|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ذكر صلاة نبي الله موسى عليه السلام، وذكر الاختلاف على سليمان التيمي فيه شرح حديث: (أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ذكر صلاة نبي الله موسى عليه السلام، وذكر الاختلاف على سليمان التيمي فيه. أخبرنا محمد بن علي بن حرب حدثنا معاذ بن خالد أخبرنا حماد بن سلمة عن سليمان التيمي عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره)]. ثم أورد النسائي، صلاة نبي الله موسى صلى الله عليه وسلم، المقصود بالصلاة، بعد الموت، وهي: صلاته في قبره، وليس الصلاة في الدنيا، صلاة داود واضح يعني صلاته في الدنيا، (كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، ينام نصف الليل، ثم يقوم ثلثه، ثم ينام سدسه)، وأما الأحاديث الذي وردت في موسى، فإنما تتعلق بصلاته في قبره، يعني: وكلها عندما أسري برسول الله عليه الصلاة والسلام، جاء من طرق عديدة أنه رآه يصلي في قبره، وفي بعضها أنه رآه قائماً يصلي، لكن أكثره أنه كان يصلي في قبره، وهذه الصلاة هي: صلاة غير الصلاة التي في الدنيا، وإنما هي في القبر، وفي البرزخ، وهذا الحديث أو الأحاديث مكانها هي تتعلق بأحوال القبر، وبأحوال البرزخ، وبحياة الأنبياء وما إلى ذلك، لكنه أتى به هنا بصلاة الليل، أو تحت قيام الليل، لعل ذلك؛ لأنه كان ذلك في ليلة الإسراء؛ لأنه كان مروره به في الليل، وكان في ليلة الإسراء، وكان يصلي في قبره في ذلك الوقت الذي هو: وقت الليل، فلعل هذا هو السبب الذي جعل النسائي يورد الحديث في قيام الليل، وإلا فإنه ألصق بأحوال البرزخ وفيما يتعلق بالإيمان وأحوال القبر، هذا هو الذي يناسبه. وقوله: [(أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره)]، وفيه دليل على أن الأنبياء أحياء في قبورهم، وأن موسى كان يصلي عندما رآه النبي عليه الصلاة والسلام في تلك الليلة، ومعلوم أنه رآه أيضاً في السماء السادسة، وهو الذي أشار عليه بأن يرجع إلى الله، ويطلب منه التخفيف، من الخمسين الصلاة التي فرضت حتى رجعت إلى خمس، ثم رآه في قبره، ويحتمل أن يكون ذلك قبل، وأن يكون بعد، الله تعالى أعلم، وذلك قبل الذهاب إلى السماء، ثم وجد موسى أمامه، ويمكن أن يكون بعد ذلك، ورأى موسى ورأى غيره من الأنبياء، رأى أرواحهم بصور أجسادهم في السماء، وأجسادهم لم تصعد إلى السماء إلا جسد عيسى، فإنه كان بروحه وجسده مرفوعاً إلى السماء، وأما غيره من الأنبياء، الذين ماتوا ودفنوا في الأرض، فالذي رآه في السماء هي: أرواح بصور أجسادها، وأما أجسادهم فإنها في الأرض ما خرجت من قبورهم، وقبورهم لا تكون خاليةً من أجسادهم، بل أجسادهم في قبورهم، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة)، معناه: أن الأموات في قبورهم، وأجسادهم في قبورهم، وأنه عند البعث أول القبور انشقاقاً عن صاحبه قبر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففيه إثبات الحياة في البرزخ، ولكنها حياة تختلف عن الحياة الدنيا، ولا يقال: إنها من جنس الحياة الدنيا، بل هي: حياة خاصة، ليست هي الحياة الآخرة التي بعد البعث، وليست الحياة التي قبل الموت، وإنما حياة خاصة، حياة برزخية، والله تعالى أعلم بكيفيتها. وكذلك الحياة البرزخية ليست خاصةً للأنبياء، بل لغيرهم من حيث أنهم يكونون في قبورهم، يعذبون، أو ينعمون، الروح يعذب والجسد يعذب، وهم أحياء في قبورهم حياةً برزخية، الله تعالى أعلم بكيفيتها، وينال العذاب الجسد ويتألم به، وينال الروح وتتألم به، أي: بذلك العذاب، ولكن حياة الأنبياء، وحياة الشهداء حياة خاصة، حياة الأنبياء جاء في وصفها: (أن الأرض لا تأكل أجسادهم)، بل أجسادهم في قبورهم من حين توضع إلى البعث والنشور ما تأكله الأرض، بخلاف غيرهم، فإنها تأكله الأرض، ولكن الحياة البرزخية موجودة، والعذاب حاصل للجسد والروح، والنعيم حاصل للجسد والروح، والكيفية الله تعالى أعلم بها، ولو فتحنا القبر ورأينا الميت أكله التراب، فنحن نؤمن بأنه منعم أو معذب، وأن العذاب يصل إلى جسده، وأن النعيم يصل إلى الروح أيضاً، وقد جاء في الحديث بالنسبة للأنبياء: (أن الله حرم على الأرض أن تأكل أجسادهم)، وجاء بالنسبة للشهداء: (أن أرواحهم في أجواف طير خضر تسرح في الجنة)، وجاء أن (نسمة المؤمن طائر يعلق في الجنة)، فالشهداء في أجواف طير، وأما المؤمنون فعلى صورة طير، وعلى صفة طير، أي: نسمة المؤمن طائر يعلق بالجنة، وعذاب القبر ونعيمه يحصل للروح والجسد، وحياة الأنبياء هي أكمل حياة، وحياة الشهداء التي ذكرها الله تعالى في القرآن هم ما نالوها إلا لاتباعهم الأنبياء، وسلوكهم على مسلك الأنبياء صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم. ومعنى: الكثيب الأحمر، الكثيب هو: التل من الرمل، وكان عنده قبر موسى، ومكانه لا يعلم، وليس هناك قبر نبي مقطوع به إلا قبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، أما ما سواه من قبور الأنبياء فإنها غير معلومة، ولا يقطع بقبر أو بمكان قبر من قبور الأنبياء إطلاقاً، إلا قبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام. أما أجساد الشهداء فالله أعلم، هل تبقى أو لا تبقى؟ ليس هناك نص يدل على أنها تبقى، لكن قد تبقى فترة مثل ما حصل لـعبد الله بن حرام والد جابر، فإنه بعد ستة أشهر من دفنه، وكان استشهد يوم أُحد، فقرب منه الوادي وكاد أن يجرفه السيل، فخشي أن السيل يحمله، فحفره أو نبشه ابنه جابر ووجد أنه كما وضعوه، يعني لم يتغير، ولم تأكل الأرض منه شيئاً، وهذا بعد ستة أشهر، لكن ما هناك نص على أنهم يبقون دائماً وأبداً، فقد يبقون مدةً طويلة، ويحصل لهم ما يحصل، وقد لا يبقون؛ لأنه ما جاء نص، أما بالنسبة للأنبياء، فقد جاء نص، فيقطع أن أجسادهم لا تأكلها الأرض. تراجم رجال إسناد حديث: (أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره) قوله: [أخبرنا محمد بن علي بن حرب].هو محمد بن علي بن حرب المروزي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده. [حدثنا معاذ بن خالد المروزي]. صدوق، أخرج له النسائي وحده. [أخبرنا حماد بن سلمة]. هو حماد بن سلمة بن دينار البصري، وهو ثقة، عابد، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن سليمان]. كأنه سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة. ويقال له: التيمي وهو ليس من تيم، ولكنه نزل فيهم فنسب إليهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن ثابت]. هو ثابت بن أسلم البناني البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن أنس]. هو أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وقد مر ذكره. شرح حديث: (أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي) من طريق ثانية وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا العباس بن محمد حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد بن سلمة عن سليمان التيمي وثابت عن أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتيت على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي)، قال أبو عبد الرحمن: هذا أولى بالصواب عندنا من حديث معاذ بن خالد، والله تعالى أعلم].ثم أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه من طريق أخرى، وهي مثل التي قبلها، إلا أنه ليس فيه: (في قبره)، يعني ما فيه ذكر: (وهو قائم يصلي في قبره)، كلمة: (في قبره)، غير موجودة بهذا السياق، لكنها موجودة في السياق الأول، والحديث من رواية حماد بن سلمة الطريق الأولى والطريق الثانية، الطريق الأولى فيها معاذ بن خالد والثانية يونس بن محمد، فهي مثل التي قبلها؛ إلا أنها ما فيها ذكر القبر، لكن ذكر القبر ثابت في الطريق التي قبلها وفي الطرق التي بعدها، التي جاءت من غير طريق حماد بن سلمة، بل من طرق أخرى فيها ذكر القبر، النسائي قال: إن هذه أولى بالصواب عندنا من طريق معاذ بن خالد؛ لأن يونس ثقة، ومعاذ بن خالد صدوق، فهنا المقارنة بين روايتين عن حماد بن سلمة، فواحد ثقة، وواحد صدوق، لكن رواية الصدوق التي فيها ذكر القبر، وأن الصلاة كانت في القبر، لو كان وحده لثبت بذلك الحديث؛ لأن الصدوق حديثه حسن، لكن هي القضية مقارنة بين رجلين رويا عن حماد: واحد في روايته عنه مع ذكر القبر، وواحد روايته عنه بدون ذكر القبر، لكن رواية القبر هي: ثابتة من غير طريق حماد، فليس في رواية يعني: معاذ بن خالد شيء، فحديثه لو لم يأت إلا من طريقه، هو من قبيل الحسن. تراجم رجال إسناد حديث: (أتيت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي) من طريق ثانية قوله: [أخبرنا العباس بن محمد]. هو العباس بن محمد الدوري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب السنن الأربعة. [حدثنا يونس بن محمد]. هو يونس بن محمد البغدادي المؤدب، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [ حماد]. هو حماد بن سلمة، مر ذكره. [عن سليمان التيمي وثابت]. حماد بن سلمة، يحدث عن شخصين: عن سليمان التيمي، وعن ثابت. شرح حديث: (مررت على موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره) من طريق ثالثة قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرني أحمد بن سعيد حدثنا حبان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا ثابت وسليمان التيمي عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مررت على قبر موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره)].أورد حديث أنس، وهو من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله تماماً، يعني: الطرق كلها تأتي، وفيها مرور الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به بموسى وهو: يصلي في قبره، كلها بلفظ واحد، ومؤداها واحد، وكلها صحابيها واحد، وهي جاءت من طرق متعددة. تراجم رجال إسناد حديث: (مررت على موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره) من طريق ثالثة قوله: [أخبرني أحمد بن سعيد]. هو الرباطي، وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي، والترمذي. يعني: أخرج له الجماعة إلا ابن ماجه، مثل إسحاق بن راهويه، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه. [حدثنا حبان]. هو حبان بن هلال البصري، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو حبان بفتح الحاء، غير حِبان، فيه حِبان عدد (كحبان بن موسى وغيره بكسر الحاء)، وحبان هذا الرجل، وحبان بن واسع الذي هو من التابعين، هؤلاء بفتح الحاء، وهذا من قبيل المؤتلف والمختلف، يتفقان في الرسم والحروف، ويختلفان في الشكل؛ لأن حِبان وحَبان الحروف واحدة، إلا أن الفرق هو فتح الحاء وكسر الحاء، فالذي معنا حَبان بفتح الحاء، وهو ثقة، متقن، وقال عنه بعض أهل العلم: إليه المنتهى في التثبت في البصرة، وهي: من أعلى صيغ التعديل، إذا قيل: فلان إليه المنتهى بالتثبت، يعني: من أعلى صيغ التعديل، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد عن أنس]. وقد مر ذكرهم. حديث: (مررت ليلة أسري بي على موسى وهو يصلي في قبره) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا علي بن خشرم حدثنا عيسى عن سليمان التيمي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مررت ليلة أسري بي على موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره)].وهذا أيضاً مثله من حيث المتن. قوله: [أخبرنا علي بن خشرم]. هو علي بن خشرم المروزي، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود، والترمذي، ومما يذكر في ترجمة علي بن خشرم: أنه كان مُعَمِّراً، وقال عن نفسه: صمت ثمانيةً وثمانين رمضاناً، يعني ثمانية وثمانين سنة وهو يصوم شهر رمضان، فهو من المعمرين. [حدثنا عيسى]. هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو: أخو إسرائيل بن يونس، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن سليمان التيمي عن أنس]. وقد مر ذكرهما. شرح حديث: (أنه صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على موسى وهو يصلي في قبره) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا معتمر عن أبيه عن أنس رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره)].ثم أورده من طريق أخرى، والمتن يعني كما هو. قوله: [أخبرنا محمد بن عبد الأعلى]. وهو: الصنعاني، البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. [حدثنا معتمر]. وهو: ابن سليمان بن طرخان التيمي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه سليمان بن طرخان التيمي عن أنس]. وقد مر ذكرهما. شرح حديث: (أن النبي ليلة أسري به مر على موسى وهو يصلي في قبره) من طريق سادسة وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي وإسماعيل بن مسعود، قالا: حدثنا معتمر سمعت أبي قال: سمعت أنساً رضي الله عنه يقول: حدثني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على موسى عليه السلام وهو يصلي في قبره)].أورد حديث أنس من طريق أخرى، وفيه: أن أنساً يروي عن بعض أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن المعلوم أن روايته إنما هي عن الصحابة؛ لأنه لم يدرك الإسراء؛ لأن الإسراء كان بمكة، وهو إنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، لما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقصة الإسراء كانت في مكة قبل الهجرة بثلاث سنوات، فرواية أنس عن مثل هذا، إنما هي: من مراسيل الصحابة، الروايات التي مرت، التي فيها إسناد ذلك إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، هو مرسل صحابي؛ لأنه ما حضر القصة، ولا أدركها، ولا أدرك الإسراء، وإنما يمكن أن يكون سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، يحدث به بعد ذلك في المدينة، أو أنه سمعه من الصحابة، وهنا فيه التصريح، بأنه سمعه من بعض الصحابة، فهذا يتبين منه أنه مرسل صحابي. تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي ليلة أسري به مر على موسى وهو يصلي في قبره) من طريق سادسة قوله: [أخبرنا يحيى بن حبيب بن عربي].هو بصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [وإسماعيل بن مسعود]. هو بصري، ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا معتمر عن أبيه عن أنس]. وقد مر ذكرهم. حديث: (ليلة أسري بي مررت على موسى وهو يصلي في قبره) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده وقال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا ابن أبي عدي عن سليمان عن أنس رضي الله تعالى عنه، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ليلة أسري بي مررت على موسى وهو يصلي في قبره)].ثم أورد الحديث من طريق أخرى. قوله: [أخبرنا قتيبة]. قتيبة، قد مر ذكره. [حدثنا ابن أبي عدي]. هو محمد بن إبراهيم بن أبي عدي منسوب إلى جده، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن سليمان عن أنس عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم]. وقد مر ذكر ذلك كله.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (لا أعلم رسول الله قرأ القرآن كله في ليلة ولا قام ليلة حتى الصباح ...) قوله: [أخبرنا هارون بن إسحاق].صدوق، أخرج له البخاري في جزء القراءة، والنسائي، وابن ماجه، والترمذي. [حدثنا عبدة بن سليمان]. هو البصري وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن سعيد]. هو سعيد بن أبي عروبة، وهو ثقة، ثبت، كثير التدليس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن قتادة] هو ابن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن زرارة بن أوفى]. هو البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن سعد بن هشام بن عامر]. ثقة، أخرج حديثه أيضاً أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة رضي الله عنها]. وقد مر ذكرها. شرح حديث: (عليكم من العمل ما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا شعيب بن يوسف عن يحيى عن هشام أخبرني أبي عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة فقال: من هذه؟ قالت: فلانة، لا تنام، فذكرت من صلاتها، فقال: مه، عليكم بما تطيقون، فوالله لا يمل الله عز وجل حتى تملوا، ولكن أحب الدين إليه ما داوم عليه صاحبه)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها وعندها امرأة، فذكرت من صلاتها وأثنت عليها، وقال عليه الصلاة والسلام: مه، عليكم من العمل ما تطيقون)]، وفيه أنه أرشد إلى الرفق، وعدم الانقطاع في العبادة؛ لأن الانقطاع في العبادة، قد يترتب عليه تفويت مصالح أخرى، وقد يترتب عليه ملل، ثم يكون الترك، لكن إذا كان العمل ملازماً عليه، ومداوماً عليه، وهو قليل، فإنه خير من كثير يُقدم عليه ثم ينقطع عنه، ولهذا يقولون: قليل تداوم عليه، خير من كثير تنقطع عنه، فالعمل الدائم هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو الأحب إلى الله كما جاء في هذا الحديث: (أحب إلى الله من العمل أدومه)، وفي بعض الروايات: (وإن قل)، أي: وإن كان قليلاً، وقد مر بنا قريباً الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (أن عائشة لما سئلت عن أحب الأعمال إلى الله؟ قالت: الدائم)، أي: الذي يداوم عليه، فهنا الأحب إلى الله العمل الدائم، والأحب إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، العمل الدائم، كما جاء ذلك في حديث مضى في هذه السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. قوله: [(عليكم من العمل ما تطيقون)]، أي: ما تقدرون عليه، وما لا يحصل معه ملل، ولا يحصل معه أمور تفضي إلى التخلي عن العبادة بسبب الملل، وقال: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)، والحديث سبق أن مر بنا، وليس فيه وصف الله بالملل، فالله تعالى لا يمل، فقوله: [(حتى تملوا)]، يعني: حتى لو حصل منهم الملل، فإن الله لا يمل، وليس معنى ذلك أنهم إذا ملوا مل، فالله تعالى لا يوصف بالملل. ثم قال عليه الصلاة والسلام: [(وإن أحب العمل ما داوم عليه صاحبه)]، وهذا هو محل الشاهد من إيراد الحديث، أي: بانقطاع العبادة، والاشتغال بها، وكون الإنسان يتعب نفسه، ويتسبب في فوات مصالح أخرى، فالله عز وجل الأحب إليه غير ذلك، وهو: العمل الدائم ولو كان قليلاً، أما الإكثار من العمل، ثم يعقبه الملل أو السأم، ثم الترك، فهذا لا ينبغي للمسلم أن يحصل ذلك منه، وإنما يداوم على العمل الصالح، ولو كان قليلاً، ولا يكثر العمل في وقت ما، فيكون ذلك سبباً في تفويت فوائد أخرى، أو إلحاق ضرر به، يمنعه من القيام بهذا الذي أراده أو الذي قصده، من إكثار العمل، ومن تكثيره. تراجم رجال إسناد حديث: (عليكم من العمل ما تطيقون فوالله لا يمل الله حتى تملوا ...) قوله: [أخبرنا شعيب بن يوسف].هو النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده. [عن يحيى]. هو يحيى بن سعيد القطان، وقد مر ذكره. [عن هشام]. هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [أخبرني أبي]. هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه من فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام هذا، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد، وسليمان بن يسار، هؤلاء ستة متفق على عدهم من الفقهاء السبعة، والسابع منهم، فيه ثلاثة أقوال: قيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. [عن عائشة]. و عائشة، وقد مر ذكرها. شرح حديث: (... ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمران بن موسى عن عبد الوارث حدثنا عبد العزيز عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد فرأى حبلاً ممدوداً بين ساريتين، فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا: لـزينب تصلي فإذا فترت تعلقت به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حلوه، ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد)].أورد النسائي حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه [(أنه رأى حبلاً ممدوداً بين ساريتين في المسجد، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا لـزينب تصلي، وإذا حصل منها تعب تعلقت به، فقال: حلوه -يعني: أزيلوه- ثم قال: ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد)]. يعني: يقعد عن الصلاة، أو يمكن أن يصلي وهو جالس؛ لأن صلاة النافلة يجوز للإنسان أن يصليها وهو جالس، لكن على النصف من صلاة القائم، لكن العمل أو الصلاة الطويلة التي تثمر التعب، وتفوت مصالح، غيرها أولى منها، كما سبق أن مر في الحديث الذي قبل هذا، وإنما يصلي الإنسان نشاطه، وإذا فتر فإنه يقعد، أي: لا يستمر في الصلاة، وإن صلى جالساً، فإن ذلك سائغ؛ لأن صلاة النافلة جائزة عن جلوس مع القدرة على القيام. تراجم رجال إسناد حديث: (... ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد) قوله: [أخبرنا عمران بن موسى].صدوق، أخرج له الترمذي، والنسائي، وابن ماجه. [عن عبد الوارث]. هو عبد الوارث بن سعيد العنبري البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عبد العزيز]. هو عبد العزيز بن صهيب البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن أنس بن مالك]. صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. شرح حديث: (أفلا أكون عبداً شكوراً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن منصور واللفظ له، عن سفيان عن زياد بن علاقة سمعت المغيرة بن شعبة رضي الله تعالى عنه يقول: (قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فقيل له: قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، قال: أفلا أكون عبداً شكوراً)].أورد النسائي في نفس الترجمة حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: [(أن النبي عليه الصلاة والسلام قام حتى تفطرت قدماه)]، يعني: صلى من الليل وقام حتى تفطرت قدماه، [(فقيل له: كيف تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فكان جوابه عليه الصلاة والسلام أن قال: أفلا أكون عبداً شكوراً)]، أي: أن كون الله عز وجل غفر له، ورفع منزلته، جعله يقبل على العبادة، وذلك شكراً لله عز وجل أن جعله كذلك، أي: جعله مغفوراً له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهذا مما كان عليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من الحرص على طاعة الله عز وجل، وعلى شكر الله عز وجل على ما أنعم به عليه، وشكره لله عز وجل بطاعته، يعني: يشكره على نعمه، وعلى الإحسان إليه بأن يتقرب إليه بالعبادة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث: (أفلا أكون عبداً شكوراً) قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد ومحمد بن منصور واللفظ له].قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، ومحمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي. [عن سفيان]. هو ابن عيينة، الاثنان يرويان عن سفيان، وهو ابن عيينة، وقد عرفنا فيما مضى أن قتيبة لا يروي إلا عن ابن عيينة، لا يروي عن الثوري شيئاً، وأما محمد بن منصور، فإنه يروي عن سفيان الثوري، وعن ابن عيينة، إلا أنه عند الإطلاق فإنه يصرف إلى ابن عيينة؛ لأنه مكي كما أن ابن عيينة مكي، ومما زاد الأمر وضوحاً بأنه ابن عيينة كون قتيبة روى أيضاً معه الحديث، وقتيبة لا يروي إلا عن ابن عيينة ولا يروي عن الثوري، كل ما جاء قتيبة يروي عن سفيان، فالمراد ابن عيينة ولا يراد به الثوري؛ لأن الثوري توفي سنة مائة وواحد وستين، وقتيبة ولد سنة مائة وخمسين، وهي السنة التي مات فيها أبو حنيفة، وولد فيها الشافعي، أي: إن عمر قتيبة حين وفاة الثوري، إحدى عشر سنة، وقد عمر قتيبة فكان عمره تسعين سنة، عاش إلى سنة مائتين وأربعين، وروايته عن سفيان بن عيينة، الذي عاش بعد الثوري سبعاً وعشرين سنة؛ لأنه توفي سنة مائة وسبع وتسعين، فكل ما جاء قتيبة يروي عن سفيان فالمراد به ابن عيينة. [عن زياد بن علاقة]. ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [سمعت المغيرة بن شعبة]. صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. حديث: (كان رسول الله يصلي حتى تزلع قدماه) وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي حدثنا صالح بن مهران -وكان ثقة- حدثنا النعمان بن عبد السلام عن سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي حتى تزلع -يعني: تشقق- قدماه)].أورد النسائي حديث أبي هريرة، وهو: (أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي حتى تزلع -أي: تشقق- قدماه)، وهذا من جنس حديث المغيرة الذي تقدم أنه صلى حتى تفطرت قدماه عليه الصلاة والسلام. قوله: [أخبرنا عمرو بن علي]. هو الفلاس البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو ناقد متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً. [حدثنا صالح بن مهران، قال: وكان ثقة]. أي: الذي يقول هذا هو الفلاس، يعني عن صالح بن مهران وكان ثقة، أي: صالح بن مهران ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا النعمان بن عبد السلام]. ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي. [عن سفيان]. هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري، وهو ثقة؛ لأنه في ترجمة النعمان بن عبد السلام قال: روى عن سفيان الثوري، وروى عنه أبو سفيان صالح بن مهران الأصبهاني، وروى عنه، يعني: جملة الذين رووا عنه أبو سفيان صالح بن مهران الأصبهاني، وسفيان بن سعيد بن مسروق ثقة، ثبت، حجة، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عاصم بن كليب]. صدوق رمي بالإرجاء، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن أبيه]. هو كليب بن شهاب، وهو أيضاً صدوق، أخرج حديثه البخاري في رفع اليدين، وأصحاب السنن الأربعة. [عن أبي هريرة]. هو عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل هو أكثر السبعة على الإطلاق. الأسئلة إخراج الزكاة من صندوق للإقراض والتوفير السؤال: نحن زملاء في العمل، وعملنا صندوقاً يساهم فيه كل عضو من المشتركين بما شاء من الأسهم، وقيمة كل سهم مائتي ريال، فإذا كان هذا الصندوق يترك فيه المال مدة سنة، ثم يقرضون منه من شاء إلى حد خمسة عشر ألفاً، فيصبح الصندوق للقرض والتوفير، وكل عضو يستطيع استرداد ماله حينما يكون في الصندوق مال أو ينتظر حتى يجتمع المال، فهل في الصندوق زكاة؟ وكيف استخراجه؟ الجواب: إذا كان الأمر كما ذكر في السؤال، أن كل واحد يضع مقداراً من المال في هذا الصندوق، وهم باقون على أملاكهم، ترجع إليهم أملاكهم إذا أرادوا، ويقرضون منها، فكل واحد باق على ملكه؛ لأنه لم يخرج من ملك الواحد، يعني: ليس تبرعاً، أي: تبرع به بحيث أنه يخرج من ملكه، ما دام أن الملك باق، وأنه لم يخرج من ملكه ما أخرجه ووضعه في الصندوق، وإنما هو للتوفير، ولإقراض من يحتاج إلى إقراضه، إذاً: المال باق على ملك المالكين، فهو يمكن أن يضمه إلى ماله، أي: المقدار الذي وضعه في الصندوق، عندما يخرج الزكاة يحسب الذي عنده، ويحسب الذي له في الصندوق أو الذي وضعه في الصندوق، ويخرج زكاة الجميع؛ لأن الكل ماله، أكثر ما في الأمر أن هذا المال في حوزته، وذاك وضع في ذلك الصندوق الذي قصد منه التوفير والإقراض عندما يحتاج أحد إلى إقراض.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الصلاة (كتاب قيام الليل وتطوع النهار) (297) - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب كيف يفعل إذا افتتح الصلاة قائماً، وذكر اختلاف الناقلين عن عائشة في ذلك جاءت روايات كثيرة تبين كيفية صلاة النبي عليه الصلاة والسلام في الليل، وأنها بكيفيات متعددة؛ فإذا صلى قائماً ركع قائماً، وإذا صلى جالساً ركع جالساً، وأحياناً يصلي قاعداً فإذا بقي قدر ثلاثين أو أربعين آية قام وقرأ وهو قائم ثم ركع. كيف يفعل إذا افتتح الصلاة قائماً، وذكر اختلاف الناقلين عن عائشة في ذلك شرح حديث: (كان رسول الله يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائماً ركع قائماً ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف يفعل إذا افتتح الصلاة قائماً، وذكر اختلاف الناقلين عن عائشة في ذلك.أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن بديل وأيوب عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائماً ركع قائماً، وإذا صلى قاعداً ركع قاعداً)]. يقول النسائي رحمه الله: كيف يفعل الركوع إذا صلى قائماً وذكر اختلاف الناقلين عن عائشة في ذلك. ومراد النسائي رحمه الله من هذه الترجمة؛ هو: أنه إذا افتتح الصلاة قائماً، فإنه يركع وهو قائم، وإذا صلى وهو جالس، فإنه يركع ويسجد وهو جالس، أي: إن ركوعه وسجوده عن جلوس، إذا صلى جالساً، وركوعه وسجوده عن قيام إذا صلى قائماً، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، [أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يصلي ليلاً طويلاً] يعني: أنه يصلي وقتاً كبيراً من الليل، وكان هديه عليه الصلاة والسلام أنه إذا صلى قائماً ركع وهو قائم؛ أي: ركع عن قيام، وإذا صلى وهو جالس ركع وهو جالس، أي: ركع عن جلوس. فهذا هو معنى حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو يدل على أن صلاة النافلة يمكن للإنسان أن يصلي وهو قائم، ويمكن أن يصلي وهو جالس، وقد جاء في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الإنسان إذا صلى النافلة وهو جالس، فأجره على نصف أجر القائم، وهذا فيما إذا كان قادراً، وأما إذا كان مريضاً، فإنه يكتب له في حال مرضه ما كان يكتب في حال صحته وعافيته؛ وذلك للحديث الذي رواه البخاري في صحيحه من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) بمعنى: أن الأمور التي كان يفعلها في حال الإقامة ولم يتمكن منها في حال السفر، فالله تعالى يكتبها له، وكذلك الأعمال التي يعملها في حال الصحة ولم يتمكن منها في حال المرض، فالله تعالى يكتبها له في حال مرضه. تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يصلي ليلاً طويلاً، فإذا صلى قائماً ركع قائماً ...) قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا حماد]. هنا حماد غير منسوب، وإذا جاء حماد غير منسوب فالمراد به ابن زيد؛ لأن قتيبة لا يروي إلا عن حماد بن زيد، وليس له عن حماد بن سلمة رواية، فإذا أهمله قتيبة فالمراد به حماد بن زيد. وقد ذكر الحافظ المزي في آخر ترجمة حماد بن سلمة، وبعد ترجمة حماد بن زيد؛ لأن حماد بن زيد، وحماد بن سلمة ترجمتهما متجاورتان؛ ولأن السين بعد الزاي، فـحماد بن زيد، ثم حماد بن سلمة، بعد ذكر ترجمة حماد بن سلمة ذكر بياناً فيما إذا كان مهملاً، فإنه إذا روى عنه فلان، وفلان، وفلان، فإنه يكون فلاناً، وإذا روى عن فلان يكون فلاناً، فذكر عدة أشخاص إذا كانوا هم التلاميذ، فإن من كان الراوي عن فلان أو فلان أو فلان مثلاً يعني: هو حماد بن زيد، وإذا كان فلان أو فلان، فهو حماد بن سلمة، وممن ذكره يروي عن حماد بن زيد: قتيبة، وأنه إذا جاء قتيبة يروي عن حماد غير منسوب، فالمراد: ابن زيد، وحماد بن زيد بن درهم البصري ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن بديل وأيوب]. بديل هو ابن ميسرة البصري، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. وأيوب هو أيوب بن أبي تميم السخسياني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن شقيق]. هو عبد الله بن شقيق العقيلي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، وعبد الله بن شقيق هذا هو تابعي، جليل، وهو الذي روي عنه الكلمة المأثورة الذي يقول فيها: لم يكن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، ولهذا وصفه النووي في رياض الصالحين فقال: عن عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي المتفق على جلالته. [عن عائشة]. أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها الصديقة بنت الصديق، التي رُميت بما رُميت به من الإفك، وأنزل الله تعالى براءتها بآيات تتلى من كتاب الله عز وجل، فمن رماها بعد ذلك بالإفك، أو أضاف الإفك إليها، فهو كافر بالقرآن، ومكذب بالقرآن؛ لأن الله عز وجل أنزل آيات تتلى في سورة النور، عشر آيات تتعلق ببراءة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي ممن حفظ الله بها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها من أوعية السنة، وهي واحدة من سبعة أشخاص عُرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من أصحابه الكرام، وهم ستة رجال وامرأة واحدة هي: عائشة رضي الله عنها؛ وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وأنس، وجابر بن عبد الله الأنصاري وهؤلاء ستة، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها. حديث: (... فإذا افتتح الصلاة قائماً ركع قائماً ...) من طريق أخرى وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم أخبرنا وكيع حدثني يزيد بن إبراهيم عن ابن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائماً وقاعداً فإذا افتتح الصلاة قائماً ركع قائماً، وإذا افتتح الصلاة قاعداً ركع قاعداً)].هنا أورد حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله؛ كان إذا افتتح الصلاة قائماً ركع قائماً، أي: عن قيام، وإذا افتتح الصلاة جالساً ركع جالساً، أي: ركع عن جلوس، وهو مثل الذي قبله. قوله: [أخبرنا عبدة بن عبد الرحيم]. صدوق، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، والنسائي. [أخبرنا وكيع]. هو وكيع بن الجراح الرؤاسي الكوفي، وهو ثقة، حافظ، مصنف، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [حدثني يزيد بن إبراهيم]. هو التستري نزيل دمشق، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن سيرين]. هو محمد بن سيرين البصري، وهو ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله عن عائشة]. عبد الله بن شقيق، وعائشة قد مر ذكرهما. شرح حديث عائشة: (أن النبي كان يصلي وهو جالس... قام فقرأ وهو قائم ثم ركع ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن سلمة حدثنا ابن القاسم عن مالك حدثني عبد الله بن يزيد وأبو النضر عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو جالس، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام، فقرأ وهو قائم، ثم ركع، ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو: [أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو جالس، فيقرأ وهو جالس، فإذا بقي من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام، فقرأ وهو قائم، ثم ركع، ثم سجد، ثم يفعل في الركعة الثانية مثل ذلك]، وهذا يدل على أنه إذا صلى جالساً أنه يركع وهو قائم؛ لأنه كان يصلي وهو جالس، ثم بعد ذلك إذا بقي من قراءته مقدار ثلاثين آية، قام وركع وهو قائم، فهذا لا ينافي الحديث المتقدم من الطريقين؛ وهما: إذا صلى قائماً ركع عن قيام، وإذا صلى جالساً ركع عن جلوس؛ لأنه أحياناً يفعل هذا، وأحياناً يفعل هذا، فإذا صلى جالساً ركع عن جلوس وأحياناً يركع عن قيام، وإذا بقي ثلاثين آية -كما في الحديث هذا- فإنه يقوم، ويقرأها وهو قائم، ثم يركع عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على أن بعض أحواله هكذا. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (أن النبي كان يصلي وهو جالس... قام فقرأ وهو قائم ثم ركع ...) قوله: [أخبرنا محمد بن سلمة].هو محمد بن سلمة المرادي المصري ثقة، ثبت، أخرج له مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [حدثنا ابن القاسم]. هو عبد الرحمن بن القاسم، صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، فقيه، أخرج له البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي. [عن مالك]. هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة بمذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [حدثني عبد الله بن يزيد]. هو عبد الله بن يزيد المخزومي المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [وأبو النضر]. هو سالم بن أبي أمية المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً. [عن أبي سلمة]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني أحد الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين، على أحد الأقوال في السابع منهم؛ لأن الفقهاء السبعة في المدينة في عصر التابعين ستة منهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، أما السابع ففيه ثلاثة أقوال، والستة المتفق على عدهم هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثابت، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، أما السابع، ففيه ثلاثة أقوال، فقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الذي معنا هذا، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقد ذكرهم ابن القيم رحمة الله عليه في أول كتابه إعلام الموقعين، وهو إعلام بكسر الهمزة مصدر أعلم إخبار، إخبار الموقعين عن رب العالمين، أي: المفتين الذين يكتبون الفتاوى ويوقعون عليها عن الله عز وجل، يخبرون عن شرع الله سبحانه وتعالى، فهو كتاب إعلام وليس أعلام؛ لأنه ليس كتاب تراجم حتى يقال له: أعلام الموقعين، وإنما هو كتاب فقه، ومشتمل على إخبار الموقعين عن رب العالمين، وقد أورد في أوله جملة من الفقهاء من الصحابة، والتابعين، ومن بعدهم في كل بلد من البلدان في الحجاز، ومصر، والشام، والعراق، وعندما جاء إلى المدينة، وذكر الفقهاء في عصر الصحابة، والفقهاء في عصر التابعين، ذكر أن من الفقهاء في المدينة في عصر التابعين سبعة اشتهروا بلقب الفقهاء السبعة، وقد ذكرهم، وجعل السابع فيهم: أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وذكر بيتين من الشعر، اشتمل الثاني منهما على بيان السبعة، وسابعهم أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وهذان البيتان هما قول الشاعر: إذا قيل: من في العلم سبعة أبحر روايتهم ليست عن العلم خارجة؟ فقل: هم عبيد الله عروة قاسم سعيد أبو بكر سليمان خارجة وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. قد تقدم ذكرها. شرح حديث: (... فكان يصلي وهو جالس ... قام فقرأ بها ثم ركع) من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم حدثنا عيسى بن يونس حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى جالساً حتى دخل في السن، فكان يصلي وهو جالس، يقرأ، فإذا غبر من السورة ثلاثون أو أربعون آية، قام، فقرأ بها، ثم ركع)].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى جالساً إلا لما تقدمت به السن فإنه كان يصلي جالساً وإذا غبر من السورة ثلاثون آية يعني: بقي قام، فقرأ بها، ثم ركع)، و(غبر) هذه من الأضداد، تأتي بمعنى: الماضي، وتأتي بمعنى: الباقي، أو الذي يأتي، فهي من الألفاظ التي تأتي على الأضداد مثل: قرء، فإنه يأتي بمعنى: الحيض وبمعنى: الطهر، وهما ضدان، و(غبر) يأتي بمعنى الماضي وبمعنى المستقبل، وهما ضدان، ومثل: (عسعس) يأتي بمعنى: أقبل، وأدبر، وهما ضدان، فهناك كلمات يقال لها: من الأضداد، وقد ألف فيها مؤلفات، وهذا منها، ومنه كتاب الحافظ الذهبي (العبر في أخبار من غبر) يعني: أخبار من مضى؛ لأنه يتعلق بأخبار الماضين، والذي معنا هنا من قبيل الباقي وليس من قبيل الماضي؛ لأنه قال: (فإذا غبر ثلاثون آية، قام، وقرأها) يعني: إذا بقي ثلاثون آية، قام، وقرأها عن قيام، ثم ركع صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. الحاصل: أن هذا مثل الرواية السابقة إلا أن فيها زيادة؛ (أنه كان يفعل ذلك لما أسن، أنه كان يصلي جالساً فإذا بقي مقدار ثلاثين آية، قام، وقرأها، ثم ركع عن قيام وكان صلى جالساً)، وكما قلت: هذه الرواية والتي قبلها يوفق بينها وبين الروايتين السابقتين؛ بأنه أحياناً يركع عن جلوس إذا صلى جالساً، وأحياناً يركع عن قيام إذا صلى جالساً؛ لأنه يقوم إذا بقي مقدار ثلاثين آية، فيقرؤها ويركع عليه الصلاة والسلام. يتبع
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد حديث: (... فكان يصلي وهو جالس ... قام فقرأ بها ثم ركع) من طريق ثانية قوله: [أخبرنا إسحاق بن إبراهيم].هو ابن راهوية الحنظلي المروزي وهو ثقة، ثبت، مجتهد، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه. [حدثنا عيسى بن يونس]. هو ابن أبي إسحاق السبيعي أخو إسرائيل بن يونس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا هشام بن عروة]. هو هشام بن عروة بن الزبير، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه] هو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، من الفقهاء السبعة المعروفين في عصر التابعين والذي مر ذكرهم قريباً، وهو من الستة المتفق على عدهم من الفقهاء السبعة كما أشرت، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. قد مر ذكرها. شرح حديث: (كان رسول الله يقرأ وهو قاعد فإذا أراد أن يركع قام ...) من طريق ثالثة قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا زياد بن أيوب حدثنا ابن علية حدثنا الوليد بن أبي هشام عن أبي بكر بن محمد عن عمرة عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ وهو قاعد فإذا أراد أن يركع قام قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية)].هنا أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى وهي مثل الطريقين السابقتين؛ وهو أنه كان يصلي وهو جالس فإذا بقي مقدار ما يقرأ إنسان (أربعين آية) قام، وفي بعض الروايات (ثلاثين)، ولا تنافي بين ذكر الأربعين وذكر الثلاثين، فأحياناً يكون هكذا، وأحياناً يكون هكذا، وهو ما يكون في حدود هذا المقدار بين الثلاثين والأربعين، فإذا بقي هذا المقدار قام، وقرأه، وركع عن قيام صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث: (كان رسول الله يقرأ وهو قاعد فإذا أراد أن يركع قام ...) من طريق ثالثة قوله: [أخبرنا زياد بن أيوب]. هو البغدادي وهو ثقة، حافظ، أخرج له البخاري، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، ما خرج له مسلم، ولا ابن ماجه، وكان أحمد يلقبه: شعبة الصغير يعني: شعبة بن حجاج، ومعناه: أنه يشبه شعبة في الحفظ والإتقان، ولقبه دلويه. [حدثنا ابن علية]. هو إسماعيل بن إبراهيم بن مقسم، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بالنسبة إلى علية أمه، فقال له ابن علية. [حدثنا الوليد بن أبي هشام]. صدوق، أخرج له مسلم وأصحاب السنن الأربعة. [عن أبي بكر بن محمد]. هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم المدني، وهو ثقة، عابد، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عمرة]. هي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية المدنية، وهي ثقة، أكثرت من الرواية عن عائشة، وحديثها أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. قد مر ذكرها. شرح حديث: (... فيصلي ثمان ركعات يخيل إلي أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن علي عن عبد الأعلى حدثنا هشام عن الحسن عن سعد بن هشام بن عامر قال: (قدمت المدينة، فدخلت على عائشة رضي الله عنها، قالت: من أنت؟ قلت: أنا سعد بن هشام بن عامر قالت: رحم الله أباك قلت: أخبريني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وكان، قلت: أجل، قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل صلاة العشاء، ثم يأوي إلى فراشه، فينام، فإذا كان جوف الليل قام إلى حاجته وإلى طهوره، فتوضأ، ثم دخل المسجد، فيصلي ثمان ركعات، يخيل إلي أنه يسوي بينهن في القراءة، والركوع، والسجود، ويوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه، فربما جاء بلال فآذنه بالصلاة قبل أن يغفى، وربما يغفى، وربما شككت أغفى أو لم يغف حتى يؤذنه بالصلاة، فكانت تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أسن ولحم، فذكرت من لحمه ما شاء الله، قالت: وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس العشاء، ثم يأوي إلى فراشه، فإذا كان جوف الليل قام إلى طهوره وإلى حاجته، فتوضأ، ثم يدخل المسجد فيصلي ست ركعات، يخيل إليّ أنه يسوي بينهن في القراءة، والركوع، والسجود، ثم يوتر بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يضع جنبه، وربما جاء بلال، فآذنه بالصلاة قبل أن يغفى، وربما أغفى، وربما شككت أغفى أم لا، حتى يؤذنه بالصلاة قالت: فما زالت تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم) ].هنا أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وقد مر حديث في أول الكتاب -الذي هو: كتاب قيام الليل، وتطوع النهار- من طريق سعد بن هشام بن عامر هذا الذي جاء، وطلب من حكيم بن أفلح أن يذهب معه إلى أم المؤمنين عائشة، وسألته عن هذا من هو الذي معك؟ قال: إنه سعد بن هشام، فقالت: ابن هشام قال: ابن عامر قالت: رحم الله أباك، ثم إنه سألها عدة أسئلة عن خلقه، وعن صلاته في الليل، وعن وتره، وهذه الطريق مختصرة عن الطريق السابقة، وفيها أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يصلي العشاء، ثم ينام، ثم يقوم في جوف الليل، فيصلي ثمان ركعات، يخيل لـعائشة أنها متساوية في القراءة، والركوع، والسجود، ثم يأتي بركعة، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ولما أسن كان ينام بعد صلاة العشاء، ويستيقظ في جوف الليل، ويقضي حاجته ويتوضأ، ثم يصلي ستاً، ويصلي بعدها ركعة يوتر بها، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، فهذه صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي قائماً ويصلي جالساً، كان يصلي الليل جالساً، وقائماً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذه الرواية تختلف عن الرواية السابقة التي فيها أنه حصل فيها شيء من الخطأ أي: السابقة؛ وهي: أنه كان بعد أن يصلي ثماني ركعات يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يوتر بركعة، فيكون إحدى عشر، فجعل الثنتين وهو جالس متوسطة بين الثمان وبين الوتر، ولا شك أن تلك خطأ، كما قال النسائي نفسه قال: ولا أدري ممن الخطأ، وأما هذه الرواية فهي سليمة من الخطأ؛ لأن الوتر جاء بعد الثمان، يعني: صلاته تسع ثم أتى بركعتين وهو جالس، وبعدما أسن صلى ستاً، ثم صلى ركعة، ثم ركعتين وهو جالس. تراجم رجال إسناد حديث: (... فيصلي ثمان ركعات يخيل إلي أنه يسوي بينهن في القراءة والركوع والسجود ...) قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الأعلى]. هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة أيضاً. [حدثنا هشام]. هو هشام بن حسان البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الحسن]. هو الحسن بن أبي الحسن البصري، وهو ثقة، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [سعد بن هشام بن عامر]. ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عائشة]. قد مر ذكرها. الأسئلة الفرق بين علو الله تعالى وارتفاعه وبين علوه واستوائه السؤال: فضيلة الشيخ، ما الفرق بين علو الله تعالى وارتفاعه، وبين علوه واستوائه؟ وهل ورد عن السلف تفسير الاستواء بالجلوس؟ وهل يصح هذا التفسير؟ وجزاكم الله خيراً. الجواب: ما نعرف أنه جاء عن السلف تفسير الاستواء بالجلوس، وإنما عبارة السلف التي جاءت في تفسير الاستواء أربع وهي: علا، وارتفع، وصعد، واستقر، قد ذكرها ابن القيم في نونيته، وأن عباراتهم أربع هي هذه الأربع، وليس فيها ذكر الجلوس، وأما استواء الله عز وجل وعلوه، فالاستواء من صفات الأفعال، وهو استوى بعد خلق السماوات والأرض كما جاء في القرآن الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [الفرقان:59] وأما العلو: فهو من صفاته الملازمة له التي لا تتعلق بالمشيئة والإرادة، فهو عال، ومن صفات ذاته العلو، وإنما الذي يتعلق بالمشيئة هو الاستواء؛ لأنه من صفات الأفعال، وأما العلو فليس من صفات الأفعال، بل هو من صفات الذات. التفصيل في زكاة المشاريع الاستثمارية قبل استلام رأس مالها السؤال: فضيلة الشيخ، رجل أخذ مشروع عمل، ولم يدفع له المال إلا بعد ثلاث سنوات فهل الزكاة عليه أو على أهل المشروع؟ وهل يزكي هذا المال لثلاث سنوات إن كان عليه زكاة؟ الجواب: هو إذا ملكه فإنه إذا حال عليه الحول يزكيه، وإذا كان ملكه إياه من قبل وإنما أخره عند صاحبه الذي كان له عليه الحق، وهذا الشخص مليء، ويمكنه أن يعطيه متى أراد، ولكنه من طلب منه ذلك، فإنه يزكيه، ولو لم يقبضه؛ لأن الدين الذي على مليء مثل المال الذي في حوزة الإنسان؛ فإنه يحسبه مع ماله ويزكيه، وأما إذا كان غير مليء معسر، فإنه لمرة واحدة؛ لأنه ما دام أنه معسر قد لا يحصل عليه أبداً، فقد يكون معناه: أنه يصير من جملة الشيء الذي هو ميئوس منه. كيفية الجلوس في الصلاة السؤال: فضيلة الشيخ، ما هي كيفية الجلوس في الصلاة؟ الجواب: الجلوس في الصلاة الذي ورد، والذي جاءت به الأحاديث هو التورك والافتراش؛ الافتراش يكون بين السجدتين، ويكون في التشهد الأول، أو في الصلاة التي ليس فيها إلا تشهد واحد، والتورك يكون في التشهد الثاني من الصلاة التي فيها تشهدان، كالمغرب، والعشاء، والظهر، والعصر، فإن التورك يكون في التشهد الثاني من الصلاة ذات التشهدين، والمسألة خلافية بين العلماء منهم من قال: بالافتراش مطلقاً، ومنهم من قال: بالتورك مطلقاً، ومنهم من فصل، والتفصيل الذي ذكرت هو الأظهر، وهو الأرجح. أما بالنسبة للمريض فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] يفعل الذي يستطيع، إذا كان يستطيع أن يفعل هذا التفصيل يفعل، وإذا كان لا يستطيع الافتراش يتورك، أو لا يستطيع التورك يفترش. حكم استقدام عمال من الكفار في بلاد المسلمين السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز عقد الإجارة لبعض الممرضات الذميات داخل المدينة أو خارجها جنب الجامعة الإسلامية؟ أفتونا جزاكم الله خيراً. الجواب: أولاً: مجيء الكفار للجزيرة العربية، فقد جاء في السنة بأنه لا يسوغ، ولا يكون ذلك إلا إذا كان هناك ضرورة تلجئ إليه، فاستقدام عمال، وما إلى ذلك ممن يقوم مقامهم المسلمون، فإن هذا ليست من الضرورة، وهذا لا يجوز للناس المستقدمين أن يستقدموا الكفرة، وإنما يستقدموا المسلمين إذا كان هناك أمر يقتضي الاستقدام، وضرورة تلجئ إليه، والناس توسعوا في مسألة الاستقدام، وصار عندهم ترف فيما يتعلق بالاستقدام، وصاروا لا يحركون ساكناً إلا بعمال، وحتى البيوت كثر فيها العمال، فمثل هذا فيه محاذير، وفيه مفاسد كثيرة، ولو لم يكن فيه من المفاسد إلا كون المرأة تأتي بدون محرم، وهو خلاف السنة، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم) وأما بالنسبة للكافرات والكفار فلا يجوز استقدامهم للجزيرة إلا لضرورة تلجئ إلى ذلك، والناس توسعوا في هذا من غير ضرورة، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: (أمرت أن أخرج اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلماً) والحديث في صحيح مسلم . كيفية قنوت الوتر ووقته السؤال: فضيلة الشيخ، هل القنوت في الوتر بعد الركوع أم قبله، وما هي كيفيته؟ الجواب: قنوت الوتر يكون قبل الركوع وبعده، وكيفيته كما هو معلوم: فإنه يرفع اليدين في القنوت في الوتر، وأما في النوازل فقد جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام رفع اليدين، فيدعو بالدعاء الوارد، وكذلك أيضاً إذا دعا بشيء من الأدعية لا بأس بذلك؛ لأنه جاء عن بعض الصحابة أنهم كانوا يضيفون أدعية على ما جاء في حديث تعليم القنوت للحسن بن علي رضي الله تعالى عنه. حكم حلق الشعر الذي تحت الذقن السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم حلق الشعر الذي تحت الذقن، هل يعد من اللحية أم لا؟ الجواب: ليس للإنسان أن يتعرض لحلق وجهه، يعني: شعر لحيته وما يتصل بها إلا الشارب، فإنه يقصره ولا يحلقه، ومن المعلوم أن الإنسان إذا قرب الموس من اللحية فإنه يأكلها. الجمع بين قوله: (اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً) وبين صلاته بعد الوتر ركعتين السؤال: كيف يجمع بين قوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم من الليل وتراً) وبين أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر؟ الجواب: هذا قيل عنه: أنه ليبين الجواز وأن ذلك جائز، ولكن كون الإنسان يجعلها وتراً هذا هو الأصل، وإذا صلى بعد الوتر شيئاً من الصلوات فإنه جائز، وإذا استيقظ في آخر الليل وأراد أن يصلي وقد أوتر فله أن يصلي، لكن لا يوتر مرة أخرى، فهذا العمل الذي عمله الرسول صلى الله عليه وسلم يدل على جواز مثل ذلك العمل الذي قد يحتاج الإنسان إليه. حكم رفع اليدين في تكبيرات الجنازة السؤال: فضيلة الشيخ، هل رفع اليدين في الجنازة أفضل أم لا؟ الجواب: رفع اليدين في تكبيرات الجنازة جاءت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام من حديث ابن عمر مرفوعاً، وجاء عنه موقوفاً، والمرفوع فيه زيادة ثقة فيؤخذ بها، والسنة ثابتة في الرفع، فإذا أتى الإنسان بالرفع فقد أصاب السنة. عدد من سموا بأمير المؤمنين السؤال: فضيلة الشيخ، عن ذكر من سموا بأمير المؤمنين بالحديث وكم عددهم جزاكم الله خيراً؟ الجواب: ما أستطيع حصرهم، لكن أذكر منهم البخاري، والدارقطني، وإسحاق بن راهويه، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وقد جمعهم محمد حبيب الشنقيطي في قصيدة لكنه ذكر فيها أناساً قد تكلم فيهم، ومنهم عبد العزيز بن محمد الدراوردي الذي هو صدوق يخطئ، ذكره من بينهم، فهو جمعهم، وفيهم من لا يسلّم، ولعله قال ذلك بعض الناس وما التفت إلى الذي قيل فيه من التضعيف، لكن مثل من قيل فيه صدوق يخطئ أو كذا لا يصلح أن يوصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، أنا ما أتذكرهم، لكن هذا الذي أذكر منهم. حكم الأذان للمرأة السؤال: فضيلة الشيخ، هل يشرع للمرأة أن تؤذن للنساء؟ الجواب: ليس على النساء أذان ولا إقامة. نواقض الإسلام السؤال: ما هي نواقض الإسلام؟ الجواب: نواقض الإسلام يمكن للإنسان أن يقرأ في كتب الفقه حكم المرتد، فإنهم يذكرون صيغاً عديدة، وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ذكر عشرة منها مطبوعة ومنتشرة يمكن للإنسان يطلع عليها، ويمكن أن يرجع إلى باب حكم المرتد من كتب الفقه، فيجد أسماء كثيرة، وألفاظاً كثيرة يوصف من قالها بأنه مرتد وأنه كافر والعياذ بالله. حكم إيصال الماء تحت الذقن عند غسل الوجه السؤال: هل يجوز إيصال الماء تحت الذقن في الوضوء عند غسل الوجه؟ الجواب: لا، الوجه هو ما تحصل به المواجهة، ومن السنة تخليل اللحية، وليس بواجب، وإنما يغسل ما تحصل به المواجهة، وتخليل اللحية مستحب، أي: كونه يدخل أصابعه وهي مبلولة بين الشعر، لكن كونه يغسل من داخل ليس هذا داخل في الوضوء.
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الصلاة (كتاب قيام الليل وتطوع النهار) (298) - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - باب صلاة القاعد في النافلة، وذكر الاختلاف على أبي إسحاق في ذلك جاء الشرع الحكيم بالتوسعة على المكلفين في جواز أداء صلاة النافلة قاعداً بغير عذر، على أن لفاعله نصف أجر القائم، ترغيباً في الإكثار من صلاة النافلة، كما أن من صلاها قاعداً لعذر فله الأجر كاملاً. صلاة القاعد في النافلة وذكر الاختلاف على أبي إسحاق في ذلك شرح حديث: (... وما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صلاة القاعد في النافلة وذكر الاختلاف على أبي إسحاق في ذلك. أخبرنا عمرو بن علي عن حديث أبي عاصم حدثنا عمر بن أبي زائدة حدثني أبو إسحاق عن الأسود عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتنع من وجهي وهو صائم، وما مات حتى كان أكثر صلاته قاعداً، ثم ذكرت كلمة معناها: (إلا المكتوبة) وكان أحب العمل إليه ما دام عليه الإنسان، وإن كان يسيراً) خالفه يونس رواه عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة]. يقول النسائي رحمه الله: صلاة القاعد في النافلة، وذكر اختلافه على أبي إسحاق في ذلك، المقصود من هذه الترجمة أن الصلاة عن الجلوس في النافلة أن ذلك سائغ وجائز، ولو كان قادراً، إلا أن الأولى للإنسان مع القدرة أن يصلي عن قيام؛ لأنه أكمل وأفضل؛ ولأن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم في الأجر، فالصلاة عن قيام هي الأفضل والأكمل، أما إذا كان صلى قاعداً لمرضه وهو لا يستطيع أن يصلي قائماً، فله مثل أجر القائم، كما ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم). الحاصل: أن صلاة القاعد في حال المرض، هو القيام بما يقدر عليه الإنسان، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (صل قائماً فإن لم تستطع، فقاعداً فإن لم تستطع، فعلى جنب) قال ذلك لـعمران بن حصين رضي الله تعالى عنه. وقد أورد النسائي حديث عن عائشة، وعن أم سلمة، وعن حفصة رضي الله تعالى عنهن في ذلك، وأولها حديث عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها قالت: (ما كان يمتنع من وجهي وهو صائم) أي: أنه ما كان يمتنع من تقبيلها وهو صائم، بل كان يقبل وهو صائم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على أن التقبيل للصائم، إذا كان الإنسان يملك نفسه، ولا يخشى أن يترتب عليه ما يفسد الصيام، فإن ذلك سائغ، ولا بأس به. قالت: (وما مات حتى كان أكثر صلاته قاعداً) عليه الصلاة والسلام، وهذا في آخر أمره عليه الصلاة والسلام إما للمرض وإما لوجود مشقة، وإن كان قادراً فليبين الحكم للأمة وهو الجواز، والنبي عليه الصلاة والسلام ما فعل ذلك إلا في آخر عمره عليه الصلاة والسلام، فمع عدم القدرة الأمر في ذلك واضح، وقد عرفنا الدليل الذي يدل عليه ومع القدرة فهو يبين للناس الجواز، صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. (ثم ذكرت كلمة معناها: إلا المكتوبة)، يعني: النبي عليه الصلاة والسلام ما كان يصلي المكتوبة إلا قائماً، والمقصود: أن الذي كان يفعله إنما هو في النافلة، وأما المكتوبة فكان لا يصليها إلا عن قيام عليه الصلاة والسلام، إلا إذا مرض فإنه يصليها عن جلوس كما فعل ذلك عليه الصلاة والسلام في آخر حياته، حيث صلى بالناس جالساً، وأبو بكر عن يمينه يصلي بصلاة رسول الله عليه الصلاة والسلام، والناس يصلون بصلاة أبي بكر. قالت: (وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه الإنسان وإن كان يسيراً ). يعني: ولو كان الذي يداوم عليه يسيراً، فإن هذا هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، والأحب إلى رسول الله هو الأحب إلى الله كما جاء في الحديث: (وإن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل) ولا يقال: إن الأحب إلى رسول الله يختلف عن الأحب إلى الله، وأن الله تعالى يكون شيء إليه أحب، ويكون غيره أحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، بل محبته تابعة لمحبة الله، وما كان إلى الله أحب، فهو إلى رسوله عليه الصلاة والسلام أحب. ومما يذكر هنا أن النبي عليه الصلاة والسلام لما هاجر من مكة إلى المدينة، لم يهاجر إلى المدينة لأنها أفضل من مكة، بل جاء عنه ما يدل على أن مكة أفضل، حيث قال عندما هاجر كما جاء في الحديث الصحيح: (إنك أحب بلاد الله إلى الله، ولولا أنني أخرجت لما خرجت) وهذا يدل على أن مكة أحب البلاد إلى الله عز وجل، وهناك حديث موضوع بخلاف هذا، وفيه أن الأحب إلى رسول الله غير الأحب إلى الله، وهو الحديث الذي يقال فيه: (إنك أخرجتني من أحب البلاد إليّ، فأسكني بأحب البقاع -أو البلاد- إليك) وهي المدينة، فهذا فيه أن الأحب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مكة، وأن الأحب إلى الله المدينة، وهذا حديث موضوع من جهة أن فيه المخالفة بين ما يحبه الله وما يحبه الرسول وهذا ليس بصحيح، بل الأحب إلى الله هو الأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام. والأمر الثاني: أنه يخالف نص الحديث الثابت الصحيح الذي يدل على أن مكة هي أحب البلاد إلى الله (إنك أحب بلاد الله إلى الله) فالأحب إلى الله هو الأحب إلى رسول الله، وفي الحديث الذي معنا أن أحب العمل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم الدائم ولو كان يسيراً، والحديث الصحيح الذي مر بنا فيه: (عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا، وأن أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل) وإنما كان العمل الدائم، ولو كان قليلاً أحب إلى الله، وأحب إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام؛ لأنه دائم ومستمر، ولأن الإنسان يفعل ذلك في أيامه ولياليه، فهو مستمر على القليل، بخلاف الإنسان الذي يهمل، ثم ينشط في بعض الأحيان، وكثير من الأحيان يهمل ويغفل، فالأجل قد يوافيه وهو في حال الغفلة، لكنه إذا كان على عمل دائم مستمر عليه، فإنه على خير، والأجل إذا وافاه يوافيه وهو على عمل دائم وعلى عمل مستمر، ويقولون: قليل تداوم عليه خير من كثير تنقطع عنه. تراجم رجال إسناد حديث: (... وما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً ...) قوله: [أخبرنا عمرو بن علي].هو الفلاس المحدث، الثقة، المتكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، ويأتي ذكره في كتب التراجم يوثق ويجرح، فيقال: وثقه الفلاس، ضعفه الفلاس قال فيه الفلاس: كذا، أو يقول فيه عمرو بن علي: كذا لقبه الفلاس البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حديث أبي عاصم]. هو النبيل، أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني البصري الملقب النبيل، وهو من كبار شيوخ البخاري، والنسائي يروي عنه بواسطة، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا عمر بن أبي زائدة]. صدوق، أخرج له البخاري، ومسلم، والنسائي. [حدثني أبو إسحاق]. هو عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي الكوفي، ينسب إلى قبيلة همدان نسبة عامة، وينسب إلى سبيع، وهو مشهور بالنسبة إلى سبيع، وهم بطن من همدان وهي نسبة خاصة، فهو: أبو إسحاق السبيعي وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن الأسود]. هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي، وهو ثقة، مخضرم، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، والمخضرم: هو الذي أدرك الجاهلية والإسلام، ولم يلق النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء يقال لهم: المخضرمون، منهم: الأسود بن يزيد بن قيس، ومنهم: أبو وائل شقيق بن سلمة، ومنهم: الصنابحي، ومنهم: سويد بن غفلة، ومنهم: المعرور بن سويد، وهم عدد يزيدون على العشرين جمعهم الإمام مسلم رحمه الله. [عن عائشة]. هي عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، الصديقة بنت الصديق التي حفظت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا سيما السنن المتعلقة بالبيوت التي لا يطلع عليها إلا النساء، فإنها من أوعية العلم، ممن حفظ الله تعالى بها السنة، وهي واحدة من سبعة أشخاص من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم: أبو هريرة، وابن عمر، وابن عباس، وأبو سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأنس بن مالك وأم المؤمنين عائشة، ستة رجال وامرأة واحدة رضي الله تعالى عنهم وعن الصحابة أجمعين. ثم قال: [خالفه يونس رواه عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة]. هنا ذكر النسائي رواية أخرى عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة، وسيأتي بيانها في الإسناد التالي الذي فيه هذه الطريق التي أشار إليها. شرح حديث: (ما قبض رسول الله حتى كان أكثر صلاته جالساً ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا سليمان بن سلم البلخي حدثنا النضر أخبرنا يونس عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته جالساً إلا المكتوبة) خالفه شعبة وسفيان وقالا: عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة].أورد النسائي حديث أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهو مثل حديث عائشة، أنه (ما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته جالساً إلا المكتوبة)، يعني: في آخر عمره عليه الصلاة والسلام، وجاء في حديث حفصة أنه قبل أن يموت بعام، وهذا يبين أنه كان في آخر حياته عليه الصلاة والسلام كان كذلك، يعني: أن النوافل أكثر ما كان يصليها وهو جالس، وأما المكتوبة فإنه يصليها وهو قائم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث: (ما قبض رسول الله حتى كان أكثر صلاته جالساً ...) قوله: [أخبرنا سليمان بن سلم البلخي].ثقة، أخرج له أبو داود، والترمذي، والنسائي. [حدثنا النضر]. هو النضر بن شميل، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرنا يونس]. هو يونس بن أبي إسحاق السبيعي، وهو صدوق، يهم قليلاً، وقد أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة، ويونس بن أبي إسحاق هو أبو إسرائيل وأبو عيسى الذين يأتي ذكرهما في بعض الأسانيد هذا أبوهم يونس بن أبي إسحاق. [عن أبي إسحاق عن الأسود عن أم سلمة]. أبو إسحاق، والأسود، قد مر ذكرهما، وأم سلمة هي أم المؤمنين هند بنت أبي أمية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة. ثم ذكر بعد هذه الطريق طريقين: إحداهما من طريق شعبة، والثانية من طريق سفيان، وهما مخالفان في الرواية لهذه الطريقة السابقة، والطريقة الأولى هي طريق شعبة. وجه المخالفة من حيث الرواية، هذا رواه عن طريق أم سلمة، وهذا رواه عن طريق عائشة، والمخالفة ليست مخالفة تؤثر، بل هما حديثان، إلا أن أبا إسحاق رواه من طريقين: عن الأسود عن عائشة، وعن الأسود عن أم سلمة، وهما حديثان كل منهما صحيح. حديث: (ما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً ...) من طريق ثانية وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن شعبة عن أبي إسحاق سمعت أبا سلمة عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته قاعداً إلا الفريضة، وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل)].أورد النسائي حديث أم سلمة من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله، فيه (وكان أحب العمل إليه أدومه وإن قل). وهذه الطريق فيها بالإضافة إلى أنه كان يصلي في آخر عمره أكثر صلاته النافلة وهو قاعد إلا المكتوبة، فإنه يصليها عن قيام، وفيه بالإضافة إلى ذلك أن أحب العمل إليه الأدوم وإن كان قليلاً. قوله: [أخبرنا إسماعيل بن مسعود]. هو إسماعيل بن مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا خالد]. هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن شعبة]. هو شعبة بن الحجاج الواسطي، ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق]. وقد مر ذكره. [عن أبي سلمة]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، أحد الفقهاء السبعة في عصر التابعين في المدينة على أحد الأقوال في السابع. [عن أم سلمة]. وقد مر ذكرها. هذه طريق شعبة، فيها أن أبا إسحاق يرويه من طريق أبي سلمة، والطريق السابقة: أبو إسحاق يرويه من طريق الأسود عن أم سلمة، وهذا يرويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله تعالى عنها. حديث: (ما مات رسول الله حتى كان أكثر صلاته قاعداً إلا المكتوبة) من طريق ثالثة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد حدثنا يزيد حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: (والذي نفسي بيده، ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان أكثر صلاته قاعداً إلا المكتوبة، وكان أحب العمل إليه ما داوم عليه وإن قل) خالفه عثمان بن أبي سليمان، فرواه عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله تعالى عنها]. وهذه الطريق مثل الطريق السابقة، من حيث رواية أبي إسحاق؛ لأنها عن أبي سلمة عن أم سلمة، ولهذا قال: خالفه شعبة، وسفيان، رووه عن طريق أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة، يعني: رواية سفيان، ورواية شعبة متفقتان في رواية أبي إسحاق عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها، والمتن هو المتن الذي قبل هذا. قوله: [أخبرنا عبد الله بن عبد الصمد]. هو عبد الله بن عبد الصمد الموصلي، وهو صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا يزيد]. يزيد هنا غير منسوب، ولا أدري من هو، ولم يذكر المزي في ترجمة عبد الله بن عبد الصمد في شيوخه من يسمى يزيد، وفي ترجمة سفيان الثوري، ذكر في تلاميذه ثلاثة ممن يسمونه يزيد، وهم: يزيد بن أبي حكيم، ويزيد بن هارون الواسطي، ويزيد بن زريع البصري، فهؤلاء الثلاثة الذين يروون عن سفيان كلهم ثقات. فإذا كان أحد هؤلاء الثلاثة الذين يروون عن سفيان الثوري فكيفما دار الحديث، فهو دار على ثقة سواء يكون هذا، أو هذا، أو هذا. [حدثنا سفيان]. هو ابن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة، ثبت، حجة، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن أبي إسحاق عن أبي سلمة عن أم سلمة]. وقد مر ذكرهم. ثم ذكر المخالفة، وقال: [خالفه عثمان بن أبي سليمان فرواه عن أبي سلمة عن عائشة]. ثم ذكر طريقاً أخرى، ليس فيها أبو إسحاق، وإنما فيها: عثمان بن أبي سليمان عن أبي سلمة عن عائشة. يتبع
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() شرح حديث: (أن النبي لم يمت حتى كان يصلي كثيراً من صلاته وهو جالس) من طريق رابعة قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا الحسن بن محمد عن حجاج عن ابن جريج أخبرني عثمان بن أبي سليمان أن أبا سلمة أخبره أن عائشة رضي الله تعالى عنها أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت حتى كان يصلي كثيراً من صلاته وهو جالس].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها من طريق أخرى، وقد مر من طريق أبي إسحاق، وهذه ليست من طريق أبي إسحاق، وقد ذكر في الترجمة، واختلاف الناقلين عن أبي إسحاق أي: ليس في جميع الطرق التي جاءت في هذا الباب، وإنما في أكثرها، أنها جاءت من طريق أبي إسحاق، وكلها طرق صحيحة ثابتة ولا تنافي بينها، وهذه طريق أخرى عن عائشة رضي الله عنها، ليست من طريق أبي إسحاق، وهي مثل التي قبلها من جهة أن النبي عليه الصلاة والسلام لم يمت حتى كان أكثر صلاته قاعداً صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث: (أن النبي لم يمت حتى كان يصلي كثيراً من صلاته وهو جالس) من طريق رابعة قوله: [أخبرنا الحسن بن محمد]. هو الحسن بن محمد الزعفراني، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأصحاب السنن الأربعة. [عن حجاج]. هو: حجاج بن محمد المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن ابن جريج]. هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، فقيه، يرسل ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [أخبرني عثمان بن أبي سليمان]. هو عثمان بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم النوفلي المكي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم وأبو داود، والترمذي في الشمائل، والنسائي، وابن ماجه. [أن أبا سلمة أخبره أن عائشة]. وقد مر ذكرهم. شرح حديث عائشة: (هل كان رسول الله يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أبو الأشعث عن يزيد بن زريع أخبرني الجريري عن عبد الله بن شقيق قلت لـعائشة رضي الله تعالى عنها: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم بعدما حطمه الناس].أورد النسائي حديث عائشة رضي الله تعالى عنها، أن عبد الله بن شقيق سألها [أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعداً؟ قالت: نعم بعدما حطمه الناس]، يعني: بعدما كبر، وكثرت مشاغله، وأثقال الناس عليه وهذا في آخر حياته كان كذلك، أي: أنه يصلي قاعداً، فالمقصود من ذلك: أنه بعدما كبر، وثقلت أحماله وحطمه الناس، وليس معنى حطمه الناس أنه حصل له شيئاً يؤذيه أو ما إلى ذلك من الناس، وإنما بانشغاله بهم واهتمامه بهم، بقيامه بالأعباء الجسيمة والعظيمة، التي انشغل بها، فصار في آخر حياته يصلي وهو قاعد، يعني: ليس دائماً وإنما في كثير من أحيانه عليه الصلاة والسلام وذلك إنما هو في النافلة. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (هل كان رسول الله يصلي وهو قاعد؟ قالت: نعم ...) قوله: [أخبرنا أبو الأشعث].هو أحمد بن المقدام، وهو صدوق، أخرج حديثه البخاري، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. [عن يزيد]. هو يزيد بن زريع البصري وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أخبرني الجريري]. هو سعيد بن إياس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن شقيق]. هو عبد الله بن شقيق العقيلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [قلت لـعائشة]. وقد مر ذكرها. شرح حديث حفصة: (ما رأيت رسول الله صلى في سبحته قاعداً حتى كان قبل وفاته بعام ...) قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة عن مالك عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبي وداعة عن حفصة رضي الله تعالى عنها قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في سبحته قاعدا قط حتى كان قبل وفاته بعام، فكان يصلي قاعدا يقرأ بالسورة، فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها)].أورد النسائي حديث حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها وأرضاها، أنها ما رأت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في سبحته -يعني: نافلته؛ لأن السبحة هي النافلة- إلا قائماً، حتى كان قبل موته بعام، فكان يصلي جالساً، وكان يقرأ السورة، فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها أي: بسبب الترتيل، حتى تكون أطول من أطول منها بسبب ترتيله في القراءة صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وهذا الحديث يبين أن كونه يصلي قاعداً، أن ذلك كان في السنة التي بقيت من عمره عليه الصلاة والسلام؛ لأن حفصة تقول: ما رأيته يصلي قائماً إلا قبل موته بعام. تراجم رجال إسناد حديث حفصة: (ما رأيت رسول الله صلى في سبحته قاعداً حتى كان قبل وفاته بعام ...) قوله: [أخبرنا قتيبة].هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن مالك]. هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث، الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن ابن شهاب]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من صغار التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن السائب بن يزيد]. صحابي صغير، حج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره سبع سنوات، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن المطلب بن أبي وداعة]. صحابي، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن حفصة]. هي أم المؤمنين بنت عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنها وعن أبيها وعن الصحابة أجمعين، وحديثها عند أصحاب الكتب الستة. والحديث فيه رواية ثلاثة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض، وهم: السائب بن يزيد، والمطلب بن أبي وداعة، وحفصة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها. الأسئلة حكم مداومة الشبع في الطعام السؤال: فضيلة الشيخ! هل يختص القول بأن المداومة على الشبع حرام؟ وهل هذا القول له أصل في السنة؟ الجواب: لا أعلم شيئاً يدل على تحريم الشبع يعني عند الأكل، وكون الإنسان يأكل، ويشبع لا أعلم شيء يدل على تحريمه. حكم الوتر بركعة واحدة فقط السؤال: فضيلة الشيخ! رجل تعود في صلاة الوتر أنه يصلي واحدة، فهل عليه من إثم في ترك ثلاث ركعات أو أكثر كما ورد؟ أرجو الإفادة؟. الجواب: ليس عليه إثم، ولكنه ترك الأفضل والأولى، والأولى للإنسان أن لا يوتر بواحدة فقط لا يسبقها ركعتان أو أربع ركعات، وإذا أوتر بركعة، فذلك سائغ، ولا مانع منه، وقد جاء ما يدل عليه في السنة في صحيح البخاري عن معاوية رضي الله عنه أنه كان يوتر بواحدة، فقيل لـعائشة قالت: إنه لفقيه يعني: أنه لا بأس بذلك، ولا مانع منه، ولكن كونه يضاف إليها ركعتان، أو أربع، أو أكثر من ذلك قبلها لا شك أنه هو الأولى، والأكمل، والأفضل. استواء الرجال والنساء في الصلاة قياماً أو قعوداً السؤال: فضيلة الشيخ! يقولون إن صلاة المرأة وهي قاعدة أفضل، وذلك لأنه أستر لها، فما وجه ذلك؟ وهل يصح أن تصلي قاعدة؟ الجواب: في الفريضة لا يجوز لها أن تصلي وهي قاعدة بل هي مثل الرجال، وكذلك بالنسبة للنافلة هي حكمها حكم الرجال، ولا أعلم شيئاً يدل على أنها تصلي وهي جالسة، والأحكام التي تثبت في الرجال تثبت لها، إلا إذا جاء شيء يدل على تمييزها عن الرجال بشيء من الأحكام، أو تمييز الرجال على النساء بشيء من الأحكام، فعند ذلك يصار إلى ما جاءت به الأدلة من التمييز، وإلا فإن الأصل هو تساوي الرجال والنساء في الأحكام، وعدم التفريق في الأحكام. وبالنسبة للفريضة: كل يجب عليه أن يصلي قائماً، وأما بالنسبة للنافلة فالكلام الذي قلته آنفاً هو في حق الرجال والنساء، من صلى قاعداً لمرضه فهو مأجور مثل أجر القائم، ومن صلى قاعداً مع صحته وعافيته فعمله صحيح وله مثل أجر نصف القائم. منتهى وصول الرسول صلى الله عليه وسلم في الإسراء ومعنى سدرة المنتهى السؤال: فضيلة الشيخ! ما هو منتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسراء؟ وهل تجاوز سدرة المنتهى؟ وما هي سدرة المنتهى؟ أفتونا جزاكم الله خير. الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم تجاوز السماء السابعة ورأى سدرة المنتهى، ولا ندري إلى أي شيء انتهى بعد ذلك، وأما سدرة المنتهى، فهي: شجرة يقال لها: سدرة المنتهى. مدى صحبة محمود بن لبيد السؤال: فضيلة الشيخ! محمود بن لبيد هل هو صحابي أم لا؟ الجواب: نعم، هو صحابي صغير. حكم الهجوم الانتحاري على العدو السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الهجوم الانتحاري على العدو؟ بقصد تكبيده في الأرواح والأموال بعدم القدرة عليه عدةً وعدداً. الجواب: ليس للإنسان أن يقتل نفسه، إذا وجد الجهاد في سبيل الله ليجاهد في سبيل الله، ولكن ليس له أن يلقي بنفسه إلى التهلكة. حكم الأذان من الشريط للصلاة المكتوبة السؤال: فضيلة الشيخ! هل يجوز الأذان من الشريط للصلاة المكتوبة؟ الجواب: ليس للناس أن يتخذوا الأشرطة ليؤذن بواسطتها، وإنما يؤذن مؤذن بصوته، وبنفسه، لا يعتمد الناس على أشرطة، فيفتحونها أمام المكبر ويترك الأذان؛ لأن الأصل هو هذا، وليس هناك ما يقتضيه أو ضرورة تلجئ إليه، وما دام المصلون، ولو كان رجلاً واحداً فإنه يؤذن لنفسه، وليس عن طريق الأشرطة؛ لأن هذا فيه كسل وفيه خمول، وفيه استهانة بالقيام بهذه الشعيرة، ومن المعلوم: أن الأذان له صفة معلومة، وله هيئة، وفيه التفات عند الحيعلة يعني: حي على الصلاة حي على الفلاح، ومثل هذا لا يوجد الأذان في الشريط. الجمع بين جواز الزواج بالكتابية وتحريم الزواج بالمشركة مع وقوع أهل الكتاب في الشرك السؤال: فضيلة الشيخ، لقد أباح الشارع التزوج بالكتابيين، فهل يدخل في ذلك من يحمل عليه وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ [التوبة:30]؟ مع العلم، أن هذا الصنف يحكم عليه بالشرك، فقد قال الله تعالى: وَلا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ [البقرة:221]؟ الجواب: أحل الله تعالى الزواج من الكتابيات، وأباحه؛ لأنهن لهن الارتباط بالدين، وإن كان ذلك الدين حصل فيه تحريف، وحصل فيه تبديل، لكن من يرتبط بدين، ومن ينتمي إلى دين جاء من عند الله، فلا شك أنه خير ممن لا ينتمي إلى دين أصلاً، وإن كان الكل كفاراً، يعني: اليهود والنصارى كفار، والمشركون الذين هم عبدة الأوثان، كفار، والله عز وجل يقول: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِين َ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ [البينة:1] لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلاثَةٍ [المائدة:73] وقد قال: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ [المائدة:17]، فالكفر ملة واحدة، لكن الله عز وجل ميز بين اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب، فأحل نساءهم، وأحل لنا ذبائحهم، ولم يحل لهم نساءنا، ومن المعلوم: أن الكتابية كافرة فهو يتزوجها على أنها كافرة، وليست مسلمة، والله عز وجل قال: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30]، عندهم شرك، وهم كفار لكن ليسوا مثل عبدة الأوثان، الذين ما ينتمون إلى السماء، ولا ينتمون إلى الديانات التي جاءت من عند الله، ولهذا صار بعض الكفار أقرب من بعض، ولهذا المسلمون، فرحوا بانتصار الروم على الفرس؛ لأن أولئك مجوس وعبدة أوثان، وأما الروم فينتمون إلى دين، وبعض الشر أهون من بعض، وبعض الكفر أهون من بعض، وإن كان الكل في النار، والكل خارج عن الإسلام، لكن الكفار ليسوا على حد سواء، بعضهم أشد من بعض وأخبث من بعض، ولهذا نجد الفرق بين ملك الفرس وملك الروم، ملك الفرس، مزق كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاء إليه، وأما ملك الروم فاحترم هذا الكتاب، واحتفظ به، وقدره، وجمع جماعة حوله لما كان أبو سفيان وجمع معه في الشام. ولهذا: فيه كفار يصدون عن سبيل الله، وكفار لا يصدون عن سبيل الله، والذي يصد عن سبيل الله أشد من الكافر الذي لا يصد عن سبيل الله، والله يقول: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ العَذَابِ [النحل:88]. لكن مما هو معلوم: هن وإن أحللن لنا إلا أن نكاح المسلمات أولى من نكاح الكتابيات، وإن كان ذلك سائغاً إلا أن نكاح المسلمة أولى. سماع الموتى في قبورهم السؤال: فضيلة الشيخ! هل الأموات يسمعون في قبورهم دائماً؟ الجواب: أقول: ما نعلم أنهم يسمعون كل شيء، وأنهم يسمعون دائماً، لكن ورد في السنة ما يدل على أن الكفار الذين هم كفار قريش، الذين قتلوا في بدر وأودعوا في القليب، أن الرسول صلى الله عليه وسلم خاطبهم وكلمهم، فكان يكلمهم، فقيل: تكلمهم وهم نتنى قد جيفوا؟ قال: لستم أسمع لما أقول منهم، وهذا يفيد بأن الله عز وجل أسمعهم كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كانوا أموات؛ لأن في ذلك زيادة تكبيت لهم.
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() شرح سنن النسائي - للشيخ : ( عبد المحسن العباد ) - كتاب الصلاة (كتاب قيام الليل وتطوع النهار) (299) - كتاب قيام الليل وتطوع النهار - (باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد) إلى (باب فضل السر على الجهر) من رحمة الله بهذه الأمة أن خفف عنهم ما لم يخفف عن غيرهم من الأمم، ومن ذلك أن المصلي إذا كان شق عليه القيام دون ضرر كبير فله أن يصلي قاعداً وله نصف أجر القائم، وله أن يضطجع إذا شق عليه القعود، ومن كرمه سبحانه أن يكتب عمل المسافر والمريض تاماً إذا كان محافظاً ومداوماً عليه أثناء عافيته وحضره. فضل صلاة القائم على صلاة القاعد شرح حديث: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل صلاة القائم على صلاة القاعد.أخبرنا عبيد الله بن سعيد حدثنا يحيى عن سفيان حدثنا منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي جالساً، فقلت: حدثت أنك قلت أن صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم وأنت تصلي قاعداً، قال: أجل، ولكني لست كأحد منكم)]. فيه أن من أحوال أفعاله عليه الصلاة والسلام أنه يفعل الشيء للتشريع، ولبيان الحكم بأنه جائز، وأنه سائغ، وأنه ليس بممنوع، ولكن أجره عظيم عند الله عز وجل، في جميع الأحوال حالة قعوده، وحالة قيامه صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) قوله: [أخبرنا عبيد الله بن سعيد].هو السرخسي، وهو ثقة، مأمون، سني، كما قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وقيل له سني؛ لأنه أظهر السنة في بلده، وحديثه أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي. [حدثنا يحيى]. هو ابن سعيد القطان البصري، ثقة، ثبت، ناقد، متكلم في الرجال جرحاً، وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن سفيان]. هو سفيان بن سعيد المسروق الثوري، وهو ثقة، ثبت، إمام، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [حدثنا منصور]. هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، من أقران الأعمش، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن هلال بن يساف]. هو هلال بن يساف الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن أبي يحيى]. هو مصدع الأعرج، قال عنه الحافظ في التقريب: إنه مقبول، وحديثه أخرجه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن عبد الله بن عمرو]. هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما، وهو صحابي مشهور، وحديثه عنه أصحاب الكتب الستة، والحديث الذي معنا أخرجه مسلم في صحيحه، وهو من رواية أبي يحيى مصدع الأعرج، وهو مقبول في رأي الحافظ ابن حجر وأنه يحتاج إلى متابعة. فضل صلاة القاعد على صلاة النائم شرح حديث: (... ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فضل صلاة القاعد على صلاة النائم.أخبرنا حميد بن مسعدة عن سفيان بن حبيب عن حسين المعلم عن عبد الله بن بريدة عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه قال: (سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الذي يصلي قاعداً؟ قال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر القاعد)]. ثم أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل صلاة القاعد على صلاة النائم، المقصود بالنائم هو: المضطجع، وليس النائم الذي هو النوم المعروف؛ لأن مثل هذا لا يصلي وليس من أهل الصلاة يعني: في حال نومه، وإنما المقصود من ذلك أنه مضطجع أي: كشأن النائم الذي يضطجع، هذا هو المقصود من الترجمة وبالحديث الذي تحت هذه الترجمة: فضل صلاة القاعد على صلاة النائم. وقد أورد النسائي فيه، حديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهما (أنه سأل النبي عليه الصلاة والسلام عن صلاة القاعد فقال: من صلى قائماً فهو أفضل، ومن صلى قاعداً فله نصف أجر صلاة القائم، ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد)، فالحديث دال على ما دلت عليه الترجمة السابقة، من جهة تفضيل صلاة القائم على صلاة القاعد، وفيه أيضاً تفضيل صلاة القاعد على صلاة النائم، أي: المضطجع الذي يصلي مضطجعاً، وبعض أهل العلم قال: إن هذا الحديث بعمومه يدل على أن النوافل تصلى حتى في حال النوم، وأنه إذا صلى متنفلاً مضطجعاً فإن صلاته تصح بهذا الحديث، وأنها على النصف من صلاة القاعد، ومن المعلوم أن القاعد على النصف من صلاة القائم فتكون على الربع من صلاة القائم التي هي: صلاة المضطجع. ومن العلماء من قال: إن الحديث ليس بما يتعلق بالنسبة للنافلة وإنما هو في الفريضة، وقالوا: إنه لم يعهد عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه فعل ذلك أبداً، ولا على أحد من أصحابه أنهم كانوا يصلون مضطجعين، وقالوا: إن هذا الحديث يحمل على صلاة الفريضة، وأن المقصود بذلك: أن الذي يصلي مضطجعاً مع قدرته على الجلوس ولكنه يشق عليه، فإن من يصلي قاعداً مع مشقة القعود عليه فله أن يصلي نائماً -أي: مضطجعاً- فهو أعظم أجراً ممن صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس مع المشقة، وكذلك قالوا بالنسبة للقاعد أن من عنده قدرة على القيام ولكنه يشق عليه أن يقوم ولكنه تحامل وقام وصلى مع مشقته عليه فإنه يكون أعظم أجراً ممن صلى جالساً، مع حصول المشقة عليه في القيام، فيكون من صلى جالساً مع أنه قادر على أن يصلي قائماً مع المشقة فإنه أجره على النصف من صلاة القائم الذي تحامل وقام للصلاة مع المشقة، وكذلك النائم الذي هو: المضطجع، إذا كان قادراً على القعود، ولكنه لم يكلف نفسه مع وجود المشقة عليه، فإن أجره على النصف من أجر القاعد الذي هو مثله ولكنه تحمّل المشقة وصلى قاعداً، مع وجود المشقة فإنه يكون أعظم أجراً ممن صلى مضطجعاً، مع أنه قادر على القيام أو على الجلوس مع وجود المشقة. وقالوا في الحديث الذي أورده البخاري في صحيحه: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم) أن المقصود منه الذي اعتاد شيئاً في حال الصحة، ولكنه لم يتمكن منه في حال المرض فإنه يكتب له من الأجر ما كان يعمل وهو صحيح مقيم، وهو مثل ما جاء في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وفيه أن ابنه أبا بردة بن أبي موسى سافر هو ويزيد بن أبي كبشة، فكان يزيد يصوم في السفر، فقال له أبو بردة أفطر فإنني سمعت أبا موسى يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا مرض العبد أو سافر كتب له ما كان يعمل وهو صحيح مقيم). والحديث الذي ذكرته في البخاري، يدل على أن من كان يفعل شيئاً وعجز عنه في حال مرضه وكان يعمله في حال صحته فإن الله تعالى يكتب له مثل ما كان يعمل وهو مقيم، لكن لا شك أن من كان قادراً على الجلوس، ولكن عليه مشقة لا تلحق به ضرراً ثم إنه صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس لا شك أنهما ليسوا سواء، الذي جلس مع حصول المشقة والذي صلى مضطجعاً مع قدرته على الجلوس مع المشقة، قالوا: وعلى هذا يحمل ما جاء في هذا الحديث على أن المراد به من يكون في الفرائض، ويكون قادراً على الجلوس مع المشقة وصلى في حال الاضطجاع. وأكثر العلماء قالوا أن الحديث لا يحمل على المتنفل؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم ما علم عنه أنه صلى ولو مرة واحدة في حال اضطجاعه متنفلاً، وكذلك لم يعلم عن أحد من الصحابة والتابعين أنهم فعلوا ذلك أي: الصلاة النافلة في حال الاضطجاع، قالوا: والحديث محمول على الفريضة وأن المقصود به هو من يشق عليه الجلوس ويقدر عليه، ولكنه صلى مضطجعاً فهو يكون على النصف من أجر من كان مثله، ولكنه تحمل المشقة التي لا يلحقه بها ضرر كبير، وصلى جالساً فالمضطجع على النصف من أجر الجالس. تراجم رجال إسناد حديث: (... ومن صلى نائماً فله نصف أجر صلاة القاعد) قوله: [أخبرنا حميد بن مسعدة].هو حميد بن مسعدة البصري، وهو صدوق، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن سفيان]. هو سفيان بن حبيب البصري، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب، وأصحاب السنن. [عن حسين المعلم]. هو حسين بن ذكوان المعلم البصري، وهو ثقة ربما وهم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن بريدة]. هو عبد الله بن بريدة بن الحصيب الأسلمي المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عمران بن حصين]. صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنيته أبو نجيد، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. كيف صلاة القاعد شرح حديث عائشة: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف صلاة القاعد.أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا أبو داود الحفري عن حفص عن حميد عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً)، قال أبو عبد الرحمن: لا أعلم أحداً روى هذا الحديث غير أبي داود، وهو ثقة، ولا أحسب هذا الحديث إلا خطأ. والله تعالى أعلم]. أورد النسائي كيف يصلي القاعد، أي: كيف حاله في حال القيام، أو ما هي هيئته في حال القراءة، وكيف يكون الجلوس الذي هو بدل القيام، وهذه المسألة ذكر الحافظ ابن حجر ثلاثة أقوال لأهل العلم: فقال: منهم من قال: أنه يصلي متربعاً، ومنهم من قال: إنه يصلي مفترشاً، ومنهم من قال: إنه يصلي متوركاً، قال: وبكل واحداً منها ورد أحاديث، لكن أنا ما وقفت على هذه الأحاديث التي أشار إليها، والحاصل أنه ذكر أن الهيئة فيها ثلاثة أقوال، والحديث الذي أورده المصنف وهو: حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً) الحديث واضح الدلالة على أنه يصلي متربع، أو أن المصلي في حال جلوسه الذي هو بدل القيام يصلي متربعاً، والنسائي رحمه الله ذكر أن هذا الحديث عنده شك في صحته، وفي ثبوته، وقال: لا أحسبه إلا خطأ، وهو لا يرويه إلا أبو داود، والشيخ الألباني ذكر هذا الحديث في تعليقه على صحيح ابن خزيمة، والحديث أورده ابن خزيمة في صحيحه من هذه الطريق التي هي طريق أبي داود الحفري، وقال الألباني: إن الإسناد صحيح، وأن هذا الظن من النسائي لا يضعف به الحديث مع وجود صحة الإسناد، وثبوت الإسناد، فمجرد الظن لا يجعل الحديث يكون ضعيفاً. تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي متربعاً) قوله: [أخبرنا هارون بن عبد الله].هو الحمال البغدادي لقبه الحمال، وهو ثقة، أخرج له مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن أبي داود الحفري]. هو عمر بن سعد بن عبيد الحفري، والحفر هي: محلة في الكوفة - بفتح الحاء والفاء -، ينسب إليها فيقال له الحفري، قال الحافظ عنه في التقريب: إنه ثقة، عابد، وأخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن حفص]. هو حفص بن غياث، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حميد]. هو حميد بن أبي حميد الطويل البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن عبد الله بن شقيق]. هو عبد الله بن شقيق العقيلي الكوفي، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن عائشة]. هي أم المؤمنين رضي الله عنها، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها سنة رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، ورضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي واحدة من سبعة أشخاص عرفوا بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ستة رجال، وامرأة واحدة هي أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها. كيف القراءة بالليل شرح حديث عائشة: (كيف كانت قراءة النبي بالليل ... ربما جهر وربما أسر) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف القراءة بالليل. أخبرنا شعيب بن يوسف حدثنا عبد الرحمن عن معاوية بن صالح عن عبد الله بن أبي قيس سألت عائشة رضي الله تعالى عنها: (كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل يجهر أم يسر؟ قالت: كل ذلك قد كان يفعل ربما جهر، وربما أسر). أورد النسائي كيف القراءة في الليل أي: هل تكون جهراً أو تكون سراً؟ يعني: التي هي صلاة النوافل أو صلاة الليل النافلة هذا هو المقصود بالسؤال؛ لأن المقصود القراءة في صلاة الليل التي هي من النوافل، يعني: ماذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؟ هل كان يسر أو كان يجهر؟ قالت: كل ذلك فعله رسول الله عليه الصلاة والسلام ربما جهر وربما أسر، يعني: أن الرسول صلى الله عليه وسلم، في بعض أحواله يسر وفي بعض أحواله يجهر، وهو يدل على أن كل ذلك سائغ، وأن كلاً منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيأتي في الحديث الذي بعد هذا الذي فيه الإشارة إلى تفضيل الإسرار على الجهر، ومن المعلوم أن المصلي في الليل إذا كان يؤذي بقراءته أحداً فإنه لا يجهر بالقراءة، فإنه ليس له أن يجهر بالقراءة مع وجود حصول الأذى على أحد من الناس بسبب قراءته الجهرية التي جهر بها، وإذا كان ليس هناك من يتأذى بجهره فإنه يجهر، وأما من حيث بيان الحكم الشرعي فالحديث دال على أن كلاً من هذا وهذا قد جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن النبي عليه الصلاة والسلام وجد منه الجهر في بعض الأحوال، ووجد منه الإسرار في بعض الأحوال. يتبع
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() تراجم رجال إسناد حديث عائشة: (كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم بالليل... ربما جهر وربما أسر) قوله: [أخبرنا شعيب بن يوسف]. هو شعيب بن يوسف النسائي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده. [حدثنا عبد الرحمن]. هو عبد الرحمن بن مهدي البصري، وهو ثقة، ثبت، عارف بالرجال والعلل، متكلم في الرجال جرحاً وتعديلاً، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن معاوية بن صالح]. هو معاوية بن صالح بن حدير الحمصي، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري في جزء القراءة، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن عبد الله بن أبي قيس]. ثقة أخرج له البخاري في الأدب، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة. [عن عائشة]. رضي الله تعالى عنها وأرضاها وقد مر ذكرها. فضل السر على الجهر شرح حديث: (... والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة) قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: فضل السر على الجهر.أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال حدثنا محمد يعني: ابن سميع حدثنا زيد يعني: ابن واقد عن كثير بن مرة أن عقبة بن عامر رضي الله عنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة)]. أورد النسائي هذه الترجمة وهي: فضل السر على الجهر في صلاة الليل، مع أن كل منهما سائغ وكل منهما جائز وكل منهما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الحديث السابق، إلا أن الإسرار قد يكون أولى من جهة البعد عن الرياء، وكونه لا يكون هناك مجال للرياء، والنبي عليه الصلاة والسلام قاس ذلك على الصدقة، وأن الذي يجهر بالقرآن كالذي يجهر بالصدقة، والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة. ومن المعلوم أن الجهر بالصدقة والإسرار بالصدقة، كل منهما أفضل في بعض الأحيان، فالجهر بالصدقة أفضل فيما إذا كان يقتدى به ويتبع في ذلك كما جاء في قصة الرجل الذي تصدق بصرة وتبعه الناس بالتصدق، فقال عليه الصلاة والسلام على إثره عند ذلك: (من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها) وجاء عنه ما يدل على فضل الإسرار بالصدقة، وذلك في حديث السبعة الذين (يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وفيهم رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه). والإسرار فيه أيضاً السلامة والبعد عن الرياء، ولكن إذا كان الإنسان ليس عنده أحد وأراد أن يجهر حتى يكون أنشط له في الصلاة، فإن ذلك لا محذور فيه، من جهة أن ليس هناك أحد يسمعه، وقد يدخل في الرياء، أو قد يكون فيه إلحاق ضرر به من حيث أنه يؤذي بقراءته أحداً، فإذا جهر مع كونه لا يسمعه أحد؛ لأنه أنشط له في مواصلة الصلاة وفي الاستمرار في الصلاة، فلا شك أن ذلك حسن، وإذا أسر فإن ذلك أيضاً جاءت به السنة عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه. والحديث واضح الدلالة على فضل الإسرار بالصلاة يعني: صلاة الليل أي: القراءة، ومن المعلوم كما ذكرت أن فيه البعد عن الرياء، وملاحظة الناس. تراجم رجال إسناد حديث: (... والذي يسر بالقرآن كالذي يسر بالصدقة) قوله: [أخبرنا هارون بن محمد بن بكار بن بلال]. هو دمشقي، أخرج له أبو داود، والنسائي. [حدثنا محمد يعني: ابن سميع]. هو محمد بن عيسى بن القاسم بن سميع الدمشقي، وهو صدوق يخطئ ويدلس، وحديثه أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [حدثنا زيد يعني: ابن واقد]. وفي بعض النسخ يزيد وهو خطأ، وهو ثقة، أخرج له البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [عن كثير بن مرة]. ثقة، أخرج له البخاري في جزء القراءة، وأصحاب السنن الأربعة. [عن عقبة بن عامر رضي الله عنه]. هو عقبة بن عامر الجهني، صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. الأسئلة إمامة الرجل بالمرأة وموقعها من ذلك السؤال: فضيلة الشيخ، هل يجوز صلاة الرجل وزوجته أو أمه معاً مع أن كل واحد منهما يصلي لنفسه دون الجماعة؟ الجواب: على كل كون الرجل يؤم المرأة جائز ولكنها تصف وراءه ولا تصف بجواره؛ لأن الصف بالجوار هو خاص بالرجال إذا كان واحداً فإنه يكون عن يمينه، وأما إذا كانت امرأة فإنها تصف وراءه، ولا تصف بجواره؛ لأن موقف المرأة وراء الرجل وليس بجواره، ويدل على ذلك ما جاء في الحديث الذي فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى وراءه أنس ومعه غيره وامرأة وراءهم تصلي وراءهم، فدل هذا على أن موقفها أنها تكون وحدها وأنها تصف وحدها، وليست كالرجال الذين لا يجوز لهم أن يصفوا وحدهم إلا للضرورة، بل صلاة الفذ المنفرد خلف الصف لا تصح، هذا إذا كان رجل، وأما إذا كان امرأة وهي وحدها فإنها تصف وحدها، وليس لها أن تصف مع الرجال لا في صفهم ولا بجوار الإمام، ومن المعلوم أن هذا حتى مع المحارم، يعني: المرأة لا تصف بجوار زوجها والأم لا تصف بجوار ابنها، والأخت لا تصف بجوار أخيها وهكذا، فموقف المرأة وراء الرجل إذا كان واحداً، يعني: هو صف وهي صف. أكثر مدة النفاس السؤال: فضيلة الشيخ، السلام عليك ورحمة الله وبركاته يقول: متى يصلح للرجل أن يأتي زوجته إذا سقط جنينها قبل أربعين يوم، وأيضاً النفاس قبل أربعين يوماً فهل يمتنع الزوج إلى تمام هذه المدة أم لا؟ الجواب: النفاس نهايته أربعون، وما زاد على الأربعين فإنه لا يعتبر نفاساً، وعلى المرأة أن تغتسل عند تمام الأربعين، وتعمل الأمور التي تعملها قبل ولادتها، وأما إذا انقطع الدم قبل الأربعين فهي طاهرة، عليها أن تغتسل وتصلي، ويجامعها زوجها، وتعمل الأعمال التي تعملها النساء الطاهرات، لكن إن عاودها الدم في الأربعين فإنها ترجع إليه، ولكن في حال الطهر الذي حصل في أثناء الأربعين، فإنها تغتسل عند الانقطاع وهي في الأربعين، ثم تصلي وتعمل الأعمال التي تفعلها الطاهرات اللاتي لسن حيض ولا نفساء، فنهاية النفاس أربعين، وإذا طهرت المرأة قبل الأربعين فإنها تغتسل وتصلي، وإن عاد عليها الدم في الأربعين عادت إلى الجلوس. السقط قبل نفخ الروح والحكم المترتب على ذلك السؤال: فضيلة الشيخ! هل العلقة قبل نفخ الروح فيها امتناع أيضاً كوقت النفاس؟ الجواب: لا، هذا ما فيها نفاس، يعني: إذا سقط يعني: حصول السقط يعني لا سيما إذا كان قبل بلوغ نفخ الروح فيه، بكونه سقط قطعاً من لحم أو شيء من الدم، فإن هذا ما يقال له نفاس، هذا لا يقال له نفاس وإنما هذا دم فساد. كيفية التخلص من الحسد والرياء السؤال: فضيلة الشيخ، لا يخفى عليكم أن الحسد من أمراض القلوب، فكيف أتخلص منه وكيف أتخلص من الرياء أرجو الإفادة؟ الجواب: الحسد لا شك أن أمره خطير، ويكون في النفوس المريضة، والإنسان لا يحسد أحداً على ما أتاه الله، وإنما يسأل الله عز وجل من فضله، والحسد هو: تمني زوال النعمة عن الغير، وتمنى أن النعمة تزول عن من أعطاه الله عز وجل هذه النعمة، وأما كونه يتمنى أن يكون له مثل فلان، ليحسن، وليتصدق فهذا يقال لها غبطة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين) يعني: لا غبطة، يعني: هذا الشيء الذي يغبط به، وأما الحسد المذموم الذي يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، فهو الذي يتمنى زوال النعمة على الغير لحقد في نفسه، ولسوء في نفسه يحسد غيره على ما أعطاه الله عز وجل من النعم. وطريقة التخلص من ذلك أن الإنسان يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ويسأل الله من فضله، ولا يتمنى زوال النعمة عن الغير، ويبعد هذا البلاء عن نفسه، عن طريق ذكر الله عز وجل، وعن طريق كون الإنسان يعلم أن الله عز وجل هو المعطي المانع، وأن الله عز وجل هو الذي يعطي ويمنع، وأن من أعطاه الله مالاً فقد أعطاه إياه، وتفضل عليه فلا يتمنى زواله. أما الحسد الذي هو: بمعنى الغبطة فهذا لا بأس به، وهو أن يرى إنساناً عنده مال، ويتصدق منه، وينفق ويقول، يعني: يود أن له مثله حتى يفعل مثل ما يفعل هذا لا بأس به. وأما الرياء، فهو: أنه يعمل الأعمال من أجل رؤية الناس، ومن أجل أن يحمده الناس، وهذا ينافي الإخلاص، ولـابن القيم رحمه الله، كلمة جيدة وفائدة عظيمة ذكرها في كتابه الفوائد، وأنا نقلتها عنه في الفوائد المنتقاة في فتح الباري وكتب أخرى، وهي من أحسن الكلام، وأجمل الكلام، يقول: أنه لا يجتمع في القلب الإخلاص، ومحبة المدح والثناء، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب، والحوت، إنهما لا يجتمعان، يعني: كون الإنسان يخلص ويحب أن يحمده الناس وأن يثنوا عليه وأن يمدحوه، ثم ذكر قال: أن الإنسان إذا ابتلي بشيء من ذلك، فطريق الخلاص منه، أن يعلم أنه ليس هناك أحد ينفع مدحه، وليس هناك أحد يضر ذمه إلا الله عز وجل، فالذي مدحه الله هو الممدوح، والذي ذمه الله هو المذموم، وأما غيره فلا يضر ذمه، ولا ينفع مدحه. محبة مدح الناس وثناءهم قال: فتقبل إلى الطمع فتذبحه بسكين اليأس، وتقبل إلى مدح الناس وثناؤهم، فتزهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، وهذا هو الذي يجعل الإنسان يزهد في المدح والثناء، ويعلم أنه ليس هناك أحد ينفع مدحه إلا الله، وليس هناك أحد يضر ذمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهي فائدة نفيسة جداً موجودة في كتاب الفوائد لـابن القيم، وهي في الفوائد المنتقاة في فتح الباري وكتب أخرى. الضابط فيما يرد على النفس تجاه مدح الناس له السؤال: فضيلة الشيخ، فيه ضابط، أنه قد يرد في النفس أحياناً أن الإنسان يعمل عملاً، ويحب أن يحمد عليه أو شيء مثل هذا؟ الجواب: يبعد هذا عن نفسه، لكن إذا حصل منه العمل، ومدحه الناس عليه، وما كان فعله ليمدح، فهذا هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم لما سئل قال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن)، يعني: كون الإنسان يعمل العمل وهو ما يريد أن الناس يمدحونه، ولكنهم أثنوا عليه وذكروه، وقال: (ذلك عاجل بشرى المؤمن). الدعاء بعد الصلاة ورفع اليدين السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم رفع اليدين في الدعاء بعد الصلاة ومسحهما على الوجه، وهل يجهر في الدعاء بصورة الجماعة؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً. الجواب: الذكر بعد الصلاة جاءت السنة برفع الصوت به، يعني: بحيث يسمعه الناس ويسمع الناس بعضهم بعضاً، لكن لا على طريقة الصوت الجماعي، بل كل يرفع صوته بالذكر لنفسه، فيتفقون ويختلفون، يعني: ما هم كلهم يقولون بصوت واحد، يعني: هناك واحد يقول لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه، وواحد يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل يذكر من قبله، وليس بصوت واحد؛ لأن هذا لم يؤثر عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم، وأما رفع اليدين بالذكر بعد المكتوبة، فهذا من المواضع التي لم تأت بها السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام على كثرة صلاته بالناس الجماعة، ما عهد عنه ولا مرة واحدة أنه رفع يديه، فدل هذا على أن اليدين لا ترفعان في هذا الموطن؛ لأنه على كثرة صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم بالناس في جماعة ما أحد منهم روى عنه أنه رفع يديه في يوم من الأيام، فدل هذا على أن السنة هي عدم رفع اليدين في الذكر أو في الدعاء بعد الصلاة. وأما قضية مسح الوجه باليدين بعد رفعهما بالدعاء، فلم تثبت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وإنما ورد فيه أحاديث ضعيفة لا تثبت، فالإنسان إذا رفع يديه حيث يسوغ له أن يرفعهما فإنه ينزلهما دون مسح الوجه بهما. رد السلام من الميت على من سلم عليه بين خصوصيته بالرسول وعموم الموتى السؤال: فضيلة الشيخ، هل رد السلام خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم أم يرد السلام كل ميت إذا سلم عليه؟ الجواب: في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ورد ما يدل عليه: (ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) وأما بالنسبة لغيره فالله تعالى أعلم. طلب تدريس العقيدة وعلة الشيخ في عدم تدريسها السؤال: فضيلة الشيخ، نرجو من سماحتكم التفضل بتدريس كتاب في العقيدة وذلك يكون مرة أو مرتين في الأسبوع؛ لأن ذلك مهم جداً بالنسبة لنا بتزويدنا بالدعوة لما نرجع إلى بلادنا، وجزاكم الله خيراً على اهتمامكم؟ الجواب: أولاً: الدروس يعني: التي يرغب فيها كثيرة، يعني: فيه من يرغب في العقيدة وفيه من يرغب في الفقه، وفيه من يرغب في الأصول، وفيه من يرغب بكذا، ومن المعلوم أن الأيام التي ندرسها هي هذه الأيام الستة وخمسة منها للحديث وواحد منها للمصطلح، ومن المعلوم أن الإتيان بمثل دروس أخرى، طبعاً يحصل معها التأخر الطويل في الكتب الطويلة مثل هذه التي هي كتب الحديث فالاستمرار على ما نحن فيه، فيه الخير إن شاء الله، وبالنسبة للعقيدة عندما تمر الأحاديث نتعرض للذي تدل عليه أو تشتمل عليه مما يتعلق بالعقيدة، وكذلك بعد الدروس عندما ينتهي الدرس وتأتي الأسئلة يمكن على الإنسان أن يسأل في العقيدة وتحصل الفائدة دون أن يكون هناك تأثير على أن نمشي كثيراً في كتب الحديث التي هي كثيرة وطويلة. الاستدلال بنجم معين على نزول المطر وعلاقته بالنهي الوارد في حديث: (مطرنا بنوء كذا) السؤال: فضيلة الشيخ، إذا قال الإنسان بعد ما رأى نجماً قد ظهر في الأفق: إن موسم الأمطار هذه السنة كثير جداً يقول ذلك عن علم وتجارب عنده، فهل هذا يكون شركاً أصغر مثل قول الصحابي: مطرنا بنوء كذا وكذا؟. الجواب: يعني: النجوم أظن النجوم تظهر في الأفق دائماً وأبداً فهي موجودة، فليست دليل على وجود المطر، والله عز وجل قدر أن المطر يكون في أوقات، وقد مر بنا الحديث الذي فيه أنه إذا أضاف المطر إلى الكواكب، وأنها مؤثرة، وأن المطر بتأثير الكواكب، فهذا كفر، وهو مخرج من الملة، وأما إذا قال: مطرنا بنوء كذا، يعني في النوء الفلاني وفي الوقت الفلاني فهذا كفر دون كفر، وكان الأولى بالإنسان أن يضيف ذلك إلى فضل الله ورحمته ويقول: مطرنا بفضل الله ورحمته في الوقت الفلاني، يعني: إذا أراد أن يقول في الوقت الفلاني، يعني: يأتي بفضل الله ورحمته، مطرنا بفضل الله ورحمته في الزمن الفلاني، أما إذا أضاف المطر إلى الكواكب وإلى تأثير الكواكب وأن هذا من فعل الكواكب فهذا شرك في الربوبية. مدى صحة إمامة النساء لجماعة النساء السؤال: فضيلة الشيخ، هل تصح إمامة النساء لجماعة النساء؟ الجواب: نعم تصح إمامة المرأة للنساء، المرأة تؤم النساء لا بأس. مدى جواز الجمع بين الاستجمار والاستنجاء السؤال: هل يجب مسح الفرج عند الانتهاء من البول أو يكفي غسله؟ الجواب: الاستنجاء والاستجمار يكون بهما التنزه عند قضاء الحاجة، فإذا استجمر بالحجارة، ولم يتعد الخارج موضع العادة فإنه يحصل بذلك الإنقاء، وإن تجاوز محل العادة فلا بد من الاستنجاء بالماء، وإذا استعمل الماء ولم يستعمل الحجارة، يعني أتى بالشيء الذي به التمام والكمال، لكن الاستجمار إذا وجد حيث لا يوجد الماء ولم يتجاوز الخارج موضع العادة فإنه يكفي. مدى قبول رواية ابن إسحاق صاحب السيرة عند المحدثين السؤال: فضيلة الشيخ، ما حكم حديث ابن إسحاق صاحب السيرة إذا انفرد، وهل يكون ذلك الحكم واحداً في أحاديث السيرة وفي أحاديث الأحكام؟ الجواب: ابن إسحاق ليس فيه إلا التدليس، فإذا صرح بالسماع فإن حديثه معتمد، وإن صار مدلساً أي: حديثه مدلساً ولم يأت ما يدل على التصريح بالسماع، فإنه يكون فيه التوقف الذي يكون في غيره.
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() شرح حديث: (سأل رجل رسول الله عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى..) من طريق ثانية قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن قدامة حدثنا جرير عن منصور عن حبيب عن طاوس قال: قال ابن عمر رضي الله تعالى عنه: (سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما من طريق أخرى، وفيه أنه سأله رجل عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فواحدة) يعني: فأت بركعة واحدة توتر بها ما مضى من تلك الركعات، فإذا خشيت الصبح فواحدة، وهذا يدل على أن الوتر يكون في آخر الليل فيما إذا كان الإنسان يتمكن من الصلاة في آخر الليل، فإن الوتر يكون في آخر صلاته في آخر الليل، وأما إذا كان يخشى أن لا يقوم في آخر الليل، فإنه يأتي بصلاته قبل أن ينام، ثم بعد ذلك يوتر كما أرشد النبي عليه الصلاة والسلام أبا هريرة، وأبا الدرداء رضي الله تعالى عنهما، أوصاهم بثلاث وصايا، ومنها الوتر قبل النوم، وإذا كان الإنسان سيصلي في آخر الليل، فإنه يؤخر الوتر إلى آخر الليل، وصلاة الليل مثنى مثنى فإذا خشي الصبح أتى بركعة يوتر بها ما مضى. تراجم رجال إسناد حديث: (سأل رجل رسول الله عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى..) من طريق ثانية قوله: [أخبرنا محمد بن قدامة].هو المصيصي، وهو ثقة، أخرج له أبو داود، والنسائي. [حدثنا جرير]. هو جرير بن عبد الحميد البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن منصور]. هو منصور بن المعتمر الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن حبيب]. هو حبيب بن أبي ثابت الكوفي، وهو ثقة، ثبت، يرسل، ويدلس كثير التدليس والإرسال، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة. [عن طاوس]. هو طاوس بن كيسان، وهو ثقة، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [قال: قال ابن عمر]. وقد تقدم ذكره. شرح حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق ثالثة قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا عمرو بن عثمان، ومحمد بن صدقة قالا: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن سالم عن أبيه رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى وهو مثل الذي قبله إلا أن الأولى فيها أنه كان سئل وهنا ليس فيه ذكر السؤال، وأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة) فهو مثل الذي قبله. تراجم رجال إسناد حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق ثالثة قوله: [أخبرنا عمرو بن عثمان].هو عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار الحمصي، وهو صدوق، أخرج له أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [ومحمد بن صدقة]. هو الحمصي وهو صدوق، أخرج له النسائي وحده. [قال: حدثنا محمد بن حرب]. هو محمد بن حرب الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [عن الزبيدي]. هو محمد بن وليد الحمصي وهو ثقة، ثبت، من أثبت الناس في الزهري، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، إلا الترمذي. [عن الزهري]. هو محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، وهو ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو: من صغار التابعين وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن سالم]. هو سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وهو ثقة، فقيه، من فقهاء المدينة السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع منهم، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن أبيه]. هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما، وقد مر ذكره. حديث: (سمعت رسول الله على المنبر يسأل عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى ...) من طريق رابعة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن منصور حدثنا سفيان عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يسأل عن صلاة الليل فقال: مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بركعة)].ثم أورد حديث ابن عمر وهو مثل الذي قبله إلا أن فيه أنه سمعه وهو: على المنبر وهو يسأل عن صلاة الليل فقال: (مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فأوتر بركعة) فالحديث يعني لفظه هو اللفظ المتقدم. قوله: [حدثنا محمد بن منصور]. هو محمد بن منصور الجواز المكي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده. [حدثنا سفيان]. هو ابن عيينة المكي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن ابن أبي لبيد]. هو عبد الله بن أبي لبيد، وهو ثقة، أخرج له الجماعة إلا الترمذي. [عن أبي سلمة]. هو أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو أحد الفقهاء السبعة على أحد الأقوال الثلاثة في السابع؛ لأن الأقوال الثلاثة في السابع، سالم الذي مر ذكره، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، والثالث هو: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأما الستة غير هؤلاء الثلاثة فهم متفق على عدهم في الفقهاء السبعة وهم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وعروة بن الزبير بن العوام، وخارجة بن زيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وسليمان بن يسار، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق. حديث: (أن رجلاً سأل رسول الله عن صلاة الليل قال: مثنى مثنى ...) من طريق خامسة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا موسى بن سعيد حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس حدثنا زهير حدثنا الحسن بن الحر حدثنا نافع أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبرهم: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل قال: مثنى مثنى، فإن خشي أحدكم الصبح فليوتر بواحدة)].ثم أورد النسائي حديث ابن عمر من طريق أخرى، والمتن هو: مثل المتن في الطرق السابقة. قوله: [أخبرنا موسى بن سعيد]. صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس]. هو أحمد بن عبد الله بن يونس الكوفي اليربوعي، ثقة، حافظ، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا زهير]. هو زهير بن معاوية بن حديج الحمصي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا الحسن بن الحر]. ثقة، فاضل، أخرج له أبو داود، والنسائي. [حدثنا نافع]. هو نافع مولى ابن عمر، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما]. وقد تقدم ذكره مراراً. حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق سادسة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا قتيبة حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)]. قوله: [أخبرنا قتيبة]. هو ابن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [حدثنا الليث]. هو الليث بن سعد المصري، الفقيه، المحدث، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن نافع عن ابن عمر]. وقد مر ذكرهما. وهذا من الرباعيات عند النسائي وهو من أعلى الأسانيد التي عند النسائي؛ لأن أعلى ما عنده الرباعيات وهذا رباعي، يروي فيه قتيبة عن مالك ومالك عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما. حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق سابعة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة حدثنا عثمان عن شعيب عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: (سأل رجل من المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف صلاة الليل؟ فقال: صلاة الليل مثنى مثنى فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)]. قوله: [أخبرنا أحمد بن محمد بن المغيرة]. صدوق، أخرج حديثه النسائي وحده. [حدثنا عثمان]. هو ابن سعيد بن كثير بن دينار وهو: حمصي، والد عمرو، الذي مر ذكره قريباً عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار، هذا أبوه، وهو ثقة، عابد، أخرج حديثه مثل الذين أخرجوا لابنه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه. [عن شعيب]. هو شعيب بن أبي حمزة الحمصي، وهو ثقة، يروي عنه الزهري وهو من أثبت الناس في الزهري وحديثه عند أصحاب الكتب الستة. [عن الزهري]. وقد مر ذكره. [عن سالم عن عبد الله بن عمر]. وقد مر ذكرهما. حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق ثامنة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا محمد بن يحيى حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه أخبرني حميد بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أخبره: (أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صلاة الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشيت الصبح فأوتر بواحدة)]. قوله: [أخبرنا محمد بن يحيى]. هو ابن عبد الله الذهلي النيسابوري، وهو ثقة، حافظ، أخرج حديثه البخاري، وأصحاب السنن الأربعة. [حدثنا يعقوب بن إبراهيم]. هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم الزهري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [حدثنا ابن أخي ابن شهاب]. هو محمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري، يعني ذاك محمد بن مسلم، وهذا محمد بن عبد الله بن مسلم يعني: عبد الله، ومحمد أخوان، وهذا ابن أخيه ابن أخ الزهري، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [عن عمه]. هو محمد بن مسلم وقد مر ذكره. [أخبرني حميد بن عبد الرحمن]. هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة. [أن عبد الله بن عمر]. وقد تقدم. حديث: (صلاة الليل مثنى مثنى ...) من طريق تاسعة وتراجم رجال إسناده قال المصنف رحمه الله تعالى: [أخبرنا أحمد بن الهيثم حدثنا حرملة حدثنا ابن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن ابن شهاب حدثه أن سالم بن عبد الله وحميد بن عبد الرحمن حدثاه عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال: قام رجل فقال: (يا رسول الله، كيف صلاة الليل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خفت الصبح فأوتر بواحدة)].وهذا المتن أيضاً مثل المتون السابقة. قوله: [أخبرنا أحمد بن الهيثم]. صدوق، أخرج له النسائي وحده. [حدثنا حرملة]. هو حرملة بن يحيى التجيبي، وهو صدوق، أخرج حديثه مسلم، والنسائي، وابن ماجه. [حدثنا ابن وهب]. هو عبد الله بن وهب المصري، وذاك أيضاً مصري، وحديثه في الكتب الستة. [أخبرني عمرو بن الحارث]. هو عمرو بن الحارث المصري، وهو ثقة، فقيه، أيضاً أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. [أن ابن شهاب حدثه أن سالم وحميد بن عبد الرحمن حدثاه عن ابن عمر]. وقد مر ذكرهم. الأسئلة تعليق التميمة مع اعتقاد النفع والضر وعلاقتها بالشرك السؤال: فضيلة الشيخ، الحديث الذي أورده الشيخ محمد بن عبد الوهاب في كتاب التوقيت عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الرقى والتمام والتولة شرك) فهل هذا شرك أكبر، فمتى يكون الشرك أكبر ومتى يكون أصغر؟ الجواب: (إن الرقى والتمائم والتولة شرك) إذا كان علقها معتقداً بأنها تنفع، وأنها تضر بنفسها وبذاتها فلا شك أنه شرك أكبر إذا كان معتقد أن هذه تنفع، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له) فإذا كان اعتقد فيها هذا الاعتقاد فهو شرك أكبر. رواية الزهري عن ابن عمر بدون واسطة وغيره من الصحابة بين النفي والإثبات السؤال: فضيلة الشيخ، هل الزهري روى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهل روى عن غيره من الصحابة؟ الجواب: الزهري من صغار التابعين، فالظاهر ما أدرك ابن عمر؛ لأن ابن عمر توفي سنة أظن 73 أو كذا، والزهري 125هـ يعني: ما أعلم، ما أدري هل أدركه أو ماذا، ما أدري عمر الزهري هل هو معمر. لكن أظنه سمع من ابن عمر حديثين؛ لأنه مر بنا قريباً أنه قال: أبو عبد الرحمن في الزهري أظن لعله عن ابن عمر لم يسمع إلا حديثين وليس هذا منها، فعلى هذا يكون معمر وأدركه إذا كان هذا هو، وهو مر بنا قريباً في كتاب الصلاة باب صلاة الخوف.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 0 والزوار 7) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |