|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#471
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (471) صــ 231 إلى صــ 245 قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : معناه : ومن يفعل ما حرم الله عليه ، من قوله : ( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها ) إلى قوله : " ومن يفعل ذلك " من نكاح المحرمات ، وعضل المحرم [ ص: 231 ] عضلها من النساء ، وأكل المال بالباطل ، وقتل المحرم قتله من المؤمنين لأن كل ذلك مما وعد الله عليه أهله العقوبة . فإن قال قائل : فما منعك أن تجعل قوله : " ذلك " معنيا به جميع ما أوعد الله عليه العقوبة من أول السورة ؟ قيل : منعني ذلك أن كل فصل من ذلك قد قرن بالوعيد ، إلى قوله : ( أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما ) ، ولا ذكر للعقوبة من بعد ذلك على ما حرم الله في الآي التي بعده إلى قوله : فسوف نصليه نارا . فكان قوله : ومن يفعل ذلك ، معنيا به ما قلنا ، مما لم يقرن بالوعيد ، مع إجماع الجميع على أن الله تعالى قد توعد على كل ذلك - أولى من أن يكون معنيا به ما سلف فيه الوعيد بالنهي مقرونا قبل ذلك . وأما قوله : " عدوانا " فإنه يعني به تجاوزا لما أباح الله له ، إلى ما حرمه عليه " وظلما " يعني : فعلا منه ذلك بغير ما أذن الله به ، وركوبا منه ما قد نهاه الله عنه . وقوله : " فسوف نصليه نارا " يقول : فسوف نورده نارا يصلى بها فيحترق فيها وكان ذلك على الله يسيرا ، يعني : وكان إصلاء فاعل ذلك النار وإحراقه بها ، على الله سهلا يسيرا ، لأنه لا يقدر على الامتناع على ربه مما أراد به من سوء . وإنما يصعب الوفاء بالوعيد لمن توعده ، على من كان [ ص: 232 ] إذا حاول الوفاء به قدر المتوعد من الامتناع منه . فأما من كان في قبضة موعده ، فيسير عليه إمضاء حكمه فيه ، والوفاء له بوعيده . غير عسير عليه أمر أراده به . [ ص: 233 ] القول في تأويل قوله ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما ( 31 ) ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في معنى " الكبائر " التي وعد الله - جل ثناؤه - عباده باجتنابها تكفير سائر سيئاتهم عنهم . فقال بعضهم : الكبائر التي قال الله تبارك وتعالى : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ، هي ما تقدم الله إلى عباده بالنهي عنه من أول " سورة النساء " إلى رأس الثلاثين منها . ذكر من قال ذلك : 9168 - حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن عبد الله قال : الكبائر ، من أول " سورة النساء " إلى ثلاثين منها . 9169 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن حماد ، عن إبراهيم ، عن عبد الله بمثله . 9170 - حدثني المثنى قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، عن إبراهيم ، عن ابن مسعود مثله . 9171 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا الأعمش ، عن إبراهيم قال : حدثني علقمة ، عن عبد الله قال : الكبائر ، من أول " سورة النساء " [ ص: 234 ] إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . 9172 - حدثنا الرفاعي قال : حدثنا أبو معاوية وأبو خالد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله قال : الكبائر ، من أول " سورة النساء " إلى قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . 9173 - حدثني أبو السائب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن مسلم ، عن مسروق قال : سئل عبد الله عن الكبائر ، قال : ما بين فاتحة " سورة النساء " إلى رأس الثلاثين . 9174 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن حماد عن إبراهيم ، عن ابن مسعود قال : الكبائر ما بين فاتحة " سورة النساء " إلى ثلاثين آية منها : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . 9175 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن إبراهيم ، عن عبد الله أنه قال : الكبائر من أول " سورة النساء " إلى الثلاثين منها : " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه " . 9176 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن إبراهيم قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول هذه السورة " سورة النساء " إلى هذا الموضع : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه . 9177 - حدثني المثنى قال : حدثنا آدم العسقلاني قال : حدثنا شعبة ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش ، عن ابن مسعود قال : الكبائر من أول " سورة النساء " إلى ثلاثين آية منها . ثم تلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما . 9178 - حدثني المثنى قال : حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا مسعر ، عن عاصم بن أبي النجود ، عن زر بن حبيش قال : قال عبد الله : الكبائر ما بين أول " سورة النساء " إلى رأس الثلاثين . [ ص: 235 ] وقال آخرون : " الكبائر سبع " . ذكر من قال ذلك : 9179 - حدثني تميم بن المنتصر قال : حدثنا يزيد قال : أخبرنا محمد بن إسحاق ، عن محمد بن سهل بن أبي حثمة ، عن أبيه قال : إني لفي هذا المسجد ، مسجد الكوفة ، وعلي يخطب الناس على المنبر ، فقال : " يا أيها الناس ، إن الكبائر سبع " فأصاخ الناس ، فأعادها ثلاث مرات ثم قال : ألا تسألوني عنها ؟ قالوا : يا أمير المؤمنين ، ما هي ؟ قال : " الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والفرار يوم الزحف ، والتعرب بعد الهجرة " . فقلت لأبي : يا أبه ، ما التعرب بعد الهجرة ؟ كيف لحق هاهنا ؟ فقال : يا بني ، وما أعظم من أن يهاجر الرجل ، حتى إذا وقع سهمه في الفيء ووجب عليه الجهاد ، خلع ذلك من عنقه ، فرجع أعرابيا كما كان ! ! 9180 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي قال : حدثنا أبو الأحوص سلام بن سليم ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد بن عمير قال : الكبائر سبع ، ليس منهن [ ص: 236 ] كبيرة إلا وفيها آية من كتاب الله : الإشراك بالله منهن : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء ) [ سورة الحج : 31 ] و ( الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا ) [ سورة النساء : 10 ] ، و ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) [ سورة البقرة : 275 ] ، و ( الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ) [ سورة النور : 23 ] ، والفرار من الزحف : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ) [ سورة الأنفال : 15 ] ، والتعرب بعد الهجرة : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ) [ سورة محمد : 25 ] ، وقتل النفس . 9181 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن منصور ، عن ابن إسحاق ، عن عبيد بن عمير الليثي قال : الكبائر سبع : الإشراك بالله : ( ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق ) ، وقتل النفس : ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ) الآية ، [ سورة النساء : 93 ] ، وأكل الربا : ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس ) الآية ، وأكل أموال اليتامى : ( إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما ) الآية ، وقذف المحصنة : ( إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات ) الآية ، والفرار من الزحف : ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة ) الآية ، [ سورة الأنفال : 16 ] والمرتد أعرابيا بعد هجرته : ( إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى ) الآية . [ ص: 237 ] 9182 - حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن محمد قال : سألت عبيدة عن الكبائر فقال : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها ، وفرار يوم الزحف ، وأكل مال اليتيم بغير حقه ، وأكل الربا ، والبهتان . قال : ويقولون : أعرابية بعد هجرة قال ابن عون : فقلت لمحمد : فالسحر ؟ قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا . 9183 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا منصور وهشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة أنه قال : الكبائر : الإشراك ، وقتل النفس الحرام ، وأكل الربا ، وقذف المحصنة ، وأكل مال اليتيم ، والفرار من الزحف ، والمرتد أعرابيا بعد هجرته . 9184 - حدثني يعقوب قال : حدثنا هشيم قال : حدثنا هشام ، عن ابن سيرين ، عن عبيدة بنحوه . وعلة من قال هذه المقالة ما : 9185 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : أخبرني الليث قال : حدثني خالد ، عن سعيد بن أبي هلال ، عن نعيم المجمر قال : أخبرني صهيب مولى العتواري : أنه سمع من أبي هريرة وأبي سعيد الخدري يقولان : خطبنا رسول [ ص: 238 ] الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فقال : والذي نفسي بيده ثلاث مرات ثم أكب ، فأكب كل رجل منا يبكي ، لا يدري على ماذا حلف ، ثم رفع رأسه وفي وجهه البشر ، فكان أحب إلينا من حمر النعم ، فقال : ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ، ويصوم رمضان ، ويخرج الزكاة ، ويجتنب الكبائر السبع ، إلا فتحت له أبواب الجنة ، ثم قيل : ادخل بسلام " . 9186 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن عطاء قال : الكبائر سبع : قتل النفس ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، ورمي المحصنة ، وشهادة الزور ، وعقوق الوالدين ، والفرار يوم الزحف . [ ص: 239 ] وقال آخرون هي تسع . ذكر من قال ذلك : 9187 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا زياد بن مخراق ، عن طيسلة بن مياس قال : كنت مع النجدات ، فأصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر ! فلقيت ابن عمر فقلت : أصبت ذنوبا لا أراها إلا من الكبائر ! قال : وما هي ؟ قلت : أصبت كذا وكذا . قال : ليس من الكبائر - قال لشيء لم يسمه طيسلة - قال : هي تسع ، وسأعدهن عليك : الإشراك بالله ، وقتل النسمة بغير حلها ، والفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ظلما ، وإلحاد في المسجد الحرام ، والذي يستسحر ، وبكاء الوالدين [ ص: 240 ] من العقوق قال زياد : وقال طيسلة : لما رأى ابن عمر فرقي ؛ قال : أتخاف النار أن تدخلها ؟ قلت : نعم ! قال : وتحب أن تدخل الجنة ؟ قلت : نعم ! قال : أحي والداك ؟ قلت : عندي أمي . قال : فوالله لئن أنت ألنت لها الكلام ، وأطعمتها الطعام ، لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات . 9188 - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز الواسطي قال : أخبرنا سلم بن سلام قال : أخبرنا أيوب بن عتبة ، عن طيسلة بن علي النهدي قال : أتيت ابن عمر وهو في ظل أراك يوم عرفة ، وهو يصب الماء على رأسه ووجهه ، قال : قلت : أخبرني عن الكبائر ؟ قال : هي تسع . قلت : ما هن ؟ قال : الإشراك بالله ، وقذف المحصنة . قال : قلت : قبل القتل ؟ قال : نعم ، ورغما - وقتل النفس المؤمنة ، والفرار من الزحف ، والسحر ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، وعقوق [ ص: 241 ] الوالدين المسلمين ، وإلحاد بالبيت الحرام ، قبلتكم أحياء وأمواتا . 9189 - حدثنا سليمان بن ثابت الخراز قال : أخبرنا سلم بن سلام قال : أخبرنا أيوب بن عتبة ، عن يحيى ، عن عبيد بن عمير ، عن أبيه ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بمثله إلا أنه قال : بدأ بالقتل قبل القذف . [ ص: 242 ] وقال آخرون : هي أربع . ذكر من قال ذلك : 9190 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام بن سلم ، عن عنبسة ، عن مطرف ، عن وبرة ، عن ابن مسعود قال : الكبائر : الإشراك بالله ، والقنوط [ ص: 243 ] من رحمة الله ، والإياس من روح الله ، والأمن من مكر الله . 9191 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مطرف ، عن وبرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الطفيل ، قال : قال عبد الله بن مسعود : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله . 9192 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن وبرة بن عبد الرحمن قال : قال عبد الله : إن الكبائر : الشرك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله ، والإياس من روح الله . 9193 - حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا : حدثنا ابن إدريس قال : سمعت مطرفا ، عن وبرة ، عن أبي الطفيل قال : قال عبد الله : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، والقنوط من رحمة الله ، واليأس من روح الله ، والأمن من مكر الله . 9194 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال : حدثنا عبد الله قال : أخبرنا شيبان ، عن الأعمش ، عن وبرة ، عن أبي الطفيل قال : سمعت ابن مسعود يقول : أكبر الكبائر : الإشراك بالله . 9195 - حدثني محمد بن عمارة قال : حدثنا عبد الله قال : أخبرنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن وبرة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بنحوه . 9196 - حدثني ابن المثنى قال : حدثني وهب بن جرير قال : حدثنا شعبة ، عن عبد الملك ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، والأمن من مكر الله ، والإياس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله . [ ص: 244 ] 9197 - وبه قال : حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بمثله . 9198 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن القاسم بن أبي بزة ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله بن مسعود بنحوه . 9199 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن عبد العزيز بن رفيع ، عن أبي الطفيل ، عن ابن مسعود قال : الكبائر أربع : الإشراك بالله ، وقتل النفس التي حرم الله ، والأمن لمكر الله ، والإياس من روح الله . 9200 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن المسعودي ، عن فرات القزاز ، عن أبي الطفيل ، عن عبد الله قال : الكبائر : القنوط من رحمة الله ، والإياس من روح الله ، والأمن لمكر الله ، والشرك بالله . وقال آخرون : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة . ذكر من قال ذلك : 9201 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا هشيم ، عن منصور ، عن ابن سيرين ، عن ابن عباس - قال : ذكرت عنده الكبائر - فقال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة . 9202 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا أيوب ، عن محمد قال : أنبئت أن ابن عباس كان يقول : كل ما نهى الله عنه [ ص: 245 ] كبيرة وقد ذكرت الطرفة ، قال : هي النظرة . 9203 - حدثني محمد بن عبد الأعلى قال : حدثنا معتمر ، عن أبيه ، عن طاوس قال : قال رجل لعبد الله بن عباس : أخبرني بالكبائر السبع . قال : فقال ابن عباس : هي أكثر من سبع وسبع . فما أدري كم قالها من مرة . 9204 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن سليمان التيمي ، عن طاوس قال : ذكروا عند ابن عباس الكبائر فقالوا : هي سبع . قال : هي أكثر من سبع وسبع ! قال سليمان : فلا أدري كم قالها من مرة . 9205 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر وابن أبي عدي ، عن عوف قال : قام أبو العالية الرياحي على حلقة أنا فيها فقال : إن ناسا يقولون : " الكبائر سبع " وقد خفت أن تكون الكبائر سبعين أو يزدن على ذلك . 9206 - حدثنا علي قال : حدثنا الوليد قال : سمعت أبا عمرو يخبر ، عن الزهري ، عن ابن عباس : أنه سئل عن الكبائر : أسبع هي ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب . 9207 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن قيس بن سعد ، عن سعيد بن جبير ، أن رجلا قال لابن عباس : كم الكبائر ؟ أسبع هي ؟ قال : إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع ، غير أنه لا كبيرة مع استغفار ، ولا صغيرة مع إصرار . ![]()
__________________
|
#472
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (472) صــ 246 إلى صــ 260 9208 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن ليث ، عن طاوس قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : أرأيت الكبائر السبع التي ذكرهن الله ؟ ما هن ؟ قال : هن إلى السبعين أدنى منها إلى سبع . [ ص: 246 ] 9209 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن ابن طاوس ، عن أبيه قال : قيل لابن عباس : الكبائر سبع ؟ قال : هي إلى السبعين أقرب . 9210 - حدثنا أحمد بن حازم قال : أخبرنا أبو نعيم قال : حدثنا عبد الله بن سعدان ، عن أبي الوليد قال : سألت ابن عباس عن الكبائر ، قال : كل شيء عصي الله فيه فهو كبيرة . وقال آخرون : هي ثلاث . ذكر من قال ذلك : 9211 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن مسعود قال : الكبائر ثلاث : اليأس من روح الله ، والقنوط من رحمة الله ، والأمن من مكر الله . وقال آخرون : كل موجبة ، وكل ما أوعد الله أهله عليه النار ، فكبيرة . ذكر من قال ذلك : 9212 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ، قال : " الكبائر " كل ذنب ختمه الله بنار ، أو غضب ، أو لعنة ، أو عذاب . 9213 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية قال : أخبرنا [ ص: 247 ] هشام بن حسان ، عن محمد بن واسع قال : قال سعيد بن جبير : كل موجبة في القرآن كبيرة . 9214 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن محمد بن مهزم الشعاب ، عن محمد بن واسع الأزدي ، عن سعيد بن جبير قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار ، فهو من الكبائر . 9215 - حدثنا علي بن سهل قال : حدثنا الوليد بن مسلم ، عن سالم : أنه سمع الحسن يقول : كل موجبة في القرآن كبيرة . 9216 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه ، قال : الموجبات . 9217 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . 9218 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا جويبر ، عن الضحاك قال : الكبائر : كل موجبة أوجب الله لأهلها النار . وكل عمل يقام به الحد ، فهو من الكبائر . قال أبو جعفر : والذي نقول به في ذلك ، ما ثبت به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذلك ما : 9219 - حدثنا به أحمد بن الوليد القرشي قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : [ ص: 248 ] حدثنا شعبة قال : حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال : سمعت أنس بن مالك قال : ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبائر أو : سئل عن الكبائر فقال : الشرك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين . فقال : ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قال : قول الزور أو قال : شهادة الزور قال شعبة : وأكبر ظني أنه قال : شهادة الزور . 9220 - حدثنا يحيى بن حبيب بن عربي قال : حدثنا خالد بن الحارث قال : حدثنا شعبة قال : أخبرنا عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الكبائر قال : " الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس ، وقول الزور . 9221 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا يحيى بن كثير قال : حدثنا شعبة ، عن عبيد الله بن أبي بكر ، عن أنس قال : ذكروا الكبائر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس . ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قول الزور . 9222 - حدثنا محمد بن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، [ ص: 249 ] عن فراس ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أكبر الكبائر : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين أو : قتل النفس ، - شعبة الشاك - واليمين الغموس . 9223 - حدثنا أبو هشام الرفاعي قال : حدثنا عبيد الله بن موسى قال : حدثنا شيبان ، عن فراس ، عن الشعبي ، عن عبد الله بن عمرو قال : جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : ما الكبائر ؟ قال : الشرك بالله . قال : ثم مه ؟ قال : وعقوق الوالدين . قال : ثم مه ؟ قال : واليمين الغموس . قلت للشعبي : ما اليمين الغموس ؟ قال : الذي يقتطع مال امرئ مسلم بيمينه وهو فيها كاذب . 9224 - حدثني المثنى قال : حدثنا ابن أبي السري محمد بن المتوكل العسقلاني قال : حدثنا يحيى بن سعد ، عن خالد بن معدان ، عن أبي رهم ، عن أبي أيوب الأنصاري قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من أقام الصلاة ، [ ص: 250 ] وآتى الزكاة ، وصام رمضان ، واجتنب الكبائر ، فله الجنة . قيل : وما الكبائر ؟ قال : الإشراك بالله ، وعقوق الوالدين ، والفرار يوم الزحف . 9225 - حدثني عباس بن أبي طالب قال : حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر ، عن ابن أبي جعفر ، عن ابن أبي الزناد ، عن موسى بن عقبة ، عن عبد الله بن سلمان الأغر ، عن أبيه أبي عبد الله سلمان الأغر قال : قال أبو أيوب [ ص: 251 ] خالد بن أيوب الأنصاري - عقبي بدري - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ما من عبد يعبد الله لا يشرك به شيئا ، ويقيم الصلاة ، ويؤتي الزكاة ، ويصوم رمضان ، ويجتنب الكبائر ، إلا دخل الجنة . فسألوه : ما الكبائر ؟ قال : الإشراك بالله ، والفرار من الزحف ، وقتل النفس . 9226 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أحمد بن عبد الرحمن قال : حدثنا عباد بن عباد ، عن جعفر بن الزبير ، عن القاسم ، عن أبي أمامة : أن ناسا من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكروا الكبائر وهو متكئ ، فقالوا : الشرك بالله ، وأكل مال اليتيم ، وفرار من الزحف ، وقذف المحصنة ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور ، والغلول ، والسحر ، وأكل الربا : فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : فأين تجعلون : ( إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) ؟ إلى آخر الآية ، [ سورة آل عمران : 77 ] . [ ص: 252 ] 9227 - حدثنا عبيد الله بن محمد الفريابي قال : حدثنا سفيان ، عن أبي معاوية ، عن أبي عمرو الشيباني ، عن عبد الله قال : سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - : ما الكبائر ؟ قال : أن تدعو لله ندا وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك من أجل مأكل معك ، أو تزني بحليلة جارك . وقرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ) [ سورة الفرقان : 68 ] . 9228 - حدثني هذا الحديث عبد الله بن محمد الزهري فقال : حدثنا سفيان قال : حدثنا أبو معاوية النخعي وكان على السجن سمعه من أبي عمرو ، عن عبد الله بن مسعود : سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : أي العمل شر ؟ قال : أن تجعل لله ندا وهو خلقك ، وأن تقتل ولدك خشية من أن يأكل معك ، أو تزني بجارتك . وقرأ علي : ( والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ) قال أبو جعفر : وأولى ما قيل في تأويل " الكبائر " بالصحة ، ما صح به الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دون ما قاله غيره ، وإن كان كل [ ص: 253 ] قائل فيها قولا من الذين ذكرنا أقوالهم - قد اجتهد وبالغ في نفسه . ولقوله في الصحة مذهب . فالكبائر إذا : الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وقتل النفس المحرم قتلها ، وقول الزور - وقد يدخل في " قول الزور " : شهادة الزور ، وقذف المحصنة ، واليمين الغموس ، والسحر . ويدخل في قتل النفس المحرم قتلها : قتل الرجل ولده من أجل أن يطعم معه ، والفرار من الزحف ، والزنا بحليلة الجار . وإذ كان ذلك كذلك ، صح كل خبر روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في معنى الكبائر ، وكان بعضه مصدقا بعضا . وذلك أن الذي روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " هي سبع " يكون معنى قوله حينئذ : " هي سبع " على التفصيل ، ويكون معنى قوله في الخبر الذي روي عنه أنه قال : " هي الإشراك بالله ، وقتل النفس ، وعقوق الوالدين ، وقول الزور " على الإجمال ، [ ص: 254 ] إذ كان قوله : " وقول الزور " يحتمل معاني شتى ، وأن يجمع جميع ذلك " قول الزور " . وأما خبر ابن مسعود الذي حدثني به الفريابي على ما ذكرت ، فإنه عندي غلط من عبيد الله بن محمد ؛ لأن الأخبار المتظاهرة من الأوجه الصحاح عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بنحو الرواية التي رواها الزهري عن ابن عيينة . ولم يقل أحد منهم في حديثه عن ابن مسعود " أن النبي - صلى الله عليه وسلم - : سئل عن الكبائر " . فنقلهم ما نقلوا من ذلك عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - - أولى بالصحة من نقل الفريابي . قال أبو جعفر : فمن اجتنب الكبائر ، التي وعد الله مجتنبها تكفير ما عداها من سيئاته وإدخاله مدخلا كريما ، وأدى فرائضه التي فرضها الله عليه - وجد الله لما وعده من وعد منجزا ، وعلى الوفاء له ثابتا . وأما قوله : نكفر عنكم سيئاتكم ، فإنه يعني به : نكفر عنكم ، أيها المؤمنون ، باجتنابكم كبائر ما ينهاكم عنه ربكم ، صغائر سيئاتكم . يعني : صغائر ذنوبكم ، كما : 9229 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : نكفر عنكم سيئاتكم ، الصغائر . 9230 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن ابن عون ، عن الحسن : أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر ، فقالوا : نرى أشياء من كتاب [ ص: 255 ] الله ، أمر أن يعمل بها ، لا يعمل بها ، فأردنا أن نلقى أمير المؤمنين في ذلك ؟ فقدم وقدموا معه ، فلقيه عمر رضي الله عنه فقال : متى قدمت ؟ قال : منذ كذا وكذا . قال : أبإذن قدمت ؟ قال : فلا أدري كيف رد عليه ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن ناسا لقوني بمصر فقالوا : " إنا نرى أشياء من كتاب الله تبارك وتعالى ، أمر أن يعمل بها ولا يعمل بها " فأحبوا أن يلقوك في ذلك . فقال : اجمعهم لي . قال : فجمعتهم له - قال ابن عون : أظنه قال : في بهو - فأخذ أدناهم رجلا فقال : أنشدكم بالله وبحق الإسلام عليك ، أقرأت القرآن كله ؟ قال : نعم . قال : فهل أحصيته في نفسك ؟ قال : اللهم لا ! قال : ولو قال : " نعم " لخصمه ، قال : فهل أحصيته في بصرك ؟ هل أحصيته في لفظك ؟ هل أحصيته في أثرك ؟ قال : ثم تتبعهم حتى أتى على آخرهم ، فقال : ثكلت عمر أمه ! أتكلفونه أن يقيم الناس على كتاب الله ؟ قد علم ربنا أن ستكون لنا سيئات . قال : وتلا " إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما . هل علم أهل المدينة - أو قال : هل علم أحد - بما قدمتم ؟ قالوا ، لا ! قال : لو علموا لوعظت بكم . [ ص: 256 ] 9231 - حدثني يعقوب قال : حدثنا ابن علية قال : حدثنا زياد بن مخراق ، عن معاوية بن قرة قال : أتينا أنس بن مالك ، فكان فيما حدثنا قال : لم نر مثل الذي بلغنا عن ربنا ، ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال ! ثم سكت هنيهة ، ثم قال : والله لقد كلفنا ربنا أهون من ذلك ! لقد تجاوز لنا عما دون الكبائر ! فما لنا ولها ؟ ثم تلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية . 9232 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية ، إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر . وذكر لنا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اجتنبوا الكبائر ، وسددوا ، وأبشروا " . 9233 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن رجل ، عن ابن مسعود قال في خمس آيات من " سورة النساء " : لهن أحب إلي من الدنيا جميعا ، ( إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم ) وقوله : ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ) [ سورة النساء : 40 ] ، وقوله : ( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) [ سورة النساء : 48 ، 116 ] [ ص: 257 ] ، وقوله : ( ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) [ سورة النساء : 110 ] ، وقوله : ( والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما ) [ سورة النساء : 152 ] . 9234 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني أبو النضر ، عن صالح المري ، عن قتادة ، عن ابن عباس قال : ثمان آيات نزلت في " سورة النساء " هي خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت ، أولاهن : ( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم ) [ سورة النساء : 26 ] ، والثانية : ( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما ) [ سورة النساء : 27 ] ، والثالثة : ( يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا ) [ سورة النساء : 28 ] ، ثم ذكر مثل قول ابن مسعود سواء ، وزاد فيه : ثم أقبل يفسرها في آخر الآية : وكان الله للذين عملوا الذنوب غفورا رحيما . وأما قوله : وندخلكم مدخلا كريما ، فإن القرأة اختلفت في قراءته . فقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض الكوفيين : " وندخلكم مدخلا كريما " [ ص: 258 ] بفتح " الميم " وكذلك الذي في " الحج " : " ليدخلنهم مدخلا يرضونه " [ سورة الحج : 59 ] ، فمعنى : " وندخلكم مدخلا " فيدخلون دخولا كريما . وقد يحتمل على مذهب من قرأ هذه القراءة - أن يكون المعنى في " المدخل " : المكان والموضع ؛ لأن العرب ربما فتحت " الميم " من ذلك بهذا المعنى ، كما قال الراجز : بمصبح الحمد وحيث نمسي وقد أنشدني بعضهم سماعا من العرب : الحمد لله ممسانا ومصبحنا بالخير صبحنا ربي ومسانا وأنشدني آخر غيره : الحمد لله ممسانا ومصبحنا لأنه من " أصبح " " وأمسى " . وكذلك تفعل العرب فيما كان من الفعل بناؤه على أربعة ، تضم ميمه في مثل هذا فتقول : " دحرجته أدحرجه مدحرجا ، فهو مدحرج " . ثم تحمل ما جاء على " أفعل يفعل " على ذلك ؛ لأن " يفعل " من " يدخل " وإن كان على أربعة ، فإن أصله أن يكون على " يؤفعل " " يؤدخل " و " يؤخرج " فهو نظير " يدحرج " . [ ص: 259 ] وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين والبصريين - " مدخلا " بضم " الميم " . يعني : وندخلكم إدخالا كريما . قال أبو جعفر : وأولى القراءتين بالصواب ، قراءة من قرأ ذلك : ( وندخلكم مدخلا كريما ) بضم " الميم " لما وصفنا ، من أن ما كان من الفعل بناؤه على أربعة في " فعل " فالمصدر منه " مفعل " . وأن " أدخل " و " دحرج " " فعل " منه على أربعة . ف " المدخل " مصدره أولى من " مفعل " مع أن ذلك أفصح في كلام العرب في مصادر ما جاء على " أفعل " كما يقال : " أقام بمكان فطاب له المقام " إذ أريد به الإقامة و " قام في موضعه فهو في مقام واسع " كما قال - جل ثناؤه - : ( إن المتقين في مقام أمين ) [ سورة الدخان : 51 ] ، من " قام يقوم " . ولو أريد به " الإقامة " لقرئ : " إن المتقين في مقام أمين " كما قرئ : ( وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق ) [ سورة الإسراء : 80 ] ، بمعنى " الإدخال " و " الإخراج " . ولم يبلغنا عن أحد أنه قرأ : " مدخل صدق " ولا " مخرج صدق " بفتح " الميم " . وأما " المدخل الكريم " فهو : الطيب الحسن ، المكرم بنفي الآفات والعاهات عنه ، وبارتفاع الهموم والأحزان ودخول الكدر في عيش من دخله ، فلذلك سماه الله كريما ، كما : 9235 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : [ ص: 260 ] حدثنا أسباط ، عن السدي : وندخلكم مدخلا كريما ، قال : " الكريم " هو الحسن في الجنة . ![]()
__________________
|
#473
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (473) صــ 261 إلى صــ 275 القول في تأويل قوله ( ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ) قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : ولا تشتهوا ما فضل الله به بعضكم على بعض . وذكر أن ذلك نزل في نساء تمنين منازل الرجال ، وأن يكون لهم ما لهم ، فنهى الله عباده عن الأماني الباطلة ، وأمرهم أن يسألوه من فضله ، إذ كانت الأماني تورث أهلها الحسد والبغي بغير الحق . [ ص: 261 ] ذكر الأخبار بما ذكرنا : 9236 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : قالت أم سلمة : يا رسول الله ، لا نعطى الميراث ، ولا نغزو في سبيل الله فنقتل ؟ فنزلت : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض . 9237 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا معاوية بن هشام ، عن سفيان الثوري ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قالت أم سلمة : يا رسول الله : تغزو الرجال ولا نغزو ، وإنما لنا نصف الميراث ! فنزلت : " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، ونزلت : ( إن المسلمين والمسلمات ) [ سورة الأحزاب : 35 ] . 9238 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، يقول : لا يتمنى الرجل يقول : " ليت أن لي مال فلان وأهله " ! فنهى الله سبحانه عن ذلك ، ولكن ليسأل الله من فضله . 9239 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، قال : قول النساء : " ليتنا رجالا فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال " ! [ ص: 262 ] 9240 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، قول النساء يتمنين : " ليتنا رجال فنغزو " ! ثم ذكر مثل حديث محمد بن عمرو . 9241 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن عيينة ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال : قالت أم سلمة : أي رسول الله ، أتغزو الرجال ولا نغزو ، وإنما لنا نصف الميراث ؟ فنزلت : ولا تتمنوا ما فضل الله . [ ص: 263 ] 9242 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن شيخ من أهل مكة قوله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، قال : كان النساء يقلن : " ليتنا رجال فنجاهد كما يجاهد الرجال ، ونغزو في سبيل الله " ! فقال الله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض . 9243 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن قال : تتمنى مال فلان ومال فلان ! وما يدريك ؟ لعل هلاكه في ذلك المال ! 9244 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، عن عكرمة ومجاهد : أنهما قالا : نزلت في أم سلمة ابنة أبي أمية بن المغيرة . [ ص: 264 ] 9245 - وبه قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن عطاء قال : هو الإنسان ، يقول : " وددت أن لي مال فلان " ! قال : واسألوا الله من فضله ، وقول النساء : " ليت أنا رجالا فنغزو ونبلغ ما يبلغ الرجال " ! وقال آخرون : بل معنى ذلك : لا يتمن بعضكم ما خص الله بعضا من منازل الفضل . ذكر من قال ذلك : 9246 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي قوله : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، فإن الرجال قالوا : " نريد أن يكون لنا من الأجر الضعف على أجر النساء ، كما لنا في السهام سهمان ، فنريد أن يكون لنا في الأجر أجران " . وقالت النساء : " نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال ، فإنا لا نستطيع أن نقاتل ، ولو كتب علينا القتال لقاتلنا " ! فأنزل الله تعالى الآية ، وقال لهم : سلوا الله من فضله ، يرزقكم الأعمال ، وهو خير لكم . 9247 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن أيوب ، عن محمد قال : نهيتم عن الأماني ، ودللتم على ما هو خير منه : واسألوا الله من فضله . 9248 - حدثني المثنى قال : حدثنا عارم قال : حدثنا حماد بن زيد ، [ ص: 265 ] عن أيوب قال : كان محمد إذا سمع الرجل يتمنى في الدنيا قال : قد نهاكم الله عن هذا : ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض ، ودلكم على خير منه : واسألوا الله من فضله . قال أبو جعفر : فتأويل الكلام على هذا التأويل : ولا تتمنوا ، أيها الرجال والنساء ، الذي فضل الله به بعضكم على بعض من منازل الفضل ودرجات الخير ، وليرض أحدكم بما قسم الله له من نصيب ، ولكن سلوا الله من فضله . القول في تأويل قوله ( للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك . فقال بعضهم : معنى ذلك : للرجال نصيب مما اكتسبوا ، من الثواب على الطاعة ، والعقاب على المعصية وللنساء نصيب من ذلك مثل ذلك . ذكر من قال ذلك : 9249 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا الصبي شيئا ، وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع . فلما نجز للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه ، وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين ، قال النساء : " لو [ ص: 266 ] كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال " ! وقال الرجال : " إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسناتنا في الآخرة ، كما فضلنا عليهن في الميراث " ! فأنزل الله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، يقول : المرأة تجزى بحسنتها عشر أمثالها ، كما يجزى الرجل ، قال الله تعالى : واسألوا الله من فضله . 9250 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال : حدثني أبو ليلى قال : سمعت أبا حريز يقول : لما نزل : للذكر مثل حظ الأنثيين ، قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب ، كما لهم نصيبان من الميراث ! فأنزل الله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، يعني الذنوب " واسألوا الله " يا معشر النساء " من فضله " . وقال آخرون : بل معنى ذلك : للرجال نصيب مما اكتسبوا من ميراث موتاهم ، وللنساء نصيب منهم . ذكر من قال ذلك : 9251 - حدثنا المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن [ ص: 267 ] ، يعني : ما ترك الوالدان والأقربون : يقول : للذكر مثل حظ الأنثيين . 9252 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن أبي إسحاق ، عن عكرمة أو غيره في قوله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن ، قال : في الميراث ، كانوا لا يورثون النساء . قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية ، قول من قال : معناه : للرجال نصيب من ثواب الله وعقابه مما اكتسبوا فعملوه من خير أو شر ، وللنساء نصيب مما اكتسبن من ذلك كما للرجال . وإنما قلنا إن ذلك أولى بتأويل الآية من قول من قال : " تأويله : للرجال نصيب من الميراث ، وللنساء نصيب منه " لأن الله - جل ثناؤه - أخبر أن لكل فريق من الرجال والنساء نصيبا مما اكتسب . وليس الميراث مما اكتسبه الوارث ، وإنما هو مال أورثه الله عن ميته بغير اكتساب ، وإنما " الكسب " العمل ، و " المكتسب " : المحترف . فغير جائز أن يكون معنى الآية وقد قال الله : للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن : للرجال نصيب مما ورثوا ، وللنساء نصيب مما ورثن . لأن ذلك لو كان كذلك لقيل : " للرجال نصيب مما لم يكتسبوا ، وللنساء نصيب مما لم يكتسبن " ! ! [ ص: 268 ] القول في تأويل قوله ( واسألوا الله من فضله ) قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : واسألوا الله من عونه وتوفيقه للعمل بما يرضيه عنكم من طاعته . ففضله في هذا الموضع : توفيقه ومعونته كما : 9253 - حدثنا محمد بن مسلم الرازي قال : حدثنا أبو جعفر النفيلي قال : حدثنا يحيى بن يمان ، عن أشعث ، عن سعيد : واسألوا الله من فضله ، قال : العبادة ، ليست من أمر الدنيا . 9254 - حدثنا محمد بن مسلم قال : حدثني أبو جعفر قال : حدثنا موسى ، عن ليث قال : " فضله " العبادة ، ليس من أمر الدنيا . 9255 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا هشام ، عن ليث ، عن مجاهد في قوله : واسألوا الله من فضله ، قال : ليس بعرض الدنيا . 9256 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : واسألوا الله من فضله ، يرزقكم الأعمال ، وهو خير لكم . 9257 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي قال : حدثنا إسرائيل ، عن حكيم بن جبير ، عن رجل لم يسمه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : سلوا الله من فضله ، فإنه يحب أن يسأل ، وإن من أفضل العبادة انتظار الفرج . [ ص: 269 ] القول في تأويل قوله ( إن الله كان بكل شيء عليما ( 32 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : أن الله كان بما يصلح عباده - فيما قسم لهم من خير ، ورفع بعضهم فوق بعض في الدين والدنيا ، وبغير ذلك من قضائه وأحكامه فيهم - " عليما " يقول : ذا علم . فلا تتمنوا غير الذي قضى لكم ، ولكن عليكم بطاعته ، والتسليم لأمره ، والرضى بقضائه ، ومسألته من فضله . القول في تأويل قوله ( ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون ) يعني - جل ثناؤه - بقوله : ولكل جعلنا موالي ، ولكلكم ، أيها الناس " جعلنا موالي " يقول : ورثة من بني عمه وإخوته وسائر عصبته غيرهم . والعرب تسمي ابن العم " المولى " ومنه قول الشاعر : [ ص: 270 ] ومولى رمينا حوله وهو مدغل بأعراضنا والمنديات سروع يعني بذلك : وابن عم رمينا حوله ، ومنه قول الفضل بن العباس : مهلا بني عمنا مهلا موالينا لا تظهرن لنا ما كان مدفونا وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 9258 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا إدريس قال : حدثنا طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : ورثة . 9259 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان ، قال : الموالي العصبة ، يعني الورثة . 9260 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا مؤمل قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : الموالي العصبة . [ ص: 271 ] 9261 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : هم الأولياء . 9262 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : ولكل جعلنا موالي ، يقول : عصبة . 9263 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : الموالي أولياء الأب ، أو الأخ ، أو ابن الأخ ، أو غيرهما من العصبة . 9264 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ولكل جعلنا موالي ، أما " موالي " فهم أهل الميراث . 9265 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : ولكل جعلنا موالي ، قال : الموالي : العصبة . هم كانوا في الجاهلية الموالي ، فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسما ، فقال الله تبارك وتعالى : ( فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم ) [ سورة الأحزاب : 5 ] ، فسموا : " الموالي " قال : و " المولى " اليوم موليان : مولى يرث ويورث ، فهؤلاء ذوو الأرحام - ومولى يورث ولا يرث ، فهؤلاء العتاقة . وقال : ألا ترون قول زكريا : ( وإني خفت الموالي من ورائي ) [ سورة مريم : 5 ] ؟ فالموالي هاهنا الورثة . ويعني بقوله : مما ترك الوالدان والأقربون ، مما تركه والده وأقرباؤه من الميراث . [ ص: 272 ] قال أبو جعفر : فتأويل الكلام : ولكلكم ، أيها الناس ، جعلنا عصبة يرثون به مما ترك والده وأقرباؤه من ميراثهم . القول في تأويل قوله ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ) قال أبو جعفر : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأه بعضهم : ( والذين عقدت أيمانكم ) ، بمعنى : والذين عقدت أيمانكم الحلف بينكم وبينهم . وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين . وقرأ ذلك آخرون : " والذين عاقدت أيمانكم " بمعنى : والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلف بينكم وبينهم . قال أبو جعفر : والذي نقول به في ذلك : إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة أمصار المسلمين بمعنى واحد . وفي دلالة قوله : " أيمانكم " على أنها أيمان العاقدين والمعقود عليهم الحلف - مستغنى عن الدلالة على ذلك بقراءة قوله : " عقدت " " عاقدت " . وذلك أن الذين قرءوا ذلك : " عاقدت " قالوا : لا يكون عقد الحلف إلا من فريقين ، ولا بد لنا من دلالة في الكلام على أن ذلك كذلك . وأغفلوا موضع دلالة قوله : " أيمانكم " على أن معنى ذلك أيمانكم وأيمان المعقود عليهم ، وأن العقد إنما هو صفة للأيمان دون [ ص: 273 ] العاقدين الحلف ، حتى زعم بعضهم أن ذلك إذا قرئ : عقدت أيمانكم ، فالكلام محتاج إلى ضمير صفة تقي الكلام ، حتى يكون الكلام معناه : والذين عقدت لهم أيمانكم ذهابا منه عن الوجه الذي قلنا في ذلك ، من أن الأيمان معني بها أيمان الفريقين . وأما " عاقدت أيمانكم " فإنه في تأويل : عاقدت أيمان هؤلاء أيمان هؤلاء - الحلف . فهما متقاربان في المعنى ، وإن كانت قراءة من قرأ ذلك : " عقدت أيمانكم " بغير " ألف " - أصح معنى من قراءة من قرأه : " عاقدت " ؛ للذي ذكرنا من الدلالة المغنية في صفة الأيمان بالعقد ، على أنها أيمان الفريقين من الدلالة على ذلك بغيره . وأما معنى قوله : " عقدت أيمانكم " فإنه : وصلت وشدت ووكدت [ ص: 274 ] " أيمانكم " يعني : مواثيقكم التي واثق بعضكم بعضا فآتوهم نصيبهم . ثم اختلف أهل التأويل في معنى " النصيب " الذي أمر الله أهل الحلف أن يؤتي بعضهم بعضا في الإسلام . فقال بعضهم : هو نصيبه من الميراث ؛ لأنهم في الجاهلية كانوا يتوارثون ، فأوجب الله في الإسلام من بعضهم لبعض بذلك الحلف ، وبمثله في الإسلام - من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية . ثم نسخ ذلك بما فرض من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات . ذكر من قال ذلك : 9266 - حدثنا محمد بن حميد قال : حدثنا يحيى بن واضح ، عن الحسن بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة والحسن البصري في قوله : والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيد " قال : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب ، فيرث أحدهما الآخر ، فنسخ الله ذلك في " الأنفال " فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 75 ] . 9267 - حدثنا ابن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " [ ص: 275 ] قال : كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه ، وعاقد أبو بكر رضي الله عنه مولى فورثه . 9268 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فكان الرجل يعاقد الرجل : أيهما مات ورثه الآخر . فأنزل الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا ) [ سورة الأحزاب : 6 ] ، يقول : إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا - وصية ، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت . وذلك هو المعروف . 9269 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا " كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : " دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " . فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام ، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم . فنسخ ذلك بعد في " سورة الأنفال " فقال الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) [ سورة الأنفال : 6 ] . ![]()
__________________
|
#474
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (474) صــ 276 إلى صــ 290 9270 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا [ ص: 276 ] معمر ، عن قتادة : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول : " دمي دمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " . فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس ، فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث ، وهو السدس ، ثم نسخ ذلك بالميراث ، فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض ) . 9271 - حدثني المثنى قال : حدثنا الحجاج بن المنهال قال : حدثنا همام بن يحيى قال : سمعت قتادة يقول ، في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " وذلك أن الرجل كان يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : " هدمي هدمك ودمي دمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " فجعل له السدس من جميع المال ، ثم يقتسم أهل الميراث ميراثهم . فنسخ ذلك بعد في " الأنفال " فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) ، فصارت المواريث لذوي الأرحام . 9272 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عكرمة قال : هذا حلف كان في الجاهلية ، كان الرجل يقول للرجل : " ترثني وأرثك ، وتنصرني وأنصرك ، وتعقل عني وأعقل عنك " . 9273 - حدثت عن الحسين بن الفرج قال : سمعت أبا معاذ يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم " كان الرجل يتبع الرجل فيعاقده : " إن مت فلك مثل ما يرث بعض ولدي " ! وهذا منسوخ . [ ص: 277 ] 9274 - حدثني محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه ، فإذا مات الرجل صار لأهله وأقاربه الميراث ، وبقي تابعه ليس له شيء ، فأنزل الله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فكان يعطى من ميراثه ، فأنزل الله بعد ذلك : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ) . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في الذين آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين والأنصار ، فكان بعضهم يرث بعضا بتلك المؤاخاة ، ثم نسخ الله ذلك بالفرائض ، وبقوله : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون . ذكر من قال ذلك : 9275 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا إدريس بن يزيد قال : حدثنا طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " قال : كان المهاجرون حين قدموا المدينة ، يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه ، للأخوة التي آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم . فلما نزلت هذه الآية : ولكل جعلنا موالي ، نسخت . [ ص: 278 ] 9276 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم " الذين عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآتوهم نصيبهم ، إذا لم يأت رحم تحول بينهم . قال : وهو لا يكون اليوم ، إنما كان في نفر آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانقطع ذلك . ولا يكون هذا لأحد إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان آخى بين المهاجرين والأنصار ، واليوم لا يؤاخى بين أحد . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في أهل العقد بالحلف ، ولكنهم أمروا أن يؤتي بعضهم بعضا أنصباءهم من النصرة والنصيحة وما أشبه ذلك ، دون الميراث . ذكر من قال ذلك : 9277 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو أسامة قال : حدثنا إدريس الأودي قال : حدثنا طلحة بن مصرف ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصر والنصيحة والرفادة ، ويوصي لهم ، وقد ذهب الميراث . 9278 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الرحمن قال : حدثنا سفيان ، عن منصور ، عن مجاهد : والذين عقدت أيمانكم . قال : كان حلف في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من العقل والمشورة [ ص: 279 ] والنصرة ، ولا ميراث . 9279 - حدثنا ابن المثنى قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن منصور ، عن مجاهد أنه قال في هذه الآية : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من العون والنصر والحلف . 9280 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن منصور ، عن مجاهد في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان هذا حلفا في الجاهلية ، فلما كان الإسلام ، أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة ، ولا ميراث . 9281 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا حجاج ، قال ابن جريج : " والذين عاقدت أيمانكم " أخبرني عبد الله بن كثير : أنه سمع مجاهدا يقول : هو الحلف : عقدت أيمانكم . قال : فآتوهم نصيبهم ، قال : النصر . 9282 - حدثني زكريا بن يحيى قال : حدثنا حجاج ، قال : ابن جريج ، أخبرني عطاء قال : هو الحلف . قال : فآتوهم نصيبهم ، قال : العقل والنصر . 9283 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : لهم نصيبهم من النصر والرفادة والعقل . [ ص: 280 ] 9284 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد نحوه . 9285 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا شريك ، عن سالم ، عن سعيد : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : هم الحلفاء . 9286 - حدثنا المثنى قال : حدثنا الحماني قال : حدثنا عباد بن العوام ، عن خصيف ، عن عكرمة مثله . 9287 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " أما " عقدت أيمانكم " فالحلف ، كالرجل في الجاهلية ينزل في القوم فيحالفونه على أنه منهم ، يواسونه بأنفسهم ، فإذا كان لهم حق أو قتال كان مثلهم ، وإذا كان له حق أو نصرة خذلوه . فلما جاء الإسلام سألوا عنه ، وأبى الله إلا أن يشدده . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم يزد الإسلام الحلفاء إلا شدة " . وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت وصية . ذكر من قال ذلك : 9288 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني الليث ، عن عقيل ، عن ابن شهاب قال : حدثني سعيد بن المسيب : أن الله قال : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " قال سعيد بن المسيب : إنما نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون [ ص: 281 ] رجالا غير أبنائهم ويورثونهم ، فأنزل الله فيهم ، فجعل لهم نصيبا في الوصية ، ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة ، وأبى الله للمدعين ميراثا ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن الله جعل لهم نصيبا في الوصية . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله : والذين عقدت أيمانكم ، قول من قال : " والذين عقدت أيمانكم على المحالفة ، وهم الحلفاء " . وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها - أن عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق ، على نحو ما قد ذكرنا من الرواية في ذلك . فإذ كان الله - جل ثناؤه - إنما وصف الذين عقدت أيمانهم ما عقدوه بها بينهم ، دون من لم تعقد عقدا بينهم أيمانهم ، وكانت مؤاخاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بين من آخى بينه وبينه من المهاجرين والأنصار لم تكن بينهم بأيمانهم ، وكذلك التبني - كان معلوما أن الصواب من القول في ذلك قول من قال : " هو الحلف " دون غيره ؛ لما وصفناه من العلة . وأما قوله : " فآتوهم نصيبهم " فإن أولى التأويلين به ، ما عليه الجميع مجمعون من حكمه الثابت ، وذلك إيتاء أهل الحلف الذي كان في الجاهلية دون الإسلام بعضهم بعضا أنصباءهم من النصرة والنصيحة والرأي ، دون الميراث . وذلك لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة " . 9289 - حدثنا بذلك أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن شريك ، عن [ ص: 282 ] سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . 9290 - وحدثنا أبو كريب قال : حدثنا مصعب بن المقدام ، عن إسرائيل بن يونس ، عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا حلف في الإسلام ، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة . وما يسرني أن لي حمر النعم ، وأنى نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة . 9291 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم الضبي : أن قيس بن عاصم سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف فقال : لا حلف في الإسلام ، ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية . [ ص: 283 ] 9292 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مغيرة ، عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم ، عن قيس بن عاصم : أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف ، قال : فقال : ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، ولا حلف في الإسلام . 9293 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا وكيع ، عن داود بن أبي عبد الله ، عن ابن جدعان ، عن جدته ، عن أم سلمة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة " . [ ص: 284 ] 9294 - حدثنا حميد بن مسعدة قال : حدثنا حسين المعلم وحدثنا مجاهد بن موسى قال : حدثنا يزيد بن هارون قال : حدثنا حسين المعلم وحدثنا حاتم بن بكر الضبي قال : حدثنا عبد الأعلى ، عن حسين المعلم قال : حدثنا أبي ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم فتح مكة : فوا بحلف ، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفا في الإسلام " . [ ص: 285 ] 9295 - حدثنا أبو كريب وعبدة بن عبد الله الصفار قالا : حدثنا محمد بن بشر قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة قال : حدثني سعد بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن جبير بن مطعم : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة . [ ص: 286 ] 9296 - حدثنا حميد بن مسعدة ومحمد بن عبد الأعلى قالا : حدثنا بشر بن المفضل قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق وحدثني يعقوب بن إبراهيم قال : حدثنا ابن علية ، عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري ، عن محمد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : شهدت حلف المطيبين . وأنا غلام مع عمومتي ، فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه . زاد يعقوب في حديثه عن ابن علية ، قال : وقال الزهري : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة . قال : ولا حلف في الإسلام . قال : وقد ألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار . [ ص: 287 ] 9297 - حدثنا تميم بن المنتصر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة عام الفتح ، قام خطيبا في الناس فقال : " يا أيها الناس ، ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة ، ولا حلف في الإسلام " . 9298 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا يونس بن بكير قال : حدثنا محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . 9299 - حدثنا أبو كريب قال : حدثنا خالد بن مخلد قال : حدثنا سليمان بن بلال قال : حدثنا عبد الرحمن بن الحارث ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . [ ص: 288 ] قال أبو جعفر : فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحا ، وكانت الآية إذا اختلف في حكمها : منسوخ هو أم غير منسوخ - غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ - مع اختلاف المختلفين فيه ، ولوجوب حكمها ونفي النسخ عنه وجه صحيح - إلا بحجة يجب التسليم لها ، لما قد بينا في غير موضع من كتبنا الدلالة على صحة القول بذلك - فالواجب أن يكون الصحيح من القول في تأويل قوله : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم ، هو ما ذكرنا من التأويل ، وهو أن قوله : عقدت أيمانكم من الحلف ، وقوله : فآتوهم نصيبهم من النصرة والمعونة والنصيحة والرأي ، على ما أمر به من ذلك - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأخبار التي ذكرناها عنه دون قول من قال : " معنى قوله : فآتوهم نصيبهم ، من الميراث " وأن ذلك كان حكما ثم نسخ بقوله : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله ، ودون ما سوى القول الذي قلناه في تأويل ذلك . وإذ صح ما قلنا في ذلك ، وجب أن تكون الآية محكمة لا منسوخة . [ ص: 289 ] القول في تأويل قوله ( إن الله كان على كل شيء شهيدا ( 33 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك - جل ثناؤه - : فآتوا الذين عقدت أيمانكم نصيبهم من النصرة والنصيحة والرأي ، فإن الله شاهد على ما تفعلون من ذلك ، وعلى غيره من أفعالكم ، مراع لكل ذلك ، حافظ ، حتى يجازي جميعكم على جميع ذلك جزاءه ، أما المحسن منكم المتبع أمري وطاعتي فبالحسنى ، وأما المسيء منكم المخالف أمري ونهيي فبالسوأى . ومعنى قوله : " شهيدا " ذو شهادة على ذلك . [ ص: 290 ] القول في تأويل قوله ( الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ) قال أبو جعفر : يعني بقوله - جل ثناؤه - : الرجال قوامون على النساء ، الرجال أهل قيام على نسائهم ، في تأديبهن والأخذ على أيديهن فيما يجب عليهن لله ولأنفسهم بما فضل الله بعضهم على بعض يعني : بما فضل الله به الرجال على أزواجهم من سوقهم إليهن مهورهن ، وإنفاقهم عليهن أموالهم ، وكفايتهم إياهن مؤنهن . وذلك تفضيل الله تبارك وتعالى إياهم عليهن ، ولذلك صاروا قواما عليهن ، نافذي الأمر عليهن فيما جعل الله إليهم من أمورهن . وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك : 9300 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : الرجال قوامون على النساء يعني : أمراء ، عليها أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته ، وطاعته : أن تكون محسنة إلى أهله ، حافظة لماله . وفضله عليها بنفقته وسعيه . 9301 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك في قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض يقول : الرجل قائم على المرأة ، يأمرها بطاعة الله ، فإن أبت فله أن يضربها ضربا غير مبرح ، وله عليها الفضل بنفقته وسعيه . ![]()
__________________
|
#475
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (475) صــ 291 إلى صــ 305 9302 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا [ ص: 291 ] أسباط ، عن السدي : الرجال قوامون على النساء قال : يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن . 9303 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول : بما فضل الله بعضهم على بعض قال : بتفضيل الله الرجال على النساء . وذكر أن هذه الآية نزلت في رجل لطم امرأته ، فخوصم إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك ، فقضى لها بالقصاص . ذكر الخبر بذلك : 9304 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا عبد الأعلى قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قال : حدثنا الحسن : أن رجلا لطم امرأته ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يقصها منه ، فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ، فدعاه النبي - صلى الله عليه وسلم - فتلاها عليه ، وقال : أردت أمرا وأراد الله غيره . 9305 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة قوله : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم ذكر لنا أن رجلا لطم امرأته ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم ذكر نحوه . 9306 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة في قوله : الرجال قوامون على النساء قال : صك رجل امرأته ، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فأراد أن يقيدها منه ، فأنزل الله : الرجال قوامون على النساء . [ ص: 292 ] 9307 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن جرير بن حازم ، عن الحسن : أن رجلا من الأنصار لطم امرأته ، فجاءت تلتمس القصاص ، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - بينهما القصاص ، فنزلت : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) [ سورة طه : 114 ] ونزلت : الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض . 9308 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : لطم رجل امرأته ، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - القصاص . فبينا هم كذلك ، نزلت الآية . 9309 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : أما الرجال قوامون على النساء فإن رجلا من الأنصار كان بينه وبين امرأته كلام فلطمها ، فانطلق أهلها ، فذكروا ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبرهم : الرجال قوامون على النساء الآية . وكان الزهري يقول : ليس بين الرجل وامرأته قصاص فيما دون النفس . 9310 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، سمعت الزهري يقول : لو أن رجلا شج امرأته أو جرحها ، لم يكن عليه في ذلك قود ، وكان عليه العقل ، إلا أن يعدو عليها فيقتلها ، فيقتل بها . وأما قوله : وبما أنفقوا من أموالهم فإنه يعني : وبما ساقوا إليهن من [ ص: 293 ] صداق ، وأنفقوا عليهن من نفقة ، كما : 9311 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قال : فضله عليها بنفقته وسعيه . 9312 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا أبو زهير ، عن جويبر ، عن الضحاك مثله . 9313 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول : وبما أنفقوا من أموالهم بما ساقوا من المهر . قال أبو جعفر : فتأويل الكلام إذا : الرجال قوامون على نسائهم ، بتفضيل الله إياهم عليهن ، وبإنفاقهم عليهن من أموالهم . و " ما " التي في قوله : بما فضل الله والتي في قوله : وبما أنفقوا في معنى المصدر . 9314 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : حدثنا عبد الله بن المبارك قال : سمعت سفيان يقول : " فالصالحات " يعملن بالخير . [ ص: 294 ] وقوله : " قانتات " يعني : مطيعات لله ولأزواجهن ، كما : 9315 - حدثني محمد بن عمرو قال : حدثنا أبو عاصم ، عن عيسى ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " قانتات " قال : مطيعات . 9316 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : " قانتات " قال : مطيعات . 9317 - حدثنا المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد مثله . 9318 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " قانتات " : مطيعات . 9319 - حدثنا الحسن بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " قانتات " أي : مطيعات لله ولأزواجهن . 9320 - حدثنا الحسن بن يحيى قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة قال : " مطيعات " . 9321 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " القانتات " المطيعات . 9322 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول في قوله : " قانتات " قال : مطيعات لأزواجهن . وقد بينا معنى " القنوت " فيما مضى ، وأنه الطاعة ، ودللنا على صحة ذلك من الشواهد بما أغنى عن إعادته . [ ص: 295 ] وأما قوله : حافظات للغيب فإنه يعني : حافظات لأنفسهن عند غيبة أزواجهن عنهن ، في فروجهن وأموالهم ، وللواجب عليهن من حق الله في ذلك وغيره كما : 9323 - حدثنا بشر بن معاذ قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : حافظات للغيب يقول : حافظات لما استودعهن الله من حقه ، وحافظات لغيب أزواجهن . 9324 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : حافظات للغيب بما حفظ الله يقول : تحفظ على زوجها ماله وفرجها حتى يرجع ، كما أمرها الله . 9325 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثني حجاج ، عن ابن جريج قال : قلت لعطاء ما قوله : حافظات للغيب قال : حافظات للزوج . 9326 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج : سألت عطاء عن حافظات للغيب قال : حافظات للأزواج . 9327 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول : حافظات للغيب حافظات لأزواجهن ، لما غاب من شأنهن . 9328 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو صالح قال : حدثنا أبو معشر قال : حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : خير النساء امرأة إذا نظرت إليها سرتك ، وإذا أمرتها أطاعتك ، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك . قال : ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " الرجال قوامون على النساء " الآية . [ ص: 296 ] قال أبو جعفر : وهذا الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدل على صحة ما قلنا في تأويل ذلك ، وأن معناه : صالحات في أديانهن ، مطيعات لأزواجهن ، حافظات لهم في أنفسهن وأموالهم . وأما قوله : بما حفظ الله ، فإن القرأة اختلفت في قراءته . فقرأته عامة القرأة في جميع أمصار الإسلام : ( بما حفظ الله ) برفع اسم " الله " على معنى : بحفظ الله إياهن إذ صيرهن كذلك ، كما : 9329 - حدثني زكريا بن يحيى بن أبي زائدة قال : حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج سألت عطاء عن قوله : بما حفظ الله قال : يقول : حفظهن الله . 9330 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : أخبرنا ابن المبارك قال : سمعت سفيان يقول في قوله : بما حفظ الله ، قال : بحفظ الله إياه أنه جعلها كذلك . وقرأ ذلك أبو جعفر يزيد بن القعقاع المدني " بما حفظ الله " يعني : [ ص: 297 ] بحفظهن الله في طاعته وأداء حقه بما أمرهن من حفظ غيب أزواجهن ، كقول الرجل للرجل : " ما حفظت الله في كذا وكذا " بمعنى : ما راقبته ولا خفته . قال أبو جعفر : والصواب من القراءة في ذلك - ما جاءت به قرأة المسلمين من القراءة مجيئا يقطع عذر من بلغه ويثبت عليه حجته ، دون ما انفرد به أبو جعفر فشذ عنهم . وتلك القراءة ترفع اسم " الله " تبارك وتعالى : ( بما حفظ الله ) مع صحة ذلك في العربية وكلام العرب ، وقبح نصبه في العربية ؛ لخروجه عن المعروف من منطق العرب . وذلك أن العرب لا تحذف الفاعل مع المصادر من أجل أن الفاعل إذا حذف معها لم يكن للفعل صاحب معروف . وفي الكلام متروك ، استغني بدلالة الظاهر من الكلام عليه من ذكره ، ومعناه : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ، فأحسنوا إليهن وأصلحوا . وكذلك هو فيما ذكر في قراءة ابن مسعود . 9331 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال : حدثنا عيسى الأعمى ، عن طلحة بن مصرف قال : في قراءة عبد الله : " فالصالحات قانتات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون نشوزهن " . 9332 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : ( فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ) فأحسنوا إليهن . [ ص: 298 ] 9333 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ، فأصلحوا إليهن . 9334 - حدثني علي بن داود قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله يعني : إذا كن هكذا ، فأصلحوا إليهن . القول في تأويل قوله ( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله : واللاتي تخافون نشوزهن . فقال بعضهم : معناه : واللاتي تعلمون نشوزهن . ووجه صرف " الخوف " في هذا الموضع إلى " العلم " في قول هؤلاء - نظير صرف " الظن " إلى " العلم " ؛ لتقارب معنييهما ، إذ كان " الظن " شكا ، وكان " الخوف " مقرونا برجاء ، وكانا جميعا من فعل المرء بقلبه كما قال الشاعر : ولا تدفنني في الفلاة فإنني أخاف إذا ما مت أن لا أذوقها معناه : فإنني أعلم ، وكما قال الآخر : [ ص: 299 ] أتاني كلام عن نصيب يقوله وما خفت يا سلام أنك عائبي بمعنى : وما ظننت . وقال جماعة من أهل التأويل : معنى " الخوف " في هذا الموضع - الخوف الذي هو خلاف " الرجاء " . قالوا : معنى ذلك : إذا رأيتم منهن ما تخافون أن ينشزن عليكم من نظر إلى ما لا ينبغي لهن أن ينظرن إليه ، ويدخلن ويخرجن ، واستربتم بأمرهن ، فعظوهن واهجروهن . وممن قال ذلك محمد بن كعب . وأما قوله : " نشوزهن " فإنه يعني : استعلاءهن على أزواجهن ، وارتفاعهن عن فرشهم بالمعصية منهن ، والخلاف عليهم فيما لزمهن طاعتهم فيه ، بغضا منهن وإعراضا عنهم . وأصل " النشوز " الارتفاع . ومنه قيل للمكان المرتفع من الأرض : " نشز " و " نشاز " . " فعظوهن " يقول : ذكروهن الله ، وخوفوهن وعيده في ركوبها ما حرم الله عليها من معصية زوجها فيما أوجب عليها طاعته فيه . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال : " النشوز " البغض ومعصية الزوج . 9335 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا [ ص: 300 ] أسباط ، عن السدي : واللاتي تخافون نشوزهن قال : بغضهن . 9336 - حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله : واللاتي تخافون نشوزهن قال : التي تخاف معصيتها . قال : " النشوز " معصيته وخلافه . 9337 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : واللاتي تخافون نشوزهن تلك المرأة تنشز ، وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره . 9338 - حدثني المثنى قال : حدثنا إسحاق قال : حدثنا روح قال : حدثنا ابن جريج قال : قال عطاء : " النشوز " أن تحب فراقه ، والرجل كذلك . ذكر الرواية عمن قال ما قلنا في قوله : " فعظوهن " . 9339 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثنا معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : " فعظوهن " يعني : عظوهن بكتاب الله . قال : أمره الله إذا نشزت أن يعظها ويذكرها الله ، ويعظم حقه عليها . 9340 - حدثني المثنى قال : حدثنا أبو حذيفة قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن ، قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : " اتقي الله وارجعي إلى فراشك " ! فإن أطاعته ، فلا سبيل له عليها . 9341 - حدثني المثنى قال : حدثنا عمرو بن عون قال : حدثنا هشيم ، [ ص: 301 ] عن يونس ، عن الحسن قال : إذا نشزت المرأة على زوجها فليعظها بلسانه . يقول : يأمرها بتقوى الله وطاعته . 9342 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن كعب القرظي قال : إذا رأى الرجل خفة في بصرها ومدخلها ومخرجها قال : يقول لها بلسانه : قد رأيت منك كذا وكذا فانتهي . فإن أعتبت فلا سبيل له عليها . وإن أبت هجر مضجعها . 9343 - حدثني المثنى قال : حدثنا حبان بن موسى قال : حدثنا ابن المبارك قال : أخبرنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد في قوله : فعظوهن قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها فإنه يقول لها : اتقي الله وارجعي . 9344 - حدثنا ابن وكيع قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ، عن جابر ، عن عطاء : فعظوهن قال : بالكلام . 9345 - حدثنا القاسم قال : حدثنا الحسين قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج قوله : فعظوهن قال : بالألسنة . 9346 - حدثنا ابن حميد قال : حدثنا حكام ، عن عمرو بن أبي قيس ، عن عطاء ، عن سعيد بن جبير : فعظوهن قال : عظوهن باللسان . [ ص: 302 ] القول في تأويل قوله ( واهجروهن في المضاجع ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم معنى ذلك فعظوهن في نشوزهن عليكم أيها الأزواج فإن أبين مراجعة الحق في ذلك والواجب عليهن لكم فاهجروهن بترك جماعهن في مضاجعتكم إياهن ذكر من قال ذلك : 9347 - حدثني المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله فعظوهن واهجروهن في المضاجع يعني : عظوهن فإن أطعنكم وإلا فاهجروهن 9348 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع يعني بالهجران أن يكون الرجل وامرأته على فراش واحد لا يجامعها . 9349 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير قال الهجر هجر الجماع 9350 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : أما تخافون نشوزهن فإن على زوجها أن يعظها فإن لم تقبل فليهجرها في المضجع يقول يرقد عندها ويوليها ظهره ويطؤها ولا يكلمها هكذا في كتابي ويطؤها ولا يكلمها [ ص: 303 ] 9351 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك في قوله واهجروهن في المضاجع قال : يضاجعها ويهجر كلامها ويوليها ظهره . 9352 - حدثني المثنى قال حدثنا حبان بن موسى قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا شريك عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع قال لا يجامعها وقال آخرون بل معنى ذلك واهجروا كلامهن في تركهن مضاجعتكم حتى يرجعن إلى مضاجعتكم ذكر من قال ذلك 9353 حدثنا أبو كريب وأبو السائب قالا حدثنا ابن إدريس عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن ابن عباس في قوله واهجروهن في المضاجع أنها لا تترك في الكلام ولكن الهجران في أمر المضجع 9354 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال حدثنا أبو حمزة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير واهجروهن في المضاجع يقول حتى يأتين مضاجعكم 9355 حدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام عن عمرو عن عطاء عن سعيد بن جبير واهجروهن في المضاجع في الجماع 9356 حدثني المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس واهجروهن في المضاجع قال يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها [ ص: 304 ] من غير أن يذر نكاحها وذلك عليها شديد 9357 - حدثني المثنى قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا ابن المبارك قال أخبرنا شريك عن خصيف عن عكرمة : واهجروهن في المضاجع : الكلام والحديث . وقال آخرون بل معنى ذلك ولا تقربوهن في فرشهن حتى يرجعن إلى ما تحبون ] ذكر من قال ذلك : 9358 - حدثني الحسن بن زريق الطهوي قال حدثنا أبو بكر بن عياش عن منصور عن مجاهد في قوله واهجروهن في المضاجع قال لا تضاجعوهن . 9359 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال الهجران أن لا يضاجعها 9360 - وبه قال حدثنا جرير عن مغيرة عن عامر وإبراهيم قالا الهجران في المضجع أن لا يضاجعها على فراش . 9361 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أخبرنا مغيرة عن إبراهيم والشعبي أنهما قالا في قوله واهجروهن في المضاجع قالا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يحب 9362 - حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا [ ص: 305 ] شعبة عن مغيرة عن إبراهيم والشعبي أنهما كانا يقولان واهجروهن في المضاجع قالا يهجرها في المضجع 9363 - حدثنا المثنى قال حدثنا حبان قال حدثنا ابن المبارك قال حدثنا شريك عن خصيف عن مقسم واهجروهن في المضاجع قال هجرها في مضجعها أن لا يقرب فراشها 9364 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي قال واهجروهن في المضاجع قال يعظها بلسانه فإن أعتبت فلا سبيل له عليها وإن أبت هجر مضجعها 9365 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله فعظوهن واهجروهن قالا إذا خاف نشوزها وعظها فإن قبلت وإلا هجر مضجعها 9366 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة : واهجروهن في المضاجع قال تبدأ يا ابن آدم فتعظها فإن أبت عليك فاهجرها . يعني به فراشها وقال آخرون معنى قوله واهجروهن في المضاجع : قولوا لهن من القول هجرا في تركهن مضاجعتكم ذكر من قال ذلك : 9367 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن رجل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله واهجروهن في المضاجع قال يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها ![]()
__________________
|
#476
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (476) صــ 306 إلى صــ 320 9368 - وبه قال أخبرنا الثوري عن خصيف عن عكرمة قال إنما [ ص: 306 ] الهجران بالمنطق أن يغلظ لها وليس بالجماع 9369 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا هشيم قال أخبرنا مغيرة عن أبي الضحى في قوله واهجروهن في المضاجع قال يهجر بالقول ولا يهجر مضاجعتها حتى ترجع إلى ما يريد . 9370 - حدثنا المثنى قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا ابن المبارك قال حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن رجل عن الحسن قال لا يهجرها إلا في المبيت في المضجع ليس له أن يهجر في كلام ولا شيء إلا في الفراش 9371 - حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثني يعلى عن سفيان في قوله واهجروهن في المضاجع قال في مجامعتها ولكن يقول لها تعالي وافعلي كلاما فيه غلظة فإذا فعلت ذلك فلا يكلفها أن تحبه فإن قلبها ليس في يديها . قال أبو جعفر : ولا معنى ل الهجر في كلام العرب إلا على أحد ثلاثة أوجه أحدها هجر الرجل كلام الرجل وحديثه وذلك رفضه وتركه يقال منه هجر فلان أهله يهجرها هجرا وهجرانا والآخر الإكثار من الكلام بترديد كهيئة كلام الهاذئ يقال منه هجر فلان في كلامه يهجر هجرا إذا هذى ومدد الكلمة وما زالت تلك هجيراه وإهجيراه . ومنه قول ذي الرمة رمى فأخطأ والأقدار غالبة فانصعن والويل هجيراه والحرب [ ص: 307 ] والثالث هجر البعير إذا ربطه صاحبه ب " الهجار وهو حبل يربط في حقويها ورسغها ومنه قول امرئ القيس رأت هلكا بنجاف الغبيط فكادت تجد لذاك الهجارا فأما القول الذي فيه الغلظة والأذى فإنما هو الإهجار ويقال منه أهجر فلان في منطقه إذا قال الهجر وهو الفحش من الكلام يهجر إهجارا وهجرا . فإذ كان لا وجه ل " الهجر في الكلام إلا أحد المعاني الثلاثة ، وكانت المرأة المخوف نشوزها إنما أمر زوجها بوعظها لتنيب إلى طاعته فيما يجب عليها له من موافاته عند دعائه إياها إلى فراشه فغير جائز أن تكون عظته لذلك حتى تفيء المرأة إلى أمر الله وطاعة زوجها في ذلك ثم يكون الزوج مأمورا [ ص: 308 ] بهجرها في الأمر الذي كانت عظته إياها عليه وإذ كان ذلك كذلك بطل قول من قال معنى قوله واهجروهن في المضاجع واهجروا جماعهن . أو يكون - إذ بطل هذا المعنى - بمعنى واهجروا كلامهن بسبب هجرهن مضاجعكم وذلك أيضا لا وجه له مفهوم لأن الله تعالى ذكره قد أخبر على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث . على أن ذلك لو كان حلالا لم يكن لهجرها في الكلام معنى مفهوم لأنها إذا كانت عنه منصرفة وعليه ناشزا فمن سرورها أن لا يكلمها ولا يراها ولا تراه فكيف يؤمر الرجل في حال بغض امرأته إياه وانصرافها عنه بترك ما في تركه سرورها من ترك جماعها ومحادثتها وتكليمها وهو يؤمر بضربها لترتدع عما هي عليه من ترك طاعته ، إذا دعاها إلى فراشه وغير ذلك مما يلزمها طاعته فيه . [ ص: 309 ] أو يكون - إذ فسد هذان الوجهان - يكون معناه واهجروا في قولكم لهن بمعنى رددوا عليهن كلامكم إذا كلمتموهن بالتغليظ لهن فإن كان ذلك معناه فلا وجه لإعمال الهجر في كناية أسماء النساء الناشزات أعني في الهاء والنون من قوله واهجروهن لأنه إذا أريد به ذلك المعنى كان الفعل غير واقع إنما يقال هجر فلان في كلامه ولا يقال هجر فلان فلانا فإذ كان في كل هذه المعاني ما ذكرنا من الخلل اللاحق فأولى الأقوال بالصواب في ذلك أن يكون قوله واهجروهن موجها معناه إلى معنى الربط بالهجار على ما ذكرنا من قيل العرب للبعير إذا ربطه صاحبه بحبل على ما وصفنا هجره فهو يهجره هجرا . وإذا كان ذلك معناه كان تأويل الكلام واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن في نشوزهن عليكم فإن اتعظن فلا سبيل لكم عليهن وإن أبين الأوبة من نشوزهن فاستوثقوا منهن رباطا في مضاجعهن يعني في منازلهن وبيوتهن التي يضطجعن فيها ويضاجعن فيها أزواجهن كما 9372 - حدثني عباس بن أبي طالب قال حدثنا يحيى بن أبي بكير عن شبل قال سمعت أبا قزعة يحدث عن عمرو بن دينار عن حكيم بن معاوية عن أبيه أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم - فقال ما حق زوجة أحدنا عليه قال يطعمها ، ويكسوها ولا يضرب الوجه ولا يقبح ، ولا يهجر إلا في البيت . [ ص: 310 ] 9373 - حدثنا الحسن بن عرفة قال حدثنا يزيد بن هارون عن شعبة بن الحجاج عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم - نحوه 9374 - حدثني المثنى قال حدثنا حبان بن موسى قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا بهز بن حكيم عن جده قال قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منها وما نذر قال : حرثك فأت حرثك أنى شئت غير أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت وأطعم إذا طعمت واكس إذا اكتسيت كيف وقد أفضى بعضكم إلا بعض إلا بما حل عليها . [ ص: 311 ] وبنحو الذي قلنا في تأويل ذلك قال عدة من أهل التأويل ذكر من قال ذلك : 9375 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن الحسن قال إذا نشزت المرأة على زوجها فليعظها بلسانه فإن قبلت فذاك وإلا ضربها ضربا غير مبرح فإن رجعت فذاك وإلا فقد حل له أن يأخذ منها ويخليها . 9376 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن ابن عباس في قوله واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع فإذا أطاعته في المضجع فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته . 9377 - حدثني المثنى قال حدثنا حبان قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا يحيى بن بشر : أنه سمع عكرمة يقول في قوله واهجروهن في المضاجع واضربوهن " ضربا غير مبرح قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - اضربوهن [ ص: 312 ] إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح . قال أبو جعفر : فكل هؤلاء الذين ذكرنا قولهم لم يوجبوا للهجر معنى غير الضرب ولم يوجبوا هجرا إذا كان هيئة من الهيئات التي تكون بها المضروبة عند الضرب مع دلالة الخبر الذي رواه عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بضربهن إذا عصين أزواجهن في المعروف من غير أمر منه أزواجهن بهجرهن لما وصفنا من العلة . قال أبو جعفر : فإن ظن ظان أن الذي قلنا في تأويل الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه عكرمة ليس كما قلنا وصح أن ترك النبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجل بهجر زوجته إذا عصته في المعروف وأمره بضربها قبل الهجر لو كان دليلا على صحة ما قلنا من أن معنى الهجر هو ما بيناه لوجب أن يكون لا معنى لأمر الله زوجها أن يعظها إذا هي نشزت إذ كان لا ذكر للعظة في خبر عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم - فإن الأمر في ذلك بخلاف ما ظن وذلك أن قوله صلى الله عليه وسلم إذا عصينكم في المعروف دلالة بينة أنه لم يبح للرجل ضرب زوجته إلا بعد عظتها من نشوزها وذلك أنه لا تكون له عاصية إلا وقد تقدم منه لها أمر أو عظة بالمعروف على ما أمر الله به . [ ص: 313 ] القول في تأويل قوله ( واضربوهن ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه فعظوهن أيها الرجال في نشوزهن فإن أبين الإياب إلى ما يلزمهن لكم فشدوهن وثاقا في منازلهن واضربوهن ليؤبن إلى الواجب عليهن من طاعه الله في اللازم لهن من حقوقكم . وقال أهل التأويل صفة الضرب التي أباح الله لزوج الناشز أن يضربها : الضرب غير المبرح ذكر من قال ذلك : 9378 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام عن عمرو عن عطاء [ ص: 314 ] عن سعيد بن جبير : واضربوهن " قال ضربا غير مبرح 9379 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال أخبرنا أبو حمزة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير مثله 9380 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبي قال الضرب غير مبرح 9381 - حدثني المثنى قال حدثنا حبان بن موسى قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا شريك عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس واضربوهن " قال ضربا غير مبرح 9382 - حدثنا المثنى قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال تهجرها في المضجع فإن أقبلت وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح ولا تكسر لها عظما فإن أقبلت وإلا فقد حل لك منها الفدية 9383 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله واضربوهن " قال ضربا غير مبرح 9384 - وبه قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قال قلت لعطاء : واضربوهن ؟ قال ضربا غير مبرح . 9385 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة : واهجروهن في المضاجع واضربوهن قال تهجرها في المضجع فإن أبت عليك فاضربها ضربا غير مبرح أي غير شائن . 9386 - حدثنا المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء قال قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح ؟ قال السواك وشبهه يضربها به . [ ص: 315 ] 9387 - حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال حدثنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء قال قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح قال بالسواك ونحوه 9388 - حدثنا المثنى قال حدثنا حبان بن موسى قال أخبرنا ابن المبارك قال أخبرنا ابن عيينة عن ابن جريج عن عطاء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته : ضربا غير مبرح " . قال السواك ونحوه 9389 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - لا تهجروا النساء إلا في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح يقول غير مؤثر 9390 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن إسرائيل عن جابر عن عطاء واضربوهن قال ضربا غير مبرح 9391 - حدثنا المثنى قال حدثنا حبان قال أخبرنا ابن المبارك قال حدثنا يحيى بن بشر عن عكرمة مثله 9392 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : واضربوهن قال إن أقبلت في الهجران وإلا ضربها ضربا غير مبرح 9393 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب قال تهجر مضجعها ما رأيت أن تنزع فإن لم تنزع ضربها ضربا غير مبرح 9394 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم عن يونس عن الحسن : واضربوهن قال ضربا غير مبرح . [ ص: 316 ] 9395 - حدثني المثنى قال حدثنا حبان قال حدثنا ابن المبارك قال أخبرنا عبد الوارث بن سعيد عن رجل عن الحسن قال ضربا غير مبرح غير مؤثر . القول في تأويل قوله ( فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه فإن أطعنكم أيها الناس نساؤكم اللاتي تخافون نشوزهن عند وعظكم إياهن فلا تهجروهن في المضاجع فإن لم يطعنكم فاهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن راجعن طاعتكم عند ذلك وفئن إلى الواجب عليهن فلا تطلبوا طريقا إلى أذاهن ومكروههن ولا تلتمسوا سبيلا إلى ما لا يحل لكم من أبدانهن وأموالهن بالعلل وذلك أن يقول أحدكم لإحداهن وهي له مطيعة إنك لست تحبيني وأنت لي مبغضة فيضربها على ذلك أو يؤذيها . فقال الله تعالى للرجال فإن أطعنكم أي على بغضهن لكم فلا تجنوا عليهن ولا تكلفوهن محبتكم فإن ذلك ليس بأيديهن فتضربوهن أو تؤذوهن عليه . ومعنى قوله فلا تبغوا لا تلتمسوا ولا تطلبوا من قول القائل بغيت الضالة إذا التمستها ومنه قول الشاعر في صفة الموت : بغاك وما تبغيه حتى وجدته كأنك قد واعدته أمس موعدا [ ص: 317 ] بمعنى طلبك وما تطلبه . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك 9396 - حدثنا المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا قال إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل 9397 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن ابن عباس قال إذا أطاعته فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته 9398 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا ابن جريج قوله فلا تبغوا عليهن سبيلا قال العلل 9399 - وقال أخبرنا عبد الرزاق قال قال الثوري في قوله فإن أطعنكم " قال إن أتت الفراش وهي تبغضه 9400 - حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثنا يعلى عن سفيان قال إذا فعلت ذلك لا يكلفها أن تحبه لأن قلبها ليس في يديها 9401 - حدثنا المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال إن أطاعته فضاجعته فإن الله يقول فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " . 9402 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد ، عن قتادة : فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا : يقول فإن أطاعتك فلا تبغ عليها العلل . [ ص: 318 ] القول في تأويل قوله تعالى ( إن الله كان عليا كبيرا ( 34 ) ) قال أبو جعفر يقول إن الله ذو علو على كل شيء فلا تبغوا أيها الناس على أزواجكم إذا أطعنكم فيما ألزمهن الله لكم من حق سبيلا لعلو أيديكم على أيديهن فإن الله أعلى منكم ومن كل شيء عليكم منكم عليهن ، وأكبر منكم ومن كل شيء وأنتم في يده وقبضته فاتقوا الله أن تظلموهن وتبغوا عليهن سبيلا وهن لكم مطيعات فينتصر لهن منكم ربكم الذي هو أعلى منكم ومن كل شيء وأكبر منكم ومن كل شيء . القول في تأويل قوله ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه وإن خفتم شقاق بينهما وإن علمتم أيها الناس شقاق بينهما وذلك مشاقة كل واحد منهما صاحبه وهو إتيانه ما يشق عليه من الأمور فأما من المرأة فالنشوز وتركها أداء حق الله [ ص: 319 ] عليها الذي ألزمها الله لزوجها وأما من الزوج فتركه إمساكها بالمعروف أو تسريحها بإحسان . والشقاق مصدر من قول القائل شاق فلان فلانا ، إذا أتى كل واحد منهما إلى صاحبه ما يشق عليه من الأمور فهو يشاقه مشاقة وشقاقا وذلك قد يكون عداوة كما 9403 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي في قوله وإن خفتم شقاق بينهما قال إن ضربها فأبت أن ترجع وشاقته يقول عادته . وإنما أضيف الشقاق إلى البين لأن البين قد يكون اسما كما قال جل ثناؤه ( لقد تقطع بينكم ) [ سورة الأنعام 94 ] في قراءة من قرأ ذلك . وأما قوله فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فإن أهل التأويل اختلفوا في المخاطبين بهذه الآية من المأمور ببعثة الحكمين فقال بعضهم المأمور بذلك السلطان الذي يرفع ذلك إليه ذكر من قال ذلك 9404 - حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الوهاب قال حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير : أنه قال في المختلعة يعظها فإن انتهت وإلا هجرها فإن انتهت وإلا ضربها فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلى السلطان فيبعث حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم الذي من أهلها يفعل بها [ ص: 320 ] كذا ويقول الحكم الذي من أهله تفعل به كذا فأيهما كان الظالم رده السلطان وأخذ فوق يديه وإن كانت ناشزا أمره أن يخلع 9405 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها قال بل ذلك إلى السلطان . وقال آخرون بل المأمور بذلك الرجل والمرأة . ذكر من قال ذلك : 9406 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها : إن ضربها فإن رجعت فإنه ليس له عليها سبيل فإن أبت أن ترجع وشاقته فليبعث حكما من أهله وتبعث حكما من أهلها . ثم اختلف أهل التأويل فيما يبعث له الحكمان وما الذي يجوز للحكمين من الحكم بينهما وكيف وجه بعثهما بينهما فقال بعضهم يبعثهما الزوجان بتوكيل منهما إياهما بالنظر بينهما وليس لهما أن يعملا شيئا في أمرهما إلا ما وكلاهما به أو وكله كل واحد منهما بما إليه فيعملان بما وكلهما به من وكلهما من الرجل والمرأة فيما يجوز توكيلهما فيه أو توكيل من وكل منهما في ذلك ذكر من قال ذلك : ![]()
__________________
|
#477
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (477) صــ 321 إلى صــ 335 9407 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن علية عن أيوب عن محمد عن عبيدة قال جاء رجل وامرأته بينهما شقاق إلى علي رضي الله عنه مع كل واحد منهما فئام من الناس فقال علي رضي الله عنه ابعثوا حكما [ ص: 321 ] من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين تدريان ما عليكما ؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا قالت المرأة رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي قال الرجل أما الفرقة فلا فقال علي رضي الله عنه كذبت والله لا تنقلب حتى تقر بمثل الذي أقرت به 9408 - حدثنا مجاهد بن موسى قال حدثنا يزيد قال حدثنا هشام بن حسان وعبد الله بن عون عن محمد : أن عليا رضي الله عنه أتاه رجل وامرأته ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهما علي رضي الله عنه أن يبعثا حكما من أهله وحكما من أهلها ؛ لينظرا فلما دنا منه الحكمان قال لهما علي رضي الله عنه أتدريان ما لكما ؟ لكما إن رأيتما أن تفرقا فرقتما وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما . قال هشام في حديثه فقالت المرأة رضيت بكتاب الله لي وعلي فقال الرجل أما الفرقة فلا . فقال علي : كذبت والله حتى ترضى مثل ما رضيت به . وقال ابن عون في حديثه كذبت والله لا تبرح حتى ترضى بمثل ما رضيت به . 9409 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثنا هشيم قال أخبرنا منصور وهشام عن ابن سيرين عن عبيدة قال شهدت عليا رضي الله عنه فذكر مثله 9410 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط [ ص: 322 ] عن السدي قال إذا هجرها في المضجع وضربها فأبت أن ترجع وشاقته فليبعث حكما من أهله وتبعث حكما من أهلها تقول المرأة لحكمها قد وليتك أمري فإن أمرتني أن أرجع رجعت وإن فرقت تفرقنا وتخبره بأمرها إن كانت تريد نفقة أو كرهت شيئا من الأشياء وتأمره أن يرفع ذلك عنها وترجع أو تخبره أنها لا تريد الطلاق ويبعث الرجل حكما من أهله يوليه أمره ويخبره يقول له حاجته إن كان يريدها أو لا يريد أن يطلقها أعطاها ما سألت وزادها في النفقة وإلا قال له خذ لي منها ما لها علي وطلقها فيوليه أمره فإن شاء طلق وإن شاء أمسك ثم يجتمع الحكمان فيخبر كل واحد منهما ما يريد لصاحبه ويجهد كل واحد منهما ما يريد لصاحبه فإن اتفق الحكمان على شيء فهو جائز إن طلقا وإن أمسكا فهو قول الله فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما فإن بعثت المرأة حكما وأبى الرجل أن يبعث فإنه لا يقربها حتى يبعث حكما . وقال آخرون إن الذي يبعث الحكمين هو السلطان غير أنه إنما يبعثهما ليعرفا الظالم من المظلوم منهما ليحملهما على الواجب لكل واحد منهما قبل صاحبه لا التفريق بينهما . ذكر من قال ذلك : 9411 - حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الأعلى قال حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن وهو قول قتادة أنهما قالا إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه وأما الفرقة فليست في أيديهما ولم يملكا ذلك يعني : وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها 9412 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد بن زريع قال حدثنا سعيد عن قتادة قوله وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها : [ ص: 323 ] الآية إنما يبعث الحكمان ليصلحا فإن أعياهما أن يصلحا شهدا على الظالم بظلمه وليس بأيديهما فرقة ولا يملكان ذلك 9413 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن قيس بن سعد قال وسألت عن الحكمين قال ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فما حكم الحكمان من شيء فهو جائز يقول الله تبارك وتعالى إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما . قال يخلو حكم الرجل بالزوج وحكم المرأة بالمرأة فيقول كل واحد منهما لصاحبه اصدقني ما في نفسك فإذا صدق كل واحد منهما صاحبه اجتمع الحكمان وأخذ كل واحد منهما على صاحبه ميثاقا لتصدقني الذي قال لك صاحبك ولأصدقنك الذي قال لي صاحبي فذاك حين أرادا الإصلاح يوفق الله بينهما فإذا فعلا ذلك اطلع كل واحد منهما على ما أفضى به صاحبه إليه فيعرفان عند ذلك من الظالم والناشز منهما فأتيا عليه فحكما عليه فإن كانت المرأة قالا أنت الظالمة العاصية لا ينفق عليك حتى ترجعي إلى الحق وتطيعي الله فيه وإن كان الرجل هو الظالم قالا أنت الظالم المضار لا تدخل لها بيتا حتى تنفق عليها وترجع إلى الحق والعدل فإن أبت ذلك كانت هي الظالمة العاصية وأخذ منها ما لها وهو له حلال طيب وإن كان هو الظالم المسيء إليها المضار لها طلقها ولم يحل له من مالها شيء فإن أمسكها أمسكها بما أمر الله وأنفق عليها وأحسن إليها . [ ص: 324 ] 9414 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن موسى بن عبيدة عن محمد بن كعب القرظي قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يبعث الحكمين حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم من أهلها يا فلان ما تنقم من زوجتك ؟ فيقول أنقم منها كذا وكذا قال فيقول أفرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب هل أنت متقي الله فيها ومعاشرها بالذي يحق عليك في نفقتها وكسوتها فإذا قال نعم قال الحكم من أهله يا فلانة ما تنقمين من زوجك فلان فيقول مثل ذلك فإن قالت نعم جمع بينهما . قال وقال علي رضي الله عنه الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق 9415 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر قال قال الحسن : الحكمان يحكمان في الاجتماع ولا يحكمان في الفرقة 9416 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن : وهي المرأة التي تنشز على زوجها فلزوجها أن يخلعها حين يأمر الحكمان بذلك وهو بعدما تقول لزوجها والله لا أبر لك قسما ولآذنن في بيتك بغير أمرك ويقول السلطان لا نجيز لك خلعا ، حتى تقول المرأة لزوجها والله لا أغتسل لك من جنابة ولا أقيم لك صلاة فعند ذلك يقول السلطان اخلع المرأة [ ص: 325 ] 9417 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن قال : تعظها فإن أبت وغلبت فاهجرها في مضجعها فإن غلبت هذا أيضا ، فاضربها فإن غلبت هذا أيضا بعث حكم من أهله وحكم من أهلها فإن غلبت هذا أيضا وأرادت غيره فإن أبي قال أو كان أبي يقول ليس بيد الحكمين من الفرقة شيء إن رأيا الظلم من ناحية الزوج قالا أنت يا فلان ظالم انزع فإن أبى رفعا ذلك إلى السلطان . ليس إلى الحكمين من الفراق شيء . وقال آخرون بل إنما يبعث الحكمين السلطان على أن حكمهما ماض على الزوجين في الجمع والتفريق ذكر من قال ذلك 9418 - حدثني المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها : فهذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما فأمر الله - سبحانه أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل ومثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز فإن رأيا [ ص: 326 ] أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ثم مات أحدهما فإن الذي رضي يرث الذي كره ولا يرث الكاره الراضي وذلك قوله إن يريدا إصلاحا قال هما الحكمان يوفق الله بينهما " 9419 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا روح قال حدثنا عوف عن محمد بن سيرين : أن الحكم من أهلها والحكم من أهله يفرقان ويجمعان إذا رأيا ذلك فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها 9420 - حدثني محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة ، قال سألت سعيد بن جبير عن الحكمين فقال لم أولد إذ ذاك فقلت إنما أعني حكم الشقاق . قال يقبلان على الذي جاء التداري من عنده فإن فعل وإلا أقبلا على الآخر فإن فعل وإلا حكما فما حكما من شيء فهو جائز 9421 - حدثنا عبد الحميد بن بيان قال أخبرنا محمد بن يزيد عن إسماعيل عن عامر في قوله فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها قال ما قضى الحكمان من شيء فهو جائز 9422 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن داود [ ص: 327 ] عن إبراهيم قال ما حكما من شيء فهو جائز إن فرقا بينهما بثلاث تطليقات أو تطليقتين فهو جائز وإن فرقا بتطليقة فهو جائز وإن حكما عليه بجزاء بهذا من ماله فهو جائز فإن أصلحا فهو جائز وإن وضعا من شيء فهو جائز 9423 - حدثنا المثنى قال حدثنا حبان قال أخبرنا ابن المبارك قال حدثنا أبو جعفر عن المغيرة عن إبراهيم في قوله وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها قال ما صنع الحكمان من شيء فهو جائز عليهما إن طلقا ثلاثا فهو جائز عليهما وإن طلقا واحدة وطلقاها على جعل فهو جائز وما صنعا من شيء فهو جائز 9424 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال إن شاء الحكمان أن يفرقا فرقا وإن شاءا أن يجمعا جمعا 9425 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني هشيم عن حصين عن الشعبي : أن امرأة نشزت على زوجها فاختصموا إلى شريح فقال شريح : ابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها فنظر الحكمان في أمرهما فرأيا أن يفرقا بينهما فكره ذلك الرجل فقال شريح : ففيم كانا اليوم وأجاز قولهما 9426 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس قال بعثت [ ص: 328 ] أنا ومعاوية حكمين قال معمر : بلغني أن عثمان رضي الله عنه بعثهما وقال لهما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما 9427 - حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثنا روح بن عبادة قال حدثنا ابن جريج قال حدثني ابن أبي مليكة : أن عقيل بن أبي طالب تزوج فاطمة ابنة عتبة فكان بينهما كلام فجاءت عثمان فذكرت ذلك له فأرسل ابن عباس ومعاوية فقال ابن عباس : لأفرقن بينهما وقال معاوية : ما كنت لأفرق بين شيخين من بني عبد مناف فأتياهما وقد اصطلحا . 9428 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك في قوله وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها : يكونان عدلين عليهما وشاهدين وذلك إذا تدارأ الرجل والمرأة وتنازعا إلى السلطان جعل عليهما حكمين حكما من أهل الرجل وحكما من أهل المرأة يكونان أمينين عليهما جميعا وينظران من أيهما يكون الفساد فإن كان من قبل المرأة أجبرت على طاعة زوجها وأمر أن يتقي الله ويحسن صحبتها وينفق عليها بقدر ما آتاه الله إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان وإن كانت الإساءة من قبل الرجل أمر بالإحسان إليها فإن لم يفعل قيل له أعطها حقها وخل سبيلها وإنما يلي ذلك منهما السلطان . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في قوله فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها : أن الله خاطب المسلمين بذلك وأمرهم ببعثة الحكمين عند خوف الشقاق بين الزوجين للنظر في أمرهما ولم يخصص بالأمر بذلك بعضهم دون بعض [ ص: 329 ] وقد أجمع الجميع على أن بعثة الحكمين في ذلك ليست لغير الزوجين وغير السلطان الذي هو سائس أمر المسلمين أو من أقامه في ذلك مقام نفسه واختلفوا في الزوجين والسلطان ومن المأمور بالبعثة في ذلك الزوجان أو السلطان ولا دلالة في الآية تدل على أن الأمر بذلك مخصوص به أحد الزوجين ولا أثر به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة فيه مختلفة وإذ كان الأمر على ما وصفنا فأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يكون مخصوصا من الآية ما أجمع الجميع على أنه مخصوص منها وإذ كان ذلك كذلك فالواجب أن يكون الزوجان والسلطان ممن قد شمله حكم الآية والأمر بقوله فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إذ كان مختلفا بينهما هل هما معنيان بالأمر بذلك أم لا ؟ وكان ظاهر الآية قد عمهما فالواجب من القول إذ كان صحيحا ما وصفنا ، صحيحا أن يقال إن بعث الزوجان كل واحد منهما حكما من قبله لينظر في أمرهما وكان كل واحد منهما قد بعثه من قبله في ذلك لما له على صاحبه ولصاحبه عليه فتوكيله بذلك من وكل جائز له وعليه وإن وكله ببعض ولم يوكله بالجميع كان ما فعله الحكم مما وكله به صاحبه ماضيا جائزا على ما وكله به وذلك أن يوكله أحدهما بما له دون ما عليه وإن لم يوكل كل واحد من الزوجين بما له وعليه أو بما له أو بما عليه [ ص: 330 ] إلا الحكمين كليهما [ لم يجز ] إلا ما اجتمعا عليه دون ما انفرد به أحدهما وإن لم يوكلهما واحد منهما بشيء وإنما بعثاهما للنظر بينهما ، ليعرفا الظالم من المظلوم منهما ليشهدا عليهما عند السلطان إن احتاجا إلى شهادتهما لم يكن لهما أن يحدثا بينهما شيئا غير ذلك من طلاق أو أخذ مال أو غير ذلك ولم يلزم الزوجين ولا واحدا منهما شيء من ذلك . فإن قال قائل وما معنى الحكمين إذ كان الأمر على ما وصفت قيل قد اختلف في ذلك فقال بعضهم : معنى الحكم النظر العدل كما قال الضحاك بن مزاحم في الخبر الذي ذكرناه الذي : 9429 - حدثنا به يحيى بن أبي طالب عن يزيد عن جويبر عنه لا أنتما قاضيان تقضيان بينهما على السبيل التي بينا من قوله . وقال آخرون معنى ذلك أنهما القاضيان يقضيان بينهما ما فوض إليهما الزوجان . [ ص: 331 ] قال أبو جعفر : وأي الأمرين كان فليس لهما ولا لواحد منهما الحكم بينهما بالفرقة ولا بأخذ مال إلا برضى المحكوم عليه بذلك وإلا ما لزم من حق لأحد الزوجين على الآخر في حكم الله وذلك ما لزم الرجل لزوجته من النفقة والإمساك بمعروف إن كان هو الظالم لها فأما غير ذلك فليس ذلك لهما ولا لأحد من الناس غيرهما لا السلطان ولا غيره وذلك أن الزوج إن كان هو الظالم للمرأة فللإمام السبيل إلى أخذه بما يجب لها عليه من حق وإن كانت المرأة هي الظالمة زوجها الناشزة عليه فقد أباح الله له أخذ الفدية منها وجعل إليه طلاقها على ما قد بيناه في سورة البقرة وإذ كان الأمر كذلك لم يكن لأحد الفرقة بين رجل وامرأة بغير رضى الزوج ولا أخذ مال من المرأة بغير رضاها بإعطائه إلا بحجة يجب التسليم لها من أصل أو قياس وإن بعث الحكمين السلطان فلا يجوز لهما أن يحكما بين الزوجين بفرقة إلا بتوكيل الزوج إياهما بذلك ولا لهما أن يحكما بأخذ مال من المرأة إلا برضى المرأة يدل على ذلك ما قد بيناه قبل من فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بذلك والقائلين بقوله ولكن لهما أن يصلحا بين الزوجين ويتعرفا الظالم منهما من المظلوم ليشهدا عليه إن احتاج المظلوم منهما إلى شهادتهما وإنما قلنا ليس لهما التفريق للعلة التي ذكرناها آنفا وإنما يبعث السلطان الحكمين إذا بعثهما إذا ارتفع إليه الزوجان فشكا كل واحد منهما صاحبه وأشكل عليه المحق منهما من المبطل لأنه إذا لم يشكل المحق من المبطل فلا وجه لبعثه الحكمين في أمر قد عرف الحكم فيه . [ ص: 332 ] القول في تأويل قوله ( إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما ) قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه إن يريدا إصلاحا : إن يرد الحكمان إصلاحا بين الرجل والمرأة أعني بين الزوجين المخوف شقاق بينهما يقول : يوفق الله بين الحكمين فيتفقا على الإصلاح بينهما وذلك إذا صدق كل واحد منهما فيما أفضى إليه من بعث للنظر في أمر الزوجين . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك : 9430 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا يحيى عن سفيان عن أبي هاشم عن مجاهد في قوله : إن يريدا إصلاحا قال أما إنه ليس بالرجل والمرأة ولكنه الحكمان 9431 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام عن عمرو عن عطاء ، عن سعيد بن جبير : إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما قال هما الحكمان إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما 9432 - حدثنا المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما : وذلك الحكمان وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق والصواب 9433 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما : يعني بذلك الحكمين . 9434 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن [ ص: 333 ] سعيد بن جبير : إن يريدا إصلاحا قال إن يرد الحكمان إصلاحا أصلحا 9435 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن أبي هاشم عن مجاهد : إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما : يوفق الله بين الحكمين . 9436 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال حدثنا يزيد قال حدثنا جويبر عن الضحاك قوله إن يريدا إصلاحا قال هما الحكمان إذا نصحا المرأة والرجل جميعا . القول في تأويل قوله ( إن الله كان عليما خبيرا ( 35 ) ) قال أبو جعفر : يعني جل ثناؤه إن الله كان عليما بما أراد الحكمان من إصلاح بين الزوجين وغيره خبيرا بذلك وبغيره من أمورهما وأمور غيرهما لا يخفى عليه شيء منه حافظ عليهم حتى يجازي كلا منهم جزاءه بالإحسان إحسانا وبالإساءة غفرانا أو عقابا . القول في تأويل قوله جل ذكره ( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه وذلوا لله بالطاعة واخضعوا له بها وأفردوه بالربوبية وأخلصوا له الخضوع والذلة بالانتهاء إلى أمره والانزجار [ ص: 334 ] عن نهيه ولا تجعلوا له في الربوبية والعبادة شريكا تعظمونه تعظيمكم إياه " وبالوالدين إحسانا " يقول وأمركم بالوالدين إحسانا يعني برا بهما ولذلك نصب الإحسان لأنه أمر منه جل ثناؤه بلزوم الإحسان إلى الوالدين على وجه الإغراء . وقد قال بعضهم : معناه واستوصوا بالوالدين إحسانا وهو قريب المعنى مما قلناه . وأما قوله وبذي القربى فإنه يعني وأمر أيضا بذي القربى وهم ذوو قرابة أحدنا من قبل أبيه أو أمه ممن قربت منه قرابته برحمه من أحد الطرفين إحسانا بصلة رحمه . وأما قوله واليتامى ، فإنهم جمع يتيم وهو الطفل الذي قد مات والده وهلك . "والمساكين وهو جمع مسكين وهو الذي قد ركبه ذل الفاقة والحاجة فتمسكن لذلك . يقول تعالى ذكره استوصوا بهؤلاء إحسانا إليهم وتعطفوا عليهم والزموا وصيتي في الإحسان إليهم . [ ص: 335 ] القول في تأويل قوله ( والجار ذي القربى ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم معنى ذلك والجار ذي القرابة والرحم منك ذكر من قال ذلك : 9437 - حدثني المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله : والجار ذي القربى : يعني الذي بينك وبينه قرابة 9438 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس : والجار ذي القربى : يعني ذا الرحم . 9439 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة وابن أبي نجيح عن مجاهد قوله والجار ذي القربى قال جارك هو ذو قرابتك 9440 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة ومجاهد في قوله والجار ذي القربى قالا القرابة 9441 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم عن جويبر عن الضحاك في قوله والجار ذي القربى قال جارك الذي بينك وبينه قرابة 9442 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : والجار ذي القربى : جارك ذو القرابة . ![]()
__________________
|
#478
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (478) صــ 336 إلى صــ 350 9443 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة : والجار ذي القربى : إذا كان له جار له رحم فله حقان اثنان حق القرابة وحق الجار . [ ص: 336 ] 9444 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله والجار ذي القربى قال الجار ذو القربى ذو قرابتك . وقال آخرون بل هو جار ذي قرابتك ذكر من قال ذلك 9445 - حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا جرير عن ليث عن ميمون بن مهران في قوله والجار ذي القربى " قال الرجل يتوسل إليك بجوار ذي قرابتك . قال أبو جعفر : وهذا القول قول مخالف المعروف من كلام العرب . وذلك أن الموصوف بأنه ذو القرابة في قوله والجار ذي القربى الجار دون غيره فجعله قائل هذه المقالة جار ذي القرابة ولو كان معنى الكلام كما قال ميمون بن مهران لقيل وجار ذي القربى ولم يقل والجار ذي القربى فكان يكون حينئذ إذا أضيف " الجار إلى ذي القرابة " الوصية ببر جار ذي القرابة دون الجار ذي القربى وأما " والجار بالألف واللام فغير جائز أن يكون ذي القربى إلا من صفة الجار وإذا كان ذلك كذلك كانت الوصية من الله في قوله والجار ذي القربى ببر الجار ذي القربى دون جار ذي القرابة وكان بينا خطأ ما قال ميمون بن مهران في ذلك . [ ص: 337 ] وقال آخرون معنى ذلك والجار ذي القربى منكم بالإسلام ذكر من قال ذلك 9446 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن نوف الشامي : والجار ذي القربى : المسلم . قال أبو جعفر : وهذا أيضا مما لا معنى له وذلك أن تأويل كتاب الله تبارك وتعالى غير جائز صرفه إلا إلى الأغلب من كلام العرب الذين نزل بلسانهم القرآن المعروف فيهم دون الأنكر الذي لا تتعارفه إلا أن يقوم بخلاف ذلك حجة يجب التسليم لها وإذا كان ذلك كذلك ، وكان معلوما أن المتعارف من كلام العرب إذا قيل فلان ذو قرابة إنما يعني به إنه قريب الرحم منه دون القرب بالدين كان صرفه إلى القرابة بالرحم أولى من صرفه إلى القرب بالدين . القول في تأويل قوله ( والجار الجنب ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم معنى ذلك والجار البعيد الذي لا قرابة بينك وبينه ذكر من قال ذلك [ ص: 338 ] 9447 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو صالح قال حدثني معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : والجار الجنب " الذي ليس بينك وبينه قرابة 9448 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس : والجار الجنب " يعني الجار من قوم جنب 9449 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة : والجار الجنب : الذي ليس بينهما قرابة وهو جار فله حق الجوار 9450 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط ، عن السدي : والجار الجنب : الجار الغريب يكون من القوم 9451 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة وابن أبي نجيح عن مجاهد : والجار الجنب : جارك من قوم آخرين . 9452 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : والجار الجنب : جارك لا قرابة بينك وبينه البعيد في النسب وهو جار 9453 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة ومجاهد في قوله والجار الجنب قال المجانب 9454 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله والجار الجنب : الذي ليس بينك وبينه رحم ولا قرابة . [ ص: 339 ] 9455 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك : والجار الجنب قال من قوم آخرين . وقال آخرون هو الجار المشرك . ذكر من قال ذلك : 9456 - حدثني محمد بن عمارة الأسدي قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن نوف الشامي : والجار الجنب قال اليهودي والنصراني . قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال معنى الجنب في هذا الموضع الغريب البعيد مسلما كان أو مشركا يهوديا كان أو نصرانيا لما بينا قبل من أن الجار ذي القربى هو الجار ذو القرابة والرحم والواجب أن يكون الجار ذو الجنابة الجار البعيد ليكون ذلك وصية بجميع أصناف الجيران قريبهم وبعيدهم . وبعد : فإن الجنب في كلام العرب : البعيد كما قال أعشى بني قيس أتيت حريثا زائرا عن جنابة فكان حريث في عطائي جامدا [ ص: 340 ] يعني بقوله عن جنابة عن بعد وغربة ومنه قيل اجتنب فلان فلانا إذا بعد منه وتجنبه وجنبه خيره إذا منعه إياه ومنه قيل للجنب جنب لاعتزاله الصلاة حتى يغتسل فمعنى ذلك والجار المجانب للقرابة . القول في تأويل قوله تعالى ( والصاحب بالجنب ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في المعني بذلك فقال بعضهم هو رفيق الرجل في سفره ذكر من قال ذلك 9457 - حدثني المثنى قال حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني [ ص: 341 ] معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس : والصاحب بالجنب : الرفيق . 9458 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا يحيى وعبد الرحمن قالا حدثنا سفيان عن أبي بكير قال سمعت سعيد بن جبير يقول والصاحب بالجنب : الرفيق في السفر 9459 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة وابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله والصاحب بالجنب : صاحبك في السفر 9460 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة : والصاحب بالجنب : وهو الرفيق في السفر . 9461 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : والصاحب بالجنب : الرفيق في السفر منزله منزلك وطعامه طعامك ومسيره مسيرك 9462 - حدثنا سفيان قال حدثنا أبي عن إسرائيل عن جابر عن عكرمة ومجاهد : والصاحب بالجنب قالا الرفيق في السفر 9463 - حدثني المثنى قال حدثنا الحماني قال حدثنا شريك عن جابر عن عامر عن علي وعبد الله قالا الصاحب بالجنب الرفيق الصالح . [ ص: 342 ] 9464 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال أخبرني سليم عن مجاهد قال الصاحب بالجنب رفيقك في السفر الذي يأتيك ويده مع يدك . 9465 - حدثني المثنى قال حدثنا سويد بن نصر قال أخبرنا ابن المبارك قراءة على ابن جريج قال أخبرنا سليم : أنه سمع مجاهدا يقول والصاحب بالجنب : فذكر مثله 9466 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن المفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : والصاحب بالجنب : الصاحب في السفر . 9467 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو دكين قال حدثنا سفيان عن أبي بكير عن سعيد بن جبير " والصاحب بالجنب : الرفيق الصالح 9468 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا الثوري عن أبي بكير عن سعيد بن جبير مثله 9469 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن جويبر عن الضحاك في قوله والصاحب بالجنب قال الرفيق في السفر 9470 - حدثني يحيى بن أبي طالب قال حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك مثله . وقال آخرون بل هو امرأة الرجل التي تكون معه إلى جنبه ذكر من قال ذلك 9471 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن سفيان عن جابر عن عامر أو القاسم عن علي وعبد الله رضوان الله عليهما والصاحب بالجنب قالا هي المرأة . [ ص: 343 ] 9472 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال حدثنا هشيم عن بعض أصحابه عن جابر عن علي وعبد الله مثله 9473 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس : والصاحب بالجنب : يعني الذي معك في منزلك . 9474 - حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن هلال عن عبد الرحمن بن أبي ليلى : أنه قال في هذه الآية والصاحب بالجنب قال هي المرأة 9475 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن أبي الهيثم عن إبراهيم : والصاحب بالجنب قال المرأة 9476 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال قال الثوري قال أبو الهيثم عن إبراهيم : هي المرأة 9477 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سفيان عن أبي الهيثم عن إبراهيم مثله 9478 - حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثنا أبو معاوية عن محمد بن سوقة عن أبي الهيثم عن إبراهيم مثله . 9479 - حدثني عمرو بن بيذق قال حدثنا مروان بن معاوية عن محمد بن سوقة عن أبي الهيثم عن إبراهيم مثله . وقال آخرون هو الذي يلزمك ويصحبك رجاء نفعك ذكر من قال ذلك [ ص: 344 ] 9480 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال قال ابن عباس : الصاحب بالجنب : الملازم ، وقال أيضا رفيقك الذي يرافقك 9481 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد : والصاحب بالجنب : الذي يلصق بك وهو إلى جنبك ويكون معك إلى جنبك رجاء خيرك ونفعك . قال أبو جعفر : والصواب من القول في تأويل ذلك عندي أن معنى الصاحب بالجنب : الصاحب إلى الجنب كما يقال فلان بجنب فلان وإلى جنبه وهو من قولهم جنب فلان فلانا فهو يجنبه جنبا إذا كان لجنبه ومن ذلك جنب الخيل إذا قاد بعضها إلى جنب بعض وقد يدخل في هذا الرفيق في السفر ، والمرأة والمنقطع إلى الرجل الذي يلازمه رجاء نفعه لأن كلهم بجنب الذي هو معه وقريب منه وقد أوصى الله تعالى بجميعهم لوجوب حق الصاحب على المصحوب . وقد 9482 - حدثنا سهل بن موسى الرازي قال حدثنا ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله عن الثقة عنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين فدخل النبي صلى الله عليه وسلم - في غيضة طرفاء فقطع قصيلين أحدهما معوج والآخر معتدل فخرج بهما [ ص: 345 ] فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج فقال الرجل يا رسول الله بأبي أنت وأمي أنت أحق بالمعتدل مني . فقال كلا يا فلان ، إن كل صاحب يصحب صاحبا مسئول عن صحابته ولو ساعة من نهار . 9483 - حدثني المثنى قال حدثنا سويد بن نصر قال أخبرنا ابن المبارك عن حيوة قال حدثني شرحبيل بن شريك عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن خير الأصحاب عند الله تبارك وتعالى خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره . قال أبو جعفر : فإذ كان الصاحب بالجنب محتملا معناه ما ذكرناه من أن يكون داخلا فيه كل من جنب رجلا بصحبة في سفر أو نكاح أو انقطاع إليه واتصال به ولم يكن الله جل ثناؤه خص بعضهم مما احتمله ظاهر التنزيل [ ص: 346 ] فالصواب أن يقال جميعهم معنيون بذلك وكلهم قد أوصى الله بالإحسان إليه . القول في تأويل قوله ( وابن السبيل ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم ابن السبيل هو المسافر الذي يجتاز مارا ذكر من قال ذلك 9484 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة وابن أبي نجيح عن مجاهد : وابن السبيل : هو الذي يمر عليك وهو مسافر . 9484 م - حدثني المثنى قال حدثنا سويد بن نصر قال أخبرنا ابن المبارك عن معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد وقتادة مثله 9485 - حدثني المثنى قال حدثنا إسحاق قال حدثنا ابن أبي جعفر عن أبيه عن الربيع في قوله وابن السبيل قال هو المار عليك وإن كان في الأصل غنيا . وقال آخرون هو الضيف . ذكر من قال ذلك : 9486 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن [ ص: 347 ] ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وابن السبيل قال : الضيف له حق في السفر والحضر 9487 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة : وابن السبيل : وهو الضيف . 9488 - حدثني المثنى قال حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هشيم عن جويبر عن الضحاك : وابن السبيل قال الضيف 9489 - حدثنا يحيى بن أبي طالب قال حدثنا يزيد قال أخبرنا جويبر عن الضحاك مثله . قال أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك : أن ابن السبيل هو صاحب الطريق . والسبيل هو الطريق ، وابنه صاحبه الضارب فيه فله الحق على من مر به محتاجا منقطعا به إذا كان سفره في غير معصية الله أن يعينه إن احتاج إلى معونة ويضيفه إن احتاج إلى ضيافة وأن يحمله إن احتاج إلى حملان . القول في تأويل قوله ( وما ملكت أيمانكم ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه والذين ملكتموهم من أرقائكم فأضاف الملك إلى اليمين ، كما يقال تكلم فوك ومشت رجلك وبطشت يدك بمعنى تكلمت ومشيت ، وبطشت غير أن ما وصف به كل [ ص: 348 ] عضو من ذلك فإنما أضيف إليه ما وصف به لأنه بذلك يكون في المتعارف في الناس دون سائر جوارح الجسد فكان معلوما بوصف ذلك العضو بما وصف به من ذلك المعنى المراد من الكلام فكذلك قوله وما ملكت أيمانكم لأن مماليك أحدنا تحت يديه إنما يطعم ما تناوله أيماننا ويكتسي ما تكسوه وتصرفه فيما أحب صرفه فيه بها فأضيف ملكهم إلى الأيمان لذلك . وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل ذكر من قال ذلك : 9490 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : وما ملكت أيمانكم : مما خولك الله كل هذا أوصى الله به قال أبو جعفر : وإنما يعني مجاهد بقوله كل هذا أوصى الله به الوالدين وذا القربى واليتامى ، والمساكين والجار ذا القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل فأوصى ربنا جل جلاله بجميع هؤلاء عباده إحسانا إليهم وأمر خلقه بالمحافظة على وصيته فيهم فحق على عباده حفظ وصية الله فيهم ثم حفظ وصية رسوله صلى الله عليه - . [ ص: 349 ] القول في تأويل قوله ( إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ( 36 ) ) قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه إن الله لا يحب من كان مختالا إن الله لا يحب من كان ذا خيلاء . والمختال المفتعل من قولك خال الرجل فهو يخول خولا وخالا ومنه قول الشاعر فإن كنت سيدنا سدتنا وإن كنت للخال فاذهب فخل ومنه قول العجاج والخال ثوب من ثياب الجهال [ ص: 350 ] وأما الفخور فهو المفتخر على عباد الله بما أنعم الله عليه من آلائه وبسط له من فضله ولا يحمده على ما أتاه من طوله ولكنه به مختال مستكبر وعلى غيره به مستطيل مفتخر . كما 9491 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد : إن الله لا يحب من كان مختالا قال : متكبرا فخورا قال يعد ما أعطي وهو لا يشكر الله . 9492 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثنا محمد بن كثير عن عبد الله بن واقد أبي رجاء الهروي قال لا تجد سيئ الملكة إلا وجدته مختالا فخورا ، وتلا وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا " ولا عاقا إلا وجدته جبارا شقيا وتلا ( وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا ) [ سورة مريم 32 ] ![]()
__________________
|
#479
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (479) صــ 351 إلى صــ 365 القول في تأويل قوله ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه إن الله لا يحب المختال الفخور الذي يبخل ويأمر الناس بالبخل . ف الذين يحتمل أن يكون في موضع رفع ردا على ما في قوله فخورا من ذكر ، ويحتمل أن يكون نصبا على النعت ل من [ ص: 351 ] والبخل في كلام العرب : منع الرجل سائله ما لديه وعنده ما فضل عنه كما 9493 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج عن ابن طاوس عن أبيه في قوله الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل قال البخل أن يبخل الإنسان بما في يديه والشح أن يشح على ما في أيدي الناس . قال يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا يقنع واختلفت القرأة في قراءة قوله ويأمرون الناس بالبخل . فقرأته عامة قرأة أهل الكوفة بالبخل بفتح الباء والخاء وقرأته عامة قرأة أهل المدينة وبعض البصريين بضم الباء بالبخل قال أبو جعفر : وهما لغتان فصيحتان بمعنى واحد وقراءتان معروفتان غير مختلفتي المعنى فبأيتهما قرأ القارئ فهو مصيب في قراءته . وقد قيل إن الله جل ثناؤه عنى بقوله الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل الذين كتموا اسم محمد صلى الله عليه وسلم وصفته من اليهود ولم يبينوه للناس وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ذكر من قال ذلك 9494 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن الحضرمي : الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله [ ص: 352 ] قال هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم وكتموا ذلك 9495 - حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله : الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل " إلى قوله وكان الله بهم عليما ما بين ذلك في يهود . 9496 - حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله 9497 - حدثنا بشر قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قوله الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل : وهم أعداء الله أهل الكتاب بخلوا بحق الله عليهم وكتموا الإسلام ومحمدا صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل 9498 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : أما الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل : فهم اليهود " ويكتمون ما آتاهم الله من فضله : اسم محمد صلى الله عليه وسلم - وأما يبخلون ويأمرون الناس بالبخل : يبخلون باسم محمد صلى الله عليه وسلم ويأمر بعضهم بعضا بكتمانه 9499 - حدثنا محمد بن مسلم الرازي قال حدثني أبو جعفر الرازي قال حدثنا يحيى عن عارم عن أشعث عن جعفر عن سعيد بن جبير في قوله الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل قال هذا للعلم ليس للدنيا منه شيء 9500 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل قال هؤلاء يهود . وقرأ ويكتمون ما آتاهم الله من فضله قال يبخلون بما آتاهم الله من الرزق [ ص: 353 ] ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب إذا سئلوا عن الشيء وما أنزل الله كتموه وقرأ : ( أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ) [ سورة النساء 53 ] من بخلهم 9501 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كان كردم بن زيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار ، وكانوا يخالطونهم ينتصحون لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون لهم لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم لا تدرون ما يكون فأنزل الله فيهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ويكتمون ما آتاهم الله من فضله " أي من النبوة التي فيها تصديق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا إلى قوله وكان الله بهم عليما " . قال أبو جعفر : فتأويل الآية على التأويل الأول والله لا يحب ذوي الخيلاء [ ص: 354 ] والفخر الذين يبخلون بتبيين ما أمرهم الله بتبيينه للناس من اسم محمد صلى الله عليه وسلم ونعته وصفته التي أنزلها في كتبه على أنبيائه وهم به عالمون ، ويأمرون الناس الذين يعلمون ذلك مثل علمهم بكتمان ما أمرهم الله بتبيينه له ويكتمون ما آتاهم الله من علم ذلك ومعرفته من حرم الله عليه كتمانه إياه . وأما على تأويل ابن عباس وابن زيد : إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا : الذين يبخلون على الناس بفضل ما رزقهم الله من أموالهم ثم سائر تأويلهما وتأويل غيرهما سواء . قال أبو جعفر : وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما قاله الذين قالوا إن الله وصف هؤلاء القوم الذين وصف صفتهم في هذه الآية بالبخل بتعريف من جهل أمر محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق وأن محمدا لله نبي مبعوث وغير ذلك من الحق الذي كان الله تعالى ذكره قد بينه فيما أوحى إلى أنبيائه من كتبه فبخل بتبيينه للناس هؤلاء وأمروا من كانت حاله حالهم في معرفتهم به أن يكتموه من جهل ذلك ولا يبينوه للناس وإنما قلنا هذا القول أولى بتأويل الآية لأن الله جل ثناؤه وصفهم بأنهم يأمرون الناس بالبخل ولم يبلغنا عن أمة من الأمم أنها كانت تأمر الناس بالبخل ديانة ولا تخلقا بل ترى ذلك قبيحا وتذم فاعله وتمتدح - وإن هي تخلقت بالبخل واستعملته في أنفسها - بالسخاء والجود وتعده من مكارم [ ص: 355 ] الأفعال وتحث عليه ولذلك قلنا إن بخلهم الذي وصفهم الله به إنما كان بخلا بالعلم الذي كان الله آتاهموه فبخلوا بتبيينه للناس وكتموه دون البخل بالأموال إلا أن يكون معنى ذلك الذين يبخلون بأموالهم التي ينفقونها في حقوق الله وسبله ويأمرون الناس من أهل الإسلام بترك النفقة في ذلك فيكون بخلهم بأموالهم وأمرهم الناس بالبخل بهذا المعنى - على ذكرنا من الرواية عن ابن عباس - فيكون لذلك وجه مفهوم في وصفهم بالبخل وأمرهم به . القول في تأويل قوله ( وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ( 37 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه وأعتدنا وجعلنا للجاحدين نعمة الله التي أنعم بها عليهم من المعرفة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم المكذبين به بعد علمهم به الكاتمين نعته وصفته من أمرهم الله ببيانه له من الناس عذابا مهينا يعني العقاب المذل من عذب بخلوده فيه عتادا له في آخرته إذا قدم على ربه وجده بما سلف منه من جحوده فرض الله الذي فرضه عليه . [ ص: 356 ] القول في تأويل قوله ( والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه وأعتدنا للكافرين بالله من اليهود الذين وصف الله صفتهم عذابا مهينا والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس . " والذين في موضع خفض عطفا على الكافرين . وقوله رئاء الناس يعني ينفقه مراءاة الناس في غير طاعة الله أو غير سبيله ولكن في سبيل الشيطان ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر يقول ولا يصدقون بوحدانية الله ، ولا بالمعاد إليه يوم القيامة - الذي فيه جزاء الأعمال - أنه كائن . وقد قال مجاهد إن هذا من صفة اليهود . وهو بصفة أهل النفاق الذين كانوا أهل شرك فأظهروا الإسلام تقية من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل الإيمان به وهم على كفرهم مقيمون أشبه منه بصفة اليهود ؛ لأن اليهود كانت توحد الله وتصدق بالبعث والمعاد وإنما كان كفرها تكذيبها بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم - . [ ص: 357 ] وبعد ففي فصل الله بين صفة الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر وصفة الفريق الآخر الذين وصفهم في الآية قبلها وأخبر أن لهم عذابا مهينا ب " الواو الفاصلة بينهم ما ينبئ عن أنهما صفتان من نوعين من الناس مختلفي المعاني وإن كان جميعهم أهل كفر بالله ولو كانت الصفتان كلتاهما صفة نوع من الناس لقيل إن شاء الله وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولكن فصل بينهم ب الواو لما وصفنا . فإن ظن ظان أن دخول الواو غير مستنكر في عطف صفة على صفة لموصوف واحد في كلام العرب فإن ذلك وإن كان كذلك - فإن الأفصح في كلام العرب إذا أريد ذلك ترك إدخال الواو وإذا أريد بالثاني وصف آخر غير الأول ، إدخال الواو وتوجيه كلام الله إلى الأفصح الأشهر من كلام من نزل بلسانه كتابه أولى بنا من توجيهه إلى الأنكر من كلامهم . [ ص: 358 ] القول في تأويل قوله ( ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا ( 38 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه ومن يكن الشيطان له خليلا وصاحبا يعمل بطاعته ويتبع أمره ويترك أمر الله في إنفاقه ماله رئاء الناس في غير طاعته وجحوده وحدانية الله والبعث بعد الممات فساء قرينا " يقول فساء الشيطان قرينا . وإنما نصب القرين لأن في ساء ذكرا من الشيطان كما قال جل ثناؤه ( بئس للظالمين بدلا ) [ سورة الكهف 50 ] وكذلك تفعل العرب في " ساء ونظائرها ومنه قول عدي بن زيد : عن المرء لا تسأل وأبصر قرينه فإن القرين بالمقارن مقتد يريد ب " القرين الصاحب والصديق .[ ص: 359 ] القول في تأويل قوله ( وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما ( 39 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه وأي شيء على هؤلاء الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر لو آمنوا بالله واليوم الآخر لو صدقوا بأن الله واحد لا شريك له وأخلصوا له التوحيد وأيقنوا بالبعث بعد الممات وصدقوا بأن الله مجازيهم بأعمالهم يوم القيامة وأنفقوا مما رزقهم الله " يقول وأدوا زكاة أموالهم التي رزقهم الله وأعطاهموها طيبة بها أنفسهم ولم ينفقوها رئاء الناس التماس الذكر والفخر عند أهل الكفر بالله والمحمدة بالباطل عند الناس وكان الله بهؤلاء الذين وصف صفتهم أنهم ينفقون أموالهم رئاء الناس نفاقا وهم بالله واليوم الآخر مكذبون عليما " يقول ذا علم بهم وبأعمالهم وما يقصدون ويريدون بإنفاقهم ما ينفقون من أموالهم وأنهم يريدون بذلك الرياء والسمعة والمحمدة في الناس وهو حافظ عليهم أعمالهم لا يخفى عليه شيء منها حتى يجازيهم بها جزاءهم عند معادهم إليه . القول في تأويل قوله تعالى ( إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ( 40 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم [ ص: 360 ] الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله فإن الله لا يبخس أحدا من خلقه أنفق في سبيله مما رزقه من ثواب نفقته في الدنيا ولا من أجرها يوم القيامة مثقال ذرة " أي ما يزنها ويكون على قدر ثقلها في الوزن ولكنه يجازيه به ويثيبه عليه كما 9502 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة : أنه تلا إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها قال لأن تفضل حسناتي في سيئاتي بمثقال ذرة أحب إلي من الدنيا وما فيها . 9503 - حدثنا بشر بن معاذ قال حدثنا يزيد قال حدثنا سعيد عن قتادة قال كان بعض أهل العلم يقول لأن تفضل حسناتي على سيئاتي ما يزن ذرة أحب إلي من أن تكون لي الدنيا جميعا . وأما الذرة فإنه ذكر عن ابن عباس أنه قال فيها كما 9504 - حدثني إسحاق بن وهب الواسطي قال حدثنا أبو عاصم قال حدثنا شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس في قوله مثقال ذرة قال رأس نملة حمراء . قال أبو جعفر : قال لي إسحاق بن وهب : قال يزيد بن هارون : زعموا أن هذه [ ص: 361 ] الذرة الحمراء ليس لها وزن . وبنحو الذي قلنا في ذلك صحت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 9505 - حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا أبو داود قال حدثنا عمران عن قتادة عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها في الآخرة وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة حدثنا موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال حدثنا جعفر بن عون قال حدثنا هشام بن سعد قال أخبرنا زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار : والذي نفسي بيده ما أحدكم بأشد مناشدة في الحق يراه مصيبا له من المؤمنين في إخوانهم إذا رأوا أن قد خلصوا من النار . يقولون أي ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا ويجاهدون معنا قد أخذتهم النار فيقول الله لهم اذهبوا فمن عرفتم صورته فأخرجوه ويحرم صورتهم على النار فيجدون الرجل قد أخذته النار إلى أنصاف ساقيه وإلى ركبتيه وإلى حقويه فيخرجون منها بشرا كثيرا ثم يعودون فيتكلمون ، فيقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال قيراط خير فأخرجوه فيخرجون منها بشرا كثيرا ثم [ ص: 362 ] يعودون فيتكلمون فلا يزال يقول لهم ذلك حتى يقول اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة فأخرجوه . فكان أبو سعيد إذا حدث بهذا الحديث قال إن لم تصدقوا فاقرأوا إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما " فيقولون : ربنا لم نذر فيها خيرا . 9507 - وحدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال حدثني أبي وشعيب بن الليث عن الليث عن خالد بن يزيد عن ابن أبي هلال عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقال آخرون في ذلك بما : 9508 - حدثني به المثنى قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا صدقة بن أبي سهل قال حدثنا أبو عمرو عن زاذان قال أتيت ابن مسعود فقال [ ص: 363 ] إذا كان يوم القيامة جمع الله الأولين والآخرين ثم نادى مناد من عند الله ألا من كان يطلب مظلمة فليجئ إلى حقه فليأخذه قال فيفرح - والله المرء أن يذوب له الحق على والده أو ولده أو زوجته فيأخذ منه وإن كان صغيرا . ومصداق ذلك في كتاب الله تبارك وتعالى : ( فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) [ سورة المؤمنون : 101 ] فيقال له ائت هؤلاء حقوقهم ، أي أعطهم حقوقهم فيقول : أي رب من أين وقد ذهبت الدنيا فيقول الله لملائكته أي ملائكتي انظروا في أعماله الصالحة وأعطوهم منها فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة وهو أعلم بذلك منها يا ربنا أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له مثقال ذرة من حسنة فيقول للملائكة ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة . ومصداق ذلك في كتاب الله إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما : أي الجنة يعطيها وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة وهو أعلم بذلك إلهنا فنيت حسناته وبقي سيئاته وبقي طالبون كثير فيقول الله ضعفوا عليها من أوزارهم واكتبوا له كتابا إلى النار قال صدقة أو صكا إلى جهنم شك صدقة أيتهما قال [ ص: 364 ] 9509 - وحدثت عن محمد بن عبيد عن هارون بن عنترة عن عبد الله بن السائب قال سمعت زاذان يقول قال عبد الله بن مسعود : يؤخذ بيد العبد والأمة يوم القيامة فينادي مناد على رءوس الأولين والآخرين هذا فلان بن فلان من كان له حق فليأت إلى حقه فتفرح المرأة أن يذوب لها الحق على أبيها أو على ابنها أو على أخيها أو على زوجها ثم قرأ ابن مسعود : ( فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون ) [ سورة المؤمنون 101 ] فيغفر الله تبارك وتعالى من حقه ما شاء ولا يغفر من حقوق الناس شيئا فينصب للناس فيقول ائتوا إلى الناس حقوقهم ، فيقول رب فنيت الدنيا من أين أوتيهم حقوقهم ؟ فيقول خذوا من أعماله الصالحة فأعطوا كل ذي حق حقه بقدر مظلمته فإن كان وليا لله ففضل له مثقال ذرة ضاعفها له حتى يدخله بها الجنة ، ثم قرأ علينا إن الله لا يظلم مثقال ذرة . وإن كان عبدا شقيا قال الملك رب فنيت حسناته وبقي طالبون كثير . فيقول خذوا من سيئاتهم فأضيفوها إلى سيئاته ثم صكوا له صكا إلى النار [ ص: 365 ] قال أبو جعفر : فتأويل الآية على تأويل عبد الله هذا إن الله لا يظلم عبدا وجب له مثقال ذرة قبل عبد له آخر في معاده ويوم لقائه فما فوقه فيتركه عليه فلا يأخذه للمظلوم من ظالمه ولكنه يأخذه منه له ويأخذ من كل ظالم لكل مظلوم تبعته قبله وإن تك حسنة يضاعفها يقول : وإن توجد له حسنة يضاعفها بمعنى يضاعف له ثوابها وأجرها ويؤت من لدنه أجرا عظيما يقول ويعطه من عنده أجرا عظيما والأجر العظيم : الجنة على ما قاله عبد الله . ولكلا التأويلين وجه مفهوم ، أعني التأويل الذي قاله ابن مسعود والذي قاله قتادة وإنما اخترنا التأويل الأول لموافقته الأثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع دلالة ظاهر التنزيل على صحته إذ كان في سياق الآية التي قبلها التي حث الله فيها على النفقة في طاعته وذم النفقة في طاعة الشيطان . ثم وصل ذلك بما وعد المنافقين في طاعته بقوله إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ![]()
__________________
|
#480
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء الثامن تَفْسِيرِ سُّورَةِ النِّسَاءُ الحلقة (480) صــ 366 إلى صــ 380 واختلفت القرأة في قراءة قوله وإن تك حسنة فقرأت ذلك عامة قرأة العراق : ( وإن تك حسنة ) بنصب الحسنة بمعنى وإن تك زنة الذرة حسنة يضاعفها . [ ص: 366 ] وقرأ ذلك عامة قرأة المدينة : ( وإن تك حسنة ) برفع الحسنة بمعنى وإن توجد حسنة على ما ذكرت عن عبد الله بن مسعود من تأويل ذلك وأما قوله يضاعفها فإنه جاء ب الألف ولم يقل يضعفها لأنه أريد به في قول بعض أهل العربية يضاعفها أضعافا كثيرة ولو أريد به في قوله يضعف ذلك ضعفين لقيل يضعفها بالتشديد . ثم اختلف أهل التأويل في الذين وعدهم الله بهذه الآية ما وعدهم فيها فقال بعضهم هم جميع أهل الإيمان بالله وبمحمد صلى الله عليه وسلم واعتلوا في ذلك بما 9510 - حدثنا الفضل بن الصباح قال حدثنا يزيد بن هارون عن مبارك بن فضالة عن علي بن زيد عن أبي عثمان النهدي قال لقيت أبا هريرة فقلت له إنه بلغني أنك تقول إن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة قال وما أعجبك من ذلك فوالله لقد سمعته - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - يقول إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة وقال آخرون بل ذلك المهاجرون خاصة دون أهل البوادي والأعراب واعتلوا في ذلك بما [ ص: 367 ] 9511 - حدثني محمد بن هارون أبو نشيط قال حدثنا يحيى بن أبي بكير قال حدثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن عبد الله بن عمير قال نزلت هذه الآية في الأعراب ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) [ سورة الأنعام 60 ] قال فقال رجل فما للمهاجرين ؟ قال ما هو أعظم من ذلك إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم . قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال عني بهذه الآية المهاجرون دون الأعراب ؛ وذلك أنه غير جائز أن يكون في أخبار الله أو أخبار رسوله صلى الله عليه وسلم شيء يدفع بعضه بعضا فإذ كان صحيحا وعد الله من جاء من عباده المؤمنين بالحسنة من الجزاء عشر أمثالها ومن جاء بالحسنة منهم أن يضاعفها له ، وكان الخبران اللذان ذكرناهما عنه صلى الله عليه وسلم - صحيحين كان غير جائز إلا أن يكون أحدهما مجملا والآخر مفسرا إذ كانت أخباره صلى الله عليه وسلم يصدق بعضها بعضا وإذ كان ذلك كذلك صح أن خبر أبي هريرة معناه أن الحسنة لتضاعف للمهاجرين من أهل الإيمان ألفي ألف حسنة وللأعراب منهم عشر أمثالها على ما روى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم - وأن قوله ( من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ) يعني من جاء بالحسنة من أعراب المؤمنين فله عشر أمثالها ومن جاء بالحسنة من مهاجريهم [ ص: 368 ] يضاعف له ويؤته الله من لدنه أجرا يعني يعطه من عنده أجرا عظيما يعني عوضا من حسنته عظيما ، وذلك العوض العظيم الجنة كما 9512 - حدثني المثنى قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا صدقة بن أبي سهل قال حدثنا أبو عمرو عن زاذان عن ابن مسعود : ويؤت من لدنه أجرا عظيما : أي الجنة يعطيها 9513 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج عن ابن جريج قال أخبرني عباد بن أبي صالح عن سعيد بن جبير قوله ويؤت من لدنه أجرا عظيما قال الأجر العظيم الجنة 9514 - حدثني يونس قال أخبرنا ابن وهب قال قال ابن زيد في قوله ويؤت من لدنه أجرا عظيما قال أجرا عظيما الجنة . القول في تأويل قوله ( فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا ( 41 ) ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه إن الله لا يظلم عباده مثقال ذرة فكيف بهم إذا جئنا من كل أمة بشهيد يعني بمن يشهد عليها بأعمالها وتصديقها رسلها أو تكذيبها وجئنا بك على هؤلاء شهيدا يقول وجئنا بك [ ص: 369 ] يا محمد على هؤلاء أي على أمتك " شهيدا يقول شاهدا كما 9515 - حدثنا محمد بن الحسين قال حدثنا أحمد بن مفضل قال حدثنا أسباط عن السدي : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال إن النبيين يأتون يوم القيامة منهم من أسلم معه من قومه الواحد والاثنان والعشرة وأقل وأكثر من ذلك حتى يؤتى بقوم لوط - صلى الله عليه وسلم لم يؤمن معه إلا ابنتاه فيقال لهم هل بلغتم ما أرسلتم به فيقولون نعم . فيقال من يشهد فيقولون أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقال لهم : اشهدوا إن الرسل أودعوا عندكم شهادة فبم تشهدون ؟ فيقولون ربنا نشهد أنهم قد بلغوا كما شهدوا في الدنيا بالتبليغ فيقال من يشهد على ذلك فيقولون محمد صلى الله عليه وسلم فيدعى محمد عليه السلام فيشهد أن أمته قد صدقوا وأن الرسل قد بلغوا فذلك قوله ( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) [ سورة البقرة 143 ] 9516 - حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال حدثني حجاج قال قال ابن جريج قوله فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد قال : رسولها فيشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى عليها فاضت عيناه . 9517 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا يحيى بن واضح قال حدثنا الحسن عن يزيد النحوي عن عكرمة في قوله : ( وشاهد ومشهود ) [ سورة البروج 3 ] قال الشاهد محمد والمشهود يوم الجمعة فذلك قوله : فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا " [ ص: 370 ] 9518 حدثني عبد الله بن محمد الزهري قال حدثنا سفيان عن المسعودي عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه عن عبد الله فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد ) 9519 - حدثنا محمد بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن أبي الوزير قال حدثنا سفيان بن عيينة عن المسعودي عن القاسم : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن مسعود : اقرأ علي قال أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ قال إني أحب أن أسمعه من غيري قال فقرأ ابن مسعود النساء حتى بلغ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا قال استعبر النبي صلى الله عليه وسلم وكف ابن مسعود . قال المسعودي فحدثني جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : شهيدا عليهم ما دمت فيهم فإذا توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد " . [ ص: 371 ] القول في تأويل قوله ( يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ( 42 ) قال أبو جعفر : يعني بذلك جل ثناؤه يوم نجيء من كل أمة بشهيد ونجيء بك على أمتك يا محمد شهيدا يود الذين كفروا " يقول يتمنى الذين جحدوا وحدانية الله وعصوا رسوله لو تسوى بهم الأرض " [ ص: 372 ] واختلفت القرأة في قراءة ذلك . فقرأته عامة قرأة أهل الحجاز ومكة والمدينة : ( لو تسوى بهم الأرض ) " بتشديد " السين و الواو وفتح التاء بمعنى لو تتسوى بهم الأرض ثم أدغمت التاء الثانية في السين يراد به أنهم يودون لو صاروا ترابا فكانوا سواء هم والأرض وقرأ آخرون ذلك : ( لو تسوى بهم الأرض ) ، بفتح " التاء وتخفيف السين وهي قراءة عامة قرأة أهل الكوفة بالمعنى الأول غير أنهم تركوا تشديد السين واعتلوا بأن العرب لا تكاد تجمع بين تشديدين في حرف واحد وقرأ ذلك آخرون ( لو تسوى بهم الأرض ) بمعنى لو سواهم الله والأرض فصاروا ترابا مثلها بتصييره إياهم كما يفعل ذلك بمن ذكر أنه يفعله به من البهائم قال أبو جعفر وكل هذه القراءات متقاربات المعنى وبأي ذلك قرأ القارئ فمصيب لأن من تمنى منهم أن يكون يومئذ ترابا إنما يتمنى أن يكون كذلك بتكوين الله إياه كذلك وكذلك من تمنى أن يكون الله جعله كذلك فقد تمنى أن يكون ترابا على أن الأمر وإن كان كذلك فأعجب القراءة إلي في ذلك ( لو تسوى بهم الأرض ) بفتح التاء وتخفيف السين كراهية الجمع بين تشديدين في حرف واحد وللتوفيق في المعنى بين ذلك وبين قوله : ( ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ) [ سورة النبأ 40 ] فأخبر الله عنهم جل ثناؤه أنهم يتمنون أن كانوا ترابا ولم يخبر عنهم أنهم قالوا يا ليتني كنت ترابا فكذلك قوله لو تسوى بهم الأرض فيسووا هم وهي أعجب إلي ليوافق ذلك المعنى الذي أخبر عنهم [ ص: 373 ] بقوله يا ليتني كنت ترابا وأما قوله ولا يكتمون الله حديثا فإن أهل التأويل تأولوه بمعنى ولا تكتم الله جوارحهم حديثا وإن جحدت ذلك أفواههم ذكر من قال ذلك 9520 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا حكام قال حدثنا عمرو عن مطرف ، عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال أتى رجل ابن عباس فقال سمعت الله يقول ( والله ربنا ما كنا مشركين ) [ سورة الأنعام 23 ] وقال في آية أخرى ولا يكتمون الله حديثا . فقال ابن عباس : أما قوله والله ربنا ما كنا مشركين : فإنهم لما رأوا أنه لا يدخل الجنة إلا أهل الإسلام قالوا تعالوا فلنجحد ، فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين . فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم فلا يكتمون الله حديثا 9521 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن رجل عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال أشياء تختلف علي في القرآن فقال ما هو أشك في القرآن قال ليس بالشك ولكنه اختلاف . قال فهات ما اختلف عليك قال أسمع الله يقول : ( ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ) [ سورة الأنعام 23 ] ، وقال ولا يكتمون الله حديثا : وقد كتموا فقال ابن عباس : أما قوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين : فإنهم لما رأوا يوم القيامة أن الله يغفر لأهل الإسلام ويغفر الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحد المشركون فقالوا والله ربنا ما كنا مشركين : رجاء أن يغفر لهم فختم على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا " [ ص: 374 ] 9522 - حدثني المثنى قال حدثنا مسلم بن إبراهيم قال حدثنا القاسم قال حدثنا الزبير ، عن الضحاك : أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال يا ابن عباس قول الله تبارك وتعالى يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا : [ ص: 375 ] وقوله : ( والله ربنا ما كنا مشركين ) ؟ فقال له ابن عباس : إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت ألقى علي ابن عباس متشابه القرآن فإذا رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد فيقول المشركون إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده ، فيقولون تعالوا نقل فيسألهم فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين قال فيختم على أفواههم ويستنطق جوارحهم فتشهد عليهم جوارحهم أنهم كانوا مشركين فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم ولا يكتمون الله حديثا . 9523 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثنا أبي عن أبيه عن ابن عباس : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا : يعني أن تسوى الأرض بالجبال والأرض عليهم . فتأويل الآية على هذا القول الذي حكيناه عن ابن عباس : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولم يكتموا الله حديثا ، كأنهم تمنوا أنهم سووا مع الأرض وأنهم لم يكونوا كتموا الله حديثا . وقال آخرون معنى ذلك يومئذ لا يكتمون الله حديثا ويودون لو تسوى بهم الأرض وليس بمنكتم عن الله شيء من حديثهم لعلمه جل ذكره بجميع حديثهم وأمرهم فإن هم كتموه بألسنتهم فجحدوه لا يخفى عليه شيء منه . القول في تأويل قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ) قال أبو جعفر : يعني بقوله جل ثناؤه : يا أيها الذين آمنوا : صدقوا الله ورسوله لا تقربوا الصلاة لا تصلوا وأنتم سكارى وهو جمع سكران حتى تعلموا ما تقولون في صلاتكم فتميزون فيها ما أمركم الله به أو ندبكم إلى قيله فيها مما نهاكم عنه وزجركم . ثم اختلف أهل التأويل في السكر الذي عناه الله بقوله لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " فقال بعضهم عنى بذلك السكر من الشراب [ ص: 376 ] ذكر من قال ذلك 9524 - حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن عن علي : أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ : ( قل يا أيها الكافرون ) فخلط فيها فنزلت لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى 9525 - حدثني المثنى قال حدثنا الحجاج بن المنهال قال حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن حبيب : أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا فدعا نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأكلوا وشربوا حتى ثملوا فقدموا عليا يصلي بهم المغرب ، فقرأ قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنتم عابدون ما أعبد وأنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون " 9526 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى : قبل أن تحرم الخمر فقال الله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " الآية 9527 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي رزين في قوله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال نزل هذا وهم يشربون الخمر فقال وكان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر 9528 حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي رزين قال كانوا يشربون بعدما أنزلت التي في البقرة وبعد التي في النساء [ ص: 377 ] فلما أنزلت التي في المائدة تركوها 9529 حدثني محمد بن عمرو قال حدثنا أبو عاصم عن عيسى عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون قال نهوا أن يصلوا وهم سكارى ثم نسخها تحريم الخمر 9530 حدثني المثنى قال حدثنا أبو حذيفة قال حدثنا شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد مثله 9531 حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال كانوا يجتنبون السكر عند حضور الصلوات ثم نسخ بتحريم الخمر 9532 حدثنا ابن حميد قال حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي وائل وأبي رزين وإبراهيم في قوله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى " و ( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ) [ سورة البقرة 90 ] وقوله : ( تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ) [ سورة النحل 67 ] قالوا كان هذا قبل أن ينزل تحريم الخمر . وقال آخرون معنى ذلك لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى من النوم ذكر من قال ذلك 9533 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن سلمة بن نبيط عن الضحاك : لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال ليست لمن يقربها سكران من الشراب إنما عني بها سكر النوم . [ ص: 378 ] 9534 - حدثنا أحمد بن حازم الغفاري قال حدثنا أبو نعيم قال حدثنا سلمة عن الضحاك : يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال لم يعن بها سكر الخمر وإنما عنى بها سكر النوم . قال أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بتأويل الآية تأويل من قال ذلك نهي من الله المؤمنين عن أن يقربوا الصلاة وهم سكارى من الشراب قبل تحريم الخمر للأخبار المتظاهرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك نهي من الله وأن هذه الآية نزلت فيمن ذكرت أنها نزلت فيه . فإن قال لنا قائل وكيف يكون ذلك معناه والسكران في حال زوال عقله نظير المجنون في حال زوال عقله وأنت ممن يحيل تكليف المجانين لفقدهم الفهم لما يؤمر وينهى قيل له إن السكران لو كان في معنى المجنون لكان غير جائز أمره ونهيه ولكن السكران هو الذي يفهم ما يأتي ويذر غير أن الشراب قد أثقل لسانه وأجزاء جسمه وأخدرها حتى عجز عن إقامة قراءته في صلاته وحدودها الواجبة عليه فيها من غير زوال عقله فهو بما أمر به ونهي عنه عارف فهم وعن أداء بعضه عاجز بخدر جسمه من الشراب وأما من صار إلى حد لا يعقل ما يأتي ويذر فذلك منتقل من السكر إلى الخبل ومعاني المجانين وليس ذلك [ ص: 379 ] الذي خوطب بقوله لا تقربوا الصلاة لأن ذلك مجنون وإنما خوطب به السكران والسكران ما وصفنا صفته . القول في تأويل قوله ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك فقال بعضهم معنى ذلك لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا تقربوها جنبا إلا عابري سبيل " يعني إلا أن تكونوا مجتازي طريق أي : مسافرين حتى تغتسلوا " ذكر من قال ذلك 9535 - حدثنا محمد بن بشار ومحمد بن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن قتادة عن أبي مجلز عن ابن عباس في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال المسافر وقال ابن المثنى : في السفر 9536 - حدثني محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي عن أبيه عن ابن عباس قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل : يقول لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إذا وجدتم الماء فإن لم تجدوا الماء فقد أحللت لكم أن تمسحوا بالأرض . 9537 - حدثنا ابن وكيع قال حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى عن المنهال عن عباد بن عبد الله أو عن زر عن علي رضي الله عنه ولا جنبا إلا عابري سبيل قال إلا أن تكونوا مسافرين فلم تجدوا الماء فتيمموا . [ ص: 380 ] 9538 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال المسافر . 9539 - حدثنا ابن بشار قال حدثنا عبد الرحمن قال حدثنا هشام عن قتادة عن أبي مجلز عن ابن عباس بمثله . 9540 - حدثنا ابن حميد قال حدثنا هارون بن المغيرة عن عنبسة عن ابن أبي ليلى عن المنهال بن عمرو عن عباد بن عبد الله عن علي رضي الله عنه قال نزلت في السفر ولا جنبا إلا عابري سبيل وعابر السبيل المسافر إذا لم يجد ماء تيمم . 9541 - حدثنا ابن المثنى قال حدثنا هارون عن ابن مجاهد عن أبيه ولا جنبا إلا عابري سبيل قال المسافر إذا لم يجد الماء فإنه يتيمم فيدخله فيصلي 9542 - حدثنا الحسن بن يحيى قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال هو الرجل يكون في السفر فتصيبه الجنابة فيتيمم ويصلي ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 16 ( الأعضاء 0 والزوار 16) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |