روائع الطب الإسلامي الجزء الأول - الصفحة 2 - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4957 - عددالزوار : 2061669 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4533 - عددالزوار : 1330315 )           »          ابتسامة تدوم مدى الحياة: دليلك للعناية بالأسنان في كل مرحلة عمرية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »          كم يحتاج الجسم من البروتين يوميًا؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          أطعمة ممنوعة للمرضع: قللي منها لصحة طفلك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          مكملات البروبيوتيك: كل ما تحتاج معرفته! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          التخلص من التوتر: دليلك لحياة متوازنة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          أطعمة مفيدة لمرضى الربو: قائمة بأهمها! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          كيفية التعامل مع الطفل العنيد: 9 نصائح ذكية! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          كيف يؤثر التدخين على لياقتك البدنية وأدائك الرياضي؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم الطبي و آخر الإكتشافات العلمية و الطبية > الملتقى الطبي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الطبي كل ما يتعلق بالطب المسند والتداوي بالأعشاب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #11  
قديم 22-02-2009, 08:13 PM
الصورة الرمزية عبد الوحيد
عبد الوحيد عبد الوحيد غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 43
الدولة : Algeria
افتراضي رد: روائع الطب الإسلامي الجزء الأول

الختان
بين موازين الطب والشريعة
التعريف اللغوي :
الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن أيضاً (1) ومنه الحديث النبوي [إذا التقى الختانان وجب الغسل] والأقلف من لم يختتن.والقلفة والغرلة بمعنى واحد وهي الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة،ويسمى الختان في حق الأنثى "خفضاً". وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلدة كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر،وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول.
الختان عبر التاريخ :
تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان.وفي إنجيل برنابا (2) إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته من بعده تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.
وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان (3)،كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [2200 ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها،وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي.
واهتم اليهود بالختان (4) واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية:" اختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم ".
أما في النصرانية فالأصل فيها الختان،وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد اختتن وأنه أمر أتباعه بالختان،لكن النصارى لا يختتنون (5).
أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم.وذكر القرطبي(6) إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من اختتن.فقد ورد عن أبي هريرة tأن النبي r قال:" كان إبراهيم أول من اختتن،وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"i.
وقد فصل ابن القيم (7) في ختان النبي r على ثلاثة أقوال،ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة،أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها.فالقول الأول وهو أن النبي r ولد مختوناً،فهو علاوة على ضعف إسناده،فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي r أن الختان من الفطرة ،ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه،والأليق بحال النبي r ألا يُسلب هذه الفضيلة.والقول الثاني أن المَلَكَ ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاُ،والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعه.

الختان في السنة النبوية المطهرة :
دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة وجعله على رأس خصال الفطرة البشرية،فقدأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة tأن النبي r قال:"الفطرة خمس:الختان و الاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط".
وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية –ملة إبراهيم عليه السلام،فكان الختان– كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس – من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم رَبُّه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس.كما ورد عن النبي r ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا،فقد ورد عن أبي هريرة tأن النبي r قال:"اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة،اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم،والقدوم آلة صغيرة،وقيل هو موضع بالشام.
وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال:" أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه،عجلت قبل أن نأمرك بالآلة،قال:يا رب كرهت أن أؤخر أمرك" أخرجه البيهقي بسند حسن.
وعن شداد بن أوس tأن النبي r قال:"الختان سنة للرجال،ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع.
وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال:جاء رجل إلى النبي r فقال قد أسلمت فقال النبي r"ألق عنك شعر الكفر واختتن" أخرجه أحمد وأبو داود،وقال السيوطي بضعفه وفي إسناده مجهولان ( نيل الأوطار )،وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : "من أسلم فليختتن".
الحكم الفقهي في الختان :
يقول ابن القيم (7):اختلف الفقهاء في حكم الختان،فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب،وشدد مالك حتى قال:من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته.ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض:الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة،لكن السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.وقال الحسن البصري وأبو حنيفة:لا يجب بل هو سنة،ونقل عنه قوله:قد أسلم مع رسول الله r الناس:الأسود والأبيض فما فتش أحداً.
وخلاصة القول:ذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء.
وذهب مالك وأصحابه إلى أنه سنة للرجال،ومستحب للنساء،وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال وسنة للنساء،وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة،لكن يأثم تاركه … ويتابع ابن القيم"ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة،لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول،ولا تتم الطهارة المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة إلا بإزالتها ".
ويقول النووي (8):"ويجب الختان لقوله تعالىأن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً). ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة،لأن كشف العورة محرم،فلما كشفت له العورة دل على وجوبه".
ويعد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان:منها "أن يولد الرجل ولا قلفة له،وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف،وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه،والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي r قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت".
وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه.منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني ( اليرقان ) أو إصابته بأحد الأمراض النـزفية كالناعور أو نقص الفيتامين ك،أو عندما يكون مصاباً بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز،ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان.
وقد اتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان،لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ"وقت الوجوب" لأنه سن التكليف،لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به ". وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:"عقَّ رسول الله r عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام"i،إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله،فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ،فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ.
وفي هذا يقول ابن القيم (7):"وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به". وقال النووي (8):"وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه،فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته".
يقول د. محمد علي البار (5) أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر،وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية.
وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7):" … فشرع الله للحنفاء صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النساء لا يشبع من الجماع.والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ".
وأما في بيان القدر الذي يؤخذ في الختان فقد ذكر النووي (8) أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً.ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع.

الختان ينتصر :
في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل (18):" لقد كنت من أشد أعداء الختان وشاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه،إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حدوث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين،وبعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت،فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود ".نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور،وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد r ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً.

الحكم الصحية من ختان الذكور:
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة أو معدومة عند المختونين (1).

أولاً:الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب:
فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها،إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرزه سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى”اللخن Smegma "،وبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة،أو التهاب الحشفة والقلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه (5) وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين.
وتؤكد دراسة د. شوبن (9) أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في فترة الطفولة،وأكد د. فرغسون (4) أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosis من المختونين.

ثانياً:الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية:
وجد جنـز برغ (4) أن 95٪من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين.ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجرى لكل مولود في الولايات المتحدة منع من حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال.وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5) الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35٪ من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي.
ثالثاً:الختان والأمراض الجنسية:
أكد البروفيسور وليم بيكرز (10) الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً،وفحص أكثر من 30 ألف امرأة،ندرة الأمراض الجنسية عندهن وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم.ويُرجع ذلك لسببين هامين:ندرة الزنى وختان الرجل.
ويرى آريا وزملاؤه (5) أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية.كما عدد فنك (11) Fink أكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين.
وأورد د. ماركس Marks J (4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين،في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين.أليس هذا بالأمر العجيب (4) ؟ حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيث،لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى.
رابعاً:الختان وقاية من السرطان:
يقول البروفيسور كاو دري (12):" يمكن القول وبدون مبالغة بأن الختان الذي يُجرى للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم،مما يجعل الختان عملية ضرورية لا بد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ".وقد أحصى (13) د. أولبرتس [1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة،لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته.
وفي بحث نشره د. هيلبرغ وزملاؤه (14) أكدوا فيه أن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود،وعند المسلمين حيث يُجرى الختان أيام الطفولة الأولى.وإن أبحاثاً كثيرة جداً تؤكد أن الختان يقي من السرطان في القضيب.وتذكر هذه الأبحاث أن التهاب الحشفة وتضيق القلفة هما من أهم مسببات سرطان القضيب،ولما كان الختان يزيل القلفة من أساسها،فإن المختونين لا يمكن أن يحدث عندهم تضيق القلفة،ويندر جداً حدوث التهاب الحشفة.وقد ثبت أن مادة اللخن (4و5) التي تفرزها بطانة القلفة عند غير المختونين والتي تتجمع تحت القلفة لها فعل مسرطن أيضاً.فقد أثبتت الأبحاث أن هذه المادة تشجع على نمو فيروس الثآليل الإنساني HPV الذي ثبت بشكل قاطع أثره المسرطن.
أما الدكتور رافيتش (15) فيؤكد على دور الختان في الوقاية من أورام البروستات،على الرغم من أنه لا توجد دلالة قاطعة تثبت ذلك،غير أنه في المؤتمر الذي عقد في مدينة دوسلدورف الألمانية عن السرطان والبيئة،أشير إلى العلاقة السلبية بين سرطان البروستات الذي يصيب الرجال وبين الختان،وأن الرجال المختونين أقل تعرضاً للإصابة بهذا السرطان من غير المختونين.وفي نفس المؤتمر كشف النقاب أيضاً عن أن النساء المتزوجات من رجال مختونين هن أقل تعرضاً للإصابة بسرطان الرحم من النساء المتزوجات من رجال غير مختونين.
من هنا نفهم أن دور الختان لا يقتصر على حماية الرجل "المختون" من الإصابة بالسرطان بل يظهر تأثيره الوقائي عند زوجات المختونين أيضاً.وهكذا يؤكد د. هاندلي (16) أن الختان عند الرجال يقي نساءهم من الإصابة بسرطان عنق الرحم،وذكر أن الحالة الصحية للقضيب والتهاباته تشكل خطراً على المرأة يفوق الخطر الذي يتعرض له الرجل نفسه.
وقد وجد الباحثون (5) أدلة على اتهام فيروس الثآليل الإنساني HPV بتسبب سرطان القضيب لدى غير المختونين،وسرطان عنق الرحم عند زوجاتهم إذ أنهن يتعرضن لنفس العامل المسرطن الذي يتعرض له الزوج.
نخلص من ذلك إلى القول بأن عدم إجراء الختان في سن الطفولة المبكرة يؤدي إلى ظهور مجموعة من العوامل،منها وجود اللخن ( مفرز باطن القلفة )،وتجمع البول حولها ومن ثم تعطن وتنامي فيروس الثآليل الإنساني وغيره من العوامل المخرشة والتي تؤدي في النهاية إلى ظهور سرطان القضيب عند الأقلف عند تجاوز عمره الخمسين وحتى السبعين عاماً.وبانتقال تلك المخرشات إلى عنق الرحم عند زوجته أمكن أن يؤدي عندها إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم أو سرطان الفرج.
وإن عملية التنظيف للقلفة لدى غير المختونين لوقايتهم من السرطان،كما يدعو إلى ذلك بعض أطباء الغرب،هي عملية غير مجدية على الإطلاق – كما يؤكد البروفسور ويزويل (5) – فهو يقول بأنه ليس هناك أي دليل على الإطلاق على أن تنظيف القلفة يمكن أن يفيد في الوقاية من السرطان والاختلاطات الأخرى المرتبطة بعدم إجراء عملية الختان.
ونحن - مع الدكتور محمد علي البار – نرى أن الطب الحديث يؤيد،وبقوة – ما ذهب إليه الشافعية من استحباب الختان في اليوم السابع،ولحد أقصى [يوم الأربعين] من ولادة الطفل.وإن ترك الطفل سنوات حتى يكبر دون أن يختن،يمكن – كما رأينا – أن يؤدي إلى مضاعفات خطرة هو في غنى عنها.

ختان البنات :
عن أنس بن مالك tأن النبي r قال لأم عطية – وهي ختانة كانت تختن النساء في المدينة:" إذا خفضت فأشمّي ولا تُنهكي،فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج”i وفي رواية قول النبي r:" إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل"ii.
وعن شداد بن أوس أن النبي r قال:" الختان سنة للرجال،مكرمة للنساء ".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:دخل النبي r على نسوة من الأنصار فقال:" يا معشر الأنصار اختضبن غمساً واخفضن ولا تُنهكن فإنه أحظى عند أزواجكن وإياكن وكفر المنعمين”i والمنعم هنا هو الزوج،ويقال لختان المرأة:الخفض والإعذار.وقوله [أشمّي] من الإشمام وهو كما قال ابن الأثير:أخذ اليسير في خفض المرأة،أو اتركي الموضع أشم،والأشم المرتفع،[ولا تُنهكي] أي لا تبالغي في القطع،وخذي من البظر الشيء اليسير،وشبه القطع اليسير بإشمام الرائحة،والنهك بالمبالغة فيه،أي اقطعي من الجلدة التي على نواة البظر ولا تستأصليها.
ونقل ابن القيم (7) عن الماوردي قوله:" وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل النواة،ويؤخذ من الجلدة المستعلية دون أصلها ".هذه النواة هي البظر،والجلدة التي عليها،وهي التي تقطع في الختان،والتي شبهها الفقهاء بعرف الديك والمسماة بالقلفة،والتي تتجمع فيها مفرزات اللخن ( مفرزات باطن القلفة ) مثل ما يحدث في الذكر عندما تكون تلك القلفة مفرطة النمو،لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها.وجمهور فقهاء المسلمين على أن الأمر للندب أو الاستحباب،عدا الشافعية الذين قالوا بوجوبه.
يقول د. محمد علي البار (5):هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى r.وأما ما يتم في مناطق من العالم من أخذ البظر بكامله،أو البظر مع الشفرين الصغيرين،أو حتى مع الشفرين الكبيرين أحياناً،فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة.وهو الختان المعروف بالختان الفرعوني،وهو على وصفه، لا علاقة له مطلقاً بالختان الذي أمر به النبي r.لذا فإن الضجة المفتعلة ضد ختان البنات لا مبرر لها،لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما:مخالفة السنة،وإجراء العملية دون طهارة مسبقة ومن قبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات.فالختان الشرعي له فوائده،فهو اتباع لسنة المصطفى r وطاعة لأمره،خاصة وأنه من شعائر الإسلام،وفيه ذهاب الغلمة والشبق عن المرأة وما في ذلك من المحافظة على عفتها،وفيه وقاية من الالتهابات الجرثومية التي تتجمع تحت القلفة النامية ".
أما د. حامد الغوابي (17) فيقول:".. فانظر إلى كلمة ( لا تنهكي ) أي لا تستأصلي،أليست هذه معجزة تنطق عن نفسها،فلم يكن الطب قد أظهر شيئاً عن هذا العضو الحساس [البظر]،ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه،لكن الرسول r الذي علمه الخبير العليم،عرف ذلك الأمر فأمر بألا يستأصل العضو كله ".
ويتابع د. الغوابي كلامه عن فوائد ختان البنات:" تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل،وقد رأيت حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات.والختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من 3 سنتمترات عند انتصابه فكيف للرجل أن يختلط بزوجته ولها عضو كعضوه،ينتصب كانتصابه ".
ويرد د. الغوابي على من يدعي أن ختان البنات يؤدي إلى البرود الجنسي عندهن،بأن البرود الجنسي له أسباب كثيرة،وأن هذا الإدعاء ليس مبنياً على إحصاءات وشواهد بين المختتنات وغير المختتنات،طبعاً إلا أن يكون ختاناً فرعونياً أدى إلى قطع البظر بكامله.ثم ينقل عن البروفسور هوهنر – أستاذ أمراض النساء في جامعة نيويورك – بأن التمزقات التي تحدث في المهبل أثناء الوضع تحدث بروداً جنسياً بعكس ما كان منتظراً،في حين أن الأضرار التي تصيب البظر نادراً ما تقود إلى البرود الجنسي.
ومن فوائد الختان (17) منعه من ظهور تضخم البظر أو ما يسمى بإنعاظ النساء،وهو إنعاظ متكرر أو مؤلم مستمر للبظر،كما يمنع ما يسمى نوبة البظر وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى يرافقه تخبط بالحركة وغلمنة شديدة وهو معند على المعالجة.
وفي المؤتمر الطبي الإسلامي (4) عن الشريعة والقضايا المعاصرة [القاهرة 1987] قدمت فيه بحوث عن خفاض الأنثى،أكد فيه د. محمد عبد الله سيد خليفة أضرار الختان الفرعوني وتشويهه للأماكن الحساسة من جسد الأنثى،وأن الخافضة هنا تُنهك إنهاكاً شديداً فتزيل البظر بكامله والشفرين إزالة شبه تامة مما ينتج عنه ما يسمى بالرتق وهو التصاق الشفرين ببعضهما.وأكد ذلك د. محمد حسن الحفناوي وزملاؤه من جامعة عين شمس وبينوا أن أضرار ختان الأنثى ناتج عن المبالغة في القطع الذي نهى عنه نبي الرحمة r أو عن إجراء الخفض بأدوات غير عقيمة أو بأيد غير خبيرة،وليس عن الختان الشرعي نفسه.
وخلاصة القول يتضح لنا أن الحكمة الطبية من الختان،الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية،تظهر عند الرجال أكثر بكثير مما تظهر عند النساء،ونستطيع القول أنه في البلاد ذات الطقس الحار كصعيد مصر والسودان والجزيرة العربية وغيرها،فإنه يغلب أن يكون للنساء بظر نام يزيد في الشهوة الجنسية بشكل مفرط،وقد يكون شديد النمو إلى درجة يستحيل معها الجماع،ومن هنا كان من المستحب استئصال مقدم البظر لتعديل الشهوة في الحالة الأولى،ووجب استئصاله لجعل الجماع ممكناً في الحالة الثانية وهذا الرأي الطبي يتوافق مع رأي الجمهور من فقهاء الأمة الذين أوجبوا الختان على الرجال وجعلوه سنة أو مكرمة للنساء مصداقاً لتوجيهات نبي الأمة r.


مراجع البحث
1- د. محمد نزار الدقر:مقالة”الختان بين الطب والإسلام" مجلة حضارة الإسلام 14 رمضان 1393 هـ.
2- د. عبد السلام السكري:" ختان الذكر وخفاض الأنثى”الدار المصرية للنشر 1989.
3- د. عبد الرحمن القادري:" الختان بين الطب والشريعة”ابن النفيس،دمشق 1996.
4- د. حسان شمسي باشا:أسرار الختان تتجلى في الطب الحديث”مكتبة السوادي،جدة 1991.
5- د. محمد علي البار:" الختان" دار المنارة – جدة 1994.
6- الإمام القرطبي:" الجامع لأحكام القرآن”أو ما يسمى بتفسير القرطبي.
7- ابن القيم الجوزية:" تحفة المودود في أحكام المولود ".
8- الإمام النووي "المجموع".
9. Schoen: New England J. of Medicine, 1990, 322.
10. Pikers W.: Med. Dijest Jour. April, 1977.
11. Fink A.J: Circumcision, Mountion View, California, 1988.
12. Cowdry E.V.:Cancer Cells , London, 1958.
13. Wolbrats A.L.: “Circumcision and Penile CancerLancet, 1, 1932.
14. Helberg D. et alPenile CancerBrit. Med. J. 1987, 8.
15. Ravich A. “Cancer of Prostate Act. Len. Internet. Cancer, v3, 1952.
16. Handley W.S.:Prevention of Cancer Lancet, 1, 1936.
17- د. حامد الغوابي:"ختان البنات" لواء الإسلام – العدد 7و10 ،م11-1957.
18- البروفيسور ويزويل عن مجلة :Amer. Family J. Physician آذار 1990.



i أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي في شعب الإيمان.

iأخرجه أبو الشيخ في كتاب "العقيقة" وفي سنده الوليد بن مسلم وهو مدلس،كما أخرجه ابن عساكر في كتاب "تبيين الامتنان".

i أخرجه الطبراني في الأوسط والهيثمي في مجمع الزوائد وقال:إسناده حسن.

ii أخرجه البيهقي بسند حسن،وأخرجه أبو داود بسند آخر ليس بالقوي.

i رواه البزار وفي سنده مندل بن علي وهو ضعيف،وقد وثق،وبقية رجاله ثقات ( الهيثمي ).

يتبع


__________________
يا قارئ خطي لا تبكي على موتي.. فاليوم أنامعك وغداًفي التراب..
فإن عشت فإني معك وإن مت فاللذكرى..! ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
رد مع اقتباس
  #12  
قديم 25-02-2009, 08:23 PM
الصورة الرمزية عبد الوحيد
عبد الوحيد عبد الوحيد غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 43
الدولة : Algeria
افتراضي رد: روائع الطب الإسلامي الجزء الأول

الختان
بين موازين الطب والشريعة
التعريف اللغوي :
الختان بكسر الخاء اسم لفعل الخاتن ويسمى به موضع الختن أيضاً (1) ومنه الحديث النبوي [إذا التقى الختانان وجب الغسل] والأقلف من لم يختتن.والقلفة والغرلة بمعنى واحد وهي الجلدة التي تقطع والتي تغطي الحشفة عادة،ويسمى الختان في حق الأنثى "خفضاً". وختان الرجل هو الحرف المستدير على أسفل الحشفة وأما ختان المرأة فهي الجلدة كعرف الديك فوق الفرج تعرف بالبظر،وهو عضو انتصابي عند المرأة مثل القضيب لكنه صغير الحجم ولا تخترقه قناة البول.
الختان عبر التاريخ :
تشير المصادر التاريخية إلى أن بعض الأقوام القديمة قد عرفت الختان.وفي إنجيل برنابا (2) إشارة إلى أن آدم عليه السلام كان أول من اختتن وأنه فعله بعد توبته من أكل الشجرة ولعل ذريته من بعده تركوا سنته حتى أمر الله سبحانه نبيه إبراهيم عليه السلام بإحيائها.
وقد وجدت ألواح طينية ترجع إلى الحضارتين البابلية والسومرية [3500 ق.م] ذكرت تفاصيل عن عملية الختان (3)،كما وجدت لوحة في قبر عنخ آمون [2200 ق.م] تصف عملية الختان عند الفراعنة وتشير إلى أنهم طبقوا مرهماً مخدراً على الحشفة قبل الشروع في إجرائها،وأنهم كانوا يجرون الختان لغرض صحي.
واهتم اليهود بالختان (4) واعتبر التلمود من لم يختتن من الوثنيين الأشرار فقد جاء في سفر التثنية:" اختتنوا للرب وانزعوا غرل قلوبكم يا رجال يهوذا وسكان أورشليم ".
أما في النصرانية فالأصل فيها الختان،وتشير نصوص من إنجيل برنابا إلى أن المسيح قد اختتن وأنه أمر أتباعه بالختان،لكن النصارى لا يختتنون (5).
أما العرب في جاهليتهم فقد كانوا يختتنون اتباعاً لسنة أبيهم إبراهيم.وذكر القرطبي(6) إجماع العلماء على أن إبراهيم عليه السلام أول من اختتن.فقد ورد عن أبي هريرة tأن النبي r قال:" كان إبراهيم أول من اختتن،وأول من رأى الشيب وأول من قص شاربه وأول من استحد"i.
وقد فصل ابن القيم (7) في ختان النبي r على ثلاثة أقوال،ويرى أنها كلها تعتمد على أحاديث ضعيفة،أو أنه ليس لها إسناد قائم أو أن في إسنادها عدة مجاهيل مع التناقض الكبير في متونها.فالقول الأول وهو أن النبي r ولد مختوناً،فهو علاوة على ضعف إسناده،فهو يتناقض مع حديث صحيح اعتبر فيه النبي r أن الختان من الفطرة ،ذلك أن الابتلاء مع الصبر مما يضاعف أجر المبتلى وثوابه،والأليق بحال النبي r ألا يُسلب هذه الفضيلة.والقول الثاني أن المَلَكَ ختنه حين شق صدره لا يصح له إسناد مطلقاُ،والأرجح القول الثالث وهو أن جده عبد المطلب ختنه على عادة العرب وسماه محمداً وأقام له وليمة يوم سابعه.

الختان في السنة النبوية المطهرة :
دعا الإسلام إلى الختان دعوة صريحة وجعله على رأس خصال الفطرة البشرية،فقدأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة tأن النبي r قال:"الفطرة خمس:الختان و الاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط".
وجاءت دعوة الإسلام إلى الختان متوافقة مع الحنيفية –ملة إبراهيم عليه السلام،فكان الختان– كما أورد القرطبي عن عبد الله بن عباس – من الكلمات التي ابتلى بها إبراهيم رَبُّه بهن فأتمهن وأكملهن فجعله إماماً للناس.كما ورد عن النبي r ما يؤكد امتداحه لفعل إبراهيم هذا،فقد ورد عن أبي هريرة tأن النبي r قال:"اختتن إبراهيم بعدما مرت عليه ثمانون سنة،اختتن بالقدوم" رواه البخاري ومسلم،والقدوم آلة صغيرة،وقيل هو موضع بالشام.
وعن موسى بن علي اللخمي عن أبيه قال:" أمر الله إبراهيم فاختتن بقدوم فاشتد عليه الوجع فأوحى الله عز وجل إليه،عجلت قبل أن نأمرك بالآلة،قال:يا رب كرهت أن أؤخر أمرك" أخرجه البيهقي بسند حسن.
وعن شداد بن أوس tأن النبي r قال:"الختان سنة للرجال،ومكرمة للنساء" أخرجه أحمد في مسنده والبيهقي وقال حديث ضعيف منقطع.
وعن كثيم بن كليب عن أبيه قال:جاء رجل إلى النبي r فقال قد أسلمت فقال النبي r"ألق عنك شعر الكفر واختتن" أخرجه أحمد وأبو داود،وقال السيوطي بضعفه وفي إسناده مجهولان ( نيل الأوطار )،وقد أورده ابن حجر في التلخيص ولم يضعفه ولكن برواية : "من أسلم فليختتن".
الحكم الفقهي في الختان :
يقول ابن القيم (7):اختلف الفقهاء في حكم الختان،فقال الأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد هو واجب،وشدد مالك حتى قال:من لم يختتن لم تجز إمامته ولم تقبل شهادته.ونقل كثير من الفقهاء عن مالك أنه سنة حتى قال القاضي عياض:الاختتان عند مالك وعامة العلماء سنة،لكن السنة عندهم يأثم بتركها فهم يطلقونها على مرتبة بين الفرض والندب.وقال الحسن البصري وأبو حنيفة:لا يجب بل هو سنة،ونقل عنه قوله:قد أسلم مع رسول الله r الناس:الأسود والأبيض فما فتش أحداً.
وخلاصة القول:ذهب الشافعية وبعض المالكية بوجوب الختان للرجال والنساء.
وذهب مالك وأصحابه إلى أنه سنة للرجال،ومستحب للنساء،وذهب أحمد إلى أنه واجب في حق الرجال وسنة للنساء،وذهب أبو حنيفة إلى أنه سنة،لكن يأثم تاركه … ويتابع ابن القيم"ولا يخرج الختان عن كونه واجباً أو سنة مؤكدة،لكنه في حق الرجال آكد لغلظ القلفة ووقوعها على الإحليل فيجتمع تحتها ما بقي من البول،ولا تتم الطهارة المطلوبة في كل وقت والواجبة في الصلاة إلا بإزالتها ".
ويقول النووي (8):"ويجب الختان لقوله تعالىأن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً). ولأنه لو لم يكن واجباً لما كشفت له العورة،لأن كشف العورة محرم،فلما كشفت له العورة دل على وجوبه".
ويعد ابن القيم المواضع التي يسقط فيها وجوب الختان:منها "أن يولد الرجل ولا قلفة له،وضعف المولود عن احتماله بحيث يخاف عليه من التلف،وأن يسلم الرجل كبيراً ويخشى على نفسه منه،والموت فلا ينبغي ختان الميت باتفاق الأمة ولأن النبي r قد أخبر أن الميت يبعث يوم القيامة بغرلته غير مختون فليس ثمة فائدة من ختنه عند الموت".
وهنا يأتي دور الطب إذ يحدد أمراضاً (3) تمنع حاملها من أن يعمد إلى ختانه.منها إصابة الطفل بالتهاب الكبد الإنتاني ( اليرقان ) أو إصابته بأحد الأمراض النـزفية كالناعور أو نقص الفيتامين ك،أو عندما يكون مصاباً بأحد الأمراض المنتقلة بالجنس كالإفرنجي والإيدز،ففي هذه الحالات يجب معالجة المولود حتى يتم شفاؤه أو إعداده بشكل يكفل سلامته قبل إجراء الختان.
وقد اتفق الجمهور على عدم ثبوت وقت معين للختان،لكن من أوجبه من الفقهاء جعلوا البلوغ"وقت الوجوب" لأنه سن التكليف،لكن يستحب للولي أن يختن الصغير لأنه أرفق به ". وقال النووي باستحباب الختان لسابع يوم من ولادته لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال:"عقَّ رسول الله r عن الحسن والحسين رضي الله عنهما وختنهما لسبعة أيام"i،إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله،فيؤخره حتى يحتمله ويبقى الأمر على الندب إلى قبيل البلوغ،فإن لم يختتن حتى بلوغه وجب في حقه حينئذ.
وفي هذا يقول ابن القيم (7):"وعندي يجب على الولي أن يختن الصبي قبل البلوغ بحيث يبلغ مختوناً فإن ذلك مما لا يتم الواجب إلا به". وقال النووي (8):"وأما الرجل الكبير يسلم فالختان واجب على الفور إلا أن يكون ضعيفاً لا يحتمله بحيث لو ختن خيف عليه،فينتظر حتى يغلب على الظن سلامته".
يقول د. محمد علي البار (5) أن الأبحاث الطبية أثبتت فائدة الختان العظمى في الطفولة المبكرة ابتداءً من يوم ولادته وحتى الأربعين يوماً من عمره على الأكثر،وكلما تأخر الختان بعدها كثرت الالتهابات في القلفة والحشفة والمجاري البولية.
وفي حكمة الختان يقول ابن القيم (7):" … فشرع الله للحنفاء صيغة الحنيفية وجعل ميسمها الختان.. هذا عدا ما في الختان من الطهارة والنظافة والتزين وتحسين الخلقة وتعديل الشهوة التي إذا أفرطت ألحقت الإنسان بالحيوانات، فالختان يعدلها ولهذا تجد الأقلف من الرجال والقلفاء من النساء لا يشبع من الجماع.والحكمة التي ذكرناها في الختان تعم الذكر والأنثى وإن كانت في الذكر أبين والله أعلم ".
وأما في بيان القدر الذي يؤخذ في الختان فقد ذكر النووي (8) أن الواجب في ختان الرجل قطع الجلدة التي تغطي الحشفة كلها فإن قطع بعضها وجب قطع الباقي ثانياً.ويستحب أن يقتصر في المرأة على شيء يسير ولا يبالغ في القطع.

الختان ينتصر :
في عام 1990 كتب البروفيسور ويزويل (18):" لقد كنت من أشد أعداء الختان وشاركت في الجهود التي بذلت عام 1975 ضد إجرائه،إلا أنه في بداية الثمانينات أظهرت الدراسات الطبية زيادة في نسبة حدوث التهابات المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين،وبعد تمحيص دقيق للأبحاث التي نشرت،فقد وصلت إلى نتيجة مخالفة وأصبحت من أنصار جعل الختان أمراً روتينياً يجب أن يجري لكل مولود ".نعم ! لقد عادت الفطرة البشرية لتثبت من جديد أنها الفطرة التي لا تتغير على مدى العصور،وأن دعوة الأنبياء من عهد إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى سيدنا محمد r ليتحلى المؤمن ويتخلق بخصال الفطرة هي دعوة حق إلى سعادة البشر جميعاً.

الحكم الصحية من ختان الذكور:
أثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن أمراضاً عديدة في الجهاز التناسلي بعضها مهلك للإنسان تشاهد بكثرة عند غير المختونين بينما هي نادرة أو معدومة عند المختونين (1).

أولاً:الختان وقاية من الالتهابات الموضعية في القضيب:
فالقلفة التي تحيط برأس القضيب تشكل جوفاً ذو فتحة ضيقة يصعب تنظيفها،إذ تتجمع فيه مفرزات القضيب المختلفة بما فيها ما يفرزه سطح القلفة الداخلي من مادة بيضاء ثخينة تدعى”اللخن Smegma "،وبقايا البول والخلايا المتوسفة والتي تساعد على نمو الجراثيم المختلفة مؤدية إلى التهاب الحشفة،أو التهاب الحشفة والقلفة الحاد أو المزمن والتي يصبح معها الختان أمراً علاجياً لا مفر منه (5) وقد تؤدي إلى التهاب المجاري البولية عند الأطفال غير المختونين.
وتؤكد دراسة د. شوبن (9) أن ختان الوليد يسهل نظافة الأعضاء الجنسية ويمنع تجمع الجراثيم تحت القلفة في فترة الطفولة،وأكد د. فرغسون (4) أن الأطفال غير المختونين هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب الحشفة وتضيق القلفة Phemosis من المختونين.

ثانياً:الختان يقي الأطفال من الإصابة بالتهاب المجاري البولية:
وجد جنـز برغ (4) أن 95٪من التهابات المجاري البولية عند الأطفال تحدث عند غير المختونين.ويؤكد أن جعل الختان أمراً روتينياً يجرى لكل مولود في الولايات المتحدة منع من حدوث أكثر من 50 ألف حالة من التهاب الحويضة والكلية سنوياً عند الأطفال.وتؤكد مصادر د. محمد علي البار (5) الخطورة البالغة لالتهاب المجاري البولية عند الأطفال وأنها تؤدي في 35٪ من الحالات إلى تجرثم الدم وقد تؤدي إلى التهاب السحايا والفشل الكلوي.
ثالثاً:الختان والأمراض الجنسية:
أكد البروفيسور وليم بيكرز (10) الذي عمل في البلاد العربية لأكثر من عشرين عاماً،وفحص أكثر من 30 ألف امرأة،ندرة الأمراض الجنسية عندهن وخاصة العقبول التناسلي والسيلان والكلاميديا والتريكوموناز وسرطان عنق الرحم.ويُرجع ذلك لسببين هامين:ندرة الزنى وختان الرجل.
ويرى آريا وزملاؤه (5) أن للختان دوراً وقائياً هاماً من الإصابة بكثير من الأمراض الجنسية وخاصة العقبول والثآليل التناسلية.كما عدد فنك (11) Fink أكثر من 60 دراسة علمية أثبتت كلها ازدياد حدوث الأمراض الجنسية عند غير المختونين.
وأورد د. ماركس Marks J (4) خلاصة 3 دراسات تثبت انخفاض نسبة مرض الإيدز عند المختونين،في حين وجد سيمونس وزملاؤه أن احتمال الإصابة بالإيدز بعد التعرض لفيروساته عند غير المختونين هي تسعة أضعاف ما هو عليه عند المختونين.أليس هذا بالأمر العجيب (4) ؟ حتى أولئك الذين يجرؤون على معصية الله يجدون في التزامهم بخصلة من خصال الفطرة إمكانية أن تدفع عنهم ويلات هذا الداء الخبيث،لكن لا ننكر أن الوقاية التامة من الإيدز تكون بالعفة والامتناع عن الزنى.
رابعاً:الختان وقاية من السرطان:
يقول البروفيسور كاو دري (12):" يمكن القول وبدون مبالغة بأن الختان الذي يُجرى للذكور في سن مبكرة يخفض كثيراً من نسبة حدوث سرطان القضيب عندهم،مما يجعل الختان عملية ضرورية لا بد منها للوقاية من حدوث الأورام الخبيثة ".وقد أحصى (13) د. أولبرتس [1103] مرضى مصابين بسرطان القضيب في الولايات المتحدة،لم يكن من بينهم رجل واحد مختون منذ طفولته.
وفي بحث نشره د. هيلبرغ وزملاؤه (14) أكدوا فيه أن سرطان القضيب نادر جداً عند اليهود،وعند المسلمين حيث يُجرى الختان أيام الطفولة الأولى.وإن أبحاثاً كثيرة جداً تؤكد أن الختان يقي من السرطان في القضيب.وتذكر هذه الأبحاث أن التهاب الحشفة وتضيق القلفة هما من أهم مسببات سرطان القضيب،ولما كان الختان يزيل القلفة من أساسها،فإن المختونين لا يمكن أن يحدث عندهم تضيق القلفة،ويندر جداً حدوث التهاب الحشفة.وقد ثبت أن مادة اللخن (4و5) التي تفرزها بطانة القلفة عند غير المختونين والتي تتجمع تحت القلفة لها فعل مسرطن أيضاً.فقد أثبتت الأبحاث أن هذه المادة تشجع على نمو فيروس الثآليل الإنساني HPV الذي ثبت بشكل قاطع أثره المسرطن.
أما الدكتور رافيتش (15) فيؤكد على دور الختان في الوقاية من أورام البروستات،على الرغم من أنه لا توجد دلالة قاطعة تثبت ذلك،غير أنه في المؤتمر الذي عقد في مدينة دوسلدورف الألمانية عن السرطان والبيئة،أشير إلى العلاقة السلبية بين سرطان البروستات الذي يصيب الرجال وبين الختان،وأن الرجال المختونين أقل تعرضاً للإصابة بهذا السرطان من غير المختونين.وفي نفس المؤتمر كشف النقاب أيضاً عن أن النساء المتزوجات من رجال مختونين هن أقل تعرضاً للإصابة بسرطان الرحم من النساء المتزوجات من رجال غير مختونين.
من هنا نفهم أن دور الختان لا يقتصر على حماية الرجل "المختون" من الإصابة بالسرطان بل يظهر تأثيره الوقائي عند زوجات المختونين أيضاً.وهكذا يؤكد د. هاندلي (16) أن الختان عند الرجال يقي نساءهم من الإصابة بسرطان عنق الرحم،وذكر أن الحالة الصحية للقضيب والتهاباته تشكل خطراً على المرأة يفوق الخطر الذي يتعرض له الرجل نفسه.
وقد وجد الباحثون (5) أدلة على اتهام فيروس الثآليل الإنساني HPV بتسبب سرطان القضيب لدى غير المختونين،وسرطان عنق الرحم عند زوجاتهم إذ أنهن يتعرضن لنفس العامل المسرطن الذي يتعرض له الزوج.
نخلص من ذلك إلى القول بأن عدم إجراء الختان في سن الطفولة المبكرة يؤدي إلى ظهور مجموعة من العوامل،منها وجود اللخن ( مفرز باطن القلفة )،وتجمع البول حولها ومن ثم تعطن وتنامي فيروس الثآليل الإنساني وغيره من العوامل المخرشة والتي تؤدي في النهاية إلى ظهور سرطان القضيب عند الأقلف عند تجاوز عمره الخمسين وحتى السبعين عاماً.وبانتقال تلك المخرشات إلى عنق الرحم عند زوجته أمكن أن يؤدي عندها إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم أو سرطان الفرج.
وإن عملية التنظيف للقلفة لدى غير المختونين لوقايتهم من السرطان،كما يدعو إلى ذلك بعض أطباء الغرب،هي عملية غير مجدية على الإطلاق – كما يؤكد البروفسور ويزويل (5) – فهو يقول بأنه ليس هناك أي دليل على الإطلاق على أن تنظيف القلفة يمكن أن يفيد في الوقاية من السرطان والاختلاطات الأخرى المرتبطة بعدم إجراء عملية الختان.
ونحن - مع الدكتور محمد علي البار – نرى أن الطب الحديث يؤيد،وبقوة – ما ذهب إليه الشافعية من استحباب الختان في اليوم السابع،ولحد أقصى [يوم الأربعين] من ولادة الطفل.وإن ترك الطفل سنوات حتى يكبر دون أن يختن،يمكن – كما رأينا – أن يؤدي إلى مضاعفات خطرة هو في غنى عنها.

ختان البنات :
عن أنس بن مالك tأن النبي r قال لأم عطية – وهي ختانة كانت تختن النساء في المدينة:" إذا خفضت فأشمّي ولا تُنهكي،فإنه أسرى للوجه وأحظى عند الزوج”i وفي رواية قول النبي r:" إذا ختنت فلا تنهكي فإن ذلك أحظى للمرأة وأحب للبعل"ii.
وعن شداد بن أوس أن النبي r قال:" الختان سنة للرجال،مكرمة للنساء ".
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال:دخل النبي r على نسوة من الأنصار فقال:" يا معشر الأنصار اختضبن غمساً واخفضن ولا تُنهكن فإنه أحظى عند أزواجكن وإياكن وكفر المنعمين”i والمنعم هنا هو الزوج،ويقال لختان المرأة:الخفض والإعذار.وقوله [أشمّي] من الإشمام وهو كما قال ابن الأثير:أخذ اليسير في خفض المرأة،أو اتركي الموضع أشم،والأشم المرتفع،[ولا تُنهكي] أي لا تبالغي في القطع،وخذي من البظر الشيء اليسير،وشبه القطع اليسير بإشمام الرائحة،والنهك بالمبالغة فيه،أي اقطعي من الجلدة التي على نواة البظر ولا تستأصليها.
ونقل ابن القيم (7) عن الماوردي قوله:" وأما خفض المرأة فهو قطع جلدة في الفرج فوق مدخل الذكر ومخرج البول على أصل النواة،ويؤخذ من الجلدة المستعلية دون أصلها ".هذه النواة هي البظر،والجلدة التي عليها،وهي التي تقطع في الختان،والتي شبهها الفقهاء بعرف الديك والمسماة بالقلفة،والتي تتجمع فيها مفرزات اللخن ( مفرزات باطن القلفة ) مثل ما يحدث في الذكر عندما تكون تلك القلفة مفرطة النمو،لذا أمرت السنة المطهرة بإزالتها.وجمهور فقهاء المسلمين على أن الأمر للندب أو الاستحباب،عدا الشافعية الذين قالوا بوجوبه.
يقول د. محمد علي البار (5):هذا هو الختان الذي أمر به المصطفى r.وأما ما يتم في مناطق من العالم من أخذ البظر بكامله،أو البظر مع الشفرين الصغيرين،أو حتى مع الشفرين الكبيرين أحياناً،فهو مخالف للسنة ويؤدي إلى مضاعفات كثيرة.وهو الختان المعروف بالختان الفرعوني،وهو على وصفه، لا علاقة له مطلقاً بالختان الذي أمر به النبي r.لذا فإن الضجة المفتعلة ضد ختان البنات لا مبرر لها،لأن المضاعفات التي يتحدثون عنها ناتجة عن شيئين لا ثالث لهما:مخالفة السنة،وإجراء العملية دون طهارة مسبقة ومن قبل غير ذوي الخبرة من الجاهلات.فالختان الشرعي له فوائده،فهو اتباع لسنة المصطفى r وطاعة لأمره،خاصة وأنه من شعائر الإسلام،وفيه ذهاب الغلمة والشبق عن المرأة وما في ذلك من المحافظة على عفتها،وفيه وقاية من الالتهابات الجرثومية التي تتجمع تحت القلفة النامية ".
أما د. حامد الغوابي (17) فيقول:".. فانظر إلى كلمة ( لا تنهكي ) أي لا تستأصلي،أليست هذه معجزة تنطق عن نفسها،فلم يكن الطب قد أظهر شيئاً عن هذا العضو الحساس [البظر]،ولا التشريح أبان عن الأعصاب التي فيه،لكن الرسول r الذي علمه الخبير العليم،عرف ذلك الأمر فأمر بألا يستأصل العضو كله ".
ويتابع د. الغوابي كلامه عن فوائد ختان البنات:" تتراكم مفرزات الشفرين الصغيرين عند القلفاء وتتزنخ ويكون لها رائحة كريهة وقد يؤدي إلى التهاب المهبل أو الإحليل،وقد رأيت حالات كثيرة سببها عدم إجراء الختان عند المصابات.والختان يقلل الحساسية المفرطة للبظر الذي قد يكون شديد النمو بحيث يبلغ أكثر من 3 سنتمترات عند انتصابه فكيف للرجل أن يختلط بزوجته ولها عضو كعضوه،ينتصب كانتصابه ".
ويرد د. الغوابي على من يدعي أن ختان البنات يؤدي إلى البرود الجنسي عندهن،بأن البرود الجنسي له أسباب كثيرة،وأن هذا الإدعاء ليس مبنياً على إحصاءات وشواهد بين المختتنات وغير المختتنات،طبعاً إلا أن يكون ختاناً فرعونياً أدى إلى قطع البظر بكامله.ثم ينقل عن البروفسور هوهنر – أستاذ أمراض النساء في جامعة نيويورك – بأن التمزقات التي تحدث في المهبل أثناء الوضع تحدث بروداً جنسياً بعكس ما كان منتظراً،في حين أن الأضرار التي تصيب البظر نادراً ما تقود إلى البرود الجنسي.
ومن فوائد الختان (17) منعه من ظهور تضخم البظر أو ما يسمى بإنعاظ النساء،وهو إنعاظ متكرر أو مؤلم مستمر للبظر،كما يمنع ما يسمى نوبة البظر وهو تهيج عند النساء المصابات بالضنى يرافقه تخبط بالحركة وغلمنة شديدة وهو معند على المعالجة.
وفي المؤتمر الطبي الإسلامي (4) عن الشريعة والقضايا المعاصرة [القاهرة 1987] قدمت فيه بحوث عن خفاض الأنثى،أكد فيه د. محمد عبد الله سيد خليفة أضرار الختان الفرعوني وتشويهه للأماكن الحساسة من جسد الأنثى،وأن الخافضة هنا تُنهك إنهاكاً شديداً فتزيل البظر بكامله والشفرين إزالة شبه تامة مما ينتج عنه ما يسمى بالرتق وهو التصاق الشفرين ببعضهما.وأكد ذلك د. محمد حسن الحفناوي وزملاؤه من جامعة عين شمس وبينوا أن أضرار ختان الأنثى ناتج عن المبالغة في القطع الذي نهى عنه نبي الرحمة r أو عن إجراء الخفض بأدوات غير عقيمة أو بأيد غير خبيرة،وليس عن الختان الشرعي نفسه.
وخلاصة القول يتضح لنا أن الحكمة الطبية من الختان،الذي دعت إليه الشريعة الإسلامية،تظهر عند الرجال أكثر بكثير مما تظهر عند النساء،ونستطيع القول أنه في البلاد ذات الطقس الحار كصعيد مصر والسودان والجزيرة العربية وغيرها،فإنه يغلب أن يكون للنساء بظر نام يزيد في الشهوة الجنسية بشكل مفرط،وقد يكون شديد النمو إلى درجة يستحيل معها الجماع،ومن هنا كان من المستحب استئصال مقدم البظر لتعديل الشهوة في الحالة الأولى،ووجب استئصاله لجعل الجماع ممكناً في الحالة الثانية وهذا الرأي الطبي يتوافق مع رأي الجمهور من فقهاء الأمة الذين أوجبوا الختان على الرجال وجعلوه سنة أو مكرمة للنساء مصداقاً لتوجيهات نبي الأمة r.


مراجع البحث
1- د. محمد نزار الدقر:مقالة”الختان بين الطب والإسلام" مجلة حضارة الإسلام 14 رمضان 1393 هـ.
2- د. عبد السلام السكري:" ختان الذكر وخفاض الأنثى”الدار المصرية للنشر 1989.
3- د. عبد الرحمن القادري:" الختان بين الطب والشريعة”ابن النفيس،دمشق 1996.
4- د. حسان شمسي باشا:أسرار الختان تتجلى في الطب الحديث”مكتبة السوادي،جدة 1991.
5- د. محمد علي البار:" الختان" دار المنارة – جدة 1994.
6- الإمام القرطبي:" الجامع لأحكام القرآن”أو ما يسمى بتفسير القرطبي.
7- ابن القيم الجوزية:" تحفة المودود في أحكام المولود ".
8- الإمام النووي "المجموع".
9. Schoen: New England J. of Medicine, 1990, 322.
10. Pikers W.: Med. Dijest Jour. April, 1977.
11. Fink A.J: Circumcision, Mountion View, California, 1988.
12. Cowdry E.V.:Cancer Cells , London, 1958.
13. Wolbrats A.L.: “Circumcision and Penile CancerLancet, 1, 1932.
14. Helberg D. et alPenile CancerBrit. Med. J. 1987, 8.
15. Ravich A. “Cancer of Prostate Act. Len. Internet. Cancer, v3, 1952.
16. Handley W.S.:Prevention of Cancer Lancet, 1, 1936.
17- د. حامد الغوابي:"ختان البنات" لواء الإسلام – العدد 7و10 ،م11-1957.
18- البروفيسور ويزويل عن مجلة :Amer. Family J. Physician آذار 1990.



i أخرجه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب المفرد والبيهقي في شعب الإيمان.

iأخرجه أبو الشيخ في كتاب "العقيقة" وفي سنده الوليد بن مسلم وهو مدلس،كما أخرجه ابن عساكر في كتاب "تبيين الامتنان".

i أخرجه الطبراني في الأوسط والهيثمي في مجمع الزوائد وقال:إسناده حسن.

ii أخرجه البيهقي بسند حسن،وأخرجه أبو داود بسند آخر ليس بالقوي.

i رواه البزار وفي سنده مندل بن علي وهو ضعيف،وقد وثق،وبقية رجاله ثقات ( الهيثمي ).

يتبع
__________________
يا قارئ خطي لا تبكي على موتي.. فاليوم أنامعك وغداًفي التراب..
فإن عشت فإني معك وإن مت فاللذكرى..! ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
رد مع اقتباس
  #13  
قديم 03-03-2009, 08:32 PM
الصورة الرمزية عبد الوحيد
عبد الوحيد عبد الوحيد غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 43
الدولة : Algeria
افتراضي رد: روائع الطب الإسلامي الجزء الأول

الرياضة المسنونة
وأثرها في صحة الفرد والمجتمع
المبحث الأول
الرياضة في الإسلام تهدف إلى القوة
إن الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى،والقيام بمهمة الخلافة فيالأرض تحتاج إلى جهد وطاقات جسدية،حتى يتم أداؤها على الوجه الأكمل(1).لذا حضت التربية النبوية الكريمة على بناء الفرد المسلم على أساس من القوة:
عن أبي هريرة tأن رسول الله r قال:"المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير،إحرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز" رواه مسلم.
ومن أجل بناء الأمة القوية،إمتدح اللهY ،الملك صاحب الجسد القوي،القادر على تحمل الشدائد،وجعل موهبته من العلم والقوة سبباً لترشيحه للملك:قال تعالى:"قال إن الله إصطفيه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم".
كما وصف الله سبحانه كرام أنبيائه بقوله عنهم:"أولوا العزم من الرسل".ولما رأت إبنة شعيب مظاهر القوة عند سيدنا موسى عليه السلام قالت لأبيها-كما جاء في سياق القصة في القرآن الكريم:"إن خير من إستأجرت القوي الأمين".
وهكذا نرى كيف ربط الإسلام (3) قوة الإيمانبالإهتمام بقوة الأبدان،والغاية من القوة (4) أن تكون الأمة المحمدية مرهوبة الجانب،منيعة محمية،عزيزة كريمة.وهذا أمرٌ من الله سبحانه لقادة الأمة الإسلامية:قال تعالى:"وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة".
والرياضة في الإسلام موجهة نحو غاية،تهدف إلى القوة،وهي في نظر الشارع وسيلة لتحقيق الصحة والقوة البدنية لأفراد الأمة،وهي مرغوبة بحق عندما تؤدي إلى هذه النتائج على أن تُستر فيها العورات وتحترم فيها اوقات الصلاة.
وإذا كان رسول الله r قد دعا إلى ممارسة رياضة معينة كالرمي والسباحة وركوب الخيل،تهدف جميعها إلى تحقيق الهدف الذي أشرنا إليه.وقد تبنى الإسلام حتى في صلب عباداته (2) ما يشجع على تحقيق أفضل مزاولة للتربية البدنية:
فنحن إذا تمعنا في حركات الصلاة (2) نجد أنها تضمنت تحريك جميع عضلات الجسم ومفاصله،وهي حركات تعتبر من أنسب الرياضات للصغار والكبار،للنساء والرجال،لدرجة انه لا يستطيع أي خبير من خبراء التدريب الرياضي أن يضع لنا تمريناً واحداً يناسب جميع الأفراد والأجناس والأعمالر ويحرك كل أعضاء الجسم في فترة قصيرة،كما تفعل الصلاة (5).وأكدت الدراسات الطبية (4) أن حركات الصلاة من أنفع ما يفيد الذين أجريت لهم عمليات إنضغاط الفقرات (الديسك) وتجعلهم يعودون سريعاً إلى أعمالهم.
ونرى في أعمال الحج أيضاً(6) رياضة بدنية عظيمة خلاف ما تحمله من رياضة روحية فأعمال الحج تتوافق مع ما يحتويه نظام الكشافة بحذافيرها،ففي رحلة الحج مشي وهرولة وطواف وسعي،وسكنى خيام وتحلل من اللباس الضاغط إلى لباس الإحرام،مما يجعل الحج رحلة رياضية بحق،فهي وإن كانت في اسِّ تشريعها رحلة تسمو بالحاج إلى الأفق الأعلى،فهي في برنامجها رحلة تدريب بدنية تقوي الجسم وتعزز الصحة.
ونحن نجد في حياة النبي r وفي تربيته لأصحابه،بل في صميم التشريع الإسلامي سبق واضح على التربية البدنية الحديثة (3)،والتي أصبحت تمارس اليوم في جميع الدول الراقية كجزء من حياة البشر،كما دخلت فروع الطب،وغدت تمارس وقاية وعلاجاً تحت اسم "الطب الرياضي".
والطب الرياضي (2) أحد التخصصات الحديثة جداً وهو يبحث في الخصائص الغريزية لكل لاعب،وأثر التدريبات البدنية على أجهزته المختلفة للتقدم في فن التدريب وإختيار أفضل انواع الرياضات التي تناسب إمكانيات الفرد الجسمية،وفي أساليب الطب الطبيعي لعلاج الأمراض.ورغم ان الطب الرياضي لم يكن معروفاً قبل الإسلام،فإن إختصاصي العلاج الطبيعي،مختار سالم (2)، يعتبر أن النبي r قد وضع اللبنة الأولى لبناء هذا العلم عندما شكا إليه قوم التعب من المشي،فأوصاهم النبي r بمزاولة "النسلان" وهو الجري الخفيف،فتحسنت صحتهم وكفاءتهم الحركية وإستطاعوا المشي لمسافات طويلة دون تعب.
ويرى مختار سالم (2) أن الطبيب المسلم علي بن العباس الذي ظهر مؤلفه "الصناعة الطبية" في اواخر القرن الرابع الهجري،هو أول مؤلف في الطب الرياضي،فقد أوضح في كتابه ان للرياضة البدنية أهمية كبرى في حفظ الصحة،وأن أعظمها منفعة قبل الطعام لأنها تقوي أعضاء الجسم وتحلل الفضول التي تبقى في الأعضاء.
وكلما كانت الرياضة أقوى،كان الهضم أجود وأسرع.كما يوصي بعدم ممارسة الرياضة بعد الطعام مباشرة،أي عندما يكون الطعام في المعدة "لئلا ينحدر إلى الأمعاء قبل أن يهضم".
كما أكد علماء الطب الرياضي اليوم أهمية عنصر القوة التي دعا إليها نبي الرحمة سيدنا محمد r والتي يعتبرونها من أهم العناصر الأساسية في اللياقة البدنية الشاملة والتخصصية من أجل إحراز المزيد من التقدم ومن الإنتصارات الرياضية المختلفة.وسنفصل في بحثنا هذا،كل ما ورد في الهدي النبوي من رياضات مسنونة مع أهميتها الصحية وفوائدها للبدن.


المبحث الثاني
رياضة المشي
وصف الصحابة رضوان الله عليهم رسول الله r بأنه كان قوي الإحتمال و الجلد،يسير مندفعاً إلى الأمام،سريع الخطو في مشيته(2).عن أبي هريرة tقال:"ما رأيت أحداً أسرع في مشيته من رسول الله r لكأنما تطوى له الأرض،وكنا إذا مشينا نجهد انفسنا وإنه لغير مكترث … وفي رواية … وإنا لنجهد انفسنا ولا يبدو عليه الجهد"·. ومن حديث طويل يصف فيه النبي r يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"كان إذا تمشى تقلع كأنما يمشي في صبب"·· والتقلع:افرتفاع عن الأرض.
ويروى عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها رأت جماعة من الناس يسيرون الهوينى في تراخ وفتور فحسبت أن بهم مرضاً،فسألت عنهم فقيل لها:يا أم المؤمنين،ما بهم من مرض ولكنهم نُساك زهاد.فقالت:"والله ما أنتم بأكثر نسكاً ولا زهداً من عمر وكان إذا مشى أسرع وغذا تكلم أسمع وغذا ضرب أوجع".
لقد كان المشي وسيلة التنقل المعهودة لنبي البشر (3)،ولكن لما كثرت وسائط النقل وأصبح الناس لا يمارسون "المشي" إلا لحاجانهم الضرورية،كثرت الأمراض الناشئة عن قلة الحركة،وأصبحت رياضة المشي اليوم من أهم وأنفع الرياضات للوقاية والعلاج.
ويضيف د.أحمد شوكت الشطي (7) رياضة المشي بأنها إنتقال الجسم بخطوات متتابعة مع بقاء أحد القومين ملتصقة بالأرض.وتنفع الشخاص الذين تضطرهم ظروف أعمالهم إلى أعمال الفكر جالسين،دون اعمال الجسم والحركة.ورياضة المشي تعيد إليهم قواهم وشهيتهم للطعان.والمشي يحرك ثلثي عضلات البطن بلطف وإعتدال ويزيد تثبيت مولد الحموضة فيها.فبالصعود تتحرك عضلات البطن،وتنشط بالنزول العضلات الموسعة للصدر.ويحسن ان تتحرك الأذرع أثناء السير بحركة تعاكس حركة الأرجل،وإن تعاكس الإتجاه بين الأطراف يعدل تبدل مراكز ثقل الجسم.
وينقص بالمشي وزن الجسم بسبب تنشط المفرزات والمفرغات وتبخر الماء من سطوح الرئتين.وعلى الماشي فترة إستراحته ان يتحاشى الأماكن الرطبة والمعرضة لجريان الهواء وأن تقوم ببعض الحركات قبل ان يجلس.ويزيد السير في الجبال والمنحدرات نشاط الجهازين الدوراني والتنفسي أكثر مما يزيده المشي في السهول،كما أن الترويض بالمشي في الهواء الطلق يجعل الوجه مشرقاً ويعدل القامة ويحسن المظهر .
ويرى خبير العلاج الطبي مختار سالم أن رياضة المشي تهيئ الإنسان لتدرج عنف الجهد الذي يبذله في الرياضات لكبار السن والتي تزيد القدرة على إستهلاك الأوكسجين،والذي يقل مع تقدم السن،ويزيد المشي من درجة الكفاءة البدنية ويقلل نسبة كولسترول الدم،والإصابة بأمراض الدم،والكلية.
وتزداد مع سرعة المشي ضربات القلب فتقويها،وتنظم نشاط الدورة الدموية وترفع نسبة الخضاب وعدد الكريات الحمراء في الدم.وفي إحصائية في بريطانيا (2) أكدت ان عدد المصابين بأمراض القلب بين موزعي البريد الذين يمشون كثيراً بحكم مهنتهم،هي أقل بكثير من عدد المصابين بين موظفي البريد الجالسين خلف مكاتبهم.لذا فإن رياضة المشي تعتبر بمثابة برنامج تأهيل لمرضى القلب الذين يشعرون بالتعب لأدنى جهد،وأكدت أبحاث الطب الرياضي أن المشي"عنصر أساسي" في برنامج العلاج الطبي والتأهيل لمرضى القلب.


المبحث الثالث
رياضة الجري[الركض أو العدو]
روى البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:"قدم رسول الله r وأصحابه [أي إلى مكة] فقال المشركون:يقدم عليكم وقد وهنتهم حمّى يثرب.
فأمرهم النبي r أن يرملوا الأشواط الثلاثة وأن يمشوا بين الركنين،ولم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا الإبقاء عليهم" والرمل هو الهرولة مع تقارب الخطى،وكان هذا في عمرة القضاء حيث أخلى المشركون مكة وخرجوا إلى الجبال يراقبون المسلمين،ظانين أن حمّى يثرب وهنتهم،فأمرهم النبي r أن يرملوا ليعلم المشركون أن المسلمين في أوج قوتهم ولياقتهم البدنية.وكان رسول الله r يقول للمسلمين "رحم الله امرءاً يريهم اليوم من نفسه قوة" ومن ثم أصبح الرمل في الطواف سنة للرجال ثابتة.
وقد كان أصحاب رسول الله r يتسابقون على الأقدام ويتبارون في ذلك والنبي r يقرهم(3) كما سابق النبي r زوجته عائشة كما تروي لنا رضي الله عنها:"أنها كانت على سفر فقال لأصحابه تقدموا،\ثم قال تعالي أسابقك،فسابقته فسبقته على رجلي،فلما كان بعد خرجت معه في سفر،فقال لأصحابه تقدموا،ثم قال تعالي أسابقك،ونسيت الذي كان وقد حملت اللحم،فقلت يارسول الله كيف أسابقك وأنا على هذه احال،فقال لنفعلن،فسابقته فسبقني،فقال:هذه بتلك السبقة"·،وفي رواية أخرى قالت:"سابقني رسول الله r فسبقته فلبث حتى أرهقني اللحم فسابقني فسبقني فقال:هذه بتلك"··.
وعن عبد الله بن الحارث قال:كان رسول الله r يصف عبد الله وعبيد الله وكثيراً ما يقول:من سبق فله كذا،فيستبقون على ظهره وصره فيقلبهم ويلزمهم".
والجري هو الرياضة الطبيعية بعد المشي.والفرق بين المشي السريع والجري،أن خطوة الجري فيها لحظة طيران يكون فيها القدمان في الهواء.وقد أثبتت الدراسات الطبية (2) أن رياضة الجري تزيد نسبة الكريات الحمراء والبيضاء والخضاب وخاصة


المبحث الرابع
وفي معرض الحديث عن سباق الخيل،فنحن مع د.الكيلاني(4) في أن ما يجري من رهان في سباقات الخيل العلمية اليوم هو مخالف للشرع الإسلامي ومناقض لمبادئه.فالنبي r سابق بين الخيل وراهن،لكن ضمن قواعد الشريعة الغراء.فالرهان لا يصح أبداً بين المتسابقين أنفسهم بأن يدفع الخاسر،ولا بين المتفرجين بالرهان على من يربح،وإنما يكون الرهان من طرف ثالث،كأن يكون الإمام أو من يقوم مقامه،يدفع للفائز كجائزة تشجيعية.


المبحث السابع
المصارعة
المصارعة من الرياضات التي مارسها الإنسان منذ القدم (2). وقد أجاد النبي r هذه الرياضة،وقد ثبت ما روي عنه أنه صارع اعرابياً يدعى "ركانة" كان مشهوراً بقوته وكان قد تحدى النبي r،فصرعه النبي r ثلاث مرات.
وعن فوائد المصارعة الصحية يرى مختار سالم أنها رياضة تؤدي إلى زيادة تنمية عناصر القوة والسرعة والتحمل والرشاقة،كما أنّ الأداء الناجح لحركاتها يعمل على تنمية الكفاءة الوظيفية للمستقبلات الحسية،وتتكيف العضلات أثناء التدريب على العمل في ظروف إنتاج الطاقة لا هوائياً،إذ أنه لا يمكن سداد جميع إحتياجات البدن من الأوكسجين أثناء المصارعة والذي تزداد الحاجة إليه بالعمل العضلي الثابت الذي تتكرر فيه عملية كتم النفس فيتكون عند امتدرب ما يسمى بالدين الأوكسجين.
وتزداد سرعة القلب وقت الخطفات إلى حدّ كبير ويرتفع الضغط الدموي ومقدار كريات الدم الحمراء والخضاب اثناء التدريب والمباريات،ويرتفع أيضاً سكر الدم وحامض اللبن الذي يصل تركيزه في الدم إلى أكثر من 13 ملغ ٪ .


المبحث الثامن
السباحة
عن بكر بن عبد الله بن الربيع الأنصاري أن النبي r قال:"علموا أولادكم السباحة والرمي ونعم اللهو المؤمنة في بيتها المغزل"· ورواه ابن عمر بلفظ "علموا أباءكم السباحة والرمي"··.
وعن جابر بن عبد الله وجابر بن عمير أن النبي r قال :"كل شيء ليس من ذكر الله لهو ولعب إلا أن يكون أربعة : ملاعبة الرجل امرأته،وتأديب الرجل فرسه،ومشي الرجل بين الفرضين،وتعلم الرجل السباحة"···.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال :"خير لهو المؤمن السباحة وخير لهو المرأة الغزل"····.
السباحة رياضة طبيعية (7) تعتبر الأكثر نفعاً للجسم من غيرها من الرياضات.إنها تقوي جميع أعضاء الجسم،تنمي العضلات وتكسبها مرونة،إذ تشركها جميعاً في العمل دفعة واحدة وتزيد يذلك من قوة العمل العضلي.وهي رياضة خَلْقية تنمي الإرادة والشجاعة والصبر والثبات وتقوي ملكة الاعتماد على النفس.
وبسبب ضغط الماء على الصدر والجذع أثناء السباحة يزداد عمق التهوية الرئوية (2) ويحتل السباحون بذلك مكانة عالية في اختيار السعة الحيوية والتي تزداد عندهم لأكثر من 30٪ من السعة المفترضة،كما تزداد الجاذبية الأرضية ويسهل عمل القلب،فيزداد حجم الدم الذي يدفعه في الدقيقة فيقوي القلب وينشط الدوران.
وتؤكد أبحاث الطب الرياضي أن السباحة تساعد العضلات الضعيفة على الحركة عندما يطفوا البدن فوق الماء كما تعمل مقاومة الماء للحركة نوعاً معتدلاً من تمرينات المقاومة تؤدي لإستعادة البدن لحيويته عقب حالات الضعف العام وفي فترات النقاهة من المرض أو بعد العمليات الجراحية.
وإن قوة دفع الماء إلى الأعلى تساعد على عملية الطفو التي تسمح لأجزاء الجسم المصابة بأنواع معتدلة من الشلل والضمور العضلي من الأداء الحركي،ومما يحسن المدى الحركي للمفاصل التي قد أصابها التصلب نتيجة فترات طويلة من الراحة أو استعمال الجبائر،هذا علاوة على التأثير النفسي الحسن للسباحة وقدرتها على جعل المصاب متكيفاً مع العجز البدني.
ويرى د.الشطي (7) أن المتمرين على السباحة منذ صغرهم لا أثر فيهم للتشوهات والأوضاع المعينة،لذا اعتبرت أبحاث الطب الرياضي السباحة أحد الوسائل العلاجية العامة لتصحيح بعض العاهات الجسمانية لا سيما إنحناء الظهر وتقوس الأرجل.
والسباحة تدرب وتقوي الجملة العصبية،وتعمل على تنظيم حرارة البدن أكثر من أي رياضة أخرى،وتعود الإنسان على تحمل البرد.وبما أنها تمارس في الماء فإن الحرارة الناجمة عن العمل العضلي تتعدل بالماء فلا ينتج عن الإفراط عند مزاولة هذه الرياضة ما ينشأ عن الإفراط في مزاولة غيرها من الرياضات (7).
وللتشمس أهميته في هذه الرياضة (7).فمن الثابت أن لأشعة الشمس تأثيراً منبهاً للأعصاب الودية عن طريق الجلد،كما أن سطح الجلد يمتص الأشعة ويدخرها ويولد منها قدرة كبيرة ومواد تنفع الجسم كالفيتامين د. وتأثر الأعصاب الودية بأشعة الشمس يتبعه تأثر كامل العضوية نتيجة تنشط الجملة الودية التي تنبه الألياف العضلية وتزيد نشاط الغدد الصماء بما فيها الغدة النخامية.
إلا أن الإفراط في التشمس له محاذير هو آثاره السلبية يتجنبها الإنسان بالتزام الاعتدال والتدرج بالتعرض للشمس بحيث لا يزيد في اليوم الأول عن خمس دقائق،وأن يتجنب العرض للشمس في ساعات الظهيرة الشديدة الحر وإلا تعرض لحروق ومتاعب هو بغنى عنها وخاصة إمكانية ظهور سرطانات الجلد وغيرها من الأذيات المهلكة.
مراجع البحث
1- د.نظال عيسى :"الطب الوقائي في الإسلام" دار المكتبي-دمشق 1997.
2- مختار سالم :"الطب الإسلامي بين العقيدة والإبداع" مؤسسة المعارف بيروت 1998.
3- د.غياث الأحمد :"الطب النبوي في ضوء العلم الحديث" دار المعاجم،دمشق.
4- د.عبد الرزاق الكيلاني :"الحقائق الطبية في الإسلام" دار القلم،دمشق.
5- د.محمد نزار الدقر :"روائع الطب الإسلامي(2):العبادات في الإسلام وأثرها في صحة الفرد والمجتمع" دار المعاجم،دمشق.
6- د.حامد الغوابي :"بين الطب والإسلام" دار الكاتب العربي،القاهرة 1967.
7- د.أحمد شوكت الشطي :"نظرات في الولد وحبه وحقوقه" مجلة حضارة الإسلام الجلد 20 ع8/9 (1977) والمجلد 15 ع5 (1974)،دمشق.
8- ابن الأثير الجزري :"جامع الأصول في أحاديث الرسول r.



· رواه الترمذي وابن حيان وهو حديث حسن (الأرناؤوط) .

·· رواه الترمذي وحسنه .

· صححه الألباني في آداب الزفاف .

·· رواه الإمام أحمد وأبو داود .

· أخرجه السيوطي في الجامع الصغير وحسنه وابن مندة في المعرفة .

·· أخرج البيهقي وضعفه السيوطي وقال المناوي : ضعيف لكن له شواهد كثيرة تقويه.

··· سبق تخريجه وصححه الهبثمي في مجمع الزوائد .

···· السيوطي في الجامع الصغير [حديث ضعيف].
__________________
يا قارئ خطي لا تبكي على موتي.. فاليوم أنامعك وغداًفي التراب..
فإن عشت فإني معك وإن مت فاللذكرى..! ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
رد مع اقتباس
  #14  
قديم 13-03-2009, 12:27 PM
الصورة الرمزية عبد الوحيد
عبد الوحيد عبد الوحيد غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 43
الدولة : Algeria
افتراضي رد: روائع الطب الإسلامي الجزء الأول

الفصل الخامس

الهدي النبوي في ضبط تصرفات الإنسان


وأثر ذلك في صحته

ويضم الفصل بعد المقدمة المباحث التالية:

المبحث الأول:لا تغضب.

المبحث الثاني:ولا تكثر الضحك.

المبحث الثالث:العطاس والتثاؤب.

المبحث الرابع:الحسد.

المبحث الخامس:الإسلام والطب يحاربان الضوضاء.





الهدي النبوي في ضبط تصرفات الإنسان

الانفعالية وأثر ذلك في صحته



قد ينفعل المرء ويتصرف تبعاً لانفعالاته تصرفات قد تورده الردى أو تجلب له المرض أو الأذى.فكم من مريض قلبي أصيب بنوبة قلبية مؤلمة بعد تعرضه لنوبة من الضحك،وكم من رجل ولّد عنده الضحك المتواصل وهناً جنسياً كاملاً،وكم من إنسان أصيب بارتفاع ضغط دموي مفاجئ تبعه نزيف دماغي صاعق بعد نوبة من الغضب الشديد،والذي يمكن أن يصيب صاحبه بداء سكري أو قرحة هضمية،والحسد كثيراً ما يؤدي بصاحبه للإصابة بخناق الصدر أو بقرحة معدية أو بداء السوداء [المانيخوليا].والضوضاء التي يحدثها البشر بصراخهم تعتبر من أهم أسباب الإصابة بالصمم أو بالانزعاجات القلبية الوعائية.

والإسلام،لم يترك صغيرة ولا كبيرة في حياة البشر إلا وقد تدخل فيها من أجل إسعادهم وإبعادهم عما يعرضهم للخطر،كيف وقد نزلت الشرائع كلها من أجل حفظ الإنسان في ضروراته الخمس ومنها حفظ النفس والعقل.من هنا تأتي التربية القرآنية الرشيدة ومن بعدها الهدي النبوي المعجز بتدابير تروض الإنسان المسلم كي يضبط انفعالاته،ويتحكم في تصرفاته ليصون نفسه ويحفظ جسده مما يمكن أن ينتج عن هذه الانفعالات من الضرر والأذى.

من هذه التدابير قوله تعالى واغضض من صوتك)ومنها قول النبي r :" ولا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب ".ومنها قوله r:" إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب ".ومنها وصيته r لرجل:" لا تغضب ".وقوله r:"إذا غضب أحدكم فليسكت ".وقوله r:" لا تحاسدوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخواناً ".

إن التزام الفرد المسلم بتوجيهات النبي الكريم r في ضبط تصرفاته والتحكم في انفعالاته،عدا عما يرافقها من لذة الطاعة وسمو الروح والارتقاء بالعلاقات الاجتماعية إلى ذروة القمة،فإن هذا الالتزام يصرف عنه ما يمكن أن ينتج عن هذه الانفعالات من انحراف الصحة والتهلكة في البدن أو النفس.

يقول النبي r:" مثلي ومثلكم كمثل رجل استوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو يذبهن عنها،وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي ".

وسنفصل في الأبحاث التالية الهدي النبوي في تدبير الغضب والضحك والحسد وغض الصوت وفي العطاس والتثاؤب وأثر هذا التدبير الحكيم في صحة الفرد والمجتمع.

المبحث الأول


لا تغضب


قال تعالىوالذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون)الشورى الآية 42.

وقال تعالىالذين ينفقون في السرّاء والضرّاء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)آل عمران.

وقال تعالىولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) سورة فصلت.

وقال تعالىوعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً) الفرقان الآية 63.

عن أبي هريرة رضي الله عنه”أن رجلاً قال للنبي r:أوصني فقال:لا تغضب فردد مراراً فقال:لا تغضب”رواه البخاري.

وعن أبي الدرداء tقال:قلت يا رسول الله دلّني على عمل يدخلني الجنة قال:" لا تغضب”رواه الطبراني بإسناد حسن.

وقد حث رسول الله r على كتمان الغضب فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه،أن النبي r قال:"ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب” رواه البخاري ومسلم.

وعن أنس tأن النبي r مرَّ بقوم يصطرعون فقال:ما هذا ؟ قالوا فلان لا يصارع أحداً إلا صرعه فقال النبي r:" أفلا أدلكم على من هو أشدُّ منه ؟ رجلٌ كلمه رجل فكظم غيظهُ فغلبه وغلب شيطانه وغلب شيطان صاحبه”·.

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال:قال رسول الله r:" يا معاوية إياك والغضب،فإن الغضب يفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل”··.

وقد رفع الإسلام من أجل ذلك من مرتبة الحلم،وجعل من كظم الغيظ وسيلة إلى التقرب إلى الله عز وجل ورفع درجات صاحبه يوم القيامة.عن معاذ بن أنس الجهني tأن النبي r قال:" من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين فيزوجه منها ما شاء”·.

وقد مدح النبي r الأشجَّ tقائلاً له:"إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة" رواه مسلم.

وقد روي عن عكرمة في قوله تعالى :[وسيّداً وحصوراً] قال:السيّد الذي لا يغلبه الغضب.كما روى الإمام الغزالي (1) عن الحسن tقوله:" يا ابن آدم كلما غضبت وثبت وأوشك أن تثب وثبة فتقع في النار ".

قال الخطابي (2):معنى قوله [لا تغضب] اجتناب أسباب الغضب وألا تتعرض لما يجلبه،وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه لأنه أمر طبيعي لا يزول من الجبلة.وقال غيره:ما كان من قبيل الطبع الحيواني فلا يمكن دفعه،وما كان من قبيل ما يكتسب بالرياضة فهو المراد.وقيل:لا تفعل ما يأمرك به الغضب.

قال ابن بطال (2):يعني أنّ مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأنه r جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة.وقال ابن حيان:أراد لا تعمل عند الغضب شيئاً مما نهيت عنه.ويجمل الإمام الغزالي (1) رأيه في الغضب:" فأقل الناس غضباً أعقلهم،فإن كان للدنيا كان دهاء ومكراً وإن كان للآخرة كان حلماً وعلماً.وقد قيل لعبد الله بين المبارك:أجمل لنا حسن الخلق.فقال ترك الغضب.



الآثار الصحية السيئة للغضب على البدن :

إن الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض الغدة النخامية (3و4) على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الأدرينالين والنور أدرينالين من قبل الغدة الكظرية،كما تقوم الأعصاب الودية على إفراز النور أدرينالين.

إن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب،وهذا ما يشعر به الإنسان حين الانفعال،والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة.فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة،كما أن الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً يؤدي إلى إصابة الغضبان بالفالج،وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ،وقد يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجئ.وكلنا يسمع بتلك الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب (4).

هذا وإن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يحرر الغليكوجين من مخازنه في الكبد ويطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي،إذ من المعلوم أن معظم حادثات الداء السكري تبدأ بعد انفعال شديد لحزن أو غضب.أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الإستقلاب الأساسي ويعمل على صرف كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلى شعور المنفعل أو الغَضِبْ بارتفاع حرارته وسخونة جلده (4).كما ترتفع شحوم الدم مما يؤهب لحدوث التصلب الشرياني ومن ثم إلى حدوث الجلطة القلبية أو الدماغية كما يؤدي زيادة هذا الهرمون إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد.وهذا هو سبب إصابة ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.

ويزداد أثناء سورات الغضب (4) إفراز الكورتيزول من قشر الكظر مما يؤدي إلى زيادة الدهون في الدم على حساب البروتين،ويحل الكورتيزول النسيج اللمفاوي مؤدياً إلى نقص المناعة وإمكانية حدوث التهابات جرثومية متعددة،وهذا ما يعلل ظهور التهاب اللوزات الحاد عقب الانفعال الشديد،كما يزيد الكورتيزول من حموضة المعدة وكمية الببسين فيها مما يهيئ للإصابة بقرحة المعدة أو حدوث هجمة حادة عند المصابين بها بعد حدوث غضب عارم.

وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة (5) وجود علاقة وثيقة بين الانفعالات النفسية ومنها الغضب وبين الإصابة بالسرطان.وتمكن العلم أن يبين مدى خطورة الإصابات السرطانية على إنسان القرن العشرين،قرن القلق النفسي،وأكدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من انفعالات نفسية مريرة بصورة مستمرة يموتون بالسرطان باحتمال نسبي أكبر.فالانفعالات النفسية تولد اضطراباً هرمونياً خطيراً في الغدد الصماوية يؤدي إلى تأرجح في التوازن الهرموني بصورة دائمة،هذا التأرجح يساعد على ظهور البؤرة السرطانية في أحد أجهزة البدن.

ويرى بعضهم (4) أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد والذي يسبب فيضاً هرمونياً تؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي داخل المنزل بسبب اضطراب الدارة الكهربائية،وما ينتج عن ذلك من تعطل في كافة أجزاء الدارة الكهربائية.

ولا شك أن نبي الرحمة r قد عرف بنور الوحي خطورة هذه الانفعالات النفسية على مستقبل المجتمع الإنساني قبل أن يكتشف الطب آثارها،ودعا أتباعه بحكمة إلى ضبط انفعالاتهم – قدر المستطاع – [لا تغضب] محاولاً أن يأخذ بأيديهم إلى جادة الصواب – رحمة بهم – وحفاظاً على صحة أبدانهم من المرض والتلف،لكنه – عليه الصلاة والسلام – كان يعلم في نفس الوقت طبيعة النفس البشرية،ويعلم أن الإنسان لحظة غضبه قد لا يقوى على كتم غضبه،خاصة إن كان يغضب لله أو لعرضه أو ماله،فإذا به يصف العلاج قبل أن يستفحل الغضب،وقبل أن يقدم الغاضب على فعل لا تحمد عقباه.




· رواه البزار بإسناد حسن(ابن حجر العسقلاني ).


·· أخرجه البيهقي وهو حديث ضعيف.


· رواه الترمذي وحسنه وأبو داود وصححه الألباني(صحيح الجامع الصغير)وروى البخاري نحوه.
__________________
يا قارئ خطي لا تبكي على موتي.. فاليوم أنامعك وغداًفي التراب..
فإن عشت فإني معك وإن مت فاللذكرى..! ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
رد مع اقتباس
  #15  
قديم 27-03-2009, 12:10 PM
الصورة الرمزية عبد الوحيد
عبد الوحيد عبد الوحيد غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: الجزائر
الجنس :
المشاركات: 43
الدولة : Algeria
افتراضي رد: روائع الطب الإسلامي الجزء الأول

الهدي النبوي في معالجة الغضب:سبق طبي معجز

لا شك أن سرعة الغضب من الأمراض المهلكة للبدن والمستنفذة لقواه (6).وقد جاءت التعاليم النبوية بطرق ناجعة لمكافحة الغضب والحدّ من تأثيره السيء على البدن وعلى المسلم أن روض نفسه على الحلم (7).فبالحلم تستأصل جذور العداوات من النفس وتستل الخصومات من القلوب.وقد أوتي رسول الله r - كما نعلم من سيرته – أوفى نصيب من الحلم وسعة الصدر وضبط النفس عند الغضب.

عن أبي هريرة tأن سيّد الخلق r يقول:"أربع من كنَّ فيه وجبت له الجنة وحفظ من الشيطان:من يملك نفسه حين يرغب وحين يرهب وحين يشتهي وحين يغضب"·.

وقد نقل العلامة ابن حجر عن الطوخي قوله:"أقوى الأشياء في دفع الغضب استحضار التوحيد الحقيقي وهو أن لا فاعل إلا الله وكل فاعل غيره فهو آلة له،فمن توجه إليه بمكروه من جهة غيره،فاستحضر أن الله لو شاء لم يُمَكن ذلك الغير منه،اندفع غضبه ".قال ابن حجر:" قلت وبهذا يظهر السرُّ في أمره r الذي غضب أن يستعيذ بالله من الشيطان لأنه إذا توجه إلى الله في تلك الحالة بالاستعاذة من الشيطان أمكنه استحضار ما ذكر".

عن سلمان بن سرد tقال:"استب رجلان عند النبي r وأحدهما يسبُّ صاحبه مغضباً قد احمَّر وجهه.فقال النبي r:إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد،لو قال:أعوذ بالله من الشيطان الرجيم"رواه البخاري ومسلم.

يقول د.إبراهيم الراوي (:ينصح علماء الطب النفسي الأشخاص الذين يتعرضون إلى نوبات الغضب إلى تمارين خاصة تؤدي إلى نتائج مذهلة،هذه التمارين تسبب استرخاء في الذهن يؤدي إلى انطفاء نار الغضب وإخماد الثورة العصبية،منها أن يعدَّ الشخص من 1-2-3 … وحتى 30 قبل أن ينطق بأي حرف.هذه الحقيقة في مجال الطب النفسي اكتشفها نبي الإسلام r حين أمر الغاضب أن يتعوذ بالله عدة مرات وهذا واضح من مفهوم الآية الكريمة وإما ينـزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم)صدق الله العظيم.

ويبدو من هذا القبيل،دعوة النبي r الغاضب إلى السكوت وعدم النطق بأي جواب.عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال:" إذا غضب أحدكم فليسكت”·.

وتغيير الوضعية،هديٌ نبوي كريم له فائدة عظيمة في تهدئة سورة الغضب عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه،أن النبي r قال:" إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس،فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع”··.

ويعلق د.الراوي ( قائلاً:يوصي الطب الحديث كل من يتعرض للغضب الشديد والانفعالات النفسية بالاسترخاء قبل إطلاق العنان للجوارح واللسان.وهذه الحقيقة الطبية كان لها بالغ الأثر في الوقاية من أخطر الأزمات عندما يوفق المرء في تمالك نفسه عند الغضب والتي اكتشفها نبي الرحمة في أعماق النفس البشرية حين أمر الغاضب الواقف أن يجلس ".

وقد وفق د.حسان شمسي باشا (3) إلى كشف الإعجاز الطبي في هذه الوصفة النبوية إذا كتب يقول:" جاء في كتاب هاريسون الطبي أنه من الثابت علمياً أن هرمون النور أدرينالين يزداد بنسبة 2 – 3 أضعاف لدى الوقوف بهدوء لمدة خمس دقائق أما الأدرينالين فيرتفع ارتفاعاً بسيطاً في الوقوف لكن الضغوط النفسية تزيد من نسبته في الدم … ولا شك أن ارتفاع العاملين معاً،الغضب والوقوف يرفع نسبة هذين الهرمونين بشكل كبير.فمن علَّم النبي r أن هذه الهرمونات تزداد بالوقوف وتنخفض بالاستلقاء حتى يصف هذا العلاج ؟”… لا شك أنه وحي يوحى عليه الصلاة والسلام.

ومن هذا القبيل ما رواه أبو سعيد الخدري tأن النبي r قال:"إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم،ألا ترون إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه،فمن وجد من ذلك شيئاً فليلصق خده بالأرض" رواه الترمذي وقال حديث حسن.

وهذا إشارة (1) إلى الأمر بالسجود وتمكين أعز الأعضاء من أذل المواضع لتستشعر به النفس الذل وتزيل به العزة والزهو الذي هو سبب الغضب.

والاغتسال بالماء البارد ( أو غسل الوجه واليدين به،أحدث توصية طبية لها أثرها البالغ في تهدئة الجهاز العصبي.فالغضب (9) يتولد من الحرارة العامة والتعرق والإحساس بالضيق،ويأتي الماء البارد ليخفف من هذه الأعراض.والوضوء الذي وصفه النبي r يضفي،فوق ذلك ،شعوراً بالعبودية لله عند قيام الغاضب بهذا الفعل التعبدي،يزيد من إحساسه بالأمن والرضى.وهذا مصداق ما رواه عطية السعدي أن النبي r قال:"إذا غضب أحدكم فليتوضأ فإنما الغضب من النار" وفي رواية "إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء،فإذا غضب أحدكم فليتوضأ" رواه أبو داود.

وفي معرض تحذيره من سورات الغضب يقول الإمام الغزالي (1):" اعلم أنه ظنَّ الظانون أن يتصور محو الغضب بالكلية وزعموا أن الرياضة تتوجه إليه وإياه تقصد وظن آخرون أنه أصل لا يقبل العلاج،وكلا الرأيين ضعيف … وأن طريق الخلاص من نار الغضب محو الدنيا عن القلب وذلك بمعرفة آفات الدنيا وغوائلها ومن أخرج حب المزايا عن القلب تخلص من أكثر أسباب الغضب،ولا يمكن محوه،يمكن كسره وتضعيفه،فيضعف الغضب بسببه ويهون دفعه ".

ويتابع حجة الإسلام قائلاً:وإنما يعالج الغضب عند هيجانه بمعجون العلم والعمل … أما العلم فهو ستة أمور :

الأول:أن يتفكر في فضل كظم الغيظ والعفو والحلم فيرغب في ثوابه،فتمنعه شدة الحرص على ثواب الكظم عن التشفي والانتقام وينطفئ عنه غيظه.

الثاني:أن يخوف نفسه بعقاب الله ويتذكر أن قدرة الله أعظم من قدرته على هذا الإنسان.

الثالث:أن يخوف نفسه بعواقب الغضب ويحذرها عاقبة العداوة ونشر العدو لمقابلته.

الرابع أن يتفكر في قبح صورته عند الغضب.

الخامس:أن يتفكر في السبب الذي يدعوه إلى الانتقام ويمنعه من كظم غيظه.

السادس:أن يعلم أن غضبه من تعجبه من جريان الشيء على وفق مراد الله لا على وفق مراده فكيف يقول:مرادي أولى من مراد الله ويوشك أن يكون غضب الله عليه أعظم من غضبه.

وأما العمل فأن تقول بلسانك [أعوذ بالله من الشيطان الرجيم] كما أمر رسول الله r،فإن لم يزل بذلك فاجلس إن كنت قائماً واضطجع إن كنت جالساً،وأقرب من الأرض التي خلقت منها لتعرف بذلك ذلّ نفسك.واطلب بالجلوس والاضطجاع السكون فإن سبب الغضب الحرارة،وسبب الحرارة الحركة.فقد قال r:"إن الغضب جمرة في القلب ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئاً فإن كان قائماً فليجلس وإن كان جالساً فلينم" رواه الترمذي "وفي رواية:فإن لم يزل ذلك فليتوضأ بالماء البارد أو ليغتسل فإن النار لا يطفئها إلا الماء".



مراجع البحث

1- الإمام أبو جامد الغزالي:إحياء علوم الدين.

2- الإمام ابن حجر العسقلاني:فتح الباري شرح صحيح البخاري.

3- د.حسان شمسي باشا:قبسات من الطب النبوي – مكتبة السوادي 1992.

4- د.محمود البرشة:الغضب وأثره السيئ على البدن.صدى الإيمان ع2 م1 – 1996.

5- د.إبراهيم الراوي:موقف الإسلام من الإصابة السرطانية،حضارة الإسلام م1 ع8 –1966.

6- د.عبد الرزاق كيلاني:الحقائق الطبية في الإسلام.

7- د.حامد الغوابي:الحلم والغضب – لواء الإسلام م10 ع11 –1957.

8- د.إبراهيم الراوي:الانفعالات النفسية – حضارة الإسلام م15 ع7 –1974.

9- د.نضال عيسى:الطب الوقائي بين العلم والدين – دمشق 1997.

10- الإمام المناوي:فيض القدير شرح الجامع الصغير.




· رواه الترمذي وضعفه المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير.


· رواه الإمام أحمد وحسنه السيوطي ووافقه المناوي [ فيض القدير ].


·· رواه أحمد وأبو داود وابن حيان وقال الهيثمي:رجاله رجال الصحيح [ مجمع الزوائد ].

تم كتاب روائع الطب الإسلامي الجزء الأول
__________________
يا قارئ خطي لا تبكي على موتي.. فاليوم أنامعك وغداًفي التراب..
فإن عشت فإني معك وإن مت فاللذكرى..! ويا ماراً على قبري لا تعجب من أمري..
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 184.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 181.22 كيلو بايت... تم توفير 3.55 كيلو بايت...بمعدل (1.92%)]