الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله - الصفحة 23 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4973 - عددالزوار : 2089218 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4551 - عددالزوار : 1363251 )           »          كيف تصنع ب"لا إله إلا الله" يوم القيامة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          رأس المنافقين ( عبد الله بن أُبَيّ بن سلول) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          الإسراء والمعراج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          الأخوَّة.. تلك الحلقة المفقودة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          محمد بن القاسم الثقفي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          الإسلام عقيدة وعبادة وأخلاق وتشريع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          معركتنا مع الشيطان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          أويس القرني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > فتاوى وأحكام منوعة
التسجيل التعليمـــات التقويم

فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-01-2022, 05:25 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 89 الى صــــــــ
98
الحلقة (175)

[مباحث الصداق]
[تعريفه]
-الصداق في اللغة له أسماء كثيرة: منها المهر، يقال: مهرت المرأة إذا أعطيتها المهر، ولا يقال: أمهرتها، بمعنى أعطيتها المهر، وإنما يقال: أمهرها، إذا زوجها من غيره على مهر.
ومنها:
الصداق بفتح الصاد. وكسرها، مع فتح الدال. وهو اسم مصدر لأصدقت الرباعي.
يقال:
أصدقت المرأة إصداقا. إذا سميت لها الصداق. فالمصدر الأصداق. واسم المصدر الصداق.وفي الصداق لغات.
فيقال فيه:
صدقة. بفتح الصاد وضم الدال. وصدقة، وصدقة. بسكون الدال فيهما، مع فتح الصاد وضمها وهو في الأصل مأخوذ من الصدق. لأن فيه إشعارا برغبة الزوج في الزواج ببذل المال.
ومن هنا يمكن أن يقال:
إن معنى الصاد في اللغة دفع المال المشعر بالرغبة في عقد الزواج. فيكون المعنى اللغوي مقصورا على ما وجب بالعقد. فيكون أخص من المعنى الشرعي. لأن المعنى الشرعي يتناول ما دفع للمرأة بوطء الشبهة وغيره.
مما ستعرفه. وهذا على خلاف الغالب. فإن الغالب أن يكون المعنى الشرعي أخص من اللغوي.أما معناه اصطلاحا. فهو اسم للمال الذي يجب للمرأة في عقد النكاح في مقابلة الاستمتاع بها. وفي الوطء بشبهة. أو نكاح فاسد أو نحو ذلك (1) .
[شروط المهر]
-وشرط في المهر أمور:أحدها: أن يكون مالا متقوما له قيمة، فلا يصح باليسير الذي لا قيمة له، كحبة من بر، ولا حد لأكثره، كما لا حد لأقله (2) ، فلو تزوجها بصداق يسير ولو ملء كفه طعاما من قمح أو من دقيق، فإنه يصح، ولكن يسن أن لا ينقص المهر عن عشرة دراهم، لما رواه جابر مرفوعا "لو أعطى رجل امرأة صداقا، ملء يده طعاما، كانت له حلالا"، وظاهر هذا أن الصداق ليس مقصودا لذاته في الزواج، وإنما هو مقصود للإشارة إلى أن الرجل ملزم بالانفاق على المرأة من أول الأمر.ثانيها: أن يكون طاهرا يصح الانتفاع به، فلا يصح الصداق بالخمر.
والخنزير، والدم. والميتة لأن هذه الأشياء لا قيمة لها في نظر الشريعة الإسلامية، وإن كان لبعضها قيمة مالية عند غيرهم، كالخمر والخنزير وشحوم الميتة وجلودها والدم المتجمد عند من يأكله، فإن كل هذه الأشياء لا يصح للمسلمين ملكها، فلا يمكن إيجابها عليهم في الصداق، فإذا سمى لها خمرا أو خنزيرا أو غير ذلك مما لا يصح للمسلمين ملكها، بطلت التسمية، وصح العقد (3) ، وثبت للمرأة مهر المثل، فإذا سمى لها صداقا، بعضه مال وبعضه ليس بمال، أو بعضه طاهر وبعضه نجس، أو سمى لها صداقا نجسا، وأشار إلى طاهر. أو العكس، أو أجمع لها بين المهر والبيع في عقد واحد، فإن في كل ذلك تفصيل المذاهب (4) .
ثالثها:
أن لا يكون الصداق مغصوبا، فإذا سمى لها صداقا مغصوبا لم يصح الصداق (5) ويصح العقد، وكان لها مهر المثل.
رابعها:
أن لا يكون مجهولا، وفيه تفصيل (6)
(1) (أدخل الشافعية في المهر ما وجب للرجل الذي يفوت عليه بضع امرأته. كما إذا تزوج صغيرة فأرضعتها أمه مثلا فإنها تحرم عليه. ويتقرر للصغيرة مهر المثل وللزوج نصف مهر المثل. ومثله السيد الذي أذن أمته أن تختلع من زوجها بدون أن يعين لها قدرا تختلع عليه ففعلت. فإنه يتقرر للسيد عند جاريته مهر مثلها، يأخذه من كسبها، إن كان لها كسب، وإلا فيصبح دينا في ذمتها، يأخذه منها بعد العتق واليسار، وذلك لأن المال الذي اختلعت عليه ملك لسيدها، فإذا أطلق لها الإذن، واختلعت بأكثر من مهر المثل طولبن بالزيادة بعد العتق واليسار أيضا، وكذلك إذا شهد شاهدان على رجل بأنه طلق امرأته طلاقا بائنا، أو رجعيا، وانقضت العدة حتى بانت، وفرق القاضي بينهما ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما، فإنه يجب عليهما للزوج مهر المثل لأنهما بشهادتهما الكاذبة فوتا عليه استحقاقه في البضع ظاهرا بحكم القاضي، ففي هذه الصورة يجب للزوج مهر المثل، سواء كانت الشهادة قبل الدخول.
أو بعده، بخلاف تفويتها عليه في صورة الرضاع، فليس له فيها إلا نصف مهر المثل، يرجع به على المرضعة وذلك لأن فرقة الرضاع حقيقة، ظاهرا وباطنا، فهو لم يدخل بها حتما، فله النصف. أما الفرقة في صورة الشهادة الكاذبة. فإنها في الظاهر فقط. إذ له أن يطأ امرأته متى كان متأكدا من كذب الشهود. فكأنه دخل بها فله كل مهر المثل.
فإن قلت: إن مقتضى ذلك أن لا يثبت له شيء في هذه الصورة لأنه لم يضع عليه حقه في البضع باطنا. قلت: إن حكم القاضي جعل للمرأة الحق في الانفصال منه والتزوج بغيره. ولها الحق في ألا تمكنه، فلا يستطيع أن يعاشرها معاشرة كاملة. فلذا كان له الحق في كل مهر المثل تعويضا. اعتبارا بأنه دخل بها. ولو كانت الفرقة قبل الدخول.
ومن أجل ذلك عرف الشافعية المهر بأنه ما وجب بنكاح أو وطء أو تفويت بضع قهرا عن الزوج أو خلع أو شهادة.
فما وجب للرجل على الرجل. أو على المرأة يسمى مهرا عندهم، أما غيرهم فقد خص المهر بما يعطى للمرأة في مقابلة الاستمتاع بها بالقوة أو الفعل فيشمل ما وجب بمجرد العقد الصحيح. وما وجب بالوطء، سواء كان بعقد فاسد أو شبهة أو إكراه) .

(2) (الحنفية - قالوا: أقل المهر عشرة دراهم، وهي تساوي في زماننا أربعين قرشا تقريبا، ولا فرق بين أن تكون مضروبة أولا، وإنما تشترط المضروبة في نصاب السرقة للقطع للاحتياط في الحد، ويصح أن يسمي سلعة. أو عرض تجارة تساوي قيمتها عشرة دراهم.
وقدر بعضهم الدرهم الشرعي بأربعة عشر قيراطا، وقدر القيراط بأربع قمحات وسط، فيكون الدرهم - 56 قمحة - وقدره بعضهم بالخرنوبة، وقال: أن الخرنوبة تزن أربع قمحات، وهو يزن - 16 خرنوبة - فتكون زنة الدرهم - 64 قمحة - ولكن التحقيق أن المعتبر في وزن الدرهم الشرعي أن يكون أربعة عشر قيراطا، كل قيراط يساوي خمس حبات، فتكون زنة الدرهم الشرعي سبعين حبة، فالمراد بالدرهم الصنجة، وهي آلة الوزن المعروفة، وهي بالخرنوبة - 2/171 - لأن الخرنوبة - 4 قمحات - ويساوي الدرهم في زماننا أربعة قروش صاغ تقريبا.
فإذا أمهرها أقل من عشرة دراهم، فإن العقد يصح وتجب لها العشرة، استدلوا لذلك ما رواه ابن أبي حاتم من حديث" لا مهر أقل من عشرة دراهم"، وهو بهذا الإسناد حسن. وما ورد من أن النبي صلى الله وعليه وسلم، أجاز النكاح بأقل من ذلك، كما قال للاعرابي: " التمس ولو خاتما من حديد" فإنه محمول على المعجل الذي يسن، فإنه يندب أن يعطي الرجل للمرأة شيئا، مهما كان معسرا، والباقي يبقى دينا في ذمته.
المالكية - قالوا: أقل المهر ثلاثة دراهم من الفضة الخالصة من الغش. أو عرض تجارة يساوي ثلاثة دراهم، وقدر الدرهم عندهم بما زنته خمسون حبة وخمسمائة حبة من الشعير الوسط، فإن نقص الصداق عن ذلك، ثم دخل بها، ثبت العقد، ووجب على الزوج أن يعطيها هذا الأقل، أما قبل الدخول فهو مخير، بين يتم لها الصداق إلى الحد الأدنى، وهو ثلاثة دراهم. أو يفسخ العقد، وعليه نصف المسمى من الصداق.)
(3) (المالكية - قالوا: إذا تزوجها على خمر أو خنزير ونحوهما مما لا يملك أو يباع، فإن العقد يفسد، ويفسخ قبل الدخول، أما إذا دخل بها، فإنه يثبت، وتستحق المرأة صداق المثل والمراد بما لا يباع، جلد الأضحية وجلد الميتة المدبوغ، فإنهما يملكان، ولكن لا يباعان فلا يصلحان مهرا.
وحاصله أن المالكية خالفوا غيرهم في صحة العقد، فقالوا: إنه فاسد يفسخ قبل الدخول، ووافقوهم على أن المرأة تستحق مهر المثل بعد الدخول، مع استقرار العقد.)
(4) (الشافعية - قالوا: إذا تزوجها بصداق بعضه مملوك له وبعضه غير مملوك، بطل فيما لا يملكه دون غيره، ثم ينظر في غير المملوك، فإن كان مما لا ينتفع به أصلا، بحيث لا يكون مقصودا لأحد، كالدم، وفي هذه الحالة ينعقد الصداق بالمملوك، وتلغو تسمية غير المقصود، وإن كان غير المملوك مما يقصد الانتفاع به، كالخمر مثلا، فلا يخلو إما أن تكون عالمة به عند التسمية أو لا، فإن كانت جاهلة به، كان لها الخيار بين فسخ الصداق وإبقائه، فإن فسخته وردته ثبت لها مهر المثل، وإن أبقته كان لها ما ثبت أنه مملوك له، مع حصة من مهر المثل تساوي ما سماه لها من غير المملوك له، مثلا إذا سمى لها صداقا خمسين ناقة، وهي مهر مثلها، وكان نصفها مملوكا له، والنصف الآخر مغصوبا، فإنها تستحق المملوك له بلا كلام، ثم يقوم النصف المغصوب، فإن كانت قيمته تساوي نصف صداق مثلها، كان لها عليه نصف صداق المثل، تأخذه دراهم أو جنيهات أو عروض تجارة أو نياقا الخ، فالواجب لها عنده قيمة النياق المغصوبة بما يقابلها من مهر المثل، هذا إذا سمى لها أشياء متماثلة مختلفة القيمة، كالنياق، أما إذا ذكر لها أشياء مثلية متحدة القيمة، كما إذا سمى لها عشرة أرادب من القمح الاسترالي مثلا، فإنها مثلية، قيمتها واحدة.
وسعرها واحد، وكانت تساوي مهر مثلها، ولكن نصفها مملوك له، ونصفها مغصوب من جاره، فإن لها في هذه الحالة الخمسة المملوكة له، ولها نصف مهر المثل، سواء كان مساويا لقيمة المغصوب أو أكثر أو أقل، وإذا سمى لها شيئا مملوكا، وشيئا لا يصح أن يملك، ولا قيمة له في نظر الشرع، كما إذا مهرها عشرة جنيهات وخمس زجاجات من الخمر، فإن لها الجنيهات المملوكة، أما الخمر فإنه يعتبر خلا، ثم ينظر فيه، فإن كانت قيمة الخمر كقيمة الخل فرضا، كان لها خمس زجاجات من الخل وزنا أو كيلا، وإلا قوم الخمر، واستحق قيمة الخل التي تعادل قيمة الخمر المذكور.
وإذا قال شخص لآخر: زوجتك بنتي، وبعتك حمارها بجملك هذا، فإنه يصح العقد والبيع والمهر، ولكن يوزع الجمل على قيمة الحمار. ومهر المثل، فإذا كان مهر المثل عشرة جنيهات، وقيمة الحمار خمسه، كان الصداق ثلثا قيمة الجمل، وثلثه عن الحمار. فلو االزوج قبل الدخول كان له نصف العشرة التي اعتبرت صداقا. وإنما يصح ذلك إذا رضيت الزوجة بذلك. أما إذا لم ترض، وكان حمارها يساوي أكثر، فإن البيع يبطل، وكذا إذا كان مهر مثلها أكثر، فإن لها أن تطالب بما يكمل مهر المثل، ولو قال له: زوجتك بنتي، وبعتك حماري بهذا الجمل، فإنه يبطل البيع. والصداق معا، لأن جواز جمع الصفقة بين مختلفي الحكم من بيع ونكاح، إنما يجوز إذا كان المعقود عليه متعلقا بواحد.
الحنفية - قالوا: مثال الأول أن يتزوجها على مائة جنيه. وعلى طلاق ضرتها فلانة. فإنه جعل المهر مركبا من مال - وهو المائة - ومما ليس بمال وهو طلاق ضرتها - وفي هذه الحالة يقع عليه الطلاق في الحال بالعقد ويكون لها هي المهر المسمى لا غير.
أما إذا تزوجها على مائة. وعلى أن يطلق فلانة، فإن فلانة لم تطلق بالعقد طبعا، لأنه وعد بتطليقها في المستقبل، فإن طلقها فذاك، وإن لم يطلق كان لامرأته الجديدة تمام مهر المثل إن كان المسمى ناقصا عنه، وإلا فلا شيء لها، ومثل ذلك ما إذا تزوجها على ألف. وهدية يهديها إليها، فإن لها الحق في المطالبة بتكملة مهر المثل إن كان المسمى أقل، وإلا فلا شيء لها.
وإذا سمى مالا حلالا. ومالا حراما، كما إذا قال لها: تزوجتك على عشرة دراهم.
وعشرة أرطال من الخمر، أو على عشرة دراهم، وخنزير سمين مثلا. فإن العقد يصح، ويكون لها العشر دراهم لا غير، أما الخمر. والخنزير فلا تستحق في مقابلهما شيئا، خلافا للشافعية، كما تقدم، وليس لها أن تطالب بمهر المثل إذا كانت العشرة أقل من مهر المثل، لن الخمر والخنزير لا منفعة فيهما عند المسلمين، فلا حق لها في مقابلهما، فإذا ذكر أقل من العشرة كان لها المطالبة بما يكمل لها العشرة. وإذا تزوجها على مائة جنيه. وعلى طلاق ضرتها. وعلى أن يأخذ منها فرسها، أو عبدها، وقع الطلاق بالعقد بائنا، ثم ينظر إلى قيمة طلاق الضرة، وقيمة النصف الآخر مقابلة لنصف المائة الباقية، ويتفرع على أن هذا أنه إذا هلك الفرس في يدها قيل أن يستلمه الزوج كان له الحق في الخمسين التي قابلت نصفه، وله نصف قيمته التي قابلت نصف قيمة طلاق الضرة.
فإذا تزوجها على ألف. وعلى أن يطلق ضرتها وعلى أن يأخذ حديقتها، كان في هذه الصورة ثلاثة عقود: عقد زواج. وعقد بيع. وطلاق ضرة. فيجعل ما يبذله منقسما على ما تبذله هي وهو قد بذل الألف. وطلاق الضرة الذي لم يكن مالا. وهي قد بذلت الحديقة. والبضع. فصار الألف بإزاء الحديقة ونصفها بإزاء البضع.
وصار نصف قيمة طلاق الضرة بإزاء الحديقة فيكون طلاقا في مقابلة مال - وهو الخلع - فالرجل طلق الضرة في مقابلة نصف الحديقة التي أخذها من الزوجة الجديدة وصار النصف الآخر بإزاء البضع. وهو ليس بمهر، لأنه ليس مالا ولكن أصبح حقا للمرأة الجديدة، فلا يخلو إما أن يطلقها قبل الدخول. أو بعده. وعلى كل إما أن يكون قد طلق ضرتها أو لا، فالصور أربع:
إحداها: أن يطلق الجديدة قبل الدخول مع كونه قد طلق ضرتها. فإن كانت قيمة الحديقة تساوي قيمة مهر المثل استحق الزوج كل الحديقة وربع الألف التي دفعها أو هي مائتان وخمسون وذلك لأننا جعلنا نصف الحديقة في مقابلة نصف الألف والنصف الثاني في مقابلة نصف طلاق الضرة، وجعلنا نصف البضع في مقابل نصف الألف الثانية، ونصفه الأخرى في مقابلة نصف طلاق الضرة، فإذا طلق الضرة فقد استحق بذلك نصف الحديقة، وبقي النصف الآخر يستحقه بنصف الألف الذي يقابله، فكانت له كل الحديقة، وبقي ما تستحقه هي في مقابلة البضع، وهو نصف الألف. ونصف طلاق الضرة، فبقي لها نصف الألف خمسمائة، تستحق نصفها بالطلاق قبل الدخول، وهو مائتان وخمسون.
الصورة الثانية: أن يطلقها قبل الدخول، ولم يطلق ضرتها، وفي هذه الحالة يكون للرجل نصف الحديقة فقط في مقابل نصف الألف، والخمسمائة الأخرى إن كانت تساوي مهر مثلها، كان له نصفها وهي مائتان وخمسون، وإلا كمل لها نصف مهر المثل.
الصورة الثالثة: أن يطلقها بعد الدخول، مع كونه قد طلق ضرتها، وفي هذه الحالة يكون لها الألف كاملة، وتكون له الحديقة كاملة.
الصورة الرابعة: أن يطلقها بعد الدخول، مع كونه لم يطلق ضرتها، وفي هذه الحالة تستحق المرأة مهر المثل كاملا، ولا يستحق الرجل شيئا، وإذا سمى لها مهرا فوجد بخلاف المسمى، فهو يحتمل أربعة أوجه أيضا.
الوجه الأول: أن يذكر حراما ويشير إلى حرام، كأن يقول لها: تزوجتك على هذا الدن من الخمر - وهو خمر - وفي هذه الصورة يبطل المسمى. ويثبت لها مهر المثل.
الوجه الثاني: أن يذكر حلالا ويشير إلى حلال يختلف معه في الجنس، كذا الدن من الزيت وهو مملوء خلا، وفي هذه الصورة يجب لها الزيت الموجود في الدن.
الوجه الثالث: أن يذكر حراما ويشير إلى حلال، كهذا الدن من الخمر، وهو مملوء زيتا، وفي هذه الحالة يكون لها الزيت الموجود في الدن.
الوجه الرابع: عكس هذا، وهو أن يذكر حلالا ويشير إلى حرام، كهذا الدن من الخل، فإذا هو خمر، وفي هذه الحالة يكون لها مهر المثل.
المالكية - قالوا: إذا سمى لها مهرا حلالا فوجدته حراما، كأن قال لها: تزوجتك بهذه القلة من الخل فوجدته خمرا بعد فتح القلة، فإنه في هذه الحالة يصح العقد والتسمية، ويكون لها قيمة الخل، وذلك نظير ما إذا سمى لها فرسا، وقبضتها فوجدتها معيبة، فإن لها الحق في فرس سليم من العيب، وكذا إذا قال لها: تزوجتك بهذه القلة من الخمر، ولكنها كانت في الواقع خلا، فإنه يصح، بشرط أن يتراضيا على ذلك، أما إذا لم يتراضيا كان لهما فسخ العقد قبل الدخول، فإن العقد قابل للطعن من كل منهما، إذ لها أن تقول:
إنك لم تمهرني خلا، وله أن يقول: إنني لم أسم لك الخل، وهذه الحالة بخلاف ما إذا عقد شخص على امرأة، وهو يظن أنها في عدة الغير، ثم تبين أنها في الواقع غير معتدة، فإن العقد لازم لهما، ولا يصح أن يتخلص منه بأنه عقد عليها وهو يظن أنها معتدة فإذا سمى لها مهرا حلالا وحراما، كأن تزوجها على مائة دينار ومائة أقة من الخمر مثلا، فإن المرأة تستحق بذلك الأكثر من المسمى الحلال. ومهر المثل، فإن كان مهر مثلها يساوي مائة وعشرين دينارا مثلا أخذتها، وإن كان يساوي تسعين دينارا أخذت المائة التي سماها، ويصرف النظر عن الخمر الذي ذكره مصاحبا للحلال، ومثل ذلك ما إذا تزوجها على مائة حالة. ومائة مؤجلة بأجل مجهول لموت. أو طلاق مثلا، فإنه يصرف النظر عن المائة المجهولة، ولها الأكثر من مهر مثلها والمائة المعلومة.
أما إذا جمع بين عقد النكاح وغيره من العقود، كعقد البيع. أو القرض أو الشركة أو الجعالة أو غير ذلك، فإن النكاح يقع فاسدا، ويفسخ قبل البناء.
ويثبت بعده بصداق المثل، وعلة ذلك أن بين أحكام البيع. وأحكام النكاح تناف، فلا يصح الجمع بينهما، فإن النكاح مبني على المكارمة. وغيره من العقود مبني على المشاحة، وإذا فات المبيع على المشتري قبل الدخول بها لزمتها القيمة، أما بعد الدخول، فيلزم البيع بقيمة المبيع وإن لم يحصل فيه مفوت، لأنه تابع للنكاح. مثال ذلك أن تتزوجه على داره المملوكة وتعطيه مائة جنيه من مالها، فهنا عقدان: عقد نكاح وعقد شراء للدار، فبعض الدار في مقابل المائة جنيه، وذلك عقد بيع منه لها "وبعضها في مقابل عصمتها" وهو عقد زواج، وذلك فاسد يفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل، ويلزم البيع ضمنا بقيمة المبيع، بحيث تحتسب قيمته وما دفعته وما تستحقه من مهر المثل ويأخذ كل حقه، أما إذا طلقها قبل الدخول، ولم يتغير المبيع، فلا يترتب على العقد شيء، أما إذا نقصت قيمته لسبب من الأسباب، كان له الرجوع بالقيمة ويجوز أن يجتمع عقد البيع. والنكاح في نكاح التفويض، وهو عقد لا يسمى فهو المهر، ولا يتفق على إسقاط المهر، كأن يقول الولي للزوج: بعتك داري بمائة، وزوجتك ابنتي تفويضا، لأنه في هذه الحالة أعطاه الدار كمعونة له، وللزوجة طلب فرض مهر لها فإن فرض لها الزوج مهر المثل لزمها النكاح بما فرضه لها. واستحقته كله بالدخول. أو الموت ونصفه بالطلاق قبل الدخول. أما إذا فرض لها أقل من مهر مثلها. فإنه يلزمها النكاح إلا إذا رضيت به.
الحنابلة - قالوا: إذا سمى لها شيئين بعضهما يصلح للصداق: وبعضهما لا يصلح، أخذت الصالح، وكان لها الحق في المطالبة بقيمة غير الصالح، فإذا تزوجها على جملين، أحدهما مملوك له. والآخر مغصوب، أخذت المملوك، وطالبت بقيمة المغصوب، ومثل ذلك ما إذا تزوجها على عبدين مملوك له ونصفه مستحق للغير كان لها الخيار بين أخذ نصفه، والمطالبة بقيمة النصف الآخر، أو ترك الكل، والمطالبة بقيمة الجمل مشار إليهما، فظهر أن أحدهما عبد والآخر حر فإنها تستحق الرقيق. وتطالب بقيمة الحر المفروض عبدا، وإن تزوجها على جمل نصفه بتمامها، لأن الشركة عيب توجب الخيار للمرأة، ومثل ذلك ما إذا تزوجها على أرض قدرها ألف ذراع، فوجدتها ثمانمائة فهي مخيرة بين أخذ ما وجدته، والمطالبة بقيمة ما بقي لها من ثمن المائتين، أو رد الأرض كلها، وأخذ قيمتها.
وإذا سمى لها صداقا حلالا، ثم تبين أنه حرام. أو مغصوب، كان لها مثله، فإذا قال لها: تزوجتك على هذا الدن من الخل، فتبين أنه خمر، كان لها الخل الذي رضيت نه، وإذا قال لها: تزوجتك على هذا الخمر، فيبين أنه خل صح، وكان لها الخل، ومثل ذلك ما إذا قال لها: تزوجتك على هذه الفرس التي يملكها فلان، وثبت أنها ملكه هو، صح وكانت لها الفرس)
(5) (المالكية - قالوا: إذا سمى لها مهرا مغصوبا غير مملوك له، فإن كان معلوما لهما، وهما رشيدان، فسد العقد، ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بصداق المثل فإن كانا غير رشيدين كأن كانا صغيرين. أو أحدهما صغيرا، فالمعتبر علم الولي بالغصب، فمتى كان عالما بأن الصداق غير مملوك للزوج، فسد العقد على الوجه المذكور، أما إذا لم تعلم الزوجة بالغصب، وعلم الزوج فإن النكاح يصح، وإذا أخذ منها المهر المغصوب مالكه، رجعت على الزوج بمثله، إن كان له المثل، وإلا رجعت عليه بقيمته، والفرق بين الحالتين، أنهما في الصورة الأولى، قد أقدما على العقد بدون مهر، لأن المغصوب معدوم، فلا يصح جعله مهرا، فكأنهما اتفقا على اسقاط المهر من أول الأمر، أما في الصورة الثانية. فإن العلم من جانب واحد، وهو الزوج، فلا يضر.
الحنفية - قالوا: إذ سمى لها مالا مغصوبا، كأن تزوجها على هذا الجمل، أو على هذه الحديقة، أو على هذا العبد، وهي غير مملوكة له، فإن العقد صحيح. والتسمية صحيحة، سواء علما بذلك أو جهلاه، ثم إن أجاز المالك ذلك فلها عين المسمى، وإن لم يجز كان لها قيمة المسمى فليس لها مهر المثل، وبذلك يكون الحنابلة والشافعية على وفاق في المسألة، هما المذكوران في أعلى الصحيفة السابقة، والحنفية، في التفصيل المذكور.)
(6) (المالكية - قالوا: إذا سمى لها مهرا مغصوبا غير مملوك له، فإن كان معلوما لهما، وهما رشيدان، فسد العقد، ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بصداق المثل فإن كانا غير رشيدين كأن كانا صغيرين. أو أحدهما صغيرا، فالمعتبر علم الولي بالغصب، فمتى كان عالما بأن الصداق غير مملوك للزوج، فسد العقد على الوجه المذكور، أما إذا لم تعلم الزوجة بالغصب، وعلم الزوج فإن النكاح يصح، وإذا أخذ منها المهر المغصوب مالكه، رجعت على الزوج بمثله، إن كان له مثل، وإلا رجعت عليه بقيمته، والفرق بين الحالتين، أنهما في الصورة الأولى، قد أقدما على العقد بدون مهر، لأن المغصوب معدوم، فلا يصح جعله مهرا، فكأنهما اتفقا على اسقاط المهر من أول الأمر، أما في الصورة الثانية. فإن العلم من جانب واحد. وهو الزوج، فلا يضر.
الحنفية - قالوا: إذا سمى لها مالا مغصوبا، كأن تزوجها على هذا الجمل، أو على هذه الحديقة، أو على هذا العبد، وهي غير مملوكة له، فإن العقد صحيح. والتسمية صحيحة، سواء علما بذلك أو جهلاه، ثم إن أجاز المالك ذلك فلها عين المسمى، وإن لم يجز كان لها قيمة المسمى فليس لها مهر المثل، وبذلك يكون الحنابلة والشافعية على وفاق في المسألة وهما المذكوران في أعلى الصحيفة السابقة، والحنفية، في التفصيل المذكور.
الحنفية - قالوا: إذا تزوجها على صداق مجهول. فلا يخلو إما أن يذكر جنسه بدون تقييد بنوع، أو يذكر جنسه مقيدا بنوع، ولكن لم يصفه بصفة تميزه عن غيره.
مثال الأول: أن يتزوجها على ثوب، أو دابة أو حيوان، وبيان كون هذه الأشياء أجناسا عند الفقهاء أنها مقولة على كثيرين مختلفين في الحكم، وذلك في الثوب يطلق على الكتان والقطن والحرير وحكمها مختلف، فإن الحرير لا يحل لبسه بخلاف القطن والكتان فالثوب جنس وكذلك الحيوان والدابة. فإن تحتهما الحمار والفرس والشاة، مما تختلف أحكامها اختلافا ظاهرا، فهذه الأشياء أجناس.
وما تحتها أنواع عند الفقهاء، بخلاف الجنس المنطقي، فإن المقول على كثيرين مختلفين في الحقيقة لا في الأحكام، وعلى هذا يكون الإنسان جنسا عند الفقهاء دون المناطقة، لأن تحته الذكر والأنثى. وأحكامهما الفقهية تختلف، فإذا ذكر ثوبا بدون أن يبين نوعه، فيقول: من كتان، أو قطن أو حرير فإنه يقال إنه ذكر الجنس بدون أن يقيده بالنوع، وحكم هذا أن التسمية لا تصح أصلا، والقاعدة أن كل ما لا تصح فيه التسمية يثبت فيه مهر المثل ذلك ما إذا تزوجها على الحيوان، ولم يبين أنه فرس، أو جمل، أو حمار مثلا، فإن التسمية تلغو ويثبت فيه مهر المثل، وهكذا في كل تسمية للجنس بدون نوعه، فإذا قيده بنوعه ولكن لم يصفه بصفته المميزة له عن غيره، كما إذا قال لها: تزوجتك بثوب من الكتان.
أو القطن أو الحرير، أو قال لها: تزوجتك بفرس أو بغل، أو حمار، ففي هذه الحالة تصح التسمية، ويكون لها الوسط من ذلك، فتأخذ الثوب الذي ذكر نوعه من الوسط، وهلم جرا على أن يكون للزوج الخيار بين أن يسلم النوع الوسط أو قيمته، ويعتبر الوسط بغلاء السعر ورخصه على المعتمد، فلا يشتري لها غاليا ولا رخيصا، بل يشتري لها الوسط، أما إذا ذكر لها الجنس مقيدا بنوعه، ثم وصفه بصفته المميزة له، كما إذا تزوجها على ثوب من الحرير البلدي الجيد كان لها المسمى، فإذا لم يذكر الجيد كان لها الوسط كالأول، وهكذا إذا ذكر لها حيوانا.
أو عرض تجارة، فإذا تزوجها على مكيل أو موزون، فإن علم وصفه وجنسه كما إذا تزوجها على إردب من القمح البعلي الصعيدي الخالي من الشعير، فإنه يتعين المسمى، ويكون كالعرض الموصوف، وإن لم يعلم وصفه، كان الزوج مخيرا بين أن يدفع الوسط. أو القيمة.
وإذا تزوجها على هذا الفرس، أو هذا الفرس وأشار لها إلى فرسين، وكان أحدهما أقل من الآخر حكم بمهر المثل، فإن كان يساوي أحسنهما، كان لها، وإلا كان لها الأوكس، فإذا طلقها قبل الدخول، كان لها نصف الأوكس بلا خلاف.
وإذا تزوجها على جهاز بيت، كان لها وسط ما يجهز به النساء عادة.
المالكية - قالوا: إذا سمى لها مهرا مجهولا جهالة فاحشة، كما إذا تزوجها بثمرة لم تنبت بشرط بقائها حتى تنضج فإنه لا يصح، ويقع العقد فاسدا يفسخ قبل الدخول ويثبت بعده بمهر المثل، أما إذا سمى لها ثمرة لم يبد صلاحها بشرط قطعها، فإنه يصح وإذا سمى لها مهرا مجهولا جهالة يسيرة، فإنه يصح، كما إذا سمى لها عشرة جنيهات، وأطلق، وكان في البلد الجنيه المصري والجنيه الأفرنجي، فإنه يصح، وتأخذ العشرة من العملة الغالية، فإن سمى لها أشياء متساوية، أخذت من كل صنف بنسبة ما تستحق، فإن كانت المعاملة بصنفين وأخذت النصف من كل صنف، ومثل ذلك ما إذا سمى لها عشرة جمال ولم يصفها أو سمى لها عشرة عبيد كذلك، فإنها تأخذ العشرة من الصنف الوسط، ولا تضر الجهالة في مثل ذلك.
وكذا إذا تزوجها على أن يجهز لها الحق في الجهاز الوسط
الحنابلة - قالوا: إذا سمى لها مجهولا، كدار غير معينة. أو دابة مبهمة. أو متاع بيته أو ما لا يقدر على تسليمه، كالطير في الهواء، فإن الصداق لا يصح للجهالة، وإذا سمى لها ما لا قيمة له كتمرة، فإنه لا يصح أيضا، وذلك لأن الصداق يجب أن يكون له نصف قيمة، إذ لو طلقت قبل الدخول كان لها نصف الصداق، فلو سمى ما لا قيمة له لم يبق لها ما تنتفع به، وهذا رأي، وبعضهم يقول: إن هذا ليس بلازم، بل يجوز الصداق بالقليل الذي لا قيمة له كالحبة. والثمرة، وهو ظاهر المذهب، وعلى كل حال فهي تستحق مهر المثل إذا سمى مجهولا. أو ما يصح.
وتغتفر الجهالة اليسيرة، كما إذا أصدقها جملا من جماله الكثيرة. أو فرسا من خيله. أو بغلا من بغاله أو ثوبا من هذين الثوبين، فإن التسمية في كل ذلك تصح، ويكون لها واحد من بين ما ذكره لها بالقرعة، لأنه إذا صح أن يكون صداقا استحقت واحدا غير معين، فوجبت القرعة للتعيين.
الشافعية - قالوا: إذا سمى لها صداقا مجهولا في الجنس. أو الوصف، كما إذا قال لها: تزوجتك على أحد هذين الثوبين. أو الفرسين أو قال لها: تزوجتك على جمل من جمالي فإن التسمية لا تصح ويكون لها مهر المثل) .




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-01-2022, 05:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله



الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 98 الى صــــــــ
106
الحلقة (176)

ولا يشترط أن يكون الصداق خصوص الذهب والفضة، بل يصح بعروض التجارة وغيرها من حيوان. وأرض. ودار. وغير ذلك مما له قيمة مالية. وكما يصح بالأعيان يصح بالمنافع أيضا، كمنافع الدار. والحيوان. وتعليم القرآن. وغير ذلك، على تفصيل المذاهب (1)
[أقسام الصداق. الخلوة - النكاح الفاسد]
-ينقسم الصداق إلى قسمين: الأول ما يجب بالعقد الصحيح.
الثاني: ما يجب بالوطء بنكاح صحيح أو فاسد أو بشبهة، فأما ما يجب بالعقد الصحيح، فهو الصداق المسمى (2) .
أو مهر المثل عند عدم التسمية، ويجب بمجرد العقد الصحيح، ولكن مع احتمال سقوطه كله.
أو نصفه، فيسقط كله إذا عمات الزوجة عملا يوجب الفرقة بينهما، كما إذا ارتدت. أو عملت شيئا يوجب حرمة المصاهرة فإن صداقها يسقط قبل الوطء، لأن الفرقة وقعت بسببها، ويسقط نصفه إذا طلقها هو قبل الدخول وكانت الفرقة منه لسبب آخر، من ردة، وعمل ما يوجب حرمة المصاهرة.ويتأكد كل المهر بحيث لا يحتمل السقوط.
بأمور:
منها الوطء. ومنها موت أحد الزوجين. ومنها الخلوة الصحيحة (3) .
وغير ذلك، على تفصيل في كل هذه الأمور (4) .

(1) (الحنفية - قالوا: إذا تزوجها على أعيان مكيلة. أو موزونة. أو معدودة، وكانت قيمتها وقت العقد تساوي عشرة دراهم فأكثر، ثم نقصت قبل التسليم عن عشرة، فليس لها حق في المطالبة إنما يكمل العشرة، لأن المعتبر قيمتها وقت العقد، أما لو تزوجها على أعيان تساوي قيمتها وقت العقد ثمانية، فإنها تطالب بالاثنين، ولو ارتفعت قيمتها إلى عشرة وقت التسليم.
وإذا تزوجها على منافع الأعيان من سكنى داره. أو ركوب دابته. أو الحمل على جمله أو زراعة أرضه مدة معلومة، فإن التسمية تكون صحيحة، وتجب لها المنفعة التي سماها بلا خلاف أما إذا تزوجها على منافع معنوية، كتعليم القرآن. والفقه. ونحو ذلك من علوم الدين، أو على تعليم الحلال والحرام، ففيه خلاف. وظاهر المذهب أنه لا يجوز، ولكن المتأخرين من الحنفية قد أفتوا بجواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن. والعلوم الدينية للضرورة. إذ ربما لا يوجد من يعلمها مع وجوبها على المسلمين كما تقدم في مباحث الإجارة.
والقاعدة أن الذي تصلح عليه الأجرة. يصح جعله مهرا. لأن الأجرة مال متقوم يقع في مقابل المهر: وعلى هذا تجوز الفتوى بصحة جعل تعليم القرآن والفقه مهرا على التحقيق وقد اعترض بعضهم على ذلك من ناحية أخرى وهي أن الزوج في هذه الحالة يكون خادما للمرأة، وخدمة الرجل الحر للمرأة محرمة، فلا تصح أن تكون مهرا، ولكن هذا الاعتراض لا قيمة له لأن معلم القرآن والعلم لا يقال له خادم، بل هو سيد عرفا أما غير التعليم بأن تزوجها على طاعة من الطاعات التي لا يجوز أخذ الأجرة عليها كأن تزوجها على أن يحج بها، فإنه لا يصح ويثبت لها مهر المثل ومثل ذلك ما إذا تزوجها على طلاق امرأة بدون أن يضم ذلك إلى مال فإنه لا يصح ويثبت لها مهر المثل، وكذلك إذا تزوجها على أن يكون خادما لها، وهو حر لا عبد فإنه لا يصح، وذلك لأن للزوج حق القيام على المرأة فلو أصبح خادما لها بعقد كان ممتهنا، إذ يكون لها الحق في أن تستعمله استعمال السيد لعبده، وذلك لا يجوز بخلاف ما إذا كان عبدا بطبيعته، ورضيت به زوجا، فإنه يصح أن يتزوجها على أن يكون خادما لها، لأن صفته هذه لازمة له: فلا مانع من أن يخدم امرأته.
وليس من الخدمة المهينة أن يتزوجها على أن يزرع لها أرضها. أو يرعى لها غنمها مدة معينة فإنه يصح أن يكون ذلك مهرا على الصواب، وذلك لأنهم قالوا في الإجارة: لا يجوز للولد أن يستأجر أباه للخدمة، ولكن يجوز أن يستأجره للرعي، والزراعة، لأنه لا امتهان في الحالة.
وليس من الخدمة المهينة أيضا أن يتزوجها على أن يرعى غنم أبيها، كما وقع لموسى مع شعيب عليهما السلام، مما قصه الله علينا في القرآن، وشرع من قبلنا شرع لنا عند عدم ناسخ، وفي هذه الحالة يضمن الولي للزوجة مهر المثل.
وإذا تزوجها على خدمة امرأة حرة، فإنه يصح متى رضيت المرأة، أما إذا تزوجها على أن يخدمها رجل حر غيره برضاء ذلك الرجل، مدة معينة.
فإن ترتب على خدمة ذلك الرجل الأجنبي مخالطة تفضي إلى الانكشاف والفتنة. فإنه لا يجوز ويكون للزوجة قيمة خدمته مهرا وإن لم يترتب عليها هذا المحظور، فإنه يصح وتسلم إليها خدمته، وإذا لم يرض ذلك الرجل بالخدمة، ثبت للمرأة قيمة الخدمة، ومثل ذلك ما إذا تزوجها، على أن يخدمها رجل حر مدة غير معينة. فإن فيها التفصيل المتقدم، من الجواز عند عدم الفتنة، والمنع عند الفتنة.
المالكية - قالوا: إن المهر يصح أن يكون عينا من ذهب. أو فضة. أو عرض تجارة. أو حيوان. أو دار. أو نحو ذلك، وأما المنافع من تعليمها القرآن ونحوه. أو سكنى الدار. أو خدمة العبد، ففيها خلاف، فقال مالك: إنها لا تصلح مهرا ابتداء أن يسميها مهرا وقال ابن القاسم: تصلح مهرا مع الكراهة وبعض الأئمة المالكية يجيزها بلا كراهة والمعتمد قول مالك طبعا. ولكن إذا سمى شخص منفعة من هذه المنافع مهرا، فإن العقد يصح على المعتمد، ويثبت للمرأة المنفعة التي سميت لها، وهذا هو المشهور، فالمالكية ينظرون إلى قول مالك فينهون عن جعل المهر منفعة ابتداء، وينظرون إلى قول من أجاز فيعملون به بعد الوقوع بالفعل.
الشافعية - قالوا: يصح الصداق بالمنفعة، والقاعدة عندهم أن كل ما صح ثمنا في البيع صح صداقا، فيصح أن يشتري دارا بمنفعة أرضه الزراعية مدة معلومة، فكذلك يصح أن تجعل هذه المنفعة صداقا، فكل عمل يستأجر عليه من تعليم قرآن. وفقه. ونحوهما، وتعليم صناعة، كنسج. وخياطة، أو يتزوجها على أن يخيط لها ثوبا أو يبني لها دارا، أو يقوم لها بالخدمة، ولو حرا، فإنه يصح أن يكون صداقا، كما يصح أن يكون ثمنا.
وقد أورد على قولهم: كل ما صح ثمنا، صح صداقا، انه لو تزوج عبد امرأة حرة على أن يكون مملوكا لها، فإنه لا يصح، بل يبطل النكاح، لأن كونه مملوكا ينافي كونه زوجا لها، إذ لا يجوز أن يتزوج العبد سيدته، ولكن العبد يصح أن يكون ثمنا لشيء آخر، فقولهم: كل ما يصح ثمنا، يصح مهرا لا يطرد، وأيضا لو جامع شخص أمه بشبهة، وجاءت منه بولد، ثم اشتراها وكبر ولده، فأراد أن يجعلها مهرا لابنه في عقد زواجه، فإنه لا يصح، لأن معنى ذلك أنها تدخل في الولد أولا حتى يصح كونها صداقا، ومتى ملكها عتقت عليه، وبذلك تكون حرة فلا تصلح أن تكون صداقا، وهي تصح أن تكون ثمنا لشيء آخر.
وذكر بعضهم مثالا آخر، وهو ما إذا كان معه ثوب واحد يتوقف عليه ستر عورته، فإنه لا يصح جعله صداقا، وإن صح جعله ثمنا، ولكن هذا المثال ليس بشيء. لأنه متى توقف عليه ستر العورة، فإنه لا يصح جعله صداقا وثمنا، وهو ظاهر، والجواب عن هذا أن المراد بقولهم: كل ما صح ثمنا صح صداقا في الجملة بحيث إذا لم يمنع آخر، كما في الأمثلة المذكورة، فإن الذي منع كونها صداقا ما عرض لها من الحرية ومنافاة كون العبد زوجا لسيدته.
الحنابلة - قالوا: يصح المهر بالمنافع كما يصح بالأعيان، فلو تزوجها على أن يرعى لها غنمها أو يزرع لها أرضها. أو نحو ذلك، فإنه يصح بشرط أن تكون المنفعة معلومة، فإن كانت مجهولة فإن التسمية لا تصح، ويلزم بمهر المثل، ويصح للحر أن يتزوج امرأة على أن يخدمها مدة معلومة. أو على أن يأتي لها بخادم حر يخدمها مدة معلومة. والعبد من باب أولى، وكذلك يصح أن يتزوجها على عمل معلوم، كخياطة ثوب معين، سواء خاطه هو، أو غيره، فإن تلف الثوب قبل خياطته كان عليه نصف قيمة أجرته، وإن طلقها قبل الدخول. وقبل خياطته كان عليه نصف خياطته إن أمكن وإلا فعليه نصف الأجرة، وكذلك يصح أن يتزوجها على تعليم أبواب من الفقه أو الحديث.
أو على تعليم شيء مباح من الأدب. والشعر، أو تعليم صنعة. أو كتابة أو غير ذلك مما يجوز أخذ الأجرة عليه فإنه يصح، ويلزم به إن تعذر عليه تعليمها، فإن طلقها قبل الدخول. وقبل تعليمها، فإنه يلزم أجرة تعليمها، وإن كان بعد تعليمها رجع عليها بنصف الأجرة، إن كانت الفرقة من قبله، أما إن كانت بسببها، فإنه يرجع عليها بكل الأجرة.
هذا، ولا يصح أن يكون تعليم القرآن صداقا" فإذا قال لها: تزوجتك على أعلمك القرآن. أو بعضه، فإن التسمية لا تصح، ويلزم بمهر المثل، وما ورد في حديث الواهبة نفسها، من أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "زوجتك إياها بما معك من القرآن". فإن معناه بسب كونك من أهل القرآن، فلم يكن مهرا، ولم يشر في الحديث إلى التعليم.
ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بهذا الرجل، ويؤيد ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج غلاما على سورة من القرآن، ثم قال: " لا تكون بعدك مهرا"، رواه البخاري، وهذا هو المشهور من مذهب الحنفية، ولكن المتأخرين أفتوا بجواز تعليم القرآن مهرا، كما ذكرنا وعلى هذا تكون المذاهب في هذه المسألة هكذا:
تعليم القرآن لا يجوز أن يكون صداقا عند الحنابلة بلا خلاف ويجوز أن يكون صداقا عند الشافعية بلا خلاف، ويمتنع عند المالكية ابتداء على المعتمد، فإن وقع بالفعل نفذ، لأن بعض أئمتهم يقول بجوازه. والظاهر من مذهب الحنفية المنع، وهو المذكور في فتاوي المتقدمين، كالحنابلة، وأجازه المتأخرون للضرورة، قياسا على جواز أخذ الأجرة عليه للضرورة) .
(2) (المالكية - قالوا: يجب بالعقد الصحيح نصف المهر، لا كل المهر كما هو المذهب)
(3) (الشافعية. والمالكية - قالوا: الخلوة لا يتأكد بها المهر على أي حال، وهذا هو رأي الشافعي في الجديد، أما في القديم، فقد قال: إن الخلوة كالوطء في تأكد كل المهر)
(4) (المالكية - قالوا: الأمور التي بها كل الصداق، بمعنى أنه يثبت بها كله، بعد أن كان ثابتا نصفه بالعقد، ثلاثة: الأول الوطء. ويشترط فيه أن يكون واقعا من بالغ، وأن تكون المرأة مطيقة، فلو كان غير بالغ. أو كانت هي صغيرة لا تطيق الوطء، فإن الوطء لا يتقرر به كل الصداق.
والمراد بالوطء إيلاج الحشفة، أو قدرها، ولو لم تزل به البكارة، بلا فرق بين أن يكون في القبل. أو الدبر، ولا يشترط فيه أن يكون حلالا، بل وقع منه ذلك حال الحيض. أو النفاس، وإحرام أحدهما. أو صيامه الفرض. أو اعتكاف أو غير ذلك، مما لا يحل معه وطء فإنه يكفي لتقرير كل الصداق، وإذا أزال بكارتها بإصبعه، ثم طلقها قبل الوطء، كان لها الصداق، مع أرش البكارة - تعويض - إذا كانت تتزوج بعد ذلك إلا بمهر الثيب، وإلا فليس لها سوى نصف الصداق. الثاني: موت أحد الزوجين، ويتقرر به جميع الصداق المسمى في العقد. أو بعده، أما إذا مات أحدهما في نكاح التفويض الآتي، وهو أن تفوض لوليها زواجها بالمهر الذي يراه.
أو يفوض وليها للزوج فرض المهر الذي يراه، فإنه إذا مات الزوج قبل الدخول وقبل أن يفرض لها المهر، فإنها لا تستحق شيئا، لا فرق في ذلك بين أن يكون العقد صحيحا، أو فاسدا فسادا غير مجمع عليه، كما إذا عقد عليها وهو محرم. أو عقد عليها بدون ولي، فإن كان فاسدا عند المالكية، ولكنه صحيح عند الحنفية، فيجب به كل المهر حال الموت، ونصفه حال الطلاق، وإذا ماتت المرأة بقتل نفسها كراهة في زوجها، فإن لها الحق في كل الصداق، أما إذا قتلت زوجها تخلصا منه، فعليه خلاف، والظاهر أنها لا تستحق الصداق، بل تعامل بنقيض غرضها لئلا يكون ذلك ذريعة لقتل النساء أزواجهن.
وكذا إذا قتل السيد أمته المتزوجة، فإن صداقها لا يسقط عن زوجها. الثالث: إقامة الزوجة سنة عند زوجها، وإن لم يدخل بها، فإن إقامتها هذه المدة يتقرر بها كل الصداق، فتقوم مقام الوطء، فهذه هي الأمور الثلاثة التي يتقرر بها كل الصداق.
هذا وإن ادعت المرأة أنه وطئها، وأنكر هو، ينظر، فإن كان قد اختلى بها خلوة اهتداء، وتسمى خلوة إرخاء الستور وتثبت هذه الخلوة بإقرارهما. أو بشهادة شهود، ولو امرأتين حلفت المرأة اليمين على دعواها الوطء، فإذا حلفت استحقت كل المهر، أما إن نكلت: حلف الرجل: فإن حلف استحقت نصف المهر فقط، وإن نكل استحقت كل المهر.
وخلوة الاهتداء، هي أن يوجد معها وحدها في محل، ويرخي الستور على نوافذه، أن كانت ستور، وإلا فيكفي غلق الباب الموصل لهما، بحيث لا يصل إليهما أحد. وسميت خلوة اهتداء، لما فيها من الهدوء والسكون، لأن كل واحد منهما اهتدى للآخر ويسكن له.
ويشترط لهذا الحكم بلوغ الزوجة، فإن كانت صغيرة وادعت الوطء، مع ثبوت خلوة الاهتداء حلف الزوج، واستحقت نصف المهر، ووقف النصف الآخر حتى تبلغ، وتحلف فإن حلفت استحقت النصف الثاني، ولا يلزم في هذه الحالة تحليف الزوج مرة أخرى، ولا يبطل دعوى المرأة الوطء، قيام مانع بها، من حيض، أو نفاس، أو صوم، أو إحرام، أو نحو ذلك، وقيل: يبطل ذلك دعواها، إن كان الزوج معروفا بالعفة والصلاح، بحيث لا يليق به أن يفعل ذلك، والمشهور الأول، وإذا اختلى بها خلوة اهتداء، وادعت عدم الوطء، ووافقها الزوج على ذلك صدقت بلا يمين، سواء كانت بالغة الرشدة. أو سفيهة لا تحسن التصرف في المال.
أو كانت صغيرة، أما إذا لم يوافقها الزوج، بأن قال: إنه وطئها، وهي أنكرته. فإن كانت سفيهة أخذ بإقراره أما إن كانت رشيد - وهي الحرة البالغة التي تحسن التصرف - فلا يخلو إما أن يصر هي على تكذيبه. وفي هذه الحالة يؤخذ بإقراره لاحتمال أنه وطئها وهي نائمة، أو غائبة العقل لأمر ما.
وإما أن لا يصر على إقراره بل يرجع عنه. وهي مصرة على تكذيبه. وفي هذه الحالة يؤخذ برجوعه أيضا. فإن رجع هو عن إقراره. ورجعت هي عن إنكارها. فإن كان رجوعها قبل رجوعه ثبت الوطء. وإن أقرت هي بالوطء بعد أن رجع هو عند هذا الإقرار. فليس لها إلا النصف كاستمرارها على تكذيبه.
هذا في خلوة الاهتداء ويقابلها خلوة الزيادة وهي أن تزوره في بيته، أو يزورها في بيتها، أو يزور الاثنان شخصا آخر في بيته. فإن زارته هي في بيته وادعت الوطء وأنكر، صدقت بعد أن تحلف اليمين على ذلك، وإن زارها في بيتها، وادعت وأنكر، عمل بقول باليمين أيضا، ومثل ذلك ما إذا زارا أجنبيا في بيته، فإنها إن ادعت وأنكره، عمل باليمين، لأن الظاهر يصدقه، فإن ادعى هو الوطء، وأنكرت هي، كان الحكم هو ما تقدم في خلوة الاهتداء.
الحنفية - قالوا: الأمور التي يتأكد بها المهر، ولا تحتمل السقوط خمسة:
أحدها: الوطء حقيقة، أو حكما في عقد صحيح، فالحقيقي هو إيلاج الحشفة، أو قدرها في قبل امرأة، والحكمي هو الخلوة بشرائطها الآتية، ومنها يعرف أن الصغيرة التي لا تطيق الوطء لا يثبت لها كل الصداق. لا بدعوى الوطء، ولا الخلوة.
ثانيها: موت أحد الزوجين، إذا مات الزوج موتا طبيعا، أو مات مقتولا بيد أجنبي، أو بيد زوجته، أو قتل نفسه، فإن الصداق المسمى يتقرر كله للزوجة، فإن لم يكن مسمى، تقرر لها صداق المثل كله، وكذا إذا قتل الزوجة أجنبي، أو قتل زوجها، أما إذا قتلت نفسها، فإن كانت حرة، فإنه يتقرر لها كل الصداق أيضا، وأن كانت أمة، فقتلت نفسها، فالصحيح إنه لا يسقط، وإن قتلها مولاها قبل الدخول، فإنه يسقط، إذا كان سيدها عاقلا بالغا، أما إذا كان صبيا، أو مجنونا، فإنه لا يسقط، لأن فيه اجحافا بهما.
هذا إذا مات أحد الزوجين، أما إذا ماتا معا، فإن تقادم العهد، ولم يتيسر للقاضي معروفة مهر المثل، فإنه لا يقضي لورثة الزوجة بشيء عند أبي حنيفة. وأما إذا لم يتقادم، وأمكن معرفة مهر المثل. فإنه يقضي به باتفاق.
ثالثها: الخلوة الصحيحة، وهي أن يجتمعا في مكان، وليس هناك مانع يمنعهما من الوطء، لا حسا ولا شرعا ولا طبعا، فالمكان الذي تصح فيه الخلوة، أن يكونا آمنين من إطلاع الغير عليهما بغير إذنهما، كأن يكون في محل مغلق الأبواب، والنوافذ التي يمكن الإطلاع عليهما منها، فلا تصح الخلوة في الصحراء وإن لم يكن بقربهما أحد، إلا إذا أمنا مرور إنسان، فإنها تصح، وكذا لا تصح على سطح ليس على جوانبه بناء يمنع من رؤيتهما، فإذا أمنا هجوم الغير عليهما، فإن الخلوة تصح، وإن خلا بها في طريق يؤمن مرور الناس بها في وقت معين، فإنه يصح، وإلا فلا، وإذا خلا بها في مكان غير مسقوف، باب مغلق، فإنه يصح، وكذا في كرم، وإذا اختلى بها في حجرة في بيت به سكان، وأغلق الباب. أو أرخى الستر الذي به يأمن هجوم أحد، فإنها تكون خلوة صحيحة، ولا تصح الخلوة في المسجد ولا في الحمام ولا في الطريق العام.
وأما المانع الحسي الذي يمنع من الوطء، فمثاله أن يكون الرجل مريضا سواء كان مرضه يمنعه من الوطء بالمرة، أو كان لا يمنعه. ولكن يلحق به ضرر، لأن الغالب أن الرجل المريض تنصرف نفسه عن الشهوة، فلا يطلب النساء، ولو كان مرضه يسيرا، لأنه لا بد يوجد عنده فتور يصرفه عن الشهوة، أما المرأة فإن مرضها يمنع صحة الخلوة إذا كان شديدا يمنعها من الحركة أما إذا كان فتورا وتكسرا، فإنه لا يمنع مادام الرجل صحيحا، وليس من المانع الحسي كون الرجل عنينا.
أو مجبوبا، أو خصيا، فخلوة المجبوب والعنين والخصي صحيحة عند أبي حنيفة، أما الخصي وهو مقطوع - الأنثيين - فظاهر، لأنه يمكنه الوطء، وكذلك العنين، فإنه يمكنه أن يدخل ولو بأصبعه، وأما المجبوب فإنه يمكنه أن يساحق وينزل، وتحمل منه كما تقدم في المحلل.
ومن المانع الحسي، القرن - بفتح الراء، وسكونها - وهو شيء يوجد يسد فرج المرأة، فيمنع من دخول الذكر، وهو إما عظم أو غدة أو لحم زائد. والرتق: وهو تلاحم بين ضفتي الفرج ويقال: إنه لحم أو غدة تسد الفرج، فيكون مرادفا للقرن. والعقل: وهو لحم ناتئ من خارج الفرج.
فسده "كالأدرة للرجال" ومن المانع الحسي الصغر، فإذا كانت المرأة صغيرة لا تطيق الوطء. أو كان الزوج صغيرا لا يمكن لمثله أن يجامع النساء. فإنه يمنع الخلوة الصحيحة. وإذا قال أبو الصغيرة: إنها لا تطيق الوطء. وقال الزوج إنها تطيق، تحكم النساء لما لهن من الخبرة في ذلك. وفي زماننا تحكم الطبيبات لما لهن من زيادة الخبرة.
ومثال المانع الشرعي أن تكون المرأة حائضا أو نفساء، أو يكون أحدهما صائما صيام رمضان أو محرما للنسك، سواء كان محرما لفرض أو نفل أو مقيما لصلاة مفروضة.
أما صيام التطوع فلا يمنع في ظاهر الرواية، وصلاة التطوع لا تمنع قولا واحدا.
ومثال المانع الطبيعي أن يوجد معهما ثالث يمنع الخلوة. وقد يقال: إن هذا مانع مشاهد. فهو من المانع الحسي. وقد مثل للمانع الحسي بعضهم به وعندي أنه يصح أن يراد من المانع الطبيعي ما كان راجعا إلى الخلقة. سواء كان عارضا أو كان موجودا في الأصل، وحينئذ فيصح أن يمثل للمانع الطبيعي بالقرن، والرتق، والعقل والمرض.
فهذا هو المانع الطبيعي المنسوب للطبيعة. وهي الخلقة. وكونه محسا مشاهدا لا ينافي تسميته طبيعيا. أما وجود ثالث معهما. فإنه مانع حسي فقط. لأنه غير متعلق بالخلقة، فالأولى أن يعكس المثيل.
ويشترط في الثالث الذي يمنع الخلوة أن يكون كبيرا يعقل. أم إذا كان صغيرا لا يعقل. بحيث يمكنه أن يعبر عما وقع بينهما. فإنه يمنع الخلوة. وإذا كان الكبير الذي يعقل أعمى. أو نائما فإنه يمنع صحة الخلوة لأن النائم يخشى تنبهه. والأعمى يشعر ويحس. لا فرق بين أن يكون ذلك بالليل. أو بالنهار على التحقيق. إلا إذا عرف الزوج حالهما أنهما لا يعرفان. كما إذا كان بالأعمى صمم أو كان النائم ثقيل النوم لا يدرك شيئا أو لا يستيقظ فإن الخلوة في هذه الحالة تصح مع وجودهما وإذا كانت معهما جارية أحدهما. فإنها لا تمنع الخلوة، وإذا كان معهما كلب فإن كان عقورا، فإنه يمنع الخلوة، سواء كان كلب الرجل أو المرأة لعدم قدرتها عليه حال الوطء أما إذا كان غير عقور.
فإنه يمنع إذا كان للزوجة. لأنها هي التي تفترش فيظن الكلب أن ذلك اعتداء عليها فيمنعها وقال بعض المحققين إن كلب الرجل لا يمنع مطلقا. سواء كان عقورا أو غيره وذلك لأن صاحبه هو الأعلى. فلا يهيجه شيء. أما أنا فأقول: إن كلبيهما لا يمنعان مطلقا. لأن كلا منهما يستطيع إسكاته بانتهاره. فإذا لم يستطيعا انتهاره لا فرق بين أن يكون للرجل أو للمرأة فإن كلب الرجل يهيج على المرأة انضماما لصاحبه. وكلبها يهيج على الرجل انضماما لصاحبته، بصرف النظر عن كون صاحبه غالبا، أو مغلوبا، فالذي أراه أن الكلب إذا كان لا يمكن زجره، منع من صحة الخلوة، وإلا فلا، سواء كان للرجل أو للمرأة.
فالخلوة بهذه الشروط يتقرر بها جميع المسمى من الصداق، وجميع مهر المثل عند عدم التسمية، وكذلك يثبت بها النسب. ولو من المجبوب، وتلزم بها النفقة، والسكنى، والعدة، وحرمة نكاح أختها. فهي تقوم مقام الوطء، إلا في حق زوال البكاوة، فإن الخلوة دون الوطء تجعل المرأة بكرا تتزوج كالأبكار، وكذا في حق الإحصان، فإن الخلوة لا تجعلهما محصنين، وكذا في حق حرمة البنات، فإن الرجل إذا خلا بالزوجة لا تحرم عليه بنتها. وكذا إذا كانت مطلقة ثلاثا وخلا بها بدون وطء، فإنها لا تحل للأول كما تقدم، وكذا في حق الميراث، ولا تورث بالخلوة.
هذا، وهل تجب العدة بالخلوة الفاسدة، أو لا؟ خلاف، والصحيح أنها تجب احتياطا، وذلك لأن المرأة سلمت نفسها، ولكن وجد مانع من جهته، مثل إذا خلا الرجل بالمرأة في مكان، وكانت حائضا، أو نفساء، أو كان أحدهما صائما رمضان، أو كان أحدهما مريضا مرضا ثقيلا، أو كان بها مانع حسي، فإن خلوته بها توجب الظن على أي حال، فيجب أن تعتد منه في الجميع.
وبعضهم يرى أنها تعتد إذا كان المانع شرعيا، كالحيض، والنفاس، والصيام، لأن هذا يتأتى معه الوطء، بخلاف ما إذا كان المانع طبيعيا، كالمرض الشديد الذي لا يتأتى معه الوطء، وكما إذا كان بالمرأة مانع طبيعي يمنع الوطء، فإن الخلوة في هذه الحالة لا قيمة لها مطلقا، ولكن المذهب الأول، لأن العدة ليست مبنية على الوطء، وإنما هي مبنية على تسليم المرأة نفسها للوطء في مكان صالح له، فإذا تحقق هذا المعنى، وجبت العدة ظاهرا، وهل تجب ديانة؟ والجواب، أن لا فرق في هذا السؤال بين أن تكون العدة صحيحة أو فاسدة، فقد قالوا: إذا كانت المرأة موقنة بأنه لم يطأها. حل لها أن تتزوج بدون عدة، ديانة لا قضاء.
وبعد فقد ذكرنا لك ثلاثة أمور، يتأكد بها جميع الصداق، وهي الوطء، والخلوة الصحيحة. وفصلنا لك الكلام في الخلوة، لتكون على بينة منها.
والثالث: موت أحد الزوجين، وموت الرجل قبل الدخول: مثل الوطء في حق العدة، والمهر، وموت أحدهما، مثل الوطء في حق المهر.
أما الأمر الرابع الذي يتأكد به جميع الصداق، فهو ما إذا طلق امرأته طلاقا بائنا بعد الدخول بها، ثم رجع إليها ثانيا وهي في عدتها منه بمهر جديد، فإن المهر المسمى لها في العقد الثاني يثبت جميعه بمجرد العقد بدون دخول، أو خلوة، لأن وجودها في العدة قائم مقام الخلوة وزيادة، وقد اعترض بعضهم على الزيادة بأنها استحقت الصداق جميعه بناء على الوطء الأول، والعدة أثر من آثاره، فكأنه دخل بها، فلم يترتب استحقاقها الصداق كله على مجرد العقد الثاني، بل على الوطء الأول، ويجاب على هذا بأن هذه الصورة لا وطء فيها على كل حال. وسواء ترتب كل المهر على المهر الحاصل في عدتها منه، أو على الوطء الأول قبل طلاقها. فإنه ينبغي أن تبين هذه الصورة، ويلفت النظر لها، فلا يصح إهمالها لما فيها من اشتباه واضح، فلا معنى للاعتراض على عدها.
وزاد بعضهم سببا خامسا يتقرر به كل المهر، وهو أن يزيل بكارتها بأصبع ونحوه، ولكن هذا ليس بشيء، وذلك لأنه إذا أزال بكارتها بأصبعه في خلوة تأكد لها المهر كله بالخلوة الصحيحة، وإلا فلا شيء عليه، ولهذا قالوا: إذا دفع امرأته في غير خلوة دفعة شديدة فأزال بكارتها، ثم طلقها قبل الدخول لا يلزم إلا بنصف المهر، ولا يلزم بتعويض عن إزالة البكارة، أما إذا لم تكن امرأته فدفعها دفعة شديدة أزال بكارتها، تزوجها وكان لها عليه مهر مثلها بسب إزالة البكارة، والمهر الذي سماه لها، فتحصل أن الأسباب التي يتأكد بها الصداق عند الحنفية ينبغي عدها أربعا لا خمسا، مع مراعاة أن كل المهر في الصورة الرابعة إما مرتب على العقد الثاني في عدتها منه أو على الوطء الأول قبل طلاقها، لأنه باق ببقاء أثره، وهي العدة.
فهذه الأمور يتأكد المهر بواحد منها، ولا يحتمل السقوط بعد ذلك إلا بالإبراء، فلو جاءت الفرقة من قبلها بأن ارتدت. أو طاوعت ابن زوجها بعدما دخل بها أو خلا بها ابن زوجها أو قبلته بشهوة، التي يتأكد بها الصداق، فإن فعلت شيئا من ذلك فإن مهرها جميعه يسقط لمجيء الفرقة من قبلها.
الشافعية - قالوا: يتأكد المهر، ولا يحتمل السقوط بأمرين:
أحدهما: الوطء، وهو إيلاج الحشفة، أو قدرها في قبل المرأة، أو دبرها، وإن كانت صغيرة لا يوطأ مثلها في العادة، ويصدق بيمينه إذا نفى الوطء، ولا يشترط الخلو من الموانع الشرعية، فإذا وطئها وهي حائض، أو نفساء، أو كان أحدهما صائما، أو غير ذلك، فإن المهر جميعه يتأكد بذلك.
ثانيهما: موت أحدهما قبل الوطء، سواء كان الموت طبيعيا، أو قتلت الزوجة الحرة نفسها. أو قتلها زوجها، أما إذا قتلت هي زوجها فإن مهرها يسقط. وكذا إذا كانت أمة وقتلت نفسها أو قتلها سيدها قبل الدخول، أو قتلت هي، أو سيدها زوجها، فإن مهرها يسقط في هذه الأحوال فلا يتقرر المهر إلا بهذين، فلا يتقرر باستدخال ماء الزوج إلى داخل الفرج بغير الذكر، كما إذا وضعته في أنبوبة فأفرغته في فرجها، كما لا يتقرر بالخلوة الصحيحة والمباشرة في غير الفرج، حتى لو طلقها بعد ذلك، فلا يجب إلا نصف المهر.
الحنابلة - قالوا: يتأكد المهر بأربعة أمور:
أحدها: الوطء في قبل، أو دبر، ولو كان ممنوعا، بأن وقع في حيض، أو نفاس، أو غيرهما.
ثانيها: الخلوة.
ثالثها: اللمس بشهوة، والنظر إلى فرجها بشهوة، وتقبيلها ولو بحضرة الناس.
رابعها: موت أحد الزوجين، فإذا كان بالزوج عيب يوجب الفسخ ومات أحدهما قبل الفسخ كان لها الصداق كاملا، لأنه يتقرر بالموت، ولا يرجع به الزوج على أحد. لأن سبب الرجوع الفسخ وهو لم يحصل، أما إذا فسخ قبل الموت، وقبل الدخول، فلا شيء لها. فزاد الحنابلة اللمس بشهوة، والقبلة بحضور الناس. فجعلوا ذلك من الأسباب التي تؤكد المهر وترفع احتمال سقوطه)



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 24-01-2022, 08:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 107 الى صــــــــ
119
الحلقة (177)

وتارة يكون بعقد فاسد، ويترتب على وطء العقد الصحيح تأكد المهر كله، أما الوطء بالعقد الفاسد فإن في المهر الذي يجب به تفصيل المذاهب (1) .
[مبحث الوطء بشبهة]
-وأما الوطء بشبهة، فإن ما يوجبه من مهر ونحوه، فيه تفصيل المذاهب (2) .
مبحث نكاح الشغار أو جعل كل من المرأتين صداقا للأخرى-الشغار في أصل اللغة رفع الكلب رجله عند البول، ثم استعمل لغة فيما يشبهه من رفع رجل المرأة عند الجماع، ثم نقله الفقهاء واستعملوه في رفع المهر من العقد، فهو عند الفقهاء أن يتزوج اثنان امرأتين على أن تكون أحدهما في نظير صداق الأخرى، وفي صحة ذلك وعدمه اختلاف المذاهب (3) .
[مبحث ما يعتبر به مهر المثل]
-الأوصاف التي يعتبر بها مهر المثل فيها تفصيل المذاهب (4) .
(1) (الحنفية - قالوا: تقدم أن الذي يجب بالوطء المبني على العقد الصحيح هو تأكد المهر كله بحيث لا يحتمل السقوط حتى ولو فعلت المرأة ما يوجب الفرقة من ردة، ومطاوعة ابن زوجها في فعل الفاحشة وغير ذلك. أما إذا طلقها الرجل قبل الوطء أو الخلوة الصحيحة سقط نصف المهر وثبت لها نصفه، وكذا الحكم في كل فرقة جاءت من قبل الزوج، مثل ردته، وزناه بأم امرأته أو بنتها، وتقبيلهما بشهوة، فإنه إن فعل ذلك قبل الخلوة بامرأته أو الوطء فإنه يثبت لها نصف المهر، ثم إن ادعت المرأة الوطء، أو الخلوة وأنكر الزوج دعواها كان القول قولها، لأنها تنكر سقوط صداقها، والقول للمنكر، وبعضهم يقول: إن القول للرجل لأنه ينكر وجوب الزيادة على النصف.
وبالتأمل يتضح أن القولين متعارضان، لأننا إذا جرينا على قاعدة أن القول للمنكر فقط، فإنه يصح اعتبار كل منهما منكرا كما بينا، ولهذا رجح بعضهم القول الأول بوجه آخر، وهو أن العقد الصحيح يوجب كل المهر، فالسبب الصحيح الموجب للمهر هو العقد الصحيح وأما نقصه إلى النصف، فهو بسب آخر عارض، وهو الفرقة التي تأتي من قبل الزوج، فإذا لم يثبت هذا الأمر العارض كان الشيء باقيا على أصله. فالرجل يدعي وجود هذا العارض، والمرأة تنكر، فالقول لها.
هذا هو حكم الوطء بالعقد الصحيح، وهو تأكد كل المهر المسمى، فإذا لم يسم مهرا أصلا، أو سماه تسمية فاسدة، كما إذا سمى خمرا، أو خنزيرا، أو غير ذلك مما تقدم، أو نفاه بأن تزوجها على أن لا مهر لها، فإنه يجب لها مهر المثل، ومثل ذلك ما إذا قالت له: زوجتك نفسي بخمسين جنيها مثلا وأبرأتك منها فقبل، أو تزوجها على حكمها في المهر، أو على حكمه هو، أو على حكم شخص آخر، أو على ما في بطن أغنامه، أو على أن يهب لها ألف درهم، أو على طلاق ضرتها، فإنه في كل ذلك يتقرر لها مهر المثل، وقد تقدم نحو ذلك في شروط الصداق.
أما إذا كان الوطء بعقد فاسد فإنه ينظر فيما إذا كان قد سمى لها مهرا، أو لا. فإن كان قد سمى لها مهرا قورن بينه وبين مهر مثلها، فإن كان المسمى أقل من مهر المثل كان لها المسمى، وإن كان أكثر من مهر المثل كان لها مهر المثل، فالذي تستحقه المرأة بالوطء في النكاح الفاسد إنما هو الأقل من المسمى، ومن مهر المثل. أما إذا لم يكن قد سمى لها مهرا فإن لها مهر المثل بالغا ما بلغ، ولا يثبت للمرأة شيء في العقد الفاسد إلا بالوطء، فلا شيء لها إذا طلقها قبل الوطء، حتى ولو خلا بها لن الخلوة في النكاح الفاسد فاسدة، وذلك لأن الوطء فيه محرم، فهو يشبه الخلوة بالحائض التي يحرم وطؤها، فلا يثبت لها المهر غلا بالوطء في القبل لا في الدبر.
ثم إن النكاح الفاسد قسمان: قسم يوجب المهر ويثبت به نسب، ولا تجب به عدة، ويقال له: باطل، وذلك كما إذا تزوج محرما من محارمه، فإن العقد على واحدة منهن وجوده كعدمه، ومثله العقد على متزوجة. أو معتدة إن علم أنها للغير، فهذا العقد كعدمه، وهو عقد باطل يوجب الوطء به الحد إن كان عالما بالحرمة، وإلا رفع عنه الحد لشبهة، ومثله أيضا إذا أرغمته على أن ينكحها مكرها، فإن النكاح في هذه الحالة لا يوجب مهرا، ولكن بعد الوطء يثبت به النسب وتجب العدة.

وقسم يجب به المهر، والعدة، ويثبت به النسب، وذلك فيما إذا فقد شرطا من شرائط الصحة عندنا، ولكن قال بجوازه غيرنا، ومثاله النكاح بدون شهوة، فإن المالكية قالوا: بصحة العقد من غير شهود. ونكاح أم المزني بها، والمنظور إليها بشهوة، ونكاح البنت من الزنا، فإن العقد عليها صحيح عند الشافعية. وكذلك العقد على من طلقت بعد الخلوة الصحيحة بدون عدة. فإنه صحيح عند الشافعية لأن العدة لا تثبت إلا بالوطء، وكذا نكاح الأمة على الحرة فإنه يصح عندنا ولكن الشافعية قالوا بجوازه إذا كانت الأمة غير مملوكة له، أما إذا كانت مملوكة فإنه لا يصح له العقد عليها، لأن العقد الملك وعقد الزواج بينهما تناف في الأحكام، فالعقد في هذه الأمثلة وإن كان فاسدا عندنا ولكنه صحيح عند غيرنا، فيجب به المهر، وتثبت به العدة، والنسب، وهناك أمثلة أجمع الأئمة الأربعة على فسادها، ولكن الحنفية يقولون:
إن الوطء فيها يثبت به النسب. وتجب به العدة. ولا يحد فاعله، كما إذا تزوج الأختين معا في عقد واحد، ودخل بهما، أو تزوج أخت مطلقته قبل انقضاء عدتها منه. أو طلق امرأته الرابعة وعقد على غيرها قبل انقضاء عدتها. أو تزوج في عقد واحد ووطئهن. فإن ظاهر كلامهم أن العقد فاسد لا باطل، بمعنى أنه يجب به المهر، وتجب به العدة، ويثبت به النسب، مع أنه لم يقل أحد من الأئمة المعروفين بجوازه، على أن بعضهم قال: إذا تزوج الكافر مسلمة فولدت منه يثبت النسب، وإن دخل بها تجب العدة بفراقها، ولكن الصحيح أن هذا العقد باطل لا قيمة له، فلا يثبت به نسب، ولا تجب به عدة، كنكاح المحارم، والمعتدة سواء بسواء.
ويظهر أن هذه الأمثلة يرتب فيها العقد الفاسد آثاره لما فيها من شبهة الحل بالقياس على غيرها، فإنه لولا مراعاة رابطة الأخاء لم يكن هناك فرق بين الأخت والأجنبية في عدم انتظار الرجل، وكذا لولا مراعاة أن المتزوج أربعا لا يحل له العقد على خامسة، والمرأة المطلقة في حكم الباقية على ذمته ما دامت معتدة منه، لم هناك وجه لانتظار عدتها، ولذا لو كان متزوجا ثلاثا وطلق إحداهن فإن له الحق أن يعقد على أخرى بدون انتظار، فلذا اعتبر الحنفية هذه الأمثلة من النكاح الفاسد لا الباطل لما فيها من شبهة تجعل لصاحبه المعذرة، على أن نقول فيما يترتب على النكاح الفاسد من الآثار قد اختلفت، حتى إن بعضهم قال: إن الصواب ثبوت العدة والنسب في النكاح الباطل والفاسد بلا فرق في جميع الأمثلة المذكورة، ولكن المشهور ما ذكرناه من التفصيل.
ثم إن النكاح الفاسد، أو الباطل لا يتوقف فسخه على القاضي، بل لكل واحد منهما فسخه ولو بغير حضور صاحبه، سواء دخل بها، أو لا. وتجب العدة من وقت التفريق. ويثبت النسب له كما تقدم، وتعتبر مدة ثبوت النسب - وأقلها ستة أشهر - من وقت الوطء، فإذا وطئها أول يوم من الشهر، ثم جاءت بولد بعد نهاية ستة أشهر ثبت نسبه منه، وإلا فلا.
وسيأتي بيان ذلك في مبحث العدة.
الشافعية - قالوا: الوطء يتأكد به جميع الصداق متى كان بعقد صحيح كما يقوله الحنفية والحنابلة، إلا في نكاح المفوضة، وهي التي تفوض أمر زواجها إلى الولي بدون مهر، فإنه يتقرر لها بالوطء المبني على العقد الصحيح مهر المثل، فإن طلقها قبل الوطء فلا شيء لها، وإنما تجب لها المتعة الآتي بيانها، وكذلك يتقرر لها مهر المثل بموت أحدهما. أو بفرض صداق لها برضاهما أو بحكم القاضي لأن للمفوضة الحق في طلب فرض المهر قبل الوطء، فيتأكد لها المهر بثلاثة أمور: الوطء، أو موت أحدهما ولو قبل الوطء، أو فرض المهر، وكما يتقرر لها بالوطء في العقد الصحيح كذلك يتقرر لها مهر المثل بالوطء في العقد الفاسد، وذلك لأن الوطء يجب مهر المثل في العقد الفاسد للشبهة وفي الحالة الآتي بيانها.
والنكاح الفاسد هو ما اختل فيه شرط من الشروط المتقدمة، أما النكاح الباطل فهو ما اختل فيه ركن، وحكم الفاسد والباطل واحد في الغالب، فمن الأنكحة الباطلة نكاح الشغار الآتي بيانه، وهو أن يزوج بنته في مقابل زواج بنت الآخر بدون مهر. ومنها نكاح المتعة المتقدم ذكره، والأول باطل لاختلال ركنه، وهو الزوجة، فإن جعلها محلا للعقد هي وصداقها للأخرى فمورد النكاح الذي يرد عليه: امرأة، وصداق، فقد جعل المرأة عوضا.
ومعوضا، والثاني باطل لاختلال الصيغة. وهي من أركان النكاح، لأنه يشترط فيها أن لا تكون مؤقتة بوقت. ومنها نكاح المحرم بالنسك، وهو باطل لاختلال المحل، وهو الزوج أو الزوجة وهما ركنا النكاح إذ الشرط خلوهما من الموانع، والاحرام من الموانع عند الشافعية ومنها أن ينكح الولي من له عليها الولاية لرجلين، ولا يعرف العقد السابق، فإن العقدين يبطلان كما تقدم، وبطلانهما لاختلال المحل، وهو المرأة، فإنها ليست محلا لتزوج اثنين.
هذا، والوطء بنكاح الشغار، والنكاح المؤقت، ونكاح المحرم بالنسك، ونكاح المرأة التي عقد عليها الولي لاثنين، لا حد فيه وتجب به العدة، ويثبت به النسب ومهر المثل.
ومنها نكاح المتعة، أو المستبرأة من غيره، ولو من وطء بشبهة، ولا بد من انقضاء عدتها. أو مدة استبرائها بيقين، فإن عقد عليها وهي في العدة، أو زمن الاستبراء، ولو شكا ووطئها كان عليه الحد في هذه الحالة، لأنها في عصمة الغير ما دامت في عدته، فوطؤها في هذه الحالة يكون زنا يوجب الحد. فلا يثبت به النسب، ولا عدة فيه، ولا مهر، إلا إن ادعى الجهل بحرمة النكاح في العدة. والاستبراء من غيره، فلا حد عليه. وكذلك تحد المرأة إلا إذا ادعت الجهل مثل الرجل وكانا ممن يعذران بالجهل، كما إذا كانا قريبي عهد بالإسلام.
أو ولدا في جهة منقطعة عن الحركة العلمية الدينية. ومنها العقد على امرأة مرتابة في انقضاء عدتها فإن رأت أمارات الحمل من حركة أو ثقل، فإنها في هذه الحالة لا تكون محلا للعقد، لما قلنا: من إنه يشترط أن تكون خالية من العدة يقينا، فلو عقد عليها في هذه الحالة وقع العقد باطلا ولو ظهر أنها غير حامل على المعتمد، وذلك لأنه لا يصح الإقدام على العقد إلا بعد التيقن، وهذا بخلاف ما إذا غاب الرجل على امرأته زمنا طويلا حتى صار مفقودا، وتزوجت بغيره قبل ثبوت موته، أو طلاقه، ثم ظهر أنه ميت، أو مطلق، فإن العقد الثاني يقع صحيحا، وذلك لأنه في الثاني نظر للواقع، لأن المرأة لم تخاطب بعده حتى يجب عليها التيقن، فلذا نظر في جانبها للواقع بخلاف الأول كالثاني، ولكن المعتمد هو البطلان كما عرفت. ومنها نكاح الوثنية التي لا كتاب لها على التفصيل المتقدم، وبطلانه ظاهر لأنها غير محل للعقد.
ومنها نكاح المرتدة، فإنه باطل لاختلال ركنه، وهي لا تحل لمسلم، ولا غيره لبقاء علاقتها بالإسلام، فإن ارتدت وهي تحت مسلم قبل الدخول بطل النكاح، وإن بعده وقف البطلان حتى تنقضي العدة، إن بقيت بدون أن ينفذ عليها الحد، ولو جامعها لا حد عليه لشبهة بقاء العقد كما يأتي. ومنها أن ينكح الحر أمته المملوكة له، فإن العقد يقع باطلا لكونها ليست محلا للعقد، لاختلاف الأحكام، فإن النكاح يقتضي طلاقا، وقسما، وظهارا، وغيرها، والملك لا يقتضي شيئا من ذلك، فإن أراد زواجها وجب عتقها.
واعلم أن كل وطء لا يجب به الحد على الفاعل يوجب العدة، ويثبت به النسل، ويجب به مهر المثل، وإلا كان زنا لا يثبت به شيء. ويوجب الحد، وقولهم: يوجب الحد على الفاعل خرج به ما يوجب الحد على المفعول دون الفاعل في بعض الصور، وذلك كما إذا زنى مراهق ببالغة، أو مجنون بعاقلة، فإن الحد لا يجب على الزاني منهما لصغره أو جنونه، وإنما يجب على الزانية لبلوغها وعقلها، ومع ذلك فإنه في هذه الحالة تجب على المرأة العدة، ويثبت النسب، ويستثنى من قاعدة - كل ما لا حد فيه تجب فيه العدة، ويثبت به النسب - وطء المكره لامرأة مختارة فإنه يرتفع عنه الحد بشبهة الإكراه، ولكنهما مع ذلك زانيان فلا مهر، ولا عدة ولا نسب، وذلك لأن الإكراه لا يبيح الزنا، بل قالوا: إن الإكراه على الزنا غير ممكن، لأن الوطء يستلزم توجه النفس حتى يمكن الانتشار والإيلاج، أما المكره فإن نفسه متأثرة بما لا يمكن معه الانتصاب والإيلاج، فليس المكره كالمراهق، والمجنون الذي لا يعقل.
وإذا أردت معرفة العقد الفاسد فارجع إلى محترزات النكاح المتقدمة.
المالكية - قالوا: النكاح الفاسد نوعان: نوع مجمع على فساده بين الأئمة. ونوع غبر مجمع على فساده، فالأول كنكاح المحارم بنسب، أو رضاع، والجمع بين ما لا يحل الجمع بينهما، وتزوج خامسة في عدة الرابعة، وهذا لو وقع يفسخ قبل الدخول وبعده بلا طلاق، فإن فسخ قبل الدخول فلا شيء فيه، لأن القاعدة أن كل عقد فسخ قبل الدخول لا صداق فيه، كان متفقا على فساده أو مختلفا فيه، سواء كان الفساد بسبب العقد أو بسبب الصداق بأن كان خمرا أو نحوه، أو كان بسببهما معا إلا إذا تزوجها بمهر دون أقل المهر - كدرهمين -
مع أن أقله ثلاثة، فإن لها نصف الدرهمين بالفسخ قبل الدخول، ومثل ذلك فرقة المتراضعين، وفرقة المتلاعنين قبل الدخول فإن لهما نصف الصداق المسمى أما إن فسخ بعد الوطء فإنه يثبت به الصداق، فإذا جمع بين البنت وعمتها، أو خالتها في عقد واحد أو عقدين، ولم يعرف السابق منهما، ووطئهما كان لهما الصداق وعليهما الاستبراء بثلاث حيضات، ثم إن كان قد سمى لهما مهرا حلالا كان لهما المسمى أما أن سمى لهما مهرا حراما - كخمر، ونحوه - كان لهما صداق المثل، ولا يحدان إلا إذا كانا عالمين بالتحريم والقرابة، فإن كانا عالمين بذلك وجب عليهما الحد لكونه زنا في هذه الحالة.
ومن المجمع على فساده النكاح المؤقت، وقد تقدم أن فيه المهر المسمى على المعتدة، وأن لا حد فيه، ولكن فيه العقاب والتأديب بالوطء، ويفسخ بلا طلاق، ومنه نكاح المتعة إذا كان غير عالم، ويفسخ بلا طلاق قبل الوطء، وبعد، أما إن كانا عالمين فإنهما يكونان زانيين يجب عليهما الحد.
وأما النوع الثاني: وهو غير المجمع على فساده، فمنه النكاح حال الإحرام بالنسك، فإنه فاسد عند المالكية. صحيح عند الحنفية وفيه المسمى إن كان حلالا بعد الوطء، ومهر المثل إن كان المهر حراما - كخمر، وخنزير - ولا شيء فيه إن فسخ قبل الوطء كما عرفت.
ومنه نكاح الشغار، فإنه وإن كان لا يجوز الإقدام عليه بالإجماع، ولكن الحنفية يقولون بصحته بعد الوقوع والمالكية يقولون بفساده، كما يأتي، وفيه مهر المثل بالوطء، ومنه أن تتولى المرأة زواج نفسها بدون ولي، فإنه جائز عند الحنفية، وفيه المسمى إن كان حلالا، كما تقدم ومنه نكاح السر المتقدم ويفسخ قبل الدخول لا بعده، ومنه النكاح بصداق فاسد، والنكاح على شرط يناقض العقد، وقد تقدم تفصيل كل هذا.
وحاصله أن الوطء المترتب على العقد الفاسد يوجب المهر المسمى - إن كان المهر حلالا - للمرأة إن كان فساده يرجع إلى نفس العقد كأن اختل شرط منه، أو ركن، أو يرجع إلى فساد العقد، وفساد الصداق بأن يكون أقل من ثلاثة دراهم، أو غير مملك، أو نحو مما تقدم في شروط صحة الصداق، أما إذا كان المسمى حراما - كخمر أو خنزير - فإن الوطء يوجب مهر المثل، وكذا إذا لم يسم المهر أصلا - كنكاح الشغار الآتي - فإن طلقها قبل الوطء في النكاح الفاسد سقط المسمى ومهر المثل، فلا مهر لها سواء كان مجمعا على فساده أو لا، أما إذا مات أحدهما قبل الوطء، فإن كان فساده لفساد الصداق سقط الصداق مطلقا، أي سواء اتفق على فساد العقد بالصداق - كما إذا سمى خمرا - أو لا - كما إذا سمى آبقا - وإن كان الفساد لنفس العقد فإن كان الفساد متفقا عليه - كنكاح المتعة - سقط الصداق بالموت قبل الوطء أيضا. وإن كان الفساد مختلفا فيه. فإن كان الفساد لم يحدث خللا في الصداق - كنكاح المحرم بالنسك - فإن الموت لا يسقط المهر. بل يثبت لها الصداق المسمى. أو مهر المثل على الوجه السابق وإن أحدث خللا في الصداق - كنكاح المحلل - فإنه لا يثبت فيه الصداق إلا بالوطء. فإذا أحدث خللا في الصداق والنكاح بشرط أن لا ترث منه، أو لا يرث منها، فإنه يسقط بالموت.
الحنابلة - قالوا: الوطء المترتب على النكاح الفاسد يوجب المهر المسمى. فإن لم يكن قد سمى لها مهرا وجب لها مهر المثل. والخلوة توجب الصداق في النكاح الفاسد كالوطء. خلافا للحنفية الذين قالوا: إن الخلوة في النكاح الفاسد لا توجب الصداق وخلافا للمالكية والشافعية الذين قالوا: إن الخلوة لا توجب الصداق لا في العقد الفاسد ولا الصحيح. ويشترط أن يكون الوطء في القبل أما إذا وطئها في الدبر فإنه لا يتقرر به الصداق ولكنه في هذه الحالة يتقرر الصداق بالخلوة. إذ ليس من المعقول أن يطأها في الدبر في غير الخلوة. ومن ذلك المكرهة على الزنا، ولو كانت من محارمه فإنه يجب لها الصداق لإكراهها أما إذا زنى برضاها فلا شيء لها طبعا.
والنكاح الفاسد هو اختل فيه شرط. ومنه نكاح المتعة ويجب فيه المسمى على هذه القاعدة ولكنهم قالوا: إنه يجب فيه مهر المثل دون المسمى بالوطء. ومنه نكاح المحلل وقد مر بيانه، ويلحق به النسب ولا يحصل به الإحصان. ولا الحل للمطلق، ولها بالوطء المسمى، كما عرفت، ومنه نكاح الشغار الآتي بيانه، ومنه أن يشترط ما ينافي العقد، كأن يتزوجها بشرط أن لا يحل له وطؤها ومنه غير ذلك مما تقدم في بيان الشروط والأركان، وقد عرفت الحكم العام في الفاسد والباطل) .
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24-01-2022, 08:54 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 107 الى صــــــــ
119
الحلقة (178)


(2) (الشافعية - قالوا: الوطء بشبهة يجب فيه مهر المثل، فمن ظن في نائمة أنها زوجته فوطئها وهي لا تدري ثبت لها مهر مثلها، أما إذا أحست به وعلمت فإنها تكون زانية يجب عليها الحد.
وقد قسم الشافعية الشبهة التي تدرأ الحد ويتقرر بها مهر المثل إلى أربعة أقسام: شبهة الفاعل وهي ما إذا وطئ امرأة وهو يظن أنها زوجته، أو أمته، ثم تبين غير ذلك، وهذا الفعل لا يتصف بحل، ولا حرمة، وذلك لأن فاعله غير مكلف، لأن الفعل صدر عنه وهو غافل. ومتى انتفى تكليفه انتفى وصف فعله بالحل والحرمة. الثانية: شبهة الملك، وهي إذا ما وطئ الأمة المشتركة بينه وبين غيره أو وطئ مكاتبته، فإنه لا يجوز وطئها، ولكنه إذا جهل التحريم ووطئ لشبهة الملك رفع عنه الحد، ويوصف فعله في هذه الحالة بالحرمة، لأنه ما دام علم أن ملكه غير خالص فيجب عليه أن يتحرى إن كان جاهلا. الثالثة: شبهة الطريق، وهي ما إذا فعل لشبهة الحل بقول عالم يصح تقليده، وذلك كما إذا تزوج امرأة بلا ولي ولا شهود ووطئها بناء على ما ذهب إليه داود الظاهري من صحة ذلك، فإن قلده فلا حرمة، ولا حل وإن لم يقلده حرم عليه. الرابعة: شبهة المحل، وهي ما إذا اشتبه في حل الموطوءة له، كما إذا وطئ جارية أبيه أو وطئ أبوه جاريته، وهذا الوطء حرام لأن لا يصح الإقدام عليه مع الشك في الملك.
وعلى كل حال فلا حد في الوطء للشبهة بأنواعها الثلاثة، ويجب فيها مهر بكر دون أرش بكارة على المعتمد، فإن كانت ثيبا فلها مهر مثل الثيب. وبعضهم قسم الشبهة إلى ثلاثة أقسام فقط فجعل شبهة الملك، وشبهة المحل واحدة، ثم إن اتحد شخص الشبهة لا يتعدد المهر، كما إذا وطئ نائمة بشبهة أنها امرأته اليوم، ثم وطئها بنفس هذه الشبهة بعد أيام، وكان لم يدفع لها المهر فإن عليه مهرا واحدا. أما إذا وطئها بشبهة الملك ليوم، ثم وطئها بعد أيام بشبهة أخرى فإن عليه مهرين لا مهرا واحدا ويعتبر حال المرأة وقت الوطء الأول، فإن وطئها وهي جميلة - لها مهر كثير - ثم وطئها ثانيا بنفس الشبهة الأولى بعد أن عرض لها ما فقدت به شيئا من جمالها تستحق المهر على الحالة الأولى.
الحنفية - قالوا: الوطء بشبهة يجب فيه مهر المثل، والقاعدة عند الحنفية أن كل وطء في دار الإسلام بغير ملك يمين، إما أن يوجب - المهر أو الحد ثمان مسائل:
إحداها: الصبي إذا نكح بدون إذن وطاوعته، فإنه لا مهر عليه، ولا حد بوطئها.
ثانيها: شخص يملك أمة فباعها بيعا صحيحا، ثم وطئها قبل أن يسلمها للمشتري فلا حد عليه ولا مهر لها، ولكن للمشتري أن ينقص من ثمنها ما قابل البكارة إن كانت بكرا وإلا فلا.
ثالثها: إذا تزوجت ذمية ذميا بغير مهر، ثم أسلما، فلا حق لها في مطالبته بعد الإسلام متى كانت شريعتهما لا مهر فيها من قبل الإسلام.
رابعها: السيد إذا تزوج أمته من عبده، فلا مهر لها على الأصح.
خامسها: العبد إذا وطئ سيدته بشبهة، فلا مهر لها، ولا حد.
سادسها: إذا وطئ حربية.
سابعها: إذا وطئ شخص جارية موقوفة عليه فإنه لا مهر عليه ولا حد.
ثامنها: إذا وطئ الجارية المرهونة بإذن الراهن، ظانا حلها فلا حد عليه، ولا مهر لها، على أن المراد بمهر المثل عندهم في الوطء بشبهة هو ما يسمونه عقرا، وقد فسره بعضهم بأنه قدر ما يستأجر به مثلها للزنا لو جاز، ولكن الصحيح أن العقر هو مهر المثل بالنسبة للجمال فقط، فتعطى مهر الجميلة، بصرف النظر عن حسبها أو مالها، والشبهة التي تسقط الحد هي ما يشبه الشيء الثابت مع كونه غير ثابت في الواقع ونفس الأمر، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام: شبهة المحل، وهي التي نشأت عن دليل موجب للحل في المحل، ولكن عرض مانع يمنع الحل فوجود الدليل أوجد شبهة في حل المحل يعني الموطوءة، ولو علم ذلك العارض الذي منع الحل، مثال ذلك أن يطأ الرجل أمة ولد ولده وإن سفل، بناء على حديث "أنت ومالك لأبيك" فظاهر هذا الحديث يفيد أن اللام للملك، ومعنى ذلك أن الولد وما يملكه من مال مملوك لأبيه، فأمة الابن مملوكة للأب، ولكن هذا الظاهر من الحديث عارضه الإجماع، على أن اللام فيه ليست للملك، بل معنى "أنت ومالك لأبيك" منسوب لأبيك.
فهو الأصل الذي يترتب عليه وجودك، فأحرزت هذا المال فلا تضيق عليه، ولكن مع هذا شبهة الحل لا تزال قائمة عملا باللام في قوله: "لأبيك"، وكما تسمى هذه الشبهة بشبهة المحل كذلك تسمى شبهة الملك وتسمى شبهة حكيمة، أعني التي ثبتت فيها شبهة حكم الشرع بحل المحل، ومن ذلك ما إذا طلق امرأته بلفظ الكنايات، كقوله:
أنت بائن، أو بتة أو خالصة، أو نحو ذلك، فبانت منه ثم وطئها وهي في العدة فإنه لا يحد بذلك، ووجب عليه الصداق، وذلك لشبهة الدليل وهو قول عمر رضي الله عنه: الكنايات رواجع، وهذا رأي بعض الأئمة، أما عندنا فقد قام الدليل على أن الكنايات يقع بها بائنا، فيحرم وطؤها في العدة إلا إذا عقد عليها عقدا جديدا، ولكن لا حد عليه ولو كان عالما بالتحريم عند الحنفية لقيام الشبهة التي أحدثها الدليل في المحل. ومن ذلك ما إذا باع جاريته بيعا صحيحا ثم وطئها قبل أن يقبضها المشتري فإن ذلك يرفع الحد كما تقدم، أما إذا وطئها بعد القبض فإنه يحد، أما إذا باعها بيعا فاسدا ووطئها قبل القبض لم يكن مما نحن فيه، لأنها لم تخرج عن ملكه بالبيع الفاسد، وإذا وطئها بعد القبض كان له شبهة في الملك، لأن له حق الفسخ فيعود له ملكها، على أنه يثبت لها بالوطء بعد القبض مهر المثل، لأن المبيع بيعا فاسدا يملك بالقبض ومن ذلك ما إذا وطئ امرأته بعد ردتها فإن بعض علماء الحنفية أفتوا بعدم الفرقة بردة المرأة، فإذا جاءت الردة من قبلها لا يفسخ النكاح فوطؤها في هذه الحالة ليس بحرام، وكذا إذا طاوعت زوجة الرجل ابنه فزنى بها فإنها تحرم على أبيه عندنا، ولكن إذا وطئها أبوه بعد ذلك فإن شبهة الحل قائمة بها فلا يحد، وذلك لأن الشافعي قال: إن الزنا لا يوجب حرمة المصاهرة، وهذا النوع يسميه الشافعية شبهة الطريق، أي الشبهة التي أوجدها الدليل في المحل.
ومنه ما إذا وطئ الرجل أم زوجته، فإن زوجته تحرم عليه عند الحنفية، ولكن إذا وطئ زوجته بعد ذلك فإنه لا يحد، لأن الأمام الشافعي قال: إن الزنا بالأمهات لا يوجب الحرمة.
القسم الثاني: شبهة الفعل، وتسمى شبهة اشتباه، بمعنى أنها تعتبر شبهة في حق من حصل عنده اشتباه بأن ظن حل الفعل، مثال ذلك أن يطأ الشخص أمة أبيه. أو أمه ظنا منه أن ذلك جائز، أو يطأ امرأته التي طلقها ثلاثا وهي في العدة ظانا أن ذلك جائز، ويكفي في ذلك أن يدعيا الظن، أما إذا أقرا بأنهما يعلمان بالتحريم فإنهما يحدان.
هذا، وإذا طلقها بلفظ الكناية ونوى بذلك الطلاق الثلاث ثم وطئها في العدة فإنه لا يحد ولو كان عالما بالتحريم ومثل الطلاق الثلاث الطلاق البائن، كما إذ طلقها بالخلع على مال ثم وطئها في العدة فإن كان عالما بالتحريم فإنه يحد وإلا فلا. في الأول يكون له شبهة اشتباه في حل الفعل
الثالثة: شبهة العقد، فإذا عقد على محرم من محارمه ووطئها وكان غير عالم بالتحريم فإنه لا يحد لأن العقد أحدث عنده شبهة وهذا باتفاق. أما إذا كان عالما بالتحريم فإنه يحد عندهما لا عنده، ولكن مع هذا يثبت بها النسب، ولا فرق بين أن تكون من المحارم نسبا أو رضاعا أو مصاهرة، فلو تزوج أخته من الرضاع ظانا حل ذلك ووطئها لا حد، ويثبت بوطئه النسب ولها الأقل من المسمى، ومهر المثل كما تقدم، أما إذا عقد على من لا تحل له بسبب آخر ووطئها كأن عقد على معتدة للغير ووطئها، أو وطئ من طلقها ثلاثا بدون محلل، أو تزوج خمسا في عقد واحد فوطئهن، أو جمع بين أختين في عقد فوطئهما، أو عقد على أختين بعقدين متعاقبين، ثم وطئ الأخيرة التي يثبت بطلان عقدها فإنه لا حد في كل ذلك بالاتفاق، ولو كان عالما بالتحريم، ولكن يعاقب عقوبة شديدة.
فالخلاف بين أبي حنيفة، وصاحبيه في العقد على المحارم ووطئهن، فهما يقولان: إن علم بالحرمة حد وإلا فلا، وهو يقول: لا يحد مطلقا لا فرق بين المحارم وغيرهن ومدار الخلاف أن المحارم تصلح لأن تكون محلا للعقد أو لا؟ الإمام يقول: إن المرأة في ذاتها صالحة ليعقد عليها ما دامت محلا قابلا للغرض من العقد، وهو التناسل والتوارث، بصرف النظر عن عاقد خاص، فإن تحريم المحرم جاء من عارض آخر، فأورث ذلك شبهة في جواز العقد عليها، أما هما فقالا:
إنها ليست محلا لعقد هذا العاقد بخصوصه. ولا يسقط الحد عمن وجد امرأة أجنبية نائمة على فراشه فظنها امرأته فوطئها، وذلك لأنه إما مبصر، أو أعمى، وكان الوقت نهارا، أو ليلا مظلما، فإن كان مبصرا وكان الوقت نهارا لم يكن لاشتباهه معنى، فإن يفرق بضرورة في هذه الحالة بين امرأته وغيرها، فلو فعل بها كان زانيا عليه الحد، وهي لا محالة أنها تراه وتعلم به، فإذا فرض ولم تشعر به حتى أولج ارتفع عنها الحد، وثبت لها مهر المثل، وإن كان أعمى، أو كان الوقت ليلا، فالمفروض في هذه الحالة أن يطأها بعد أن يدعوها لهذا العمل، إذ لا يليق أن يقدم الإنسان على فعل كهذا من غير أن تشعر به امرأته المشاركة له في الاستمتاع، اللهم إلا إذا كان أعمى وناداها فأجابته على أنها امرأته، وفي هذه الحالة تحد هي لا هو، وبعضهم يرى سقوط الحد إذا كان أعمى أو كان الظلام حالكا. لأنه يلزم بإيقاظ امرأته لإتيانها، فلو فرض ووقع ذلك سقط الحد، أما إذا كان في النهار وكان الرجل مبصرا أو في الليل ولم يكن الظلام شديدا بحيث يمكن للمبصر أن يميز، فإنه لا يسقط الحد قولا واحدا.
المالكية - قالوا: الوطء بشبهة يوجب مهر المثل، ويسقط الحد، والمالكية يعتبرون الشبهة في غير العمد، فمتى كان غير متعمد بأن كان ناسيا، كما طلق امرأته طلاقا بائنا ونسى فوطئها، أو كان غالطا بأن أراد أن يجامع امرأته فغالط في غيرها، أو كان جاهلا للحكم بأن كان قريب عهد الإسلام ويجهل أن الزنا محرم، وكذلك من له شبهة في الملك بأن ملكها بعقد غير صحيح عندهم، ولنكه صحيح عند غيرهم، فإنه لا يحد، ومنه وطء زوجنه في دبرها، فإن بعضهم قال: إن الرجل يملك التسلط على دبر امرأته، ولكنه قول شاذ ضعيف، فلو فعل شخص ذلك الفعل مع امرأته فإنه لا يحد، ولكنه يؤدب لأنه لم يرتكز على قول صحيح، فما نسب إلى المالكية من جواز ذلك فهو محمول على ذلك القول الشاذ الضعيف، والمعتمد عندهم أنه حرام يوجب التأديب وإن سقط به الحد.
ويحد واطئ المعتدة من الغير على التحقيق، وكذلك من وطئ خامسة، أو طلق زوجته طلاقا باتا ووطئها عمدا، وغير ذلك مما هو مبين في حد الزنا.
الحنابلة - قالوا: الوطء بشبهة يوجب مهر المثل. ويرفع الحد، والشبهة في الملك كأن يطأ أمته المحرمة عليه برضاع لاعتقاد حلها بملكه، أو اشتبه في عينها بأن ظنها امرأته وليست كذلك. أو وطئها بعد طلاق بائن في عدتها منه، أو وطئ أمة مشتركة بينه وبين غيره لشبهة الملك أيضا. أو وطئ في عقد فاسد عند الحنابلة صحيح عند غيرهم، فإن كل هذا يرفع الحد) .
(3) (المالكية - قالوا: الشغار ينقسم إلى ثلاثة أقسام: شغار صريح، وهو أن يقول له: زوجني أختك مثلا، على أن أزوجك أختي بحيث لا يكون لإحداهما مهر، بل بضعها في نظير بضع الأخر.
الثاني، ويقال له: وجه شغار، وهو أن يقول له: زوجني أختك بمائة على أن أزوجك أختي بمائة، فالأول صريح الشغار لأنه رفع منه المهر رأسا، فلم يسميا لأحد مهرا، والثاني يقال له: وجه شغار لأنه وإن كان قد سمى لكل منهما صداقا، ولكنه اشترط زواج إحداهما في نظير الأخر، فالتسمية في هذه الحالة كلا تسمية، الثالث: المركب منهما، وهو أن يقول له: زوجني أختك مثلا بخمسين جنيها على أن أزوجك أختي، أو أمتي بلا مهر، فهو في هذه الحالة صريح فيمن لم يسم لها، وذو وجه فما سمى لها.
وحكم الشغار الصريح البطلان، فيفسخ العقد قبل الدخول وبعده، فإن فسخ قبل الدخول فلا شيء لهما، وإن فسخ بعده كان لهما مهر المثل بالوطء. وحكم وجه الشغار البطلان، ولكن يفسخ قبل الدخول لا بعده بطلاق، أما بعده فإن العقد فيه يثبت بالأكثر من المسمى. وصداق المثل، بمعنى أنها تأخذ الأكثر، فإذا كان قد سمى لها خمسين، وكان صداق مثلها كان لها الحق في المائة وبالعكس، ولو وقع وجه الشغار لا على الشرط فإنه يصح. فلو زوجة أخته بمائة، فكافأه الآخر على ذلك وأعطاه أخته بمائة، فإنه يصح. أما حكم المركب منهما فإن المسمى لها يفسخ عقدها قبل الدخول، ويثبت بعده، بالأكثر من المسمى، ومهر المثل، وأما غير المسمى لها فإن عقدها يفسخ قبل الدخول وبعده، ولها في حال الفسخ بعد الدخول صداق المثل.
الشافعية - قالوا: الشغار هو أن يقول له: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك، وبضع كل منهما صداق الأخر، فيقول: قبلت، وكذا لو قال له: زوجتك بنتي على أن تزوجني بنتك وبضع كل منهما ومائة جنيه صداق الأخر، فإن ذكر المال لم يخرج البضع عن كونه صداقا وعله التحريم أنه جعل كلا منهما مشتركا فيها، لأن كل واحدة مستحقة للرجل ولا بنته فهي زوجة للرجل وصداق لبنته، فكأن بضعها مشترك فيه اثنان. فأشبهت المتزوجة بالاثنين، فلو لم يذكر البضع بأن قال: زوجتك بنتي بمائة على أن تزوجني بنتك بمائة فإن العقد يصح، ولكن يبطل المسمى، وذلك لأنه جعل المسمى في العقد الثاني زواج البنت، والمائة وزواج البنت الثانية غير معلوم، فبطل المسمى كله في الثاني،ويبطل في العقد الأول لنه مبني على الفاسد - وهو الثاني - لأن النكاح مشروط به والمبني على الفاسد فاسد.
هذا، وإذا وطئها في نكاح الشغار كان لها مهر المثل كما تقدم فإن الشافعية يقولون: إن النكاح الفاسد يوجب مهر المثل.
وليس من الشغار ما يقع في الأرياف من الاتفاق على أنه يتزوج ابنا الرجلين بنتي الآخر مع عدم ذكر صداق لهما وعدم التعرض لذلك في العقد.
الحنفية - قالوا: نكاح الشغار. هو أن يزوج الرجل بنته لابن الآخر مثلا في نظير أن يزوج الآخر ابنته لا بنه. على أن يكون بضع كل منهما صداقا للأخر كما فسره الشافعية ولو قال له: زوجتك أختي على أن تزوجني أختك، ولم يذكر أن بضع إحداهما صداقا أو ذكره ولكن الآخر لم يقبل كون صداق أخته بضع الأخر. فإنه لا يكون شغارا. وحكم هذا أن العقد صحيح عند الحنفية. ويجب فيه مهر المثل لكل من الاثنتين.
وقد اعترض على الحنفية بأن الشغار منهي عنه بحديث الصحيحين والنهي يقتضي فساد المنهي عنه فأجابوا عن هذا بوجهين:
أحدهما: أن المهني عنه حصول حقيقة الشغار. ونحن نقول: إن هذه الحقيقة المهني عنها غير نافذة عندنا. وإنما الذي نقول بحله ونفاذه إنما هو العقد بمهر المثل. فبطل كونه صداقا ويمكن تلخيص ذلك بأن النهي وارد على جعل البضع صداق فلا يصح، كما لا يصح جعل الخمر والخنزير صداقا فيبطل الصداق المسمى. ويبقى العقد بمهر المثل.
ثانيهما: أن النهي للكراهة لا للفساد. وذلك لأن الشارع جعل فساد المسمى في الصداق موجبا لمهر المثل في غير هذا مع الكراهية. فيحمل النهي هنا على الكراهة قياسا على غيره.
الحنابلة - قالوا: الشغار هو أن يزوجه بنته. أو غيرها ممن له عليها ولاية على أن يزوجه الآخر بنته. أو من له عليها ولاية. ولم يذكرا مهرا أو قالا: بدون مهر ولا يشترط أن يقولا: وبضع إحداهما صداق الأخر، وكذا إذا قال له: زوجتك أختي على أن تزوجني أختك وبضع كل منهما ومائة درهم صداق الأخر، فهذا شغار، وهو نكاح فاسد.
واستدل الحنابلة بما رواه أحمد عن عمر وزيد بن ثابت أنهما فرقا بين المتناكحين، لما روى ابن عمر أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم نهى عن الشغار، والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق متفق عليه، وروى أب هريرة مثله، أخرجه مسلم.
(4) وقد عرفت أجوبة الحنفية عن هذا، فهم يجعلون النهي منصبا على تسمية الصداق، ولكن الحنابلة يقولون: إن النهي من حيث موافقته على شرط فاسد ولا أدري ما وجه ذلك. لأن النهي كما يصح أن يكون على الموافقة على شرط فاسد كذلك يصح أن يكون على تسمية الفاسد وجعله شرطا بدون فرق، على الحنابلة قالوا: إذا سمى مهرا كأن قال: زوجتك ابنتي على أن تزوجني ابنتك، ومهر كل واحدة مائة، فإنه يصح العقد بالمسمى إذا لم يذكر البضع خلافا للشافعية، ولو سمى المهر لإحداهما ولم يسم للأخر صح نكاح من سمي لها دون الأخر خلافا للمالكية في الصورتين)
الحنابلة - قالوا: مهر المثل يفرضه الحاكم بالقياس إلى نساء قرابتها، كأم، وخالة، وعمة وأخت، فيعتبره الحاكم بمن تساويها منهن في مال، وجمال، وعقل، وأدب، وسن، وبكارة، أو ثيوبة، ويراعى في ذلك من كانت إليها أقرب بالترتيب، فإذا ساوتها أمها قيست بها وإلا فأختها، وإلا فعمتها، وإلا فخالتها، فإن لم يكن لها أقارب قيست بمن يشابهها من نساء بلدها.
وقد عرفت أن مهر المثل يفرض عند عدم تسمية مهر في العقد الصحيح. أو تسمية ما لا تصح



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 18-02-2022, 07:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 120 الى صــــــــ
129
الحلقة (180)

(2) (الحنفية - قالوا:
إذا طلقها قبل الدخول لا يخلو إما أن تكون قد قبلت المهر، أولا، فإن كان الثاني رجع النصف إلى ملك الزوج بمجرد الطلاق بدون حاجة إلى قضاء، أو رضا منها، وإذا كانت الفرقة من جهتها رجع إليه كل المهر ولو كان المهر قد تبرع به عنه آخر، وفي هذه الحالة ينفذ تصرفه فيما يستحقه بمجرد طلاقها، فلو مهرها فرسا ولم يسلما لها، ثم طلقها من قبل الدخول له أن يبيع نصف هذه الفرس. أما إذا قبضت الفرس وطلقها قبل الدخول، ثم باع نصفه بدون رضاها أو حكم القاضي فإن بيعه لا ينفذ، وذلك لأن القبض كان مبنيا على عقد صحيح، وهو من أسباب الملك، فلا يزول الملك إلا بالفسخ من القاضي، أما الزوجة فإنها إذا تصرفت فيه بعد قبضه كله، أو بعضه نفذ تصرفها بدون قضاء. وبدون رضا الزوج، فإذا تصرفت فيه وطلقها قبل الدخول كان عليها نصف قيمة الأصل يوم القبض إن كان متقوما أو نصف مثله إن كان له مثل، وذلك لأنه دخل في ضمانها بالقبض فإذا تصرفت فيه ببيع مثلا ونفذ بيعها، ثم طلقها قبل الدخول فقد تعذر رد النصف فتضمن قيمة النصف، من يوم القبض، فلو كان يساوي عشرين عند القبض ونقصت قيمته بعد ذلك كان عليها نصف العشرين وبالعكس، وإذا طرأ على الصداق زيادة بعد قبضه لا حق للزوج فيها. فليس له إلا نصف قيمة الأصل، كما سيأتي قريبا.
أما إذا تصرفت فيه بالبيع، أو بالهبة في نظير عوض قبل أن تقبضه فإن يصرفها ينفذ، ولكن إذا طلقها قبل الدخول فعليها نصف القيمة من يوم البيع، فإذا كان وقت البيع يساوي عشرين، ثم نزلت قيمته بعد كانت ملزمة بعشرة، ثم إن كان الصداق له مثل ترجع عليه بنصف المثل لا بنصف القيمة في جميع الأحوال. كما ذكرنا.
وإذا تصرفت في صداقها بالهبة فإنه يصح ولا حق لوليها، أو غيره في الاعتراض عليها مادامت غير محجور عليها، ولكن لا يخلو إما أن تهبه لغير الزوج، أو تهبه للزوج، فإن وهبته لغير الزوج وقبضه فعلا، ثم طلقت قبل الدخول رجع الزوج عليها بنصف الصداق، لا فرق بين أن يكون الصداق نقدا، أو عينا، على أن لها الرجوع في الهبة للأجنبي، أما إذا وهبته للزوج فلا يخلو إما أن تهبه كله، أو بعضه، وعلى كل إما أن يكون نقدا، أو عينا بعد القبض، أو قبله، فإذا كان نقدا ووهبته له كله بعد القبض لزمتها الهبة، ولا يصح الرجوع فيها على أي حال، وذلك لأن هبة الزوجة لزوجها لازمة كهبة الزوج لزوجته، فلا يمكن الرجوع فيها، فإذا طلقها قبل الدخول بعد أن وهبت له وهو زوجها لا يصح لها الرجوع في هبتها، فأصبح المهر حقا للزوجة بالهبة، وله بالطلاق قبل الدخول نصف المهر، فهل في هذه الحالة يرجع عليها بنصف المهر من غير الموهوب، أو يقال: إنها وهبت له كل المهر بعنوان كونه مهرا، فليس وراءه مهر حتى يأخذ نصفه. وعلى هذا لا يرجع عليها بشيء زيادة على الذي وهبته، مثلا إذا مهرها ألف جنيه.
فوهبته ألف جنيه بعنوان كونها مهرها بعد قبضه، فصارت الألف ملكا له، ثم طلقها قبل الدخول، وبذلك أصبح يستحق خمسمائة نصف المهر، فهل تعتبر الخمسمائة داخلة في المهر الذي وهبته لزوجها، أو لا؟
الجواب: لا تعتبر، وذلك لأن النقد من دراهم، أو دنانير، أو جنيهات لا يتعين بالتعين، فلا ينحصر المهر في خصوص الألف التي قبضتها ووهبتها.
ولذا لها أن تعطيه غيرها بعد الهبة، ولها أن تعطيه نصف الألف إذا طلقها بدون هبة من نقود أخرى، وحيث أن النقد لا يتعين بالتعين، فلا ينحصر المهر في الألف حتى ولو قالت له وهبتك ألف المهر، بل لا فرق بين أن تقول له وهبتك ألف المهر، أو وهبتك ألفا، بصرف النظر عن كونها مهرا، فإذا طلق قبل الدخول استحق نصف المهر زيادة على الألف الموهوبة، أما إذا وهبت له ألف المهر قبل أن تقبض، ثم طلقها قبل الدخول، فإن كلا منهما لا يرجع على صاحبه بشيء، لأن المهر تعين في ذمته، وقد وهبته له فلم يبق وراءه مهر، ومثل ذلك ما إذا وهبت له نصف الألف بعد قبض الألف، ثم طلقها قبل الدخول، فلا يرجع أحدهما على الآخر بشيء، لأن الموهوب نصف المهر، فينصرف إلى النصف وهو دين في ذمته. وكذا إذا قبضت النصف ووهبته الكل المقبوض وغيره، ثم طلقها قبل الدخول فلا رجوع لأحدهما، لأن النصف غير المقبوض جعل الموهوب جميعه في حكم المعين، أما إذا وهبت له أقل من النصف فإنها ترد له ما يكمل النصف.
هذا إذا كان الصداق نقدا، أما إذا كان غير نقد بأن كان عروض تجارة حاضرة معينة كهذه الثياب، أو هذا الأساس، أو غير معينة بل موصوفة في الذمة - وذلك صحيح في لنكاح لا في البيع، لأن عروض التجارة لا تثبت في الذمة، كما تقدم في الجزء الثاني في مباحث البيع - أو كان الصداق حيوانا معينا حاضرا، أو موصوفا، كهذا الفرس، أو فرسا عربيا صفته كذا، ثم وهبته له، وطلقها قبل الدخول، فلا رجوع لأحدهما على الآخر، سواء قبضت، أو لم تقبض، وإذا وهبته الكل فالأمر ظاهر، وإذا وهبته النصف أو أكثر فقد أخذ حقه الثابت له بالطلاق، أما إذا وهبته أقل من النصف ردت له ما يكمل النصف، وذلك لأنها وهبت له هذا المهر المعين بخصوصه أو الموصوف في الذمة، فهو في حكم المعين الحاضر هنا، كما قلنا، فإذا طلقها قبل الدخول لم يجد مهرا وراء ذلك حتى يأخذ نصفه.
فإن باعت له الصداق من عروض تجارة ونحوها، ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف قيمته من يوم قبضه لا بنصف ثمنه الذي دفعه لها.
بقي ما إذا كان الصداق كيلا، أو موزونا، وحكم هذا أنه إذا كان معينا حاضرا، كمائة قنطار من هذا العسل النحل، كان كعروض التجارة، وإذا كان غير معين كعشرين إردبا من القمح البعلي الصعيدي فإنه يكون كالنقد إذا وهبته قبل القبض فلا رجوع، وبعد القبض يرجع، لأنه لا يتعين مثل الدراهم والدنانير.
المالكية - قالوا: هل تملك المرأة بالعقد جميع الصداق، أو نصفه، أو لا تملك شيئا؟ والصحيح عندهم أنها تملك نصف الصداق، فعلى القول بأنها تملك جميع الصداق ينفذ تصرفها فيه بتمامه قبل القبض وبعده، لأنه تصرف في المملوك لها وعلى القول بأنها لا تملك شيئا منه بالعقد، ثم تصرفت فيه بالبيع وغيره وطلقت قبل الدخول نفذ تصرفها في حقها، وهو نصفه، وبطل النصف الذي يملكه الزوج، لأنها وإن كانت فضولية في الجميع، ولكن الطلاق حقق لها ملك النصف، فينفذ فيه. أما على القول المعتمد من أنها تملك النصف بالعقد، وتصرفت ببيع، أو هبة، أو عتق فإن تصرفها ينفذ في الجميع، لأنها وإن كانت تملك النصف إلا أن النصف الآخر معرض لملكها إياه فيصح تصرفها في الجميع، وأيضا روعي القول بأنها تملك الكل بالعقد الصحيح في تصرفها، لأنه قال به بعض أئمتهم، وقال به الأئمة الثلاثة.
ثم إذا تصرفت فيه بلا عوض - كهبة - فإن للزوج الحق في نصف المثل إذا كان الصداق مثليا. ونصف قيمته إذا كان متقوما، وتعتبر القيمة يوم الهبة على المشهور، وقيل: تعتبر يوم القبض.
أما إذا تصرفت بعوض، كأن باعت مهرها من حيوان، أو غلة، أو دار بثمن نفذ بيعها، فإذا طلقها قبل الدخول، وجب له قبلها نصف ما حابت فيه، فإذا باعته بعشرة، وكان يساوي ستة عشر كان له الحق في ثمانية لا خمسة.
وفي تصرفها فيه بالهبة أحوال:
الحالة الأولى أن تكون الواهبة رشيدة، والموهوب له الزوج وفي ذلك صور: إحداها أن تهب كل المسمى قبل قبضه، وبعد العقد، وقبل الدخول، وحكم هذه الصورة أنه إن طلقها قبل الدخول، فلا شيء لأحدهما على الآخر، ويستمر الصداق على ملك الزوج، وإن أراد الدخول بها، وجب عليه أن يدفع لها أقل الصداق، وهو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار.
الصورة الثانية: أن تهبه له بعد قبضه، وبعد العقد، وقبل الدخول، وحكم هذه الصورة أنه إن طلقها قبل الدخول فلا شيء لأحدهما قبل صاحبه أيضا، وإن أراد الدخول بها فلا يجبر على دفع أقل الصداق.
الصورة الثالثة: أن تهب له شيئا من مالها لدفعه لها مهرا قبل العقد، أو بعده، وقبل الدخول، وحكم هذه الصورة أنه إن عقد عليها وأراد الدخول بها، وجب عليه دفع أقل المهر وإن لم يعقد عليها، أو عقد وطلقها قبل الدخول، وجب عليه أن يرد لها ما أخذه منها لأنها لم تهبه إلا لدفعه صداقا لزواجها، فلا معنى لأخذه منها بعد طلاقها.
الصورة الرابعة: أن تهبه له بعد الدخول، سواء قبضه، أو لم يقبضه، وفي هذه الحالة إذا طلقها بعد الهبة أخذ الموهوب، ولا شيء عليه. الصورة الخامسة: أن تهب له بعض صداقها قبل البناء وفي هذه الحالة أنه إذا أراد الدخول بها، وكان البعض الذي بقي معها أقل من المهر الشرعي وهو ثلاثة دراهم، أو ربع دينار، وجب عليه أن يكمله. وإذا أراد أن يطلقها قبل الدخول طلق ووجب عليه أن يعطيها نصف ما بقي بعد الهبة.
الصورة السادسة: أن تهب له بعض صداقها بعد البناء، وفي هذه الحالة لا شيء لها عليه إذا طلقها.
الصورة السابعة: أن تهبه كل صداقها، أو شيئا منه بعد البناء، ولو لم تقبضه، أو قبل البناء، سواء قبضته، أو لم تقبضه على قصد أن يدخل بها وتدوم العشرة بينهما، فطلقها قبل الدخول، أو فسخ النكاح لفساده، أو طلقها بعد الدخول، وفي هذه الحالة يجب أن يرد لها ما أخذه منها إن طلقها عن قرب، كأن طلقها قبل سنتين، أما إذا طلقها بعد أن مكث معها سنتين، فلا يرد لها شيئا، وهذا بخلاف ما إذا أعطته بشرط أن لا يتزوج عليها فتزوج فإنه يرد لها ما أخذ، ولو تزوج بعد سنين طويلة، نعم إذا وقعت عليه يمين بدون اختياره كما إذا حلف أن تدخل الدار فدخلت، أو حلف أن لا يدخل هو فدخل ناسيا، فإن في هذه الحالة خلافا، فبعضهم يقول: إنه يجب عليه أن يرد لها ما أخذه منها أيضا، إذ لا فرق بين أن يفسخ العقد بدون اختياره، فيرد لها ما أخذ، وبين أن يقع عليه يمين بغير اختياره، وهذا هو الظاهر، وبعضهم يقول: إنه لا يرد لها شيئا في هذه الحالة.
الحالة الثانية: أن تكون الواهبة سفيهة، والموهوب له الزوج، وحكم هذه الحالة أن هبتها لا تعتبر. فإذا وهبته مالا ليجعله لها صداقا، وكان قدر صداق مثلها، ففعل، فالعقد يصح، ولكن يجب عليه أن يرد لها ما أخذه منها، ويجبر إن امتنع، فإن أعطته أقل من مهر مثلها، وجب عليه أن يرده لها، ويدفع من ماله قدر مهر مثلها، ولا يجوز له أن يعقد عليها بأقل من مهر المثل إذ لا يصح أن يزوج السفيهة بغير مهر المثل سوى أبيها.
الحالة الثالثة: أن تهب الرشيدة صداقها لغير الزوج. وفي هذه الحالة صور:
الصورة الأولى: أن يقبضه الموهوب له منها، أو من الزوج وهو لا يعلم أنه صداق ولم تقل له: إنه صداقها، وفي هذه الصورة إذا طلق الزوج قبل الدخول رجع على الزوجة بنصف الصداق وليس للزوجة الحق في الرجوع على الموهوب له بما أعطته للزوج.
الصورة الثانية: أن يعلم الموهوب له الأجنبي أنها وهبت له صداقها، أو تبين له هي أنه صداقها، وفي هذه الحالة يكون لها الحق في أن ترجع على الموهوب له النصف الذي استحقه الزوج أما النصف الذي ملكته هي بالطلاق فلا رجوع لها.
الصورة الثالثة: أن لا يقبض الموهوب له الهبة، ويطلقها الزوج قبل الدخول، وفي هذه الصورة تنفذ الهبة وتجبر على تنفيذ ما تملكه هي من النصف، أما النصف الذي يملكه الزوج فإن كانت الزوجة موسرة يوم الطلاق فإن الزوج يجبر على تنفيذ الهبة في نصفه أيضا، ويكون الصداق كله للموهوب له، ويرجع الزوج عليها بنصف الصداق في مالها، أما إذا كانت الزوجة معسرة يوم الطلاق فإن الزوج لا يجبر على الهبة في النصف الذي يملكه، بل يأخذ الموهوب له نصفها هي فقط، ولا يرجع عليها بشيء.
والحاصل أن الهبة تنفذ في نصفها هي على أي حال سواء كانت موسرة يوم الطلاق والهبة أو معسرة، أما نصف الزوج فإنها لا تنفذ فيه إلا إذا كانت الزوجة موسرة يوم الطلاق بأن كان لها مال يأخذ منها الزوج حقه. فإذا كانت معسرة لا تنفذ في نصف الزوج وليس للموهوب قبلها شيء إذا أيسرت.
هذا، وللزوج أن ينفذ الهبة إذا كانت أكثر من ثلث مالها ما دامت الزوجية قائمة. فإن القاعدة عند المالكية أنه يجوز للمرأة أن تتصرف في أكثر من ثلث مالها بصدقة أو هبة. أو عتق أو وصية إلا إذا أجازها الزوج.
الشافعية قالوا: إذا لم تقبض الزوجة الصداق فلا يصح لها أن تتصرف فيه. فإذا كان مهرها عرض تجارة أو حيوان، أو مكيلا، أو موزونا وتصرفت فيه ببيع، أو هبة، أو رهن، أو إجارة أو نحو ذلك فإن تصرفها لا ينفذ. نعم يصح لها أن تتصرف فيه بالوصية. والوقف والقسمة وإباحة الطعام للفقراء.
إذا كان صداقا جزافا غير مكيل، ولا موزون، ونحو ذلك مما يباح من التصرفات في المبيع قبل قبضه. كتدبير العبد وتزويجه الخ.
فإن قلت: إن الشافعية يقولون: إن الزوجة تملك الصداق كله بمجرد العقد الصحيح. وهذا يقتضي أن تصرفها يكون كاملا. لأن الشيء
المملوك يصح لصاحبه أن يتصرف فيه كما يحب.
الجواب: أنه وإن كان كله مملوكا لها. ولكن محتملا للسقوط كله أو بعضه. بالفرقة من جهته. أو من جهتها كان الملك ضعيفا فلا يصح تصرفها فيه قبل القبض. أما بعد القبض فإن الملك يقوى. ويصح لها أن تتصرف فيه وتضمن. كما سيأتي في الضمان.
وكذلك لا يصح للزوج أن يتصرف في صداق الزوجة وهو تحت يده قبل أن تقبضه، وإذا تصرفت في صداقها لزوجها بلفظ الهبة بعد أن قبضته، ثم طلقها قبل الدخول استحق الصداق كله بالهبة، ورجع عليها بنصف الصداق الذي يستحقه بالطلاق، فإن كان الصداق مثليا استحق نصف مثله. وإن كان متقوما استحق نصف قيمته لتعذر عين الصداق في المتقوم بعد الهبة أما إذا وهبته له قبل القبض. فغن الهبة تكون باطلة على المذهب فلا يستحق إلا نصف الصداق، وهي تستحق النصف الآخر إذا طلقها قبل الدخول، وإذا وهبته نصف الصداق مللك النصف بالهبة وله نصف النصف الآخر بالطلاق، ثم بقي له شيء آخر وهو أنها أتلفت عليه النصف الموهوب، وإن كان قد أخذه هو، إذ لا فرق بين الهبة للزوج، والهبة للغير عند الشافعية، فيستحق الزوج تعويضا عما يخصه في النصف، وهو الربع، فعلى هذا يملك النصف بالهبة، ويملك نصف الباقي، وهو الربع بالطلاق، ويملك الربع الباقي تعويضا، فيأخذ منه جميع الصداق.
ولا يبقى لها منه شيء في حال ما إذا وهبته نصفه، فإذا كان دينا فأبرأته منه، وطلقها قبل الدخول، فقد ذهب به، ولا يستحق أحدهما قبل الآخر شيئا.
الحنابلة - قالوا: للزوجة أن تتصرف في الصداق بالبيع، والهبة والرهن وغير ذلك وينفذ تصرفها فيه بعد قبضه، فغن طلقها قبل الدخول تعين للزوج نصف المثل، أو نصف القيمة ولكل منهما أن يعفوا عن الآخر مادام رشيدا، أما قبل القبض فغن كان الصداق معينا، كهذا الحيوان الحاضر.
أو هذا الثوب المعروف، فغن لها أن تتصرف فيه أيضا لأنه يكون في يد الزوج أمانة، أما إذا كان غير معين، كثلاثة أرادب من القمح الصعيدي مثلا، فإنها لا تملك التصرف فيه.
وإذا تصرفت في الصداق قبل قبضه بالهبة لزوجها، أو أبرأته منه يصح، ثم إذا طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف الصداق زيادة على الهبة، سواء كان الصداق عينا، أو نقضا، وذلك لأنه استحق الصداق جميعه أولا بالهبة، أو بالإبراء، ثم استحق نصفه ثانيا بالطلاق فاختلفت جهة الاستحقاق، فلا يتساقطان. وإذا وهبت له نصف الصداق ثم طلقها قبل الدخول كان له الحق في النصف الباقي بتمامه. لأنه وجد النصف الذي أعطاه لها بعينه. فأشبه ما لو لم تهبه له فإذا أبرأته المفوضة قبل الدخول رجع عليها بنصف مهر المثل) .
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 18-02-2022, 11:31 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


(2) (الشافعية - قالوا: إذا زاد الصداق وفارقت الزوجة زوجها فإن كانت الفرقة بسببها كانت الزيادة للرجل على كل حال، لأن له كل المهر، فلا يستحق شيئا من غلته، أو نتاجه لخروجها كلها من ملكها، كما خرج الصداق، فإن لم تكن بسببها، بل فارقها هو بطلاق. أو غيره فلها نصف الزيادة وله نصفها، لا فرق في ذلك بين أن تكون الزيادة متصلة. أو منفصلة، هذا إذا حدثت الزيادة بعد الفرق.
أما إذا حدثت قبل الفراق، فإن كانت الزيادة منفصلة، كولد أو لبن. أو كسب، فإنها تكون للمرأة، سواء كانت الفرقة بسببها. أو بسببه، فإن كانت بسببه فله نصف الصداق دون الزيادة، والأرجح عليها بكل الصداق دون الزيادة، فإذا وقعت الفرقة بسبب مقارن للعقد، كما إذا عقد على امرأة بها عيب يوجب فسخ النكاح، فقيل: يرجع بالزيادة أيضا، لأن العقد كأنه لم يكن، وقد وقعت الفرقة بسببها، فله كل المهر، وقيل: لا يرجع في الزيادة المنفصلة، وإنما يرجع في الزيادة المتصلة وهو المشهور. ورجع بعضهم التساوي بينهما في ذلك، لأن العقد كأنه لم يكن في كلتا الحالتين.
أما الزيادة المتصلة، كسن الحيوان، فإن كان الفراق وقع بسبب وتمسكت المرأة بالزيادة، فليس للرجل إلا نصف قيمة الصداق بصرف النظر عن الزيادة، أما إن سمحت له بها، فله أخذها، وليس له طلب قيمة، ومثال ذلك أن يمهرها نخيلا، ثم يحدث بها طلع، فإنه زيادة متصلة، فإذا رضيت الزوجة بأن يأخذ نصف النخل مع الطلع أجبر عليه، وليس له مطالبة بالقيمة وإلا فله نصف النخل بدون طلع، فإذا فارقها وكان على النخل ثمر لم ينضج، فإنها لا يلزمها قطعه ليأخذ هو نصف النخل، وذلك لآن الثمر حدث وهو في ملكها، بل تمكن الزوجة من إبقائه إلى وقت قطع النخل، فإن قطع الثمر فله نصف النخل ما لم يحدث بقطعه نقص في النخل من تكسير جريد، أو سعف، أو أغصان، فإنه في هذه الحالة يكون له نصف القيمة، وكذا إذا امتد زمن بقائه حتى أضر بالنخل.
وإذا رضي بإبقاء الثمر إلى أن يحين قطعه، مع أخذ حقه فقط، وهو نصف النخل، فإنها تجبر على ذلك بشرط أن يقبض نصفه حتى لا تكون مسؤولة عنه، أما إذا لم يرض بإبقاء الثمر إلى وقت قطعه فإن له ذلك، على أن لا يكون له الحق في قطعه، كما ذكر، بل يكون له الحق في القيمة والحاصل أنه ينبغي للزوج أن يمكن الزوجة في الحالة المذكورة من إبقاء الثمر، ولا تجبر على قطعه، كما لا يجبر على الرضا ببقائه إلى وقت القطع، فيكون له القيمة، كما تكون له القيمة بعروض نقص في النخل بالقطع. أو امتداد الزمن.
أما النقص بحدوث عيب فله ثلاثة أحوال:
أحدها: أن ينقص بعد الفراق. وبعد القبض بفعل الزوجة. أو بفعل أجنبي، وفي هذه الحالة يكون للزوج الحق في العوض الذي يساوي ذلك النقص، سواء كان يسيرا أو فاحشا، أما أن كان النقص بسبب غير ذلك فلا شيء له.
الحالة الثانية: أن ينقص قبل الفراق، وبعد القبض، وفي هذه الحالة يكون الزوج مخيرا بين أخذه معيبا عوض. وأخذ نصف بدله وهو سليم.
الحالة الثالثة: أن يحدث النقص قبل الطلاق، وقبل القبض، وفي هذه الحالة إن رضيت به الزوجة، فله نصفه بدون عوض عن النقص، لأنه حدث وهو تحت يده، وإن لم ترض به كان لها نصف مهر المثل. وأخذه هو كله، فإن حدث العيب بواسطة أجنبي أو بواسطة الزوجة كان للزوج نصف الأصل مع نصف العوض الذي يقابل ذلك العيب.
هذا وبقيت صورة أخرى، وهي أنه يزيد من جهة. وينقص منم جهة، كما إذا مهرها نخيلا لم تثمر فأثمرت، ولكن طرأت عليها آفة قللت ثمرها، أو مهرها جاموسة فولدت، ولكن عرض لها مرض قل به لبنها، وحكم هذه الحالة أن تقسم العين بينهما، فإن أبيا ذلك قومت، بصرف النظر عن الزيادة والنقص.
هذا حكم النقص مع الفراق، أما إذا نقص وهو بيد الزوج، وأراد الدخول بها، كان في ذلك أربع صور:
الأولى: أن يحدث العيب فيه بيد الزوجة وهي رشيدة غير سفيهة، وفي هذه الحالة لا تستحق قبل الزواج شيئا.
الثانية: أن يحصل العيب بآفة سماوية، كما إذا كان الصداق حيوانا فأصيب بالعمى، وفي هذه الحالة تكون مخيرة بين فسخ الصداق، ولها مهر المثل، وبين إجازته، وتأخذه على عيبه.
الثالثة: أن يحدث العيب بيد أجنبي.
الرابعة: أن يحدث بيد الزوج، وفي هاتين الصورتين يكون للزوجة الخيار بين فسخ الصداق مع أخذ مهر المثل، وبين أخذ الصداق الذي حدث به العيب مع المطالبة بقيمة النقص الذي حدث بالعيب.
والحاصل أنها في حالة حدوث عيب بالصداق يكون لها الخيار في ثلاث صور، وهي: ما إذا عيبه الزوج. أو أجنبي، أو عيب بآفة سماوية، وتخير في الصور الثلاث بين فسخ الصداق على أن تأخذ مهر المثل، وبين أن تأخذ الصداق المعيب مع المطالبة بقيمة النقص الذي حدث، ولا
خيار لها في الصورة الرابعة، وهي ما إذا عيبته هي وكانت رشيدة.
الحنفية - قالوا: الزيادة الناتجة من الصداق إن كانت ناتجة بعد النقص، كما إذا ولدت بقرة المهر بعد قبضها. أو أثمرت الحديقة بعد قبضها، فإنها تكون للزوجة مطلقا، وإن كانت قبل القبض فلا يخلو إما أن تكون غير متولدة من المهر، بل عرضت له، أو متولدة منه وفي كل مرة إما أن تكون متصلة به، أو منفصلة عنه، فمثال غير المتولدة المتصلة صبغ الثوب، وبناء الدار ومثال غير المتولدة المنفصلة كسب الخادم. والغلة، ومثال المتولدة المتصلة سمن الحيوان وجماله. وثمار الشجر القائمة، ومثال المتولدة المنفصلة ولد الحيوان. وثمر الشجر بعد قطعه، فإذا كانت الناتجة قبل القبض غير متولدة، سواء كانت متصلة. أو منفصلة كانت للزوجة، إلا أنها إذا كانت متصلة. كما إذا صبغ الثوب، وبنى الدار، كانت المرأة قابضة بذلك. ولا تتنصف الزيادة، ولكن يجب على المرأة نصف القيمة من يوم أن حكم بالقبض، أما إن كانت منفصلة ككسب الخادم.
وغلة الزرع كانت للزوجة ولا تتنصف، وعليها نصف قيمة الأصل، كما ذكرنا أما إذا كانت متولدة، وطلقت قبل الدخول كان لها النصف. وللزوج النصف، فالزيادة التي تطرأ على المهر لا تتنصف بعد القبض مطلقا، وقبل القبض تتنصف إذا كانت متولدة، لأن المتولدة من الشيء يلحق به، سواء كان متصلا، أو منفصلا.
أما النقص الطارئ على الصداق قبل أن تقبضه، فهو على مجوه:
الوجه الأول: أن يكون النقص بعارض سماوي، وتحته صورتان:
الأولى أن يكون النقص يسيرا، كما إذا عرج فرس المهر. أو عطب في بعض جسمه عطبا خفيفا، وفي هذه الصورة لا يكون للزوجة الحق في المطالبة بعوض هذا النقص.
الثانية: أن يكون النقص فاحشا، كما إذا فقض الفرس إحدى عينيه. أو ماتت بعض أشجار الحديقة التي تنتج ثمرا نافعا. أو غير ذلك مما يوجب خللا شديدا ينقص قيمة المهر، وفي هذه الحالة يكون للزوجة المطلقة قبل الدخول الخيار في أن تأخذ نصف المهر المعيب. أو تأخذ قيمته من يوم العقد، لأنه في ضمانه قبل القبض وليس لها الحق في طلب العوض عن النقص.
الوجه الثاني: أن يكون النقصان بفعل الزوج. وهذا تحته صورتان أيضا: إحداهما ان يكون النقص يسيرا، وفي هذه الحالة للزوجة الحق في طلب التعويض عن النقص مع أخذ المهر. وليس لها رده وتضمين الزوج نصف قيمته. ثانيتهما: أن يكون النقص فاحشا، وفي هذه الحالة تكون المرأة مخيرة بين أن تأخذ نصف قيمته من يوم العقد. وبين أن تأخذ نصفه وتلزم الزوج بنصف قيمته.
الوجه الثالث: أن يكون النقص بفعل المرأة، وفي هذه الحالة ليس لها إلا أخذ المهر سواء كان نقصانه يسيرا أو فاحشا.
الوجه الرابع: أن يكون النقصان بسبب المهر نفسه، كأن قفز الفرس مثلا فأصابه عطب أو جرح العبد نفسه، أو نحو ذلك. وحكمه حكم ما إذا أصابه عيب بآفة سماوية.
الوجه الخامس: أن يكون النقص بفعل الأجنبي. وتحته صورتان أيضا، لأنه إما أن يكون العيب يسيرا، وفي هذه الحالة ليس لها إلا أن تأخذ المهر، وتطالب الأجنبي بعوض نصف قيمة النقص الذي أحدثه. وإما أن يكون العيب فاحشا، وفي هذه الحالة تكون مخيرة بين أخذ نصف المهر مع إلزام الأجنبي بنصف قيمة ما أحدثه من النقص، وإما أن تتركه للزوج، وعليه قيمة نصفه يوم العقد، والزوج يرجع على الجانبي بقيمة النقص كلها، هذا إذا كان المهر في يد الزوج، فإن طرأ النقص بعد أن قبضته الزوجة وطلقها قبل الدخول فإن كان النقص بفعل المرأة، فإن كان يسيرا، فليس للزوج إلا أن يأخذ نصفه مع العيب اليسير، أما إذا كان العيب فاحشا كان بالخيار بين أن يأخذ نصفه معيبا من غير مطالبة بتعويض. وبين أن يتركه ويأخذ قيمته معتبرة من يوم أن قبضته ومثل ذلك ما إذا حدث النقص عندها بآفة سماوية. أو حدث بفعل المهر نفسه، سواء حدث العيب قبل الطلق، أو بعد الطلاق. أما إن كان العيب حدث بفعل أجنبي قبل الطلاق فعلى الزوجة نصف قيمته من يوم القبض، لأن الأجنبي عليه ضمان النقص، وهذه الزيادة منفصلة عن الصداق فلا تتنصف، نعم إذا أبرأت الأجنبي من العوض قبل الطلاق يتنصف النقص حينئذ فتكون ملزمة بنصف قيمته للزوج، فإن أحدث الأجنبي فيه نقصا بعد الطلاق كان للزوج نصف الأصل، ثم هو بالخيار بين أن يأخذ نصف قيمة النقص من الأجنبي. وبين أن يأخذه من الزوجة، وقيل: لا فرق بين أن يكون الأجنبي أحدث فيه العيب قبل الطلاق. أو بعده في الحكم المتقدم، وإن حدث النقص بيد الزوج كان حكمه حكم ما إذا حدث بيد الأجنبي سواء بسواء.
هذا وإذا زاد الزوج على ما سمي من صداق فإنها تصح بالمهر بشرطين:
أحدهما: أن تقبلها الزوجة في المجلس الذي ذكرت فيه الزيادة، وإن كانت الزوجة صغيرة يشترط قبول وليها في المجلس.
ثانيهما: معرفة قدر الزيادة، فلو قال: زدتك في مهرك، ولم يعين القدر الذي زاده لم تصح الزيادة للجهالة فيها، وبعضهم يشترط ثالثا، وهو بقاء الزوجية فلو زاد لها المهر بعد الطلاق البائن أو الموت لم تصح، وفي ذلك خلاف، فقال بعضهم: إن أبا حنفية صرح بصحة الزيادة بعد موت الزوجة إذا قبلها الورثة، ويقاس على ذلك الزيادة بعد الطلاق البائن، لأن صحتها أولى، ولكن الظاهر اشتراط بقاء الزوجية، إذ انقطاعها لا معنى للزيادة في المهر، والذي يقول بصحتها يرى أنها تفضل من الزوج نظير المتعة بعد انقطاع الزوجية، فلا وجه لبطلانها، ومع ذلك فإن مثل هذه الصورة لا تكاد تقع في الخارج، فلا فائدة من النزاع فيها.
ولا يشترط في قبول وجود الشهود، ولا أن يكون المهر باقيا على ملك الزوجة، فلو زادها في المهر بعد أن أبرأته الزوج منه، أو بعد أن وهبته فإنه يصح، وكذا لا يشترط أن تكون من جنس المهر، فلو مهرها نقودا. وزادها في المهر حيوانا صح، وبالعكس. وكذا لا يشترط أن تكون من الزوج بخصوصه، فلو زاد الولي صح، ولا يشترط أن تكون بلفظ الزيادة في المهر، بل لو قال لها: راجعتك بكذا. وقالت: قلبت كانت في المهر، وإذا طلقها قبل الدخول كان له نصف المهر الأصلي فقط أما الزيادة فإنها لا تتنصف، كما تقدم.
وكما يصح للزوج أن يزيد في مهر الزوجة كذلك يصح للزوجة أن تسقط عنه بعض المهر، أو كله بشرط أن يكون نقدا، أما إذا كان عينا، كعرض تجارة. أو حيوان فإنه لا يصح الحط منه، على أنه إذا هلك المهر عنده حطها فإنه لا يضمنه، فإذا مهرها هذا الفرس، ثم أبرأته منه كان لها الحق في أخذه ما دام قائما، فإذا هلك لا ضمان على الزوج بهلاكه، وهذا الحكم لا يختص بكون المهر عينا أيضا.
المالكية - قالوا: إذا وقعت الفرقة بين الزوجين بالطلاق كانت الزيادة العارضة على الصداق والنقص بينهما مناصفة بناء على الصحيح من
أن المرأة تملك بالعقد النصف، فلكل منهما نصفه إن طلق قبل الدخول، على أن ولد الحيوان يعتبر من نفس الصداق وملحق به بلا خلاف، سواء كانت تملك نصف الصداق. أو تملك شيئا. أو تملك الكل على الخلاف. فولد الحيوان بينهما على كل حال، أما الغلة، كالثمرة. والصوف، فعلى القول بأنها تملك الجميع تكون حقا لها وليس للزوج بالطلاق قبل الدخول إلا نصف الأصل، وعلى هذا فالزوجة إما تملك نصف الغلة على القول بأنها تملك نصف الصداق بمجرد العقد، وإما تملك كل الغلة على القول بأنها تملك جميع الصداق بمجرد العقد، أما كونها لا تملك شيئا من الغلة بناء على القول بأنها لا تملك شيئا من الصداق بمجرد العقد، فقيل لم يقل به أحد، ولكن ظاهر القاعدة يقتضي ذلك ولذا فرعه عليه بعض الفضلاء.
أما إذا وقعت الفرقة بينهما قبل الدخول بالفسخ لا بالطلاق كانت الزيادة للرجل والنقص عليه قولا واحدا، وإذا وقعت بعد الدخول. أو بالموت، فالزيادة للمرأة والنقص عليها قولا واحدا.
هذا، وإذا زاد الزوج للزوجة في الصداق بعد العقد كانت الزيادة ملحقة بالصداق بحيث تكون جزءا منه فلو تزوجها على مائة جنيه مهرا، ثم بعد العقد زاد لها عشرين مثلا في المهر لزمته الزيادة وكانت مهرا، ولا يشترط أن تكون الزيادة مثل المهر في الجنس. والحلول والتأجيل فلو مهرها حديقة، ثم زادها بعد ذلك عشرين جنيها مقبوضة حالا، فإنها تعتبر مهرا سواء قبضت أو لم تقبض فإذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف المائة. ونصف العشرين، فما زيد بعد العقد على المهر ينصف إذا طلقها قبل الدخول بشرط أن لا يفلس قبل أن تقبض الزيادة، فإن أفلس سقطت، وكذا إذا مات عنها قبل القبض فإن هذه الزيادة تسقط ولا تنصف فتسقط في حالتين: الإفلاس، والموت قبل القبض فيهما، ولا يسقط بعد القبض على أي حال.
هذا كله في المزيد بعد العقد، أما المزيد قبل العقد. والمزيد حين العقد فهو صداق من كل وجه بلا كلام.
الحنابلة - قالوا: زيادة المهر المعين إن كانت منفصلة من كسب. وثمرة بعد قطعها. وولد ونحو ذلك فإنها تكون من حق الزوجة، سواء قبضت. أو لم تقبض لأنه في ملكها الذي تتصرف فيه وحدها وهو واقع في ضمانها بحيث لو تلف ضاع عليها. نعم إذا كان معدودا. أو يحتاج إلى كيل.
أو وزن فإنه لا يصح تصرفها فيه قبل القبض كالمبيع سواء بسواء، وكذلك الزيادة المتصلة كسمن الحيوان، وصبغ الثوب، فإنها لا حق للزوجة فيها لأنها وقعت في ملكها. فإذا طلقها قبل الدخول ورضيت أن تعطيه نصف الحيوان الذي جعله صداقا لها بما عرض عليه من زيادة أو نصف الثوب بصبغه. أو بنقشه لزمه قبوله.
أما الصداق غير المعين فإنه في ضمان الزوج قبل أن تقبضه، وله زيادته وعليه نقصه كما ذكرنا.
وبالجملة فإن الزوج لا يملك شيئا من الزيادة في المهر المعين، سواء كانت متصلة، أو منفصلة، فإذا طلق قبل الدخول كان له نصف المهر لا غير، ولكن إذا تبرعت له بنصف الصداق مع زيادته المتصلة لزمه أخذه وليس له مطالبة بالقيمة.
فإذا نقص المهر المعين وطلقها الزوج قبل الدخول كان له الخيار بين أخذ نصفه بدون عوض عن النقص الذي حدث، وبين نصف قيمته.
هذا، وإذا زاد الزوج في مهر الزوجة بعد العقد فإنها تلحق بالمهر الأصلي بشرط أ، تكون الزوجية قائمة بينهما، وإذا طلقها قبل الدخول كان لها نصف الصداق الأول. ونصف الزيادة، فالزيادة تتنصف خلافا للحنفية، ولا تسقط بالفلس خلافا للمالكية) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 19-02-2022, 05:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 139 الى صــــــــ
147
الحلقة (182)

تأجيل الصداق وتعجيله
-يجوز تعجيل الصداق، وتأجيله كله، أو بعضه على تفصيل المذاهب (1) .
منع المرأة نفسها من الدخول وغيره لعدم قبض الصداق
-للزوجة منع نفسها من الدخول والخلوة وتمكين الزوج منها لعدم قبض مقدم الصداق وليس للزوج إلزامها بحقوق الزوجية ما لم يوف لها بمقدم صداقها، على تفصيل في المذاهب (2) .
__________

(1) (الحنفية - قالوا: يجوز تأجيل الصداق، وتعجيله كله، أو بعضه، ولكن يشترط أن لا يكون الأجل مجهولاً جهالة فاحشة، كما إذا قال لها: تزوجتك بمائة مؤجلة إلى ميسرة. أو إلى أن يأتي الغيث أو إلى أن تمطر السماء. أو إلى أن يأتي المسافر، فالأجل في كل هذه الأحوال مجهول، فلا يثبت ويجب المهر الذي سماه حالاً.
أما إذا كان الأجل معلوماً، كما إذا تزوجها على مائة بعضها مقبوض. وبعضها مؤجل إلى سنة أو سنتين، أو تزوجها على مائة مؤجلة كلها إلى سنتين، أو أقل، أو اكثر فإنه يصح، سواء اشترط ذلك في
العقد أو بعد العقد، ويعمل به بلا خلاف. ويلحق بالأجل المعلوم أن يؤجل الصداق كله، أو بعضه إلى الموت أو إلى الطلاق، أو إلى وقت مضروب، ويقال له: منجم، فإذا قال لها: تزوجتك على مائة مؤجلة إلى الموت، أو إلى الطلاق، أو تدفع على أقساط كل خمس سنين مثلاً جزء منها فإنه يصح، وكذا إذا قال لها: تزوجتك على مائة نصفها معجل، وربعها مؤجل إلى أبعد الأجلين، وهما الموت، أو الطلاق، وربعها مقسط على أربع سنين فإنه يصح.
ويلحق بالأجل المعلوم أيضاً أن يؤجل إلى الحصاد. أو إلى جني القطن، أو سواء العنب، أو البطيخ. أو نحو ذلك فإنه وإن كان مجهولاً لكن جهالته محدودة بزمن خاص تقريبي، فهو كالمعلوم على الصحيح بخلاف البيع، فإن المبيع. أو الثمن إذا كانا مجهولين فإن البيع لا يصح، سواء كانت الجهالة يسيرة، كما هنا. أو فاحشة، كما في الأمثلة المتقدمة.
وإذا سمى لها مهراً ولكن لم يبين المعجل، والمؤجل منه. كأن قال لها: تزوجتك على مائة، بدون أن يقول: منها كذا معجل، فإن لها الحق في هذه الحالة أن تأخذ من المائة القدر الذي يعجل لأمثالها بحسب عرف البلد، فإن كان العرف جارياً على تعجيل النصف. أو الثلثين كان لها ذلك، لأن الثابت بالعرف كالثابت بالشرط، ما لم يشترطا تعجيل الصداق كله. أو تأجيله كله، فإنه في هذه الحالة يعمل بالشرط، ولا ينظر للعرف، فإذا قال لها: تزوجتك على مائة كلها مؤجلة. أو كلها معجلة عمل بالشرط، ولو كان العرف على خلافه.
وإذا سمى لها صداقاً معلوماً، نصفه معجل. ونصفه مؤجل، ولكن لم يذكر وقت المؤجل، كما إذا قال لها: تزوجتك على مائة، خمسون معجلة. وخمسون مؤجلة، ولم يعين وقت الأجل، ففيه خلاف، فقال بعضهم: يبطل الأجل، ويجب الصداق كله حالاً، وقال بعضهم: يجوز الأجل، ويحمل على وقت وقوع الفرقة بالموت. أو الطلاق. وهو الصحيح.
وإذا طلقها طلاقاً رجعياً، وكان صداقها مؤجلاً إلى الطلاق فإنه يتعجل في هذه الحالة، ولو راجعها لا يتأجل الصداق، بل يكون لها الحق في أخذه حالاً.
ولا فرق في تعجيل الصداق وتأجيله بين أن يكون نقضاً. أو عرض تجارة. أو حيوان. أو نحو ذلك، فإذا تزوجها على ثياب معلومة موصوفة الطول والعرض والرقعة مثلاً، إلى أجل معين فإنه يصح، فإذا أعطاها قيمة الثياب عند حلول الأجل فلها أن تمتنع عن أخذ القيمة، أما إذا تزوجها على الثياب المعينة، ولم يكن لها أجل، وأراد ان يعطيها القيمة، فليس لها الامتناع عن أخذ القيمة.
المالكية - قالوا: الصداق إما أن يكون معيناً، كحيوان معلوم برؤية. أو وصف، كهذا الفرس. أو الفرس المخصوص الفلاني، وإما أن يكون غير معين، بل كان موصوفاً في الذمة، كفرس من خيل المسكوف، أو الخيل العربية، أو يكون دراهم. ودنانير موصوفة، كما تقدم.
فإذا كان الصداق غير معين فإنه يجوز كله. أو بعضه بشرط أن لا يكون الأجل مجهولاً، وذلك بأن يقيد الأجل بشيء أصلاً. أو قيده بقيد مجهول. مثال الأول أن يقول لها: تزوجتك على مائة جنيه مؤجلة. ومثال الثاني أن يقول لها: تزوجتك على مائة جنيه مؤجلة إلى الموت. أو إلى الفراق، هذا إذا أجله كله. ومثال ما إذا أجل مجهول أن يقول لها تزوجتك على مائة، منها خمسون مؤجلة، أو مؤجلة إلى الموت. أو الفراق، والخمسون الأخرى مقبوضة أو مؤجلة إلى سنتين. أو شهرين. أو نحو ذلك، فإذا وقع التأجيل للصداق كله.
أو بعضه مجهولاً بهذه الصفة فسد عقد الزواج، ويفسد قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل على المشهور، ولكن يشترط أن تكون الجهالة مقصودة بحيث يتعمد ذكر الأجل مجهولاً، أما إذا نسي تحديد الأجل أو غفل عنه، فإن العقد يصح، ويضرب له أجل بحسب عرف أهل البلد في بيوع الآجال، كما يشترط أن لا يحكم بصحة العقد قاض يرى الصحة، كالحنفي، فإن حكم كان العقد صحيحاً عند المالكية أيضاً، فلا يفسخ لا قبل، ولا بعد. ويلحق بالمجهول ما إذا أجله إلى مدة خمسين سنة، ولو كانا صغيرين يمكن أن يعيشا إلى هذه المدة، فإن نقص الأجل عن الخمسين لم يفسد النكاح، ولو كان النقص يسيراً جداً، وطعنا في السن جداً.
ويلحق بالأجل المعلوم أن يؤجل المهر إلى الدخول بالزوجة بشرط أن يكون وقت الدخول معلوماً بالعادة عندهم، كما إذا كانت عادة القوم أن يدخلوا بالنساء في وقت الحصاد. أو وقت جني القطن. أو وقت النيل أو وقت جني الفواكه. أو نحو ذلك، فإن لم تكن لهم عادة معلومة في وقت الدخول فسد العقد، ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده بمهر المثل على المشهور، وقيل: لا يفسد لأن وقت الدخول بيد المرأة، فكأن صداقها - حال في هذه الحالة، ومثل ذلك ما إذا أجله إلى الميسرة، وكان الزوج عنده مال، ولكن لم يكن بيده، كما إذا كان تاجراً ودفع ما بيده في شراء قمح وشبهه سلماً، فيكون موسراً بحلول أجل الدفع أو كان عنده سلعة لبيعها في وقت خاص يرتفع فيه سعرها، وتكون مطلوبة، فإن لم يكن عند الزوج شيء فسد النكاح، ويفسخ قبل الدخول، ويثبت بعده مهر المثل.
وإذا قال لها: أتزوجك على مائة متى شئت خذيها فإنه يصح إن كان عنده مال، وإلا كان حكمه ما تقدم في التأجيل إلى ميسرة.
أما إذا كان الصداق معيناً، أي معروفاً بعينه من عروض تجارة. أو حيوان. أو ثياب. أو عقار أو نحو ذلك، فلا يخلو حاله إما أن يكون حاضراً في بلد العقد، أو لا. فإن كان حاضراً وجب تسليمه لها، أو لوليها يوم العقد سواء أكانت الزوجة مطيقة، أم لا. وسواء كان الزوج بالغاً، أو لا. ولا يجوز تأخيره إلا بشرطين:
الشرط الأول: أن لا يشترط التأخير في العقد، فإن اشترط التأخير في العقد فسد، ولو رضيت بالتأخير.
الشرط الثاني: أن ترضى بالتأخير مع كونه لم يشترط في العقد، لأن المهر المعين في هذه الحالة يكون من حق المرأة داخلاً في ضمانها بالعقد، فلا ضرر من كونها تؤخره.
والحاصل أن الصداق إذا كان معيناً حاضراً بالبلد وجب تسليمه للزوجة، أو لوليها يوم العقد ولا يجوز اشتراط تأخيره في العقد، فإذا لم يشترط في العقد فإنه يصح تأخيره إذا رضيت الزوجة بالتأخير، أما إذا كان غائباً عن البلد فإنه يصح النكاح إذا أجل قبضه إلى أجل قريب، بمعنى أن تكون العين موجودة في بلد بعيد عن بلدة العقد مسافة متوسطة، كالمسافة بين مصر والمدينة، أما إن كانت المسافة بعيدة جداً، كالمسافة بين مصر وخراسان مثلاً، فإنه لا يصح، على أن يشترط لصحة تأجيله في المسافة المتوسطة أمران:
أحدهما: أن يشترط الدخول قبل حضور الصداق وتسليمه، فإن اشترط ذلك قبل أن تقبضه الزوجة فسد العقد حتى ولو تنازل عن هذا الشرط، إذا كان المهر غير العقار، أما إذا كان المهر عقاراً وتنازل عن الشرط فإنه يصح تنازله ولا يفسد العقد، على أنه يصح اشتراط الدخول قبل القبض إذا كان في بلد تبيع عن بلد العقد بمسافة يومين أو ثلاثة أو خمسة.
ثانيهما: أن يكون الصداق معروفاً للزوجة. أو الولي برؤية سابقة. أو وصف، وإلا كان للمرأة مهر المثل بالدخول.
الحنابلة - قالوا: يجوز أن يؤجل الصداق كله. أو بعضه بشرط أن لا يكون الأجل مجهولاً كأن يقولك تزوجتك على صداق قدره كذا مؤجل إلى قدوم المسافر. أو إلى نزول الغيث، فيبطل الأجل ويحل الصداق، فإذا لم يؤجل بوقت مجهول، بل أطلق، كما إذا قال: تزوجتك على صداق مؤجل وسكتت فإنه يصح، ويحمل على التقييد بالفرقة بالطلاق، أو الموت. والمراد بالطلاق البائن.
أما الرجعي فلا يحل به الصداق إلا بعد انقضاء العدة، وكما يصح تأجيل الصداق كذلك يصح تأجيل بعضه وتعجيل بعضه، كأن يقول تزوجتك على مائة نصفها معجل ونصفها مؤجل إلى الطلاق أو الموت، أو أقساط يدفع كل قسط منها في تاريخ كذا، ولا يحل قبضه إلا بحلول أجله كسائر الحقوق المؤجلة.
فإذا مسمى الصداق ولم يذكر أجلاً كما إذا قال: تزوجتك على مائة وسكت فإنه يصح، ويكون الصداق كله حالاً.
الشافعية - قالوا: يجوز تأجيل الصداق بشرط أن لا يكون الأجل مجهولاً، سواء كان المؤجل كل الصداق أو بعضه. فلو تزوجها على مائة إلى أجل ولم يذكر وقت الأجل، أو تزوجها إلى وقت الحصاد أو وقت نزول الغيث، فإن التسمية تفسد ويكون لها مهر المثل، وإذا تزوجها بمائة، منها خمسون مقدمة. وخمسون مؤخرة إلى الموت، أو الطلاق فسدت تسمية المهر ووجب لها مهر المثل لا ما يقابل الخمسين المجهولة، وذلك لأنه يتعذر توزيع المائة مع الجهل بالأجل) .
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19-02-2022, 05:08 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 139 الى صــــــــ
147
الحلقة (183)

(2) (المالكية - قالوا: قد عرفت أن الصداق إما أن يكون معيناً. أو لا، وقد عرفت أن الصداق المعين إذا كان حاضراً لا يجوز تأجيله، بل يجب تسليمه للزوجة يوم العقد إلا إذا رضيت المرأة بتأجيله من غير اشتراط للأجل في العقد، وفي حالة رضاها بذلك يكون حكمه كغير المعين في التأجيل، أما الصداق غير المعين، وهو المضمون الموصوف في الذمة، فإن للمرأة الحق في منع نفسها من الدخول وغيره قبل قبض مقدم صداقها، بل يكره لها أن تسلم نفسها قبل أن يعطيها أقل الصداق ربع دينار، ولا فرق في ذلك بين أن تكون معيبة بعيب يفسخ به العقد، مادام قد رضي به. أو حدث بعد العقد، وبين أن تكون غير معيبة.
وليس للزوج أن يمنع المهر عنها بسبب مرضها، ولو كان المرض شديداً حتى ولو بلغت به حد السياق، أي حد النزع، لأن غاية ذلك موتها، والموت يؤكد الصداق جميعه، فالمرض الشديد لا يصلح عذراً للزوج في تأجيل الصداق، ولكنه يمنع من إعطائها النفقة، لأن النفقة إنما تعطى لها في نظير الاستمتاع، وهو لا يتأتى مع المرض الشديد، وإذا دخل بها قبل القبض فلها منعه من الوطء، أما إذا مكنته من الوطء فليس لها المنع بعد ذلك، سواء وطئها أو لا على الظاهر إذا أعطاها مقدم صداقها، ولكن تبين أنه غير مملوك للزوج واستحقه صاحبه، وهو في يد الزوجة، كان لها أن تمنع عنه نفسها بعد الوطء حتى تأخذ عوض، فإن كان له مثل أخذت مثله، وإلا أخذت قيمته، لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج قد غرها بذلك، أو لا، على الأظهر.
ومن قام من الزوجين بتسليم ما هو ملزم به أجبر الآخر على تسليم ما عليه، إلا في أحوال:
أحدها: أن يكون الزوج صغيراً لم يبلغ الحلم. وأن تكون الزوجة مطيقة للوطء، ولو لم تبلغ، فإذا دفع الزوج مقدم الصداق، وكان بالغاً، وكانت الزوجة مطيقة للوطء وطلب الدخول فامتنعت أجبرت على تمكينه منها، وكذا لو سلمت الزوجة نفسها وهي مطيقة للوطء وأبى أن يدخل ولم يسلم لها المهر بحجة أنه لم يدخل لا يسمع له ويجبر على دفع ما حل من صداقها، وهذا كله فيما إذا كان الصداق غير معين، بل كان موصوفاً في الذمة، أما المعين فإنه يجب تسليمه مطلقاً، ويجوز اشتراط تأخيره، كان الزوج بالغاً أو لا، أمكن وطؤها أو لا.
ثانيها: أن تكون الزوجة مريضة مرضاً شديداً بحيث قد وصلت إلى حد النزع، أما المرض الذي دون ذلك فإنه لا يمنع من جبرها.
ثالثها: أن يشترط أهلها بقاءها بينهم سنة عند العقد، إذا كان الزوج يريد أن يسافر بها بعيداً عنهم كي يتمتعوا بمشاهدتها قبل تغريبها عنهم، فإنه يعمل الشرط، وتبقى سنة بينهم بدون أن يدخل بها، ولو دفع لها مقدم الصداق، ولكنها لا تستحق النفقة في هذه السنة على الظاهر.
ومثل ذلك ما إذا اشترط أهلها عند العقد بقاءها سنة لصغيرها وإن كانت مطيقة للوطء، فإذا لم تشترط السنة في العقد، بل اشترطت بعده، فغن الشرط لا يصح وله جبرها على الدخول متى دفع لها مقدم الصداق والعقد صحيح، وكذا يبطل الشرط إذا اشترط أكثر من السنة.
رابعها: أن تبقى زمناً يجهز فيه مثلها، وذلك يختلف باختلاف أحوال الناس من غنى وفقر، وباختلاف الزمان. والمكان. ولا نفقة لها في مدة بقائها عند أهلها للجهاز، فإذا حلف الزوج ليدخلن ليلة كذا فيقضى له بذلك، فإن حلف هو وحلفت الزوجة لا يدخل حتى يتم أمر جهازها، فينبغي أن يحنث الزوج، لأن الدخول وإن كان من حقه، ولكن الشارع جعل له وقتاً، فلا يصح أن يتعداه، وأصبح هذا الوقت الذي تجهز فيه من حقها هي، والظاهر أن للزوجة التمسك بحقها ولو حلف بالطلاق، هذا وليس لها الحق في منع نفسها بسبب حيض. أو نفاس لأن المرأة قد يستمع بها زوجها بغير الوطء.
الحنفية - قالوا: إن لمنع المرأة نفسها عن الدخول. والوطء. وغيرهما حالتين:
الحالة الأولى: أن يبين مقدار المعجل في الصداق، سواء كان كله، أو بعضه كأن يقول لها: تزوجتك على خمسين جنيهاً معجلة، أو نصفها معجل، ونصفها مؤجل، وفي هذه الحالة يجب على الزوج أن يسلمها المعجل كاملاً، فإن لم يسلمها سقطت حقوقه المقررة له بعقد الزواج، إذ لها أن تمنع نفسها عن الدخول والوطء، ولو كانت في بيته، وليس له عليها حق الحجر، إذ لها أن تخرج من بيته بغير إذنه، ولها أن تسافر من جهة إلى بغير إذنه، ولها أن تحج حج التطوع بغير إذنه أما حج الفرض فلها أن تحجه مع محرم ولو بغير إذنه بعد قبض المهر، ومع هذا كان لها عليه النفقة، فإذا أعطاها المعجل بتمامه وجب عليها أن تسلم له نفسها، ولا تخرج من داره بغير إذنه إلا في أحوال مخصوصة اختلف فيها: منها أن تخرج لخدمة أحد أبويها المريض إذا كان في حاجة إلى خدمتها ولو كان غير مسلم سواء أذن لها زوجها، أولم يأذن.
ومنها أن تخرج لزيارة أبويها الغنيين عن خدمتها كل جمعة مرة بشرط أن يكونا غير قادرين على المجيء إليها، فإن كانا قادرين على المجيء وطلبت من الزوج زيارتها، فإنه ينبغي له أن يأذن لها في زيارتها من الوقت لآخر حسب المتعارف، ولا يصح أن يحجر عليها بما يخالف العرف. ومنها أن تخرج لحج الفريضة، سواء أذن. أو لم يأذن، كما قلنا، فإذا خرجت تحج بدون محرم من غير إذنه سقطت نفقتها.
وقد اعترض بأن النفقة وجبت للزوجة في نظير احتباسها وقصرها على الزوج، ومقتضى هذا أنها تسقط إذا سافرت، أو خرجت بدون إذنه مطلقاً، سواء دفع لها معجل الصداق أولا.
وأجيب بأن الاحتباس حق للزوج، والنفقة حق للزوجة، وقد ناط الشارع حق الزوج في الاحتباس بدفع الصداق، فإذا قصر في دفع الصداق فقد أسق حقه وصارت الزوجة في حكم المحبوسة في نظر الشارع، فلا تنقطع نفقتها، أما إذا دفع ما عليه وخرجت بدون إذنه سقطت نفقتها لأنها لم تكن محبوسة عليه، لا حقيقة ولا حكماً، ونظير ذلك ما إذا أخرجها من منزله فإن نفقتها لا تسقط لأنها في حكم المحبوسة التي لم تخرج. ومنها أن تخرج للاستفتاء في مسألة دينية إذا لم يسأل لها زوجها عنها، سواء أذن لها أو لم يأذن، وبعضهم يقول: متى قبضت المعجل بتمامه، فليس لها أن تخرج من داره إلا بإذنه، والرأي الأول أقوى. إلا إذا ترتب على خروجها فتنة، فإنه لا يجوز مطلقاً. حتى ولو أذن لها، وإذا دفع لها بعض المعجل وبقي بعضه فإنه لم يسقط شيئاً من حقها، ولو بقي لها قرش واحد، وليس له أن يسترد بعض المعجل الذي أعطاه إياها.
الحالة الثانية: أن يؤجل الصداق، كأن يتزوجها على مائة جنيه كلها مؤجلة إلى حلول موسم القطن مثلاً، وفي هذه الحالة لا يخلو إما أن يشترط الدخول فبل حلول الأجل. أو لا يشترط، فإن اشترط لم يكن لها الحق في منع نفسها باتفاق، وإن لم يشترط فقد اختلفت في ذلك الفتوى، فأفتى بعضهم بأنها ليس لها منع نفسها لا قبل حلول الأجل ولا بعده، حتى ولو أجلته بعد العقد، وأفتى بعضهم بأن لها منع نفسها استحساناً مادام لم يدفع لها صداقها. لأنه لما رضي بتأجيل المهر فقد رضي بسقوط حقه في الاستمتاع، والرأي الثاني أقوى من الأول.
هذا، وإذا أحالت الزوجة رجلاً على زوجها بما لها من المهر كان لها منع نفسها حتى يقبض من أحالته، وإذا أحالها الزوج على شخص ورضيت، فليس لها أن تمنع نفسها، سواء قبضت أو لم تقبض.
واعلم أن تسليم المهر مقدم على تسليم المرأة، فليس للرجل أن يقول: لا أسلم المهر حتى أتسلم الزوجة، لا فرق في ذلك بين أن يكون المهر عيناً. أو لا، بخلاف البيع. فإنه إذا كان الثمن عيناً وجب تسليمهما معاً، وإذا خاف الزوج من أن الأب يأخذ المهر ولا يسلم بنته، فإن الأب يؤمر بجعلها مهيأة للدخول، ثم يقبض المهر.
وبهذا تعلم أنه لا جزاء للزوج على عدم دفع الصداق إلا حرمانه من الحقوق المترتبة على العقد من الدخول. والخلوة. والوطء والتقيد بإذنه في الخروج والسفر، لا فرق بين أن يكون موسراً أو معسراً، خلافاً لما عرفت في مذهب المالكية بأن القاضي يطلق عليه إذا ثبت عجزه عن الصداق، فإذا دفع الزوج جميع الصداق كان له الحق في طلب تسليمها إليه، فإن أبت فإنها تجبر على التسليم، إلا في حالتين:
الحالة الأولى: أن تكون صغيرة لا تطيق الوطء، وفي هذه الحالة يجبر الزوج على تسليم مقدم الصداق دونها، فإن ادعى أنها تطيق الرجال. وادعى الولي غير ذلك فللقاضي أن يعرضها على أهل الخبرة من النساء.
الحالة الثانية: أن تكون بالغة، ولكنها لا تحتمل الوطء أيضاً لمرض شديد ونحوه.
خاتمة في تصرف الصبي بدون إذن وليه: وإذا تزوج صبي امرأة ودخل بها ولم يجز أبوه لا مهر عليه ولا عقر، وإذا زنى بامرأة وهي نائمة لا شيء عليه أيضاً إذا كانت ثيباً وكذا إذا زنى ببكر بالغة دعته لنفسها وأزال بكارتها فإنه لا حد عليه. ولا عقر، أما إذا كانت بكراً فأزال بكارتها كان عليه مهر المثل، وكذا إذا أكرهها وأزال بكارتها.
أو كانت صغيرة وأزال بكارتها حتى ولو دعته الصغيرة. لأن أمر الصغيرة لا قيمة له.
الشافعية - قالوا: للزوجة أن تمنع نفسها عن الزوج إذا لم تقبض مقدم صداقها بتمامه، وكذا لوليها منعها، وإذا منعت نفسها. أو منعها وليها استحقت النفقة. ونحوها وجوباً، لأن التقصير جاء من جانب الزوج لا فرق بين أن يكون المهر معيناً. أو حالاً. أما إذا كان الصداق مؤجلاً فليس لها أن تمنع نفسها، سواء حل الأجل قبل تسليم نفسها. أو لا. لأنها متى رضيت بالتأجيل فقد وجب عليها أن تسلم نفسها فوراً، فحلول الأجل لا يرفع الوجوب، فإن كانت صغيرة. أو مجنونة منعها وليها.
ولا يجب تقدم تسليم المهر على الدخول، فإذا وقع نزاع بين الزوجين، فقال الزوج: لا أسلم المهر حتى تسلمي نفسك، وقالت: لا أسلم نفسي حتى تسلم المهر يجبر الزوج على وضع المهر عند عدل يعتبر نائباً عن الشرع لقطع الخصومة بينهما، لا نائباً عن واحد منهما، ولو هلك في يد العدل كان على الزوج، وتجبر المرأة فتؤمر بتمكين الزوج من نفسها فإذا مكنته أعطاها العدل المهر ولو لم يطأها، فإن هم الزوج بوطئها بعد قبضها الصداق فامتنعت يسترد المهر منها، فإذا مكنته من نفسها ولكن كان بها عيب يمنع الوطء، كرتق، وقرن. أعطاها العدل المهر، فمدار تسليمها المهر تمكين الزوج، وإذا لم يقع تنازع من أول الأمر، بل بادرت الزوجة ومكنته من نفسها، فلها المطالبة بالمهر قبل الوطء، فإن لم يعطها كان لها الحق في الامتناع من الوطء، أما إذا مكنته فوطئها، ولو في الدبر باختيارها وطالبته بعد الوطء فلم يعطها، فليس لها الحق في الامتناع من الوطء، بعد ذلك، أما إذا وطئها مكرهة، أو صغيرة، أو مجنونة فلا يسقط حقها في الامتناع بالوطء، فإذا كانت المرأة رتقاء أو قرناء ومكنته، فإن استمتع بها في غير القبل - قبل أن تأخذ المهر - باختيارها فلا حق لها، وإلا كان حكمها حكم السليمة، لأن الاستمتاع بغير القبل قي هذه الحالة يقوم مقام الاستمتاع به، فإذا زال مرضها لا يعود لها حقها في المنع على الظاهر.
أما إذا وقعت المبادرة من الزوج فسلمها المهر بلا نزاع فإنها يلزمها أن تمكنه من الدخول بها متى طلبه، فإن امتنعت، ولو بلا عذر فلا حق له في أن يسترد ما أعطاه إياها.
فإن قلت: إنكم قلتم في الصورة الأولى - ما إذا بادرت هي بتسليم نفسها إن لها الحق في المطالبة بعد التمكين وقبل الوطء، فإذا لم يعطها كان لها لاحق في الامتناع، وهنا قلتم: إنه إذا بادر وسلم وامتنعت لا حق له في أن يسترد المهر، فأي فرق بين الصورتين؟
والجواب: أنها في الصورة الأولى وقع منها تسليم لنفسها، ولكن لم يقع من الزوج تسلم بالوطء، أما في الصورة الثانية فقد وقع تسليم من الزوج وتسليم من الزوجة فلذا صار الصداق المملوك لها في حوزتها فليس له طلب رده، ولذا قلنا: إذا وقع منه هو تسلم بالوطء لم يكن لها حق في المنع بعد ذلك، ولكن بعد تسليم المهر له الحق في المطالبة بها هي ولها الحق في الإمهال في أمور.
أحدها: المهلة للتنظيف، فإذا طلبت هي، أو وليها مهلة لذلك وجب أن تمهل ثلاثة أيام، فإن رضي بها الزوج فذاك، وإلا يقدرها القاضي. ثانيها: إذا كانت صغيرة لا تطيق الوطء فتمهل حتى تطيق، فإن ادعى الزوج أنها صارت تطيق وقال الولي: لا، عرضت على أربع نسوة أو على رجلين محرمين أو مجبوبين للفصل في أنها تطيق أو لا. على أن الشافعية قد ذكروا - في التيمم وغيره - أنه يعمل برأي الطبيب العدل، فلا مانع من العمل برأي طبيبين ومع ذلك فإن التصريح بجواز حكم أربع نسوة غير طبيبات يدل على أن رأي الطبيبات أجل وأقوى، ولا نفقة لها مدة عدم الإطاقة.
ثالثها: أن تكون مريضة فتمهل وجوباً حتى تبرأ ولا نفقة لها. رابعاً: أن تكون ذات هزال عارض، فيجب أن ينتظر زواله، ولا نفقة لها أيضاً أما الهزال الطبيعي فإنه لا يكلف انتظار زواله، لأنه قد يطول، ولا تتضرر الهزيلة من الدخول.
وحبذا لو وكل أمر الفصل في ذلك للطبيب العادل. أو الطبيبات الصالحات. مادامت العلة الضرر إذ قد يجوز أن يكون الدخول من أسباب الصحة، ولكنني لم أره في كتب الشافعية. وقد صرحوا بأنه يكون للزوج أن يستلم الزوجة وهي صغيرة لا تطيق، أو مريضة، أو ذات هزال عارض ولعل السر في اشمئزاز الزوج ونفرته من أول الأمر، فلا توجد بينهما المودة والرحمة، وهما الأساس الذي تبنى عليه علاقة الزوجية.
الحنابلة - قالوا: للزوجة قبل الدخول أن تمنع نفسها من الدخول. والخلوة. والوطء وغير ذلك من حقوق الزوجة حتى تقبض مقدم صداقها. ولها النفقة قبل قبض الصداق في حال المنع، أما بعد القبض فليس لها منع نفسها، وتسقط نفقتها بالمنع، فإن سلمت نفسها طوعاً لا كرهاً قبل أن تقبض مقدم الصداق ثم أرادت أن تمنع نفسها لم تملك، فإن امتنعت بعد تسليم نفسها طوعاً، فلا نفقة لها مدة الامتناع، وإذا سكنت معه في منزل واحد بعد العقد. فلم يطلبها ولم تبذل نفسها، فلا نفقة لها أيضاً، كما سيأتي في النفقة.
فإن كان الصداق مؤجلاً ولم يحل موعد الأجل أو حل قبل تسليم نفسها، فلا تملك منع نفسها بعد ذلك، كما يقول الشافعية، وذلك لأن رضاها بالتأجيل أوجب عليها تسليم نفسها، فحلول الأجل قبل التسليم لا يرفع الوجوب.
وإذا تنازعا قبل الدخول في أيهما يبدأ، فقال الزوج: لا أعطيها المهر حتى تسلم نفسها وقالت الزوجة: لا أسلم نفسي حتى يعطيني الصداق أجبر الزوج أولاً على الدفع، وأجبرت الزوجة بعد القبض على تسليم نفسها، فإذا أعطاها الصداق وأبت تسليم نفسها بلا عذر فللزوج استرجاعه. خلافاً للحنفية. والمالكية القائلين: إنه لا حق للزوج في استرجاع الصداق. ووفاقاً للمالكية والحنفية القائلين: بإجبار الزوج على دفع الصداق أولاً.
أما الشافعية فقد فصلوا، فقالوا: يجبر الزوج على وضع الصداق عند عدل، وتجبر المرأة على التسليم، ومتى مكنت أخذت الصداق، فإن امتنعت عند الوطء كان له الحق في الاسترجاع في هذه الحالة، أما إذا أعطاها الصداق باختياره، وسلمت له نفسها ولكن لم يطأها، ثم امتنعت بعد ذلك، فليس له حق في الاسترداد - ارجع إلى مذهبهم -.
وإنما ذكرنا ذلك هنا للمقابلة تسهيلاً للمحصل، ولا تجبر الصغيرة التي لا تطيق الجماع، بل يجب على الزوج إمهالها، ولو قبضت المهر، وهي ما دون تسع، وإذا قال الزوج: إن وطأها لا يؤذيها فعليها أن تثبت أنه يؤذيها بالبينة، فإذا كانت سن تسع سنين وجب تسليمها للزوج، ولو كان بها هزال طبيعي ليعيش معها في بيته ما لم تشترط الإقامة في دارها. أو دار أبيها، فإنه يعمل بالشرط، وكذلك لا تجبر المحرمة بالنسك على التسليم. ولا المريضة، ولا الحائض، ولو قال: لا أطؤها حتى تطهر من الحيض، وإذا طلبت الزوجة مهلة وجب إمهالها بما جرت به العادة، أما الإمهال لعدم الجهاز فإنه لا يجب، ولكن يستحب إمهال الغنية) .



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 19-02-2022, 05:30 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله


الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 148 الى صــــــــ
156
الحلقة (184)

مبحث إذا عجز الزوج عن دفع الصداق

-إذا عجز الزوج عن دفع مقدم الصداق، كان للزوج الحق في طلب فسخ العقد بشروط مفصلة في المذاهب
(1) .
مبحث للزوج أن يسافر بزوجته
-للزوج أن يسافر بزوجته من جهة إلى أخرى، إذا كان مأموناً عليها، وكانت الجهة التي يسافر إليها مأمونة، على تفصيل المذاهب
(2) .
مبحث اختلاف الزوجين في الصداق
-إذا اختلف الزوجان في الصداق تنازعا، فلا يخلو إما أن يكون الاختلاف في تسمية المهر، بأن يدعي أحدهما أن المهر مسمى، ويدعي الآخر عكسه، أو في قدر المهر، سواء كان نقداً أو مكيلاً، أو موزوناً. بأن قال أحدهما: عشرون، وقال الآخر: عشرة، أو في جنسه، كأن قال أحدهما: جمال، وقال الآخر: حمير، والمراد بالجنس عند الفقهاء الجنس اللغوي. فيشمل النوع لأن الجمال والحمير نوعان للحيوان، وإذا شئت مثالاً لاختلاف الجنس المنطقي فهو أن يقول أحدهما: إن المهر طعام. ويقول الآخر: إنه حيوان. أو اختلفا في صفته. كأن قال أحدهما: هو قمح أسترالي. وقال الآخر: هو قمح هندي. أو اختلفا فيما يستقر به الصداق. كأن قالت الزوجة: إنه خلا بها، أو وطئها. وفي كل هذا تفصيل المذاهب
(3) .
__________


(1) (الحنفية - قالوا: إذا عجز الزوج عن دفع المهر، أو النفقة بجميع أنواعها، فلا حق للزوجة في فسخ الزواج بذلك على أي حال، وإنما لها الحق في منع نفسها منه، وعدم التقيد بإذنه في السفر والخروج. ونحو ذلك، مما سيأتي بيانه في النفقات.
المالكية - قالوا: إذا طالبته المرأة التي لها حق المطالبة بالصداق الذي يجوز تأخيره، وهو الصداق المضمون في الذمة الذي لم يعين، على ما تقدم بيانه، قبل الدخول بها، فادعى أنه معدم عاجز عن دفع الصداق، فإن ذلك يكون على وجهين:
الوجه الأول: أن تثبت دعواه بالبينة. أو تصديق الزوجة. الوجه الثاني: أن لا تثبت، فإذا رفع الأمر للقاضي وثبت أنه معسر بالبينة. أو بتصديقها فإنه لا يجبر على الدفع، بل ينظر إلى ميسرة، وتحديد الزمن الذي يؤجل فيه موكول لاجتهاد القاضي، فله أن يؤجله سنة. أو أقل. أو أكثر، لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج ممن يرجى يساره. أو لا على الصحيح. لأن اليسار موكول للظروف، فلا يمكن الجزم بأن هذا لا يرجى له يسار، فإذا عجز بعد ذلك طلق القاضي عليه أو تطلق المرأة نفسها
والقاضي يحكم به. وللقاضي أن يحكم بطلاقها من أول جلسة بدون تأجيل على الظاهر، ويشترط في التطليق على المعسر أن يكون قبل الدخول، أما بعد الدخول فلا طلاق على المعسر بالصداق على أي حال، وإذا طلقت كان لها نصف الصداق ترجع به عليه إذا تيسر، وكذا إذا غلب على الظن إعسار الزوج وإن لم يثبت بينة. أو بتصديق الزوجة فإنه ينتظر إلى ميسرة بدون تأجيل لاثبات العسر، لأن غلبة الظن كافية في ثبوت الإعسار.
أما حكم الوجه الثاني: وهو أن لا تصدقه على دعواه الإعسار. ولا بينة له ولم يغلب على الظن إعساره، ففي هذه الحالة يؤجل القاضي الفصل في الدعوى لإثبات عسره، ومدة الأجل موكولة لاجتهاده، وقدرت بثلاثة أسابيع، فإن ثبت عسره انتظر بعد ذلك مدة أخرى يرجى فيها يساره.
وقد عرفت أن تحديدها موكول للقاضي، فإن عجز طلق عليه القاضي، على الوجه السابق ولكن يشترط للتأجيل لإثبات العسر شروط.
الشرط الأول: أن يأتي بضامن - ضمان وجه لا ضمان مال، وهو ما يضمن الشخص خوف هروبه - فإن لم يأت حبس لإثبات عسره.
الشرط الثاني: أن لا يكون له مال ظاهر، فإن كان له أخذ منه حالاً. الشرط الثالث: أن يكون قد أجرى عليها النفقة من وقت مطالبته بالدخول، فإن لم ينفق عليها من ذلك الحين، فلها فسخ العقد لعدم النفقة، مع عدم الصداق على الراجح.
الشافعية - قالوا: إذا عجز الزوج عن دفع المهر بإعساره، فإن صبرت الزوجة عليه فذاك وإلا فلها فسخ الزواج بشروط:
الأول: أن تكون حرة، فلا حق للأمة في الفسخ بإعسار الزوج، بل الحق في ذلك لسيدها إن شاء فسخ. وإن شاء لم يفسخ، وليس له الحق في الفسخ، من أجل الإعسار بالنفقة، كما سيأتي في النفقات. الثاني: أن تكون بالغة، فلا حق للصغيرة في الفسخ، وإنما الحق لوليها، وليس لها الحق في الفسخ بالنفقة، لأن ذلك من اختصاص الزوجة، إذ قد ترضى بالجوع ولا تحب أن تفارق زوجها. الثالث: أن يكون ذلك قبل الوطء، أما إذا مكنته من الوطء باختيارها، فلا حق لها في الفسخ. الرابع: أن يثبت إعساره بإقرار. أو بينة عند قاض، وإلا فلا فسخ إلا إذا كان الزوج غائباً وانقطع خبره ولا مال له حاضر، فإنه يفسخ بدون إمهال لإثبات إعساره. الخامس: لا بد من رفع الأمر إلى القاضي، فلا يصح الفسخ إلا منه. أو من المرأة بإذنه، والقاضي يمهله ثلاثة أيام ليثبت إعساره، وإلا إذا كان غائباً غيبة منقطعة، ولا مال له، كما ذكرنا، فإنه لا يمهل. ثم يفسخ القاضي صبيحة اليوم الرابع، إلا إذا جاء وسلم المهر، وسيأتي لذلك مزيد في النفقات.
الحنابلة - قالوا: إذا ثبت إعسار الزوج. وعدم قدرته على دفع المهر، فلها فسخ النكاح بشروط: أحدها أن تكون مكلفة، فإذا كانت صغيرة فليس لها ذلك، وكذا ليس لوليها، خلافاً للشافعية، ومثل
الصغيرة المجنونة، ثانيها: أن تكون حرة، فإن كانت أمة كان هذا الحق لسيدها: كما يقول الشافعية. ثالثها: أن لا تكون عالمة بعسره، فإن تزوجته وهي عالمة بأنه معسر فلا حق لها في الفسخ. رابعها: أن يصدر الفسخ من الحاكم، فليس للمرأة الفسخ من تلقاء نفسها ولها الحق في الفسخ ولو بعد الدخول الوطء، خلافاً للمالكية، والشافعية) .
(2) (الحنفية - قالوا: اختلفت الفتوى في مسألة سفر الزوج بزوجته، فأفتى بعضهم بأنه ليس له السفر بها مطلقاً، وعلل ذلك بمظنة الضرر الذي يلحق المرأة حال غربتها وبعدها عن أهلها وعشيرتها، وأفتى بعضهم بجواز السفر بها إذا كان مأموناً عليها. وصاحب هذه الفتوى أيدها بكونها ظاهرة الرواية.
وبعضهم قال: أن الأحوال قد تختلف اختلافاً بيناً، فتارة يترتب على السفر بالمرأة إيذاء لها، وتارة يكون السفر مع زوجها لازماً لضروريات الحياة، كما إذا كان موظفاً في جهة بعيدة عن وطنها. أو كان له ملك بعيد لا يثمر إلا بمباشرته. أو نحو ذلك، فإنها إذا لم تسافر معه يتضرر هو لا هي، ولهذا ينبغي أن يترك تقدير ذلك للمفتي، فهو يفتي بحسب تطور الأحوال ومناسبتها.
وإنني أرى الخلاف في ذلك لفظاً، لأن الذي قال: ليس له السفر بها علله بالمضرة التي تلحقها، والذي قال: إنه يجوز السفر بها شرطه بأن يكون الرجل مأموناً عليها، يعرف حقوق الزوجية وواجباتها والدفاع عن عرضه، وليس شريراً. ولا فاسد الأخلاق. ولا فاسقاً، وإلا لم يكن مأموناً عليها، ومتى كان كذلك فأي ضرر يلحقها؟ فلا فرق حينئذ بين القولين، ومن قال: إن الأمر موكول للمفتي. أو القاضي، فإنه رأى أن تقدير الحالتين منوط به، فإن وجده غير مأمون ويلحقها ضرر لا يجوز أن يفتي له بالسفر، وإلا جاز، على أن وجود المرأة بين أهلها وعشيرتها لا يصلح مقياساً عاماً، لأننا إذا فرضنا أن المرأة ليس لها أهل وعشيرة في بلدها التي ولدت بها، ولها أهل وعشيرة في بلد بعيدة عنها، كما إذا كانت مولد في مصر وتوفي أبوها، ولها عشيرة في أصوان، فهل يقال: إنه ينبغي أن يعاشرها بين أهلها وعشيرتها في أصوان؟! وذلك كثير، نعم قد قال: إذا كانت في مصر ونقلت إلى قرية فإنها تتضرر بالنقل، لما يترتب على ذلك من اختلاف معيشتها، فتعيش منغصة زمناً طويلاً، لأن الانتقال من المظاهر الجميلة إلى غيرها يشبه أن يكون حبساً، فلذا قالوا: إنه لا ينقلها من المصر إلى قرية إلا إذا كانت ضاحية من ضواحي المصر، ومعنى هذا أنه إذا نقلها إلى بلدة بها حضارة، كالمراكز، المديريات، فلا وجه للاعتراض، على أن الصواب الإفتاء بالسفر مطلقاً من المصر إلى القرية، وبالعكس، ما دام في ذلك مصلحة، وما الزوج مأموناً عليها، والجهة المنقولة إليها مستتب فيها الأمن، أما إذا كان الزوج فاسقاً لا يؤمن على عرضه. أو كان شريراً يؤذيها بيده ولسانه.
أو يضيق عليها
في الإنفاق، أو نحو ذلك، فإنه لا يصح أن يفتى له بسفرها وليس من المصلحة اتباع الهوى والشهوة، وترك المصلحة الحقيقية التي يترتب عليها سعادة الزوجين والذرية.
المالكية - قالوا: للزوج أن يسافر بزوجته إلى الجهة التي يريد، سواء دخل بها، أو لم يدخل، ولكن إذا لم يكن قد أعطى لها صداقها، وأراد أن يخرج بها قبل الدخول، فلها منع نفسها من السفر معه حتى يعطيها ما حل من صداقها، إن كان قد دخل بها، فإن كان موسراً، فلها أيضاً منع نفسها حتى يدفع لها معجل صداقها، أما إن كان معدماً لا يملك الصداق، لها أن تمنع نفسها، ويكون الصداق ديناً عليه، هذا إذا دخل بها تمكنه من الوطء، أما إذا مكنته من الوطء، فليس لها أن تمنع نفسها من السفر معه بعد ذلك، سواء وطئها بالفعل، أولا. وسواء كان موسراً، أو معسراً. وهذا هو الظاهر.
وقد صرحوا بأن التمكين من الوطء مثل الوطء، ثم إنما يصح أن يسافر بها إلى بلد أخرى بشروط: أحدهما أن يكون حراً، فلا يمكن العبد من السفر بامرأته، ولو أمة. ثانيها: أن تكون الطريق مأمونة. ثالثاً: أن يكون الرجل مأموناً عليها، رابعها: أن تكون البلد قريبة بحيث لا ينقطع خبر أهلها عنها ولا خبرها عن أهلها، لا فرق في ذلك بين أن يكون الزوج موسراً أو معسراً.
الحنابلة - قالوا: للزوج السفر بزوجته الحرة إلى الجهة التي يريد بشرط أن يكون مأموناً عليها. وأن تكون الجهة التي يسافر إليها غير مخوفة لم تشترط الزوجة عدم السفر بها، فإن اشترطت فإنه يوفي لها بالشرط. وإن لم يوف لها الشرط كان لها الفسخ.
الشافعية - قالوا: للزوج أن يسافر بزوجته متى كان مأموناً عليها، وإذا امتنعت عن السفر معه كانت ناشزاً لا تستحق نفقة ولا غيرها، إلا إذا كانت معذورة لمرض، أو حر، أو برد لا يطيق معهما السفر، أو ضرر يلحقها بالسفر معه، ولو كان سفره معصية. لأنه لم يدعها إلى المعصية وإنما يدعوها لاستيفاء حقه) .
(3) (الحنفية - قالوا: الاختلاف في المهر على ثلاثة أحوال: الحال الأول: أن يختلفا في تسمية المهر بأن يدعي أحدهما تسمية المهر. وينكر الآخر. وفي ذلك صور. الصورة الأولى: أن يختلفا وهما على قيد الحياة حال الطلاق بعد الدخول. أو الخلوة. فإذا قال الزوج: سميت لها عشرة جنيهات مثلاً. وقالت هي: لم يسم لي مهراً كلف الزوج الإثبات. فإن عجز حلفت الزوجة بأنه لم يسم لها عشرة. وثبت لها مهر المثل شرط أن لا ينقص عن العشرة التي اعترف بها الزوج. وكذا إذا ادعت هي أنه سمى لها عشرين. وهو أنكر فإنها تكلف الإثبات. فإذا عجزت حلف الرجل بأنه لم يسم لها عشرين. فإن حلف ثبت لها مهر المثل. بشرط أن لا يزيد على العشرين التي ادعتها. وإن نكلت عن اليمين في الصورة الأولى. أو نكل هو عن اليمين في الثانية ثبت ما ادعاه أحدهما.
فإن قلت: إن المنقول عن أبي حنيفة أن المنكر لا يحلف في النكاح، ومقتضى هذا أنه متى عجز المدعي عن الإثبات ثبت حق المنكر بدون يمينه. والجواب: أن أبا حنيفة قال: لا يحلف المنكر في أصل النكاح، سواء كان المراد به العقد، أو الوطء. أما الذي هنا فهو خلاف في المهر وهو مال فيه الحلف بالإجماع.
الصورة الثانية: أن يختلفا في حياتهما حال الطلاق قبل الدخول، أو الخلوة. وفي هذه الصورة إذا ثبت أن المرأة لم يسم لها صداق بأن عجزت عن إثبات التسمية وحلف أنه لم يسم لها شيئاً لم يكن لها سوى متعة المثل، وقد تقدم بيانها.
الصورة الثالثة: أن يقع الخلاف بعد موت أحدهما، فإذا ماتت هي وادعى الزوج أنه سمى لها عشرة، وأنكر الوارث كلف المدعي الإثبات، فإن عجز حلف الوارث، وثبت لها مهر المثل، كما هو الحال في الطلاق بعد الدخول، وكذا إذا مات الزوج وادعت هي التسمية.
الصورة الرابعة: أن يموتا معاً، ويختلف الورثة في التسمية، وفي هذه الصورة رأيان: أحدهما: قول أبي حنيفة، وهو - أن القول لمنكر التسمية، ولا يقضي لها بشيء - الثاني: قول صاحبيه، وهو - أنه يقضى لها بمهر المثل - قالوا: وعليه الفتوى.
الحال الثاني: أن يختلفا في قدر الصداق إذا كان ديناً موصوفاً في الذمة، سواء كان نقداً من ذهب. أو فضة. دراهم. أو دنانير. أو جنيهات. أو نحو ذلك. أو كان مكيلاً أو موزوناً. أو معدوداً، فمثال الاختلاف في النقد أن يقول الزوج: أن المهر ألف، وتقول الزوجة: أنه ألفان، ومثال الاختلاف في الموزون أن يقول: إن المهر عشرون قنطاراً من عسل النحل المصفى، وتقول هي: إنه ثلاثون، ومثال الاختلاف في المعدود أن يقول: تزوجتك على عشرين إردَبّاً من القمح البعلي، وتقول هي على
ثلاثين، ومثال الاختلاف في المعدود أن يقول: تزوجتك على ألفين من الرمان، وتقول هي: بل على أربعة آلاف، وهذا، وحكم الاختلاف في قدر المهر في كل هذه الأمور واحد، وفي هذا الحال الثاني صور:
الصورة الأولى: أن يقع الخلف بينهما حال قيام الزوجية، سواء دخل بها أو لم يدخل.
الصورة الثانية: أن يقع الخلف بينهما بعد الطلاق والدخول، وحكم هاتين الصورتين واحد، فإذا اختلفا قدر النقد، كأن قال: تزوجتها على مهر قدره ألف وهي قالت: قدره ألفين. فإن لذلك ثلاثة أحوال: الأول أن يكون مهر المثل موافقاً لقولها. الثاني: أن يكون موافقاً لقوله. الثالث: أن لا يكون موافقاً لقول واحد منهما، بل ألفاً وخمسمائة، وقد عرفت أنها تقول: ألفين، وهو يقول: ألف،
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 19-02-2022, 05:32 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,786
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الفقه على المذاهب الأربعة ***متجدد إن شاء الله

الفقه على المذاهب الأربعة
المؤلف: عبد الرحمن بن محمد عوض الجزيري
الجزء الرابع
[كتاب النكاح]
صـــــ 148 الى صــــــــ
156
الحلقة (185)

وحكم الأول، وهو - ما إذا كان مهر المثل موافقاً لقولها - أن القول يكون لها بعد أن تحلف اليمين، بمعنى أنها تحلف أنه ما تزوجها على ألف، كما يدعي، وتستحق الألفين، فإن نكلت عن اليمين كان لها الألف التي ادعاها، فإن أقامت بينة على دعواها قبلت منها وقضي لها بها، وإن أقام هو بينة على دعواه الألف فقط قبلت منه أيضاً، ولكن في هذه الحالة تقدم بينة الزوج على بينتها، وذلك لأن الظاهر معها، وهو أن مهر مثلها موافق لدعواها، والزوج يريد أن يثبت خلاف الظاهر وأنها رضيت بالألف التي هي دون مثلها. فتتقدم ببينة،
وحكم الثاني وهو - ما إذا كان مهر المثل موفقاً لقوله - أن القول قوله بيمنه بأن يحلف ما تزوجها على ألفين، ويقضى لها بالألف، فإن نكل عن اليمين قضي لها بالألفين، وأيهما جاء ببينه تسمع. إلا أن بينتها في هذه الحالة تقدم على بينته. عكس الأولى، لأن الظاهر مع الزوج، والبينة تثبت خلاف الظاهر،
وحكم الثالث، هو - ما إذا كان صداق مثلها مخالفاً لهما معاً، كأن كان ألفاً وخمسمائة - أنهما يتحالفان. بأن يحلف كل منهما، فيحلف الزوج أنه ما تزوجها على ألفين، وتحلف هي أنه ما تزوجها على ألف بل ألفين، فأيهما نكل عن اليمين لزمته دعوى الآخر، وقيل: إن نكل الزوج لزمته ألف وخمسمائة. وهو صداق المثل.
والأول أظهر، وإن حلفا معاً قضي بمهر المثل، وهو ألف وخمسمائة، وإذا أقام أحدهما بينه على دعواه قبلت فإن أقام كل منهما بينه شهدت له قضي بمهر المثل، وهو ألف وخمسمائة.
وحاصل ذلك أنه إذا لم تكن لأحدهما بينة تثبت دعواه تحالفا، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر قضى بدعوى الحالف. وإن حلفا معاً قضي بمهر المثل، وإن أقاما بينة معاً قضي بمهر المثل.
ويجري هذا التفصيل بعينه فيما إذا اختلف في عين مكيلة. أو موزونة. أو معدودة.
الصورة الثالثة: أن يختلفا بعد الطلاق وقبل الدخول، وفي هذه الحالة لا يخلو إما أن يكون الصداق المختلف فيه معيناً حاضراً، كهذا الحيوان، وأما أن يكون ديناً موصوفاً في الذمة كالنقود. والمكيلات، والمعدودات والموزونات التي تقدم ذكرها، فإن كان معيناً ورضي الزوج بإعطائها نصفه فذاك، وإلا فلها المتعة اللائقة بها - بدون تحكيم - متعة المثل، وإن كان ديناً فلها المتعة - بتحكيم - متعة المثل، هذا إذا لم تستطع إثبات دعواها بالبينة، وإلا فلها نصف الصداق الذي تثبته.
الصورة الرابعة: أن يموت أحدهما ويقع الخلاف بين الآخر والوارث في الصداق، وحكم هذا حكم الاختلاف في حال الحياة بلا فرق.
الصورة الخامسة: أن يموت الزوجان، ويقع بين الخلاف بين الورثة في مقدار المسمى، وحكم هذه الصورة أن القول لورثة الزوج.
الحال الثالث: أن يختلفا في جنس المسمى، كأن يقول: تزوجتك على عشرين إردَبّاً من الشعير، وهي تقول: بل من القمح، أو يقول: تزوجتك على هذا الثور، وهي تقول: بل على هذه البقرة الحلوب. أو نحو هذا.
الحال الرابع: أن يختلفا في وصفه، كأن يقول: إنه قمح غير جيد، وهي تقول: إنه جيد، أو يختلفا في نوعه، كأن تقول: قمح بعلي، وهو يقول: أسترالي، وفي هذه الحالة إذا كان الصداق معيناً، كهذا الثوب. أو هذه الصبرة من القمح، واختلفا، وقالت: تزوجتك على هذا الثوب بشرط أنه عشرون ذراعاً، ولكنه نقص، أو على هذه الصبرة من القمح بشرط أن تكون من القمح البعلي، فإن القول في هذه الحالة للزوج بدون يمين. أو تحكيم مهر المثل بالإجماع، أما إذا كان الصادق ديناً موصوفاً في الذمة، فالاختلاف في جنسه أو نوعه أو صفته يكون حكمه حكم الاختلاف في أصله.
المالكية - قالوا: التنازع في الصداق له ثلاثة أحوال.
الأول: أن يختلفا قبل الدخول. وقبل الفراق بطلاق. أو موت، وفيه ثلاثة صور:
الصورة الأولى: أن يختلفا في قدر المهر، ولا إثبات مع أحدهما، كأن يقول: عشرة، وتقول هي عشرين.
الصورة الثانية: أن يختلفا في صفته، بأن يقول أحدهما: جنيهات مصرية، ويقول الآخر: بل هي جنيهات - وبنتو - مثلاً، أو يقول أحدهما: قمح بعلي، ويقول الآخر: قمح هندي. وحكم هاتين الصورتين واحد، وهو أنهما يحلفان، فكل يحلف على ما ادعاه إن كانا رشيدين، وإلا حلف الولي، وبعد ذلك يفسخ النكاح بطلاق، ويقع ظاهراً، وباطناً، وكذا إذا نكلا معاً، فإنه يفسخ العقد بطلاق، أما إذا حلف أحدهما، ونكل الآخر، فإنه يقضى بدعوى الحالف، وتبدأ بالحلف الزوجة، هذا إذا كانت دعوى كل واحد منهما في القدر أو الوصف تشبه المعتاد المتعارف بين أهل بلديهما، أما إذا كانت دعوى أحدهما تشبه المتعارف، والآخر لا تشبه، فالقول لمن أشبه بيمينه، فإن نكل بعد توجيه اليمين عليه، حلف الآخر، ويقضى لمن حلف، ولا يفسخ.
الصورة الثالثة: أن يختلفا في الجنس، والمراد بالجنس الجنس اللغوي الذي يشمل النوع ومثال الأول أن يقول: تزوجتها على قمح، وهي تقول: بل تزوجني على خيل، ومثال الثاني أن يقول: تزوجتها على شياه، وهي تقول: بل تزوجني على نياق، فإن جنس النياق، والشياه واحد وهو الحيوان، ولكن النوع مختلف، فهما نوعان منطقيان، وجنسان لغويان، فإذا اختلفا في الجنس قبل الدخول فسخ
النكاح مطلقاً، لا فرق في ذلك بين أن يحلفا معاً، أو يحلف أحدهما. أو يمتنعا عن الحلف. أو يشبها معاً. أو يشبه أحدهما الآخر، ما لم يرض أحدهما بقول الآخر، فإنه لا فسخ مع الرضا.
الحال الثاني: أن يختلفا بعد الدخول، وهما على قيد الحياة، سواء كان ذلك بعد الطلاق. أو قبله، وتحته صورتان:
الصورة الأولى: أن يختلفا في قدر الصداق. أو صفته، وليس مع أحدهما ما يثبت دعواه، وحكم هذه الصورة أن القول للزوج بيمينه، فإن نكل حلفت هي، وقضي بقولها، فإن نكلت أيضاً قضي له، ويعمل في هذه الصورة بقول الزوج، وإن لم يشبه المعتاد عند أهل البلد، وذلك لترجح قوله بتمكينها له من نفسها، خلافاً لمن قال: يعمل بقوله إن أشبه.
الصورة الثانية: أن يختلفا في جنس الصداق، وفي هذه الحالة يحلفان، فإن حلف أحدهما، ونكل الآخر قضي للحالف، وإن حلفا معاً. أو نكلا معاً لزم الزوج مهر المثل جميعه في هذه الحالة، لأن المفروض أنه دخل بها.
وحاصل هذه المسألة أن الخلاف في الجنس قبل الدخول. وقبل الطلاق. والموت يوجب فسخ النكاح مطلقاً، سواء حلفا أو حلف أحدهما، أو نكلا، وسواء أشبه قولهما، أو قول أحدهما أو لم يشبه، أما بعد الدخول فإنه يجب مهر المثل، على ما هو مبين، وأن الاختلاف في القدر والصفة قبل الدخول يوجب صدق قول من انفرد منهما، يكون قوله مشبهاً للمتعارف بيمينه، فإن أشبها معاً أو لم يشبها حلفا، وفسخ النكاح ما لم يرض واحد منهما، وان الاختلاف في القدر. أو الصفة بعد الدخول يوجب صدق الزوج بيمينه، ويشترط أن يكون مهر المثل مساوياً لما ادعته، فإن كان أكثر أعطيت ما ادعت. وكذا أن لا يكون أقل مما ادعاه الزوج.
الحال الثالث: أن يختلفا بعد الطلاق. أو يموت أحدهما، ويختلف الآخر مع الوارث. أو يموتا معاً ويقع النزاع بين الورثة، وحكم هذه الحالة كحكم الاختلاف بعد البناء، إلا أنه إذا كان النزاع بعد الطلاق قبل الدخول في الجنس، وتحالفا، فحلفا أو نكلا، وجب نصف مهر المثل لا جميعه.
هذا، ومتى رد الزوج مهر المثل ثبت النكاح حسناً حال الدخول، وحكماً حال الطلاق والموت بمعنى أن أحكامه ثبتت من إرث وغيرهما هو المعتمد.
الشافعية - قالوا: الاختلاف بين الزوجين. أو بين الزوج والولي. أو بين الوليين أو بين وكيل أحدهما أو بين وكيليهما أو بين أحد هؤلاء وبين الورثة إذا مات الآخر أو بين ورثتهما إذا ماتا معاً يكون على وجوه. أحدهما: أن يختلفا في أصل التسمية، كأن تدعي أنه لم يسم لها صداقاً، وهو ينكر ويدعي أنه قد سمى.
ثانيها: أن يختلفا في قدره، كأن تقول: تزوجني على مائة، وهو يقول: على خمسين.
ثالثها: أن يختلفا في جنسه، كأن تقول: تزوجني بمائة جنيه، وهو يقول: بمائة ريال.
رابعها: أن يختلفا في صفته، كأن تقول: تزوجني على عشرين إردَبّاً من القمح الجيد، وهو يقول: تزوجتها على عشرين رديئة، أو يختلفا في حلوله وتأجيله، كأن يقول: تزوجتها على مائة مؤجلة، وهي تقول: بل معجلة، وحكم هذه الصور جميعها واحد، سواء كان قبل الوطء، أو بعده، وهو أنه إذا وقع النزاع في صورة من هذه الصور، ولم يكن لأحدهما بينة تثبت مدعاه، أو كان لكل منهما بينة، ولكن تناقضتا، كأن أرخت إحداهما وأطلقت الأخرى، أو أطلقتا ولم تؤرخا، فإنه يجب أن يتحالفا، ويبدأ بالزوج. فإن نكل أحدهما قضي للآخر بدعواه.
وكيفية حلف الزوجين البالغين الرشيدين أن يحلفا على مدعاهما بطريق القطع، بأن تقول: والله ما تزوجني بمائة بل بمائتين، وهو يقول: والله ما تزوجتها بمائتين بل بمائة.
أما الصغيرة، أو المجنونة فيحلف عنها وليها بطريق الجزم أيضاً، فإذا بلغت الصغيرة، أو برئت المجنونة، قبل الحلف حلفتاهما دون الولي، وإذا وقع الخلاف بين الولي وبين الزوج، وكانت الزوجة بكراً بالغة حلفت الزوجة دون الولي لأن المهر عائد إليها.
وكيفية حلف الوارث أن يحلف على نفي العلم، بأن يقول وارثه: والله لا أعلم أن مورثي تزوجها بخمسمائة كما تدعي، بل تزوجها بمائتين، ويقول وارثها: والله لا أعلم أن مورثتي تزوجها بمائتين كما يدعي، بل بخمسمائة.
وكيفية حلف الولي أن يحلف بأن عقده وقع على خمسمائة لا على مائتين، فهو يحلف على الفعل الصادر منه، ويثبت المهر للزوجة ضمناً فلا يرد لأن الشخص لا يستحق شيئاً بيمين غيره فكيف تستحق المهر بيمين وليها؟! والجواب أنه لم يحلف على أن موليته تستحق المهر، وإنما يحلف على أنه عقد بمهر كذا، فهو حلف على الفعل لا على الاستحقاق، فإن نكل الولي عن الحلف، وحلف الزوج، فهل يقضى للزوج بيمينه. أو ينتظر بلوغ الصغيرة لتحلف. أو تنكل؟ وجهان، ورجح الثاني، وهو انتظار بلوغ الصغيرة.
فإن قلت: هل تحلف الصغيرة على نفي العلم، أو تحلف على ثبوت دعواها، ونفي دعوى الزوج جزماً؟ الجواب: أن في هذه المسألة وجهين أيضاً، والمناسب أن تحلف على نفي العلم، بأن تقول: والله لا أعلم أن وليي زوجني بمائة بل بمائتين، لأنها في الواقع لم تشهد الحال، ولم تستأذن فلا يسعها أن تحلف جازمة، وهذا بخلاف ما إذا كانت بكراً بالغة، ووقوع الحلف بين الزوج والولي، فإنها تحلف على الدعوى بطريق الجزم والقطع، لأن العقد إن كان قد باشره الولي، ولكن بعد استئذانها، فهي مشاهدة للحال.
والحاصل أن الزوجين البالغين يحلفان على أصل الدعوى بطريق القطع، والولي يحلف على فعل نفسه.
وفي كيفية حلف الصغيرة. والمجنونة بعد البلوغ والإفاقة قولان: فبعضهم يقول: إنهما يحلفان
بطريق الجزم لا بنفي العلم، وبعضهم يقول: بل يحلفان بنفي العلم، والرأي الثاني لجمع من المتقدمين وهو الظاهر المناسب.
ثم بعد عجز أحد المتنازعين عن إثبات دعواه وتحالفهما يفسخ المهر المسمى ويثبت للزوجة مهر مثلها في حالة ما إذا كان النزاع في تسمية المهر، ولها جميعه إن وقع الخلاف بعد الوطء ونصفه إن كان قبله فإن كان النزاع في قدر المهر، كأن ادعت أنه مائة، وهو ادعى أنه تسعون مثلاً، كان لها مهر مثلها، ولو زاد على ما ادعته بأن كان مائة وخمسين.
وإذا وقع النزاع بين الزوج، وبين الولي في قدر الصداق، كأن قال الولي: هو مائتان، وقال الزوج هو مائة وخمسون، وكان مهر المثل يساوي مائتين وخمسين، فقيل: يتحالفان وجوباً، فإن نكل الزوج حلف الولي ويقضى له بدعواه، وقيل: يقضى بمهر المثل، والتحقيق أن للولي تحليف الزوج، إذ ربما ينكل، فيحلف الولي وتثبت دعواه، فإن ادعى الزوج قدراً مساوياً لمهر المثل، فإن كان مساوياً لقول الولي، فالأمر ظاهر، لأنه يوافق المسمى وتنقطع الخصومة، وإن كان أقل من المسمى رجعت المسألة إلى أن للولي الحق في تحليفه لعله ينكل، فتثبت الزيادة التي في المسمى.
الحنابلة - قالوا: إذا اختلف الزوجان. أو ورثتهما بعد موتهما. أو زوج الصغيرة ووليها في قدر الصداق، كأن قال: مائة، وقالت: مائتان، أو في عين الصداق، كأن قالت: صداقي هو هذا الثوب، وقال: بل هذا الثوب الآخر. أو في جنسه بأن قال: تزوجتها على إبل: وقالت بل على خيل، أو قال: على قمح وقالت: على ذهب، أو صفته، أو اختلفا فيما يستقر به الصداق من الدخول، والخلوة، والقبلة، والمس والنظر بشهوة، كما تقدم، فادعت الدخول، وأنكر، فإذا لم يكن لأحدهما ما يثبت دعواه كان القول للزوج أو وارثه بيمينه. وذلك لأنه منكر، فلو اختلفا في عين الصداق بأن ادعت أن صداقها هذا الحيوان وهو قال لها: بل هذا الحيوان فقد أنكر الزوج دعواها في عين الصداق، والقول للمنكر بيمينه، وكذا إذا اختلفا في صفته، كأن قالت: تزوجني على قمح هندي، وقال: بل على قمح مصري، فإنه أنكر دعواها، بأن صداقها هو القمح الهندي وكذا إذا اختلفا في الجنس، كأن ادعت أنه تزوجها على كذا من البر، فأنكر وقال: إنه كذا من الشعير، وهكذا، فهو منكر والأصل براءة ذمته من شيء لم يقر به، ولا بينة عليه، فهو منكر غير مقر، ولا بينة، فلا يلزمه إلا اليمين، فإذا نكل قضي لها، وإذا حلف قضي له بقوله أما إذا اختلفا في قبض الصداق بأن ادعى الزوج أنها قبضت الصداق، وأنكرت كان القول لها بيمينها. أو لوارثها إن كانت ميتة، ومثل ذلك ما إذا اختلفا على تسمية المهر بأن ادعى أنه قد سمى لها مائة، وأنكرت لتتوصل بذلك إلى مهر مثلها الزائد عن المائة، وبلا بينة، كان القول قولها بيمينها، فيقضى لها بمهر المثل، ولا فرق في ذلك كله بين أن يختلفا قبل الدخول.
أو بعده، قبل الطلاق أو بعده، لأن المدار في الفصل بينهما إما على البينة إن وجدت، وإلا فعلى الزوج في بعض الأحوال بأن يكون القول قوله بيمينه، وعلى الزوجة في البعض الآخر، وهو أن يكون القول قولها بيمينها) .





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 361.50 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 355.62 كيلو بايت... تم توفير 5.88 كيلو بايت...بمعدل (1.63%)]