|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#421
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (421) صـ 207 إلى صـ 216 قِيلَ: فَإِذَا كَانَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَمْ يُطِيعُوهُ، فَكَيْفَ يُطِيعُهُ الْكُفَّارُ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِنَبِيِّهِ وَبِهِ؟ ! وَهَؤُلَاءِ الرَّافِضَةُ يَجْمَعُونَ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ ; لِفَرْطِ جَهْلِهِمْ وَظُلْمِهِمْ: يَجْعَلُونَ عَلِيًّا أَكْمَلَ النَّاسِ قُدْرَةً وَشَجَاعَةً، حَتَّى يَجْعَلُوهُ هُوَ الَّذِي أَقَامَ دِينَ الرَّسُولِ، وَأَنَّ الرَّسُولَ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ. وَيَقُولُونَ مِثْلَ هَذَا الْكُفْرِ، إِذْ يَجْعَلُونَهُ [1] شَرِيكًا لِلَّهِ فِي إِقَامَةِ دِينِ مُحَمَّدٍ، ثُمَّ يَصِفُونَهُ بِغَايَةِ الْعَجْزِ وَالضَّعْفِ وَالْجَزَعِ وَالتَّقِيَّةِ بَعْدَ ظُهُورِ الْإِسْلَامِ وَقُوَّتِهِ وَدُخُولِ النَّاسِ فِيهِ أَفْوَاجًا [2] . وَمِنَ الْمَعْلُومِ قَطْعًا أَنَّ النَّاسَ بَعْدَ دُخُولِهِمْ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ أَتْبَعُ لِلْحَقِّ مِنْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِمْ فِيهِ، فَمَنْ كَانَ مُشَارِكًا لِلَّهِ فِي إِقَامَةِ دِينِ مُحَمَّدٍ، حَتَّى قَهَرَ الْكُفَّارَ وَأَسْلَمَ النَّاسُ، كَيْفَ لَا يَفْعَلُ هَذَا فِي قَهْرِ طَائِفَةٍ بَغَوْا عَلَيْهِ، هُمْ أَقَلُّ مِنَ الْكُفَّارِ [3] الْمَوْجُودِينَ عِنْدَ بَعْثَةِ الرَّسُولِ، وَأَقَلُّ مِنْهُمْ شَوْكَةً، وَأَقْرَبُ إِلَى الْحَقِّ مِنْهُمْ؟ ! فَإِنَّ الْكُفَّارَ حِينَ بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا كَانُوا أَكْثَرَ مِمَّنْ نَازَعَ عَلِيًّا وَأَبْعَدَ عَنِ الْحَقِّ، فَإِنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ وَالشَّامِ وَالْيَمَنِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَالْمَغْرِبِ كُلَّهُمْ كَانُوا كُفَّارًا، مَا بَيْنَ مُشْرِكٍ وَكِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ وَصَابِئٍ، وَلَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ قَدْ ظَهَرَ فِيهَا الْإِسْلَامُ، وَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ كَانَ الْإِسْلَامُ قَدْ ظَهَرَ فِي الشَّامِ وَمِصْرَ وَالْعِرَاقِ وَخُرَاسَانَ وَالْمَغْرِبِ. فَكَانَ أَعْدَاءُ الْحَقِّ عِنْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَلَّ مِنْهُمْ (1) ن، م، س: الَّذِي يَجْعَلُونَهُ. (2) أَفْوَاجًا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) م: فَهُمْ أَقَلُّ الْكُفَّارِ. وَأَضْعَفَ، وَأَقَلَّ [1] عَدَاوَةً مِنْهُمْ لَهُ [2] عِنْدَ مَبْعَثِهِ، وَكَذَلِكَ كَانُوا عِنْدَ مَقْتَلِ عُثْمَانَ أَقَلَّ مِنْهُمْ وَأَضْعَفَ، وَأَقَلَّ عَدَاوَةً مِنْهُمْ لَهُ [3] حِينَ بُعِثَ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; فَإِنَّ جَمِيعَ الْحَقِّ الَّذِي كَانَ يُقَاتِلُ عَلَيْهِ عَلِيٌّ، هُوَ جُزْءٌ مِنَ الْحَقِّ الَّذِي قَاتَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَمَنْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ الَّذِي بُعِثَ بِهِ مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَاتَلَهُ عَلَيْهِ، كَذَّبَ بِمَا قَاتَلَ عَلَيْهِ عَلِيٌّ مِنْ ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ عَلِيٌّ فِي هَذِهِ الْحَالِ قَدْ ضَعُفَ وَعَجَزَ عَنْ نَصْرِ الْحَقِّ وَدَفْعِ الْبَاطِلِ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُهُ حِينَ الْمَبْعَثِ [4] ، وَهُوَ أَضْعَفُ وَأَعْجَزُ، وَأَعْدَاءُ الْحَقِّ أَعْظَمُ وَأَكْثَرُ وَأَشَدُّ عَدَاوَةً؟ ! وَمِثْلُ الرَّافِضَةِ فِي ذَلِكَ مِثْلُ النَّصَارَى: ادَّعَوْا فِي الْمَسِيحِ الْإِلَهِيَّةَ، وَأَنَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكُهُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ. ثُمَّ يَجْعَلُونَ أَعْدَاءَهُ صَفَعُوهُ وَوَضَعُوا الشَّوْكَ عَلَى رَأْسِهِ وَصَلَبُوهُ، وَأَنَّهُ جَعَلَ يَسْتَغِيثُ فَلَا يُغِيثُوهُ، فَلَا [أَفْلَحُوا] بِدَعْوَى [5] تِلْكَ الْقُدْرَةِ الْقَاهِرَةِ، وَلَا بِإِثْبَاتِ هَذِهِ الذِّلَّةِ التَّامَّةِ. وَإِنْ قَالُوا: كَانَ هَذَا بِرِضَاهُ [6] . قِيلَ: فَالرَّبُّ إِنَّمَا يَرْضَى بِأَنْ يُطَاعَ لَا بِأَنْ يُعْصَى. فَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ وَصَلْبُهُ بِرِضَاهُ [7] ، كَانَ ذَلِكَ عِبَادَةً وَطَاعَةً لِلَّهِ، فَيَكُونُ الْيَهُودُ الَّذِينَ صَلَبُوهُ عَابِدِينَ (1) وَأَقَلَّ سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) فِي (ن) فَقَطْ، وَسَقَطَ مِنْ (م) ، (س) (ب) . (3) فِي (ن) فَقَطْ، وَسَقَطَ مِنْ (م) ، (س) (ب) . (4) ب: الْبَعْثِ. (5) س، ب: فَلَا يَدَعُوا، ن: فَلَا بِدَعْوَى، وَزِدْتُ كَلِمَةَ "أَفْلَحُوا" لِتَسْتَقِيمَ الْعِبَارَةُ. (6) ن، س، ب: هَذَا كَانَ يَرْضَاهُ، وَكَلِمَةُ "بِرِضَاهُ" لَيْسَتْ مَنْقُوطَةً فِي (م) وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ. (7) ن، س، ب: يَرْضَاهُ، وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ فِي (م) . لِلَّهِ مُطِيعِينَ فِي ذَلِكَ، فَيُمْدَحُونَ عَلَى ذَلِكَ لَا يُذَمُّونَ. وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْجَهْلِ وَالْكُفْرِ. وَهَكَذَا يُوجَدُ مَنْ فِيهِ شَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى وَالرَّافِضَةِ مِنَ الْغُلَاةِ فِي أَنْفُسِهِمْ وَشُيُوخِهِمْ، تَجِدُهُمْ فِي غَايَةِ الدَّعْوَى وَفِي غَايَةِ الْعَجْزِ. كَمَا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "«ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [1] وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ: شَيْخٌ زَانٍ، وَمَلِكٌ كَذَّابٌ، وَفَقِيرٌ مُخْتَالٌ" . وَفِي لَفْظٍ: "عَائِلٌ [2] مَزْهُوٌّ" وَفِي لَفْظٍ: "وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ»" [3] وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِ الْعَامَّةِ: الْفَقْرُ وَالزَّنْطَرَةُ [4] . فَهَكَذَا شُيُوخُ الدَّعَاوَى وَالشَّطْحِ: يَدَّعِي أَحَدُهُمُ الْإِلَهِيَّةَ وَمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنَ النُّبُوَّةِ، وَيَعْزِلُ الرَّبَّ عَنْ رُبُوبِيَّتِهِ وَالنَّبِيَّ عَنْ رِسَالَتِهِ، ثُمَّ [5] آخِرَتُهُ شَحَّاذٌ يَطْلُبُ مَا يُقِيتُهُ [6] ، أَوْ خَائِفٌ يَسْتَعِينُ بِظَالِمٍ عَلَى دَفْعِ مَظْلَمَتِهِ، فَيَفْتَقِرُ [7] إِلَى لُقْمَةٍ، وَيَخَافُ مِنْ كَلِمَةٍ، فَأَيْنَ هَذَا الْفَقْرُ وَالذُّلُّ مِنْ دَعْوَى الرُّبُوبِيَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْغِنَى وَالْعِزِّ؟ ! وَهَذِهِ حَالُ [8] الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [سُورَةُ الْحَجِّ: 31] . (1) س، ب: لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمْ. (2) عَائِلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 4/412 (4) م: وَالزَّبْطَرَةُ. (5) م: أَثَّرَ. (6) ن: مَا يَفْتِنُهُ، م: مَا يُغْنِيهِ. (7) ن: يَفْتَقِرُ، م: مُفْتَقِرٌ. (8) م: حَالَةُ. وَقَالَ: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} [سُورَةُ الْعَنْكَبُوتِ: 41] وَقَالَ: {سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 151] . وَالنَّصَارَى فِيهِمْ شِرْكٌ بَيِّنٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 31] . وَهَكَذَا مَنْ أَشْبَهَهُمْ مِنَ الْغَالِيَةِ مِنَ الشِّيعَةِ وَالنُّسَّاكِ: فِيهِ شِرْكٌ وَغُلُوٌّ، [كَمَا فِي النَّصَارَى شِرْكٌ وَغُلُوٌّ] [1] وَالْيَهُودُ فِيهِمْ كِبْرٌ، وَالْمُسْتَكْبِرُ مُعَاقَبٌ بِالذُّلِّ. قَالَ تَعَالَى: {ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 112] . وَقَالَ تَعَالَى: {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 87] فَتَكْذِيبُهُمْ وَقَتْلُهُمْ لِلْأَنْبِيَاءِ [2] كَانَ اسْتِكْبَارًا. فَالرَّافِضَةُ فِيهِمْ شَبَهٌ مِنَ الْيَهُودِ مِنْ وَجْهٍ، وَشَبَهٌ مِنَ النَّصَارَى مِنْ وَجْهٍ. فَفِيهِمْ شِرْكٌ وَغُلُوٌّ وَتَصْدِيقٌ بِالْبَاطِلِ كَالنَّصَارَى، وَفِيهِمْ جُبْنٌ وَكِبْرٌ وَحَسَدٌ وَتَكْذِيبٌ بِالْحَقِّ كَالْيَهُودِ (1) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ فِي (م) فَقَطْ وَسَقَطَ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (2) س، ب: الْأَنْبِيَاءِ. وَهَكَذَا غَيَّرَ الرَّافِضَةُ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، تَجِدُهُمْ فِي نَوْعٍ مِنَ الضَّلَالِ وَنَوْعٍ مِنَ الْغَيِّ، فِيهِمْ شِرْكٌ وَكِبَرٌ. لَكِنَّ الرَّافِضَةَ أَبْلَغُ مِنْ غَيْرِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَلِهَذَا تَجِدُهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الطَّوَائِفِ تَعْطِيلًا لِبُيُوتِ اللَّهِ وَمَسَاجِدِهِ مِنَ الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ، الَّتِي هِيَ أَحَبُّ الِاجْتِمَاعَاتِ إِلَى اللَّهِ. وَهُمْ أَيْضًا لَا يُجَاهِدُونَ الْكُفَّارَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، بَلْ كَثِيرًا مَا يُوَالُونَهُمْ وَيَسْتَعِينُونَ بِهِمْ [1] عَلَى عَدَاوَةِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ يُعَادُونَ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيُوَالُونَ أَعْدَاءَهُ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ، كَمَا يُعَادُونَ أَفْضَلَ الْخَلْقِ [مِنَ] الْمُهَاجِرِينَ [2] وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَيُوَالُونَ أَكْفَرَ الْخَلْقِ مِنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَالنَّصِيرِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ مِنَ الْمَلَاحِدَةِ، وَإِنْ كَانُوا يَقُولُونَ: هُمْ كُفَّارٌ، فَقُلُوبُهُمْ وَأَبْدَانُهُمْ إِلَيْهِمْ أَمْيَلُ مِنْهَا إِلَى الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالتَّابِعِينَ وَجَمَاهِيرِ الْمُسْلِمِينَ. وَمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْبِدَعِ، حَتَّى الْمُنْتَسِبِينَ إِلَى الْعِلْمِ وَالْكَلَامِ [3] وَالْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ وَالتَّصَوُّفِ إِلَّا وَفِيهِ شُعْبَةٌ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا يُوجَدُ أَيْضًا شُعْبَةٌ مِنْ ذَلِكَ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ مِنْ أَتْبَاعِ الْمُلُوكِ وَالْوُزَرَاءِ وَالْكُتَّابِ وَالتُّجَّارِ، لَكِنَّ الرَّافِضَةَ أَبْلَغُ فِي الضَّلَالِ وَالْغَيِّ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ أَهْلِ الْبِدَعِ. [فصل البرهان الخامس والعشرون "فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : "الْبُرْهَانُ الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى:" (1) ن، س: وَيَسْتَغِيثُونَ بِهِمْ. (2) س: بِالْمُهَاجِرِينَ، ب: كَالْمُهَاجِرِينَ. وَسَقَطَتْ "مِنْ" مِنْ (ن) . (3) وَالْكَلَامِ: لَيْسَتْ فِي (م) . (4) فِي (ك) ص 161 (م) . {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] قَالَ الثَّعْلَبِيُّ: إِنَّمَا [1] نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ، وَهَذَا يَدُلُّ [2] عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى الثَّعْلَبِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ [فِي] هَذِهِ الْآيَةِ [3] : "قَالَ عَلِيٌّ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ: إِنَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هُمْ [4] أَهْلُ الْيَمَنِ" . وَذَكَرَ حَدِيثَ عِيَاضِ بْنِ غُنْمٍ: أَنَّهُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ: "«أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ»" . فَقَدْ نَقَلَ الثَّعْلَبِيُّ أَنَّ عَلِيًّا فَسَّرَ هَذِهِ الْآيَةَ بِأَنَّهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ. وَأَمَّا أَئِمَّةُ التَّفْسِيرِ، فَرَوَى الطَّبَرِيُّ [5] عَنِ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ [6] ، حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ عُمَرَ، عَنْ أَبِي رَوْقٍ، [عَنِ الضَّحَّاكِ] [7] ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ عَلِيٍّ [فِي قَوْلِهِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] [8] قَالَ: عَلِمَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَقَعَ [9] مَعْنَى [10] السُّوءِ (1) ك: إِنَّهَا. (2) س، ب: دَلِيلٌ. (3) ن، س، ب: وَأَنَّهُ قَالَ فِي تَفْسِيرِهِ هَذِهِ الْآيَةَ. (4) هُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) فِي تَفْسِيرِهِ "ط. الْمَعَارِفِ" 10/413 - 414. (6) الطَّبَرِيُّ: الْمُثَنَّى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هِشَامٍ. (7) عَنِ الضَّحَّاكِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) (8) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) (9) ب: وَأَوْقَعَ. (10) ن، م، س: يَعْنِي. عَلَى الْحَشْوِ الَّذِي [1] فِيهِمْ [مِنَ] الْمُنَافِقِينَ [2] وَمَنْ فِي عِلْمِهِ أَنْ يَرْتَدُّوا [3] ، فَقَالَ: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ} [4] : الْمُرْتَدَّةُ فِي دُورِهِمْ [5] ، {بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} : بِأَبِي بَكْرٍ وَأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -. وَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ هَذَا الْقَوْلَ عَنْ قَتَادَةَ وَالْحَسَنِ وَالضِّحَّاكِ وَابْنِ جُرَيْجٍ [6] ، وَذَكَرَ قَوْمٌ أَنَّهُمُ الْأَنْصَارُ [7] ، وَعَنْ آخَرِينَ أَنَّهُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ [8] ، وَرَجَّحَ هَذَا الْآخَرُ وَأَنَّهُمْ رَهْطُ أَبِي مُوسَى [9] ، قَالَ [10] : "وَلَوْلَا صِحَّةُ الْخَبَرِ بِذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا كَانَ الْقَوْلُ عِنْدِي [فِي ذَلِكَ] إِلَّا قَوْلَ [11] مَنْ قَالَ: هُمْ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ" [12] قَالَ: "لَمَّا ارْتَدَّ الْمُرْتَدُّونَ جَاءَ اللَّهُ بِهَؤُلَاءِ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - [13] ." (1) م: ب: الَّذِينَ. (2) ن، م، س: فِيهِمُ الْمُنَافِقُونَ. (3) ن، م، س: أَنْ يَرْتَدَّ. (4) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ: قَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ. (5) ب: فِي دِينِهِمْ. (6) انْظُرْ: تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ 10/411 - 413 (7) انْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ 10/417 - 418. (8) انْظُرْ: تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ 10/416 - 417 (9) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ 10/419 (10) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ 10 ت 419 (11) ن، م، س: مَا كَانَ عِنْدِي الْقَوْلُ إِلَّا قَوْلَ. (12) تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ 10/419 "وَلَوْلَا الْخَبَرُ الَّذِي رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَبَرِ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ: مَا كَانَ الْقَوْلُ عِنْدِي فِي ذَلِكَ إِلَّا قَوْلَ مَنْ قَالَ: هُمْ أَبُو بَكْرٍ وَأَصْحَابُهُ" . (13) تَفْسِيرُ الطَّبَرِيِّ 10/420 "وَقِيلَ لَهُ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذَكَرَهُ لَمْ يَعِدِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُبَدِّلَهُمْ بِالْمُرْتَدِّينَ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ خَيْرًا مِنَ الْمُرْتَدِّينَ لِقِتَالِ الْمُرْتَدِّينَ، وَإِنَّمَا أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهِمْ بِخَيْرٍ مِنْهُمْ بَدَلًا مِنْهُمْ، فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ قَرِيبًا غَيْرَ بَعِيدٍ، فَجَاءَ بِهِمْ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ. . . س، ب: لَمَّا." الثَّانِي: أَنَّ هَذَا قَوْلٌ بِلَا حُجَّةٍ، فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا مُعَارَضٌ بِمَا [1] هُوَ أَشْهَرُ مِنْهُ وَأَظْهَرُ، وَهُوَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ وَأَصْحَابِهِ، الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَهُ أَهْلَ الرِّدَّةِ. وَهَذَا هُوَ الْمَعْرُوفُ [عِنْدَ النَّاسِ] [2] كَمَا تَقَدَّمَ. لَكِنَّ هَؤُلَاءِ الْكَذَّابُونَ أَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا الْفَضَائِلَ الَّتِي جَاءَتْ فِي أَبِي بَكْرٍ يَجْعَلُونَهَا [3] لِعَلِيٍّ، وَهَذَا مِنَ الْمَكْرِ السَّيِّئِ الَّذِي لَا يَحِيقُ إِلَّا بِأَهْلِهِ. وَحَدَّثَنِي الثِّقَةُ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ اجْتَمَعَ بِشَيْخٍ أَعْرِفُهُ، وَكَانَ فِيهِ دِينٌ وَزُهْدٌ وَأَحْوَالٌ مَعْرُوفَةٌ لَكِنْ كَانَ فِيهِ تَشَيُّعٌ. قَالَ: وَكَانَ عِنْدَهُ كِتَابٌ يُعَظِّمُهُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ مِنَ الْأَسْرَارِ، وَأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ خَزَائِنِ الْخُلَفَاءِ، وَبَالَغَ فِي وَصْفِهِ. فَلَمَّا أَحْضَرَهُ، فَإِذَا بِهِ كِتَابٌ [4] قَدْ كُتِبَ بِخَطٍّ حَسَنٍ، وَقَدْ عَمَدُوا إِلَى الْأَحَادِيثِ الَّتِي فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ جَمِيعِهَا فِي فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَنَحْوِهِمَا جَعَلُوهَا لِعَلِيٍّ. وَلَعَلَّ هَذَا الْكِتَابَ كَانَ مِنْ خَزَائِنِ بَنِي عُبَيْدٍ الْمِصْرِيِّينَ، فَإِنَّ خَوَاصَّهُمْ كَانُوا مَلَاحِدَةً زَنَادِقَةً غَرَضُهُمْ قَلْبُ الْإِسْلَامِ، وَكَانُوا قَدْ وَضَعُوا مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمُفْتَرَاةِ الَّتِي يُنَاقِضُونَ بِهَا الدِّينَ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ. وَمِثْلُ هَؤُلَاءِ الْجُهَّالِ يَظُنُّونَ أَنَّ الْأَحَادِيثَ الَّتِي فِي الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ إِنَّمَا أُخِذَتْ عَنِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، كَمَا يَظُنُّ مِثْلُ ابْنِ الْخَطِيبِ وَنَحْوِهِ مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ حَقِيقَةَ الْحَالِ، وَأَنَّ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا كَانَ الْغَلَطُ يَرُوجُ عَلَيْهِمَا، أَوْ (1) س، ب: لِمَا. (2) عِنْدَ النَّاسِ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (3) يَجْعَلُونَهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) . (4) م: وَإِذَا الْكِتَابُ، س، ب: وَإِذَا بِهِ كِتَابٌ. كَانَا يَتَعَمَّدَانِ [1] الْكَذِبَ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ قَوْلَنَا: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَامَةٌ لَنَا عَلَى [ثُبُوتِ] [2] صِحَّتِهِ، لَا أَنَّهُ [3] كَانَ صَحِيحًا بِمُجَرَّدِ رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، بَلْ أَحَادِيثُ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ رَوَاهَا غَيْرُهُمَا [4] مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْمُحَدِّثِينَ مَنْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلَّا اللَّهُ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِحَدِيثٍ، بَلْ مَا مِنْ حَدِيثٍ إِلَّا وَقَدْ رَوَاهُ قَبْلَ زَمَانِهِ وَفِي زَمَانِهِ وَبَعْدَ زَمَانِهِ طَوَائِفُ، وَلَوْ لَمْ يُخْلَقِ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ لَمْ يَنْقُصْ مِنَ الدِّينِ شَيْءٌ، وَكَانَتْ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ مَوْجُودَةً بِأَسَانِيدَ يَحْصُلُ بِهَا الْمَقْصُودُ وَفَوْقَ الْمَقْصُودِ. وَإِنَّمَا قَوْلُنَا: رَوَاهُ [5] الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ كَقَوْلِنَا: قَرَأَهُ [6] الْقُرَّاءُ السَّبْعَةُ. وَالْقُرْآنُ مَنْقُولٌ بِالتَّوَاتُرِ، لَمْ يَخْتَصَّ هَؤُلَاءِ السَّبْعَةُ بِنَقْلِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ التَّصْحِيحُ لَمْ يُقَلِّدْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِيهِ الْبُخَارِيَّ وَمُسْلِمًا، بَلْ جُمْهُورُ مَا صَحَّحَاهُ كَانَ قَبْلَهُمَا عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ صَحِيحًا مُتَلَقًّى بِالْقَبُولِ، وَكَذَلِكَ فِي عَصْرِهِمَا وَكَذَلِكَ بَعْدَهُمَا قَدْ نَظَرَ [7] أَئِمَّةُ هَذَا الْفَنِّ فِي كِتَابَيْهِمَا، وَوَافَقُوهُمَا [8] عَلَى تَصْحِيحِ [9] مَا صَحَّحَاهُ، إِلَّا مَوَاضِعَ يَسِيرَةً، نَحْوَ عِشْرِينَ حَدِيثًا، غَالِبُهَا فِي مُسْلِمٍ، انْتَقَدَهَا عَلَيْهِمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْحُفَّاظِ، وَهَذِهِ (1) ن، س، ب: يَعْتَمِدَانِ. (2) ثُبُوتِ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (3) م: لِأَنَّهُ وَهُوَ خَطَأٌ. (4) ن، م، س: غَيْرُهُمْ. (5) م: رِوَايَةُ. (6) م: قِرَاءَةُ. (7) ن، م، س: قَدْ يَظُنُّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (8) م: وَوَقَفُوا. (9) س، ب: صِحَّةِ. الْمَوَاضِعُ الْمُنْتَقَدَةُ غَالِبُهَا فِي مُسْلِمٍ، وَقَدِ انْتَصَرَ طَائِفَةٌ لَهُمَا فِيهَا، وَطَائِفَةٌ قَرَّرَتْ قَوْلَ الْمُنْتَقِدَةِ [1] . وَالصَّحِيحُ التَّفْصِيلُ ; فَإِنَّ فِيهَا مَوَاضِعَ مُنْتَقَدَةً بِلَا رَيْبٍ، مِثْلَ حَدِيثِ أُمِّ حَبِيبَةَ، وَحَدِيثِ خَلْقِ اللَّهِ الْبَرِيَّةَ يَوْمَ السَّبْتِ، وَحَدِيثِ صَلَاةِ الْكُسُوفِ بِثَلَاثِ رُكُوعَاتٍ وَأَكْثَرَ. وَفِيهَا مَوَاضِعُ لَا انْتِقَادَ فِيهَا فِي الْبُخَارِيِّ، فَإِنَّهُ أَبْعَدُ الْكِتَابَيْنِ عَنِ الِانْتِقَادِ، وَلَا يَكَادُ يَرْوِي لَفْظًا فِيهِ انْتِقَادٌ، إِلَّا وَيَرْوِي اللَّفْظَ الْآخَرَ الَّذِي يُبَيِّنُ أَنَّهُ مُنْتَقَدٌ، فَمَا فِي كِتَابِهِ لَفْظٌ مُنْتَقَدٌ، إِلَّا وَفِي كِتَابِهِ مَا يُبَيِّنُ أَنَّهُ مُنْتَقَدٌ. وَفِي الْجُمْلَةِ مَنْ نَقَدَ سَبْعَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ، فَلَمْ يَرُجْ عَلَيْهِ [2] فِيهَا إِلَّا دَرَاهِمُ يَسِيرَةٌ، وَمَعَ هَذَا فَهِيَ مُغَيَّرَةٌ لَيْسَتْ مَغْشُوشَةً مَحْضَةً، فَهَذَا إِمَامٌ فِي صَنْعَتِهِ. وَالْكِتَابَانِ سَبْعَةُ آلَافِ حَدِيثٍ وَكَسْرٌ [3] . وَالْمَقْصُودُ أَنَّ أَحَادِيثَهُمَا انْتَقَدَهَا [4] الْأَئِمَّةُ الْجَهَابِذَةُ قَبْلَهُمْ وَبَعْدَهُمْ، وَرَوَاهَا خَلَائِقُ لَا يُحْصِي عَدَدَهُمْ إِلَّا اللَّهُ، فَلَمْ يَنْفَرِدَا لَا بِرِوَايَةٍ وَلَا بِتَصْحِيحٍ، وَاللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - هُوَ الْكَفِيلُ بِحِفْظِ [5] هَذَا الدِّينِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: 9] . وَهَذَا مِثْلُ غَالِبِ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُوجَدُ فِي الْكُتُبِ الْمُصَنَّفَةِ فِي مَذَاهِبِ [6] الْأَئِمَّةِ مِثْلِ الْقُدُورِيِّ وَالتَّنْبِيهِ وَالْخِرَقِيِّ [7] وَالْجَلَّابِ، غَالِبُ مَا فِيهَا إِذَا (1) ن، ب: قَرَّرَتْ قَوْلَ الْمُنْتَقِدِ، م: قَرَّرَتِ الْمُنْتَقِدَةَ. (2) عَلَيْهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) (3) م: وَكَثِيرٌ. (4) س: انْقُدْهَا، ب: نَقَدَهَا. (5) س، ب: الْحَفِيظُ يَحْفَظُ. (6) ن، س، ب: مَذْهَبِ. (7) م: وَالْحَرْبِيِّ، س، ب: وَالْحَوْفِيِّ.
__________________
|
#422
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (422) صـ 217 إلى صـ 226 قِيلَ: ذَكَرَهُ فُلَانٌ، عُلِمَ أَنَّهُ مَذْهَبُ ذَلِكَ الْإِمَامِ، وَقَدْ نَقَلَ ذَلِكَ سَائِرُ أَصْحَابِهِ، وَهُمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ يَنْقُلُونَ مَذْهَبَهُ بِالتَّوَاتُرِ. وَهَذِهِ الْكُتُبُ فِيهَا مَسَائِلُ انْفَرَدَ بِهَا بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَفِيهَا نِزَاعٌ بَيْنَهُمْ، لَكِنْ غَالِبًا هُوَ قَوْلُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ. وَأَمَّا الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فَجُمْهُورُ مَا فِيهِمَا اتَّفَقَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ، الَّذِينَ هُمْ أَشَدُّ عِنَايَةً بِأَلْفَاظِ الرَّسُولِ وَضَبْطًا لَهَا وَمَعْرِفَةً بِهَا مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ لِأَلْفَاظِ أَئِمَّتِهِمْ، وَعُلَمَاءُ الْحَدِيثِ أَعْلَمُ بِمَقَاصِدِ الرَّسُولِ [فِي أَلْفَاظِهِ] [1] مِنْ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ بِمَقَاصِدِ أَئِمَّتِهِمْ، وَالنِّزَاعُ بَيْنَهُمْ [2] فِي ذَلِكَ أَقَلُّ مِنْ تَنَازُعِ أَتْبَاعِ الْأَئِمَّةِ فِي مَذَاهِبِ أَئِمَّتِهِمْ. وَالرَّافِضَةُ - لِجَهْلِهِمْ - يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ إِذَا قَبِلُوا مَا فِي نُسْخَةٍ مِنْ ذَلِكَ، وَجَعَلُوا فَضَائِلَ الصِّدِّيقِ لِعَلِيٍّ، أَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ، الَّذِينَ حَفِظَ اللَّهُ بِهِمُ الذِّكْرَ. الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ الَّذِي تَوَاتَرَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ الَّذِي قَاتَلَ أَهْلَ الرِّدَّةِ هُوَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الَّذِي قَاتَلَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ الْمُدَّعِيَ لِلنُّبُوَّةِ وَأَتْبَاعَهُ بَنِي حَنِيفَةَ وَأَهْلَ الْيَمَامَةِ. قَدْ قِيلَ: كَانُوا نَحْوَ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ أَكْثَرَ [3] ، وَقَاتَلَ طُلَيْحَةَ الْأَسَدِيَّ، وَكَانَ قَدِ ادَّعَى النُّبُوَّةَ بِنَجْدٍ، وَاتَّبَعَهُ مِنْ أَسَدٍ وَتَمِيمٍ وَغَطَفَانَ مَا شَاءَ اللَّهُ، ادَّعَتِ النُّبُوَّةَ سَجَاحٌ، امْرَأَةٌ تَزَوَّجَهَا مُسَيْلِمَةُ الْكَذَّابُ، فَتَزَوَّجَ الْكَذَّابُ بِالْكَذَّابَةِ. (1) فِي أَلْفَاظِهِ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (2) بَيْنَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) ن، م: وَأَكْثَرَ. وَأَيْضًا فَكَانَ مِنَ الْعَرَبِ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَلَمْ يَتَّبِعْ مُتَنَبِّئًا كَذَّابًا. وَمِنْهُمْ قَوْمٌ أَقَرُّوا بِالشَّهَادَتَيْنِ، لَكِنِ امْتَنَعُوا مِنْ أَحْكَامِهِمَا كَمَانِعِي الزَّكَاةِ. وَقِصَصُ هَؤُلَاءِ مَشْهُورَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ يَعْرِفُهَا كُلُّ مَنْ لَهُ بِهَذَا الْبَابِ أَدْنَى مَعْرِفَةٍ. وَالْمُقَاتِلُونَ لِلْمُرْتَدِّينَ [هُمْ مِنَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمُ اللَّهُ وَيُحِبُّونَهُ] [1] ، وَهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ بِالدُّخُولِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَكَذَلِكَ الَّذِينَ قَاتَلُوا سَائِرَ الْكُفَّارِ مِنَ الرُّومِ وَالْفُرْسِ. وَهَؤُلَاءِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمَنِ اتَّبَعَهُمَا مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ وَغَيْرِهِمْ. وَلِهَذَا رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ سُئِلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ هَؤُلَاءِ، فَأَشَارَ إِلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، وَقَالَ: "هُمْ قَوْمُ هَذَا" [2] . فَهَذَا أَمْرٌ يُعْرَفُ بِالتَّوَاتُرِ وَالضَّرُورَةِ: أَنَّ الَّذِينَ أَقَامُوا الْإِسْلَامَ وَثَبَتُوا عَلَيْهِ حِينَ الرِّدَّةِ، وَقَاتَلُوا الْمُرْتَدِّينَ وَالْكُفَّارَ، هُمْ دَاخِلُونَ فِي قَوْلِهِ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] . وَأَمَّا عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ مِمَّنْ يُحِبُّ اللَّهَ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ، لَكِنْ لَيْسَ بِأَحَقَّ بِهَذِهِ الصِّفَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ، وَلَا * كَانَ جِهَادُهُ لِلْكُفَّارِ وَالْمُرْتَدِّينَ أَعْظَمَ مِنْ جِهَادِ هَؤُلَاءِ، وَلَا حَصَلَ بِهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ لِلدِّينِ أَعْظَمُ * [3] مِمَّا حَصَلَ بِهَؤُلَاءِ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُمْ لَهُ سَعْيٌ مَشْكُورٌ وَعَمَلٌ مَبْرُورٌ وَآثَارٌ صَالِحَةٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَاللَّهُ يَجْزِيهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِهِ خَيْرَ جَزَاءٍ، فَهُمُ (1) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: وَمِنَ الْمُقَاتِلِينَ لِلْمُرْتَدِّينَ، وَهُمْ أَحَقُّ النَّاسِ، إِلَخْ، وَالْكَلَامُ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ، وَلَعَلَّ مَا أَثْبَتُّهُ تَسْتَقِيمُ بِهِ الْعِبَارَةُ. (2) ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ 10/414 - 415 "وَانْظُرْ تَعْلِيقَ الْمُحَقِّقِ" . (3) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالْأَئِمَّةُ الْمَهْدِيُّونَ، الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ، وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ. وَأَمَّا أَنْ يَأْتِيَ إِلَى أَئِمَّةِ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ كَانَ نَفْعُهُمْ فِي الدِّينِ وَالدُّنْيَا أَعْظَمَ، فَيَجْعَلَهُمْ كُفَّارًا أَوْ فُسَّاقًا [1] ظَلَمَةً، وَيَأْتِيَ إِلَى مَنْ لَمْ يَجْرِ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْخَيْرِ مِثْلُ مَا جَرَى عَلَى يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ، * فَيَجْعَلَهُ اللَّهَ أَوْ شَرِيكًا لِلَّهِ، أَوْ شَرِيكَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَوِ الْإِمَامَ الْمَعْصُومَ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ إِلَّا مَنْ * [2] جَعَلَهُ مَعْصُومًا مَنْصُوصًا عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ عَنْ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ، وَيَجْعَلَ الْكُفَّارَ الْمُرْتَدِّينَ الَّذِي قَاتَلَهُمْ أُولَئِكَ كَانُوا مُسْلِمِينَ، وَيَجْعَلَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ، وَيَصُومُونَ شَهْرَ رَمَضَانَ، وَيَحُجُّونَ الْبَيْتَ، وَيُؤْمِنُونَ بِالْقُرْآنِ يَجْعَلُهُمْ [3] كُفَّارًا لِأَجْلِ قِتَالِ هَؤُلَاءِ. فَهَذَا عَمَلُ أَهْلِ الْجَهْلِ وَالْكَذِبِ وَالظُّلْمِ وَالْإِلْحَادِ فِي دِينِ الْإِسْلَامِ، عَمَلُ مَنْ لَا عَقْلَ لَهُ وَلَا دِينَ وَلَا إِيمَانَ. وَالْعُلَمَاءُ دَائِمًا يَذْكُرُونَ أَنَّ الَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ كَانَ زِنْدِيقًا مُلْحِدًا، مَقْصُودُهُ إِفْسَادُ [دِينِ] [4] الْإِسْلَامِ. وَلِهَذَا [صَارَ] [5] الرَّفْضُ مَأْوَى الزَّنَادِقَةِ الْمُلْحِدِينَ مِنَ الْغَالِيَةِ وَالْمُعَطِّلَةِ [6] ، كَالنَّصِيرِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ. وَأَوَّلُ الْفِكْرَةِ [7] آخِرُ الْعَمَلِ، فَالَّذِي ابْتَدَعَ الرَّفْضَ كَانَ مَقْصُودُهُ إِفْسَادَ [8] (1) ، ب: وَفُسَّاقًا، م: أَوْ فَسَقَةً. (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) وَفِي (ن) ، (س) : إِلَّا مَنْ جَعَلَهُ اللَّهُ مَعْصُومًا) إِلَخْ. (3) يَجْعَلُهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ب) . (4) دِينِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (5) صَارَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (6) م: وَالْمُبْطِلَةِ. (7) م: الْكَفَرَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (8) م: إِفْسَادَهُ. دِينِ الْإِسْلَامِ، وَنَقْضَ عُرَاهُ، وَقَلْعَهُ بِعُرُوشِهِ آخِرًا، لَكِنْ صَارَ يَظْهَرُ مِنْهُ مَا يُكِنُّهُ [1] مِنْ ذَلِكَ، وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ. وَهَذَا مَعْرُوفٌ عَنِ [2] ابْنِ سَبَأٍ وَأَتْبَاعِهِ [3] ، وَهُوَ الَّذِي ابْتَدَعَ النَّصَّ فِي عَلِيٍّ، وَابْتَدَعَ أَنَّهُ مَعْصُومٌ. فَالرَّافِضَةُ [4] الْإِمَامِيَّةُ هُمْ أَتْبَاعُ الْمُرْتَدِّينَ، وَغِلْمَانُ الْمُلْحِدِينَ، وَوَرَثَةُ الْمُنَافِقِينَ، لَمْ يَكُونُوا أَعْيَانَ الْمُرْتَدِّينَ الْمُلْحِدِينَ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ، أَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِهِ، وَلَفْظُهَا يُصَرِّحُ بِأَنَّهُمْ جَمَاعَةٌ؟ قَالَ تَعَالَى: {مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 54] إِلَى قَوْلِهِ: {لَوْمَةَ لَائِمٍ} . أَفَلَيْسَ هَذَا صَرِيحًا فِي أَنَّ هَؤُلَاءِ لَيْسُوا رَجُلًا، فَإِنَّ الرَّجُلَ [5] لَا يُسَمَّى قَوْمًا فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا. وَلَوْ قَالَ: الْمُرَادُ هُوَ وَشِيعَتُهُ. لَقِيلَ: إِذَا كَانَتِ الْآيَةُ أَدْخَلَتْ مَعَ عَلِيٍّ غَيْرَهُ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْكُفَّارَ وَالْمُرْتَدِّينَ أَحَقُّ بِالدُّخُولِ فِيهَا مِمَّنْ لَمْ يُقَاتِلْ إِلَّا أَهْلَ الْقِبْلَةِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ، الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ أَحَقُّ بِالدُّخُولِ فِيهَا مِنَ الرَّافِضَةِ، الَّذِينَ يُوَالُونَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ، وَيُعَادُونَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ. فَإِنْ قِيلَ: الَّذِينَ قَاتَلُوا مَعَ عَلِيٍّ كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ. قِيلَ: وَالَّذِينَ قَاتَلُوهُ أَيْضًا كَانَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ. فَكِلَا (1) ن، م، س: مَا يُمْكِنُهُ. (2) س، ب: عِنْدَ. (3) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: ابْنِ سِينَا وَأَتْبَاعِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ، وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ مَا أَثْبَتُّهُ. (4) م: وَالرَّافِضَةُ. (5) ن، س، ب: فَإِنَّ الْوَاحِدَ. الْعَسْكَرَيْنِ كَانَتِ الْيَمَانِيَّةُ وَالْقَيْسِيَّةُ فِيهِمْ كَثِيرَةً [1] جِدًّا، وَأَكْثَرُ أَذْوَاءِ الْيَمَنِ كَانُوا مَعَ مُعَاوِيَةَ، كَذِي كُلَاعٍ [2] وَذِي عَمْرٍو، وَذِي رُعَيْنٍ، وَنَحْوِهِمْ. وَهُمُ الَّذِينَ يُقَالُ لَهُمُ: الذَّوِينُ. كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: وَمَا أَعْنِي بِذَلِكَ أَصْغَرَيْهِمْ ... وَلَكِنِّي أُرِيدُ بِهِ الذَّوِينَا. الْوَجْهُ السَّادِسُ: قَوْلُهُ: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} لَفْظٌ مُطْلَقٌ، لَيْسَ فِيهِ تَعْيِينٌ. وَهُوَ مُتَنَاوِلٌ لِمَنْ قَامَ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كَائِنًا مَا كَانَ، لَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِأَبِي بَكْرٍ وَلَا بِعَلِيٍّ. وَإِذَا لَمْ يَكُنْ مُخْتَصًّا بِإِحْدَاهُمَا، لَمْ يَكُنْ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ بِذَلِكَ أَفْضَلَ مِمَّنْ يُشَارِكُهُ فِيهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَسْتَوْجِبَ بِذَلِكَ الْإِمَامَةَ. بَلْ هَذِهِ الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَرْتَدُّ أَحَدٌ [عَنِ الدِّينِ] [3] إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا أَقَامَ اللَّهُ قُوْمًا يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، أَذِلَّةً عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةً عَلَى الْكَافِرِينَ، يُجَاهِدُونَ هَؤُلَاءِ الْمُرْتَدِّينَ. وَالرِّدَّةُ قَدْ تَكُونُ عَنْ أَصْلِ الْإِسْلَامِ، كَالْغَالِيَةِ مِنَ النَّصِيرِيَّةِ وَالْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، فَهَؤُلَاءِ مُرْتَدُّونَ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، وَكَالْعَبَّاسِيَّةِ [4] . (1) م: كَثْرَةً. (2) م: كَذِي الْكُلَاعِ. (3) عَنِ الدِّينِ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (4) ن، م، س: كَالْعَبَّاسِيَّةِ، وَيَقْصِدُ بِهِمُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ هُنَا الرَّاوَنْدِيَّةَ، وَهُمْ كَمَا سَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا (1/14) أَتْبَاعُ ابْنِ الرَّاوَنْدِيِّ الَّذِينَ كَانَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ فَارَقَهُمْ وَهَاجَمَ مَذْهَبَهُمْ وَصَارَ مُلْحِدًا زِنْدِيقًا، وَالرَّاوَنْدِيَّةُ فِرَقٌ مِنْ فِرَقِ الْكَيْسَانِيَّةِ، وَيَقُولُ ابْنُ النُّوبَخْتِيِّ فِي كِتَابِهِ "فِرَقِ الشِّيعَةِ" ص 57: "فَالْكَيْسَانِيَّةُ كُلُّهَا لَا إِمَامَ لَهَا وَإِنَّمَا يَنْتَظِرُونَ الْمَوْتَى إِلَّا" الْعَبَّاسِيَّةَ "فَإِنَّهَا تُثْبِتُ الْإِمَامَةَ فِي وَلَدِ الْعَبَّاسِ وَقَادُوهَا فِيهِمْ إِلَى الْيَوْمِ" . وَقَالَ ابْنُ النُّوبَخْتِيِّ قَبْلَ ذَلِكَ (ص 54) "وَفِرْقَةٌ قَالَتْ أَوْصَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لِأَنَّهُ مَاتَ عِنْدَهُمْ بِأَرْضِ الشَّرَاةِ بِالشَّامِ، وَأَنَّهُ دَفَعَ إِلَيْهِ الْوَصِيَّةَ إِلَى أَبِيهِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ، وَذَلِكَ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ كَانَ صَغِيرًا عِنْدَ وَفَاةِ أَبِي هَاشِمٍ وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهَا إِلَيْهِ إِذَا بَلَغَ دَفْعَهَا إِلَيْهِ، فَهُوَ الْإِمَامُ، وَهُوَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ الْعَالِمُ بِكُلِّ شَيْءٍ، فَمَنْ عَرَفَهُ فَلْيَصْنَعْ مَا شَاءَ، وَهَؤُلَاءِ غُلَاةُ الرَّاوَنْدِيَّةِ" ، انْظُرْ مَا سَبَقَ أَنْ ذَكَرْتُهُ عَنِ الرَّاوَنْدِيَّةِ 1/14، 500: وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ حَزْمٍ فِي "الْفِصَلِ" 4/154 حَيْثُ قَالَ: "وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا تَجُوزُ الْخِلَافَةُ إِلَّا فِي وَلَدِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَهُمُ الرَّاوَنْدِيَّةُ" . وَقَدْ نَقَلْتُ كَلَامَهُ فِيمَا سَبَقَ 1/500 - 503 وَانْظُرْ أَيْضًا 1، 546 وَانْظُرْ كِتَابَ "أُصُولِ الدِّينِ" ص 281. وَقَدْ تَكُونُ الرِّدَّةُ عَنْ بَعْضِ الدِّينِ، كَحَالِ أَهْلِ الْبِدَعِ الرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ. وَاللَّهُ تَعَالَى يُقِيمُ قَوْمًا يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، وَيُجَاهِدُونَ مَنِ ارْتَدَّ عَنِ الدِّينِ، أَوْ عَنْ بَعْضِهِ، كَمَا يُقِيمُ مَنْ يُجَاهِدُ الرَّافِضَةَ الْمُرْتَدِّينَ عَنِ الدِّينِ، أَوْ عَنْ بَعْضِهِ، فِي كُلِّ زَمَانٍ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يَجْعَلَنَا مِنَ الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ، الَّذِينَ يُجَاهِدُونَ الْمُرْتَدِّينَ [وَأَتْبَاعَ الْمُرْتَدِّينَ] [1] ، وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ. [فصل البرهان السادس والعشرون "وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: 19] رَوَى أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ [3] أَبِي لَيْلَى، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:" (1) وَأَتْبَاعَ الْمُرْتَدِّينَ، زِيَادَةٌ فِي (م) . (2) فِي (ك) ص 161 (م) . (3) ك: إِلَى. "«الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ: حَبِيبُ بْنُ مُوسَى النَّجَّارُ مُؤْمِنُ آلِ يَاسِينَ، الَّذِي قَالَ: يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ. وَحَزْقِيلُ مُؤْمِنُ آلِ فِرْعَوْنَ الَّذِي قَالَ: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ. وَعَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ الثَّالِثُ [1] ، وَهُوَ أَفْضَلُهُمْ» . وَنَحْوُهُ رَوَى ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ [2] الْفَقِيهُ الشَّافِعِيُّ [3] وَصَاحِبُ كِتَابِ" الْفِرْدَوْسِ ". وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ تَدُلُّ عَلَى إِمَامَتِهِ" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ الْحَدِيثِ، وَهَذَا لَيْسَ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَتِهِ لَهُ فِي الْفَضَائِلِ، لَوْ كَانَ رَوَاهُ؛ لَا يَدُلُّ عَلَى صِحَّتِهِ عِنْدَهُ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ، فَإِنَّهُ يَرْوِي مَا رَوَاهُ النَّاسُ، وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ صِحَّتُهُ. وَكُلُّ مَنْ عَرَفَ الْعِلْمَ يَعْلَمُ أَنَّهُ [4] لَيْسَ كُلُّ حَدِيثٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي الْفَضَائِلِ وَنَحْوِهِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَحِيحٌ، بَلْ وَلَا كُلُّ حَدِيثٍ رَوَاهُ فِي مُسْنَدِهِ يَقُولُ: إِنَّهُ صَحِيحٌ، بَلْ أَحَادِيثُ مُسْنَدِهِ هِيَ الَّتِي رَوَاهَا النَّاسُ عَمَّنْ هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ بِالنَّقْلِ وَلَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ، وَقَدْ يَكُونُ فِي بَعْضِهَا عِلَّةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ، بَلْ بَاطِلٌ. لَكِنَّ غَالِبَهَا وَجُمْهُورَهَا أَحَادِيثُ جَيِّدَةٌ يُحْتَجُّ بِهَا، وَهِيَ أَجْوَدُ مِنْ أَحَادِيثِ سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ. وَأَمَّا مَا رَوَاهُ فِي الْفَضَائِلِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ عِنْدَهُ. وَالْحَدِيثُ قَدْ يُعْرَفُ أَنَّ مُحَدِّثَهُ غَلِطَ فِيهِ، أَوْ كَذَّبَهُ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ [5] بِحَالِ الْمُحَدِّثِ، بَلْ بِدَلَائِلَ أُخَرَ. (1) ك: بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الثَّالِثُ. (2) ب: ابْنُ الْمُغَازِيِّ. (3) ك: الْفَقِيهُ ابْنُ الْمَغَازِلِيِّ الشَّافِعِيُّ. (4) س، ب: أَنْ. (5) ن، م: الْعِلْمِ. وَالْكُوفِيُّونَ كَانَ قَدِ اخْتَلَطَ كَذِبُهُمْ بِصِدْقِهِمْ، فَقَدْ يَخْفَى كَذِبُ أَحَدِهِمْ أَوْ غَلَطُهُ عَلَى الْمُتَأَخِّرِينَ، وَلَكِنْ يُعْرَفُ ذَلِكَ بِدَلِيلٍ آخَرَ. فَكَيْفَ وَهَذَا الْحَدِيثُ لَمْ يَرْوِهِ أَحْمَدُ: لَا فِي الْمُسْنَدِ وَلَا فِي كِتَابِ "الْفَضَائِلِ" ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ زِيَادَاتِ الْقُطَيْعِيِّ [1] رَوَاهُ [2] عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْقُرَشِيِّ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَنْصَارِيُّ [3] حَدَّثَنَا عَمْرُو [4] بْنُ جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى [5] (6 عَنْ أَخِيهِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى [6] 6) [عَنْ أَبِيهِ] [7] قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَذَكَرَهُ [8] . (1) ن: الْقَعْنَنِيِّ، م، ب: الْقَعْيَنِيِّ، س: الْقَعْيَنِيِّ، وَرَجَّحْتُ أَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ: الْقُطَيْعِيِّ. وَالْقَعْنَبِيُّ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ الْقَعْنَبِيُّ الْحَارِثِيُّ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ تُوُفِّيَ سَنَةَ 221، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَلَيْسَتْ لَهُ زِيَادَاتٌ عَلَى الْمُسْنَدِ، وَلَا عَلَى كُتُبِ أَحْمَدَ، وَلَمْ تُذْكَرْ فِي تَرْجَمَتِهِ أَيُّ صِلَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحْمَدَ، انْظُرْ: تَهْذِيبَ التَّهْذِيبِ 6/31 - 33، الْأَعْلَامَ 4/280 - 281 وَأَمَّا الْقُطَيْعِيُّ فَهُوَ أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ بْنِ مَالِكٍ الْقُطَيْعِيُّ فَهُوَ صَاحِبُ الزِّيَادَاتِ عَلَى كِتَابِ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" وَسَيَذْكُرُهُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بَعْدَ قَلِيلٍ فَيَقُولُ: "وَرَوَاهُ الْقُطَيْعِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ" . وُلِدَ الْقُطَيْعِيُّ سَنَةَ 273 وَتُوُفِّيَ سَنَةَ 368 انْظُرْ تَرْجَمَتَهُ فِي طَبَقَاتِ الْحَنَابِلَةِ 2 6 - 7 تَارِيخِ بَغْدَادَ، 4 73 - 74 الْأَعْلَامِ 1 103. (2) فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ 2 627 - 628 رَقْمَ 1072 (3) فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ. (4) س: عُمَرُ. (5) فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: قَالَ: نَا عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى. (6) (6 - 6) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) ، "وَفِي فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" عَنْ أَخِيهِ عِيسَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى. (7) عَنْ أَبِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، (ب) . (8) قَالَ الدُّكْتُورُ وَصِيُّ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ عَبَّاسٍ فِي تَعْلِيقِهِ: "مَوْضُوعٌ لِأَجْلِ عَمْرِو بْنِ جُمَيْعٍ أَبِي الْمُنْذِرِ، وَقِيلَ: أَبِي عُثْمَانَ، فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ كَذَّبَهُ ابْنُ مَعِينٍ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: كَانَ يُتَّهَمُ بِالْوَضْعِ" ، وَانْظُرْ بَاقِيَ التَّعْلِيقِ. وَرَوَاهُ الْقُطَيْعِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ قَالَ [1] : كَتَبَ إِلَيْنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَنَّامٍ الْكُوفِيُّ [2] يَذْكُرُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى الْمَكْفُوفَ حَدَّثَهُمْ قَالَ: حَدَّثَنَا [3] عَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى [4] ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ [5] . وَعَمْرُو بْنُ جُمَيْعٍ مِمَّنْ لَا يُحْتَجُّ بِنَقْلِهِ، بَلْ قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: يُتَّهَمُ [6] بِالْوَضْعِ. قَالَ يَحْيَى: كَذَّابٌ خَبِيثٌ. وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ: مَتْرُوكٌ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَرْوِي الْمَوْضُوعَاتِ عَنِ الْأَثْبَاتِ، وَالْمَنَاكِيرَ عَنِ الْمَشَاهِيرِ، لَا يَحِلُّ [7] كَتْبُ حَدِيثِهِ إِلَّا عَلَى سَبِيلِ الِاعْتِبَارِ [8] . الثَّانِي: أَنَّ هَذَا [9] الْحَدِيثَ مَوْضُوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الثَّالِثُ: أَنَّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ تَسْمِيَةَ غَيْرِ عَلِيٍّ صِدِّيقًا، كَتَسْمِيَةِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَكَيْفَ يُقَالُ: الصِّدِّيقُونَ الثَّلَاثَةُ؟ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَعِدَ أُحُدًا، (1) فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: 2/655 - 656 رَقْمُ 1117 (2) الْكُوفِيُّ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) ، وَفِي "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" وَفِيمَا كَتَبَ إِلَيْنَا إِلَخْ. (3) فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: أَنَا. (4) فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: بْنُ جُمَيْعٍ الْبَصْرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِيهِ أَبِي لَيْلَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ. (5) قَالَ الدُّكْتُورُ وَصِيُّ اللَّهِ: "مَوْضُوعٌ" . (6) ب: قَالَ فِيهِ ابْنُ عَدِيٍّ: مُتَّهَمٌ. (7) ن: لَا تَحِلُّ. (8) قَالَ الدُّكْتُورُ وَصِيُّ اللَّهِ: "الضُّعَفَاءَ لِلنَّسَائِيِّ (ص 299) الْمَجْرُوحِينَ (2/77) الْمِيزَانَ (3/251) اللِّسَانَ، 4/358" (9) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . وَتَبِعَهُ [1] أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ، فَرَجَفَ بِهِمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "اثْبُتْ أُحُدُ ; فَمَا عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ»" [2] . وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ [3] . وَفِي رِوَايَةٍ "«ارْتَجَّ بِهِمْ أُحُدٌ» [4]" . وَفِي الصَّحِيحِ [5] عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ; فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَالْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ ; فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَالْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»" [6] . الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ سَمَّى مَرْيَمَ صِدِّيقَةً، فَكَيْفَ يُقَالُ: الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ؟ ! (1) م: وَمَعَهُ. (2) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/501 (ت [0 - 9] ) وَفِي جَمِيعِ مَوَاضِعِ الْحَدِيثِ، "اثْبُتْ حِرَاءُ" ، أَوْ "اسْكُنْ حِرَاءُ" مَا عَدَا رَقْمَ 1638 فِي الْمُسْنَدِ، "ط. الْمَعَارِفِ" 3/112 فَفِيهِ "اثْبُتْ حِرَاءُ أَوْ أُحُدُ" . (3) فِي الْمُسْنَدِ "ط. الْحَلَبِيِّ" 3/112 وَفِيهِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، وَحَدِيثُ أَنَسٍ فِي: الْبُخَارِيِّ 5/15 (كِتَابُ فَضَائِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ، بَابُ فَضَائِلِ عُثْمَانَ) ، وَفِيهِ "أُحُدُ" بَدَلًا مِنْ "حِرَاءُ" وَقَدْ تَكَلَّمَ الْأَلْبَانِيُّ كَلَامًا مُفَصَّلًا عَلَى الْحَدِيثِ وَأَلْفَاظِهِ وَرِوَايَاتِهِ فِي "سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ" 2/454 - 458 (حَدِيثِ رَقْمِ 875 (4) أُحُدٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) 5/331 (5) م: وَفِي الصَّحِيحَيْنِ. (6) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/266
__________________
|
#423
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (423) صـ 227 إلى صـ 236 الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: الصِّدِّيقُونَ ثَلَاثَةٌ، إِنْ أَرَادَ بِهِ أَنَّهُ لَا صِدِّيقَ إِلَّا هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُ [1] كَذِبٌ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَإِنْ أَرَادَ [2] أَنَّ الْكَامِلَ فِي الصِّدِّيقِيَّةِ هُمُ الثَّلَاثَةُ، فَهُوَ أَيْضًا خَطَأٌ ; لِأَنَّ أُمَّتَنَا خَيْرُ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ; فَكَيْفَ يَكُونُ الْمُصَدِّقُ بِمُوسَى وَرُسُلِ عِيسَى أَفْضَلَ مِنَ الْمُصَدِّقِينَ بِمُحَمَّدٍ؟ ! وَاللَّهُ تَعَالَى لَمْ يُسَمِّ مُؤْمِنَ آلِ فِرْعَوْنَ صِدِّيقًا، وَلَا يُسَمَّى [3] صَاحِبُ آلِ يَاسِينَ صِدِّيقًا، وَلَكِنَّهُمْ صَدَّقُوا بِالرُّسُلِ [4] . وَالْمُصَدِّقُونَ بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْضَلُ مِنْهُمْ. وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ صِدِّيقِينَ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 41] ، {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 56] وَقَوْلِهِ عَنْ يُوسُفَ: {أَيُّهَا الصِّدِّيقُ} [سُورَةُ يُوسُفَ: 46] . الْوَجْهُ السَّادِسُ [5] : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: 19] . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ كُلَّ مُؤْمِنٍ آمَنَ [6] بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ [7] فَهُوَ صِدِّيقٌ [8] . (1) ن، م: فَهَذَا. (2) ن، م: وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ. (3) س، ب: وَلَا يُسَمَّى. (4) ن: بِالرَّسُولِ. (5) ن: السَّابِعُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (6) ن، م: كُلَّ مَنْ آمَنَ. (7) م: وَرَسُولِهِ. (8) ن، س، ب: الصِّدِّيقُ. السَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ الصِّدِّيقُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْإِمَامَةَ، فَأَحَقُّ النَّاسِ بِكَوْنِهِ صِدِّيقًا أَبُو بَكْرٍ ; فَإِنَّهُ الَّذِي ثَبَتَ لَهُ هَذَا الِاسْمُ بِالدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ، وَبِالتَّوَاتُرِ الضَّرُورِيِّ عِنْدَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، حَتَّى إِنَّ أَعْدَاءَ الْإِسْلَامِ يَعْرِفُونَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِلْإِمَامَةِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَوْنُهُ صِدِّيقًا يَسْتَلْزِمُ الْإِمَامَةَ بَطَلَتِ الْحُجَّةُ. [فصل البرهان السابع والعشرون "الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 274] . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ [2] بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ [3] نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ [4] ، كَانَ مَعَهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ، فَأَنْفَقَ دِرْهَمًا بِاللَّيْلِ، وَدِرْهَمًا بِالنَّهَارِ، وَدِرْهَمًا سِرًّا، وَدِرْهَمًا عَلَانِيَةً، وَرَوَى الثَّعْلَبِيُّ ذَلِكَ. وَلَمْ يَحْصُلْ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ [5] ، فَيَكُونُ أَفْضَلَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَرِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ وَالثَّعْلَبِيِّ لَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ. (1) فِي (ك) ص 161 (م) . (2) ك: أَبِي نُعَيْمٍ الْحَافِظِ. (3) ك: إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ. (4) ك، م: عَلَيْهِ السَّلَامُ. (5) ك: فَأَنْفَقَ بِاللَّيْلِ دِرْهَمًا، وَبِالنَّهَارِ دِرْهَمًا، وَفِي السِّرِّ دِرْهَمًا، وَفِي الْعَلَانِيَةِ دِرْهَمًا، وَكَذَا رَوَاهُ الثَّعْلَبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِ عَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ذَلِكَ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ لَيْسَ بِثَابِتٍ [1] . الثَّالِثُ: أَنَّ الْآيَةَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَنْ يُنْفِقُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً، فَمَنْ عَمِلَ بِهَا دَخَلَ فِيهَا [2] ، سَوَاءٌ كَانَ عَلِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَيَمْتَنِعُ أَنْ لَا يُرَادَ بِهَا إِلَّا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ [3] . الرَّابِعُ: أَنَّ مَا ذَكَرَ [4] مِنَ الْحَدِيثِ يُنَاقِضُ مَدْلُولَ الْآيَةِ ; فَإِنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى الْإِنْفَاقِ فِي الزَّمَانَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَخْلُو الْوَقْتُ عَنْهُمَا، وَفِي الْحَالَيْنِ اللَّذَيْنِ لَا يَخْلُو الْفِعْلُ مِنْهُمَا. فَالْفِعْلُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ زَمَانٍ، وَالزَّمَانُ إِمَّا لَيْلٌ وَإِمَّا نَهَارٌ. وَالْفِعْلُ إِمَّا سِرًّا وَإِمَّا عَلَانِيَةً ; فَالرَّجُلُ إِذَا أَنْفَقَ بِاللَّيْلِ سِرًّا، كَانَ قَدْ أَنْفَقَ لَيْلًا سِرًّا. وَإِذَا أَنْفَقَ عَلَانِيَةً نَهَارًا، كَانَ قَدْ أَنْفَقَ عَلَانِيَةً نَهَارًا. وَلَيْسَ الْإِنْفَاقُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً خَارِجًا عَنِ الْإِنْفَاقِ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ. فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْمُرَادَ مَنْ أَنْفَقَ دِرْهَمًا بِالسِّرِّ، وَدِرْهَمًا فِي الْعَلَانِيَةِ، وَدِرْهَمًا بِاللَّيْلِ، وَدِرْهَمًا بِالنَّهَارِ - كَانَ جَاهِلًا، فَإِنَّ الَّذِي أَنْفَقَهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً قَدْ أَنْفَقَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا، وَالَّذِي قَدْ أَنْفَقَهُ لَيْلًا وَنَهَارًا قَدْ أَنْفَقَهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً. فَعُلِمَ أَنَّ الدِّرْهَمَ الْوَاحِدَ يَتَّصِفُ بِصِفَتَيْنِ، لَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَرْبَعَةً. لَكِنَّ هَذِهِ التَّفَاسِيرَ الْبَاطِلَةَ يَقُولُ مِثْلَهَا كَثِيرٌ مِنَ الْجُهَّالِ، كَمَا يَقُولُونَ: (1) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِآيَةِ 274 مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَانْظُرْ مَا رَوَاهُ مِنْ أَحَادِيثَ وَآثَارٍ فِي أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي أَصْحَابِ الْخَيْلِ أَوْ فِي الَّذِينَ يَعْلِفُونَ الْخَيْلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ مُجَاهِدٍ حَدِيثًا مُوَافِقًا لِلْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُطَهَّرِ وَنَسَبَهُ إِلَى ابْنِ أَبِي حَاتِمٍ ثُمَّ قَالَ: "وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ مُجَاهِدٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَلَكِنْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ" . (2) فِيهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) س، ب: أَنْ يُرَادَ بِهَا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ. (4) م: أَنَّ مَا ذَكَرَهُ. مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ (أَبُو بَكْرٍ) أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ (عُمَرُ) رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (عُثْمَانُ) تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا (عَلِيٌّ) يَجْعَلُونَ هَذِهِ الصِّفَاتِ لِمَوْصُوفَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَيُعَيِّنُونَ الْمَوْصُوفَ [1] فِي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ. وَالْآيَةُ صَرِيحَةٌ فِي إِبْطَالِ هَذَا وَهَذَا، فَإِنَّهَا صَرِيحَةٌ فِي أَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ كُلَّهَا لِقَوْمٍ يَتَّصِفُونَ بِهَا كُلِّهَا، وَإِنَّهُمْ كَثِيرُونَ لَيْسُوا وَاحِدًا. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْأَرْبَعَةَ أَفْضَلُ هَؤُلَاءِ، وَكُلٌّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ مَوْصُوفٌ بِهَذَا كُلِّهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الصِّفَاتِ فِي بَعْضٍ أَقْوَى مِنْهَا فِي آخَرَ. وَأَغْرَبُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ جُهَّالِ [2] الْمُفَسِّرِينَ: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ - وَطُورِ سِينِينَ - وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [سُورَةُ التِّينِ: 1 - 3] إِنَّهُمُ الْأَرْبَعَةُ ; فَإِنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْعَقْلِ وَالنَّقْلِ. لَكِنَّ اللَّهَ أَقْسَمَ بِالْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي أَنْزَلَ فِيهَا كُتُبَهُ الثَّلَاثَةَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالْقُرْآنَ، وَظَهَرَ مِنْهَا مُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٌ، كَمَا قَالَ فِي التَّوْرَاةِ: جَاءَ اللَّهُ مِنْ طُورِ سَيْنَا، وَأَشْرَقَ مِنْ سَاعِينَ، وَاسْتَعْلَنَ مِنْ جِبَالِ فَارَانَ [3] . فَالتِّينُ وَالزَّيْتُونُ: الْأَرْضُ الَّتِي بُعِثَ فِيهَا الْمَسِيحُ، وَكَثِيرًا مَا تُسَمَّى الْأَرْضُ بِمَا يَنْبُتُ فِيهَا، فَيُقَالُ: فُلَانٌ خَرَجَ إِلَى الْكَرْمِ وَإِلَى الزَّيْتُونِ وَإِلَى الرُّمَّانِ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَيُرَادُ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا ذَلِكَ، فَإِنَّ الْأَرْضَ تَتَنَاوَلُ ذَلِكَ، فَعَبَّرَ عَنْهَا بِبَعْضِهَا. وَطُورُ سِينِينَ حَيْثُ كَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى، وَهَذَا الْبَلَدُ الْأَمِينُ مَكَّةُ أُمُّ الْقُرَى الَّتِي بُعِثَ بِهَا مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. (1) عِبَارَةُ "وَيُعَيِّنُونَ الْمَوْصُوفَ" سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (2) م: الْجُهَّالِ. (3) س، ب: قَارَانَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَالْجَاهِلُ بِمَعْنَى الْآيَةِ، لِتَوَهُّمِهِ أَنَّ الَّذِي أَنْفَقَهُ سِرًّا وَعَلَانِيَةً غَيْرُ الَّذِي أَنْفَقَهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ - يَقُولُ: نَزَلَتْ فِيمَنْ أَنْفَقَ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ، إِمَّا عَلِيٍّ وَإِمَّا غَيْرِهِ، وَلِهَذَا قَالَ: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً} * لَمْ يَعْطِفْ بِالْوَاوِ، فَيَقُولُ: وَسِرًّا وَعَلَانِيَةً. بَلْ هَذَانِ دَاخِلَانِ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، سَوَاءٌ * [1] قِيلَ: هُمَا مَنْصُوبَانِ عَلَى الْمَصْدَرِ ; لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ مِنَ الْإِنْفَاقِ، أَوْ قِيلَ: عَلَى الْحَالِ. فَسَوَاءٌ قُدِّرَا سِرًّا وَعَلَانِيَةً [2] ، أَوْ مُسِرًّا وَمُعْلِنًا، فَتَبَيَّنَ أَنَّ الَّذِي كَذَّبَ هَذَا كَانَ جَاهِلًا بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ. وَالْجَهْلُ فِي الرَّافِضَةِ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ. الْخَامِسُ: أَنَّا لَوْ قَدَّرْنَا أَنَّ عَلِيًّا فَعَلَ ذَلِكَ، وَنَزَلَتْ فِيهِ الْآيَةُ، فَهَلْ هُنَا إِلَّا إِنْفَاقُ [3] أَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ فِي أَرْبَعَةِ أَحْوَالٍ؟ ! وَهَذَا عَمَلٌ مَفْتُوحٌ بَابُهُ [4] مُيَسَّرٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَالْعَامِلُونَ بِهَذَا وَأَضْعَافِهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصَوْا، وَمَا مِنْ أَحَدٍ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا وَلَا بُدَّ أَنْ يُنْفِقَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَارَةً بِاللَّيْلِ وَتَارَةً بِالنَّهَارِ، وَتَارَةً فِي السِّرِّ وَتَارَةً فِي الْعَلَانِيَةِ. فَلَيْسَ هَذَا مِنَ الْخَصَائِصِ، فَلَا يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ الْإِمَامَةِ [5] . [فصل البرهان الثامن والعشرون "لَيْسَ مِنْ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ إِلَّا عَلِيٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا. . ." والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [6] : "الْبُرْهَانُ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: مَا رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ" (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (2) ن: قُدِّرَ إِسْرَارًا وَإِعْلَانًا، س، ب: قُدِّرَ سِرًّا وَإِعْلَانًا. (3) ن، م، س: هُنَا الْإِنْفَاقُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) م، س، ب: بِأَنَّهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (5) ن: عَلَى فَضْلِهِ الْإِمَامَةَ، ب: عَلَى فَضِيلَةٍ وَلَا إِمَامَةٍ. (6) فِي (ك) ص 162 (م) . حَنْبَلٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَيْسَ مِنْ آيَةٍ فِي الْقُرْآنِ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} إِلَّا عَلِيٌّ رَأْسُهَا وَأَمِيرُهَا، وَشَرِيفُهَا وَسَيِّدُهَا، وَلَقَدْ عَاتَبَ اللَّهُ تَعَالَى أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ [1] فِي الْقُرْآنِ، وَمَا ذَكَرَ عَلِيًّا إِلَّا بِخَيْرٍ. وَهَذَا [2] يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَلَيْسَ هَذَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَلَا مُجَرَّدُ رِوَايَتِهِ لَهُ - لَوْ رَوَاهُ - فِي "الْفَضَائِلِ" يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ صِدْقٌ، فَكَيْفَ وَلَمْ يَرْوِهِ أَحْمَدُ: لَا فِي الْمُسْنَدِ، وَلَا فِي "الْفَضَائِلِ" وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ زِيَادَاتِ الْقُطَيْعِيِّ، رَوَاهُ [3] عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ شَرِيكٍ الْكُوفِيِّ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْكِسَائِيُّ حَدَّثَنَا عِيسَى [4] عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ [5] ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمِثْلُ هَذَا الْإِسْنَادِ لَا يُحْتَجُّ بِهِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; فَإِنَّ زَكَرِيَّا بْنَ يَحْيَى الْكِسَائِيَّ: قَالَ فِيهِ يَحْيَى: "رَجُلُ سُوءٍ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ يَسْتَأْهِلُ أَنْ يُحْفَرَ لَهُ بِئْرٌ فَيُلْقَى فِيهَا" وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: "مَتْرُوكٌ" . وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: "كَانَ يُحَدِّثُ بِأَحَادِيثَ فِي مَثَالِبِ الصَّحَابَةِ" [6] . الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْمُتَوَاتِرُ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُ عَلَيْهِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَهُ مُعَايَبَاتٌ يَعِيبُ بِهَا عَلِيًّا، وَيَأْخُذُ عَلَيْهِ فِي أَشْيَاءَ مِنْ (1) م: عَاتَبَ اللَّهُ تَعَالَى مُحَمَّدًا. (2) ك: فَهَذَا. (3) فِي كِتَابِ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ 2/654 (رَقْمَ 1114 (4) فَضَائِلُ الصَّحَابَةِ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ الْكُوفِيُّ، ثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى الْكِسَائِيُّ، ثَنَا عِيسَى. (5) ن، س: نَدِيمَةَ. (6) قَالَ الدُّكْتُورُ وَصِيُّ اللَّهِ فِي تَعْلِيقِهِ: "إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ جِدًّا لِأَجْلِ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى الْكِسَائِيِّ" . أُمُورِهِ، حَتَّى إِنَّهُ لَمَّا حَرَّقَ الزَّنَادِقَةَ الَّذِينَ ادَّعَوْا فِيهِ الْإِلَهِيَّةَ قَالَ: لَوْ كُنْتُ أَنَا لَمْ أُحَرِّقْهُمْ، لِنَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعَذَّبَ بِعَذَابِ اللَّهِ، وَلَضَرَبْتُ أَعْنَاقَهُمْ لِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ»" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ [1] . وَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا ذَلِكَ قَالَ: وَيْحَ أُمِّ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَمِنَ الثَّابِتِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي - إِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ نَصٌّ - بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. فَهَذَا اتِّبَاعُهُ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَهَذِهِ مُعَارَضَتُهُ لِعَلِيٍّ. وَقَدْ ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ، مِنْهُمُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ مُجَاوَبَتَهُ لِعَلِيٍّ لَمَّا أَخَذَ مَا أَخَذَ مِنْ مَالِ الْبَصْرَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ رِسَالَةً فِيهَا تَغْلِيطٌ عَلَيْهِ، فَأَجَابَ عَلِيًّا [2] بِجَوَابٍ يَتَضَمَّنُ أَنَّ مَا فَعَلْتُهُ دُونَ مَا فَعَلْتَهُ مِنْ سَفْكِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْإِمَارَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ لِعَلِيٍّ ; فَإِنَّ اللَّهَ كَثِيرًا مَا يُخَاطِبُ النَّاسَ بِمِثْلِ هَذَا فِي مَقَامِ عِتَابٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ - كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ} [سُورَةُ الصَّفِّ: 2 - 3] ، فَإِنْ كَانَ عَلِيٌّ رَأْسَ هَذِهِ الْآيَةِ ; فَقَدْ وَقَعَ مِنْهُ هَذَا الْفِعْلُ الَّذِي أَنْكَرَهُ اللَّهُ وَذَمَّهُ. وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ} [سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ: 1] . وَثَبَتَ فِي الصِّحَاحِ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ لَمَّا كَاتَبَ الْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِيًّا وَالزُّبَيْرَ لِيَأْتِيَا بِالْمَرْأَةِ [3] الَّتِي كَانَ مَعَهَا الْكِتَابُ [4] ، وَعَلِيٌّ كَانَ بَرِيئًا (1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/307 (2) م: وَأَجَابَ عَلِيٌّ، وَالْمُجِيبُ هُوَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَجَابَ عَلِيًّا عَلَى رِسَالَتِهِ الَّتِي فِيهَا تَغْلِيظٌ. (3) ن، س، ب: الْمَرْأَةَ. (4) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ 3/501 وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ 8/108 - 111 مِنْ ذَنْبِ حَاطِبٍ، فَكَيْفَ يُجْعَلُ رَأْسَ الْمُخَاطَبِينَ الْمُلَامِينَ عَلَى هَذَا الذَّنْبِ؟ ! وَقَالَ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 94] . وَهَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ وَجَدُوا رَجُلًا فِي غَنِيمَةٍ لَهُ، فَقَالَ: إِنِّي مُسْلِمٌ، فَلَمْ يُصَدِّقُوهُ وَأَخَذُوا غَنَمَهُ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - بِالتَّثَبُّتِ وَالتَّبَيُّنِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ تَكْذِيبِ مُدَّعِي الْإِسْلَامِ طَمَعًا فِي دُنْيَاهُ. وَعَلَيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَرِيءٌ مِنْ ذَنْبِ هَؤُلَاءِ، فَكَيْفَ يُقَالُ هُوَ رَأْسُهُمْ؟ ! وَأَمْثَالُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ. الرَّابِعُ: هُوَ مِمَّنْ شَمِلَهُ لَفْظُ الْخِطَابِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ سَبَبُ الْخِطَابِ، فَلَا رَيْبَ أَنَّ اللَّفْظَ شَمِلَهُ كَمَا يَشْمَلُ [1] غَيْرَهُ. وَلَيْسَ فِي لَفْظِ الْآيَةِ تَفْرِيقٌ بَيْنَ مُؤْمِنٍ وَمُؤْمِنٍ. الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ: أَنَّهُ رَأْسُ الْآيَاتِ وَأَمِيرُهَا وَشَرِيفُهَا وَسَيِّدُهَا، كَلَامُ لَا حَقِيقَةَ لَهُ. فَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ خُوطِبَ بِهَا، فَلَيْسَ كَذَلِكَ ; فَإِنَّ الْخِطَابَ يَتَنَاوَلُ الْمُخَاطَبِينَ تَنَاوُلًا وَاحِدًا، لَا يَتَقَدَّمُ بَعْضُهُمْ بِمَا تَنَاوَلَهُ عَنْ بَعْضٍ. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، فَلَيْسَ كَذَلِكَ ; فَإِنَّ فِي الْآيَاتِ آيَاتٍ قَدْ عُمِلَ بِهَا مِنْ قَبْلِ عَلِيٍّ، وَفِيهَا آيَاتٌ لَمْ يَحْتَجْ عَلِيٌّ أَنْ يَعْمَلَ بِهَا. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ تَنَاوُلَهَا لِغَيْرِهِ أَوْ عَمْلَ غَيْرِهِ بِهَا مَشْرُوطٌ بِهِ، كَالْإِمَامِ فِي الْجُمُعَةِ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، فَإِنَّ شُمُولَ الْخِطَابِ لِبَعْضِهِمْ لَيْسَ مَشْرُوطًا (1) ن: يَشْمَلُهُ كَمَا يَشْمَلُ، س، ب: يَشْمَلُهُ كَمَا شَمِلَ. بِشُمُولِهِ لِآخَرِينَ، وَلَا وُجُوبَ الْعَمَلِ عَلَى بَعْضِهِمْ مَشْرُوطٌ عَلَى آخَرِينَ بِوُجُوبِهِ. وَإِنْ قِيلَ: إِنَّهُ أَفْضَلُ مَنْ عُنِيَ بِهَا، فَهَذَا يُبْنَى عَلَى كَوْنِهِ أَفْضَلَ النَّاسِ. فَإِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهَذِهِ الْآيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَجُزِ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا، فَكَانَ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا بَاطِلًا عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ. وَغَايَةُ مَا عِنْدَكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا، وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ [1] هَذَا كَذِبٌ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، وَخِلَافُ الْمَعْلُومِ عَنْهُ، فَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ - مَعَ مُخَالَفَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ - لَمْ يَكُنْ حُجَّةً. السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: لَقَدْ عَاتَبَ اللَّهُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ فِي الْقُرْآنِ وَمَا ذَكَرَ عَلِيًّا إِلَّا بِخَيْرٍ، كَذِبٌ مَعْلُومٌ ; فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ أَنَّ اللَّهَ عَاتَبَ أَبَا بَكْرٍ فِي الْقُرْآنِ، بَلْ وَلَا أَنَّهُ سَاءَ رَسُولَ [2] اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بَلْ رُوِيَ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّهُ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ: "«أَيُّهَا النَّاسُ، اعْرَفُوا لِأَبِي بَكْرٍ حَقَّهُ ; فَإِنَّهُ لَمْ يَسُؤْنِي يَوْمًا قَطُّ»" [3] . وَالثَّابِتُ مِنَ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَنْتَصِرُ لِأَبِي بَكْرٍ، وَيَنْهَى النَّاسَ عَنْ مُعَارَضَتِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ سَاءَهُ، كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ عَنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمَّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ خَطَبَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْخُطْبَةَ الْمَعْرُوفَةَ [4] ، وَمَا حَصَلَ مِثْلُ هَذَا فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ قَطُّ. (1) س، ب: وَمَعَ هَذَا أَنَّهُ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) م: سَاءَ إِلَى رَسُولِ. (3) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ. (4) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/145. وَأَوَّلُهُ: إِنَّ بَنِي الْمُغِيرَةِ اسْتَأْذَنُونِي. وَأَيْضًا فَعَلِيٌّ لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ كَمَا كَانَ يَدْخُلُ مَعَهُ أَبُو بَكْرٍ، مِثْلَ الْمُشَاوَرَةِ فِي وِلَايَتِهِ وَحُرُوبِهِ وَإِعْطَائِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - كَانَا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ الْوَزِيرَيْنِ لَهُ، شَاوَرَهُمَا [1] فِي أَسْرَى بَدْرٍ مَا يَصْنَعُ بِهِمْ، وَشَاوَرَهُمَا [2] فِي وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ لِمَنْ يُوَلِّي عَلَيْهِمْ، وَشَاوَرَهُمَا [3] فِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ يَخُصُّهُمَا بِالشُّورَى. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا مَاتَ قَالَ لَهُ: "وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَحْشُرَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ ; فَإِنِّي كُنْتُ كَثِيرًا مَا أَسْمَعُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ:" «دَخَلْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَخَرَجْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَذَهَبْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» "[4] ." وَكَانَ يُشَاوِرُ أَبَا بَكْرٍ [5] بِأُمُورِ حُرُوبِهِ يَخُصُّهُ، كَمَا شَاوَرَهُ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ، كَمَا [6] اسْتَشَارَ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، وَكَمَا سَأَلَ بَرِيرَةَ. وَهَذَا أَمْرٌ يَخُصُّهُ ; فَإِنَّهُ لَمَّا اشْتَبَهَ عَلَيْهِ أَمْرُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، وَتَرَدَّدَ هَلْ يُطَلِّقُ لِمَا بَلَغَهُ عَنْهَا أَمْ يُمْسِكُهَا، صَارَ يَسْأَلُ عَنْهَا بَرِيرَةَ لِتُخْبِرَهُ بِبَاطِنِ أَمْرِهَا، وَيُشَاوِرُ فِيهَا عَلِيًّا: أَيُمْسِكُهَا أَمْ يُطَلِّقُهَا؟ فَقَالَ لَهُ أُسَامَةُ: «أَهْلُكَ وَلَا نَعْلَمُ إِلَّا خَيْرًا» ، وَقَالَ عَلِيٌّ: «لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَاسْأَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ» . وَمَعَ (1) ن، م، س: يُشَاوِرُهُمَا. (2) ن، س: وَيُشَاوِرُهُمَا، م: وَيُشَاوِرُهُمْ. (3) ن، م: وَيُشَاوِرُهُمَا. (4) سَيَرِدُ هَذَا الْحَدِيثُ كَامِلًا فِيمَا بَعْدُ فِي هَذَا الْجُزْءِ ص 391 إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَانْظُرْ كَلَامِي عَلَيْهِ هُنَاكَ. (5) م: وَكَانَ يُشَاوِرُ عَلِيًّا، وَهُوَ خَطَأٌ. (6) ب: وَكَمَا.
__________________
|
#424
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (424) صـ 237 إلى صـ 246 هَذَا فَنَزَلَ الْقُرْآنُ بِبَرَاءَتِهَا وَإِمْسَاكِهَا، مُوَافَقَةً لِمَا أَشَارَ بِهِ أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [1] ، وَكَانَ عُمَرُ يَدْخُلُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الشُّورَى، وَيَتَكَلَّمُ مَعَ نِسَائِهِ فِيمَا يَخُصُّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى قَالَتْ لَهُ أُمُّ سَلَمَةَ: يَا عُمَرُ لَقَدْ دَخَلْتَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى دَخَلْتَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ نِسَائِهِ. وَأَمَّا الْأُمُورُ الْعَامَّةُ الْكُلِّيَّةُ الَّتِي تَعُمُّ الْمُسْلِمِينَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَحْيٌ خَاصٌّ، فَكَانَ يُشَاوِرُ فِيهَا أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَإِنْ دَخَلَ غَيْرُهُمَا فِي الشُّورَى، لَكِنْ هُمَا الْأَصْلُ فِي الشُّورَى، وَكَانَ عُمَرُ تَارَّةً يَنْزِلُ الْقُرْآنُ بِمُوَافَقَتِهِ فِيمَا يَرَاهُ، وَتَارَةً يَتَبَيَّنُ لَهُ الْحَقُّ فِي خِلَافِ مَا رَآهُ فَيَرْجِعُ عَنْهُ. وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَيْهِ شَيْئًا [2] ، وَلَا كَانَ أَيْضًا يَتَقَدَّمُ فِي شَيْءٍ، اللَّهُمَّ إِلَّا لَمَّا تَنَازَعَ هُوَ وَعُمَرُ فِيمَنْ يُوَلَّى مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، حَتَّى ارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ} الْآيَةَ [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 2] ، وَلَيْسَ تَأَذِّي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ بِأَكْثَرَ مِنْ تَأَذِّيهِ فِي قِصَّةِ فَاطِمَةَ. وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 23] . وَقَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِي عَلِيٍّ: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 43] لَمَّا صَلَّى فَقَرَأَ وَخَلَطَ [3] . (1) انْظُرْ حَدِيثَ الْإِفْكِ فِيمَا سَبَقَ 4/33 (2) أَيْ: لَمْ يُعْرَفْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْكَرَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ شَيْئًا. (3) ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِأَوَّلِ آيَةِ 43 مِنْ سُورَةِ النِّسَاءِ حَدِيثًا عَنِ ابْنِ أَبِي - حَاتِمٍ وَسَاقَ سَنَدَهُ -، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: صَنَعَ لَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ طَعَامًا فَدَعَانَا وَسَقَانَا مِنَ الْخَمْرِ، فَأَخَذَتِ الْخَمْرُ مِنَّا، وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُوا فُلَانًا، قَالَ: فَقَرَأَ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، مَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَنَحْنُ نَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّشْتَكِيِّ بِهِ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ" . ثُمَّ ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ حَدِيثًا آخَرَ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ جَاءَ فِيهِ أَنَّ الَّذِي صَلَّى بِهِمْ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، ثُمَّ قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ: "وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ بِهِ" . وَذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ حَدِيثًا ثَالِثًا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ وَفِيهِ أَنَّ الَّذِي صَلَّى إِمَامًا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. كَمَا ذَكَرَ حَدِيثًا رَابِعًا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ وَاخْتَلَفَتْ أَلْفَاظُهُ عَنِ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ قَلِيلًا. انْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ "ط. الْمَعَارِفِ" 8/376 (الْآثَارَ 9524، 9525) وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/305 (كِتَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، سُورَةُ النِّسَاءِ) ، وَهُوَ عَنِ ابْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَفِيهِ. . . فَأَخَذَتِ الْخَمْرُ مِنَّا وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ فَقَدَّمُونِي فَقَرَأْتُ. . الْحَدِيثَ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ صَحِيحٌ" . وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ فَهُوَ فِيهَا 3/445 "كِتَابُ الْأَشْرِبَةِ، بَابٌ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ، وَفِيهِ: أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ دَعَاهُ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ، فَسَقَاهُمَا قَبْلَ أَنْ تُحَرَّمَ الْخَمْرُ، فَأَمَّهُمْ عَلِيٌّ فِي الْمَغْرِبِ فَقَرَأَ. . إِلَخْ." «وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا} لَمَّا قَالَ لَهُ وَلِفَاطِمَةَ: "أَلَا تُصَلِّيَانِ؟" فَقَالَ: إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» - "[1] ." [فصل البرهان التاسع والعشرون "إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى" (1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 3/85 (2) فِي (ك) ص 162 (م) . : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [سُورَةُ الْأَحْزَابِ: 56] مِنْ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ قَالَ: «سَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْنَا [1] : يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَلَّمَنَا كَيْفَ نُسَلِّمُ؟ قَالَ: "قُولُوا: اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ" . وَفِي صَحِيحِ [2] مُسْلِمٍ: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَمَّا السَّلَامُ عَلَيْكَ فَقَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصَّلَاةُ عَلَيْكَ؟ فَقَالَ: "قُولُوا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ [3] ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ» . وَلَا شَكَّ أَنَّ عَلِيًّا أَفْضَلُ آلِ مُحَمَّدٍ، فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ" . وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَأَنَّ عَلِيًّا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ الدَّاخِلِينَ فِي قَوْلِهِ: "«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ»" [4] ، وَلَكِنْ لَيْسَ هَذَا مِنْ خَصَائِصِهِ ; فَإِنَّ جَمِيعَ بَنِي هَاشِمٍ دَاخِلُونَ فِي هَذَا، كَالْعَبَّاسِ وَوَلَدِهِ وَالْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَوَلَدِهِ [5] ، وَكَبَنَاتِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَوْجَتَيْ عُثْمَانَ: رُقَيَّةَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ، وَبِنْتِهِ فَاطِمَةَ. وَكَذَلِكَ (1) ك: عَلَيْهِ وَآلِهِ وَقُلْنَا. (2) ك: عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَمِنْ صَحِيحِ. (3) ك: وَآلِ مُحَمَّدٍ. (4) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/593 (5) وَوَلَدِهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . أَزْوَاجُهُ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ قَوْلُهُ: "«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ»" [1] بَلْ يَدْخُلُ فِيهِ سَائِرُ أَهْلِ بَيْتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَيَدْخُلُ فِيهِ إِخْوَةُ عَلِيٍّ كَجَعْفَرٍ وَعَقِيلٍ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ دُخُولَ هَؤُلَاءِ فِي الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ كُلِّ مَنْ لَمْ يَدْخَلْ فِي ذَلِكَ، وَلَا أَنَّهُ يَصْلُحُ بِذَلِكَ لِلْإِمَامَةِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مُخْتَصًّا بِهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ عَمَّارًا وَالْمِقْدَادَ وَأَبَا ذَرٍّ وَغَيْرَهُمْ مِمَّنِ اتَّفَقَ [أَهْلُ] السُّنَّةِ [2] وَالشِّيعَةُ عَلَى فَضْلِهِمْ لَا يَدْخُلُونَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ، وَيَدْخُلُ فِيهَا [3] عَقِيلٌ وَالْعَبَّاسُ وَبَنُوهُ، وَأُولَئِكَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ بِاتِّفَاقِ [أَهْلِ] [4] السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، وَكَذَلِكَ يَدْخُلُ فِيهَا عَائِشَةُ وَغَيْرُهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ، وَلَا تَصْلُحُ امْرَأَةٌ لِلْإِمَامَةِ، وَلَيْسَتْ أَفْضَلَ النَّاسِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَهَذِهِ فَضِيلَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كُلُّ مَنِ اتَّصَفَ بِهَا أَفْضَلَ مِمَّنْ لَمْ يَتَّصِفْ بِهَا. وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«خَيْرُ الْقُرُونِ الْقَرْنُ الَّذِي بُعِثْتُ فِيهِمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ»" [5] . التَّابِعُونَ أَفْضَلُ مِنَ الْقَرْنِ الثَّالِثِ. وَتَفْضِيلُ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ لَا يَسْتَلْزِمُ تَفْصِيلَ الْأَفْرَادِ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ ; فَإِنَّ الْقَرْنَ الثَّالِثَ وَالرَّابِعَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ كَثِيرٍ مِمَّنْ أَدْرَكَ الصَّحَابَةَ، (1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/24 (2) ن، م، س: مِمَّنِ اتَّفَقَتِ السُّنَّةُ. (3) ن، س، ب: فِيهِ. (4) أَهْلِ: لَيْسَتْ فِي (ن) ، (م) ، (س) . (5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 2/35 كَالْأَشْتَرِ النَّخَعِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ رِجَالِ الْفِتَنِ، وَكَالْمُخْتَارِ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ [1] وَأَمْثَالِهِ مِنَ الْكَذَّابِينَ وَالْمُفْتَرِينَ ; وَالْحَجَّاجِ بْنِ يُوسُفَ وَأَمْثَالِهِ مِنْ أَهْلِ الظُّلْمِ وَالشَّرِّ. وَلَيْسَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْبَيْتِ، بَلْ أَفْضَلُ أَهْلِ الْبَيْتِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّهُ دَاخِلٌ فِي أَهْلِ الْبَيْتِ. كَمَا قَالَ لِلْحَسَنِ: "«أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا أَهْلُ بَيْتٍ لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ»" [2] وَهَذَا الْكَلَامُ يَتَنَاوَلُ الْمُتَكَلِّمَ وَمَنْ مَعَهُ. وَكَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: {رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ} [سُورَةُ هُودٍ: 73] وَإِبْرَاهِيمُ فِيهِمْ. وَكَمَا قَالَ: "«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ ; كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَآلِ إِبْرَاهِيمَ»" ، [وَإِبْرَاهِيمُ] [3] دَاخِلٌ فِيهِمْ. وَكَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ} [سُورَةُ الْقَمَرِ: 34] ، فَإِنَّ لُوطًا دَخَلَ فِيهِمْ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 33] ، فَقَدْ دَخَلَ إِبْرَاهِيمُ فِي الِاصْطِفَاءِ [4] . (1) س، ب: بْنِ عُبَيْدٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَلَكِنْ لَفْظُ الْحَدِيثِ فِي الْبُخَارِيِّ 4 74 (كِتَابُ الْجِهَادِ، بَابُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ وَالرَّطَانَةِ) ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ أَخَذَ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَجَعَلَهَا فِي فِيهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَارِسِيَّةِ: (كَخْ كَخْ أَمَا تَعْرِفُ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ ) ) وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 2/751 (كِتَابُ الزَّكَاةِ بَابُ تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ) ، وَجَاءَ مِنْ طَرِيقٍ آخَرَ بِلَفْظِ: (( أَنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ )) وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ أُخْرَى فِي مُسْلِمٍ بِهَذَا الْمَعْنَى فِي هَذَا الْبَابِ وَمِثْلُهَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 2 83 - 84 وَسُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 2 165 - 167 (3) وَإِبْرَاهِيمُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) . (4) س، ب: فِي الِاصْطِفَائِيَّةِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ} [سُورَةُ الصَّافَّاتِ: 130] [فَقَدَ] دَخَلَ يَاسِينُ فِي السَّلَامِ [1] . وَكَذَلِكَ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى»" دَخَلَ فِي ذَلِكَ أَبُو أَوْفَى. [2] وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: "«لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ»" [3] . وَلَيْسَ إِذَا كَانَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ أَهْلِ الْبَيْتِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ النَّاسِ بَعْدَهُ ; لِأَنَّ بَنِي هَاشِمٍ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهُمْ، وَأَمَّا إِذَا خَرَجَ مِنْهُمْ فَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلُهُمْ بَعْدَهُ أَفْضَلَ مِمَّنْ سِوَاهُمْ. كَمَا أَنَّ التَّابِعِينَ إِذَا كَانُوا أَفْضَلَ مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ، وَكَانَ فِيهِمْ وَاحِدٌ أَفْضَلُ، لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي أَفْضَلَ مِنْ أَفْضَلِ تَابِعِي التَّابِعِينَ. بَلِ الْجُمْلَةُ إِذَا فُضِّلَتْ عَلَى الْجُمْلَةِ، فَكَانَ أَفْضَلُهُمَا [4] أَفْضَلَ مِنَ الْجُمْلَةِ الْأُخْرَى، حَصَلَ مَقْصُودُ التَّفْضِيلِ، وَمَا [5] بَعْدَ ذَلِكَ فَمَوْقُوفٌ عَلَى الدَّلِيلِ. بَلْ قَدْ يُقَالُ: لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلُهَا أَفْضَلَ مِنْ فَاضَلِ الْأُخْرَى إِلَّا بِدَلِيلٍ. (1) ن، م: يَاسِينُ (دَخَلَ آلُ يَاسِينَ فِي السَّلَامِ، س: عَلَى إِلْ يَاسِينَ) فِي السَّلَامِ. (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/607 (3) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: الْبُخَارِيِّ 6/195 (كِتَابُ فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، بَابُ حُسْنِ الصَّوْتِ بِالْقِرَاءَةِ) ، وَنَصُّهُ: "يَا أَبَا مُوسَى لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ" ، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 1/546 (كِتَابُ صَلَاةِ الْمُسَافِرِينَ، بَابُ اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ بِالْقُرْآنِ) ، سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/355 - 356 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ) ، وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ النَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ. (4) ب: فَكَانَ أَفْضَلُهَا. (5) ن، س، ب: وَأَمَّا. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ بَنِي [1] إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي هَاشِمٍ [2] ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»" [3] . فَإِذَا كَانَ جُمْلَةُ قُرَيْشٍ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهَا [4] لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِمْ، بَلْ فِي سَائِرِ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِ قُرَيْشٍ، وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ قُرَيْشٍ نَفَرٌ مَعْدُودُونَ [5] ، وَغَالِبُهُمْ إِنَّمَا أَسْلَمُوا عَامَ الْفَتْحِ [6] ، وَهُمُ الطُّلَقَاءُ. وَلَيْسَ كُلُّ الْمُهَاجِرِينَ مِنْ قُرَيْشٍ، بَلِ الْمُهَاجِرُونَ مِنْ قُرَيْشٍ وَغَيْرِهِمْ [7] - كَابْنِ مَسْعُودٍ الْهُذَلِيِّ [8] ، وَعِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ الْخُزَاعِيِّ، وَالْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ الْكِنْدِيِّ - وَهَؤُلَاءِ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْبَدْرِيِّينَ أَفْضَلُ مِنْ أَكْثَرِ بَنِي هَاشِمٍ، فَالسَّابِقُونَ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ: حَمْزَةُ وَعَلِيٌّ وَجَعْفَرٌ وَعُبَيْدَةُ بْنُ الْحَارِثِ أَرْبَعَةُ أَنْفُسٍ. وَأَهْلُ بَدْرٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَمِنْهُمْ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ ثَلَاثَةٌ، وَسَائِرُهُمْ أَفْضَلُ مِنْ سَائِرِ بَنِي هَاشِمٍ. وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ وَالسَّلَامَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ [9] وَأَهْلِ بَيْتِهِ تَقْتَضِي (1) ب: مِنْ وَلَدِ. (2) ن، م: وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ قُرَيْشٍ. (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/599 (4) ن، م: مِنْ غَيْرِهِمْ. (5) نَفَرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) وَفِي (م) نَفَرٌ مُتَّحِدُونَ. (6) م: يَوْمَ الْفَتْحِ. (7) م: وَغَيْرِ قُرَيْشٍ. (8) ب: كَأَبِي مَسْعُودٍ الْهُذَلِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ، م: كَأَبِي مَسْعُودٍ وَالْهُذَلِيِّ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَهُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (9) م: عَلَى مُحَمَّدٍ، وَهُوَ خَطَأٌ. أَنْ يَكُونُوا أَفْضَلَ مِنْ سَائِرِ أَهْلِ الْبُيُوتِ. وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: بَنُو هَاشِمٍ أَفْضَلُ قُرَيْشٍ، وَقُرَيْشٌ أَفْضَلُ الْعَرَبِ، وَالْعَرَبُ أَفْضَلُ بَنِي آدَمَ. وَهَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ، كَمَا ذَكَرَهُ حَرْبٌ الْكِرْمَانِيُّ عَمَّنْ لَقِيَهُمْ مِثْلَ أَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَسَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْحُمَيْدِيِّ وَغَيْرِهِمْ. وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إِلَى مَنْعِ التَّفْضِيلِ بِذَلِكَ، كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي "الْمُعْتَمَدِ" وَغَيْرِهِمَا. وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ ; فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصَّحِيحِ [1] أَنَّهُ قَالَ: "«إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَاصْطَفَى قُرَيْشًا مِنْ كِنَانَةَ، وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ قُرَيْشٍ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ»" [2] . وَرُوِيَ: "إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى بَنِي إِسْمَاعِيلَ" وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ. [فصل البرهان الثلاثون "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [3] : "الْبُرْهَانُ الثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 19 - 20] [4] ." (1) فِي الصَّحِيحِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) ن، س، ب:. . . إِسْمَاعِيلَ وَاصْطَفَى هَاشِمًا مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، وَاصْطَفَانِي مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَهُوَ خَطَأٌ، وَسَبَقَ الْحَدِيثُ قَبْلَ قَلِيلٍ. (3) فِي (ك) ص 162 (م) ، 163 (م) . (4) فِي (ك) الْآيَةَ 19 مِنْ سُورَةِ الرَّحْمَنِ فَقَطْ. [1] مِنْ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ وَطَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [2] قَالَ: عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ [3] {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} : النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَآلُهُ [4] : {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 22] : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ [5] ، وَلَمْ يَحْصُلْ لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ هَذِهِ الْفَضِيلَةُ، فَيَكُونُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ "[6] ." وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا وَأَمْثَالَهُ إِنَّمَا يَقُولُهُ مَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ، وَهَذَا بِالْهَذَيَانِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِتَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، وَهُوَ مِنْ جِنْسِ تَفْسِيرِ الْمَلَاحِدَةِ وَالْقَرَامِطَةِ الْبَاطِنِيَّةِ لِلْقُرْآنِ، بَلْ هُوَ شَرٌّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُ. وَالتَّفْسِيرُ بِمِثْلِ هَذَا طَرِيقٌ لِلْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنُ فِيهِ [7] ، بَلْ تَفْسِيرُ الْقُرْآنِ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْقَدْحِ فِيهِ وَالطَّعْنِ فِيهِ. وَلِجُهَّالِ الْمُنْتَسِبِينَ [8] إِلَى السُّنَّةِ تَفَاسِيرُ فِي الْأَرْبَعَةِ، وَهِيَ إِنْ كَانَتْ بَاطِلَةً فَهِيَ أَمْثَلُ مِنْ هَذَا، كَقَوْلِهِمْ: الصَّابِرِينَ: مُحَمَّدٌ، وَالصَّادِقِينَ: أَبُو بَكْرٍ، وَالْقَانِتِينَ: عُمَرُ، وَالْمُنْفِقِينَ: عُثْمَانُ، وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ: عَلِيٌّ. وَكَقَوْلِهِ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، وَالَّذِينَ مَعَهُ: أَبُو بَكْرٍ، أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ: عُمَرُ، رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ: عُثْمَانُ، تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا: عَلِيٌّ. (1) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) ك: وَفَاطِمَةُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (4) س، ب: وَسَلَّمَ وَأَوَّلَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (5) ك: وَالْحُسَيْنُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (6) ك: فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ. (7) ن: بِمِثْلِ هَذَا بِطُرُقِ الْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنِ فِيهِ، م: مِثْلُ هَذَا بِطْرِيقِ الْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ مِنْهُ وَالطَّعْنِ فِيهِ، س: بِمِثْلِ هَذَا بِطْرِيقِ الْمَلَاحِدَةِ عَلَى الْقُرْآنِ وَالطَّعْنِ فِيهِ. (8) س، ب: وَلِجُهَّالٍ مُنْتَسِبِينَ. وَكَقَوْلِهِمْ: وَالتِّينِ: أَبُو بَكْرٍ، وَالزَّيْتُونِ: عُمَرُ، وَطُورِ سِينِينَ: عُثْمَانُ، وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ: عَلِيٌّ. وَكَقَوْلِهِمْ: {وَالْعَصْرِ - إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ - إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} : أَبُو بَكْرٍ {وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} : عُمَرُ، {وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ} : عُثْمَانُ {وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} عَلِيٌّ. فَهَذِهِ التَّفَاسِيرُ مِنْ جِنْسِ [تِلْكَ] [1] التَّفَاسِيرِ، وَهِيَ أَمْثَلُ مِنْ إِلْحَادَاتِ الرَّافِضَةِ كَقَوْلِهِمْ: {وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} [سُورَةُ يس:] عَلِيٌّ، وَكَقَوْلِهِمْ: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} [سُورَةُ الزُّخْرُفِ: 4] : إِنَّهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ} [سُورَةُ الْإِسْرَاءِ: 60] : بَنُو أُمَيَّةَ، وَأَمْثَالُ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي لَا يَقُولُهُ [2] مَنْ يَرْجُو لِلَّهِ وَقَارًا، وَلَا يَقُولُهُ مَنْ [3] يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكِتَابِهِ. وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 19] : عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ، {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 20] النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 22] : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ. وَكُلُّ مَنْ لَهُ أَدْنَى عِلْمٍ وَعَقْلٍ يَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ بُطْلَانَ هَذَا التَّفْسِيرِ، وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَقُلْ هَذَا. وَهَذَا مِنَ [4] التَّفْسِيرِ الَّذِي فِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادٍ رُوَاتُهُ مَجْهُولُونَ لَا يُعْرَفُونَ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ. وَهُوَ كَذِبٌ عَلَى سُفْيَانَ. قَالَ (1) تِلْكَ فِي (ب) فَقَطْ. (2) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (4) ب: لَمْ يَقُلْهُ وَهَذَا مِنْ ; س: لَمْ يَقُلْ هَذَا مِنْ.
__________________
|
#425
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (425) صـ 247 إلى صـ 256 : "الثَّعْلَبِيُّ أَخْبَرَنِي الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّيْنَوَرِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَرَأَ أَبِي عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ [1] بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُلْوِيَّةَ الْقَطَّانِ مِنْ كِتَابِهِ وَأَنَا أَسْمَعُ، حَدَّثَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا، حَدَّثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ يُقَالُ لَهُ طَسْمٌ، حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ فِي قَوْلِهِ: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ - بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} قَالَ: فَاطِمَةُ وَعَلِيٌّ، {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} : الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ." وَهَذَا الْإِسْنَادُ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، لَا يَثْبُتُ بِمِثْلِهِ شَيْءٌ. وَمِمَّا يُبَيِّنُ كَذِبَ ذَلِكَ وُجُوهٌ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا فِي سُورَةِ الرَّحْمَنِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ، وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ إِنَّمَا وُلِدَا بِالْمَدِينَةِ. الثَّانِي: أَنَّ تَسْمِيَةَ هَذَيْنِ بَحْرَيْنِ، وَهَذَا لُؤْلُؤًا، وَهَذَا مَرْجَانًا، وَجَعْلَ النِّكَاحِ مَرَجًا - أَمْرٌ لَا تَحْتَمِلُهُ لُغَةُ الْعَرَبِ بِوَجْهٍ، لَا حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا، بَلْ كَمَا أَنَّهُ كَذِبٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى الْقُرْآنِ، فَهُوَ كَذِبٌ عَلَى اللُّغَةِ [2] . الثَّالِثُ: أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذَا شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى مَا يُوجَدُ فِي سَائِرِ بَنِي آدَمَ، فَإِنَّ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَوُلِدَ لَهُمَا وَلَدَانِ * فَهُمَا مِنْ هَذَا الْجِنْسِ، فَلَيْسَ فِي ذِكْرِ (1) س، ب: قَرَأَ إِلَى أَبِي مُحَمَّدٍ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَاتِ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ أَرْسَلَهُمَا، وَقَوْلُهُ "يَلْتَقِيَانِ" قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: أَيْ مَنَعَهُمَا أَنْ تَلْتَقِيَا بِمَا جَعَلَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْبَرْزَخِ الْحَاجِزِ الْفَاصِلِ بَيْنَهُمَا، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ "الْبَحْرَيْنِ" : الْمِلْحُ وَالْحُلْوُ، فَالْحُلْوُ هَذِهِ الْأَنْهَارُ السَّارِحَةُ بَيْنَ النَّاسِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى ذَلِكَ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: "بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ" أَيْ: وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا، وَهُوَ الْحَاجِزُ مِنَ الْأَرْضِ لِئَلَّا يَبْغِيَ هَذَا عَلَى هَذَا وَهَذَا عَلَى هَذَا، " {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} " أَيْ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا فَإِذَا وُجِدَ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِهِمَا كَفَى، وَاللُّؤْلُؤُ مَعْرُوفٌ، وَأَمَّا الْمَرْجَانُ فَقِيلَ: هُوَ صِغَارُ اللُّؤْلُؤِ ". وَانْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ، وَزَادَ الْمَسِيرِ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَالدُّرَّ الْمَنْثُورَ لِلسُّيُوطِيِّ." هَذَا مَا يُسْتَعْظَمُ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ، إِلَّا مَا فِي نَظَائِرِهِ مِنْ خَلْقِ الْآدَمِيِّينَ * [1] فَلَا مُوجِبَ [2] لِلتَّخْصِيصِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لِفَضِيلَةِ الزَّوْجَيْنِ وَالْوَلَدَيْنِ، فَإِبْرَاهِيمُ وَإِسْحَاقُ وَيَعْقُوبُ أَفْضَلُ مِنْ عَلِيٍّ. وَفِي الصَّحِيحِ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَكْرَمُ؟ فَقَالَ: "أَتْقَاهُمْ" . فَقَالُوا: لَيْسَ عَنْ هَذَا نَسْأَلُكَ. فَقَالَ: "يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابْنُ يَعْقُوبَ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ إِسْحَاقَ نَبِيِّ اللَّهِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللَّهِ»" [3] . وَآلُ إِبْرَاهِيمَ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ لِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ مِنَ الصَّلَاةِ مِثْلَ مَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَنَحْنُ - وَكُلُّ مُسْلِمٍ - نَعْلَمُ أَنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ أَفْضَلُ مِنْ آلِ عَلِيٍّ، لَكِنْ مُحَمَّدٌ أَفْضَلُ مِنْ إِبْرَاهِيمَ. * وَلِهَذَا وَرَدَ هُنَا سُؤَالٌ مَشْهُورٌ، وَهُوَ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَفْضَلَ، فَلِمَ [4] قِيلَ: كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * [5] [6] ، وَالْمُشَبَّهُ دُونَ الْمُشَبَّهِ بِهِ. وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ آلَ إِبْرَاهِيمَ فِيهِمُ الْأَنْبِيَاءُ، وَمُحَمَّدٌ [7] فِيهِمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مُحَمَّدٌ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ. فَمَجْمُوعُ آلِ إِبْرَاهِيمَ بِمُحَمَّدٍ أَفْضَلُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدٌ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ عَلَى (1) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) ن، م، س: فَلَا يُوجِبُ. (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/601 (4) ن: فَلِمَاذَا. (5) ن: عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ. (6) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (7) م: وَمُحَمَّدًا. آلِ إِبْرَاهِيمَ، ثُمَّ طَلَبْنَا لَهُ مِنَ اللَّهِ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ مِثْلَ مَا صَلَّى عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فَيَأْخُذُ أَهْلُ بَيْتِهِ مَا يَلِيقُ بِهِمْ، وَيَبْقَى سَائِرُ ذَلِكَ لِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَيَكُونُ قَدْ طُلِبَ لَهُ مِنَ الصَّلَاةِ مَا جُعِلَ [1] لِلْأَنْبِيَاءِ مِنْ آلِ إِبْرَاهِيمَ. وَالَّذِي يَأْخُذُهُ الْفَاضِلُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ لَا يَكُونُ مِثْلَمَا يَحْصُلُ لِنَبِيٍّ، فَتَعْظُمُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَقِيلَ: إِنَّ التَّشْبِيهَ [2] فِي الْأَصْلِ لَا فِي الْقَدْرِ. الرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَنَّهُ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ فِي آيَةٍ أُخْرَى، فَقَالَ فِي الْفُرْقَانِ: {وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 53] فَلَوْ أُرِيدَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ [3] وَفَاطِمَةُ لَكَانَ ذَلِكَ ذَمًّا لِأَحَدِهِمَا، وَهَذَا بَاطِلٌ [4] بِإِجْمَاعِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ: {بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ} فَلَوْ أُرِيدَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ ; لَكَانَ الْبَرْزَخُ الَّذِي هُوَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِزَعْمِهِمْ - أَوْ غَيْرُهُ هُوَ الْمَانِعُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَبْغِيَ عَلَى الْآخَرِ. وَهَذَا بِالذَّمِّ أَشْبَهُ مِنْهُ بِالْمَدْحِ. السَّادِسُ: أَنَّ أَئِمَّةَ التَّفْسِيرِ مُتَّفِقُونَ عَلَى خِلَافِ هَذَا، كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُهُ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَحْرُ السَّمَاءِ وَبَحْرُ الْأَرْضِ يَلْتَقِيَانِ كُلَّ عَامٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ، يَعْنِي بَحْرَ فَارِسَ وَالرُّومِ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ: هُوَ الْجَزَائِرُ [5] . (1) م: مَا حَصَلَ. (2) ن، س: النِّسْبَةَ، م: التَّشَبُّهَ. (3) ن، س: فَلَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَلِيٌّ، ب: فَلَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ عَلِيًّا. (4) عِبَارَةُ وَهَذَا بَاطِلٌ، سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) انْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ "ط. بُولَاقَ" 27/74 - 76، زَادَ الْمَسِيرِ 8/112. وَقَوْلُهُ: {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} [سُورَةُ الرَّحْمَنِ: 22] قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّمَا يَخْرُجُ [1] مِنَ الْبَحْرِ الْمِلْحُ، وَإِنَّمَا جَمَعَهُمَا لِأَنَّهُ إِذَا خَرَجَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَقَدْ خَرَجَ [2] مِنْهُمَا، مِثْلُ: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} . وَقَالَ الْفَارِسِيُّ: أَرَادَ مِنْ أَحَدِهِمَا فَحَذَفَ الْمُضَافَ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: إِنَّمَا قَالَ مِنْهُمَا ; لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْ أَصْدَافِ الْبَحْرِ عَنْ قَطْرِ السَّمَاءِ. وَأَمَّا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ فَفِيهِمَا قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْمَرْجَانَ مَا صَغُرَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ، وَاللُّؤْلُؤُ الْعِظَامُ. قَالَهُ الْأَكْثَرُونَ، مِنْهُمُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ وَالْفَرَّاءُ وَالضَّحَّاكُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: اللُّؤْلُؤُ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْحَبِّ الَّذِي يَخْرُجُ مِنَ الْبَحْرِ، وَالْمَرْجَانُ صِغَارُهُ. الثَّانِي: أَنَّ اللُّؤْلُؤَ الصِّغَارُ، وَالْمَرْجَانَ الْكِبَارُ. قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَمُقَاتِلٌ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِذَا أَمْطَرَتِ السَّمَاءُ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا، فَمَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْمَطَرِ فَهُوَ لُؤْلُؤٌ. وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ [3] : حَيْثُ وَقَعَتْ قَطْرَةٌ كَانَتْ لُؤْلُؤَةً. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: الْمَرْجَانُ الْخَرَزُ الْأَحْمَرُ. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: الْمَرْجَانُ أَبْيَضُ شَدِيدُ الْبَيَاضِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي يَعْلَى أَنَّ الْمَرْجَانَ ضَرْبٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ كَالْقُضْبَانِ [4] . [فصل البرهان الحادي والثلاثون "وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" والجواب عليه] فَصْلٌ. قَالَ الرَّافِضِيُّ [5] : "الْبُرْهَانُ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى:" (1) عِبَارَةُ "إِنَّمَا يَخْرُجُ" سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) ن، س: أَخْرَجَ. (3) ن، م: ابْنُ جُرَيْجٍ. (4) س، ب: كَالْقُضْبَانِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ الطَّبَرِيِّ "ط. بُولَاقَ 27/76 - 78 زَادَ الْمَسِيرِ 8/113." (5) فِي (ك) ص 163 (م) . {وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 43] . مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ [1] عَنِ ابْنِ الْحَنَفِيَّةِ قَالَ: هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ [2] : قُلْتُ: مَنْ هَذَا الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ؟ قَالَ: ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ [3] . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ عَنِ ابْنِ سَلَامٍ وَابْنِ الْحَنَفِيَّةِ. الثَّانِي: أَنَّهُ بِتَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ مَعَ مُخَالَفَةِ الْجُمْهُورِ لَهَا. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِمَا. الرَّابِعُ: أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا. وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ} [سُورَةُ الرَّعْدِ: 43] ، وَلَوْ أُرِيدَ بِهِ عَلِيٌّ لَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَسْتَشْهِدُ [4] عَلَى مَا قَالَهُ بِابْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ عَلِيًّا لَوْ شَهِدَ لَهُ بِالنُّبُوَّةِ وَبِكُلِّ مَا قَالَ، لَمْ يَنْتَفِعْ مُحَمَّدٌ بِشَهَادَتِهِ لَهُ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ حُجَّةً لَهُ عَلَى النَّاسِ، وَلَا يَحْصُلُ بِذَلِكَ دَلِيلُ الْمُسْتَدِلِّ [5] ، وَلَا يَنْقَادُ بِذَلِكَ أَحَدٌ ; لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ: مِنْ أَيْنَ لِعَلِيٍّ ذَلِكَ؟ وَإِنَّمَا هُوَ اسْتَفَادَ ذَلِكَ مِنْ مُحَمَّدٍ، فَيَكُونُ مُحَمَّدٌ هُوَ الشَّاهِدَ لِنَفْسِهِ. وَمِنْهَا أَنْ يُقَالَ: [إِنَّ] [6] هَذَا ابْنُ عَمِّهِ وَمِنْ أَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ، فَيُظَنُّ بِهِ (1) ك: الْحَافِظِ أَبِي نُعَيْمٍ. (2) "قَالَ" سَاقِطَةٌ مِنْ (ك) . (3) ك: قَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (4) م: اسْتَشْهَدَ. (5) م: اسْتَدَلَّ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (6) "إِنَّ" سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . الْمُحَابَاةُ وَالْمُدَاهَنَةُ. وَالشَّاهِدُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِمَا يَشْهَدُ بِهِ، بَرِيئًا مِنَ التُّهْمَةِ، لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ حُجَّةً عَلَى الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ، فَكَيْفَ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ بِهَا إِلَّا مِنَ الْمَشْهُودِ لَهُ؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ لَهُ بِتَصْدِيقِهِ [1] فِيمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَغَيْرُهُمَا، كَانَ أَنْفَعَ لَهُ ; لِأَنَّ هَؤُلَاءِ أَبْعَدَ عَنِ التُّهْمَةِ، وَلِأَنَّ هَؤُلَاءِ قَدْ يُقَالُ: إِنَّهُمْ كَانُوا رِجَالًا وَقَدْ سَمِعُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَمِنَ الْكُهَّانِ أَشْيَاءَ عَلِمُوهَا مِنْ غَيْرِ جِهَةِ مُحَمَّدٍ، بِخِلَافِ عَلِيٍّ فَإِنَّهُ كَانَ صَغِيرًا، فَكَانَ الْخُصُومُ يَقُولُونَ: لَا يَعْلَمُ مَا شَهِدَ بِهِ إِلَّا مِنْ جِهَةِ الْمَشْهُودِ لَهُ. وَأَمَّا أَهْلُ الْكِتَابِ فَإِذَا شَهِدُوا بِمَا تَوَاتَرَ عِنْدَهُمْ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ وَبِمَا عُلِمَ صِدْقُهُ [2] كَانَتْ تِلْكَ [3] شَهَادَةً نَافِعَةً، كَمَا لَوْ كَانَ الْأَنْبِيَاءُ مَوْجُودِينَ وَشَهِدُوا لَهُ ; لَأَنَّ مَا ثَبَتَ نَقْلُهُ عَنْهُمْ بِالتَّوَاتُرِ وَغَيْرِهِ كَانَ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَتِهِمْ أَنْفُسِهِمْ. وَلِهَذَا نَحْنُ نَشْهَدُ عَلَى الْأُمَمِ بِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جِهَةِ نَبِيِّنَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 143] . فَهَذَا الْجَاهِلُ الَّذِي جَعَلَ هَذَا فَضِيلَةً لِعَلِيٍّ قَدَحَ بِهَا فِيهِ وَفِي النَّبِيِّ [4] الَّذِي صَارَ بِهِ عَلِيٌّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، وَفِي الْأَدِلَّةِ [5] الدَّالَّةِ عَلَى الْإِسْلَامِ. وَلَا يَقُولُ هَذَا إِلَّا زِنْدِيقٌ أَوْ جَاهِلٌ مُفْرِطٌ فِي الْجَهْلِ. (1) م: بِتَصْدِيقٍ. (2) ن، س: وَبِمَا عُلِمَ صِدْقُهُمْ، م: وَنَبِيًّا عُلِمَ صِدْقُهُمْ. (3) تِلْكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (4) ن، س، ب: وَفِي الشَّيْءِ. (5) س، ب: وَفِي الدَّلَالَةِ. فَإِنْ كُنْتَ لَا تَدْرِي فَتِلْكَ مُصِيبَةٌ وَإِنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالْمُصِيبَةُ أَعْظَمُ. الْخَامِسُ: أَنَّ اللَّهَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - قَدْ ذَكَرَ الِاسْتِشْهَادَ بِأَهْلِ الْكِتَابِ فِي غَيْرِ آيَةٍ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ} [سُورَةُ فُصِّلَتْ: 52] ، {وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ} [سُورَةُ الْأَحْقَافِ: 10] أَفَتَرَى عَلِيًّا هُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ؟ وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ} [سُورَةُ يُونُسَ: 94] ، فَهَلْ كَانَ عَلِيٌّ مِنَ الَّذِينَ يَقْرَءُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ؟ وَقَالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ} [سُورَةُ يُوسُفَ: 109] ، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} [سُورَةُ النَّحْلِ: 43] فَهَلْ أَهْلُ الذِّكْرِ [1] الَّذِينَ [2] يَسْأَلُونَهُمْ هَلْ أَرْسَلَ اللَّهُ إِلَيْهِمْ [3] رِجَالًا هُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ ! السَّادِسُ: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ عَلِيًّا هُوَ الشَّاهِدُ، لَمْ يَلْزَمْ أَنْ يَكُونَ أَفْضَلَ مِنْ غَيْرِهِ، كَمَا أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ بِذَلِكَ، مِثْلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ * وَسَلْمَانَ وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ وَغَيْرِهِمْ، لَيْسُوا أَفْضَلَ مِنَ السَّابِقِينَ الْأَوَّلِينَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ * [4] ، كَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ وَجَعْفَرٍ وَغَيْرِهِمْ [5] . (1) أَهْلُ الذِّكْرِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ن) ، وَفِي (ب) فَأَهْلُ الذِّكْرِ. (2) سَاقِطٌ مِنْ (م) وَمَكَانُهُ بَيَاضٌ. (3) سَاقِطٌ مَنْ (م) وَمَكَانُهُ بَيَاضٌ. (4) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (5) ذَكَرَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ (ط. الْمَعَارِفِ) 16/500 - 507 أَنَّهُ عَلَى قِرَاءَةِ "وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ" يَكُونُ الْمَعْنَى "وَالَّذِينَ عِنْدَهُمْ عِلْمُ الْكِتَابِ" أَيِ الْكُتُبِ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ، كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ، وَعَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ فَسَّرَ ذَلِكَ الْمُفَسِّرُونَ "، ثُمَّ أَوْرَدَ آثَارًا (20535 - 20541) تَقُولُ إِنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَذَكَرَ آثَارًا أُخْرَى فِيهَا أَنَّهُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ، وَسَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ وَتَمِيمٌ الدَّارِيُّ، وَقَالَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ: (. . . قِيلَ: نَزَلَتْ فِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَهُ مُجَاهِدٍ وَهَذَا الْقَوْلُ غَرِيبٌ، لِأَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ مَكِّيَّةٌ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ إِنَّمَا أَسْلَمَ فِي أَوَّلِ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ، وَالْأَظْهَرُ فِي هَذَا مَا قَالَهُ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُمْ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى" وَانْظُرْ سَائِرَ كَلَامِهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ: "قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: أَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ عَلِيٌّ، فَعَوَّلَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ: إِمَّا لِأَنَّهُ عِنْدَهُ أَعْلَمُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ أَعْلَمُ مِنْهُ، وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا مَدِينَةُ الْعِلْمِ وَعَلِيٌّ بَابُهَا، وَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ." [فصل البرهان الثاني والثلاثون "يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الثَّانِي وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} [سُورَةُ التَّحْرِيمِ: 8] . رَوَى [2] أَبُو نُعَيْمٍ مَرْفُوعًا إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى [3] مِنْ حُلَلِ الْجَنَّةِ: إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِخُلَّتِهِ مِنَ اللَّهِ [4] ، وَمُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ; لِأَنَّهُ صَفْوَةُ اللَّهِ، ثُمَّ عَلِيٌّ يُزَفُّ بَيْنَهُمَا إِلَى الْجِنَانِ، ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ} قَالَ: عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ [5] ، لَا سِيَّمَا فِي مِثْلِ هَذَا الَّذِي لَا أَصْلَ لَهُ. (1) فِي (ك) ص 163 (م) . (2) م: رَوَاهُ. (3) ك: يَكْتَسِي. (4) ك: إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ لِخُلَّتِهِ مِنَ اللَّهِ. (5) م: بِصِحَّةِ النَّقْلِ الْحَدِيثِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ [1] . الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا بَاطِلٌ قَطْعًا ; لِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي [2] أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ أَفْضَلَ مِنْ إِبْرَاهِيمَ وَمُحَمَّدٍ ; لِأَنَّهُ وَسَطٌ وَهُمَا طَرَفَانِ. وَأَفْضَلُ الْخَلْقِ إِبْرَاهِيمُ وَمُحَمَّدٌ، فَمَنْ فَضَّلَ عَلَيْهِمَا عَلِيًّا كَانَ أَكْفَرَ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى. الرَّابِعُ: أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«أَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ»" [3] . وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ مُحَمَّدٍ وَلَا عَلِيٍّ. وَتَقْدِيمُ إِبْرَاهِيمَ بِالْكُسْوَةِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ مُحَمَّدٍ مُطْلَقًا [4] ، كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ: "«إِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفِيقُ، فَأَجِدُ [5] مُوسَى بَاطِشًا [6] بِالْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي هَلِ اسْتَفَاقَ قَبْلِي أَمْ كَانَ مِنَ الَّذِينَ اسْتَثْنَى اللَّهُ»" [7] ، (1) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ. (2) ن، م: لِأَنَّهُ يَقْتَضِي. (3) الْحَدِيثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ 4/139 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا) 4/168 (كِتَابُ الْأَنْبِيَاءِ بَابُ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ) ، وَهُوَ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 4/2194 - 2195 (كِتَابُ الْجَنَّةِ وَصِفَةِ نَعِيمِهَا وَأَهْلِهَا، بَابُ فِنَاءِ الدُّنْيَا وَبَيَانِ الْحَشْرِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/4 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ الْأَنْبِيَاءِ) ، وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى، وَالْحَدِيثُ فِي النَّسَائِيِّ وَالدَّارِمِيِّ وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ. (4) ن، م: مُطْلَقًا مِنْ مُحَمَّدٍ. (5) م: وَأَخِي. (6) س: بَاسِطًا. (7) الْحَدِيثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَجَاءَ فِي الْبُخَارِيِّ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ آخِرُهَا 9/139 (كِتَابُ التَّوْحِيدِ بَابٌ فِي الْمَشِيئَةِ وَالْإِرَادَةِ) ، وَأَوَّلُ الْحَدِيثِ اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ. . .، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تُخَيِّرُونِي عَلَى مُوسَى، فَإِنَّ النَّاسَ يُصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفِيقُ، فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ فِيمَنْ صُعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِي، أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ" ، وَالْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافِ الْأَلْفَاظِ فِي مُسْلِمٍ 4/1844 - 1845 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ، بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، 4/301 - 302 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) ، وَالْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) 14/20 - 22 رَقْمِ 7576. فَتَجْوِيزُ [1] أَنْ يَكُونَ سَبَقَهُ فِي الْإِفَاقَةِ أَوْ لَمْ يُصْعَقْ [2] بِحَالٍ - لَا يَمْنَعُنَا [3] أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا أَفْضَلُ مِنْ مُوسَى. وَلَكِنْ إِذَا كَانَ التَّفْضِيلُ عَلَى وَجْهِ الْغَضِّ مِنَ الْمَفْضُولِ فِي النَّقْصِ لَهُ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ، كَمَا نَهَى فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ تَفْضِيلِهِ عَلَى مُوسَى، وَكَمَا قَالَ لِمَنْ قَالَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ. قَالَ: "«ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ»" [4] وَصَحَّ قَوْلُهُ: "«أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ، آدَمُ فَمَنْ دُونَهُ تَحْتَ لِوَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ»" [5] . (1) ن، س، ب: فَيَجُوزُ. (2) م: وَلَمْ صُعِقْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (3) م: لَا يَمْنَعُ. (4) س، ب: ذَلِكَ إِبْرَاهِيمُ، وَالْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مُسْلِمٍ 4/1839 (كِتَابُ الْفَضَائِلِ بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وَنَصُّهُ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا خَيْرَ الْبَرِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَاكَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ" . وَالْحَدِيثُ فِي سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/116 (كِتَابُ التَّفْسِيرِ، سُورَةُ لَمْ يَكُنْ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْحَلَبِيِّ) \ 3 178 - 184 وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى مُسْلِمٍ: 15/121 - 122 "قَالَ الْعُلَمَاءُ: إِنَّمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا تَوَاضُعًا وَاحْتِرَامًا لِإِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخُلَّتِهِ وَأُبُوَّتِهِ، وَإِلَّا فَنَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلُ، كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الِافْتِخَارَ وَلَا التَّطَاوُلَ عَلَى مَنْ تَقَدَّمَهُ، بَلْ قَالَهُ بَيَانًا لِمَا أُمِرَ بِبَيَانِهِ وَتَبْلِيغِهِ، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَلَا فَخْرَ. لِيَنْفِيَ مَا قَدْ يَتَطَرَّقُ إِلَى بَعْضِ الْأَفْهَامِ السَّخِيفَةِ." (5) هَذِهِ الْعِبَارَاتُ جَاءَتْ فِي حَدِيثٍ طَوِيلٍ مِنْ أَحَادِيثِ الشَّفَاعَةِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 4/370 - 371 (كِتَابُ تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ، سُورَةُ الْإِسْرَاءِ) ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: (هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ) وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ "، وَهُوَ أَيْضًا فِي: سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ 5/247 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ مَا جَاءَ فِي فَضْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" حَدِيثُ رَقْمِ 3693 سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1440 (كِتَابُ الزُّهْدِ بَابُ ذِكْرِ الشَّفَاعَةِ) ، الْمُسْنَدِ (ط. الْمَعَارِفِ) حَدِيثُ رَقْمِ 2546، 2692 (ط. الْحَلَبِيِّ)
__________________
|
#426
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (426) صـ 257 إلى صـ 266 وَكَذَلِكَ الْكَلَامُ فِي تَفْضِيلِ الصَّحَابَةِ يُتَّقَى فِيهِ نَقْصُ أَحَدٍ عَنْ رُتْبَتِهِ أَوِ الْغَضُّ مِنْ [1] دَرَجَتِهِ، أَوْ دُخُولُ الْهَوَى وَالْفِرْيَةِ فِي ذَلِكَ، كَمَا فَعَلَتِ الرَّافِضَةُ وَالنَّوَاصِبُ الَّذِينَ يَبْخَسُونَ بَعْضَ الصَّحَابَةِ حُقُوقَهُمْ. الْخَامِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [سُورَةُ التَّحْرِيمِ: 8] وَقَوْلَهُ: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [سُورَةُ الْحَدِيدِ: 12] نَصٌّ عَامٌّ فِي الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَسِيَاقُ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى عُمُومِهِ، وَالْآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ فِي ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى عُمُومِهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا يُعْطَى نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ; فَأَمَّا الْمُنَافِقُ فَيُطْفَأُ [نُورُهُ] يَوْمَ الْقِيَامَةِ [2] ، وَالْمُؤْمِنُ يُشْفِقُ مِمَّا يَرَى [3] مِنْ إِطْفَاءِ نُورِ الْمُنَافِقِ [4] ، فَهُوَ يَقُولُ: رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا [5] ، فَإِنَّ الْعُمُومَ [6] فِي ذَلِكَ (1) ن: أَوِ النَّقْصُ مِنْ، س، ب: أَوِ النَّقْصُ عَنْ. (2) ن: فَيُطْفِئُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُطْفِئُ، س: فَيُعْطَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ب: فَيُطْفَأُ نُورُهُ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ. (3) ن، م: رَأَى. (4) ن، م: الْمُنَافِقِينَ. (5) ذَكَرَ هَذَا الْأَثَرَ بِمَعْنَاهُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ آيَةٍ: 12 مِنْ سُورَةِ الْحَدِيدِ وَنَسَبَهُ إِلَى الضَّحَّاكِ. (6) ن، س، ب: فَالْعُمُومُ. يُعْلَمُ قَطْعًا وَيَقِينًا، وَأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِهِ شَخْصٌ وَاحِدٌ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ عَلَى وَحْدِهِ، وَلَوْ أَنَّ قَائِلًا قَالَ فِي كُلِّ مَا جَعَلُوهُ عَلِيًّا أَنَّهُ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَوْ عُثْمَانُ [1] أَيُّ فَرْقٍ كَانَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ إِلَّا مَحْضَ الدَّعْوَى وَالِافْتِرَاءِ [2] ؟ بَلْ يُمْكِنُ ذِكْرُ شُبَهٍ لِمَنْ يَدَّعِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْظَمَ مِنْ شُبَهِ الرَّافِضَةِ الَّتِي تَدَّعِي اخْتِصَاصَ ذَلِكَ بِعَلِيٍّ. وَحِينَئِذٍ فَدُخُولُ عَلِيٍّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَدُخُولِ الثَّلَاثَةِ، بَلْ هُمْ أَحَقُّ بِالدُّخُولِ فِيهَا، فَلَمْ يَثْبُتْ بِهَا أَفْضَلِيَّتُهُ وَلَا إِمَامَتُهُ [3] . [فصل البرهان الثالث والثلاثون "إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [4] : "الْبُرْهَانُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 7] . رَوَى الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ لَمَّا [5] نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَلِيٍّ [6] : « [تَأْتِي] أَنْتَ وَشِيعَتُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ [7] ، وَيَأْتِي خُصَمَاؤُكَ" (1) م: أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ. (2) م: وَالِافْتَرَى. (3) م: فَلَمْ يُنْسَبْ بِهَا أَفْضَلِيَّةٌ وَلَا إِمَامَةٌ. (4) فِي (ك) 163 (م) 164 (م) . (5) ك (ص 164 م) : إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا (6) ك: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ لِعَلِيٍّ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (7) ن، م، س: أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، ك: هُمْ أَنْتَ وَشِيعَتُكَ، تَأْتِي أَنْتَ وَشِيعَتُكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَاضِينَ مَرْضِيِّينَ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ب) . غِضَابًا مُفْحَمِينَ [1] ، وَإِذَا كَانَ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْإِمَامَ» "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ، وَإِنْ كُنَّا غَيْرَ مُرْتَابِينَ فِي كَذِبِ ذَلِكَ، لَكِنَّ مُطَالَبَةَ الْمُدَّعِي بِصِحَّةِ النَّقْلِ لَا يَأْبَاهُ إِلَّا مُعَانِدٌ. وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ بِاتِّفَاقِ طَوَائِفِ الْمُسْلِمِينَ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا مِمَّا هُوَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ [الْعُلَمَاءِ وَ] أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ [2] بِالْمَنْقُولَاتِ. الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَذَا مُعَارَضٌ بِمَنْ يَقُولُ: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمُ النَّوَاصِبُ، كَالْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ [3] . وَيَقُولُونَ: إِنَّ مَنْ تَوَلَّاهُ فَهُوَ كَافِرٌ مُرْتَدٌّ، فَلَا يَدْخُلُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَيَحْتَجُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 44] قَالُوا: وَمَنْ حَكَّمَ الرِّجَالَ فِي دِينِ اللَّهِ فَقَدْ حَكَمَ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَيَكُونُ كَافِرًا، وَمَنْ تَوَلَّى الْكَافِرَ [4] فَهُوَ كَافِرٌ ; لِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} [5] وَقَالُوا: إِنَّهُ هُوَ وَعُثْمَانُ وَمَنْ تَوَلَّاهُمَا مُرْتَدُّونَ بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي أَصْحَابِي. فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ»" [6] . (1) ك: وَيَأْتِي عَدُوُّكَ غُضْبَانًا مُفْحَمِينَ خَائِبِينَ. (2) ن، س، ب: بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. (3) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ. (4) ن، س: الْكُفْرَ، ب: الْكُفَّارَ. (5) س، ب: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ. (6) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: مُسْلِمٍ 1/218 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ اسْتِحْبَابِ إِطَالَةِ الْغُرَّةِ) ، أَوَّلُهُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَى الْمَقْبَرَةَ فَقَالَ: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَدِدْتُ أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا" ، قَالُوا: أَوَ لَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ قَالَ: "فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ، وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ، أَلَا لَيُذَادَنَّ رِجَالٌ عَنْ حَوْضِي كَمَا يُذَادُ الْبَعِيرُ الضَّالُّ، أُنَادِيهِمْ: أَلَا هَلُمَّ، فَيُقَالُ: إِنَّهُمْ قَدْ بَدَّلُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ: سُحْقًا سُحْقًا" ، وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - فِي الْمُوَطَّأِ 1/28 - 30 (كِتَابُ الطَّهَارَةِ، بَابُ جَامِعِ الْوُضُوءِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/1439 - 1440، (كِتَابُ الزُّهْدِ، بَابُ ذِكْرِ الْحَوْضِ) ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ مُخْتَصَرًا فِي مُسْلِمٍ وَمَعَ اخْتِلَافِ اللَّفْظِ 1/217 رَقْمُ 37. * قَالُوا: وَهَؤُلَاءِ هُمُ الَّذِينَ [1] حَكَمُوا فِي دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ بِغَيْرِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ. وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ: "«لَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا * [2] يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ»" [3] . قَالُوا: وَالَّذِينَ [4] ضَرَبَ بَعْضُهُمْ رِقَابَ بَعْضٍ رَجَعُوا بَعْدَهُ كُفَّارًا. فَهَذَا وَأَمْثَالُهُ مِنْ حُجَجِ الْخَوَارِجِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا بِلَا رَيْبٍ فَحُجَجُ الرَّافِضَةِ أَبْطَلُ مِنْهُ، وَالْخَوَارِجُ أَعْقَلُ وَأَصْدَقُ وَأَتْبَعُ لِلْحَقِّ مِنَ الرَّافِضَةِ ; فَإِنَّهُمْ صَادِقُونَ لَا يَكْذِبُونَ، أَهْلُ دِينٍ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، لَكِنَّهُمْ ضَالُّونَ جَاهِلُونَ مَارِقُونَ، مَرَقُوا مِنَ الْإِسْلَامِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، وَأَمَّا الرَّافِضَةُ فَالْجَهْلُ وَالْهَوَى وَالْكَذِبُ غَالِبٌ عَلَيْهِمْ، وَكَثِيرٌ مِنْ أَئِمَّتِهِمْ وَعَامَّتِهِمْ زَنَادِقَةٌ مَلَاحِدَةٌ، لَيْسَ لَهُمْ غَرَضٌ فِي الْعِلْمِ وَلَا فِي الدِّينِ، بَلْ: {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [سُورَةُ النَّجْمِ: 33] . (1) س، ب: وَهُمُ الَّذِينَ. (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) . (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/500. (4) م: وَالَّذِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. وَالْمَرْوَانِيَّةُ الَّذِينَ قَاتَلُوا [1] عَلِيًّا، وَإِنْ كَانُوا لَا يُكَفِّرُونَهُ، فَحُجَجُهُمْ أَقْوَى مِنْ حُجَجِ الرَّافِضَةِ. وَقَدْ صَنَّفَ الْجَاحِظُ كِتَابًا لِلْمَرْوَانِيَّةِ ذَكَرَ فِيهِ مِنَ الْحُجَجِ الَّتِي لَهُمْ مَا لَا يُمْكِنُ الرَّافِضَةَ نَقْضُهُ، بَلْ لَا يُمْكِنُ الزَّيْدِيَّةَ نَقْضُهُ، دَعِ الرَّافِضَةَ! أَهْلُ السُّنَّةِ [2] وَالْجَمَاعَةِ لَمَّا كَانُوا مُعْتَدِلِينَ [3] مُتَوَسِّطِينَ صَارَتِ الشِّيعَةُ تَنْتَصِرُ بِهِمْ فِيمَا يَقُولُونَهُ فِي حَقِّ عَلِيٍّ مِنَ الْحَقِّ، وَلَكِنَّ أَهْلَ السُّنَّةِ قَالُوا ذَلِكَ بِأَدِلَّةٍ يَثْبُتُ [4] بِهَا فَضْلُ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ، لَيْسَ مَعَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا غَيْرِهِمْ حُجَّةٌ تَخُصُّ عَلِيًّا بِالْمَدْحِ وَغَيْرَهُ بِالْقَدَحِ، فَإِنَّ [5] هَذَا مُمْتَنِعٌ لَا يُنَالُ إِلَّا بِالْكَذِبِ الْمُحَالِ، لَا بِالْحَقِّ الْمَقْبُولِ فِي مَيْدَانِ النَّظَرِ وَالْجِدَالِ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 7] عَامٌّ فِي كُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ [6] ، فَمَا الَّذِي أَوْجَبَ تَخْصِيصَهُ بِالشِّيعَةِ؟ . فَإِنْ قِيلَ [7] ; لِأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ كَافِرٌ. قِيلَ: إِنْ ثَبَتَ [8] كُفْرُ مَنْ سِوَاهُمْ بِدَلِيلٍ، كَانَ ذَلِكَ مُغْنِيًا لَكُمْ عَنْ هَذَا التَّطْوِيلِ، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ هَذَا الدَّلِيلُ، فَإِنَّهُ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ لَا يَثْبُتُ، فَإِنْ أَمْكَنَ إِثْبَاتُهُ بِدَلِيلٍ مُنْفَصَلٍ، فَذَاكَ هُوَ الَّذِي يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ لَا هَذِهِ الْآيَةُ. (1) س، ب: قَتَلُوا، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) م: وَلَكِنْ أَهْلَ السُّنَّةِ. (3) ن، س: مُعْتَقِدِينَ، ب: مُقْتَصِدِينَ. (4) س، ب: ثَبَتَ. (5) س، ب: وَإِنَّ. (6) بِذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (7) س، ب: فَإِنَّهُ قُلْتُ. (8) م: لَنْ يَثْبُتَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: مِنَ الْمَعْلُومِ الْمُتَوَاتِرِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ يُوَالِي غَيْرَ شِيعَةِ عَلِيٍّ أَكْثَرَ مِمَّا يُوَالِي كَثِيرًا مِنَ الشِّيعَةِ، حَتَّى الْخَوَارِجُ كَانَ يُجَالِسُهُمْ وَيُفْتِيهِمْ وَيُنَاظِرُهُمْ. فَلَوِ اعْتَقَدَ أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمُ الشِّيعَةُ فَقَطْ، وَأَنَّ مَنْ سِوَاهُمْ كُفَّارٌ، لَمْ يَعْمَلْ مِثْلَ هَذَا. وَكَذَلِكَ بَنُو أُمَيَّةَ كَانَتْ مُعَامَلَةُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ لَهُمْ مِنْ أَظْهَرِ الْأَشْيَاءِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ عِنْدَهُ لَا كُفَّارٌ [1] . فَإِنْ قِيْلَ: نَحْنُ لَا نُكَفِّرُ مَنْ سِوَى الشِّيعَةِ، لَكِنْ نَقُولُ: هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ. قِيلَ: الْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، فَإِنْ قُلْتُمْ: إِنَّ مَنْ سِوَاهُمْ لَا يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ تَقُولُوا: هُوَ كَافِرٌ أَوْ تَقُولُوا: فَاسِقٌ [2] ، بِحَيْثُ لَا يَكُونُ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، * وَإِنْ دَخَلَ اسْمُهُمْ فِي الْإِيمَانِ، وَإِلَّا فَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا فَلَيْسَ بِفَاسِقٍ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ * [3] . فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ فَاسِقٌ. قِيلَ لَكُمْ: إِنْ ثَبَتَ فِسْقُهُمْ كَفَاكُمْ ذَلِكَ فِي الْحُجَّةِ. وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ لَمْ يَنْفَعْكُمْ ذَلِكَ فِي الِاسْتِدْلَالِ، وَمَا تَذْكُرُونَ بِهِ فِسْقَ [4] طَائِفَةٍ مِنَ الطَّوَائِفِ إِلَّا وَتِلْكَ الطَّائِفَةُ تُبَيِّنُ لَكُمْ أَنَّكُمْ أَوْلَى بِالْفِسْقِ مِنْهُمْ مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَلَيْسَ لَكُمْ حُجَّةٌ صَحِيحَةٌ تَدْفَعُونَ بِهَا هَذَا. (1) م: يُؤْمِنُونَ عِنْدَهُ لَا كُفَّارًا، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) س، ب: أَوْ فَاسِقٌ. (3) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) . (4) فِسْقَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) ، بِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . وَالْفِسْقُ غَالِبٌ عَلَيْكُمْ لِكَثْرَةِ الْكَذِبِ [1] فِيكُمْ وَالْفَوَاحِشِ وَالظُّلْمِ، فَإِنَّ ذَلِكَ أَكْثَرُ فِيكُمْ مِنْهُ فِي الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ خُصُومِكُمْ. وَأَتْبَاعُ بَنِي أُمَيَّةَ كَانُوا أَقَلَّ ظُلْمًا وَكَذِبًا وَفَوَاحِشَ مِمَّنْ دَخَلَ فِي الشِّيعَةِ بِكَثِيرٍ، وَإِنْ كَانَ فِي بَعْضِ الشِّيعَةِ صِدْقٌ وَدِينٌ وَزُهْدٌ، فَهَذَا فِي سَائِرِ الطَّوَائِفِ أَكْثَرُ مِنْهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إِلَّا الْخَوَارِجُ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: "«يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ، وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ»" [2] . الْوَجْهُ السَّادِسُ: أَنَّهُ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 6] ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ} [سُورَةُ الْبَيِّنَةِ: 7] . وَهَذَا يُبَيِّنُ أَنَّ هَؤُلَاءِ مِنْ سِوَى الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ. وَفِي الْقُرْآنِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ ذُكِرَ فِيهَا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ، وَكُلُّهَا عَامَّةٌ. فَمَا الْمُوجِبُ لِتَخْصِيصِ هَذِهِ الْآيَةِ دُونَ نَظَائِرِهَا؟ . وَإِنَّمَا دَعْوَى الرَّافِضَةِ - أَوْ غَيْرِهِمْ - مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الْكُفْرَ فِي كَثِيرٍ مِمَّنْ سِوَاهُمْ، كَالْخَوَارِجِ وَكَثِيرٍ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهَمِيَّةِ، [وَ] أَنَّهُمْ [3] هُمُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ، كَقَوْلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى: {لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ - بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 111 - 112] . وَهَذَا عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ عَمِلَ (1) س، ب: الْفِسْقُ، وَهُوَ خَطَأٌ. (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/68، 5/46 (3) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: أَنَّهُمْ، وَزِدْتُ الْوَاوَ لِتَسْتَقِيمَ الْعِبَارَةُ. لِلَّهِ بِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ، فَالْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِهِ، وَإِسْلَامُ وَجْهِهِ لِلَّهِ إِخْلَاصُ قَصْدِهِ لِلَّهِ [1] . [فصل البرهان الرابع والثلاثون "وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ الرَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [سُورَةُ الْفُرْقَانِ: 54] وَفِي تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: نَزَلَتْ فِي النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ [3] : زَوَّجَ فَاطِمَةَ عَلِيًّا [4] ، وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا [5] ، وَلَمْ يَثْبُتْ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ، فَكَانَ أَفْضَلَ، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ" [6] . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَوَّلًا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَثَانِيًا: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ بِلَا شَكٍّ. وَثَالِثًا: أَنَّ مُجَرَّدَ قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ الَّذِي خَالَفَهُ فِيهِ النَّاسُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ. الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ فِي سُورَةِ الْفُرْقَانِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ. وَهَذَا مِنَ الْآيَاتِ الْمَكِّيَّةِ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ قَبْلَ أَنْ يَتَزَوَّجَ عَلِيٌّ بِفَاطِمَةَ، فَكَيْفَ يَكُونُ ذَلِكَ قَدْ أُرِيدَ بِهِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ؟ . (1) س، ب: إِخْلَاصُ وَجْهِهِ. (2) فِي (ك) ص 164 (م) . (3) ك: فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (4) ك: إِذَا (وَفَوْقَهَا كُتِبَتْ عِبَارَةٌ غَيْرُ وَاضِحَةٍ) زَوَّجَ فَاطِمَةَ عَلِيًّا عَلَيْهِمَا السَّلَامُ. (5) فِي هَامِشِ (ك) كُتِبَ مَا يَلِي: أَيْ فَجَعَلَ النِّسْبَةَ قِسْمَيْنِ: فِي نِسْبَةٍ ذُكُورًا يُنْسَبُ إِلَيْهِمْ، وَصِهْرًا، أَيْ إِنَاثًا يُصَاهَرُ بِهِنَّ، وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا، يَخْلُقُ مِنَ النُّطْفَةِ الْوَاحِدَةِ ذَكَرًا وَأُنْثَى. (6) ك: فَكَانَ هُوَ الْإِمَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ. الْخَامِسُ: أَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ فِي كُلِّ نَسَبٍ وَصِهْرٍ [1] ، لَا اخْتِصَاصَ لَهَا بِشَخْصٍ دُونَ شَخْصٍ، وَلَا رَيْبَ [2] أَنَّهَا تَتَنَاوَلُ مُصَاهَرَتَهُ لِعَلِيٍّ، كَمَا تَتَنَاوَلُ مُصَاهَرَتَهُ لِعُثْمَانَ مَرَّتَيْنِ، كَمَا تَتَنَاوَلُ مُصَاهَرَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَزَوُّجَ عَائِشَةَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ، وَحَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ - مِنْ أَبَوَيْهِمَا، وَزَوَّجَ عُثْمَانَ بِرُقَيَّةَ، وَأُمَّ كُلْثُومٍ بِنْتَيْهِ، وَزَوَّجَ عَلِيًّا بِفَاطِمَةَ، فَالْمُصَاهَرَةُ [3] ثَابِتَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ. وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "«لَوْ كَانَتْ عِنْدَنَا ثَالِثَةٌ لَزَوَّجْنَاهَا عُثْمَانَ»" [4] وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الْمُصَاهَرَةُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ، فَلَيْسَتْ مِنْ خَصَائِصِهِ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تُوجِبَ أَفْضَلِيَّتَهُ وَإِمَامَتَهُ عَلَيْهِمْ. السَّادِسُ: أَنَّهُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِذَلِكَ مُصَاهَرَةُ * عَلِيٍّ، فَمُجَرَّدُ الْمُصَاهَرَةِ لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ بِاتِّفَاقِ [أَهْلِ] [5] السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَإِنَّ الْمُصَاهَرَةَ * [6] ثَابِتَةٌ لِكُلٍّ مِنَ الْأَرْبَعَةِ، مَعَ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ، فَلَوْ كَانَتِ الْمُصَاهَرَةُ تُوجِبُ الْأَفْضَلِيَّةَ لَلَزِمَ التَّنَاقُضَ. (1) يَقُولُ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ لِلْآيَةِ: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا الْآيَةَ، أَيْ: خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ ضَعِيفَةٍ فَسَوَّاهُ وَعَدَلَهُ وَجَعَلَهُ كَامِلَ الْخِلْقَةِ ذَكَرًا وَأُنْثَى كَمَا يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا فَهُوَ فِي ابْتِدَاءِ أَمْرِهِ وَلَدٌ نَسِيبٌ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُ فَيَصِيرُ صِهْرًا، ثُمَّ يَصِيرُ لَهُ أَصْهَارٌ وَأُخْتَانٌ وَقُرَابَاتٌ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا. (2) س، ب: فَلَا رَيْبَ. (3) ن، س، ب: وَالْمُصَاهَرَةُ. (4) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ الضَّعِيفُ فِيمَا مَضَى 4/14 (5) أَهْلِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) . (6) : مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م [فصل البرهان الخامس والثلاثون "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الْخَامِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 119] أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا الْكَوْنَ مَعَ الْمَعْلُومِ مِنْهُمُ الصِّدْقُ، وَلَيْسَ إِلَّا الْمَعْصُومُ لِتَجْوِيزِ الْكَذِبِ فِي غَيْرِهِ، فَيَكُونُ هُوَ عَلِيًّا ; إِذْ لَا مَعْصُومَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ سِوَاهُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي عَلِيٍّ" . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الصِّدِّيقَ مُبَالَغَةٌ فِي الصَّادِقِ، فَكُلُّ صِدِّيقٍ صَادِقٌ وَلَيْسَ كُلُّ صَادِقٍ صِدِّيقًا. وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صِدِّيقٌ بِالْأَدِلَّةِ الْكَثِيرَةِ، فَيَجِبُ أَنْ تَتَنَاوَلَهُ الْآيَةُ قَطْعًا وَأَنْ تَكُونَ مَعَهُ، بَلْ تَنَاوُلُهَا لَهُ أَوْلَى مِنْ تَنَاوُلِهَا لِغَيْرِهِ مِنَ الصَّحَابَةِ. وَإِذَا كُنَّا مَعَهُ مُقِرِّينَ بِخِلَافَتِهِ، امْتَنَعَ أَنْ نُقِرَّ بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ هُوَ الْإِمَامَ دُونَهُ، فَالْآيَةُ تَدُلُّ عَلَى نَقِيضِ مَطْلُوبِهِمْ. الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: عَلِيٌّ إِمَّا أَنْ يَكُونَ صِدِّيقًا وَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صِدِّيقًا فَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ، فَالْكَوْنُ مَعَ الصَّادِقِ الصِّدِّيقِ أَوْلَى مِنَ الْكَوْنِ مَعَ الصَّادِقِ الَّذِي لَيْسَ بِصِدِّيقٍ. وَإِنْ كَانَ صِدِّيقًا فَعُمَرُ وَعُثْمَانُ أَيْضًا صِدِّيقُونَ، وَحِينَئِذٍ فَإِذَا كَانَ الْأَرْبَعَةُ صِدِّيقِينَ، لَمْ يَكُنْ عَلِيٌّ مُخْتَصًّا (1) فِي (ك) ص 164 (م) .
__________________
|
#427
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (427) صـ 267 إلى صـ 276 بِذَلِكَ، وَلَا بِكَوْنِهِ صَادِقًا، فَلَا يَتَعَيَّنُ الْكَوْنُ مَعَ وَاحِدٍ دُونَ الثَّلَاثَةِ. بَلْ لَوْ قَدَّرْنَا التَّعَارُضَ لَكَانَ الثَّلَاثَةُ أَوْلَى مِنَ الْوَاحِدِ، فَإِنَّهُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا، لَا سِيَّمَا وَهُمْ أَكْمَلُ فِي الصِّدْقِ. الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: هَذِهِ الْآيَةُ نَزَلَتْ فِي قِصَّةِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، وَصَدَقَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ، وَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِبَرَكَةِ الصِّدْقِ، وَكَانَ جَمَاعَةٌ أَشَارُوا عَلَيْهِ بِأَنْ يَعْتَذِرَ وَيَكْذِبَ، كَمَا اعْتَذَرَ غَيْرُهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَكَذَبُوا. وَهَذَا ثَابِتٌ فِي الصِّحَاحِ وَالْمَسَانِدِ [1] وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَالسِّيَرِ، وَالنَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَيْهِ [2] . وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِعَلِيٍّ اخْتِصَاصٌ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، بَلْ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: "فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ يُهَرْوِلُ فَعَانَقَنِي، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ" [3] فَكَانَ كَعْبٌ لَا يَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ بَطَلَ حَمْلُهَا عَلَى عَلِيٍّ وَحْدَهُ. الْوَجْهُ الرَّابِعُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ يُقَالُ: إِنَّهُ مَعْصُومٌ، لَا عَلِيٌّ وَلَا غَيْرُهُ. فَعَلِمَ أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ {مَعَ الصَّادِقِينَ} وَلَمْ يُشْتَرَطْ كَوْنُهُ مَعْصُومًا. الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ: {مَعَ الصَّادِقِينَ} وَهَذِهِ صِيغَةُ جَمْعٍ، وَعَلِيٌّ وَاحِدٌ، فَلَا يَكُونُ هُوَ الْمُرَادَ وَحْدَهُ. السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {مَعَ الصَّادِقِينَ} إِمَّا أَنْ يُرَادَ: كُونُوا مَعَهُمْ فِي (1) ن: وَالْمَسَانِيدِ. (2) انْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَتَيْنِ 118، 119 مِنْ سُورَةِ التَّوْبَةِ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ لِحَدِيثِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ. (3) سَبَقَ حَدِيثُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِيمَا مَضَى 2/433. الصِّدْقِ وَتَوَابِعِهِ، فَاصْدُقُوا كَمَا يَصْدُقُ الصَّادِقُونَ، وَلَا تَكُونُوا مَعَ الْكَاذِبِينَ. كَمَا فِي قَوْلِهِ: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 43] ، وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 69] ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 146] . وَإِمَّا أَنْ يُرَادَ بِهِ: كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ [1] بِالصِّدْقِ. وَالثَّانِي بَاطِلٌ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ فِي الْمُبَاحَاتِ، كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللِّبَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّحِيحَ، فَلَيْسَ فِي هَذَا أَمْرٌ [2] بِالْكَوْنِ مَعَ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، بَلِ الْمَقْصُودُ: اصْدُقُوا وَلَا تَكْذِبُوا. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: "«عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ ; فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ [3] يَهْدِي إِلَى الْجَنَّةِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا. وَإِيَّاكَ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا»" [4] . (1) م: لَوْ يَتَعَلَّقُ وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) م: فَلَيْسَ فِي هَذَا أَمْرٌ، س: فَلَيْسَ هَذَا أَمْرٌ ; ب: فَلَيْسَ هَذَا أَمْرًا. (3) س: إِلَى الْبَرِّ، الْحَدِيثَ، ب: وَالْبِرُّ. (4) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/266 وَهَذَا كَمَا يُقَالُ: كُنْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، كُنْ مَعَ الْأَبْرَارِ. أَيِ ادْخُلْ مَعَهُمْ [1] فِي هَذَا الْوَصْفِ وَجَامِعْهُمْ عَلَيْهِ، لَيْسَ الْمُرَادُ: أَنَّكَ مَأْمُورٌ بِطَاعَتِهِمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ. الْوَجْهُ السَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: إِذَا أُرِيدَ: كُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ مُطْلَقًا، فَذَلِكَ لِأَنَّ الصِّدْقَ مُسْتَلْزِمٌ لِسَائِرِ الْبِرِّ، كَقَوْلِ [2] النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ» "الْحَدِيثَ. وَحِينَئِذٍ فَهَذَا وَصْفٌ ثَابِتٌ لِكُلِّ مَنِ اتَّصَفَ بِهِ." الثَّامِنُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ، وَلَمْ يَقُلْ: مَعَ الْمَعْلُومِ فِيهِمُ الصِّدْقُ، كَمَا أَنَّهُ قَالَ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} [سُورَةُ الطَّلَاقِ: 2] لَمْ يَقُلْ: مَنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ ذَوُو عَدْلٍ مِنْكُمْ. وَكَمَا قَالَ: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 58] لَمْ يَقُلْ: إِلَى مَنْ عَلِمْتُمْ أَنَّهُمْ أَهْلُهَا. وَكَمَا قَالَ: {وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ} [سُورَةُ النِّسَاءِ: 58] لَمْ يَقُلْ: بِمَا عَلِمْتُمْ أَنَّهُ عَدْلٌ، لَكِنْ عَلَّقَ الْحُكْمَ بِالْوَصْفِ. وَنَحْنُ عَلَيْنَا الِاجْتِهَادُ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ فِي مَعْرِفَةِ الصِّدْقِ وَالْعَدَالَةِ وَأَهْلِ الْأَمَانَةِ وَالْعَدْلِ، وَلَسْنَا مُكَلَّفِينَ فِي ذَلِكَ بِعِلْمِ الْغَيْبِ. كَمَا أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورُ أَنْ يَحْكُمَ بِالْعَدْلِ قَالَ: "«إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، [3] وَإِنَّمَا أَقْضِي بِنَحْوٍ مِمَّا [4] أَسْمَعُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ شَيْئًا فَلَا يَأْخُذْهُ، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ مِنَ النَّارِ» [5] ." (1) مَعَهُمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) . (2) ب: لِقَوْلِ. (3) سَاقِطٌ مِنْ (م) . (4) سَاقِطٌ مِنْ (م) . (5) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 6/412 الْوَجْهُ التَّاسِعُ: هَبْ أَنَّ الْمُرَادَ: مِنَ الْمَعْلُومِ فِيهِمُ الصِّدْقُ، لَكِنَّ الْعِلْمَ كَالْعِلْمِ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [سُورَةُ الْمُمْتَحِنَةِ: 10] وَالْإِيمَانُ أَخْفَى مِنَ الصِّدْقِ. فَإِذَا كَانَ الْعِلْمُ الْمَشْرُوطُ هُنَاكَ يُمْتَنَعُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ: لَيْسَ إِلَّا الْعِلْمُ بِالْمَعْصُومِ، كَذَلِكَ هُنَا يُمْتَنَعُ أَنْ يُقَالَ: لَا يُعْلَمُ إِلَّا صِدْقُ الْمَعْصُومِ [1] . الْوَجْهُ الْعَاشِرُ: هَبْ [2] أَنَّ الْمُرَادَ: عَلِمْنَا صِدْقَهُ، لَكِنْ يُقَالُ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَعُثْمَانَ وَنَحْوَهُمْ مِمَّنْ عُلِمَ صِدْقُهُمْ، وَأَنَّهُمْ لَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ، وَإِنْ جَازَ عَلَيْهِمُ الْخَطَأُ أَوْ بَعْضُ الذُّنُوبِ، فَإِنَّ الْكَذِبَ أَعْظَمُ. وَلِهَذَا تَرِدُ شَهَادَةُ الشَّاهِدِ بِالْكَذِبَةِ الْوَاحِدَةِ فِي أَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ. وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مُرْسَلٌ [3] . وَنَحْنُ قَدْ نَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ هَؤُلَاءِ لَمْ يَكُونُوا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ وَلَا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ بِحَالٍ. وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّا لَا نَعْلَمُ انْتِفَاءَ الْكَذِبِ إِلَّا عَمَّنْ يُعْلَمُ أَنَّهُ مَعْصُومٌ مُطْلَقًا، بَلْ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ إِذَا اخْتَبَرْتَهُ تَيَقَّنْتَ أَنَّهُ لَا يَكْذِبُ، وَإِنْ كَانَ يُخْطِئُ وَيُذْنِبُ ذُنُوبًا أُخْرَى. وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَمَّدَ الْكَذِبَ. وَهَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ، فَإِنَّ الْكَذِبَ لَا يَتَعَمَّدُهُ إِلَّا مَنْ هُوَ مِنْ شَرِّ النَّاسِ. وَهَؤُلَاءِ الصَّحَابَةُ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ مَنْ يَتَعَمَّدُ الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَهْلُ الْعِلْمِ يَعْلَمُونَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ مِثْلَ مَالِكٍ، وَشُعْبَةَ، وَيَحْيَى بْنِ (1) م: الصِّدْقُ الْمَعْصُومُ. (2) هَبْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (3) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ. سَعِيدٍ، وَالثَّوْرِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ وَنَحْوِهِمْ، لَمْ يَكُونُوا يَتَعَمَّدُونَ الْكَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلْ وَلَا عَلَى غَيْرِهِ، فَكَيْفَ بِابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَأَبَى سَعِيدٍ وَغَيْرِهِمْ؟ . الْوَجْهُ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّهُ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ: الْمَعْصُومُ لَا نُسَلِّمُ الْإِجْمَاعَ عَلَى انْتِفَاءِ الْعِصْمَةِ مِنْ غَيْرِ [1] عَلِيٍّ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ ; فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ خَيْرٌ مِنَ الرَّافِضَةِ يَدَّعُونَ فِي شُيُوخِهِمْ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِنْ غَيَّرُوا عِبَارَتَهُ. وَأَيْضًا فَنَحْنُ لَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ عِصْمَتِهِمْ مَعَ ثُبُوتِ عِصْمَتِهِ، بَلْ إِمَّا انْتِفَاءُ الْجَمِيعِ وَإِمَّا ثُبُوتُ الْجَمِيعِ. [فصل البرهان السادس والثلاثون "وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] : "الْبُرْهَانُ السَّادِسُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 43] مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا [3]: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيٍّ خَاصَّةً» [4] ، وَهُمَا أَوَّلُ مَنْ صَلَّى وَرَكَعَ. وَهَذَا [5] يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَتِهِ [6] فَيَدُلُّ عَلَى إِمَامَتِهِ" . (1) ن: عَلَى أَنْبِيَاءِ الْعِصْمَةِ عَنْ غَيْرِ. . .، م: عَلَى أَشْيَاءَ عَنْ غَيْرِ. . .، وَكِلَاهُمَا تَحْرِيفٌ. (2) فِي (ك) ص 165 (م) . (3) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: لَيْسَتْ فِي (ك) ، (م) ، وَفِي (ن) ، (س) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (4) ك: فِي رَسُولِ اللَّهِ وَعَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ خَاصَّةً. (5) ك: وَهُوَ. (6) أَفْضَلِيَّتِهِ. الْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ صِحَّةَ هَذَا، وَلَمْ يَذْكُرْ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْحَدِيثِ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ، وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَهِيَ فِي سِيَاقِ مُخَاطَبَةٍ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِطَابُ لَهُمْ [1] ، أَوْ لَهُمْ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [2] ، فَهُوَ خِطَابٌ أُنْزِلَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ، وَبَعْدَ أَنْ كَثُرَ الْمُصَلُّونَ وَالرَّاكِعُونَ، وَلَمْ تَنْزِلْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُقَالَ: إِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِأَوَّلِ مَنْ صَلَّى وَرَكَعَ. الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ: {مَعَ الرَّاكِعِينَ} صِيغَةُ جَمْعٍ، وَلَوْ أُرِيدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَلِيٌّ ; لَقِيلَ مَعَ الرَّاكِعَيْنِ، بِالتَّثْنِيَةِ. وَصِيغَةُ الْجَمْعِ لَا يُرَادُ بِهَا اثْنَانِ فَقَطْ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ، بَلْ إِمَّا الثَّلَاثَةُ فَصَاعِدًا، وَإِمَّا الِاثْنَانِ فَصَاعِدًا، وَأَمَّا إِرَادَةُ اثْنَيْنِ فَقَطْ فَخِلَافُ الْإِجْمَاعِ. الْخَامِسُ: أَنَّهُ قَالَ لِمَرْيَمَ: {اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ} [سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: 43] وَمَرْيَمُ كَانَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، [3] فَعُلِمَ أَنَّهُ كَانَ رَاكِعُونَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ [4] ، فَلَيْسَ فِيهِمْ عَلِيٌّ، فَكَيْفَ لَا يَكُونُ رَاكِعُونَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لَيْسَ فِيهِمْ عَلِيٌّ وَصِيغَةُ الِاثْنَيْنِ وَاحِدَةٌ؟ . (1) (1) م: لَهُ. (2) (2) فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ (ط. الْمَعَارِفِ) 1/572 لِلْآيَةِ، {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} ، سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 43 "وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: ذُكِرَ أَنَّ أَحْبَارَ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ كَانُوا يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، فَأَمَرَهُمُ اللَّهُ بِإِقَامِ الصَّلَاةِ مَعَ الْمُسْلِمِينَ الْمُصَدِّقِينَ بِمُحَمَّدٍ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَإِيتَاءِ زَكَاةِ أَمْوَالِهِمْ مَعَهُمْ، وَأَنْ يَخْضَعُوا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ كَمَا خَضَعُوا" وَانْظُرْ 1/575، وَانْظُرْ تَفْسِيرَ ابْنِ كَثِيرٍ لِلْآيَةِ. (3) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (4) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . السَّادِسُ: أَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ لَا تَخُصُّ شَخْصًا بِعَيْنِهِ، بَلْ أُمِرَ الرَّجُلُ الْمُؤْمِنُ أَنْ يُصَلِّيَ مَعَ الْمُصَلِّينَ. وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِهِ الصَّلَاةُ فِي الْجَمَاعَةِ [1] ; لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُدْرَكَ إِلَّا بِإِدْرَاكِ الرُّكُوعِ. السَّابِعُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمُرَادُ الرُّكُوعَ [2] مَعَهُمَا لَا نَقْطَعُ حُكْمَهَا بِمَوْتِهِمَا [3] ، فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مَأْمُورًا أَنْ يَرْكَعَ مَعَ الرَّاكِعِينَ. الثَّامِنُ: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: [عَلِيٌّ] [4] أَوَّلُ مَنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ [5] - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَمْنُوعٌ. بَلْ أَكْثَرُ النَّاسِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَإِنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى قَبْلَهُ [6] . التَّاسِعُ: أَنَّهُ لَوْ كَانَ أَمْرًا بِالرُّكُوعِ مَعَهُ، لَمْ يَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَنْ رَكَعَ مَعَهُ يَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ، فَإِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ إِمَامًا مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ يَرْكَعُ مَعَهُ. [فصل البرهان السابع والثلاثون "وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [7] : "الْبُرْهَانُ السَّابِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي} [سُورَةُ طه: 29] مِنْ طَرِيقِ أَبِي نُعَيْمٍ عَنِ" (1) س، ب: مَعَ الْجَمَاعَةِ. (2) م: الْمُرَادُ بِهِ الرُّكُوعَ. (3) م: حُكْمَهُمَا فِي الْجَمَاعَةِ بِمَوْتِهِمَا، وَهُوَ خَطَأٌ. (4) عَلِيٌّ: زِيَادَةٌ فِي (ب) . (5) م: مَعَ رَسُولِ اللَّهِ. (6) س، ب: خَلْفَهُ. (7) فِي (ك) ص 165 (م) . ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «أَخَذَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَدِ عَلِيٍّ وَبِيَدِي وَنَحْنُ بِمَكَّةَ، وَصَلَّى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ، وَرَفَعَ [1] يَدَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ، مُوسَى بْنُ عِمْرَانَ سَأَلَكَ، وَأَنَا مُحَمَّدٌ نَبِيُّكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَشْرَحَ لِي صَدْرِي، وَتَحْلُلْ [2] عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي، وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي، عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخِي، اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَمِعْتُ [3] مُنَادِيًا يُنَادِي: يَا أَحْمَدُ قَدْ أُوتِيتَ [4] مَا سَأَلْتَ» . وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ "." وَالْجَوَابُ: الْمُطَالَبَةُ بِالصِّحَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلًا. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا [5] كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ [6] ، بَلْ هُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا مِنْ أَسْمَجِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. الثَّالِثُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ فِي أَكْثَرِ الْأَوْقَاتِ لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ وُلِدَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ [7] وُلِدَ وَبَنُو هَاشِمٍ فِي الشِّعْبِ (1) ك: ثُمَّ رَفَعَ. (2) ب: وَتَحُلَّ. (3) ك: فَسَمِعْتُ. (4) ك: أُويتَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (5) ن، م، س: فَهَذَا. (6) لَمْ أَجِدْ أَحَدًا ذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ، وَلَكِنْ ذَكَرَ السُّيُوطِيُّ فِي "الدُّرِّ الْمَنْثُورِ" 4/295 حَدِيثًا بِمَعْنَاهُ، فَقَالَ: وَأَخْرَجَ السِّلَفِيُّ فِي "الطُّيُورِيَّاتِ" بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى جَبَلٍ ثُمَّ دَعَا رَبَّهُ، وَقَالَ: اللَّهُمَّ اشْدُدْ أَزْرِي بِأَخِي عَلِيٍّ، فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِكَ. (7) م: وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ. مَحْصُورُونَ، وَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنِ ابْنُ عَبَّاسٍ بَلَغَ سِنَّ التَّمْيِيزِ، وَلَا كَانَ مِمَّنْ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي [1] [مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] [2] ، فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَ [3] وَهُوَ لَمْ يَحْتَلِمْ بَعْدُ، وَكَانَ [4] لَهُ عِنْدَ الْهِجْرَةِ نَحْوُ خَمْسِ سِنِينَ أَوْ أَقَلُّ مِنْهَا، وَهَذَا لَا يُؤْمَرُ بِوُضُوءٍ وَلَا صَلَاةٍ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "«مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ»" [5] وَمَنْ يَكُونُ بِهَذَا السِّنِّ لَا يَعْقِلُ الصَّلَاةَ، وَلَا يَحْفَظُ مِثْلَ هَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا بِتَلْقِينٍ، لَا يَحْفَظُ بِمُجَرَّدِ السَّمَاعِ. الرَّابِعُ: أَنَّهُمْ قَدْ قَدَّمُوا فِي قَوْلِهِ: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} [سُورَةُ الْمَائِدَةِ: 55] . وَحَدِيثُ التَّصَدُّقِ بِالْخَاتَمِ فِي الصَّلَاةِ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ. وَهُنَا قَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ قَدْ دَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ بِمَكَّةَ قَبْلَ تِلْكَ [6] الْوَاقِعَةِ بِسِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ، فَإِنَّ تِلْكَ [7] كَانَتْ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ، وَالْمَائِدَةُ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ نُزُولًا، وَهَذَا فِي مَكَّةَ. فَإِذَا [8] كَانَ قَدْ دَعَا بِهَذَا فِي مَكَّةَ وَقَدِ اسْتُجِيبَ لَهُ، فَأَيُّ حَاجَةٍ إِلَى الدُّعَاءِ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ [9] بِسِنِينَ مُتَعَدِّدَةٍ؟ . (1) ب: وَلَا يُصَلِّي. (2) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِيَادَةٌ فِي (م) . (3) مَاتَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (4) ن، س، ب: فَكَانَ. (5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 6/45 (6) ن، س، ب: هَذِهِ. (7) تِلْكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (8) م: وَإِذَا. (9) م: بِالْمَائِدَةِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. الْخَامِسُ: أَنَّا قَدْ بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ [1] وُجُوهًا مُتَعَدِّدَةً فِي بُطْلَانِ مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ كَذِبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ، وَلَكِنْ هُنَا قَدْ زَادُوا فِيهِ زِيَادَاتٍ [2] كَثِيرَةً لَمْ يَذْكُرُوهَا هُنَاكَ، وَهِيَ قَوْلُهُ: {وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي} [سُورَةُ طَهَ: 32] فَصَرَّحُوا [3] هُنَا بِأَنَّ عَلِيًّا كَانَ شَرِيكَهُ فِي أَمْرِهِ، كَمَا كَانَ هَارُونُ شَرِيكَ مُوسَى، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَقُولُ بِنُبُوَّتِهِ، وَهَذَا كُفْرٌ صَرِيحٌ، وَلَيْسَ هُوَ قَوْلَ الْإِمَامِيَّةِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ الْغَالِيَةِ. وَلَيْسَ الشَّرِيكُ فِي الْأَمْرِ هُوَ الْخَلِيفَةَ مِنْ بَعْدِهِ، فَإِنَّهُمْ يَدَّعُونَ إِمَامَتَهُ بَعْدَهُ، وَمُشَارَكَتَهُ لَهُ فِي أَمْرِهِ فِي حَيَاتِهِ. وَهَؤُلَاءِ الْإِمَامِيَّةُ وَإِنْ كَانُوا يُكَفِّرُونَ مَنْ يَقُولُ بِمُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي النُّبُوَّةِ، لَكِنَّهُمْ يُكَثِّرُونَ سَوَادَهَمْ فِي الْمَقَالِ وَالرِّجَالِ بِمَنْ يَعْتَقِدُونَ فِيهِ [4] الْكُفْرَ وَالضَّلَالَ، وَبِمَا يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ مِنَ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ ; لِفَرْطِ مُنَابَذَتِهِمْ لِلدِّينِ، وَمُخَالَفَتِهِمْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَبُغْضِهِمْ لِخِيَارِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ، وَاعْتِقَادِهِمْ فِيهِمْ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ. فَهُمْ كَمَا قِيلَ فِي الْمَثَلِ: "رَمَتْنِي بِدَائِهَا وَانْسَلَّتْ" . وَهَذَا الرَّافِضِيُّ الْكَذَّابُ يَقُولُ: "وَهَذَا نَصٌّ فِي الْبَابِ" . فَيُقَالُ لَهُ: يَا دَبِيرُ هَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ عَلِيًّا شَرِيكُهُ فِي أَمْرِهِ فِي حَيَاتِهِ، كَمَا كَانَ هَارُونُ شَرِيكًا لِمُوسَى. فَهَلْ تَقُولُ بِمُوجَبِ هَذَا النَّصِّ؟ أَمْ تَرْجِعُ عَنِ الِاحْتِجَاجِ بِأَكَاذِيبِ الْمُفْتَرِينَ، وَتُرَّهَاتِ إِخْوَانِكَ الْمُبْطِلِينَ؟ . (1) م: فِيمَا هُنَاكَ تَقَدَّمَ. (2) ن، م: زِيَادَةً. (3) م: وَصَرَّحُوا. (4) فِيهِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) .
__________________
|
#428
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (428) صـ 277 إلى صـ 286 [فصل البرهان الثامن والثلاثون "إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] : "الْبُرْهَانُ الثَّامِنُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [سُورَةُ الْحِجْرِ: 47] مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ [2] بِإِسْنَادِهِ إِلَى زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى قَالَ: «دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَسْجِدَهُ، فَذَكَرَ قِصَّةَ مُؤَاخَاةِ [3] رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - [4] ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَقَدْ ذَهَبَتْ [5] رُوحِي، وَانْقَطَعَ ظَهْرِي، حِينَ فَعَلْتَ بِأَصْحَابِكَ [6] ، فَإِنْ كَانَ هَذَا مِنْ سُخْطِ اللَّهِ عَلَيَّ [7] ، فَلَكَ الْعُقْبَى [8] وَالْكَرَامَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا، مَا اخْتَرْتُكَ [9] لَا لِنَفْسِي، فَأَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي [10] ، وَأَنْتَ أَخِي" (1) فِي (ك) ص [0 - 9] 65 (م) 166 (م) . (2) ك: أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. (3) فِي (ك) فِي الْأَصْلِ الْعِبَارَةُ مُضْطَرِبَةٌ هَكَذَا: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَسْجِدَهُ فَذَكَرَ عَلَيْهِ قِصَّةَ مُؤَاخَاةِ. . . إِلَخْ. (4) ك: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ. (5) س، ب: أَذْهَبْتَ. (6) ك: حِينَ فَعَلْتَ بِأَصْحَابِكَ مَا فَعَلْتَ غَيْرِي. (7) ك: فَإِنْ كَانَ هَذَا مُنْكَرًا مِنْ سُخْطٍ عَلَيَّ. (8) ك (ص 166 م) : الْعُتْبَى. (9) ك: مَا أَخَّرْتُكَ. (10) س، ب: مِنْ بَعْدِي. وَوَارِثِي [1] ، وَأَنْتَ مَعِي فِي قَصْرِي فِي الْجَنَّةِ، وَمَعَ ابْنَتِي فَاطِمَةَ، فَأَنْتَ [2] أَخِي وَرَفِيقِي. ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} » ، الْمُتَحَابِّينَ فِي اللَّهِ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ. وَالْمُؤَاخَاةُ تَسْتَدْعِي الْمُنَاسَبَةَ وَالْمُشَاكَلَةَ، فَلَمَّا اخْتُصَّ عَلِيٌّ بِمُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [3] - كَانَ هُوَ الْإِمَامَ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ هَذَا الْإِسْنَادِ. وَلَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَلَا رَوَاهُ أَحْمَدُ [قَطُّ] [4] لَا فِي الْمُسْنَدِ وَلَا فِي "الْفَضَائِلِ [5]" وَلَا ابْنُهُ [6] . فَقَوْلُ هَذَا الرَّافِضِيِّ: "مِنْ مُسْنَدِ أَحْمَدَ" [7] كَذِبٌ وَافْتِرَاءٌ عَلَى الْمُسْنَدِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ زِيَادَاتِ الْقَطِيعِيِّ * الَّتِي فِيهَا مِنَ الْكَذِبِ الْمَوْضُوعِ مَا اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، رَوَاهُ الْقَطِيعِيُّ * [8] عَنْ [9] عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيِّ، حَدَّثَنَا حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الذَّارِعُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ مَعْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أَوْفَى [10] . (1) م: وَقَارِنِي، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) ك: وَأَنْتَ. (3) ك: رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ. (4) قَطُّ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (5) س: وَلَا هُوَ فِي "الْفَضَائِلِ" . (6) م: وَلَا نَائِبُهُ، س: وَلَا أَثْبَتَهُ. (7) مِنْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، وَفِي س، ب: فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ. (8) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) . (9) الْحَدِيثُ فِي "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" 2/638 - 639 رَقْمُ 1085 (10) تَكَلَّمَ مُحَقِّقُ كِتَابِ "فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ" عَلَى هَذَا السَّنَدِ 1/525 (الْحَدِيثُ رَقْمُ 871) ثُمَّ قَالَ عِنْدَ التَّعْلِيقِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ: "إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَجْلِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ عَبَّادٍ" وَذَكَرَ قَبْلَ ذَلِكَ 1/525 "وَفِيهِ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبَّادٍ الْعَبْدِيُّ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: لَا يُتَابَعُ عَلَى حَدِيثِهِ، ذَكَرَهُ السَّاجِيُّ، وَابْنُ الْجَارُودِ فِي الضُّعَفَاءِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ. التَّارِيخَ الْكَبِيرَ 3 2/117، الدِّيوَانَ ص 202 الْمِيزَانَ 2/670 اللِّسَانَ 4/76." وَهَذَا الرَّافِضِيُّ لَمْ يَذْكُرْهُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّ فِيهِ عِنْدَ قَوْلِهِ: «وَأَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي. قَالَ: وَمَا أَرِثُ مِنْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَا وُرِثَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِي. قَالَ: وَمَا وُرِثَ الْأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِكَ؟ قَالَ: كِتَابُ اللَّهِ وَسُنَّةُ نَبِيِّهِمْ» [1] . وَهَذَا الْإِسْنَادُ مُظْلِمٌ انْفَرَدَ [2] بِهِ عَبْدُ الْمُؤْمِنِ بْنُ عَبَّادٍ أَحَدُ الْمَجْرُوحِينَ، ضَعَّفَهُ أَبُو حَاتِمٍ [3] عَنْ يَزِيدَ بْنِ مَعْنٍ، وَلَا يَدْرِي مَنْ هُوَ، فَلَعَلَّهُ الَّذِي اخْتَلَقَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شُرَحْبِيلَ، وَهُوَ مَجْهُولٌ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، عَنْ زَيْدِ [4] بْنِ أَبِي أَوْفَى. الْوَجْهُ الثَّانِي: [أَنَّ هَذَا] [5] مَكْذُوبٌ مُفْتَرًى بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ. الثَّالِثُ: أَنَّ أَحَادِيثَ الْمُؤَاخَاةِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَالْأَنْصَارِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، كُلُّهَا كَذِبٌ. وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُؤَاخِ عَلِيًّا، وَلَا آخَى بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَلَا بَيْنَ مُهَاجِرِيٍّ وَمُهَاجِرِيٍّ، لَكِنْ آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، كَمَا آخَى بَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَسَعْدِ بْنِ الرَّبِيعِ، وَبَيْنَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَبَيْنَ عَلِيٍّ، وَسَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ. (1) انْظُرْ فَضَائِلَ الصَّحَابَةِ 2/639 (2) م: لِأَنَّهُ تَفَرَّدَ. (3) تَرْجَمَةُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ بْنِ عَبَّادٍ فِي "الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ" م [0 - 9] ق [0 - 9] ص [0 - 9] 6 وَقَالَ عَنْهُ أَبُو حَاتِمٍ "ضَعِيفُ الْحَدِيثِ" . (4) س، ب: يَزِيدَ. (5) أَنَّ هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (س) ، وَفِي (ب) : أَنَّهُ. وَكَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ فِي دُورِ بَنِي النَّجَّارِ، كَمَا أَخْبَرَ بِذَلِكَ أَنَسٌ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، لَمْ تَكُنْ فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي دَارٍ كَانَ لِبَعْضِ بَنِي النَّجَّارِ [1] ، وَبَنَاهُ فِي مَحِلَّتِهِمْ. فَالْمُؤَاخَاةُ الَّتِي أَخْبَرَ بِهَا أَنَسٌ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ، قَالَ: قُلْتٌ لِأَنَسٍ: «أُبْلِغَتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ" . فَقَالَ أَنَسٌ: قَدْ حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِي» [2] . الرَّابِعُ: أَنَّ قَوْلَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: «أَنْتَ أَخِي وَوَارِثِي» ، بَاطِلٌ عَلَى قَوْلِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ، فَإِنَّهُ إِنْ أَرَادَ مِيرَاثَ الْمَالِ بَطَلَ قَوْلُهُمْ: إِنَّ فَاطِمَةَ وَرِثَتْهُ. وَكَيْفَ يَرِثُ ابْنُ الْعَمِّ مَعَ وُجُودِ الْعَمِّ وَهُوَ الْعَبَّاسُ؟ وَمَا الَّذِي خَصَّهُ بِالْإِرْثِ دُونَ سَائِرِ بَنِي الْعَمِّ الَّذِينَ هُمْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ؟ وَإِنْ أَرَادَ [3] : وَارِثَ [4] الْعِلْمِ وَالْوِلَايَةِ، بَطَلَ احْتِجَاجُهُمْ بِقَوْلِهِ: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُدَ} [سُورَةُ النَّمْلِ: 16] وَقَوْلُهُ: {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا - يَرِثُنِي} [سُورَةُ مَرْيَمَ: 5، 6] ; (1) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ: وَمَسْجِدُهُ فَإِنْ كَانَ لِبَعْضِ بَنِي النَّجَّارِ، وَهُوَ خَطَأٌ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ. (2) الْحَدِيثُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 3/96 (كِتَابُ الْكَفَالَةِ، بَابُ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ. . .) وَنَصُّهُ: "حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، قَالَ: قُلْتُ لِأَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَبَلَغَكَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ؟ فَقَالَ: قَدْ حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِي" . وَجَاءَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا فِي مُسْلِمٍ 4/1960 "كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ" بَيْنَ أَصْحَابِهِ، سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 3/178 (كِتَابُ الْفَرَائِضِ، بَابٌ: فِي الْحِلْفِ) ، وَفِي مَوَاضِعَ أُخْرَى فِي كُتُبِ السُّنَّةِ. (3) م: وَإِنْ أَرَدْتَ. (4) س، ب: إِرْثُ. إِذْ لَفْظُ "الْإِرْثِ" إِذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لِهَذَا وَلِهَذَا [1] أَمْكَنَ أَنَّ [أُولَئِكَ] [2] الْأَنْبِيَاءَ وُرِثُوا كَمَا وَرِثَ عَلِيٌّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ فَيَعْلَمُونَ أَنَّ مَا وَرَّثَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنَ الْعِلْمِ لَمْ يُخْتَصَّ بِهِ عَلِيٌّ، بَلْ كُلٌّ [3] مِنْ أَصْحَابِهِ حَصَلَ لَهُ نَصِيبٌ بِحَسَبِهِ، وَلَيْسَ الْعِلْمُ كَالْمَالِ، بَلِ الَّذِي يَرِثُهُ هَذَا يَرِثُهُ هَذَا وَلَا يَتَزَاحَمَانِ [4] ; إِذْ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَعْلَمَ هَذَا مَا عَلِمَهُ هَذَا، كَمَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ هَذَا الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ هَذَا. الْوَجْهُ الْخَامِسُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ أَثْبَتَ الْأُخُوَّةَ لِغَيْرِ عَلِيٍّ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «قَالَ لِزَيْدٍ: "أَنْتَ أَخُونَا وَمَوْلَانَا» [5] . «وَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ لَمَّا خَطَبَ ابْنَتَهُ: أَلَسْتَ أَخِي؟ قَالَ:" أَنَا أَخُوكَ، وَبِنْتُكَ حَلَالٌ لِي» [6] . وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ فِي حَقِّ أَبِي بَكْرٍ: "«وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ»" [7] . (1) م: فَإِنَّ الْإِرْثَ إِذَا كَانَ يَتَحَمَّلُ لِهَذَا وَلِهَذَا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (2) أُولَئِكَ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (3) م: كَانَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) م: وَلَا يَتَرَحَّمَانِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (5) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/34 وَسَيَرِدُ فِي هَذَا الْجُزْءِ مَرَّتَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ. (6) الْحَدِيثُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي الْبُخَارِيِّ 7/5 (كِتَابُ النِّكَاحِ، بَابُ تَزْوِيجِ الصِّغَارِ مِنَ الْكِبَارِ) ، وَنَصُّهُ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ عَائِشَةَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا أَنَا أَخُوكَ. فَقَالَ: "أَنْتَ أَخِي فِي دِينِ اللَّهِ وَكِتِابِهِ، وَهِيَ لِي حَلَالٌ) . قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي" فَتْحِ الْبَارِي "9/124:" إِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صُورَةُ سِيَاقِهِ الْإِرْسَالَ فَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ عُرْوَةَ فِي قِصَّةٍ وَقَعَتْ لِخَالَتِهِ عَائِشَةَ وَجَدِّهِ لِأُمِّهِ أَبِي بَكْرٍ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ حَمَلَ ذَلِكَ عَنْ خَالَتِهِ عَائِشَةَ أَوْ عَنْ أُمِّهِ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ "." (7) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 5/20 وَقَالَ فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا [1] : "«وَدِدْتُ أَنْ قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانِي" . قَالُوا: أَوَلَسْنَا إِخْوَانَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: "لَا، أَنْتُمْ أَصْحَابِي، وَلَكِنَّ إِخْوَانِي قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي" [2] يَقُولُ: أَنْتُمْ لَكُمْ مِنَ الْأُخُوَّةِ مَا هُوَ أَخَصُّ مِنْهَا، وَهُوَ الصُّحْبَةُ، وَأُولَئِكَ لَهُمْ أُخُوَّةٌ بِلَا صُحْبَةٍ» . وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [سُورَةُ الْحُجُرَاتِ: 10] وَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "«لَا تَقَاطَعُوا وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» ) أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ [3] ." وَقَالَ: "«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ»" [4] .. وَقَالَ: "«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ; لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»" [5] . (1) (1) ن، م: قَالَ وَفِي الصَّحِيحِ أَيْضًا، س: قَالَ: وَفِي الصَّحِيحِ، ب: وَفِي الصَّحِيحِ وَلَعَلَّ الصَّوَابَ مَا أَثْبَتُّهُ. (2) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 7/77 (3) الْحَدِيثُ مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 8/19، 21 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ مَا يَنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ، بَابُ الْهِجْرَةِ وَقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثٍ) . مُسْلِمٌ 4/1983 (كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ، بَابُ تَحْرِيمِ التَّحَاسُدِ وَالتَّبَاغُضِ) ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 8/19 (الْمَوْضِعُ السَّابِقُ مُسْلِمٌ) 4/1985 - 1986 (كِتَابُ الْبِرِّ، بَابُ تَحْرِيمِ الظَّنِّ وَالتَّجَسُّسِ) ، وَالْحَدِيثُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/383 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابٌ فِيمَنْ يَهْجُرُ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ) ، وَهُوَ فِي التِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ وَالْمُسْنَدِ وَالْمُوَطَّأِ. (4) م: وَلَا يَشْتُمُهُ. وَالْحَدِيثُ بِهَذَا اللَّفْظِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي الْبُخَارِيِّ 9/22 (كِتَابُ الْإِكْرَاهِ، بَابُ يَمِينِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ أَنَّهُ أَخُوهُ) ، مُسْلِمٍ 4/1996 (كِتَابُ الْبِرِّ، بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ) سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/376 - 377 (كِتَابُ الْأَدَبِ، بَابُ الْمُؤَاخَاةِ) ، الْمُسْنَدِ "ط. الْمَعَارِفِ" 8/46 (5) الْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي الْأَلْفَاظِ - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْبُخَارِيِّ 1/12 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ مِنَ الْإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ) ، وَأَوَّلُهُ فِيهِ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ. . ." مُسْلِمٍ 1/67 - 68 (كِتَابُ الْإِيمَانِ، بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/26 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي الْإِيمَانِ) ، الْمُسْنَدِ "ط. الْحَلَبِيِّ" 3/176، 206، 251 وَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ وَأَمْثَالُهَا فِي الصِّحَاحِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ مُطْلَقَ الْمُؤَاخَاةِ لَا يَقْتَضِي [1] التَّمَاثُلَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَلَا يَقْتَضِي الْمُنَاسَبَةَ وَالْمُشَاكَلَةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ مِنْ بَعْضٍ [2] الْوُجُوهِ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلِمَ قِيلَ: إِنَّ مُؤَاخَاةَ عَلِيٍّ لَوْ كَانَتْ صَحِيحَةً اقْتَضَتِ الْإِمَامَةَ وَالْأَفْضَلِيَّةَ، مَعَ أَنَّ الْمُؤَاخَاةَ مُشْتَرَكَةٌ؟ وَثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الصِّحَاحِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ أَنَّهُ قَالَ: "«لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ. لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا سُدَّتْ، إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ. إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيْنَا فِي صُحْبَتِهِ وَذَاتِ يَدِهِ أَبُو بَكْرٍ»" [3] . وَفِي هَذَا إِثْبَاتُ خَصَائِصَ لِأَبِي بَكْرٍ لَا يُشْرِكُهُ [4] فِيهَا أَحَدٌ [غَيْرُهُ] [5] ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ مَنْ هُوَ أَحَبُّ إِلَيْهِ، وَلَا أَعْلَى مَنْزِلَةً عِنْدَهُ، وَلَا أَرْفَعَ دَرَجَةً، وَلَا أَكْثَرَ اخْتِصَاصًا بِهِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ. * كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ: قِيلَ لَهُ: [ «أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: "عَائِشَةُ" . قِيلَ: وَمِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: "أَبُوهَا»" [6] . وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عُمَرَ (1) س، ب: لَا تَقْتَضِي. (2) ن: كُلِّ، وَهُوَ خَطَأٌ. (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/512 (4) م: لَا يُشَارِكُهُ، ن: لَا تُشْرِكُوا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ ظَاهِرٌ. (5) غَيْرُهُ: زِيَادَةٌ فِي (م) . (6) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 4/303 أَنَّهُ قَالَ: أَنْتَ سَيِّدُنَا وَخَيْرُنَا وَأَحَبُّنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» - [1] . فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّتِي] * [2] [3] أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهَا وَتَلَقِّيهَا بِالْقَبُولِ، (3 وَلَمْ يَقْدَحْ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ الْعِلْمِ [4] تَبَيَّنَ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَحَبَّ إِلَيْهِ وَأَعْلَى عِنْدِهِ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ 3) [5] . وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَتِ الْمُؤَاخَاةُ دُونَ هَذِهِ الْمَرْتَبَةِ لَمْ تُعَارِضْهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَعْلَى كَانَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِ أَحَادِيثِ الْمُؤَاخَاةِ، وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهَا كَذِبٌ بِدُونِ هَذِهِ الْمُعَارَضَةِ. لَكِنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ تُبَيِّنُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَحَبَّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَلِيٍّ، وَأَعْلَى قَدْرًا عِنْدَهُ مِنْهُ وَمِنْ كَلِّ [6] مَنْ سِوَاهُ، وَشَوَاهِدُ هَذَا كَثِيرَةٌ [7] . وَقَدْ رَوَى بِضْعَةٌ وَثَمَانُونَ نَفْسًا عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ: "خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرَ" . رَوَاهَا الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - [8] . وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَلِيقُ بِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَإِنَّهُ مِنْ أَعْلَمِ الصَّحَابَةِ بِحَقِّ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَأَعْرَفِهِمْ بِمَكَانِهِمَا [9] مِنَ الْإِسْلَامِ، وَحُسْنِ تَأْثِيرِهِمَا فِي الدِّينِ، حَتَّى إِنَّهُ تَمَنَّى أَنْ يَلْقَى اللَّهَ بِمِثْلِ عَمَلِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ -. (1) سَبَقَ الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1/518 (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (ن) ، وَفِي (م) : فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ الَّذِي. . . (4) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (5) (3 - 3) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) . (6) ن، س، ب: وَكُلِّ. (7) م: وَشَوَاهِدُهُ أَكْثَرُ. (8) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا مَضَى 1، 12، 2/72 (9) م: بِمَكَانِهِ، وَهُوَ خَطَأٌ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ - وَغَيْرُهُ - مَرْفُوعًا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: "«هَذَانِ سَيِّدَا كُهُولِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخَرِينَ، لَا تُخْبِرْهُمَا يَا عَلِيُّ»" [1] .. وَهَذَا [2] الْحَدِيثُ وَأَمْثَالُهُ لَوْ عُورِضَ بِهَا أَحَادِيثُ الْمُؤَاخَاةِ وَأَحَادِيثُ الطَّيْرِ وَنَحْوُهُ ; لَكَانَتْ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَصَحَّ مِنْهَا، فَكَيْفَ إِذَا انْضَمَّ إِلَيْهَا سَائِرُ الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَا شَكَّ فِي صِحَّتِهَا؟ مَعَ الدَّلَائِلِ الْكَثِيرَةِ الْمُتَعَدِّدَةِ، الَّتِي تُوجِبُ عِلْمًا ضَرُورِيًّا لِمَنْ عَلِمَهَا، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ أَحَبَّ الصَّحَابَةِ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَفْضَلَ عِنْدَهُ مِنْ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَعَلِيٍّ وَغَيْرِهِمْ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَحْوَالِهِ أَعْلَمَ كَانَ بِهَذَا أَعْرَفَ، وَإِنَّمَا يَسْتَرِيبُ فِيهِ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ مِنَ الضَّعِيفَةِ ; فَأَمَّا [3] أَنْ يُصَدَّقَ الْكُلُّ أَوْ يُتَوَقَّفَ فِي الْكُلِّ. (1) رَوَى التِّرْمِذِيُّ الْحَدِيثَ مَرَّتَيْنِ - بِأَلْفَاظِ مُقَارِبَةٍ - 5/272 - 273 (كِتَابُ الْمَنَاقِبِ، بَابُ: 53) وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَنِ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ: (هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَالْوَلِيدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُوَقِّرِيُّ يُضَعَّفُ فِي الْحَدِيثِ، وَلَمْ يَسْمَعْ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ مِنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَفِي الْبَابِ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ) ، وَأَمَّا الطَّرِيقُ الْآخَرُ فَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَلَيْهِ التِّرْمِذِيُّ، وَأَوْرَدَ التِّرْمِذِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ 5/272 - 273 وَقَالَ عَنْهُ: "هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ" ، وَأَوْرَدَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِهِ "ط. الْمَعَارِفِ" 2/37 - 38 رَقْمُ 602 وَقَالَ عَنْهُ أَحْمَد شَاكِر رَحِمَهُ اللَّهُ: "إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ" . ثُمَّ قَالَ: وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَيْضًا التِّرْمِذِيُّ 4: 310 وَابْنُ مَاجَهْ 1: 25 - 26 بِإِسْنَادَيْنِ آخَرَيْنِ ضَعِيفَيْنِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ وَالَّذِي قَبْلَهُ مِنْ زِيَادَاتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ ". وَالْحَدِيثُ - مَعَ اخْتِلَافٍ فِي اللَّفْظِ - عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي: سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 1/387 (الْمُقَدِّمَةُ، بَابٌ فِي فَضَائِلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَضْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) ، وَصَحَّحَ الْأَلْبَانِيُّ الْحَدِيثَ فِي" صَحِيحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ "6/75 وَانْظُرْ مَجْمَعَ الزَّوَائِدِ لِلْهَيْثَمِيِّ 9/53" (2) ب: فَهَذَا. (3) م: وَإِمَّا. وَأَمَّا أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ الْفُقَهَاءُ فِيهِ فَيَعْلَمُونَ هَذَا عِلْمًا ضَرُورِيًّا. دَعْ هَذَا ; فَلَا رَيْبَ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ فِي الْأُمَّةِ لِسَانُ صِدْقٍ مِنْ عُلَمَائِهَا وَعُبَّادِهَا مُتَّفِقُونَ [1] عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادِهِ، قَالَ: "لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي تَفْضِيلِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - وَتَقْدِيمِهِمَا عَلَى جَمِيعِ الصَّحَابَةِ" [2] . وَكَذَلِكَ أَيْضًا لَمْ يَخْتَلِفْ عُلَمَاءُ الْإِسْلَامِ فِي ذَلِكَ، كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَأَحْمَدَ وَأَصْحَابِهِ، وَدَاوُدَ وَأَصْحَابِهِ، وَالثَّوْرِىِّ وَأَصْحَابِهِ، وَاللَّيْثِ وَأَصْحَابِهِ، وَالْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِهِ، وإِسْحَاقَ وَأَصْحَابِهِ، وَابْنِ جَرِيرٍ وَأَصْحَابِهِ، وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِهِ، وَكَمَا هُوَ قَوْلُ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ الْمَشْهُورِينَ، إِلَّا مَنْ لَا يَؤْبَهُ لَهُ [3] وَلَا يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ. وَمَا عَلِمْتُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ نِزَاعٌ مِنْ أَهْلِ الْفُتْيَا، إِلَّا مَا نُقِلَ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ أَنَّهُ كَانَ يُفَضِّلُ عَلِيًّا. وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا كَذِبٌ عَلَيْهِ. وَلَوْ صَحَّ هَذَا عَنْهُ لَمْ يُقْدَحْ فِيمَا نَقَلَهُ الشَّافِعِيُّ [4] مِنَ الْإِجْمَاعِ ; فَإِنَّ الْحَسَنَ بْنَ صَالِحٍ لَمْ يَكُنْ مِنَ التَّابِعِينَ وَلَا مِنَ الصَّحَابَةِ. وَالشَّافِعِيُّ ذَكَرَ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ عَلَى تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ، وَلَوْ قَالَهُ الْحَسَنُ، فَإِذَا أَخْطَأَ وَاحِدٌ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ إِمَامٍ أَوْ أَكْثَرَ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمُنْكِرٍ. وَلَيْسَ فِي شُيُوخِ الرَّافِضَةِ إِمَامٌ فِي شَيْءٍ مِنْ عُلُومِ الْإِسْلَامِ لَا عِلْمِ (1) م: يَتَّفِقُونَ. (2) سَتَرِدُ عِبَارَةُ الشَّافِعِيِّ مَرَّةً أُخْرَى فِي هَذَا الْجُزْءِ بِإِذْنِ اللَّهِ، ص 368 - 369 فَانْظُرْ كَلَامِي عَلَيْهَا هُنَاكَ. (3) م: مَنْ لَا يَثِقُ بِهِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) ن، س، ب: الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
__________________
|
#429
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (429) صـ 287 إلى صـ 296 الْحَدِيثِ وَلَا الْفِقْهِ وَلَا التَّفْسِيرِ وَلَا الْقُرْآنِ، بَلْ شُيُوخُ الرَّافِضَةِ إِمَّا جَاهِلٌ وَإِمَّا زِنْدِيقٌ، كَشُيُوخِ أَهْلِ الْكِتَابِ. بَلِ السَّابِقُونَ [1] الْأَوَّلُونَ وَأَئِمَّةُ السُّنَّةِ وَالْحَدِيثِ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَقْدِيمِ عُثْمَانَ، وَمَعَ هَذَا إِنَّهُمْ لَمْ يَجْتَمِعُوا عَلَى ذَلِكَ رَغْبَةً وَلَا رَهْبَةً، بَلْ مَعَ تَبَايُنِ آرَائِهِمْ وَأَهْوَائِهِمْ وَعُلُومِهِمْ، وَاخْتِلَافِهِمْ وَكَثْرَةِ اخْتِلَافَاتِهِمْ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ مَسَائِلِ الْعِلْمِ، فَأَئِمَّةُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - مُتَّفِقُونَ عَلَى هَذَا، ثُمَّ مَنْ بَعْدَهَمْ، كَمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْمَاجِشُونِ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ. وَمَالِكٌ يَحْكِي الْإِجْمَاعَ عَمَّنْ لَقِيَهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي تَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ. وَابْنِ جُرَيْجٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ وَسَعْدِ [2] بْنِ سَالِمٍ وَمُسْلِمِ بْنِ خَالِدٍ [3] ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ عُلَمَاءِ مَكَّةَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَالثَّوْرِيِّ، وَشَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى، وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الْكُوفَةِ، وَهِيَ دَارُ الشِّيعَةِ، حَتَّى كَانَ الثَّوْرِيُّ [4] يَقُولُ: مَنْ قَدَّمَ عَلِيًّا عَلَى أَبِي بَكْرٍ مَا أَرَى أَنْ يَصْعَدَ لَهُ إِلَى اللَّهِ عَمَلٌ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ [5] . وَحَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ وَحَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ وَسَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الْبَصْرَةِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ الشَّامِ، (1) س: مَعَ السَّابِقُونَ، وَهُوَ خَطَأٌ، ب: وَالسَّابِقُونَ. (2) ن، م: وَسَعِيدِ. (3) م: بْنِ سَالِمِ بْنِ خَالِدٍ. (4) ن، س، ب: الثَّوْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. (5) الْأَثَرُ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ 4/288 (كِتَابُ السُّنَّةِ، بَابٌ فِي التَّفْضِيلِ) ، وَنَصُّهُ: "مَنْ زَعَمَ أَنَّ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَحَقَّ بِالْوِلَايَةِ مِنْهُمَا فَقَدْ خَطَّأَ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ، وَمَا أَرَاهُ يَرْتَفِعُ لَهُ مَعَ هَذَا عَمَلٌ إِلَى السَّمَاءِ" وَاللَّيْثُ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ [1] . وَابْنُ وَهْبٍ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ عُلَمَاءِ مِصْرَ، ثُمَّ مِثْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ، وَوَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، وَمِثْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَبِي عُبَيْدٍ، وَمِثْلُ الْبُخَارِيِّ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَإِبْرَاهِيمَ الْحَرْبِيِّ، وَمِثْلُ الْفُضَيْلِ بْنِ عِيَاضٍ وَأَبِي سُلَيْمَانَ الدَّارَانِيِّ وَمَعْرُوفٍ الْكَرْخِيِّ، وَالسَّرِيِّ السَّقَطِيِّ وَالْجُنَيْدِ وَسَهْلِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيِّ، وَمَنْ لَا يُحْصِي عَدَدَهُ إِلَّا اللَّهُ، مِمَّنْ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ لِسَانُ صِدْقٍ، كُلُّهُمْ يَجْزِمُونَ بِتَقْدِيمِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، كَمَا يَجْزِمُونَ بِإِمَامَتِهِمَا، مَعَ فَرْطِ اجْتِهَادِهِمْ فِي مُتَابَعَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمُوَالَاتِهِ. فَهَلْ يُوجِبُ هَذَا إِلَّا مَا عَلِمُوهُ مِنْ تَقْدِيمِهِ هُوَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَتَفْضِيلِهِ لَهُمَا بِالْمَحَبَّةِ وَالثَّنَاءِ وَالْمُشَاوَرَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ التَّفْضِيلِ. [فصل البرهان التاسع والثلاثون "وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [2] .: "الْبُرْهَانُ التَّاسِعُ وَالثَّلَاثُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 172] [3] فِي [4] . كِتَابُ" الْفِرْدَوْسِ "" (1) م: وَعُمَرُ بْنُ الْحَارِثِ، وَهُوَ خَطَأٌ (2) فِي (ك) ص 166 (م) (3) فِي جَمِيعِ النُّسَخِ (. . . مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ) ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ صَحِيحَةٌ، وَفِي (ك) مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ. . .، الْآيَةَ. .، وَفِي (م) : ". . مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ. . . الْآيَةَ. ." (4) ك: مِنْ لِابْنِ شِيرَوَيْهِ يَرْفَعُهُ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَتَى سُمِّيَ عَلِيٌّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَنْكَرُوا فَضْلَهُ، سُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَآدَمُ بَيْنَ الرُّوحِ وَالْجَسَدِ. قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 172] [1] . قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: بَلَى، فَقَالَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - أَنَا رَبُّكُمْ، وَمُحَمَّدٌ نَبِيُّكُمْ، وَعَلِيٌّ أَمِيرُكُمْ» . وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابِ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: مَنْعُ الصِّحَّةِ، وَالْمُطَالَبَةُ بِتَقْرِيرِهَا. وَقَدْ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ عَلَى أَنَّ مُجَرَّدَ رِوَايَةِ صَاحِبِ "الْفِرْدَوْسِ" لَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ صَحِيحٌ، فَابْنُ شِيرَوَيْهِ الدَّيْلَمِيُّ الْهَمَذَانِيُّ ذَكَرَ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً صَحِيحَةً وَأَحَادِيثَ حَسَنَةً * وَأَحَادِيثَ مَوْضُوعَةً، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ، وَلَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَكْذِبُ هُوَ، لَكِنَّهُ نَقَلَ مَا فِي كُتُبِ النَّاسِ، وَالْكُتُبُ * [2] . فِيهَا الصِّدْقُ وَالْكَذِبُ، فَفَعَلَ [3] . كَمَا فَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فِي جَمْعِ الْأَحَادِيثِ: إِمَّا بِالْأَسَانِيدِ، وَإِمَّا مَحْذُوفَةَ الْأَسَانِيدِ. الثَّانِي: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ [4] . . (1) ن، س، ب: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا (2) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) (3) س، ب: فَعَلَ، ن: وَفَعَلَ (4) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ الثَّالِثُ: أَنَّ الَّذِي فِي الْقُرْآنِ أَنَّهُ قَالَ: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} لَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ النَّبِيِّ وَلَا الْأَمِيرِ، وَفِيهِ قَوْلُهُ: {أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [سُورَةُ الْأَعْرَافِ: 173] . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِيثَاقُ التَّوْحِيدِ خَاصَّةً ; لَيْسَ فِيهِ مِيثَاقُ النُّبُوَّةِ ; فَكَيْفَ مَا دُونَهَا؟ . الرَّابِعُ: أَنَّ الْأَحَادِيثَ الْمَعْرُوفَةَ فِي هَذَا، الَّتِي فِي الْمُسْنَدِ وَالسُّنَنِ وَالْمُوَطَّأِ [1] . وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ وَغَيْرِهَا، لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ هَذَا. وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْأَصْلِ لَمْ يُهْمِلْهُ جَمِيعُ النَّاسِ، وَيَنْفَرِدْ بِهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ صِدْقُهُ، بَلْ يُعْرَفُ أَنَّهُ كَذِبٌ. الْخَامِسُ: أَنَّ الْمِيثَاقَ أُخِذَ عَلَى جَمِيعِ الذُّرِّيَّةِ، فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ أَمِيرًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ كُلِّهِمْ، مَنْ نُوحٍ إِلَى مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وَهَذَا كَلَامُ الْمَجَانِينِ ; فَإِنَّ أُولَئِكَ مَاتُوا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ عَلِيًّا، فَكَيْفَ يَكُونُ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ؟ . وَغَايَةُ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى أَهْلِ زَمَانِهِ. أَمَّا الْإِمَارَةُ عَلَى مَنْ خُلِقَ قَبْلَهُ، وَعَلَى مَنْ يُخْلَقُ بَعْدَهُ، فَهَذَا مِنْ كَذِبِ مَنْ لَا يَعْقِلُ مَا يَقُولُ، وَلَا يَسْتَحِي فِيمَا يَقُولُ. [2] . وَمِنَ الْعَجَبِ أَنَّ هَذَا الْحِمَارَ الرَّافِضِيَّ الَّذِي [3] . هُوَ أَحْمَرُ مِنْ عُقَلَاءِ الْيَهُودِ، الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ فِيهِمْ: {مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا} [سُورَةُ الْجُمُعَةِ: 5] . وَالْعَامَّةُ مَعْذُورُونَ فِي (1) م: وَالسُّنَنِ وَنَحْوِهَا (2) س: وَلَا يَسْتَحِي فِيمَا يَقُولُ، ب: وَلَا يَسْتَحِي مِمَّا يَقُولُ (3) الَّذِي: لَيْسَتْ فِي (ب) قَوْلِهِمْ: الرَّافِضِيُّ حِمَارُ الْيَهُودِيِّ، وَذَلِكَ أَنَّ عُقَلَاءَ الْيَهُودِ يَعْلَمُونَ أَنَّ هَذَا مُمْتَنِعٌ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَأَنَّ هَذَا كَمَا يُقَالُ: خَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ تَحْتِهِمْ فَيُقَالُ [1] .: لَا عَقْلَ وَلَا قُرْآنَ. وَكَذَلِكَ كَوْنُ عَلِيٍّ أَمِيرًا عَلَى ذُرِّيَّةِ آدَمَ كُلِّهِمْ [2] .، وَإِنَّمَا وُلِدَ بَعْدَ مَوْتِ آدَمَ بِأُلُوفِ السِّنِينَ، وَأَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ الَّذِينَ هُمْ مُتَقَدِّمُونَ عَلَيْهِ فِي الزَّمَانِ وَالْمَرْتَبَةِ، وَهَذَا مِنْ جِنْسِ قَوْلِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ وَأَمْثَالِهِ مِنْ مَلَاحِدَةِ الْمُتَصَوِّفَةِ [3] . الَّذِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ كَانُوا يَسْتَفِيدُونَ الْعِلْمَ بِاللَّهِ مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَوْلِيَاءِ، الَّذِي وُجِدَ بَعْدَ مُحَمَّدٍ بِنَحْوِ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ [4] 206. فَدَعْوَى هَؤُلَاءِ فِي الْإِمَامَةِ مِنْ جِنْسِ دَعْوَى هَؤُلَاءِ فِي الْوِلَايَةِ، وَكِلَاهُمَا يَبْنِي أَمْرَهُ عَلَى الْكَذِبِ وَالْغُلُوِّ وَالشِّرْكَ وَالدَّعَاوِي الْبَاطِلَةِ، وَمُنَاقَضَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ سَلَفِ الْأُمَّةِ. ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْحِمَارَ الرَّافِضِيَّ يَقُولُ: "وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْبَابِ" فَهَلْ يَكُونُ هَذَا حُجَّةً عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أُولِي الْأَلْبَابِ؟ أَوْ يَحْتَجُّ بِهَذَا مَنْ يَسْتَحِقُّ [5] . (1) م: فَقَالَ (2) م: عَلَى كُلِّ الذُّرِّيَّةِ آدَمَ كُلِّهِمْ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ (3) م: مِنَ الْمَلَاحِدَةِ الصُّوفِيَّةِ (4) يُشِيرُ ابْنُ تَيْمِيَّةَ بِهَذَا إِلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَبِيٍّ الَّذِي زَعَمَ أَنَّهُ خَاتَمُ الْأَوْلِيَاءِ وَقَالَ فِي ذَلِكَ: أَنَا خَتْمُ الْوِلَايَةِ دُونَ شَكٍّ. . لِوِرْثِ الْهَاشِمِيِّ مَعَ الْمَسِيحِ وَيَقُولُ ابْنُ عَرَبِيٍّ (الْمُتَوَفَّى سَنَةَ: 669) فِي كِتَابِهِ "فُصُوصِ الْحِكَمِ" 1/62 ". . . وَهَذَا هُوَ أَعْلَى عِلْمٍ بِاللَّهِ، وَلَيْسَ هَذَا الْعِلْمُ إِلَّا لِخَاتَمِ الرُّسُلِ وَخَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ، وَمَا يَرَاهُ أَحَدٌ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ إِلَّا مِنْ مِشْكَاةِ الرَّسُولِ الْخَاتَمِ، حَتَّى أَنَّ الرُّسُلَ لَا يَرَوْنَهُ - مَتَى رَأَوْهُ - إِلَّا مِنْ مِشْكَاةِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ" . وَانْظُرْ "جَامِعَ الرَّسَائِلِ" لِابْنِ تَيْمِيَّةَ بِتَحْقِيقِي 1/205 - (5) ن، س، ب: أَوْ يَحْتَجُّ بِهَذَا فِي حَرِيرَةِ نَقْلِ مَنْ يَسْتَحِقُّ. . . إِلَخْ، م: أَوْ يَحْتَجُّ بِهَذَا فِي حَرَرِهِ نَقْلَ مَنْ يَسْتَحِقُّ، إِلَخْ، وَالْعِبَارَةُ مُحَرَّفَةٌ وَغَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ، وَرَأَيْتُ أَنَّ حَذْفَ عِبَارَةِ، "فِي حَرِيرَةِ نَقْلِ" يَسْتَقِيمُ بِهَا الْكَلَامُ أَوْ يُؤَهَّلُ لِلْخِطَابِ؟ فَضْلًا عَنْ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ فِي تَفْسِيقِ خِيَارِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَتَضْلِيلِهِمْ وَتَكْفِيرِهِمْ وَتَجْهِيلِهِمْ؟ . وَلَوْلَا أَنَّ هَذَا الْمُعْتَدِيَ الظَّالِمَ قَدِ اعْتَدَى عَلَى خِيَارِ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، وَسَادَاتِ أَهْلِ الْأَرْضِ، خَيْرِ خَلْقِ اللَّهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ اعْتِدَاءً يَقْدَحُ فِي الدِّينِ، وَيُسَلِّطُ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ، وَيُورِثُ الشُّبَهَ وَالضَّعْفَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - لَمْ يَكُنْ بِنَا حَاجَةٌ إِلَى كَشْفِ أَسْرَارِهِ، وَهَتْكِ أَسْتَارِهِ، وَاللَّهُ حَسِيبُهُ وَحَسِيبُ أَمْثَالِهِ. [فصل البرهان الأربعون "فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ" والجواب عليه] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ [1] .: "الْبُرْهَانُ الْأَرْبَعُونَ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ} [سُورَةُ التَّحْرِيمِ: 4] أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ عَلِيٌّ [2] . . رَوَى أَبُو نُعَيْمٍ بِإِسْنَادِهِ إِلَى أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، قَالَتْ: «سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْرَأُ هَذِهِ الْآيَةَ: {وَإِنْ تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} [قَالَ: صَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ] [3] . عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» ، وَاخْتِصَاصُهُ" (1) فِي (ك) ص 166 - 167 (م) (2) ك: عَلَى أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ (3) مَا بَيْنَ الْمَعْقُوفَتَيْنِ زِدْتُهُ مِنْ (ك) لِتَتَّضِحَ الْعِبَارَةُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهِ [1] .، فَيَكُونُ هُوَ الْإِمَامَ. وَالْآيَاتُ فِي هَذَا [2] . الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ، اقْتَصَرْنَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا [3] . لِلِاخْتِصَارِ "." وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُهُ: "أَجْمَعَ الْمُفَسِّرُونَ عَلَى أَنَّ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ هُوَ عَلِيٌّ" كَذِبٌ مُبِينٌ، فَإِنَّهُمْ لَمْ يُجْمِعُوا عَلَى هَذَا، وَلَا نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى هَذَا أَحَدٌ مِنْ عُلَمَاءِ التَّفْسِيرِ، وَلَا عُلَمَاءِ الْحَدِيثِ وَنَحْوِهِمْ. وَنَحْنُ نُطَالِبُهُمْ بِهَذَا النَّقْلِ، وَمَنْ نَقَلَ هَذَا الْإِجْمَاعَ؟ . الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: كُتُبُ التَّفْسِيرِ مَمْلُوءَةٌ بِنَقِيضِ هَذَا. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. وَذَكَرَ هَذَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ، كَابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ. وَقِيلَ: هُوَ أَبُو بَكْرٍ، رَوَاهُ مَكْحُولٌ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ. وَقِيلَ: عُمَرُ، قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ. وَقِيلَ: خِيَارُ الْمُؤْمِنِينَ، قَالَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ. وَقِيلَ: هُمُ الْأَنْبِيَاءُ، قَالَهُ قَتَادَةُ وَالْعَلَاءُ بْنُ زِيَادٍ وَسُفْيَانُ. وَقِيلَ: هُوَ عَلِيٌّ، حَكَاهُ الْمَاوَرْدِيُّ، وَلَمْ يُسَمِّ قَائِلَهُ، فَلَعَلَّهُ بَعْضُ الشِّيعَةِ [4] . . (1) م: أَفْضَلِيَّةٍ (2) ك. . . الْإِمَامَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَالْآيَاتُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَا (3) ن، س، ب: عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ (4) ذَكَرَ هَذِهِ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي "زَادِ الْمَسِيرِ" 8: 310 - 311 وَفِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ 28/105 "ط. بُولَاقَ" ، ذَكَرَ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ، وَفِي تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ 8/192 وَكَذَا قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَعِكْرِمَةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ، وَالضَّحَّاكُ وَغَيْرُهُمْ: (وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، زَادَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: وَعُثْمَانُ، وَقَالَ لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: (وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ) قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَجُلٌ ثِقَةٌ يَرْفَعُهُ إِلَى عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَوْلُهُ: "وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ" قَالَ: "هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ" إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَهُوَ مُنْكَرٌ جِدًّا الثَّالِثُ: أَنْ يُقَالَ: لَمْ يَثْبُتْ [هَذَا] [1] . الْقَوْلُ بِتَخْصِيصِ عَلِيٍّ بِهِ عَمَّنْ قَوْلُهُ حُجَّةٌ. وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ دَلَالَةً عَلَى صِحَّتِهِ [2] . . وَمُجَرَّدُ رِوَايَةِ أَبِي نُعَيْمٍ لَهُ لَا تَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ. الرَّابِعُ: أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} اسْمٌ يَعُمُّ كُلَّ صَالِحٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ آلَ أَبِي فُلَانٍ لَيْسُوا لِي بِأَوْلِيَاءَ، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» "[3] ." الْخَامِسُ: أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ صَالِحَ الْمُؤْمِنِينَ مَوْلَى [4] . رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاهُ، وَالْمَوْلَى يُمْنَعُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْمُوَالَى عَلَيْهِ [5] .، فَلَمْ يَبْقَ الْمُرَادُ بِهِ إِلَّا الْمُوَالِي. وَمِنَ الْمَعْلُومِ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ صَالِحًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ كَانَ مُوَالِيًا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَطْعًا، فَإِنَّهُ [لَوْ] لَمْ يُوَالِهِ [6] . لَمْ يَكُنْ مِنْ صَالِحِ الْمُؤْمِنِينَ، بَلْ قَدْ يُوَالِيهِ الْمُؤْمِنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَالِحًا، لَكِنْ لَا تَكُونُ مُوَالَاةً كَامِلَةً. وَأَمَّا الصَّالِحُ فَيُوَالِيهِ مُوَالَاةً كَامِلَةً، فَإِنَّهُ إِذَا كَانَ صَالِحًا أَحَبَّ مَا أَحَبَّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَبْغَضَ مَا أَبْغَضَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَأَمَرَ بِمَا أَمَرَ بِهِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَنَهَى عَمَّا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَرَسُولُهُ. وَهَذَا يَتَضَمَّنُ الْمُوَالَاةَ. (1) هَذَا: زِيَادَةٌ فِي (م) (2) لَمْ أَجِدْ هَذَا الْحَدِيثَ (3) سَبَقَ هَذَا الْحَدِيثُ فِي هَذَا الْجُزْءِ، ص 76 (4) م: وَلِيَّ (5) س، ب: الْمَوْلَى عَلَيْهِ (6) ن، س: فَإِنَّهُ لَمْ يُوَالِهِ، ب: فَإِنْ لَمْ يُوَالِهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِابْنِ عُمَرَ: "«إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ رَجُلٌ صَالِحٌ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ»" فَمَا نَامَ بَعْدَهَا [1] . . وَقَالَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ: "«إِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا»" [2] . وَأَمَّا قَوْلُهُ: "وَالْآيَاتُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ" [3] . فَغَايَتُهُ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ مِنْ جِنْسِ الْمَذْكُورِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ خُلَاصَةُ مَا عِنْدَهُمْ، وَبَابُ الْكَذِبِ لَا يَنْسَدُّ. وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَابِلُ كَذِبَهُمْ بِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الْكَذِبِ [4] .، وَلَكِنَّ اللَّهَ يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ، وَلِلْكَذَّابِينَ الْوَيْلُ مِمَّا يَصِفُونَ (1) هَذَا جُزْءٌ مِنْ حَدِيثِ طَوِيلٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جَاءَ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْهَا 9/40، 40 - 41، (كِتَابُ التَّعْبِيرِ، بَابُ الْأَمْنِ وَذَهَابِ الرَّوْعِ، بَابُ الْأَخْذِ عَلَى الْيَمِينِ فِي النَّوْمِ) وَأَوَّلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ، (إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُصُّونَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. .، الْحَدِيثَ، وَجَاءَ الْحَدِيثُ فِي الْبُخَارِيِّ بِأَلْفَاظٍ أُخْرَى وَسِيَاقٍ آخَرَ 2/69 (كِتَابُ التَّهَجُّدِ، بَابُ: فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى) ، وَهُوَ فِي مُسْلِمٍ 4/1927 - 1928 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ، بَابٌ: مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ) ، وَأَوَّلُهُ فِيهِ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ" ، سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ 2/1291 (كِتَابُ تَعْبِيرِ الرُّؤْيَا) ، الْمُسْنَدِ "ط. الْمَعَارِفِ" 9/148 - 150 رَقْمُ 6330 (2) الْحَدِيثُ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: مُسْلِمٍ 4/1884 - 1885 (كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ بَابُ فَضَائِلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ. .) ، وَنَصُّهُ: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ - يُرِيدُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لَهَا، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَأَحَبَّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَايْمُ اللَّهِ إِنَّ هَذَا لَهَا لَخَلِيقٌ يُرِيدُ - أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ - وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَأَحَبَّهُمْ إِلَيَّ مِنْ بَعْدِهِ، فَأُوصِيكُمْ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ صَالِحِيكُمْ" . (3) ن، م: الْآيَاتُ فِيمَا ذَكَرْنَا كَثِيرَةٌ، س: وَالْآيَاتُ فِيمَا ذَكَرْنَاهُ كَثِيرَةٌ (4) ن، س: وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَاتِلُ لَدَيْهِمْ مَا يَقْدِرُوهُ مِنَ الْكَذِبِ، م: وَلِهَذَا كَانَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يُقَاتِلُ مَا لَدَيْهِمْ بِمَا يَقْدِرُوهُ مِنَ الْكَذِبِ، وَكُلُّهُ تَحْرِيفٌ وَمَا ذَكَرَ وَقَالَ: "أُرِيدَ بِهِ عَلِيٌّ" إِذَا ذُكِرَ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ أَوْ عُمَرُ أَوْ عُثْمَانُ، لَمْ يَكُنْ هَذَا الْقَوْلُ بِأَبْعَدَ مِنْ قَوْلِهِمْ، بَلْ يُرَجَّحُ عَلَى قَوْلِهِ، لَا سِيَّمَا فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ. وَإِذَا [1] . قَالَ: فَهَذَا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ، بِخِلَافِ قَوْلِنَا. كَانَ الْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذَا مَمْنُوعٌ، بَلْ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَخُصُّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ بِبَعْضِ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْآيَاتِ وَغَيْرِهِمَا. الثَّانِي: أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ: خَصَّ هَذَا بِوَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، إِذَا أَمْكَنَ غَيْرَهُ أَنْ يَخُصَّهُ بِآخِرَ، تَكُونُ حُجَّتُهُ مِنْ جِنْسِ حُجَّتِهِ، فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِ قَوْلِهِ. وَإِنْ كَانَ لَمْ يَقُلْهُ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا كَذَبَ كِذْبَةً [لَمْ] [2] يُمْكِنْ مُقَابَلَتُهَا بِمِثْلِهَا [3] .، وَلَمْ يُمْكِنْهُ دَفْعُ هَذَا إِلَّا بِمَا يَدْفَعُ بِهِ قَوْلَهَ، وَوَجَبَ: إِمَّا تَصْدِيقُ الِاثْنَيْنِ، وَإِمَّا كَذِبُ الِاثْنَيْنِ. كَالْحِكَايَةِ الْمَشْهُورَةِ عَنْ قَاسِمِ بْنِ زَكَرِيَّا الْمُطَرِّزِ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى بَعْضِ الشِّيعَةِ - وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ عَبَّادُ بْنُ يَعْقُوبَ - فَقَالَ لِي: مَنْ حَفَرَ الْبَحْرَ؟ فَقُلْتُ: اللَّهُ تَعَالَى. فَقَالَ: تَقُولُ مَنْ حَفَرَهُ؟ قُلْتُ: مَنْ حَفَرَهُ؟ قَالَ: عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. قَالَ: مَنْ جَعَلَ فِيهِ الْمَاءَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ. قَالَ: تَقُولُ مَنْ هُوَ الَّذِي جَعَلَ فِيهِ الْمَاءَ؟ قُلْتُ: مَنْ هُوَ؟ قَالَ: الْحَسَنُ. قَالَ: فَلَمَّا أَرَدْتُ أَنْ أَقُومَ، قَالَ: "مَنْ حَفَرَ الْبَحْرَ؟ قُلْتُ: مُعَاوِيَةُ، قَالَ: وَمَنْ [الَّذِي] [4] . جَعَلَ فِيهِ الْمَاءَ؟ قُلْتُ: يَزِيدُ. فَغَضِبَ مِنْ ذَلِكَ وَقَامَ." (1) س، ب: فَإِذَا (2) لَمْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) . (3) بِمِثْلِهَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) (4) الَّذِي: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م)
__________________
|
#430
|
||||
|
||||
![]() منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية أبو العباس أحمد ابن تيمية الحنبلي الدمشقي المجلد السابع الحلقة (430) صـ 297 إلى صـ 306 وَكَانَ غَرَضُ الْقَاسِمِ أَنْ يَقُولَ: هَذَا الْقَوْلُ مِثْلُ قَوْلِكَ، وَأَنْتَ تَكْرَهُ ذَلِكَ وَتَدْفَعُهُ، وَبِمَا بِهِ يُدْفَعُ ذَلِكَ يُدْفَعُ بِهِ قَوْلُكَ [1] . . وَكَذَلِكَ مَا تَذْكُرُهُ النَّاسُ مِنَ الْمُعَارَضَاتِ لِتَأْوِيلَاتِ الْقَرَامِطَةِ وَالرَّافِضَةِ وَنَحْوِهِمْ. كَقَوْلِهِمْ فِي قَوْلِهِ: {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [سُورَةُ التَّوْبَةِ: 12] طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَمُعَاوِيَةُ. فَيُقَابَلُ هَذَا بِقَوْلِ الْخَوَارِجِ: إِنَّهُمْ عَلِيٌّ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ. وَكُلُّ هَذَا بَاطِلٌ، لَكِنَّ الْغَرَضَ أَنَّهُمْ يُقَابَلُونَ بِمِثْلِ حُجَّتِهِمْ، وَالدَّلِيلُ عَلَى فَسَادِهَا يَعُمُّ النَّوْعَيْنِ، فَعُلِمَ بُطْلَانُ الْجَمِيعِ. [المنهج الثالث عند الرافضي في الأدلة المستندة إلى السنة على إمامة علي رضي الله عنه] [الأول لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ] فَصْلٌ قَالَ الرَّافِضِيُّ: [2] "الْمَنْهَجُ الثَّالِثُ فِي الْأَدِلَّةِ الْمُسْتَنِدَةِ [3] . إِلَى السُّنَّةِ الْمَنْقُولَةِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهِيَ اثْنَا عَشَرَ." الْأَوَّلُ: «مَا نَقَلَهُ النَّاسُ كَافَّةً أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 214] جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فِي دَارِ أَبِي طَالِبٍ [4] ، وَهُمْ أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَأَمَرَ أَنْ يُصْنَعَ لَهُمْ فَخِذُ شَاةٍ [5] . مَعَ مُدٍّ مِنَ الْبُرِّ [6] . وَيُعَدَّ لَهُمْ (1) س، ب: وَمَا بِهِ تَدْفَعُ ذَلِكَ فَيُدْفَعُ بِهِ قَوْلُكَ: م: وَبِمَا بِهِ يُدْفَعُ ذَلِكَ وَيُدْفَعُ بِهِ قَوْلُكَ (2) عِبَارَةُ "قَالَ الرَّافِضِيُّ" ، سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) وَالْكَلَامُ التَّالِي فِي (ك) ص 167 (م) ، 168 (م) . (3) م، س، ب: الْمُسْنَدَةِ (4) ك: أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ. (5) ن، م، س، ب: أَرْبَعُونَ رَجُلًا وَامْرَأَتَانِ فَصَنَعَ لَهُمْ طَعَامًا وَأَخَذَ شَاةً (6) م: شَامِدٌ مِنَ الْبُرِّ، س، ب: مَعَ مِنَ الْبُرِّ صَاعٌ [1] . مِنَ اللَّبَنِ، وَكَانَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَأْكُلُ الْجَذَعَةَ فِي مَقْعَدٍ وَاحِدٍ، وَيَشْرَبُ الْفَرَقَ [2] . مِنَ الشَّرَابِ فِي ذَلِكَ الْمَقَامِ، فَأَكَلَتِ الْجَمَاعَةُ كُلُّهُمْ [3] . مِنْ ذَلِكَ [الطَّعَامِ] [4] . الْيَسِيرِ حَتَّى شَبِعُوا، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ مَا أَكَلُوهُ [5] .، فَبَهَرَهُمْ [النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -] بِذَلِكَ [6] .، وَتَبَيَّنَ لَهُمْ آيَةُ نُبُوَّتِهِ [7] .، فَقَالَ [8] .: يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي [بِالْحَقِّ] [9] . إِلَى الْخَلْقِ كَافَّةً، وَبَعَثَنِي إِلَيْكُمْ خَاصَّةً، فَقَالَ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى كَلِمَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَنِ فِي الْمِيزَانِ، تَمْلِكُونَ بِهِمَا) [10] . الْعَرَبَ وَالْعَجَمَ، وَتَنْقَادُ [11] . لَكُمْ بِهِمَا [12] . الْأُمَمُ، وَتَدْخُلُونَ بِهِمَا الْجَنَّةَ، وَتَنْجُونَ بِهِمَا مِنَ النَّارِ: شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، فَمَنْ يُجِبْنِي إِلَى هَذَا الْأَمْرِ، وَيُؤَازِرْنِي عَلَى الْقِيَامِ بِهِ يَكُنْ (1) م: وَأَبْعَدُ لَهُمْ صَاعًا، س، ب: وَبَعْدُكُمْ صَاعًا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ (2) ك: الْقِرَبَ، وَالْفَرَقُ، بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالرَّاءِ مِكْيَالٌ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا (3) ك: كُلُّهَا (4) الطَّعَامِ: فِي (ك) فَقَطْ وَسَقَطَتْ مِنْ سَائِرِ النُّسَخِ (5) س، ب: مَا أَكَلُوا (6) ن، م، س، ب: فَبَهَرَهُمْ ذَلِكَ، وَالْمُثْبَتُ مِنْ (ك) (7) م: وَتَبَيَّنَ لَهُمْ نُبُوَّتُهُ، س: وَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ثُبُوتُهُ، ب: وَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي نُبُوَّتِهِ (8) ك: ثُمَّ قَالَ (9) بِالْحَقِّ: فِي (ك) فَقَطْ (10) ن، م: بِهَا (11) س: وَتُقَادُ (12) م: بِهَا أَخِي وَوَزِيرِي، وَوَصِيِّي [1] . وَوَارِثِي، وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي. فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ. فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أُؤَازِرُكَ [2] . عَلَى هَذَا الْأَمْرِ. فَقَالَ: اجْلِسْ. ثُمَّ أَعَادَ الْقَوْلَ عَلَى الْقَوْمِ ثَانِيَةً [3] . فَصَمَتُوا. فَقَالَ عَلِيٌّ: فَقُمْتُ [4] . فَقُلْتُ مِثْلَ مَقَالَتِي الْأُولَى، فَقَالَ: اجْلِسْ، ثُمَّ أَعَادَ الْقَوْلَ ثَالِثَةً [5] .، فَلَمْ يَنْطِقْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِحَرْفٍ، فَقُمْتُ فَقُلْتُ: أَنَا أُؤَازِرُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ. فَقَالَ: اجْلِسْ فَأَنْتَ أَخِي وَوَزِيرِي. وَوَصِيِّي [6] . وَوَارِثِي، وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي. فَنَهَضَ الْقَوْمُ وَهُمْ يَقُولُونَ لِأَبِي طَالِبٍ: لِيَهْنِئْكَ [7] . الْيَوْمَ أَنْ دَخَلْتَ فِي دِينِ ابْنِ أَخِيكَ، فَقَدْ جَعَلَ ابْنَكَ أَمِيرًا [8] . عَلَيْكَ» . وَالْجَوَابُ مِنْ وُجُوهٍ: الْأَوَّلُ: الْمُطَالَبَةُ بِصِحَّةِ النَّقْلِ. وَمَا ادَّعَاهُ مِنْ نَقْلِ النَّاسِ كَافَّةَ مِنْ أَظْهَرِ الْكَذِبِ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ [9] .، فَإِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ لَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمُسْلِمِينَ الَّتِي يَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا عِلْمَ النَّقْلِ: لَا فِي الصِّحَاحِ وَلَا فِي الْمَسَانِدِ) [10] . وَالسُّنَنِ وَالْمَغَازِي وَالتَّفْسِيرِ الَّتِي (1) ك: يَكُنْ أَخِي وَصِيِّي وَوَزِيرِي (2) ك: فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أُؤَازِرُكَ (3) س، ب: ثَانِيًا (4) ك: فَقَالَ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقُمْتُ (5) ك: (ص 168 م) : ثُمَّ أَعَادَ عَلَى الْقَوْمِ مَقَالَتَهُ ثَالِثَةً (6) ك: فَأَنْتَ أَخِي وَصِيِّي وَوَزِيرِي (7) ك: لِأَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِيَهْنِئْكَ فِي (ن، س، بِكَ لِيَهْنِكَ) (8) س، ب: وَزِيرًا (9) م: بِالنَّقْلِ (10) م: الْمَسَانِيدِ يُذْكَرُ فِيهَا الْإِسْنَادُ الَّذِي يُحْتَجُّ بِهِ [1] .، وَإِذَا كَانَ فِي بَعْضِ كُتُبِ التَّفْسِيرِ الَّتِي يُنْقَلُ مِنْهَا [2] . الصَّحِيحُ وَالضَّعِيفُ، مِثْلِ تَفْسِيرِ الثَّعْلَبِيِّ وَالْوَاحِدِيِّ وَالْبَغَوِيِّ، بَلْ وَابْنِ جَرِيرٍ وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدُ رِوَايَةِ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ دَلِيلًا عَلَى صِحَّتِهِ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ ; فَإِنَّهُ إِذَا عُرِفَ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْقُولَاتِ فِيهَا صَحِيحٌ وَضَعِيفٌ، فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ أَنَّ هَذَا الْمَنْقُولَ مِنْ قِسْمِ الصَّحِيحِ دُونَ الضَّعِيفِ. وَهَذَا الْحَدِيثُ غَايَتُهُ أَنْ يُوجَدَ فِي بَعْضِ [3] . كُتُبِ التَّفْسِيرِ الَّتِي فِيهَا الْغَثُّ وَالسَّمِينُ، وَفِيهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَوْضُوعَةٌ مَكْذُوبَةٌ، مَعَ أَنَّ كُتُبَ التَّفْسِيرِ الَّتِي يُوجَدُ [4] فِيهَا هَذَا [5] . مِثْلُ [6] . تَفْسِيرِ ابْنِ جَرِيرٍ، وَابْنِ أَبِي حَاتِمٍ، وَالثَّعْلَبِيِّ، وَالْبَغَوِيِّ، يُنْقَلُ فِيهَا بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ مَا يُنَاقِضُ هَذَا، مِثْلَ بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ الَّذِينَ ذَكَرُوا هَذَا فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا * مَعَ ذَلِكَ بِالْأَسَانِيدِ الصَّحِيحَةِ الثَّابِتَةِ الَّتِي اتَّفَقَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى صِحَّتِهَا مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ هَؤُلَاءِ الْمُفَسِّرُونَ ذَكَرُوا * [7] . ذَلِكَ عَلَى عَادَتِهِمْ فِي أَنَّهُمْ يَنْقُلُونَ مَا ذُكِرَ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ مِنَ الْمَنْقُولَاتِ الصَّحِيحَةِ وَالضَّعِيفَةِ، وَلِهَذَا يَذْكُرُ أَحَدُهُمْ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ عِدَّةَ أَقْوَالٍ ; لِيَذْكُرَ (1) انْظُرْ كَلَامَ ابْنِ تَيْمِيَّةَ التَّالِي بَعْدَ صَفَحَاتٍ، وَيُذْكَرُ فِيهِ وُرُودُ هَذَا الْحَدِيثِ الْمَوْضُوعِ فِي تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ، وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي كُتُبِ السُّنَّةِ الَّتِي رَجَعْتُ إِلَيْهَا (2) ب: فِيهَا (3) بَعْضِ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) (4) يُوجَدُ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) . (5) هَذَا: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) (6) م: الَّتِي فِيهَا مِثْلُ هَذَا (7) مَا بَيْنَ النَّجْمَتَيْنِ سَاقِطٌ مِنْ (م) أَقْوَالَ النَّاسِ وَمَا نَقَلُوهُ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ هُوَ الصَّحِيحَ، وَبَعْضُهُ كَذِبٌ، وَإِذَا احْتَجَّ بِمِثْلِ هَذَا الضَّعِيفِ [1] . وَأَمْثَالِهِ وَاحِدٌ بِذِكْرِ [2] . بَعْضِ مَا نُقِلَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ مِنَ الْمَنْقُولَاتِ، وَتَرْكِ سَائِرِ مَا يُنْقَلُ مِمَّا يُنَاقِضُ ذَلِكَ - كَانَ هَذَا مِنْ أَفْسَدِ الْحُجَجِ كَمَنِ احْتَجَّ بِشَاهِدٍ يَشْهَدُ لَهُ، وَلَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، بَلْ ثَبَتَ جَرْحُهُ، وَقَدْ نَاقَضَهُ عُدُولٌ كَثِيرُونَ [3] . يَشْهَدُونَ بِمَا يُنَاقِضُ شَهَادَتَهُ، أَوْ يَحْتَجُّ [4] . بِرِوَايَةِ وَاحِدٍ لَمْ تَثْبُتْ عَدَالَتُهُ، بَلْ ثَبَتَ جَرْحُهُ وَيَدَعُ رِوَايَاتِ [5] . كَثِيرِينَ عُدُولٍ وَقَدْ رَوَوْا [6] . مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ. بَلْ لَوْ قُدِّرَ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ وَقَدْ رَوَى آخَرُونَ مِنْ أَهْلِ الثِّقَةِ وَالْعَدَالَةِ مَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ لَوَجَبَ النَّظَرُ فِي الرِّوَايَتَيْنِ: أَيُّهُمَا أَثْبَتُّ وَأَرْجَحُ؟ فَكَيْفَ إِذَا كَانَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالنَّقْلِ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّ الرِّوَايَاتِ الْمُنَاقِضَةَ [7] . لِهَذَا الْحَدِيثِ هِيَ الثَّابِتَةُ الصَّحِيحَةُ، بَلْ هَذَا الْحَدِيثُ مُنَاقِضٌ لِمَا [8] . عُلِمَ بِالتَّوَاتُرِ، وَكَثِيرٌ [9] . مِنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ لَمْ يَذْكُرُوا [10] . هَذَا بِحَالٍ لِعِلْمِهِمْ أَنَّهُ بَاطِلٌ. (1) ن: الصِّنْفِ (2) ن، س: يَذْكُرُ، ب: فَذَكَرَ (3) س، ب: عَدَدٌ كَثِيرُونَ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ (4) م: وَيَحْتَجُّ (5) ن، م: رِوَايَةً (6) م: قَدْ رَدُّوا، وَهُوَ تَحْرِيفٌ (7) الْمُنَاقَضَةَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (م) (8) ن: مُنَاقِضٌ مَا، م: يُنَاقِضُ مَا (9) وَكَثِيرٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب) (10) ب: مِنْ أَئِمَّةِ التَّفْسِيرِ الَّذِينَ لَمْ يَذْكُرُوا الثَّانِي: أَنَّا نَرْضَى مِنْهُ مِنْ هَذَا النَّقْلِ الْعَامِّ بِأَحَدِ شَيْئَيْنِ: إِمَّا بِإِسْنَادٍ يَذْكُرُهُ مِمَّا يَحْتَجُّ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي مَسَائِلِ النِّزَاعِ، وَلَوْ أَنَّهُ مَسْأَلَةٌ فَرْعِيَّةٌ، وَإِمَّا قَوْلُ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ الَّذِينَ يَعْتَمِدُ النَّاسُ عَلَى تَصْحِيحِهِمْ. فَإِنَّهُ لَوْ تَنَاظَرَ فَقِيهَانِ فِي فَرْعٍ مِنَ الْفُرُوعِ، لَمْ تَقُمِ الْحُجَّةُ عَلَى الْمُنَاظَرَةِ [1] . إِلَّا بِحَدِيثٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ مُسْنَدٌ إِسْنَادًا تَقُومُ بِهِ الْحُجَّةُ، أَوْ يُصَحِّحُهُ مَنْ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ فَأَمَّا إِذَا لَمْ يُعْلَمُ إِسْنَادُهُ، وَلَمْ يُثْبِتْهُ [2] . أَئِمَّةُ النَّقْلِ، فَمِنْ أَيْنَ يُعْلَمُ؟ لَا سِيَّمَا فِي مَسَائِلِ الْأُصُولِ الَّتِي يُبْنَى عَلَيْهَا الطَّعْنُ فِي سَلَفِ الْأُمَّةِ وَجُمْهُورِهَا، وَيُتَوَسَّلُ بِذَلِكَ إِلَى هَدْمِ قَوَاعِدِ الْمَسْأَلَةِ، فَكَيْفَ يُقْبَلُ [3] . فِي مِثْلِ ذَلِكَ حَدِيثٌ لَا يُعْرَفُ إِسْنَادُهُ وَلَا يُثْبِتُهُ أَئِمَّةُ النَّقْلِ [4] . وَلَا يُعْرَفُ أَنَّ عَالِمًا صَحَّحَهُ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْحَدِيثُ كَذِبٌ [5] . عِنْدِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ بِالْحَدِيثِ فَمَا مِنْ عَالِمٍ يَعْرِفُ الْحَدِيثَ إِلَّا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَذِبٌ مَوْضُوعٌ [6] .، وَلِهَذَا لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ فِي الْكُتُبِ الَّتِي يُرْجَعُ إِلَيْهَا فِي الْمَنْقُولَاتِ لِأَنَّ أَدْنَى مَنْ لَهُ مَعْرِفَةٌ بِالْحَدِيثِ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا كَذِبٌ. وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَغَوِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ فَهْدٍ، أَبُو مَرْيَمَ الْكُوفِيُّ [7] .، وَهُوَ مُجْمَعٌ عَلَى تَرْكِهِ، كَذَّبَهُ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَبُو (1) ب: الْمُنَاظِرِ (2) ن، س: وَلَا يُثْبِتُهُ، م: وَلَا ثَبَتَتْهُ (3) ن: كَيْفَ يُقْبَلُ، س، ب: كَيْفَ يُنْقَلُ (4) عِبَارَةٌ "وَلَا يُثْبِتُهُ أَئِمَّةُ النَّقْلِ" ، سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، وَسَقَطَتْ "وَلَا يُثْبِتُهُ" مِنْ (س) ، و (ب) (5) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) (6) سَاقِطٌ مِنْ (س) ، (ب) (7) قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ "ط. بُولَاقَ" 19/74، قَالَ: "ثنا سَلَمَةُ" ، قَالَ ثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ. . إِلَخْ دَاوُدَ، وَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، عَامَّةُ أَحَادِيثَ بَوَاطِيلُ [1] . قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ، قَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَأَبُو حَاتِمٍ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ الْبُسْتِيُّ: كَانَ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ قَاسِمٍ يَشْرَبُ الْخَمْرَ حَتَّى يَسْكَرَ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يُقَلِّبُ الْأَخْبَارَ، لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ، وَتَرَكَهُ أَحْمَدُ، وَيَحْيَى [2] . وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهُ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، وَهُوَ لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ فِيهِ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ: لَيْسَ بِشَيْءٍ رَافِضِيٌّ خَبِيثٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: ضَعِيفٌ [3] . وَإِسْنَادُ الثَّعْلَبِيِّ أَضْعَفُ ; لِأَنَّ فِيهِ مَنْ لَا يُعْرَفُ، وَفِيهِ مِنَ الضُّعَفَاءِ وَالْمُتَّهَمِينَ [4] . مَنْ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِهِ فِي أَقَلِّ مَسْأَلَةٍ. (1) س، ب: بَوَاطِلَ (2) انْظُرْ تَرْجَمَةَ أَبِي مَرْيَمَ عَبْدِ الْغَفَّارِ بْنِ الْقَاسِمِ فِي: مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ 2/640 - 641 لِسَانِ الْمِيزَانِ 4/42 - 43 وَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَوْضُوعَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ (ط. الشُّعَبِ) 6/180 نَقْلًا عَنِ الطَّبَرِيِّ وَقَالَ: "تَفَرَّدَ بِهَذَا السِّيَاقِ عَبْدُ الْغَفَّارِ بْنُ الْقَاسِمِ أَبِي مَرْيَمَ، وَهُوَ مَتْرُوكٌ كَذَّابٌ شِيعِيٌّ، اتَّهَمَهُ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرُهُ بِوَضْعِ الْحَدِيثِ، وَضَعَّفَهُ الْأَئِمَّةُ رَحِمَهُمُ اللَّهُ" . (3) هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ التَّمِيمِيُّ الرَّازِيُّ، قَالَ عَنْهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ، ق 2 م [0 - 9] ص [0 - 9] 04 "رَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ، وَعُبَيْدٍ الْمُكْتِبِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، وَلَيْثِ بْنِ أَبِي سُلَيْمٍ، وَرَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ. . .) ، وَقَالَ الذَّهَبِيُّ فِي (مِيزَانِ الِاعْتِدَالِ) 2/457: (كُوفِيٌّ رَافِضِيٌّ، نَزَلَ الرَّيَّ، رَوَى عَنِ الْأَعْمَشِ وَغَيْرِهِ. قَالَ يَحْيَى: لَيْسَ بِشَيْءٍ، رَافِضِيُّ خَبِيثٌ، وَقَالَ النَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُ: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْقُدُّوسِ، وَكَانَ خَشَبِيًّا) ." (4) م: الضِّعَافِ الْمُتَّهَمِينَ الرَّابِعُ: أَنَّ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يَبْلُغُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ ; فَإِنَّهَا نَزَلَتْ بِمَكَّةَ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ، ثُمَّ وَلَا بَلَغُوا أَرْبَعِينَ رَجُلًا فِي مُدَّةِ حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ; فَإِنَّ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَمْ يُعَقِّبْ مِنْهُمْ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: الْعَبَّاسُ، وَأَبُو طَالِبٍ، وَالْحَارِثُ، وَأَبُو لَهَبٍ. وَجَمِيعُ وَلَدِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، وَلَمْ يُدْرِكِ [1] . النُّبُوَّةَ مِنْ عُمُومَتِهِ إِلَّا أَرْبَعَةٌ: الْعَبَّاسُ، وَحَمْزَةُ، وَأَبُو طَالِبٍ وَأَبُو لَهَبٍ. فَآمَنُ اثْنَانِ، وَهُمَا: حَمْزَةُ، وَالْعَبَّاسُ [2] ، وَكَفَرَ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا نَصَرَهُ وَأَعَانَهُ، وَهُوَ أَبُو طَالِبٍ، وَالْآخَرُ عَادَاهُ وَأَعَانَ أَعْدَاءَهُ، وَهُوَ أَبُو لَهَبٍ. وَأَمَّا الْعُمُومَةُ وَبَنُو الْعُمُومَةِ، فَأَبُو طَالِبٍ كَانَ لَهُ أَرْبَعَةُ بَنِينَ: طَالِبٌ، وَعَقِيلٌ، وَجَعْفَرٌ، وَعَلِيٌّ. وَطَالِبٌ لَمْ يُدْرِكِ الْإِسْلَامَ، وَأَدْرَكَهُ الثَّلَاثَةُ فَآمَنَ عَلِيٌّ، وَجَعْفَرٌ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، وَهَاجَرَ جَعْفَرٌ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، ثُمَّ إِلَى الْمَدِينَةِ عَامَ خَيْبَرَ. وَكَانَ [عَقِيلٌ] [3] . قَدِ اسْتَوْلَى عَلَى رِبَاعِ [4] . بَنِي هَاشِمٍ لَمَّا هَاجَرُوا وَتَصَرَّفَ فِيهَا، وَلِهَذَا لَمَّا «قِيلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجَّتِهِ: "نَنْزِلُ غَدًا فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ" قَالَ: "وَهَلْ تَرَكَ لَنَا عَقِيلٌ مِنْ دَارٍ؟»" [5] . (1) ن: وَلَمْ يَذْكُرِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ (2) م: وَهَمَا الْعَبَّاسُ وَحَمْزَةُ. (3) عَقِيلٌ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) ، (س) وَفِي هَامِشٍ (س) ، أَمَامَ هَذَا الْمَوْضِعِ كَتَبَ: "لَعَلَّهُ عَقِيلٌ" (4) ن: رِيَاعِ، وَالْكَلِمَةُ غَيْرُ مَنْقُوطَةٍ فِي (م) (5) الْحَدِيثُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي: الْبُخَارِيِّ 2/147 (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ تَوْرِيثِ دُورِ مَكَّةَ وَبَيْعِهَا وَشِرَائِهَا) ، وَنَصُّهُ: أَنَّهُ قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَنْزِلُ فِي دَارِكَ بِمَكَّةَ؟ فَقَالَ:" وَهَلْ تَرَكَ عَقِيلٌ مِنْ رِبَاعٍ أَوْ دُورٍ؟ "وَكَانَ عَقِيلٌ وَرِثَ أَبَا طَالِبٍ هُوَ وَطَالِبٌ، وَلَمْ يَرِثْهُ جَعْفَرٌ وَلَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا شَيْئًا ; لِأَنَّهُمَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ، وَكَانَ عَقِيلٌ وَطَالِبٌ كَافِرَيْنِ. . . إِلَخْ، وَالْحَدِيثُ فِي مُسْلِمٍ 2/984 - 985 (كِتَابُ الْحَجِّ، بَابُ النُّزُولِ بِمَكَّةَ لِلْحَاجِّ وَتَوْرِيثِ دُورِهَا) ، سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ 2/912 (كِتَابُ الْفَرَائِضِ، بَابُ مِيرَاثِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكَ) ." وَأَمَّا الْعَبَّاسُ فَبَنُوهُ كُلُّهُمْ صِغَارٌ ; إِذْ لَمْ يَكُنْ [1] . فِيهِمْ بِمَكَّةَ رَجُلٌ، وَهَبْ أَنَّهُمْ كَانُوا رِجَالًا فَهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَالْفَضْلُ، وَأَمَّا قُثَمَ فَوُلِدَ بَعْدَهُمْ، وَأَكْبَرُهُمُ الْفَضْلُ، وَبِهِ كَانَ يُكَنَّى، وَعَبْدُ اللَّهِ وُلِدَ فِي الشِّعْبِ بَعْدَ نُزُولِ قَوْلِهِ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (سُورَةُ الشُّعَرَاءِ: 214) ، وَكَانَ لَهُ فِي الْهِجْرَةِ لَهُ: [2] . نَحْوُ ثَلَاثِ سِنِينَ، أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ، وَلَمْ يُولَدْ لِلْعَبَّاسِ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْفَضْلُ، وَعَبْدُ اللَّهُ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَأَمَّا سَائِرُهُمْ فَوُلِدُوا بَعْدَهُ. وَأَمَّا الْحَارِثُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَأَبُو لَهَبٍ فَبَنُوهُمَا أَقَلُّ، وَالْحَارِثُ كَانَ لَهُ ابْنَانِ أَبُو سُفْيَانَ، وَرَبِيعَةُ، وَكِلَاهُمَا تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ، وَكَانَ مِنْ مُسْلِمَةِ الْفَتْحِ. وَكَذَلِكَ بَنُو أَبِي لَهَبٍ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُمْ إِلَى زَمَنِ الْفَتْحِ، وَكَانَ لَهُ ثَلَاثَةُ ذُكُورٍ، فَأَسْلَمَ مِنْهُمُ اثْنَانِ: عُتْبَةُ وَمُغِيثٌ، وَشَهِدَ الطَّائِفَ وَحُنَيْنًا، وَعُتَيْبَةُ دَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْكُلَهُ الْكَلْبُ فَقَتَلَهُ السَّبُعُ بِالزَّرْقَاءِ [3] مِنَ الشَّامِ كَافِرًا [4] . (1) ن، م: وَلَمْ يَكُنْ (2) سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، وَفِي (ب) وَكَانَ سَنَة فِي الْهِجْرَةِ (3) ن، س: بِالزَّرْبَاءِ، وَهُوَ تَحْرِيفٌ. (4) جَاءَ هَذَا الْخَبَرُ فِي (كِتَابُ الْفُصُولِ فِي اخْتِصَارِ سِيرَةِ الرَّسُولِ) لِابْنُ كَثِيرٍ، تَحْقِيقِ الْأُسْتَاذَيْنِ مُحَمَّد الْعِيد الْخَطْرَاوِيِّ، وَمُحْيِي الدِّينِ مُسْتَوٍ، ص 207 ط. بَيْرُوتَ، 1399 - 1400، وَنَصُّهُ: "وَدَعَا عَلَى ابْنِ أَبِي لَهَبٍ، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ السَّبُعَ بِالشَّامِ وَفْقَ دُعَائِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ" ، وَعَلَّقَ الْمُحَقِّقَانِ: "ابْنُ أَبِي لَهَبٍ: هُوَ عُتْبَةُ (كَذَا) بْنُ عَبْدِ الْعُزَّى (أَبُو لَهَبٍ) ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَابْنُ إِسْحَاقَ مِنْ طُرُقٍ صَحِيحَةٍ مُسْنَدَةٍ، انْظُرْ نَسِيمَ الرِّيَاضِ شَرْحَ كِتَابِ الشِّفَاءِ 3/126 وَلَمْ أَجِدِ الْحَدِيثَ فِي سِيرَةِ ابْنِ هِشَامٍ وَهُوَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ لِلْحَاكِمِ 2/539 فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ أَبِي لَهَبٍ وَنَصُّهُ:" كَانَ لَهَبُ بْنُ أَبِي لَهَبٍ يَسُبُّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: "اللَّهُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِ كَلْبَكَ" فَخَرَجَ فِي قَافِلَةٍ يُرِيدُ الشَّامَ، فَنَزَلَ مَنْزِلًا فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ دَعْوَةَ - مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - قَالُوا: كَلَّا. فَحَطُّوا مَتَاعَهُمْ حَوْلَهُ، وَقَعَدُوا يَحْرُسُونَهُ، فَجَاءَ الْأَسَدُ، فَانْتَزَعَهُ، فَذَهَبَ بِهِ. قَالَ الْحَاكِمُ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَوَافَقَهُ الذَّهَبِيُّ. فَهَؤُلَاءِ بَنُو عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا يَبْلُغُونَ عِشْرِينَ رَجُلًا، فَأَيْنَ الْأَرْبَعُونَ؟ . الْخَامِسُ: قَوْلُهُ: "«إِنَّ الرَّجُلَ مِنْهُمْ كَانَ يَأْكُلُ الْجَذَعَةَ، وَيَشْرَبُ الْفَرَقَ مِنَ اللَّبَنِ»" فَكَذِبٌ [1] . عَلَى الْقَوْمِ، لَيْسَ بَنُو هَاشِمٍ مَعْرُوفِينَ بِمِثْلِ هَذِهِ الْكَثْرَةِ فِي الْأَكْلِ، وَلَا عُرِفَ فِيهِمْ مَنْ كَانَ يَأْكُلُ جَذَعَةً، وَلَا يَشْرَبُ فَرَقًا. السَّادِسُ: أَنَّ قَوْلَهُ لِلْجَمَاعَةِ: "«مَنْ يُجِبْنِي إِلَى هَذَا الْأَمْرِ وَيُؤَازِرْنِي عَلَى الْقِيَامِ بِهِ يَكُنْ أَخِي وَوَزِيرِي وَوَصِيِّي وَخَلِيفَتِي مِنْ بَعْدِي»" كَلَامٌ مُفْتَرًى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ نِسْبَتُهُ إِلَيْهِ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ الْإِجَابَةِ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَالْمُعَاوَنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا يُوجِبُ هَذَا كُلَّهُ، فَإِنَّ جَمِيعَ الْمُؤْمِنِينَ أَجَابُوا إِلَى هَاتَيْنِ الْكَلِمَتَيْنِ، وَأَعَانُوهُ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ، وَبَذَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فِي إِقَامَتِهِ وَطَاعَتِهِ [2] ، وَفَارَقُوا أَوْطَانَهُمْ وَعَادَوْا إِخْوَانَهُمْ، وَصَبَرُوا عَلَى الشَّتَاتِ بَعْدَ الْأُلْفَةِ، وَعَلَى الذُّلِّ بَعْدَ الْعِزِّ، وَعَلَى الْفَقْرِ بَعْدَ الْغِنَى، وَعَلَى الشِّدَّةِ بَعْدَ الرَّخَاءِ، وَسِيرَتُهُمْ مَعْرُوفَةٌ مَشْهُورَةٌ، وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِذَلِكَ [3] . خَلِيفَةً لَهُ. (1) ب: كَذَّبَ (2) وَطَاعَتِهِ سَاقِطَةٌ مِنْ (م) ، وَفِي (س) : وَإِطَاعَتِهِ. (3) بِذَلِكَ: سَاقِطَةٌ مِنْ (س) ، (ب)
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |