الوجيز في تأويل القرآن العزيز - الصفحة 3 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الافتراء والبهتان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الشهوات والملذات بين الثواب والحسرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          (المنافقون) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التأثير المذهل للقرآن على الكفار (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ما يلفظ من قول... إلا لديه رقيب عتيد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          نهاية الرحلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          من غشنا فليس منا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          وقفات مع اسم الله العدل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          تبرؤ المتبوعين من أتباعهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-12-2008, 04:02 PM
الصورة الرمزية جمال الشرباتي
جمال الشرباتي جمال الشرباتي غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: القدس
الجنس :
المشاركات: 255
الدولة : Jordan
افتراضي

تأويل سورة قريش
--------------------
لإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) .



-------------------------------------------------------------

قال الطبري رحمه الله "




اختلفت القرّاء في قراءة: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ ) , فقرأ ذلك عامة قرّاء الأمصار بياء بعد همز لإيلاف وإيلافهم, سوى أبي جعفر, فإنه وافق غيره في قوله ( لإيلافِ ) فقرأه بياء بعد همزة, واختلف عنه في قوله ( إِيلافِهِمْ ) فروي عنه أنه كان يقرؤه: " إلْفِهِمْ" على أنه مصدر من ألف يألف إلفا, بغير ياء. وحَكى بعضهم عنه أنه كان يقرؤه: " إلافِهِمْ" بغير ياء مقصورة الألف.
والصواب من القراءة في ذلك عندي: من قرأه: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ * إِيلافِهِمْ ) بإثبات الياء فيهما بعد الهمزة, من آلفت الشيء أُولفه إيلافا, لإجماع الحجة من القرّاء عليه. وللعرب في ذلك لغتان: آلفت, وألفت; فمن قال: آلفت بمدّ الألف قال: فأنا أؤالف إيلافا; ومن قال: ألفت بقصر الألف قال: فأنا آلف إلفا, وهو رجل آلف إلفا. وحكي عن عكرمة أنه كان يقرأ ذلك: " لتألف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف ".
حدثني بذلك أبو كُرَيب, قال: ثنا وكيع, عن أبي مكين, عن عكرِمة.
وقد رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك, ما حدثنا ابن حميد, قال: ثنا مهران, عن سفيان, عن ليث, عن شهر بن حوشب, عن أسماء بنت يزيد, قالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ: " إلْفَهُمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ" .
---------------------------------------



قال الطبري رحمه الله "



واختلف أهل العربية في المعنى الجالب هذه اللام في قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) , فكان بعض نحويي البصرة يقول: الجالب لها قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ فهي في قول هذا القائل صلة لقوله جعلهم, فالواجب على هذا القول, أن يكون معنى الكلام: ففعلنا بأصحاب الفيل هذا الفعل, نعمة منا على أهل هذا البيت, وإحسانا منا إليهم, إلى نعمتنا عليهم في رحلة الشتاء والصيف, فتكون اللام في قوله ( لإيلافِ ) بمعنى إلى, كأنه قيل: نعمة لنعمة وإلى نعمة, لأن إلى موضع اللام, واللام موضع إلى.
-----------------------------
قال الطبري رحمه الله "
"
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: قد قيل هذا القول, ويقال: إنه تبارك وتعالى عجَّب نبيه صلى الله عليه وسلم فقال: اعجب يا محمد لِنعَم الله على قريش, في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف. ثم قال: فلا يتشاغلوا بذلك عن الإيمان واتباعك يستدل بقوله: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ) .
-----------------------
قال الطبري رحمه الله "
"
والصواب من القول في ذلك عندنا أن يقال: إن هذه اللام بمعنى التعجب. وأن معنى الكلام: اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء والصيف, وتركهم عبادة ربّ هذا البيت, الذي أطعهم من جوع, وآمنهم من خوف، فليعبدوا ربّ هذا البيت, الذي أطعمهم من جوع, وآمنهم من خوف. والعرب إذا جاءت بهذه اللام, فأدخلوها في الكلام للتعجب اكتفوا بها دليلا على التعجب من إظهار الفعل الذي يجلبها, كما قال الشاعر:






أغَــرَّكَ أنْ قَــالُوا لِقُـرَّةَ شـاعِرًا




فيالأبــاهُ مِــنْ عَــرِيفٍ وَشَـاعِرِ


فاكتفى باللام دليلا على التعجب من إظهار الفعل، وإنما الكلام: أغرّك أن قالوا: اعجبوا لقرّة شاعرا، فكذلك قوله:
(لإيلافِ) .
وأما القول الذي قاله من حَكينا قوله, أنه من صلة قوله: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ فإن ذلك لو كان كذلك, لوجب أن يكون " لإيلاف " بعض ( أَلَمْ تَرَ ), وأن لا تكون سورة منفصلة من (أَلَمْ تَرَ ) ، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان، كلّ واحدة منهما مفصلة عن الأخرى ما يبين عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك. ولو كان قوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) من صلة قوله: ( فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) لم تكن ( أَلَمْ تَرَ ) تامَّة حتى توصل بقوله: ( لإيلافِ قُرَيْشٍ ) لأن الكلام لا يتمّ إلا بانقضاء الخبر الذي ذُكر.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
---------------------------------------------------------------------------
ثمّ قال"

وقوله: ( إِيلافِهِمْ ) مخفوضة على الإبدال, كأنه قال: لإيلاف قريش لإيلافهم, رحلة الشتاء والصيف، وأما الرحلة فنُصبَت بقوله.( إِيلافِهِمْ ) , ووقوعه عليها.
وقوله: ( رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ) يقول: رحلة قريش الرحلتين: إحداهما إلى الشام في الصيف, والأخرى إلى اليمن في الشتاء.

-----------------------------
ثمّ قال

وقوله: ( فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ) يقول: فليقيموا بموضعهم ووطنهم من مكة, وليعبدوا ربّ هذا البيت, يعني بالبيت: الكعبة.
------------------
وقال بعضهم: أمروا أن يألفوا عبادة ربّ مكة كإلفهم الرحلتين.
--------------------------------
---------------------------

قال الطبري رحمه الله "


وقوله: ( الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ ) يقول: الذي أطعم قريشا من جوع.
------------------

-----------------------------
قال الطبري رحمه الله "


ثم قال --( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) اختلف أهل التأويل في معنى قوله: ( وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: أنه آمنهم مما يخاف منه من لم يكن من أهل الحرم من الغارات والحروب والقتال, والأمور التي كانت العرب يخاف بعضها من بعض.
--------------------------------------
وقال آخرون: عُنِي بذلك: وآمنهم من الجذام.
----------------

----------------
قال الطبري رحمه الله "


والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أنه ( آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ) والعدو مخوف منه, والجذام مخوف منه, ولم يخصص الله الخبر عن أنه آمنهم من العدوّ دون الجذام, ولا من الجذام دون العدوّ, بل عمّ الخبر بذلك، فالصواب أن يعمّ كما عمّ جلّ ثناؤه, فيقال: آمنهم من المعنيين كليهما.
__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-12-2008, 05:18 AM
الصورة الرمزية جمال الشرباتي
جمال الشرباتي جمال الشرباتي غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: القدس
الجنس :
المشاركات: 255
الدولة : Jordan
افتراضي

سورة الكوثر
إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأَبْتَرُ (3) .

------------------------------------------------------------------
قال الطبري رحمه الله

(
يقول تعالى ذكره: ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ ) يا محمد ( الْكَوْثَرَ) واختلف أهل التأويل في معنى الكوثر, فقال بعضهم: هو نهر في الجنة أعطاه الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم. )
----------------------------

وقال آخرون: عُنِي بالكوثر: الخير الكثير.

---------------------------------------
وقال آخرون: هو حوض أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة.
----------------------------------------
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي, قول من قال: هو اسم النهر الذي أُعطيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, وصفه الله بالكثرة, لعِظَم قدره.
وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك, لتتابع الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن ذلك كذلك.
--------------------------------------------------
ثم ذكر الأخبار وإليكم بعضها

(
**عن أنس قال: لما عُرج بنبيّ الله صلى الله عليه وسلم في الجنة, أو كما قال, عرض له نهر حافتاه الياقوت المجوف, أو قال: المجوب, فضرب الملك الذي معه بيده فيه, فاستخرج مسكا, فقال محمد للملك الذي معه: " ما هَذَا؟" قال: " هذا الكوثر الذي أعطاك الله; قال: ورفعت له سدرة المنتهى, فأبصر عندها أثرا عظيما " أو كما قال.


**, عن أنس, أن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: " بَيْنَما أنا أسِيرُ في الجَنَّةِ, إذْ عَرَض ليَ نَهْرٌ, حافَتاهُ قِبابُ اللُّؤْلُؤِ المُجَوَّفِ, فقالَ المَلَكُ الَّذِي مَعَهُ: أتَدْرِي ما هَذَا؟ هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أعْطاكَ اللهُ إيَّاهُ, وَضَرَبَ بِيَدِهِ إلى أرْضِه, فأخْرَجَ مِنْ طِينِه المِسْكَ" . )

ثم قال أبو جعفر رحمه الله

(
وقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )
اختلف أهل التأويل في الصلاة التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصليها بهذا الخطاب, ومعنى قوله: ( وَانْحَرْ) فقال بعضهم: حضه على المواظبة على الصلاة المكتوبة, وعلى الحفظ عليها في أوقاتها بقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) .
------------------------------
وقال آخرون: بل عُنِيَ بقوله ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) : الصلاة المكتوبة, وبقوله ( وَانْحَرْ) أن يرفع يديه إلى النحر عند افتتاح الصلاة والدخول فيها.
---------------------------------
وقال آخرون: عني بقوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ ) المكتوبة, وبقوله ( وَانْحَرْ) : نحر البُدن.

-------------------------------------
ثمّ قال"وقال آخرون: بل عُنِيَ بذلك: صل يوم النحر صلاة العيد, وانحر نسكك.

------------------------------------------
وقال آخرون: قيل ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم, لأن قوما كانوا يصلون لغير الله, وينحرون لغيره فقيل له. اجعل صلاتك ونحرك لله, إذ كان من يكفر بالله يجعله لغيره.

----------------


وقال آخرون: بل أنـزلت هذه الآية يوم الحديبية, حين حصر النبيّ صلى الله عليه وسلم وأصحابه, وصُدّوا عن البيت, فأمره الله أن يصلي, وينحر البُدن, وينصرف, ففعل.
-------------------------------------
وقال آخرون: بل معنى ذلك: فصل وادع ربك وسله.

----------------------------------------

(
وكان بعض أهل العربية يتأوّل قوله: ( وَانْحَرْ) واستقبل القبلة بنحرك. وذُكر أنه سمع بعض العرب يقول: منازلهم تتناحر: أي هذا بنحر هذا: أي قبالته. وذكر أن بعض بني أسد أنشده:


أبــا حَـكَمٍ هَـلْ أنْـتَ عَـمُّ مُجَـالِدٍ



وَسَــيِّدُ أهْــلِ الأبْطَــحِ المُتَنَـاحِرِ

أي ينحر بعضه بعضا.

-------------------------------------
ثمّ خلص إلى قوله فقال "
وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: معنى ذلك: فاجعل صلاتك كلها لربك خالصا دون ما سواه من الأنداد والآلهة, وكذلك نحرك اجعله له دون الأوثان, شكرا له على ما أعطاك من الكرامة والخير الذي لا كفء له, وخصك به, من إعطائه إياك الكوثر.
وإنما قلت: ذلك أولى الأقوال بالصواب في ذلك, لأن الله جلّ ثناؤه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بما أكرمه به من عطيته وكرامته, وإنعامه عليه بالكوثر, ثم أتبع ذلك قوله: ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) , فكان معلوما بذلك أنه خصه بالصلاة له, والنحر على الشكر له, على ما أعلمه من النعمة التي أنعمها عليه, بإعطائه إياه الكوثر, فلم يكن لخصوص بعض الصلاة بذلك دون بعض, وبعض النحر دون بعض وجه, إذ كان حثا على الشكر على النِّعَم.
فتأويل الكلام إذن: إنا أعطيناك يا محمد الكوثر, إنعاما منا عليك به, وتكرمة منا لك, فأخلص لربك العبادة, وأفرد له صلاتك ونسكك, خلافا لما يفعله من كفر به, وعبد غيره, ونحر للأوثان. )

----------------------------
ثمّ قال رحمه الله

(
وقوله: ( إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الأبْتَرُ )
يعني بقوله جل ثن, اؤه: ( إِنَّ شَانِئَكَ ) إن مبغضك يا محمد وعدوك ( هُوَ الأبْتَرُ ) يعني بالأبتر: الأقلّ والأذلّ المنقطع دابره, الذي لا عقب له.
واختلف أهل التأويل في المعنيّ بذلك, فقال بعضهم: عني به العاص بن وائل السهميّ. )
-------------------------------
ثمّ قال "
وقال آخرون: بل عني بذلك: عقبة بن أبي معيط.

------------------------------------
وقال آخرون: بل عني بذلك جماعة من قريش.
-------------------------------------
ثم خلص إلى قوله فقال

(
وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب أن يقال: إن الله تعالى ذكره أخبر أن مُبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأقلّ الأذلّ, المنقطع عقبه, فذلك صفة كل من أبغضه من الناس, وإن كانت الآية نـزلت في شخص بعينه.
---------------------------------------------
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-12-2008, 09:20 AM
الصورة الرمزية غربة روح
غربة روح غربة روح غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
مكان الإقامة: في دموع مقلتي
الجنس :
المشاركات: 986
افتراضي

جزاك الله الفردوس الأعلى أخي الكريم
بارك الله بجهودك ونفع بك
وجعلها في ميزان حسناتك
.آمين.
__________________
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 11-12-2008, 06:13 AM
الصورة الرمزية جمال الشرباتي
جمال الشرباتي جمال الشرباتي غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: القدس
الجنس :
المشاركات: 255
الدولة : Jordan
افتراضي

تفسير سورة إذا زلزلت

قال الطبري رحمه الله "

القول في تأويل قوله تعالى : إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنْسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) .


يقول تعالى ذكره: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) لقيام الساعة ( زِلْزَالَهَا ) فرُجَّت رجًّا;


والزلزال: مصدر إذا كسرت الزاي, وإذا فتحت كان اسما; وأضيف الزلزال إلى الأرض وهو صفتها, كما يقال: لأكرمنك كرامتك, بمعنى: لأكرمنك كرامة. وحسن ذلك في زلزالها, لموافقتها رءوس الآيات التي بعدها.

# عن سعيد, قال: ( زُلْزِلَتِ الأرْضُ ) على عهد عبد الله, فقال لها عبد الله: مالك، أما إنها لو تكلَّمت قامت الساعة.


وقوله: ( وَأَخْرَجَتِ الأرْضُ أَثْقَالَهَا ) يقول: وأخرجت الأرض ما في بطنها من الموتى أحياء, والميت في بطن الأرض ثقل لها, وهو فوق ظهرها حيا ثقل عليها.

-----------------------------------
ثمّ تابع قائلا--

وقوله: ( وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا ) يقول تعالى ذكره: وقال الناس إذا زلزلت الأرض لقيام الساعة: ما للأرض وما قصتها( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ).

و عن ابن عباس,( وَقَالَ الإنْسَانُ مَا لَهَا ) قال الكافر: ( يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) يقول: يومئذ تحدث الأرض أخبارها، وتحديثها أخبارها, على القول الذي ذكرناه عن عبد الله بن مسعود, أن تتكلم فتقول: إن الله أمرني بهذا, وأوحى إليّ به, وأذن لي فيه.
وأما سعيد بن جبير, فقد قرأ : ( يَوْمَئِذٍ تُنَبِّئُ أَخْبَارَها ) ومرة: ( تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ) .


فكأن معنى تحدّث كان عند سعيد: تُنَبِّئُ, وتنبيئها أخبَارَهَا: إخراجها أثقالها من بطنها إلى ظهرها. وهذا القول قول عندي صحيح المعنى, وتأويل الكلام على هذا المعنى: يومئذ تبين الأرض أخبارها بالزلزلة والرجة, وإخراج الموتى من بطونها إلى ظهورها, بوحي الله إليها, وإذنه لها بذلك, وذلك معنى قوله: ( بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ).

------------------------------
ثمّ قال--
وقد ذُكر عن عبد الله أنه كان يقرأ ذلك: ( يَوْمَئِذٍ تُنْبِّئُ أَخْبَارَها ) وقيل: معنى ذلك أن الأرض تحدث أخبارها من كان على ظهرها من أهل الطاعة والمعاصي, وما عملوا عليها من خير أو شرّ.

--------------------
وقال رحمه الله"
وقيل: عنى بقوله: ( أَوْحَى لَهَا ) : أوحى إليها.

--------------------------------------------------------


وقوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ) قيل: إن معنى هذه الكلمة التأخير بعد ( لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) قالوا: ووجه الكلام: يومئذ تحدث أخبارها بأن ربك أوحى لها، لِيُرَوْا أعمالهم, يومئذ يصدر الناس أشتاتا. قالوا: ولكنه اعترض بين ذلك بهذه الكلمة.

**************
ومعنى قوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا ) عن موقف الحساب فِرَقا متفرقين, فآخذ ذات اليمين إلى الجنة, وآخذ ذات الشمال إلى النار.


وقوله: ( لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) يقول: يومئذ يصدر الناس أشتاتا متفرّقين, عن اليمين وعن الشمال, ليروا أعمالهم, فيرى المحسن في الدنيا, المطيع لله عمله وما أعد الله له يومئذ من الكرامة, على طاعته إياه كانت في الدنيا, ويرى المسيء العاصي لله عمله وجزاء عمله وما أعدّ الله له من الهوان والخزي في جهنم على معصيته إياه كانت في الدنيا, وكفره به.


وقوله: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ )
يقول: فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير, يرى ثوابه هنالك

( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ )يقول: ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر يرى جزاءه هنالك,

وقيل: ومن يعمل والخبر عنها في الآخرة, لفهم السامع معنى ذلك, لما قد تقدم من الدليل قبل, على

أن معناه: فمن عمل; ذلك دلالة قوله: ( يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ ) على ذلك. ولكن لما كان مفهوما معنى الكلام عند السامعين، وكان في قوله: ( يَعْمَلْ ) حث لأهل الدنيا على العمل بطاعة الله, والزجر عن معاصيه, مع الذي ذكرت من دلالة الكلام قبل ذلك, على أن ذلك مراد به الخبر عن ماضي فعله, وما لهم على ذلك, أخرج الخبر على وجه الخبر عن مستقبل الفعل.

************
ثمّ قال"
"وقيل في ذلك غير هذا القول, فقال بعضهم: أما المؤمن, فيعجل له عقوبة سيئاته في الدنيا, ويؤخِّر له ثواب حسناته, والكافر يعجِّل له ثواب حسناته, ويؤخر له عقوبة سيئاته"

----------------------------------
* بعض ما نقل --



# أن أبا بكر كان يأكل مع النبيّ , فأنـزلت هذه الآية: ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) فرفع أبو بكر يده من الطعام, وقال: إني لراء ما عملت, قال: لا أعلمه إلا قال: ما عملت من خير وشرّ, فقال النبيّ : " إنَّ ما تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مثَاقِيلُ ذَرّ شَر كَثِيرٍ, وَيَدَّخِرُ اللهُ لَكَ مَثَاقِيلَ ذَرّ الخَيْرِ حتى تُعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ" وتصديق ذلك في كتاب الله: وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ .

# قالت عائشة: يا رسول الله, إن عبد الله بن جُدْعان كان يصل الرحم, ويفعل ويفعل, هل ذاك نافعه؟ قال: " لا إنه لم يقل يوما: " رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ".


# سلمة بن يزيد الجعفي, قال: يا رسول الله, إن أمنا هلكت في الجاهلية, كانت تصل الرحم, وتَقْرِي الضيف, وتفعل وتفعل, فهل ذلك نافعها شيئا؟ قال: " لا " .


# سلمان بن عامر جاء رسول الله , فقال: إنّ أبي كان يصل الرحم, ويفي بالذمة, ويُكرم الضيف, قال: " ماتَ قَبْلَ الإسْلامِ"؟ قال: نعم, قال: " لَنْ يَنْفَعَهُ ذَلكَ", فولى, فقال رسول الله : " عَليَّ بالشَّيْخِ", فجاءَ, فَقالَ رسولُ الله : " إنَّها لَنْ تَنْفَعَهُ, وَلَكِنَّهَا تَكُونُ فِي عَقِبِهِ, فَلَنْ تُخْزَوْا أبَدًا, وَلَنْ تَذِلُّوا أَبَدًا, وَلَنْ تَفْتَقِرُوا أَبدًا " .

# عن أنس, أن رسول الله قال: " إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ المُؤْمِنُ حَسَنَةً يُثابُ عَلَيْها الرّزْقَ فِي الدنْيا, ويُجْزى بِها فِي الآخِرَةِ; وأمَّا الكافِرُ فَيُعْطِيهِ بِها فِي الدنْيا, فإذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ, لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنةٌ" .

# قال: قال رسول الله : " ما أحْسَنَ مِنْ مُحْسِنٍ، مُؤْمِنٍ أوْ كَافِرٍ إلا وَقَعَ ثَوَابُهُ عَلى الله فِي عاجِل دُنْيَاهُ, أَوْ آجِلِ آخِرَتِهِ" .

# عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: أنـزلت: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا ) وأبو بكر الصدّيق قاعد, فبكى حين أنـزلت, فقال له رسول الله : " ما يُبْكِيكَ يا أبا بَكْرٍ؟" قال: يُبكيني هذه السورة, فقال له رسول الله : " لَوْلا أنَّكُمْ تُخْطِئونَ وَتُذْنِبُونَ فَيَغْفِرُ اللهُ لَكُمْ لَخَلَقَ اللهُ أُمَّةً يُخْطِئُونَ وَيُذْنِبُونَ فَيَغْفرُ لَهُمْ".

------------------------------
ثمّ عقب الطبري قائلا--
(
فهذه الأخبار عن رسول الله تُنبئ عن أن المؤمن إنما يرى عقوبة سيئاته في الدنيا, وثواب حسناته في الآخرة, وأن الكافر يرى ثواب حسناته في الدنيا, وعقوبة سيئاته في الآخرة, وأن الكافر لا ينفعه في الآخرة ما سلف له من إحسان في الدنيا مع كُفره. )
-------------------------------------------

ثمّ نقل هذا القول

# عن إبراهيم التيمي, قال: أدركت سبعين من أصحاب عبد الله, أصغرهم الحارث بن سويد, فسمعته يقرأ: ( إِذَا زُلْزِلَتِ الأرْضُ زِلْزَالَهَا ) حتى بلغ إلى: ( وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ) قال: إن هذا إحصاء شديد.


وقيل: إن الذَّرَّة دُودة حمراء ليس لها وزن.


---------------------------------------------

آخر تفسير سورة إذا زلزلت الأرض.__







التوقيع
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 17-12-2008, 05:55 AM
الصورة الرمزية جمال الشرباتي
جمال الشرباتي جمال الشرباتي غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: القدس
الجنس :
المشاركات: 255
الدولة : Jordan
Arrow

قال تعالى


تأويل سورة البيّنة

: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4) .


قال الطبري رحمه الله "


اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ ) فقال بعضهم: معنى ذلك: لم يكن هؤلاء الكفار من أهل التوراة والإنجيل, والمشركون من عَبدة الأوثان ( مُنْفَكِّينَ ) يقول: منتهين حتى يأتيهم هذا القرآن.



------------------------------------------
ثمّ قال"


وقال آخرون: بل معنى ذلك أن أهل الكتاب وهم المشركون, لم يكونوا تاركين صفة محمد في كتابهم, حتى بُعث, فلما بُعث تفرّقوا فيه.


ثمّ رجّح قولا فقال"


وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال: معنى ذلك: لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين مفترقين في أمر محمد, حتى تأتيهم البيِّنة, وهي إرسال الله إياه رسولا إلى خلقه, رسول من الله.


وقوله.( مُنْفَكِّينَ ) في هذا الموضع عندي من انفكاك الشيئين أحدهما من الآخر, ولذلك صَلُح بغير خبر، ولو كان بمعنى ما زال, احتاج إلى خبر يكون تماما له, واستؤنف قوله ( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ ) هي نكرة على البيِّنة, وهي معرفة, كما قيل: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ فقال: حتى يأتيهم بيان أمر محمد أنه رسول الله, ببعثة الله إياه إليهم, ثم ترجم عن البيِّنة, فقال: تلك البينة


( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ) يقول: يقرأ صحفا مطهرة من الباطل


( فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) يقول: في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة, ليس فيها خطأ, لأنها من عند الله.
----------------------------------------------
ثمّ قال"
--------------------------------------------
وقوله: ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ) يقول: وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم, فكذّبوا به, إلا من بعد ما جاءتهم البينة, يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البينة , يعني: أن بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول: فلما بعثه الله تفرّقوا فيه, فكذّب به بعضهم, وآمن بعضهم, وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.


-----------------------------------
يتبع
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 22-12-2008, 10:09 PM
الصورة الرمزية قاصرة الطرف
قاصرة الطرف قاصرة الطرف غير متصل
مشرفة ملتقى الأخت المسلمة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: -* واحة زهرات الشفاء *-
الجنس :
المشاركات: 4,853
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاك الله خير أخي الكريم
جمال الشرباتي
على طرح تفسير الطبري
الذي لابد لكل واحد منا أن يقرأه ويفهمه
جزاك الله خير
نفع الله بك
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 27-12-2008, 03:10 AM
الصورة الرمزية جمال الشرباتي
جمال الشرباتي جمال الشرباتي غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: القدس
الجنس :
المشاركات: 255
الدولة : Jordan
افتراضي

السلام عليكم

أشكركم على المرور الطيّب
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 31-12-2008, 12:20 PM
الصورة الرمزية جمال الشرباتي
جمال الشرباتي جمال الشرباتي غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2007
مكان الإقامة: القدس
الجنس :
المشاركات: 255
الدولة : Jordan
افتراضي

ثمّ قال رحمه الله"

( رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُطَهَّرَةً ) يقول: يقرأ صحفا مطهرة من الباطل
( فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ ) يقول: في الصحف المطهرة كتب من الله قيمة عادلة مستقيمة, ليس فيها خطأ, لأنها من عند الله.

*

-----------------------------

ثمّ قال"

وقوله: ( وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ ) يقول: وما تفرّق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم, فكذّبوا به, إلا من بعد ما جاءتهم البينة, يعني: من بعد ما جاءت هؤلاء اليهود والنصارى البينة , يعني: أن بيان أمر محمد أنه رسول بإرسال الله إياه إلى خلقه، يقول: فلما بعثه الله تفرّقوا فيه, فكذّب به بعضهم, وآمن بعضهم, وقد كانوا قبل أن يُبعث غير مفترقين فيه أنه نبيّ.
------------------------------
ثمّ قال"


القول في تأويل قوله تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) .
يقول تعالى ذكره: وما أمر الله هؤلاء اليهود والنصارى الذين هم أهل الكتاب إلا أن يعبدوا الله مخلصين له الدين; يقول: مفردين له الطاعة, لا يخلطون طاعتهم ربهم بشرك, فأشركت اليهود بربها بقولهم إن عُزَيرا ابن الله, والنصارى بقولهم في المسيح مثل ذلك, وجحودهم نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وقوله: ( حُنَفَاءَ ) قد مضى بياننا في معنى الحنيفية قبل بشواهده المُغنية عن إعادتها,

---------------------------
ثمّ قال"
.
وقوله: ( وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ )
يقول: وليقيموا الصلاة, وليؤتوا الزكاة.

وقوله: ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ )
يعني أن هذا الذي ذكر أنه أمر به هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين, هو الدين القيمة, ويعني بالقيِّمة: المستقيمة العادلة, وأضيف الدين إلى القيِّمة, والدين هو القَيِّم, وهو من نعته لاختلاف لفظيهما. وهي في قراءة عبد الله فيما أرى فيما ذُكر لنا: ( وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ ) وأُنِّثت القيمة, لأنها جعلت صفة للملة, كأنه قيل: وذلك الملة القيِّمة, دون اليهودية والنصرانية.


------------------

ثمّ قال"
القول في تأويل قوله تعالى :إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) .
يقول تعالى ذكره: إن الذين كفروا بالله ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم, فجحدوا نبوّته, من اليهود والنصارى والمشركين جميعهم ( فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ) يقول: ماكثين لابثين فيها( أَبَدًا ) لا يخرجون منها, ولا يموتون فيها
( أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ) يقول جل ثناؤه: هؤلاء الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين, هم شرّ من برأه الله وخلقه، والعرب لا تهمز البرية, وبترك الهمز فيها قرأتها قراء الأمصار, غير شيء يُذكر عن نافع بن أبي نعيم, فإنه حكى بعضهم عنه أنه كان يهمزها, وذهب بها إلى قول الله مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا ( [الحديد: 22] وأنها فعيلة من ذلك. وأما الذين لم يهمزوها, فإن لتركهم الهمز في ذلك وجهين:

أحدهما أن يكونوا تركوا الهمز فيها, كما تركوه من الملك, وهو مفعل من ألك أو لأك, ومِن يرى, وترى, ونرى, وهو يفعل من رأيت.

والآخر: أن يكونوا وجَّهوها إلى أنها فعيلة من البري وهو التراب. حكي عن العرب سماعا: بفيك البري, يعني به: التراب.

-------------
ثمّ قال"

وقوله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ )
يقول تعالى ذكره: إن الذين آمنوا بالله ورسوله محمد, وعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء, وأقاموا الصلاة, وآتوا الزكاة, وأطاعوا الله فيما أمر ونهى ( أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) يقول: من فعل ذلك من الناس فهم خير البرية.

-----------
ثمّ قال"

القول في تأويل قوله تعالى جل جلاله وتقدست أسماؤه: جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8) .
يقول تعالى ذكره: ثواب هؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات عند ربهم يوم القيامة ( جَنَّاتِ عَدْنٍ ) يعني بساتين إقامَة لا ظعن فيها, تجري من تحت أشجارها الأنهار ( خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ) يقول: ماكثين فيها أبدًا, لا يخرجون عنها, ولا يموتون فيها


( رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ )بما أطاعوه في الدنيا, وعملوا لخلاصهم من عقابه في ذلك

( وَرَضُوا عَنْهُ ) بما أعطاهم من الثواب يومئذ, على طاعتهم ربهم في الدنيا, وجزاهم عليها من الكرامة.
وقوله: ( ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ )
يقول تعالى ذكره: هذا الخير الذي وصفته, ووعدته الذين آمنوا وعملوا الصالحات يوم القيامة, لمن خشي ربه; يقول: لمن خاف الله في الدنيا في سرّه وعلانيته, فاتقاه بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه, وبالله التوفيق.

----------------
آخر تفسير سورة لم يكن
رد مع اقتباس
  #9  
قديم 01-01-2009, 10:28 AM
الصورة الرمزية صقر الشفاء
صقر الشفاء صقر الشفاء غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
مكان الإقامة: الشفاء
الجنس :
المشاركات: 829
افتراضي

جزاك الله كل خير استاذي الفاضل جمال الشرباتي على ما تتحفنا من معلومات قيمة حول التأويل والتفسير في الكتاب العزيز
شكراً جزيلا اخي الغالي
__________________
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 122.09 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 116.77 كيلو بايت... تم توفير 5.32 كيلو بايت...بمعدل (4.36%)]