|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#21
|
||||
|
||||
![]() وقال الإمام أحمد: حدثنا ابن نمير ووكيع كلاهما عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «للجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك» انفرد بإخراجه البخاري في الرقاق من حديث الثوري عن الأعمش به.. ففي هذا الحديث دليل على اقتراب الخير والشر من الإنسان, وإذا كان الأمر كذلك فلهذا حثه الله تعالى على المبادرة إلى الخيرات من فعل الطاعات، وترك المحرمات التي تكفر عنه الذنوب والزلات وتحصل له الثواب والدرجات.. فقال تعالى: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) والمراد جنس السماء والأرض، كما قال تعالى في الاَية الأخرى: (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران : 133 ) ..وقال ههنا: (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم) أي هذا الذي أهلهم الله له هو من فضله ومنه عليهم وإحسانه إليهم, كما قدمناه في الصحيح أن فقراء المهاجرين قالوا: يارسول الله ، ذهب أهل الدثور بالأجور، بالدرجات العلى والنعيم المقيم. قال «وما ذاك ؟» قالوا: يصلون كما نصلي, ويصومون كما نصوم, ويتصدقون ولا نتصدق, ويعتقون ولا نعتق. قال: «أفلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه سبقتم من بعدكم ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم ؟ تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين» قال: فرجعوا فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال مافعلنا ففعلوا مثله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء». وقوله تعالى : ( مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَ أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلّ فَإِنّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ ) يخبر تعالى عن قدره السابق في خلقه قبل أن يبرأ البرية فقال: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم) ، أي في الاَفاق وفي أنفسكم ، (إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) أي من قبل أن نخلق الخليقة ونبرأ النسمة. وقال بعضهم: من قبل أن نبرأها عائد على النفوس, وقيل: عائد على المصيبة, والأحسن عوده على الخليقة والبرية لدلالة الكلام عليها كما قال ابن جرير: حدثني يعقوب, حدثني ابن علية عن منصور بن عبد الرحمن قال: كنت جالساً مع الحسن، فقال رجل: سلْه عن قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها).. فسألته عنها، فقال: سبحان الله ومن يشك في هذا ؟ كل مصيبة بين السماء والأرض ففي كتاب الله من قبل أن يبرأ النسمة... وقال قتادة : (ما أصاب من مصيبة في الأرض) قال: هي السِّنون يعني الجدب ؛ (ولا في أنفسكم) يقول: الأوجاع والأمراض, قال: وبلغنا أنه ليس أحد يصيبه خدش عود ولا نكبة قدم ولاخلجان عرق إلا بذنب, وما يعفوالله عنه أكثر. وهذه الاَية الكريمة العظيمة من أدل دليل على القدرية نفاة العلم السابق ـ قبحهم الله ـ وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو عبد الرحمن, حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا: حدثنا أبو هانىء الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة ». ورواه مسلم في صحيحه من حديث عبد الله بن وهب وحيوة بن شريح ونافع بن زيد وثلاثتهم عن أبي هانىء به, وزاد ابن وهب «وكان عرشه على الماء» ورواه الترمذي وقال حسن صحيح... وقوله تعالى: ( إن ذلك على الله يسير) أي إن علمه تعالى الأشياء قبل كونها وكتابته لها طبق ما يوجد في حينها سهل على الله عز وجل, لأنه يعلم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون. وقوله تعالى: ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بماآتاكم ) أي أعلمناكم بتقدم علمنا وسبق كتابتنا للأشياء قبل كونها, وتقديرنا الكائنات قبل وجودها, لتعلموا أن ما أصابكم لم يكن ليخطئكم وما أخطأكم لم يكن ليصيبكم, فلا تأسوا على ما فاتكم لأنه لو قدر شيء لكان؛ ( ولا تفرحوا بما آتاكم ) أي جاءكم, وتفسير آتاكم أي أعطاكم وكلاهما متلازم أي لا تفخروا على الناس بما أنعم الله به عليكم, فإن ذلك ليس بسعيكم ولا كدكم, وإنما هو عن قدر الله ورزقه لكم فلا تتخذوا نعم الله أشراً وبطراً تفخرون بها على الناس, ولهذا قال تعالى: ( والله لا يحب كل مختال فخور ) أي مختال في نفسه ، متكبر ؛ فخور أي على غيره. وقال عكرمة: ليس أحد إلا هو يفرح ويحزن ولكن اجعلوا الفرح شكراً والحزن صبراً... ثم قال تعالى: ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) أي يفعلون المنكر ويحضون الناس عليه ( ومن يتول ) أي عن أمر الله وطاعته ( فإن الله هو الغني الحميد ) كما قال على لسان موسى عليه السلام ![]() وقال القرطبي رحمه الله : قوله تعالى: (اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو) ، وجه الاتصال أن الإنسان قد يترك الجهاد خوفا على نفسه من القتل، وخوفا من لزوم الموت، فبين أن الحياة الدنيا منقضية فلا ينبغي أن يترك أمر الله محافظة على ما لا يبقى. و"ما" صلة، تقديره : اعلموا أن الحياة الدنيا لعب باطل ، ولهو أي فرح ، ثم تنقضي. وقال قتادة: لعب ولهو: أكل وشرب. وقيل: إنه على المعهود من اسمه، قال مجاهد: كل لعب لهو ... وقيل: اللعب ما رغب في الدنيا، واللهو ما ألهى عن الآخرة، أي شغل عنها. وقيل: اللعب الاقتناء، واللهو النساء. ( وزينة ) الزينة ما يتزبن به، فالكافر يتزين بالدنيا ولا يعمل للآخرة، وكذلك من تزين في غير طاعة الله. ( وتفاخر بينكم ) أي يفخر بعضكم على بعض بها . وقيل: بالخلقة والقوة. وقيل: بالأنساب على عادة العرب في المفاخرة بالآباء . وفي صحيح مسلم عـن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله أوحى إلي أن تواضعوا حتى لا يبغي أحد على أحد ولا يفخر أحد على أحد"... وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر في الأحساب ،والطعن في الأنساب ، والإستسقاء بالنجوم ،والنياحة ."... (وتكاثر في الأموال والأولاد) لأن عادة الجاهلية أن تتكاثر بالأبناء والأموال، و تكاثر المؤمنين بالإيمان والطاعة. قال بعض المتأخرين: "لعب" كلعب الصبيان "ولهو" كلهو الفتيان "وزينة" كزينة النسوان "وتفاخر" كتفاخر الأقران "وتكاثر" كتكاثر الدهقان... وقيل: المعنى أن الدنيا كهذه الأشياء في الزوال والفناء. وعن علي رضي الله عنه قال لعمار: لا تحزن على الدنيا فإن الدنيا ستة أشياء: مأكول، ومشروب وملبوس، ومشموم، ومركوب، ومنكوح ؛ فأحسن طعامها العسل وهو بزقة ذبابة، وأكثر شرابها الماء يستوي فيه جميع الحيوان، وأفضل ملبوسها الديباج وهو نسج دودة، وأفضل المشموم المسك وهو دم فأرة، وأفضل المركوب الفرس وعليها يقتل الرجال، وأما المنكوح فالنساء وهو مبال في مبال، والله إن المرأة لتزيِّن أحسنها يراد به أقبحها.... ثم ضرب الله تعالى لها، أي للدنيا، مثلا بالزرع في غيث فقال: (كمثل غيث) أي مطر (أعجب الكفار نباته) الكفار هنا: الزراع لأنهم يغطون البذر. والمعنى أن الحياة الدنيا كالزرع يعجب الناظرين إليه لخضرته بكثرة الأمطار، ثم لا يلبث أن يصير هشيما كأن لم يكن، وإذا أعجب الزراع فهو غاية ما يستحسن... وقيل: الكفار هنا الكافرون بالله عز وجل، لأنهم أشد إعجابا بزينة الدنيا من المؤمنين. وهذا قول حسن، فإن أصل الإعجاب لهم وفيهم، ومنهم يظهر ذلك، وهو التعظيم للدنيا وما فيها. وفي الموحدين من ذلك فروع تحدث من شهواتهم، وتتقلل عندهم وتدق إذا ذكروا الآخرة. وموضع الكاف رفع على الصفة. ( ثم يهيج ) أي يجف بعد خضرته، (فتراه مصفرا) أي متغيرا عما كان عليه من النضرة. ( ثم يكون حطاما ) أي فتاتا وتبنا فيذهب بعد حسنه، كذلك دنيا الكافر... (وفي الآخرة عذاب شديد) أي للكافرين. والوقف عليه حسن، ويبتدئ ( ومغفرة من الله ورضوان ) أي للمؤمنين. وقال الفراء: (وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة)، تقديره : إما عذاب شديد وإما مغفرة، فلا يوقف على "شديد". (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) هذا تأكيد ما سبق، أي تغر الكفار، فأما المؤمن فالدنيا له متاع بلاغ إلى الجنة. وقيل: العمل للحياة الدنيا متاع الغرور تزهيدا في العمل للدنيا، وترغيبا في العمل للآخرة. وقوله تعالى: (سابقوا إلى مغفرة من ربكم) أي سارعوا بالأعمال الصالحة التي توجب المغفرة لكم من ربكم. وقيل: سارعوا بالتوبة، لأنها تؤدي إلى المغفرة، قاله الكلبي. وقيل التكبيرة الأولى مع الإمام، قاله مكحول. وقيل: الصف الأول. ( وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) لو وصل بعضها ببعض. قال الحسن: يعني جميع السموات والأرضين مبسوطتان كل واحدة إلى صاحبتها. وقيل: يريد لرجل واحد أي لكل واحد جنة بهذه السعة. وقال ابن كيسان: عني به جنة واحدة من الجنات. والعرض أقل من الطول، ومن عادة العرب أنها تعبر عن سعة الشيء بعرضه دون طوله. قال: كأن بلاد الله وهي عريضة على الخائف المطلوب كفة حابل وقال طارق بن شهاب: قال قوم من أهل الحيرة لعمر رضي الله عنه: أرأيت قول الله عز وجل: (وجنة عرضها كعرض السماء والأرض) فأين النار؟ فقال لهم عمر: أرأيتم الليل إذا ولى وجاء النهار أين يكون الليل؟ فقالوا: لقد نزعت بما في التوراة مثله... (أعدت للذين آمنوا بالله ورسله) شرط الإيمان لا غير، وفيه تقوية الرجاء. وقد قيل: شرط الإيمان هنا وزاد عليه في سورة آل عمران، فقال: "(وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران :133- 134 )... ( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ) أي أن الجنة لا تنال ولا تدخل إلا برحمة الله تعالى وفضله... (والله ذو الفضل العظيم). وقوله تعالى : ( مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَ أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * الّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلّ فَإِنّ اللّهَ هُوَ الْغَنِيّ الْحَمِيدُ ) قوله تعالى: (ما أصاب من مصيبة في الأرض) قال مقاتل: القحط وقلة النبات والثمار. وقيل: الجوائح في الزرع. (ولا في أنفسكم) بالأوصاب والأسقام، قال قتادة. وقيل: إقامة الحدود، قال ابن حيان. وقيل: ضيق المعاش، وهذا معنى رواه ابن جريج. (إلا في كتاب) يعني في اللوح المحفوظ. (من قبل أن نبرأها) الضمير في (نبرأها) عائد على النفوس أو الأرض أو المصائب أو الجميع. وقال ابن عباس: من قبل أن يخلق المصيبة. وقال سعيد بن جبير: من قبل أن يخلق الأرض والنفس. (إن ذلك على الله يسير) أي خلق ذلك وحفظ جميعه (على الله يسير) هين. قال الربيع بن صالح: لما أخذ سعيد بن جبير رضي الله عنه بكيت، فقال: ما يبكيك ؟ قلت: أبكي لما أرى بك ولما تذهب إليه. قال: فلا تبك فإنه كان في علم الله أن يكون، ألم تسمع قوله تعالى: (مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَ أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ). وقال ابن عباس: لما خلق الله القلم قال له اكتب، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة. ولقد ترك لهذه الآية جماعة من الفضلاء الدواء في أمراضهم فلم يستعملوه ثقة بربهم وتوكلا عليه، وقالوا قد علم الله أيام المرض وأيام الصحة، فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا، قال الله تعالى ![]() قوله تعالى: ( لكيلا تأسوا على ما فاتكم ) أي حتى لا تحزنوا على ما فاتكم من الرزق، وذلك أنهم إذا علموا أن الرزق قد فرغ منه لم يأسوا على ما فاتهم منه. وعن ابن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجد أحدكم طعم الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه" ثم قرأ (لكيلا تأسوا على ما فاتكم) إي كي لا تحزنوا على ما فاتكم من الدنيا فإنه لم يقدر لكم ولو قدر لكم لم يفتكم (ولا تفرحوا بما آتاكم ) أي من الدنيا، قاله ابن عباس. وقال سعيد بن جبير: من العافية والخصب. وروى عكرمة عن ابن عباس: ليس من أحد إلا وهو يحزن ويفرح، ولكن المؤمن يجعل مصيبته صبرا، وغنيمته شكرا. والحزن والفرح المنهي عنهما هما اللذان يتعدى فيهما إلى ما لا يجوز، قال الله تعالى: (والله لا يحب كل مختال فخور) أي متكبر بما أوتي من الدنيا، فخور به على الناس. وقراءة العامة ( آتاكم ) بمد الألف أي أعطاكم من الدنيا. واختاره أبو حاتم. وقرأ أبو العالية ونصر بن عاصم وأبو عمرو ( أَتاكم ) بقصر الألف واختاره أبو عبيد. أي جاءكم، وهو معادل لـ ( فاتكم ) ولهذا لم يقل أفاتكم. قال جعفر بن محمد الصادق: يا ابن آدم ، ما لك تأسى على مفقود لا يرده عليك الفوت، أو تفرح بموجود لا يتركه في يديك الموت؟.. وقيل لبرزجمهر: أيها الحكيم! مالك لا تحزن على ما فات، ولا تفرح بما هو آت؟ قال: لأن الفائت لا يتلافى بالعبرة، والآتي لا يستدام بالحبرة. وقال الفضيل بن عياض في هذا المعنى: الدنيا مبيد ومفيد، فما أباد فلا رجعة له، وما أفاد آذن بالرحيل. وقيل: المختال الذي ينظر إلى نفسه بعين الافتخار، والفخور الذي ينظر إلى الناس بعين الاحتقار، وكلاهما شرك خفي. والفخور بمنزلة المصراة تشد أخلافها ليجتمع فيها اللبن، فيتوهم المشتري أن ذلك معتاد وليس كذلك، فكذلك الذي يرى من نفسه حالا وزينة وهو مع ذلك مدع فهو الفخور. قوله تعالى: (الذين يبخلون) أي لا يحب المختالين ( الذين يبخلون ) فـ (الذين) في موضع خفض نعتا للمختال. وقيل: رفع بابتداء أي الذين يبخلون فالله غني عنهم. قيل: أراد رؤساء اليهود الذين يبخلون ببيان صفة محمد صلى الله عليه وسلم التي في كتبهم، لئلا يؤمن به الناس فيذهب ملكهم، قال السدي والكلبي. وقال سعيد بن جبير: (الذين يبخلون) يعني بالعلم (ويأمرون الناس بالبخل) أي بألا يعلموا الناس شيئا...وقال زيد بن اسلم: إنه البخل بأداء حق الله عز وجل... وقيل: إنه البخل بالصدقة والحقوق، قاله عامر بن عبدالله الأشعري... وقال طاوس: إنه البخل بما في يديه. وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة المعنى. وفرق أصحاب الخواطر بين البخل والسخاء بفرقين: أحدهما أن البخيل الذي يلتذ بالإمساك. والسخي الذي يلتذ بالإعطاء. الثاني: أن البخيل الذي يعطي عند السؤال، والسخي الذي يعطي بغير سؤال... ( ومن يتول ) أي عن الإيمان ( فإن الله هو الغني الحميد ) غني عنه. ويجوز أن يكون لما حث على الصدقة أعلمهم أن الذين يبخلون بها ويأمرون الناس بالبخل بها فإن الله غني عنهم. وقراءة العامة ( بالبُخْل ) بضم الباء وسكون الخاء. وقرأ أنس وعبيد بن عمير ويحيى بن يعمر ومجاهد وحميد وابن محيصن وحمزة والكسائي ( بالبَخَل ) بفتحتين وهي لغة الأنصار. وقرأ أبو العالية وابن السميقع ( بالبَخْل ) بفتح الباء وإسكان الخاء. وعن نصر بن عاصم ( البُخُل ) بضمتين وكلها لغات مشهورة... وقرأ نافع وابن عامر (فإن الله الغني الحميد) بغير (هو). والباقون (هو الغني) على أن يكون فصلا. ويجوز أن يكون مبتدأ و( الغني ) خبره والجملة خبر إن. ومن حذفها فالأحسن أن يكون فصلا، لأن حذف الفصل أسهل من حذف المبتدأ.
__________________
|
#22
|
||||
|
||||
![]() وقال السعدي رحمه الله : قوله تعالى : (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ) . يخبر تعالى عن حقيقة الدنيا ، وما هي عليه ،ويبين غايتها ، وغاية أهلها ، بأنها لعب ولهو تلعب بها الأبدان ، وتلهو بها القلوب ، وهذا مصداقه ما هو موجود وواقع من أبناء الدنيا ، فإنك تجدهم قد قطعوا أوقات عمرهم بلهو قلوبهم ، وغفلتهم عن ذكر الله ، وعما أمامهم من الوعد والوعيد ، تراهم قد اتخذوا دينهم لعبا ولهوا . بخلاف أهل اليقظة وعمال الآخرة ، فإن قلوبهم معمورة بذكر الله ، ومعرفته ومحبته ، وقد شغلوا أوقاتهم بالأعمال التي تقربهم إلى الله ، من النفع القاصر والمتعدي . وقوله : ( وزينة ) ، أي : تزين في اللباس والطعام ، والشراب والمراكب ، والدور والقصور ، والجاه وغير ذلك . ( وتفاخر بينكم ) ، أي : كل واحد من أهلها ، يريد مفاخرة الآخر ، وأن يكون هو الغالب في أمورها ، والذي له الشهرة في أحوالها . ( وتكاثر في الأموال والأولاد ) ، أي : كل يريد أن يكون هو الكاثر لغيره ، في المال والولد ، وهذا مصداقه ، وقوعه من محبي الدنيا ، والمطمئنين إليها . بخلاف من عرف الدنيا وحقيقتها ، فجعلها معبرا ، ولم يجعلها مستقرا ، فنافس فيما يقربه إلى الله ، واتخذ الوسائل التي توصله إلى دار كرامته ، وإذا رأى من يكاثره ، وينافسه في الأموال والأولاد ، نافسه بالأعمال الصالحة . ثم ضرب للدنيا مثلا ، بغيث نزل على الأرض ، فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام ، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ، وأعجب نباته الكفار ، الذين قصروا نظرهم وهممهم على الدنيا ، جاءها من أمر الله ، ما أتلفها ، فهاجت ويبست ، وعادت إلى حالها الأولى ، كأنه لم ينبت فيها خضراء ، ولا رؤي لها مرأى أنيق . كذلك الدنيا ، بينما هي زاهية لصاحبها ، زاهرة ، مهما أراد من مطالبها حصل ، ومهما توجه لأمر من أمورها وجد أبوابه مفتحة ، إذ أصابها القدر فأذهبها من يده ، وأزال تسلطه عليها ، أو ذهب به عنها ، فرحل منها صفر اليدين ، ولم يتزود منها سوى الكفن ، فتبا لمن أضحت هي غاية أمنيته ولها عمله وسعيه . وأما العمل للآخرة فهو الذي ينفع ، ويدخر لصاحبه ، ويصحب العبد على الأبد ، ولهذا قال تعالى : ( وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان) ، أي : حال الآخرة ، لا يخلو من هذين الأمرين : إما العذاب الشديد في نار جهنم ، وأغلالها وسلاسلها وأهوالها لمن كانت الدنيا هي غايته ، ومنتهى مطلبه ، فتجرأ على معاصي الله ، وكذب بآيات الله ، وكفر بأنعم الله... وإما مغفرة من الله للسيئات ، وإزالة العقوبات ، ورضوان من الله ،يحل من أحله عليه دار الرضوان لمن عرف الدنيا، وسعى للآخرة سعيها . فهذا كله ، مما يدعو إلى الزهد في الدنيا ،والرغبة في الآخرة ولهذا قال : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) أي : إلا متاع يتمتع به ، وينتفع به ، ويستدفع به الحاجات ، لا يغتر به ويطمئن إليه إلا أهل العقول الضعيفة الذين يغرهم بالله الغرور... ثم أمر بالمسابقة إلى مغفرة الله ورضوانه وجنته ،قال ![]() ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور*الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) ويقول تعالى مخبرا عن عموم قضائه وقدره : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ) ، وهذا شامل لعموم المصائب التي تصيب الخلق ، من خير وشر ، فكلها قد كتب في اللوح المحفوظ صغيرها وكبيرها . وهذا أمر عظيم لا تحيط به العقول ، بل تذهل عنه أفئدة أولي الألباب ، ولكنه على الله يسير . وأخبر الله عباده بذلك لأجل أن تتقرر هذه القاعدة عندهم ، ويبنوا عليها ما أصابهم من الخير والشر . فلا يأسوا ويحزنوا على ما فاتهم ، مما طمحت له أنفسهم ، وتشوفوا إليه لعلمهم أن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ ، لا بد من نفوذه ووقوعه ، فلا سبيل إلى دفعه ، ولا يفرحوا بما آتاهم الله ، فرح بطر وأشر ، لعلمهم أنهم ما أدركوه بحولهم وقوتهم ، وإنما أدركوه بفضل الله ومنِّه ، فيشتغلوا بشكر من أولى النعم ، ودفع النقم ، ولهذا قال : ( والله لا يحب كل مختال فخور ) ، أي : متكبر فظ ، معجب بنفسه ، فخور بنعم الله ، ينسبها إلى نفسه ، وتطغيه وتلهيه كما قال تعالى : (فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (الزمر : 49 ) ( الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل ) أي : يجمعون بين الأمرين الذميمين ، الذين كل منهما كاف في الشر : البخل وهو منع الحقوق الواجبة ، ويأمرون الناس بذلك ، فلم يكفهم بخلهم ، حتى أمروا الناس بذلك ، وحثوهم على هذا الخلق الذميم بقولهم وفعلهم ، وهذا من إعراضهم عن طاعة ربهم وتوليهم عنها . ( ومن يتول ) عن طاعة الله ، فلا يضر إلا نفسه ، ولن يضر الله شيئا . ( فإن الله هو الغني الحميد ) الذي غناه من لوازم ذاته ، الذي له ملك السماوات والأرض ،وهو الذي أغنى عباده وأقناهم .الحميد الذي له كل اسم حسن ، وصف كامل ، وفعل جميل ، يستحق أن يحمد عليه ، وينثى ويعظم عليه ...*** الخلاصة مع الإمام السعدي رحمه الله تعالى 1-( وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوَاْ إِنّ اللّهَ لاَ يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ ) (البقرة 187) هذه الآيات تتضمن الأمر بالقتال في سبيل الله وهذا كان بعد الهجرة إلى المدينة.. لما قوي المسلمون للقتال أمرهم الله به بعدما كانوا مأمورين بكف أيديهم وفي تخصيص القتال " في سبيل الله " حث على الإخلاص ونهي عن الاقتتال في الفتن بين المسلمين ..." الذين يقاتلونكم " أي : الذين هم مستعدون لقتالكم وهم المكلفون الرجال غير الشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال.. والنهي عن الاعتداء يشمل أنواع الاعتداء كلها من قتل من لا يقاتل من النساء والمجانين والأطفال والرهبان ونحوهم والتمثيل بالقتلى وقتل الحيوانات وقطع الأشجار ونحوها لغير مصلحة تعود للمسلمين ؛ ومن الاعتداء مقاتلة من تقبل منهم الجزية إذا بذلوها فإن ذلك لا يجوز ... 2- (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ* وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) (البقرة : 205-206 ). ..(والله لا يحب الفساد) فإذا كان لا يحب الفساد فهو يبغض العبد المفسد في الأرض غاية البغض وإن قال بلسانه قولا حسنا ففي هذه الآية دليل على أن الأقوال التي تصدر من الأشخاص ليست دليلا على صدق ولا كذب ولا بر ولا فجور حتى يوجد العمل المصدق لها المزكي لها وأنه ينبغي اختبار أحوال الشهود والمحق والمبطل من الناس بسبر أعمالهم والنظر لقرائن أحوالهم وأن لا يغتر بتمويههم وتزكيتهم أنفسهم ... ثم ذكر أن هذا المفسد في الأرض بمعاصي الله إذا أُمِر بتقوى الله تكبر وأنف و "أخذته العزة بالإثم " فيجمع بين العمل بالمعاصي والكبر على الناصحين " فحسبه جهنم"" التي هي دار العاصين والمتكبرين " ولبئس المهاد " أي : المستقر والمسكن عذاب دائم وهم لا ينقطع ويأس مستمر لا يخفف عنهم العذاب ولا يرجون الثواب جزاء لجناياتهم ومقابلة لأعمالهم فعياذا بالله من أحوالهم .... 3- (يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) (البقرة 276 ) أخبر تعالى أنه يمحق مكاسب المرابين ويربي صدقات المنْفقين عكس ما يتبادر لأذهان كثير من الخلق أن الإنفاق ينقص المال وأن الربا يزيده فإن مادة الرزق وحصول ثمراته من الله تعالى ... وما عند الله لا ينال إلا بطاعته وامتثال أمره ...فالمتجرىء على الربا يعاقبه بنقيض مقصوده وهذا مشاهد بالتجربة ومن أصدق من الله قيلا ... ( وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ)وهو الذي كفر نعمة الله وجحد منة ربه وأثِم بإصراره على معاصيه ومفهوم الآية أن الله يحب من كان شكورا على النعماء تائبا من المآثم والذنوب... 4- (قُلْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْكَافِرِينَ) (آل عمران : 32 ) هذه الآية هي الميزان التي يعرف بها من أحب الله حقيقة ومن ادعى ذلك دعوى مجردة فعلامة محبة الله اتباع محمد صلى الله عليه وسلم الذي جعل متابعته وجميع ما يدعو إليه طريقا إلى محبته ورضوانه فلا تنال محبة الله ورضوانه وثوابه إلا بتصديق ما جاء به الرسول من الكتاب والسنة وامتثال أمرهما واجتناب نهيهما فمن فعل ذلك أحبه الله وجازاه جزاء المحبين وغفر له ذنوبه وستر عليه عيوبه فكأنه قيل ومع ذلك فما حقيقة اتباع الرسول وصفتها فأجاب بقوله ![]() 5- (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ* وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران : 57 ) إن حكمة الله العادلة اقتضت أن من تمسك بالدين نصره الله النصر المبين ؛ وأن من ترك أمرَه ونهيَه ونبذ شرعَه وتجرَّأ على معاصيه أن يعاقبه ويسلط عليه الأعداء والله عزيز حكيم .. ثم بين ما يفعله بهم (فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ* وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) وهذا الجزاء عام لكل من اتصف بهذه الأوصاف من جميع أهل الأديان السابقة ثم لما بعث سيد المرسلين وخاتم النبيين ونَسخت رسالتُه الرسالاتِ كلَّها ونَسخ دينُه جميعَ الأديان صار المتمسكُ بغير هذا الدين من الهالكين ... 6- (إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) (آل عمران : 140 ) (وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم وتقاعدوا عن القتال في سبيله... 7-(وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً) (النساء : 36 ) (إن الله لا يحب من كان مختالا )أي : معجبا بنفسه ، متكبرا على الخلق ..( فخورا ) يثني على نفسه ويمدحها ، على وجه الفخر والبطر ، على عباد الله . فهؤلاء ، ما بهم من الاختيال والفخر ، يمنعهم من القيام بالحقوق . ولهذا ذمهم بقوله (الذين يبخلون ) أي : يمنعون ما عليهم من الحقوق الواجبة .( ويأمرون الناس بالبخل ) بأقوالهم وأفعالهم . ( ويكتمون ما آتاهم الله من فضله) أي : من العلم الذي يَهتدي به الضالون ويسترشد به الجاهلون ، فيكتمونه عنهم ، ويظهرون لهم من الباطل ، ما يحول بينهم وبين الحق . فجمعوا بين البخل بالمال ، والبخل بالعلم ، وبين السعي في خسارة أنفسهم ، وخسارة غيرهم ، وهذه هي صفات الكافرين ، فلهذا قال تعالى ![]() 8- ( وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) (ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم) . « الاختيان » و « الخيانة » بمعنى الجناية ، والظلم ، والإثم ، وهذا يشمل النهي عن المجادلة ، عن من أذنب وتوجه عليه عقوبة ، من حد أو تعزير ، فإنه لا يجادل عنه ، بدفع ما صدر منه من الخيانة ، أو بدفع ما ترتب على ذلك من العقوبة الشرعية . (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) أي : كثير الخيانة والإثم . وإذا انتفى الحب ، ثبت ضده ، وهو البغض ، وهذا كالتعليل للنهي المتقدم . 9-( لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً* إِن تُبْدُواْ خَيْراً أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُواْ عَن سُوَءٍ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ عَفُوّاً قَدِيراً) (النساء : 148 -149 ) يخبر تعالى أنه لا يحب الجهر بالسوء من القول ، أي : يبغض ذلك ويمقته ، ويعاقب عليه . ويشمل ذلك جميع الأقوال السيئة ، التي تسوء وتحزن ، كالشتم ، والقذف ، والسب ونحو ذلك فإن ذلك كله ، من المنهي عنه ، الذي يبغضه الله . ويدل مفهومها ، أنه يحب الحسن من القول ، كالذكر ، والكلام الطيب اللين . وقوله : ( إلا من ظلم ) أي : فإنه يجوز له أن يدعو على من ظلمه ، ويشتكي منه ، ويجهر بالسوء لمن جهر له به ، من غير أن يكذب عليه ، ولا يزيد على مظلمته ، ولا يتعدى بشتمه غيرَ ظالمه . ومع ذلك ، فعفوه ، وعدم مقابلته ، أولى كما قال تعالى ![]() 10- (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (المائدة : 64 ) ( ويسعون في الأرض فسادا ) أي : يجتهدون ويجدون ، ولكن بالفساد في الأرض . أي : بعمل المعاصي ، والدعوة إلى دينهم الباطل ، والتعويق عن الدخول في الإسلام . ( والله لا يحب المفسدين ) بل يبغضهم أشد البغض ، وسيجازيهم على ذلك... 11-( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (المائدة 87) قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) من المطاعم والمشارب ، فإنها نعم أنعم الله بها عليكم ، فاحمدوه إذ أحلها لكم ، واشكروا له ، ولا تردوا نعمته بكفرها ، أو عدم قبولها ، أو اعتقاد تحريمها . فتجمعوا بذلك بين قول الكذب على الله ، وكفر النعمة ، واعتقاد الحلال الطيب حراما خبيثا ، فإن هذا من الاعتداء . والله قد نهى عن الاعتداء فقال ![]() 12-(وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) قوله ![]() ![]() 13-( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأعراف31 ) (وكلوا واشربوا ) أي : مما رزقكم الله من الطيبات ( ولا تسرفوا ) في ذلك . والإسراف ، إما أن يكون بالزيادة على القدر الكافي ، ولشره في المأكولات التي تضر بالجسم ؛ وإما أن يكون بزيادة الترفه والتنوق في المآكل ، والمشارب ، واللباس ؛ وإما بتجاوز الحلال إلى الحرام ... ( إنه لا يحب المسرفين ) فإن السرف يبغضه الله ، ويضر بدن الإنسان ومعيشته ، حتى إنه ربما أدت به الحال إلى أن يعجز عما يجب عليه من النفقات ، ففي هذه الآية الكريمة ، الأمر بتناول الأكل والشرب ، والنهي عن تركهما ، وعن الإسراف فيهما . 14- (ادْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) (الأعراف : 54 ) الدعاء : يدخل فيه ، دعاء المسألة ، ودعاء العبادة ، فأمر بدعائه (تضرعا ) أي : إلحاحا في لمسألة ، ودؤوبا في العبادة ،( وخفية) أي : لا جهراً أو علانية ، يخاف منه الرياء ، بل خفية ، وإخلاصا لله تعالى . (إنه لا يحب المعتدين ) أي : المتجاوزين للحد في كل الأمور ، ومن الاعتداء : كون العبد يسأل الله مسائل ، لا تصلح له ، أو ينقطع في السؤال ، أو يبالغ في رفع صوته بالدعاء ، فكل هذا داخل في الاعتداء المنهي عنه ... 15- (وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) (الأنفال : 58) ... وإذا كان بينك وبين قوم ، عهد وميثاق على ترك القتال فخفت منهم خيانة بأن ظهر من قرائن أحوالهم ما يدل على خيانتهم من غير تصريح منهم بالخيانة .( فانبذ إليهم ) عهدهم ، أي : ارمه عليهم ، وأخبرهم أنه لا عهد بينك وبينهم .( على سواء ) أي : حتى يستوي علمك وعلمهم بذلك ، ولا يحل لك أن تغدرهم ، أو تسعى في شيء مما منعه ، موجب العهد ، حتى تخبرهم بذلك . (إن الله لا يحب الخائنين) بل يبغضهم أشد البغض ، فلا بد من أمر بيِّن ، يبرئكم من الخيانة . ودلت الآية على أنه إذا وجدت الخيانة المحققة منهم لم يحتج أن ينبذ إليهم عهدهم ، لأنه لم يخف منهم ، بل علم ذلك ، ولعدم الفائدة ولقوله : ( على سواء) ، وهنا قد كان معلوما عند الجميع غدرهم . ودل مفهومها أيضا ، أنه إذا لم يخف منهم خيانة ، بأن لم يوجد منهم ما يدل على ذلك ، أنه لا يجوز نبذ العهد إليهم ، بل يجب الوفاء إلى أن تتم مدته... 16–(إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالاَخِرَةِ قُلُوبُهُم مّنكِرَةٌ وَهُم مّسْتَكْبِرُونَ*لاَ جَرَمَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) قوله تعالى : (إلهكم إله واحد )= هو الله الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد . فأهل الإيمان والعقول ، أحلته قلوبهم وعظمته ، وأحبته حبا عظيما ، وصرفوا له كل ما استطاعوا من القربات البدنية والمالية ، وأعمال القلوب وأعمال الجوارح ، وأثنوا عليه بأسمائه الحسنى ، وصفاته وأفعاله المقدسة ، (فالذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة ) لهذا الأمر العظيم الذي لا ينكره إلا أعظم الخلق جهلا وعنادا ...، وهو : توحيد الله ...( وهم مستكبرون ) عن عبادته .( لا جرم ) أي : حقا .. لا بُـد ( أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ) من الأعمال القبيحة .. ( إنه لا يحب المستكبرين) بل يبغضهم أشد البغض ، وسيجازيهم من جنس عملهم ( إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ).. 17-(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ) (الحج : 38 ) هذا إخبار ، ووعد ، وبشارة من الله ، للذين آمنوا ، أن الله يدفع عنهم كل مكروه . ويدفع عنهم ـ بسبب إيمانهم ـ كل شر من شرور الكفار ، وشرور وسوسة الشيطان ، وشرور أنفسهم ، وسيئات أعمالهم ويحمل عنهم عند نزول المكاره ، ما لا يتحملون ، فيخفف عنهم غاية التخفيف . كل مؤمن ، له من هذه المدافعة والفضيلة ، بحسب إيمانه ، فمستقل ، ومستكثر .( إن الله لا يحب كل خوان ) أي : خائن في أمانته ، التي حمله الله إياها ، فيبخس حقوق الله عليها ، ويخونها ، ويخون الخلق .( كفور ) لنعم الله ، يوالي الله عليه الإحسان ،ويتوالى منه الكفر والعصيان .فهذا لا يحبه الله ، بل يبغضه ويمقته ، وسيجازيه على كفره وخيانته ، ومفهوم الآية ، أن الله يحب كل أمين قائم بأمانته ، شكور لمولاه . 18- قوله عالى : (إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآَتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ) ( إن قارون كان من قوم موسى ) أي : من بني إسرائيل ،الذين فضلوا على العالمين ، وفاقوهم في زمانهم ، وامتن الله عليهم بما امتن به ، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة . ولكن قارون هذا ، انحرف عن سبيل قومه ( فبغى عليهم ) وطغى ، بما أوتيه من الأمور العظيمة المطغية . ( وآتيناه من الكنوز ) أي : كنوز الأموال شيئا كثيرا . ( ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ) والعصبة ، من العشرة إلى التسعة إلى السبعة ، ونحو ذلك . أي : حتى إن مفاتح خزائن أمواله ، تثقل الجماعة القوية عن حملها ... هذه المفاتيح ، فما ظنك بالخزائن ؟( إذ قال له قومه ) ناصحين له محذرين له عن الطغيان ![]()
__________________
|
#23
|
||||
|
||||
![]() 19-(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (القصص : 77 ) (وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ) أي : قد حصل عندك من وسائل الآخرة ، ما ليس عند غيرك من الأموال فابتغ بها ما عند الله ، وتصدق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات ، وتحصيل اللذات . ( ولا تنس نصيبك من الدنيا ) أي : لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك ، وتبقى ضائعا ، بل أنفق لآخرتك ، واستمتع بدنياك ، استمتاعا لا يثلم دينك ، ولا يضر بآخرتك .( وأحسن كما أحسن الله إليك ) أي أحسن إلى عباد الله بهذه الأموال . ( ولا تبغ الفساد في الأرض) بالتكبر ، والعمل بمعاصي الله والاشتغال بالنعم عن المنعم . (إن الله لا يحب المفسدين ) بل يعاقبهم على ذلك ، أشد العقوبة .... 20-( قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ * فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ*لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ) (الروم :42- 45 ) قوله تعالى : ( قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين) والأمر بالسير في الأرض ، يدخل فيه السير بالأبدان ، والسير بالقلوب للنظر والتأمل ، في عواقب المتقدمين ... (كان أكثرهم مشركين ) تجدون عاقبتهم شر العواقب ، ومآلهم شر مآل . عذاب استأصلهم ، وذم ولعن من خلق الله يتبعهم ، وخزي متواصل . فاحذروا أن تفعلوا أفعالهم ، لئلا يحذى بكم حذوهم ، فإن عدل الله وحكمته في كل زمان ومكان ( فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين )أي : أقبل بقلبك ، وتوجه بوجهك ، واسع ببدنك ، لإقامة الدين القيم المستقيم . فنفذ أوامره ونواهيه ، بجد واجتهاد ، وقم بوظائفه الظاهرة والباطنة . وبادر زمانك ، وحياتك ، وشبابك ، ( من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ) وهو يوم القيامة ، الذي إذا جاء ، لا يمكن رده ، ولا يرجأ العاملون ليستأنفوا العمل ، بل فرغ من الأعمال ، لم يبق إلا جزاء العمال ( يومئذ يصدعون) أي : يتفرقون عن ذلك اليوم ، ويصدرون أشتاتا متفاوتين ، ليروا أعمالهم . ( من كفر ) منهم ( فعليه كفره ) ويعاقب هو بنفسه ، لا تزر وازرة وزر أخرى . ( ومن عمل صالحا ) من الحقوق التي لله ، والتي للعباد ، الواجبة والمستحبة .( فلأنفسهم ) لا لغيرهم ( يمهدون) أي : يهيئون ، ولأنفسهم يعمرون آخرتهم ، ويستعدون للفوز بمنازلها وغرفاتها . ومع ذلك ، جزاؤهم ليس مقصورا على أعمالهم ، بل يجزيهم الله من فضله الممدود ، وكرمه غير المحدود ، ما لا تبلغه أعمالهم . وذلك لأنه أحبهم ، وإذا أحب الله عبدا ، صب عليه الإحسان صبا ، وأجزل له العطايا الفاخرة ، وأنعم عليه بالنعم الظاهرة والباطنة . وهذا بخلاف الكافرين ، فإن الله لما أبغضهم ومقتهم ،عاقبهم وعذبهم ، ولم يزدهم كما زاد من قبلهم ، فلهذا قال : (إنه لا يحب الكافرين).. 21- ( يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)( لقمان 18 ) ( يا بني أقم الصلاة ) حثه عليها ، وخصها لأنها أكبر العبادات البدنية .( وأمر بالمعروف وانه عن المنكر) وذلك يستلزم العلم بالمعروف ، ليأمر به ، والعلم بالمنكر ، لينهى عنه . والأمر بما لا يتم الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر إلا به ، من الرفق ، والصبر ، وقد صرح به في قوله : ( واصبر على ما أصابك ) ومن كونه فاعلا لما يأمر به ، كافا لما ينهى عنه ، فتضمن هذا تكميل نفسه بفعل الخير وترك الشر ، وتكميل غيره بذلك ، بأمره ونهيه . ولما علم أنه لا بد أن يبتلى إذا أمر ونهى وأن في الأمر والنهي مشقة على النفوس ، أمره بالصبر على ذلك فقال: ( واصبر على ما أصابك إن ذلك ) الذي وعظ به لقمان ابنه ( من عزم الأمور ) أي : من الأمور التي يعزم عليها ، ويهتم بها ، ولا يوفق لها إلا أهل العزائم .( ولا تصعر خدك للناس ) أي : لا تمله وتعبس بوجهك للناس ، تكبرا عليهم ، وتعاظما .( ولا تمش في الأرض مرحا) أي : بطرا ، فخرا بالنعم ناسيا المنعم ، معجبا بنفسك .( إن الله لا يحب كل مختال ) في نفسه وهيئته وتعاظمه ( فخور) بقوله . 22- (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (الشورى : 40-43 ) ذكر الله في هذه الآيات ، مراتب العقوبات ، وأنها على ثلاث مراتب : عدل ، وفضل ، وظلم . فمرتبة العدل : جزاء السيئة بسيئة مثلها ، لا زيادة ولا نقص . فالنفس بالنفس ، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها ، والمال يضمن بمثله . ومرتبة الفضل : العفو عن المسيء والإصلاح له ، ولهذا قال : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) يجزيه أجرا عظيما ، وثوابا كثيرا . وشرط الله في العفو الإصلاح فيه ، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق بالعفو عنه ، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته ، فإنه في ـ هذه الحال ـ لا يكون مأمورا به . وفي جعل أجر العافي على الله ، ما يهيج على العفو ، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به . فكما يحب أن يعفو الله عنه ، فليعف عنهم ، وكما يحب أن يسامحه الله ، فليسامحهم ، فإن الجزاء من جنس العمل . وأما مرتبة الظلم : فقد ذكرها بقوله : ( إنه لا يحب الظالمين ) الذين يجنون على غيرهم ابتداء ،أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته ، فالزيادة ظلم..( ولمن انتصر بعد ظلمه ) أي : انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه( فأولئك ما عليهم من سبيل ) أي : لا حرج عليهم في ذلك . ودل قوله : (والذين إذا أصابهم البغي )وقوله ![]() 23 - ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ* لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُور* الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَن يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) ) ( الحديد 23-24) ويقول تعالى مخبرا عن عموم قضائه وقدره : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم ) ، وهذا شامل لعموم المصائب التي تصيب الخلق ، من خير وشر ، فكلها قد كتب في اللوح المحفوظ صغيرها وكبيرها . وهذا أمر عظيم لا تحيط به العقول ، بل تذهل عنه أفئدة أولي الألباب ، ولكنه على الله يسير . وأخبر الله عباده بذلك لأجل أن تتقرر هذه القاعدة عندهم ، ويبنوا عليها ما أصابهم من الخير والشر . فلا يأسوا ويحزنوا على ما فاتهم ، مما طمحت له أنفسهم ، وتشوفوا إليه لعلمهم أن ذلك مكتوب في اللوح المحفوظ ، لا بد من نفوذه ووقوعه ، فلا سبيل إلى دفعه ، ولا يفرحوا بما آتاهم الله ، فرح بطر وأشر ، لعلمهم أنهم ما أدركوه بحولهم وقوتهم ، وإنما أدركوه بفضل الله ومنِّه ، فيشتغلوا بشكر من أولى النعم ، ودفع النقم ، ولهذا قال : ( والله لا يحب كل مختال فخور ) ، أي : متكبر فظ ، معجب بنفسه ، فخور بنعم الله ، ينسبها إلى نفسه ، وتطغيه وتلهيه كما قال تعالى : (فَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِّنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) (الزمر : 49 ).........* والآن مع جملة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فيها ناساًَ لا يجبهم الله عز وجل بل يبغضهم ،ومن أبغضه كبه على وجهه في النار ... كما بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم الصفاتِ الذميمةَ التي اتصف بها هؤلاء ؛ حتى يتخلى عنها أتباعه الصادقين ويتحلوا بمكارم الأخلاق التي بعث ليتممها ...فحيَّ على التحلي بما يجمل ويزين رغبة في التقرب إلى الله تعالى بما يرضيه ، بعد التخلي عن كل ما يقبح ويشين رهبة من البعد عن الله جل جلاله بما يسخطه... 1-حدثنا عبد الله بن يوسف أنبأ أبو سعيد بن الأعرابي ثنا سعدان بن نصر ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن بن أبي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم الدرداء ترويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير.. وقال أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن... إن الله يبغض الفاحش البذيءالبيهقي 2- أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب بالأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الآخرةابن حبان 3- حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن مطر عن عبد الله بن بريدة قال شك عبيد الله بن زياد في الحوض فقال له أبو سبرة رجل من صحابة عبيد الله بن زياد فإن أباك حين انطلق وافدا إلى معاوية أنطلقت معه فلقيت عبد الله بن عمرو فحدثني من فيه إلى فيَّ حديثا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأملاه علي وكتبته قال: فإني أقسمت عليك لما أعرقت هذا البرذون حتى تاتيني بالكتاب.. قال فركبت البرذون فركضته حتى عرق فاتيته بالكتاب فإذا فيه: حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: -إن الله يبغض الفحش والتفحش ؛ والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يخون الأمين ويؤتمن الخائن حتى يظهر الفحش والتفحش وقطيعة الأرحام وسوء الجوار ؛ والذي نفس محمد بيده أن مثل المؤمن لكمثل القطعة من الذهب نفخ عليها صاحبها فلم تغير ولم تنقص ؛ والذي نفس محمد بيده أن مثل المؤمن لكمثل النحلة أكلت طيبا ووضعت طيبا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد... قال : وقالصلى الله عليه وسلم :ألا أن لي حوضا ما بين ناحيتيه كما بين إيلة إلى مكة أو قال صنعاء إلى المدينة ، وإن فيه من الأباريق مثل الكواكب ، هو أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل ، من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدا... قال أبو سبرة فاخذ عبيد الله بن زياد الكتاب فجزعت عليه، فلقيني يحيى بن يعمر فشكوت ذلك إليه فقال : والله لأنا أحفظ له مني لسورة من القرآن فحدثني به كما كان في الكتاب سواء. أحمد 4-حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:-إن الله عز وجل يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة : يبغض الشيخ الزاني، والفقير المختال، والمكثر البخيل ...ويحب ثلاثة: رجل كان في كتيبة فكر يحميهم حتى قتل أو يفتح الله عليه، ورجل كان في قوم فأدلجوا فنزلوا من آخر الليل وكان النوم أحب إليهم مما يعدل به فناموا وقام يتلو آياتي ويتملقني ، ورجل كان في قوم فأتاهم رجل يسألهم بقرابة بينهم وبينه فبخلوا عنه وخلف بأعقابهم فأعطاه حيث لا يراه إلا الله ومن أعطاه... أحمد 5-حدثنا مسلم بن إبراهيم وموسى بن إسماعيل، المعنى واحد قالا: ثنا أبان قال: ثنا يحيى، عن محمد بن إبراهيم، عن ابن جابر بن عَتيك، عن جابر بن عتيك أن نبيَّ اللّه صلى الله عليه وسلم كان يقول:"من الغيرة ما يحبُّ اللّه، ومنها ما يبغض اللّه: فأما التي يحبها اللّه عزوجل فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها اللّه فالغيرة في غير ريبةٍ، وإنَّ من الخيلاء ما يبغض اللّه، ومنها ما يحبُّ اللّه: فأمّا الخيلاء التي يحبُّ اللّه فاختيال الرجل نفسه عند القتال، واختياله عند الصدقة، وأما التي يبغض اللّه عزوجل فاختياله في البغي" قال موسى: "والفخر".أبو داود 6-حدثنا محمد بن سنان الباهلي وكان ينزل العوقة، ثنا نافع بن عمر، عن بشر بن عاصم، عن أبيه، عن عبد اللّه. قال أبو داود: هو ابن عمروقال:قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "إن اللّه عزوجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه تخلل الباقرة بلسانها" أبو داود 7-أخبرنا بن سلم قال حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال حدثنا الوليد قال حدثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبى كثير عن بن قيس بن طغفة الغفاري عن أبيه قال اتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة بعد المغرب فقال: يا فلان،انطلق مع فلان.. ويا فلان، انطلق مع فلان ..حتى بعث خمسة انا خامسهم . فقال: قوموا معي. ففعلنا. فدخلنا على عائشة، وذلك قبل ان ينزل الحجاب ، فقال: يا عائشة أطعمينا.. فقربت جشيشة.. ثم قال : يا عائشة أطعمينا.. فقربت حيسا.. ثم قال:يا عائشة اسقينا..فجاءت بعس، فشرب ..ثم قال:يا عائشة اسقينا.. فجاءت بعس دونه، ثم قال:ان شئتم نمتم عندنا وان شئتم اتيتم المسجد فنمتم فيه... قال فنمنا في المسجد ، فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أخر الليل، فأصابنى نائما على بطني، فركضنى برجله ، فقال:ما لك ولهذه النومة ؟ هذه نومة يكرهها الله أو يبغضها الله.. ابن حبان 8-أخبرنا أحمد بن على بن المثنى قال حدثنا إبراهيم بن الحجاج السامي قال حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري عن أبى هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أربعة يبغضهم الله: البياع الحلاف، والفقير المختال، والشيخ الزاني، والأمام الجائر.. ابن حبان 9-وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ ثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا أبو عتبة أحمد بن الفرج ثنا بقية بن الوليد ثنا يحيى بن سعيد عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : خطوتان إحداهما أحب الخطا إلى اللهعز وجل ، والأخرى أبغض الخطا إلى الله.. فأما الخطوة التي يحبها الله عز وجل: فرجل نظر إلى خلل في الصففسده ؛ وأما التي يبغض الله: فإذا أراد الرجل أن يقوم مد رجله اليمني ووضع يده عليها وأثبت اليسرى ثم قامالبيهقي 10- أخبرنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال حدثنا صفوان بن صالح قال حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم :رجل حلف بعد العصر على مال امرى مسلم فاقتطعه، ورجل حلف لقد أعطى بسلعته أكثر مما أعطى ، ورجل منع فضل الماء. يقول الله اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمله يداك ....ابن حبان 11- أخبرنا عبد الله بن صالح البخاري ببغداد قال حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال حدثنا بن أبي فديك عن ربيعة بن عثمان عن محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير عن أبي سعيد الخدري قال: مر أعرابي بشاة ، فقلت تبيعنيها بثلاثة دراهم ؟ قال: لا والله ...ثم باعنيها ..فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :باع آخرته بدنياه... ابن حبان 12- أخبرنا أبو يعلى قال حدثنا خلف بن هشام البزار قال حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن إسماعيل بن عبيد بن رفاعة بن رافع الأنصاري ثم الزرقي عن أبيه عن جده رفاعة أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البقيع والناس يتبايعون فنادى :يا معشر التجار.. فاستجابوا له ورفعوا إليه أبصارهم ؛ وقال:إن التجار يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى وبر وصدق... ابن حبان 13-حدثنا مسدد، ثنا سفيان، عن ابن المنكدر، عن عروة، عن عائشة قالت: استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "بئس ابن العشيرة" أو "بئس رجل العشيرة" ثم قال: "ائذنوا له".. فلما دخل ألان له القول، فقالت عائشة: يارسول اللّه، ألنت له القول وقد قلت له ما قلت، قال: "إنَّ شرَّ الناس منزلة عند اللّه يوم القيامة من ودعه، أو تركه الناس لاتقاء فحشه". 14ـ حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن عائشة رضي اللّه عنها أن رجلاً استأذن على النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "بئس أخو العشيرة" فلما دخل انبسط إليه رسول اللّه صصلى الله عليه وسلم وكلَّمه، فلما خرج قلت: يارسول اللّه، لما استأذن قلت: "بئس أخو العشيرة" فلما دخل انبسطت إليه .؟ فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : "يا عائشة، إن اللّه لا يحب الفاحش المتفحش...أبو داود
__________________
|
#24
|
||||
|
||||
![]() 15ـأخبرنا أبو يعلى قال حدثنا بندار قال حدثنا بن أبي عدي وأبو داود قالا حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير الزبيدي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة... وإياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ...وإياكم والشح ، فإنما أهلك من كان قبلكم الشح...أمرهم بالقطيعة فقطعوا أرحامهم ؛ وأمرهم بالفجور ففجروا ؛ وأمرهم بالبخل فبخلوا... فقال رجل:يا رسول الله ،وأي الإسلام أفضل؟ قال:أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك ..قال يا رسول الله، فأي الهجرة أفضل ؟ قال:أن تهجر ما كره ربك ...قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الهجرة هجرتان: هجرة الحاضر، وهجرة البادي ..أما البادي فيجيب إذا دعي، ويطيع إذا أمر؛ وأما الحاضر فهو أعظمهما بلية وأعظمهما أجرا... ابن حبان 16- أخبرنا أبو خليفة قال حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال حدثنا سفيان عن بن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:إياكم والفحش، فإن الله لا يحب الفاحش والمتفحش..وإياكم والظلم ، فإن الظلم هي الظلمات يوم القيامة.. وإياكم والشح ، فإن الشح دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم..ابن حبان 17-حدثنا أبو بكر قال حدثنا يزيد بن هارون قال حدثنا شريك عن عبد الملك ابن عمير عن حصين بن قبيصة عن المغيرة بن شعبة قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا سفيان ابن سهل،لا تسبل فإن الله لا يحب المسبلين. ابن أبي شيبة ونختم هذه الجولة الحديثية بالحديث القدسي الذي رواه مسلم وأحمد وغيرهما *-حدثنا زهير بن حرب. حدثنا جرير عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله، إذا أحب عبدا، دعا جبريل فقال: إني أحب فلانا فأحبه. قال فيحبه جبريل. ثم ينادي في السماء فيقول: إن الله يحب فلانا فأحبوه. فيحبه أهل السماء. قال ثم يوضع له القبول في الأرض. وإذا أبغض عبدا دعا جبريل فيقول: إني أبغض فلانا فأبغضه. قال فيبغضه جبريل. ثم ينادي في أهل السماء: إن الله يبغض فلانا فأبغضوه. قال فيبغضونه. ثم توضع له البغضاء في الأرض".مسلم وأخرخه أحمد في مسنده ، قال : -حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان قال حدثنا أبو عوانة قال حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:إن الله عز وجل إذا أحب عبدا دعا جبريل صلى الله عليه وسلم فقال:يا جبريل إني أحب فلانا فأحبه. قال :فيحبه جبريل عليه السلام ... قال ثم ينادى في أهل السماء: إن الله يحب فلانا.. قال فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض... وإن الله عز وجل إذا أبغض عبدا، دعا جبريل فقال : يا جبريل إني أبغض فلانا فأبغضه.. قال: فيبغضه جبريل.. قال: ثم ينادي في أهل السماء : إن الله يبغض فلانا فابغضوه.. قال: فيبغضه أهل السماء، ثم توضع له البغضاء في الأرض. وأقول: إن المسلم العاقل من كان له حظ من الشق الأول من هذا الحديث ، حيث نال رضا ربه ومحبته ، ومحبة أهل السماء من الملائكة الكرام ، والناس أجمعين بوضع القبول له في الأرض... والشقي كل الشقي، البعيد كل البعد من رحمة الله الواسعة مَن كان نصيبه الشق الثاني: بغض الله العلي الكبير وملائكته في سمائه وعباده على ظهر أرضه... ـ والعياذ بالله . كان الفراغ منه ـ ولله الحمد والمنة ـ يوم 16 ذي القعدة من عام 1426 الموافق ليوم 18-12-2005 ( رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) أبو يوسف محمد زايد ( العبد الراجي عفو ربه العفو الكريم.)
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |