في الاستسقاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وأحب أن يخرج الصبيان ويتنظفوا للاستسقاء، وكبار النساء، ومن لا هيئة له منهن، ولا أحب خروج ذوات الهيئة ولا آمر بإخراج البهائم، وأكره إخراج من خالف الإسلام للاستسقاء مع المسلمين في موضع مستسقى المسلمين، وغيره، وآمر بمنعهم من ذلك فإن خرجوا متميزين على حدة لم نمنعهم ذلك، ونساؤهم فيما أكره من هذا كرجالهم، ولو تميز نساؤهم، لم أكره من مخرجهم ما أكره من مخرج بالغيهم، ولو ترك سادات العبيد المسلمين العبيد يخرجون كان أحب إلي، وليس يلزمهم تركهم، والإماء مثل الحرائر، وأحب إلي لو ترك عجائزهن، ومن لا هيئة له منهن يخرج، ولا أحب ذلك في ذوات الهيئة منهن، ولا يجب على ساداتهن تركهن يخرجن. [المطر قبل الاستسقاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا تهيأ الإمام للخروج فمطر الناس مطرا قليلا أو كثيرا، أحببت أن يمضي، والناس على الخروج فيشكروا الله على سقياه، ويسألوا الله زيادته، وعموم خلقه بالغيث، وأن لا يتخلفوا فإن فعلوا فلا كفارة، ولا قضاء عليهم، فإن كانوا يمطرون في الوقت الذي يريد الخروج بهم فيه استسقى بهم في المسجد أو أخر ذلك إلى أن يقلع المطر، ولو نذر الإمام أن يستسقي ثم سقى الناس، وجب عليه أن يخرج فيوفي نذره، وإن لم يفعل فعليه قضاؤه، وليس عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم، ولا له أن يلزمهم أن يستسقوا في غير جدب، وكذلك لو نذر رجل أن يخرج يستسقي كان عليه أن يخرج للنذر بنفسه فإن نذر أن يخرج بالناس كان عليه أن يخرج بنفسه، ولم يكن عليه أن يخرج بالناس لأنه لا يملكهم، ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم، وأحب أن يخرج بمن أطاعه منهم من ولده وغيرهم، فإن كان في نذره أن يخطب فيخطب، ويذكر الله تعالى ويدعو جالسا إن شاء لأنه ليس في قيامه إذا لم يكن واليا، ولا معه جماعة بالذكر طاعة، وإن نذر أن يخطب على منبر فليخطب جالسا، وليس عليه أن يخطب على منبر لأنه لا طاعة في ركوبه لمنبر ولا بعير ولا بناء، إنما أمر بهذا الإمام ليسمع الناس فإن كان إماما، ومعه ناس لم يف نذره إلا بالخطبة قائما لأن الطاعة إذا كان معه ناس فيها أن يخطب قائما فإذا فعل هذا كله فوقف على منبر أو جدار أو قائما أجزأه من نذره، ولو نذر أن يخرج فليستسق أحببت له أن يستسقي في المسجد ويجزئه لو استسقى في بيته. [أين يصلي للاستسقاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويصلي الإمام حيث يصلي العيد في أوسع ما يجد على الناس، وحيث استسقى أجزأه إن شاء الله تعالى. [الوقت الذي يخرج فيه الإمام للاستسقاء وما يخطب عليه] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويخرج الإمام للاستسقاء في الوقت الذي يصل فيه إلى موضع مصلاه، وقد برزت الشمس فيبتدئ فيصلي فإذا فرغ خطب، ويخطب على منبر يخرجه إن شاء، وإن شاء خطب راكبا أو على جدار أو شيء يرفع له أو على الأرض، كل ذلك جائز له. [كيف صلاة الاستسقاء] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو أنه سمع عباد بن تميم يقول سمعت عبد الله بن زيد المازني يقول: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى فاستسقى، وحول رداءه حين استقبل القبلة» (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم عن جعفر بن محمد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر كانوا يجهرون بالقراءة في الاستسقاء، ويصلون قبل الخطبة، ويكبرون في الاستسقاء سبعا وخمسا» ، أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني جعفر بن محمد عن أبيه عن علي - رضي الله عنه - مثله (قال الشافعي) : أخبرني سعد بن إسحاق عن صالح عن ابن المسيب عن عثمان بن عفان أنه كبر في الاستسقاء سبعا وخمسا أخبرني إبراهيم بن محمد قال أخبرني أبو الحويرث عن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه أنه سأل ابن عباس عن التكبير في صلاة الاستسقاء فقال مثل التكبير في صلاة العيدين سبع وخمس، أخبرنا ابن عيينة قال أخبرني عبد الله بن أبي بكر قال سمعت عباد بن تميم يخبر عن عمه عبد الله بن زيد قال «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المصلى يستسقي فاستقبل القبلة، وحول رداءه، وصلى ركعتين» أخبرنا إبراهيم بن محمد قال حدثني هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه عن ابن عباس مثله، أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز أنه كبر في الاستسقاء سبعا وخمسا وكبر في العيدين مثل ذلك أخبرنا إبراهيم قال حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة أن أبا بكر بن عمرو بن حزم أشار على محمد بن هشام أن يكبر في الاستسقاء سبعا، وخمسا (قال الشافعي) : فبهذا كله نأخذ فنأمر الإمام يكبر في الاستسقاء سبعا وخمسا قبل القراءة، ويرفع يديه عند كل تكبيرة من السبع، والخمس ويجهر بالقراءة، ويصلي ركعتين لا يخالف صلاة العيد بشيء، ونأمره أن يقرأ فيها ما يقرأ في صلاة العيدين فإذا خافت بالقراءة في صلاة الاستسقاء فلا إعادة عليه، وإن ترك التكبير فكذلك، ولا سجود للسهو عليه، وإن ترك التكبير حتى يفتتح القراءة في ركعة لم يكبر بعد افتتاحه القراءة، وكذلك إن كبر بعض التكبير ثم افتتح بالقراءة لم يقض التكبير في تلك الركعة، وكبر في الأخرى تكبيرها، ولم يقض ما ترك من تكبير الأولى فإن صنع في الأخرى كذلك صنع هكذا يكبر قبل أن يقرأ، ولا يكبر بعدما يقرأ في الركعة التي افتتح فيها القراءة (قال الشافعي) : وهكذا هذا في صلاة العيدين لا يختلف، وما قرأ به مع أم القرآن في كل ركعة أجزأه، وإن اقتصر على أم القرآن في كل ركعة أجزأته، وإن صلى ركعتين قرأ في إحداهما بأم القرآن، ولم يقرأ في الأخرى بأم القرآن فإنما صلى ركعة فيضيف إليها أخرى، ويسجد للسهو، ولا يعتد هو، ولا من خلفه بركعة لم يقرأ فيها، وإن صلى ركعتين لم يقرأ في واحدة منهما بأم القرآن أعادهما خطب أم لم يخطب فإن لم يعدهما حتى ينصرف أحببت له إعادتهما من الغد أو يومه إن لم يكن الناس تفرقوا، وإذا أعادهما أعاد الخطبة بعدهما، وإن كان هذا في صلاة العيد أعادهما من يومه ما بينه، وبين أن تزول الشمس فإذا زالت لم يعدهما لأن صلاة العيد في وقت فإذا مضى لم تصل، وكل يوم وقت لصلاة الاستسقاء، ولذلك يعيدهما في الاستسقاء بعد الظهر، وقبل العصر. .
__________________
|
#43
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (43) صــــــــــ 286 الى صـــــــــــ290 [الطهارة لصلاة الاستسقاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ولا يصلي حاضر، ولا مسافر صلاة الاستسقاء ولا عيد، ولا جنازة، ولا يسجد للشكر، ولا سجود القرآن، ولا يمس مصحفا إلا طاهرا الطهارة التي تجزيه للصلاة المكتوبة لأن كلا صلاة، ولا يحل مس مصحف إلا بطهارة، وسواء خاف فوت شيء من هذه الصلوات أو لم يخفه يكون ذلك سواء في المكتوبات. . [الخطبة في الاستسقاء] كيف الخطبة في الاستسقاء؟ (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويخطب الإمام في الاستسقاء خطبتين كما يخطب في صلاة العيدين يكبر الله فيهما، ويحمده ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويكثر فيهما الاستغفار حتى يكون أكثر كلامه، ويقول كثيرا {استغفروا ربكم إنه كان غفارا - يرسل السماء عليكم مدرارا} [نوح: 10 - 11] . [الدعاء في خطبة الاستسقاء] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويقول " اللهم إنك أمرتنا بدعائك، ووعدتنا إجابتك فقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم إن كنت أوجبت إجابتك لأهل طاعتك، وكنا قد قارفنا ما خالفنا فيه الذين محضوا طاعتك فامنن علينا بمغفرة ما قارفنا، وإجابتنا في سقيانا، وسعة رزقنا "، ويدعو بما شاء بعد للدنيا والآخرة ويكون أكثر دعائه الاستغفار يبدأ به دعاءه ويفصل به بين كلامه، ويختم به، ويكون أكثر كلامه حتى ينقطع الكلام، ويحض الناس على التوبة، والطاعة، والتقرب إلى الله عز وجل (قال الشافعي) : وبلغنا «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا دعا في الاستسقاء رفع يديه» أخبرنا إبراهيم بن محمد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن أنس بن مالك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال: اللهم أمطرنا» ، أخبرنا إبراهيم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند المطر: اللهم سقيا رحمة، ولا سقيا عذاب، ولا بلاء، ولا هدم، ولا غرق اللهم على الظراب، ومنابت الشجر اللهم حوالينا، ولا علينا» ، (قال) : وروى سالم بن عبد الله عن أبيه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال اللهم اسقنا غيثا مغيثا هنيئا مريئا مريعا غدقا مجللا عاما طبقا سحا دائما اللهم اسقنا الغيث، ولا تجعلنا من القانطين اللهم إن بالعباد والبلاد، والبهائم، والخلق من اللأواء، والجهد والضنك ما لا نشكو إلا إليك اللهم أنبت لنا الزرع، وأدر لنا الضرع، واسقنا من بركات السماء، وأنبت لنا من بركات الأرض اللهم ارفع عنا الجهد، والجوع، والعري، واكشف عنا من البلاء ما لا يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا» (قال الشافعي) : وأحب أن يدعو الإمام بهذا، ولا وقت في الدعاء، ولا يجاوزه، أخبرنا إبراهيم عن المطلب بن السائب عن ابن المسيب قال استسقى عمر، وكان أكثر دعائه الاستغفار. (قال الشافعي) : وإن خطب خطبة واحدة لم يجلس فيها، ولم يكن عليه إعادة، وأحب أن يجلس حين يرقى المنبر أو موضعه الذي يخطب فيه ثم يخطب ثم يجلس فيخطب. [تحويل الإمام الرداء في صلاة الاستسقاء] تحويل الإمام الرداء (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويبدأ فيخطب الخطبة الأولى ثم يجلس ثم يقوم فيخطب بعض الخطبة الآخرة فيستقبل الناس في الخطبتين ثم يحول وجهه إلى القبلة، ويحول رداءه ويحول الناس أرديتهم معه فيدعو سرا في نفسه، ويدعو الناس معه ثم يقبل على الناس بوجهه فيحضهم، ويأمرهم بخير، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقرأ آية أو أكثر من القرآن، ويقول: أستغفر الله لي ولكم ثم ينزل، وإن استقبل القبلة في الخطبة الأولى لم يكن عليه أن يعود لذلك في الخطبة الثانية، وأحب لمن حضر الاستسقاء استماع الخطبة والإنصات، ولا يجب ذلك وجوبه في الجمعة.كيف تحويل الإمام رداءه في الخطبة. (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا الدراوردي عن عمارة بن غزية عن عباد بن تميم قال «استسقى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعليه خميصة له سوداء فأراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فلما ثقلت عليه قلبها على عاتقه» (قال الشافعي) : وبهذا أقول فنأمر الإمام أن ينكس رداءه فيجعل أعلاه أسفله، ويزيد مع تنكيسه فيجعل شقه الذي على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، والذي على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن فيكون قد جاء بما أراد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من نكسه، وبما فعل من تحويل الأيمن على الأيسر إذا خف له رداؤه فإن ثقل فعل ما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من تحويل ما على منكبه الأيمن على منكبه الأيسر، وما على منكبه الأيسر على منكبه الأيمن، ويصنع الناس في ذلك ما صنع الإمام فإن تركه منهم تارك أو الإمام أو كلهم كرهت تركه لمن تركه، ولا كفارة، ولا إعادة عليه، ولا يحول رداءه إذا انصرف من مكانه الذي يخطب فيه، وإذا حولوا أرديتهم أقروها محولة كما هي حتى ينزعوها متى نزعوها، وإن اقتصر رجل على تحويل ردائه، ولم ينكسه أجزأه إن شاء الله تعالى لسعة ذلك، وكذلك لو اقتصر على نكسه، ولم يحول إلا نكسا، رجوت أن يجزيه [كراهية الاستمطار بالأنواء] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - أخبرنا عن مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن زيد بن خالد الجهني قال: «صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصبح بالحديبية في إثر سماء كانت من الليل فلما انصرف أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال: قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا، وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب» (قال الشافعي) : رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " بأبي هو وأمي " هو عربي واسع اللسان يحتمل قوله هذا معاني، وإنما مطر بين ظهراني قوم أكثرهم مشركون لأن هذا في غزوة الحديبية، وأرى معنى قوله، والله أعلم أن من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك إيمان بالله لأنه يعلم أنه لا يمطر ولا يعطي إلا الله عز وجل وأما من قال مطرنا بنوء كذا، وكذا على ما كان بعض أهل الشرك يعنون من إضافة المطر إلى أنه أمطره نوء كذا فذلك كفر كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن النوء وقت، والوقت مخلوق لا يملك لنفسه، ولا لغيره شيئا، ولا يمطر، ولا يصنع شيئا فأما من قال: مطرنا بنوء كذا على معنى مطرنا بوقت كذا فإنما ذلك كقوله مطرنا في شهر كذا، ولا يكون هذا كفرا، وغيره من الكلام أحب إلي منه (قال الشافعي) : أحب أن يقول مطرنا في وقت كذا، وقد روي عن عمر أنه قال يوم الجمعة، وهو على المنبر: كم بقي من نوء الثريا؟ فقام العباس فقال لم يبق منه شيء إلا العواء فدعا، ودعا الناس حتى نزل عن المنبر فمطر مطرا حيي الناس منه، وقول عمر هذا يبين ما وصفت لأنه إنما أراد: كم بقي من وقت الثرياء؟ ليعرفهم بأن الله عز وجل قدر الأمطار في أوقات فيما جربوا كما علموا أنه قدر الحر والبرد بما جربوا في أوقات، وبلغني أن بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أصبح، وقد مطر الناس قال مطرنا بنوء الفتح ثم قرأ {ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها} [فاطر: 2] ، وبلغني أن عمر بن الخطاب أوجف بشيخ من بني تميم غدا متكئا على عكازه، وقد مطر الناس فقال: أجاد ما أقرى المجدح البارحة، فأنكر عمر قوله " أجاد ما أقرى المجدح " لإضافة المطر إلى المجدح.البروز للمطر (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - بلغنا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتمطر في أول مطرة حتى يصيب جسده» ، وروي عن ابن عباس أن السماء أمطرت فقال لغلامه: أخرج فراشي، ورحلي يصيبه المطر فقال أبو الجوزاء لابن عباس: لم تفعل هذا يرحمك الله؟ فقال أما تقرأ كتاب الله {ونزلنا من السماء ماء مباركا} [ق: 9] فأحب أن تصيب البركة فراشي ورحلي، أخبرنا إبراهيم عن ابن حرملة عن ابن المسيب أنه رآه في المسجد، ومطرت السماء، وهو في السقاية فخرج إلى رحبة المسجد ثم كشف عن ظهره للمطر حتى أصابه ثم رجع إلى مجلسه [ما يقال عند السيل]السيل (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى - ، أخبرني من لا أتهم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سال السيل يقول اخرجوا بنا إلى هذا الذي جعله الله طهورا فنتطهر منه، ونحمد الله عليه» (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم عن إسحاق بن عبد الله أن عمر كان إذا سال السيل ذهب بأصحابه إليه، وقال ما كان ليجيء من مجيئه أحد إلا تمسحنا به. [طلب الإجابة في الدعاء] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -: أخبرني من لا أتهم قال حدثني عبد العزيز بن عمر من مكحول عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «اطلبوا إجابة الدعاء عند التقاء الجيوش، وإقامة الصلاة ونزول الغيث» (قال الشافعي) : وقد حفظت عن غير واحد طلب الإجابة عند نزول الغيث، وإقامة الصلاة. [القول في الإنصات عند رؤية السحاب والريح] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -: أخبرني من لا أتهم قال حدثني خالد بن رباح عن المطلب بن حنطب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا برقت السماء أو رعدت عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه» (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم قال: قال المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة قالت «كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أبصرنا شيئا في السماء يعني السحاب ترك عمله، واستقبل القبلة قال اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه فإن كشفه الله حمد الله تعالى، وإن مطرت قال: اللهم سقيا نافعا» (قال الشافعي) : وأخبرني من لا أتهم قال حدثني أبو حازم عن ابن المسيب «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا سمع حس الرعد عرف ذلك في وجهه فإذا أمطرت سري عنه فسئل عن ذلك فقال إني لا أدري بما أرسلت أبعذاب أم برحمة» (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم قال حدثنا العلاء بن راشد عن عكرمة عن ابن عباس قال «ما هبت ريح إلا جثا النبي - صلى الله عليه وسلم - على ركبتيه، وقال اللهم اجعلها رحمة، ولا تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا» قال قال ابن عباس في كتاب الله عز وجل {إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا} [القمر: 19] ، و {إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم} [الذاريات: 41] وقال {وأرسلنا الرياح لواقح} [الحجر: 22] {يرسل الرياح مبشرات} [الروم: 46] . (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم قال أخبرنا صفوان بن سليم قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا تسبوا الريح، وعوذوا بالله من شرها» (قال الشافعي) : ولا ينبغي لأحد أن يسب الريح فإنها خلق الله عز وجل مطيع وجند من أجناده يجعلها رحمة ونقمة إذا شاء (قال الشافعي) : أخبرنا محمد بن عباس قال «شكا رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - الفقر فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعلك تسب الريح؟» أخبرنا الثقة عن الزهري عن ثابت بن قيس عن أبي هريرة قال أخذت الناس ريح بطريق مكة، وعمر حاج فاشتدت فقال عمر - رضي الله عنه - لمن حوله: " ما بلغكم في الريح؟ " فلم يرجعوا إليه شيئا فبلغني الذي سأل عنه عمر من أمر الريح فاستحثثت راحلتي حتى أدركت عمر، وكنت في مؤخر الناس فقلت يا أمير المؤمنين: أخبرت أنك سألت عن الريح، وإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول «الريح من روح الله تأتي بالرحمة، وتأتي بالعذاب فلا تسبوها، واسألوا الله من خيرها وعوذوا بالله من شرها» أخبرنا سفيان بن عيينة قال قلت لابن طاووس: ما كان أبوك يقول إذا سمع الرعد؟ قال كان يقول: سبحان من سبحت له (قال الشافعي) : كأنه يذهب إلى قول الله عز وجل {ويسبح الرعد بحمده} [الرعد: 13] . [الإشارة إلى المطر] (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -: أخبرنا من لا أتهم قال حدثنا سليمان بن عبد الله عن عروة بن الزبير قال " إذا رأى أحدكم البرق أو الودق فلا يشير إليه، وليصف، ولينعت " (قال الشافعي) : ولم تزل العرب تكره الإشارة إليه في الرعد، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة أن مجاهدا كان يقول: الرعد ملك، والبرق أجنحة الملك يسقن السحاب (قال الشافعي) : ما أشبه ما قال مجاهد بظاهر القرآن، أخبرنا الثقة عن مجاهد أنه قال ما سمعت بأحد ذهب البرق ببصره كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل {يكاد البرق يخطف أبصارهم} [البقرة: 20] (قال) : وبلغني عن مجاهد أنه قال، وقد سمعت من تصيبه الصواعق كأنه ذهب إلى قول الله عز وجل {ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء} [الرعد: 13] ، وسمعت من يقول: الصواعق ربما قتلت وأحرقت.كثرة المطر وقلته (قال الشافعي) : - رحمه الله تعالى -: أخبرنا إبراهيم عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «ما من ساعة من ليل، ولا نهار إلا والسماء تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء» (قال الشافعي) أخبرنا من لا أتهم عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه «أن الناس مطروا ذات ليلة فلما أصبح النبي - صلى الله عليه وسلم - غدا عليهم فقال ما على الأرض بقعة إلا، وقد مطرت هذه الليلة» (قال الشافعي) : أخبرنا من لا أتهم عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ليس السنة بأن لا تمطروا، ولكن السنة أن تمطروا ثم تمطروا، ولا تنبت الأرض شيئا» .أي الأرض أمطر أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني إسحاق بن عبد الله عن الأسود عن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «المدينة بين عيني السماء عين بالشام، وعين باليمن، وهي أقل الأرض مطرا» (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم قال أخبرني يزيد أو نوفل بن عبد الملك الهاشمي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «اسكت أقل الأرض مطرا، وهي بين عيني السماء يعني المدينة: عين بالشام، وعين باليمن» أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرني من لا أتهم. قال أخبرني سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: يوشك أن تمطر المدينة مطرا لا يكن أهلها البيوت، ولا يكنهم إلا مظال الشعر. (قال الشافعي) : أخبرني من لا أتهم عن صفوان بن سليم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «يصيب المدينة مطر لا يكن أهلها بيت من مدر» (قال الشافعي) : أخبرنا من لا أتهم قال أخبرني محمد بن زيد بن مهاجر عن صالح بن عبد الله بن الزبير أن كعبا قال له، وهو يعمل وتدا بمكة: اشدد، وأوثق فإنا نجد في الكتب أن السيول ستعظم في آخر الزمان، أخبرنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سعيد بن المسيب عن أبيه عن جده قال: جاء مكة مرة سيل طبق ما بين الجبلين. (قال الشافعي) وأخبرني من لا أتهم قال أخبرني موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن يوسف بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال: يوشك المدينة أن يصيبها مطر أربعين ليلة لا يكن أهلها بيت من مدر.أي الريح يكون بها المطر. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرني من لا أتهم قال أخبرني عبد الله بن عبيدة عن محمد بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «نصرت بالصبا، وكانت عذابا على من كان قبلي» (قال الشافعي) وبلغني أن قتادة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «ما هبت جنوب قط إلا أسالت واديا» (قال الشافعي) : يعني أن الله خلقها تهب نشرا بين يدي رحمته من المطر، أخبرنا إبراهيم بن محمد قال أخبرنا سليمان عن المنهال بن عمرو عن قيس بن السكن عن عبد الله بن مسعود قال: إن الله تبارك وتعالى يرسل الرياح فتحمل الماء من السماء ثم تمر في السحاب حتى تدر كما تدر اللقحة ثم تمطر. أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي. قال أخبرنا من لا أتهم قال: حدثني إسحاق بن عبد الله أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أنشئت بحرية ثم استحالت شامية فهو أمطر لها»
__________________
|
#44
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#45
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الصلاة الحلقة (45) صــــــــــ 291 الى صـــــــــــ300 (قال الشافعي) : وفي سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المنافقين دلالة على أمور منها، لا يقتل من أظهر التوبة من كفر بعد إيمان، ومنها أنه حقن دماءهم وقد رجعوا إلى غير يهودية، ولا نصرانية، ولا مجوسية، ولا دين يظهرونه إنما أظهروا الإسلام، وأسروا الكفر فأقرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الظاهر على أحكام المسلمين فناكحوا المسلمين ووارثوهم وأسهم لمن شهد الحرب منهم، وتركوا في مساجد المسلمين (قال الشافعي) : ولا رجع عن الإيمان أبدا أشد ولا أبين كفرا ممن أخبر الله عز وجل عن كفره بعد إيمانه فإن قال قائل أخبر الله عز وجل عن أسرارهم، ولعله لم يعلمه الآدميون فمنهم من شهد عليه بالكفر بعد الإيمان، ومنهم من أقر بعد الشهادة، ومنهم من أقر بغير شهادة، ومنهم من أنكر بعد الشهادة، وأخبر الله عز وجل عنهم بقول ظاهر فقال عز وجل {وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا} [الأحزاب: 12] فكلهم إذا قال ما قال، وثبت على قوله أو جحد أو أقر، وأظهر الإسلام ترك بإظهار الإسلام فلم يقتل فإن قال قائل: فإن الله عز وجل قال {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا} [التوبة: 84] إلى قوله {فاسقون} [التوبة: 84] فإن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مخالفة صلاة المسلمين سواه لأنا نرجو أن لا يصلي على أحد إلا صلى الله عليه ورحمه، وقد قضى الله {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا} [النساء: 145] ، وقال جل ثناؤه {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80] فإن قال قائل: ما دل على الفرق بين صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ نهي عنهم، وصلاة المسلمين غيره، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتهى عن الصلاة عليهم بنهي الله له ولم ينه الله عز وجل ورسوله - صلى الله عليه وسلم - عنها، ولا عن مواريثهم فإن قال قائل فإن ترك قتلهم جعل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة فذلك يدخل عليه فيما سواه من الأحكام فيقال فيمن ترك - عليه السلام - قتله أو قتله جعل هذا له خاصة وليس هذا لأحد إلا بأن تأتي دلالة على أن أمرا جعل خاصة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلا فما صنع عام، على الناس الاقتداء به في مثله إلا ما بين هو أنه خاص أو كانت عليه دلالة بخبر (قال الشافعي) : وقد عاشروا أبا بكر وعمر وعثمان أئمة الهدى، وهم يعرفون بعضهم فلم يقتلوا منهم أحدا، ولم يمنعوه حكم الإسلام في الظاهر إذ كانوا يظهرون الإسلام، وكان عمر يمر بحذيفة بن اليمان إذا مات ميت فإن أشار عليه أن اجلس جلس، واستدل على أنه منافق ولم يمنع من الصلاة عليه مسلما، وإنما يجلس عمر عن الصلاة عليه لأن الجلوس عن الصلاة عليه مباح له في غير المنافق إذا كان لهم من يصلي عليهم سواه، وقد يرتد الرجل إلى النصرانية ثم يظهر التوبة منها وقد يمكن فيه أن يكون مقيما عليه لأنه قد يجوز له ذلك عنده بغير مجامعة النصارى ولا غشيان الكنائس، فليس في ردته إلى دين لا يظهره إذا أظهر التوبة شيء يمكن بأن يقول قائل لا أجد دلالة على توبته بغير قوله إلا، وهو يدخل في النصرانية، وكل دين يظهره ويمكن فيه قبل أن يظهر ردته أن يكون مشتملا على الردة فإن قال قائل لم أكلف هذا إنما كلفت ما ظهر، والله ولي ما غاب فأقبل القول بالإيمان إذا قاله ظاهرا وأنسبه إليه، وأعمل به إذا عمل فهذا واحد في كل أحد سواء لا يختلف، ولا يجوز أن يفرق بينه إلا بحجة إلا أن يفرق الله ورسوله بينه، ولم نعلم لله حكما، ولا لرسوله - صلى الله عليه وسلم - يفرق بينه، وأحكام الله ورسوله تدل على أن ليس لأحد أن يحكم على أحد إلا بظاهر، والظاهر ما أقر به أو ما قامت به بينة تثبت عليه، فالحجة فيما وصفنا من المنافقين وفي «الرجل الذي استفتى فيه المقداد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد قطع يده على الشرك، وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - فهلا كشفت عن قلبه؟» يعني أنه لم يكن لك إلا ظاهره، وفي «قول النبي - صلى الله عليه وسلم - في المتلاعنين إن جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا قد كذب عليها، وإن جاءت به أديعج جعدا فلا أراه إلا قد صدق فجاءت به على النعت المكروه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن أمره لبين لولا ما حكم الله» وفي قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ به فإني إنما أقطع له قطعة من النار» (قال الشافعي) : ففي كل هذا دلالة بينة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا لم يقض إلا بالظاهر فالحكام بعده أولى أن لا يقضوا إلا على الظاهر، ولا يعلم السرائر إلا الله عز وجل والظنون محرم على الناس، ومن حكم بالظن لم يكن ذلك له والله تعالى أعلم (قال الشافعي) : وإذا ارتد الرجل أو المرأة عن الإسلام فهرب، ولحق بدار الحرب أو غيرها، وله نساء وأمهات أولاد، ومكاتبون ومدبرون، ومماليك، وأموال ماشية، وأرضون وديون له عليه أمر القاضي نساءه أن يعتددن، وأنفق عليهن من ماله، وإن جاء تائبا، وهن في عدتهن فهو على النكاح، وإن لم يأت تائبا حتى تمضي عدتهن فقد انفسخن منه، وينكحن من شئن، ووقف أمهات الأولاد فمتى جاء تائبا فهن في ملكه، وينفق عليهن من ماله فإن مات أو قتل عتقن، وكان مكاتبوه على كتابتهم تؤخذ نجومهم فإن عجزوا رجعوا رقيقا، ونظر فيمن بقي من رقيقه فإن كان حبسهم أزيد في ماله حبسهم أو من كان منهم يزيد في ماله بخراج أو بصناعة أو كفاية لضيعة، وإن كان حبسهم ينقص من ماله أو حبس بعضهم باع من كان حبسه منهم ناقصا لماله وهكذا يصنع في ماشيته، وأرضه، ودوره، ورقيقه ويقتضي دينه، ويقضي عنه ما حل من دين عليه فإن رجع تائبا سلم إليه ما وقف من ماله وإن مات أو قتل على ردته كان ما بقي من ماله فيئا. (قال الشافعي) : وإن جنى في ردته جناية لها أرش أخذ من ماله، وإن جني عليه فالجناية هدر لأن دمه مباح فما دون دمه أولى أن يباح من دمه. (قال) : وإن أعتق في ردته أحدا من رقيقه فالعتق موقوف ويستغل العبد، ويوقف عليه فإن مات فهو رقيق، وغلته مع عنقه فيء، وإن رجع تائبا فهو حر، وله ما غل بعد العتق (قال) : وإن أقر في ردته بشيء من ماله فهو كما وصفت في العتق، وكذلك لو تصدق (قال) : وإن، وهب فلا تجوز الهبة لأنها لا تجوز إلا مقبوضة (قال الشافعي) : فإن قال قائل: ما الفرق بينه وبين المحجور عليه في ماله يعتق فيبطل عتقه ويتصدق فتبطل صدقته، ولا يلزمه ذلك إذا خرج من الولاية؟ الفرق بينهما أن الله تبارك وتعالى يقول {وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم} [النساء: 6] فكان قضاء الله عز وجل أن تحبس عنهم أموالهم حتى يبلغوا ويؤنس منهم رشد فكانت في ذلك دلالة على أن لا أمر لهم، وأنها محبوسة برحمة الله لصلاحهم في حياتهم، ولم يسلطوا على إتلافها فيما لا يلزمهم ولا يصلح معايشهم فبطل ما أتلفوا في هذا الوجه لأنه لا يلزمهم عتق ولا صدقة، ولم يحبس مال المرتد بنظر ماله ولا بأنه له وإن كان مشركا، ولو كان يجوز أن يترك على شركه لجاز أمره في ماله، لأنا لا نلي على المشركين أموالهم فأجزنا عليه ما صنع فيه إن رجع إلى الإسلام، وإن لم يرجع حتى يموت أو يقتل كان لنا بموته قبل أن يرجع ما في أيدينا من ماله فيئا، فإن قيل أو ليس ماله على حاله؟ قيل: بل ماله على شرط. [الخلاف في المرتد] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : قال بعض الناس إذا ارتدت المرأة عن الإسلام حبست ولم تقتل، فقلت لمن يقول هذا القول: أخبرا قلته أم قياسا؟ قال: بل خبرا عن ابن عباس، وكان من أحسن أهل العلم من أهل ناحيته قولا فيه قلت الذي قال هذا خطاء ومنهم من أبطله بأكثر (قال الشافعي) : وقلت: له قد حدث بعض محدثيكم عن أبي بكر الصديق أنه قتل نسوة ارتددن عن الإسلام فما كان لنا أن نحتج به إذ كان ضعيفا عند أهل العلم بالحديث (قال) : فإني أقوله قياسا على السنة (قلت) : فاذكره قال «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل النساء والولدان من أهل دار الحرب» فإذا كان النساء لا يقتلن في دار الحرب كان النساء اللاتي ثبت لهن حرمة الإسلام أولى أن لا يقتلن (قال الشافعي) : فقلت له أويشبه حكم دار الحرب الحكم في دار الإسلام (قال) : وما الفرق بينه؟ قلت أنت تفرق بينه (قال) : وأين؟ قلت: أرأيت الكبير الفاني، والراهب الأجير أيقتل من هؤلاء أحد في دار الحرب قال: لا (قلت) : فإن ارتد رجل فترهب أو ارتد أجيرا نقتله قال: نعم (قلت) : ولم؟ ، وهؤلاء قد ثبت لهم حرمة الإسلام، وصاروا كفارا فلم لا تحقن دماءهم؟ (قال) : لأن قتل هؤلاء كالحد ليس لي تعطيله (قلت) : أرأيت ما حكمت به حكم الحد أنسقطه عن المرأة؟ أرأيت القتل والقطع، والرجم، والجلد أتجد بين المرأة والرجل من المسلمين فيه فرقا؟ قال: لا (قلت) فكيف لم تقتلها بالحد في الردة (قال الشافعي) : وقلت له أرأيت المرأة من دار الحرب أتغنم مالها، وتسبيها، وتسترقها قال نعم (قلت) : فتصنع هذا بالمرتدة في دار الإسلام؟ قال: لا، قال فقلت له: فكيف جاز لك أن تقيس بالشيء ما لا يشبهه في الوجهين (قال الشافعي) : وقال بعض الناس، وإذا ارتد الرجل عن الإسلام فقتل أو مات على ردته أو لحق بدار الحرب قسمنا ميراثه بين ورثته من المسلمين، وقضينا كل دين عليه إلى أجل وأعتقنا أمهات أولاده، ومدبريه فإن رجع إلى الإسلام لم نرد من الحكم شيئا إلا أن نجد من ماله شيئا في يدي أحد من ورثته فيردون عليه لأنه ماله، ومن أتلف من ورثته شيئا مما قضينا له به ميراثا لم يضمنه (قال الشافعي) : فقلت لأعلى من قال هذا القول عندهم: أصول العلم عندك أربعة أصول أوجبها وأولاها أن يؤخذ به فلا يترك كتاب الله وسنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - فلا أعلمك إلا قد جردت خلافهما، ثم القياس، والمعقول عندك الذي يؤخذ به بعد هذين الإجماع فقد خالفت القياس والمعقول، وقلت في هذا قولا متناقضا (قال) : فأوجدني ما وصفت قلت له قال الله: تبارك وتعالى {إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد} [النساء: 176] مع ما ذكر من آي المواريث ألا ترى أن الله عز وجل إنما ملك الأحياء بالمواريث ما كان الموتى يملكون إذا كانوا أحياء؟ قال: بلى (قلت) : والأحياء خلاف الموتى؟ قال: نعم (قلت) : أفرأيت المرتد ببعض ثغورنا يلحق بمسلحة لأهل الحرب يراها فيكون قائما بقتالنا أو مترهبا أو معتزلا لا تعرف حياته فكيف حكمت عليه حكم الموتى وهو حي؟ بخبر قلته أم قياسا (قال) : ما قلته خبرا (قلت) : وكيف عبت أن حكم أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان في امرأة المفقود تربص أربع سنين ثم تعتد، ولم يحكما في ماله فقلت: سبحان الله يجوز أن يحكم عليه بشيء من حكم الموتى، وإن كان الأغلب أنه ميت لأنه قد يكون غير ميت، ولا يحكم عليه إلا بيقين، وحكمت أنت عليه في ساعة من نهار حكم الموتى في كل شيء برأيك ثم قلت فيه قولا متناقضا (قال) : فقال ألا تراني لو أخذته فقتلته (قلت) : وقد تأخذه فلا تقتله بأخذه مبرسما أو أخرس فلا تقتله حتى يفيق فتستتيبه قال نعم (قال) : وقلت له أرأيت لو كنت إذا أخذته قتلته أكان ذلك يوجب عليه حكم الموتى، وأنت لم تأخذه ولم تقتله، وقد تأخذه، ولا تقتله بأن يتوب بعدما تأخذه، وقبل تغير حاله بالخرس؟ (قال) : فإني أقول إذا ارتد، ولحق بدار الحرب فحكمه حكم ميت (قال) : فقلت له أفيجوز أن يقال ميت يحيا بغير خبر؟ فإن جاز هذا لك جاز لغيرك مثله ثم كان لأهل الجهل أن يتكلموا في الحلال والحرام (قال) : وما ذلك لهم (قلت) : ولم؟ (قال) : لأن على أهل العلم أن يقولوا من كتاب أو سنة أو أمر مجمع عليه أو أثر أو قياس أو معقول، ولا يقولون بما يعرف الناس غيره إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة أو إجماع أو أثر، ولا يجوز في القياس أن يخالف (قلت) : هذا سنة؟ قال: نعم (قلت) : فقد قلت بخلاف الكتاب، والقياس، والمعقول (قال) : فأين خالفت القياس؟ (قلت) : أرأيت حين زعمت أن عليك إذا ارتد، ولحق بدار الحرب أن تحكم عليه حكم الموتى، وأنك لا ترد الحكم إذا جاء لأنك إذا حكمت به لزمك إن جاءت سنة فتركته لم تحكم عليه في ماله عشر سنين حتى جاء تائبا ثم طلب منك من كنت تحكم في ماله حكم الموتى أن تسلم ذلك إليه، وقال قد لزمك أن تعطينا هذا بعد عشر سنين؟ قال: ولا أعطيهم ذلك، وهو أحق بماله (قلت) : له فإن قالوا إن كان هذا لزمك فلا يحل لك إلا أن تعطيناه، وإن كان لم يلزمك إلا بموته فقد أعطيتناه في حال لا يحل لك، ولا لنا ما أعطيتنا منه (قال الشافعي) : وقلت له أرأيت إذ زعمت أنك إذا حكمت عليه بحكم الموتى فهل يعدو الحكم فيه أن يكون نافذا لا يرد أو موقوفا عليه يرد إذا جاء (قال) : ما أقول بهذا التحديد (قلت) : أفتفرق بينه بخبر يلزم فنتبعه؟ (قال) : لا فقلت إذا كان خلاف القياس، والمعقول، وتقول بغير خبر أيجوز؟ قال: إنما فرق أصحابكم بغير خبر (قلت) أفرأيت ذلك ممن فعله منهم صوابا؟ قال: ل ا (قلت) : أو رأيت أيضا قولك إذا كان عليه دين إلى ثلاثين سنة فلحق بدار الحرب فقضيت صاحب الدين دينه، وهو مائة ألف دينار، وأعتقت أمهات أولاده، ومدبريه، وقسمت ميراثه بين بنيه فأصاب كل واحد منهما ألف دينار فأتلف أحدهما نصيبه، والآخر بعينه ثم جاء مسلما من يومه أو غده فقال: اردد علي ما لي فهو هذا، وهؤلاء أمهات أولادي، ومدبري بأعيانهم، وهذا صاحب ديني يقول لك: هذا ماله في يدي لم أغيره، وهذان ابناي مالي في يد أحدهما أو قد صادني الآخر فأتلف مالي (قال) : أقول له: قد مضى الحكم، ولا يرد غير أني أعطيك المال الذي في يد ابنك الذي لم يتلفه فقلت له فقال لك ولم تعطينيه دون مالي (قال) : لأنه مالك بعينه فقلت له: فمدبروه وأمهات أولاده، ودينه المؤجل ماله بعينه فأعطه إياه (قال) : لا أعطيه إياه لأن الحكم قد مضى به (قلت) : ومضى ما أعطيت ابنه قال نعم (قلت) : فحكمت حكما، واحدا فإن كان الحق إمضاءه فأمضه كله، وإن كان الحق رده فرده كله (قال) : أرد ما وجدته بعينه (قلت) : له فاردد إليه دينه المؤجل بعينه ومدبريه، وأمهات أولاده قال: أرد عين ما وجدت في يد وارثه (قلت) : له أفترى هذا جوابا؟ فما زاد على أن قال فأين السنة؟ (قال الشافعي) : فقلت له أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال «لا يرث المسلم الكافر» (قال الشافعي) : أخبرنا سفيان عن الزهري عن علي بن حسين عن عمرو بن عثمان عن أسامة بن زيد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله (قلت) أفيعدو المرتد أن يكون كافرا أو مسلما؟ قال بل كافر، وبذلك أقتله (قلت) : أفما تبين لك السنة أن المسلم لا يرث الكافر قال فإنا قد روينا عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أنه ورث مرتدا قتله وورثته من المسلمين. (قال) : فقلت أنا أسمعك وغيرك تزعمون أن ما روي عن علي من توريثه المرتد خطأ وأن الحفاظ لا يروونه في الحديث (قال) : فقد رواه ثقة، وإنما قلنا خطأ بالاستدلال، وذلك ظن (قال) : فقلت له: روى الثقفي، وهو ثقة عن جعفر بن محمد عن أبيه رحمهما الله تعالى عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضى باليمين مع الشاهد» فقلت فلم يذكر جابرا الحفاظ فهذا يدل على أنه غلط أفرأيت لو احتججنا عليك بمثل حجتك فقلنا: هذا ظن والثقفي ثقة، وأن صنع غيره أوشك قال فإذا لا تنصف (قلت) : وكذلك لم تنصف أنت حين أخبرتني أن الحفاظ رووا هذا الحديث عن علي - رضي الله تعالى عنه - ليس فيه توريث ماله، وقلت: هذا غلط ثم احتججت به، فقال لو كان ثابتا، قلت فأصل ما نذهب إليه نحن وأنت وأهل العلم أن ما ثبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثبت عن غيره خلافه ولو كثروا لم يكن فيه حجة؟ قال: أجل ولكني أقول: قد يحتمل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «لا يرث المسلم الكافر» الذي لم يسلم قط (قال الشافعي) : فقلت له: أفتقول هذا بدلالة في الحديث؟ قال: لا، ولكن عليا - رضي الله تعالى عنه - أعلم به فقلت أيروي علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الحديث فنقول لا يدع شيئا رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا وقد عرف معناه فيوجه على ما قلت؟ (قال) : ما علمته رواه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (قلت) : أفيمكن فيه أن لا يكون سمعه؟ قال: نعم (قال الشافعي) : فقلت له: أفترى لك في هذا حجة؟ قال: لا يشبه أن يكون يخفى مثل هذا عن علي - رضي الله تعالى عنه - فقلت: وقد وجدتك تخبر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قضى في بروع بنت واشق بمثل صداق نسائها، وكانت نكحت على غير صداق فقضى بخلافه، وقد سمعته وقال مثل قول علي ابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس فقلت: لا حجة لأحد ولا في قوله مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وقلت له: فإن قال لك قائل قد يمكن أن يكون إنما قال هذا زيد وابن عمر وابن عباس لأنهم علموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد علم أن زوج بروع فرض لها بعد عقدة النكاح فحفظ معقل أن عقدة النكاح بعد فريضة، وعلم هؤلاء أن الفريضة قد كانت بعد الدخول: قال. ليس في حديث معقل، وهؤلاء لم يرووه فيكونون قالوه برواية. وإنما قالوا عندنا بالرأي حتى يدعوا فيه رواية. (قال الشافعي) : فقلت لم لا يكون ما رويت عن علي في المرتد هكذا؟ (قال) : وقلت له معاذ بن جبل يورث المسلم من الكافر ومعاوية وابن المسيب ومحمد بن علي وغيرهم، ويقول بعضهم: نرثهم ولا يرثونا كما تحل لنا نساؤهم، ولا تحل لهم نساؤنا، أفرأيت إن قال لك قائل: فمعاذ بن جبل من أهل العلم من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد يحتمل حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - «لا يرث المسلم الكافر» من أهل الأوثان، لأن أكثر حكمه كان عليهم، وليس يحل نساؤهم، ولكن المسلم يرث الكافر من أهل الكتاب كما يحل له نكاح المرأة منهم، قال: ليس ذلك له والحديث يحتمل كثيرا مما حمل، وليس معاذ حجة، وإن قال قولا واحتمله الحديث لأنه لم يرو الحديث (قلت) : فنقول لك ومعاذ يجهل هذا، ويرويه أسامة بن زيد؟ قال: نعم. قد يجهل السنة المتقدم الصحبة ويعرفها قليل الصحبة (قال الشافعي) : فقلت له كيف لم تقل هذا في المرتد؟ (قال الشافعي) : فقطع الكلام: وقال، ولم قلت يكون مال المرتد فيئا؟ (قلت) : بأن الله تبارك وتعالى حرم دم المؤمن وماله إلا بواحدة ألزمه إياها، وأباح دم الكافر وماله إلا بأن يؤدي الجزية أو يستأمن إلى مدة، فكان الذي يباح به دم البالغ من المشركين هو الذي يباح به ماله، وكان المال تبعا للذي هو أعظم من المال، فلما خرج المرتد من الإسلام صار في معنى من أبيح دمه بالكفر لا بغيره وكان ماله تبعا لدمه، ويباح بالذي أبيح به من دمه، ولا يكون أن تنحل عنه عقدة الإسلام فيباح دمه ويمنع ماله (قال الشافعي) : فقال: فإن كنت شبهته بأهل دار الحرب فقد جمعت بينهم في شيء، وفرقته في آخر (قلت) : وما ذاك؟ قال: أنت لا تغنم ماله حتى يموت أو تقتله، وقد يغنم مال الحربي قبل أن يموت وتقتله (قال الشافعي) : فقلت له: الحكم في أهل دار الحرب حكمان: فأما من بلغته الدعوة فأغير عليه بغير دعوة آخذ ماله وإن لم أقتله، وأما من لم تبلغه الدعوة فلا أغير عليه حتى أدعوه، ولا أغنم من ماله شيئا حتى أدعوه فيمتنع فيحل دمه وماله، فلما كان القول في المرتد أن يدعى لم يغنم ماله حتى يدعى، فإذا امتنع قتل، وغنم ماله.
__________________
|
#46
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الجنائز الحلقة (46) صــــــــــ 301 الى صـــــــــــ305 [كتاب الجنائز] [باب ما جاء في غسل الميت] كتاب الجنائز باب ما جاء في غسل الميت أخبرنا الربيع بن سليمان قال أخبرنا الشافعي قال قال مالك بن أنس: ليس لغسل الميت حد ينتهي لا يجزئ دونه، ولا يجاوز، ولكن يغسل فينقى وأخبرنا مالك عن أيوب السختياني عن محمد بن سيرين عن أم عطية «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لهن في غسل بنته اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور» (قال الشافعي) : وعاب بعض الناس هذا القول على مالك، وقال: سبحان الله كيف لم يعرف أهل المدينة غسل الميت، والأحاديث فيه كثيرة؟ ثم ذكر أحاديث عن إبراهيم، وابن سيرين فرأى مالك معانيها على إنقاء الميت لأن روايتهم جاءت عن رجال غير واحد في عدد الغسل، وما يغسل به، فقال: غسل فلان فلانا بكذا وكذا: وقال: غسل فلان بكذا وكذا ثم ورأينا، والله أعلم ذلك على قدر ما يحضرهم مما يغسل به الميت وعلى قدر إنقائه لاختلاف الموتى في ذلك اختلاف الحالات، وما يمكن الغاسلين ويتعذر عليهم فقال مالك قولا مجملا " يغسل فينقى " وكذلك روي الوضوء مرة واثنتين وثلاثا وروي الغسل مجملا.وذلك كله يرجع إلى الإنقاء وإذا أنقي الميت بماء قراح أو ماء عد أجزأه ذلك من غسله كما ننزل ونقول معهم في الحي، وقد روي فيه صفة غسله (قال الشافعي) : ولكن أحب إلي أن يغسل ثلاثا بماء عد لا يقصر عن ثلاث لما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اغسلنها ثلاثا» ، وإن لم ينقه ثلاثا أو خمسا؟ قلنا يزيدون حتى ينقوها، وإن أنقوا في أقل من ثلاث أجزأه، ولا نرى أن قول النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما هو على معنى الإنقاء إذ قال وترا ثلاثا أو خمسا ولم يوقت أخبرنا بعض أصحابنا عن ابن جريج عن أبي جعفر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل ثلاثا» ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا الثقة عن عطاء قال: يجزئ في غسل الميت مرة فقال عمر بن عبد العزيز ليس فيه شيء مؤقت، وكذلك بلغنا عن ثعلبة بن أبي مالك (قال الشافعي) : والذي أحب من غسل الميت أن يوضع على سرير الموتى، ويغسل في قميص أخبرنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غسل في قميص» (قال) : فإن لم يغسل في قميص ألقيت على عورته خرقة لطيفة تواريها، ويستر بثوب، ويدخل بيتا لا يراه إلا من يلي غسله ويعين عليه، ثم يصب رجل الماء إذا وضع الذي يلي غسله على يده خرقة لطيفة فيشدها ثم يبتدئ بسفلته ينقيها كما يستنجي الحي ثم ينظف يده ثم يدخل التي يلي بها سفله فإن كان يغسله واحد أبدل الخرقة التي يلي بها سفلته، وأخذ خرقة أخرى نقية فشدها على يده ثم صب الماء عليها، وعلى الميت ثم أدخلها في فيه بين شفتيه، ولا يفغر فاه فيمرها على أسنانه بالماء، ويدخل أطراف أصابعه في منخريه بشيء من ماء فينقي شيئا إن كان هنالك ثم يوضئه وضوءه للصلاة ثم يغسل رأسه ولحيته بالسدر فإن كان ملبدا فلا بأس أن يسرح بأسنان مشط مفرجة، ولا ينتف شعره ثم يغسل شقه الأيمن ما دون رأسه إلى أن يغسل قدمه اليمنى، ويحركه حتى يغسل ظهره كما يغسل بطنه ثم يتحول إلى شقه الأيسر فيصنع به مثل ذلك، ويقلبه على أحد شقيه إلى الآخر كل غسله حتى لا يبقى منه موضع إلا أتى عليه بالماء والسدر ثم يصنع به ذلك ثلاثا أو خمسا ثم يمر عليه الماء القراح قد ألقي فيه الكافور، وكذلك في كل غسله حتى ينقيه ويمسح بطنه مسحا رقيقا، والماء يصب عليه ليكون أخفى لشيء إن خرج منه. (قال) : وغسل المرأة شبيه بما وصفت من غسل الرجل (قال الشافعي) : وقال بعض الناس يغسل الأول بماء قراح، ولا يعرف زعم الكافور في الماء، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا مالك عن أيوب بن أبي تميمة عن محمد بن سيرين عن أم عطية الأنصارية قالت: «دخل علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين توفيت ابنته فقال اغسلنها ثلاثا أو خمسا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافورا أو شيئا من كافور» (قال الشافعي) : وإن كانت امرأة ضفروا شعر رأسها كله ناصيتها وقرنيها ثلاث قرون ثم ألقيت خلفها (قال الشافعي) : وأنكر هذا علينا بعض الناس فقال يسدل شعرها من بين ثدييها، وإنما نتبع في هذه الآثار، ولو قال قائل: تمشط برأيه ما كان إلا كقول هذا المنكر علينا، أخبرنا الثقة من أصحابنا عن هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية - رضي الله عنها - قالت ضفرنا شعر بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصيتها وقرنيها ثلاثة قرون فألقيناها خلفها (قال الشافعي) : ونأمر بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن غسلت، وكفنت ابنته، وبحديثها يحتج الذي عاب على مالك قوله ليس في غسل الميت شيء يوقت ثم يخالفه في غير هذا الموضع. (قال) : وخالفنا في ذلك فقال لا يسرح رأس الميت، ولا لحيته، وإنما يكره من تسريحه أن ينتف شعره فأما التسريح الرفيق فهو أخف من الغسل بالسدر، وهو تنظيف وتمشية له (قال) : ويتبع ما بين أظفاره بعود لين يخلل ما تحت أظفار الميت من وسخ وفي ظاهر أذنيه وسماخه (قال) : والمهنى يحلقون فإن كان بأحد منهم وسخ متلبد رأيت أن يغسل بالأشنان، ويتابع دلكه لينقى الوسخ (قال الشافعي) : ومن أصحابنا من قال: لا أرى أن يحلق بعد الموت شعر، ولا يجز له ظفر ومنهم من لم ير بذلك بأسا، وإذا حنط الميت وضع الكافور على مساجده والحنوط في رأسه ولحيته (قال) : وإن وضع فيهما وفي سائر جسده كافور فلا بأس إن شاء الله (قال) : ويوضع الحنوط، والكافور على الكرسف ثم يوضع على منخريه وفيه وأذنيه ودبره، وإن كان له جراح نافذة وضع عليها (قال) : فإن كان يخاف من ميتته أو ميته أن يأتي عند التحريك إذا حملا شيئا لعلة من العلل استحببت أن يشد على سفليهما معا بقدر ما يراه يمسك شيئا إن أتى من ثوب صفيق فإن خف فلبد صفيق (قال) : ويجب أن يكون في البيت الذي فيه الميت تبخير لا ينقطع حتى يفرغ من غسله ليواري ريحا إن كانت متغيرة، ولا يتبع بنار إلى القبر. (قال) : وأحب إلي إن رأى من المسلم شيئا أن لا حدث به فإن المسلم حقيق أن يستر ما يكره من المسلم، وأحب إلي أن لا يغسل الميت إلا أمين على غسله (قال) : وأولى الناس بغسله أولاهم بالصلاة عليه وإن ولي ذلك غيره فلا بأس، وأحب أن يغض الذي يصب على الميت بصره عن الميت فإن عجز عن غسله واحد أعانه عليه غيره (قال) : ثم إذا فرغ من غسل الميت جفف في ثوب حتى يذهب ما عليه من الرطوبة ثم أدرج في أكفانه (قال) : وأحب لمن غسل الميت أن يغتسل، وليس بالواجب عندي، والله أعلم، وقد جاءت أحاديث في ترك الغسل منها «لا تنجسوا موتاكم» ، ولا بأس أن يغسل المسلم إذا قرابته من المشركين، ويتبع جنائزه، ويدفنه ولكن لا يصلي عليه، وذلك «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عليا - رضي الله عنه - بغسل أبي طالب» ولا بأس أن يعزى المسلم إذا مات قال الربيع: إذا مات أبوه كافرا. [باب في كم يكفن الميت] أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي - رحمه الله تعالى -، ويكفن الميت في ثلاثة أثواب بيض، وكذلك بلغنا «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن، ولا أحب أن يقمص، ولا يعمم» أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كفن في ثلاثة أثواب بيض سحولية ليس فيها قميص، ولا عمامة» (قال الشافعي) : وما كفن فيه الميت أجزأه إن شاء الله، وإنما قلنا هذا «لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كفن يوم أحد بعض القتلى بنمرة» واحدة فدل ذلك على أن ليس فيه لا ينبغي أن نقصر عنه، وعلى أنه يجزئ ما وارى العورة. (قال) : فإن قمص أو عمم فلا بأس إن شاء الله ولا أحب أن يجاوز بالميت خمسة أثواب فيكون سرفا (قال) : وإذا كفن ميت في ثلاثة أثواب أجمرت بالعود حتى يعبق بها المجمر ثم يبسط أحسنها وأوسعها أولها، ويدر عليه شيء من الحنوط ثم بسط عليه الذي يليه في السعة ثم ذر عليه من حنوط ثم بسط عليه الذي يليه ثم ذر عليه شيء من حنوط ثم وضع الميت عليه مستلقيا، وحنط كما وصفت لك ووضع عليه القطن كما وصفته لك ثم يثني عليه صنفة الثوب الذي يليه على شقه الأيمن ثم يثني عليه صنفته الأخرى على شقه الأيسر كما يشتمل الإنسان بالساج (يعني الطيلسان) حتى توازيها صنفة الثوب التي ثنيت أولا بقدر سعة الثوب ثم يصنع بالأثواب الثلاثة كذلك (قال) : ويترك فضل من الثياب عند رأسه أكثر من عند رجليه ما يغطيهما ثم يعطف فضل الثياب من عند الرأس والرجلين فإن خشي أن تنحل عقدت الثياب، فإذا وضع في اللحد حلت عقده كلها (قال) : وإن كفن في قميص جعل القميص دون الثياب والثياب فوقه، وإن عمم جعلت العمامة دون الثياب، والثياب فوقها، وليس في ذلك ضيق إن شاء الله تعالى (قال) : وإن لم يكن إلا ثوب واحد أجزأ، وإن ضاق وقصر غطي به الرأس والعورة، ووضع على الرجلين شيء، وكذلك فعل يوم أحد ببعض أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ( قال الشافعي) : فإن ضاق عن الرأس، والعورة غطيت به العورة. (قال) : وإن مات ميت في سفينة في البحر صنع به هكذا فإن قدروا على دفنه، وإلا أحببت أن يجعلوه بين لوحين، ويربطوهما بحبل ليحملاه إلى أن ينبذه البحر بالساحل فلعل المسلمين أن يجدوه فيواروه، وهي أحب إلي من طرحه للحيتان يأكلوه، فإن لم يفعلوا وألقوه في البحر رجوت أن يسعهم (قال) : والمرأة يصنع بها في الغسل والحنوط ما وصفت، وتخالف الرجل في الكفن إذا كان موجودا فتلبس الدرع، وتؤزر وتعمم، وتلف، ويشد ثوب على صدرها بجميع ثيابها (قال) : وأحب إلي أن يجعل الإزار دون الدرع لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - في ابنته بذلك، والسقط يغسل، ويكفن، ويصلى عليه إن استهل، وإن لم يستهل غسل، وكفن، ودفن (قال) : والخرقة التي توازي لفافة تكفيه (قال) : ، والشهداء الذين عاشوا وأكلوا الطعام مثل الموتى في الكفن، والغسل، والصلاة، والذين قتلوا في المعركة يكفنون بثيابهم التي قتلوا فيها إن شاء أولياؤهم والوالي لهم وتنزع عنهم خفاف كانت وفراء، وإن شاء نزع جميع ثيابهم وكفنهم في غيرها، فإن قال قائل فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - «زملوهم بكلومهم ودمائهم» فالكلوم والدماء غير الثياب ولو كفن بعضهم في الثياب لم يكن هذا مضيفا وإن كفن بعض في غير الثياب التي قتل فيها وقد «كفن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعض شهداء أحد بنمرة كان إذا غطى بها رأسه بدت رجلاه فجعل على رجليه شيئا من شجر» ، وقد كان في الحرب لا يشك أن قد كانت عليه ثياب. (قال الشافعي) : وكفن الميت، وحنوطه، ومؤنته حتى يدفن من رأس ماله ليس لغرمائه ولا لوارثه منع ذلك فإن تشاحوا فيه فثلاثة أثواب إن كان وسطا لا موسرا ولا مقلا، ومن الحنوط بالمعروف لا سرفا ولا تقصيرا، ولو لم يكن حنوط ولا كافور في شيء من ذلك رجوت أن يجزئ. [باب ما يفعل بالشهيد] ، وليس في التراجم. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا قتل المشركون المسلمين في المعترك لم تغسل القتلى، ولم يصل عليهم ودفنوا بكلومهم ودمائهم، وكفنهم أهلوهم فيما شاءوا كما يكفن غيرهم إن شاءوا في ثيابهم التي تشبه الأكفان وتلك القمص والأزر والأردية، والعمائم لا غيرها، وإن شاءوا سلبوها وكفنوهم في غيرها كما يصنع بالموتى من غيرهم، وتنزع عنهم ثيابهم التي ماتوا فيها ألا ترى أن بعض شهداء أحد كفن في نمرة، وقد كان لا يشك إن شاء الله تعالى عليهم السلاح، والثياب، وقال بعض الناس: يكفنون في الثياب التي قتلوا فيها إلا فراء أو حشوا أو لبدا (قال) : ولم يبلغنا أن أحدا كفن في جلد ولا فرو ولا حشو، وإن كان الحشو ثوبا كله فلو كفن به لم أر به بأسا لأنه من لبوس عامة الناس فأما الجلد فليس يعلم من لباس الناس، وقال بعض الناس: يصلى عليهم ولا يغسلون، واحتج بأن الشعبي روى أن حمزة صلي عليه سبعين صلاة، وكان يؤتى بتسعة من القتلى حمزة عاشرهم ويصلى عليهم ثم يرفعون وحمزة مكانه ثم يؤتى بآخرين فيصلى عليهم وحمزة مكانه حتى صلي عليه سبعين صلاة. (قال) : وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا فإذا كان قد صلي عليهم عشرة عشرة في قول الشعبي فالصلاة لا تكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان فنجعله على أكثرها على أنه صلي على اثنين صلاة، وعلى حمزة صلاة فهذه تسع صلوات فمن أين جاءت سبعون صلاة؟ وإن كان عنى سبعين تكبيرة فنحن وهم نزعم أن التكبير على الجنائز أربع فهي إذا كانت تسع صلوات ست وثلاثون تكبيرة فمن أين جاءت أربع وثلاثون؟ فينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحيي على نفسه، وقد كان ينبغي له أن يعارض بهذه الأحاديث كلها عينان فقد جاءت من وجوه متواترة بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصل عليهم، وقال «زملوهم بكلومهم» ، ولو قال قائل: يغسلون ولا يصلى عليهم ما كانت الحجة عليه إلا أن يقال له تركت بعض الحديث، وأخذت ببعض (قال) : ولعل ترك الغسل، والصلاة على من قتله جماعة المشركين إرادة أن يلقوا الله عز وجل بكلومهم لما جاء فيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أن ريح الكلم ريح المسك، واللون لون الدم» ، واستغنوا بكرامة الله عز وجل لهم عن الصلاة لهم مع التخفيف على من بقي من المسلمين لما يكون فيمن قاتل بالزحف من المشركين من الجراح، وخوف عودة العدو، ورجاء طلبهم، وهمهم بأهليهم، وهم أهلهم بهم. (قال) : وكان مما يدل على هذا أن رؤساء المسلمين غسلوا عمر، وصلوا عليه، وهو شهيد، ولكنه إنما صار إلى الشهادة في غير حرب، وغسلوا المبطون، والحريق، والغريق، وصاحب الهدم، وكلهم شهداء، وذلك أنه ليس فيمن معهم من الأحياء معنى أهل الحرب فأما من قتل في المعركة، وكذلك عندي لو عاش مدة ينقطع فيها الحرب، ويكون الأمان، وإن لم يطعم، أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب غسل وكفن، وصلي عليه (قال الشافعي) : وإن قتل صغير في معركة أو امرأة صنع بهما ما يصنع بالشهداء، ولم يغسلا، ولم يصل عليهما، ومن قتل في المعترك بسلاح أو غيره أو وطء دابة أو غير ذلك مما يكون به الحتف فحاله حال من قتل بالسلاح، وخالفنا في الصبي بعض الناس فقال: ليس كالشهيد، وقال قولنا بعض الصحابة، وقال الصغير شهيد، ولا ذنب له فهو أفضل من الكبير أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي قال أخبرنا بعض أصحابنا عن ليث بن سعد عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قتلى أحد، ولم يغسلهم» ، أخبرنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن الزهري عن أنس بن مالك «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصل على قتلى أحد، ولم يغسلهم» أخبرنا سفيان عن الزهري، وثبته معمر عن ابن أبي الصغير «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أشرف على قتلى أحد فقال شهدت على هؤلاء فزملوهم بدمائهم، وكلومهم»
__________________
|
#47
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#48
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#49
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
__________________
|
#50
|
||||
|
||||
رد: كتاب الأم للإمام الشافعي - الفقه الكامل ---متجدد إن شاء الله
كتاب الأم للشافعي - الفقه الكامل محمد ابن إدريس بن العباس الشافعي المجلد الأول -كتاب الجنائز الحلقة (50) صــــــــــ 321 الى صـــــــــــ325 [ما يبدأ به في غسل الميت] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : يلقى الميت على ظهره ثم يبدأ غاسله فيوضئه وضوءه للصلاة ويجلسه إجلاسا رفيقا ويمر يده على بطنه إمرارا رفيقا بليغا ليخرج شيئا إن كان فيه ثم فإن خرج شيء ألقاه، وألقى الخرقة عن يده، ووضأه ثم غسل رأسه ولحيته بالسدر حتى ينقيهما ويسرحهما تسريحا رفيقا ثم يغسله من صفحة عنقه اليمنى صبا إلى قدمه اليمنى، وغسل في ذلك شق صدره، وجنبه، وفخذه، وساقه الأيمن كله يحركه له محرك ليتغلغل الماء ما بين فخذيه، ويمر يده فيما بينهما، وليأخذ الماء فيغسل يامنة ظهره ثم يعود على شقه الأيسر فيصنع به ذلك ثم يحرف على جنبه الأيسر فيغسل ناتئة ظهره، وقفاه وفخذه، وساقه إلى قدمه، وهو يراه ممكنا ثم يحرف على جنبه الأيمن حتى يصنع بياسرة قفاه، وظهره، وجميع بدنه، وأليتيه، وفخذيه وساقه، وقدمه مثل ذلك، وأي شق حرفه إليه لم يحرفه حتى يغسل ما تحته، وما يليه ليحرفه على موضع نقي نظيف، ويصنع هذا في كل غسلة حتى يأتي على جميع غسله، وإن كان على بدنه، وسخ نحي إلى إمكان غسله بأشنان ثم ماء قراح، وإن غسله بسدر أو أشنان أو غيره لم نحسب شيئا خالطه من هذا شيء يعلو فيه غسلا، ولكن إذا صب عليه الماء حتى يذهب هذا أمر عليه بعده الماء القراح بما وصفت، وكان غسله بالماء، وكان هذا تنظيفا لا يعد غسل طهارة، والماء ليس فيه كافور كالماء فيه شيء من الكافور، ولا يغير الماء عن سجية خلقته، ولا يعلو فيه منه إلا ريحه، والماء بحاله فكثرة الكافور في الماء لا تضر، ولا تمنعه أن يكون طهارة يتوضأ به الحي، ولا يتوضأ الحي بسدر مضروب بماء لأن السدر لا يطهر، ويتعهد بمسح بطن الميت في كل غسلة، ويقعد عند آخر كل غسلة فإذا فرغ من آخر غسلة غسلها تعهدت يداه، ورجلاه، وردتا لئلا تجسوا ثم مدتا فألصقتا بجنبه، وصف بين قدميه وألصق أحد كعبيه بالآخر، وضم إحدى فخذيه إلى الأخرى فإن خرج من الميت بعد الفراغ من غسله شيء أنقي، واعتدت غسلة واحدة ثم يستخف في ثوب فإذا جف صير في أكفانه. [عدد كفن الميت] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : أحب عدد كفن الميت إلى ثلاثة أثواب بيض ريطات، ليس فيها قميص ولا عمامة فمن كفن فيها بدئ بالتي يريدون أن تكون أعلاها فبسطت أولا ثم بسطت الأخرى فوقها ثم الثالثة فوقهما ثم حمل الميت فوضع فوق العليا ثم أخذ القطن منزوع الحب فجعل فيه الحنوط والكافور، وألقي على الميت ما يستره ثم أدخل بين أليتيه إدخالا بليغا وأكثر ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل فإن خيف أن يأتي شيء لعلة كانت به أو حدثت يرد بها أدخلوا بينه وبين كفنه لبدا ثم شدوه عليه كما يشد التبان الواسع فيمنع شيئا إن جاء منه من أن يظهر أو ثوبا صفيقا أقرب الثياب شبها باللبد، وأمنعها لما يأتي منه إن شاء الله تعالى، وشدوه عليه خياطة، وإن لم يخافوا ذلك فلفوا مكان ذلك ثوبا لا يضرهم، وإن تركوه رجوت أن يجزئهم والاحتياط بعمله أحب إلي ثم يؤخذ الكرسف فيوضع عليه الكافور فيوضع على فيه ومنخريه وعينيه، وموضع سجوده فإن كانت به جراح نافد وضع عليها، ويحنط رأسه، ولحيته، ولو ذر الكافور على جميع جسده وثوبه الذي يدرج فيه أحببت ذلك، ويوضع الميت من الكفن الموضع الذي يبقى من عند رجليه منه أقل ما بقي من عند رأسه ثم تؤخذ صنفة الثوب اليمنى فترد على شق الرجل الأيسر ثم تؤخذ صنفته اليسرى فترد على شق الرجل الأيمن حتى يغطي بها صنفته الأولى ثم يصنع بالثوب الذي يليه مثل ذلك ثم بالثوب الأعلى مثل ذلك، وأحب أن يذر بين أضعافها حنوط والكافور ثم يجمع ما عند رأسه من الثياب جمع العمامة ثم يرد على وجهه حتى يؤتى به صدره، وما عند رجليه كذلك حتى يؤتى به على ظهر رجليه إلى حيث بلغ، فإن خافوا انتشار الثياب من الطرفين عقدوها كي لا تنتشر فإن أدخلوه القبر لم يدعوا عليه عقدة إلا حلوها، ولا خياطة إلا فتقوها، وأضجعوه على جنبه الأيمن، ورفعوا رأسه بلبنة، وأسندوه لئلا يستلقي على ظهره، وأدنوه في اللحد من مقدمه كي لا ينقلب على، وجهه فإن كان ببلد شديد التراب أحببت أن يلحد له، وينصب اللبن على قبره ثم تسد فرج اللبن ثم يهال التراب عليه، وإن كان ببلد رقيق ضرح له والضرح أن تشق الأرض ثم تبنى ثم يوضع فيه الميت كما وصفت ثم سقف بألواح ثم سدت فرج الألواح ثم ألقي على الألواح والفرج إذخر وشجر ما كان، فيمسك التراب أن ينتخل على الميت فوضع مكتلا مكتلا لئلا يتزايل الشجر عن مواضعه ثم أهيل عليه التراب، والإهالة عليه أن يطرح من على شفير القبر التراب بيديه جميعا عليه، ويهال بالمساحي، ولا نحب أن يزداد في القبر أكثر من ترابه ليس لأنه يحرم ذلك، ولكن لئلا يرتفع جدا، ويشخص القبر عن وجه الأرض نحو من شبر، ويسطح، ويوضع عليه حصباء وتسد أرجاؤه بلبن أو بناء، ويرش على القبر ويوضع عند رأسه صخرة أو علامة ما كانت فإذا فرغ من القبر فذلك أكمل ما يكون من اتباع الجنازة فلينصرف من شاء، والمرأة في غسلها وتعاهد ما يخرج منها مثل الرجل، وينبغي أن يتفقد منها أكثر ما يتفقد من الرجل، وإن كان بها بطن أو كانت نفساء أو بها علة احتيط فخيط عليها لبد ليمنع ما يأتي منها إن جاء، والمشي بالجنازة الإسراع، وهو فوق سجية المشي فإن كانت بالميت علة يخاف لها أن تجيء منه شيئا أحببت أن يرفق بالمشي وأن يدارى لئلا يأتي منه أذى، وإذا غسلت المرأة، ضفر شعرها ثلاثة قرون فألقين خلفها، وأحب لو قرئ عند القبر، ودعي للميت وليس في ذلك دعاء مؤقت، وأحب تعزية أهل الميت، وجاء الأثر في تعزيتهم، وأن يخص بالتعزية كبارهم، وصغارهم العاجزون عن احتمال المصيبة، وأن يجعل لهم أهل رحمهم وجيرانهم طعاما لشغلهم بمصيبتهم عن صنعة الطعام.العلل في الميت. (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : وإذا كان الميت مصعوقا أو ميتا غما أو محمولا عليه عذاب أو حريقا أو غريقا أو به علة قد توارت بمثل الموت استؤني بدفنه، وتعوهد حتى يستيقن موته لا وقت غير ذلك، ولو كان يوما أو يومين أو ثلاثة ما لم يبن به الموت أو يخاف أثره ثم غسل ودفن، وإذا استيقن موته عجل غسله ودفنه، وللموت علامات منها امتداد جلدة الولد مستقبله " قال الربيع " يعني خصاه فإنها تفاض عند الموت، وافتراج زندي يديه، واسترخاء القدمين حتى لا ينتصبان، وميلان الأنف، وعلامات سوى هذه، فإذا رئيت دلت على الموت. [من يدخل قبر الرجل] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : لا يضر الرجل من دخل قبره من الرجال ولا يدخل النساء قبر رجل، ولا امرأة إلا أن لا يوجد غيرهن، وأحب أن يكونوا وترا في القبر ثلاثة أو خمسة أو سبعة، ولا يضرهم أن يكونوا شفعا، ويدخله من يطيقه، وأحبهم أن يدخل قبره أفقههم ثم أقربهم به رحما ثم يدخل قبر المرأة من العدد مثل من يدخل قبر الرجل، ولا تدخله امرأة إلا أن لا يوجد غيرها، ولا بأس أن يليها النساء لتخليص شيء إن كن يلينه، وحل عقد عنها، وإن وليها الرجال في ذلك كله فلا بأس إن شاء الله تعالى ولا أحب أن يليها إلا زوج أو ذو محرم إلا أن يوجد، وإن لم يوجدوا أحببت أن يليها رقيق إن كانوا لها فإن لم يكونوا فخصيان فإن لم يكن لها رقيق فذو محرم أو ولاء فإن لم يكونوا فمن وليها من المسلمين، ولا بأس إن شاء الله تعالى وتغسل المرأة زوجها، والرجل امرأته إن شاء وتغسلها ذات محرم منها أحب إلي فإن لم تكن فامرأة من المسلمين، ويدخل المرأة قبرها إذا لم يكن معها من قرابتها أحد الصالحين الذين لو احتاجت إليهم في حياتها لجاز لهم أن ينظروا إليها ويشهدوا عليها [باب التكبير على الجنائز] (قال الشافعي - رحمه الله تعالى -) : ويكبر على الجنائز أربعا، ويرفع يديه مع كل تكبيرة، ويسلم عن يمينه وشماله عند الفراغ، ويقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى ثم يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - ويدعو لجملة المؤمنين والمؤمنات ثم يخلص الدعاء للميت ومما يستحب في الدعاء أن يقول " اللهم عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه أحبائه فيها إلى ظلمة القبر، وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك، وأنت أعلم به اللهم نزل بك، وأنت خير منزول به وأصبح فقيرا إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابه، وقد جئناك راغبين إليك شفعاء له اللهم فإن كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، وبلغه برحمتك رضاك، وقه فتنة القبر وعذابه، وافسح له في قبره، وجاف الأرض عن جنبيه، ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين "، وإذا أدخل قبره أن يقال " اللهم أسلمه إليك الأهل والإخوان ورجع عنه كل من صحبه، وصحبه عمله، اللهم فزد في حسنته واشكره واحطط سيئته، واغفر له واجمع له برحمتك الأمن من عذابك، واكفه كل هول دون الجنة اللهم واخلفه في تركته في الغابرين، وارفعه في عليين، وعد عليه بفضل رحمتك يا أرحم الراحمين " [باب الحكم فيمن دخل في صلاة أو صوم هل له قطع ما دخل فيه] قبل تمامه؟ وليس في التراجم أخبرنا الربيع قال (قال الشافعي) : من دخل في صوم واجب عليه من شهر رمضان أو قضاء أو صوم نذر أو كفارة من وجه من الوجوه أو صلى مكتوبة في وقتها أو قضاها أو صلاة نذرها أو صلاة طواف، لم يكن له أن يخرج من صوم، ولا صلاة ما كان مطيقا للصوم والصلاة على طهارة في الصلاة، وإن خرج من واحد منهما بلا عذر مما وصفت أو ما أشبهه عامدا، كان مفسدا آثما عندنا، والله تعالى أعلم، وكان عليه إذا خرج منه الإعادة لما خرج منه بكماله فإن خرج منه بعذر من سهو أو انتقاض وضوء أو غير ذلك من العذر كان عليه أن يعود فيقضي ما ترك من الصوم والصلاة بكماله لا يحل له غيره طال تركه له أو قصر، وأصل هذا إذا لم يكن للمرء ترك صلاة، ولا صوم قبل أن يدخل فيه، وكان عليه أن يعود فيقضي ما ترك بكماله فخرج منه قبل إكماله عاد، ودخل فيه فأكمله لأنه إذا لم يكمله بعد دخوله فيه فهو بحالة لأنه قد وجب عليه فلم يأت به كما وجب عليه، وإنما تكمل صلاة المصلي الصلاة الواجبة، وصوم الصائم الواجب عليه إذا قدم فيه مع دخوله في الصلاة نية يدخل بها في الصلاة فلو كبر لا ينوي واجبا من الصلاة أو دخل في الصوم لا ينوي، واجبا لم تجزه صلاته ولا صيامه من الواجب عليه منهما، وما قلت في هذا داخل في دلالة سنة أو أثر لا أعلم أهل العلم اختلفوا فيه (قال الشافعي) : ومن تطوع بصلاة أو طواف أو صيام أحببت له أن لا يخرج من شيء منه حتى يأتي به كاملا إلا من أمر يعذر به كما يعذر في خروجه من الواجب عليه بالسهو أو العجز عن طاقته أو انتقاض وضوء في الصلاة أو ما أشبهه، فإن خرج بعذر أو غير عذر فلو عاد له فكمله كان أحب إلي، وليس بواجب عندي أن يعود له، والله تعالى أعلم فإن قال قائل: ولم لا يعود لما دخل فيه من التطوع من صوم وصلاة وطواف إذا خرج منه كما يعود لما وجب عليه؟ قيل له إن شاء الله تعالى لاختلاف الواجب من ذلك والنافلة، فإن قال قائل: فأين الخلاف بينهما؟ قيل له إن شاء الله تعالى: لا اختلاف مختلفان قبل الدخول فيهما، وبعده فإن قال قائل: ما وجد في اختلافهما؟ قيل له: أرأيت الواجب عليه أكان له تركه قبل أن يدخل فيه؟ فإن قال: لا قيل: أفرأيت النافلة، أكان له تركها قبل أن يدخل فيها؟ فإن قال: نعم، قيل: أفتراهما متباينتين قبل الدخول؟ فإن قال: نعم، قيل: أفرأيت الواجب عليه من صوم وصلاة لا يجزئه أن يدخل فيه لا ينوي الصلاة التي وجبت بعينها والصوم الذي وجب عليه بعينه؟ فإن قال: لا ولو فعل لم يجزه من واحد منهما قيل له: أفيجوز له أن يدخل في صلاة نافلة، وصوم لا ينوي نافلة بعينها، ولا فرضا أفتكون نافلة؟ فإن قال: نعم قيل له: وهل يجوز له وهو مطيق على القيام في الصلاة أن يصلي قاعدا أو مضطجعا، وفي السفر راكبا أين توجهت به دابته يومئ إيماء؟ فإن قال: نعم قيل له: وهل يجوز له هذا في المكتوبة؟ فإن قال: لا، قيل: أفتراهما مفترقتين بين الافتراق قبل الدخول فيهما، ومع الدخول، وبعد الدخول عندنا وعندك استدلالا بالسنة، وما لم أعلم من أهل العلم مخالفا فيه.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |