مشاهد الخلق في المعصية (لإبن القيم ) - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1071 - عددالزوار : 126920 )           »          سورة العصر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          عظات من الحر الشديد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          المشي إلى المسجد في الفجر والعشاء ينير للعبد يوم القيامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          القلب الناطق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الظلم الصامت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          من أدب المؤمن عند فوات النعمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          عن شبابه فيما أبلاه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          بلقيس والهدهد وسليمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 26-04-2010, 10:11 PM
الصورة الرمزية أم عبد الله
أم عبد الله أم عبد الله غير متصل
مراقبة الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
مكان الإقامة: أبو ظبي
الجنس :
المشاركات: 13,883
الدولة : Egypt
73 73 مشاهد الخلق في المعصية (لإبن القيم )

قال ابن القيم -رحمه الله- في مشاهد الخلق في المعصية وهي ثلاثة عشر مشهدًا:
1- مشهد الحيوانية وقضاء الشهوة.
2- ومشهد اقتضاء رسوم الطبيعة ولوازم الخلقة.
3- ومشهد الجبر.
4- ومشهد القدر.
5- ومشهد الحكمة.
6- ومشهد التوفيق والخذلان.
7- ومشهد التوحيد.
8- ومشهد الأسماء والصفات.
9- ومشهد الإيمان وتعدد شواهده.
10- ومشهد الرحمة.
11- ومشهد العجز والضعف.
12- ومشهد الذل والافتقار.
13- ومشهد المحبة والعبودية.
فالأربعة الأول للمنحرفين، والثمانية البواقي لأهل الاستقامة، وأعلاها المشهد العاشر.
وهذا الفصل من أجل فصول الكتاب وأنفعها لكل أحد وهو حقيق بأن تثنى عليه الخناصر، ولعلك لا تظفر به في كتاب سواه إلا ما ذكرناه في كتابنا المسمى (سفر الهجرتين في طريق
السعادتين) .


المشهد الأول: مشهد الحيوانية
فأما مشهد الحيوانية وقضاء الشهوة فمشهد الجهال الذين لا فرق بينهم وبين سائر الحيوان إلا في اعتدال القامة ونطق اللسان، ليس همهم إلا مجرد نيل الشهوة بأي طريق أفضت إليها، فهؤلاء نفوسهم نفوس حيوانية لم تترق عنها إلى درجة الإنسانية فضلا عن درجة الملائكة، فهؤلاء حالهم أخس من أن تذكر وهم في أحوالهم متفاوتون بحسب تفاوت الحيوانات التي هم على أخلاقها وطباعها.
فمنهم: من نفسه كلبية لو صادف جيفة تشبع ألف كلب لوقع عليها، وحماها من سائر الكلاب، ونبح كل كلب يدنو منها، فلا تقربها الكلاب إلا على كره منه وغلبة، ولا يسمح بشيء منها، وهمه شبع بطنه من أي طعام اتفق ميتة أو مذكى، خبيث أو طيب، ولا يستحى من قبيح، إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث إن أطعمته بصبص بذنبه ودار حولك وإن منعته هرك ونبحك.
ومنهم: من نفسه حمارية لم تخلق إلا للكد والعلف، كلما زيد في علفه زيد في كده أبكم الحيوان وأقله بصيرة؛ ولهذا مثل الله سبحانه وتعالى به من حمَّلَه كتابه فلم يحمله معرفة ولا فقها ولا عملا، ومثل بالكلب عَالِم السوء الذي آتاه الله آياته فانسلخ منها وأخلد إلى الأرض واتبع هواه وفي هذين المثلين أسرار عظيمة ليس هذا موضوع ذكرها.
ومنهم: من نفسه سبعية غضبية همته العدوان على الناس وقهرهم بما وصلت إليه قدرته، طبيعته تتقاضى ذلك كتقاضي طبيعة السبع لما يصدر منه.
ومنهم: من نفسه فأرية فاسق بطبعه، مفسد لما جاوره، تسبيحه بلسان الحال سبحان من خلقه للفساد.
ومنهم: من نفسه على نفوس ذوات السموم والحمات كالحية والعقرب وغيرهما، وهذا الضرب هو الذي يؤذي بعينه فيدخل الرجل القبر والجمل القدر، والعين وحدها لم تفعل شيئًا، وإنما النفس الخبيثة السمية تكيفت بكيفية غضبية مع شدة حسد وإعجاب، وقابلت المعين على غرة منه وغفلة وهو أعزل من سلاحه فلدغته كالحية التي تنظر إلى موضع مكشوف من بدن الإنسان، فتنهشه فإما عطب وإما أذى؛ ولهذا لا يتوقف أذى العائن على الرؤية والمشاهدة، بل إذا وصف له الشيء الغائب عنه وصل إليه أذاه، والذنب لجهل المعين وغفلته وغرته عن حمل سلاحه كل وقت، فالعائن لا يؤثر في شاكي السلاح، كالحية إذا قابلت درعا سابغا على جميع البدن ليس فيه موضع مكشوف، فحق على من أراد حفظ نفسه وحمايتها أن لا يزال متدرعا متحصنا لابسا أداة الحرب، مواظبا على أوراد التعوذات والتحصينات النبوية التي في القرآن والتي في السنة.
وإذا عرف الرجل بالأذى بالعين ساغ بل وجب حبسه وإفراده عن الناس، ويُطعم ويُسقي حتى يموت، ذكر ذلك غير واحد من الفقهاء. ولا ينبغي أن يكون في ذلك خلاف؛ لأن هذا من نصيحة المسلمين ودفع الأذى عنهم، ولو قيل فيه غير ذلك لم يكن بعيدًا من أصول الشرع.
فإن قيل: فهل تقيدون منه فإذا قتل بعينه؟
قيل: إن كان ذلك بغير اختياره بل غلب على نفسه لم يقتص منه، وعليه الدية، وإن تعمد وقدر على رده وعلم أنه يقتل به ساغ للولي أن يقتله بمثل ما قتل به، فيعينه إن شاء كما عان هو المقتول، وأما قتله بالسيف قصاصًا فلا؛ لأن هذا ليس مما يقتل غالبا ولا هو مماثل لجنايته.
وسألت شيخنا أبا العباس ابن تيمية -قدس الله روحه- عن القتل بالحال: هل يوجب القصاص؟
فقال: للولي أن يقتله بالحال كما قتل به.
فإن قيل: فما الفرق بين القتل بهذا وبين القتل بالسحر حيث توجبون القصاص به بالسيف؟
قلنا: الفرق من وجهين:
أحدهما: أن السحر الذي يقتل به هو السحر الذي يقتل مثله غالبا، ولا ريب أن هذا كثير في السحر، وفيه مقالات وأبواب معروفة للقتل عند أربابه.
الثاني: أنه لا يمكن أن يقتص منه بمثل ما فعل؛ لكونه محرمًا لحق الله، فهو كما لو قتله باللواط وتجريع الخمر فإنه يقتص منه بالسيف.
وليس هذا موضع ذكر هذه المسائل، وإنَّما ذُكرت لِمَا ذكرنا أن من النفوس البشرية ما هي على نفوس الحيوانات العادية وغيرها،وهذا هو تأويل سفيان بن عيينة في قوله تعالى:}وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ{ [الأنعام: 38].
وعلى هذا الشبه اعتماد أهل التعبير للرؤيا في رؤية هذه الحيوانات في المنام عند الإنسان وفي داره، أو أنها تحاربه وهو كما اعتمدوه، وقد وقع لنا ولغيرنا من ذلك في المنام وقائع كثيرة فكان تأويلها مطابقا لأقوام على طباع تلك الحيوانات، وقد رأى النبي في قصة أحد بقرًا تنحر، فكان من أصيب من المؤمنين بنحر الكفار، فإن البقر أنفع الحيوانات للأرض، وبها صلاحها وفلاحها مع ما فيها من السكينة والمنافع والذِل بكسر الذال؛ فإنها ذلول مذللة منقادة غير أبية، والجواميس كبارهم ورؤساؤهم، ورأى عمر بن الخطاب كأن ديكًا نقره ثلاث نقرات، فكان طعن أبي لؤلؤة له والديك رجل أعجمي شرير.
ومن الناس من طبعه طبع خنزير يمر بالطيبات فلا يلوى عليها، فإذا قام الإنسان عن رجيعه قمه وهكذا كثير من الناس، يسمع منك ويرى من المحاسن أضعاف أضعاف المساوئ فلا يحفظها ولا ينقلها ولا تناسبه، فإذا رأى سقطة أو كلمة عوراء وجد بغيته وما يناسبها فجعلها فاكهته ونقله.
ومنهم: من هو على طبيعة الطاووس ليس له إلا التطوس والتزين بالريش، وليس وراء ذلك من شيء.
ومنهم: من هو على طبيعة الجمل أحقد الحيوان وأغلظه كبدا.
ومنهم: من هو على طبيعة الدب أبكم خبيث، وعلى طبيعة القرد.
وأحمد طبائع الحيوانات طبائع الخيل التي هي أشرف الحيوانات نفوسًا، وأكرمها طبعا وكذلك الغنم، وكل من ألف ضربا من ضروب هذه الحيوانات اكتسب من طبعه وخلقه، فإن تغذى بلحمه كان الشبه أقوى فإن الغاذي شبيه بالمغتذى.
ولهذا حرم الله أكل لحوم السباع وجوارح الطير؛ لما تورث آكلها من شبه نفوسها بها، والله أعلم.
والمقصود أن أصحاب هذا المشهد ليس لهم شهود سوى ميل نفوسهم وشهواتهم لا يعرفون ما وراء ذلك البتة.

المشهد الثاني
مشهد رسوم الطبيعة ولوازم الخلقة
كمشهد زنادقة الفلاسفة والأطباء الذين يشهدون أن ذلك من لوازم الخلقة الإنسانية، وأن تركيب الإنسان من الطبائع الأربع وامتزاجها واختلاطها كما يقتضى بغي بعضها على بعض، وخروجه عن الاعتدال بحسب اختلاف هذه الأخلاط، فكذلك تركيبه من البدن والنفس والطبيعة والأخلاط الحيوانية تتقاضاه آثار هذه الخلقة ورسوم تلك الطبيعة، ولا تنقهر إلا بقاهر إما من نفسه وإما من خارج عنه، وأكثر النوع الإنساني ليس له قاهر من نفسه فاحتياجه إلى قاهر فوقه يدخله تحت سياسة وإيالة، ينتظم بها أمره ضرورة، كحاجته إلى مصالحه من الطعام والشراب واللباس.
وعند هؤلاء أن العاقل متى كان له وازع من نفسه قاهر لم يحتج إلى أمر غيره ونهيه وضبطه.
فمشهد هؤلاء من حركات النفس الاختيارية الموجبة للجنايات، كمشهدهم من حركات الطبيعة الاضطرارية الموجبة للتغيرات، وليس لهم مشهد وراء ذلك.

المشهد الثالث
مشهد أصحاب الجبر

وهم الذين يشهدون أنهم مجبورون على أفعالهم، وأنها واقعة بغير قدرتهم، بل لا يشهدون أنها أفعالهم البتة.
يقولون: إن أحدهم غير فاعل في الحقيقة ولا قادر، وأن الفاعل فيه غيره، والمحرك له سواه وأنه آلة محضة، وحركاته بمنزلة هبوب الرياح وحركات الأشجار.
وهؤلاء إذا أنكرت عليهم أفعالهم احتجوا بالقدر وحملوا ذنوبهم عليه

وقد يغلون في ذلك حتى يروا أفعالهم كلها طاعات خيرها وشرها لموافقتها للمشيئة والقدر.

ويقولون كما أن موافقة الأمر طاعة فموافقة المشيئة طاعة، كما حكى الله تعالى عن المشركين إخوانهم أنهم جعلوا مشيئة الله تعالى لأفعالهم دليلا على أمره بها ورضاه، وهؤلاء شر من القدرية النفاة وأشد منهم عداوة لله ومناقضة لكتبه ورسله ودينه، حتى إن من هؤلاء من يعتذر عن إبليس ويتوجع له ويقيم عذره بجهده، وينسب ربه تعالى إلى ظلمه بلسان الحال والمقال، ويقول ما ذنبه وقد صان وجهه عن السجود لغير خالقه، وقد وافق حكمه ومشيئته فيه وإرادته منه، ثم كيف يمكنه السجود وهو الذي منعه منه وحال بينه وبينه، وهل كان في ترك السجود لغير الله إلا محسنا؟ ولكن:
إذا كان المحب قليل حظ



فما حسناته إلا ذنوب


وهؤلاء أعداء الله حقا وأولياء إبليس وأحباؤه وإخوانه، وإذا ناح منهم نائح على إبليس رأيت من البكاء والحنين أمرا عجبا، ورأيت من ظلمهم الأقدار واتهامهم الجبار ما يبدو على فلتات ألسنتهم وصفحات وجوههم، وتسمع من أحدهم من التظلم والتوجع ما تسمعه من الخصم المغلوب العاجز عن خصمه، فهؤلاء هم الذين قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية في تائيته:
ويدعى خصوم الله يوم معادهم



إلى النار طرًا فرقة القدرية



رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 209.38 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 207.66 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (0.82%)]