منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله - الصفحة 47 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أبو الفتح ابن سيد الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الخوارج تاريخ وعقيدة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 27 - عددالزوار : 1440 )           »          ما أحلى سويعات قربك يا أمي!! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          دور المسجد في الدعوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          هل تشكو من عصبية زوجك أو ولدك أو جارك؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          أصحاب الأخدود... عبر ودروس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 10 - عددالزوار : 44 )           »          العُمَران (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          إني أحبك أيها الفاروق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          المنهج التربوي وثقافة المجتمع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          بين الرأي والحديث.. لماذا وكيف تمذهب المسلمون ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #461  
قديم 26-06-2025, 02:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (461)
صـ 75 إلى صـ 84

[فصل قول الرافضي أن عليا كان أشجع الناس والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الرَّابِعُ: أَنَّهُ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَبِسَيْفِهِ ثَبَتَتْ [2] قَوَاعِدُ الْإِسْلَامِ، وَتَشَيَّدَتْ أَرْكَانُ الْإِيمَانِ، مَا انْهَزَمَ فِي مَوَاطِنَ [3] قَطُّ، وَلَا ضَرَبَ بِسَيْفٍ [4] إِلَّا قَطَّ، طَالَمَا [5] كَشَفَ الْكَرْبَ عَنْ وَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ [6] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَفِرَّ كَمَا فَرَّ غَيْرُهُ، وَوَقَاهُ بِنَفْسِهِ لَمَّا بَاتَ عَلَى [7] فِرَاشِهِ، مُسْتَتِرًا بِإِزَارِهِ، فَظَنَّهُ الْمُشْرِكُونَ إِيَّاهُ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْمُشْرِكُونَ عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [8] - فَأَحْدَقُوا بِهِ وَعَلَيْهِمُ السِّلَاحُ، يَرْصُدُونَ طُلُوعَ الْفَجْرِ لِيَقْتُلُوهُ ظَاهِرًا ; فَيَذْهَبَ دَمُهُ لِمُشَاهَدَةِ بَنِي هَاشِمٍ قَاتِلِيهِ مِنْ جَمِيعِ الْقَبَائِلِ، وَلَا يَتِمَّ لَهُمُ الْأَخْذُ بِثَأْرِهِ ; لِاشْتِرَاكِ الْجَمَاعَةِ فِي دَمِهِ، وَيَعُودَ كُلُّ قَبِيلٍ عَنْ قِتَالِ رَهْطِهِ، وَكَانَ ذَلِكَ"
(1)
فِي (ك) ص 181 (م) - ص 182 (م) .

(2)
ن، م، س: ثَبَتَ.

(3)
ك (ص 182 م) : مَوْضِعٍ.

(4)
ك: بِسَيْفِهِ.

(5)
ك: وَطَالَمَا.

(6)
ن، س، ب: النَّبِيِّ.

(7)
م: فِي.

(8)
ك: وَظَنَّ الْمُشْرِكُونَ - وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى قَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - أَنَّهُ هُوَ. . . .






سَبَبَ حِفْظِ دَمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَمَّتِ السَّلَامَةُ، وَانْتَظَمَ بِهِ الْغَرَضُ فِي الدُّعَاءِ إِلَى الْمِلَّةِ، فَلَمَّا أَصْبَحَ الْقَوْمُ، وَرَأَوْا [1] الْفَتْكَ بِهِ، ثَارَ إِلَيْهِمْ، فَتَفَرَّقُوا عَنْهُ حِينَ عَرَفُوهُ [2] ، وَانْصَرَفُوا وَقَدْ ضَلَّتْ حِيَلُهُمْ [3] ، وَانْتَقَضَ تَدْبِيرُهُمْ "."
وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ مِنْ شُجْعَانِ الصَّحَابَةِ، وَمِمَّنْ نَصَرَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ بِجِهَادِهِ، وَمِنْ كِبَارِ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ [4] ، وَمِنْ سَادَاتِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمِمَّنْ قَتَلَ بِسَيْفِهِ عَدَدًا مِنَ الْكُفَّارِ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ، بَلْ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ شَارَكَهُ فِي ذَلِكَ، فَلَا يَثْبُتُ بِهَذَا فَضْلُهُ فِي الْجِهَادِ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَضْلًا عَنْ أَفْضَلِيَّتِهِ عَلَى الْخُلَفَاءِ، فَضْلًا عَنْ تَعْيِينٍ [5] لِلْإِمَامَةِ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "إِنَّهُ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ" .
فَهَذَا كَذِبٌ، بَلْ كَانَ أَشْجَعَ [6] النَّاسِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
(1)
ك: وَأَرَادُوا.

(2)
ن، م، س، ب: حِينَ عَرَفَهُمْ. وَالتَّصْوِيبُ مِنْ (ك) .

(3)
ن، س، ب: حِيلَتُهُمْ.

(4)
وَالْأَنْصَارِ: لَيْسَتْ فِي (م) .

(5)
ب (فَقَطْ) : تُعَيُّنِهِ.

(6)
م: كَانَ أَشْجَعَ، س، ب: بَلْ أَشْجَعُ.





وَسَلَّمَ - أَحْسَنَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ نَاسٌ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَتَلَقَّاهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاجِعًا وَقَدْ سَبَقَهُمْ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ، فِي [1] عُنُقِهِ السَّيْفُ، وَهُوَ يَقُولُ: "لَنْ تُرَاعُوا" . قَالَ الْبُخَارِيُّ: اسْتَقْبَلَهُمْ وَقَدِ اسْتَبْرَأَ الْخَبَرَ» [2] .
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: "كَانَ إِذَا اشْتَدَّ الْبَأْسُ اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الْعَدُوِّ مِنَّا" [3] .
وَالشَّجَاعَةُ تُفَسَّرُ بِشَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا: قُوَّةُ الْقَلْبِ وَثَبَاتُهُ عِنْدَ الْمَخَاوِفِ. وَالثَّانِي: شِدَّةُ [4] الْقِتَالِ بِالْبَدَنِ، بِأَنْ يَقْتُلَ كَثِيرًا، وَيَقْتُلَ قَتْلًا عَظِيمًا.
وَالْأَوَّلُ: هُوَ الشَّجَاعَةُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَيَدُلُّ عَلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ وَعَمَلِهِ.
وَلَيْسَ كُلُّ مَنْ كَانَ قَوِيَّ الْبَدَنِ كَانَ قَوِيَّ الْقَلْبِ، وَلَا بِالْعَكْسِ ; وَلِهَذَا
(1)
م: عَلَى.

(2)
الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 4/39، 52 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ الْحَمَائِلِ وَتَعْلِيقِ السَّيْفِ بِالْعُنُقِ، بَابُ مُبَادَرَةِ الْإِمَامِ عِنْدَ الْفَزَعِ، بَابُ السُّرْعَةِ وَالرَّكْضِ فِي الْفَزَعِ) ، 8/13 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ حُسْنِ الْخُلُقِ وَالسَّخَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنَ الْبُخْلِ) ، مُسْلِمٍ 4/1802 - 1803 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابٌ فِي شَجَاعَةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَتَقَدُّمِهِ لِلْحَرْبِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/117 - 118 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّبَاتِ عِنْدَ الْقِتَالِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/926 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ الْخُرُوجِ فِي النَّفِيرِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/147، 185، 261، 271.

(3)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - فِي مَوْضِعَيْنِ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/228 (رَقْمَ 1042) ، 2/343 (رَقْمَ 1346) وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْحَدِيثَيْنِ. وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا بِمَعْنَاهُ 2/64 (رَقْمَ 654) وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَذَلِكَ.

(4)
شِدَّةُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .





تَجِدُ الرَّجُلَ الَّذِي يَقْتُلُ كَثِيرًا وَيُقَاتِلُ إِذَا كَانَ مَعَهُ مَنْ يُؤَمِّنُهُ، إِذَا خَافَ أَصَابَهُ الْجُبْنُ، وَانْخَلَعَ قَلْبُهُ. وَتَجِدُ الرَّجُلَ الثَّابِتَ الْقَلْبِ، الَّذِي لَمْ يَقْتُلْ بِيَدَيْهِ كَثِيرًا، ثَابِتًا فِي الْمَخَاوِفِ، مِقْدَامًا عَلَى الْمَكَارِهِ [1] . وَهَذِهِ الْخَصْلَةُ يُحْتَاجُ إِلَيْهَا فِي أُمَرَاءِ الْحُرُوبِ وَقُوَّادِهِ وَمُقَدَّمِيهِ أَكْثَرَ مِنَ الْأُولَى ; فَإِنَّ الْمُقَدَّمَ إِذَا كَانَ شُجَاعَ الْقَلْبِ ثَابِتًا، أَقْدَمَ وَثَبَتَ وَلَمْ يَنْهَزِمْ، فَقَاتَلَ مَعَهُ أَعْوَانُهُ، وَإِذَا كَانَ جَبَانًا ضَعِيفَ الْقَلْبِ ذَلَّ وَلَمْ يُقْدِمْ وَلَمْ يَثْبُتْ، وَلَوْ كَانَ قَوِيَّ الْبَدَنِ.
وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَكْمَلَ النَّاسِ فِي هَذِهِ الشَّجَاعَةِ، الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ فِي أَئِمَّةِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِيَدِهِ إِلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ، قَتَلَهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَلَمْ يَقْتُلْ بِيَدِهِ أَحَدًا لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا. وَكَانَ أَشْجَعَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ، حَتَّى إِنَّ جُمْهُورَ أَصْحَابِهِ انْهَزَمُوا يَوْمَ حُنَيْنٍ، وَهُوَ رَاكِبٌ عَلَى بَغْلَةٍ، وَالْبَغْلَةُ لَا تَكِرُّ وَلَا تَفِرُّ، وَهُوَ يُقْدِمُ عَلَيْهَا إِلَى نَاحِيَةِ الْعَدُوِّ، وَهُوَ يَقُولُ:
«
أَنَا النَّبِيُّ لَا [2] كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
»
فَيُسَمِّي نَفْسَهُ، وَأَصْحَابُهُ قَدِ انْكَفُّوا عَنْهُ، وَعَدُوُّهُ مُقْدِمٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ مُقْدِمٌ عَلَى عَدُوِّهِ عَلَى بَغْلَتِهِ، وَالْعَبَّاسُ آخِذٌ بِعِنَانِهَا [3] .
وَكَانَ عَلِيٌّ - وَغَيْرُهُ - يَتَّقُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّهُ
(1)
م: مُقْدِمًا فِي الْمَكَارِهِ.

(2)
م: بِلَا.

(3)
سَبَقَ حَدِيثُ غَزْوَةِ حُنَيْنٍ فِيمَا مَضَى 5/63، 64.





أَشْجَعُ مِنْهُمْ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَدْ قَتَلَ بِيَدِهِ [1] ، أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَإِذَا كَانَتِ الشَّجَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنَ الْأَئِمَّةِ شَجَاعَةَ الْقَلْبِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَشْجَعَ مِنْ عُمَرَ، وَعُمَرَ أَشْجَعَ مِنْ عُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَهَذَا يَعْرِفُهُ مَنْ يَعْرِفُ سِيَرَهُمْ وَأَخْبَارَهُمْ ; فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَاشَرَ الْأَهْوَالَ الَّتِي كَانَ يُبَاشِرُهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَوَّلِ الْإِسْلَامِ إِلَى آخِرِهِ، وَلَمْ يَجْبُنْ وَلَمْ يَحْرَجْ وَلَمْ يَفْشَلْ، وَكَانَ يُقْدِمُ عَلَى الْمَخَاوِفِ: يَقِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنَفْسِهِ، يُجَاهِدُ الْمُشْرِكِينَ تَارَةً بِيَدِهِ وَتَارَةً بِلِسَانِهِ وَتَارَةً بِمَالِهِ، وَهُوَ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ مُقْدِمٌ.
وَكَانَ يَوْمَ بَدْرٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْعَرِيشِ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ الْعَدُوَّ يَقْصِدُونَ مَكَانَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ثَابِتُ الْقَلْبِ، رَبِيطُ الْجَأْشِ، يُظَاهِرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُعَاوِنُهُ، وَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَدْعُو رَبَّهُ وَيَسْتَغِيثُ وَيَقُولُ: "«اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ لَا تُعْبَدْ، اللَّهُمَّ، اللَّهُمَّ. . ." جَعَلَ [2] أَبُو بَكْرٍ يَقُولُ لَهُ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ هَكَذَا مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ إِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ» [3] ."
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ يَقِينِ الصِّدِّيقِ، وَثِقَتِهِ بِوَعْدِ اللَّهِ، وَثَبَاتِهِ، وَشَجَاعَتِهِ: شَجَاعَةً إِيمَانِيَّةً [4] زَائِدَةً عَلَى الشَّجَاعَةِ الطَّبِيعِيَّةِ.
(1)
بِيَدِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .

(2)
س، ب: وَجَعَلَ.

(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 6/130 - 131.

(4)
م: إِيمَانٍ.





وَكَانَ حَالُ رَسُولِ اللَّهِ أَكْمَلَ مِنْ حَالِهِ، وَمَقَامُهُ أَعْلَى مِنْ مَقَامِهِ. وَلَمْ يَكُنِ الْأَمْرُ - كَمَا ظَنَّهُ بَعْضُ الْجُهَّالِ - أَنَّ حَالَ أَبِي بَكْرٍ أَكْمَلَ [1] - نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ - وَلَا نَقْصَ فِي اسْتِغَاثَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ فِي هَذَا الْمَقَامِ، كَمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُ النَّاسِ، وَتَكَلَّمَ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِخَطَلٍ مِنَ الْقَوْلِ مَرْدُودٍ عَلَى مَنْ قَالَهُ، بَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ - جَامِعًا كَامِلًا، لَهُ مِنْ كُلِّ مَقَامٍ ذُرْوَةُ سَنَامِهِ وَوَسِيلَتُهُ، فَيَعْلَمُ أَنَّ الِالْتِفَاتَ إِلَى الْأَسْبَابِ شِرْكٌ فِي التَّوْحِيدِ، وَمَحْوَ الْأَسْبَابِ أَنْ تَكُونَ أَسْبَابَ قَدْحٍ فِي الْعَقْلِ، وَالْإِعْرَاضَ عَنِ الْأَسْبَابِ بِالْكُلِّيَّةِ قَدْحٌ فِي الشَّرْعِ، وَيَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُجَاهِدَ الْمُشْرِكِينَ وَيُقِيمَ الدِّينَ بِكُلِّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ جِهَادِهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ وَتَحْرِيضِهِ لِلْمُؤْمِنِينَ، وَيَعْلَمُ أَنَّ الِاسْتِنْصَارَ بِاللَّهِ وَالِاسْتِغَاثَةَ بِهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ فِيهِ أَعْظَمُ الْجِهَادِ وَأَعْظَمُ الْأَسْبَابِ فِي تَحْصِيلِ الْمَأْمُورِ وَدَفْعِ الْمَحْذُورِ.
وَلِهَذَا كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ [2] ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا أَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ - وَمَعَهُ أَصْحَابُهُ - أَخْبَرَ [3] أَصْحَابَهُ بِمَصَارِعِهِمْ، وَقَالَ: "هَذَا مَصْرَعُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهَذَا مَصْرَعُ شَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَهَذَا مَصْرَعُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ، وَهَذَا مَصْرَعُ أَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ،"
(1)
س، ب: أَكْبَرَ.

(2)
سَبَقَ الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَوَّلُهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَسْتَفْتِحُ بِصَعَالِيكِ الْمُهَاجِرِينَ وَيَقُولُ: "هَلْ تُنْصَرُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ" . انْظُرْ مَا سَبَقَ 4/483.

(3)
ن، م: قُرَيْشٌ وَقَدْ خَرَجَ وَأَخْبَرَ.





وَهَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ "[1] ، ثُمَّ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّ ذَلِكَ سَيَكُونُ، يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ إِذَا قَضَى شَيْئًا يَكُونُ، فَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ أَنْ يَقْضِيَهُ بِأَسْبَابٍ تَكُونُ، وَأَنَّ مِنَ الْأَسْبَابِ مَا يَكُونُ الْعِبَادُ مَأْمُورِينَ بِهِ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يُؤْمَرُ بِهِ الِاسْتِغَاثَةُ [2] بِاللَّهِ، فَقَامَ بِمَا يُؤْمَرُ بِهِ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَكُونُ مَا وُعِدَ بِهِ، كَمَا أَنَّهُ يَعْبُدُ اللَّهَ وَيُطِيعُهُ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ لَهُ السَّعَادَةَ فِي الْآخِرَةِ."
وَالْقَلْبُ إِذَا غَشِيَتْهُ الْهَيْبَةُ وَالْمَخَافَةُ وَالتَّضَرُّعُ قَدْ يَغِيبُ عَنْهُ شُهُودُ مَا يَعْلَمُهُ، وَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهِ، مُصَدِّقًا لَهُ، وَلَا أَنْ يَكُونَ فِي اجْتِهَادٍ وَجِهَادٍ بِمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَابِ. وَمَنْ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا مَاتَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ [3] ،
(1)
لَمْ أَجِدْ حَدِيثًا بِهَذَا اللَّفْظِ وَلَكِنْ جَاءَ حَدِيثٌ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مُسْلِمٍ 3/1403 - 1404 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ غَزْوَةِ بَدْرٍ) فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَاوَرَ أَصْحَابَهُ. . إِلَخْ وَفِي آخِرِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "هَذَا مَصْرَعُ فُلَانٍ" قَالَ: وَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى الْأَرْضِ، هَاهُنَا وَهَاهُنَا. قَالَ فَمَا مَاطَ أَحَدُهُمْ (أَيْ تَبَاعَدَ) عَنْ مَوْضِعِ يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَجَاءَ حَدِيثٌ آخَرُ بِمَعْنَاهُ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 2/267، السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ لِابْنِ كَثِيرٍ (تَحْقِيقُ مُصْطَفَى عَبْد الْوَاحِدِ) 2/392 - 393، زَادِ الْمَعَادِ 3/173 - 174. عَلَى أَنَّ الْخَبَرَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ يُشْبِهُ خَبَرَ رُؤْيَا جُهَيْمِ بْنِ الصَّلْتِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ فِي السِّيرَةِ (سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 2/270) قَالَ: إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ، وَإِنِّي لَبَيْنَ النَّائِمِ وَالْيَقْظَانِ، إِذْ نَظَرْتُ إِلَى رَجُلٍ قَدْ أَقْبَلَ عَلَى فَرَسٍ حَتَّى وَقَفَ وَمَعَهُ بَعِيرٌ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: قُتِلَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأَبُو الْحَكَمِ بْنُ هِشَامٍ، وَأُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ، وَفُلَانٌ وَفُلَانٌ. . إِلَخْ. وَانْظُرِ السِّيرَةَ النَّبَوِيَّةَ لِابْنِ كَثِيرٍ 2/398 - 399.

(2)
س، ب: الِاسْتِعَانَةُ.

(3)
ن، م، س: لَمْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ. وَكُتِبَ فِي هَامِشِ (س) مَا يَلِي: "لَعَلَّ" لَمْ "زَائِدَةٌ مِنْ سَهْوِ النَّاسِخِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ - نَاقِلِهِ" .





لَمْ يَمْنَعْ [1] أَنْ يَجِدَ بَعْضَ أَلَمِ الْمَوْتِ، وَالْمَرِيضُ الَّذِي إِذَا أُخْبِرَ أَنَّ فِي دَوَائِهِ الْعَافِيَةَ، لَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَجِدَ مَرَارَةَ الدَّوَاءِ - فَقَامَ مُجْتَهِدًا فِي الدُّعَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ، وَكَانَ هُوَ رَأْسَ الْأَمْرِ، وَقُطْبَ رَحَى الدِّينِ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ بِأَفْضَلَ مِمَّا [2] يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ.
وَذَلِكَ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغَاثَةُ كَانَ أَعْظَمَ الْأَسْبَابِ الَّتِي نَزَلَ بِهَا النَّصْرُ. وَمَقَامُ أَبِي بَكْرٍ دُونَ هَذَا، وَهُوَ مُعَاوَنَةُ الرَّسُولِ وَالذَّبُّ عَنْهُ، وَإِخْبَارُهُ بِأَنَّا وَاثِقُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالنَّظَرُ إِلَى جِهَةِ الْعَدُوِّ، وَهَلْ قَاتَلُوا الْمُسْلِمِينَ أَمْ لَا؟ وَالنَّظَرُ إِلَى صُفُوفِ الْمُسْلِمِينَ لِئَلَّا تَخْتَلَّ، وَتَبْلِيغُ الْمُسْلِمِينَ مَا يَأْمُرُ بِهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي هَذِهِ الْحَالِ.
وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 40] . وَأَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ النَّاسَ إِذَا لَمْ يَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ، إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ.
وَهَذِهِ الْحَالُ كَانَ الْخَوْفُ فِيهَا عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دُونَ غَيْرِهِ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْقِصَّةِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ. وَالْوَزِيرُ مَعَ الْأَمِيرِ لَهُ حَالٌ، وَلِلْأَمِيرِ [3] حَالٌ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَمْ يَكُنْ بَعْدَ الرَّسُولِ
(1)
ب: لَمْ يَمْنَعْهُ.

(2)
ن، م، س: مَا.

(3)
م: وَالْأَمِينِ، ب: وَالْأَمِيرِ.





-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْجَعَ مِنْهُ ; وَلِهَذَا لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَتْ بِالْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ نَازِلَةٍ نَزَلَتْ بِهِمْ، حَتَّى أَوْهَنَتِ الْعُقُولَ، وَطَيِّشَتِ [1] الْأَلْبَابَ، وَاضْطَرَبُوا اضْطِرَابَ الْأَرْشِيَةِ فِي الطَّوِيِّ [2] الْبَعِيدَةِ الْقَعْرِ، فَهَذَا يُنْكِرُ مَوْتَهُ، وَهَذَا قَدْ أُقْعِدَ، وَهَذَا قَدْ دُهِشَ فَلَا يَعْرِفُ مَنْ يَمُرُّ عَلَيْهِ وَمَنْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، وَهَؤُلَاءِ يَضِجُّونَ بِالْبُكَاءِ، وَقَدْ وَقَعُوا فِي نُسْخَةِ الْقِيَامَةِ، وَكَأَنَّهَا قِيَامَةٌ صُغْرَى مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى، وَأَكْثَرُ الْبَوَادِي قَدِ ارْتَدُّوا عَنِ الدِّينِ، وَذَلَّتْ كُمَاتُهُ، فَقَامَ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِقَلْبٍ ثَابِتٍ، وَفُؤَادٍ شُجَاعٍ، فَلَمْ يَجْزَعْ، وَلَمْ يَنْكُلْ، قَدْ جُمِعَ لَهُ بَيْنَ الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ، فَأَخْبَرَهُمْ بِمَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ اللَّهَ اخْتَارَ لَهُ مَا عِنْدَهُ، وَقَالَ لَهُمْ: "مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ، {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 144] ، فَكَأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَسْمَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى تَلَاهَا الصِّدِّيقُ [3] ، فَلَا تَجِدُ أَحَدًا إِلَّا وَهُوَ يَتْلُوهَا، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَثَبَّتَهُمْ وَشَجَّعَهُمْ."

قَالَ أَنَسٌ: "خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَكُنَّا كَالثَّعَالِبِ، فَمَا زَالَ يُشَجِّعُنَا حَتَّى صِرْنَا كَالْأُسُودِ" .
(1)
م: أُذْهِبَ الْعُقُولُ وَطَاشَتِ.

(2)
الرِّشَاءُ: الْحَبْلُ، أَوْ حَبْلُ الدَّلْوِ وَنَحْوِهِ. . . وَالْجَمْعُ أَرْشِيَةٌ. وَالطَّوِيُّ: الْبِئْرُ الْمَطْوِيَّةُ بِالْحِجَارَةِ، مُذَكَّرٌ، فَإِنْ أُنِّثَ فَعَلَى الْمَعْنَى. .

(3)
م: تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ.





وَأَخَذَ فِي تَجْهِيزِ أُسَامَةَ، مَعَ إِشَارَتِهِمْ عَلَيْهِ، وَأَخَذَ فِي قِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ، مَعَ إِشَارَتِهِمْ عَلَيْهِ بِالتَّمَهُّلِ وَالتَّرَبُّصِ، وَأَخَذَ يُقَاتِلُ حَتَّى مَانِعِي الزَّكَاةِ، فَهُوَ مَعَ الصَّحَابَةِ يُعَلِّمُهُمْ إِذَا جَهِلُوا، وَيُقَوِّيهِمْ إِذَا ضَعُفُوا، وَيَحُثُّهُمْ إِذَا فَتَرُوا، فَقَوَّى اللَّهُ بِهِ عِلْمَهُمْ وَدِينَهُمْ وَقُوَّتَهُمْ، حَتَّى كَانَ عُمَرُ - مَعَ كَمَالِ قُوَّتِهِ وَشَجَاعَتِهِ - يَقُولُ لَهُ: يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ تَأَلَّفِ النَّاسَ، فَيَقُولُ: عَلَامَ أَتَأَلَّفُهُمْ؟ أَعَلَى دِينٍ مُفْتَرًى؟ أَمْ عَلَى شِعْرٍ مُفْتَعَلٍ؟ وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ يَطُولُ وَصْفُهُ.
فَالشُّجَاعَةُ الْمَطْلُوبَةُ مِنِ الْإِمَامِ لَمْ تَكُنْ فِي أَحَدٍ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْمَلَ مِنْهَا فِي أَبِي بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ. وَأَمَّا الْقَتْلُ فَلَا رَيْبَ أَنَّ غَيْرَ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ قَتَلَ مِنَ الْكُفَّارِ أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلَ عَلِيٌّ، فَإِنْ كَانَ مَنْ قَتَلَ أَكْثَرَ يَكُونُ أَشْجَعَ، فَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ أَشْجَعُ مِنْ عَلِيٍّ، فَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ [1] - أَخُو أَنَسٍ - قَتَلَ مِائَةَ رَجُلٍ مُبَارَزَةً، غَيْرَ مَنْ شُورِكَ فِي دَمِهِ.
وَأَمَّا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَلَا يُحْصِي عَدَدَ مَنْ قَتَلَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَقَدِ انْكَسَرَ فِي يَدِهِ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ تِسْعَةُ أَسْيَافٍ، وَلَا رَيْبَ أَنَّهُ قَتَلَ أَضْعَافَ مَا قَتَلَهُ عَلِيٌّ.
وَكَانَ لِأَبِي بَكْرٍ مَعَ الشَّجَاعَةِ الطَّبِيعِيَّةِ شَجَاعَةٌ دِينِيَّةٌ، وَهِيَ قُوَّةٌ [2] يَقِينِيَّةٌ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَثِقَةٌ بِأَنَّ اللَّهَ يَنْصُرُهُ وَالْمُؤْمِنِينَ. وَهَذِهِ الشَّجَاعَةُ لَا تَحْصُلُ بِكُلِّ مَنْ كَانَ [3] قَوِيَّ الْقَلْبِ، لَكِنَّ هَذِهِ تَزِيدُ بِزِيَادَةِ الْإِيمَانِ وَالْيَقِينِ،
(1)
ن، م: فَالْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(2)
س، ب: دِينِيَّةٌ وَقُوَّةٌ. . .

(3)
س: لَا تَحْصُلُ لَكِنْ مَنْ كَانَ (وَفِي الْهَامِشِ: لَعَلَّهُ: إِلَّا لِمَنْ) ، ب: إِلَّا لِمَنْ كَانَ. .








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #462  
قديم 26-06-2025, 02:49 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (462)
صـ 85 إلى صـ 94



وَتَنْقُصُ بِنَقْصِ ذَلِكَ، فَمَتَى تَيَقَّنَ أَنَّهُ يَغْلِبُ عَدُوَّهُ كَانَ إِقْدَامُهُ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ إِقْدَامِ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ، وَهَذَا كَانَ مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ شَجَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَإِقْدَامِهِمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَيْقَنُوا بِخَبَرِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ: أَنَّهُمْ مَنْصُورُونَ وَأَنَّ اللَّهَ [1] يَفْتَحُ لَهُمُ الْبِلَادَ.
وَمِنْ شَجَاعَةِ الصِّدِّيقِ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو [2] عَنْ أَشَدِّ مَا صَنَعَ الْمُشْرِكُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: رَأَيْتُ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُصَلِّي، فَوَضَعَ رِدَاءَهُ فِي [3] عُنُقِهِ فَخَنَقَهُ خَنْقًا شَدِيدًا، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَدَفَعَهُ عَنْهُ، وَقَالَ: {أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 28] [4] .
(1)
س، ب: وَاللَّهُ. .

(2)
م: بْنَ عُمَرَ.

(3)
س، ب: مِنْ. .

(4)
الْحَدِيثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/10 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَابُ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ. . .) 5/46 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ مَا لَقِيَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ) ، 6/127 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْمُؤْمِنِ) ، الْمُسْنَدِ 11/143 - 144 وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ: "وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ (7: 292) مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنِ ابْنِ الْمَدِينِيِّ، وَذَكَرَهُ فِي التَّارِيخِ (3: 45 - 46) مِنْ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَيَّاشِ بْنِ الْوَلِيدِ. وَقَالَ فِي التَّارِيخِ:" انْفَرَدَ بِهِ الْبُخَارِيُّ "يَعْنِي عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَلَمْ يَرْوِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ، كَمَا يَتَبَيَّنُ مِنْ ذَخَائِرَ الْمَوَارِيثِ 4535)" .






[فصل الشجاعة إنما فضيلتها في الدين لأجل الجهاد في سبيل الله]
(فَصْلٌ)
وَمِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الشَّجَاعَةَ إِنَّمَا فَضِيلَتُهَا فِي الدِّينِ لِأَجْلِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَإِلَّا فَالشَّجَاعَةُ إِذَا لَمْ يَسْتَعِنْ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، كَانَتْ: إِمَّا وَبَالًا عَلَيْهِ إِنِ اسْتَعَانَ بِهَا صَاحِبُهَا عَلَى طَاعَةِ الشَّيْطَانِ، وَإِمَّا غَيْرَ نَافِعَةٍ لَهُ إِنِ اسْتَعْمَلَهَا فِيمَا لَا يُقَرِّبُهُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى.
فَشَجَاعَةُ عَلِيٍّ وَالزُّبَيْرِ، وَخَالِدٍ وَأَبِي دُجَانَةَ، وَالْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي طَلْحَةَ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ شُجْعَانِ الصَّحَابَةِ - إِنَّمَا صَارَتْ مِنْ فَضَائِلِهِمْ لِاسْتِعَانَتِهِمْ بِهَا عَلَى الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ; فَإِنَّهُمْ بِذَلِكَ اسْتَحَقُّوا مَا حَمِدَ اللَّهُ بِهِ الْمُجَاهِدِينَ.
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجِهَادَ مِنْهُ مَا يَكُونُ بِالْقِتَالِ بِالْيَدِ [1] ، وَمِنْهُ مَا يَكُونُ بِالْحُجَّةِ وَالْبَيَانِ وَالدَّعْوَةِ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 51، 52] ، فَأَمَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يُجَاهِدَ الْكُفَّارَ بِالْقُرْآنِ جِهَادًا كَبِيرًا [2] ، وَهَذِهِ السُّورَةُ مَكِّيَّةٌ نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، قَبْلَ أَنْ يُهَاجِرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبْلَ أَنْ يُؤْمَرَ بِالْقِتَالِ، (* وَلَمْ يُؤْذَنْ لَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا الْجِهَادُ [3] بِالْعِلْمِ وَالْقَلْبِ وَالْبَيَانِ وَالدَّعْوَةِ لَا بِالْقِتَالِ *) [4] . وَأَمَّا الْقِتَالُ فَيَحْتَاجُ إِلَى التَّدْبِيرِ وَالرَّأْيِ،
(1)
بِالْيَدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(2)
(2 - 2) : سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(3)
ن، م، س: وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا قِتَالُ الْجِهَادِ. . .

(4)
: مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .






وَيَحْتَاجُ إِلَى شَجَاعَةِ الْقَلْبِ، وَإِلَى الْقِتَالِ بِالْيَدِ. وَهُوَ إِلَى الرَّأْيِ وَالشَّجَاعَةِ فِي الْقَلْبِ فِي الرَّأْسِ الْمُطَاعِ أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى قُوَّةِ الْبَدَنِ، وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مُقَدَّمَانِ فِي أَنْوَاعِ الْجِهَادِ غَيْرَ قِتَالِ الْبَدَنِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَزْمٍ [1] : "وَجَدْنَاهُمْ يَحْتَجُّونَ بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ أَكْثَرَ الصَّحَابَةِ جِهَادًا وَطَعْنًا فِي الْكُفَّارِ وَضَرْبًا، وَالْجِهَادُ أَفْضَلُ الْأَعْمَالِ. قَالَ [2] : وَهَذَا خَطَأٌ ; لِأَنَّ الْجِهَادَ يَنْقَسِمُ أَقْسَامًا ثَلَاثَةً: أَحَدُهَا: الدُّعَاءُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِاللِّسَانِ. وَالثَّانِي: الْجِهَادُ عِنْدَ الْحَرْبِ بِالرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ. وَالثَّالِثُ: الْجِهَادُ بِالْيَدِ فِي الطَّعْنِ وَالضَّرْبِ. فَوَجَدْنَا الْجِهَادَ بِاللِّسَانِ لَا يَلْحَقُ فِيهِ أَحَدٌ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ. أَمَّا أَبُو بَكْرٍ: فَإِنَّ أَكَابِرَ الصِّحَابِ أَسْلَمُوا عَلَى يَدَيْهِ، فَهَذَا أَفْضَلُ عَمَلٍ، وَلَيْسَ لَعَلِيٍّ مِنْ هَذَا كَثِيرُ حَظٍّ، وَأَمَّا عُمَرُ: فَإِنَّهُ مِنْ يَوْمِ أَسْلَمَ عَزَّ الْإِسْلَامُ، وَعُبِدَ اللَّهُ عَلَانِيَةً [3] ، وَهَذَا أَعْظَمُ الْجِهَادِ. وَقَدِ انْفَرَدَ هَذَانِ الرَّجُلَانِ بِهَذَيْنِ الْجِهَادَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا نَظِيرَ لَهُمَا، وَلَا حَظَّ لِعَلِيٍّ فِي هَذَا."
وَبَقِيَ الْقِسْمُ الثَّانِي، وَهُوَ الرَّأْيُ وَالْمَشُورَةُ [4] ، فَوَجَدْنَاهُ خَالِصًا لِأَبِي بَكْرٍ ثُمَّ لِعُمَرَ.
(1)
فِي كِتَابِهِ "الْفِصَلِ" 4/211 - 212.

(2)
الْفِصَلَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ.

(3)
الْفَصْلُ: عَزَّ الْإِسْلَامُ، وَعُبِدَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَكَّةَ جَهْرًا، وَجَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ بِيَدَيْهِ، فَضَرَبَ وَضُرِبَ حَتَّى مَلُّوهُ فَتَرَكُوهُ، فَعُبِدَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَانِيَةً

(4)
ن، م، س: وَالْمَشْهُورُ. وَفِي هَامِشِ (س) كُتِبَ: "كَذَا فِي الْأَصْلِ" . وَفِي (ب) : وَالتَّدْبِيرُ. وَالْمُثْبَتُ مِنَ "الْفِصَلِ" .





بَقِيَ الْقِسْمُ الثَّالِثُ، وَهُوَ الطَّعْنُ وَالضَّرْبُ وَالْمُبَارَزَةُ، فَوَجَدْنَاهُ أَقَلَّ مَرَاتِبِ الْجِهَادِ بِبُرْهَانٍ ضَرُورِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا شَكَّ عِنْدَ كُلِّ مُسْلِمٍ فِي أَنَّهُ الْمَخْصُوصُ بِكُلِّ فَضِيلَةٍ، فَوَجَدْنَا جِهَادَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا كَانَ فِي أَكْثَرِ أَعْمَالِهِ وَأَحْوَالِهِ بِالْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ مِنَ الدُّعَاءِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالتَّدْبِيرِ وَالْإِرَادَةِ [1] ، وَكَانَ أَقَلَّ عَمَلِهِ الطَّعْنُ وَالضَّرْبُ وَالْمُبَارَزَةُ، لَا عَنْ جُبْنٍ، بَلْ كَانَ أَشْجَعَ أَهْلِ الْأَرْضِ قَاطِبَةً نَفْسًا وَيَدًا، وَأَتَمَّهُمْ نَجْدَةً، وَلَكِنَّهُ كَانَ يُؤْثِرُ الْأَفْضَلَ فَالْأَفْضَلَ مِنَ الْأَعْمَالِ، فَيُقَدِّمُهُ [2] وَيَشْتَغِلُ بِهِ، وَوَجَدْنَاهُ [3] يَوْمَ بَدْرٍ - وَغَيْرَهُ - كَانَ أَبُو بَكْرٍ مَعَهُ لَا يُفَارِقُهُ، إِيثَارًا مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ بِذَلِكَ، وَاسْتِظْهَارًا بِرَأْيِهِ فِي الْحَرْبِ، وَأُنْسًا بِمَكَانِهِ، ثُمَّ كَانَ عُمَرُ رُبَّمَا شُورِكَ (* فِي ذَلِكَ، وَقَدِ انْفَرَدَ بِهَذَا الْمَحَلِّ دُونَ عَلِيٍّ، وَدُونَ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، إِلَّا فِي النُّدْرَةِ.
ثُمَّ نَظَرْنَا مَعَ ذَلِكَ فِي *) [4] هَذَا الْقِسْمِ مِنَ [5] الْجِهَادِ، الَّذِي هُوَ الطَّعْنُ وَالضَّرْبُ [6] وَالْمُبَارَزَةُ، فَوَجَدْنَا عَلِيًّا لَمْ يَنْفَرِدْ بِالسُّيُوفِ [7] فِيهِ، بَلْ قَدْ شَارَكَهُ فِيهِ غَيْرُهُ شَرِكَةَ الْعِيَانِ [8] ، كَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ، وَمَنْ [9] قُتِلَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ، كَحَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَمُصْعَبِ بْنِ
(1)
الْفَصْلُ: وَالْإِدَارَةِ.

(2)
الْفَصْلُ: قَدَّمَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ

(3)
ن، م، س: وَوَجَدْنَا.

(4)
: مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) .

(5)
ن، س، ب: فِي.

(6)
ن، س، ب: الضَّرْبُ وَالطَّعْنُ.

(7)
الْفَصْلُ: بِالْبُسُوقِ.

(8)
م، الْفَصْلُ: الْعِنَانِ.

(9)
الْفِصَلَ: وَمِمَّنْ. . .





عُمَيْرٍ، وَمِنَ الْأَنْصَارِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ وَسِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ [1] - يَعْنِي أَبَا دُجَانَةَ - وَغَيْرُهُمَا، وَوَجَدْنَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ قَدْ شَارَكَاهُ فِي ذَلِكَ بِحَظٍّ حَسَنٍ، وَإِنْ لَمْ يَلْحَقَا بِحُظُوظِ هَؤُلَاءِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ لِشُغْلِهِمَا بِالْأَفْضَلِ مِنْ مُلَازَمَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُؤَازَرَتِهِ فِي حِينِ الْحَرْبِ، وَقَدْ بَعَثَهُمَا عَلَى الْبُعُوثِ أَكْثَرَ مِمَّا بَعَثَ عَلِيًّا، وَقَدْ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ إِلَى بَنِي فَزَارَةَ وَغَيْرِهِمْ، وَبَعَثَ [عُمَرَ] [2] إِلَى بَنِي فُلَانٍ، وَمَا نَعْلَمُ لِعَلِيٍّ بَعْثًا إِلَّا إِلَى بَعْضِ حُصُونِ خَيْبَرَ فَفَتَحَهُ [3] . فَحَصَلَ أَرْفَعُ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ [4] لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَدْ شَارَكَا عَلِيًّا فِي أَقَلِّ أَنْوَاعِ الْجِهَادِ، مَعَ جَمَاعَةٍ غَيْرِهِمْ "."
[فصل التعليق على قول الرافضي بسيفه ثبت قواعد الإسلام]
(فَصْلٌ)
قُلْتُ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: "بِسَيْفِهِ ثَبَّتَ قَوَاعِدَ الْإِسْلَامِ [5] وَتَشَيَّدَتْ أَرْكَانُ الدِّينِ" [6] .
فَهَذَا كَذِبٌ ظَاهِرٌ لِكُلِّ مَنْ عَرَفَ الْإِسْلَامَ، بَلْ سَيْفُهُ جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءٍ
(1)
س، ب: وَسِمَاكُ بْنُ حَارِثَةَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "الْإِصَابَةِ" 4/59 أَبَا دُجَانَةَ الْأَنْصَارِيَّ وَقَالَ: "اسْمُهُ: سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ، وَقِيلَ: ابْنُ أَوْسِ بْنِ خَرَشَةَ" وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "الِاسْتِيعَابِ" 4/59. وَذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ فِي "الْإِصَابَةِ" 2/75 صَحَابِيًّا آخَرَ اسْمُهُ "سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ الْأَنْصَارِيُّ" وَقَالَ: "آخَرُ وَهُوَ غَيْرُ أَبِي دُجَانَةَ" .

(2)
عُمَرَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) ، (ب) ، وَأَثْبَتُّهَا مِنَ الْفَصْلِ 4/212.

(3)
الْفَصْلُ: فَفَتَحَهُ، وَقَدْ بَعَثَ إِلَيْهِ قَبْلَهُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمْ يَفْتَحَاهُ.

(4)
الْفَصْلُ: الْجِهَادِ خَالِصًا. . .

(5)
ن، م، س: الْإِيمَانِ. وَسَبَقَتِ الْعِبَارَةُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص. 95 وَفِيهَا: الْإِسْلَامِ.

(6)
سَبَقَتِ الْعِبَارَةُ مِنْ قَبْلُ وَفِيهَا: أَرْكَانُ الْإِيمَانِ، وَكَذَا هِيَ فِي (ك) .





كَثِيرَةٍ، جُزْءٌ مِنْ أَجْزَاءِ أَسْبَابِ تَثْبِيتِ قَوَاعِدِ الْإِسْلَامِ، وَكَثِيرٌ مِنَ الْوَقَائِعِ الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْإِسْلَامُ لَمْ يَكُنْ لِسَيْفِهِ فِيهَا تَأْثِيرٌ، كَيَوْمِ بَدْرٍ: كَانَ سَيْفًا مِنْ سُيُوفٍ كَثِيرَةٍ.
وَقَدْ قَدَّمْنَا غَيْرَ مَرَّةٍ أَنَّ غَزَوَاتِ الْقِتَالِ كُلَّهَا كَانَتْ تِسْعَ غَزَوَاتٍ، وَعَلِيٌّ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَشْهَدْ قِتَالَ الرُّومِ وَفَارِسَ، وَلَمْ يُعْرَفْ لِعَلِيٍّ غَزَاةٌ أَثَّرَ فِيهَا تَأْثِيرًا مُنْفَرِدًا كَثِيرًا عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَانَ نَصْرُهُ فِي الْمَغَازِي تَبَعًا لِنَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْحُرُوبُ الْكِبَارُ الَّتِي كَانَ فِيهَا هُوَ الْأَمِيرَ ثَلَاثَةٌ: يَوْمُ الْجَمَلِ، وَالصِّفِّينُ، وَالنَّهْرَوَانُ. وَفِي الْجَمَلِ وَالنَّهْرَوَانِ كَانَ مَنْصُورًا ; فَإِنَّ جَيْشَهُ كَانَ أَضْعَافَ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ، وَمَعَ هَذَا لَمْ يَسْتَظْهِرْ عَلَى الْمُقَاتِلِينَ لَهُ [1] ، بَلْ مَا زَالُوا مُسْتَظْهِرِينَ عَلَيْهِ إِلَى أَنِ اسْتُشْهِدَ إِلَى كَرَامَةِ اللَّهِ وَرِضْوَانِهِ، وَأَمْرُهُ يَضْعُفُ، وَأَمْرُ الْمُقَاتِلِينَ لَهُ يَقْوَى.
وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِانْتِصَارَ الَّذِي كَانَ يَحْصُلُ لَهُ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، وَلِمَنْ قَاتَلَ مَعَهُ عَلَى دِينِهِ ; فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ} [سُورَةُ غَافِرٍ: 51] .
وَكَذَلِكَ انْتِصَارُ غَيْرِ عَلِيٍّ، كَانْتِصَارِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ عَلَى مَنْ قَاتَلُوهُ، إِنَّمَا كَانَ نَصْرًا مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ، كَمَا وَعَدَهُ بِذَلِكَ فِي كِتَابِهِ.
(1)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .





[فصل التعليق على قول الرافضي ما انهزم علي قط]
(فَصْلٌ)
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "مَا انْهَزَمَ قَطُّ" .
فَهُوَ فِي ذَلِكَ كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ، وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَالْقَوْلُ فِي أَنَّهُ مَا انْهَزَمَ، كَالْقَوْلِ فِي أَنَّ هَؤُلَاءِ مَا انْهَزَمُوا قَطُّ. وَلَمْ يُعْرَفْ لِأَحَدٍ [1] مِنْ هَؤُلَاءِ هَزِيمَةٌ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ شَيْءٌ فِي الْبَاطِنِ وَلَمْ يُنْقَلْ، فَيُمْكِنُ أَنَّ عَلِيًّا وَقَعَ مِنْهُ مَا لَمْ يُنْقَلْ.
وَالْمُسْلِمُونَ كَانَتْ لَهُمْ هَزِيمَتَانِ: يَوْمَ أُحُدٍ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ. وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّ أَحَدًا مِنْ هَؤُلَاءِ انْهَزَمَ، بَلِ الْمَذْكُورُ فِي السِّيَرِ وَالْمَغَازِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ ثَبَتَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، وَلَمْ يَنْهَزِمَا مَعَ مَنِ انْهَزَمَ. وَمَنْ نَقَلَ أَنَّهُمَا انْهَزَمَا يَوْمَ حُنَيْنٍ فَكَذِبُهُ مَعْلُومٌ. وَإِنَّمَا الَّذِي انْهَزَمَ يَوْمَ أُحُدٍ عُثْمَانُ، وَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُ. وَمَا نُقِلَ مِنَ انْهِزَامِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ بِالرَّايَةِ يَوْمَ حُنَيْنٍ فَمِنَ الْأَكَاذِيبِ الْمُخْتَلَقَةِ الَّتِي افْتَرَاهَا الْمُفْتَرُونَ.
وَقَوْلُهُ: "مَا ضَرَبَ بِسَيْفِهِ إِلَّا قَطَّ" .
فَهَذَا لَا يُعْلَمُ ثُبُوتُهُ وَلَا انْتِفَاؤُهُ، وَلَيْسَ مَعَنَا فِي ذَلِكَ نَقْلٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فِي خَالِدٍ وَالزُّبَيْرِ، وَالْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ وَأَبِي دُجَانَةَ، وَأَبِي طَلْحَةَ وَنَحْوِهِمْ: إِنَّهُ مَا ضَرَبَ بِسَيْفِهِ إِلَّا قَطَّ، كَانَ الْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كَالْقَوْلِ فِي عَلِيٍّ، بَلْ صِدْقُ هَذَا فِي مِثْلِ خَالِدٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ مَالِكٍ أَوْلَى.
فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "«خَالِدٌ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِ اللَّهِ سَلَّهُ اللَّهُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ» [2] . فَإِذَا قِيلَ فِيمَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ مِنْ سُيُوفِهِ: إِنَّهُ مَا"
(1)
ن، م: لَمْ يُعْرَفْ لِوَاحِدٍ.

(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/477.





ضَرَبَ إِلَّا قَطَّ [1] ، كَانَ أَقْرَبَ إِلَى الصِّدْقِ، مَعَ كَثْرَةِ مَا عُلِمَ مِنْ قَتْلِ خَالِدٍ فِي الْحُرُوبِ، وَأَنَّهُ لَمْ يَزَلْ مَنْصُورًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: "وَطَالَمَا كَشَفَ الْكُرُوبَ عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" .
فَهَذَا كَذِبٌ بَيِّنٌ، مِنْ جِنْسِ أَكَاذِيبِ الطُّرُقِيَّةِ ; فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ عَلِيًّا كَشَفَ كُرْبَةً عَنْ وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطُّ، بَلْ وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَهَمَا كَانَا أَكْثَرَ جِهَادًا مِنْهُ، بَلْ هُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي طَالَمَا كَشَفَ عَنْ وُجُوهِهِمُ الْكُرَبَ.
لَكِنْ أَبُو بَكْرٍ دَفَعَ عَنْهُ لَمَّا أَرَادَ الْمُشْرِكُونَ أَنْ يَضْرِبُوهُ وَيَقْتُلُوهُ بِمَكَّةَ، جَعَلَ يَقُولُ: "أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ: رَبِّيَ اللَّهُ" ، حَتَّى ضَرَبُوا أَبَا بَكْرٍ، وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ مِثْلَ هَذَا.
وَأَمَّا كَوْنُ الْمُشْرِكِينَ أَحَاطُوا بِهِ حَتَّى خَلَّصَهُ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عَلِيٌّ بِسَيْفِهِ، فَهَذَا لَمْ يَنْقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَا حَقِيقَةَ لَهُ، لَكِنَّ هَذَا الرَّافِضِيَّ - وَأَمْثَالَهُ - كَأَنَّهُمْ قَدْ طَالَعُوا [2] السِّيَرَ وَالْمَغَازِيَ الَّتِي وَضَعَهَا الْكَذَّابُونَ وَالطُّرُقِيَّةُ، مِثْلَ كِتَابِ "تَنَقُّلَاتِ الْأَنْوَارِ" لِلْبَكْرِيِّ الْكَذَّابِ وَأَمْثَالِهِ، مِمَّا هُوَ مِنْ جِنْسِ مَا يُذْكَرُ فِي سِيرَةِ الْبَطَّالِ وَدَلْهَمَةَ وَالْعَيَّارِ وَأَحْمَدَ الدَّنِفِ وَالزَّيْبَقِ الْمِصْرِيِّ، وَالْحِكَايَاتِ الَّتِي يَحْكُونَهَا عَنْ هَارُونَ وَوَزِيرِهِ مَعَ الْعَامَّةِ، وَالسِّيرَةِ الطَّوِيلَةِ الَّتِي وُضِعَتْ لِعَنْتَرَةَ بْنِ شَدَّادٍ.
وَقَدْ وَضَعَ الْكَذَّابُونَ فِي مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هُوَ
(1)
فِي "لِسَانِ الْعَرَبِ" : الْقَطُّ: الْقَطْعُ عَامَّةً "."

(2)
م: كَانُوا قَدْ طَالَعُوا.





مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، وَهَذَا يُصَدِّقُهُ الْجُهَّالُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ عَارِفًا بِمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ مِنَ الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ فِي سِيرَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ.
وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَبِيتِهِ عَلَى فِرَاشِهِ، فَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ خَوْفٌ عَلَى عَلِيٍّ أَصْلًا، وَأَشْهَرُ مَا نُقِلَ مِنْ ذَلِكَ ذَبُّ الْمُؤْمِنِينَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ، لَمَّا وَلَّى أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ مُدْبِرِينَ، فَطَمِعَ الْعَدُوُّ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَرَصُوا عَلَى قَتْلِهِ، وَطَلَبَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ قَتْلَهُ [1] ، فَقَتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ، وَشَجَّ الْمُشْرِكُونَ جَبِينَهُ، وَهَشَّمُوا الْبَيْضَةَ عَلَى رَأْسِهِ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ. وَذَبَّ عَنْهُ الصَّحَابَةُ الَّذِينَ حَوْلَهُ، كَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ جَعَلَ يَرْمِي وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهُ [2] : "«ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»" [3] .
وَوَقَاهُ طَلْحَةُ بِيَدِهِ، فَشُلَّتْ يَدُ طَلْحَةَ [4] ، وَقُتِلَ حَوْلَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ.
(1)
س: وَطَمَّعَ أُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ قَتْلُهُ، ب: وَطَمِعَ أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ فِي قَتْلِهِ.

(2)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(3)
الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 4/39 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ الْمِجَنِّ وَمَنْ يَتَتَرَّسُ بِتُرْسِ صَاحِبِهِ) وَلَفْظُهُ: "مَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُفَدِّي رَجُلًا بَعْدَ سَعْدٍ، سَمِعْتُهُ يَقُولُ: ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي" وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 4/1876 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. . .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/314 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. .) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/47 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. . فَضْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. .) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 2/91، 220 - 266 - 267.

(4)
فِي الْبُخَارِيِّ 5/97 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا. .) عَنْ قَيْسٍ قَالَ: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلَّاءَ وَقَى بِهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ.





وَفِي الْحَدِيثِ «أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا أَمَرَ فَاطِمَةَ بِغَسْلِ سَيْفِهِ يَوْمَ أُحُدٍ، قَالَ: اغْسِلِيهِ غَيْرَ ذَمِيمٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنْ تَكُنْ أَحْسَنْتَ فَقَدْ أَحْسَنَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ» وَعَدَّ جَمَاعَةً مِنَ الصَّحَابَةِ [1] ."
[فصل كلام الرافضي: وفي غزاة بدر والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَفِي غَزَاةِ بَدْرٍ، وَهِيَ أَوَّلُ الْغَزَوَاتِ، كَانَتْ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ شَهْرًا مِنْ مَقْدَمِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ [3] ، وَعُمْرُهُ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ سَنَةً، قَتَلَ مِنْهُمْ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ رَجُلًا بِانْفِرَادِهِ، وَهُمْ [4] أَعْظَمُ مِنْ نِصْفِ الْمَقْتُولِينَ، وَشَرَكَ فِي الْبَاقِينَ" .
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْبَيِّنِ الْمُفْتَرَى، بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْعَالِمِينَ بِالسِّيَرِ وَالْمَغَازِي. وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا أَحَدٌ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ فِي النَّقْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ وَضْعِ جُهَّالِ الْكَذَّابِينَ، بَلْ فِي الصَّحِيحِ قُتِلَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَمْ يَشْرَكْ عَلِيٌّ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ، مِثْلَ أَبِي جَهْلٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَمِثْلَ أَحَدِ ابْنَيْ رَبِيعَةَ: إِمَّا عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَإِمَّا شَيْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ، وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ وَغَيْرِهِمْ.
وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا بَرَزَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثَلَاثَةٌ: عُتْبَةُ، وَشَيْبَةُ، وَالْوَلِيدُ، فَانْتُدِبَ
(1)
سَبَقَ هَذَا الْخَبَرُ فِيمَا مَضَى 4/481، وَهُوَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/106 بِمَعْنَاهُ.

(2)
فِي (ك) ص 182 (م) .

(3)
ك: مِنْ قُدُومِهِ الْمَدِينَةَ.

(4)
س، ب: وَهُوَ




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #463  
قديم 26-06-2025, 02:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (463)
صـ 95 إلى صـ 104



لَهُمْ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَسَمُّوا أَنْفُسَهُمْ [1] . فَقَالُوا: أَكْفَاءٌ كِرَامٌ، وَلَكِنْ نُرِيدُ بَنِي عَمِّنَا. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَارِبَهُ بِالْبُرُوزِ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ: "«قُمْ يَا حَمْزَةُ، قُمْ يَا عُبَيْدَةُ، قُمْ يَا عَلِيُّ»" ، وَكَانَ أَصْغَرَ الْمُشْرِكِينَ هُوَ الْوَلِيدُ، وَأَصْغَرَ الْمُسْلِمِينَ عَلِيٌّ، فَبَرَزَ هَذَا إِلَى هَذَا، فَقَتَلَ عَلِيٌّ قِرْنَهُ، وَقَتَلَ حَمْزَةُ قِرْنَهُ. قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ عُتْبَةَ، وَقِيلَ: كَانَ شَيْبَةَ. وَأَمَّا عُبَيْدَةُ فَجَرَحَ قِرْنَهُ، وَسَاعَدَهُ حَمْزَةُ عَلَى قَتْلِ قِرْنِهِ، وَحُمِلَ عُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ [2] .
وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَقْتُلْ ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا نَفَرًا دُونَ الْعَشَرَةِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ.
وَغَايَةُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ هِشَامٍ، وَقَبْلَهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، وَكَذَلِكَ الْأُمَوِيُّ [3] ،
(1)
م: نُفُوسَهُمْ.

(2)
انْظُرْ هَذَا الْخَبَرَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 2/177. وَجَاءَ الْخَبَرُ فِي حَدِيثٍ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/71 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابٌ فِي الْمُبَارَزَةِ) ، الْمُسْنَدِ (ط الْمَعَارِفِ) 2/192 - 194 (حَدِيثٌ رَقْمُ 948) .

(3)
اشْتُهِرَ مِنْ مُؤَرِّخِي السِّيرَةِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ وَيُعْرَفُ بِالْأُمَوِيِّ وَهُوَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ الْأُمَوِيُّ (بِالْوَلَاءِ) الدِّمَشْقِيُّ وُلِدَ سَنَةَ 119 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 195، كَانَ عَالِمَ الشَّامِ فِي عَصْرِهِ، مِنْ حُفَّاظِ الْحَدِيثِ وَمِنْ كُتَّابِ السِّيرَةِ وَالْمَغَازِي، أَلَّفَ حَوَالَيْ 70 كِتَابًا مِنْهَا كِتَابُ "الْمَغَازِي" وَقَدْ وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْهُ قِطَعٌ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ. انْظُرْ: شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/344، الْأَعْلَامَ 9/143، سِزْكِينَ م [0 - 9] ج [0 - 9] ، ص 98 وَلَكِنَّ ابْنَ تَيْمِيَّةَ يُحَدِّدُ لَنَا مَنْ يَقْصِدُهُ بِالْأُمَوِيِّ بَعْدَ صَفَحَاتٍ (ص. 116) فَيَقُولُ: وَسَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ وَالْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الْخَطَأُ مِنَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ أَوْ مِنَ النُّسَّاخِ. وَالصَّوَابُ هُوَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبَانَ، أَبُو أَيُّوبَ، الْأُمْوَرِيُّ، الْكُوفِيُّ وُلِدَ سَنَةَ 114 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 194 وَلَهُ كِتَابُ "الْمَغَازِي" ذَكَرَهُ سِزْكِينُ م 1 ج 2 ص 97 - 98، وَتَكَلَّمَ عَلَيْهِ: وَانْظُرْ أَيْضًا: تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 11/213 - 214 تَذْكِرَةَ الْحُفَّاظِ 1/325 - 326.






جَمِيعُ مَا ذَكَرُوهُ أَحَدَ عَشَرَ نَفْسًا، وَاخْتُلِفَ فِي سِتَّةِ أَنْفُسٍ، هَلْ قَتَلَهُمْ هُوَ أَوْ غَيْرُهُ، وَشَارَكَ فِي ثَلَاثَةٍ. هَذَا جَمِيعُ مَا نَقَلَهُ هَؤُلَاءِ الصَّادِقُونَ [1] .
[فصل كلام الرافضي: وفي غزاة أحد لما انهزم الناس والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَفِي غَزَاةِ أُحُدٍ لَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ كُلُّهُمْ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَرَجَعَ [3] إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَرٌ يَسِيرٌ، أَوَّلُهُمْ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ، وَأَبُو دُجَانَةَ، وَسَهْلُ بْنُ حُنَيْفٍ، وَجَاءَ عُثْمَانُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ ذَهَبَتْ فِيهَا عَرِيضَةٌ. وَتَعَجَّبَتِ الْمَلَائِكَةُ مِنْ شَأْنِ عَلِيٍّ [4] ، فَقَالَ جِبْرِيلُ وَهُوَ يَعْرُجُ إِلَى السَّمَاءِ: لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَا رِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيُّ"
وَقَتَلَ أَكْثَرَ [5] الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ، وَكَانَ الْفَتْحُ فِيهَا عَلَى يَدِهِ. وَرَوَى قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ [6] : «سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ: أَصَابَنِي
(1)
انْظُرْ فِي ذَلِكَ ابْنَ هِشَامٍ 2/365 - 374.

(2)
فِي (ك) ص. 182 (م) - 183 (م) .

(3)
ك: إِلَّا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِمَا السَّلَامُ - وَحْدَهُ ثُمَّ رَجَعَ. . .

(4)
ك ص 183 م) : مِنْ ثَبَاتِ عَلِيٍّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

(5)
ك: وَقَتَلَ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَكْثَرَ. .

(6)
ك: رَوَى قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ. .






يَوْمَ أُحُدٍ سِتَّةَ عَشَرَ ضَرْبَةً [1] ، سَقَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ، فَجَاءَنِي رَجُلٌ حَسَنُ الْوَجْهِ، حَسَنُ اللِّمَّةِ [2] ، طَيِّبُ الرِّيحِ، فَأَخَذَ بِضَبْعَيَّ، فَأَقَامَنِي، ثُمَّ قَالَ: أَقْبِلْ عَلَيْهِمْ فَقَاتِلْ فِي طَاعَةِ اللَّهِ وَطَاعَةِ رَسُولِهِ، فَهُمَا عَنْكَ رَاضِيَانِ. قَالَ عَلِيٌّ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَمَا تَعْرِفُ الرَّجُلَ؟ قُلْتُ: لَا وَلَكِنْ شَبَّهْتُهُ بِدِحْيَةَ الْكَلْبِيِّ. فَقَالَ: يَا عَلِيُّ أَقَرَّ اللَّهُ عَيْنَيْكَ [3] ، كَانَ ذَاكَ جِبْرِيلَ» "[4] ."
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الْعِظَامِ، الَّتِي لَا تَنْفُقُ إِلَّا عَلَى مَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْإِسْلَامَ، وَكَأَنَّهُ يُخَاطِبُ بِهَذِهِ الْخُرَافَاتِ مَنْ لَا يَعْرِفُ مَا جَرَى فِي الْغَزَوَاتِ، كَقَوْلِهِ: "إِنَّ عَلِيًّا قَتَلَ أَكْثَرَ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ، وَكَانَ الْفَتْحُ فِيهَا عَلَى يَدِهِ" .
فَيُقَالُ: آفَةُ الْكَذِبِ الْجَهْلُ. وَهَلْ كَانَ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ فَتْحٌ؟ بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدْ هَزَمُوا الْعَدُوَّ أَوَّلًا، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ وَكَّلَ بِثُغْرَةِ الْجَبَلِ الرُّمَاةَ، وَأَمَرَهُمْ بِحِفْظِ ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَأَنْ لَا يَأْتُوهُمْ سَوَاءٌ غَلَبُوا أَوْ غُلِبُوا، فَلَمَّا انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ صَاحَ بَعْضُهُمْ: أَيْ قَوْمِ الْغَنِيمَةَ! فَنَهَاهُمْ أَمِيرُهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جُبَيْرٍ، وَرَجَعَ الْعَدُوُّ عَلَيْهِمْ، وَأَمِيرُ الْمُشْرِكِينَ
(1)
سِتَّةَ عَشَرَ ضَرْبَةً: كَذَا فِي (ك) وَفِي سَائِرِ النُّسَخِ نَقْلًا عَنْهَا، وَهُوَ خَطَأٌ. وَالصَّوَابُ: سِتَّ عَشْرَةَ ضَرْبَةً.

(2)
س، ب: اللِّحْيَةِ.

(3)
ن، م، س: عَيْنَاكَ.

(4)
ك: فَإِنَّهُ كَانَ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.





إِذْ ذَاكَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ، فَأَتَاهُمْ مِنْ ظُهُورِهِمْ، فَصَاحَ الشَّيْطَانُ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ. وَاسْتُشْهِدَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ نَحْوُ سَبْعِينَ، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ الْيَوْمَ إِلَّا اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا، فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.
وَأَشْرَفَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ أَفِي الْقَوْمِ مُحَمَّدٌ؟ وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [1] ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لَفْظُهُ [2] ، وَكَانَ يَوْمَ بَلَاءٍ وَفِتْنَةٍ وَتَمْحِيصٍ، وَانْصَرَفَ الْعَدُوُّ عَنْهُمْ مُنْتَصِرًا، حَتَّى هَمَّ بِالْعَوْدِ [3] إِلَيْهِمْ، فَنَدَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُسْلِمِينَ لِلِحَاقِهِ.
وَقِيلَ: إِنَّ فِي هَؤُلَاءِ نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 172] ، وَكَانَ فِي هَؤُلَاءِ الْمُنْتَدَبِينَ: أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ، قَالَتْ عَائِشَةُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ: أَبُوكَ وَجَدُّكَ مِمَّنْ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} [4] ، وَلَمْ يُقْتَلْ يَوْمَئِذٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِلَّا نَفَرٌ قَلِيلٌ، وَقَصَدَ الْعَدُوُّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاجْتَهَدُوا فِي قَتْلِهِ، وَكَانَ مِمَّنْ ذَبَّ عَنْهُ
(1)
م: فِي الصَّحِيحِ.

(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/523، 5/21.

(3)
س، ب: بِالْعَدُوِّ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(4)
الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/102 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) وَنَصُّهُ: قَالَتْ لِعُرْوَةَ: يَا ابْنَ أُخْتِي كَانَ أَبُوكَ مِنْهُمْ: الزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ لَمَّا أَصَابَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا أَصَابَ يَوْمَ أُحُدٍ وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا. قَالَ: "مَنْ يَذْهَبُ فِي إِثْرِهِمْ؟" فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، قَالَ: كَانَ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ. وَالْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 4/1880 - 1881 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ. .) ، تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ 144 - 145.





يَوْمَئِذٍ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَجَعَلَ يَرْمِي عَنْهُ، وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ لَهُ: "«ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»" .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ سَعْدٍ قَالَ: جَمَعَ لِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ» [1] . وَكَانَ سَعْدٌ مُجَابَ الدَّعْوَةِ مُسَدَّدَ الرَّمْيَةِ.
وَكَانَ فِيهِمْ أَبُو طَلْحَةَ رَامِيًا، وَكَانَ [2] شَدِيدَ النَّزْعِ، وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: وَقَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِهِ فَشُلَّتْ يَدُهُ. وَظَاهَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ دِرْعَيْنِ، وَقُتِلَ دُونَهُ نَفَرٌ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "السِّيرَةِ" فِي النَّفَرِ الَّذِينَ قَامُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ [3] : " تَرَّسَ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبُو دُجَانَةَ بِنَفْسِهِ: يَقَعُ النَّبْلُ فِي ظَهْرِهِ وَهُوَ مُنْحَنٍ عَلَيْهِ، حَتَّى كَثُرَ فِيهِ النَّبْلُ. وَرَمَى سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ دُونَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ سَعْدٌ: فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يُنَاوِلُنِي النَّبْلَ، وَيَقُولُ [4] : "«ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي»" ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُنَاوِلُنِي السَّهْمَ مَالَهُ نَصْلٌ، فَيَقُولُ: " ارْمِ "[5] ."
(1)
الْحَدِيثُ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/22 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ. . .) ، مُسْلِمٍ 4/1876 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ فِي فَضْلِ سَعْدٍ. . .) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/314 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي إِسْحَاقَ سَعْدٍ. . . سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/47 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ. . .، فَضْلُ سَعْدٍ. . .) الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ رَقْمَ 1495، 1562.

(2)
س، ب: فَكَانَ.

(3)
فِي: سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/87.

(4)
ابْنُ هِشَامٍ: وَهُوَ يَقُولُ:

(5)
ابْنُ هِشَامٍ: ارْمِ بِهِ. وَالْكَلَامُ التَّالِي بَعْدَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/86.





وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ غَشِيَهُ الْقَوْمُ: "مَنْ رَجُلٌ [1] يَشْرِي لَنَا نَفْسَهُ؟" . . . فَقَامَ [2] زِيَادُ بْنُ السَّكَنِ فِي نَفَرٍ خَمْسَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ - وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: إِنَّمَا هُوَ عُمَارَةُ بْنُ زَيْدِ [3] بْنِ السَّكَنِ - فَقَاتَلُوا دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا، ثُمَّ رَجُلًا، يُقْتَلُونَ دُونَهُ، حَتَّى كَانَ آخِرَهُمْ زِيَادٌ أَوْ عُمَارَةُ [4] ، فَقَاتَلَ حَتَّى أَثْبَتَتْهُ الْجِرَاحَةُ، ثُمَّ فَاءَتْ فِئَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَأَجْهَضُوهُمْ عَنْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«أَدْنُوهُ مِنِّي»" فَأَدْنَوْهُ مِنْهُ، فَوَسَّدَهُ قَدَمَهُ، فَمَاتَ وَخَدُّهُ عَلَى قَدَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "."
قَالَ [5] : "وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَمَى عَنْ قَوْسِهِ [6] حَتَّى انْدَقَّتْ سِيَتُهَا [7] ، فَأَخَذَهَا قَتَادَةُ بْنُ النُّعْمَانِ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ، وَأُصِيبَتْ يَوْمَئِذٍ عَيْنُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ» [8] . وَحَدَّثَنِي عَاصِمُ بْنُ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «رَدَّهَا بِيَدِهِ وَكَانَتْ [9] أَحْسَنَ عَيْنَيْهِ وَأَحَدَّهُمَا»" [10] .
(1)
رَجُلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(2)
بَعْدَ كَلِمَةِ "نَفْسَهُ" يُوجَدُ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ عِبَارَاتٌ اسْتَغْرَقَتْ سَطْرًا لَمْ يَذْكُرْهَا ابْنُ تَيْمِيَّةَ

(3)
ابْنُ هِشَامٍ: بْنُ يَزِيدَ.

(4)
ن، م، س: زِيَادُ بْنُ عُمَارَةَ.

(5)
أَيِ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ 3/87"

(6)
م: رَمَى بِيَدِهِ عَنْ قَوْسِهِ.

(7)
السِّيَةُ: طَرَفُ الْقَوْسِ.

(8)
ن، م، س: وَجْنَتَيْهِ.

(9)
ابْنُ هِشَامٍ: فَكَانَتْ.

(10) ذَكَرَ ابْنُ حَجَرٍ هَذَا الْخَبَرَ فِي تَرْجَمَةِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ فِي "الْإِصَابَةِ" 3/217 وَقَالَ إِنَّ الْوَاقِعَةَ حَدَثَتْ فِي غَزْوَةِ بَدْرٍ، ثُمَّ قَالَ: "وَجَاءَ مِنْ أَوْجُهٍ أُخَرَ أَنَّهَا أُصِيبَتْ يَوْمَ أُحُدٍ. أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَابْنُ شَاهِينَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الْعُذْرِيِّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّهُ أُصِيبَتْ عَيْنُهُ يَوْمَ أُحُدٍ فَوَقَعَتْ عَلَى وَجْنَتِهِ، فَرَدَّهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ أَصَحَّ عَيْنَيْهِ. وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي" الدَّلَائِلِ "مِنْ طَرِيقِ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ عَيْنَهُ ذَهَبَتْ - يَوْمَ أُحُدٍ، فَجَاءَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَّهَا فَاسْتَقَامَتْ. وَسَاقَهَا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ مُطَوَّلَةً مُرْسَلَةً" .




وَلَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ مِنَ الَّذِينَ كَانُوا يَدْفَعُونَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ كَانُوا مَشْغُولِينَ بِقِتَالِ آخَرِينَ، وَجُرِحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي جَبِينِهِ، وَلَمْ يُجْرَحْ عَلِيٌّ.
فَقَوْلُهُ: "إِنَّ عَلِيًّا قَالَ أَصَابَتْنِي يَوْمَ أُحُدٍ سِتَّ عَشْرَةَ [1] ضَرْبَةً، سَقَطْتُ إِلَى الْأَرْضِ فِي أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ" [2] .
كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ. فَأَيْنَ إِسْنَادُ هَذَا؟ وَمَنِ الَّذِي صَحَّحَهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ؟ وَفِي أَيِّ كِتَابٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَى نَقْلِهَا ذُكِرَ هَذَا؟ بَلِ الَّذِي جُرِحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَثِيرٌ مِنَ الصَّحَابَةِ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ [3] : "فَلَمَّا انْتَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى فَمِ الشِّعْبِ خَرَجَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ حَتَّى مَلَأَ دَرَقَتَهُ مِنَ الْمِهْرَاسِ [4] فَجَاءَ"
(1)
م: سَبْعَةَ عَشَرَ.

(2)
س، ب: سَقَطْتُ فِي أَرْبَعٍ مِنْهُنَّ إِلَى الْأَرْضِ.

(3)
ابْنُ هِشَامٍ 3/90 - 91.

(4)
ن، س: حَتَّى مَلَأَ تُرْسَهُ دَرَقَتَهُ مِنَ الْمِهْرَاسِ، ب: حَتَّى مَلَأَ تُرْسَهُ مِنَ الْمِهْرَاسِ، ابْنُ هِشَامٍ: حَتَّى مَلَأَ دَرَقَتَهُ مَاءً مِنَ الْمِهْرَاسِ. وَفِي "اللِّسَانِ" : الدَّرَقَةُ الْحَجَفَةُ وَهِيَ تُرْسٌ مِنْ جُلُودٍ لَيْسَ فِيهِ خَشَبٌ وَلَا عَقَبٌ ". وَفِي التَّعْلِيقِ عَلَى ابْنِ هِشَامٍ:" قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْمِهْرَاسُ: مَاءٌ بِأُحُدٍ. وَقَالَ غَيْرُهُ: الْمِهْرَاسُ: حَجَرٌ يُنْقَرُ وَيُجْعَلُ إِلَى جَانِبِ الْبِئْرِ وَيُصَبُّ فِيهِ الْمَاءُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ النَّاسُ "."





بِهِ رَسُولَ [1] اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَشْرَبَ مِنْهُ، فَوَجَدَ لَهُ رِيحًا، فَعَافَهُ فَلَمْ يَشْرَبْ مِنْهُ، وَغَسَلَ عَنْ وَجْهِهِ الدَّمَ، وَصَبَّ عَلَى رَأْسِهِ وَهُوَ يَقُولُ: "«اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ أَدْمَى [2] وَجْهَ نَبِيِّهِ»" [3] .
وَقَوْلُهُ: "إِنَّ عُثْمَانَ جَاءَ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ" كَذِبٌ آخَرُ.
وَقَوْلُهُ: "إِنَّ جِبْرِيلَ قَالَ وَهُوَ يَعْرُجُ:"
لَا سَيْفَ إِلَّا ذُو الْفَقَا ... رِ وَلَا فَتًى إِلَّا عَلِيُّ [4] "."
كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ ; فَإِنَّ ذَا الْفَقَارِ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ، وَلَكِنْ كَانَ سَيْفًا لِأَبِي جَهْلٍ غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «تَنَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيْفَهُ
(1)
ابْنُ هِشَامٍ: فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ. . .

(2)
ابْنُ هِشَامٍ 3/91: دَمَّى.

(3)
فِي الْبُخَارِيِّ 5/101 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ مَا أَصَابَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْجِرَاحِ يَوْمَ أُحُدٍ) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: "اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي سَبِيلِ اللَّهِ، اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ نَبِيِّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاءَتْ عِبَارَةُ" اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى قَوْمٍ دَمَّوْا وَجْهَ رَسُولِهِ "مَرْفُوعَةً إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ضِمْنَ حَدِيثٍ مُطَوَّلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/209 - 211 (رَقْمَ 2609) فِيهِ أَخْبَارُ غَزْوَةِ أُحُدٍ وَصَحَّحَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - إِسْنَادَهُ وَقَالَ: إِنَّ الْحَاكِمَ رَوَاهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ 2/296 - 297 وَصَحَّحَهُ هُوَ وَالذَّهَبِيُّ وَذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّفْسِيرِ 2/261 - 262 وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ فِي" مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ "6/110 - 111 وَفِي" الدُّرِّ الْمَنْثُورِ "2/84 ثُمَّ قَالَ:" وَهُوَ حَدِيثٌ غَرِيبٌ حَقًّا، فِي لَفْظِهِ مَا يُوهِمُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ شَهِدَ الْوَقْعَةَ، وَمَا كَانَ ذَلِكَ قَطُّ، فَإِنَّهُ كَانَ إِذْ ذَاكَ طِفْلًا مَعَ أَبِيهِ بِمَكَّةَ. وَالظَّاهِرُ عِنْدِي أَنَّهُ حَكَاهُ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِمَّنْ شَهِدَ أُحُدًا، وَنَسِيَ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنْ يَذْكُرَ مَنْ حَدَّثَ ابْنَ عَبَّاسٍ بِهِ "."

(4)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْخَبَرِ فِيمَا مَضَى 50/68 - 69.





ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ، وَهُوَ الَّذِي رَأَى فِيهِ الرُّؤْيَا يَوْمَ أُحُدٍ. قَالَ: "رَأَيْتُ فِي سَيْفِي ذِي الْفَقَارِ فَلًّا فَأَوَّلْتُهُ فَلًّا يَكُونُ فِيكُمْ، وَرَأَيْتُ أَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، فَأَوَّلْتُهُ كَبْشَ الْكَتِيبَةِ، وَرَأَيْتُ أَنِّي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ، وَرَأَيْتُ بَقَرًا تُذْبَحُ، فَبَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ" فَكَانَ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» [1] .
وَهَذَا الْكَذِبُ الْمَذْكُورُ فِي ذِي الْفَقَارِ مِنْ جِنْسِ كَذِبِ بَعْضِ الْجُهَّالِ: أَنَّهُ كَانَ لَهُ سَيْفٌ يَمْتَدُّ إِذَا ضَرَبَ بِهِ كَذَا وَكَذَا ذِرَاعًا، فَإِنَّ هَذَا مِمَّا يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَطُّ، لَا سَيْفُ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرُهُ. وَلَوْ كَانَ سَيْفُهُ يَمْتَدُّ لَمَدَّهُ يَوْمَ قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ.
(1)
الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي "الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 4/146 - 147. وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِر - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَعْلِيقِهِ:" إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ. ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. وَالْحَدِيثُ ذَكَرَهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي التَّارِيخِ 4/11 - 12 مِنْ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ بِأَطْوَلَ مِمَّا هُنَا، وَقَالَ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ أَبِيهِ، بِهِ ذُو الْفَقَارِ (بِفَتْحِ الْفَاءِ) : سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَتْ فِيهِ حُفَرٌ صِغَارٌ حِسَانٌ، وَالسَّيْفُ الْمُفَقَّرُ: الَّذِي فِيهِ حُزُوزٌ مُطْمَئِنَّةٌ عَنْ مَتْنِهِ. الْفَلُّ (بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ) : الثَّلْمُ فِي السَّيْفِ، وَأَصْلُهُ: الْكَسْرُ وَالضَّرْبُ، وَمِنْهُ الْفَلُّ لِلْقَوْمِ الْمُنْهَزِمِينَ "وَوَجَدْتُ أَنَّ ابْنَ مَاجَهْ ذَكَرَ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا فِي سُنَنِهِ 2/939 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ السِّلَاحِ) وَلَفْظُهُ فِيهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنَفَّلَ سَيْفَهُ ذَا الْفَقَارِ يَوْمَ بَدْرٍ ". وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/267 عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَفْظُهُ: رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّاسُ كَأَنِّي مُرْدِفٌ كَبْشًا، وَكَأَنَّ ظُبَةَ سَيْفِي انْكَسَرَتْ، فَأَوَّلْتُ أَنِّي أَقْتُلُ صَاحِبَ الْكَتِيبَةِ، وَأَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُقْتَلُ" . وَفِي ابْنِ هِشَامٍ 3/66 - 67: "قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ وَاللَّهِ خَيْرًا. رَأَيْتُ بَقَرًا، وَرَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي ثَلَمًا، وَرَأَيْتُ أَنِّي أَدْخَلْتُ يَدِي فِي دِرْعٍ حَصِينَةٍ، فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ" ، قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "رَأَيْتُ بَقَرًا لِي تُذْبَحُ. قَالَ: فَأَمَّا الْبَقَرُ فَهِيَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِي يُقْتَلُونَ. وَأَمَّا الثَّلَمُ الَّذِي رَأَيْتُ فِي ذُبَابِ سَيْفِي، فَهُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يُقْتَلُ" وَلَمْ أَعْرِفْ مَكَانَ الْحَدِيثِ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ.





وَقَالَ بَعْضُ الْجُهَّالِ: إِنَّهُ مَدَّ يَدَهُ حَتَّى عَبَرَ الْجَيْشُ عَلَى يَدِهِ بِخَيْبَرَ، وَإِنَّهُ قَالَ لِلْبَغْلَةِ: "قَطَعَ اللَّهُ نَسْلَكِ" فَانْقَطَعَ نَسْلُهَا. هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْبَيِّنِ ; فَإِنَّهُ يَوْمَ خَيْبَرَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ بَغْلَةٌ، وَلَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ بَغْلَةٌ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا بَغْلَتَهُ الَّتِي أَهْدَاهَا لَهُ الْمُقَوْقِسُ، وَذَلِكَ بَعْدَ غَزْوَةِ خَيْبَرَ، بَعْدَ أَنْ أَرْسَلَ إِلَى الْأُمَمِ، وَأَرْسَلَ إِلَى مُلُوكِ الْأَرْضِ [1] : هِرَقْلَ مَلِكِ الشَّامِ، وَإِلَى الْمُقَوْقِسِ مَلِكِ مِصْرَ، وَإِلَى كِسْرَى مَلِكِ الْفُرْسِ. وَأَرْسَلَ إِلَى مُلُوكِ الْعَرَبِ [2] مِثْلَ صَاحِبِ الْيَمَامَةِ وَغَيْرِهِ.
وَأَيْضًا فَالْجَيْشُ لَمْ يَعْبُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى يَدِ عَلِيٍّ وَلَا غَيْرِهِ، وَالْبَغْلَةُ لَمْ تَزَلْ عَقِيمًا قَبْلَ ذَلِكَ، وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ تَلِدُ فَعَقِمَتْ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ دَعَا عَلَى بَغْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ تَعُمَّ الدَّعْوَةُ جِنْسَ الْبِغَالِ.
وَمِثْلُ هَذَا الْكَذِبِ الظَّاهِرِ قَوْلُ بَعْضِ الْكَذَّابِينَ: إِنَّهُ لَمَّا سُبِيَ بَعْضُ أَهْلِ الْبَيْتِ حُمِلُوا عَلَى الْجِمَالِ عَرَايَا، فَنَبَتَتْ لَهُمْ سَنَامَاتٌ مِنْ يَوْمِئِذٍ، وَهِيَ الْبَخَاتِيُّ. وَأَهْلُ الْبَيْتِ لَمْ يُسْبَ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا حُمِلَ أَحَدٌ مِنْ نِسَائِهِمْ مَكْشُوفَ الْعَوْرَةِ، وَإِنَّمَا جَرَى هَذَا عَلَى أَهْلِ الْبَيْتِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ بِسَبَبِ الرَّافِضَةِ، كَمَا قَدْ عَلِمَهُ الْخَاصُّ وَالْعَامُّ.
بَلْ هَذَا الْكَذِبُ مِثْلُ كَذِبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ الْحَجَّاجَ قَتَلَ الْأَشْرَافَ، وَالْحَجَّاجُ [3] لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، مَعَ ظُلْمِهِ وَفَتْكِهِ بِكَثِيرٍ مِنْ
(1)
ن، م، س: إِلَى مُلُوكِ الشَّامِ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ.

(2)
ن، م، س: مَلِكِ، وَهُوَ خَطَأٌ.

(3)
وَالْحَجَّاجُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) فَقَطْ.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #464  
قديم 26-06-2025, 02:54 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (464)
صـ 105 إلى صـ 114



غَيْرِهِمْ، لَكِنْ قَتَلَ كَثِيرًا مِنْ أَشْرَافِ الْعَرَبِ، وَكَانَ الْمَلِكُ قَدْ أَرْسَلَ إِلَيْهِ أَنْ لَا يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَذَكَرَ لَهُ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ الْحُسَيْنُ فِي وِلَايَةِ بَنِي حَرْبٍ - يَعْنِي مُلْكَ يَزِيدَ - أَصَابَهُمْ شَرٌّ، فَاعْتَبَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِذَلِكَ، فَنَهَاهُ أَنْ يَقْتُلَ أَحَدًا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، حَتَّى إِنَّ الْحَجَّاجَ طَمِعَ أَنْ يَتَزَوَّجَ هَاشِمِيَّةً، فَخَطَبَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ابْنَتَهُ، وَأَصْدَقَهَا صَدَاقًا كَثِيرًا، فَأَجَابَهُ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى ذَلِكَ، فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ مَنْ غَضِبَ مِنْ أَوْلَادِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَلَمْ يَرَوُا الْحَجَّاجَ أَهْلًا لِأَنْ يَتَزَوَّجَ وَاحِدَةً مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَدَخَلُوا عَلَى عَبْدِ الْمَلِكِ وَأَخْبَرُوهُ بِذَلِكَ، فَمَنَعَ الْحَجَّاجَ مِنْ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرَوْهُ كُفُؤًا لِنِكَاحِ هَاشِمِيَّةٍ وَلَا أَنْ يَتَزَوَّجَهَا.
وَبِالْجُمْلَةِ فَالْأَحَادِيثُ الَّتِي يَنْقُلُهَا كَثِيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ لَا ضَابِطَ لَهَا، لَكِنَّ مِنْهَا مَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ بِالْعَقْلِ، وَمِنْهَا مَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ بِالْعَادَةِ، وَمِنْهَا مَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا عُلِمَ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ وَمِنْهَا مَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ بِطُرُقٍ أُخْرَى.
[فصل كلام الرافضي وَفِي غَزَاةِ الْأَحْزَابِ والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "وَفِي غَزَاةِ الْأَحْزَابِ، وَهِيَ غَزَاةُ الْخَنْدَقِ، لَمَّا فَرَغَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَمَلِ [2] الْخَنْدَقِ، أَقْبَلَتْ"
(1)
فِي (ك) ص 183 (م) - 184 (م) .

(2)
عَمَلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .






قُرَيْشٌ يَقْدُمُهَا أَبُو سُفْيَانَ وَكِنَانَةُ وَأَهْلُ تِهَامَةَ فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، وَأَقْبَلَتْ غَطَفَانُ وَمَنْ تَبِعَهَا مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، وَنَزَلُوا مِنْ فَوْقِ الْمُسْلِمِينَ وَمِنْ تَحْتِهِمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 10] ، فَخَرَجَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِالْمُسْلِمِينَ مَعَ ثَلَاثَةِ آلَافٍ [1] ، وَجَعَلُوا الْخَنْدَقَ بَيْنَهُمْ، وَاتَّفَقَ الْمُشْرِكُونَ مَعَ الْيَهُودِ، وَطَمِعَ الْمُشْرِكُونَ بِكَثْرَتِهِمْ وَمُوَافَقَةِ الْيَهُودِ، وَرَكِبَ عَمْرُو بْنُ [عَبْدِ] وُدٍّ [2] وَعِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، وَدَخَلَا مِنْ مَضِيقٍ فِي الْخَنْدَقِ إِلَى الْمُسْلِمِينَ، وَطَلَبَا [3] الْمُبَارَزَةَ فَقَامَ عَلِيٌّ وَأَجَابَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ [4] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ عَمْرٌو، فَسَكَتَ. ثُمَّ طَلَبَ الْمُبَارَزَةَ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَكُلُّ [5] ذَلِكَ يَقُومُ عَلِيٌّ، وَيَقُولُ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُ عَمْرٌو، فَأَذِنَ لَهُ فِي الرَّابِعَةِ، [فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو: ارْجِعْ يَا ابْنَ أَخِي فَمَا أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ] [6] . فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ أَنْ لَا يَدْعُوَكَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى إِحْدَى خَلَّتَيْنِ [7] إِلَّا أَخَذْتَهَا مِنْهُ، وَأَنَا أَدْعُوكَ
(1)
ك: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَآلِهِ - بِالْمُسْلِمِينَ وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ.

(2)
ن، م، س، ب: عَمْرُو بْنُ وُدٍّ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك) وَهُوَ الصَّوَابُ.

(3)
ك: وَطَلَبَ.

(4)
فَقَالَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . وَفِي (ك) : فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ. .

(5)
ك: وَفِي كُلِّ. . .

(6)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ مِنْ هَامِشِ (ك) وَسَقَطَتْ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ.

(7)
ن، س: أَحَدِ جِبِلَّتَيْنِ، م: أَحَدِ خَلَّتَيْنِ، ك: بِإِحْدَى خَصْلَتَيْنِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) .






إِلَى الْإِسْلَامِ، قَالَ عَمْرٌو: لَا حَاجَةَ لِي بِذَلِكَ. قَالَ: أَدْعُوكَ إِلَى الْبِرَازِ. قَالَ: مَا [1] أُحِبُّ أَنْ أَقْتُلَكَ. قَالَ عَلِيٌّ: بَلْ أَنَا أُحِبُّ [2] أَنْ أَقْتُلَكَ. فَحَمِيَ عَمْرٌو، وَنَزَلَ عَنْ فَرَسِهِ، وَتَجَاوَلَا [3] ، فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ [4] ، وَانْهَزَمَ عِكْرِمَةُ، ثُمَّ انْهَزَمَ بَاقِي الْمُشْرِكِينَ وَالْيَهُودِ. وَفِيهِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَتْلُ عَلِيٍّ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ» "."
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: أَيْنَ إِسْنَادُ هَذَا النَّقْلِ وَبَيَانُ صِحَّتِهِ؟
ثُمَّ يُقَالُ ثَانِيًا: قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ أَيْضًا عِدَّةُ أَكَاذِيبَ. مِنْهَا قَوْلُهُ: إِنَّ قُرَيْشًا وَكِنَانَةَ وَأَهْلَ تِهَامَةَ كَانُوا فِي عَشَرَةِ آلَافٍ، فَالْأَحْزَابُ كُلُّهُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَمِنْ أَهْلِ نَجْدٍ: تَمِيمٌ وَأَسَدٌ وَغَطَفَانُ، وَمِنَ الْيَهُودِ: كَانُوا قَرِيبًا مِنْ عَشَرَةِ آلَافٍ. وَالْأَحْزَابُ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَصْنَافٍ [5] : قُرَيْشٌ وَحُلَفَاؤُهَا [6] ، وَهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ وَمَنْ حَوْلَهَا. وَأَهْلُ نَجْدٍ: تَمِيمٌ وَأَسَدٌ وَغَطَفَانُ وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ. وَالْيَهُودُ بَنُو قُرَيْظَةَ.
وَقَوْلُهُ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ [7] وُدٍّ وَعِكْرِمَةَ [بْنَ أَبِي جَهْلٍ] [8] رَكِبَا، وَدَخَلَا مِنْ مَضِيقٍ فِي الْخَنْدَقِ.
(1)
ك: النِّزَالِ، قَالَ عَمْرٌو: مَا. . .

(2)
ك: قَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَكِنِّي أُحِبُّ. . .

(3)
ك: وَتَجَادَلَا.

(4)
ك: فَقَتَلَهُ عَلِيٌّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَوَلَدَهُ، وَهُوَ خَطَأٌ. انْظُرْ: ابْنَ هِشَامٍ 3/235 - 236.

(5)
س، ب: وَالْأَصْنَافُ كَانُوا ثَلَاثَةَ أَحْزَابٍ. . . .

(6)
م: وَحُلَفَاؤُهُمْ.

(7)
عَبْدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(8)
بْنَ أَبِي جَهْلٍ: زِيَادَةٌ فِي (م) .





وَقَوْلُهُ: إِنَّ عَمْرًا لَمَّا قُتِلَ وَانْهَزَمَ [1] الْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ.
هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْبَارِدِ ; فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ بَقُوا مُحَاصِرِينَ لِلْمُسْلِمِينَ [2] بَعْدَ ذَلِكَ هُمْ وَالْيَهُودُ، حَتَّى خَبَّبَ بَيْنَهُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ، وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الشَّدِيدَةَ: رِيحَ الصَّبَا، وَالْمَلَائِكَةَ مِنَ السَّمَاءِ.
كَمَا قَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا - إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا - هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا - وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 9 - 12] إِلَى قَوْلِهِ: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 25] .
وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُقَاتِلُوا فِيهَا، وَأَنَّ الْمُشْرِكِينَ مَا رَدَّهُمُ اللَّهُ بِقِتَالٍ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْلُومُ الْمُتَوَاتِرُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ وَالتَّفْسِيرِ، وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، وَالتَّارِيخِ.
فَكَيْفَ يُقَالُ بِأَنَّهُ بِاقْتِتَالِ عَلِيٍّ وَعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ وَقَتْلِهِ لَهُ [3] انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ.
وَالْحَدِيثُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «قَتْلُ عَلِيٍّ لِعَمْرِو بْنِ عَبْدِ وُدٍّ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ» . مِنَ الْأَحَادِيثِ
(1)
ب: لَمَّا قُتِلَ انْهَزَمَ. .

(2)
ن، س، ب: الْمُسْلِمِينَ.

(3)
لَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .





الْمَوْضُوعَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهَا، بَلْ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ إِسْنَادٌ صَحِيحٌ وَلَا ضَعِيفٌ [1] .
وَهُوَ كَذِبٌ لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَتْلُ كَافِرٍ أَفْضَلَ مِنْ عِبَادَةِ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ ; فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهِ عِبَادَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ مَنْ كَانَ قَتْلُهُ أَعْظَمَ مِنْ قَتْلِ عَمْرِو بْنِ [عَبْدِ] [2] وُدٍّ. وَعَمْرٌو هَذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مِنْ مُعَادَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُضَارَّتِهِ لَهُ وَلِلْمُؤْمِنِينَ، مِثْلُ مَا كَانَ فِي صَنَادِيدِ قُرَيْشٍ، الَّذِينَ قُتِلُوا بِبَدْرٍ، مِثْلَ أَبِي جَهْلٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ، وَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَأَمْثَالِهِمُ الَّذِينَ نَزَلَ فِيهِمُ الْقُرْآنُ. وَعَمْرٌو هَذَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ، وَلَا عُرِفَ لَهُ شَيْءٌ يَنْفَرِدُ بِهِ فِي مُعَادَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُؤْمِنِينَ.
وَعَمْرُو بْنُ عَبْدِ وُدٍّ هَذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ ذِكْرٌ فِي غَزَاةِ بَدْرٍ وَلَا أُحُدٍ، وَلَا غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَغَازِي قُرَيْشٍ الَّتِي غَزَوْا فِيهَا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا فِي شَيْءٍ مِنَ السَّرَايَا، وَلَمْ يَشْتَهِرْ ذِكْرُهُ إِلَّا فِي قِصَّةِ الْخَنْدَقِ، مَعَ [3] أَنَّ قِصَّتَهُ لَيْسَتْ مَذْكُورَةً فِي الصِّحَاحِ وَنَحْوِهَا، كَمَا نَقَلُوا فِي الصِّحَاحِ مُبَارَزَةَ الثَّلَاثَةِ يَوْمَ بَدْرٍ إِلَى الثَّلَاثَةِ: مُبَارَزَةُ حَمْزَةَ وَعُبَيْدَةَ وَعَلِيٍّ مَعَ عُتْبَةَ وَشَيْبَةَ وَالْوَلِيدِ.
وَكُتُبُ التَّفْسِيرِ وَالْحَدِيثِ مَمْلُوءَةٌ بِذِكْرِ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ كَانُوا يُؤْذُونَ
(1)
لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ.

(2)
عَبْدِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .

(3)
س، ب: وَمَعَ.





النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلِ أَبِي جَهْلٍ، وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ، وَالنَّضْرِ بْنِ الْحَارِثِ، وَغَيْرِهِمْ، وَبِذِكْرِ رُؤَسَاءِ الْكُفَّارِ، مِثْلِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ وَغَيْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ، لَا فِي هَؤُلَاءِ وَلَا فِي هَؤُلَاءِ، وَلَا كَانَ مِنْ مُقَدَّمِي الْقِتَالِ، فَكَيْفَ يَكُونُ قَتْلُ مِثْلِ هَذَا أَفْضَلَ مِنْ عِبَادَةِ الثَّقَلَيْنِ؟ وَمِنَ الْمَنْقُولِ بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ الْجَيْشَ لَمْ يَنْهَزِمْ بِقَتْلِهِ، بَلْ بَقُوا بَعْدَهُ مُحَاصِرِينَ مُجِدِّينَ [1] كَمَا كَانُوا قَبْلَ قَتْلِهِ.
[فصل كلام الرافضي: وَفِي غَزَاةِ بَنِي النَّضِيرِ قَتَلَ عَلِيٌّ رَامِيَ ثَنِيَّةِ والرد عليه]
(فَصْلٌ) [2]
قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "وَفِي غَزَاةِ بَنِي النَّضِيرِ قَتَلَ عَلِيٌّ رَامِيَ ثَنِيَّةِ [4] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [5] وَقَتَلَ بَعْدَهُ عَشَرَةً، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ" .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: مَا تَذْكُرُهُ فِي هَذِهِ الْغَزَاةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْغَزَوَاتِ مِنَ الْمَنْقُولَاتِ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ إِسْنَادِهِ أَوَّلًا، وَإِلَّا فَلَوْ أَرَادَ إِنْسَانٌ أَنْ يَحْتَجَّ بِنَقْلٍ لَا يُعْرَفُ إِسْنَادُهُ فِي جَزَرَةِ بَقْلٍ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ [6] ، فَكَيْفَ يَحْتَجُّ بِهِ فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ؟ !
(1)
مُجِدِّينَ: لَيْسَتْ فِي (م) .

(2)
فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(3)
فِي (ك) ص 184 (م)

(4)
ثَنِيَّةِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . وَفِي (ك) : قُبَّةِ.

(5)
ك: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بِسَهْمٍ.

(6)
س: فِي جَزَرَةٍ يُقْبَلُ مِنْهُ، ب: فِي جُزْئِيَّةٍ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ، م: فِي جَزَرَةِ بَقْلٍ لَمْ يُعْقَلْ مِنْهُ.





ثُمَّ يُقَالُ: ثَانِيًا: هَذَا مِنَ الْكَذِبِ الْوَاضِحِ ; فَإِنَّ بَنِي النَّضِيرِ هُمُ الَّذِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِمْ سُورَةَ الْحَشْرِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، وَكَانُوا مِنَ الْيَهُودِ، وَكَانَتْ قِصَّتُهُمْ قَبْلَ الْخَنْدَقِ وَأُحُدٍ، وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهَا [1] مَصَافُّ وَلَا هَزِيمَةٌ، وَلَا رَمَى أَحَدٌ ثَنِيَّةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا، وَإِنَّمَا أُصِيبَتْ ثَنِيَّتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ.
وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمُونَ فِي غَزَاةِ بَنِي النَّضِيرِ، قَدْ [2] حَاصَرُوهُمْ حِصَارًا شَدِيدًا، وَقَطَّعُوا نَخِيلَهُمْ.
وَفِيهِمْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 5] .
وَلَمْ يَخْرُجُوا لِقِتَالٍ حَتَّى يَنْهَزِمَ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَإِنَّمَا كَانُوا فِي حِصْنٍ يُقَاتِلُونَ مِنْ وَرَائِهِ. كَمَا قَالَ تَعَالَى: {لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 14] .
ثُمَّ إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْلَاهُمْ إِجْلَاءً لَمْ يَقْتُلْهُمْ فِيهِ. قَالَ تَعَالَى [3] : {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 2] إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ} [سُورَةُ الْحَشْرِ: 2] .
(1)
ن، م، س: فِيهِ.

(2)
ن، س، ب: وَقَدْ.

(3)
ن، م: لَمْ يَقْتُلْهُمْ، وَفِيهِ قَالَ تَعَالَى. .





قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ نَقْضَهُمُ الْعَهْدَ، وَأَنَّهُمْ أَرَادُوا قَتْلَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ إِلَيْهِمْ يَسْتَعِينُ بِهِمْ فِي دِيَةِ الْقَتِيلَيْنِ اللَّذَيْنِ قَتَلَهُمَا عَمْرُو بْنُ أُمَيَّةَ، قَالَ [1] : "«فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ وَبِالتَّهَيُّؤِ لِحَرْبِهِمْ [2] وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَةِ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ» فِيمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ [3] . وَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ [4]" .
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: "فَتَحَصَّنُوا فِي الْحُصُونِ، «فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَطْعِ النَّخِيلِ وَالتَّحْرِيقِ فِيهَا، فَنَادَوْهُ: أَيْ مُحَمَّدُ [5] قَدْ كُنْتَ تَنْهَى عَنِ الْفَسَادِ، وَتَعِيبُهُ عَلَى مَنْ صَنَعَهُ، فَمَا بَالُ قَطْعِ النَّخِيلِ وَتَحْرِيقِهَا؟ !»" .
قَالَ [6] : "وَقَدْ كَانَ رَهْطٌ مِنْ بَنِي عَوْفِ بْنِ الْخَزْرَجِ قَدْ بَعَثُوا [7] إِلَى بَنِي النَّضِيرِ: أَنِ اثْبُتُوا وَتَمَنَّعُوا ; فَإِنَّا لَنْ نُسْلِمَكُمْ، إِنْ قُوتِلْتُمْ قَاتَلْنَا مَعَكُمْ، وَإِنْ خَرَجْتُمْ خَرَجْنَا مَعَكُمْ. فَتَرَبَّصُوا ذَلِكَ مِنْ نَصْرِهِمْ [8] ، فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَقَذَفَ اللَّهُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ، وَسَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ [9] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ"
(1)
ابْنُ هِشَامٍ 3/200.

(2)
ابْنُ هِشَامٍ: وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالتَّهَيُّؤِ لِحَرْبِهِمْ وَالسَّيْرِ إِلَيْهِمْ.

(3)
(3 - 3) كَذَا فِي ابْنِ هِشَامٍ نُسْخَةُ أ. وَفِي الْمُثْبَتِ فِيهَا: قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَاسْتَعْمَلَ. . إِلَخْ.

(4)
ابْنُ هِشَامٍ: "قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَذَلِكَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَحَاصَرَهُمْ سِتَّ لَيَالٍ، وَنَزَلَ تَحْرِيمُ الْخَمْرِ" .

(5)
ابْنُ هِشَامٍ: أَنْ يَا مُحَمَّدُ.

(6)
بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً.

(7)
ابْنُ هِشَامٍ:. . الْخَزْرَجِ مِنْهُمْ عَدُوُّ اللَّهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَوَدِيعَةُ وَمَالِكُ بْنُ أَبِي قَوْقَلٍ، وَسُوَيْدٌ وَدَاعِسٌ، قَدْ بَعَثُوا. .

(8)
ب: فَتَرَبَّصُوا مِنْ ذَلِكَ نَصْرَهُمْ.

(9)
س، ب: الرَّسُولَ.





يُجْلِيَهُمْ [1] وَيَكُفَّ عَنْ دِمَائِهِمْ، عَلَى أَنَّ لَهُمْ مَا حَمَلَتِ الْإِبِلُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا الْحَلْقَةَ [2] ، فَفَعَلَ، فَاحْتَمَلُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ مَا اسْتَقَلَّتْ بِهِ الْإِبِلُ، فَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَهْدِمُ بَيْتَهُ عَنْ نِجَافِ بَابِهِ [3] ، فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ بَعِيرِهِ، فَيَنْطَلِقُ بِهِ. فَخَرَجُوا إِلَى خَيْبَرَ، وَمِنْهُمْ مَنْ سَارَ إِلَى الشَّامِ "."
قَالَ [4] : "وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ [5] حُدِّثَ: «أَنَّهُمُ اسْتَقَلُّوا بِالنِّسَاءِ وَالْأَمْوَالِ وَالْأَبْنَاءِ [6] ، مَعَهُمُ الدُّفُوفُ وَالْمَزَامِيرُ، وَالْقَيْنَاتُ [7] يَعْزِفْنَ خَلْفَهُمْ بِزَهْوٍ وَفَخْرٍ [8] مَا رُئِيَ مِثْلُهُ مِنْ حَيٍّ مِنَ النَّاسِ [9] . وَخَلَّوُا الْأَمْوَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً، يَضَعُهَا حَيْثُ يَشَاءُ، فَقَسَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ [10] الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ دُونَ الْأَنْصَارِ، إِلَّا أَنَّ سَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ وَأَبَا دُجَانَةَ [11] ذَكَرَا فَاقَةً وَفَقْرًا، فَأَعْطَاهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»" [12] .
(1)
س، ب: يُخْلِيَهُمْ

(2)
فِي التَّعْلِيقِ عَلَى ابْنِ هِشَامٍ: "الْحَلْقَةُ: السِّلَاحُ كُلُّهُ، أَوْ خَاصٌّ بِالدُّرُوعِ" .

(3)
فِي التَّعْلِيقِ: النِّجَافُ (بِوَزْنِ كِتَابٍ) : الْعَتَبَةُ الَّتِي بِأَعْلَى الْبَابِ "."

(4)
فِي ابْنِ هِشَامٍ بَعْدَ سَطْرَيْنِ: قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ. . .

(5)
س، ب: بِأَنَّهُ.

(6)
وَالْأَمْوَالِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) . وَفِي ابْنِ هِشَامٍ: وَالْأَبْنَاءِ وَالْأَمْوَالِ.

(7)
ابْنُ هِشَامٍ: وَالْقِيَانُ.

(8)
ابْنُ هِشَامٍ: خَلْفَهُمْ وَإِنَّ فِيهِمْ لَأُمَّ عَمْرٍو، صَاحِبَةَ عُرْوَةَ بْنِ الْوَرْدِ الْعَبْسِيِّ، الَّتِي ابْتَاعُوا مِنْهُ، وَكَانَتْ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِي غِفَارٍ، بِزَهَاءٍ وَفَخْرٍ. .

(9)
ابْنُ هِشَامٍ: مِنَ النَّاسِ فِي زَمَانِهِمْ.

(10) ابْنُ هِشَامٍ: عَلَى
(11) ابْنُ هِشَامٍ 3/202 وَأَبَا دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ.
(12) ابْنُ هِشَامٍ: ذَكَرَا فَقْرًا فَأَعْطَاهُمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.




قَالَ [1] : "وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَنِي النَّضِيرِ سُورَةَ [2] \ 8 الْحَشْرِ بِأَسْرِهَا، يَذْكُرُ فِيهَا مَا أَصَابَهُمْ مِنْ نِقْمَةٍ [3] .، وَمَا سَلَّطَ بِهِ رَسُولَهُ عَلَيْهِمْ [4] .، وَمَا عَمِلَ فِيهِمْ [5] ." .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَ [بَنِي] قُرَيْظَةَ [6] . حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَجْلَى بَنِي النَّضِيرِ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنَّ عَلَيْهِمْ، حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ، وَسَبَى نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، وَقَسَّمَ أَنْفَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، إِلَّا بَعْضَهُمْ لَحِقُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّنَهُمْ وَأَسْلَمُوا، وَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ: بَنِي قَيْنُقَاعَ، وَهُمْ قَوْمُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ بِالْمَدِينَةِ» [7] .
(1)
بَعْدَ الْكَلَامِ السَّابِقِ بِسِتَّةِ أَسْطُرٍ.

(2)
ابْنُ هِشَامٍ: وَنَزَلَ فِي بَنِي النَّضِيرِ سُورَةُ. . .

(3)
م: نِعْمَةٍ، ابْنُ هِشَامٍ: نِقْمَتِهِ

(4)
ن، س، ب: وَمَا سَلَّطَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ عَلَيْهِمْ؛ ابْنُ هِشَامٍ: وَمَا سَلَّطَ عَلَيْهِمْ بِهِ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -

(5)
ابْنُ هِشَامٍ: وَمَا عَمِلَ بِهِ فِيهِمْ

(6)
ن، م: وَقُرَيْظَةَ

(7)
الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/88 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ حَدِيثِ بَنِي النَّضِيرِ. . .) ، مُسْلِمٍ 3/1387 - 1388 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ إِجْلَاءِ الْيَهُودِ مِنَ الْحِجَازِ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/214 - 215 (كِتَابُ الْخَرَاجِ وَالْإِمَارَةِ وَالْفَيْءِ، بَابٌ فِي خَبَرِ النَّضِيرِ) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #465  
قديم 26-06-2025, 02:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (465)
صـ 115 إلى صـ 124

[فصل كلام الرافضي وَفِي غَزْوَةِ السِّلْسِلَةِ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ. . . والرد عليه]
(فَصْلٌ) [1]
قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "وَفِي غَزْوَةِ السِّلْسِلَةِ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ الْعَرَبِ قَصَدُوا أَنْ يَكْبِسُوا عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ [3] ، «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ لِلِوَائِي؟ [4] . فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا لَهُ، فَدَفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ، وَضَمَّ إِلَيْهِ سَبْعَمِائَةٍ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهِمْ قَالُوا [5] .: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبِكَ، فَإِنَّا فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، فَرَجَعَ [6] ، فَقَالَ فِي [7] الْيَوْمِ الثَّانِي: مَنْ لِلِوَائِي؟ [8] . فَقَالَ عُمَرُ: أَنَا [9] .، فَدَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ، (* فَفَعَلَ كَالْأَوَّلِ، فَقَالَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ [10] : أَيْنَ عَلِيٌّ؟ فَقَالَ عَلِيٌّ: أَنَا ذَا [11] يَا رَسُولَ اللَّهِ،"
(1)
فَصْلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(2)
فِي (ك) ص. 184 (م) - 185 (م) .

(3)
ك: أَنْ يُبَيِّتُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْمَدِينَةِ.

(4)
ن، م: لِلْوَادِي

(5)
ك: قَالُوا لَهُ

(6)
فِي هَامِشِ (ك) : "خَوْفًا مِنَ الْهَلَاكِ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) ."

(7)
ك: فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي. . .

(8)
ن، م: لِلْوَادِي

(9)
ك: أَنَا لَهُ

(10) ك: فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ.
(11) ك: أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَا ذَا. . .





فَدَفَعَ إِلَيْهِ الرَّايَةَ» *) [1] ، وَمَضَى إِلَى الْقَوْمِ، وَلَقِيَهُمْ [2] بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ سِتَّةً أَوْ سَبْعَةً، وَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، وَأَقْسَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِفِعْلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} السُّورَةَ [3] . [سُورَةُ الْعَادِيَاتِ: 1] "."
فَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ لَهُ: أَجْهَلُ النَّاسِ يَقُولُ لَكَ: بَيِّنْ لَنَا سَنَدَ هَذَا، حَتَّى نَثْبُتَ أَنَّ هَذَا نَقْلٌ صَحِيحٌ. وَالْعَالِمُ يَقُولُ لَهُ [4] .: إِنَّ هَذِهِ الْغَزَاةَ - وَمَا ذُكِرَ فِيهَا - مِنْ جِنْسِ الْكَذِبِ الَّذِي يَحْكِيهِ الطُّرُقِيَّةُ، الَّذِينَ يَحْكُونَ الْأَكَاذِيبَ الْكَثِيرَةَ مِنْ سِيرَةِ عَنْتَرَةَ وَالْبَطَّالِ، وَإِنْ كَانَ عَنْتَرَةُ لَهُ سِيرَةٌ مُخْتَصَرَةٌ، وَالْبَطَّالُ لَهُ سِيرَةٌ يَسِيرَةٌ، وَهِيَ مَا جَرَى لَهُ فِي دَوْلَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَغَزْوَةِ الرُّومِ، لَكِنْ وَلَّدَهَا الْكَذَّابُونَ حَتَّى صَارَتْ مُجَلَّدَاتٍ، وَحِكَايَاتِ الشُّطَّارِ، كَأَحْمَدَ الدَّنِفِ وَالزَّيْبَقِ الْمِصْرِيِّ، وَصَارُوا يَحْكُونَ حِكَايَاتٍ يَخْتَلِقُونَهَا عَنِ الرَّشِيدِ وَجَعْفَرٍ، فَهَذِهِ الْغَزَاةُ مِنْ جَنْسِ هَذِهِ الْحِكَايَاتِ، لَمْ يُعْرَفْ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَغَازِي وَالسِّيَرِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ ذِكْرُ هَذِهِ الْغَزَاةِ، وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَئِمَّةُ هَذَا الْفَنِّ فِيهِ، كَمُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ إِسْحَاقَ وَشُيُوخِهِ، وَالْوَاقِدِيِّ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأُمَوِيِّ [5] .، وَالْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَائِذٍ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَا لَهَا ذِكْرٌ فِي الْحَدِيثِ، وَلَا نَزَلَ فِيهَا شَيْءٌ مِنَ الْقُرْآنِ.
(1)
: مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) وَجَاءَتْ هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا بَعْدَ ذَلِكَ.

(2)
ك: فَلَقِيَهُمْ

(3)
السُّورَةَ: لَيْسَتْ فِي (ك)

(4)
ب: لَكَ

(5)
فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: وَسَعِيدِ بْنِ يَحْيَى الْأُمْوَرِيِّ. وَانْظُرْ مَا سَبَقَ ص 95 مِنْ هَذَا الْجُزْءِ





وَبِالْجُمْلَةِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا سِيَّمَا غَزَوَاتُ الْقِتَالِ - مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ، مَضْبُوطَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِأَحْوَالِهِ، مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ، وَالتَّفْسِيرِ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَهِيَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا، فَيَمْتَنِعُ - عَادَةً وَشَرْعًا - أَنْ يَكُونَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَزَاةٌ يَجْرِي فِيهَا مِثْلُ هَذِهِ الْأُمُورِ لَا يَنْقُلُهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِذَلِكَ، كَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ قَدْ فُرِضَ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ أَكْثَرُ مِنْ خَمْسِ صَلَوَاتٍ، أَوْ فُرِضَ فِي الْعَامِ أَكْثَرُ مِنْ صَوْمِ [1] . شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ، وَكَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَكُونَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ غَزَا الْفُرْسَ بِالْعِرَاقِ، وَذَهَبَ إِلَى الْيَمَنِ، وَلَمْ يَنْقُلْ ذَلِكَ أَحَدٌ، وَكَمَا يَمْتَنِعُ أَمْثَالُ ذَلِكَ مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا.
وَسُورَةُ "وَالْعَادِيَاتِ" فِيهَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ، وَهَذَا يُرْوَى عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعِكْرِمَةَ، وَعَطَاءٍ وَغَيْرِهِمْ، فَعَلَى هَذَا يَظْهَرُ كَذِبُ هَذَا الْقَوْلِ. وَالثَّانِي: أَنَّهَا نَزَلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةَ، وَهَذَا الْقَوْلُ يُنَاسِبُ قَوْلَ مَنْ فَسَّرَ "الْعَادِيَاتِ" بِخَيْلِ الْمُجَاهِدِينَ، لَكِنَّ الْمَشْهُورَ عَنْ عَلِيٍّ، الْمَنْقُولَ عَنْهُ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ، أَنَّهُ كَانَ يُفَسِّرُ "الْعَادِيَاتِ" بِإِبِلِ الْحُجَّاجِ وَعَدْوِهَا مِنْ مُزْدَلِفَةَ إِلَى مِنًى. وَهَذَا يُوَافِقُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ; فَيَكُونُ عَلَى مَا قَالَهُ عَلِيٌّ يُكَذِّبُ هَذَا الْقَوْلَ. وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْأَكْثَرُ يُفَسِّرُونَهَا بِالْخَيْلِ الْعَادِيَاتِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ [2] 208. .
(1)
صَوْمِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(2)
ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ 8/486 أَنَّ عَلِيًّا وَعَبْدَ اللَّهِ فَسَّرَا "الْعَادِيَاتِ" بِأَنَّهَا الْإِبِلُ وَفَسَّرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهَا الْخَيْلُ، فَبَلَغَ عَلِيًّا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: مَا كَانَتْ لَنَا خَيْلٌ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ إِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي سَرِيَّةٍ بُعِثَتْ، ثُمَّ نَقَلَ ابْنُ كَثِيرٍ عَنِ ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنِ جَرِيرٍ الْخَبَرَ مُفَصَّلًا 8/486 - 487 وَفِي آخِرِهِ: "قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَنَزَعْتُ عَنْ قَوْلِي وَرَجَعْتُ إِلَى الَّذِي قَالَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -" . وَانْظُرْ 8/487 زَادَ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ 9/206 -





وَأَيْضًا: فَفِي هَذِهِ الْغَزَاةِ أَنَّ الْكُفَّارَ نَصَحُوا الْمُسْلِمِينَ، وَقَالُوا لِأَبِي بَكْرٍ: ارْجِعْ إِلَى صَاحِبِكَ ; فَإِنَّا فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا خِلَافُ عَادَةِ الْكُفَّارِ الْمُحَارِبِينَ.
وَأَيْضًا فَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ لَمْ يَنْهَزِمَا قَطُّ، وَمَا يَنْقُلُهُ بَعْضُ الْكَذَّابِينَ مِنَ انْهِزَامِهِمَا يَوْمَ حُنَيْنٍ، فَهُوَ مِنَ الْكَذِبِ الْمُفْتَرَى.
فَلَمْ يَقْصِدْ أَحَدٌ الْمَدِينَةَ إِلَّا يَوْمَ الْخَنْدَقِ وَأُحُدٍ، وَلَمْ يَقْرُبْ أَحَدٌ مِنَ الْعَدُوِّ الْمَدِينَةَ لِلْقِتَالِ إِلَّا فِي هَاتَيْنِ الْغَزَاتَيْنِ [1] . .
وَفِي غَزْوَةِ الْغَابَةِ أَغَارَ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى سَرْحِ [2] . الْمَدِينَةِ.
وَأَمَّا مَا ذُكِرَ فِي غَزْوَةِ السِّلْسِلَةِ، فَهُوَ مِنَ الْكَذِبِ الظَّاهِرِ الَّذِي لَا يَذْكُرُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَكْذَبِهِمْ.
وَأَمَّا غَزْوَةُ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَتِلْكَ سَرِيَّةٌ بَعَثَ فِيهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ أَمِيرًا فِيهَا ; لِأَنَّ الْمَقْصُودِينَ كَانُوا بَنِي عُذْرَةَ [3] .، وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَرَابَةٌ ; فَأَرْسَلَهُ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يُسْلِمُونَ، ثُمَّ أَرْدَفَهُ بِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَلَيْسَ لِعَلِيٍّ فِيهَا ذِكْرٌ، وَكَانَتْ قَرِيبًا مِنَ الشَّامِ بَعِيدَةً مِنَ الْمَدِينَةِ، وَفِيهَا احْتَلَمَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ فِي لَيْلَةٍ بَارِدَةٍ فَتَيَمَّمَ وَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ، فَلَمَّا أَخْبَرُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ:
(1)
م: الْحَرْبَتَيْنِ

(2)
ن، م: سَرَاحِ

(3)
م: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ كَانَ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ، ب: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا كَانُوا بَنِي عُذْرَةَ





"«يَا عَمْرُ: أَصَلَّيْتَ [1] . بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟" قَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 29] ، فَأَقَرَّهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى فِعْلِهِ وَلَمْ يُنْكِرْهُ ; لَمَّا بَيَّنَ لَهُ عُذْرَهُ» [2] . .
وَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ هَلْ قَوْلُهُ: أَصَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟ اسْتِفْهَامٌ، أَيْ: هَلْ صَلَّيْتَ مَعَ الْجَنَابَةِ، فَلَمَّا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَطَهَّرَ بِالتَّيَمُّمِ وَلَمْ يَكُنْ جُنُبًا أَقَرَّهُ، أَوْ هُوَ إِخْبَارٌ بِأَنَّهُ جُنُبٌ، وَالتَّيَمُّمُ يُبِيحُ الصَّلَاةَ، وَكَانَ يَرْفَعُ [3] . الْجَنَابَةَ، عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَظْهَرُ.
[فصل كلام الرافضي على شجاعة علي رضي الله عنه في غزوة بني المصطلق والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] .: "«وَقَتَلَ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ مَالِكًا وَابْنَهُ، وَسَبَى كَثِيرًا، مَنْ جُمْلَتِهِمْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ، فَاصْطَفَاهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَاءَهَا [5] . أَبُوهَا فِي ذَلِكَ"
(1)
م، س، ب: صَلَّيْتَ

(2)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 1/141 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ إِذَا خَافَ الْجُنُبُ الْبَرْدَ أَيَتَيَمَّمُ؟) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/203 - 204، الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 1/177. وَقَالَ الْحَاكِمُ: "صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ" وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ، وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي إِرْوَاءِ الْغَلِيلِ 1/181 - 183، وَاسْتَدْرَكَ عَلَى الْحَاكِمِ وَالذَّهَبِيِّ وَقَالَ: إِنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ فَقَطْ

(3)
ن، س، ب: وَلَا يَرْفَعُ

(4)
فِي (ك) ص 185 (م)

(5)
ك: فَجَاءَ





الْيَوْمِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: ابْنَتِي [1] . كَرِيمَةٌ لَا تُسْبَى [2] .، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يُخَيِّرَهَا [3] .، فَقَالَ: أَحْسَنْتَ وَأَجْمَلْتَ، ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّةُ لَا تَفْضَحِي قَوْمَكِ، قَالَتِ: اخْتَرْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ» "[4] -. ."
وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَوَّلًا: لَا بُدَّ مِنْ [بَيَانِ] [5] . إِسْنَادِ كُلِّ مَا يُحْتَجُّ بِهِ مِنَ الْمَنْقُولِ، أَوْ عَزْوِهِ إِلَى كِتَابٍ تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ. [وَإِلَّا] [6] . فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ أَنَّ هَذَا وَقَعَ؟ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ يَعْرِفُ السِّيرَةَ: هَذَا كُلُّهُ مِنَ الْكَذِبِ، مِنْ أَخْبَارِ الرَّافِضَةِ الَّتِي يَخْتَلِقُونَهَا ; فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ أَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ هَذَا فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَلَا سَبَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتَ الْحَارِثِ، وَهِيَ لَمَّا سُبِيَتْ كَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا، فَأَدَّى عَنْهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعُتِقَتْ مِنَ الْكِتَابَةِ، وَأَعْتَقَ النَّاسُ السَّبْيَ لِأَجْلِهَا، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَقْدَمْ أَبُوهَا أَصْلًا وَلَا خَيَّرَهَا.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَائِشَةَ [7] . قَالَتْ: «وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ
(1)
ابْنَتِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(2)
ك: وَلَا تُسْبَى

(3)
ك: فَأَمَرَهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِأَنْ يُخَيِّرَهَا، وَفِي هَامِشِ (ك) : بَيْنَ الْكُفْرِ وَالْإِسْلَامِ، فَاخْتَارَتِ الْإِسْلَامَ

(4)
ك: فَقَالَتِ: اخْتَرْتُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ

(5)
بَيَانِ: زِيَادَةٌ فِي (م)

(6)
وَإِلَّا: زِيَادَةٌ فِي (ب)

(7)
الْحَدِيثُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - فِي: سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/30 (كِتَابُ الْعِتْقِ، بَابٌ فِي بَيْعِ الْمُكَاتَبِ إِذَا فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/277





الْمُصْطَلِقِ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، (* [أَوِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ] [1] .، فَكَاتَبَتْ عَلَى نَفْسِهَا، وَكَانَتِ امْرَأَةً مَلَّاحَةً لَهَا فِي الْعَيْنِ حَظٌّ [2] [تَأْخُذُهَا الْعَيْنُ. قَالَتْ عَائِشَةُ] [3] .: فَجَاءَتْ تَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي كِتَابَتِهَا، فَلَمَّا قَامَتْ عَلَى الْبَابِ فَرَأَيْتُهَا كَرِهْتُ مَكَانَهَا، وَعَرَفْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَيَرَى مِنْهَا مِثْلَ الَّذِي رَأَيْتُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ، وَإِنَّهُ كَانَ [4] مِنْ أَمْرِي مَا لَا يَخْفَى عَلَيْكَ، وَإِنِّي وَقَعْتُ فِي سَهْمِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ *) [5] .، وَإِنِّي كَاتَبْتُ عَلَى نَفْسِي، وَجِئْتُكَ تُعِينُنِي [6] . فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "فَهَلْ لَكِ فِيمَا هُوَ خَيْرٌ لَكِ؟" قَالَتْ: وَمَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "أُؤَدِّي عَنْكِ كِتَابَتَكِ وَأَتَزَوَّجُكِ" قَالَتْ: قَدْ فَعَلْتُ. فَلَمَّا تَسَامَعَ النَّاسُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ تَزَوَّجَ جُوَيْرِيَةَ أَرْسَلُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ السَّبْيِ وَأَعْتَقُوهُمْ، وَقَالُوا: أَصْهَارُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَتْ: فَمَا رَأَيْنَا [امْرَأَةً] [7] . كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا ;
(1)
عِبَارَةُ "أَوِ ابْنِ عَمٍّ لَهُ" فِي (ب) فَقَطْ، وَهِيَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ

(2)
عِبَارَةُ "لَهَا فِي الْعَيْنِ حَظٌّ" سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) ، وَهِيَ لَيْسَتْ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ وَلَا فِي الْمُسْنَدِ.

(3)
عِبَارَةُ "تَأْخُذُهَا الْعَيْنُ. قَالَتْ عَائِشَةُ فِي (ب) فَقَطْ وَهِيَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ"

(4)
ب: وَأَنَا كَانَ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: وَإِنَّمَا كَانَ. .

(5)
: مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س)

(6)
ب: وَجِئْتُ تُعِينُنِي، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: فَجِئْتُكَ أَسْأَلُكَ فِي كِتَابَتِي.

(7)
امْرَأَةً: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) وَهِيَ فِي (ب) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ





أُعْتِقَ فِي سَبَبِهَا [1] . أَكْثَرُ مِنْ مِائَةِ أَهْلِ بَيْتٍ مِنْ بَنِي الْمُصْطَلِقِ» [2] .
[فصل كلام الرافضي على شجاعة علي رضي الله عنه في غزوة خيبر والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "وَفِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ [4] . كَانَ الْفَتْحُ فِيهَا عَلَى يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَدَفَعَ الرَّايَةَ [5] . إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَانْهَزَمَ، ثُمَّ إِلَى عُمَرَ فَانْهَزَمَ، ثُمَّ إِلَى عَلِيٍّ وَكَانَ أَرْمَدَ [6] .، فَتَفَلَ فِي عَيْنَيْهِ [7] .، وَخَرَجَ فَقَتَلَ مَرْحَبًا، فَانْهَزَمَ الْبَاقُونَ، وَغَلَّقُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ، فَعَالَجَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ فَقَلَعَهُ، وَجَعَلَهُ [8] . جِسْرًا عَلَى الْخَنْدَقِ، وَكَانَ الْبَابُ يُغْلِقُهُ عِشْرُونَ رَجُلًا، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ الْحِصْنَ وَنَالُوا الْغَنَائِمَ، وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَاللَّهِ مَا قَلَعَهُ بِقُوَّةِ خَمْسِمِائَةِ رَجُلٍ وَلَكِنْ بِقُوَّةٍ"
(1)
ن، م: فِي سَبْيِهَا وَالْمُثْبَتُ مِنْ (س) ، (ب) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ

(2)
جَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي: ابْنِ هِشَامٍ 3/307 - 308، زَادِ الْمَعَادِ (وَاسْمُ الْغَزْوَةِ فِيهِ: غَزْوَةُ الْمُرَيْسِيعِ، وَقَالَ الْأُسْتَاذَانِ الْمُحَقِّقَانِ: "هُوَ مَاءٌ لِبَنِي خُزَاعَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْفُرْعِ (مَوْضِعٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَدِينَةِ) مَسِيرَةُ يَوْمٍ، وَتُسَمَّى غَزْوَةَ بَنِي الْمُصْطَلِقِ، وَهُوَ لَقَبٌ لِجُذَيْمَةَ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمْرٍو، بَطْنٍ مِنْ بَنِي خُزَاعَةَ" . ثُمَّ قَالَ الْمُحَقِّقَانِ عَنِ الْحَدِيثِ: "وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ" . وَجَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي: الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ لِابْنِ كَثِيرٍ 4/158 - 159 طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 2/64، تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ 2/610، 3/165.

(3)
فِي (ك) ص 185 (م) - 186 (م) .

(4)
ك: غَزَاةِ

(5)
س، ب: وَدَفَعَ الرَّايَةَ فِيهَا

(6)
ك: وَكَانَ أَرَمَدَ الْعَيْنِ

(7)
م: عَيْنِهِ

(8)
ن، س، ب: وَجَعَلَ





رَبَّانِيَّةٍ [1] .، وَكَانَ فَتْحُ مَكَّةَ بِوَاسِطَتِهِ "."
وَالْجَوَابُ: بَعْدَ أَنْ يُقَالَ: لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [2] .، أَنْ يُقَالَ: مَنْ ذَكَرَ هَذَا مِنْ عُلَمَاءِ النَّقْلِ؟ وَأَيْنَ إِسْنَادُهُ وَصِحَّتُهُ؟ وَهُوَ مِنَ الْكَذِبِ ; فَإِنَّ خَيْبَرَ لَمْ تُفْتَحْ كُلُّهَا فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، بَلْ كَانَتْ حُصُونًا مُتَفَرِّقَةً، بَعْضُهَا فُتِحَ عَنْوَةً، وَبَعْضُهَا فُتِحَ صُلْحًا، ثُمَّ كَتَمُوا مَا صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَصَارُوا مُحَارِبِينَ، وَلَمْ يَنْهَزِمْ فِيهَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا اقْتَلَعَ بَابَ الْحِصْنِ، وَأَمَّا جَعْلُهُ جِسْرًا فَلَا.
وَقَوْلُهُ: "كَانَ فَتْحُ مَكَّةَ بِوَاسِطَتِهِ" .
مِنَ الْكَذِبِ أَيْضًا ; فَإِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ لَهُ فِي فَتْحِ مَكَّةَ أَثَرٌ أَصْلًا، إِلَّا كَمَا لِغَيْرِهِ مِمَّنْ شَهِدَ الْفَتْحَ.
وَالْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ تَتَضَمَّنُ هَذَا. وَقَدْ عَزَمَ عَلِيٌّ عَلَى قَتْلِ حَمْوَيْنِ لِأُخْتِهِ أَجَارَتْهُمَا أُخْتُهُ أُمُّ هَانِئٍ، فَأَجَارَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَجَارَتْ. وَقَدْ هَمَّ بِتَزَوُّجِ [3] . بِنْتِ أَبِي جَهْلٍ، حَتَّى غَضِبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَكَهُ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ [4] . عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ [5] : كُنَّا يَوْمَ الْفَتْحِ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَعَلَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُسْرَى،
(1)
ك: وَاللَّهِ مَا قَلَعْتُ بَابَ خَيْبَرَ بِقُوَّةٍ جُسْمَانِيَّةٍ بَلْ بِقُوَّةٍ رَبَّانِيَّةٍ

(2)
م: الْكَذَّابِينَ

(3)
ن، س، ب: بِتَزْوِيجِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(4)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ، وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ. انْظُرِ الْبُخَارِيَّ 5/145 - 153

(5)
الْحَدِيثُ فِي: مُسْلِمٍ 3/1407 - 1408 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ فَتْحِ مَكَّةَ) .





وَجَعَلَ الزُّبَيْرَ عَلَى الْمُجَنِّبَةِ الْيُمْنَى [1] .، وَجَعَلَ أَبَا عُبَيْدَةَ عَلَى الْبَيَاذِقَةِ [2] ". وَبَطْنِ الْوَادِي. فَقَالَ:" «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ادْعُ لِيَ الْأَنْصَارَ» "، فَجَاءُوا [3] يُهَرْوِلُونَ، فَقَالَ:" «يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ: هَلْ تَرَوْنَ أَوْبَاشَ قُرَيْشٍ؟» "قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ:" «انْظُرُوا إِذَا لَقِيتُمُوهُمْ غَدًا أَنْ تَحْصُدُوهُمْ حَصْدًا» "وَأَحْفَى [4]" . بِيَدِهِ، وَوَضَعَ يَمِينَهُ عَلَى شِمَالِهِ، وَقَالَ: "«مَوْعِدُكُمُ الصَّفَا»" فَمَا أَشْرَفَ يَوْمَئِذٍ [لَهُمْ] [5] . أَحَدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ [6] ". . قَالَ: فَصَعِدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الصَّفَا، وَجَاءَتِ الْأَنْصَارُ، فَأَطَافُوا بِالصَّفَا، فَجَاءَ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أُبِيدَتْ خَضْرَاءُ قُرَيْشٍ، لَا قُرَيْشَ بَعْدَ الْيَوْمِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" «مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَلْقَى السِّلَاحَ فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ فَهُوَ آمِنٌ» "."
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ [7] . مِنْ حَدِيثِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: "لَمَّا سَارَ رَسُولُ"
(1)
الْمُجَنِّبَتَانِ: هُمَا الْمَيْمَنَةُ وَالْمَيْسَرَةُ، وَيَكُونُ الْقَلْبُ بَيْنَهُمَا

(2)
ن، م، س: السَّاقَةِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ "وَفِي التَّعْلِيقِ:" عَلَى الْبَيَاذِقَةِ هُمُ الرَّجَّالَةُ. وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ. . . قِيلَ: سُمُّوا بِذَلِكَ لِخِفَّتِهِمْ وَسُرْعَةِ حَرَكَتِهِمْ

(3)
مُسْلِمٌ: فَدَعَوْتُهُمْ فَجَاءُوا. . .

(4)
ن، م، س: وَأَكْفَى. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) . وَفِي "مُسْلِمٍ" : أَخْفَى، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي شَرْحِ النَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ 12/132 (وَلَمْ يَشْرَحْهَا النَّوَوِيُّ) وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ فِي غَرِيبِ الْحَدِيثِ ":" وَمِنْهُ حَدِيثُ الْفَتْحِ: أَنْ تَحْصُدُوهُمْ حَصْدًا، وَأَحْفَى بِيَدِهِ أَيْ أَمَالَهَا، وَصْفًا لِلْحَصْدِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي الْقَتْلِ

(5)
لَهُمْ: فِي (ب) فَقَطْ، وَهِيَ فِي مُسْلِمٍ

(6)
قَالَ النَّوَوِيُّ 12/132: "أَيْ مَا ظَهَرَ لَهُمْ أَحَدٌ إِلَّا قَتَلُوهُ فَوَقَعَ إِلَى الْأَرْضِ، أَوْ يَكُونُ بِمَعْنَى: أَسْكَنُوهُ بِالْقَتْلِ كَالنَّائِمِ"

(7)
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: كَذَا فِي جَمِيعِ النُّسَخِ. وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي مُسْلِمٍ، وَهُوَ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/146 - 147 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ أَيْنَ رَكَزَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الرَّايَةَ يَوْمَ الْفَتْحِ) وَهُوَ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي فَتْحِ الْبَارِي 8/6: عَنْ هِشَامٍ (هُوَ ابْنُ عُرْوَةَ) عَنْ أَبِيهِ. . . هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُرْسَلًا، وَلَمْ أَرَهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْ عُرْوَةَ مَوْصُولًا، وَمَقْصُودُ الْبُخَارِيِّ مِنْهُ مَا تَرْجَمَ بِهِ وَهُوَ آخِرُ الْحَدِيثِ، فَإِنَّهُ مَوْصُولٌ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #466  
قديم 26-06-2025, 03:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله



اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَامَ الْفَتْحِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ قُرَيْشًا، خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ، وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ، وَبُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ يَلْتَمِسُونَ الْخَبَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَقْبَلُوا يَسِيرُونَ حَتَّى أَتَوْا مَرَّ الظَّهْرَانِ، فَإِذَا هُمْ بِنِيرَانٍ كَأَنَّهَا نِيرَانُ عَرَفَةَ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: مَا هَذِهِ، لَكَأَنَّهَا [1] نِيرَانُ عَرَفَةَ؟ فَقَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو. فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: عَمْرٌو أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ. فَرَآهُمْ نَاسٌ مِنْ حَرَسِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَدْرَكُوهُمْ، فَأَخَذُوهُمْ، فَأَتَوْا بِهِمْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ أَبُو سُفْيَانَ. فَلَمَّا سَارَ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: "«أَمْسِكْ [2] . أَبَا سُفْيَانَ عِنْدَ خَطْمِ الْجَبَلِ [3] . حَتَّى يَنْظُرَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ»" فَحَبَسَهُ الْعَبَّاسُ، فَجَعَلَتِ الْقَبَائِلُ تَمُرُّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتِيبَةً كَتِيبَةً [4] . عَلَى أَبِي سُفْيَانَ، فَمَرَّتْ كَتِيبَةٌ، فَقَالَ: يَا عَبَّاسُ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: [هَذِهِ] [5] . غِفَارٌ. قَالَ: مَالِي وَلِغِفَارٍ؟ ثُمَّ مَرَّتْ جُهَيْنَةُ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ [6] . ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ، فَقَالَ
(1)
م: فَكَأَنَّهَا

(2)
الْبُخَارِيُّ 5/147: احْبِسْ

(3)
قَالَ ابْنُ حَجَرٍ (فَتْحِ الْبَارِي 8/8) : "أَيْ أَنْفِ الْجَبَلِ"

(4)
م: كَتِيبَةً بَعْدَ كَتِيبَةٍ

(5)
هَذِهِ: فِي (ب) فَقَطْ. وَهِيَ فِي "الْبُخَارِيِّ"

(6)
: عِبَارَةُ "ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هُذَيْمٍ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ" سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . وَفِي (ن) ، (م) : ثُمَّ مَرَّتْ سَعْدُ بْنُ هِنْدٍ. . . . وَالْمُثْبَتُ مِنَ "الْبُخَارِيِّ"






مِثْلَ ذَلِكَ. ثُمَّ مَرَّتْ سُلَيْمٌ، فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، حَتَّى أَقْبَلَتْ كَتِيبَةٌ لَمْ يَرَ مِثْلَهَا. قَالَ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: الْأَنْصَارُ [1] عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، مَعَهُ الرَّايَةُ. فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: يَا أَبَا سُفْيَانَ الْيَوْمَ يَوْمُ الْمَلْحَمَةِ، الْيَوْمَ تُسْتَحَلُّ الْكَعْبَةُ، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: يَا عَبَّاسُ حَبَّذَا [2] يَوْمُ الذِّمَارِ [3] .، ثُمَّ جَاءَتْ كَتِيبَةٌ، وَهِيَ أَقَلُّ الْكَتَائِبِ، فِيهِمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَصْحَابُهُ، وَرَايَةُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا مَرَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَبِي سُفْيَانَ قَالَ: أَلَمْ تَعْلَمْ مَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ؟ قَالَ: "«وَمَا قَالَ» ؟ قَالَ: قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ:" «كَذَبَ سَعْدٌ، وَلَكِنْ هَذَا يَوْمٌ يُعَظِّمُ اللَّهُ فِيهِ الْكَعْبَةَ [4] وَيَوْمٌ تُكْسَى فِيهِ الْكَعْبَةُ "ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تُرْكَزَ رَايَتُهُ بِالْحَجُونِ» ."
[فصل كلام الرافضي على شجاعة علي رضي الله عنه يوم حنين والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [5] .: "وَفِي غَزَاةِ [6] . حُنَيْنٍ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُتَوَجِّهًا [7] فِي عَشَرَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ،"
(1)
الْبُخَارِيُّ: قَالَ مَنْ هَذِهِ؟ قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَنْصَارُ. . . .

(2)
ن، س: هَذَا وَسَقَطَتِ الْكَلِمَةُ مِنْ (م) . وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) ، الْبُخَارِيِّ.

(3)
ن، م، س: الدِّمَاءِ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) ، الْبُخَارِيِّ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ (فَتْحَ الْبَارِي 8/8) : "وَمُرَادُ أَبِي سُفْيَانَ بِقَوْلِهِ: يَوْمُ الذِّمَارِ، وَهُوَ بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ، أَيِ الْهَلَاكِ. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: تَمَنَّى أَبُو سُفْيَانَ أَنْ يَكُونَ لَهُ يَدٌ فَيَحْمِيَ قَوْمَهُ وَيَدْفَعَ عَنْهُمْ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ هَذَا يَوْمُ الْغَضَبِ لِلْحَرِيمِ وَالْأَهْلِ وَالِانْتِصَارِ لَهُمْ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ هَذَا يَوْمٌ يَلْزَمُكَ فِيهِ حِفْظِي وَحِمَايَتِي مِنْ أَنْ يَنَالَنِي مَكْرُوهٌ"

(4)
س، ب: تُعَظَّمُ فِيهِ الْكَعْبَةُ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ن) ، (م) ، الْبُخَارِيِّ.،

(5)
فِي (ك) ص 186 (م)

(6)
س، ب: غَزْوَةِ

(7)
ك: مُتَوَجِّهًا إِلَيْهِمْ فِي. . .






فَعَانَهُمْ [1] . أَبُو بَكْرٍ، وَقَالَ: لَنْ نُغْلَبَ [2] الْيَوْمَ مِنْ كَثْرَةٍ، فَانْهَزَمُوا، وَلَمْ يَبْقَ مَعَ النَّبِيِّ [3] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا [4] تِسْعَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ [يَضْرِبُ] [5] . بَيْنَ يَدَيْهِ بِالسَّيْفِ، وَقَتَلَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا فَانْهَزَمُوا "."
وَالْجَوَابُ: بَعْدَ الْمُطَالَبَةِ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، أَمَّا قَوْلُهُ: "فَعَانَهُمْ أَبُو بَكْرٍ" فَكَذِبٌ [6] . مُفْتَرًى، وَهَذِهِ كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالسِّيَرِ وَالْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ، لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ قَوْلَهُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ عَانَهُمْ. وَاللَّفْظُ الْمَأْثُورُ: لَنْ نُغْلَبَ الْيَوْمَ مِنْ قِلَّةٍ. فَإِنَّهُ [7] قَدْ قِيلَ: إِنَّهُ قَدْ [8] . قَالَهُ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "لَمْ يَبْقَ مَعَهُ إِلَّا تِسْعَةٌ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ" هُوَ كَذِبٌ أَيْضًا.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي "السِّيرَةِ" [9] 86.: "بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَفَرٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَأَهْلِ بَيْتِهِ، وَمِمَّنْ [10] ثَبَتَ مَعَهُ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَمِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ عَلِيٌّ، وَالْعَبَّاسُ [11] ، وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ"
(1)
تَحْتَ كَلِمَةِ "عَانَهُمْ" فِي "ك" كُتِبَ كَلَامٌ بِالْفَارِسِيَّةِ يَبْدُو أَنَّهُ شَرْحٌ لَهَا. وَعَانَهُمْ: أَيْ أَصَابَهُمْ بِالْعَيْنِ وَحَسَدَهُمْ

(2)
ك: لَنْ يَغْلِبُوا. . .

(3)
ن، س، ب: مَعَ رَسُولِ اللَّهِ. .

(4)
ك: غَيْرُ

(5)
يَضْرِبُ: زِيَادَةٌ مِنْ (ك)

(6)
م: فَهُوَ كَذِبٌ

(7)
فَإِنَّهُ: لَيْسَتْ فِي (م) .

(8)
قَدْ: لَيْسَتْ فِي (م)

(9)
ابْنُ هِشَامٍ 4/85 -

(10) ابْنُ هِشَامٍ: وَفِيمَنْ. . .
(11) ابْنُ هِشَامٍ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.





وَابْنُهُ، وَالْفَضْلُ [بْنُ الْعَبَّاسِ] ، وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ [1] .، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ، وَبَعْضُ النَّاسِ يَعُدُّ فِيهِمْ [2] . قُثَمَ بْنَ الْعَبَّاسِ، وَلَا يَعُدُّ ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ "[3] . هَذَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ إِسْحَاقَ."
وَقَوْلُهُ: "إِنَّ عَلِيًّا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ [يَضْرِبُ] [4] . بِالسَّيْفِ، وَإِنَّهُ قَتَلَ أَرْبَعِينَ نَفْسًا" .
فَكُلُّ [5] هَذَا كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ وَالْمَغَازِي وَالسِّيَرِ، وَالَّذِي فِيهَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمُسْلِمِينَ لَمَّا وَافَوْا وَادِيَ حُنَيْنٍ عِنْدَ الْفَجْرِ، وَكَانَ الْقَوْمُ رُمَاةً فَرَمَوْهُمْ رَمْيَةً وَاحِدَةً فَوَلَّوْا، وَكَانَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمُّهُ الْعَبَّاسُ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وَكَانَ شَاعِرًا يَهْجُو النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ فَحَسُنَ إِسْلَامُهُ، فَثَبَتَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ.
قَالَ الْعَبَّاسُ: "لَزِمْتُ أَنَا وَأَبُو سُفْيَانَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ نُفَارِقْهُ" [6] . قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ: "«وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَبَّاسَ أَنْ يُنَادِيَ فِيهِمْ، وَكَانَ الْعَبَّاسُ جَهْوَرِيَّ [7] . الصَّوْتِ، فَنَادَى:"
(1)
ن، م: وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ، وَابْنُهُ الْفَضْلُ، وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ، ب: وَابْنُهُ الْفَضْلُ وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ وَرَبِيعَةُ بْنُ الْحَارِثِ. وَالْمُثْبَتُ مِنَ "ابْنِ هِشَامٍ" وَهُوَ الصَّوَابُ

(2)
ابْنُ هِشَامٍ 4/86: وَأَيْمَنُ بْنُ أُمِّ أَيْمَنَ بْنِ عُبَيْدٍ، قُتِلَ يَوْمَئِذٍ. قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: اسْمُ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ جَعْفَرٌ، وَاسْمُ أَبِي سُفْيَانَ الْمُغِيرَةُ. وَبَعْضُ النَّاسِ يَعُدُّ فِيهِمْ

(3)
ابْنُ هِشَامٍ: وَلَا يَعُدُّ ابْنَ أَبِي سُفْيَانَ

(4)
يَضْرِبُ: زِيَادَةٌ مِنْ (ك)

(5)
ب: كُلُّ

(6)
هَذِهِ الْعِبَارَةُ جُزْءٌ مِنْ حَدِيثِ الْعَبَّاسِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي سَوْفَ أَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ قَلِيلٍ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - (ص 162 ن 4) .

(7)
ن، م، س، جَوْهَرِيَّ، وَهُوَ خَطَأٌ






يَا أَهْلَ الشَّجَرَةِ: يَا أَهْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ: يَعْنِي الشَّجَرَةَ الَّتِي بَايَعُوا تَحْتَهَا، فَذَكَّرَهُمْ بِبَيْعَتِهِ لَهُمْ هُنَاكَ عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا وَعَلَى الْمَوْتِ [1] . [2] [3] . عَلَيْهِ عَطْفَةَ الْبَقَرِ [4] . عَلَى أَوْلَادِهَا، فَقَاتَلُوا حَتَّى انْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ» "، وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ فَرَمَى بِهَا الْقَوْمَ، وَقَالَ:" «انْهَزَمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ» "[5] . ."
وَكَانَ عَلَى بَغْلَتِهِ وَهُوَ يَقُولُ:
«
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
»
وَهَذَا مَا رَوَاهُ أَهْلُ الصَّحِيحَيْنِ [6] . .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ الْبَرَاءِ، وَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: أَكُنْتُمْ وَلَّيْتُمْ يَوْمَ حُنَيْنٍ يَا أَبَا عُمَارَةَ؟ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا وَلَّى، وَلَكِنَّهُ انْطَلَقَ أَخِفَّاءُ مِنَ النَّاسِ، وَحُسَّرٌ [7] إِلَى هَذَا الْحَيِّ مِنْ هَوَازِنَ، وَهُمْ
(1)
م: عَلَى أَنْ لَا يَفِرُّوا عَلَى الْمَوْتِ

(2)
، فَتَنَادَوْا: يَا لَبَّيْكَ، وَعَطَفُوا

(3)
س، ب: فَعَطَفُوا

(4)
س، ب: الْبَقَرَةِ

(5)
الْحَدِيثُ عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - فِي مُسْلِمٍ 3/1398 - 1400 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 3/208 - 210، الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 3/327 - 328. وَالْحَدِيثُ لَيْسَ فِي الْبُخَارِيِّ وَإِنَّمَا فِي الْبُخَارِيِّ حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -

(6)
تَفْصِيلُ هَذَا الْحَدِيثِ يَأْتِي فِي الْكَلَامِ التَّالِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ -

(7)
أَيِ انْطَلَقَ نَفَرٌ مِنَ النَّاسِ خِفَافًا لَا سِلَاحَ مَعَهُمْ. قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي "النِّهَايَةِ" 2/307: "خِفَافُهُمْ وَأَخِفَّاؤُهُمْ وَهُمَا جَمْعُ خَفِيفٍ" وَقَالَ: "حُسَّرًا: وَهُمُ الَّذِينَ لَا مَتَاعَ مَعَهُمْ وَلَا سِلَاحَ" وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ 12/118 "الْحَاسِرُ مَنْ لَا دِرْعَ عَلَيْهِ" .






قَوْمٌ رُمَاةٌ، فَرَمَوْهُمْ بِرِشْقٍ [1] "مِنْ نَبْلٍ، كَأَنَّهَا رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ [2] .، فَانْكَشَفُوا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ يَقُودُ بَغْلَتَهُ، فَنَزَلَ، وَدَعَا، وَاسْتَنْصَرَ وَهُوَ يَقُولُ: «"
أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ
، اللَّهُمَّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ» ". قَالَ الْبَرَاءُ: وَكُنَّا إِذَا احْمَرَّ الْبَأْسُ نَتَّقِي بِهِ، وَكَانَ الشُّجَاعُ مِنَّا الَّذِي يُحَاذِي بِهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3] ."
وَفِي حَدِيثِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ «لَمَّا غَشُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ عَنِ الْبَغْلَةِ، ثُمَّ قَبَضَ قَبْضَةً مِنْ تُرَابِ الْأَرْضِ، وَاسْتَقْبَلَ بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَقَالَ: "شَاهَتِ الْوُجُوهُ" [4] . فَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْهُمْ إِنْسَانًا إِلَّا مَلَأَ عَيْنَيْهِ تُرَابًا بِتِلْكَ الْقَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ، فَهَزَمَهُمْ [5] . اللَّهُ، وَقَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ
(1)
قَالَ النَّوَوِيُّ 12/118: "وَأَمَّا الرِّشْقُ بِالْكَسْرِ فَهُوَ اسْمٌ لِلسِّهَامِ الَّتِي تَرْمِيهَا الْجَمَاعَةُ دُفْعَةً وَاحِدَةً."

(2)
قَالَ النَّوَوِيُّ 12/120: "يَعْنِي كَأَنَّهَا قِطْعَةٌ مِنْ جَرَادٍ، وَكَأَنَّهَا شُبِّهَتْ بِرِجْلِ الْحَيَوَانِ لِكَوْنِهَا قِطْعَةً مِنْهُ"

(3)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 3/1400 - 1401 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ) وَأَوْرَدَ الْبُخَارِيُّ الْحَدِيثَ مُخْتَصَرًا: 5/153 (كِتَابُ الْمَغَازِي، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ. . .) 4/32 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ بَغْلَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْبَيْضَاءِ) ، 4/43 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ مَنْ صَفَّ أَصْحَابَهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ) . وَالْحَدِيثُ فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 3/117 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي الثَّبَاتِ عِنْدَ الْقِتَالِ) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: "وَفِي الْبَابِ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ) الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/289، 304"

(4)
قَالَ النَّوَوِيُّ 62/122: "أَيْ قَبُحَتْ"

(5)
ن، س، ب: وَهَزَمَهُمْ






-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَنَائِمَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ [1] .

[فصل قال الرافضي الخامس إخبار علي رضي الله عنه بالغيوب والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْخَامِسُ: إِخْبَارُهُ بِالْغَائِبِ وَالْكَائِنِ قَبْلَ كَوْنِهِ، فَأَخْبَرَ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ لَمَّا اسْتَأْذَنَاهُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى الْعُمْرَةِ قَالَ [3] : لَا وَاللَّهِ مَا تُرِيدَانِ [4] . الْعُمْرَةَ، وَإِنَّمَا تُرِيدَانِ [5] . الْبَصْرَةَ فِي [6] . . وَكَانَ كَمَا قَالَ [7] . وَأَخْبَرَ وَهُوَ بِذِي قَارٍ جَالِسٌ لِأَخْذِ الْبَيْعَةِ: يَأْتِيكُمْ مِنْ قِبَلِ [8] . الْكُوفَةِ أَلْفُ رَجُلٍ، لَا يَزِيدُونَ وَلَا يَنْقُصُونَ، يُبَايِعُونَنِي [9] . عَلَى الْمَوْتِ، وَكَانَ كَذَلِكَ، وَكَانَ آخِرَهُمْ أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ."
وَأَخْبَرَ بِقَتْلِ ذِي الثُّدَيَّةِ، وَكَانَ كَذَلِكَ.
وَأَخْبَرَهُ شَخْصٌ بِعُبُورِ الْقَوْمِ فِي قِصَّةِ [10] . النَّهْرَوَانِ، فَقَالَ: لَنْ
(1)
س، ب: مُسْلِمٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَالْحَدِيثُ مُطَوَّلًا عَنْ إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 3/1402 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابٌ فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ) وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي: سُنَنِ الدَّارِمِيِّ 2/219 - 220 (كِتَابُ السِّيَرِ، بَابُ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: شَاهَتِ الْوُجُوهُ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/286.

(2)
فِي ك ص 186 (م) - 188 (م) .

(3)
قَالَ: لَيْسَتْ فِي (ك) .

(4)
ك: يُرِيدَانِ

(5)
ك: يُرِيدَانِ

(6)
(ك) : الْبَصْرَةَ، وَكَتَبَ فَوْقُ "الْغَدْرَةَ" وَعَلَيْهَا عَلَامَةُ التَّصْوِيبِ

(7)
ن: وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَا، م: وَإِنْ كَانَ كَمَا قَالَ: ك: فَكَانَ كَمَا قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.

(8)
قِبَلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك)

(9)
ن، م، س، ك: يُبَايِعُونِي، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب)

(10) ك: قَضِيَّةِ





يُعْبُرُوا، ثُمَّ أَخْبَرَهُ آخَرُ بِذَلِكَ، فَقَالَ: لَمْ [1] . يَعْبُرُوا، وَإِنَّهُ - وَاللَّهِ - لَمَصْرَعُهُمْ، فَكَانَ كَذَلِكَ.
وَأَخْبَرَ بِقَتْلِ نَفْسِهِ الشَّرِيفَةِ.
وَأَخْبَرَ شَهْرَبَانَ بِأَنَّ اللَّعِينَ يَقْطَعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَصْلُبُهُ [2] ، فَفَعَلَ بِهِ مُعَاوِيَةُ ذَلِكَ.
وَأَخْبَرَ مِيثَمَ التَّمَّارَ [3] . بِأَنَّهُ يُصْلَبُ عَلَى بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ
(1)
ب (فَقَطْ) : لَنْ

(2)
ن، م، س: وَأَخْبَرَ أَنَّ (س: بِأَنَّ) شَهْرَبَانَ اللَّعِينَ يَقْطَعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَصْلُبُهُ، (ب) وَأَخْبَرَ بِأَنَّ شَهْرَبَانَ اللَّعِينَ يُقْطَعُ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَيُصْلَبُ، ك: وَأَخْبَرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ جُوَيْرِيَةَ بْنَ مُسْهِرٍ بِأَنَّ اللَّعِينَ يَقْطَعُ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ وَيَصْلِبُ. وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا ذَكَرْتُهُ. وَوَجَدْتُ أَنَّ الْكَشِّيَّ قَدْ ذَكَرَ جُوَيْرِيَةَ بْنَ مُسْهِرٍ الْعَبْدِيَّ فِي "رِجَالِهِ" ص 98 ط. كَرْبَلَاءَ، بِدُونِ تَارِيخٍ وَقَالَ الْمُعَلِّقُ - السَّيِّدُ أَحْمَدُ الْحُسَيْنِيُّ: "جُوَيْرِيَةُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِ الْوَاوِ وَسُكُونِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِ الْيَاءِ الثَّانِي ثُمَّ هَاءٍ. وَمُسْهِرٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ السِّينِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، وَالْعَبْدِيُّ نِسْبَةٌ إِلَى بَنِي الْعُبَيْدِ، وَبَنُو الْعُبَيْدِ مُصَغَّرًا بَطْنٌ مِنْ بَنِي عَدِيِّ بْنِ خَبَّابِ بْنِ قُضَاعَةَ. وَالرَّاجِحُ أَنَّ ابْنَ الْمُطَهَّرِ يَقْصِدُ بِاللَّعِينِ مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. وَذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي" لِسَانِ الْمِيزَانِ "2/18 قَالَ: وَقَالَ:" رَوَى عَنْ عَلِيٍّ وَعَنْهُ الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ وَجَابِرُ بْنُ الْحُرِّ "، كَمَا ذَكَرَهُ الطُّوسِيُّ فِي رِجَالِ" الطُّوسِيِّ "، ص 37 وَقَالَ:" جُوَيْرِيَةُ بْنُ مُسْهِرٍ: عَرَبِيٌّ كُوفِيٌّ "."

(3)
ن، س: مِسْمَارَ التَّمَّارَ، م: مِسْمَرَ التَّمَّارَ، ب: مِسْمَارًا التَّمَّارَ، ك: مِيتَمَ التَّمَّارَ. وَذَكَرَهُ الْكَشِّيُّ فِي "الرِّجَالِ" ص 74 - 81 وَذَكَرَ أَخْبَارًا عَنْ صَلْبِهِ، وَذَكَرَ الْمُعَلِّقُ فِي تَعْلِيقِهِ أَنَّهُ قُتِلَ قَبْلَ وُرُودِ الْحُسَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ. وَذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي "الْإِصَابَةِ" 3/479 وَذَكَرَ أَخْبَارًا عَنْ تَسْمِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ دَرَجَتَهَا مِنَ الصِّحَّةِ، وَذَكَرَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ أَلْجَمَ فِي الْإِسْلَامِ. وَنَقَلَ عَنْهُ الزِّرِكْلِيُّ فِي "الْأَعْلَامِ" 8/294 أَكْثَرَ مَا ذَكَرَهُ وَحَدَّدَ سَنَةَ مَقْتَلِهِ 60 هـ. وَذَكَرَهُ الطُّوسِيُّ فِي "رِجَالِ الطُّوسِيِّ" ص 79 وَقَالَ الْمُعَلِّقُ: "مِيثَمُ بْنُ يَحْيَى أَوْ عَبْدُ اللَّهِ التَّمَّارُ النَّهْرَوَانِيُّ، حَالُهُ أَشْهَرُ مِنْ أَنْ يُذْكَرَ، وَقُتِلَ قَبْلَ قُدُومِ الْحُسَيْنِ (ع) إِلَى الْعِرَاقِ بِعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَصُلِبَ بَعْدَ أَنْ قُطِعَ لِسَانُهُ"






حُرَيْثٍ [1] عَاشِرَ عَاشِرَةٍ، وَهُوَ [2] أَقْصَرُهُمْ خَشَبَةً، وَأَرَاهُ النَّخْلَةَ الَّتِي يُصْلَبُ [3] . عَلَيْهَا، فَوَقَعَ كَذَلِكَ.
وَأَخْبَرَ رُشَيْدًا الْهَجَرِيَّ [4] بِقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَصَلْبِهِ، وَقَطْعِ لِسَانِهِ، فَوَقَعَ [5] .
وَأَخْبَرَ كُمَيْلَ بْنَ زِيَادٍ [6] -. أَنَّ الْحَجَّاجَ يَقْتُلُهُ [7] .، وَأَنْ قَنْبَرًا يَذْبَحُهُ الْحَجَّاجُ فَوَقَعَ.
(1)
م، ك: عُمَرَ بْنِ حُرَيْثٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ أَبُو سَعِيدٍ عَمْرُو بْنُ حُرَيْثِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ الْمَخْزُومِيُّ الْقُرَشِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلِيَ أَمْرَ الْكُوفَةِ لِزِيَادٍ ثُمَّ لِابْنِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ وَمَاتَ بِهَا، لَهُ 18 حَدِيثًا. وُلِدَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِسَنَتَيْنِ وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 85 هـ. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: الْإِصَابَةِ 2/524، الْأَعْلَامِ 5/243 - 244.

(2)
ك: هُوَ

(3)
كَلِمَتَا "الَّتِي يُصْلَبُ" غَيْرُ ظَاهِرَتَيْنِ فِي (ك)

(4)
ن، م: رُشْدًا الْهَجَرِيَّ، س: رُشْدًا الْبَحْرِيَّ، ب: رَاشِدًا الْبَحْرِيَّ. وَالصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ مِنْ (ك) وَذَكَرَهُ الطُّوسِيُّ فِي "رِجَالِ الطُّوسِيِّ" ص. 73 وَلَمْ يَذْكُرْ عَنْهُ شَيْئًا وَذَكَرَهُ الْكَشِّيُّ فِي "الرِّجَالِ" ص. 71 - 73 وَذَكَرَ أَخْبَارَ صَلْبِهِ وَقَطْعِ يَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ، وَذَكَرَهُ الذَّهَبِيُّ فِي "مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ" 2/51 - 52 وَقَالَ عَنْهُ: "قَالَ الْجُوزْجَانِيُّ: كَذَّابٌ غَيْرُ ثِقَةٍ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: رُشَيْدٌ الْهَجَرِيُّ كُوفِيٌّ، كَانَ يُؤْمِنُ بِالرَّجْعَةِ" وَذَكَرَ أَنَّ زِيَادًا قَطَعَ لِسَانَهُ وَصَلَبَهُ عَلَى بَابِ دَارِ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ. وَانْظُرْ مَا ذَكَرَهُ عَنْهُ الْأُسْتَاذُ مُحِبُّ الدِّينِ الْخَطِيبُ فِي "الْمُنْتَقَى" ص 520

(5)
ك: فَوَقَعَ كَذَلِكَ.

(6)
ب: كُهَيْلَ بْنَ زِيَادٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَهُوَ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادِ بْنِ نَهِيكٍ، تَابِعِيٌّ ثِقَةٌ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وُلِدَ سَنَةَ 12 وَقَتَلَهُ الْحَجَّاجُ سَنَةَ 82. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 8/447 - 448، شَذَرَاتِ الذَّهَبِ 1/91 الْأَعْلَامِ 6/93. وَانْظُرْ مَا نَقَلَهُ الْأُسْتَاذُ الْخَطِيبُ عَنْ تَارِيخِ الطَّبَرِيِّ مِنْ أَخْبَارِ كُمَيْلِ بْنِ زِيَادٍ وَأَنَّهُ كَانَ مِمَّنْ قِيلَ عَنْهُ: إِنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَغْتَالَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

(7)
ك: بِأَنَّ الْحَجَّاجَ يَقْتُلُهُ فَوَقَعَ






وَقَالَ لِلْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: إِنَّ ابْنِي الْحُسَيْنَ يُقْتَلُ وَلَا تَنْصُرُهُ، فَكَانَ كَمَا قَالَ، وَأَخْبَرَهُ [1] بِمَوْضِعِ قَتْلِهِ.
وَأَخْبَرَ بِمُلْكِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَأَخْذِ التُّرْكِ الْمُلْكَ مِنْهُمْ، فَقَالَ: مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ يَسِيرٌ [2] لَا عُسْرَ فِيهِ، لَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمُ التُّرْكُ وَالدَّيْلَمُ وَالْهِنْدُ [3] وَالْبَرْبَرُ وَالطَّيْلَسَانُ عَلَى أَنْ يُزِيلُوا مُلْكَهُمْ مَا قَدَرُوا أَنْ يُزِيلُوهُ، حَتَّى يَشِذَّ عَنْهُمْ [4] مَوَالِيهِمْ وَأَرْبَابُ دَوْلَتِهِمْ، وَيُسَلَّطُ [5] . عَلَيْهِمْ مَلِكٌ مِنَ التُّرْكِ يَأْتِي عَلَيْهِمْ مِنْ حَيْثُ بَدَأَ [6] . مُلْكُهُمْ، لَا يَمُرُّ بِمَدِينَةٍ إِلَّا فَتَحَهَا، وَلَا يُرْفَعُ لَهُ رَايَةٌ إِلَّا نَكَّسَهَا، الْوَيْلُ ثُمَّ [7] الْوَيْلُ لِمَنْ نَاوَأَهُ، فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَظْفَرَ بِهِمْ [8] ، ثُمَّ يَدْفَعُ ظَفَرَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عِتْرَتِي، يَقُولُ بِالْحَقِّ وَيَعْمَلُ بِهِ [9] .، أَلَا وَإِنَّ الْأَمْرَ [10] كَذَلِكَ ; حَيْثُ ظَهَرَ هُولَاكُو مِنْ نَاحِيَةِ [11] . خُرَاسَانَ.
(1)
س، ب: وَأَخْبَرَ

(2)
ك: يُسْرٌ

(3)
ك: وَالسِّنْدُ وَالْهِنْدُ

(4)
ن، س، ب: تَشُدَّ عَلَيْهِمْ، م: تَشْتَدَّ عَنْهُمْ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك)

(5)
ك: تُسَلَّطُ

(6)
ك: هَذَا

(7)
ثُمَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك)

(8)
بِهِمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ك)

(9)
م: وَيَعْتَمِدُ بِهِ

(10) ك: وَكَانَ الْأَمْرُ. . . .
(11) م: نَحْوِ







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #467  
قديم 26-06-2025, 03:02 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (467)
صـ 135 إلى صـ 144





وَمِنْهُ ابْتَدَأَ [1] مُلْكُ بَنِي الْعَبَّاسِ حَتَّى بَايَعَ لَهُمْ [2] . أَبُو مُسْلِمٍ الْخُرَاسَانِيُّ ". [3] ."
وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ: أَمَّا الْإِخْبَارُ بِبَعْضِ الْأُمُورِ الْغَائِبَةِ، فَمَنْ هُوَ دُونَ عَلِيٍّ يُخْبِرُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، فَعَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ ذَلِكَ، وَفِي أَتْبَاعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مَنْ يُخْبِرُ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ، وَلَيْسُوا مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ، وَلَا هُمْ أَفْضَلُ أَهْلِ زَمَانِهِمْ، وَمِثْلُ هَذَا مَوْجُودٌ فِي زَمَانِنَا وَغَيْرِ زَمَانِنَا.
وَحُذَيْفَةُ بْنُ الْيَمَانِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا يُحَدِّثُونَ النَّاسَ بِأَضْعَافِ ذَلِكَ. وَأَبُو هُرَيْرَةَ يُسْنِدُهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحُذَيْفَةُ تَارَةً يُسْنِدُهُ وَتَارَةً لَا يُسْنِدُهُ. وَإِنْ كَانَ فِي حُكْمِ الْمُسْنَدِ.
وَمَا أَخْبَرَ بِهِ هُوَ وَغَيْرُهُ قَدْ يَكُونُ مِمَّا سَمِعَهُ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ يَكُونُ مِمَّا كُوشِفَ هُوَ بِهِ. وَعَمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ أَخْبَرَ بِأَنْوَاعٍ مِنْ ذَلِكَ.
وَالْكُتُبُ الْمُصَنَّفَةُ فِي كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ وَأَخْبَارِهِمْ، مِثْلَ مَا فِي كِتَابِ "الزُّهْدِ" لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَ "حِلْيَةِ الْأَوْلِيَاءِ" وَ "صَفْوَةِ الصَّفْوَةِ" وَ "كَرَامَاتِ الْأَوْلِيَاءِ" لِأَبِي مُحَمَّدٍ الْخَلَّالِ وَابْنِ أَبِي الدُّنْيَا وَاللَّالْكَائِيِّ - فِيهَا مِنَ الْكَرَامَاتِ عَنْ بَعْضِ أَتْبَاعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَالْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ نَائِبِ أَبِي بَكْرٍ، وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ بَعْضِ أَتْبَاعِهِمَا، وَأَبِي الصَّهْبَاءِ، وَعَامِرِ بْنِ عَبْدِ قَيْسٍ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ مِمَّنْ عَلِيٌّ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ
(1)
ن، س، ب: ابْتِدَاءُ.

(2)
م: حَتَّى نَازَلَهُمْ، ك: حَيْثُ بَايَعَ لَهُمْ

(3)
ن، م، س: ثَابِتٌ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ






عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ هُوَ الْأَفْضَلَ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، فَضْلًا عَنِ الْخُلَفَاءِ.
وَهَذِهِ الْحِكَايَاتُ الَّتِي ذَكَرَهَا عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يَذْكُرْ لِشَيْءٍ مِنْهَا إِسْنَادًا، (1 وَفِيهَا مَا يُعْرَفُ صِحَّتُهُ 1) [1] .، وَفِيهَا مَا يُعْرَفُ كَذِبُهُ، وَفِيهَا مَا لَا يُعْرَفُ: هَلْ هُوَ صِدْقٌ أَمْ كَذِبٌ؟
فَالْخَبَرُ الَّذِي ذَكَرَهُ عَنْ مَلِكِ التُّرْكِ كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ ظَفَرَهُ إِلَى رَجُلٍ مِنِ الْعِتْرَةِ، وَهَذَا مِمَّا وَضَعَهُ مُتَأَخِّرُوهُمْ [2] . .
وَالْكُتُبُ الْمَنْسُوبَةُ إِلَى عَلِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ، فِي الْإِخْبَارِ بِالْمُسْتَقْبَلَاتِ كُلُّهَا كَذِبٌ، مِثْلُ كِتَابِ "الْجَفْرِ" وَ "الْبِطَاقَةِ" وَغَيْرِ ذَلِكَ. [3] .
وَكَذَلِكَ مَا يُضَافُ إِلَيْهِ مِنْ أَنَّهُ كَانَ [عِنْدَهُ] [4] . عِلْمٌ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّهُ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي حُذَيْفَةَ قَالَ: قُلْتُ لَعَلِيٍّ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ مِنَ الْوَحْيِ مِمَّا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ فَقَالَ: لَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، إِلَّا فَهْمًا يُعْطِيهِ اللَّهُ رَجُلًا فِي الْقُرْآنِ، وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ. قُلْتُ: وَمَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ؟ قَالَ: الْعَقْلُ، وَفِكَاكُ الْأَسِيرِ، وَأَنْ لَا يُقْتَلَ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ [5] . .
وَكَذَلِكَ مَا يُنْقَلُ عَنْ غَيْرِ عَلِيٍّ مِنَ الصَّحَابَةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّهُ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ الْبَاطِنِ، كُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ.
(1)
(1 - 1) : سَاقِطٌ مِنْ (م)

(2)
ن، س، ب: وَهَذَا مِمَّا ذَكَرَهُ مُتَأَخِّرُهُمْ

(3)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْكُتُبِ وَغَيْرِهَا فِيمَا مَضَى 2/464 - 465

(4)
عِنْدَهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س)

(5)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْأَثَرِ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 10





وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "«حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جِرَابَيْنِ: أَمَّا أَحَدُهُمَا فَبَثَثْتُهُ فِيكُمْ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَلَوْ أَبُثُّهُ لَقَطَعْتُمْ هَذَا الْبُلْعُومَ»" فَإِنَّ هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ [1] .، لَيْسَ فِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَصَّ أَبَا هُرَيْرَةَ بِمَا فِي ذَلِكَ الْجِرَابِ، بَلْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَحْفَظَ مِنْ غَيْرِهِ ; فَحَفِظَ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ غَيْرُهُ.
وَكَذَلِكَ قَالَ حُذَيْفَةُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْلَمُ النَّاسِ بِكُلِّ فِتْنَةٍ س، ب:. . النَّاسِ مِنْ فِتْنَةٍ. . هِيَ كَائِنَةٌ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ، وَمَا بِي أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَسَرَّ إِلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا لَمْ يُحَدِّثْهُ غَيْرِي، وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ وَهُوَ يُحَدِّثُ مَجْلِسًا أَنَا فِيهِ. . . الْحَدِيثَ. وَقَالَ: «إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنَ الرَّهْطِ غَيْرُهُ» [2] ."
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ حُذَيْفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: "«قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقَامًا مَا تَرَكَ شَيْئًا يَكُونُ فِي مَقَامِهِ ذَلِكَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلَّا حَدَّثَ بِهِ، حَفِظَهُ مَنْ حَفِظَهُ، وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ»" [3] .
وَحَدِيثُ أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ [4] . فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ: قَالَ: "«صَلَّى"
(1)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 1/31 (كِتَابُ الْعِلْمِ، بَابُ حِفْظِ الْعِلْمِ) وَفِيهِ "وِعَاءَيْنِ" بَدَلًا مِنْ "جِرَابَيْنِ"

(2)
الْحَدِيثُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 4/2216 (كِتَابُ الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) .

(3)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 8/123 (كِتَابُ الْقَدَرِ، بَابُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا، مُسْلِمٍ 4/2217 (كِتَابُ الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ)

(4)
س، ب: أَبِي زَيْدٍ وَعَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَتَرْجَمَةُ أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْإِصَابَةِ 2/515، أُسْدِ الْغَابَةِ 6/128 - 129 وَهُوَ عَمْرُو بْنُ أَخْطَبَ بْنِ رِفَاعَةَ الْأَنْصَارِيُّ الْخَزْرَجِيُّ أَبُو زَيْدٍ، مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: عَاشَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً





بِنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْفَجْرِ، وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، ثُمَّ خَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ، فَنَزَلَ فَصَلَّى بِنَا، ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا» "[1] ."
وَأَبُو هُرَيْرَةَ أَسْلَمَ عَامَ خَيْبَرَ، فَلَمْ يَصْحَبِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَّا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَذَلِكَ الْجِرَابُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ: عِلْمِ الْإِيمَانِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَإِنَّمَا كَانَ فِيهِ الْإِخْبَارُ عَنِ الْأُمُورِ الْمُسْتَقْبَلَةِ، مِثْلِ الْفِتَنِ الَّتِي جَرَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: فِتْنَةِ الْجَمَلِ، وَصِفِّينَ، وَفِتْنَةِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، وَمَقْتَلِ الْحُسَيْنِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ ; وَلِهَذَا لَمْ يَكُنْ أَبُو هُرَيْرَةَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الْفِتَنِ.
وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَوْ حَدَّثَكُمْ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّكُمْ تَقْتُلُونَ خَلِيفَتَكُمْ، وَتَفْعَلُونَ كَذَا وَكَذَا، لَقُلْتُمْ: كَذَبَ أَبُو هُرَيْرَةَ.
وَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي يُرْوَى عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّهُ صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ، فَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: ذَهَبَ عَلْقَمَةُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: "اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي جَلِيسًا صَالِحًا، فَجَلَسَ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: مِمَّنْ أَنْتَ؟ قَالَ: مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. قَالَ: أَلَيْسَ مِنْكُمْ - أَوْ فِيكُمْ - الَّذِي أَجَارَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - يَعْنِي مِنَ"
(1)
الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي زَيْدٍ عَمْرِو بْنِ أَخْطَبَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 4/2217 (كِتَابُ الْفِتَنِ وَأَشْرَاطِ السَّاعَةِ، بَابُ إِخْبَارِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا يَكُونُ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ) .





الشَّيْطَانِ: يَعْنِي عَمَّارًا -؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. قَالَ: أَلَيْسَ مِنْكُمْ - أَوْ فِيكُمْ - صَاحِبُ السِّرِّ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُ؟ قَالَ: قُلْتُ: بَلَى. . الْحَدِيثَ [1] . .
وَذَلِكَ السِّرُّ [2] كَانَ مَعْرِفَتَهُ بِأَعْيَانِ نَاسٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، هَمُّوا بِأَنْ يَحُلُّوا حِزَامَ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاللَّيْلِ لِيَسْقُطَ، فَأَعْلَمَهُ اللَّهُ بِهِمْ، وَكَانَ حُذَيْفَةُ قَرِيبًا، فَعَرَّفَهُ بِهِمْ، وَكَانَ إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ الْمَجْهُولُ حَالُهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ عُمَرُ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَيْهِ حُذَيْفَةُ ; خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُنَافِقِينَ.
وَمَعْرِفَةُ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَالصَّالِحِينَ بِبَعْضِ الْمُسْتَقْبَلَاتِ لَا تُوجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِهَا كُلِّهَا.
وَالْغُلَاةُ الَّذِينَ [كَانُوا] [3] . يَدَّعُونَ عِلْمَ عَلِيٍّ بِالْمُسْتَقْبَلَاتِ مُطْلَقًا كَذِبٌ ظَاهِرٌ ; فَالْعِلْمُ بِبَعْضِهَا لَيْسَ مِنْ خَصَائِصِهِ، وَالْعِلْمُ بِهَا كُلِّهَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ.
وَمِمَّا يُبَيِّنُ لَكَ [4] . أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ الْمُسْتَقْبَلَاتِ أَنَّهُ فِي وِلَايَتِهِ وَحُرُوبِهِ فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ كَانَ يَظُنُّ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً، فَيَتَبَيَّنُ لَهُ الْأَمْرُ بِخِلَافِ مَا
(1)
الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ عَلْقَمَةَ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/28 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - 8/62 (كِتَابُ الِاسْتِئْذَانِ، بَابُ مَنْ أُلْقِيَ لَهُ وِسَادَةٌ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/338 - 339 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -) عَنْ قَتَادَةَ عَنْ خَيْثَمَةَ بْنِ أَبِي سَبْرَةَ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 6/449، 450، 450 - 451

(2)
ن، م، س: لَكِنْ ذَكَرَ السِّرَّ. . .

(3)
كَانُوا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)

(4)
ن، م، س: ذَلِكَ





ظَنَّ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ إِذَا قَاتَلَ مُعَاوِيَةَ وَأَصْحَابَهُ يَجْرِي مَا جَرَى لَمْ يُقَاتِلْهُمْ ; فَإِنَّهُ كَانَ لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ أَعَزَّ وَانْتَصَرَ [1] .، وَكَانَ أَكْثَرُ النَّاسِ مَعَهُ، وَأَكْثَرُ الْبِلَادِ تَحْتَ وِلَايَتِهِ، فَلَمَّا قَاتَلَهُمْ ضَعُفَ أَمْرُهُ، حَتَّى صَارَ مَعَهُمْ كَثِيرٌ مِنَ الْبِلَادِ الَّتِي كَانَتْ فِي [2] . طَاعَتِهِ، مِثْلَ مِصْرَ وَالْيَمَنِ، وَكَانَ الْحِجَازُ دُوَلًا.
وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إِذَا حَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ يَحْكُمَانِ بِمَا حَكَمَا لَمْ يُحَكِّمْهُمَا. وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَفْعَلُ بِالْآخَرِ مَا فَعَلَ حَتَّى يَعْزِلَاهُ، لَمْ يُوَلِّ مَنْ يُوَافِقُ عَلَى عَزْلٍ، وَلَا مَنْ خَذَلَهُ الْحَكَمُ الْآخَرُ [3] .، بَلْ قَدْ أَشَارَ عَلَيْهِ مَنْ أَشَارَ أَنْ يُقِرَّ مُعَاوِيَةَ عَلَى إِمَارَتِهِ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ، حَتَّى يَسْتَقِيمَ لَهُ الْأَمْرُ، وَكَانَ هَذَا الرَّأْيُ أَحْزَمَ عِنْدَ الَّذِينَ يَنْصَحُونَهُ وَيُحِبُّونَهُ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَّى أَبَا سُفْيَانَ - أَبَا مُعَاوِيَةَ - نَجْرَانَ [4] .، وَكَانَ وَالِيًا عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَقَدِ اتَّفَقَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ أَحْسَنَ إِسْلَامًا مِنْ أَبِيهِ، وَلَمْ يَتَّهِمْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مُعَاوِيَةَ بِنِفَاقٍ، وَاخْتَلَفُوا فِي أَبِيهِ.
وَالصِّدِّيقُ كَانَ قَدْ وَلَّى أَخَاهُ - يَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ - أَحَدَ الْأُمَرَاءِ فِي فَتْحِ الشَّامِ، لَمَّا وَلَّى خَالِدًا وَأَبَا عُبَيْدَةَ وَيَزِيدَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ لَمَّا فَتَحُوا الشَّامَ، بَقِيَ أَمِيرًا إِلَى أَنْ مَاتَ بِالشَّامِ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ الصَّحَابَةِ، رَجُلًا صَالِحًا
(1)
م: لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ أَعَزُّ وَأَنْصَرُ، س: لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ عَزَّ وَنَصَرَ، ب: لَوْ لَمْ يُقَاتِلْ فِي عِزٍّ وَنَصْرٍ

(2)
م: تَحْتَ

(3)
انْظُرْ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي كِتَابِهِ "الْعَوَاصِمِ مِنَ الْقَوَاصِمِ" عَنْ مَسْأَلَةِ التَّحْكِيمِ وَصِحَّةِ مَا وَقَعَ فِيهَا، وَانْظُرْ تَعْلِيقَاتِ أُسْتَاذِي الْأُسْتَاذِ مُحِبِّ الدِّينِ الْخَطِيبِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، ص 172 - 181

(4)
ن، م، س: وَلَّى أَبَا سُفْيَانَ نَجْرَانَ، أَبَا مُعَاوِيَةَ





أَفْضَلَ مِنْ أَخِيهِ وَأَبِيهِ، لَيْسَ هَذَا هُوَ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ الَّذِي تَوَلَّى بَعْدَ مُعَاوِيَةَ الْخِلَافَةَ ; فَإِنَّ ذَاكَ وُلِدَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ، لَمْ يَكُنْ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَلَكِنْ سُمِّيَ [1] . بَاسِمِ عَمِّهِ، (* فَطَائِفَةٌ مِنَ الْجُهَّالِ يَظُنُّونَ يَزِيدَ هَذَا مِنَ الصَّحَابَةِ *) [2] . وَبَعْضُ غَلَّاتِهِمْ [3] يَجْعَلُهُ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ، كَمَا أَنَّ آخَرِينَ يَجْعَلُونَهُ كَافِرًا أَوْ مُرْتَدًّا، وَكُلُّ ذَلِكَ بَاطِلٌ، بَلْ هُوَ خَلِيفَةٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ [4] .
وَالْحُسَيْنُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَلَعَنَ قَاتِلَهُ - قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا فِي خِلَافَتِهِ بِسَبَبِ خِلَافِهِ [5] ، لَكِنَّهُ هُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهِ، وَلَمْ يُظْهِرِ الرِّضَا بِهِ، وَلَا انْتَصَرَ مِمَّنْ قَتَلَهُ.
وَرَأْسُ الْحُسَيْنِ حُمِلَ إِلَى قُدَّامِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، وَهُوَ الَّذِي ضَرَبَهُ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ، وَهُوَ الَّذِي ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ [6] . .
(1)
م: وَلَكِنْ كَانَ يُسَمَّى

(2)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م)

(3)
م: عُلَمَائِهِمْ

(4)
ن، س، ب: خَلِيفَةُ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ، م: خَلِيفَةٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ وَبَنِي الْعَبَّاسِ. وَفِي هَامِشِ (س) ، (ب) إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ عِبَارَةَ "وَبَنِي الْعَبَّاسِ" زِيَادَةٌ مِنَ النُّسَّاخِ وَالْكَلَامُ يَسْتَقِيمُ بِدُونِهَا.

(5)
ن، س، ب: خِلَافَتِهِ.

(6)
الْأَثَرُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 5/26 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَابُ مَنَاقِبِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/325 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ. . الْحَسَنِ. . وَالْحُسَيْنِ. . - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 3/261 الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 8/190





وَأَمَّا حَمْلُهُ إِلَى عِنْدِ يَزِيدَ [1] . فَبَاطِلٌ. وَإِسْنَادُهُ مُنْقَطِعٌ [2] . .
وَعَمُّهُ يَزِيدُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ هُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ، تُوُفِّيَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ، فَلَمَّا مَاتَ وَلَّى مُعَاوِيَةَ مَكَانَ أَخِيهِ. وَعُمَرُ مِنْ أَعْلَمِ النَّاسِ بِأَحْوَالِ الرِّجَالِ، وَأَحْذَقِهِمْ فِي السِّيَاسَةِ، وَأَبْعَدِ النَّاسِ عَنِ الْهَوَى، لَمْ يُولِّ فِي خِلَافَتِهِ أَحَدًا مِنْ أَقَارِبِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يَخْتَارُ لِلْوِلَايَةِ مَنْ يَرَاهُ أَصْلَحَ لَهَا ; فَلَمْ يُوَلِّ مُعَاوِيَةَ إِلَّا وَهُوَ عِنْدُهُ مِمَّنْ يَصْلُحُ لِلْإِمَارَةِ.
ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ [3] زَادَ عُثْمَانُ فِي وِلَايَةِ مُعَاوِيَةَ، حَتَّى جَمَعَ لَهُ الشَّامَ. وَكَانَتِ الشَّامُ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ أَرْبَعَةَ أَرْبَاعٍ: فِلَسْطِينَ، وَدِمَشْقَ، وَحِمْصَ، وَالْأُرْدُنَّ. ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ فُصِلَتْ قِنَّسْرِينَ وَالْعَوَاصِمَ مِنْ رُبْعِ حِمْصَ، ثُمَّ بَعْدَ هَذَا عُمِّرَتْ حَلَبُ وَخُرِّبَتْ قِنَّسْرِينُ، وَصَارَتِ الْعَوَاصِمُ دُوَلًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ.
وَأَقَامَ مُعَاوِيَةُ نَائِبًا عَنْ عُمَرَ وَعُثْمَانَ عِشْرِينَ سَنَةً، ثُمَّ تَوَلَّى عِشْرِينَ سَنَةً، وَرَعِيَّتُهُ شَاكِرُونَ لِسِيرَتِهِ وَإِحْسَانِهِ، رَاضُونَ بِهِ، حَتَّى أَطَاعُوهُ فِي مِثْلِ قِتَالِ عَلِيٍّ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ أَبِيهِ أَبِي سُفْيَانَ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَحَقَّ بِالْجَوَازِ مِنْ وِلَايَةِ أَبِيهِ، فَلَا يُقَالُ: إِنَّهُ لَمْ تَكُنْ تَحِلُّ وِلَايَتُهُ. وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ غَيْرَهُ كَانَ
(1)
م: إِلَى يَزِيدَ

(2)
قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي "الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ" 8/192: "وَقَدِ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ بَعْدَهَا فِي رَأْسِ الْحُسَيْنِ هَلْ سَيَّرَهُ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى يَزِيدَ أَمْ لَا، عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ مِنْهُمَا أَنَّهُ سَيَّرَهُ إِلَيْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي ذَلِكَ آثَارٌ كَثِيرَةٌ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ" . وَانْظُرِ "الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ" 8/191 - 198

(3)
ن، م: ثُمَّ لَمَّا تَوَلَّى عُثْمَانُ. وَفِي (م) شَطْبٌ عَلَى كَلِمَةِ "عُثْمَانَ" .





أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ مِنْهُ، أَوْ أَنَّهُ مِمَّنْ [1] يَحْصُلُ بِهِ مَعُونَةٌ لِغَيْرِهِ مِمَّنْ فِيهِ ظُلْمٌ، لَكَانَ الشَّرُّ الْمَدْفُوعُ بِوِلَايَتِهِ أَعْظَمَ مِنَ الشَّرِّ الْحَاصِلِ بِوِلَايَتِهِ.
وَأَيْنَ أَخْذُ الْمَالِ، وَارْتِفَاعُ بَعْضِ الرِّجَالِ، مِنْ قَتْلِ الرِّجَالِ الَّذِينَ قُتِلُوا بِصِفِّينَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عِزٌّ وَلَا ظَفَرٌ؟ !
فَدَلَّ هَذَا وَغَيْرُهُ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أَشَارُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ كَانُوا حَازِمِينَ. وَعَلِيٌّ إِمَامٌ مُجْتَهِدٌ، لَمْ يَفْعَلْ إِلَّا مَا رَآهُ مَصْلَحَةً.
لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَعْلَمُ الْكَوَائِنَ كَانَ قَدْ عَلِمَ أَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى الْوِلَايَةِ أَصْلَحُ لَهُ مِنْ حَرْبِ صِفِّينَ، الَّتِي لَمْ يَحْصُلْ بِهَا إِلَّا زِيَادَةُ الشَّرِّ وَتَضَاعُفُهُ، لَمْ يَحْصُلْ بِهَا مِنَ الْمَصْلَحَةِ شَيْءٌ، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ أَكْثَرَ خَيْرًا وَأَقَلَّ شَرًّا مِنْ مُحَارَبَتِهِ، وَكُلُّ مَا يُظَنُّ فِي وِلَايَتِهِ مِنَ الشَّرِّ، فَقَدْ كَانَ فِي مُحَارَبَتِهِ أَعْظَمُ مِنْهُ.
وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ كَثِيرٌ مِمَّا يُبَيِّنُ جَهْلَ مَنْ يَقُولُ: إِنَّهُ كَانَ يَعْلَمُ الْأُمُورَ الْمُسْتَقْبَلَةَ، بَلِ الرَّافِضَةُ تَدَّعِي الْأُمُورَ الْمُتَنَاقِضَةَ: يَدَّعُونَ عَلَيْهِ عِلْمَ الْغَيْبِ، مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمُنَافِيَةِ لِذَلِكَ، وَيَدَّعُونَ لَهُ مِنَ الشَّجَاعَةِ مَا يَزْعُمُونَ مَعَهُ أَنَّهُ كَانَ هُوَ الَّذِي يَنْصُرُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي مَغَازِيهِ، وَهُوَ الَّذِي قَامَ [2] . الْإِسْلَامَ بِسَيْفِهِ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ مَعَ ضَعْفِ الْإِسْلَامِ.
ثُمَّ يَذْكُرُونَ مِنْ عَجْزِهِ عَنْ مُقَاوَمَةِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ ضَعْفِهِ عِنْدَهُمْ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ ; فَإِنَّ
(1)
م: فَإِنَّهُ مِمَّنْ. .

(2)
ب: أَقَامَ





أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَالٌ يَسْتَعْطِفُ بِهِ النَّاسَ، وَلَا كَانَ لَهُ قَبِيلَةٌ عَظِيمَةٌ يَنْصُرُونَهُ، وَلَا مَوَالٍ، وَلَا دَعَا النَّاسَ إِلَى بَيْعَتِهِ، لَا بِرَغْبَةٍ وَلَا بِرَهْبَةٍ. وَكَانَ عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى دَفْعِهِ أَقْدَرَ مِنْهُ عَلَى دَفْعِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ حَارَبُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِكَثِيرٍ، فَلَوْ كَانَ [1] . هُوَ الَّذِي دَفَعَ الْكُفَّارَ، وَلَوْ كَانَ [2] . مُرِيدًا لِدَفْعِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَكَانَ عَلَى ذَلِكَ أَقْدَرَ، لَكِنَّهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ الْمُتَنَاقِضَيْنِ.
وَكَذَلِكَ فِي حَرْبِهِ لِمُعَاوِيَةَ قَدْ قُهِرَ وَعَسْكَرُهُ أَعْظَمُ، وَتَحْتَ طَاعَتِهِ مَنْ هُمْ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ مِنَ الَّذِينَ تَحْتَ طَاعَةِ مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا رَيْبَ أَنَّهُ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَقْهَرَ مُعَاوِيَةَ وَعَسْكَرَهُ، فَلَوْ كَانَ هُوَ الَّذِي نَصَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ كَثْرَةِ الْكُفَّارِ وَضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ وَقِلَّتِهِمْ ; لَكَانَ مَعَ كَثْرَةِ عَسْكَرِهِ عَلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ أَقْدَرَ عَلَى قَهْرِ مُعَاوِيَةَ وَجَيْشِهِ مِنْهُ عَلَى قَهْرِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ قَاتَلُوا النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَكَيْفَ يَجْمَعُ بَيْنَ تِلْكَ الشَّجَاعَةِ وَالْقُوَّةِ وَبَيْنَ هَذَا الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ، إِلَّا مَنْ هُوَ جَاهِلٌ مُتَنَاقِضٌ؟ !
بَلْ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّصْرَ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَّ اللَّهَ أَيَّدَهُ بِنْصِرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ كُلِّهِمْ، وَعَلِيٌّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِمْ، وَكَانَ تَأْيِيدُهُ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْظَمَ مِنْ تَأْيِيدِهِ بِغَيْرِهِمَا مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ.
(1)
ن، م، س: فَلِمَ كَانَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(2)
ن، س، ب: وَكَانَ







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #468  
قديم 26-06-2025, 03:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (468)
صـ 145 إلى صـ 154



وَمِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ الْمُسْتَقْبَلَ أَنَّهُ نَدِمَ عَلَى أَشْيَاءَ مِمَّا فَعَلَهَا، وَكَانَ يَقُولُ: لَقَدْ عَجِزْتُ عَجْزَةً لَا أَعْتَذِرْ سَوْفَ أَكِيسُ بَعْدَهَا وَأَسْتَمِرْ وَأَجْمَعُ الرَّأْيَ الشَّتِيتَ الْمُنْتَشِرْ.
وَكَانَ يَقُولُ لَيَالِيَ صِفِّينَ: يَا حَسَنُ يَا حَسَنُ، مَا ظَنَّ أَبُوكَ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ هَذَا! لِلَّهِ دَرُّ مَقَامٍ قَامَهُ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، إِنْ كَانَ بِرًّا إِنَّ أَجْرَهُ لَعَظِيمٌ، وَإِنْ كَانَ إِثْمًا إِنَّ خَطَرَهُ لَيَسِيرٌ. وَهَذَا رَوَاهُ الْمُصَنِّفُونَ.
وَتَوَاتَرَ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَتَضَجَّرُ وَيَتَمَلْمَلُ مِنِ اخْتِلَافِ رَعِيَّتِهِ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ مَا كَانَ يَظُنُّ أَنَّ الْأَمْرَ يَبْلُغُ مَا بَلَغَ.
وَكَانَ الْحَسَنُ رَأْيُهُ تَرْكُ الْقِتَالِ. وَقَدْ جَاءَ النَّصُّ الصَّحِيحُ بِتَصْوِيبِ الْحَسَنِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ [1] - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "«إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَإِنَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»" [2] . فَمَدَحَ الْحَسَنَ عَلَى الْإِصْلَاحِ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ.
وَسَائِرُ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقُعُودَ عَنِ الْقِتَالِ وَالْإِمْسَاكَ عَنِ الْفِتْنَةِ كَانَ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ. وَهَذَا قَوْلُ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ وَأَكْثَرِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الِاعْتِبَارِ ; فَإِنَّ مَحَبَّةَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِلْعَمَلِ بِظُهُورِ ثَمَرَتِهِ، فَمَا كَانَ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ كَانَ أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ
(1)
عِبَارَةُ "عَنْ أَبِي بَكْرٍ" : سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(2)
سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/539، 540






وَرَسُولِهِ. وَقَدْ دَلَّ الْوَاقِعُ عَلَى أَنَّ رَأْيَ الْحَسَنِ كَانَ أَنْفَعَ لِلْمُسْلِمِينَ ; لِمَا ظَهَرَ مِنَ الْعَاقِبَةِ فِي هَذَا وَ [فِي] هَذَا [1] . .
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ لِلْحَسَنِ وَأُسَامَةَ: "«اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا»" [2] . .
وَكِلَاهُمَا كَانَ يَكْرَهُ الدُّخُولَ فِي الْقِتَالِ. أَمَّا أُسَامَةُ فَإِنَّهُ اعْتَزَلَ الْقِتَالَ، فَطَلَبَهُ عَلِيٌّ وَمُعَاوِيَةُ، فَلَمْ يُقَاتِلْ مَعَ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ. كَمَا اعْتَزَلَ أَكْثَرُ فُضَلَاءِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مِثْلَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ، وَأَبِي بَكْرَةَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَكَانَ مَا فَعَلَهُ الْحَسَنُ أَفْضَلَ عِنْدَ اللَّهِ مِمَّا فَعَلَهُ الْحُسَيْنُ ; فَإِنَّهُ وَأَخَاهُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، فَقُتِلَ الْحُسَيْنُ شَهِيدًا مَظْلُومًا.
وَصَارَ النَّاسُ فِي قَتْلِهِ ثَلَاثَةَ أَحْزَابٍ:
حِزْبٌ يَرَوْنَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَقٍّ، وَيَحْتَجُّونَ بِمَا فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«مَنْ جَاءَكُمْ وَأَمْرُكُمْ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ جَمَاعَتِكُمْ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ كَائِنًا مَنْ كَانَ»" [3] . . قَالُوا: وَهُوَ جَاءَ وَالنَّاسُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَأَرَادَ أَنْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَهُمْ.
وَحِزْبٌ يَرَوْنَ أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوهُ كُفَّارٌ، بَلْ يَرَوْنَ أَنَّ مَنْ لَمْ يَعْتَقِدْ إِمَامَتَهُ كَافِرٌ.
(1)
ن، م: وَفِي هَذَا وَهَذَا

(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/39

(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/564






وَالْحِزْبُ الثَّالِثُ - وَهُمْ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ - يَرَوْنَ أَنَّهُ قُتِلَ مَظْلُومًا شَهِيدًا، وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لَا يَتَنَاوَلُهُ بِوَجْهٍ، فَإِنَّهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا بَعَثَ ابْنَ عَمِّهِ عَقِيلًا إِلَى الْكُوفَةِ فَبَلَغَهُ أَنَّهُ قُتِلَ بَعْدَ أَنْ بَايَعَهُ طَائِفَةٌ، فَطَلَبَ [1] . الرُّجُوعَ إِلَى بَلَدِهِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ السَّرِيَّةُ الَّتِي قَتَلَتْهُ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَذْهَبُوا بِهِ إِلَى يَزِيدَ، أَوْ يَتْرُكُوهُ يَرْجِعُ إِلَى مَدِينَتِهِ، أَوْ يَتْرُكُوهُ يَذْهَبُ إِلَى الثَّغْرِ لِلْجِهَادِ، فَامْتَنَعُوا مِنْ هَذَا وَهَذَا، وَطَلَبُوا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ لِيَأْخُذُوهُ أَسِيرًا.
وَمَعْلُومٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَجِبُ تَمْكِينُهُ مِمَّا طَلَبَ، فَقَاتَلُوهُ ظَالِمِينَ لَهُ، وَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ مُرِيدًا لِتَفْرِيقِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا طَالِبًا لِلْخِلَافَةِ، وَلَا قَاتَلَ عَلَى طَلَبِ خِلَافَةٍ، بَلْ قَاتَلَ دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ لِمَنْ صَالَ عَلَيْهِ وَطَلَبَ أَسْرَهُ.
وَظَهَرَ بُطْلَانُ قَوْلِ الْحِزْبِ الْأَوَّلِ.
وَأَمَّا الْحِزْبُ الثَّانِي فَبُطْلَانُ قَوْلِهِ يُعْرَفُ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ: مِنْ أَظْهَرِهَا أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يُكَفِّرْ أَحَدًا مِمَّنْ قَاتَلَهُ، حَتَّى وَلَا الْخَوَارِجَ، وَلَا سَبَى ذُرِّيَّةَ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا غَنِمَ مَالَهُ، وَلَا حَكَمَ فِي أَحَدٍ مِمَّنْ قَاتَلَهُ بِحُكْمِ الْمُرْتَدِّينَ، كَمَا حَكَمَ أَبُو بَكْرٍ وَسَائِرُ الصَّحَابَةِ فِي بَنِي حَنِيفَةَ وَأَمْثَالِهِمْ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ، بَلْ عَلِيٌّ كَانَ يَتَرَضَّى [2] . عَنْ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ قَاتَلَهُ، وَيَحْكُمُ فِيهِمْ وَفِي أَصْحَابِ مُعَاوِيَةَ مِمَّنْ قَاتَلَهُ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ.
وَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّقْلِ الصَّحِيحِ أَنَّ مُنَادِيَهُ نَادَى يَوْمَ الْجَمَلِ: "لَا يُتْبَعُ مُدْبِرٌ،"
(1)
س، ب:. . طَائِفَةٌ فَبَلَغَ فَطَلَبَ، وَهُوَ خَطَأٌ

(2)
س، ب: بَلْ كَانَ يَتَرَضَّى





وَلَا يُجْهَزُ عَلَى جَرِيحٍ، وَلَا يُغْنَمُ مَالٌ "[1] . وَهَذَا مِمَّا أَنْكَرَتْهُ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِ، حَتَّى نَاظَرَهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي ذَلِكَ، كَمَا ذُكِرَ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ."
وَاسْتَفَاضَتِ الْآثَارُ [2] . عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ عَنْ قَتْلَى عَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ: إِنَّهُمْ جَمِيعًا مُسْلِمُونَ، لَيْسُوا كُفَّارًا وَلَا مُنَافِقِينَ، كَمَا قَدْ ذُكِرَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. وَكَذَلِكَ عَمَّارٌ وَغَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَكَانَتْ هَذِهِ الْأَحْزَابُ الثَّلَاثَةُ بِالْعِرَاقِ، [وَكَانَ بِالْعِرَاقِ أَيْضًا] [3] . طَائِفَةٌ نَاصِبَةٌ مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ تُبْغِضُ عَلِيًّا وَالْحُسَيْنَ، وَطَائِفَةٌ [4] . مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ تُبْغِضُ عُثْمَانَ وَأَقَارِبَهُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَسْمَاءَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«سَيَكُونُ فِي ثَقِيفٍ كَذَّابٌ وَمُبِيرٌ»" [5] . . فَكَانَ الْكَذَّابُ الَّذِي فِيهَا هُوَ الْمُخْتَارَ بْنَ عُبَيْدٍ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ هُوَ الْمُبِيرَ، وَكَانَ هَذَا يَتَشَيَّعُ لِعُثْمَانَ وَيُبْغِضُ شِيعَةَ عَلِيٍّ، وَكَانَ الْكَذَّابُ يَتَشَيَّعُ لَعَلِيٍّ، حَتَّى قَاتَلَ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ وَقَتَلَهُ، ثُمَّ ادَّعَى أَنَّ جِبْرِيلَ يَأْتِيهِ ; فَظَهَرَ كَذِبُهُ.
وَانْقَسَمَ النَّاسُ بِسَبَبِ هَذَا يَوْمَ [6] . عَاشُورَاءَ - الَّذِي قُتِلَ فِيهِ الْحُسَيْنُ - إِلَى قِسْمَيْنِ: فَالشِّيعَةُ اتَّخَذَتْهُ يَوْمَ مَأْتَمٍ وَحُزْنٍ يُفْعَلُ فِيهِ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ مَا
(1)
انْظُرِ الْبِدَايَةَ وَالنِّهَايَةَ 7/245

(2)
م: الْأَخْبَارُ

(3)
الْعِبَارَةُ بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ، وَأَثْبَتَهَا لِيَسْتَقِيمَ الْكَلَامُ

(4)
م: وَفَاطِمَةَ وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(5)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/69

(6)
ب: فِي يَوْمِ





لَا يَفْعَلُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ أَجْهَلِ النَّاسِ وَأَضَلِّهِمْ، وَقَوْمٌ اتَّخَذُوهُ [1] بِمَنْزِلَةِ الْعِيدِ، فَصَارُوا يُوَسِّعُونَ فِيهِ فِيهِ: [2] . النَّفَقَاتِ وَالْأَطْعِمَةِ وَاللِّبَاسِ، وَرَوَوْا فِيهِ أَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً، كَقَوْلِهِ: "«مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ»" وَهَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3] . قَالَ حَرْبٌ الْكِرْمَانِيُّ: سُئِلَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: لَا أَصْلَ لَهُ. وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَرْوِيهِ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: بَلَغَنَا «أَنَّهُ مَنْ وَسَّعَ عَلَى أَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ» . قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: جَرَّبْنَاهُ مِنْ سِتِّينَ سَنَةً فَوَجَدْنَاهُ صَحِيحًا.
قُلْتُ: وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْتَشِرِ هَذَا مِنْ فُضَلَاءِ الْكُوفِيِّينَ، لَكِنْ لَمْ يَكُنْ يَذْكُرُ مِمَّنْ سَمِعَهُ وَلَا عَمَّنْ بَلَغَهُ [4] . . وَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا أَظْهَرَهُ بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ عَلَى الْحُسَيْنِ، لِيُتَّخَذَ يَوْمُ قَتْلِهِ عِيدًا، فَشَاعَ هَذَا عِنْدَ الْجُهَّالِ الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى السُّنَّةِ، حَتَّى رُوِيَ فِي حَدِيثٍ: أَنَّ يَوْمَ عَاشُورَاءَ جَرَى كَذَا وَجَرَى كَذَا، حَتَّى جَعَلُوا أَكْثَرَ حَوَادِثِ الْأَنْبِيَاءِ كَانَتْ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، مِثْلَ مَجِيءِ قَمِيصِ يُوسُفَ إِلَى يَعْقُوبَ وَرَدِّ بَصَرِهِ، وَعَافِيَةِ أَيُّوبَ، وَفِدَاءِ الذَّبِيحِ، وَأَمْثَالِ هَذَا. وَهَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ" [5] . وَإِنْ كَانَ قَدْ رَوَاهُ هُوَ فِي كِتَابِ "النُّورِ فِي"
(1)
س، ب: اتَّخَذَتْهُ

(2)
سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)

(3)
سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ فِيمَا سَبَقَ 2/69، 4/329

(4)
ن، س: وَلَا مَنْ بَلَّغَهُ، م: وَإِلَى مَنْ بَلَغَهُ

(5)
انْظُرْ: "الْمَوْضُوعَاتِ" 2/199 - 204





فَضَائِلِ الْأَيَّامِ وَالشُّهُورِ "[1] . وَذَكَرَ عَنِ ابْنِ نَاصِرٍ شَيْخِهِ أَنَّهُ قَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ، وَإِسْنَادُهُ عَلَى شَرْطِ الصَّحِيحِ، فَالصَّوَابُ مَا ذَكَرَهُ فِي" الْمَوْضُوعَاتِ "وَهُوَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ. وَابْنُ نَاصِرٍ رَاجَ عَلَيْهِ ظُهُورُ حَالِ رِجَالِهِ، وَإِلَّا فَالْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ، لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَعْرُوفِينَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ، وَإِنَّمَا دُلِّسَ عَلَى بَعْضِ الشُّيُوخِ الْمُتَأَخِّرِينَ."
كَمَا جَرَى مِثْلُ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ [2] . أُخَرَ، حَتَّى فِي أَحَادِيثَ نُسِبَتْ إِلَى مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَلَيْسَتْ مِنْهُ، مِثْلَ حَدِيثٍ رَوَاهُ عَبْدُ الْقَادِرِ بْنُ يُوسُفَ، عَنِ ابْنِ الْمُذَهَّبِ، عَنِ الْقَطِيعِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُثَنَّى [3] .، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "«الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، مِنْهُ بَدَأَ، وَإِلَيْهِ يَعُودُ»" وَهَذَا الْقَوْلُ صَحِيحٌ مُتَوَاتِرٌ عَنِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ قَالُوا ذَلِكَ، لَكِنَّ رِوَايَةَ هَذَا اللَّفْظِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَذِبٌ، وَعَزْوُهُ إِلَى الْمُسْنَدِ لِأَحْمَدَ كَذِبٌ ظَاهِرٌ [4] . ; فَإِنَّ مُسْنَدَهُ مَوْجُودٌ وَلَيْسَ هَذَا فِيهِ.
(1)
ذَكَرَهُ ابْنُ رَجَبٍ فِي "الذَّيْلِ عَلَى طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ" 1/420 وَقَالَ عَنْهُ: مُجَلَّدٌ ""

(2)
م: أَكَاذِيبَ

(3)
م: عَنْ أَبِيهِ ابْنِ الْمُثَنَّى

(4)
لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ وَهُنَاكَ أَحَادِيثُ مَوْضُوعَةٌ كَثِيرَةٌ مُقَارِبَةُ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَذَكَرَ بَعْضَهَا السُّيُوطِيُّ فِي "اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ" 1/4 - 7 مِنْهَا. . . عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَقَدْ كَفَرَ، وَمِنْهَا عَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: كُلُّ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَخْلُوقٌ غَيْرَ اللَّهِ وَالْقُرْآنِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَلَامُهُ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ وَسَيَجِيءُ أَقْوَامٌ. . . إِلَخْ. وَذَكَرَ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ أَيْضًا ابْنُ عِرَاقٍ الْكِنَانِيُّ فِي "تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ" 1/134 - 135، وَعَلِيٌّ الْقَارِئُ فِي "الْأَسْرَارِ الْمَرْفُوعَةِ" ص 57، 259 وَانْظُرْ قَوْلَهُ (ص 479) : وَقَالَ "الْخَلِيلِيُّ فِي كِتَابِ الْإِرْشَادِ) : وَهَذَا مِثْلُ إِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَجَمِيعِ أَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ مَنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَيْسَ هَذَا اللَّفْظُ حَدِيثَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -"





وَأَحْمَدُ إِمَامُ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي زَمَنِ الْمِحْنَةِ، وَقَدْ جَرَى لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْقُرْآنِ مَا اشْتُهِرَ فِي الْآفَاقِ، وَكَانَ يَحْتَجُّ لِأَنَّ [1] . الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ بِحُجَجٍ كَثِيرَةٍ مَعْرُوفَةٍ عَنْهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْحَدِيثَ قَطُّ، وَلَا احْتَجَّ بِهِ، فَكَيْفَ يَكُونُ هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَهُ وَلَا يَحْتَجُّ بِهِ؟ ! وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا عُرِفَ عَنْ هَذَا الشَّيْخِ، وَكَانَ بَعْضُ مَنْ قَرَأَ عَلَيْهِ دَسَّهُ فِي جُزْءٍ فَقَرَأَهُ عَلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ، فَرَاجَ ذَلِكَ عَلَى مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ.
وَكَذَلِكَ حَدِيثُ عَاشُورَاءَ، وَالَّذِي صَحَّ فِي فَضْلِهِ هُوَ صَوْمُهُ، وَأَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنَةً، وَأَنَّ اللَّهَ نَجَّى فِيهِ مُوسَى مِنَ الْغَرَقِ، وَقَدْ بَسَطْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، وَبَيَّنَّا أَنَّ كُلَّ مَا يُفْعَلُ فِيهِ - سِوَى الصَّوْمِ - بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، لَمْ يَسْتَحِبَّهَا [2] . أَحَدٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ، مِثْلَ الِاكْتِحَالِ، وَالْخِضَابِ، وَطَبْخِ الْحُبُوبِ، وَأَكْلِ لَحْمِ الْأُضْحِيَةِ، وَالتَّوْسِيعِ فِي النَّفَقَةِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَأَصْلُ هَذَا مِنِ ابْتِدَاعِ قَتَلَةِ الْحُسَيْنِ وَنَحْوِهِمْ [3] .
وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ وَأَعْظَمُ مَا تَفْعَلُهُ الرَّافِضَةُ مِنِ اتِّخَاذِهِ مَأْتَمًا يُقْرَأُ فِيهِ الْمَصْرَعُ، وَيُنْشَدُ فِيهِ قَصَائِدُ النِّيَاحَةِ، وَيُعَطِّشُونَ فِيهِ أَنْفُسَهُمْ، وَيَلْطِمُونَ فِيهِ [4] . الْخُدُودَ، وَيَشُقُّونَ الْجُيُوبَ، وَيَدْعُونَ فِيهِ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ.
(1)
م: أَنَّ

(2)
م: لَمْ يُبِحْهَا

(3)
لِابْنِ تَيْمِيَّةَ رِسَالَةٌ أَجَابَ فِيهَا عَلَى سُؤَالٍ عَمَّا يَفْعَلُهُ النَّاسُ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ مِنَ الْبِدَعِ نُشِرَتْ فِي فَتَاوَى الرِّيَاضِ ج. 25 ص 299 - 317.

(4)
فِيهِ: زِيَادَةٌ فِي (ن)





وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«لَيْسَ مِنَّا مَنْ ضَرَبَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ»" [1] . .
وَهَذَا مَعَ حَدَثَانِ الْعَهْدِ بِالْمُصِيبَةِ، فَكَيْفَ [2] . إِذَا كَانَتْ بَعْدَ سِتَّمِائَةٍ وَنَحْوِ سَبْعِينَ سَنَةً؟ وَقَدْ قُتِلَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنَ الْحُسَيْنِ، وَلَمْ يَجْعَلِ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ الْيَوْمَ مَأْتَمًا.
وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ عَنْ [3] فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ - وَكَانَتْ قَدْ شَهِدَتْ قَتْلَهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصَابُ بِمُصِيبَةٍ، فَيَذْكُرُ مُصِيبَتَهُ وَإِنْ قَدُمَتْ، فَيُحْدِثُ لَهَا اسْتِرْجَاعًا، إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِهِ يَوْمَ أُصِيبَ بِهَا»" [4] .
فَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ السُّنَّةَ فِي الْمُصِيبَةِ إِذَا ذُكِرَتْ، وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهَا، أَنْ يُسْتَرْجَعَ [5] .، كَمَا جَاءَ بِذَلِكَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ.
قَالَ تَعَالَى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ - الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ - أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 155 - 157] .
وَأَقْبَحُ مِنْ ذَلِكَ نَتْفُ النَّعْجَةِ تَشْبِيهًا لَهَا بِعَائِشَةَ، وَالطَّعْنُ فِي الْجِبْسِ الَّذِي فِي جَوْفِهِ سَمْنٌ تَشْبِيهًا لَهُ بِعُمَرَ، وَقَوْلُ الْقَائِلِ: يَا ثَارَاتِ أَبِي لُؤْلُؤَةَ! إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مُنْكَرَاتِ الرَّافِضَةِ، فَإِنَّهُ يَطُولُ وَصْفُهَا.
(1)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/52، 53

(2)
ن، س، ب: فَتَكُونُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(3)
ن، م: أَنَّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ

(4)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/551.

(5)
ن، س: فِي الْمُصِيبَةِ الِاسْتِرْجَاعُ إِذَا ذُكِرَتْ وَإِنْ تَقَادَمَ عَهْدُهَا





وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَا أَحْدَثُوهُ مِنَ الْبِدَعِ فَهُوَ مُنْكَرٌ، وَمَا أَحْدَثَهُ مَنْ يُقَابِلُ بِالْبِدْعَةِ الْبِدْعَةَ، وَيُنْسَبُ إِلَى السُّنَّةِ، هُوَ أَيْضًا مُنْكَرٌ مُبْتَدَعٌ. وَالسُّنَّةُ مَا سَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ بَرِيَّةٌ مِنْ كُلِّ بِدْعَةٍ، فَمَا يُفْعَلُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنِ اتِّخَاذِهِ عِيدًا بِدْعَةٌ أَصْلُهَا مِنْ بِدَعِ النَّوَاصِبِ، وَمَا يُفْعَلُ مِنِ اتِّخَاذِهِ مَأْتَمًا بِدْعَةٌ أَشْنَعُ مِنْهَا، وَهِيَ مِنَ الْبِدَعِ الْمَعْرُوفَةِ فِي الرَّوَافِضِ، وَقَدْ بَسَطْنَا هَذِهِ الْأُمُورَ س، ب. . . الْأُمُورَ وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ. .
[فصل قال الرافضي السادس أن عليا رضي الله عنه كان مستجاب الدعوة والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "السَّادِسُ أَنَّهُ كَانَ مُسْتَجَابَ الدُّعَاءِ [2] . دَعَا عَلَى بُسْرِ بْنِ أَرْطَأَةَ [3] بِأَنْ يَسْلُبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَقْلَهُ فَخُولِطَ فِيهِ، وَدَعَا عَلَى الْعَيْزَارِ [4] بِالْعَمَى فَعَمِيَ، وَدَعَا عَلَى أَنَسٍ [5] لَمَّا"
(1)
فِي (ك) ص 188 (م) - 189 (م) .

(2)
م: الدَّعْوَةِ.

(3)
ن، م، س، ك: بِشْرَ بْنَ أَرْطَاهْ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) وَهُوَ الصَّوَابُ. وَهُوَ عُمَيْرُ بْنُ عُوَيْمِرِ بْنِ عِمْرَانَ. تَرْجَمَتُهُ فِي "الْإِصَابَةِ 1/152 وَقَالَ:" بُسْرُ بْنُ أَرْطَاةَ أَوِ ابْنُ أَبِي أَرْطَاةَ. قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَنْ قَالَ: ابْنُ أَبِي أَرْطاةَ فَقَدْ وَهِمَ "طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ 7/409، تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 1/435 - 436، الْأَعْلَامَ 2/23 وَوَفَاتُهُ فِيهِ سَنَةَ 23) ."

(4)
ك: الْغَيْزَارِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ وَهُوَ الْعَيْزَارِ بْنِ الْأَخْنَسِ، ذَكَرَهُ الطَّبَرِيُّ فِي تَارِيخِهِ 5/89 (ط. الْمَعَارِفِ) .

(5)
ك: أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.





كَتَمَ شَهَادَتَهُ بِالْبَرَصِ فَأَصَابَهُ، وَعَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِالْعَمَى فَعَمِيَ "[1] ."
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الصَّحَابَةِ أَكْثَرُ مِنْهُ، وَمِمَّنْ بَعْدَ الصَّحَابَةِ، مَا دَامَ فِي الْأَرْضِ مُؤْمِنٌ. وَكَانَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ لَا تُخْطِئُ لَهُ دَعْوَةٌ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«اللَّهُمَّ سَدِّدْ رَمْيَتَهُ وَأَجِبْ دَعْوَتَهُ»" [2] . وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَى الْكُوفَةِ مَنْ يَسْأَلُ عَنْ سَعْدٍ، فَكَانَ النَّاسُ يُثْنُونَ خَيْرًا، حَتَّى سُئِلَ عَنْهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ فَقَالَ: أَمَّا إِذْ أَنْشَدْتُمُونَا سَعْدًا، فَكَانَ لَا يَخْرُجُ فِي السَّرِيَّةِ، وَلَا يَعْدِلُ فِي الرَّعِيَّةِ، وَلَا يَقْسِمُ بِالسَّوِيَّةِ. فَقَالَ سَعْدٌ: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ كَاذِبًا، قَامَ رِيَاءً وَسُمْعَةً، فَأَطِلْ عُمْرَهُ، وَعَظِّمْ فَقْرَهُ، وَعَرِّضْهُ لِلْفِتَنِ" فَكَانَ يُرَى وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ، تَدَلَّى حَاجِبَاهُ مِنَ الْكِبَرِ، يَتَعَرَّضُ لِلْجَوَارِي يَغْمِزُهُنَّ فِي الطُّرُقَاتِ، وَيَقُولُ: "شَيْخٌ كَبِيرٌ مَفْتُونٌ أَصَابَتْنِي دَعْوَةُ سَعْدٍ" [3] .
(1)
ك: - فَعَمِيَ، وَدَعَا عَلَى حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ بِعَمَى قَلْبِهِ بَعْدَمَا كَانَ قَدْ عَمِيَ، وَكَانَ فِي زُقَاقِ مَكَّةَ بِلَا عَصًا، فَلَمَّا دَعَا لَمْ يَعُدْ (فِي الْأَصْلِ: لَمْ يَجِدْ) يَهْتَدِي طَرِيقًا.

(2)
الْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْمُسْتَدْرَكِ 3/500. وَقَالَ الْحَاكِمُ: "هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى بْنُ هَانِئِ بْنِ خَالِدٍ الشَّجَرِيِّ، وَهُوَ شَيْخٌ ثِقَةٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ" وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ.

(3)
الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: الْبُخَارِيِّ 1/147 كِتَابُ الْأَذَانِ بَابُ وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ لِلْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا.) مُسْلِمٍ 1/334 - 335 (كِتَابُ الصَّلَاةِ، بَابُ الْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ) سُنَنِ النَّسَائِيِّ 2/135 (كِتَابُ الِافْتِتَاحِ، بَابُ الرُّكُودِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 4/264.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #469  
قديم 26-06-2025, 03:33 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (469)
صـ 155 إلى صـ 164



وَكَذَلِكَ سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ، كَانَ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ. فَرَوَى حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَرْوَى بِنْتَ أَوْسٍ اسْتَعْدَتْ مَرْوَانَ عَلَى سَعِيدٍ، وَقَالَتْ: "سَرَقَ مِنْ أَرْضِي مَا أَدْخَلَهُ فِي أَرْضِهِ" فَقَالَ سَعِيدٌ: "اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ كَاذِبَةً فَأَذْهِبْ بَصَرَهَا، وَاقْتُلْهَا فِي أَرْضِهَا" فَذَهَبَ بَصَرُهَا، وَمَاتَتْ فِي أَرْضِهَا [1] .
وَالْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ كَانَ يُقْسِمُ عَلَى اللَّهِ فَيَبَرُّ قَسَمَهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ: "«إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ، مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ»" [2] .
وَالْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ، نَائِبُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نَائِبُ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى الْبَحْرَيْنِ، مَشْهُورٌ بِإِجَابَةِ الدُّعَاءِ. رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِإِسْنَادِهِ، قَالَ سَهْمُ بْنُ مِنْجَابٍ: غَزَوْنَا مَعَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ دَارِينَ [3] ، فَدَعَا بِثَلَاثِ دَعَوَاتٍ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيهِنَّ كُلِّهِنَّ، قَالَ: سِرْنَا مَعَهُ، وَنَزَلْنَا مَنْزِلًا، وَطَلَبْنَا الْوُضُوءَ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ دَعَا اللَّهَ، فَقَالَ: اللَّهُ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، إِنَّا عَبِيدُكَ، وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، فَاسْقِنَا غَيْثًا نَشْرَبُ مِنْهُ
(1)
الْحَدِيثُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي: مُسْلِمٍ 3/1230 - 1231 (كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ وَغَصْبِ الْأَرْضِ وَغَيْرِهَا) وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) الْأَرْقَامُ 1640 - 1649.

(2)
سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/482.

(3)
قَالَ يَاقُوتٌ فِي "مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ" دَارِينُ فُرْضَةٌ بِالْبَحْرَيْنِ يُجْلَبُ إِلَيْهَا الْمِسْكُ مِنَ الْهِنْدِ، وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا دَارِيٌّ. . . وَفِي كِتَابِ "سَيْفٍ" أَنَّ الْمُسْلِمِينَ اقْتَحَمُوا إِلَى دَارِينَ الْبَحْرَ مَعَ الْعَلَاءِ الْحَضْرَمِيِّ فَأَجَازُوا ذَلِكَ الْخَلِيجَ بِإِذْنِ اللَّهِ. . . وَإِنَّ مَا بَيْنَ السَّاحِلِ وَدَارِينَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِسَفَرِ الْبَحْرِ فِي بَعْضِ الْحَالَاتِ "."






وَنَتَوَضَّأُ مِنَ الْإِحْدَاثِ، وَإِذَا تَرَكْنَاهُ فَلَا تَجْعَلْ فِيهِ نَصِيبًا لِأَحَدٍ غَيْرِنَا. قَالَ: فَمَا جَاوَزْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَإِذَا نَحْنُ بِبِئْرٍ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ تَتَدَفَّقُ. قَالَ: فَنَزَلْنَا فَرَوَيْنَا [1] ، وَمَلَأْتُ إِدَاوَتِي [2] ، ثُمَّ تَرَكْتُهَا وَقُلْتُ: لَأَنْظُرَنَّ هَلِ اسْتُجِيبَ لَهُ؟ فَسِرْنَا مِيلًا أَوْ نَحْوَهُ، فَقُلْتُ لِأَصْحَابِي: إِنِّي نَسِيتُ إِدَاوَتِي [3] ، فَجِئْتُ إِلَى ذَلِكَ الْمَكَانِ، فَكَأَنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَاءٌ قَطُّ، فَأَخَذْتُ إِدَاوَتِي [4] ، فَلَمَّا أَتَيْتُ دَارِينَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الْبَحْرُ، فَدَعَا لِلَّهِ فَقَالَ: اللَّهُ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، إِنَّا عَبِيدُكَ وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ، فَاجْعَلْ لَنَا سَبِيلًا إِلَى عَدُوِّكَ. ثُمَّ اقْتَحَمَ بِنَا [5] الْبَحْرَ، فَوَاللَّهِ مَا ابْتَلَّتْ سُرُوجُنَا، ثُمَّ خَرَجْنَا إِلَيْهِمْ، فَلَمَّا رَجَعْنَا اشْتَكَى الْبَطْنَ فَمَاتَ، فَلَمْ نَجِدْ مَاءً نُغَسِّلُهُ، فَلَفَفْنَاهُ فِي ثِيَابِهِ، فَدَفَنَّاهُ، فَلَمَّا سِرْنَا غَيْرَ بَعِيدٍ إِذَا نَحْنُ بِمَاءٍ كَثِيرٍ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ارْجِعُوا نَسْتَخْرِجْهُ فَنُغَسِّلْهُ، فَرَجَعْنَا فَخَفِيَ عَلَيْنَا قَبْرُهُ، فَلَمْ نَقْدِرْ عَلَيْهِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: إِنِّي سَمِعْتُهُ يَدْعُو اللَّهَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ يَا عَلِيمُ يَا حَكِيمُ، يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ، اخْفِ حُفْرَتِي، وَلَا تُطْلِعْ عَلَى عَوْرَتِي أَحَدًا، فَرَجَعْنَا وَتَرَكْنَاهُ [6] .
وَقَدْ كَانَ عُمَرُ دَعَا بِدَعَوَاتٍ أُجِيبَ فِيهَا، مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا نَازَعَهُ بِلَالٌ وَطَائِفَةٌ مَعَهُ فِي الْقِسْمَةِ - قِسْمَةِ الْأَرْضِ - فَقَالَ: "اللَّهُمَّ اكْفِنِي بِلَالًا وَذَوِيهِ" فَمَا حَالَ الْحَوْلُ وَمِنْهُمْ عَيْنٌ تَطَرِفُ [7] .
(1)
ن، م، س: فَتَرَوَّيْنَا.

(2)
م: إِدَاوِينَا، س، ب: أَدَوَاتِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ.

(3)
س، ب: أَدَوَاتِي.

(4)
س، ب: أَدَوَاتِي.

(5)
س، ب، مَعَنَا.

(6)
ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "صِفَةِ الصَّفْوَةِ" 1/290 (ط. حَيْدَرَ آبَادَ، 1355) .

(7)
سَبَقَ ذِكْرُ هَذَا الْخَبَرِ فِيمَا مَضَى.






وَقَالَ: "اللَّهُمَّ قَدْ [1] كَبِرَتْ سِنِّي، وَانْتَشَرَتْ رَعِيَّتِي، فَاقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ وَلَا مُضَيِّعٍ" فَمَاتَ مِنْ عَامِهِ [2] .
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ جِدًّا. وَقَدْ صَنَّفَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي "مُجَابِي الدَّعْوَةِ" كِتَابًا [3] ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَصَ الْمَذْكُورَةَ عَنْ عَلِيٍّ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا إِسْنَادًا، فَتَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ الصِّحَّةِ، مَعَ أَنَّ فِيهَا مَا هُوَ كَذِبٌ لَا رَيْبَ فِيهِ، كَدُعَائِهِ عَلَى أَنَسٍ بِالْبَرَصِ، وَدُعَائِهِ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ بِالْعَمَى.
[فصل قال الرافضي: السابع أنه لما توجه إلى صفين لحق أصحابه عطش شديد والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : "السَّابِعُ: أَنَّهُ لَمَّا تَوَجَّهَ إِلَى صِفِّينَ لَحِقَ أَصْحَابَهُ عَطَشٌ شَدِيدٌ، فَعَدَلَ بِهِمْ قَلِيلًا، فَلَاحَ لَهُمْ دَيْرٌ فَصَاحُوا بِسَاكِنِهِ، فَسَأَلُوهُ عَنِ الْمَاءِ، فَقَالَ: بَيْنِي وَبَيْنَهُ أَكْثَرُ مِنْ فَرْسَخَيْنِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُوتَى مَا يَكْفِينِي [5] كُلَّ شَهْرٍ عَلَى التَّقْتِيرِ لِتَلِفْتُ عَطَشًا،"
(1)
قَدْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) .

(2)
ذَكَرَ هَذَا الْخَبَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "تَارِيخِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ" ص. 180 عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَزَادَ: وَفِي رِوَايَةٍ: فَمَا انْسَلَخَ ذُو الْحِجَّةِ حَتَّى طُعِنَ فَمَاتَ "."

(3)
هُوَ أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ سُفْيَانَ، ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا الْقُرَشِيُّ الْأُمَوِيُّ الْبَغْدَادِيُّ مُحَدِّثٌ، لَهُ مُصَنَّفَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي الْوَعْظِ وَالْأَخْلَاقِ وَالزُّهْدِ، وُلِدَ سَنَةَ 208 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 281. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي: فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ 1/494 - 495، تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 6/12 - 13، مُعْجَمِ الْمُؤَلِّفِينَ 6/131، الْأَعْلَامِ 4/260 وَتُوجَدُ مِنْ كِتَابِ "مُجَابُو الدَّعْوَةِ" نُسْخَةٌ خَطِّيَّةٌ فِي مَكَّةَ كُوبْرِيلِّي بِتُرْكِيَا رَقْمُ 1584، وَتُوجَدُ مِنْهَا مُصَوَّرَةٌ فِي مَعْهَدِ الْمَخْطُوطَاتِ بِالْجَامِعَةِ الْعَرَبِيَّةِ بِالْقَاهِرَةِ (تَصَوُّفٌ وَآدَابٌ شَرْعِيَّةٌ رَقْمُ 454) .

(4)
فِي (ك) ص 188 (م) - 189 (م) .

(5)
م: أُوتَى بِمَا يَكْفِينِي ك: أُوتَى بِمَاءٍ يَكْفِينِي.





فَأَشَارَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِلَى مَكَانٍ قَرِيبٍ مِنَ الدَّيْرِ، وَأَمَرَ بِكَشْفِهِ، فَوَجَدُوا صَخْرَةً عَظِيمَةً، فَعَجِزُوا عَنْ إِزَالَتِهَا، فَقَلَعَهَا وَحْدَهُ، ثُمَّ شَرِبُوا الْمَاءَ، فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ [1] الرَّاهِبُ، فَقَالَ [2] : أَنْتَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ؟ فَقَالَ [3] : لَا، وَلَكِنِّي وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَسْلَمَ عَلَى يَدِهِ [4] ، وَقَالَ: إِنَّ هَذَا الدَّيْرَ بُنِيَ عَلَى طَالِبِ هَذِهِ [5] الصَّخْرَةِ، وَمَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا، وَقَدْ مَضَى جَمَاعَةٌ [6] قَبْلِي لَمْ يُدْرِكُوهُ. وَكَانَ الرَّاهِبُ مِنْ جُمْلَةِ مَنِ اسْتُشْهِدَ مَعَهُ، وَنَظَمَ الْقِصَّةَ [7] السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ فِي قَصِيدَتِهِ "[8] ."
وَالْجَوَابُ: أَنَّ هَذَا مِنْ جِنْسِ أَمْثَالِهِ مِنَ الْأَكَاذِيبِ الَّتِي يَظُنُّهَا [9] الْجُهَّالُ مِنْ أَعْظَمِ مَنَاقِبِ عَلِيٍّ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ، بَلِ الَّذِي وَضَعَ هَذِهِ كَانَ جَاهِلًا بِفَضْلِ عَلِيٍّ، وَبِمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمَمَادِحِ، فَإِنَّ الَّذِي فِيهِ مِنَ الْمَنْقَبَةِ أَنَّهُ أَشَارَ إِلَى صَخْرَةٍ فَوَجَدُوا تَحْتَهَا الْمَاءَ، وَأَنَّهُ قَلَعَهَا. وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي لِخَلْقٍ كَثِيرٍ، عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - [10] - أَفْضَلُ مِنْهُمْ، بَلْ فِي الْمُحِبِّينَ لِأَبِي بَكْرٍ
(1)
ك: إِلَيْهِ

(2)
م: وَقَالَ، ك: فَقَالَ لَهُ.

(3)
ك: أَنْتَ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ أَوْ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ؟ قَالَ. .

(4)
م: يَدَيْهِ.

(5)
ك: عَلَى طَالِبٍ قَالِعٍ هَذِهِ. . .

(6)
س، ب: وَقَدْ مَضَى مِنْ تَحْتِهَا جَمَاعَةٌ.

(7)
ن، س، ب: الْقَضِيَّةَ.

(8)
ك:. . الْحِمْيَرِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي قَصِيدَتِهِ الْمُذَهَّبَةِ.

(9)
ن، م، س: يَطْلُبُهَا.

(10) س، ب: عَنْهُمْ.




وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ مَنْ يَجْرِي لَهُمْ أَضْعَافُ هَذَا، وَأَفْضَلُ مِنْ هَذَا وَهَذَا، وَإِنْ كَانَ إِذَا جَرَى عَلَى يَدِ بَعْضِ الصَّالِحِينَ كَانَ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ وَكَرَامَةً لَهُ، فَقَدْ يَقَعُ مِثْلُ ذَلِكَ لِمَنْ لَيْسَ مِنَ الصَّالِحِينَ كَثِيرًا.
وَأَمَّا سَائِرُ مَا فِيهَا، مِثْلَ قَوْلِهِ: "إِنَّ هَذَا الدَّيْرَ بُنِيَ عَلَى طَالِبِ هَذِهِ الصَّخْرَةِ، وَمَخْرَجُ الْمَاءِ مِنْ تَحْتِهَا" .
فَلَيْسَ هَذَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا تُبْنَى الْكَنَائِسُ وَالدَّيَّارَاتُ وَالصَّوَامِعُ عَلَى أَسْمَاءِ الْمُقْتَدِيَةِ بِسِيَرِ النَّصَارَى، فَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَبْنُونَ مَعَابِدَهُمْ - وَهِيَ الْمَسَاجِدُ الَّتِي أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ - إِلَّا عَلَى اسْمِ اللَّهِ، لَا عَلَى اسْمِ مَخْلُوقٍ.
وَقَوْلُ [1] الرَّاهِبِ: "أَنْتَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ أَوْ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ" يَدُلُّ عَلَى جَهْلِهِ، وَأَنَّهُ مِنْ أَضَلِّ الْخَلْقِ ; فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَشْرَبُ الْمَاءَ، وَلَا تَحْتَاجُ [إِلَى] [2] أَنْ تَسْتَخْرِجَهُ مِنْ تَحْتِ صَخْرَةٍ. وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الرَّاهِبَ قَدْ سَمِعَ بِخَبَرِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ فَتَحُوا تِلْكَ الْمَوَاضِعَ، فَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يُبْعَثَ رَسُولٌ بَعْدَ الْمَسِيحِ، فَمُحَمَّدٌ هُوَ الرَّسُولُ، وَمُعْجِزَاتُهُ ظَاهِرَةٌ بَاطِنَةٌ، فَإِنْ صَدَّقَهُ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ فَكَيْفَ يَعْتَقِدُ فِي غَيْرِهِ أَنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ بِمُجَرَّدِ دَلَالَتِهِ عَلَى مَاءٍ تَحْتَ صَخْرَةٍ، أَوْ لِكَوْنِ الدَّيْرِ بُنِيَ عَلَى اسْمِهِ، وَهُمْ يَبْنُونَ الدَّيَّارَاتِ عَلَى أَسْمَاءِ خَلْقٍ كَثِيرٍ لَيْسُوا مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَلَا الرُّسُلِ؟ !
وَمَا فِيهِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ: "وَلَكِنِّي وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"
(1)
س، ب: فَقَوْلُ.

(2)
إِلَى: لَيْسَتْ فِي (ن)





هُوَ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى عَلِيٍّ، وَأَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدَّعِ هَذَا قَطُّ، لَا فِي خِلَافَةِ الثَّلَاثَةِ وَلَا لَيَالِي صِفِّينَ. وَقَدْ كَانَتْ لَهُ مَعَ مُنَازِعِيهِ مُنَاظَرَاتٌ وَمَقَامَاتٌ، مَا ادَّعَى هَذَا قَطُّ، وَلَا ادَّعَاهُ أَحَدٌ لَهُ. وَقَدْ حَكَّمَ الْحَكَمَيْنِ، وَأَرْسَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ لِمُنَاظَرَةِ الْخَوَارِجِ، فَذَكَرُوا فَضَائِلَهُ وَسَوَابِقَهُ وَمَنَاقِبَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَطُّ أَنَّهُ وَصِيُّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا مِمَّا تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، بِدُونِ هَذِهِ الْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لِنَقْلِهِ لَوْ كَانَ حَقًّا، فَكَيْفَ مَعَ هَذِهِ الْأَسْبَابِ؟ !
فَلَمَّا رَوَوْا فَضَائِلَهُ وَمَنَاقِبَهُ، كَقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "«لَأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، [وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ] " [1] .
وَكَقَوْلِهِ عَامَ تَبُوكَ: "«أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي»" [2] .
وَقَوْلُهُ: "«أَنْتَ مِنِّي وَأَنَا مِنْكَ»" [3] ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ فَضَائِلِهِ، وَلَمْ يَرْوُوا هَذَا مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى ذِكْرِهِ [وَلَا ادَّعَاهُ عَلِيٌّ قَطُّ مَعَ مَسِيسِ الْحَاجَةِ إِلَى ذِكْرِهِ] [4] - عُلِمَ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا افْتَرَاهُ الْكَذَّابُونَ.
[فصل قال الرافضي الثامن قتل علي لكفار الجن والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [5] : "الثَّامِنُ: مَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا خَرَجَ إِلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ ; حَيْثُ خَرَجُوا عَنِ"
(1)
وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) وَتَقَدَّمَ الْحَدِيثُ مِنْ قَبْلُ 4/289.

(2)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/501 وَأَوَّلُهُ هُنَاكَ: وَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ. . . . 5/42.

(3)
تَقَدَّمَ هَذَا الْحَدِيثُ 4/34

(4)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوقَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ.

(5)
فِي (ك) ص 189 (م) .





الطَّرِيقِ [1] ، وَأَدْرَكَهُ اللَّيْلُ، بِقُرْبِ [2] وَادٍ وَعْرٍ، فَهَبَطَ جِبْرِيلُ وَأَخْبَرَهُ أَنَّ [3] طَائِفَةً مِنْ كُفَّارِ الْجِنِّ قَدِ اسْتَبْطَنُوا الْوَادِيَ يُرِيدُونَ كَيْدَهُ وَإِيقَاعَ الشَّرِّ بِأَصْحَابِهِ، فَدَعَا بِعَلِيٍّ وَعَوَّذَهُ، وَأَمَرَهُ [4] بِنُزُولِ الْوَادِي، فَقَتَلَهُمْ» "."
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ أَوَّلًا: عَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ هَذَا، وَإِهْلَاكُ الْجِنِّ مَوْجُودٌ لِمَنْ هُوَ دُونَ عَلِيٍّ، لَكِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَكْذُوبَةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلَى عَلِيٍّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ، وَلَمْ يَجْرِ فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
وَقَوْلُهُ: "إِنَّ هَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ" إِنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ أَنَّهُ مَرْوِيٌّ بِإِسْنَادٍ ثَابِتٍ، أَوْ فِي كِتَابٍ يُعْتَمَدُ عَلَى مُجَرَّدِ نَقْلِهِ، أَوْ صَحَّحَهُ مَنْ يَرْجِعُ إِلَى تَصْحِيحِهِ - فَلَيْسَ كَذَلِكَ.
وَإِنْ أَرَادَ [أَنَّ] [5] جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ رَوَوْهُ فَهَذَا كَذِبٌ. وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ رَوَاهُ مَنْ لَا يَقُومُ بِرِوَايَتِهِ حُجَّةٌ، فَهَذَا لَا يُفِيدُ.
وَمِنْ هَذَا الْجِنْسِ مَا يُرْوَى أَنَّهُ قَاتَلَ الْجِنَّ فِي بِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ، وَهُوَ حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ.
(1)
ك: جُنِّبَ عَنِ الطَّرِيقِ.

(2)
ك:. . اللَّيْلُ فَنَزَلَ بِقُرْبِ.

(3)
ك: جِبْرَئِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - آخِرَ اللَّيْلِ وَأَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ - أَنَّ. .

(4)
ن، س: وَأَمَرَهُمْ، م فَأَمَرَهُمْ، ك: وَأَمَرَ.

(5)
أَنَّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) .





وَعَلِيٌّ أَجَلُّ قَدْرًا مِنْ أَنْ تَثْبُتَ الْجِنُّ لِقِتَالِهِ، وَلَمْ يُقَاتِلْ أَحَدٌ مِنَ الْإِنْسِ الْجِنَّ، بَلْ كَانَ [الْجِنُّ] [1] الْمُؤْمِنُونَ يُقَاتِلُونَ الْجِنَّ الْكُفَّارَ.
وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو الْبَقَاءِ خَالِدُ بْنُ يُوسُفَ النَّابُلْسِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - سَأَلَهُ بَعْضُ الشِّيعَةِ عَنْ قِتَالِ عَلِيٍّ [2] الْجِنَّ، فَقَالَ: أَنْتُمْ مَعْشَرَ الشِّيعَةِ لَيْسَ لَكُمْ عَقْلٌ، أَيُّمَا أَفْضَلُ عِنْدَكُمْ: عُمَرُ أَوْ عَلِيٌّ؟ فَقَالُوا: بَلْ عَلِيٌّ. فَقَالَ: إِذَا كَانَ الْجُمْهُورُ يَرْوُونَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِعُمَرَ: "«مَا رَآكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا فَجًّا إِلَّا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ»" [3] فَإِذَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَهْرُبُ مِنْ عُمَرَ، فَكَيْفَ يُقَاتِلُ عَلِيًّا؟ !
وَأَيْضًا فَدَفْعُ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَإِهْلَاكُهُمْ مَوْجُودٌ لِكَثِيرٍ مِنْ أَتْبَاعِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَفِي ذَلِكَ قِصَصٌ يَطُولُ وَصْفُهَا.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ "الْمَوْضُوعَاتِ" حَدِيثًا طَوِيلًا فِي مُحَارَبَتِهِ لِلْجِنِّ، وَأَنَّهُ كَانَ فِي الْحَجِّ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، وَأَنَّهُ حَارَبَهُمْ بِبِئْرِ ذَاتِ الْعَلَمِ، مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ السَّامِرِيِّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ السَّكُونِيُّ، حَدَّثَنَا عِمَارَةُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: «لَمَّا تَوَجَّهَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ إِلَى مَكَّةَ أَصَابَ النَّاسَ عَطَشٌ شَدِيدٌ وَحُرٌّ شَدِيدٌ، فَنَزَلَ
(1)
الْجِنُّ: زِيَادَةٌ فِي (ب) فَقَطْ وَإِثْبَاتُهَا تَسْتَقِيمُ بِهِ الْعِبَارَةُ.

(2)
عَلِيٍّ: فِي (ن) فَقَطْ.

(3)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 6/55.





رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (* الْحُجْفَةَ مُعَطَّشًا وَالنَّاسُ عِطَاشٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - *) [1] : "هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَمْضِي فِي نَفَرٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَعَهُمُ الْقِرَبُ فَيَرِدُونَ بِئْرَ [2] ذَاتِ الْعَلَمِ، ثُمَّ يَعُودُ، يَضْمَنُ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْجَنَّةَ؟"
فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلًا فِيهِ أَنَّهُ بَعَثَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ فَفَزِعَ مِنَ الْجِنِّ فَرَجَعَ، ثُمَّ بَعَثَ آخَرَ وَأَنْشَدَ شِعْرًا، فَذُعِرَ مِنَ الْجِنِّ فَرَجَعَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَنَزَلَ الْبِئْرَ وَمَلَأَ الْقِرَبَ بَعْدَ هَوْلٍ شَدِيدٍ، وَأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: الَّذِي هَتَفَ بِكَ مِنَ الْجِنِّ هُوَ سَمَاعَةُ بْنُ غُرَابٍ [3] الَّذِي قَتَلَ عَدُوَّ اللَّهِ مِسْعَرًا شَيْطَانَ الْأَصْنَامِ الَّذِي يُكَلِّمُ قُرَيْشًا مِنْهَا، وَفَزِعَ مِنْ هِجَائِي» .
ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْفَرَجِ: "وَهَذَا الْحَدِيثُ مَوْضُوعٌ مُحَالٌ، وَالْفُنَيْدُ وَمُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَالسَّكُونِيُّ مَجْرُوحُونَ. قَالَ أَبُو الْفَتْحِ الْأَوْدِيُّ: وَعِمَارَةٌ يَضَعُ الْحَدِيثَ" [4] .
قُلْتُ: وَكُتُبُ ابْنِ إِسْحَاقَ الَّتِي رَوَاهَا عَنْهُ النَّاسُ لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا.
(1)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) وَمَكَانُهُ فِيهِمَا: فَقَالَ: هَلْ. . .

(2)
ن، س: بِبِئْرِ

(3)
ب: سَمَاعَةُ بْنُ عُزَابٍ.

(4)
لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ "الْمَوْضُوعَاتِ" مَعَ طُولِ بَحْثِي فِيهِ، وَلَعَلَّ نُسْخَةَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ مِنَ الْكِتَابِ كَانَتْ فِيهَا زِيَادَاتٌ سَاقِطَةٌ مِنَ النُّسَخِ الَّتِي بَيْنَ أَيْدِينَا.





[فصل قال الرافضي التاسع حديث رد الشمس لعلي رضي الله عنه والرد عليه]
(فَصْلٌ)
قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "التَّاسِعُ: رُجُوعُ الشَّمْسِ لَهُ مَرَّتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا: فِي زَمَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَالثَّانِيَةُ: بَعْدَهُ. أَمَّا الْأُولَى فَرَوَى جَابِرٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَزَلَ عَلَيْهِ جِبْرِيلُ [2] يَوْمًا يُنَاجِيهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَلَمَّا تَغَشَّاهُ الْوَحْيُ تَوَسَّدَ فَخِذَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى عَلِيٌّ الْعَصْرَ [3] بِالْإِيمَاءِ، فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: سَلِ اللَّهَ تَعَالَى يَرُدَّ عَلَيْكَ الشَّمْسَ لِتُصَلِّيَ الْعَصْرَ قَائِمًا، فَدَعَا ; فَرُدَّتِ الشَّمْسُ، فَصَلَّى الْعَصْرَ قَائِمًا» ."
وَأَمَّا الثَّانِيَةُ: فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَعْبُرَ الْفُرَاتَ بِبَابِلَ اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ [بِتَعْبِيرِ] دَوَابِّهِمْ [4] ، وَصَلَّى لِنَفْسِهِ [5] فِي طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْعَصْرَ، وَفَاتَ كَثِيرًا مِنْهُمْ، فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ، فَسَأَلَ اللَّهَ رَدَّ الشَّمْسِ فَرُدَّتْ. وَنَظَمَهُ الْحِمْيَرِيُّ [6] فَقَالَ:
(1)
فِي (ك) ص 189 (م) - 190 (م) .

(2)
ك: جِبْرَئِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْوَحْيِ. .

(3)
ك (ص 190 م) فَصَلَّى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْعَصْرَ.

(4)
ن: اسْتَعْمَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ دَوَابَّهُمْ، م: اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ دَوَابَّهُمْ، س، ب: اسْتَعْمَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ دَوَابَّهُمْ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك) وَمَعْنَاهُ: اشْتَغَلَ كَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ بِنَقْلِ دَوَابِّهِمْ عَبْرَ النَّهْرِ.

(5)
ك: بِنَفْسِهِ

(6)
ك: السَّيِّدُ الْحِمْيَرِيُّ.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #470  
قديم 26-06-2025, 03:36 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 160,690
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله

منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية
أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي
المجلد الثامن
الحلقة (470)
صـ 165 إلى صـ 174



رُدَّتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ لَمَّا فَاتَهُ ... وَقْتُ الصَّلَاةِ وَقَدْ دَنَتْ لِلْمَغْرِبِ
حَتَّى تَبَلَّجَ نُورُهَا فِي وَقْتِهَا ... لِلْعَصْرِ ثُمَّ هَوَتْ هُوِيَّ الْكَوْكَبِ
وَعَلَيْهِ قَدْ رُدَّتْ بِبَابِلَ مَرَّةً ... أُخْرَى وَمَا رُدَّتْ لِخَلْقٍ مُعْرِبٍ [1] .
وَالْجَوَابُ: أَنْ يُقَالَ: فَضْلُ عَلِيٍّ وَوِلَايَتُهُ لِلَّهِ وَعُلُوُّ مَنْزِلَتِهِ عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ [2] ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، مِنْ طُرُقٍ ثَابِتَةٍ أَفَادَتْنَا الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ، لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا إِلَى كَذِبٍ وَلَا إِلَى مَا لَا يُعْلَمُ صِدْقُهُ. وَحَدِيثُ رَدِّ الشَّمْسِ لَهُ قَدْ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ، كَالطَّحَاوِيِّ، وَالْقَاضِي عِيَاضٍ، وَغَيْرِهِمَا، وَعَدُّوا ذَلِكَ مِنْ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَكِنِ الْمُحَقِّقُونَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِ "الْمَوْضُوعَاتِ" [3] فَرَوَاهُ مِنْ كِتَابِ أَبِي جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ، مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ [4] بْنِ مُوسَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحَسَنِ [5] ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: "«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُوحَى إِلَيْهِ وَرَأْسُهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ فَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، (* فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَلَّيْتَ يَا عَلِيُّ؟ قَالَ: لَا *) [6] . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ"
(1)
ن، س، ب: مُغْرِبِ وَفِي (ك) بَعْدَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ بَيْتٌ رَابِعٌ هُوَ: إِلَّا لِيُوشَعَ أَوْ لَهُ مِنْ بَعْدِهَا وَلِرَدِّهَا تَأْوِيلُ أَمْرٍ مُعْجِبِ

(2)
س، ب: عِنْدَ اللَّهِ مَعْلُومٌ عِنْدَ اللَّهِ

(3)
(3) 1/355 - 357

(4)
م: الْمَوْضُوعَاتِ "عَبْدِ اللَّهِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَسَيَرِدُ فِيمَا يَلِي كَمَا أَثْبَتَهُ هُنَا."

(5)
ن، م: بْنِ الْحَسَنِ بْنِ حَسَنٍ، الْمَوْضُوعَاتِ: بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ. وَسَقَطَتْ "بْنِ الْحَسَنِ" الثَّانِيَةُ مِنْ (ب) .

(6)
مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنَ "الْمَوْضُوعَاتِ" وَمَوْجُودٌ فِي "تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ" "اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ" ، "الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ" .






-
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ، فَارْدُدْ عَلَيْهِ الشَّمْسَ. فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: فَرَأَيْتُهَا غَرَبَتْ، ثُمَّ رَأَيْتُهَا طَلَعَتْ بَعْدَ مَا غَرَبَتْ» ". قَالَ أَبُو الْفَرَجِ [1] :" وَهَذَا حَدِيثٌ [2] مَوْضُوعٌ بِلَا شَكٍّ، وَقَدِ اضْطَرَبَ الرُّوَاةُ فِيهِ، فَرَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَسْعُودٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ [3] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ [4] ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ [5] ، عَنْ أَسْمَاءَ ". قَالَ: [6]" وَفُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ ضَعَّفَهُ يَحْيَى، وَقَالَ أَبُو حَاتِمِ بْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ، وَيُخْطِئُ عَلَى الثِّقَاتِ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: "وَهَذَا الْحَدِيثُ مَدَارُهُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى عَنْهُ" [7] .

قُلْتُ: وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ سَعِيدَ بْنَ مَسْعُودٍ رَوَاهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مُوسَى، عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ، عَنْ أَسْمَاءَ. وَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ حُسَيْنٍ الْأَشْقَرِ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ [8] ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ
(1)
ص 356

(2)
س، ب: الْحَدِيثُ وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) الْمَوْضُوعَاتِ.

(3)
ن، س، ب: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، وَهُوَ خَطَأٌ

(4)
م: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ، الْمَوْضُوعَاتِ: عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ

(5)
ن، س، ب: عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ الْحُسَيْنِ وَهُوَ خَطَأٌ وَتَرْجَمَةُ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فِي تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 12/443 الْأَعْلَامِ 5/328

(6)
أَيِ ابْنُ الْجَوْزِيِّ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَسْطُرٍ.

(7)
(7 - 7) هَذِهِ الْعِبَارَاتُ سَاقِطَةٌ مِنَ "الْمَوْضُوعَاتِ" .

(8)
ب: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ن) ، (س) وَهُوَ الصَّوَابُ وَتَرْجَمَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ فِي: تَهْذِيبِ التَّهْذِيبِ 6/206 - 207





الْحُسَيْنِ [1] ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيٍّ، عَنْ أَسْمَاءَ [2] ، كَمَا سَيَأْتِي ذِكْرُهُ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ [3] : "وَقَدْ رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ ابْنُ شَاهِينَ، حَدَّثَنَا [4] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا [5] أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى الصُّوفِيُّ، حَدَّثَنَا [6] عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُشَيْرٍ [7] ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ فَحَدَّثَتْنِي [أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ حَدَّثَتْهَا] [8] أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ. . وَذَكَرَ حَدِيثَ رُجُوعِ الشَّمْسِ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ [9] :" وَهَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ. أَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَرِيكٍ [10] ، فَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ [11] : هُوَ وَاهِي الْحَدِيثِ. قَالَ: وَأَنَا لَا أَتَّهِمُ بِهَذَا الْحَدِيثِ إِلَّا ابْنَ عُقْدَةَ [12] ; فَإِنَّهُ كَانَ رَافِضِيًّا يُحَدِّثُ بِمَثَالِبِ الصَّحَابَةِ "." قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ الْحَافِظُ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي طَالِبٍ [13] يَقُولُ: ابْنُ عُقْدَةَ لَا يَتَدَيَّنُ بِالْحَدِيثِ، كَانَ يَحْمِلُ شُيُوخًا [14] بِالْكُوفَةِ عَلَى الْكَذِبِ، يُسَوِّي لَهُمْ نُسَخًا، وَيَأْمُرُهُمْ أَنْ يَرْوُوهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ مِنْهُ فِي
(1)
ن، س: عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ الْحُسَيْنِ

(2)
الْمَوْضُوعَاتِ 1/356.

(3)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.

(4)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.

(5)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.

(6)
الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ: حَدَّثَنَا.

(7)
س، ب: بْنِ قَيْسٍ.

(8)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ مِنَ "الْمَوْضُوعَاتِ" وَسَقَطَ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ.

(9)
بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ مُبَاشَرَةً.

(10) ن، س، ب: أَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شَرِيكٍ. وَالْمُثْبَتُ مِنْ (م) الْمَوْضُوعَاتِ.
(11) الْمَوْضُوعَاتِ: أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ.
(12) الْمَوْضُوعَاتِ: قَالَ الْمُصَنِّفُ قُلْتُ: وَأَمَّا أَنَا فَلَا أَتَّهِمُ بِهَذَا إِلَّا ابْنَ عُقْدَةَ. .
(13) هَذِهِ الْعِبَارَاتُ فِي "الْمَوْضُوعَاتِ" 1/357 بَعْدَ كَلَامِهِ السَّابِقِ بِسَبْعَةِ أَسْطُرٍ وَفِيهِ: وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ أَبِي غَالِبٍ.
(14) الْمَوْضُوعَاتِ: لِأَنَّهُ كَانَ يَحْمِلُ شُيُوخَنَا. . .




غَيْرِ نُسْخَةٍ [1] ، (* وَسُئِلَ عَنْهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فَقَالَ: رَجُلُ سُوءٍ. قَالَ أَبُو الْفَرَجِ: "وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ دَاوُدَ بْنِ فَرَاهِيجَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: وَدَاوُدُ ضَعِيفٌ، ضَعَّفَهُ شُعْبَةُ *) " [2] .
قُلْتُ: فَلَيْسَ فِي هَؤُلَاءِ مَنْ يُحْتَجُّ بِهِ فِيمَا دُونَ هَذَا.
وَأَمَّا الثَّانِي بِبَابِلَ فَلَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ [3] . وَإِنْشَادُ الْحِمْيَرِيِّ لَا حُجَّةَ فِيهِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ ذَلِكَ، وَالْكَذِبُ قَدِيمٌ، فَقَدْ سَمِعَهُ فَنَظَمَهُ. وَأَهْلُ الْغُلُوِّ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ يَنْظِمُونَ مَا لَا تَتَحَقَّقُ صِحَّتُهُ، لَا سِيَّمَا وَالْحِمْيَرِيُّ مَعْرُوفٌ بِالْغُلُوِّ [4] .
وَقَدْ أَخْرَجَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: "«غَزَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: لَا يَتْبَعْنِي رَجُلٌ قَدْ مَلَكَ بُضْعَ امْرَأَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَبْنِيَ بِهَا وَلَمَّا"
(1)
الْمَوْضُوعَاتِ: وَقَدْ تَيَقَّنَا ذَلِكَ مِنْهُ فِي غَيْرِ شَيْخٍ بِالْكُوفَةِ.

(2)
الْكَلَامُ بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ فِي الْمَوْضُوعَاتِ وَلَكِنِ اخْتَلَفَ تَرْتِيبُهُ وَاخْتَلَفَتْ بَعْضُ أَلْفَاظِهِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ الْمَوْضُوعُ فِي تَنْزِيهِ الشَّرِيعَةِ 1/378 - 382 اللَّآلِئِ الْمَصْنُوعَةِ 1/336 - 338 الْفَوَائِدِ الْمَجْمُوعَةِ ص 350.

(3)
ن، م: أَنَّهُ كَذِبٌ.

(4)
أَبُو هَاشِمٍ - أَوْ أَبُو عَامِرٍ - إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مُفْرِغٍ الْحِمْيَرِيُّ، شَاعِرٌ رَافِضِيٌّ وُلِدَ سَنَةَ 105 وَاخْتُلِفَ فِي وَفَاتِهِ، قِيلَ: إِنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ 173 وَقِيلَ: سَنَةَ 178 وَقِيلَ سَنَةَ 179. قَالَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ: وَكَانَ رَافِضِيًّا خَبِيثًا. قَالَ الدَّرَاقُطْنِيُّ: كَانَ يَسُبُّ السَّلَفَ فِي شِعْرِهِ وَيَمْدَحُ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - "وَعَدَّهُ الشَّهْرَسْتَانِيُّ مِنَ الْمُخْتَارِيَّةِ الْكَيْسَانِيَّةِ أَصْحَابِ الْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ الْقَائِلِينَ بِإِمَامَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ بَعْدَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -. انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ وَمَذْهَبَهُ فِي: لِسَانِ الْمِيزَانِ 1/436 - 438 فَوَاتِ الْوَفَيَاتِ 1/32 - 36 الْبِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ 10/173 - 174 رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ، ص 29 - 31 الْأَعْلَامِ 1/320 - 321 الْمِلَلِ وَالنِّحَلِ 1/133 - 134."





يَبْنِ، وَلَا رَجُلٌ قَدْ بَنَى بَيْتًا وَلَمْ يَرْفَعْ سَقْفَهُ [1] ، وَلَا رَجُلٌ اشْتَرَى غَنَمًا - أَوْ خَلِفَاتٍ - وَهُوَ يَنْتَظِرُ [2] وِلَادَهَا. قَالَ: فَغَزَوْا، فَدَنَا مِنَ الْقَرْيَةِ، حَتَّى صَلَّى الْعَصْرَ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِلشَّمْسِ: أَنْتِ مَأْمُورَةٌ وَأَنَا مَأْمُورٌ، اللَّهُمَّ احْبِسْهَا عَلَيَّ شَيْئًا، فَحُبِسَتْ عَلَيْهِ حَتَّى فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ» "الْحَدِيثَ [3] ."
فَإِنْ قِيلَ: فَهَذِهِ الْأُمَّةُ أَفْضَلُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَإِذَا كَانَتْ قَدْ رُدَّتْ لِيُوشَعَ، فَمَا الْمَانِعُ أَنْ تُرَدَّ لِفُضَلَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟
فَيُقَالُ: يُوشَعُ لَمْ تُرَدَّ لَهُ الشَّمْسُ، وَلَكِنْ تَأَخَّرَ غُرُوبُهَا، طُوِّلَ لَهُ النَّهَارُ، وَهَذَا قَدْ لَا يَظْهَرُ لِلنَّاسِ ; فَإِنَّ طُولَ النَّهَارِ وَقِصَرَهُ لَا يُدْرَكُ. وَنَحْنُ إِنَّمَا عَلِمْنَا وُقُوفَهَا لِيُوشَعَ بِخَبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَأَيْضًا لَا مَانِعَ مِنْ طُولِ ذَلِكَ [4] ، لَوْ شَاءَ اللَّهُ لَفَعَلَ ذَلِكَ. لَكِنَّ يُوشَعَ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْقِتَالَ كَانَ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ ; لِأَجْلِ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَمَلِ لَيْلَةَ السَّبْتِ وَيَوْمَ السَّبْتِ. وَأَمَّا أُمَّةُ مُحَمَّدٍ فَلَا حَاجَةَ لَهُمْ إِلَى ذَلِكَ، وَلَا مَنْفَعَةَ لَهُمْ فِيهِ، فَإِنَّ الَّذِي فَاتَتْهُ الْعَصْرُ إِنْ كَانَ مُفَرِّطًا لَمْ يَسْقُطْ ذَنْبُهُ إِلَّا بِالتَّوْبَةِ، وَمَعَ التَّوْبَةِ لَا يَحْتَاجُ إِلَى
(1)
ن، س: سَقِيفَةً

(2)
ن، م: مُنْتَظِرٌ.

(3)
كَلِمَةُ "الْحَدِيثُ" سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي مَوْضِعَيْنِ فِي: الْبُخَارِيِّ 4/86 (كِتَابُ فَرْضِ الْخُمُسِ، بَابُ حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ. . .) 7/21 (كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ مَنْ أَحَبَّ الْبِنَاءَ قَبْلَ الْغَزْوِ وَجَاءَ هَذَا الْمَوْضُوعُ مُخْتَصَرًا. وَالْحَدِيثُ أَيْضًا فِي: مُسْلِمٍ 3/1366 - 1367 (كِتَابُ الْجِهَادِ وَالسِّيَرِ، بَابُ تَحْلِيلِ الْغَنَائِمِ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ خَاصَّةً) الْمُسْنَدِ (ط الْمَعَارِفِ) 16/102 - 103

(4)
ن، م: لِمَنْ طُوِّلَ ذَلِكَ. . .





رَدٍّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَرِّطًا، كَالنَّائِمِ وَالنَّاسِي، فَلَا مَلَامَ عَلَيْهِ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْغُرُوبِ.
وَأَيْضًا فَبِنَفْسِ غُرُوبِ الشَّمْسِ خَرَجَ الْوَقْتُ الْمَضْرُوبُ لِلصَّلَاةِ، فَالْمُصَلِّي بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُصَلِّيًا فِي الْوَقْتِ الشَّرْعِيِّ وَلَوْ عَادَتِ الشَّمْسُ.
وَقَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [سُورَةُ طه: 130] يَتَنَاوَلُ الْغُرُوبَ الْمَعْرُوفَ، فَعَلَى الْعَبْدِ أَنْ يُصَلِّيَ قَبْلَ هَذَا الْغُرُوبِ، وَإِنْ طَلَعَتْ ثُمَّ غَرَبَتْ. وَالْأَحْكَامُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ حَصَلَتْ بِذَلِكَ الْغُرُوبِ، فَالصَّائِمُ يُفْطِرُ، وَلَوْ عَادَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ صَوْمُهُ، مَعَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ لَا تَقَعُ لِأَحَدٍ، وَلَا وَقَعَتْ لِأَحَدٍ، فَتَقْدِيرُهَا تَقْدِيرُ مَا لَا وُجُودَ لَهُ ; وَلِهَذَا لَا يُوجَدُ الْكَلَامُ عَلَى حُكْمٍ مِثْلِ هَذَا فِي كَلَامِ الْعُلَمَاءِ الْمُفَرِّعِينَ.
وَأَيْضًا فَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاتَتْهُ الْعَصْرُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَصَلَّاهَا قَضَاءً، هُوَ وَكَثِيرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَسْأَلِ اللَّهَ رَدَّ الشَّمْسِ.
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِأَصْحَابِهِ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَّا أَرْسَلَهُمْ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ: "«لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ»" .
فَلَمَّا أَدْرَكَتْهُمُ الصَّلَاةُ فِي الطَّرِيقِ قَالَ بَعْضُهُمْ: لَمْ يُرِدْ مِنَّا تَفْوِيتَ الصَّلَاةِ فَصَلَّوْا فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَا نُصَلِّي إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدَةً مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ [1] .
فَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّوُا الْعَصْرَ بَعْدَ
(1)
سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/411





غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَيْسَ عَلِيٌّ بِأَفْضَلَ مِنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِذَا صَلَّاهَا هُوَ وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ ; فَعَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ أَوْلَى بِذَلِكَ.
فَإِنْ كَانَتِ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْغُرُوبِ لَا تُجْزِئُ، أَوْ نَاقِصَةً تَحْتَاجُ إِلَى رَدِّ الشَّمْسِ، كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِرَدِّ الشَّمْسِ، وَإِنْ كَانَتْ كَامِلَةً مُجْزِئَةً فَلَا حَاجَةَ إِلَى رَدِّهَا.
وَأَيْضًا فَمِثْلُ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ مِنَ الْأُمُورِ الْعِظَامِ الْخَارِجَةِ عَنِ الْعَادَةِ، الَّتِي تَتَوَفَّرُ الْهِمَمُ وَالدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهَا، فَإِذَا لَمْ يَنْقُلْهَا إِلَّا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ عُلِمَ بَيَانُ كَذِبِهِمْ فِي ذَلِكَ.
وَانْشِقَاقُ الْقَمَرِ كَانَ بِاللَّيْلِ وَقْتَ نَوْمِ النَّاسِ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رَوَاهُ الصَّحَابَةُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَأَخْرَجُوهُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِدِ [1] مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ [2] ، وَنَزَلَ بِهِ الْقُرْآنُ، فَكَيْفَ بِرَدِّ الشَّمْسِ الَّتِي تَكُونُ بِالنَّهَارِ، وَلَا يَشْتَهِرُ ذَلِكَ، وَلَا يَنْقُلُهُ أَهْلُ الْعِلْمِ نَقْلَ مِثْلِهِ؟ !
(1)
م: فِي الصَّحِيحِ وَالسُّنَنِ وَالْمَسَانِيدِ.

(2)
جَاءَتْ أَحَادِيثُ عَدِيدَةٌ ذَكَرَتِ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ عَنْ عَدَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْهَا فِي: الْبُخَارِيِّ 4/206 - 207 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ سُؤَالِ الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُرِيَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آيَةً فَأَرَاهُمُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ وَفِي هَذَا الْبَابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَتَكَرَّرَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/49 (كِتَابُ مَنَاقِبِ الْأَنْصَارِ، بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ) وَنَصُّ حَدِيثِ أَنَسٍ هُوَ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شِقَّتَيْنِ حَتَّى رَأَوْا حِرَاءَ بَيْنَهُمَا وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فَهُوَ: انْشَقَّ الْقَمَرُ وَنَحْنُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمِنًى، فَقَالَ: "اشْهَدُوا" وَذَهَبَتْ فِرْقَةٌ نَحْوَ الْجَبَلِ. وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَهُوَ: أَنَّ الْقَمَرَ انْشَقَّ عَلَى زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ أَيْضًا فِي: الْبُخَارِيِّ 6/142 - 143 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ، مُسْلِمٍ 4/2158 - 2159 (كِتَابُ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ، بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ) سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/71 - 73 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْقَمَرِ) وَفِي هَذَا الْبَابِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَجُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 5/204، 6/12، 135، (ط الْحَلَبِيِّ) 3/165، 220، 275، 4/81 - 82.





وَلَا يُعْرَفُ قَطُّ أَنَّ الشَّمْسَ رَجَعَتْ بَعْدَ غُرُوبِهَا، وَإِنْ كَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْفَلَاسِفَةِ وَالطَّبِيعِيِّينَ وَبَعْضِ أَهْلِ الْكَلَامِ يُنْكِرُ انْشِقَاقَ الْقَمَرِ، وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ، فَلَيْسَ الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ. لَكِنَّ الْغَرَضَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ خَوَارِقِ الْعَادَاتِ فِي الْفَلَكِ، وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يُنْكِرُ إِمْكَانَهُ، فَلَوْ وَقَعَ لَكَانَ ظُهُورُهُ وَنَقْلُهُ أَعْظَمَ مِنْ ظُهُورِ مَا دُونَهُ وَنَقْلِهِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ وَحَدِيثُهُ لَيْسَ لَهُ إِسْنَادٌ مَشْهُورٌ؟ فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ الْعِلْمَ الْيَقِينِيَّ بِأَنَّهُ كَذِبٌ لَمْ يَقَعْ.
وَإِنْ كَانَتِ الشَّمْسُ احْتَجَبَتْ بِغَيْمٍ، ثُمَّ ارْتَفَعَ سَحَابُهَا، فَهَذَا مِنَ الْأُمُورِ الْمُعْتَادَةِ، وَلَعَلَّهُمْ ظَنُّوا أَنَّهَا غَرَبَتْ، ثُمَّ كُشِفَ الْغَمَامُ عَنْهَا.
وَهَذَا - وَإِنْ كَانَ قَدْ وَقَعَ - فَفِيهِ أَنَّ اللَّهَ بَيَّنَ لَهُ بَقَاءَ الْوَقْتِ حَتَّى يُصَلِّيَ فِيهِ. وَمِثْلُ هَذَا يَجْرِي لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ صُنِّفَ فِيهِ مُصَنَّفٌ جُمِعَتْ فِيهِ طُرُقُهُ: صَنَّفَهُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ [1] بْنِ أَحْمَدَ الْحَكَانِيِّ سَمَّاهُ "مَسْأَلَةٌ فِي تَصْحِيحِ رَدِّ الشَّمْسِ وَتَرْغِيبِ النَّوَاصِبِ الشُّمْسِ" [2] وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ الْخَثْعَمِيَّةِ، وَمِنْ طَرِيقِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَأَبِي سَعِيدٍ. وَذُكِرَ حَدِيثُ أَسْمَاءَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ.
(1)
عِبَارَةُ (ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ) : لَيْسَتْ فِي (م) .

(2)
لَمْ أَجِدْ فِيمَا بَيْنَ يَدِي مِنْ مَرَاجِعَ شَيْئًا عَنِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ عَنِ الْكِتَابِ.





قَالَ: "أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى - وَهُوَ الْقَطْرِيُّ - عَنْ عَوْنِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أُمِّهِ - أُمِّ جَعْفَرٍ - عَنْ جَدَّتِهَا أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَعْنِي الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ وَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيًّا [فِي طَاعَتِكَ وَطَاعَةِ رَسُولِكَ] [1] احْتَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى نَبِيِّهِ [2] ، فَرُدَّ عَلَيْهِ شَرْقَهَا. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الْجِبَالِ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، ثُمَّ غَابَتِ الشَّمْسُ»" .
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْمُصَنِّفُ: "أُمُّ جَعْفَرٍ هَذِهِ هِيَ أُمُّ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَالرَّاوِي عَنْهَا هُوَ ابْنُهَا عَوْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمَعْرُوفُ، أَبُوهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ، وَالرَّاوِي عَنْهُ هُوَ مُحَمَّدُ [3] بْنُ مُوسَى الْمَدِينِيُّ، الْمَعْرُوفُ بِالْقَطْرِيِّ. مَحْمُودٌ فِي رِوَايَتِهِ ثِقَةٌ. وَالرَّاوِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي فُدَيْكٍ الْمَدَنِيُّ: ثِقَةٌ. وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ: مِنْهُمْ هَذَا الَّذِي ذُكِرَتْ رِوَايَتُهُ، وَهُوَ أَحْمَدُ بْنُ الْوَلِيدِ الْأَنْطَاكِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ [4] عَنْهُ نَفَرٌ مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ عُمَيْرِ بْنِ حَوْصَاءَ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ مِنْ طَرِيقِهِ، وَفِيهِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ"
(1)
مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ

(2)
م: نَبِيِّكَ

(3)
ن، م، س: مَحْمُودٌ، وَسَبَقَ الِاسْمُ قَبْلَ قَلِيلٍ كَمَا وَرَدَ هُنَا.

(4)
س: وَقَدْ رَوَوْا، ب: وَقَدْ رَوَى





وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنَّ عَبْدَكَ عَلِيًّا احْتَبَسَ نَفْسَهُ عَلَى نَبِيِّهِ، فَرُدَّ عَلَيْهَا شَرْقَهَا. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَطَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّى وَقَعَتْ عَلَى الْجِبَالِ وَعَلَى الْأَرْضِ، فَقَامَ عَلِيٌّ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى الْعَصْرَ، وَذَلِكَ فِي الصَّهْبَاءِ فِي غَزْوَةِ خَيْبَرَ» .
قَالَ: وَمِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، رَوَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِ "تَفْسِيرِ مُتَشَابِهِ الْأَخْبَارِ" مِنْ تَأْلِيفِهِ مِنْ طَرِيقِهِ.
وَمِنْهُمُ الْحَسَنُ بْنُ دَاوُدَ عَنِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادِهِ، وَلَفْظُهُ: «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الظُّهْرَ بِالصَّهْبَاءِ مِنْ أَرْضِ خَيْبَرَ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلِيًّا فِي حَاجَةٍ، فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، فَلَمْ يُحَرِّكْهُ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَاسْتَيْقَظَ وَقَالَ: يَا عَلِيُّ صَلَّيْتَ الْعَصْرَ؟ قَالَ: لَا» . وَذَكَرَهُ. قَالَ: وَيَرْوِيهِ عَنْ أَسْمَاءَ فَاطِمَةُ بِنْتُ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ.
وَرَوَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي جَعْفَرٍ الْحَضْرَمِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ فَاطِمَةَ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: «نَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ مَا صَلَّى الْعَصْرَ، فَوَضَعَ رَأْسَهُ - أَوْ خَدَّهُ لَا أَدْرِي أَيَّهُمَا قَالَ - فِي حِجْرِ عَلِيٍّ، وَلَمْ يُصَلِّ الْعَصْرَ حَتَّى غَابَتِ الشَّمْسُ» "وَذَكَرَهُ."
قَالَ الْمُصَنِّفُ: "وَرَوَاهُ عَنْ فُضَيْلِ بْنِ مَرْزُوقٍ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ"





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 448.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 443.05 كيلو بايت... تم توفير 5.84 كيلو بايت...بمعدل (1.30%)]